|
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
05-02-17, 11:34 PM | #1 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| 1007 - الأستاذ الهادىء - بتى نيلز - عبير دار النحاس(كتابة/كاملة)** 1007 - الأستاذ الهادىء - بتى نيلز - عبير دار النحاس المقدمة كانت ميغان تملك كل شيء تريده, عملا جيدا تمتعت بالقيام به وعائلة رائعة وخطيبا,اخبرها الجميع بأنه سيكون زوجا صالحا ومهتما. لكن فجأة انهار عالمها هذا, ولم تعد متاكدة من شيء. الا ان وجود الاستاذ الهولندي جاك فان بلفيد اعاد قليلا من الثقة في نفسها, التي اعتقدت انها فقدتها نهائيا. بدا مهتما بمساعدتها لتعيد بناء حياتها, لكن ما هي دوافعه؟ من المستحيل ان يكون مهتما بها, أيمكن ان يكون؟ التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 06-02-17 الساعة 02:01 PM | |||||||||
05-02-17, 11:36 PM | #2 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الفصل الاول كان ممر الطابق الاعلى من المستشفى معتما ومهجورا الا من طاقم قسم المرضى اوزائر له. هناك عند زاوية ذاك الممر, وقفت احدى الزائرات مرتاعة امام صحن محطم وقد سالت محتوياته امام قدميها, في هذه اللحظة مر شخص مصادفة وشاهد الفوضى المرعبة على الارض, كانالشخص فتاة طويلة رائعة البنية ذات شعر اسود كثيف معقوف الى الوراء باناقة, انها فتاة جميلة بالفعل بعينيها البنيتين الواسعتين. قالت بهدوء: "الممرضة ويلز كنت تركضين. اظن ان هذا السائل هو عينة السيدة دودس؟ ارجوك اذهبي وقولي للاستاذ فان بلفيلد انك اوقعت هذه العينة." اجابت الممرضة ويلز, التي كانت تخاف من رؤسائها: "انني لا اجرؤ على ذلك ايتها الاخت, انه يرعبني. ففي الاسبوع الماضي عندما اوقعت الملقط في الجناح, نظر الي, صحيح انه لم يفعل شيئا الا انه حدق بي- هل يمكنني ان اكتب له ملاحظة؟" عندها قالت ميغان رودنر مبتسمة: "لا اظن انها فكرة جيدة ايتها الاخت." اوشكت الممرضة ويلز على لانفجار بالبكاء فسارعت ميغان الى القول: "ارجوك عودي الى الجناح واطلبي من الرئيسة ان تعطيك شيئا يهدئ اعصابك وانا ساشرح الامر للاستاذ فان بلفيلد. " "اه ايتها الاخت, انت رقيقة فعلا, ساعمل بجهد من الان فصاعدا..." وقفت ميغان محدقة الى نتيجة فحوص السيدة دودس التي استغرقت عدةايام ولم تكن السيدة متعاونة حينذاك. وهي بالتاكيد لن تكون كذلك الان. سينزع الاستاذ من هذه الحادثة ولكنه كعادته سيخفي غضبه وراء وجه بارد وهادئ. على كل حال ميغان على عكس الممرضة ويلز لا تخافه, بل انه يعجبها قليلا كاعجابها باي شخص رفيع ومهذب. عبرت ميغان ممرا صغيرا وفتحت الباب الموجود عند نهايت ه. كان المختبر عبارة عن مجموعة من غرف كبيرة مملوءة بالكثير من العمال والمعدات. تبادلت التحيات مع الجميع وطرقت باب الغرفة الاخيرة. بدت غرفة الاستاذ هادئة جدا بعد كل ذلك الضجيج الذي مرت به في باقي القسم. كان الاستاذ يجلس خلف مكتبه منهمكا في الكتابة, فبدا طويلا عريض المنكبين ذا شعر فاتح متموج يخالطه الشيب. "نعم؟" قال من دون ان يرفع نظره. "الاخت رودنر من جناح الملكةيا سيدي. عينة السيدة دودس..." "اه اجل اتركيها مع بيترز, ساراها بنفسي." ثم اضاف ببطء: "شكرا ياتها الاخت." فقالت ميغان بسرعة: "انها ليست معي, لقد تحطم الصحن." رفع نظره اليها مستطلعا وجهها بعينين زرقاوين باردتين مما اعطاها فرصة لتدرس وجهه. كان وسيما بانفه الارستقراطي رفمه الذي يمكن ان يصبح رفيعا في بعض الاحيان, وهذا ما كان عليه الان. "قال بصوت هادئ: "اين هي؟" "في الممر." وقف قائلا: "تعالي معي وسنرى." امسك الباب فمرت من امامه واتجها الى مكان الحادث. وقفت صامتة فيما انحنى هو ليلقي نظرة عن كثب. ثم استقام متمتما شيئا لم تستطع ان تفهمه. لا بد انه شتيمة هولندية وهي في الواقع لا تلومه على غضبه. سال برقة: "هل اوقعت الصحن ايتها الاخت؟" نظرة اليه وجها لوجه: "سيدي لقد وقع." "هكذا اذاً, وعمّن تتسترين؟" عندما لم تجب قال: "ربما انت خائفة من ان تخبريني." "يا الهي, انا لا اخافك وانت تعلم ذلك." لم يقل شيئا الا انه رماها بنظرة باردة: "على الاقل اجري تلك الفحوصات ثانية, وعندما تنتهي ارجوك ان تعلميني بالامر لارسل احد التقنيين الى جناحك كي يحضرها." قالت مبتسمة: "حسنا سيدي, انا اسفة بشان الحادثة. انه فعلا لطف منك الا تنزعج." "انزعج؟انا غاضب جدا. طاب مساؤك." راقبها الاستاذ وهي تذهب, بدت انيقة بزيها الازرق الداكن وذاك الغطاء من الموسلين الذي تعتمره عادة الاخوات في الريجنت فوق رؤوسهن. بقي يراقبها حتى توارت عن نظره. عندها فقط عاد الى مكتبه. رجعت ميغانالى جناحها حيث امضت ربع ساعة في اقناع السيدة دودس بضرورة اعادة اجراء الفحوص, ثم عادت الى مكتبها لتشرب فنجانا من الشاي وتنظم دفتر العطل. حين انضمت اليها الممرضة جيني مورغان. "الممرضة ويلز ترتب خزانة البياضات ولكنها لا تزال تبكي." "هل هناك ما يكفي من الممرضات لابقائها هناك؟ سيبدا العمل خلال دقائق, ستاخذين الجولة الاولى, اما الثانية فستكون للممرضة كريج." "هل كان مغتاظا؟" "اجل لكن بأدب. سيرسل احد التقنيين عند جهوز العينة الثانية." "حسن, لا احد يعرف شيئا, أليس كذلك؟ لعله خدع بالحب." بدت جيني الواقعة بالحب دائما متعاطفة. فتحت ميغان جدول العطل ثانية وقالت بعدم اهتمام: "أراهن على انه متزوج وله دزينة اولاد, لا بد انه لطيف في بيته." حين ذهبت جيني عادت ميغان وركزت على جدول العطل ولكن ليس لمدة طويلة, فقد كانت خارجة ذلك المساء في مناسبة خاصة حيث ستلتقي اهل اوسكار, تمت خطوبتهما منذ ستة اشهر, وهذه هي المرة الاولى التي ستلتقي فيها عائلته. كان اوسكار طبيبا شرعيا طموحا ذا مستقبل واعد, تقابلا منذ سنة او اكثر, وبمرور الوقت تقدم لطلب يدها. كان ذلك قبل يومين من عيد ميلادها الثامن والعشرون. وبما انه كان مولعا بها اعجبها, صحيح انها لم تكن تحبه بشغف, الا انها وافقت على الخطوبة, تقدم منها في الماضي الكثير من طالبي الزواج الا انها رفضتهم جميعا, فلطالما حلمت بانسان مميز يجعلها تشعر ان الحياة من دونه مستحيلة, الا انها كانت في اوقات كثيرة تعي انها تطلب الكثير من الحياة. وبرايها ان الحب الثابت والميل الى الاشياء نفسها كافيان لبناء زواج ناجح. على كل حال, مع الوقت اصبحت راغبة في ان تصبح السيدة اوسكار فيلدنغ, لذلك حاولت ميغان ن تكيف نفسها مع اراء اوسكار حيال الانوثة, اذ انه المح الى انها مبذرة كثيرا, فما حاجتها لشراء كل تلك الثياب والاحذية الايطالية الثمينة بينما تمضي معظم وقتها في الزي الرسمي؟ هذا صحيح كان اوسكار دائما لطيفا عند ابداء ملاحظاته هذه, لذا عملت جهدها كي ترضيه. الا انها كانت تتساءل احيانا هل هي توافقه فعلا على مبادئه في الحياة؟ لكن الحق يقال, ان اوسكار لم يك ليرضى ابدا ان تشارك بالمصاريف عندما يخرجان معا, حتى انه المح الىضرورة التوفير للمستقبل, مهما يكن, يجب عليهما مناقشة الموضوع, فهي ليست مبذرة, صحيح انها تشتري عادة ملابس انيقة كلاسيكية الا انها لم تشتر شيئا مؤخرا, رغبة في ارضائه. بقيت ميغان مناوبة في جناحها حتى الساعة الخامسة حين سلمته لجيني. "هل انت خارجة؟" "نعم مع اوسكار لمقابلة والديه." "اتمنى لك امسية جميلة. غدا يوم عطلة, اظنك ستذهبين لمكان لطيف." كنتجيني تحب الاخت رودنر, على الرغم من انها تظن ان اوسكار متكبر لا يستحق هذه المخلوقة الجميلة التي تتحضر للخروج من المكتب. تفحصت ميغان خزانتها, يجب ان تختار شيئا مناسبا, ولكن هل هناك شيء مناسب لمقابلة من سيصبحون اهلها في المستقبل؟ قررت اخيرا ان ترتدي فستانا من الكريب الصيني ازرق ماويا ذا كمين طويلين وياقة عالية, وارتدت فوقه معطفا من الصوف طويلا ازرق داكنا غالي الثمن, كذلك اختارت اجمل ما عندها من الاحذية الايطالية مع ما يناسبها من قفازات وحقيبة ونزلت الى مدخل المستشفى. كان اوسكار بانتظارها يتحدث مع الاستاذ فان بلفيلد الذي لاحظها, ولكنه تجاهلها, لم تكن ميغان من النوع الذي يرتبك ابدا, سارت باتجاههما قائلة: "مساء الخير سيدي, مساء الخير اوسكار." رد الاستاذ التحية وقال اوسكار بكل ثقة: "اه اهلا ميغان, بكل تاكيد تعرفين الاستاذ." فقالت مبتسمة: "بالطبع." عندها قال الاستاذ بلهجة ثابتة: "لأا تدعيني اؤخركما, اتمنى لكما امسية سعيدة." "انا متاكد من ذلك سيدي فميغان ستلتقي والدي للمرة الاولى." قال بوجه جامد وهو ينظر الى خاتمها الماسي: "هذا شيء جميل." راقبهما الاستاذ وهما يستقلان سيارة اوسكار القديمة ثم عاد الى الاجنحة. اتى والدا اوسكار الى لندن من اسكس, فمن عادتهما ان يمضيا كل سنة عدة ايام في فندق متواضع, كذلك يحضران حفلةموسيقية ويشاهدان مسرحية وبالطبع يمضيان مع ابنهما اطول وقت ممكن. كانت ميغان قد تلقت رسالة رقيقة ومهذبة من والدة اوسكار عندخطوبتهما, الا انها الان تشعر بقلق شديد لاعتقادها انها لن تعجب بوالديه وبانهما لن يعجبا بها, وعندما افصحت عن افكارها لاوسكار قال ضاحكا: "اكيد ستعجبون ببعضكم البعض, فليس هناك من سبب لحصول خلاف ذلك." عندما وصلا الى الفندق وانضما الى عائلة فيلدنغ في المقصف, ادركت ميغان انها ووالدة اوسكارلم يعجبا ببعضهما البعض من النظرة الاولى, الا ان ذلك لم يكنظاهرا, فقد تبادلا القبلات وعبرا عن فرحتهما بملاقاة بعضهما اخيرا, وابديتا ملاحظاتهما عن طقس اذار الرائ, بعد فترة وجيزة تكلمت مع والد اوسكار, كان رجلا قصيرا ذا شارب عريض, لقد اعجبها, الا انها لم تحظ بفرصة للحديث معه, اذ حجز اوسكار طاولة صغيرة وطلب المشروبات ثم انغمس في الحديث مع والده. شربت ميغان الشراب والتونيك اللذين لم تطلبهما ولم تكن تحبهما, وتبادلت حديثا قصيرا مع حماتها, غير ان السيدة فيلدنغ احتكرت الحديث واستجوبتها عن حياتها, عائلتها, والمدرسة التي تعلمت فيها, وعمرها بالاضافة الى التعبير عن املها بان تكون ميغان سيدة بيت, فقد اوجزت بكل صراحة ان النساء لا يحق لهن العمل ابدا حين تكون لديهن عائلة وزوج للاعتناء بهما. نظرت ميغان الى جليستها, كانت امراة بدينة ذات انف حادوعينين غائرتين, ترتدي ثيابا رخيصة, وتسرح شعرهابطريقة مخيفة, لقد اخبرها اوسكار بان والديه بحالة ميسورة ولكن يبدو انهما حريصان على اموالهما, اذ ان السيدة فيلدن غامرت ان يطلبوا وجبة الطعام نفسها. "انا متاكدة اننا سنستمتع بها, اظن ان كاسا واحدة من الشراب تكفينا." دهشت لان اوسكار لم يمانع في تدبير والدته الامور. فقد وافق على كل مقترحات والدته حتى انه فرح كثيرا لاقتراحها الحصول على بعض المفروشات المخزونة في العلية عندما يتم الزواج. سالت ميغان: "اي نوع من المفروشات؟" "طاولات كراسي وخزانة كبيرة وعدد من السجاجيد التي ورثتها عن والدي, هذا بالاضافة الى عدة اشياء منوالد السيد فيلدنغ, كبعض الخزائن الجيدة والجميلة." التزمت ميغان الصمت ازاءهذه المقترحات الا انها يجب ان تتناقش مع اوسكار حول الموضوع فهي كغيرها من الفتيات تريد ان تختار بيتها بنفسها. ترى اين سيكون هذا البيت؟ لا تعرف ميغان ردا على هذا السؤال, فهي واوسكار لم يتحدثا بهذا الموضوع قط. سالت ميغان وهما في طريقق العودة الى الريجينت: "اوسكار ماذا تنوي ان تفعل عندما تنتهي من العمل في الريجينت؟" "الحصول على مركز اعل. افضل البقاء هنا ولكني لا اعتقد ان هناك مراكز شاغرة, على كل حال هناك العديد منالمستشفيات في لندن." "اتريد البقاء دائما في لندن؟" "هذا ممكن, يجب ان انتظر ما سيطرأ" "وانا؟" "تذت حصلت على عمل هنا اظن انه من الافضل ان تقيمي مع والدي وساتي لزيارتكم نهاية الاسبوع وايام العطل الاخرى... فالبيت على بعد ساعتين بالسيارة." "انت لا تعني ذلك,أليس كذلك؟" "اعنيه طبعا انا اعنيه, فليس باتطاعتنا عمل شيء اخر, ثم لماذا نهدر اموالنا ونستاجر شقة او حتى غرفة وباستطاعتنا ان نعيش في بيت والدي مجانا."ثم ضحك وربت على ركبتها: "اذا ظننت انك... لكن لا, انت فتاة طيبة." رمقته ميغان بنظرة, كان وجهه جميلا واضحا وطبيعيا. فخلال سنوات سيصبح طبيبا معروفا ذا خبرة جيدة, كان مولعا بها, على الرغم من انها تشعر احيانا انه يحب عمله اكثر منها وانه ليس من النوع الذي يسحرها, في بعض الاحيان كانت تحلم بالانسان الذي يسحرها. رافقها اوسكار الى مدخل مسكن الممرضات. قالت ميغان: "غدا يوم عطلة." "لكنني لن استطيع ان اراك, متى عطلتك المقبلة؟ يمكن ان اخذ عطلة الاحد." "هل يمكنك ذلك؟ يمكن ان نذهب لمنزلي فانت لم تلتق عائلتي بعد, انا حرة في عطلة نهاية الاسبوع الذي يليه." "سارى ما يمكن عمله." عانقها بسرعة: "نامي جيدا, حاولي خلال الاسبوع ان تجدي ساعة او اثنتين كي اقضيها معك." "سابذل جهدي." دخلت ميغان غرفتها واسترجعت احداث هذه الامسية, صحيح انها كانت ناجحة جدا ولكن مع مرور الوقت يمكنها ان تتفق ووالدة اوسكار. من الانسب له ان يغرم بفتاة خجولة هادئة ولطيفة مع والدته وفوق كل ذلك ترضى لاحتلالها مرتبة ثانية في حياة زوجها. استغرقت بالنوم وهي تفكر بطريقة تجعل منها تلك الفتاة. في صباح اليوم التالي, عدلت ميغان عن الفكرة تماما, فالخجل والرقة لم ينفعاها قط في العمل, ولم تحل مشكلاتها مع المشرف عن الغسيل المتأفف دائما من كثرة استخدام البياضات في جناحها, ولم تفيدها ايضا مع المسؤول عن الصيدلية ذي الطبع السيء الذي يستفهم دائما عن كل طلبيةثم يدعي انه لم يتسلمها قط, امضت ميغان صباحا مرهقا ذلك اليوم,وفيما هي تتحضر لتناول الغداء, تم استدعاؤها فيما هي تقضم اول لقمة من فطيرة شيبرد. اعطتها المسؤولة عن قسم الحوادث الاخت ايفا شامبرز التفاصيل: "ستواجهين عملا منهكا, آمل ان هناك الكثير من الممرضين المناوبين." اصيبت امرتان بجروح بالغة في الراس, وقد كانتا متعبتين, مما جعل ميغان تستخدم كل طاقتها للعناية بهما, اعطى الجراح الاستشاري برايت اوامره بضرورة اجراء عملية في الحال: "حضريهما للعملية وتاكدي من عدم وجود مرض فقدان المناعة. ارسلي بطلب احد من المختبر قادر على التعامل معهما, اذا اهتاجتا, فكلتاهما قويتان ومن المحتمل اصابتهما بارتجاجات بالمخ." تجاوب المختبر بسرعة وفوجئت ميغان بالاستاذ فان بلفيلد يستجيب لنداء الطوارئ, قال بلفيلد بهدوء: "علمت انهما يعانيان من ارتجاج في المخ ففضلت المجيء بنفسي." "اه هذا حسن, فكلتاهما مهتاجتان, لدينا اسرة مسورة ولكنهما بالطبع ستحاولان النزول..." كان الاستاذ الشخص المناسب للموقف, صحيح انه لطيف, الا انه يمتلك قوة تمكنه من السيطرة على المراتين الغائبتين عن الوعي بسهولة فائقة, تركها الاستاذ وهي تحاول السيطرة عليهما فتمنت لو انه بقي ليساعدها بعد انتهاء العملية. وضعت السيدتان في غرفة العناية الفائقة بعد اجراء العمليات, وهكذا عاد الجناح الى طبيعته, كانت ميغان كالعادة سعيدة لاخذها قسط من الراحة بعد عناء يوم طويل, عشاء مع كوب من الشاي وحمام ساخن وسرير. هذا ما كانت تفكر به بسرور وهي في طريقها الى البهو, اخيرا وصلت الى المدخل حيث شاهدت الاستاذ امامها, لا بد انه في طريقه الى بيته, ترى اين بيته؟ لماذا يتاخر في العمل؟ بالتاكيد هو لا يحتاج للعمل لمدة اثنتي عشرة ساعة يوميا. استدار الاستاذ فرآها فيما كانت تسير عبر المدخل: "يوم مرهق ايتها الاخت رودز, طاب مساؤك." بادلته التحية وبقيت تراقبه حتى استقل سيارته الرولس رويس وانطلق فيها, تمنت للحظة لو انها تستطيع ان تذهب معه وترى اين يعيش. دامت العطلة من يوم الاربعاء حتى منتصف ليل الخميس, يقع مستشفى الريجنت شمالي النهر, بمجمعه الذي يمتد وسط شوارع ماهولة بكثير من البيوت والمصانع الصغيرة والابنية المهملة, لاحظت ايفاشامبرز استمرار حصول الشيء نفسه, عند نهاية كل يوم عمل طويل: "اذا لم يمت الناس بسبب الحوادث في المصانع, فانهم يداسون بسيارة او يطعنون من قبل شاب ارعن." طانت عطلة نهاية الاسبوع في الواقع هي الاسوا دائما, لذلك شكرت ميغان ربها على ان يوم الاربعاء اصبح قريبا. صحيح انها لم تر اوسكار الا مرة او مرتين لمدة ساعة في مقهى قريب من المستشفى, الا انها كانت تخرج في ايام العطل للتنزه مهما كانت متعبة, لم يكن امامها خيارات كثيرة, فاكتفت بنزهة قصيرة كان الطقس رائعا وجميلا في نهاية اذار, فكان مريحا ان تتمشى في الحديقة الخضراء حيث يوجد الكثير من الاشجار والزهور الجميلة. تذكرت ميغان بفرح انها ستذهب في الاسبوع القادم مع اوسكار الى بيتها, وفي الاسبوع الذي يليه ستحصل على شقتها الخاصة, اذ ان احدى الممرضات ستتزوج, وهكذا فسوف تشغر الشقة الصغيرة التي عاشت فيها لسنوات عديدة, صحيح ان اوسكار لم يرحب بالفكرة, الا انها وجدت انها فرصة رائعة ليكون لها مكان تذهب اليه حيث تستطيع ان تطهو وتتحدث مع اوسكار. وهما نادرا ما يجدان وقتا للحديث. عاد الجناح الى طبيعته الرتيبة, طلبات ادخال مرضى وتسريح الذين انتهى علاجهم, بالاضافة الى المعاينات وتحضير الوجبات, وتوزيع ايام العطل بين الممرضات ومواصلة صارعاتهن مع المسؤول عن الغسيل, الا انها اصبحت بعد اربع سنوات قادرة تماما على ادارة الجناح بكل تعقيداته. كان اوسكارمشغولا حتى يوم الاحد, وعلى الرغم من انها كرهت ان تمضي يوم العطلة في البيت, وجدت الفرصة سانحة لتذهب الى الشقة وتجري التحضيرات اللازمة للانتقال اليها, كانت قد قابلت صاحب المبنى الذي يشغل الطابق السفلي ويؤجر الطابق العلوي لسيدة رصينة ارستقراطية, وهي , برايه, تضفي صيتا حسنا على الشارع المهمل. على كل حال, سواء كان مهملا ام لا, فهو قريب من المستشفى, وفي الواقع كانت ميغان تتوق لكي يصبح لهاا شقة حتى ولو كانت في بهو, امضت ميغان معظم يوم السبت في ترتيب وتوضيب محتويات الشقة واغراضها مع المستاجرة السابقة, ووافقت على الاحتفاظ بالمفروشات البسيطة والاهتمام بقط شريد موجود في الشقة, اذ انه لامر جميل ان يكون لها في الامسيات رفيق لطيف ودود, عادت الى المستشفى ذلك المساء باكرا, متشوقة لكي تنتقل الى الشقة, وقد لاحظت برضى شديد ان قطع المسافة استغرق خمس دقائق فقط من البيت الى المستشفى. انطلقت هي واوسكار باكرا في صباح اليوم التالي, بيت اهلها يقع في باكنغ هامشير في قرية صغيرة شمالي مدينة تايم, ويعمل ابوها كشريك في مؤسسة محاماة, وقد عاش معظم حياته في سوينلي, متنقلا بين مكتبه في التام وايلزبري, لقد ولدت هناك كذلك اخوها واختها, وعلى الرغم من انها تحب عملها الا انها كانت في اعماقها فتاة قروية, كانت تملك في الماضي سيارة صغيرة وتمضي عطلة نهاية الاسبوع في البيت, لذلك املت ان يحظى اوسكار على عمل في القرية, تصميمه على العمل في لندن ازعجها قليلا, كم تتمنى لو انه يمضي يوما في بيتها مما قد يحمله على تغيير رايه. تبعد قرية سوينلي عن مستشفى الريجنت حواليستة اميالد قرية سوينلي عن مستشفى الريجنت حوالي ستة اميال, سلك اوسكار عندما خرج من الضواحي الطريق رقم 41أ وعندما وصل آيلزبري اتجه نحو طريق التام قبل ان يسلك الشارع الضيق المؤدي الى سوينلي. "كنا وصلنا اسرع لو سلكنا الطريق 40م." "اجل اعرف ولكن هذه الطريق اجمل, فانا لا احب الطرق السريعة, لكن يمكننا ان نسلك تلك الطريق في العودة اذا اردت." شعرت ميغان بخيبة لقلة اهتمامه بالريف, فبعد تلك الطرق المضجرة حول المستشفى كان من الممتع ان ترى كل تلك الحقول الخضراء المملوءة بازهار الربيع والاشجار الصغيرة المخضرة, فقد اتى الربيع باكراهذه السنة. بعد هذا المنظر الرائع سلكا طريقا اضيق من السابق يؤدي الى القرية, شعرت ميغان بسعادة عارمة عند رؤيتها قرميد البيوت الصغيرة وقالت: "نر من داخل القرية, بيتنا له بوارة بيضاء, انه الاول الى اليسار." كانت البوباة مفتوحة, فسلك اوسكار الطريق القصيرة وتوقف امام باب بيتها المفتوح, كان بيتها من الطراز الفكتوري يعود الى القرن السابع عشر, فالجدران بيضاء ونوافذ خشبية تمتد امامه مروج مملوءة بورد الدفلى ومحاطا باشجار خضراء كبيرة. نظرت بوجه مشرق الى اوسكار: "لقد وصلنا الى بيتي, ادخل فامي تنتظرنا." كانت امها قد اصبحت فعلا على الباب, لا تزال امراة جميلة, بطول ابنتها تقريبا: "حبيبتي اتيت اخيرا وقد احضرت اوسكار معك ايضا." ثم حضنت ميغان وسلمت على اوسكار: "لقد سمعنا عنك الكثير ونشعر كانك واحد منا, تعال وقابل زوجي." دخل السيد رودنر الى الصالة يحمل جريدة الاحد في يده ويضع نظارات على انفه. كان اكبر عمرا من زوجته بكثير ذا شعر ابيض كثيف وعينين رماديتين ووجه مربع. حضنت ميغان اباها قبل ان تقدمه لاوسكار: "اخيرا تمكنتما من ان تاتيا معا, هل الباقيان هنا؟" قالت امها: "انهما بالكنيسة ولكن سيكونان هنا خلال نصف ساعة, سنشرب فنجان قهوة ونتحدث قليلا قبل ان يصلا." وصلت ميلاني وكولن بعد ذلك بقليل, كانت ميلاني بخلاف امها واختها, فهي فتاة خجولة ورقيقة, ذات جسم صغير نحيل, بشعر ذهبي وعينين زرقاوين, اعجب ابها كثيرا االى حد انه لم يبعد عينيه عنها. فرحت ميغان كثيرا لرؤيتهما, وشعرت بالحال انهما صديقاها. بعد قليل تركتهم ميغان يتحدثون وذهبت الى الحديقة لترى ارانب كولن ولتساعد امها في اعداد طعام الغداء. لاحظت بارتياح شديد ان اوسكار يتصرف وكانه في بيته وان والديها احباه, كانت قد خططت لنزهة في الحديقة بعد الغداء ليتكلما قليلا عن مستقبلهما, الا انها عدلت عن الفكرة بعد ان لاحظت سعادته برفقة والدها. وفيما كانتا تحضران الشاي قالت لها امها وهي تلمع الكؤوس: "لقد اعجبني خطيبك, يبدو انه حساسومستقيم. انا متاكدة يا حبيبتي من انه سيكون زوجا رائعا." قالت ميغانبتردد: "اجلولكن لا اظن اننا سنتزوج قريبا, فهو مصمم على الاستقرار في لندن, وانا افضل لو انه يجد عملا في الريف امي. انا احب عملي ولكنني لا احب لندن, على الاقل الجزء الذي نعمل فيه." "ربما يمكنك ان تقنعيه بتغيير رايه, فهو لا يريد ان يتخصص أليس كذلك؟" "لا لكنه مصمم على الحصول على اكبر قدر ممكن من المؤهلات مما يعني العمل في المستشفيات لوقت طويل." "حبيبتي هل اعجبت والديه؟" قالت ميغان وهي تجفف اخر سكينة: "في الحقيقة والده هادئ ولطيف, الا انني حاولت جاهدة ا ناحب والدته, ولكنها لا تحبني, فهي كما تقول لا تحب النساء العاملات." "ولكنك لن تعملي عندما تتزوجين, أليس كذلك؟" "لا اوسكار لا يريد ذلك, فهو يرى انه من الافضل ان يحصل على عمل فياحد المستشفيات التعليمية بينما اقيم انا مع والديه..." قالت امها بحدة: "لكن ذلك لن ينفع, فماذا ستفعلين طوال النهار, كما انه لن يكون بيتك. ميغان بعد ان استلمت ادارة جناح لسنين طويلة لن يكون من السهل عليك ان تخضعي لام اوسكار, خاصة انك لا تحبينها..." "ماذا سافعل؟ انها مشكلة أليس كذلك؟" "اصبري يا حبيبتي, اعرف انه امر صعب ولكنها الطريقة الوحيدة." عادا الى الريجينت بعد ان ودعا عائلتها وقبلتهم فردا فردا, والقت نظرة على كلب العائلة السلاقي المسن وعلى القطة كاندي, ثم قطفت باقة من ورد الدفلى لتزينبها شقتها. سالت بعد ان استقلا السيارة: "حسنا, هل اعجبتك عائلتي؟" "كثيرا, اخوك ذكي جداأليس كذلك؟ لا شك انه متفوق في المدرسة." "اجل لحسن الحظ, فوالدي يريده ان يستلم مكانه في المؤسسة فيما بعد." "اما اختك انها اخاذة كملاك خجول, انت لا تشبهينها ابدا." ثم اضاف عندما ضحكت ميغان: "ارجوك لا تسيئي الظن بي, فانت تعرفين ما اعني,هل تعمل؟" "لا انها تساعد امي في البيت, ولكنها تطرز الابرة بشكل رائع, كما انها تلون وترسم وتصنع قفازاتها بنفسها, والاهم من ذلك فهي طاهية ماهرة." "كانت العوامة التي تناولناها مع الشاي شهية, احب ان اتخيلها وهي تعمل في المطبخ..." ارتبكت ميغان من الملاحظة, الا انها فضلت الا تخبره انها هي التي حضرت العوامة فيما كان يتحدث مع ميلاني في غرفة الاستقبال, انه امر طبيعي ان يظنها تجهل فن الطهي طالما انها مشغولة دوما في الجناح. قل اوسكار بحرارة: "لقد كان يوما رائعا, لم استمتع هكذا منذ وقت طويل." فرحت ميغان كثيرا بهذه الملاحظة فقالت: "اذاا يجب ان نعيدها مرة اخرى,لا تنس انني سانتقل الى شقتي هذا الاسبوع, اذا لم تكن مشغولا مساء الخميس يمكنك ان تاتي للعشاء." بما انه لم يكن هناك احد,لثمها اوسكار على خدها قائلا: "ماذا سناكل؟ بازيلاء مع توست وقهوة طازجة." "على الارجح, من الافضل ان تحضر معك زجاجة شراب, تصبح على خير." قبل ان تذهب الى النوم, وضعت ميغان لائحة طعام ستجعل اوسكار يغير رايه عن البازيلاء. غادرت المستاجرة السابقة يوم الاثنين, وفي مساء الثلاثاء هبت ميغان الى الشقة, واحضرت واحدا لينظفها لذلك لم يبق عليها سوى توضيب الشقة, وبما ان ميغان كانت غير مشغولة تلك الليلة, عادت الى المستشفى ووضعت معظم ثيابها في حقيبة وملات حقيبة اخرى بالكتب وعادت الى الشقة. عندما وصلت الى مدخل المستشفى تقدم منها الاستاذ بلفيلد واخذ الحقيبة من يدها. "اسمحي لي, السيارة قريبة من هنا." وقفت ميغان تنظر اليه ثم سالته بغباء: "السيارة؟ ولكنني ذاهبة.." "الى شقتك الجديدة بلا شك, ساوصلك اليها في طريقي." "هذا لطف منك ولكن في الحقيقة لا حاجة لذلك." لم يجب بل وضع يده الكبيرة تحت مرفقها واخذ حقيبة الكتب وقادها نحو السيارة, انه لامر مريح ان تجلس بقربه, الا انها لم تستمتع كثيرا فلم تستغرق الطريق اكثر من دقيقة. توقف امام بيتها العتيق, واخذ منها مفتاح الشقة ليفتح الباب ثم اضاء الشقة وعاد لياخذ الحقيبتين. صحيح بان الشقة بدت خالية الا انها كانت نظيفة ولا تحتاج سوى لبضع ارائك وازهار وصور ومدفاةصغيرة, كانت ميغان تقف في الصالة تشكر الاستاذ عندما مر القط به مسرعا. "لك؟" "اجل فقد قالت المستاجرة السابقة انها كانت تعتني به, ساحضر بعض الحليب, لا شك انه جائع." تجمع بعض الصغار حول السيارة, ونظر الاستاذ اليهم ونادىاكبر ولد: "اذهب الى المتجر عند نهاية الطريق, اظنه ما زال مفتوحا, اشتر علبتين من طعام القطط وبعض الحليب." اعطى الصبي بعض المالوقال: "ستحصل على خمسين بنسا ان اسرعت." "في الحقيقة لم يكن هناك حاجة..." قال الاستاذ بكل ثقة ناهيا المناقشة: "الحيوان جائع, انت لا تنوين البقاء هنا هذه الليلة؟" "لا سانتقل الى هنا غدا... عندي عطلة يوم الخميس, ساطهو عشاء رائعا فاوسكار سياتي, دكتور فيلدنغ." قال ببرودة: "اجل اعرفه." بدا مستعجلا فارتاحت عندما عاد الصبي بسرعة حاملا الحليب وطعام القطط: "اعطها للسيدة." ثم اعطاه بعض المل قائلا: "أشتر لك ولاصدقائك بعض الحلوى." نظر الصبي بسعادة الى المال وصرخ باتجاه الاولاد: "انت رجل طيب." شكرت ميغان الاستاذ على مساعدته وتمنت له امسية سعيدة, ثم راقبته وهو ينطلق بسيارته, قبل ان تدخل الشقة لتطعم القط وتفك امتعتها. بعد ان شبع القط جلس يراقبها, كان نحيلا جدا ومهملا, ولكنه سيصبح بقليل من العناية والدلال رائعا: "ليس لك اسم؟ بما انك تنتمي الى هذا البيت يجب ان يكون لك اسم. ترى من اين اتيت؟ منذ متى وانت تتجول في شارع ميريدث؟" ربتت على راسه وقالت: "بالطبع هذا هو اسمك, ميريدث." كان هناك باحة مهملة خلف البيت حيث يحتفظ المستاجرون بسلال المهملات, فتحت ميغان شباك المطبخ كي يتمكن القط من الدخول والخروج متى يريد, ثم وضعت له طعاما وتمنت له ليلة سعيدة, لم تكن مرتاحة لفكرة ترك الشسباك مفتوحا, الا انها لم ترد ان تبقيه في الخارج لمدة طويلة. على كل حال كان حائط الباحة عاليا جدا. كان الجناح مشغولا جدا في اليوم التالي, واقتربت ايام العطلة ثانية. شعرت ميغان بالذنب لانها ستاخذ عطلتها والعمل في المستشفى متراكم, ولكن جيني ستاخذ عطلة نهاية الاسبوع, مما يعني نهماكها في العمل لساعات طويلة.كانت ميغان متعبة جدا في المساءالا انها اكنت حرة حتى صباح الجمعة لذلك اخذت باقي اغراضها الى الشقة حيث استقبلها مريديث, رتبت السرير الذي يتحول الى كنبة في النهار وتناولت العشاء واطعمت القط ثم جلست قرب النار لتضع لائحة بالاغراض التي ستحتاجها للعشاء يوم غد. ابح كل شيء جاهزا الان مدت السريرثم اخذت حماما ساخنا ونامت بهدوء الى جانب ميريدث الذي تسلل الى السرير ونام على حافته. فتحت ميغان عينيها حين تسلل الى السرير وتمتمت: "تحتاج الى حمام جيد." ثم اقفلت عينيها ونامت. التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 21-02-17 الساعة 03:15 AM | |||||||||
05-02-17, 11:42 PM | #3 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الفصل الثاني [color="rgb(25, 25, 112)"]استيقظت ميغان باكرا لانشغالها في كثير من الامور, تناولت فطورها واطعمت ميريدث ثم رتبت بيتها الصغير وذهبت لتتسوق. استقلت الحافلة الى شارع مايل رود حيث ملأت سلتها بالاطعمة وعادت مسرعة الى الشقة. اضفت باقة الدفلى التي احضرتها معها الاشراق الى الغرفة المعتمة التي اضيئت قليلا باشعة شمس خفيفة منبعثة من النافذة, فكرت ميغان بسرور وهي تفرغ السلة, ان ستائر صفراء مزركشة واضواء خافتة بدلا من تلك الالوان الساطعة التي اختارتها المستاجرة الاخيرة. ستضفي بعض اللمسات اللطيفة على الشقة, كل ذلك يمكن ان ينتظر المهم الان هو اعداد العشاء. اعدت لنفسها بعض القهوة مع توست وزبدة, واطعمت القط, ثم بحثت عن قطعة صوف ليجلس عليها. فرشت مشترياتها بعد ذلك في المطبخ الصغير لتبدا باعداد الطعام.شرحت البصل الخاص بحساء البصل, وقشرت البطاطا وقطعت الجزر, ثم تبلت اضلاع الخروف. بعد ذلك اعدت كل شيء لتحضير الكاسترد. سينتهي عمل اوسكار عند السادسة مما يعني انه سيصل في السادسة والنصف, اذن امامها متسع من الوقت. لذلك باشرت في اعداد عوامة بالجبنة ووضعتها في الفرن. ثم دخلت الغرفة لتجهز الطاولة وتشعل النار, بعد ان تاكدت من كل شيء ورضيت بانجازاتها, ارتدت احد فساتينها الجميلة, ورتبت شعرها ووجهها. بعد ذلك حضرت فنجانا من الشاي وتناولت احدى قطع العوامة وباشرت بالطبخ. كانت حرارة الفرن ملائمة ولكن سعته قليلة, مما اضطرها لاعداد الحساء اولا لتشغر مكانا لوعاء الصلصة. وضعت ميغان بعض غصون حصا البان حول اضلاع الخروف ووضعته في الفرن ثم حضرت الكاسترد. لم تكن متاكدة من نوع المشروب الذي عليها ان تشتريه لذلك, قررت ان تشتري بضع زجاجات الجعة. عادت لتلقي نظرة على الطاولة فشعرت بالرضا لان الغرفة بدت رحبة ومرتبة بكرسيها وطاولتها قرب المدفاة. اما باقي الغرفة فكانت مفروشة بطاولة الطعام الموضوعة تحت النافذة بالاضافة الى كرسيين وخزانة رفوف على طول الحائط. باختصر بدت الغرفة بكل محتوياتها مع المصباحين المضاءين مريحة وجميلة, فتحت شباك المطبخ لتدع ميريدث يخرج واعدة اياه بعشاء لذيذ عند عودته. سيصل اوسكار خلال نصف ساعة. باشرت بتحضير كوكتيل الفواكه. كل شيء اصبح جاهزا الا ان اوسكار لم يظهر بعد. مرت عشر دقائق على الموعد حين رن جرس الهاتف, بدااوسكار فرحا: "ميغان لقد طرا شيء, لن تمانعي اذا لم آت أليس كذلك؟ احد العاملين معنا اعلن خطبته, ونحن نقيم له حفلة صغيرة." هذا صحيح, فقد سمعت اصوات ضحك وغناء من خلال الهاتف, بالاضافة الى اصوات نساء. الا انها لم تدع الغيرة تاكلها, فهناك الهديد من الطبيبات في الريجينت, سالته اذا كان سياتي لاحقا. "غير ممكن, فالحفلة ستستمر لعدة ساعات, انا مسرور لاني لست في الخدمة." قالت والدم يغلي في عروقها: "للاسف العشاء اصبح جاهزا..." "ضعي البازيلاء في العلبة, سوف نستعملها مرة اخرى." كان ذلك لا يحتمل فاقفلت الخط. الروائح التي انبعثت من المطبخ كانت مسيلة للعاب, اطفات ميغان الغاز وهي ترتجف من الغضب وخيبة الامل. فكرت في ان تحتسي الشراب فيما كانت الدموع تتساقط على خدها, لكنها مسحت دموعها بانفعال, عندما سمعت طرقا على الباب, لا بد ان اوسكار قج اتى. فتحت الباب بسرعة فوجدت الاستاذ فان بلفيلد يحمل ميريدث بين يديه. لم ينتظر ان تدعوه بل تجاوزها, ووضع ميريدث على الكنبة. "وجدته عند اخر الطريق, ضربته دراجة فيماكان مارا لا اظن انه مجروح ولكن يمكن ان اتفحصه ان اردت." نظر اليها برقة فتمنت لو انه لم ير دموعها: "ارجوك ان تفعل, شكرا لانقاذه ظننت انه بمامن في الباحة ساحضر منشفة صغيرة." اخذ الاستاذ وقته في معالجة ميريدث مما اعطاها الفرصة لتمسح دموعها وتصلح من هندامها من دون ان يشعر. كانت المرآة الوحيدة في البيت موجودة في الحمام, لذلك اعتمدت على الحظ كي تبدو طبيعية بقدر الامكان. على كل حال لم تبد طبيعية تماما بل متعبة ومحمرة حول انفها الجميل. لم يعلق الاستاذ على الامر بل قال ان القط لا يعاني من كسور بل من بعض الرضوض السيئة, ثم وضعه قرب النار. "هل تتوقعين ضيفا؟ اسف اذا عطلت عملك في المطبخ." "لا لا يهم, لن ياتي اوسكار. هناك حفلة في المستشفى..." رجفت شفتها كفتاة صغيرة: "حضرت العشاء, ولا يوجد احد سواي لاكله, لذلك انا اسفة..." خلع الاستاذ معطفه قائلا: "هل انفع انا؟ تبدو رائحة الطعام شهية وانا جائع جدا." وعندما ترددت اضاف: "لم اتناول طعام الغداء." "أصحيح؟ أتود ان تبقى؟ ولكن أليس لديك بيت...؟" "اجل اجل طبعا لدي, لا انه لا يوجد احد هناك الليلة." بدا مقنعا جدا بقوله هذا فقالت: "حسنا, سيكون امرا لطيفا ان تبقى, هل ستكون سيارتك بمامن في الخارج؟" "اوصيت بعض الصبية بمراقبتها." "ألن يبردوا؟" "انهم يجلسون في الداخل." ذهب الى الطاولة واخذ الشراب:"اذا كان لديك مفتاح فسافتح هذه الزجاجة." ذهبت ميغان الى الفرن واشعلته ثانية, وقدمت الحساء في الحال: "اسفة لا يوجد اي شيء لاقدمه لك, لا شيري ولا غيره, فانا لم استقر بعد." "هذا الحساء لا ينقصه شيء. هل حضرته بنفسك؟" "اجل فانا اجيد الطهي." لقد اسعدها كثيرا انه احب الحساء المعد بطريقة ممتازة مع التوست والجبنة, اكل الاستاذ ضلوع الخروف واحتسى الشراب بالشهية والاستمتاع نفسهما. ربما كانت هذه هي المرة الاولى في حياته التي يشرب فيها بهذه الكثرة من شراب يبلغ ثمن زجاجة منه خمسة وعشرين بنسا. لقد وضع السعر على الزجاجة وشك ان لون الشراب كان السبب في شرائها له. تصرف على سجيته فاندهشت ميغان لكونه رفيقا ممتعا على هذا النحو. في الواقع لم يتكلم كثيرا او يرفع صوته عاليا, الا ان ما قاله كان مثيرا جدا ولا يمت بصلة االى حياة المستشفى, انه الان انسان مختلف عن ذاك الذي حدق فيها بعينيه الزرقاوين عندما انكسر الصحن. اكتشفت فجاة انها الان تستمتع بوقتها, بعد الانتهاء من التهام اضلاع الخروف الشهية احضرت ميغان بسكوتا وجبنة وبما انه لا يوجد مكان اخر للانتقال اله تناولا القهوة والعوامة بالجبنة الى جانب الطاولة. لم تكن واثقة بعد تلك السهرة الممتعة عما تحدثا, لكنها كانت متاكدة من انها لم تعرف شيئا عن حياته الخاصة, اذ انها لم تجرؤ على السؤال, وهو لم يقدم لها اية معلومات, صحيح انه اخبرها انه لديها كلب وقطة, الا انه اتى على ذكر ذلك عندما كان ينظر الى مريديث وهو يستلقي بكسل امام النار بعد العشاء. ولدهشتها ساعدها في غسيل الاواني قبل ان يشكرها على العشاء الشهي والسهرةاللطيفة. كانت ميغان ممتنة لانه لم يذكر كلمة عن اوسكار.عند انتهاء السهرة غادر متجها نحو سيارته, فاعطى الصبية بعض المال وانطلق وهو يرفع يده ليحييها. لم يكن هناك من امل لترى اوسكار في اليوم التالي, فالجناح كان ممتلئا بكثير من الحالات, الامر الذي اراحها لانها تحتاج الى يوم او اثنين كي تنسى خيبة املها بسبب تصرف اوسكار السخيف. وبالفعل لم تره الا بعد يومين بطريق عودتها من الغداء. قال: "ميغان انا اسف بسبب تصرفي تلك الليلة, كنت اعرف انك ستتفهمين, ما رايك بيوم عندي, فانا حر في المساء, الا اذا حصل اي طارئ." "لا لدي عمل, وساكون متعبة جدا حتى لفتح علبة بازيلاء." ثم قالت بابتسامة صفراء: "لا يمكنني التلكؤ اكثر, فهناك حالة تحتاج لعملية, الى اللقاء." جلست ميغان في مكتبها تبحث عن دوام جيني في جدول العطل: "ارغب في الحصول على عطلة بعد ظهر غد, هل تمانعين بالتغيير؟" رحبت جيني بالاقتراح فعادت ميغان الى طاولتها وهي تشعر بانها ردت جزءا بسيطا على الاقل من اهانته لها, واعترفت لنفسها ان ذلك لم يكن لطيفا منها خصوصا وانها طيبة القلب وحلوة المعشر. لكن اوسكار اساء اليها وجعلها تشعر بالاحباط. لم يتقابلا كثيرا منذ وقت, ولكن أليس صحيحا ان البعد يلهب المشاعر؟ أم لا؟ بعد تلك الامسية الجميلة لم تر الاستاذ, الا ان ذلك كان طبيعيا, فهو نادرا ما ياتي الى الجناح, وعندما كان ياتي لم يكن ليضيع الوقت في اي حوار. الا اذا كان متعلقا بالعمل, سمعت ميغان صدفة من السيد برايت وهو يخبر ويل جنكن زان الاستاذ غادر الى هولندا. قال السيدبرايت: "لن يعود قبل عدة ايام, اظن انه يريد رؤية عائلته من وقت لاخر." اذا هو متزوج, ولكن لدهشتها التفكير بذلك جعلها تشعر وكانها فقدت شيئا. انتهى يوم العطلة وعادت الى الجناح بطبيعته المشغولة دائما,امضت ميغان احدى الامسيات تتناول العشاء مع اوسكار في احد المطاعم الهادئة قرب حديقة فيكتوريا. تمتعت كثيرا بتلك الامسية, فقد كان اوسكار لطيفا جدا الى حد انها شعرت بالاسف لانها غيرت عطلتها في الاسبوع الماضي. وافقت ميغان بسرور على اقتراح اوسكار بالذهاب الى بيتها في عطلة نهاية الاسبوع القادم. قال اوسكار: "لا يمكنني الحصول على عطلة نهاية الاسبوع, الله اعلم كم اتوق لواحدة." "سيكون ذلك رائعا, هل يمكننا ان نذهب يوم السبت ونبقى حتى مساء الاحد؟" رافقها الىالشقة وبقي حوالي عشر دقائق: "انها لا تعتبر شقة, أليس كذلك؟" حاولت ميغان ان تعترض على تلك الملاحظة, كل شيء يبدو جميلا, فقد وضعت الستائر الجديدة مع بعض الارائك التي تتناسق معها,ووضعت بعض الازهار الجميلة بالاضافة الى الكتب المرتبة على الرفوف, حتى ميريدث بدا جميلا. ربما بالنسبة لرجل لا تتوافق هذه الشقة مع ما يعرف بالبيت المريح والمناسب. مهما يكن من امر, فهي سعيدة بها جدا. "على الاقل اذا اردت ان آوي الى الفراش باكرا يمكنني ذلك. في بيت الممرضات هناك دائما الكثير من الضجة, اناس يدخلون ويخرجون واخرون يلعبون بالات التسجيل. لن تصدق كم هو هادئ هذا الشارع." ضحك اوسكار وعانقها: "اهتمي بنفسك فستتحولين الى عانس عادية اذا لم تنتبهي." "هذا امر يمكن تسويته. يمكن ان نتزوج." لم تعرف لماذا قالت ذلك الا انها ندمت على قولها عندما اكفهر وجهه. "امامنا متسع من الوقت لمناقشة ذلك, عندما انتهي من هنا واحصل على عمل اخر."وعانقها ثانية عندما راها مرتبكة. بعد ان تركها وحيدة فرشت ميغان الكنبة واعدت فنجانا من الشاي. ثم نظفت ميريدث الذي بدا سمينا ولطيفا. فمنذ الحادثة التي وقعت له لم يعد يغادر باحة المنزل. لعق الحليب الذي قدمته له وتمدد امام النار الا انه في اللحظة التي تطفئ فيها الضوء وتاوي الى فراشها سيتسلل اليها وينام طوال الليل عند طرف السرير. لم تر الاستاذ ثانية الا بعد عدة ايام. بدت متعبة وغير مرتبة بعد ظهر ذلك اليوم المرهق, حين راته واقفا مع السيد برايت في المدخل منهمكين في احدى المناقشات, رآها السيد برايت وحياها: "عمت مساء اخت رودنر." نظر اليها الاستاذ الا انه بدا وكانه لا يتذكر اين التقاها, فحياها تحية مبهمة. تابعت طريقها منزعجة قليلا. لقد تناول عشاء شهيا عندما دعته, او بالاحرى عندما دعى نفسه. صحيح انها لم تتوقع ان تتوطد العلاقة بينهما, اذ انه على حد علمها لم يكن يوطد علاقته باحد, ولكنها تستحق على الاقل تحية احسن من ذلك. عبرت عن استيائها الى ميريدث فيما كانت تتانول العشاء, قالت وهي تعد الطعام لميريدث: "هذا فظ جدا,لكن ربما يشعر بالحنين لبيته, اذ انه عاد للتو من هولندا." كانت ميغان ستذهب واوسكار الى بيتها في عطلة نهاية الاسبوع, راته صباح ذلك اليوم متحمسا جدا للذهاب, وقد اسعدها حماسه وادهشها في ان معا, لانها تعرف كم من الترتيبات عليهما ان يتخذا للحصول على اكثر من يوم عطلة في الوقت نفسه. اقترح اوسكار ان يغادرا الجمعة فيصلا حوالي الساعة العاشرة, هذا اذا لم يكن وقتا متاخرا بالنسبة لوالديها. وافقت ميغان على هذا الاقتراح بكل سرور. سيكون لديها متسع من الوقت غدا لتشتري سلة لميريدث, فقد توقف عن التجوال في الشارع. واذا تركته بمفرده يمكن ان يشرد ثانية. الامر الذي سيزعجها حتما لانها اصبحت متعلقة به الان, ثم ان هذه النزهة الى الريف ستفيده كثيرا. بدا يوم الجمعة سيئا, كانت تدخل المستشفى عندما رات الاستاذ يخرج من سيارته, كانا قريبين كفاية ليتبادلا تحية الصباح, الا انها كانت لا تزال منزعجة منه الى حد انها دخلت من الباب كما لو انها لم تره. تبعها الاستاذ مبتسما بلطف وهدوء. لم يكن الاستاذ يبتسم كثيرا لذلك نظر اليه رئيس البوابين باندهاش, وقال لاحد عماله: "يبدو الاستاذ فان بلفيلد مختلفا هذا الصباح." ثم اضاف: "لا بد ان شيئا هزه." علمت ميغان ان الليلة السابقة كانت سيئة في الجناح, فقد وقعت احدى المريضات من على السرير, لا يعتبر هذا خطا احد الا انه يجب ارسال تقرير عن الموضوع واستدعاء طبيب لفحص السيدة. كانت بداية سيئة لليوم على الرغم من ان السيدة السمينة التي وقعت عن السرير لم تصب باي اذى. ميغان التي كانت ترغب في ان تعرف كل شيء كاي انسان ذي مسؤولية, وجدت اعصابها بخلاف العادة متوترة جدا. وقد غضبت اكثر عندما تاخر السيد برايت نصف ساعة عن موعده, مما اضطرها لابقاء عشاء المرضى ساخنا فيما كان يقوم بجولته عليهم بكل بطء. قالت ميغان بتوتر ظاهر: "كان لا بد لرائحة السمك مع اللحم المشوي بالجزر ان تذكرك بان هناك مرضى بحاجة الى الاكل..."[/color] قال اوسكار انه سيكون جاهزا للرحيل عند الساعة السادسة, الا انها لاقت صعوبة لكي تنهي عملها في وقته المعتاد. لم تذهب الى العشاء بل اكتفت بتناول ساندويش مع فنجان قهوة في مكتبها. استمرت بالعمل طيلة بعد الظهر لذلك حين وصلت جيني, تمكنت من الذهاب مرتاحة الضمير. اسرعت ميغان الى شقتها فغير تثيابها ووضعت ميريدث في السلة ثم حضرت حقيبتها قبل ان ياتي اوسكار لياخذها. تحسن مزاجها حين رات اوسكار, فقد بدامرتاحا وسعيدا لفكرة قضاء عطلة نهاية الاسبوع بعيدا عن المستشفى. وضع اوسكار القط في المقعد الخلفي وحقيبتها في الصندوق, ثم جلس بقربها وعانقها بسرعة وانطلقا. "يجب ان نصل لهناك قبل الساعة العاشرة, عندما نخرج من لندن سنسلك الطريق السريع هذه المرة." ثم استدار نحوها وقال: "انها امسية جميلة." وافقت ميغان شاعرة بتحسن كبير:"هل هناك شيء مميز تود ان تفعله. هناك اماكن رائعة للنزهة اذا رغبت بذلك..." "لنرى ما سيطرأ,ربما كان لعائلتك بعض المشاريع, تبدين متعبة هل كان يومك سيئا؟" هذا ما كان يعجبها فيه, فهو دائما يتذكر انها تعمل مثله تماما: "في الحقيقة ليس سيئا جدا, فقط بعض الامور الضغيرة التي لم تجر على ما يرام. الا ان كل شيء عاد الى طبيعته عندما انهيت عملي. على كل حال جيني قادرة على ضبط الامور." استمرا في الحديث لوقت طويل مما اراحهما من الملل الذي يصيب المسافرين وقت الازدحام. الا انهما حالما خرجا من الضواحي التزما الصمت, فكرت ميغان بانه لا حاجة للكلام فهما يعرفان بعضهما جيدا, انها تشعر بالراحة معه ولكن أليس هذا ما يجب ان تشعر به عندماتكون معه؟ ازعجتها هذه الفكرة كثيرا فعبرت عن افكارها: "هل تشعر بالاثارة عندما اكون معك؟ لا تضحك, فانا فعلا اريد ان اعرف." اصبحا الان على الطريق السريع الخالي من ازدحام السير فاجابها اوسكار من دون اي شرود: "عزيزتي ميغان, بالطبع لن اضحك, انا افهم فعلا ما تعنينه. ان شعوري نحوك, كيف ساعبر لك؟ عميق وصادق الا انني لا اعتقد انني من النوع الذي يثار بالمعنى الذي تقصدينه. على كل حال انا سعيد ومرتاح واظن اننا سنستقر بشكل جيد معا." نظر اليها مبتسما: "هل هذا يجيب على سؤالك؟" كانت تود ان تجيبه بلا, الا انها قالت: "نعم." ربما هناك وجود لتلك الرومنسية التي تقرا عنها في الكتب. حركت الخاتم بيدها واقنعت نفسها بانها سعيدة. كان والدها ووالدتها وميلاني في انتظارهما عندما وصلا. قطعا المسافة بوقت قصير فقد وصلا قبل الساعة العاشرة.لذلك جلسوا يتحدثون حول طاولة العشاء بارتيتح, اذ ان اليوم التالي هو السبت, مما يعني انه لا داعي للنوم مبكرا للذهاب الى العمل صباحا. شعرت ميغان التي كانت تجلس بقرب اوسكار بالسعادة والرضا لانسجامه مع ميلاني, ابتسمت الى اختها, فقد حمتها ورعتها مذ كانت طفلة اذ انها تحبها كثيرا. لقد كان امرا مفرحا بالفعل ان تراها تضحك وتحدثت مع اوسكار بكل انطلاق وحرية. استيقظت ميغان مبكراحسبما تعودت بسبب عملها في المستشفى. نهضت من السرير وسحبت الستائر, لم تكن الشمس ساطعة الا ان السماءكانت صافية والريف اخضر ومنعشا. تنشقت الهواء العليل ثم تنهدت بصعوبة, لانها رات اوسكار وميلاني يغادران البيت من باب المطبخ, كانا يتحدثان بهدوء وهما يتجهان نحو الحديقة. ثم الى البوابة المؤدية الى الغابة خلف البيت. عادت ميغان الى السرير وفكرت بالامر, ربما لم يستطع اوسكار النوم فقرر ان يتمشى باكرا ولا بد انه صادف ميلاني التي استيقظت باكرا لتحضير الشاي للجميع. لقد تكلم خلال العشاء عن مراقبة العصافير. لا بد انه ذهب لذلك الغرض ومن المؤكد ان ميلاني عرضت عليه ان تريه افضل االامكنة لمراقبة العصافير. استغرقت ميغان في النوم وهي تفكر بعدة احتمالات ولم تستيقظ الا بعد ساعتين حين وجدت ميلاني جالسة على حافة السرير تحمل كوبا من الشاي. جلست ميغان بشعرها الاسود المتدلي على كتفيها وسالت: "الى اين كنت ذاهبة مع اوسكار؟" "هل شاهدتنا؟ لم لم تنادي؟ لقد انتظرناك. كان اوسكار يريد ان يشاهد العصافيرأتذكرين؟ نزل فيما كنت في المطبخ فقد استيقظت باكرا لاعد الشاي. اخذته الى غابة نِبْ." ثم نظرت اليها بقلق واضافت: "ميغ انت لا تمانعين؟" "عزيزتي طبعا لا, في الواقع هذا ما فكرت به تماما, رفقة اوسكار مسلية أليس كذلك؟" "اوه احل, فهو لا يهتم لكوني لست ذكية ولا مسلية." "ومن يهتم؟" "اه جورج عامل البلدية, والصبية في المزرعة والموظف الجديد في مكتب ابي." "وهل يقولون ذلك؟" "ليس بالضبط, الا ان ذلك ما يلمحون اليه." وضعت ميغان ذراعيها حول شقيقتها وقالت: "عزيزتي لابهي بهم, فانت لطيفة كما انت. اؤكد لك ان كل الرجال اللطفاء الذيم تحبين لارتباط بهم يفضلون فتياتمثلك." "اه اتمنى ذلك من كل قلبي." وضغت ميلاني يدها بلطف على راس ميريدث الذي تمدد عند نهاية السرير ففتح عينيه وتثاءب, قالت ميغان: "يجب ان انهض, انظري الى هذا الحيوان الجائع, هل الافطار جاهز؟" "بعد نصف ساعة, ماذا ستفعلين اليوم؟" "ساصطحب اوسكار في جولة على القرية, ثم اساعد امي وبوتر في الحديقة, على كل حال اوسكار يعمل بكد ومن المؤكد انه يفضل ان يكون حرا فيما يفعله." عندما نزلت ميغان كانت امها في المطبخ تعد البيض واللحم وميلاني تحضر الخبز المحمص. حملت ميغان القهوة الى غرفة الطعام حيث كان ابوها واوسكار,وتوقفت لتقبيل راس والدها وقدمت خدها لاوسكار, وضع ذراعيه حولها وقال: "استيقظت باكرا وذهبت لااشاهد العصافير. ميلاني كانت مستيقظة ايضا وقد كانت لطيفة جدا فاخذتني الى افضل الاماكن الي يمكن الذهاب اليها. يجب ان اعترف بان الريف رائع,بدات افكر بان استقر في مكان قروي." اضاف ضاحكا عندما راى وجه ميلاني: "لكنني لن افعل ذلك, فقد عملت جاهدا للحصول على عمل جيد في لندن, وعلى مركز عال في احد المستشفيات التعليمية, ميغان تعرف ذلك, أليس كذلك يا حبيبتي؟" "اجل طبعا انا اعرف ذلك, على كل حال ستكون ناجحا الى حد اننا سنتمكن من شراء كوخ في الريف لتمضية عطلة نهاية الاسبوع." هذاصحيح فهي تعلم وتفهم انه بذل جهدا كبيرا لينجح في مهنته, الا انه اتخذ قراره ذلك دون ان ياخذ بعين الاعتبار رغبتها في العيش خارج لندن. كان اوسكار يستحق النجاح فقد عمل بكد واثبت نفسه كطبيب ناجح. راقبته ميغان وهو يلاطف ميلاني. فشعرت بعرفان الجميل لان شقيقتها الخجولة كانت تكلمه بارتياح. سالت اوسكار في طريق العودة الى الريجينت مساء الاحد: "هل استمتعت بوقتك؟ ألم تضجر؟" "لا ابدا كانت عطلة رائعة, فانا احب عائلتك, فاخوك فتى رائع." "اجل هذا صحيح وانت تعجبه ايضا, وكذلك ميلاني لا شك. انك لاحظت كم هي خجولة مع الذين لا تعرفهم, الا انك انسجمت معها جيدا." لم يجب فظنت انه منزعج من السير الخانق. قال عندما وصلا الى المستشفى: "ما رايك بعطلة اخرى عندما استطيع الحصول على واحدة." "هذا رائع, ساذهب الى هناك في خلال اسبوعين, ولكنني لا اعتقد ان باستطاعتك الحصول على عطلة في هذا الوقت القصير." "لا اظن ذلك, ولكن يمكنني المحاولة في الاسبوع بعد المقبل." "اعلمني في وقت قريب كي اتمكن من تغيير موعد عطلتي فجيني لن تمانع, ولكن ألا ينبغي الذهاب الى بيتك لرؤية والديك؟" "ساتدبر نصف يوم خلال الاسبوع." لم يسالها اذا كانت ترغب في الذهاب معه, ربما لانه لاحظ انها لم تتفق مع والدته. كان صبح الاثنسن منهكا لوجود عدد من العمليات في اليوم التالي, مما يعني اجراء كل الفحوصات العادية وزيارة الطبيب المخدر, ثم معاينات واخيرا زيارة قصيرة من السيد برايت بعد الظهر ليرفع من معنويات المرضى ويلقي نظرة على تقارير الاطباء. كان اخر المرضى الاربعة امراة نحيلة تعبى, امضى السيد برايت معها وقتا اطول من العادي في التحدث معها محاولا تهدئتها قبل ان يفحص اوراقها. توقف السيد برايت عند تقرير المختبر السريري وقراه ثانية: "هل قرات هذا ايتها الاخت؟" "اجل يا سيدي." "غريب ارجوك اذهبي الى المختبر واسالي الاستاذ فان بلفيلد. سنحتاج الى مواد..." ذهبت ميغان الى المختبر وفتحت الباب, ومن المؤكد ان الاستاذ سينزعج منالشك باحدى قراراته. كان جالسا الى مكتبه, ترى هل كان جالسا هناك طوال النهار اذ لم يبد عليه اي نوع من الارهاق. رفع راسه حين طرقت الباب فالها بادب: "اجل ايتها الاخت." "طلب مني السيد برايتان اسالك, فحص الدم هذا, يقول انه غريب." "غريب لكنه, لقد تفحصته شخصيا. يمكنك ان تنقلي هذا الى السيد برايت مع تحياتي." امسك قلمه واضاف: "اذهبي الان فانا مشغول." ارتدت على عقبيها فيما الكلمات الفظة تجق اذنيها, اذهبي من هنا. ولكن من يظن نفسه؟ "اقفلي الباب جيدا عند خروجك وقولي للسيد برايتا ني وجدت متبرعا." اصبحت ميغان الهادئة تغلي من الغضب الان, وقاحة لا تُحتمل. فتحت وقالت بحدة: "اخبره بنفسك يا سيدي." اسرعت ميغان بالخروج تاركة الباب مفتوحا وراءها. انصعقت فيما بعد لما قالته. بالطبع سيطردونها, لا بد انهم ستهمونها بعدم الانصياع. من المؤكد من المؤكد ان اوسكار سيغضب منها لانها فقدت اعصابها وتصرفت كفتاة سخيفة, وتحزن عائلتها ايضا لهذه الحادثة. لا بد انهم سيعطونها جواب توصية مع القليل المدح, فينتهي بها الامر الى ان ميدلاندز.ضحك السيد برايت حين رآها وقال: "هل اكلك الاستاذ فان بلفيلد حية؟" "لا لا يا سيد برايت. طلب مني ان اعلمك بانه يوافق على انها فئة دم غريبة وانه قد وجد متبرعا." "انسان طيب, لا اعرف ماذا كان المستشفى سيفعل من دونه." ربما لا يستطيع الاستغناء اما هي فبلى, رتبت ميغان الاوراق التي كان السيد برايت قد بعثرها على السرير والخوانة. الا انها تسمرت حين سمعت الاستاذ بلهجته الانكليزية الممتازة: "انا متاكد من الاخت رودنر بطبيعتها المهذبة قد اوصلت رسالتي." ثم اضاف حين ضحك السيد برايت: "آمل ان تسامحيني على فظاظتي." خفق قلبها عند سماع تلك الكلمات, كانت تبحث عن رد مناسب حين تابع: "ظننت انه من الافضل ان آتي بنفسي لاراك, هناك بعض الاشياء بحاجة لتوضيح." انشغلت بترتيب الاغطية فوق المريضة. لم يكن ضروريا ان يعتذر هكذا. والان هي الملامة على كل حال يجب عليها ان تعتذر ايضا. ولكن ليس لخوفها من ان يقدم شكوى ضدها. يا له من رجل كم تمنت لو انها راته يجلس على كرسيه والابتسامة على شفتيه, عندما خرجت مسرعة. قررت ميغان في يوم عطلتها ان تعتذراليه, فاذا كان يريد اتخاذ اي اجراء سيتم استدعاؤها الى مكتب رئيسة الممرضات قبل الساعة التاسعة. بدات تحضر الكلام الذي ستقوله وهي في طريقها الى المستشفى, يجب ان يكون كلاما محترما ومعبرا عن اسفها في الوقت نفسه, ولكنها وجدت ذلك صعبا. كانت منهمكة في هذا الامر جدا الى حد انها لم تر الاستاذ الا بعد ان اصبحا على بعد الخطات. فقد خطفت كلماته الاولى انفاسها: "اه الاخت رودنر, كنت انتظر اعتذارك." بدا هادئا ومرتاحا. ففكرت بتوتر انه كان اسهل عليها بكثير ان تكرهه لو انه صرخ قليلا او حتى رفع صوته. قالت بسرعة: "لم يكن لدي. انني انوي ان اعتذر لك ولكن ليس قبل غد, فانا انتظر لارى اذا كنت ساستدعى الى مكتب رئيسة الممرضات." "لماذا؟" "حسنا, اذا قدمت شكوى لن تضيع الرئيسة وقتا قبل ان ترسل بطلبي المؤكد اني ساطرد. او اخسر ثوب الاخوات. او اي شيء اخر." "عزيزتي الصغيرة ليس لدي اية نية في تقديم شكوى ضدك, ولو كنت في مكانك لقلت وفعلت اشيء نفسه لذلك يمكنك ان تنسي هذه الحادثة وتعودي الى العمل في الصباح بضمير مرتاح." ابتسم فجاة فبدا للحظة وجيزة مختلفا عن ذلك الرجل الفظ الصارم الذي تخيلته: "سيسعدني كثيرا ان تقبلي دعوتي الى العشاء كبادرة حسن نية." "هذا لطف اسفة لانني كنت فظة وشكرا لتسامحك في هذا الموضوع."ٍ "لطيف لطيف, انها كلمة انجليزية قد تعني كل شيء ولا شيء, انا لست لطيفا كما تعلمين جيدا."افسح لها الطريق وقال: "عمت مساء اخت رودنر." اكملت ميغان طريقها بارتباك الا انها لم تكن تعرف السبب. كان اوسكار سياتي الى العشاء ذاك المساء, فعادت مسرعة الى المنزل لتحضر نفسها للقائه. قال انه سياتي الساعة التاسعة, مما اعطاها الوقت الكافي. استحمت وارتدت فستان جيرمي رماديا مع وشاح رمادي فاتح, ثم اطعمت القط وبدات العمل, تتالف لائحة الطعام من انواع مختلفة من الجبنة وخبز فرنسي محمص مع سلطة, اما الشراب فسيكون متنوعا مع بعض زجاجات الجعة. بدت الغرفة مريحة بمصابيحها الجديدة التي تضفي ضوءا زهريا خافتا على الاثاث الرخيص, خاصة الطاولة بغطائها الجميل. فوجئ اوسكار قليلا عندما دخل الشقة: "يجب ان اعترف بان هذا المكان يبدو جميلا على الرغم من ان الاثاث كالح, اني اتضورجوعا..." كان العشاء شهيا جدا الى حد انه اكل معظمه حتى قبل يبدا بالخبز والجبنة والتفاح. حضرت ميغان القهوة. فجلسا يحدثها عن يومها ولكنه لم يقل شيئا عن العشاء الى ان اوشك على الرحيل: "كانت وجبة جيدة ميغان, لم اكن اعرف انك تجيدين الطهي, هل علمتك ميلاني؟ غالبا ما اتذكر تلك العوامة..." "اجل انها تصنع عوامة رائعة فهي طاهية ماهرة." عانقها اوسكار قبل ان يذهب ولكن ليس بالطريقة التي ترغبها, كانت تود ان يحتضنها ويقول لها انها طاهية ماهرة وانه يحبها اكثر من اي شيء في العالم. هناك خطا ما الا انها لا تدري ما هو, وحين سالته عن الامر قال: "هل من خطب؟ ما الذي جعلك تعتقدين ذلك؟ طبعا ليس هناك اي شيء,لا بد اني متعب, لا تبالي لقد تدبرت عطلة نهاية الاسبوع هل غيرت عطلتك؟" "على حد علمي اجل." بعد ان ذهب اوسكار استلقت ميغان على السرير تفكر بيومها التعس. هناك شيء لم يكن على ما يرام وتمنت لو تبكي, الا انه لم يكن هناك شيء لتبكي عليه. عادت الى العمل يوم الاربعاء وبما انها تبادلت عطلة نهاية الاسبوعمع جيني, لم يعد يحق لها بعطلة لهذا الاسبوع. ذكرت ميغان نفسها كما تفعل عند نهاية كل يوم مرهق, انها ستذهب مع اوسكار الى بيتها في الاسبوع المقبل. لم ترَ اوسكار بعد ان تعشيا معا الا قليلا, فقالت لميريدث قبل ان تذهب للعمل: "غدا سيعود كل شيء الى طبيعته." لم يكن ذلك صحيحا, فقد اخبرتها احدى الاخوات بعد الظهر عن وجود العديد من حالات الحمى في مستشفى سانت باتريكس الذي يتعاون في هذه الحالات مع الريجينت مما يعني انشغال جناحها لاسبوع اخر, ولم يكن امامها اي خيارات. ذهبت بعد الدوام في ذلك اليوم لتسأله اذا كانت تستطيع ان ترى اوسكار عندما ياتي. وعندما اتى اخبرته على المدخل عدم استطاعتها الحصول على عطلة. "يا للحظ السيء. لا استطيع ان اغير عطلتي, فذلك يعني اعادة ترتيب الجدول. يمكنني ان اذهب بمفردي الى بيتك اذا وافقوا على ان يستضيفوني." كتمت ميغان شعورا بالخيبة وحسدته على العطلة التي كان يجب ان يمضياها معا. "بالطبع سيرحبون بك كثيرا, ساتصل بوالدتي." "رائع يجب ان اذهب حبيبتي, اسف لعدم استطاعتنا قضاء العطلة معا." راقبته ميغان يذهب, بدا فرحا فشعرت بغضب لم تستطع تفسيره. نهاية الفصل الثاني التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 21-02-17 الساعة 03:17 AM | |||||||||
05-02-17, 11:45 PM | #4 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الفصل الثالث اتصلت ميغان بوالدتها بعد العشاء. قالت السيدةرودنر: "حبيبتي يا للاسف كنا نتوق لرؤيتك واوسكار طبعا. هل يريد فعلا المجيء؟ اكيد,ستحصلين على اجازة في عطلة نهاية الاسبوع مهما كان جناحك مشغولا, وهكذا تستطيعان ان تتناولا العشاء او حتى ان تقضيا وقتا هادئا بالشقة." "اجل ولكنه يبدو متحمسا جدا لهذه العطلة, وهو ليس مضطرا للبقاء لمجرد انني لا استطيع الذهاب. امي اريده ان يذهب فهو يحب ان يكون معكم جميعا." "عزيزتي سنسعد باستضافته, هل تستطيعين ان تدبري يوم عطلة قريبا وتأتي الى البيت؟ لا داعي لاخبارنا, تعالي حالما تستطيعين." "يحق لي بعد هذه المناوبة يا امي انا احصل على على يومين وسارى ما يمكنني فعله, ربما في عطلة نهاية الاسبوع المقبلة." اقفلت ميغان الخط وهي تعيد في ذهنها ترتيب ايام العطل, لو ان جيني اخذت اجازتها قبيل انتهاء المناوبة, لما اضطرت لان تعمل في عطلة نهاية الاسبوع. في البيت, وضعت والدتها السماعة وقالت للسيد رودنر المنهمك في قراءة الجريدة: "جورج, ان اوسكار يزمع المجيء بمفرده, وميغان لديها دوام اضافي او ما شابه ذلك, ألا تعتقد انه كان عليه البقاء معها؟ تستطيع ان تاخذ اجازة حتى عندما يكونان مشغولين, وعند ذلك يمكنهما الخروج معا, جورج هل تسمعني؟" قالت ثم اردفت: "هل تظن... هل لاحظت انسجام ميلاني واوسكار؟ انا غير مرتاحة لهذا الوضع, اتمنى ان يتزوج ميغان واوسكار قريبا وهما لا يزالان..." توقفت فقال زوجها بهدوء: "عاشقين يا عزيزتي؟ سيكون ذلك خطا أليس كذلك؟ ا جل لاحظت ميلاني واوسكار, هذه الاشياء تحصل ولا نستطيع ان نفعل شيئا حيالها." نظر الى جريدته واضاف: "الصبر يا عزيزتي, دعي الاشياء تاخذ مجراها الطبيعي." حدقت به السيدة رودنر وقالت: "يا للرجال! وماذا بشان ابنتنا ميغ؟" ثم استطردت: "ميغ في الثامنة والعشرين..." "اعرف ذلك, وهي ايضا فتاة جميلة ولطيفة, وستجد يوما ما الرجل الذي يستحقها." ************ لم تحظ ميغان بوقت حتى للتاسف على عطلة نهاية الاسبوع. كان الجناح حاشدا بحالات الاسبوع الماضي, مما اضطرها لان تضع اسرة في الردهات وارسال المعافين للنوم في اجنحة اخرى. قالت لجيني: "لا بد ان الجميع مصممون على ارتكاب حوادث في عطلة هذا الاسبوع." ارتطمت ميغان بالاستاذ وهي في طريق عودتها بعد عشاء يوم الاحد. غيرت اتجاهها بخطى سريعة الا انه سد طريقها قائلا: "ايتها الاخت عليك ان تنظري الى اين انت ذاهبة." "اسفة يا سيدي ولكننا مشغولون." "ولكنها عطلتك أليس كذلك؟" قالت متاهبة لمتابعة طريقها: "اضطررت للتغيير." "خسارة فالسيد فيلدينغ كان سياخذ عطلة أليس كذلك؟" تعجبت ميغان لاهتمامه: "اجل." "سيمضيها في منزلك؟" "اجل." الا ان شيئا في صوته الهادئ جعلها تضيف : "في الحقيقة انه هناك, اعني انه لا يحظى بكثير من العطل وعائلتي تحبه..." "اه اجل, لا تدعيني اؤخرك" اخيرا انتهى هذا اليوم الطويل, وعادت الى بيتها حيث تناولت عشاء سريعا واستعدت للذهاب الى السرير, وحين اتصل اوسكار, بدا فرحا جدا, فسالته: "ماذا فعلت؟" "لا شيء مهما. تمشينا قليلا وذهبنا الى وينغ لزيارة احدى الحدائق, لم اعد اذكر اسمها. ثم تغدينا في احدى الحانات وعدنا في الوقت المناسب لتناول الشاي. هل كنت مشغولة؟" "تقريبا, انا سعيدة لقضائك وقتا ممتعا." ارادت ان تساله اذا ذهب مع العائلة كلها ام مع ميلاني فقط, هي لا تمانع بالطبع, ولكن من اللياقة ان يخبرها, لكنه لم يخبرها, بل مدح طهي والدتها فقط, واقترح ان يلتقيا حول شراب, ثم تمنى لها ليلة سعيدة. لم يذكر ميلاني قط تمددت على السرير وهي تفكر قلقة بهذا الشان. لقد بديا منسجمين مع بعضهما البعض ولم ينفرا من بعضهما على الاقل. فهل يمكن ان تكون ميلاني مريضة؟ اقلقتها هذه الفكرة جدا لدرجة انها رفعت سماعة الهاتف واتصلت بوالدتها. بدا صوت والدتها دافئا: "عزيزتي اتصلت بك مرتين ولكنك لم تكوني موجودة. هل كنت مشغولة؟ هل اتصل اوسكار بك؟" "اتصل بي منذ وقت قصير, لقد امضى وقتا رائعا واحب طهيك. امي هل ميلاني مريضة؟" "يا الهي لا, ما الذي جعلك تعتقدين ذلك؟" "في الحقيقة لم يذكرها اوسكار قط, لم يتجادلا أليس كذلك؟ فرحت كثيرا لانه اعجبها, ولكن تعرفين كيف تتقوقع على نفسها عندما تظن انها لا تعجب احدا." "حبيبتي انها بخير, وانا متاكدة انها استمتعت بعطلة نهاية الاسبوع شاننا جميعا. اظن اوسكار كان لديه الكثير ليخبرك اياه فنسي ان يذكرها." "اه حسنا اذا.كان غباء مني ان اقلق. يمكنني ان آتي الى المنزل بعد يوم الاربعاء, اذ سيكون لدي اجازة لمدة يوم او يومين." "ميغ سيكون ذلك رائعا. تصبحين على خير يا عزيزتي." "تصبحين على خير." اقفلت الخط وعادت الى السرير حيث التجا ميريدث لان الطقس كان قد اصبح باردا. خف ضغط العمل بعد يوم الاحد. ازالت ميغان الاسرة وسط الجناح بعد تسريح الكثير من المرضى, واعطت جيني واحدى الممرضات المتمرنات عطلة يوم الثلاثاء, فقد كان لديها فريق ممرضات يعمل بدوام كامل, وسيدات متزوجات مستعدات للعمل ساعات اضافية في غياب جيني, كما انها ألغت اوقات فراغها عالمة انها ستاخذ يومي اجازة عندما تعود جيني. اخذت عطلتها مساء الجمعة. اتصل بها اوسكار هاتفيا في الجناح, واقترح ان يلتقيا لنصف ساعة بعد الدوام: "في الحقيقة لا يمكنني ترك المستشفى ولكن سامر بمقهى بوت اندفيثر حيث يمكننا ان ناخذ مرطبا." لن يكون حرا الا بعد الساعة السادسة, فعادت الى الشقة حيث استحمت وارتدت تنورة وبلوزة. ثم اطعمت ميريدث وعادت الى المستشفى لتنتظر اوسكار, كانت تكره الذهاب الى الحانات وحدها, ولكن فيما هي تنتظر مجيئه تجولت ميغان في بهو المبنى. كان مكانا كئيبا بسقفه العالي وارضه الرخامية الواسعة, وبعض اللوحات الزيتية الضخمة لرجال مهمين معلقة فوق الجدران. انها صور اطباء موتى, كانت تبدو عليهم الصرامة والحزم والذكااء. حدقت ميغان بصورة احد مدراء المستشفى السابقين, يقف االى جانب طاولة ويضع يده على كتاب, ومقطبا بوجه كل اولئك الذين كانوا امامه. "ربما كان زوجا وابا صالحا." "تبدين غير اكيدة من ذلك اخت رودنر؟" كان الاستاذ قد اقترب منها بهدوء مما جعلها تقفز وتستدير في آن معاحين تكلم: "مساء الخير سيدي, نعم هذا صحيح, اظن انه كان ذو طبع سيء." "هل هكذا تمضين عطلتك؟" "طبعا لا, انني انتظر اوسكار, وليس لديه سوى نصف ساعة." "ستذهبين الى بيتك غدا؟" اجبت ميغان باستغراب: "اجل كيف عرفت؟" اجاب مبتسما: "من السيد برايت, انا ذاهب الى اوكسفورد غدا. هل الثامنة والنصف يناسبك؟ سآتي الى شقتك." رددت ميغان وابقت فمها الجميل مفتوحا: "ايناسبني؟ أتاتي الى الشقة؟" قال الاستاذ بحزم: "ألم اتكلم بوضوح؟ ساوصلك بطريقي." "انه للطف منك فعلا, ولكنني كنت ساذهب بمفردي..." تجاهل ذلك وقال: "سالتك اذا كانت الثامنة والنصف تلائمك." لاحظت انه لن يقبل بلا, ثم ان فكرة الذهاب بالرولس رويس بدت مغرية: "سآخذ ميريدث معي." "اعرف ذلك, اذن؟" "شكرا اود ان تقلني, اذا لم يكن ذلك خارج مسارك. ساكون جاهزة." "حسن ليلة سعيدة اخت رودنر." ذهب كما اتى بهدوء وبعد بضع دقائق وصل اوسكار. بعد التحية الموجزة قالت: "اوسكار." "تردين ان تعرفي عن عطلة نهاية الاسبوع؟ لنذهب الى الحانة لا نستطيع التحدث هنا." ذهبا الى بوت اندفيثر حيث انضما الى اصدقائهما الجالسين الى المقصف: "ماذا سنطلب؟ تونيك مع كثير من الثلج والليمون. هل تريدين شرابا ايضا؟" هزت راسها بالنفي وراقبته وهو يذهب الى النادل, بدا مختلفا, في العادة يكون هادئا بعد يوم عمل طويل, ولكنها الان لم تكن متاكدة كيف هو الان, متحمس؟ سعيد؟ ترى هل افتقدها كثيرا؟ وابتسمت للفكرة وعندما عاد قالت: "حسنا اخبرني الان عن عطلة نهاية الاسبوع." استرسل اوسكار بكثير من التفاصيل المفترض ان ترضيها, ولكنها لسبب ما شعرت ان هناك شيئا ليس على ما يرام, فعلى الرغم من سعادته الواضحة في حديثه, بدا قلقا وكانه يخشى ان يقول شيئا لا تعرفه. كما انه لم يعطها فرصة لطرح الاسئلة, وعندما انتهيا من تناول الشراب قال انه ينبغي عليه ان يعود الى الريجينت. "قلت نصف ساعة. يجب ان اكون مثالا جيدا للموظفين." وقفت بجانبه واقترحت: "يجب ان ناخذ عطلة في اقرب وقت ممكن." "عزيزتي لاا اظن ذلك, فاذا حصلت على يوم عطلة فساذهب الى البيت." "اجل بالطبع, سانتظر بعض الوقت, ساذهب الى البيت غدا, كنت ذاهبة بمفردي..." "لم لا يجب ان اذهب بسرعة الطيران." لثمها على خدها واضاف: "بلغي حبي للجميع." عادت ميغان الى الشقة حيث اعدت لنفسها العشاء ولميريدث, ثم وضبت حقيبتها وسلة القط. وخاطبت ميريدث: "ستذهب برولس رويس, اذن انتبه لتصرفاتك." هلَّ الصباح الربيعي المنعش. استيقظت ميغلن باكرا لتتناول الافطار وارتدت ثيابا جديدة لم ترتديها من قبل. سترة رمادية مع تنورة طويلة موشحة بالرمادي والازرق والاخضر وكانت قد دفعت ثمنا له اكثر مما كانت تنوي, ولكنها تلائمها تماما, على كل حال كما قالت لميريدث, "انه الربيع واذا لم ارتديها الان فلا حاجة لي بها بعد ذلك." ثم رددت لنفسها بصمت: "اذا لم ترتديها الان لن يراها الاستاذ, ولم تعرف لمذا تهتم بذلك, الان. وصل الاستاذ في الثامنة والنصف تماما, لم يضيع وقتا, بل وضع ميريدث في المقعد الخلفي والحقيبة في الصندوق وانطلق وكانه نادم على ما هو بصدده. شعرت بشيء من الحرج والارتباك فقد كان مركزا نظره على الطريق محاولا الخروج من المدينة باسرع وقت ممكن ولم تجد شيئا لتقوله. مرت العشر دقائق الاولى بصمت, اخيرا قالت: "انه صباح لطيف." عندئذ تذكرت انه لا وجود لهذه الكلمة في قاموسه. ولكنها فوجئت عندما قال بصوت ودود: "انه صباح رائع, كم ستمكثين بالبيت؟ هل يمكن ان اناديك ميغان؟" "لدي عطلة نهاية الاسبوع, ارجوك نادني ميغان اذا اردت." "شكرا, ساعود الى الريجينت مساء الاحد, سامر بك بعيد السادسة." "هذا لطف منك, ولكن عليك ان تكمل طريقك..." "انه على بعد عدة اميال. عائلتك تتوقعك هذا الصباح, اظن اننا سنصل ابكر بقليل مما لو اتيت بمفردك." "في الحقيقة الرولز اسرع من سيارتي الصغيرة. انها سريعة جدا وكبيرة جدا ايضا." نظرت بحنان الى وجهه واضافت بجدية: "انت بحاجة لسيارة كبيرة أليس كذلك؟" ضحك عاليا وقال: "بالطبع." كانت فرصة لمعرفة المزيد عنه فسالت: "هل تقودها عندما تذهب الى هولندة؟" لم تكن تنظر اليهلذا لم تر ابتسامته الخفيفة: "اه اجل, انا بحاجة اليها هناك." سالت بجراة: "لعائلتك؟" "لعائلتي؟" منعها شيء في صوته من طرح اي سؤال اخر. لا حاجة لها في ذلك فيمكنها ان تتخيل حياته. متزوج وله زوجة توازيه جمالا واناقة. بالطبع لهما اولا, ربما ثلاثة او اربعة. خسارة انها لا تعرف اين بيته, ولكن يمكنها ان تتخيل ذلك ايضا. "انت صامتة." احمرت خجلا وكأن العالم كله سمع افكارها. قالت بسرعة غير مهتمة بمحتوى حديثها: "لا اجد شيئا ممتعا ومسليا استطيع ان اتحدث عنه, ولا اظنك تريدني ان اثرثر..." "اني مرتاح لانك تفهمينني جيدا." كان قد ترك الطريق العام وسلك طريقا ريفيا من غير ان ينظر الى علامات الارشاد. لا بد انه درس جيدا احدى الخرائط, اذ انه لم يسالها عن الطريق قط. عندما وصلا الطريق الضيقة المؤدية الى القرية ادار سيارته الضخمة من دون اي تردد. "هل اتيت الى هنا من قبل؟" "لا لماذا تسالين؟" "حسنا يبدو انك تعرف الطريق جيدا, انها معقدة قليلا عندما تترك الطريق العام." "لدي خريطة." قاد الرولز عبر القرية بسهولة الى بوابة بيتها ثم خرج ليفتح لها الباب. وقبل ان تقول اي شيء فتحت امها الباب وسارت باتجاههما. "عزيزتي هذا رائع لقد وصلت في وقت مبكر." نظرت الى الاستاذ مبتسمة وفي عينيها نظرة تساؤل, قالت ميغان: "مي اقدم لك الاستاذ فان بلفيلد. بكل لطف عرض علي ان يقلني وهو في طريقه الى اوكسفورد." صافحته االسيدة رودنر: "هذا لطف منك, تفضل وخذ فنجان قهوة." ابتسم لها الاستاذ قائلا: "شكرا سيدة رودنر. ولكن يجب ان اكون في اوكسفورد في وقت قصير. اراك الساعة السادسة يوم الاحد." ذكرها بالموعد فيما كان يناولها الحقيبة وميريدث وعاد الى السيارة. راقباه يذهب ثم قالت السيدة رودنر: "يا له من رجل رائع انه شخم أليس كذلك؟ وليس ثرثارا." "رائع, يا الهي امي الممرضات يهربن منه من على بعد ميل..." "انه لا يسيء لهن؟" "لا لا شيء من هذا القبيل اظن انهن يخشينه, فكما ترين انه لا يتكلم كثيرا, حتى عندما يغضب من شيء, فهو لا يتحمل الاهمال والنسيان." تجولا في البيت وهي تحمل سلة ميريدث ال1ي كان يلهث بتوتر من خلال نافذته الصغيرة. سالت السيدة رودنر: "انت لا تخافينه؟" "يا الهي انا لا. في الحقيقة كنت وقحة معه مرة او مرتين, انه على صواب دائما..." "كم هذا مزعج يا عزيزتي, ولكن الرجال هم كذلك دوما. لنشرب فنجان قهوة. اضطر والدك للذهاب الى التام لكنه سيعود للغداء. عزيزتي انا سعيدة لبقائك حتى مساء الاحد. هل تعتقدين ان الاستاذ سيفضل تناول القهوة ام الشاي عندما ياتي لاصطحابك؟" "قد يتناول شيئا ولكنني لا اعتقد ذلك. فنحن لا نختلط كثيرا." "انه رجل ضخم." "اجل, اين ميلاني؟" "انه دورها في ترتيب الازهار في الكنيسة, ستعود حالا." جلستا وجها لوجه في المطبخ فقالت ميغان: "اوسكار استمتع بعطلة نهاية الاسبوع كثيرا." "انه ينسجم مع المكان كثيرا ثم انه شاب من السهل جدا ارضاؤه. خسارة انك لم تأت.ط نظرت الى ابنتها الجميلة واضافت: "تبدين شاحبة يا عزيزتي, اكنت تعملين كثيرا؟" "اجل ولكن لدي الان يومان كاملان للراحة. افكر بأخذ اجازة لمدة اسبوعين في حزيران, هل ستسافرين مع ابي؟ يمكن ان اذهب معكما؟" "ألا يمكن لاوسكار ان ياخذ اجازة ايضا, ثم الا تعتقدين ان عليكما زيارة اهله؟" "قال لي منالمستحيل ان ياخذ اجازة لعدة اشهر, ربما بسبب عطلة نهاية الاسبوع الغريبة تلك." اخذت قطعة من قالب الكعك الذي كانت قد وضعته امها على الطاولة وقضمتها وتابعت: "على كل حال, لا اظن ان السيدة فيلدنغ ستدعوني الا اذا اضطرت لذلك فهي لا تحبني, وانا لا احبها.اظن انه من الافضل ان نبقى بعيدين عن بعضنا البعض ونلتقي عندما تدعو الحاجة الى ذلك فقط." "عزيزتي لا اظن..." توقفت عن الكلام عندما دخلت ميلاني التي سلمت على ميغان وجلست بقربها: "قالوا في الكنيسة انهمراوك تستقلين سيارة رولز رويس في القرية. هل هذا صحيح؟" "اجل اوصلني استاذ في المختبر كان ذاهبا الى اوكسفورد, فاقلني في طريقه." "هل هو لطيف؟ شاب؟ وسيم؟" "حسنا لا اظن انه سيعجبك, ليس شابا ولست ادري... اظن انه في الاربعين. اجل انه وسيم ومتحفظ." قالت والدتها: "عيناه زرقاوان وعنده لكنة خفيفة لانه هولندي, كما انه اضخم رجل رايته في حياتي." ضحكت الفتاتان وقالت ميغان: "امي لم اعرف انك شديدة الملاحظة هكذا." "يبدو مثيرا للاهتمام. خسارة ان اوسكار لم يات معك." "لا امل في ذلك لوقت طويل, سيفعل ما بوسعه من اجل ان ياخذ اجازة حتى ولو ليوم واحد. وذلك يتوقف على حالة الاجنحة. لقد استمتعت بعطلة نهاية الاسبوع, أليس كذلك؟" "تماما, اصطحبته الى تلك الحدائق قرب وينغ, الدفلى كانت خلابة, وقد تناولنا الغداء في المقهى هناك." اشرق وجه ميلاني الجميل وهي تسرد تفاصيل النزهة. "انت تنسجمين مع اوسكار فهو يعجبك, أليس كذلك؟" "اه اجل ميغ انت لا تمانعين؟" "امانع؟ لا طبعا. كنت سامانع كثيرا لو انكما لم تتفقا منذ اللحظة الاولى, فاوسكار يحظى بالقليل من الوقت ليستمتع بنفسه بعيدا عن العمل." قالت السيدة رودنر: "بما انه لديك شقة الان فسيجد مكانا للذهاب اليه لمدة ساعة." بدت السيدةرودنر مرتاحة, الا انها لم تكن تشعر بذلك الارتياح قط, فقد نظرت بقلق الى ابنتيها الجاهلتين تماما بما يجري لهما, ولكن لا مجال لاخبارهما, سيكتشفان الامر بنفسيهما, ولكنهما ستتاذيان كثيرا بسبب تعلقهما الشديد ببعضهما البعض." وقفت السيدة رودنر وقالت: "ساحضر فطيرة الفطر, هلا قطفت لي احداكما بعضا منه. فهناك الكثير في الحديقة. سيستمتع ميريدث بالذهاب معكما ايضا. جاهلتان بما يجول بخاطرها, خرجت الفتاتان من المطبخ يتبعهما القط ميريدث, قطفتا الفطر وجلستا على عجلة عربة يد قديمة لتاكلا بعضا من الفجل الذي كانتا قطفتاه ايضا. قالت ميلاني: "لقد اخرجوا الاحصنة من مزرعة كوب ويوجد فطر في الحقل السفلي, وقد قال السيد كوب ان باستطاعتي ان اقطف ما اريد." "لا يوجد الكثير منه في هذا الوقت من السنة. ولكن يمكننا الذهاب لالقاء نظرة غدا قبل الافطار. هل سنذهب غدا الى الكنيسة في الصباح؟" "اه اجل, جعلت اوسكار يذهب." ضحكت ميلاني واضافت: "قال انه لم يذهب الى الكنيسة منذ وقت طويل ولكنه ذهب ليرضيني." "هذا حسن, الافضل ان ناخذ الفطر الى امي والا لن نحظى بفطيرة على الغداء." لم تضيع ميغان لحظة من عطلتها. كان الطقس ربيعيا ودافئا وقد امضته في التجول في الحديقة, تشذب وتزرع وتاكل وجبات امها اللذيذة. كان لديها وقت للتفكير ايضا فقد كان سهلا عليها التفكير بوضوح اكثر وهي بعيدة عن المستشفى. اصبحت الشكوك المبهمة التي كانت تقلقها غير مهمة, كما ان التغيير الكبير الذي طرا على تصرفات اوسكار تجهها ليس الا اختلاقا من مخيلتها وهكذا حددت مشاعرها مساء الاحد, فاقنعت نفسها انها تخيلت اشياء لا اساس لها من الصحة بسبب الارهاق. اكدت لميريدث بارتياح: "هذا هراء." وهكذا تناست ان اوسكار لم يتصل بها طوال العطلة. صحيح انه ليس هناك سبب يدعوه لذلك ولكنه عودها على الاتصال بها عندما كانت تاتي لبيتها بمفردها. جهزت ميغان نفسها ووضعت سلة ميريدث في الساعة السادسة, لعلمها ان الاستاذ كان يحب الدقة في المواعيد. كانوا جميعا في غرفة الاستقبال عندما سمعوا بوق السيارة. وقفت السيدة رودنر وقالت: "ساذهب." خرجت من الغرفة لتعود بعد قليل برفقة الاستاذ, من يراه الان يعتقد انه رجل لطيف ومتواضع لا يتفوه الا بألطف الكلمات وارقها, صافح والدها وحياها, ثم سلم على ميلاني بلطف مبتسما برقة, فردت له الابتسامة: "سمعت عنك الكثير من ميغان, لا بد انك فرحة لوجودها في البيت حتى ولو لوقت قصير, خاصة وان الطقس كان رائعا." اندهشت ميغان لان اختها الخجولة جاوبته بانطلاق: "اتمنى لو تقيم في البت دائما. ذهبنا لقطف الفطر قبل الافطار." "الصباح اجمل فترات اليوم, نتمنى ان يكون الطقس جميلا عندماا تاتي ميغان ثانية." بعد خمس دقائق من التحدث مع والدها ووالدتها سالها اذا كانت جاهزة. حمل سلة ميريدث واتجها الى السيارة. فتح لها باب السيارة ممعنا النظر اليها الا انه لم يكلمها. فكرت ميغان التي لم تلحظ نظرته انه لم يكن هناك داع لارتداء ثوبها الجديد ثانية, شعرت بالذنب لاهتمامها بافكار الاستاذ وهي الفتاة المخطوبة, فاحمرت خجلالدرجة ان رفيقها نظر اليها بااعجاب قبل ان يدير السيارة ويلوح لاهلها مودعا. لوحت ميغان ايضا وفي نفسها مشاعر مختلفة. اسفها لترك البيت ثانية, ومستمتعة برفقة الاستاذ وتوق مفاجئ لرؤية اوسكار. دخلت ميلاني المنزل وبقي السيد والسيدة رودنر في الحديقة, قالت السيدة رودنر برضى شديد: "انه يحبها." "صحيح؟ وهل اخبرك بذلك؟" "طبعا لا لن يخبر احدا, خاصة ميغ, قبل ان يصبح جاهزا." "وكيف تعرفين ذلك عزيزتي؟" "حتى انه لم ينظر اليها عندما دخل, اوما براسه فقط, ولكن ألم تلاحظ كيف حدق فيها عندما استقلت السيارة؟" "في الحقيقة يا عزيزتي لا لم الاحظ ذلك. ولنفترض ان ذلك صحيح, فماذا عن اوسكار؟" "اغرم بميلاني من النظرة الاولى, وهي ايضا. ميغ لا تعرف ذلك بعد, ولكنها تشعر ان هناك شيئا ليس على ما يرام, لقد اخبرتك..." "اجل عزيزتي, وقد اقترحت ان تصبري." "حسنا انني صابرة, ولكنني لا اريد ان تتاذى ميغ. لا اظن انها مغرمة باوسكار بعمق, ولكن مهما يكن الامر ستشعر بالمهانة." قال السيد رودنر فيما كانا يدخلان البيت: "ميلاني ايضا ستشعر بالاسى, لنشرب فنجان قهوة وننسى هذا الامر. على كل حال انه مجرد افتراض." "اعجبك الاستاذ...؟" "اجل." لم يتكلم الاستاذ كثيرا في طريق العودة الى لندن فبحثت ميغان في فكرها عن موضوع تتحدث فيه, ولكنها التزمت الصمت شاكرة ربها لان الاستاذ بدا مرتاحا ولا يحتاج لحديث, لم يتفوه بكلمة حتى اقتربا من الشقةحين قال: "ألديك كل ما تحتاجين؟ أتسمحين لي بالدخول للتاكد من ان كل شيء على ما يرام؟" "شكراولكن لا داعي..." ساعدها على الخروج من السيارة وجلب سلة القطوحقيبتها, ثم اخذ منها مفتاح الشقة وفتح الباب واضاء الغرفة. بدا المكان باردا ومعتما فاشعل المدفاة واقفل الباب خلفها, ثم اخرج ميريدث من السلة وذهب ليتاكد من الباب الخلفي ونافذة المطبخ. سالت ميغان متوقعة ان يرفض: "أتفضل القهوة ام الشاي؟" "شاي من فضلك." خلعت ميغان السترة وبحثت عن الكعك الذي اعدته والدتها, ثم اعدت الفناجين والصحون, وسخنت ابريق الشاي. بدا المكان مريحا الان بمصابيحه التي اضفت نورا لطيفا, والمدفاة القديمة الطرازالتي اعطت حرارة مريحة: "ارجوك اجلس, امي تعطيني دائما كعكا عند عودتي, اتريد بعضا منه؟" بعد ان شربا الشاي واكلا الكعك وقف الاستاذ استعدادا للذهاب, لم يتحدثا عن شيء مهم ولكنه قال الان: "اختك فتاة جميلة جدا ولكنها خجولة, أليس كذلك؟" "اجل لاحظت ذلك, لا ليست خجولة مع الجمسع, لقد اعجبتها." ابتسم قائلا: "بخلاف الممرضات في الريجينت هي لا تخافني." "اه هذه اسطورة سخيفة عنك, انت دائما موجود في الطابق العلوي, ثم انت ضخم جدا, لذلك يرتبكن قليلا عندما تنزل الى الاجنحة." "لانني ضخم؟" "جزئيا, ولكن لانك تبدو ايضا هادئا حتى عندما تكون منزعجا من امر ما." "يجب ان انتبه لتصرفاتي. ارجوك لا تشكريني على التوصيلة فانا الذي يجب ان اشكرك, فرفقتك كانت ممتعة, تصبحين على خير ميغان." وفوجئت عندما قبلها بلطف. وقفت صامتة ترقب الباب المنغلق خلفه وتصغي لصوت السيارة المبتعدة بهدوء. "اذن اذن." اخذت ميريدث ووضعته في حضنها. استمتعت بالقبلة فلا داعي لانكار ذلك, ولكن بما انها لم تفعل شيئا لتشجعه, اقنعت نفسها بانه ل داعي لتشعر بالخجل, الا انها شعرت بالخجل فعلا, لذلك رفعت سماعة الهاتف وطلبت رقم اوسكار بالمستشفى. اجاب في الحال: "لقد عدت, هل استمتعت بعطلتك؟ هل الجميع بخير؟" "الجميع بخير. هل كنت مشغولا؟ ألا يمكنك ان تاخذ عطلة هذا الاسبوع؟ حتى ولو لنصف يوم؟" "لقد تدبرت يوم الاربعاء, ساذهب الى بيتي, ولكن ساحاول ان احصل على ساعة اة ساعتين في مساء ما. القسم مشغول جدا الان وهم يطلبونني." "لن اشغلك, اعلمني عندما تصبح حرا وساحاول ان اعدل دوامي, تصبح على خير يا عزيزي." اقفلت الخط وهي تفكر في الاحتمالات, اذا تمكنا من الخروج معا, وربما عشاء في الخارج؟ او تطهو العشاء لهما في الشقة؟ حضرت كل شيء للصباح, واستلقت في الظلام منزعجة من شيء ما, الا انها لا تدري ما هو. قالت لميريدث: "انه ليس بالشيء الكثير, والا كنت عرفت اليس كذلك؟" كان الجناح هادئا نسبيا عندما ذهبت في الصباح. ثلاث حالات بحاجة الى عملية, ولكن في المقابل سُرّح عدد كبير من المرضى. راجعت التقارير مع جيني ثم قامت بجولتها الصباحي, وعادت الى مكتبها لتتفحص بعض الاوراق. اعطت نفسها فرصة بعد الظهر, حتى تتمكن جيني من العمل مساء قبل عطلتها. وبما ان حالات الجراحة قد دخلت غرفة العمليات, عادت في الساعة الواحدة الى شقتها بعد تناول الغداء في الكافيتريا. قالت لصديقتها التي سالتها انها امضت عطلة رائعة, ولكنها لم تخبرها ان الاستاذ اوصلها, اذ يمكنها ان تتخيل كيف سيثرثر الاصدقاء ويتضخم الخبر في المستشفى, فينكسر قلب اوسكار. نظفت الشقة جيدا وذهبت لتتسوق, تقع المتاجر التي تبيع كل شيء تقريبافي اخر الشارع. تسوقت وعادت الى البيت لتعد كوب شاي وتطعم ميريدث, ثم تعد كل شيء للعشاء عندما تعود في المساء. كان الجناح لا يال هادئا, كتبت تقريرها وتفحصت حالات العمليات ثم وزعت الدواء واعطت التقرير لاحدى الممرضات المناوبات ليلا, قبل ان تذهب الى الشقة. كان يوما لطيفا. ترى هل كان يوم الاستاذ لطيفا ايضا؟ ولكن لا يوافق هو بالطبع على هذه الكلمة. ******** لحسن الحظ بدات المناوبة بهدوء. فجيني لن تعود قبل اليوم التالي. عادت ميغان في المساءراضية من ان كل شيء جرى كما كان متوقعا, طهت العشاء ونظفت مريديث ثم جلست تقرا حين رن جرس الهاتف. قالت ميلاني: "ميغ هذا انا, خمني من اتى اليوم. لا لن تخمني, اوسكار قال انه كان ينوي الذهاب الى بيته لكنه قرر في اللحظة الاخيرة ان يمضي يومه في الريف, فاتي الى هن, امضينا يوما رائعا." قالت ميغان بصعوبة: "ميلي كم هذا جميل... هل تمشيتما؟" "اجل اميالا واميالا. رحل منذ ساعة تقريبا, هل اخبرك انه قادم؟" "لا يا حبيبتي, ولكنني كنت منذ الثامنة صباحا اعمل. لذلك لم يكن هناك من مجال. اعرف انه لم يكن متحمسا للذهاب الى بيته. اكيد سيتصل بي حالما يصل." "قال انه سيصطحبني يوما لارى شقتك, ميغ هل استطيع زيارتك؟ احب ان اراها عندما تكونين حرة." "طبعا يمكنك ان تاتي, ساحدد لك اياما لتختاري منها, هل تريدين النوم؟ يمكنني تدبير مكان لك..." "قال اوسكار انه سيعيدني." عندما لم تجب ميغان قالت: "ميغ ما زلت على الخط؟ لا بد انك متعبة. تصبحين على خير حبيبتي." وضعت ميغان سماعة الهاتف وقالت لميريدث: "كم هو سخيف حين لا الاحظ ذلك. انهما مناسبان لبعضهما البعض. أليس كذلك؟" سالت دمعة على خدها فمسحتها بغضب: "ربما احبني قليلا ولكن لا اعتقد انه كان مغرما. كم كنت سخيفة." سالت دمعة ثانية الا انها لم تمسحها بل حملت ميريدث وبكت فوقه. نهاية الفصل الثالث التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 21-02-17 الساعة 03:19 AM | |||||||||
05-02-17, 11:48 PM | #5 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الفصل الرابع بخلاف بطلات الروايات الرومانسية, لم تبقق ميغان مستيقظة طوال الليل, بل استغرقت في النوم لتعبها بعد عناء يوم طويل. استفاقت صباح اليوم التالي بافكار مشوشة, ولكنها حاولت ان تحافظ على هدوء اعصابها لتفكر بحل معقول لهذه المعضلة. قالت لميريدث وهي تحضر افطاره وتاكل قطعة توست: "من الافضل ان اقابل اوسكار باسرع وقت ممكن على الرغم من انني لا ارغب بذلك, يجب ان اكون هادئة ومتعقلة." القت نظرة على وجهها بالمآة تبدو مرعبة, اذا سالها احد ستقول انها تعاني من برد. ربما بعض التبرج سيساعد قليلا ولكن لا وقت لذلك. لحسن الحظ كان الجناح طوال الليل مشغولا لذلك سيكون التقرير اليومي اطول من المعتاد, هذا بالاضافة الى حالة في غرفة العمليات وحادث سيارة قادم من قسم الحوادث. لم يتسن لاحد والحمد لله لكي ينظر اليها, عملت طوال اليوم بنشاطها المعتاد راضية عن مظهرها العادي. ولكن ربما هذا غير صحيح. ففي فترة العشاء حدق اليها الاصدقاء وسالوها: "ما الخطب؟" قال احدهم: "ميغ تبدين وكأن احدهم ضربك علىراسك." "لا ابدا اظن انني مصابة ببرد." عادت الى الجناح مرتاحة لعدم معرفة احد بان قلبها قد انفطر. بدد الاستاذ هذا الارتياح حين سالها: "ماذا جرى لك؟" "لا شيء سيدي, مجرد برد..." "هذا هراء." "كان هذا لا يحتمل, رجفت شفتها مصارعة دموعها: "هذا ليس هراء." وقف محدقا بها: "هل انت حرة هذا المساء؟ سنتناول العشاء معا وتخبرني عن الامر." "يجب ان ارى اوسكار, لكن شكرا على الدعوة." "لا داعي لتقابلي اوسكار في مثل هذه الحالة, سنتناول العشاء معا وتخبرينني عن هذه الكارثة التي جعلت منك امراة متعبة, غير قادرة على ادارة جناحها." قالت بعصبية: "طبعا انا قادرة على ادارة جناحي, وليس من شان كان تتدخل بحياتي." "لا لا انت مخطئة, انا اعرض خدماتي مثل كاهن تعترفين له, كصديق تحتاجين اليه, او اذا اردت كغريب متجرد من اي مصلحة." بينما كانت تفكر بشيء تقوله قال بسرعة: "حسنا لا وقت لدي للثرثرة, سامر بك في السابعة النصف مساء." لم تستعد قدرتها على التعبير الا بعد ان اصبح على بعد خطوات. كانت ممرضة ممتازة لادارة الجناح, وكانت في ذلك اليوم اكثر من ممتازة, ليس لديه اي فكرة عما يقوله. تاخرت ميغان في العمل نصف ساعة, لم تكن راغبة في ان تتصل باوسكار كثيرا. بالطبع لو التقت به لكانت طلبت منه ان يتحدثا, ولكن لم يبدُ له اي اثر. عادت الى الشقة حيث اعدت لنفسها كوبا من الشاي, ثم اطعمت ميريدث وبحثت في خزانتها عن شيء ترتديه. فعلت كل شيء من غير تفكير, اذ انها كانت منشغلة الباب باوسكار, تتمنى لو انه يتصل بها. ارتدت تنورة خضراء من التافتا مع بلوزةبيضاء بكمين طويلين, لتناسب اي مكان قد ياخذها الاستاذ اليه. ارتدت معطفا صوفيا بذيل اخضر يتناسب مع التنورة, ثم اختارت حذاء اسود مع جزدان ملائم. ورفعت سماعة الهاتف شاردة الفكر لتتصل باوسكار. كانت تطلبه على الهاتف عندما انفتح الباب. فاعادت السماعة الى مكانها. دخل الاستاذ صامتا ولاحظ ان سماعة الهاتف لم تكن في مكانها فقال برقة: "في الوقت المناسب أليس كذلك؟ حسنا اتصلي به اذا اردت... هناك الكثير من الوقت, يمكنني ان الغي الحجز." "لا لا تفعل ذلك." لاحظت فجاة انها جائعة وتعسة. "انا جاهزة." حمل ميريدث وقال: "يبدو في حالة ممتازة انه يدين لك بذلك." وضع القط جانبا وفتح الباب لتمر ميغان امامه. كان شارعا هادئا لذلك فان وجودسيارة رولز رويس يعتبر حدثا يستحق المناقشة بين الجيران في الصباح. دخلت السيارة فاقفل الباب وجلس بجانبها. "هل جيرانك ودودون؟" "في الحقيقة ليس بيننا الا تحيات الصباح والمساء. ان الفضول يعتريهم عندما اخرج..." "هذا طبيعي, كان بامكانك ان تلوحي لهم." ضحكت وقالت: "لن يحبوا ذلك, فهم يعتقدون اني لا اراهم وهم يتسرقون النظر." تكلما قليلا عن الطقس واخبار المستشفى الغريبة, عندما وصلا شارع شارلوت لم تعد تشعر بذلك الخجل عندما اقلها. كان مطعما فرنسيا مشهورا. جلسا الى طاولة منعزلة في زاوية حميمة من الغرفة. ارتاحت ميغان لارتدائها شيئا يليق بهذا المكان المترف, اما الاستاذ فجلس من غير ان ينظر حوله بكثير من الراحة والاناقة بالبزة الرمادية الداكنة وربطة العنق الحريرية. لاحظت ميغان انه يعرف المكان جيدا. تفحصت لائحة الطعام فقد كانت جائعة, حتى الفتيات التعيسات عليهن ان ياكلن. اختارت سلطة القريدس مع شرائح لحم الخروف بالاضافة الى صلصة مديرا وبطاطا مهروسة. اما الاستاذ فاختار قريدس مع توريندو مطبوخا بالخل الاحمر. وطلب شرابا قبل ان يبدا بحديث لا حاجة لان تشارك به كثيرا, تناولت عشاءها بشهية وشربت كاسين من الشراب. عندما احضرت القهوة قال: "الان ما الامر؟" "الا تخاف من اني قد انفجر بالبكاء؟ غريب ما قد يفعل كاسان من الشراب بكبرياءالانسان." "لا, والا لما كنت اصطحبتك الى هنا." "انه اوسكار, انه مغرم بميلاني, وانا متاكدة انها مغرمة به, ولكنها لا تعرف ذلك بعد. اخبرني البارحة انه ذاهب لزيارة اهله ولكنه امضى اليوم في بيتي ولم يخبرني. لم اره منذ رجوعه ولماتصل به ايضا. لا اعرف بماذا اشعر, ميلاني رقيقة جدا وانا اريدها ان تكون سعيدة." سكبت مزيدا من القهوة واضافت: "ظننت انه مغرم بي.صحيح انه ليس من النوع الذي يظهر ذلك, ولكن مهما يكن من امر... توقعت ان نكون سعيدين معا, انا متاكدة انه يحبني ولكنه امر مختلف عن الغرام أليس كذلك؟" "وانت ميغان, ههل انت مغرمة به؟" احمرت خجلا وقالت: "كنت اعتقد ان مشاعرنا تجاه بعضنا كافية, لا اؤمن بوجود الحب العاصف بالواقع, ربما في حالات نادرة كاوسكار وميلاني مثلا, اعني عندما لا تستطيع ان تمنع نفسك حتى ولو كان ذلك يسيء للاخرين." صمتت هنيهة ثم اضافت: "اشعر وكاني امام طريق مسدود, لا اعرف ماذا افعل." "يدهشني فعلا ان ارى فتاة ذكية مثلك تسمح لعواطفها ان تتحكم بها..." "في الحقيقة..." "لا داعي للشرح, اعذريني انا نادرا ما اسدي النصائح, ولكن اذا سمحت ل ان اقترح ان تذهبي الى البيت وتتحدثي مع شقيقتك. صحيح ان هذا صعب وولكن يمكن ان يوضح الكثير من الامور." "ولكن ليس لدي عطلة حتى نهاية الاسبوع بعد المقبل." "هذا افضل. بذلك يكون لديك الكثير من الوقت لتهدئي وتناقشي الموضوع بمنطق اكثر." "واوسكار؟ فانا غالبا ما اراه." "انا متاكد انه باستطاعتك ان تختلقي اعذارا لعدم رؤيته, على الرغم من انه من الحكمة ان تشاهيه لتقيمي الموقف." "اين تعلمت ان تتكلم الانجليزية بهذه الطريقة الممتازة؟" شعرت ميغان بالحرج لتسرعها في طرح هذا السؤال, واحمرت خجلا, ولكنه ابتسم قليلا. "كان لدينا مربية انجليزية, لا تزال موجودة ثم اني امضيت عدة سنوات في كامبريدج." "اه هذا السبب اذن. لم اقصد ان اكون فضولية, شكرا للطفك لم اكن انوي ان اخبر احدا... ساعمل بنصيحتك وشكرا على هذه النصيحة, هل ابدو شاحبة؟" اجابها بجدية وفي عينيه وميض: "لقد قصدت من المجيء بك الى هذا المكان الشاعري ان امنعك من البكاء في الممشى الماهول بكل العاملين في المستشفى." "اه حسنا هذا لطف منك." "تعلمت منذ زمن كيف احيط من هم على وشك البكاء." ترى هل زوجتهتبكي كثيرا, ام انه يقصد بناته؟ كم تتمنى ان تعرف, وقد اظهر بطريقته الخاصة ايضا كيف يحبط همة من يلقي عليه اسئلة غير مرغوب فيها. استقلا السيارة وعندما وصلا الى البيت لم تدعه للدخول, ولكنه خرج معها ثم فتح الباب واضاء الغرفة كما فعل سابقا. وألقى كالعادة نظرة على المطبخ والنافذة وسمع بنفاذ صبر كلمات الشكر ثم تمنى لها ليلة سعيدة وذهب: "لم يكن في اي حال يريد الدخول." خطابت ميريدث. لم تر اوسكار الا بعد عدة ايام, ولم تعرف فيما اذا كانت سعيدة لرؤيته ام لا. التقت به وهي في طريقها الى قسم الاشعة, فتصرفت بشكل طبيعي على الرغم من ان ذلك تطلب منها جهدا. كان واضحا انه يعاني من شعور بالذنب. كم سيكون لطيفا ومريحا ان تخبر الاستاذ كيف تملصت منه, الذي لم يظهر له اثر الا في مساء اليوم الذي سبق ذهابها الى البيت, فيما كانت ذاهبة مع اوسكار الى الحانة مع اوسكار. مر بهما فيما كان في طريقه الى باحة المستشفى, رفع يده ليحييها. أتخيلت ميغان انه يبتسم. كان الاستاذ بالطبع مصيبا, فقبل ن تذهب الى بيتها كانت قد هدات كفاية واصبح بامكانها معالجة مشكلتها مع اوسكار من غير ان تبكي لمجرد ذكر الموضوع. اخرجت ميريدث وحقيبتها من السيارة ودخلت البيت حيث التقت بوالدتها خارجة من المطبخ: "مرحبا حبيبتي, كم هو لطيف ان نراك ثانية, ذهبت ميلاني الى مزرعة كوب, لكنها ستعود في الحال." حضنت ميغان امها: "لا باس امي, اعرف قصتها مع اوسكار ولا حاجة للقلق, اريد التحدث اليها اولا قبل الاقدام على اي خطوة." "حبيبتي لقد لاحظت انا ووالدك الامر, وتمنينا ان تلاحظيه ايضا. ثم مجيئه لوحده وخروجهما مع بعضهما. ميلاني تشعر بتعاسة..." "اه المسكينة, لا حاجة لذلك, اريد التاكد من حبهما لبعضهما, فما رايك؟" "تقابلا ووقعا في الحب حبيبتي, انه افتتان لا يستطيعان شيئا حياله. هل تشعرين اتجاه اوسكار على هذا النحو؟ احساس يصيبك مثل الصاعقة, تعرفين بعده انك لن تتكوني سعيدة مع سواه." كانت ميغان قد لحقت بامها الى المطبخ واطلقت ميريدث ثم سكبت القهوة. قالت ميغان وهي تجلس في مواجهة والدتها: "لا يا امر لم اشعر هكذا. كنت سعيدة وراضية فقط بوجودي مع اوسكار. كنت اعتقد ان الحياة ستكون جميلة لانه رجل حلو المعشر." "يا طفلتي العزيزة, الحب لا يهتم بالطبيعة او المعشر. يمكن ان تغرم المراة برجل غير صبور ذي طباع سيئة يرمي المناشف على ارض مطبخها وينسى عيد ميلادها, ولكنه يعبدها." ? لدهشتها وجدت ميغان نفسها تتساءل اذا كان الاستاذ يرمي المناشف على ارض الحمام: "يجب ا نابين لميلاني ان قلبي ليس منفطرا, لقد تاثر قليلا ولكنني اعرف انني ساتعافى. كانت صدمة ولكنني تعودت على الفكرة. كلما اسرعنا في الغاء خطوبتنا وفي زواجه من ميلاني يكون افضل." "هل يعرف احد؟ اعني في المستشفى؟" انزعجت ميغان من نفسها لاحمرارها خجلا: "الاستاذ فان بلفيلد يعرف. لقد التقاني في احد ممرات المستشفى ةاستقصى ذلك مني." حدقت السيدة رودنر بها بحنان وقالت: "اظن انه اسدى لك نصيحة جيدة." "حسنا اجل لقد فعل. قال لي بان افعل ما افعله الان, وهو التاكد من ان ميلاني تحب اوسكار." "يا له من رجل حكيم ومتفهم جدا, اظن انه متزوج وله اولاد..." "انه لا يتحدث عن نفسه ابدا, ولكنني اظن انه متزوج." "هو ليس بشاب على اي حال." استطردت ميغان وقالت بحدة: "ليس عجوزا ايضا, في الاربعين على ابعد احتمال." نظرت اليها والدتها بشك وهي تعرف ان ابنتها الجميلة لا تخبرها كل شيء. فهي لا تزال تعتقد ان الاستاذ مهتم بميغان, ولكن بالطبع هناك خطر من ان يكون كاولئك الرجال الذين يعملون لاسابيع طويلة بعيدا عن بيتهم فيقعون في حب اي فتاة جميلة يقابلونها. قد يكون ارمل. ربما كانت مخطئة, لا بد انه اسدى نصيحة الى زميلة محتاجة لها. لكنه لم ينظر اليها كزميل, بل كعاشق. كانت السيدة رودنر متاكدة من ذلك, ولكن لم يكن عند ميغان ادنى فكرة. نظرت الى الساعة وقالت: "لا يزال الوقت مبكرا, أتريدين ان تتحدثي مع ميلاني في الحال؟ فاذا اردت ذلك يمكنك ان تذهبي لتقابليها, فالمشي معا يجعل الكلام اسهل من الجلوس في غرفة مواجهتين بعضكما البعض." على الرغم من كلمات ميغان الشجاعة, كانت السيدة رودنر قلقة لرؤية ابنتها شاحبة مرهقة. انتعلت ميغان حذاء قديما وتاكدت من ان القط في المطبخ ينام بسلام, وذهبت تبحث عن اختها. كانت والدتها تضع طعام الغداء على الطاولة عندما عادتا الى البيت متأبطتين ذراعي بعضهما البعض. بدت ميغان مشرقة بعينين باردتين ووجه يكاد ان يتحطم في اية لحظة. اما ميلاني فقد بكت كثيرا الا ان البكاء لم يفسد وجهها الصغير الجميل. كان السيد رودنر قد عاد لتناول الغداء. اخبرته زوجته بما حدث, ولكنه لم يعلق بل حياا ميغان بحنانه المعهود, وكالعادة سالها عن العمل: "انا سعيد لوجودك معنا. الحديقة بحاجة لعمل كثير. كنت امل ان ازرع الحمص واثبت شتلات البازيلاء. الارض جاهزة للزراعة." هذا بالضبط ما كانت تحتاجه ميغان.لقد تحدثت مع ميلاني, وهي تعرف الان بكل تاكيد ان ميلاني تحب اوسكار وهو يحبها ايضا, ولكنهما يشعران بالذنب في الوقت نفسه, الا انها حاولت ان تقنع ميلاني بانه لا داعي للشعور بالذنب. قالت لاختها الباكية: "هذه الامور تحدث يا حبيبتي, فكري كم سيكون فظيعا لو انكما اكتشفتما كم تحبان بعضكما البعض بعد ان نتزوج انا واوسكار. لم اصب باي اذى ولم يتحطم قلبي. أتعرفين لا اعتقد اني احببت اوسكار بالطريقة التي تحبان بعضكما بعضا. لا تهتمي سانسى ذلك بسرعة." قطعت وعدا لنفسها بألا تقول شيئا عن اوسكار قبل ان تقابله على الاقل وتحكم بنفسها. وستمضي الوقت الحاضر عطلتها في حرث الحديقة, مما سيساعدها على قضاء هذه الايام المربكة والعصيبة. كانت تقنع نفسها بعد يوم طويل من الحرث والزرع بالنوم. كان مرهقا فعلا ان تتصنع السعادة في الوقت الذي كانت تتمنى فيه ان تصرخ باعلى صوتها. حاول والداها تبسيط الوضع باكبر قدر ممكن. سمعاها بهدوء وهي تخبرهما عن الوضع, ربما انها كانت تفعل الصواب, لم يسدياها اية نصيحة او حتى حاولا غمرها بحنان زائد. قال لها والدها: "انه وضع محرج, ولكننا سنتخطاه هذه الامور تحدث, وانا مرتاح لان ذلك حدث قبل ان تتزوجي من اوسكار او حتى ان تتكلما بجدية في الامر." هذا صحيح فهما لم يناقشا موضوع الزواج قط. اكتفيا بطوبة بسيطة مع ذكر مبهم جدا لفكرة الزواج. لم يكونا مستعجلين, فمستقبل اوسكار هو المهم. على كل حال, كانت امه ستاخذ وقتا طويلا قبل ان تتعرف عليها وتحبها. وهكذا امضت عطلتها تذكر نفسها عدة ايام في اليوم بهذه الحقائق مما خفف من آلامها, الا انه لم يطرد خشيتها من المستقبل الفارغ والمجهول. تمرنت وهي في طريق عودتها مساء الاحد على ما كانت ستقوله لاوسكار, فستكون هادئة ومتعقلة ولن تدعه يلاحظ شعورها بالمهانة. بعد ان تفعل ذلك ستضطر لان تخبر اصدقاءها بالريجينت ولكن لن يكون سهلا, صحيح انها كانت محبوبة من الجميع في المستشفى, ولكن مهما يكن من امر سيثرثرون كثيرا. الحمد لله لن يدوم ذلك طويلا, لذلك عليها ان تتحمل حتى تطرأ اخبار جديدة في المستشفى. قررت ميغان بعد تفكير طويل الا تنتظر حتى يتصل اوسكار بها, ولكن قبل ان تتصل هي به, اعطاها البواب رسالة من اوسكار يعلمها فيها انه سيكون حرا بعد السادسة مساء يوم الثلاثاء ليتقابلا حول شراب. بدا يوم الثلاثاء ابديا, ليس لتشوقها لميعاد الليلة, بل لانه كان مليئا ببعض النكبات الصغيرة, فقد ألغى قسم الاشعة احدى نتائجه, وجرحت احدى الممرضات المتمرنات يدها بكاس مكسور... بعد ان انهت عملها تمنت اخيرا لو دام هذا اليوم السيء الى الابد, فقد نسيت ميغان كل ما كانت قد استعدت له من كلام, وخشيت ان تنفجر بالبكاء حين ترى اوسكار. ولسوء الحظ التفت الاستاذ وهي تغادر المستشفى, كان داخلا فامسك الباب واقفا في طريقها. "هل انت حرة هذا المساء؟ وهل انت ذاهبة لمقابة الدكتور فيلدينغ؟ رائع..." ابتسم لها بعذوبة لدرجة انها رغبت في الارتماء على صدره والبكاء بحرارة, قال بصوته الهادئ: "اهدئي الان, لن يكون الامر سيئا كما تتصورين. ستخبرينني كل شيء لاحقا." نظرت اليه باندهاش قائلة: "كيف عرفت؟" "لدي معلومات عن جدول الطاقم." ربت على كتفها واضاف: "اذهبي وانهي الامر." بدا وكانه يتكلم مع فتاة صغيرة, بدلا من امراة رائعة البنية في الثامنة والعشرين من عمرها. شعرت ميغان بارتياح شديد, فهو لم ينتقدها او ينتقد اوسكار, بل خلاف ذلك, كانت تعليقاته غير شخصية ومريحة دائما. اعدت لنفسها كوبا من الشاي واطعمت ميريدث ثم امضت وقتا في اختيار ما سترتديه, فقد شعرت انه من المهم ان ترتدي شيئا مناسبا لهذه الليلة. قررت ان ترتدي تنورة صوف سوداء مع قميص وكنزرة وردية اللون لتخفف من حدة سواد التنورة. وبما انها كانت ليلة كئيبة اختارت سترة سوداء. تمنت لو ترتدي شيئا صيفيا جميلا, ولكن تغير الطقس منعها. على كل حال, كانت الثياب التي ارتدتها جميلة. كان اوسكار بانتظارها عند بوابة المستشفى, اخذها بيدها وسارا الى المقهى معتذرا لانه لن يبقى سوى نصف ساعة, جلسا في صالون المقهى حيث سالها: "ماذا تشريبن؟" "تونيك لو سمحت." ابتسمت له فيما كانت تدرس وجهه. يا له من وجه لطيق ستفتقده, على الرغم من انها ستضطر لرؤيته كثيرا في المستقبل داخل المستشفى وخارجه. بدا قلقا لا شك انه كذلك فعلا. "اذا لم يكن لديك صوى نصف ساعة فقط اريد ان اقول شيئا بسرعة, لذا ارجول الا تقاطعني... انا اعرف موضوعك مع ميلاني... لا اوسكار طلبت منك الا تقاطعني. ذهبت الى البيت وتكلمت معها في الامر وكل شيء على ما يرام الان. اظن انك احببتني ولكن ليس كفاية. انت تحبها فعلا أليس كذلك؟" احتست شرابها وتمنت لو انها طلبت شيئا اخر. خلعت الخاتم من اصبعها ووضعته امامه على الطاولة: "سيسعدني جدا ان تكون صهري. ارجوك لا داعي لان تشعر بالذنب, قد يحدث هذا لاي انسان." "انت يا ميغان لا تمانعين. ألم تحبيني بدا؟ اردت ان اخبرك ولكني لم اشأ ان اكدرك... اعتقدت ان قلبك سيتحطم." شعرت ميغان بنفاذذ صبرها: "طبعا انا امانع, وبالتاكيد احببتك ولكن كما اعتقد ليس كفاية, اما بالنسبة للقلب المحطم, فقلبي مخدوش قليلا." "اه ميغ, انا اسف جدا. كان يجب ان اخبرك منذ اللحظة الاولى التي رايت فيها ميلاني وعرفت اني وقعت بحبها. انها جميلة جدا ورقيقة. ننوي ان نتزوج قريبا. ساجد عملا بالريف..." انه يحب ميلاني فعلا, فقد تخلى عن مشاريعه المستقبلية بلا تردد,سيفعل ما كانت تريده ان يفعل بالضبط ولكن ليس من اجلها بل من اجل شقيقتها. وفجاة لم تعد تحتمل. وقفت بسرعة وهي ترسم ابتسامة على شفتيها وقالت: "يجب ان اذهب فلدي موعد ساراك بالجوار. ارجوك اتصل بميلاني باسرع وقت ممكن فهي قلقة جدا." خرجت مسرعة من المقهى واتجهت الى شقتها حيث رات الرولز واقفة في الخخارج. كان الاستاذ يتكلم مع مجموعة من الصبية ولكنه تركهم عندما رآها واخذ منها الامفتاح ليفتح لها الباب. لم تنظر اليه فقد كانت تقاوم دموعها. قالت بصوت مخنوق: "لا تتجرا وتدخل الغرفة." دخلت الغرفة ورمت بنفسها على الكرسي. قال الاستاذ برباطة جأش: "ما تحتاجينه هو كوب شاي ساخن. فقد اكتشفت ان التاس في هذا البلد يتعافون بسرعة عندما يشربون شايا قويا مغليا محلى بالسكر والحليب." وضع ابريق الشاي على النار واحضر الفنجانين فيما كان يصفر: "طبعا هذا اجراء مؤقت فبعد ان تشربي الشايوتبكي جيدا, ستغسلين وجهك وترتبيننفسك ثم نذهب الى مكان ما نتناول فيه الطعام ونشرب." "شراب؟ ولكنه للاحتفال, اه ارجوك ان تذهب." لم يعر كلامها اي اهتمام, بل قدم لها منديلا كبيرا واحضر ابريق الشاي ووضعه على الطاولة بقرب كرسيها, سكب لها الشاي وقال: "اشربيه ساخنا وتوقفي عن البكاء, على الاقل كي تشربيه." قالت باكية: "لا اريد شايا..." "لا لا هذه ليست طريقة للكلام, هل صرخت بوجه الشاب فيلدينغ؟" "بالتاكيد لم افعل. اظن ان بامكاني البقاء وحيدة ان اردت ذلك." اخذ منها المنديل ومسح دموعها: "اشربي الشاي, لا حاجة لمزيد من البكاء فقد انتهى الامر." عندما شربت الشاي مطيعة اوامره اضاف: " الان انت فتاة عاقلة. هل فكرت بالامر؟ كان هناك حتى هذا المساء ثلاثة اشخاص تعساء, اما الان فيوجد واحد فقط." شربت الشاي واضافت برقة: "انت لطيف جدا, انا اسفة لاني مزعجة وفظة." "لا تهتمي انهي الشاي ثم اغسلي وجهك لنخرج, فانا جائع." "لا اقدر ابدو مخيفة." "مخيفة وجميلة جدا. ضربة مشط في شعرك كع مسحة من البودرة على وجهك وستبدين اجمل بكثير." ذهبت الى المطبخ ونظرت الى المرآة, انها تبدوبحالة مزرية بالاضافة الى ان هناك شيئا ما يقلقها. "انه للطف منك ان تدعوني للخروج معك, ولكن ألا تظن انه يمكنني ذلك, ألن تعترض زوجتك؟" نظر اليها برقة وقال بعدم اهتمام: "انا متاكد تماما ن زوجتي لن تعارض." "ألا تعتقد انني سخيفة ومحافظة؟" "لا ابدا فانا نفسي محافظ." شعرت ميغان بالرضا, فدخلت الحمام وغسلت وجهها مما انعشها قليلا: "يجب ان اوضب شعري ووجهي في المطبخ اذا لم تمانع." "لا ابدا." انه لامر غريب حقا, فعلى الرغم من ضخامة حجمه, تصرفت وكانه غير موجود. "هل انفع هكذا؟" "رائع, لن نذهب الى مكان فخم." اخذها الى فندق داتشت الذي يقع في قرية وندسور خارج لندن, يطل الفندق على قرية جرين, وقد لاحظت بارتياح انه مطعم ريفي هادئ يتلاءم مع ما ارتدته من ملابس. اختار الاستاذ الطعام. كانت غرفة طعام جميلة حيث يتناول كثير من الناس عشاءهم بهدوء الى طاولات بعيدة عن بعضها. تناولا شرابا في المقصف قبل ان يؤخذا الى احدى الطاولات, القيا نظرة على لائحة الطعام قبل ان يسال: "هل تريدين شيئا معينا؟" عندما هزت راسها بالنفي قال: "هل نبدا بالسلطة؟ البط المشوي مع البرتقال لذيذ جدا هنا..." "هل اتيت الى هنا من قبل؟" "انه لامر طبيعي بالنسبة لمتجول." تكلم في موضوع بسيط حتى قدمت السلطة, ولم يتحدث طوال العشاء سوى بمواضيع خفيفة, شعرت ميغان بعد هذا العشاء اللذيذ بقليل من الراحة. فيما كانا يحتسيان القهوة سالها اذا مان لديها دوام في الصباح, وعندما ردت بالايجاب قال: "في هذه الحالة يجب ان نعود. انت بحاجة لقسط من الراحة." لو كان لديها اخ اكبر لعاملها بالطريقة نفسها, ولكنه بالطبع دعاها للخروج لانه رجل لطيف, ولانها كانت منزعجة. كان سيفعل ذلك مع اي شخص اخر وليس لانه يفضل صحبتها بشكل خاص. خرجت معه الى السيارة وهي تشعر قليلا بدوخة. جلست بجانبه بصمت فيما قاد عائدا الى الشقة. حيث خرج. فتح باب الشقة كالعادة وتفحص المكان ثم قاطع شكرها بالطف الطرق الممكنة وذهب. لم يكن من النوع الذي يضيع وقته في حديث لا معنى له. فلم يمنحها مجالا لتقول اي شيء غير الشكر. قالت لميريدث: "كما اعتقدت فهو لم يدعوني لانه اراد ذلك. اؤكدلك انه لن يكلمني لعدة ايام." كانت محقة اذ انها لم تر الاستاذ لعدة ايام, لكنها رات اوسكار الذي حياها بوجه خجول مما جعلها تترجاه بالا يكون سخيفا. علم المستشفى بما حصل, فقد لاحظ ان هناك الكثير من الثرثرة. ولكن اصدقاءها حاولوا ان يساعدوها. فقد كانوا يدعون نافسهم في امسيات اجازتها لى العشاء, او يقترحون التسوق. على كل حال انتهت الثرثرة الان واصبح اوسكار يتصرف طبيعيا حين يلتقيان. لا تزال تشعر بالضياع والحزن ولكن من الواضح ان اوسكار كان سعيدا, اما ميلاني فقد كانت تظير من الفرح حين اتصلت بها. طمأنت ميغان نفسها انه في خلال شهر او اكثر ستشعر بحكمة تصرفها. لذلك لم تسمح لمشاعرها ان تؤثر على عملها. فقد كانت تتعامل باعصاب هادئة ووجه باسم مع الممرضات والمرضى. باستثناء اسف جيني الهادئ, لم يقل احد لها شيئا, حتى السيد برايت اكتفى بالقول بعد ان انهى جولته: "اسف لما حصل بينك وبين اوسكار." لا بد ان هناك اجماع على تناسي ذلك الحدث المشؤوم, او هذا ما اعتقدته الى ان قابلت الاستاذ في صباح احد ايام مناة=وبتها. تمنى لها صباحا سعيدا وسالها: "هل رايت الشاب فيلدينغ؟ اظن انه امر صعب ومربك في البداية, ولكن المرء يتعود مع مرور الوقت على ذلك." كان واقفا كالعادة امامها بحيث لم تتمكن من المرور بسهولة الا قبل ان تدفعه قليلا." تمنت له ميغان ببرودة صباحا سعيدا, لماذا كان علي خان يجعل نهارها سيئا في الوقت الذي اوشكت فيه على نسيان الموضوع باكمله؟ بما انه كان ينتظر جوابا قالت: "اجل رايت اوسكار عدة مرات, فهو وميلاني سعيدان جدا وانا ايضا." رفعت وجهها باتجاهه فانزعجت من ابتسامته. "هذه اخبار حسنة فانت صغيرة جدا على الياس, فمن الافضل ان تقعي بالحب عدة مرات وهكذا عندما تواجهين الحب الحقيقي ستعرفين الفرق, تماما مثل الشاب فيلدينغ." "انك تتصرف بخبث. اعرف انك الدكتور الاستشاري ومن المفروض ان احترمك, ولكنني لست مناوبة بعد ولا انت." "اه هذه هي الروح التي اريدها ميغ, اخرجي ذلك الحزن من صدرك الجميل, ساقلك الى بيتك يوم عطلتك لتثبتي لعائلتك انك تعافيت جيدا." بدات بالقول: "لأا اريد..." "الجمعة أليس كذلك؟ ساكون خارج شقتك في الثامنة والنصف, كوني جاهزة." "حسنا لن اكون." كانت ميغان ترتجف غضبا ولكنها تمكنت من اجتيازه واسرعت الى جناحها. لقد اخرها واتعب اعصابها ايضا. تفحصت تقرير الممرضة المناوبة ليلا بتوتر, مما جعل الممرضة تكرر الملاحظة مرتين. الامر الذي لم يحصل سابقا, كذلك لم تنتبه لملاحظة مساعدتها التي ربما قالت ان السيدة بريجز تتذمر من طعام الافطار. "اسفة فانا مرهقة قليلا... ما بها السيدة بريجز؟ انها متعبة أليس كذلك؟ اعتقد ان علينا نقلها الى غرفة اخرى قبل ان تزعج السيدة كوك التي بجانبها. والان من سنرسل مع الحالة الاولى الى غرفة العمليات." التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 21-02-17 الساعة 03:22 AM | |||||||||
05-02-17, 11:51 PM | #6 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الفصل الخامس رددت ميغان عدة مرات لنفسها انه ليس لديها نية في الذهاب مع الاستاذ يوم الجمعة, ولكنها وجدت نفسها في الوقت نفسه تتفحص خزانة الثياب وكانها مصممة على الذهاب وبافضل مظهر, السترة الرمادية والتنورة الموشاة تفيان بالامر اذ انهما تناسبانها تماما. اعدتهما للصباح وذهبت الى النوم لتقوم بعد نصف ساعة وتضعهما ثانية في الخزانة, وتبحث عن تنورة بنية اللون مع قميص اصفر وشال. كانت تنوي ان تتمشى وتعمل في الحديقة عندما تصل الى البيت. لذلك سيكون من السخف ان تتانق. غصت بالبكاء, لا فائدة من التانق اذ لا يوجد احد تتانق له. عادت الى السرير وراحت في نوم عميق. عندما استيقظت في الصباح لم تكن للاسف في احسن احوالها. وعلى الرغم من جهدها في اخفاء ذلك, قال لها الاستاذ عندما فتحت له الباب: "كنت تبكين ثانية." حمل سلة ميريدث ورافقها الى السيارة, وضع السلة في المقعد الخلفي وجلس بجانبها, ثم قال من دون ان ينظر اليها: "سنسلك الطريق الطويلة أتوافقين؟ في اي وقت يتوقعون وصولك؟" "عندما اقود بنفسي اصل حوالي الساعة الحادية عشرة عادة." "عظيم عظيم, سنسلك طريق ويكومب, هذا سيعطيك وقتا لتخبرني لماذا تبدين بائسة." "لا ابدا يا استاذ, اشعر بقليل من التعب فقط." "ليكن, لماذا تشعرين بقليل التعب. هل العمل في الجناح كثير عليك." "طبعا لا, استلمته منذ حوالي خمس سنوات..." "أنت في حالة مزرية وتحتاجين الى التغيير." ارتجف صوتها حين قالت: "هل تتجرا وتقول لي انه بسبب الغاء زواجي باوسكار ستكون فكرة جيدة ان اترك الريجنت؟" "بالطبع لا, انت تديرين الجناح بشكل جيد. وانا بالذات سآسف لرحيلك." "ولكنك اقترحت..." "ان ترحلي؟ اجل." بقي صوته هادئا كعادته حين اضاف: "على كل حال هذا قرارك وحدك أليس كذلك؟ طالما ترين اوسكار الامر الذي لا يمكنك تجنبه, ستحزنين وتكتئبين ليس لانك تحبينه, بل لانك سوف تتحسرين على ركام قديم, وهذا يا عزيزتي ميغان مضيعة للوقت." جلست ميغان صامتة, كرهت ان تعترف بذلك ولكنه كان مصيبا, على الرغم من ان ذلك يعني التخلي عن عملها الخاص لبقية حياتها. عليها ان تبدا من جديد بعيدا عن لندن الى مكان حيث لا ترى اوسكار الا نادرا. بدات بالتفكير بالامر حين قاطعها رفيقها بهدوء: "سانعطف نحو الطريق الداخلية حيث السكينة والهدوء, ماذا تنوين ان تفعلي؟" "اعمل في الحديقة واتمشى قليلا مع ميلاني, واتناول طعام كثيرا على ما اظن." كانا يسلكان الطريق الريفي باشجاره ومروجه الجميلة المترامية على الجانبين, كانت السماء زرقاء ولكن الهواء كان باردا ولاحت غيوم في الافق. "انه طقس جميل للمشي ولن يضيرك ان تاكلي كثيرا فقد خف وزنك." كانت نبرة صوته غير شخصية كصوت اي طبيب وهو يسدي نصائح لمريضه, ونظرت ميغان من النافذة ولم تنتبه لنظرته وابتسامته السريعتين. وصلا البيت في العاشرة والنصف, لم تقل لامها ان الاستاذ سيوصلها فقد كانت مصممة حتى اللحظة الاخيرة على الا تاتي معه. على كل حال لم تظهر السيدة رودنر اي اندهاش عندما رات السيارة. خرجت من البيت لملاقاتهما فحضنت ابنتها وسلمت على الاستاذ. "كم هو جميل ان نراك ثانية. هذه المرة ستبقى لتناول القهوة." رافقتهما الى البيت: "هل انت متاكد انه ليس عليك العودة بسرعة؟" ابتسم لها: "لا يا سيدة رودنر." "رائع, ابق على العشاء." كانا في غرفة الاستقبال حين سالت ميغان: "اين ميلاني؟" "انه يوم الجمعةيا عزيزتي, موعد ترتيب الازهار في الكنيسة, ستعود قريبا. لقد اخبرتك انها واوسكار سيقابلان الاسبوع المقبل والديه؟" شحب لون ميغان قليلا ولكن بقي صوتها ثابتا: "اتمنى ان تعجب بها السيدة فيلدينغ على الرغم من صعوبة ذلك. هل تريد ميلاني تمضية الليلة قبل ان يذهبا؟" "اظن ان اوسكار تدبر الامر فسيمر بها في طريقه." ثم قالت للاستاذ: "هل تحب العيش في انجلترا؟ لغتك الانجليزية ممتازة جدا لدرجة انني انسى انك هولندي, هل تذهب الى بلدك دائما؟" "اه دائما, انا مولع بالريف, قضيت وقتا طويلا هنا فمن السهل علي ان اتي واذهب دائما." "هل تعمل في المختبر هناك ايضا؟" "اجل وفي مركز استشاري تماما كما في الريجينت." "لا بد ان حياتك مليئة بالمشاغل, حياة ميغان ممتلئة ايضا واظن احيانا انها ممتلئة اكثر من اللازم. انها بحاجة الى التغيير." هذا عظيم, فخلال ساعتين يريد شخصان منها ان تغير حياتها, فلا ينقصها الان سوى شخص ثالث وسوف تقتنع بالفكرة. وقفت السيدة رودنر قائلة: "حسنا يا اعزائي انا ذاهبة لاعداد الغداء. لا ميغ, لا اريد مساعدتك ولكن يمكنك الذهاب الى القرية لتري اذا استلمت السيدة سلوكومب البسكويت بالجبنة.ويمكنك ان تمري على ميلاني في طريق عودتك. ميغ خذي الاستاذ معك, قد يحب ان يرى القرية." "ربما من الافضل ان يجلس في الحديقة." اشار بصوته الهادئالى انه امضى الصباح جالسا في السيارة: "بعض التمرين سيفيدنا نحن الاثنين." كانت القرية على بعد عشر دقائق مشيا, كانت الطريق جميلة فعلا بمروجها وحقولها الخضراء التي كانت الخراف والنعاج ترعى عليها. "هذا رائع." وقف الاستاذ قليلا ليستنشق الهواء العليل وقال: "أليس عندكم كلب؟" "جانوس انه مع ابي, ميلاني تريد جروا وبما انها ستتزوج قريبا فصتاخذه معها. امي تريد واحدا ايضا ولكنها تفضل الانتظار حتى تذهب ميلاني." "ما نوعه؟" "كان لدينا سبانيل, كانت جميلة جدا اسميناها فلوسي. ولكن كا يجب ان نختار نوعا اخر حتى لا يذكرنا بها كثيرا." "بالطبع." وصلا الى متجر السيدة سلوكومب الذي يستخدم كمكتب بريد ايضا كمركز لاطلاق الشائعات والفضائح في القرية, قالت ميغان العالمة تماما بما سيحصل عند رؤيتهما معا: "اظن انه من الافضل ان تنتظر خارجا." لم يعر ملاحظتها اي اهتمام على الرغم من ان المتجر كان يعج بالناس. حالما دخلا المتجر لفتا نظر الجميع. سالت السيدةسلوكومب: "هل انت في عطلة يا انسة ميغان؟" "ليوم واحد فقط سيدة سلوكومب." "عزيزتي لقد احضرت صديقا معك أليس كذلك؟" "شخصا في المستشفى, كان لطيفا جدا فاقلني." "هذا لطيف." وافقتها السيدات على ذلك محدقات الى الاستاذ الذي كان يقف مبتسما للجميع بارتياح. "انسة ميغان اظن انك مستعجلة نظرا لعطلتك القصيرة. اظن ان السيدة تومسون لن تمانع في خدمتك في الحال." "هذا لطف منك, ارادت امي ان تعرف اذا كان لديك بسكوتا بالجبنة من النوع الذي تشتريه عادة." احمرت ميغان قليلا عندما سمعت الاستاذ يخر السيدة تومسون عن الربيع الرائع الذي يتمتعان به. كانت متاكدة ان هذا الحديث لن يتوقف عند هذا الحد. وهذا ما حصل فعلا, فقد سالته السيدة تومسون عن مسقط راسه, وعندما قال: "انا من هولندا." صفرت باهتمام مما لفت نظر الجميع. "اذن انت في زيارة؟" اكد لها انه يعيش منذ سنين ططويلة في لندن: "انا لم اذهب الى لندن ابدا, طبعا انت تعرف الانسة ميغان." "نعم اعرفها." اجاب الاستاذ. "اظنانك ستبقى للغداء, لا بد انكما اتيتما في سيارة." "اجل هذه القرية بعيدة عن ازدحام السير, أليس كذلك؟ يا له من مكان ساحر." تاخرت السيدة سلوكومب في ايجاد البسكويت ووضعه في الكيس وتاخرت اكثر في اعطاء ميغان باقي المال. شكرتها ميغان بادب وتمنت يوما سعيدا للجميع ثم خرجت مع الاستاذ, ولكن سمعت ثرثرة قبل ان تغلق الباب. "لقد طلبت منك ان تبقى خارجا. هذه قرية صغيرة يصدق جميع من فيها اخبار بعضهم البعض ويختلقون المزيد." قالت بغضب. "ولكن ليس لدينا شيء لنخفيه." اخذ منها البسكويت واضعا يده تحت مرفقها وسارا باتجاه الكنيسة. قالت بحدة: "لم اعن ذلك." ثم اضافت حين ضحك: "ارجوك كن جديا..." وقف وسط الشاارع على مراى الجميع وقال: "عزيزتي ميغان لا تكوني حمقاء وتفسدي يومي هذا, فقد استمتعت حتى الان بكل لحظة منه." لم تنظر اليخ بل اكملت طريقها شامخة راسها عاليا لدرجة انها لم تر طريقها فتعثرت. ساعدها الاستاذ على الوقوف قائلا: "ها هي ميلاني, هل تعتقدين انها جاهزة؟" لم يكن هناك داع للجابة فقد سارت باتجاههما وهي تكاد ترقص فرحا غير مبالية بزوجة الكاهن التي كانت تحدق اليهما والتي انفرجت اساريرها عندما رات ميغان فسارت باتجاههم بوجه فضولي. قالت زوجة الكاهن قبل ان تحييها ميغان: "عزيزتي ميغان لقد صدمت لسماع اخبارك. انا متاكدة من ان الجميع يتمنون السعادة لميلاني." هنا نظرت الى الاستاذ مضيفة: "هل تستضيفون زائرا؟" قالت ميغان بسرعة: "انه شخص اقلني الى البيت, هل تمانعين اذا اخذت ميلاني؟ سنتناول الغداء باكرا, الى اللقاء سيدة بروستر." ابتسمت ميغان وهي تصطحب اختها بسرعة قبل ان يتمكن احد من قول المزيد: "انني هنا ليوم واحد فقط فارج وان تعذرينا اذا لم نتوقف." قالت للاستاذ حين غابوا عن الانظار: "اسفة كان يجب ان اقدمك ولكن لو فعلت ذلك كنا سنقع بورطة, أتفهم؟" قال متابطا ذراع ميلاني: "كان بامكانك انتقدميني كعم او كصديق قديم لوالدك." "لست مسنا كفاية على الرغم من اني اظن..." صرخت ميلاني: "ميغان كيف يمكنك اقتراح ذلك؟ ما زال الاستاذ شابا." نظرت اليه مضيفة: "انت شاب أليس كذلك؟" "تقريبا ميلاني انت تسلبين قلبي, فانت لم تلاحظي حتى شعري الابيض." ضحكت ميلاني, وهكذا استمر طوال الطريق في ملاطفتها. قالت ميلاني عندما كانوا يعبرون الحديقة: "سامكث مع اهل اوسكار." "اجل حبيبتي اعرف ذلك, لقد اخبرتني امي... لم تحبني السيدة فيلدينغ ولكنني متاكدة من انها ستحبك, اما والده فبامكانك ان تجعليه مثل خاتم في اصبعك." توقفت ميلاني وهي تنظر اليها: "انت الطف اخت في العالم, ولكنك تبدين شاحبة ومرهقة, تحتاجين لتغيير, لم لا تتركين ذلك المستشفى القديم وتفعلين شيئا اخر؟" "اه عزيزتي انت ثالث شخص ينصحني بترك عملي. انت لا تعنين ذلك أليس كذلك؟" لم تجب ميلاني لان امها خرجت لملاقاتهم. "هل احضرت البسكويت؟ جيد, استاذ ما رايك بقريتنا؟" "رائعة واهلها ودودون." رمقته ميغان بنظرة ولكن لم يبد على وجهه الجميل سوى علامات الاستمتاع. قالت ميلاني: "انهم فضوليون. كانت السيدة بروستر في الكنيسة... ساستجوبها عندما اراها ثانية ولكني لن انال منها جوابت, وهذا مرده الى ضخامة جثتك." ابتسمت الى الاستاذ دون وجل. فحدقت ميغان اليها بتعجب وفرح في آن معا. قد يكون رجلا متعبا الا انه يعرف كيف يجعل ميلاني تتصرف على سجيتها, على الرغم من ان معظم الممرضات في المستشفى قد يفعلن اي شيء لتجنبه. دخلوا جميعا الى البيت وبما انهم كانوا يتناولون موضوعا مثيرا تمكنت ميغان من متابعة تاملها. انه رجل لامع وذكي لا يرضيه غير الكمال. لذلك من الطبيعي ان يغضبه الغباء والاهمال وعدم الكفاءة كثيرا, ولكنه يسيطر على اعصابه كعادته. هزت ميغان راسها راضية عن استنتاجاتها ووجدته يحدق اليها. مستحيل ان يكون عرف ما يدور في راسها. على اية حال احمرت قليلا وذلك جعله يبتسم. عاد والدها من عمله للغداء الذي تناولوه في غرفة الطعام باثاثها التقيل والمصقول جيدا. برعت السيدة رودنر في تحضير وجبة الطعام المؤلفة من شرائح لحم مع طحال وبطاطا خفيفة, بالاضافة الى سبانخ مع جزر وفطيرة تفاح مع كريما. قالت عندما مدح الاستاذ الفطيرة الشهية: "ا هانا سعيدة لانها اعجبتك, ليست خفيفة كفاية, ميغان بارعة في اعدادها اكثر مني." نظروا جميعا الى ميغان التي تمتمت شيئا وبدات بتنظيف الطاولة وتقديم البسكويت والجبنة. استمتع الاستاذ بالغداء وانسجم بالحديث مع والدها على الرغم من ان الحديث كان عاما وغير جدي. عندما انتهيا من تناول القهوة وقف السيد رودنر قائلا: "يجب ان اعود الى المكتب, هل ستكون هنا عندما اعود حوالي الساعة الخامسة؟" "لن نذهب قبل الثامنة فقد دعتني زوجتك للبقاء على العشاء." "عظيم سنجد وقتا لتبادل الاحاديث." ربت على كتف ميغان مضيفا: "هذا ما تحتاجينه عزيزتي, انت شاحبة جدا لا بد ان وزنك خف؟ لن ينفعك ذلك اتعلمين؟ يجب ان تبتعدي عن المستشفى وان تتعرفي على مناطق جديدة. حسنا يجب ان اذهب تمتعي بنهارك." بخلاف توقعاتها امضت ميغان نهارا ممتعا بالفعل. فقد طلب الاستاذ منها ان تاخذه ليرى الريف, وهكذا انطلقا في نزهة مصطحبين جانوس معهما. قالت ميغان وهما في الطريق الى الغابة: "لا يزال يفتقد فلوسي." وصلا الغابة الخضراء الرائعة الجمال فقالت وهي تنظر الى جانوس فيما كان يستكشف جحر ارنب: "هذه غابة نِب." قال بصوت خفيف جدا: "حيث اتيت مع اوسكار بالتاكيد." شعرت ميغان انه كان عليها ان تشعر بالاستياء ولكن بالرغم من شعورها بالندم اجابته بطريقة طبيعية جدا: "أجل انها بقعة جميلة أليس كذلك؟" تمشيا لاميال عدة ثم عادا وتناولا شايا مع عوامة بالمربى والكريما بالاضافة الى كعك بالزبدة. قالت السيدة رودنر: "العشاء في السابعة والنصف تماما. اظن انكما ستغادران مباشرة بعد ذلك." قال الاستاذ: "اظن انه يجب ان استغني عن العشاء اذا كان العشاء مثل الغداء فيجب ان اتبع حمية قاسية. على كل حال يمكنني القيام ببعض الحرث في الحديقة." ضحكت السيدة رودنر قائلة: "هل تريد ذلك حقا؟ اذن احضر الرفش وميغان سترشدك. هناك جزء من حديقة المطبخ بحاجة الى حرث, لكنه عمل شاق هل انت متاكد؟" خلع السترة قائلا: "انه تغيير عن الجلوس في المكتب او النظر من خلال مجهر, هيا بنا ميغان." اعطته الرفش قائلة: "ستفسد بنطالك." "لدي غيره, تعالي وحدثيني فيما اعمل." "سازرع الجزر." ارتدت قفازين وبدات تعمل وهي تراقبه بطرف عينها. كان يعمل وهو يتكلم من دون اي جهد واضح في موضوع لطيف وغير معقد. شعرت بشيء من رضىً افتقدته منذ انفصالها عن اوسكار, انضم والدها اليهما وشارك في الحديث فيما كان يجلس على عربة يد ويدخن الغليون بارتياح لقيام احد غيره بهذا العمل الشاق. انجزا نصف العمل قبل ان يدعيا لتناول العشاء. وفيما كان يساعد ميغان في توضيب المعدات قال الاستاذ: "يا له من استرخاء رائع." اضافوهو ينظر الى وجنتيها المتوردتين: "كنا نحن الاثنان بحاجة اليه." سبقته ميغان لتغتسل وترتب نفسها فتبعتها ميلاني الى غرفة النوم, وقالت فيما كانت جالسة على السرير تراقب ميغان وهي تسرح شعرها: "استاذك لطيف جدا." "انه ليس لي يا حبيبتي, فعندما نعود الى الريجينت سيتجاهلني عندما نلتقي. على كل حال تعرفين انه متزوج." "امر مضحك, اعني انه لا يبدو كرجل متزوج أليس كذلك؟" وقفت قرب ميغان واضافت: "كم اتمنى ان يحباني والدا اوسكار..." "عزيزتي سيحبانك انا متاكدة من ذلك.أتعرفين؟ اوسكار يحبك فعلا وعندما يلاحظان ذلك سيحبانك ايضا." "ألهذا السبب لم تعجبي السيدة فيلدينغ؟" "اجل اعتقد ان هذا هو السبب." "ميغان انت لست تعيسة." "لا يا حبيبتي, اعدك بذلك." "اه رائع, فانا واوسكار لن نرضى بذلك, لا زلت اظن انه من الافضل ان تغيري عملك, شاهدي العالم قابلي الناس..." ضحكت ميغان قائلة: "ميلاني تتكلمين وكانك امي! من يدري ما قد افعل, سارى." نزلا فوجدا الجميع في غرفة الاستقبال يحتسون الشراب. بدا الاستاذ وكانه في بيته تماما. غادرا الساعة الثامنة بعد ان تناولا العشاء بشهية. لم تتردد ميغان في مغادرة البيت مثل هذه المرة, ولم يتكلما في طريق العودة كثيرا اذ لم يكن هناك حاجة للكلام. جلست ساكنة بعد ذلك العشاء اللذيذ. سلك الاستاذ الطريق السريع حيث كان السير خفيفاا. صحت ميغان عندما وصلا الى اطراف المدينة ولكنها التزمت الصمت الى ان وصلا الى الشقة. بدا الشارع كئيبا والشقة موحشة. "أتريد كوبا من الشاي او القهوة؟" اخرجت ميريدث من السلة واضافت: "شكرا جزيلا لاخذي واعادتي الى البيت. كان يوما جميلا." وقف ينظر اليها وقال: "لم تتعافي بعد أليس كذلك؟ نامي جيدا ميغان, كان يوما جميلا بالنسبة الي ايضا, تصبحين على خير." لم تره بعد ذلك لعدة ايام, الى ان طلبه السيد برايت ليكلمه عن الجناح حين دخله صامتا نظرت ميغان الى عينيه الباردتين وهي ترد تحية الصباح, فاحست بتلك الرهبة التي تشعر بها الممرضات اتجاهه. من الصعب ان يكون الرجل نفسه الذي وقف في متجر السيدة سلوكومب يرد على السيدة تومسون بلطف. قابلت اوسكار كثيرا في الايام التالية فبعد ان نسي موقفه المربك بعد فسخ خطوبتهما, اصبح يكلمها بانطلاق كأخت زوجته المستقبلية عن مشاريعه وعن كمال ميلاني. وافقته ميغان على ذلك فميلاني كانت فعلا فتاة رائعة. شعرت ميغان بالسعادة لرؤية اختها سعيدة, الا انها زجدت صعوبة في الاستماع الى مشاريع كان من الممكن ان تخططها مع اوسكار لمستقبليهما. طبعا هذا لا يعني انها تتمنى الزواج منه, فقد لاحظت ان شعورها اتجاهه كان مجرد انجذاب واعجاب عميقين. وهي لا تزال تشعر بذاك الاعجاب, فهو شخص محبوب من الجميع لطبيعته الهادئةواللطيفة, مما يجعله مناسبا لميلاني. بدات ميغان تفكر جديا بايجاد عمل اخر, فهي ليست مستعدة لان تاخذ فرصة طويلة وتبدا من جديد. هذا ما قالته ميغان لميريدث, بعد ان اخبرها اوسكار عن عطلته الرائعة التي امضاها مع ميلاني في بيت والديه. قال لها وكانه يعتذر ان ميلاني كانت رائعة ونالت اعجاب والديه. قالت ميغان لميريدث: "انه الشيء الذي لم انلهانا في الحقيقة لا اظن اني انال اعجاب احد." كانت ميغان تبحث في الخزانة عن شيء للعشاء عندما قرع الباب. قد يكون احد من المستشفى, ولكن كان بامكانهمالاتصل. فتحت الباب لتجد الاستاذ امامها. "اه مساء الخير استاذ." "اريد التحدث معك ولكن ليس هنا, ربما قد تاتين معي لتناول الطعام." "عمّ؟" "اذا اتيت معي ساخبرك." لاحظت نفاذ صبره ولكنها قالت: "كنت على وشك ان اتناول العشاء." دخل الشقة ليتفحص المطبخ وعندما لم يجد شيئا رفع حاجبيه مستفهما, فقالت بسرعة: "كنت على وشك اخراجه من الخزانة,ولا اعرف في الواقع لماذا يجب ان افسر لك اي شيء." قال بهدوء: "هندامك مناسب, ضعي معطفا عليك فقط, فلن نذهب بعيدا." بدات بالاحتجاج: "لا..." ولكن عندما نظرت الى عينيه تمتمت: "أه حسنا اذا اصررت, هل حدث امر مريع في المستشفى؟ لقد ارسلت كل العينات التي طلبت." "اذا كان الامر متعلقا بالمستشفى او بعملك لكلمتك في المستشفى." جلبت ميغان معطفها وطلبت من ميريدث ان يحسن التصرف,وقالت: "انا جاهزة." رافقها الاستاذ الى الخارج واقفل الباب,ثم دخل السيارة ولوح بادب لبعض الجيران الذين كانوا ينظرون من النوافذ. قاد السيارة الى طريق ميل اند ثم عبر المدينة باتجاه جسر بوتني فالى ريتشموند. "لماذا احضرتني الى هنا؟"لم يتكلما طوال الطريق, فقد كان الاستاذ مستغرقا بافكاره كما كانت هي كذلك. "انا اعيش هنا." كان يقود الان في شارع هادئ ماهول ببيوت كبيرة مطلة على النهر. توقف امام البيت الاخير وخرج من السيارة وفتح لها الباب. فعل كل شيء بكثير من الهدوء ولكنه لم يقل شيئا. توقفت ميغان امام المدخل وسالت: "لم لم تخبرني؟ هل هو سر؟" ظننت انه لو اخبرتك اني ساصطحبك الى بيتي كنت سترفضين." "انتمحق." ابتسم قائلا: "أرايت؟" وضع يده تحت مرفقها وقال: "هلّا دخلنا؟ انا جائع ارجو وان تكوني كذلك." فتح الباب وقادها الى الصالة وفي الوقت نفسه فتحح باب داخلي وظهر رجل سمين بشعر ابيض وعينين صغيرتين. يرتدي بزة سوداء انيقة, القى تحية المساء على الاستاذ وانحنى لميغان مكررا التحية نفسها بصوت رزين. قال الاستاذ: "اقدم لك ثرامبل, هو وزوجته يعتنيان بي. ثرامبل دعوت الانسة رودنر لتناول العشاء.اخبر السيدة ثرامبل وخذ معطف الانسة رودنر من فضلك." حدقت ميغان بالاستاذ بغضب, فقد انزعجت من اصطحابها بلا سابق انذار على هذا النحو, وقد انزعجت منه اكثر لانها كانت ترتدي قميص قطن وتنورة جيرسي عاديين. صحيح انها تبدو جميلة حتى لو ارتدت كيسا من الخيش, لكنها كانت تفضل ان تكون متانقة دائما. قادها الاستاذ عبر الصالى الى غرفة واسعة بنوافذ كبيرة مطلة على النهر. كانت غرفة جميلة باثاثها الانيق المؤلف من خزانة رائعة بطول الحائط, وطاولة مع كنبة من المخمل خوخية اللون, بالاضافة الى طاولة من خشب الموغانو مغطاة بمفرش حريري مقصب خوخي اللون. كان هناك ايضاا كراسي انيقة والى جانبها مصابيح موضوعة على طاولات صغيرة. قالت ميغان: "انت لا تعيش هنا أليس كذلك؟" احمرت لسخافة سؤالها فاضافت: "بمفردك؟" قدم لها الاستاذ كرسيا وذهب ليشعل المدفاة, كان هناك قط امام المدفاة فانحنى ولاعبه. "اجل اعيش هنا بمفردي باستثناء آل ثرامبل, ورثت هذا البيت منذ زمن وعندما اكون في لندن اقطن هنا. اقر انه كبير جدا علي ولكن يمكن معالجة ذلك." "أه اجل, عندما تاتي زوجتك واولادك للعيش هنا." "كما تقولين عندما تاتي زوجتي واولادي هنا." جلس بقربها على الكرسي فقالت: "كنت تريد التحدث معي عن شيء ما." "اجل يا ميغان, انت بحاجة للابتعاد تعرفين هذا أليس كذلك؟ اظن انه بامكاني مساعدتك, فانا عضو مجلس ادارةاحد المياتم في هولندة الذي ياوي اربعين طفلا من الصبيان والبنات وتتراوح اعمارهم ثلاثة اشهر واثنتي عشرة سنة..." فتحت فمها لتتكلم فرفع يده الكبيرة قائلا: "لادعيني اكمل, لديهم طاقم كامل ولكن احدى الممرضات غادرت الى كندا لزيارة اهلها. ستغيب حوالي ستة اسابيع, ستقومين بمهامها بكل جدارة فيم تفكرين بالخطوة التالية." "ولكنني لا اتكلم ولا افهم كلمة من اللغة الهولندية." "الاطفال يتجاوبون مع اي لغة, ثم ان الطاقم يعرف ما يكفي من الانجليزية لتتفاهمي معه. المعاش اقل مما تتقاضينه هنا, ولكن الميتم مؤمن بكل شيء, فلن تحتاجي لشيء. الميتم يقع على الساحل شمالي امستردام في قرية صغيرة قرب مدينة كاستريكوم. الاولاد يذهبون الى مدرسة القرية ولكنك ستهتمين بالرضع والاطفال. وستحصلين كالعادة على ساعات فراغ ويوم في الاسبوع. وكما قلت الوظيفة لمدة ستة اسابيع تقريبا." وقف قائلا: "فكري بالامر فيم احضر لك شرابا." اخذت الشراب قائلة: "لا يمكن ان اتخذ قراري بهذه السرعة, وفي اي حال لا اظن انها فكرة جيدة, ثم انك فاجاتني بالموضوع." "لقد قصدت ذلك, هل كان يومك شاقا بالجناح؟" ردت ايجابا واضافت: "ما المفروض ان افعله عند انتهاء الستة اسابيع؟" "انني مؤمن بان على الانسان ان يغتنم الفرص عندما تسنح له. اه هذا هو ثرامبل ليعلمنا ان العشاء جاهز." تقدمها عبر الصالة الى غرفة اصغر تطل على النهر. كانت غرفة انيقة بطاولة مستديرة من خشب الموغانو تتسع لثمانية اشخاص وكانت الكراسي ايضا من الخشب نفسه. اما الجدران فكانت مكسوة بحرير اخضر بالاضافة الى صور كثيرة وستائر خضراء مخملية موشاة بالاحمر, ومربوطة الى الوراء بشرائط حمراء تتناسب مع السجادة تماما. اعجبت ميغان كثيرا بالغرفة والفضيات والزجاجيات اللامعة الموضوعة على الطاولة. كنت السيدة ثرامبل طاهية ماهرة,تناولت ميغان الطعام بشهية فيم كانت تتحدث باشياء لا علاقة لها بعرض الاستاذ المفاجئ, لم يأت هو ايضا على ذكر الموضوع, يا له من رجل متعب, فكرت بذلك وهي تححتسي القهوة في غرفة الاستقبال, على كل حال يجب ان تتكلم في هذا الموضوع وترفض بالطبع... قطع حبل افكارها قائلا: "هل لديك عطلة؟" "اجل ثلاثة اسابيع, اضطررت لالغاء اسبوع من اجازتي في شباط فقد كانت جيني مريضة وكنا مشغولين. لذلك سيضاف ذلك الاسبوع الى الاسبوعين الحاليين." "مما يعني ان بامكانك المغادرة اخر الاسبوع." قالت ميغان بسرعة: "من قال اني مغادرة؟" "انا, فانت تعلمين ان هذا ما تودين فعله, لكنك خائفة ان تتركي حياتك البائسة وتحاولي من جديد." كان يبتسم فشعرت برغبة في رمي نفسها على صدره والبوح بكل ما يقلقها. قالت بتردد: "هل تظن فعلا انها فكرة جيدة؟" "لما كنت اقترحتها. ولكن يجب ان تقرري بنفسك يا ميغان." "يجب ان اعرف اكثر عن هذا العمل." "طبعا اسكبي مزيدا من القهوة وساخبرك." اعطاها كل التفاصيل والاجوبة التي تريدها, ربما كانت فكرة جيدة, فقد نصحها اربعة اشخاص على الاقل بترك الريجنت... قالت فجاة: "وميريدث؟" "يمكن ان يعتني به والداك؟ او يمكنه البقاء هنا.السيدة ثرامبل لديها قطة عجوز اسمها تبي, ستفرح برفقته. واذا رجعت يمكنك استعادته اينما كنت." "لديك حل لكل شيء." "افعل ما بوسعي, ساذهب خلال عشرة ايام الى هولندةويمكنك ان ترافقيني اذا اردت. اعلميني في الصباح ما رايك؟ فكري بالامر." جلس على الكرسي بارتياح واضاف: "اخبريني متى سيتزوج ميلاني واوسكار؟" اصطحبها الى البيت ولكنه لم يمكث بل اقترب منها فجاة عندما كانت تودعه وعانقها. وجعلها ذلك لسبب ما تقبل عرضه بالوظيفة الجديدة. نهاية الفصل الخامس التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 21-02-17 الساعة 03:23 AM | |||||||||
05-02-17, 11:59 PM | #7 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الفصل السادس استيقظ ميريدث واصغى لميغان بينما كانت تشرح له انه قد ينتقل افي وقت قصير الى بيت جديد: "انهامر مؤقت وعندما جد عملا اخر وتعود الي. ساشتاق اليك." حضنته بينما حاول التملص, ولكنه تسلل الى السرير عندما استلقت ونام بقربها. لم تعرف كيف ستبعث برسالة الى الاستاذ,يمكنها ان تترك ملاحظة مع البواو, ولكن ذلك لن يبدو لائقا. كانت منناحية اخرى مشغولة جدا كي تذهب الى المختبر وتخبره شخصيا, على كل حال السيد برايت حل لمشكلو, اذ طلب خلال جولته على الجناح نتائج تحليل لاحد المرضى من المختبر:"ميغان اتصلي بالاستاذ بان بلفيلد وتاكدي اذا كانت النتائج جاههزة." بدا صوت الاستاذ باردا من خلال سماعة الهاتف وهو يقول: "الاستاذ بلفيلد,نعم؟" ابلغته رسالة السيد برايت فقال لها ان التقارير سترسل في الحال:"قولي للسيد برايت انها غير كاملة, ساقابله بشان ذلك لاحقا." قالت بسرعة: "شكرا سيدي." "هل ستقبلين الوظيفة في الميتم؟" "في الحقيقة, انا مشغولة والسيد برايت ينتظر..." "لن يلزمك اكثر من ثانية لتقولي نعم اولا." اجابت غاضبة بنعم, ولكنها تمنت بعد هنيهة لو انها لم تقل ذلك, لم يكن عدلا منه ان يستعجلها هكذا...قال قبل انيقفل الخط:"اراك هذا المساء." عادت الى الجناح حيث كان السيد برايت ينتظر.كان لونها متغيرا وعيناها لامعتان فسالها: "هل ضايقك احد؟ ألم تجهز التقارير بعد؟" "لقد بعثوا بها سيدي, ولم يضايقني احد شكرا." "قليل من الغضب يزيد من جمالك ميغان." احمرت وجنتاها عندما قال ذلك. بعد انتهاء جولة السيد برايت عادت ميغان الى مكتبها.كان ذلك قبل عشر دقائق من وصول عربات العشاء,اذ انه لم يمنحها وقتا كافيا لتنظم لائحة عطل الاسبوعين المقبلين. امسكت القلم ثموضعته ثانية. فقد تذكرت ان الاستاذ سياتي الى شقتها هذا المساء وعليها ان تقدم له قهوة على الاقل. اما بالنسبة للعشاء فقد قررت ان تحضر سلطة بالاضافة الى بعض اللحم الموجود في الثلاجة. انها وجبة خفيفة تستطيع ان تطبخها بسرعة بعد رحيله,فهي لا تعلم في اي ساعة سياتي. لم تكن قد فعلت شيئا بلائحة العطل عندما اتت جيني لتعلمها ان عشاء المرضى قد اصبح جاهزا. كانت جيني في اجازة ظهر ذلك اليوم فسالت ميغان: "هل انت خارجة يا جيني؟" عندما ردت بالايجاب سالت ميغان: "هل تشتري لي بسكويتا فلم يعدلدي شيء منه,والمتجر يكون دائما مزدحما في الوقت الذي اذهب اليه. لا اريد شيئا معينا." "هل تريدين نوعا للضيافة؟" كانت ميغان ترتدي معطفها امام المرآة حين قالت: "على الاقل مع نوع كهذا من البسكويت اتجنب الاحراج لانه احيانا ياتي زوار لتناول القهوة ولا يكون عندي شيء حينها لاقدمه لهم." ذهبت الى الجناح لتقدم العشاء الى المرضى, ثم تناولت وجبتها وهي تتحدث عن احدث الموضات بكثير من الانطلاق, مما جعل زملاءها يعتقدون انها تعافت من ازمتها مع اوسكار. قال احدهم بعد ان عادت ميغان الى جناحها: "تبدو ميغان وكانها متحمسة لشيء ما." من ناحية اخرى, لم ترد ميغان ان تتحمس على الاطلاق, فهي دُفعت للقبول بوظيفة لم تكن تريدها في الاصل. اذا كان عليها ان تترك وظيفتها فسيتحتم عليها الحصول على وظيفة اخرى, تكون موازية لوظيفتها الحالية او احسن منها. هذا ما ستقوله للاستاذ عندما ياتي هذا المساء. كانت مشغولة جدا بعد الظهر لتفكر بخطابات ملائمة ولكنها استعدت لبعض الاعتذارات اللطيفة وهي في طريق عودتها الى الشقة بعد انتهاء الدوام. وعندما وصلت الى البيت تدربت عليها بصوت مسموع فيما كانت تعد الشاي. ستكون هادئة ومهذبة وتشكره على اهتمامه ثم ستقدم له فنجان قهوة وبسكويتا. بعد ان نسقت افكارها بشكلجيد احضرت فنجانين وابريقا من الحليب ووضعت بعض البسكويت في صحن. ثم تناولت قطعتين منه مع الشاي, فموعد العشاء ما زال بعيدا. سرحت ميغان شعرها وجمّلت وجهها الا انه لم يظهر, لذلك بدات بغسل بعض الثياب في الحوض, لو انه غادر المستشفى في وقته المعتاد لكان وصل الان. ربما ذهب الى بيته اولا ليتناول وجبة شهية. مجرد التفكير بذلك جعلها تشعر بالجوع فاكلت بسكويتة اخرى. كانت يداها مبللتين بالصابون والماء عندما قُرع الباب, فاخذت منشفة وذهبت لتفتح الباب وهي تجفف يديها. فتحت له الباب ثم حيته قائلة:"هل ستكون السيارة بامان؟" تنحى جانبا كي ترى اربعة صبية يجلسون داخلها. "انها في اياد امينة, ألم تكوني تتوقعين قدومي؟" شعرت بقليل من الحرج فقالت:"بالطبع ولكنك لم تقل متى ستاتي, ولدي بعض المهام المنزلية التي يجب ان اقوم بها.في اية حال لقد تاخرت." لم يقل شيئا ولكن لمعت عيناه عندما حملت ميريدث: "ارجوك اجلس أتريد فنجان قهوة؟" "طبعا." اخذ منها القط ووضعه على ركبتيه قائلا: "كم اصبح رائعا هذا القط." وضعت الحليب والقهوة بسرعة فيما كانت تفكر اذا كان عليها ان تتكلم الاناو تنتظر حتى يُنهي القهوة, قد يكون متفهما اكثر بعد ان ييتناول القهوة, لذلك قررت انتنتظر فقدمت القهوة والبسكويت. "اه هذا نوعي المفضل من البسكويت." تناول كل البسكويت الموجود في الصحن. سكبت مزيدا من القهوة ووضعت باقي البسكويتالذي عندها فيالصحن. حين تناول معظمه ايضا قفز قلبها من صدرها فسالت: "أتريد بعض السندويشات؟" "لم يكن لدي وقت للغداء." بدا وكانه يتضور جوعا. "لم اتناول العشاء بعد, يمكنك مشاركتي به الا اذا كنت ذاهبا الى البيت. اظن ان السيدة ثرامبل قد اعدت العشاء." "علي ان اعود الى الريجنت قبل الذهاب الى البيت." وقفت قائلة: "لا يوجد لدي سوى لحم بارد وسلطة ولكن بامكاني تحضير جبنة محمصة." "تبدو شهية, هل احضر السلطة ام الجبنة؟" نظرت الى الفرن قائلة: "هل تجيد الطهي؟" "كانت والدتي تؤمن انه ينبغي على الصبيان ان يعتمدوا على انفسهم. لقد سلقت اول بيضة في عمر يانع تحت المراقبة طبعا." ابتسمت قائلة: "اذا كنت تريد ان تساعدني فعلا فاهتم بتحميص الخبز والجبنة." كان المطبخ ضيقا ليسعهما مع ميريدث. لكن الاستاذ لم يتحرك كثيرا. وعلى الرغم من ضخامة جسده اعد كل شيء بارتياح. اما هي فقد التصقت بالحوض فيما كانت تحضر السلطة. وبعد ان جهز كل شيء رتبت ميغان الطاولة. لم يكن لديها لحم كثير ولكنها تذكرت بارتياح انه لا يزال لديها كعك كانت قد اعدته في احدى الامسيات, وهو سيشبعه في حال ما زال جائعا. وبعد ان تناولا الجبنة والخبز المحمص كله انتقلا الى اللحمة والسلطة. قالت ميغان: "انت تطهو جيدا, ماذا تستطيع ان تفعل ايضا؟" "اعد الشاي, اسلق البيض واقلي اللحم المقدد." نسيت ميغان سبب مجيئه فتحدثا عن موضوع عادي فيما كانا يتناولان القهوة والكعك. "ميغان انت طاهية ماهرة." "شكرا, عندما يكون الانسان جائعا في الحقيقة فان اي شيء يبدو شهيا." جلست ميغان وهي تضع مفقيها على الطاولة وذقنها بين يديها. شعرت بالرضى اذ ان الاستاذ كان رفيقا مسليا, ولم يكن متطلبا كما انه يتكلم بصوت هادئ ومريح, كانت رفقته ممتعة... وفجاة وقفت وقالت: "اتيت لتستفهم عن موضوع الميتم, لقد قلت اني..." "غيرت رايك في اللحظة التي وضعت سماعة الهاتف في مكانها,هذا طبيعي جدا." قالت وهي مستاءة قليلا: "اذا عرفت ذلك لماذا ازعجت نفسك واتيت؟" "لانك تصرفت كما توقعت, واظن انك لو كنت صادقة مع نفسك لاعترفت بضرورة ابتعادك لفترة." وعندما بقيت صامتة اضاف: "القرار لك اعتقد ان كل التسهيلات ستؤمن لك نظرا للظروف . هل لديك جوازسفر؟اجل؟ هل اخبرت اوسكار بنيتك؟ اقترح ان تفعلي ذلك وتراقبي ردة فعله. فاذا كان مرتاحا ستدركين انك اتخذت قرارا حكيما." ثم وقف وقال: "يجب ان اعود الى الريجينت. هل ستذهبين في عطلة نهاية الاسبوع الى بيتك؟ ساقلك واعود مساء الاحد لاحضارك, لا تقلقي يا عزيزتي ستُحل الامور دون تدخلنا. شكرا للعشاء. يجب ان نكرره." لم تقل شيئا فهو لم يمنحها فرصة لذذلك. ولكنها قالت بعد قليل: "ساذهب بنفسي في علطة نهاية الاسبوع, لكن شكرا على العرض." "ساكون هنا صباح السبت في الثامنة والنصف. تذكري انك ستخبرين اوسكار." قال فيما تودعه على الباب. بدات بالقول: "لم اقرر..." ولم تكمل كلامها حين تقدم منها وعنقها.وقفت تراقبه وهو يتكلم مع الصبية ويمنحهم قبل ان يغادر بعضا من النقود. قالت لميريدث بعد ان دخلت: "لم اقابل في حياتي رجلا يزعجني على هذا النحو قط. ولكن لا استطيع ان انكر انه يعانق جيدا." ثم قالت بتوتر: "لا لن اخدع." عندما قابلت في اليوم التالي وهي في طريق عودتها من العشاء, اخبرته عن الميتم فكان حماسه للفكرة, في الواقع محبطا للعزيمة. "ما الذي يمنعك؟ انت لا تريدين ان تمضي حياتك... ميغان انت تعرفين انني احبك, فاذا افترقنا نهائيا لا يعني ذلك انني لا اهتم بك كاخ. فمن يدري قد تصادفين اشخاصا مثيرين وتجدين اصدقاء. حتى انك قد تتزوجين." قال بحماس. انزعجت ميغان من كلامه, فقد جعلها تبدو وكانها عانس تبحث عن زوج في متوسط العمر. قالت بصوت بارد: "قد افعل ذلك." عادت ميغان الى الجناح وهي تشعر بالاحباط, يبدو ان الجميع يريدون ابعادها, ستذهب الى البيت لتستشير امها واباها اللذينسيقولان لها على الارجح انها عاقلة وكبيرة كفاية لتتخذ قرارها بنفسها. هذا صحيح تماما. اذا كان الاستاذ يعتقد ان بامكانه اقناعها وهما في طريقهما الى البيت فهو مخطئ. امضت المناوبة بمزاج سيء ثم اوت باكرا الى الفراش. ومن الغريب انها نامت طوال الليل. لم يحاول الاستاذ اقناعها فقد مر بها صباح السبت ووضع ميريدث في المقعد الخلفي وانطلق. ارتدت ميغان بدلة من الجيرسي قطنية من قطعتين وبلوزة صفراء ذهبية مع تنورة طويلة صفراء موشاة بالبني. وبما ان الطقس كان متقلبا ارتدت معطفا بنيا, نظر اليها الاستاذ باعجاب عندماا فتحت له الباب ولكنه لم يعلق. لاحظت ميغان نظرته فشعرت بكثير من الارتياح. لم يتكلما كثيرا مما اعطاها وقتا للتفكير وهي تراقب يديه الكبيرتين المحكمتين على المقود. لم تعد تذكر متى بدا يعجبها, صحيح انه لم يفعل شيئا ليشجع ذلك, ولكنه كان لطيفا مستعدا لمساعدتها عند الحاجة, وهو يتوقع طبعا ان ينفذ الناس ما يطلبه منهم, الا انه بخلاف بعض الرجال الذين تعرفهم لا يفقد اعصابه ابدا. لا بد انه عصبي ولكنه يسيطر على نفسه بارادة فولاذية, مما يفسر تصرفاته الباردة وكلماته اللاذعة عندما يكون غاضبا. لم ينظر اليها عندما سال: "بماذا تفكرين يا ميغان؟" قالت بسرعة: "لا شيء, لا شيء ابدا." كان ممتعا ان تعود الى البيت وتمنت لو ان الاستاذ يمضي اليوم معهم, ولكنه بعد مضي نصف ساعة يتحدث مع والديها وهو يحتسي القهوة قال ان لديه في عطلة الاسبوع مواعيد, لذا عليه ان يعود الى لندن حالا, وبعد ان رفض بكثير من اللباقة دعوة السيدة رودنر الى العشاء قال لكيغان قبل ان يغادر: "ساكون هنا في الثامنة والنصف من مساء الاحد." بعد ذلك صافحها وصافح السيدة رودنر وغادر. قالت السيدة رودنر بعد ان ذهب: "يا له من رجل لطيف." ولم تكن متاكدة اذا كانت كلمة لطيف مناسبة لوصفه. اخبرت والديها حتى ذلك المساء عن الميتم, استمعا اليها من دون مقاطعة وعندما انتهت سالها والدها: "عزيزتي أتريدين نصيحتنا ام انك قررت؟" "قلت انني ساذهب, ثم اصبحت غير متاكدة من ذلك. لكن يبدو ان الاستاذ يظن انني ذاهبة. فهو يعتقد انها فكرة جيدة. واذا ذهبت فلن يطول غيابي الا بضعة اشهر او اقل.ماذا افعل حينها؟" "حسنا يا عزيزتي اعتقد انها فكرة جيدة ان تتركي الريجنت, لا شك ان هناك عددا من المستشفيات تستطيعين ان تحصلي فيها على مركز مماثل. لن يضرك ان تبقي هنا اسبوعا او اسبوعين حتى تقرري الى اين تريدين ان تذهبي." كان صوت امها مريحا ومطمئنا: "هل تريدين ن تكلمي ميلاني في الموضوع؟ انها عند آل هويلز. سوزان هويلز ستكون احدى اشبيناتها." قالت ميغان بصوت هادئ وضعيف: "طبعا لا, فهي مستاءة كفاية أليس كذلك؟ ساقوم بكل الاجراءات واخبرها عند جهوز كل شيء." سرحت قليلا واضافت: "اخبرت اوسكار, انه ... يعتقد انها فكرة رائعة." نظرت الى والدها قائلة: "اذاً تعتقد انه يجب ان اذهب؟" "قولي لي ميغ, لماذا غيرت رايك بعد ان وافقت على الذهاب الى هولندة؟" "اظن انني كنت مستاءة لان الاستاذ فان بلفيلد كان متاكدا بانني ساقول نعم..." ابتسم والدها وقال: "ردة فعل طبيعية جدا, ولكن ربما ندمت عليها؟" وافقت قائلة: "عندما ياتي غدا ساخبره انني ساذهب..." سالت والدتها: "ميغ متى سيكون ذلك؟ وماذا بشان الملابس؟" "يقع الميتم على الساحل في مكان صغير قرب مدينة تدعى كاستريكوم. لذا لن احتاج الى الكثير من الملابس." "ترى هل ستلبسين لباسا رسميا؟ تقولين ان الاستاذ عضو في مجلس الادارة, فلا بد انه يعرف. هل يذهب غالبا الى هناك؟" "لا اظن ان ليده الوقت لذلك. اعني ان اعضاء مجلس الادارة لا يتقابلون الا بين الحين والاخر قليلا أليس كذلك؟ قال مرة ان لديه اعمالا استشارية ولكن لا اعلم اين. ربما لديه بعض الاعمال الخاصة. انت تعرفين ان بعض الناس يدفعون لاجراء فحوص مختلفة." اصرت امها قائلة: "دعينا في موضوع ملبسك." امضيا باقي السهرة في اختيار الملابس التي ستاخذها معها. وصل الاستاذ مساء الاحد ومكث نصف ساعة اجاب فيها على اسئلة السيدة رودنر زهز يشرب فنجان قهوة. لم تكن ميغان موجودة فقبل نصف ساعة من وصوله اتصلت بها ميلاني وطلبت منها ان تعيدها الى البيت, لان سيارة اله ويلز تعطلت.ذهبت ميغان بسيارة والدها فهي لم تشاهد ميلاني خلال العطلة, ولكنها كانت متاكدة من انها ستعود قبل وصوله, الا ا نال هويلز اعاقوها عشر دقائق. قالت ميغان وهما تدخلان البيت: "أنه هنا..." فاتجها الى غرفة الاستقبال. وقف حين دخلا وحياهما, وبدا يتحدث مع ميلاني, لك يذكر الميتم فشعرت ميغان بالارتياح. ربما لم تسنح الفرصة لامها لتساله, وتاكدت من ذلك عندما قالت والدتها ان الااستاذ اعطاها وصفتين ضد ذباب الخضار. شربت ميغان القهوة وهي تجهل الحديث الذي دار بين الاستاذ ووالدتها, وبعد هنيهة قالت له انها جاهزة اذا كان يود الرحيل, احضرت ميريدث ثم حيتهم جميعا ووقفت صامتة وهو يصافح الجميع, ثم قال شيئا لميلاني جعلها تضحك قبل ان يصعدا الى السيارة. بدا يتحدث بمواضيع مختلفة فلم يعطها فرصة للحديث. انتظرت ميغان ان يتطرق للميتم ولكنه لم يفعل فقالت عندما وصلا الشقة: "ساذهب, ساذهب الى ميتمك فالجميع يعتقد انها فكرة جيدة." "وانت يا ميغان؟ ألا تعتقدين انهاا فكرة جيدة؟" "بلى انا آسفة لانني كنت عنيدة. لم اعن ذلك لقد كنت لطيفا جدا لتعاليك على كل المتاعب." "كنت فعلت الشيء نفسه لاي احد." عندما وصلا الشقة فتح الباب كعاادته واشعل النور, ثم تفحص المطبخ والنافذة, الا انه لم يقل شيئا. قال لها قبل ان يخرج: "ميغان دعيني ارى المديرة عنك قبل ان تقابليها, لا داعي لان تقدمي اعذارا لرحيلك. طبعا هي تعرف انك فسخت خطوبتك مع اوسكار, ولكن ليس هناك ضرورة لذكر ذلك." فتح الباب واضاف: "لا اريدك ان تتالمي اكثر, فقد اصابك ما فيه الكفاية." وضع يده على كتفها وقال:"ساراك في وقت ما خلال الاسبوع." ولسبب مجهول انفجرت ميغان بعد رحيله بالبكاء. لم تحدد ميغان موعدا مع رئيسة الممرضات اذ ان الاخيرة بعثت بطلبها. كان الجناح هادئا والطاقم كله مناوبا. لذلك ارتدت زيها الازرق الداكن واسرعت الى المكتب. كانت المقابلة قصيرة ومفاجئة, وبدت رئيسة الممرضات لطيفة وهي تتمنى لها التوفيق. "ليس هناك افضل من التغيير. انه لامر جيد ان يوسع الانسان افاق عمله. وعندما تعودين ايتها الاخت يمكن ان اوصي بك الى عدد من المستشفيات خارج لندن. لقد كان عملك ممتازا عندنا وتاكدي انك ستحصلين على احسن التوصيات مني شخصيا ومن الطاقم الطبي كله." وبعد هذا الكلام اللطيف صافحت ميغان التي لم تقل شيئا عدا تحية مساء مهذبة, وحين همت بمغادرة المكتب شكرتها وودعتها ثم خرجت من المكتب. كانت ميغان ستغادر بعد اسبوع اذ كان واضحا ان الاستاذ دبر ذلك. على الرغم من ان رئيسة الممرضات لم تذكر شيئا عن هذا الموضوع. عادت الى الجناح لتجد رسالة لها على المكتب توصي بالاتصال باسرع وقت ممكن بالاستاذ فان بلفيلد. "فان بلفيلد نعم؟" "هذه انا, انت تركت رسالة؟" "ساتي لرؤيتك هذا المساء حوالي السابعة. لا داعي لاعداد العشاء, ساحضر بعض الطعام معي وسنتحدث ونحن ناكل." لم يفسح لها المجال لتقول حسنا قبل ان يقفل الخط. انتهى عملها في الساعة الخامسة, ولكنها لم تغادر الجناح مباشرة فلا يزال امامها عمل تقوم به وهو تنظيم جدول الدوام والتاكد من حالات العمليات لليوم التالي. لذلك لم تترك المستشفى الا في السادسة. اسرعت الى الشقة قبل ان يصل الاستاذ فاطعمت ميريدث وحضرت القهوة ثم سرحت شعرها ووضعت مكياجها. وفكرت في تغيير فستانها فقد كانت ترتدي فستان كريب قطنيا بلون العسل, لكنها تذكرت ان الاستاذ لا يلاحظ ما ترتدي ابدا, كما انه قد يصل في اية لحظة. قالت لميريدث: "في الحقيقة هذه اصبحت عادة, فهل من المفروض ان اطهو العشاء الذي سيحضره معه؟" قرع الباب بعد دقائق فدخل الاستاذ فان بلفيلد وقال: "مرحبا." ووضع كيس بلاستيك على الطاولة واضاف: "هلا تركت الباب مفتوحا, ساحضر الباقي." عاد يحمل صندوقا وضعه على الطاولة واغلق الباب بقدمه وحمل الصندوق الى المطبخ. "وضعت الزجاجات في هذا الكيس خوفا من الجيران, هل تتسع لها الثلاجة؟" "كل شيء بارد, جلبتها باردة, لقد طلبت من السيدة ثرامبل ان تعد وجبة خفيفة." وقفت ميغان قرب الباب لضيق المطبخ وقالت: "هذا لطف منها." "ارتاحي انت وانا افرغ الصندوق." وضع المشروب في الثلاجة ثم جل ووضع ميريدث على ركبتيه, وراحت تفرغ الصندوق. "يا الهي هذا كـ... كـ..." "كثير جيد, فقد اخبرت السيدة ثرامبل اننا سنكون جائعين." افرغت ميغان الطعام ووضعته في صحون. "متى تريد ان تتناول العشاء؟" "حالما يوضع على الطاولة, هل ناخذ مشروبا في البداية؟" دخل الى المطبخ واخذ زجاجة من الثلاجة: "ربما لم تكن باردة كفاية على الرغم من ان السيدة ثرامبل بردتها جيدا." "هذا الشراب يقدم خصيصا في اعياد الميلاد." "وللاحتفالات ايضا, احضري كاسين ايتها الفتاة العزيزة." لم يكن لديها كؤوس خاصة بهذا الشراب بل كؤوس شراب عادي, كانت قد احضرتها من مخازن ولوورث. "احتفالات؟" "عمل جديد وبداية جديدة في الريف, لنا كل الحق في شرب نخب ذلك." ملا الكاسين وناولها واحدا وشربت منه قائلة: "لا اعرف الكثير عن الشراب ولكن هذا طعمه لذيذ جدا." وافقها الراي, اذ ان ولنر 1985 هو شراب ممتاز, ولكنه لم يكن ينوي ان يقول لها ذلك يكفي انه اعجبها. اخذ الكاسين ووضعهما على الطاولة فذهبت لاعداد الحساء. سال االاستاذ وهما يتناولان فطيرة ودجاجا: "هل كانت الرئيسة لطيفة معك؟" "اجل جدا, قالت انه نظرا للظروف يمكنني ان ارحل بعد اسبوع, ماذا قلت لها؟" "القليل جدا, سالتها اذا كان بامكانك الرحيل باسرع وقت ممكن, لانه مناسب لك ان تسافري معي الى هولندة." سكب المزيد من الشراب واضاف: "الان دعينا نناقش بعض التفاصيل." انهيا العشاء فاحضرت ميغان القهوة ووضعتها على الطاولة. لم يعد عليها سوى حزم حقائبها واحضار جواز سفرها وتوديع الجميع: "كل شيء يبدو سهلا, ظننت ان مغادرة الريجنت ستكون معقدة اكثر من ذلك بكثير." واففقها الاستاذ على ذلك فقد امضى وقتا طويلا وبذل مجهودا ليجعل الامر سهلا. وقف الان استعدادا للذهاب ووضع العلب الفاارغة في السلة ونشف الفناجين التي غسلتها ثم تمنى لها ليلة سعيدة وغادر. بدت الغرفة بعد رحيله خاوية اذ انه كان رجلا ضخما يشغل حيزا واسعا من شقتها الضيقة. كانت تود ان تساله اذا كانت ستراه بعد ان تستقر بهولندة. ولكنها امتنعت لمعرفتها بعادته بتجاهل الاسئلة التي لا يرغب بالاجابة عليها. استعدت للنوم وهي تفكرر به. فبعد بداية مزعزعة اصبحا صديقين, على الاقل من ناحيتها, في الواقع كانت لا تود ان تخسر هذه الصداقة. لم يكن لديها مناوبة حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي, مما منحها الوقت لتتصل بوالدتها: "لقد قررت اذاً." بدا صوت والدتها مرتاحا, فتذكرت فجاة ان ذهابها قد يسهل الامور على ميلاني واوسكار, ربما ماا يزالان يشعران بالذنب: "لا بد ان الاستاذ سيكون سعيدا لذهابه الى االبيت, فمهما كان مشغولا بالعمل فلا بد انه يشتاق لعائلته." وافقت ميغان وبعد عدة دقائق اقفلت الخط, كانت حتى ذلك الوقت لا تزال تعتبر الاستاذ كشخص اعتاد على الظهور عندما تكون في امس الحاجة اليه ويبقى في الوقت نفسه محايدا. اما الان فبدات تعتبره اكثر من ذلك, وقد ذكرتها امها بذلك, ادركت انها اصبحت الان تهتم به وتريد ان تعرف المزيد عنه, فما هو مهم بالموضوع هو انها ترتاح معه, ولكن هذا لا يكفي, لذلك قررت ان تتجنبه قدر الامكان, وحالما تصل الى هولندة ستشكره على مساعدته ولطفه, ولن تراه ثانية. ولكن الفكرة احزنتها. اخبرت جيني وهما تتناولان فنجان شاي بعد العشاء انها ستغادر, كان الجناح مملوءا بالزوار, ونقلت حالات العمليات الى غرفة العناية المركزة. بعد قليل ستقوم ميغان بجولة في الجناح مما يسمح لاي كان ان يطرح الاسئلة عليها. وذهبت الان لتتفحص حالات العمليات, كانت السيدات الثلاثة نائمات, ففحصت ضغطهن وتاكدت من ملابسهن ثم عادت الى الجناح حيث كانت تتوقف احيانا لتجيب على اسئلة احدهم, امضت عشرين دقيقة او اكثر في الجناح قبل ان تعود الى مكتبها حيث كانت جيني قد عدت لها ابريق شاي طازجا. جلست ميغان على الكرسي فيما سالت جيني: "من سيحل مكانك ايتها الاخت؟" "لقد اوصيت بك يا جيني, انت تعملين هنا منذ سنتين ويمكنك ان تديري الجناح مثلي تماما. لقد طلبت السيدة جيف زان تعمل بدوام كامل فابنها سيدخل مدرسة داخلية. انت تحبينها أليس كذلك؟ ثم انك تتفقين معها. لدي موعد بعد الظهر لمناقشة هذا اللموضوع ولكنني اقول لك الان لتعلميني اذا كنت لا تريدين الوظيفة." كانت جيني تريد الوظيفة الا انها قالت: "هل عليك الرحيل ايتها الاخت؟ اعرف ان الريجنت يقع في مكان معزول ولكن مع الوقت سنتعرف على المتاجر والمسارح, ألن تفتقدي كل هذا؟ والجناح؟" "حسنا ساشتاق الى اصدقائي والجناح, فقد امضيت وقتا طويلا هنا. ولكنني اتوق الى شيء مختلف." "اتعجب لماذا اختارك الاستاذ بان بلفيلد بالذات؟ لا بد انه يعرف الكثير من الممرضات في هولندة. انه..." توقفت مرتبكة: "انا اسفة اظن اانني افهم الان." "اريد ان ابتعد عن اختي واوسكار يا جيني. ليس لانني مستاءة من خطوبتهما ولكن لانني اعتقد اذا رحلت سيرتاحان. على كل حال لقد آن الاوان لاغير حياتي." نظرت الى ساعتها قائلة: "حانن موعد انصراف الزوار. ارجوك هلا قرعت الجرس؟ فساقوم بجولة اخرى." كانت ميغان في الايام التالية مشغولة جدا فلم تر الاستاذ ابدا. لقد طلب منها ان تترك كل شيء له. وهكذا فعلت. ذهبت في يوم عطلتها بسيارتها الضغيرة الى منزلها وامضت اليوم في حزم ثيابها التي ستاخذها معها الى هولندة, كان الصيف في اوائله والطقس حارا فاخذت معها تنانير جيرسي طويلة وعددا من البلوزات. قالت امها محذرة : "اخبرني احدهم انها تمطر في هولندة, لذلك وضعت في الحقيبة معطفا للمطر وحذاءين منابين.ط ساعدتها ميلاني في ذلك, او على الاقل جلست على السرير وتحدثت فيما كانت ميغان المرتبة جدا تضع ملابسها بين طيات الورق. "ستعودين في عيد الميلاد أليس كذلك ميغ؟" "اظن ذلك ربما ساكون في عمل اخر عندئذ." نظرت ميغان الى فستان اخضر وبرتقالي قائلة: "هل تعتقدين انه ستسنح لي الفرصة لارتداء هذا؟" "لم لا؟ سيكون لديك اصدقاء تخرجين معهم, ستكتبين وتخبريننا بكل شيء أليس كذلك؟ يقول اوسكار انك لا تزالين متحفظة ولكنك ستقابلين بالتاكيد كثيرا من الناس. هل ستشاهدين غالبا الاستاذ؟" "ربما لا. لا اعرف اين يقطن في هولندة, على كل حال سكون منشغلا بزوجته وعائلته." عبست ميلاني قائلة: "ما زلت اعتقد انه لا يبدو كرجل متزوج." تجهمت ميغان ايضا, فقد انقبض قلبها من كلمات اختها لكنها لم تجبها, بل تساءلت عن افضل طريقة لايصال ميريدث الى البيت قبل ان تغادر: "اظن انه من الافضل ان ارجع في المساء الذي يسبق رحيلي الى هنا فاودعكم حينها." مرت الايام الاخيرة بسرعة البرق اقام لها زملاؤها في بيت الممرضات حفلة وداع, فعادت محملة بالهدايا. وفي اليوم الاخير قدمت لها الممرضات ساعة يد, بعد ذلك ودعت ميغان المرضى ثم جيني التي بكت قليلا: "ساشتاق لك ايتها الاخت... اتمنى ان اكون قديرة في عملي مثلك تماما وان تكوني سعيدة. ستزوريننا عندما تعودين أليس كذلك؟" "عزيزتي جيني ستكونين رائعة في العمل, وسازوركم طبعا عندما ارجع, وسارسل بطاقة ايضا..." كانت تغادر الجناحح حين دق جرس الهاتف فطلب منها ان تذهب للمختبر قبل ان تغادر المستشفى. ذهبت في الحال وهي تفكر بتشاؤم ان كل شيء انتهى في اللحظة الاخيرة. بانت هذه المخاوف على وجهها عندما دخلت المكتب. كان جالسا الى المكتب يكتب ولكنه وقف عندما دخلت: "اعذريني لهذا الامر, ولكن هناك بعض التقارير التي يجب ان تنتهي هذا المساء ولا وقت لدي. ساقلك وميريدث الى بيتك قبل ان تغادري الى هولندة, هل ستكونين جاهزة في الثامنة؟ هل انت متاكدة انك تودين اخذ ميريدث الى بيتك؟" "اجل ولكن لا داعي." "ارجوك ميغان لا تضيعي وقتي افعلي ما اطلبه فقط. ربما ستكون امك لطيفة وتقدم لنا بعضا من القهوة والسندويشات فلن يكون علينا عندئذ ان نتوق في الطريق." "حسنا سيدي ساكون جاهزة في الصباح. انا متاكدة اان امي ستفرح بتقديم شيء لنا." فتحت الباب وقالت بهدوء: "تصبح على خير يا سيدي." عاد الى مكتبه قائلا: "تصبحين على خير يا ميغان." قالت في نفسها وهي في طريق العودة الى الشقة انه ليس هناك من سبب يدعوه لكي يكون ودودا معها. لقد ساعدها كثيرا وامّن لها وظيفة ولا داعي لان يفعل المزيد. تناولت العشاء واتصلت بوالدتها لتشرح لها انها لن تذهب الى البيت قبل الصباح, وان الاستاذ سيوصلها. بعد ذلك فتحت علبة سردين لميريدث, ستشتاق اليه كثيرا ولكنه سيكون سعيدا في البيت. وعندما تعود الى بريطانيا وتستقر بعمل جديد ستستعيده. وضبت حقائبها وقابلت صاحب المبنى لتدفع الايجار, ولم يعد امامها سوى ان تترك المفتاح عند الجيران قبل ان تغادر في الصباح, ضبطت ساعة المنبه على السادسة واوت الى الفراش, وكالعادة تسلل ميريدث الى فراشها. نهاية الفصل السادس قراءة ممتعة للجميع ************************************************** **** التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 21-02-17 الساعة 03:25 AM | |||||||||
06-02-17, 12:13 AM | #8 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الفصل السابع كانت ميغان جاهزة ترتدي سترة رمادية وقميصا مقلما وحقيبتها الى جانبها وميريدث داخل السلة الخاصة به عندما وصلت سيارة الرولز رويس. خرج منه الاستاذ والقى عليها تحية الصباح ثم التقط الحقيبة وسلة الهر ووضعهما على مقعد السيارة الخلفي وفتح لها بابها الامامي. حصل كل هذا بسرعة خاطفة وانطلقا قبل ان تمضي خمس دقائق على وصوله. قاد الاستاذ السيارة بصمت ولولا صوت ميريدث في الخلف لعم السكون داخل السيارة. "اتمنى ان يكون ميريدث سعيدا." قطعت ميغان الصمت: "لطالما كاان سعيدا وهو في البيت." "اذا لم يكن سعيدا ولم يستطع التاقلم سوف اخذه الى السيدة ثرامبل." "تعود الى هنا؟" شعرت بالرعب: "اعتقدت انك ستبقى في هولندة" "لقد قسمت وقتي بين هنا وهنك, سوف امضي بعض الوقت في هولندة اقوم باجاء بعض الفحوص والقاء بعض المحاضرات." كان الوقت باكرا وزحمة السير خفيفة, قاد السيارة بثبات دون ارتباك: "هل من الضروري ان نسلك هذه الطريق للوصول الى دوفر؟" سالته ميغان. "لا. نستطيع ان نسلك طريق م 25 ومن ثم الى الاوتوستراد ثم الى دوفر, لا يوجد مشكلة." اخذ يتكلم بمواضيع شتى, هدات ميغان قليلا ولكن الاسئلة الكثيرة التي نوت ان تساله عنها بقيت في راسها. كانت العائلة جميعا بانتظارهما عندما وصلا امام منزلها. اخذ كولن عطلة ووالدها لم يذهب الى المكتب, وقفوا جميعا عند الباب عندما اوقف الاستاذ السيارة. شق الاستاذ طريقه بينهم, تكلموا جميعا في آن واحد. لم يكن هناك متسع من الوقت فتناولوا القهوة حول مائدة المطبخ والتهموا الساندويشات التي حضرتها السيدة رودنر مع ميلاني, بينما انشغلت ميغان باعطاء توجيهات عن ميريدث الذي خرج من سلته وتجول في الشقة يلعب مع الكلب جانوس: "اذا لم يعجبك المكان هنا فان الاستاذ بان بلفيلد سياخذك لان مدبرة البيت عنده تحب القطط." كان الاستاذ يجلس في نهاية الطاولة يتكلم مع ابيها, التقت نظراتهم: هل نغادر بعد ربع ساعة؟" اقترح عليها. التفت ناحية السيد رودنر: "ربما تستطيع القاء نظرة على المحرك؟ هناك عدة امور عنه..." خرج الاثنان ورافقهما كولن. قالت ميلاني برقة: "انه رئع استاذك يا ميغ, حسنا انه ليس لك لكن لا فرق, انه رائع وتلك السيارة الرائعة ايضا ألست متحمسة؟" "اظن انني كذلك. انه لامر مسل ان اختبر شيئا جديدا, وسيكون لدي الوقت الكافي لاقرر ما هي خطوتي التالية." تكلمت ميغان بحماس او هكذا بدا لامها. "هل سيبقى الاستاذ في هولندة؟" سالتها امها. "اظن ذلك لديه بعض الاعمال ينجزها هناك ولكنني لا اعرف تماما اين. لا ااتوقع رؤيته مرة ثانية." وبدت ميغان جديه وهي تقول كلماتها الاخيرة. وافقت امها: "بالطبع لديه." لقد كلف الامر كثيرا من التفكير والمجهود كي تحصل ميغان على هذا العمل, على كل حال انها تستطيع اان تجد عملا اخر في مكان ما في انجلترا. لا تصدق انه متزوج واذا حمل ميغان على تصديق ذلك فانه يعود لاسباب خاصة به. شعرت بداخلها انه مغرم بميغان لكن ميغ لم تظهر اي تصرف يدل على اهتمامها به. "حسنا حبي يجب عليك ان تستعدي للمغادرة. خابريني عندما تجدين الوقت واكتبي رسائل طويلة. سوف نهتم بهرك, اعتني بنفسك يا ميغ وكوني سعيدة." كان الوداع صعبا وعلى الرغم من انهم عائلة متحفظة فنادرا ما يظهرون عواطفهم علنا الا انهم عائلة متماسكة واحدة احتضننت ميغان الجميع بمن فيهم جانوس وميريدث, ثم صعدت الى السيارة, انه من الحمق ان تدع دموعها تسيل كالاطفال انها امراة ناضجة ويجب ان تتخطى هذه المشاعر الطفولية. لوحت بيدها للجميع, وفجاة بعث الاستاذ البهجة في نفوس عائلتها عندما قال: "سوف نعود..." بالطبع لم يقصد ما قاله. انه لطيف ليقول شيئا مفرحا كهذا. يجب عليهما ان يقطعا مئة وثلاثين ميلا للوصول الى دوفر. قاد الاستاذ سيارته بسرعة لكنه بدا كشخص لديه الوقت الكافي لاي شيء. وهو يحادثها بمواضيع شتى لم تنته حتى وصلا الى دوفر. لقد حسب وقت الرحلة بدقة. تناولت ميغان الشاي وبعض البسكويت اثناء الرحلة وقرات الدليل السياحي الذي زودها به عن هولندة كان كتيب الدليل يشمل معلومات عامة وشاملة حتى لاصغر المناطقوالقرى. من الوصف اتضح ان الميتم يقع بين بيوت قليلة وكنيسة ومحل يبدو كانه مركز بريد غير بعيد عن الشاطئ ايضا, ومحاط باشجار جميلة شبيهة بغابة صغيرة. انهمك الاستاذ بقراءة بعض الاوراق التي اخرجها من حقيبته ثم نظر اليها وابتسم عندما سالته: "هل هناك حافلات الى كاستريكوم وهيمزكيرك؟" "بالطبع هناك لكن عددها يتضاءل بالشتاء. الجميع يستعملون الدراجات الصغيرة. هل تستطيعين ركوب دراجة؟" اومات براسها: "جيد ستكون لك واحدة. وهذه افضل وسيلة للتنقل في انحاء المنطقة." عاد يقرا اوراقه واخذت ميغان تنظر من النافذة الى المياه الهادئة تتخيل الايام اللتي ستقضيها هنا. الجزء الاطول من رحلتهما لا يزال امامهما. انطلقا من كاليه الى كونت وانتورب, ثم وصلا الى هولندة. قاد الاستاذ سيارته بسرعة مارا بالقرى والكنائس وهذا ما اتاح لميغان مشاهدة هذه المناظر الرائعة. كان الوقت ظهرا. تساءلت ميغان كم سيكون الوقت متاخرا عندما يصلان الى الميتم؟ تمنت ان تجد وجبة طعام جاهزة ثم اخذت تفكر بالوجبات التي تحب ان تتذوقها. شعرت بالاحراج عندما قال الاستاذ: "لا بد ان تكوني جائعة, لن يستغرق الامر طويلا حتى نصل." انعطف بسيارته الى مفترق طريق ضيقة تؤدي الى منطقة جميلة مشجرة. لا بد ان البحر اصبح قريبا الان فكرت ميغان, ولكن قبل ذلك عليهما المرور بالسدود والانفاق حسبما ذُكر بالدليل السياحي. لم تكترث للاشارات على الطريق عندما انعطف الاستاذ على الطريق وشاهدت البحر امامهما. احست بالراحة لكنها لم تر السدود والانفاق بل شاهدت غابات صغيرة وحقول واسعة. ابطا الاستاذ اللسيارة عندما دخلا اللقرية فنظرت ميغان حولها ورات الكنيسة وساحة القرية والبيوت المتناثرة, كما رات متجران. ولكن اين السدود والانفاق؟ ادخل الاستاذ سيارته عبر بوابة مفتوحة ثم توقف امام منزل. "يا له من مكان رائع لميتم." قالت ميغان. خرجت من السيارة وهي تنظر حولها تستكشف المكان بسرعة. كان البيت رائعا فعلا بجدرانه البيضاء ودرجه الواسع والاعشاب الخضراء المتدلية من كل مكان ونوافذه الكثيرة. ابتسم الاستاذ: "هذا ليس الميتم يا ميغان, انه بيتي." حدقتفيه: "لا تنظري الي هكذا فالوقت متاخر لاوصلك الى الميتم هذا االمساء. سوف تتناولين وجبة طعام وتقضين الليلة هنا." امسكها من ذراعها وقادها نحو المنزل. لكنها توقفت فجاة بعد عدة خطوات وقالت: "هذا خطا يا استاذ بلفيلد. هل تتوقع زوجتك قدومي؟ ومن ناحية اخرى فانت تريد ان تحظى بزوجتك واولادك؟" امسك ذراعيها وهزها قليلا: "يجب ان نوضح شيئا, لا يوجدد عندي زوجة يا ميغان وليس عندي اولاد." "لكن انا قلت... انت قلت..." "اسكتي ودعيني انهي كلامي. لم اقل ان عندي زوجة واوولاد. اذا اخترت انت ان تتصوريني في مخيلتك بانني رجل متزوج واب فهذا شانك, وهذا نتيجة مخيلة واسعة..." "حسنا لم يكن هناك من حاجة لجعل الامر سرا." اجابت ميغان, التقت نظراتهما. "ليس لانني اريد ان اعرف شيئا عن حياتك الشخصية." احمرت وجنتاها عندما قالت هذا: "اذا لم يكن عندك زوجة فلا يمكنني ان ابقى هنا." اخذ بذراعها وحثهاا على السير وهو يقول: "فتاتي العزيزة خذي بعين الاعتبار انني كعضو في الهيئة الطبية, هل احب ان اعرض سمعتي للاقوال؟ تعالي تعالي لطالما اعتبرتك امراة حساسة جدا. يوجد جدتي ومدبرة منزل متزوجة في ممنتصف العمر, وخادمتان في البيت, والان هلا دخلت فانا جائع." لا فائدة من المناقشة. ارادت ان تضحك. تسلقت الدرجات الى جانبه. فتح الباب رجل عجوز زادت تجاعيد وجهه عندما ابتسم واصبحا في الداخل. تبادل الرجلان بعض الكلمات في لغتهما الخاصةو قبل ان يقوم بتقديمه الى ميغان. كان اسمه ليتمان. تصافحا: "انت على الرحب يا انسة." قال لها بلهجة انجليزية ثقيلة. وتكلم مع الاستاذ الذي وضع يده على ذراعها برفق ونادى: "سنوجي, احدى الخادمتين, سترشدك الى المكان الذي تستطيعين فيه ان تقومي بترتيب نفسك قبل ان نقابل جدتي, هيا اسرعي. سوف اكون هنا انتظرك." دخلت الى غرفة في نهاية الصالة. نظرت الى نفسها بحماس, فشعرت باضطراب لفكرة مقابلة جدته. لكنها لا تستطيع البقاء هنا طويلا, سرحت شعرها ووضعت قليلا من البودرة على انفها وعادت الى حيث كان ينتظرها الاستاذ. ورات في وسطها سجادة ثمينة واثرية تغطي الارضية الخشبية. كما لاحظت الكراسي والاريكتين الكبيرتين والمريحتين. انها غرفة كبيرة لكنها لا تستطيع ان تشعر فيها بالحياة. رات في الغرفة شخص امراة عجوز تجلس على كرسي كبير منتصبة, وكان شعرها الابيض مرتبا فوق وجهها الصغير النحيف, وكانت قماشةثوبها الرمادي من النوع الجيد الذي يليق بامراة في سنها المتقدم, والذي كان ملائما للمجوهرات التي تلمع في خواتم اصابعها, كان في حضنها هر فتح عينيه عندما دخلا الغرفة ثم اغلقهما مرة ثانية. لكن الكلبين قرب المراة العجوز اخذا ينبحان ويهزان ذيليهما, تلك طريقتهما بالترحيب بالاستاذ: "روزي وسويفت." تمتم الاستاذ. امسك بها ومشى باتجاه المراة العجوز. انحنى وقبل وجنتي المراةالعجوز وقال شيئا لها لم تفهمه ميغان. قدم ميغان لجدته, صافحت الجدة يد ميغان وقالت: "انا سعيدة بلقائك عزيزتي." كانت لغتها الانجليزية صحيحة كحفيدها ولكن اللكنة لا تزال موجودة: "ربما نتكلم قليلا قبل ان تغادري, ولكن انت الان بحاجة الى تناول العشاء. سوفاذهب الى غرفتي الان. هل تاتي لرؤيتي قبل ان تخلدي للنوم؟ لدقائق؟" هزت ميغان االيد المجعدة بلطف: "سوف اكون مسرورة." كان الاستاذ يراقبها ثم قال: "سوف نتناول عشاءنا يا جدتي, وسوف اتاكد من زيارة ميغان لك بعد ساعة." تناولا عشاءهما في غرفة صغيرة وجلسا في مواجهة بعضهما حول طاولة مستديرة وضعت عليها الكؤوس البلورية والاواني الصينية. تناولا الحساء اولا اتبعاه بطبق سمك وسلطة, ثم تناولا الجاتو المحلى بالكرز والقهوة. قام ليتمان على خدمتهما. لم يتكلما كثيرا اثناء تناولهما الطعام, وعندما انتهيا من تناول القهوة رافقها الاستاذ الى الطابق العلوي الذي كانت فيه ممرات كثيرة, اخذها الاستاذ في احدد هذه الممرات ثم طرق على احد الابواب وجدت ميغان نفسها في الداخل. كانت الغرفة واسعة ونوافذها كبيرة تطل على مروج خضراء تستطيع رؤيتها بسهولة تحت ضوء القمر. كانت جدته تجلس على سرير واسع مغطى بالاغطية والوسادات الكثيرة, وكانت قطتها تجلس بقربها. كانت تقرا عندما دخلا, لكنها رفعت عيينيها عن الكتاب الان وقالت: "تعالي الى هنا يا طفلتي." اشارت بيدها نحو الاستاذ: "لن ابقيك طويلا جاكي, تستطيع الذهاب الى غرفتك. مايز سترافق ميغان الى غرفتها." بدا على الاستاذ علامات التسلية: "كما ترين يا ميغان كيف ان جدتي جدية بالنسبة للتصرف اللائق. سوف اودعكما, تصبحان على خير." اتجه نحو جدته وقبلها, وكم كانت دهشة ميغان عظيمة عندما لثمها ايضا, وخاطبها قائلا: "لا تتاخري على الفطور, رحلتنا تبدا باكرا." ثم غادر. "اجلسي قربي على السرير يا ميغان." قالت العجوز: "ان سمعي ليس جيدا كالسابق, اخبرني جاكي انك تعملين معه في المستشفى ذاته. وفتاة جميلة مثلك بالتاكيد مرتبطة باحد ما؟" "نعم." قالت ميغان ثم استدركت قائلة: "لا." واخذت تخبر الجدة عن بيتها وعائلتها. كانت الجدة تهز راسها علامة الرضى. "لقد احسن جاكي الاختيار, سوف تكونين سعيدة هنا في هولندة يا عزيزتي." ابتسمت في وجه ميغان: "تستطيعين توديعي الان يا ابنتي. ستغادرين المنزل باكرا وقبل ان استيقظ بمدة طويلة, لقد سُعدت بلقائك, سترافقك مايز الى غرفتك الان." قبلت ميغان الخد الناعم ثم توجهت الى غرفتها برفقة الخادمة.اسدلت الخادمة الستائر ثم دخلت الحمام وقالت لميغان شيئا. لم تفهم ميغان ما قالت لكن نبرة صوتها كانت لطيفة. يا للبيت الجميل, فكرت ميغان وهي تنزلق تحت اغطية السرير. للاسف لن اشاهد الكثير منه. لم يكن هناك وقت, تناولت الفطور مع الاستاذ ثم غادرا قبل الثامنة. لم تعرف الجهة التي توجه اليها بسيارته, ولكنها استطاعت رؤية السدود والتلال وسالته: "هل اصبحنا قريبين؟" "نعم سوف نصل بعد ان نعبر هذه القرية." مرا قرب عدة بيوت وكنيسة: "من هذه الطريق نصل الى البحر على الجهة الاخرى من التلال." كان مبنى الميتم مستطيلا وابيض, سقفه احمر محاطا بمروج خضراء وعدة اشجار. قطع الاستاذ الصمت: "يوجد خلف الميتم حقل واسع حيث يستطيع الايتامزراعة ما يحلو لهم في قطع صغيرة مخصصة لكل طفل." توقف امام باب كبير. ساعدها على النزول من السيارة. قرع الجرس ثم دخلا الى قاعة واسعة حيث استقبلتهما اممراةلها ملامح لطيفة ووجه بشوش, وعينان زرقاوان ضاحكتان. تصافحت مع الاستاذ كصديق قديم. قالا بضع كلمات لبعضهما البعض قبل ان يقوم الاستاذ بتقديم ميغان. "ميغان رودنر, كاتجي, ميغان هذه هي المديرة جوفرو بال, ستتحدثان سويا لاحقا. والان سيقوم احدهم بارشادك الى غرفتك. اريد ان اتكلم مع المديرة قبل ان ارحل, يجب ان اكون في دنهاج حوالي العاشرة والنصف." لم تتوقع ميغان هذا. كان بيته على مسافة قريبة من هنا, وتوقعت ان تراه كثيرا قبل ان يغادر الى انجلترا. سوف يبقى هنا لعدة اسابيع لقد قال لها ذلك بنفسه. شعرت بالرهبة لفكرة بقائها وحيدة وعدم رؤيته ثانية. بددت كلماته الاخيرة امالها: "انا متاكد انك ستكونين سعيدة هنا, فسيكون عندك خطط كبيرة للمستقبل." حدقت اليه, عكست عيناها افكارها. لم يضف اكثر, فقط صافحها وودعها بطريقته اللطيفة المعهودة. رافقت ميغان الفتاة التي سترشدها الى غرفتها. وصلت ميغان منتصف الطريق والتفتت وراءها, نظرت اليه ولكنه لم يكن ينظر ناحيتها. راقبته وهو يرافق المديرة خارج القاعة. قاومت شعورا قويا في داخلها للحاق به لتقول له انه ليس عندها خطط للمستقبل اذا كانت هذه الخطط تمنعها من رؤيته, اخذت تقاوم هذه مشاعرها القوية التي تحسها نحوه. ادركت انها واقعة في غرام الاستاذ. كانت غرفتها في الجهة الامامية من البيت, صغيرة لكنها جميلة مرتبة الاثاث. رافقتها الفتاة التي قدمت نفسها تحت اسم ساين. كانت اكبر عمرا من ميغان بقليل, ولها ذلك الوجه اللطيف وكانت تتكلم الانجليزية جيدا. "سيارة جيدة." قالت ساين وهما ينظران من النافذة نحو سيارة الرولز رويس المتوقفة امام المدخل: "الاستاذ بارون فان بلفيلد ررجل ثري, وهو وسيم ولطيف كذلك..." "بارون؟" سالتها ميغان. "ألا تعرفين انه بارون؟" بدت ساين مندهشة. "ربما هو استاذ فقط في انجلترا؟" اضافت ساين, وهزت ميغان راسها. ان صفة بارون جعلته بعيدا عنها اكثر من قبل. خرج الاستاذ برفقة المديرة. تصصافحا ثم استقل سيارته وانطلق بها, لم ينظر الى الاعلى, لكن لماذا يفعل هذا؟ "حسنا." قالت ميغان: "سوف ارتب ثيابي في الخزانة. هل هذا هو الثوب الذي سارتديه؟" هزت ساين راسها: "عندما تنتهي من ترتيب ثيابك ستنزلين لمقابلة المديرة, هل تكفيك ربع ساعة لذلك؟" "حسنا وشكرا ساين." تركتها ساين وحيدة اخرجت ثيابها بسرعة ورتبتهاا بعناية, ثم ارتدت ثوبها الخاص بالعمل, كان لونه ازرق منسوجا من القطن باكمام قصيرة وياقة عالية. كان يوجد عدة مراييل, لا حاجة بوضع وااحد فكرت ميغان, فساين لم تكن تلبس واحدا. سرحت شعررها ثم نزلت الى الطابق الاسفل. استطاعت سماع صوت الاطفاال وبكاء الرضع, لكنها لم تشاهد احدا. دقت على احد الابواب الذي كتبت عليه لافتة "المديرة." كانت المديرة تجلس وراء مكتبها, ابتسمت عندما شاهدت ميغان. "تفضلي بالجلوس انسة رودنر, يبدو المكان غريبا عليك لكنك ستعتادين عليه قريبا وتشعرين بالارتياح, سترافقك ساين في جولة على الاقسام ولمقابلة العاملين في الميتم. اما الان فسوف اطلعك على واجباتك, اتمنى ان تعملي في قسم الرضع, لدينا سبعة اطفال حاليا يبلغ اصغرهم ثلاثة اشهر من عمره واكبرهم عمرا حوالي سنة. تساعدك فتاة اخرى في المناوبة, ستكن نوبتك من الثاللثة ظهرا حتى العاشرة مساء وفي الاسبوع المقبل من الساعة السابعة صباحا حتى الثالثة ظهرا, لديك يوم راحة في الاسبوع, وستشرح لك ساين التفاصيل. ستنوب عنك فتاة في فترة الطعام. توجد فتاتان للحالات الطارئة. انه عمل متعب ولكنه يستحق لك, سيكون لديك وقت كاف لنفسك في اليوم. انت ممرضة متمرسة؟ لدينا غرفة تمريض صغيرة وارجو في حال وقوع احد الاطفال مريضا ان تشاركي بالاعتناء به. ان الاطفال اصحاء كما تعرفين, يذهب اكبرهم سنا كل يوم الى المدرسة في القرية, والرضع يبقون في الحضانة ولكن نخرجهم الى الهواء الطلق بعض الاحيان..." توقفت المديرة عن الكلام قليلا ثم تابعت: "يجب ان اخبرك اكثر أليس كذلك؟ فانت لم تكوني على معرفة بالذي ينتظرك هنا؟" ابتسمت ميغان: "لا ابدا حضرة المديرة, انه تغيير جيد بعيدا عن لندن." "هذا جيد, انا كنت في لندن عندما كنت صغيرة, مدينة رائعة لكنني افتقدت البحر والريف. اما الان سترافقك ساين لتناول القهوة ثم القيام بلجولة. ستبدئين العمل عند الساعة الثالثة وستساعدك احدى الفتيات, يجب ان اخبر كان الذين يعملون هنا ينادون باسمائهم الاولى وذلك افضل واسهل للاطفال. ما هو اسمك الاول انشة رودنر؟" "ميغان." هزت المديرة راسها: "اسم جميل." قرعت المديرة الجرس امامها: "ستاتي ساين الان لمرافقتك, ارج وان تكوني سعيدة معنا مميغان." كان الميتم منسقا بشكل جيد ومعدا بشكل مريح. كانت الغرف مزودة باضاءة ججيدة والوان جميلة مريحة لنظر. يوجد داخل كل غرفة ثمانية او سبعة اسرة وغرفة كبيرة للعب. كانت غرف الاطفال الاكبر سنا اصغر حجما. وفي نهاية الجولة دخلت غرفة التمريض, كانت مزودة بمعدات ضرورية للحالات الطارئة. ابدت ميغان اعجابها بالغرفة فاجابت ساين:"ان اقرب مستشفى يبعد مسافة لا باس بها. لذلك فنحن بحاجة الى هذه الغرفة, وبها نكون جاهزين لكل شيء." "هل يقوم بزيارتكم طبيب؟" "نعم يقوم بزيارتنا اسبوعيا وفي حال حدوث طارئ." نزلتا السلالم: "سنتناول القهوة ثم نخرج الى الهواء الطلق لالقاء نظرة." تناولتا القهوة في غرفة صغيرة فيها عدة طاولات مربعة, وحول كل طاولة اربعة كراس, ستائر زرقاء متدلية فوق النوافذ. كان في الغرفة فتيات اكبر سنا تعرفت اليهن ميغان, ارتبكت في بادئ الامر لاسمائهن المختلفة, لكنها ارتاحت لانهن كن يتكلمن قليلا من الانجليزية. قد تتعلم يوما اللغة الهولندية, فكرت ميغان, كان يجب ان تحضر قاموسها معها. كنت الفتيات لطيفات: "غدا." قالت ساين: "ستكونين حرة في الصباح ميغان, تستطيعين الذهاب الى القرية برفقة احدى الفتيات, وبعد ذلك يمكنك الذهاب بمفردك." "ماذا عن لرسائلظ اين مكتب البريد؟" سالت ميغان. "يوجد عندنا مكتب بريد ويوجد ساعٍ ياتي كل يوم. تستطيعين ان تعطيه رسائلك متى تشائين. يوجد ايضا هاتف يُسمح لنا باستعماله, سوف اريك." كل الاحتياجات الضرورية مؤمنة, فكرت ميغان, انهت شرب قهوتها وذهبت الى غرفتها لاحضار ورقومغلفات وقطع نقدية صغيرة. اتصلت بوالدتها ثم خرجت الى الحديقة. كان هناك بوابة كبيرة تفصل بين الحديققة عن التلال في الخارج. رغبت في انتستكشف المكان اكثر لكنها تذكرت ان وجبة الغداء تقدم في الحادية عشرة, لديها الوقت الكافي لكتابة رسالة صغيرة الى عائلتها, واذا بقي لديها بعض الوقت ستكتب رسالة لبقة تشكر فيها الاستاذ على مساعدته لها, لا تعرف كيف تبدا رسالة الشكر لكنه امر لا بد منه فكرت ميغان. يجب ان تسال المديرة كيف ترسل الرسالة الى الاستاذ فهي لا تعرف عنوان بيته, لم يخبرها الاستاذ ولعله لا يريد اخبارها. ابعدت تفكيرها عن رسالة الاستاذ واخذت تكتب رسالة مرحة الى عائلتها, انتهت خلال خمس دقائق ثم ذهبت للانضمام الى الاشخاص الموجودين في غرفة الطعام. كانت ساين موجودة برفقة فتاتين اخريين كن في انتظارها هيلين وانكي كانت الفتاة التي تساعد ميغان خلال فترة الظهر في غرفة الحضانة, وبدا انها فتاة شجاعة ذات وجه دائري جمييل وخدين ورديين. كانت تتكلم الانجليزية قليلا وبرغم ذلك تمتع الجميع بالوقت, ثم تلا الوجبة احتساء القهوة. قالتت ساين: "هذا المساء سنتناول وجبة خاصة بالاضافة الى القهوة." لم توضضح ساين اكثر ولم تسال ميغان. لا يزال امامها ساعتان قبل ان تبدا نوبتا. اقترحت عليها انكي ان ترافقها الى الشاطئ. قررت ميغان ان ترك رسالة الاستاذ وترافق انكي. اجتازتا البوابة الكبيرة الى الطريق المرصوف بالحجارة الملساء بين التلال. ثم صعدتا بعض الدرجات الخشبية. امتد البحر امامهما ولمعت رمال الشاطئ تحت اشعة الشمس. "جميل؟ " سالت انكي. "جميل, لم اتصوره على هذا النحو. هل ياتي الاولاد الى هنا؟" "الكبار فقط ولليس الرضع. عندما يسمح الوقت بذلك, تستطيعين ان تسيري لمسافات طويلةباتجاه هلدر او هيرلم." واضافت ضاحكة: "للكن ليس في االشتاء, فالطقس هنا بارد جدا اثناء الشتاء, لكن لن تكوني هنا." للاسف, فكرت ميغان, السير على الشاطئ الرملي والامواج تضرب الشاطئ بمياهها, ستكون تجربة رائعة, قد يكون الامراكثر اثارة مع الاستاذ.. قطعت حبل افكارها, يجب الا تفكر بهذه الطريقة, رددت على نفسها ذلك مرارا من دون فائدة. فكرت قليلا اثناء عملها في الحضانة, قد جعلها الاطفال من حولها مشغولة معظم الوقت. كانت انكي صبورة وقوية جدا, دقيقة في انجاز مهامها واعطاء ميغان المعلومات اللازمة عن كل طفل. "هل جميعهم ايتام؟" سالت ميغان. "نعم, كيف تقولينها, مهجورون, الصغير جان.." اشارت بيدها نحو الطفل الاصغر سنا الذي كانت تطعمه ميغان: "وجد داخل كيس عند التلال. كان مره عدة ايام, الان هو طفل معافى وجميل أليس كذلك؟" حدقت ميغان الى الطفل بين يديها: "انه جميل سوف يكون سعيدا هنا." "ليسا وجدها الاستاذ هناك على الطريق, انه يهتم كثيرا بالاطفال." "انا متاكدة انه رجل لطيف." قالت ميغان ذلك واحمرت وجنتاها. تركت ميغان منذ ذلك اليوم على هواها. وكانت المديرة تقوم يوميا بجولتين على الاقسام المختلفة, تمشى على مهل وتحادث الجميع عاملين واطفال, وتسال ميغان اذا كانت سعيدة في عملها, ولم تدل ميغان باي ملاحظة. لقد كان عملا شاقا ولكنها تمتعت به لانه لم يفسح لها مجالا كي تشعر بالاسى على نفسها, وفي اوقات الفراغ القليلة كانت تجد دائما من يتطوع لاخذها الى لقرية او التلال ا والى نزهة على الشاطئ الرملي. استلمت في نهاية الاسبوع النوبة الصباحية, وهكذا وجدت نفسها حرة بعد ظهر كل يوم. استعارت في اول يوم عطلة دراجة وذهبت الى كستريكوم كانت مدينة هادئة وتحتوي على متاجر قليلة ومطعم يقع في شارع دوريس حيث تناولت طعام الغداء قبل لان تتابع طريقها في اتجه الشمال الى اجموند, حيث ركنت دراجتها على جانب الطريق وتناولت. احست بالنشوة فعل الهواء العليل وعادت ادراجها الى الميتم ببطء. كانت تفكر بالاستاذ وتتمنى من كل قلبها لو كان معها الان. فكرت بحزن, لا شك انه نسي امري الان, ولكنه كان محقا باقناعي كي اتي الى هنا, انا منهمكة جدا كي افكر بنفسي وعندما اكون حرة اشعر بالسكينة. كتبت له رسالة استغرقت كتابتها عدة ساعات رغم قصرها. قرا الاستاذ الرسالة, ابتسم قليلا وطواها بعناية ووضعها بجيب معطفه, انه باق بهولندة عدة اسابيع ولديه الوقت كي يذهب الى الميتم ويقابلها, ولكن رغم رغبته بالقيام بذلك لك يفعل, انه رجل يستطيع الانتظار واستغلال عامل الوقت لمصلحته, الى ان تدرك ميغان لمن يخفق قلبها. نشات صداقة سريعة بين ميغان والفتيات الاخريات, استطاعت تعلم بعض الكلمات الهولندية, وشجعتها الفتيات اللواتي كن ياخذنها معهن في اثناء فترة راحتها, اما للتجول على الدراجة او المشي على الشاطئ الذهبي, او الذهاب الى القرية لارسال الرسائل. كتببت رسائل كثيرة لعائلتها واصدقائها في الريجنت. ارسلت بطاقة بريدية الى اوسكار تمجد فيها جمال المنطقة وكم تحب عملها الجديد, اما الشخص الوحيد الذي لم تكتب له فكان الاستاذ. لقد كتبت له مرة واحدة بارشاد من المديرة التي زودتها بالعنوان الى مستشفى لايدن, لم تتوقع ان ياتيها الرد لكنها تمنت لو يرد على رسالتها. في منتصف الاسبوع الثاني لوجودها هن, وكانت مشغولة باطعام الاطفال, عندما دخلت المديرة الىالحضانة برفقة شاب متوسط الطول شعره جميل ووجهه مبتسم ويرتدي بنطالا وسترة وقميصا ياقته مفتوحة. قدمته المديرة لميغان: "الدكتور تتيموس انه يقوم بزيارتنا بانتظام وفي حالات الطوارئ." ابتسمت بوجه ميغان: "هذه ميغان التي اتت من انجلترا لفترة قصيرة لتحل مكان بين التي ذهبت الى كندا. " اومات براسها للاثنين: "الان سوف اترككما لتقوما بجولة في الحضانة, ميغان لا تخافي فهو يتكلم الانجليزية." "هل وجدت اية فرصة لتعلم اللغة الهولندية" سال الدكتور تيموس. ضحكت ميغان: "تقريبا لا, هل يتكلم الجميع الانجليزية في هولندة؟" "لا لا ليس الجميع, لكن معظمنا يتكلم الانجليزية, فنحن نجد متعة كبيرة عندما تتاح لنا فرصة للتحدث بها." ابتسم: "الان من ين سنبدا؟ هل لديك اية مشكلة؟" "حسنا لا لا اظن ذلك, يانتي ليس طفلا سعيدا ربما لانه ترك في ككيس ورق. انه ياكل جيدا ويحب ان يدلل, ووزنه يزداد باستمرار." حملت الطفل بين يديها, بدا الطفل سيء المزاج لكنه لم يبك عندماا حمله الدكتور: "يا للطفل المسكين." قال الدكتور تيموس: "كيف حال ليسا؟ كانت مريضة جدا عندما احضرها الاستاذ, لقد التقيته أليس كذلك؟" احست بالحرارة في وجهها: "نعم انا كنت اعمل في الريجنت في لندن, فهو الذي وجد هذ العمل لي." "انه رجل طيب... قاس قليلا لكنه ذكي." ارجع يانتي ثم قاما بجولة. عندما انتهيا قال لها: "عندي تمرين في كاستريكوم, ربما عندما تجين نفسك حرة نستطيع ان نقوم بجولة في انحاء القرية." "شكرا ساحب ذلك." حسنا لنجعل هذا اليوم قريبا." اوما براسه مودعا ثم غادر الحضانة. عادت ميغان لاطعام الاطفال والعناية بهم. نسيت الدكتور كليا, لكنها لم تستطع ابعاد تفكيرها عن ااستاذ. قاس ام لا, لا تيد رجلا اخر غيره في هذا العالم. نهاية الفصل السابع قراءة ممتعة التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 21-02-17 الساعة 03:26 AM | |||||||||
06-02-17, 12:27 AM | #9 | |||||||||
مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية
| الفصل الثامن ذهبت ميغان في يوم عطلتها في الاسبوع التالي الى ألك مار وركبت دراجتها الى كستريكوم ثم استقلت الحافلة. كان ألْك مار مكانا يستحق الزيارة, هكذا اخبرتها صديقاتها في اميتم, خاصة ان يوم عطلتها كان يوم الجمعة, اليوم الذي تنزل فيه الجبنة الهولندية المشهورة الى السوق.اجتازت الحافلة القرية وتوقفت امام المبنى حيث تباع الجبنة, تمتعت ميغان بوقتها, امضت الوقت بين الحشود تراقب الرفوف الخشبية الطويلة التي وضعت عليها الجبنة. وتمتعت بكل لحظة ثم توجهت الى الطرريق الرئيسية قاصدة مطعما صغيرا لتناول فنجان قهوة. وقفت حائرة امام عدة مقاه لا تعرف اين تدخل, ثم شعرت بيد تلمس كتفها, انه الدكتور تيموس: "مكان رائع أليس كذلك؟" واضاف: "اذا لم يكن عندك شيءاخ تقومين به تناولي طعام اغداء معي, ليس عندي دوام في لمستشفى حتى الخامسة." "هذا لطف منك, ولكني كنت ذاهبة..." "لتناول ساندويش, وانا جائع ايضا." اخذها من ذراعها وقادها بين الحشود الى اوتيل ديناكتيجل وجلسا متقابلين الى طاولة قرب احدى النوافذ. "شراب؟" اقترح عليها عندما ناولها الخادم لائحة الطعام. "هل تسمحين لي باختيار الطعام؟" طلب الطعام واخذ يتكلم بانطلاق, سالها اذا كانت سعيدة في الميتم؟ هل حبت هولندة؟ هل تريد مشاهدة الريف قبل ان تغادر الى انجلترا؟ "انت هنا لاسابيع قليلة فقط حسب ما اخبرتتني المديرة. هل لديك عمل اخر في انجلترا؟" هزت راسها نفيا: "لا اردت التغيير." قدم الغداء ولاحظت كمهو للذيذ "اني افكر بقضاء وقت اطول في هولندة, احب ان ازور امستردام ودالفت وربما لاهاي." كانت صحبتهمسلية وشعرت بالراحة معه. واقترح عليها ان يرافقها لمشاهدة سانت لورنس كيرك. وافقت بسرور. "لا بد انه قد اغلق الان, لكني استطيع الحصول على المفتاح من الحارس للقيام بجولة في داخله." كانت الكنيسة على قمة تلة, لم يسرعا كان يوجد الكثير لمشاهدته, قبر فلوريس الخامس وغيره. كان الوقت قد تجاوز الثالثة عندما خرجا الى الشارع اخيرا: "فنجان قهوة؟ ثم اعود بك الى الميتم, الا اذا فكرت بالبقاء حتى المساء." "كنت افكر بالعودة عند السادسة وعد الوجبة الثانية." اجابته. "رائع, لنجد مقهى, يوجد مكان جميل بالقرب من هنا." تناولا الشاي. اخبرها الدكتور تيموس عن خطيبته ايموجين التي هي في سنتها الاخيرة في كلية الطب. "سوف نتزوج في السنة المقبلة, وكستريكوم تزدهر سنة بعد سنة. يوجد عمل لنا الاثنين هنا." قالت ميغان: "شيء جميل. اخبرني هل هي سمراء ام شقراء؟" عندما وصلا الى الميتم كانت ميغان قد عرفت كل شيء عن ايموجين: "وانت يا ميغان, هل لديك مشاريع زواج؟" سالها الدكتور تيموس. اجابته بالنفي وشكرته بلطف وودعته بلطف. وصفت لصدديقاتهها فيما هن يتناولن الطعم رحلتها: شيء جميل ان التفي بالدكتور تيموس, من دونه ما استطعت رؤية الكنيسة." انتهت وجبة الطعام وتلقت ميغان اقتراحات كثيرة للاماكن التي يجدر بها ان تزورها: "هناك الكثير لرؤيته, ليس لديك سوى بضعة اسابيع." قالت انكي. اصبح الطقس دافئا. لم تكن ميغان سعيدة قط مثل الان وكانت مشغولة جدا لتتذكر تعاستها. انها محاطة بالصديقات وتشعر بالراحة معهن. احبت المشي على الشاطئ مع الفتيات, تستمع الى احاديثهن وتتعلم الهولندية وتضحك على اخطائها. لم تستطع ابعاد تفكيرها عن الاستاذ لكنها اقنعت نفسها بان الحياة لا بد ان تستمرر, اسابيع قليلة وتعود الى انجلترا وتبدا من جديد. اخذت تخطط للاماكن التي ستزورها قبل ان تغادر هولندة. لقد قرر اوسكار وميلاني الاستقرار في كينت او سوكس. تقدم اوسكار بطلب وظيفة في احد المستشفيات في لندن. رفضت ميلاني العيش هناك, لذلك اضطرا الى شراء بيت صغير على مسافة قريبة يستطيع اوسكار ان يعود اليه في اوقات فراغه. انه افضل, فكرت ميغان, على المرء ان يبتعد عن لندن لفترة, انه امر رائع ان تبقى هنا, تعمل في الميتم حيث لا يوجد مجال لتتذكر تعاستها الماضية, وحيث تستطيع ايضاا ان ترى الاستاذ, لكن ذا امر مستحيل. كانت ميغان تقف بعد يومين قرب الدكتور تيموس وكانت تحتضن يانتي بين يديها, بينما حمل الدكتور تيموس صورة بين يديه. مالت ميغان براسها لرؤية الصورة. كانت صورة ايموجين. دخل الاستاذ الى الحضانة بهدوء وقف قليلا عند لباب, واخذ يراقب ميغان وهي تقف قرب الدكتور تييموس, راى الضحكة على وجهها وهي تنظر الى الدكتور تيموس ثم تنظر الى الصورة. وقف هناك عند البب لدقائق يراقب, كان وجهه خاليا من اي تعابير ثم مشى باتجاههما. كان الدكتور تيموس اول من رآه ونظر باتجاهه ثم توجه للقائه. مد يده ليصافح الاستاذ واخذا يتحادثان بالهولندية, تكلم بهدوء لكن عينيه كانتا مركزتين على ميغان التي كانت تمسك يانتي بقوة. شعرت بالحرارة في وجهها سمعت خفقات قلبها القوية, خافت ان توقع يانتي وارادت ان تقول شيئا لكنها حست بالاختناق فلم تخرج الكلمات من فمها. انضم الاثنان اليها, كان الاستاذ اول من وجه الكلام لها: "صباح الخير يا ميغان, هل تستمتعين بعملك هنا؟" "كثيرا يا سيدي." كانت وجنتاها موردتين وشعرت بالغثيان. نظرت الى وجهه الهادئ الوسيم, كان خاليا من اي انفعال لرؤيتها. شعرت بالحرارة ترتفع في داخلها لدى رؤيته على هذه الحال. ما الذي حصل ليتحول من شخص لطيف كما عرفته في لندن, الى شخص بارد كانه غريب عنها؟ تساءلت ميغان, تمنت لو انه لم يات الان وينظر اليها بارتياب كما ينظر الى الممرضات في لندن. لكنها للم تخف منه على الرغم من ان جميع الممرضات شعرن بالخوف منه حينها. اخبرته هي بهذا. وقفت بمكانها بهدوء تهز يانتي بين يديها, جتى قال لاستاذ: "لاا اريد اعاقتك عن عملك, لكن اريد ان اتكلم قليلا مع الدكتور تيموس." وضعت يانتي في عربته وقادتها باتجاه الشرفة, ثم تناولت ليسا وغيرت لها حفاظتها واطعمتها وعندما عادت الى الغرفة وجدت ان الرجلين خرجا. لا تستطيع ان تغادر الحضانة كي تعرف فيما اذا كان الاستاذ غادر الميتم ام لا:"من الافضل لو فعل..." خاطبت ليسا وهي تقودها الى الشرفة الى جانب باقي الاطفال. عندما اخذت فترة راحة لتتناول طعامها نظرت من النافذة ورات ان سيارة الرولز رويس ما زالت متوقفة امام الميتم. قد تتراه اذا اسرعت في طريقها الى غرفة الطعام. كادت ان تتحرك من مكانها حين شاهدت الاستاذ يغادر برفقة الدكتور تيموس والمديرة. دفعت نفسها الى الامام لتتمكن من رؤيته جيداا لكنها سحبت نفسها بسرعة. عندما رفع الاستاذ راسه لينظر اليها التقت نظراتهما للحظة لكنه لم يبتسم. كمن ينظر الى الحئط. احست بالدموع تتجمع في عينيها. لماذا اه لماذا تقع في غرام شخص لا يهتم باحد؟ توجهت الى غرفة الطعام: "اتمنى الا اراه مرة ثانية." تمتمت ميغان وهي تعرف انها لا تعني ذلك حقا. توجه الاستاذ بسيارته الى بيته, راقبه ليتمان وهو يدخل البيت, تناول طعام غدائه ثم صفر لكلبين واخذهما في نزهة طويلة. اخذ يفكر بميغان كانت جميلة هذا الصباح عندما رآها في غرفة الحضانة وبدت سعيدة ايضا وهي تقف قرب تيموس. صر الاستاذ على اسنانه عندما تذكر ميغان وهي تقف قريبة جدا من تيموس, انها شابة وكذلك تيموس, بينما هو يقترب من الاربعين... انه يحبها ويشعر في داخله انها تبادله الشعور نفسه, لكنها لم تدرك ذلك حتى الان. يجب ان يتركها تكتشف ذلك بنفسها, قد يستغرق ذلك وقتا لكنه رجل صبور رجع الى بيته وتناول عشاءه. لن يقدم على فعل اي شيء ليجذب ميغان اليه, يعرف انه يستطيع ذلك اذا اراد ويكسب حبها. انه يعرف جاذبيته ومقدرته على جذب اي امراة, لكنه ل يريدها بهذه الطريقة. تكر العمل الكثير الذي ينتظره في مكتبه وابعد تفكره عن ميغان وانكب على عمله حتى منتصف لليل. لك يكن يعرف ان ميغان في الوقت نفسه مستلقية على فراشها تبكي لمعرفتها انهاا لن تراه ثانية. كانت الرحلة السنوية الحدث الكبير في كل سنة بالنسبة للميتم, فقد اقترب موعدها. كان الموعد في الحقيقة الاسبوع القادم وكانت التحضيرات لهذا اليوم قد ابتدات قبل عدة ايام. وكان جميع الايتام متحمسين, فقد سُمح للكبار منهم بان يساعدوا على التحضير, وكان الطقس رائعا. وصباح ذلك اليوم اجتاز عدد من الناس الطريق بين التلال متسلقين الدرجات الخشبية. قام الاطفال بنقل السلال والمناشف والكرات. حممت ميغان الاطفال وكانت فترة راحتها تبدا الساعة الثالثة, لكنها لم ترد ان تترك ساين بمفردها بين هذه الجموع الهائلة من الاطفال: "سوف آتي قبل فترة الراحة واحضر معي بعض الاشخاص للمساعدة." قالت احدى الفتيات. وهذا ما حصل, فقد وصل عدد من الاشخاص لم ترهم ميغان من قبل قبل موعد الراحة. كان الاولاد الاكبر سنا يلعبون على الشاطئ وباقي الاطفال في عرباتهم. عندما وصت ميغان الى الشاطئ لم تشاهد المديرة: "سوف تاتي لاحقا." اخبرتها ساين التي كانت تصف عربات الرضع تت الظلال. "اظن انه من الافضل ان تبقى انكي هنا برفقة الرضع ونحن نبقى برفقة الاولاد الاكبر سنا." اضافت ساين. اختارت ميغان الطفلين توماس وفيلما لتاخذهما الى اشاطئ, بينما اعتنت ساين بديريك ونيل. علا ضجيج الاطفال لكنه كان ضجيجا عذبا, كانت ميغان سعيدة لسعادة الاطفال, جثت على ركبتيها واخذت تعلم الطفلين كيف يبنيان القنوات. دفعها الهدوء المفاجئ لان تنظر الى الاعلى, ورات المديرة برفقة عدد من الاشخاص. رجل ملتح وامراة انيقة ترتدي ثيابا لا تناسب نزهة كهذه. وسار وراءهما رجلان, الدكتور تيموس والاستاذ. انضم بعض الاطفال الكبار لى ميغان لمساعدتها في بناء القنوات, فاصبحت الن محاطة من جميع النواحي تقريبا وبالتالي اعطت ظهرها للقادمين. رآها الاستاذ في الحال لكنه لم يقترب منها فورا. بقي الى جانب الاخرين الى ان توقف الجمع قرب ميغان, مما اضطرها للوقوف. "هذه مساعدتنا الانجليزية التي تاخذ مكان ماين الموجودة الان في كندا مع عائلتها, هي ممرضة متمرسة ونحن محظوظون لعملها معنا. ميغان هؤلاء اعضاء مجلس ادارة الميتم. انت تعرفين الاستاذ فلا حاجة لتقديمه لك." صافحتهم ميغان وابتسمت للدكتور تيموس:"كيف حالك يا استاذ؟" نظرت الى ربطة عنقه وشعرت بارتياح لان توماس ازعج ليسا برفشه, فخلق نوعا من الفوضى مماا اتاح لها ان تبعد نظرها قليلا عن الاستاذ. تمنت لو يذهب الجميع بعيدا. ابتعدت المديرة عنها برفقة الاخرين ما عدا الاستاذ الذي امسك بتوماس وحمله: "النزهة الحقيقية على وشك البداية, احضري فيلما قبل ا نياتي الاخرون على قالب احلوى والبوظة." لم يكن هناك مجال سوىمرافقته خاصة انه بقي ممسكا بتوماس. لم يمانع الاستاذ بالوجه الرطب الذي احتك ببدلته وذقنه. "يجب ان تنظف هذا القميص والا افسد." قالت ميغان. كانا في منتصف الطريق فتوقف الاستاذ ونظر اليها. "انت تتكلمين كزوجة لكنك تبدين... لكن انت لا تبدين كواحدة." "لا اظن انني كذلك." نظرت الى المراة المتانقة التي كانت تجلس في الظل تشرب الشاي. رنت بنظرها الى الافقثمنظرت اليه, وعندما التقت عيناها بعيني الاستاذ قالت: "طبعا انا لا ابدو." وهي تشعر ان شعرها كان متناثرا فوق راسها ولم تكن ثيابها نظيفة كما يجب. "شكرا لانك حملت توماس,سنتناول الشاي مع ساين وديريك ونيل." لم يقم الاستاذ باي حركة كانه لم يسمع ما قالت, بخلاف ذلك جلس قرب انكي واعطي الطفل قطعة حلوى واخذ ساندويشا قبل ان يبدا حديثه مع انكي. انضمت اليهم ساين فوجدت ميغان نفسها محاطة باناس ناجحين يتمتعون بيوم صيفي جميل, لكن النزهة لن تستمر لوقطويل, بل لساعة او اثنتين ثم ينتهي كل شيء ويرجع الاطفال الى الميتم. نظرت ميغان الى ساعتها ثم نظرت الى ساين. "هل ناخذ الاطفال اولا ثم تعود احداانا لاخذ الاولاد؟" وقفوا جميعا ووقف الاستاذ ايضا عندما اتجهت نحوه المراة الانيقة. "جاك.." قالت المراة. حاولت ميغان الاستماع لكن لا تزال اللغة الهولندية غريبة عليها. وقف يستمع مبتسما ثم اوماا براسه. دفعت بالعربة امامها وكان يانتي بداخلها. مشت وراءها ساين وهي تحمل ليسا. وعلى غير توقع حمل الاستاذ الطفل الثالث بول النائم. وصلوا الى الحضانة فشكرت ميغان الاستاذ وودعتهه,لكن لم يكن الاستاذ على عجلة من امره, سالها بلطف: "هل انت متحمسة للتخلص مني يا ميغان؟" ميغان لم تجب. "انت تشغلين اوقات فراغك بكثرة, وعقدت صداقات كثيرة. هل زرت اماكن مثيرة في هولندة؟" كانت تحمل يانتي عندما اجابته: "نعم وشككرا, لقد اصبح لديي اصدقاء, الجميع هنا لطفاء... لقد ذهبت الى كستريكوم وألْك مار, التقيت بالدكتور تيموس هناك ورافقني الى الكنيسة..." "رجل طيب." قال الاستاذ. غادر ثم عاد برفقة انككي وكان يرافقهما الدكتورتيموس حاملا معه فيلما. طنزهة رائعة ميغان هل تمتعت بها؟ هل هناك اطفال بحاجة للمعاينة قبل ان اذهب الى البيت؟" سالها الدكتور. "لا الجميع بخير. كان يوما جميلا تمتع به الاطفال." "لاسف للن تكوني هنا في عيد الميلاد. ففي هذا اليوم نحتفل جميعا, اليس كذلك يا استاذ؟" وافق الاستاذ وقال "يجب ان اذهب, لقد وعدت جيفرو ثيرمايل بمرافقتها الى لايدن." "سيدة رائعة, هل ستعود قريبا الى انجلترا يا استاذ؟" "لا ليس الان, اتصلي بي لاعلامي بالتجهيزات التي تحتاجينهها. لدينا اجتماع الاسبوع القادم." غادر الرجلان الححضانة يراقبان الطفال المتردين في العودة الى داخل الميتم. قال الدكتور تيموس: "ساتلقى في السنة القادمة مساعدة من زوجتي, ستكون مسااعدتها عظيمة مع الاطفال..." نظر اليه الاستاذ: "هل ستتزوج؟ لم اعرف هل هي خطوبة جديدة هل سيكون زوااجك قريبا؟" لم يلاحظ الدكتور تيموس انظرةة القاسية في عيني الاستاذ طالسنة القادمة... ستعتاد العيش هنا لكنني اكيد انها ستستقر هنا. لم افكر انهها ستقبل بي عند لقائنا لاول مرة." اجاب الدكتور. كان الاستاذ يقف قرب النافذة يداه في جيبيه ويراقب الاطفال: "اهنئك انت وعروسك واتمنى لكما السعادة." "شكرا يا استاذ, ايموجين ستاتي الى هنا لقضاء اسبوع, ارج وان يحصل هذا قبل ان تعود الى انجلترا." "ايموجين؟" "اسم ساحر أليس كذلك؟ انها فتاة ذكية ستُنهي دراستها بعد ثلاثة اشهر." "يسرني لقاؤها." اثارت النبرة الغريبة في صوت الاستاذ دهشة الدكتور, نظر تيموس اليه لكن كان الاستاذ لا يزال هادئا وخاليا من التعابير كالسابق. "حسنا سوق اذهب لملاقاة جيفرو ثيرمابل. تصبح على خير يا تيموس, كانت نزهة ناجحة كالعادة." نزل السلالم وتوجه ناحية جيفرو ثيرمابل التي كانت تتجه ببدورها ناحيته. كانت ميغان تحمل ليسا بين ذراعيها, فوقفت قرب النافذة تراقب الاستاذ والمراة التي ترافقه. واخيرا, جاءت فترة الراحة وتبادلت الفتيات فيما بينهن التعليقات على اليوم الممتع. "هل ياتي المسؤولون دائما؟" ارادت ان تعرف. "طبعا لكنهم لا يفعلون شيئا. فقط الاستاذ يساعدنا, انه رجل لطيف,فهو يدفع معظم تكاليف النزهة ايضا." "المراة التي جاءت معهم جميلة جدا." اعارت ميغان انتباها اكثر للحديث علها تسمع المزيد عنها. "جيفرو ثيرمابل" قالت ساين: "انها امراة جميلة وثرية ايضا. انها تامل ان يتزوجها الاستاذ, لكن يبدو ان الاستاذ لا يهتم بها." شعرت ميغان بالراحة لدى سمعها هذذه الكلمات, لكن لم يمنعها هذا من البكاء عندما اندست في سريرها. قامت في فترة استراحتهافي اليوم التالي بزيارة لايدن التي كانت مكانا يستحق تلك الزيار, فقد اخبرها احدهم ان مبانيها تعود الى سنين ماضية بعيدة جدا, واحتوت عى متاحف وجامعة والكنيسة الهائلة سانت بيتر سكيرت, ومتاجر كثيرة تستطيع ان تشتري منها هدايا لدى عودتها للوطن. لكنها كانت تدرك ان السبب الحقيقي لزيارتها للايدن هو علمها بان الاستاذ سيلقي محاضرة اليوم في جامعتها, وككانت تام لان تلتقي به وتتعرف على المكان الذي يعمل فيه. قررت ان تتناول وجبة قبل ان تزور الجامعة. اخذت الجهة الموازية للقناة في طريقها الى الجامعة, نظرت الى المياه بذهن شارد, سارت قرب متحف فان اودهيدن, وفكرت ان الاستاذ لن يراها في حال وجوده على الضفة الاخرى من النهر, لكن لا اثر لاحد في الجهة الاخرى ارادت ان تتذكر كل لحظة امضتها برفقة الاستاذ. عادت ادراجها لكنها لم تجرؤ على العبور الى الضفة الاخرى لانها لم تكن تعرف ان الاستاذ يراقبها من احدى النوافذ باهتمام وسعادة. اخذ يصفر وهو يعبر المبنى ليلتحق بتلاميذه من غير ان يتجرا على الانضمام اليها. القت ميغان نظرتها الاخيرة على القناة والمباني التاريخية الرائعة واشترت عدة هدايا لعائلتها, كما ابتاعت كتابا. كانت سعيدة بمشترياتها, دخلت مطعما كبيرا في كستريكوم ووجدت ان الطعام لذيذ وشهي ربما لن تتاح لها فرصة اخرى لتذوق مثل هذا الطعام, فموعد رحيلها قد اقترب, انها لا تعرف بلضبط لكنه اصبح قريبا جدا. لذلك قررت ان تزور القرى لصغيرة قدر ما يسمح به وقتها, تمكنت من اللحاق بالقطار بسهولة وتنقلت من منطقة الى اخرى. كان الوقت متاخرا عندما عادت الى كستريكوم. جلست تنتظر الحافلة لتعود الى الميتم. بعد عدة ايام وبينما كانت تحمم يانتي, دخلت المشرفة على الحضانة, فالقت عليها التحية انتظرت حتى لفت ميغان الصغير بمنشفة دافئة ووضعته في حضنها. "لا تتوقفي عن عملك ميغان, جئت لاخبرك انك ستغادرين بعد اسبوعين من اليوم, لا اعرف بالضبط, انني اعرف انك تريدين ان تعرفي, لكن سنحدده لاحقا. جئت لاخبرك كي تطلعي اهلك وتقومي باعداد ما يلزم لتاممين عمل عند عودتك." "شكرا حضرة المشرفة." قالت بهدوء: "هذا يعطيني وقتا كافيا لاضع خطي, ساشعر بالحزن والاسف عندما اغادر هذا المكان." لعبت بشعر يانتي ثم قبلته من عنقه: "سافتقد الاطفال." "جميعنا سنفتقدك يا ميغان. لو كان لدينا مكان شاغر لطلبت منك البقاء." نظرت المشرفة الى ميغان. "هل انت بخير يا عزيزتي, تبدين شاحبة..." "اه كلا, انا بخير حضرة المشرفة." "ساذهب الان كي تتابعي عملك الصباحي. اذا اردت ان تعرفي شيئا او المساعدة في اي شيء ارجو ان تاتي الي عزيزتي." غادرت المشرفة الحضانة. انتهت ميغان من تنظيف جميع الاطفال وحان موعد اطعامهم. كانت منذذ البداية تعرف انها ستغادر يوما, ولكن عندما عرفت ان هذا اليوم قد اقترب احست نفسها انها غير مستعدة للمغاادرة. وعند السعاة الثالثة وهو موعد انصرافها, غيرت ميغان ثيابها وااتجهت الى الشاطئ. كان اللطقس دافئا, امتد الشاطئ الرملي امامها على بعد اربعة اميال وكانت تحمل قليلا من المال معها. مشت بثباتت. كانن راسها مليئا بالافكار والخطط, ستعود الى البيت ثم تجد عملا ليس ببعيد عن بيتها, ولتتجنب رؤية اوسكار. صرفت القليل من المال هنا في هولندة ولديها ما يكفي في المصرف. بقي عليها ان تعرف نوع العمل الذي تريده, قد تساعد في غرفة العمليات لكنها تجد متعة اكثر مع الاطفال وقد تجد عملا شبيها بهذا في انجلترا... تابعت السير دونان تلاحظ التغير الذي طرا علىى الطقس والسحب تلبدت في السماء. هطل المطر فجاة وسمعت الرعد يهدر قويا, توقفت قليلا واخذت تنظر الى السماء الغاضبة. اسرعت باتجاه التلال تحاول ان تجد مخبأ. تبللت ثيابها قبل ان تجد ملجأ وشعرت بالخوف من هدير الرعد ولمعان البرق. رات السحب الرمادية تتلبد فووق البحر وتملا الافق فاخذت تسير بين التلال على غير هدى لعلها تعثر قريبا على الطريق, ولكنها ضلت طريقها وسط الامطار الغزيرة ورداءة الطقس. وجدت صعوبة في السير على الرمال واختفى البحر فجاة وراء التلال. وصلت الى الممرات وشعرت بالراحة لانها ستقودها الى مكان ماا. سارت في الممر تهتدي على ضوء البرق. شعرت ان كل خطوة تخطوهاا تبعدها عن الميتم فخالجها الخوف وشعرت بالبرد. يجب ان تصل الى الطريق باسرع ما يمكن, قالت لنفسها. امتد الممر امامها وكان لا نهاية لهز اضيئت السماء وانتظرت الصوت المخيف عندها رات شيئا ابيض عند طرف الممر. انها حقيبة, سمعت شيئا يتحرك داخلها ولم يححل الضوء السيء بينها وبين رؤية الطفل الملفوف بحرام داخلها. "اه يا عزيزي, يا الهي." قالت ميغان: "ايها المسكين." وهدهدت بيديها المبتلتين الرضيع الحي. "شكرا للسماء." بكت ميغان وتمتمت: "يجب الان ان نجد الطريق بسرعة..." انزلقت ميغان على الممر بسبب اسراعها وبفعل حبيبات البرد التي كانت تتساقط كالرصاص على جسمها, وعلى الرغم من انها احاطت الحقيبة بجسمها الا ان البرد اصاب الطفل ايضا. "كل ما احتاجه الان" صرخت ميغان: "هو معجزة." احس اصدقاؤها بالقلق عند المساء: "اي طريق سلكت؟" سالت انكي: "هل احد يعرف؟" لم يجب احد. "اخبرتني يوما انها ستذهب سيرا الى ايجموند. لكنها لم تقل لي متى بالتحديد, ربما ذهبت اليوم..." قالت احدى الفتيات. اخبرت الفتيات المديرة. رن جس الهاتف وكان الاستاذ يريد ان يعرف اذا كان الجميع بخير. "لا يوجد كهرباء. اجابت المديرة: "لكن لدينا شموع وانني قلقة على ميغان, فقد ذهبت هذا العصر لتتنزه لكنها لم ترجع. ربما وجدت ملجأ مقؤقت, وتقول الفتيات انها ارادت ان تاخذ الممر عبر التلال الى ايجموند. هل اخبر الشرطة؟" جاء صوت الاستاذ هادئا: "لا ليس بعد, انا موجود في البيت سآتي حالا." وهذا ما فعله, اسرع بالحضور الى مكتب المديرة حيث كانت توجد خريطة كبيرة وضعت امامهما. "هل انتهت نوبتهها عند الثالثة؟ هذا يعني انها غادرت عند الساعة الثالثة والنصف بعد تغيير ثيابها. وكانت العاصفة قد ابتدات عند الرابعة والنصف, هذا يعني انها قطعت حوالي ثلثة اميال. لا بد انها ستبحث عن ملجأ. هذا يعني انها قد تكون هنا متجهة الى الطريق الساحلي." اشار بيده الى مكان ما على الخريطة: "اظن انه من الافضل ان آخذ السيارة الى الطريق العام, الى التلال. قد التقي بها." "هل تريد ان يرافقك احد؟" لا اظن. الطقس رديء بالخارج لا حاجة للمجازفة بخروج احد من الميتم, اريد غطاء..." غادر وانطلق بالسييارة بسرعة عبر الطريق الضيقة خلف التلال,واتجه الى المكان الذي حدده على الخريطة. اخذ مصباحه وخرج من السيارة. توقف تساقط البرد لكن المطر كان ما يزال يتساقط بغزارة. اتجه نحو التلال. لم يكن هناك ريح قوية المطر فقط وعندما وصل التلال وجد ممرا امامه, كان يتوقف كل دقيقة وينادي بصوت عال بالنسبة لشخص هادئ مثله لا يتصور احد انه يتمتع بهذا الصوت المرتفع. لكنه لم يتلق اية اجابة. استعمل مصباحه لاضاءة الطريق امامه وبعد فترة سمع صوتا يرد على ندائه. توقف ععند ملتقى ممرين فرأى شخصا يمشي بخطى متعثرة باتجااهه, انها ميغان. ركض الاستاذ نحوها بسرعة هائلة ولم تشعر الا وذراعاه حولها. سمعته يقول كلمات لم تفهم معانيها, الا انها اخذت تبكي ونظرت الى وجهه الهادئ. "جاك اه جاك, يوجد طفل داخل الحقيبة." نهاية الفصل الثامن وقبل الاخير التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 21-02-17 الساعة 03:28 AM | |||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|