آخر 10 مشاركات
فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          إِفْكُ نَبْض (2) *مميزة & مكتمله* .. سلسلة عِجَافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          أُحُبُّكِ مُرْتَعِشَةْ (1) *مميزة & مكتملة * .. سلسلة عِجافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          عشق السلاطين(1) *متميزة ومكتملة *.. سلسلة سلاطين الهوى (الكاتـب : serendipity green - )           »          311 - لن ينتهي الرحيل - الكسندرا سكوت (الكاتـب : سيرينا - )           »          غريب الروح * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Heba aly g - )           »          ودواهم العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : emy33 - )           »          423 - امرأة من دخان - سارة مورغن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree48Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-06-17, 11:47 PM   #181

Miromrmr

? العضوٌ??? » 402114
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 1
?  نُقآطِيْ » Miromrmr is on a distinguished road
افتراضي


قصة رائعة جدا احاسيس ومشاعر لا تصدق

Miromrmr غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-17, 02:10 AM   #182

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل التاسع والعشرون - الجزء الأول

الفصل التاسع والعشرون ( الجزء الأول ) :

غطى وجهه بكفيه ثم فركه بهما بقوة ، وأطلق زفيراً ثقيلاً من صدره ، وحاول جاهداً تخفيف الألم الذي اجتاحه بعد سرد كل تلك الذكريات الموجعة ..
هو يشعر بالإثم نحوها .. فهي أفنت سنوات حياتها الأخيرة له ومن أجله ، وكل ما رغبته هو رسم السعادة على وجهه.. وحتى وإن كانت تلك السعادة مؤقتة و ستفني عمرها ..
اختارت التضحية بحياتها من أجل التنعم بلحظة حب صادقة معه .. وهو استشعر عدم أهليته لكل ما فعلته لأجله.
_ هذا ما زاد من شعوره بأضعاف الألم والذنب حيالها ..
هي كانت ضيفة عابرة في حياته ، واسته في أصعب أوقاته .. وهو لم يقدم لها سوى الإحترام ..
سحب مالك شهيقاً مختنقاً لصدره ثم زفره على مهلٍ وهو يتابع حديثه الذي خرج متحشرجاً منه :
- هي مكانتش تستاهل مني كده أنا عارف ، لكن...آآ.

صمت لوهلة قبل أن يتابع بضيق قائلاً :
- لكن أنا مقصدتش أظلمها ، هي ظهرت في حياتي في وقت كانت الدنيا كلها مضلمة في وشي.

_ صمّت آذانها قهراً عما تبقى من حديثه ، هو يشعر بالذنب تجاه زوجته وظلمه لها لعدم مبادلتها الحب وليالي العشق الجميلة .. ذلك أكبر ما يؤرقه ويعذبه !
استنكرت ما يقوله .. وتأجج صدرها بآلامها التي لم تنتهي يوماً ..
نعم ففي نفس التوقيت كانت تعاني هنا من ويلات مضاعفة ، لا تضاهي في قسوتها ما عايشه هو ..
و بالنهاية ، حتى وإن عاش لوعة الفراق والشوق لها ، فهو لم يذق آلم الإهانة والذل اللذين ذاقتهما وتشبعت بمرارتهما ..

زاد حنقها منه ، وبغضت وجوده أكثر وأكثر عقب أن علمت ماهية الثلاث سنوات اللاتي مرت عليه خارج البلاد..
لقد وصل لمركز مرموق، وتزوج بامرأة وهبته حياتها وحبها وأهدته في النهاية طفلة ملائكية .. قطعة جمعت بين أرواحهم ..
أما هي.....
ماذا وصل بها الحال ؟

لقد خسرت نفسها وكرامتها وأصبحت مجرد وسيلة وليست غاية لتحقيق مطمع دنيء ..
وفقدت طفلها الذي لم يرَ نور الأرض ولم تكن تعلم بوجوده بأحشائها ..
وعاشت حياة بائسة معذبة تذوقت فيها مرارة الألم النفسي قبل الجسماني ، لقد تجرعت لأشهر كؤوس العذاب مع ذاك الذي انعدمت الرحمة في قلبه ..
فشعرت بالشفقة على حالها أضعاف ما كانت تشعر في السابق ..


وخزات قوية في صدرها أنهكت ما تبقى من روحها ..
هي مجرد حطـــام .. حُطـــــــام أنثى !
وعلى حين غرة وجدت كفه يطبق على كفها ليذهب عنها شرودها..
فانتبهت له ونظرت لموضع كفه بصدمة قاسية قبل أن تسحبه منه بعنف وهي تنطق بلهجة مستنكرة تحمل الإزدراء :
- انا سمعتك للآخر ، ولازم أمشى دلوقتي !


نظر لها مدهوشاً من ردة فعلها .. واستوقفها رغماً عنها حيث وقف قبالتها مانعاً إياها من المرور ثم هتف بنبرة شبه أسفة :
-إيثار ، انا مكنتش أعرف حاجة من اللي حصلت .. آآ..

نظرت له بنظرات خاوية من الحياة تحمل الإنكار لما يقول ، فتابع بنبرة حزينة :
-انا كنت مستنيكي تقفي جنبي ، ساعتها مكنش حد هيعرف يوقفني .. لكن انتي خذلتيني و..آآ..


تحولت نظراتها المستنكرة لنظرات حانقة قاسية، ثم قاطعته بحدة وعنف:
-لو في حد خذل التاني فهو انت يا مالك !

ارتفع حاجبيه للأعلى بصدمة واضحة ، بينما تابعت هي بمرارة قاسية تحمله كل اللوم وهي تشير بيدها :
-انت اللي حكمت عليا ، ومفكرتش للحظة تخلق ليا عذر .. انت اللي كنت عايز تصدق إني بعتك مش أنا !!!


اختنقت نبرتها وهي تتذكر كلماته الأخيرة الموجعة ، وشعرت بثقلٍ على صدرها، وگأن زفيرها لهيب يخرج من فوهة بركان ناري مشتعل يحرق من يقف أمامه ...


تركت عبراتها الساخنة تنهمر من عينيها وهي تتابع بتعلثم وحروف متقطعة :
-آآ.. انت عيشت واتجوزت و.. و.. وخلفت ، أنا بقى اتكسرت ..!

نشج صوتها وهي تكمل بآسى :
-مبقاش متبقي مني حاجة غير نفس خارج وداخل وياريته يقف ويريحني ، انت معاك بنت وانا خسرت ابني .. انت مراتك ماتت وهي بتضحي عشان تسيبلك حته منها ، و.. و أنا... ، وأنا كنت هنا بحارب عشان أبعد عنه وأطلق منه !!


نظر لها مصدوماً ، وشعر بمدى الآلم في كلماتها المختنقة ..


تحسست إيثار جسدها وكأنها تستشعر لمسات محسن المقززة من جديد تسير على ذراعيها ، انتفضت بذعر وأطبقت على جفنيها بقوة لتترقرق العبرات العالقة بأهدابها وهي تستعيد لمحات قاسية مرت عليها حولتها لفُتات أُنثى، ثم نطقت عن مأساتها دون أن تخجل فلم يعد هناك ما تخسره :
-إنت كنت عايش مع واحدة بتديلك الحب ، وأنا كنت عايشة مع واخد بـ... بـ... بيعذبني ، كل حاجة معاه كانت آآ غصب عني .. حتى الحاجات اللي بتيجي بالرضا ، عمره ما خدها مني برضايا !!


علت شهقاتها دون شعور منها، فشعر بانقباض قلبه بقوة .. وبآلام تعتصره بشدة ..

لقد أذنب بحقها هي الأخرى عندما تسرع بقرار رحيله وتركها وحدها ، هي محقة كل الحق في اتهامه ..

والمقارنة بينهما في الظروف غير متوازنة البتة بل غير عادلة على الإطلاق ، فمهما كان شقائه ولوعة شوقه لها ، فلن يضاهي لحظة واحدة مما عايشته هي ..

وبدون سابق إنذار وبتصرف خالص من قلبه دنا منها ليحيط ذراعيها بكفيه، ولكنها فتحت عينيها فجأة وارتعد كيانها كاملاً وهي تبتعد فجـــأة عنه ..
رفع كفيه عنها وهو ينظر لها بعدم تصديق لكل تلك المشاعر التي تكنها بداخلها ولا تبوح بها..
شعر بصدق المقولة القائلة " بأن بئر المرآة وقلبها واسع .. ليكفي ويتحمل الكثير "
وكانت هي أفضل مثالاً لذلك .
استجمعت حالها الذي تشتت ، ثم نزحت دموعها التي بللت وجنتيها وغزتها كلياً ، و تركته لترحل مبتعدة عنه ..

أسرع ليقف أمامها من جديد وعيناه تنطقان بعبارات صادقة .. وكأن حبها قد أحياه بشكل أكبر من ذي قبل ..
ربما تضاعف الآن بقلبه عشقها .. ولن يتنازل عنها تلك المرة بسهولة ..
تأمل عينيها المنفوختين وشعيرات الدماء التي برزت بسحابة عينيها البيضاء لتزيد من حمرتهما ، ثم مسح بظهر كفه على صدغها وهو يقول بلهجة عاشقة :
- مش هسيبك المرة دي !
أزاحت يده عن صدغها بجفاء واضح بالرغم من مشاعرها المتأججة والناطقة بداخلها حياله .. لكنها لم تتحمل تلك اللمسة التي أعطاها لغيرها ، ثم نطقت بقوة وكبرياء :
-انا اللي سيباك وماشية .. ودي اخر مرة هتشوفني او تكلمني فيها ! أنا اكتفيت منك !!!!!
هز رأسه مستنكراً بقوة غير مصدقاً العقاب القاسي الذي اختارته له ، ثم هتف سريعاً بتلهف :
-مستحيل ، لو غلطنا في حق بعض مرة مش هنكررها تاني !!!
صرخت فيه من جديد وهي تنطق بتحسر :
-متقولش غلطنا! أنا مغلطش في حقك .. انت اللي جيت عليا زيهم كلهم ، إنت جنيت عليا بقسوتك وظلمك ، إنت زيك زيهم !!!!!!
تجمعت الدموع في مقلتيه ، فهوعاجز عن الدفاع عن نفسه أمامها ، وكيف يدافع وهو كان أحد الجناة القساة ..
وكيف تصفح له وهو من أمسك بسياطه ليجلد روحها بلا شفقة أو إحسان ..
مد يده ليحتضن وجهها بكفيه رافضاً إبتعادها عنه ، وتوسلها بإستعطاف :
-أنا اسف .. مستحيل هتبعدي تاني، مش هسيبك يا .. يا آآ....

أخفض من نبرة صوته وهو يقول بنبرة والهة متيمة :
-يا ذات الغمازتين !
تحركت مشاعرها أكثر نحوه ، وعاندت تلك الأحاسيس بقوة كابحة إياها حتى لا تطفو وتظهر على قسماتها الفاضحة ، وهمست بضعف :
-مبقاش ينفع .. انا مينفعش أكون مع حد ، مش هقدر !

ضغطت على كفيه المطبقين على وجهها، وأغمضت عينيها للحظة من الزمن ..
خفق قلبه بقوة ، فقد استشعر وداعها له ..
بل هي تنوى حقاً أن يكون هذا هو لقائهما الأخير .

_ أبعدت راحتيه بهدوء غريب عن وجهها ..
شعر بملمس أصابعها الناعمة على قبضتيه فجعلته يستكين مستسلماً لها وقد تعلقت عيناه بها ..
إنسلت هي من أمامه بهدوء ، وتجاوزته لتمضي راحلة في طريقها ..
التفت ليراقبها بعينيه وهي تخطو بخطوات بطيئة مبتعدة عنه ..
وكلما خطت كلما زادت المسافات بينهما .. تسمر في مكانه عاجزاً مشدوهاً لا يعرف ما سيفعله ..
شعور العجز تملكه وجعله غير قادر على مواجهة حتى نفسه .. ولكنه أفاق سريعاً من صدمته المؤقتة وكأن صعقة كهربية ضربت برأسه لتحركه.

تساءل مع نفسه بهلع يدمي القلوب هل هذه هي كلمة النهاية؟ هل أسدل الستار على حكايتهما لينتهي فيلماً سينمائياً بنهاية حزينة ومؤلمة ؟
أهكذا الأمر .. لم يعد هناك ما يدفعهما للبقاء واللقاء ..

-
وكأن قلبه يحدثه ويدفعه للتحرك ، هيا يامالك! كيف لك أن تتركها وتخذلها من جديد ؟

هي إيثار ..مالكة قلبك ..
حبيبتك ..
معشوقتك التي اخترتها عن غيرها
بل معذبة فؤادك
كيف لك أن ترتكب هذا الجرم مرة أخرى في حق حبكما وتتركها ترحل ؟هيا تحرك .. هيا تقدم منها ، انها حبيبتك إيثار !!


هز رأسه بعنف ليفيق من تلك الغيبوبة المؤقتة ثم صرخ بصوت مرتفع وهو ينادي باسمها ..
أهتز كيانها بقوة وأجبرها صوته على الوقوف..
وبحذر شديد استدارت لتراه يركض نحوها ..
ازدردت ريقها المرير ، وتابعته بنظراتها المنكسرة ..
مشاعر متضاربة ومختلفة تتحرك وتتصارع بداخلها ..
أحست بالفرحة لتلهفه عليها ، ولكن تلك الفرحة كانت ممزوجة بلعنة كبريائها تجاهه ..

شعرت بالحنين لسماع اسمها من بين شفتيه .. ولكنها سئمت ضعفها المحال أمامه ...

لحظات أربكتها ، لكنها أعطت له الفرصة ليتقدم منها .. وبلمح البصر وسرعة البرقكان يقف أمامها وهو يلتقط أنفاسه اللاهثة ، ثم نطق بلهجة مستعطفة إياها :
- ريفان .. ازاي هتسببي ريفان بعد ما تعلقت بيكي ؟خليكي عشان خاطرها ، هي مش سهل تاخد على حد تاني !
أطرقت رأسها بضيق عقب أن لمس وتراً حساساً بداخلها.. وهو تعلقها بطفلته الجميلة، ولكنها جاهدت تلك العاطفة وهي تقول :
-روان هتكون جمبها دايما .. و....


قاطعها بلهجة مصرة مشدداً على ضرورة تواجدها هي بالأخص :
-لأ ، انتي اللي هتربيها وتاخدي بالك منها .. هي محتاجالك ، ارجوكي متخذلنيش !!

شردت للحظة تفكر ملياً في مصير تلك اليتيمة ..
لن يكون جرحها النازف والحي منه سبباً في حرمان تلك الصغيرة التي لا تعي شيئاً من عاطفتها ومشاعرها الأمومية الجارفة حيالها ، أطرقت رأسها وهي تومئ إيمائة طفيفة ثم نطقت بهدوء :
- ريفان ملهاش ذنب في حاجة !

تنهدت بإنهاك وهي تتابع :
-عشان خاطرها وبس هستمر في شعلي معاها !

وكأنه بصيص أملٍ أُضئ له وسط هالة من الظلام كانت تحاوطه ، وبحركة خفيفة سريعة منه اختطف كفها الذي يمسك حقيبتها ثم قبّل باطنه قبلة عميقة جعلت القشعريرة تسري بأوصالها ..
سحبت يدها سريعاً وقد شعرت بسخونة وجنتيها التي انبعثت منهما على حين غرة ..
فهو ما زال مالكها الذي يستحوذ علي تفكيرها وعقلها وقلبها وشاغلها أينما وُجد ..
وقبل أن تنكشف له وتسقط في بئر عشقه الأعمى من جديد تحركت من أمامه بتوتر شديد وبدت خطواتها له غير مستقيمة .

طغت ااأبتسامة على ثغره وقد استشعر تأثيره عليها .. هي تعشقه من صميم فؤادها ، ولكنها تأبى الغفران ..ستكون تلك الصغيرة هي خطته التي ستمكنه من الفوز بها من جديد ، لن يكل ولن يسأم.. وسيظل يحاول إستعادتها مهما كلفه الأمر .

.................................................. ...............

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 17-06-17, 03:46 AM   #183

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل التاسع والعشرون ( الجزء الثاني ) :

توجهت السيدة ميسرة نحو باب منزلها بخطوات عاجلة بعد أن سمعت صوت قرعات ثابتة عليه ، ثم فتحته بهدوء لتجد السيدة ( تحية ) أمامها ..
كانت رؤيتها أكبر من قدرتها على الإستيعاب والادراك .. فقد مرت السنوات دون تواصل العائلتين معاً من جديد ..
أفاقت سريعاً من دهشتها ، و انتبهت لصوتها وهي تقول بنبرة مهذبة :
-سلامو عليكم يا ست ميسرة ! ممكن أدخل !

تنحنحت الأخيرة بحرج وهي تتراجع للوراء لكي تفسح لها المجال للمرور ، و نطقت بأدب :
- اهلا وسهلا ياست تحية ! اتفضلي !

ابتسمت تحية إبتسامة ودودة وهي تخطو عتبة المنزل ثم أجفلت بصرها على إستحياء منها ونطقت بنبرة عذبة
- اهلا بيكي ياست ميسرة

انتظرتها في مكانها حتى أوصدت الباب ثم التفتت لها وهي تشير بيدها للداخل وقالت :
- اتفضلي ياست تحية ، ده بيتك !

ردت عليها بود :
-
يزيد فضلك


جلستا الاثنتين على الأريكة العريضة .. وحل صمت حذر بينهما للحظات ..
فكلتاهما تشعران بالريبة تجاه الأخرى ..
فـ " تحية " تشعر بالتوجس من رد فعل ميسرة بسبب ما جاءت لأجله .. بينما شعرت ميسرة بالترقب وهي تنتظر أن تحدثها عن ذلك الأمر الذي دعاها للمجيء إلى أعتابها بعد مرور كل تلك السنوات .. فهي لم تزورها مطلقاً طوال تلك المدة ، وأخر زيارة للأخرى كانت عندما أدت واجب العزاء في زوجها الراحل ..
في النهاية ، لابد للحديث أن يبدأ .. لذا قررت ميسرة كسر حاجز الصمت وهتفت عقب نحنحة خافتة منها :
- احم ! تشربي ايه ياأم عمرو؟
أجابتهاتحية وهي ترسم البسمة على محياها :
-لا متتعبيش نفسك.. آآ انا كنت عايزاكي في موضوع كده وو.... متعشمة فيكي يعني !

زاد فضولها عقب عبارتها الأخيرة ، فرمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تردف متساءلة بتعجب جلي :
-خير ياام عمرو؟!

ترددت تحية في إخبارها بذلك الأمر الذي حضرت لأجله ، ولكن لا مفر لديها .. فقد لاحقها عمرو وطاردها بإلحاحه الشديد لتقوم هي بتلك الخطوة عنه ..
فهو لم يقوَ على فعلها بسبب ما حدث بين العائلتين منذ سنوات ، فانصاعت له أمام رغبته الملحة في طلب الزواج من روان .

تنهدت تحية ثم تابعت حديثها قائلة على جملة واحدة :
- انا جيالك في موضوع يخص عمرو ابني ، وآآ..و.. وروان بنت اخوكي !

حملقت بها ميسرة بعدم تصديق لذلك الأمر الصادم ، فالاثنين معروف عنهما بغضهما للأخــر منذ أول لحظة لقاء بينهما ..
اذن ما الأمر الذي سيربطهما معاً ، ويجعل السيدة تحية تأتي إليها لتتحدث فيما يخصهما ؟
انتابها القلق الممزوج بالصدمة ، وجاهدت لتحافظ على ثبات نبرة صوتها وهي تتساءل بإهتمام :
- موضوع ايه ده ؟ ياريت توضحي !!
أجابتهاتحية وهي تستجمع شجاعتها لتبدو أمامها أقوى من ذلك :
-بصراحة كدة ومن غير لف ودوران .. انا عايزة أطلب أيد روان لعمرو ابني ، و آآ....

اندفعت ميسرة وهي تهب بها و قاطعتها بحدة :
-ايه !! روان وعمرو ! ؟
وكأنها استنكرت مجرد التفكير في هذا الإرتباط ، فتابعت بجدية أشد :
-ودي تيجي ازاي ياست تحية بعد كل اللي حصل زمان؟
شعرت تحية بالحرج من حديثها المقصود عن جراح الماضي وآلامه ..
فأطرقت رأسها بحزن وهي تجيبها بحذر :
-اللي حصل حصل ياست ميسرة .. وبعدين كل واحد شاف حياته خلاص !

شعرت ميسرة بالضيق عندما تذكرت كل ما أفتعله ذلك الـ " عمرو " حيال إبن أخيها مالك ، وما قام به متعمداً وبقسوة للتفريق بين قلبين محبين !
فكيف ستأتمنه علي ابنة اخيها الغالية ببساطة ؟ تجهمت ملامحها وعبست ثم نطقت بإستنكار :

-انا مقدرش أآمن لبنتي ليه.. ومحدش هيوافق بعد اللي حصل ، واكيد انتي فاهماني كويس !!!
تابعت تحية وهي تبرر رغبة ابنها وصلاح حاله للأفضل :
-عمرو بقى حاجة تانية ياست ميسرة .. خصوصا بعد اللي حصل لأخته من طليقها البعيد و......
_ صمتت فجأة وقد شعرت بحجم الخطأ الذي وقعت به الآن فعضت على شفتيها بحرج شديد .. وعاتبت نفسها على تسرعها ...
ولكن أثارت عبارتها حفيظة ميسرة ولم تمررها مرور الكرام، فرمشت بعينيها عدة مرات وقد استنبطت سريعاً السبب وراء تواجد '' إيثار '' أغلب الوقت لدى والديها .


قامت ميسرة بفرك كفيها سوياً بتوتر ثم استطردت قائلة بإستفهام :
-هي إيثار أطلقت!؟
أغمضت تحية عينيها في حسرة ، وردت عليها بنبرة منكسرة وقد شعرت بالحزن من أجل الحال للذي وصلت له أبنتها :
-أيوة .. بقالها أكتر من سنتين ونص مطلقة !!!

تلقت ميسرة تلك الإجابة كالصاعقة على رأسها ..
فغرت شفتيها مصدومة ، وإرتفع حاجبها للأعلى في عدم تصديق ، وهتفت بنزق :- هااا! ؟ مكنتش أعرف
أكملت تحية وهي تهز رأسها للتأكيد :
-أيوه ، احنا مجبناش سيرة لحد !

فكرت تحية في سرد الأمر كاملاً عليها ، فربما عندما تعلم ما حل بعائلتها البائسة ، والتعاسة التي أصابت ابنتها بسبب إجبارها على زواج غير موفق ، وانعكاسه عليهم فيما بعد ، وما تبعه من تغيير جذري على ابنها وتبدل أحواله للأفضل ، فربما يكون دافعاً لها لـ توافق على تزويجه من ابنة أخيها ..
أكملت تحية بتنهيدة وهي تمسح بلسانها على شفاها الجافتين :
-انا هحكيلك اللي حصل كله !!!
.................................................. .................

_ قرر مالك الاختلاء بشقيقته الصغرى في حجرة المكتب لكي يروي لها تفاصيل خطته القادمة ..
هو اختارها لكي تعاونه في ذلك ، خاصة وأنها تتخذ إيثار صديقة لها وستحبذ لها الخير ..
دخل مالك حجرة المكتب بعد أن سبقته أخته ثم أغلق الباب خلفه ، ودنا منها ليجاورها في جلستها على الأريكة الجلدية ..

حك طرف ذقنه الحليقة حديثاً ثم نظر لأخته نظرات ذات مغزى وهو يهتف بخفوت بيّن :
-روان ، بكرة عيد ميلاد ريفان التاني

أومـــأت روان برأسها متفهمة ، ثم رسمت على ثغرها ببسمة واسعة ، و نطقت بمرح زائف محاولة إخفاء نبرة التعاطف والآسى :
- بجد!! الله ... كويس أنك عرفنني عشان أعملها حفلة محصلتش !
زفر مالك بإنزعاج ، ثم التوى ثغره لعدم فهمها مقصده وهدفه ، وتابع بجدية :
- انتي مش فاهماني!! انا هدفي من العيد ميلاد ده أن إيثار تكون موجودة جمبي لأطول وقت ممكن !

ابتسمت له روان بمكر ، وردت عليه وهي تغمز له بعينيها :
-ايوة بقي! قولتلي

تنهد بعمق وهو يقول :
-الحمدلله إنك فهمتي !

صمتت روان للحظة ثم استندت برأسها على مرفقها ، وأكملت بتفكير عقلاني :
-يبقى مش هينفع عمتو وعمو إبراهيم ييجوا!


رد عليها مالك وهو يومئ برأسه موافقاً :
-بالظبط ، عايز حاجة بيني وبينك ، وإيثار تكون موجودة وبس ! فهمتي !!!


نهضت روان عن جلستها والحماسة تملأ صدرها، ثم ضربت على كتفه بقوة خفيفة منها وهي تردد بثقة وفخر :
-متقلقش يامالوك ، سيبها على روان ابتسم لها مالك ، وهمس بينه وبين نفسه بتوجس :
-ربنا يسترها !
.................................................. ...................
_ تألمت السيدة ميسرة كثيراً عندما علمت بما حل بتلك الفتاة البائس حظها ..
دمعت عيناها لأجلها ، فلم يأتِ بمخيلتها أن هذه المسكينة تحمل بداخلها مالا تتحمله أخرى أقوى منها ..
لقد قضت عليها الأيام وحطمت زهرتها الوردية.
مسحت بأناملها على طرفي عينيها لتنزح عبراتها العالقة بهما ، ثم نطقت بصعوبة بالغة من بين شفتيها :
- لا حول ولا قوة الا بالله ، ربنا يعوضها خير ويسعد قلبها
ردت عليها تحية وهي تتضرع من صميمها لله :
- أمين يارب العالمين

انتظرت لحظة وهي تطالع ملامح ميسرة العابثة بتأمل ، ثم أردفت بتساؤل :
-ها ياست ميسرة ، قولتي إيه ؟
ردت عليها ميسرة وقد شعرت بالحرج الشديد من تبيين رفضها بشكل مباشر :
-بصي ياست تحية .. روان دلوقتي بقت مسئولة من أخوها ، وهو هيكون ليه الكلمة الأولى والأخيرة في موضوع زي ده
تفهمت تحية ما قالته جارتها ، فهي محقة في هذا ، لذا ابتسمت له بتصنع وهي تقبض على شفتيها لتقول بعدها بإنزعاج قليل :
-طيب ياست ميسرة ، طالما كده انا هخلي عمرو يكلم أخوها ردت عليها ميسرة وهي تهز رأسها بموافقة منها :
-اللي فيه الخير يقدمه ربنا يا ام عمرو

نهضت بعدها تحية من مكانها ببطء وهي تستند على ذراع الأريكة ، و استقامت في وقفتها وهي تردف بنبرة متعجلة :
-استأذن انا !نهضت ميسرة هي الأخرى من على الأريكة ، وردت عليها مجاملة :
-ما لسه بدري ياست تحية !!
ردت عليها تحية وهي تربت على ذراعها بود : بدري من عمرك .. سلامو عليكو !
...................................

أوصدت ميسرة الباب وهي في قمة ذهولها ودهشتها مما حدث اليوم ..
وتساءلت مع نفسها بتخوف عن ردة فعل مالك عندما يعلم بأمر گهذا !
فكرت في كيفية التصرف بمفردها ..وحل تلك المسألة بعيداً عنه ، ولكنها وجدت صعوبة في التصرف بدونه ..
لذلك قررت اللجوء إليه .. فهو الأخ الأكبر لها وسيشكل رأيه حكماً فاصلاً في الأمر برمته .

أسرعت نحو الهاتف وشرعت بالضغط على أزراره ثم وضعته على أذنها وهي تهتف بتلهف :
-أيوة يامالك .. أسمعني يابني كويس

أصغى إليها مالك بكل حواسه ، واستمع لما قالته بتركيز جمّ ..
هو كان يتوقع فعلاً گهذا منه وقد أعد خطته من قبل للتعامل مع الموقف ..
هو أراد الإنتقام من أخيها على فعلته القديمة في حقه وحق حبيبته، ولكن سيفعل ذلك على طريقته الخاصة .. سيذيقه من نفس الكأس ويجعله يتجرع مرارة آلم البعد والفراق ..

فلن يكون ثمن الثلاث سنوات الماضية ثمناً هيناً .

قطب جبينه وأنعقد ما بين حاجبيه ، ثم نطق بقسوة من بين أسنانه :
-وماله ياعمتي ، خليه ييجي ويطلبها مني.. وساعتها الرد هيكون جاهز !!!!!
.................................................. .................


منذ صبيحة اليوم التالي .. بل منذ أن سرد عليها مالك رغبته في إعداد حفل ميلاد للصغيرة وقد بدأت في التجهيز والاعداد ليوم مميز لن ينسى أبداً من الذاكرة ..
قامت روان بنفخ الهواء داخل البلونات المطاطية الملونة ، ثم ساعدت راوية في تعليق الزينة .. وحرصت على الانتهاء من كل شئ قبل موعد حضور إيثار حتى لا تكلفها فعل شيء ..
وما ان انتهت روان من مهامها وخرجت لمحيط الحديقة .. حتى وجدت إيثار قد حضرت في تلك اللحظة وعبرت بوابة الفيلا.

كان مالك في هذه اللحظة جالساً بحجرة مكتبه ينهي بعض الأعمال الخاصة بشركته عن طريق حسابه على مواقع التواصل الإجتماعي .. وكان بين الحين والأخر ينظر للحديقة عن طريق النافذة التي تطل عليها منتظراً حضورها بفارغ الصبر و متلهفاً لرؤية طيفها الساحر ..
وقع بصره عليها أثناء ترحيب روان بها ، فذقذق قلبه فرحاً وتلونت عينيه بوميض السعادة عندما لمحها ..
لم يطق الانتظار داخل مكتبه أكثر من هذا ، فقام بتلهف شديد بإرتداء سترته سريعاً ووضع بها هاتفه المحمول ثم خرج من الحجرة على عجالة من أمره..

جاهد للحفاظ على توازنه أمامها ولكنه فشل في حضرتها ، سقط عنه قناع القوة ليظهر أمامها عاشقاً أكله الشغف .. فتابعها من بعد مراقباً لحوارها مع روان و...
هتفت إيثار وهي تتأمل المكان من حولها بإعجاب شديد من جمال تناسق الزينة وأنتشارها في المكان :
-الله ! هو في مناسبة النهاردة؟ أجابتها روان وهي تطالع المكان بحماسة شديدة :
-عيد ميلاد ريفان النهاردة
عبس وجه إيثار نوعاً ما ، واختفت بسمتها من على محياها ، ثم عاتبت رفيقتها بضيق :
-طب ليه مقولتيش من بدري؟ ، كنت جيبتلها هدية على الأقل!
ردت عليها روان وهي تجذبها للداخل من ساعدها :

-اي الكلام ده ياإيثار مفيش بينا فرق .. يلا تعالي نطلع نجيب ريفان عشان نحتفل معاها !

تعجبت إيثار مما تفعله الأخيرة ، واعترضت قائلة بإندهاش وقد ارتفع حاجبيها بذهول :
-دلوقتي؟ بس لسه بدري اوي!!
أجابتها روان وهي تهز رأسها نافية :

-بالعكس ، مفيش أجمل من الأعياد اللي بتتعمل الصبح

انصاعت إيثار لرغبتها وصعدا سوياً لإحضار '' ريفان '' من الأعلى..

انتظر مالك على أحر من الجمر صعودها للأعلى ليخطو بقدميه بعجالة صوب المطبخ وأشار لراوية للبدء بالتنفيذ..
وهتف بتلهف :
-يلا يا راوية ، شيلي معايا الحاجة دي بره !
ابتسمت له راوية قائلة وهي تتعجل في حركتها :
-حاضر يامالك بيه

قاما الاثنين بنقل قوالب الحلوى المتعددة الأشكال والأنواع، وأطباق الحلوى المختلفة للخارج ، وصُفت على الطاولة المتوسطة الحديقة بشكل أنيق ومنظم ...


في هذا الحين .. كانت إيثار قد انتهت من إعطاء جرعتها العاطفية للصغيرة ، فحملتها بين ذراعيها بحب وهي تحركها بمرح قائلة :
-
روفي ، كملتي سنتين ياحبيبتي .. عقبال ما تكملي مليون سنة !هتفت روان وهي تفرك كفيها بحماسة شديدة : طب مش يلا ننزل بقى !!

نظرت لها إيثار بغرابة ، وهمست بإندهاش قليل وهي تداعب وجنتي الصغيرة : لسه بدري ياروان
اعترضت روان وهي تتلوى بثغرها خوفاً من فساد المخطط الذي رسمته :
-آآ .... لأ ، ننزل دلوقتي أفضل!
ردت عليها إيثار مستسلمة وقد انعقد حاجبيها بتعجب شديد لإصرارها الغير مبرر :

-طيب ، اللي يريحك

هبطا سوياً بصحبة الصغيرة بعد إصرار روان على إلباس الصغيرة ريفان فستاناً وردياً رقيقاً يتماشى مع التاج الصغير المرصع بفصوص ماسية، والذي زينت به رأسها ..
وعندما خطت إيثار عتبة ( الفيلا ) تفاجئت بوجود مالك بالحديقة ، والذي ظنته بالبداية غير موجود في المكان .. فأبعدت بصرها بإستحياء ثم تابعت خطواتها ببطء..


وكلما اقتربت خطاها منه ، زاد توترها من حضوره المؤثر عليها..
ولكنها تماسكت كي لا تظهر له جانبها الضعيف الذى يحن له ، في حين رسم مالك بسمته العذبة على محياه وهو يقترب منها ليقبل الصغيرة..


دنا منها ليطبع قبلة على رأس ابنته ، بينما كانت عيناه معلقة على حبيبته ..
تقلصت المسافات بشدة حتى وصلت أنفاسه الحارة بالأشواق لطرف أنفها فدبت القشعريرة بأوصالها ..
ابتعدت برأسها قليلاً ، فتراجع هو الأخر برأسه بعد أن حقق مبتغاه وأثار توترها نحوه ..
مد يده ليلتقط صغيرته من بين يديها فتعمد مسك كفها مع ابنته ..
شعرت بالحرج الشديد من جرأته حيالها فتنحنحت بخجل ، و توردت وجنتيها بحياء ثم نطقت بجدية زائفة :
- احم ! آآ.. أ أيدي؟

أفلت كفها وهو يبتسم لها ابتسامة خطيرة ، و تحرك نحو الطاولة ليجلس على أحد مقاعدها واضعاً الصغيرة على حجره ..
ثم غمز بعينيه لشقيقته لكي تقوم بالتصرف.. وبالفعل تحركت الأخيرة على الفور لتقول بحماسة بائنة :
- يلا عشان نطفي الشمع ياإيثار

ثم جذبت إيثار من يدها ، ودفعتها نحو الطاولة ..
نظرت لها إيثار بإندهاش ، وهتفت متعجبة :
-دلوقتي !!!!

ردت عليها روان وهي تهز رأسها عدة مرات متتالية :
-ايوة يالا

كانت تشعر بشيء مريب في الأمر ، وكأن الأخوين يحيكان أمراً لا تعلمه ..
تجاهلت شعورها وتعمدت الانتظار حتى تكشف ما سيؤول إليه الأمر ..
جلست بتردد على المقعد وجاورتها روان ..

دققت النظر على الطاولة لترى قالب الحلوى المطبوع عليه صورة للصغيرة تجمعها بوالدتها .. حكت غرة جبهتها بتفكير وتذكرت أنها قد رأت مثل تلك الصورة في الأعلى داخل إطار خشبي رقيق .

تعلقت عيناها بالقالب ، وشردت تفكر فيها ..
أثار فضولها وبشدة وجود ريفان مع والدتها في صورة واحدة تجمعهما سوياً ..
تلك الصورة التي رأتها من قبل وحركت نزعتها الأمومية بالإضافة إلى شعور الغيرة ..

ما أثار ريبتها هو كيف ومتى تم أخذ تلك الصورة إن كانت الأم قد توفت قبل رؤية قرة عينيها ؟
هناك خطأ بالأمر ..
ربما مالك يكذب عليها وأراد الحصول على استعطافها ..
اغتاظت من كذبه .. وتحول وجهها للوجوم ..

_
لاحظ مالك تحديقها بقالب الحلوى ،

نعم حالة الشرود التي تمكنت منها كانت مرئية للعيان
وسريعاً استشف ما تفكر به .. لذا قرر أن يسرد عليها قصة الصورة قبل أن تظن به الظنون ..
التفت برأسه نحو شقيقته ، وحك مؤخرة رأسه وهو يقول بهدوء :
- عارفة ياروان !

انتبهت له أخته ، وكذلك إيثار ، فتابع قائلاً :
- الصورة دي انا عملتها بعد ما ريفان اتولدت بشهر .. كنت مصور مامتها وهي حامل فيها وشايلة عروسة بنفس الحجم !

ابتسم بمرارة وهو يضيف :
-كانت فرحانة أوي إنها حامل ، ومش مصدقة نفسها !

ثم انخفضت نبرة صوته وهو يكمل بحزن واضح :
-بس فرحتها مكملتش ، وماتت ، بس .. بس مرضتش أحس إن الفرحة دي انتهت بموتها ، فلما ريفان اتولدت ، صورتها معايا بنفس الطريقة وبنفس الزاوية ، وخليت المصور
يركب الصورتين على بعض ..

تنهد بعمق وهو يختم حديثه :
- كان يهمني يكون في ذكرى جميلة تجمع ريفان بمامتها الله يرحمها !

رغم حسن نيته مع ابنته ، ورغبته في تخليد ذكرى حب زوجته لطفلتهما التي لم يكتب لها أن تراها ، إلا أنه أشعرها بالغيرة من ذلك الاهتمام ..
هي لم تحظَ بمثله ..
هي كانت تعاني .. تجاهد للملمة شتات أمرها ..

اجتهدت وبشدة في الحفاظ على جمود تعابير وجهها ، وثبات نظراتها رغم النيران المستعرة بداخل روحها ..
أضافت روان وقد شعرت بالشفقة على تلك الراحلة :
-الله يرحمها يارب

عاود مالك التحديق بإيثار ، فرأها جامدة لكن عينيها تكشفاها ..
هي تغار .. هو متأكد مما رأه فيهما ...

نهضت روان عن جلستها مبررة أنها ستحضر مشروب المياه الغازية ، ثم تركتهما بمفردهما بعد أن حملت الصغيرة بين يديها وهي تقول بمرح :
-مالك هات روفي ، وحط إنت الشمع في التورتة

نهضت إيثار فجـــأة ، وهتفت بجدية وهي تجاهد للإبتعاد عن مكان وجوده بأقصى قواها :
- آ.. روان ، انا هجيبه خليكي
اعترضت روان وهي تصر على الذهاب بالصغيرة للداخل :
-لا خليكي ، انا جاية على طول

وقبل أن تهتف بها إيثار كانت قد انصرفت سريعاً

تنهدت بضيق ، وأشاحت بوجهها للجانب الأخر متجنبة حدقتيه اللاتين تعلقتا بها ..
كانت تشعر بظل عينيه وهو مسلط عليها مما أشعرها بالحرج الشديد ، ولكنها جاهدت حتى لا تظهر له ذلك ولكنها فشلت ..
فأمرها كان مكشوفاً وواضحاً له وضوح الشمس ، بينما لم يستطع هو منع إبتسامته التي غزت محياه.
هي كما أعتادها دائماً ، حتى وإن اعتراها بعض التغيير تنكشف أمامه ..
.. تأهبت لتنهض بعيداً عنه لتتجنب تأثيره ، ولكنها تفاجئت بكفه يحاصر كفها ، فاستدارت نحوه بصدمة ، وهمس بلهجة عاشقة :
- ماتسبينيش !
انفرجت شفتيها بذهول ، و جحظت عيناها :
-هــــا !

ابتسم لها مالك بعذوبة معهودة منه وهو يتوسلها :
-قصدي ماتمشيش !
سحبت إيثار كفها منه ، وهتفت بتوتر :
-هشوف روان عشان أتأخرت


نهضت عن مكانها سريعاً لكي تتجاوزه ولكنه قطع عنها الطريق بوقفته أمامها ..
ارتكبت أكثر منه وتوترت .. فتأمل الحُمرة التي احتلت موضع غمازتيها .. ثم مد أنامله ببطء ليلمس غمازتها ، فتراجعت فوراً خطوة للوراء ..

تحقق حلمها الذي رأته في غفوتها ، هي تمنت اقترابه منها .. ولكنها تخشى إستسلام مشاعرها الجريحة له ..
دنا منها أكثر فأبتعدت..
حاصرها فجـــأة من خصرها بذراعيه ، ونطق بتلهف واضح وعيناه تلمعان بوميض الحب :
- تتجوزيني!


انتفضت ، بل ارتجفت ، وارتعش كيانها بالكامل ..
أكان وهماً ما قاله ؟
أعرض عليها الزواج ؟
أصابت كل ذرة في جسدها قشعريرة غريبة عقب كلمته المباغتة تلك ..
بدت وكأنها تُلقى على مسامعها للمرة الأولى ..
تصارعت أنفاسها اللاهثة وتلاحقت من فرط التوتر والخوف ..
رغبت في مقاومته ، في الرفض ..
لكن قلبها يأبى الانصياع ، إنه مالكك .. إنه من تعشقين ، إنه حبك الأول والأخير ..
ارتفع صدرها وهي تطالع ملامحه كالمسحورة ..
لكنها سريعاً أجبرت نفسها على الإبتعاد من ذلك التأثير المهلك ، فإنسلت من أحضانه بعد أن دفعته بكفيها في صدره ، وأطرقت رأسها وهي تقول بعزة وكبرياء شديدين :
- لا .. مش هتجوزك ، أبداً!

لم يكن ليتركها تفلت منه ، فأطبق على ذراعيها بقبضتيه بخفة ولطف ثم جذبها بتملك لترتمي على صدره رغماً عنها ، و لتكون أقرب من أنفاسه ..
حاوطها مجدداً بذراعيه ، وأحكم قبضتيه عليها لتنصهر في أحضانه المشتاقة لها
هو أرادها أن تسمع نبضاته التي تنطق باسمها ، وبنبرة متملكة قال بثبات :
- هتتجوزيني .................................. . !!

......................................
................................................

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 17-06-17, 12:18 PM   #184

قمر حلوة

? العضوٌ??? » 199043
?  التسِجيلٌ » Sep 2011
? مشَارَ?اتْي » 178
?  نُقآطِيْ » قمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond reputeقمر حلوة has a reputation beyond repute
افتراضي

شكرا على الرواية جميلة

قمر حلوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-17, 01:24 PM   #185

hellen
عضو موقوف

? العضوٌ??? » 401480
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 611
?  نُقآطِيْ » hellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond reputehellen has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل جميل جداً وبنتظار الفصل القادم ..
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


hellen غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-17, 01:38 AM   #186

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

الفصل الثلاثون ( الجزء الأول ) :


جاهدت لتتخلص من حصاره المهلك الذي يضعف مقاومتها ، لكنها لم تستطع .. فقد أحكم قبضتيه حولها ..
خفق قلبها بقـــوة .. وتسارعت أنفاسها على صدره ..
أغمض عيناه مستمتعاً بقربها المغري منه .. وبث إليها عبر حضنه المطمئن أشواقه .. و إشتياقه .. وحبه ..


إن استسلمت له فقد ظفر بها .. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ..
دفعته إيثار بكل ما أوتيت من قوة للخلف ، فتفاجيء من ردة فعلها ، وحدجته بنظرات جامدة قبل أن تقول بحدة :
-وأنا مش موافقة
تسمر في مكانه مشدوهاً للحظة محاولاً استيعاب رفضها الغير متوقع ..


هو متأكد من حبها الجارف له ، بل إنه يثق أن خلايا دمها متشبعة كلياً بعشقهما ..
تأهبت للتحرك والهرب من حضرته المميتة لكن صدها مالك بجسده ، ووقف حائلاً أمامها ليهتف بنبرة مصدومة :
-إيثار ، أنا بأحبك !
-وأنا مش عاوزة الحب ده
قالتها بصعوبة بالغة وهي تحاول السيطرة على مشاعرها المضطربة ..
أغمض عيناه للحظة محاولاً السيطرة على انفعالاته ، ثم سألها بهدوء :
-طب انتي مش موافقة ليه ؟


عجزت عن الرد عليه ، أتخبره أنها تحبه بجنون ولكن كبريائها يمنعها من القبول بعرضه المغري لتحل كبديلة عن زوجته بتلك البساطة ؟ أم تدعي الكذب أنها تبغضه كما لم تبغض أي أحد من قبل ؟
مازالت أثار الماضي تطاردها ..
وهي عاجزة عن حسم أمرها معه ..


التقط كفها بين راحتيه ، وجذبها برفق إليه ، واحنى رأسه عليها ليطالعها بنظرات تعرف كيف تخترقها ببراعة ، وهمس لها :
-أنا بأحبك يا إيثار .. بأحبك ومقدرش أعيش من غيرك !
ارتجفت من تأثير كلماته ، وشعر بإرتعاشتها ..
أرخى إحدى يديه عن قبضتها ، ورفعها عند طرف ذقنها ليتحسس ملمسه بحرص شديد ..


أغمضت عيناها بإرتباك كبير ، وسيطرت على كيانها رعشة غريبة حجبت عنها التفكير بصورة عقلانية ، وزدات دقات قلبها المتسارعة ..
ابتسم بثقة حينما أيقن تأثيره الطاغي عليها ..
وأغراه سكونها لإختطاف قبلة صغيرة منها .. ولكن قبل أن يقدم على هذا كانت هي تنسحب منه بصورة دفاعية وهي تصيح بإصرار عنيد :
-مقدرش أتجوزك ، مقدرش !!!


أسرعت تلملم شتات أمرها ، وقبل أن تنهار باكية أمامه وتغير رأيها ركضت مبتعدة إلى خــــارج الفيلا..


صدمت روان وهي تتابع المشهد من الداخل مما حدث ..
كانت تتوقع أن توافق رفيقتها على عرض مالك بالزواج منها ، لكنها خالفت كل توقعاتها ، ورفضته ببساطة ..
خرجت مسرعة لتستفهم من أخيها عن سبب إعتراضها ، فتركها ورحل دون أن يعطيها أي مبررات ..
.................................


هب عمرو منتفضاً من مكانه حينما سردت عليه والدته تحية ما فعلته مع السيدة ميسرة ..
تلفت حوله غير مصدق ما سمعه تواً ، وهتف بذهول :
-يعني .. يعني هي قالتلك أروحله بيته ؟


أجابته تحية بهدوء :
-ايوه يا بني هي عدت عليا من شوية ، وكتبتلي ورقة فيها العنوان
تساءل عمرو بتلهف وهو يمد يده نحوها :
-فين الورقة دي ؟
أخرجت والدته ورقة مطوية وضعتها بداخل طيات صفحات أجندة الهاتف لكي لا تضيع ، ثم أعطته إياها ..


أخذها منها عمرو ونظر إلى العنوان المدون بها ، وابتسم بسعادة وهو يردد :
-يا رب يكون خير
ردت عليه والدته بنبرة دافئة :
-إن شاء الله يا حبيبي هايكون خير ، وربنا هيعوضك ويكرمك باللي نفسك فيه !
ورغم فرحته الظاهرة على وجهه إلا أن شعوراً مزعجاً كان ينتابه حينما يفكر في ردة فعل مالك ..
فالماضي مازال يقف حاجزاً بينهما ....
انتبه كلاهما إلى صوت غلق باب المنزل ، فدققا النظر في إيثار التي انتجهت إلى غرفتها دون أن تلقي عليهما التحية ..
نظر عمرو لوالدته بإندهاش وتساءل بفضول :
-هي مالها ؟
ردت عليه بقلق :
-مش عارفة يا بني ، تلاقيها بس تعبانة في الشغل
تحرك عمرو في اتجاه غرفتها مردداً بجدية :
-أنا رايحلها !
اعترضت تحية عليه قائلة :
-طب سيبها شوية تكون ارتاحت ، وبعد كده خشلها
رد على إمتعاض :

-حاضر يا ماما ، هاسيبها شوية وبعد كده هاتكلم معاها


.................................


ألقت إيثار بنفسها على الفراش ، ودفنت رأسها في وسادتها لتبكي بحرقة على ما حدث ..
لامت نفسها على رفضها لطلب حبيبها بالزواج ..


لكن ما منعها من القبول هو إحساسها بأنه يشفق عليها .. بأن حبه لها لم يعد خالصاً ، بل شاركته فيه غيرها ، وتمتعت بأحضانه الدافئة .. وهي التي كانت تعاني الويلات والقسوة مع غيره ..
شعور الخزي والخذلان دفعاها للتراجع والابتعاد ..
لقد ظلمها مثل غيره ، وتوقع بسهولة أن ترضخ مستسلمة لعرضه ..
لم تكن لتقبل بإهانة كرامتها أو كبريائها ..
لكن قلبها .. ذلك الشيء النابض الذي يرفض مقاومتها لتيار مشاعر الحب الصادقة .. أبى أن يستسلم لهواجسها .. وذكرها بحبٍ حقيقي نابع من أعماق الفؤاد ..
وأجبر عقلها على تذكر تلك اللحظات الماضية بينهما ..
لحظات مميزة جمعتهمل صدفة وعن عمد ..
لقاءات حفرت في ذاكرتهما ذكريات جميلة كانت سندها في أحلك الأوقــــات ..
ها هي تضعف من جديد ..
تنهـــار حصونها أمام سيل حبها الجامح له ..
هي لم تكرهه بالفعل .. هي تبغض الظروف التي أجبرتهما على الفراق ..


.......................................


حالة من الوجوم سيطرت عليه طوال اليوم وهو يحاول استنباط سبب رفضها له ..
أليست تحبه ؟ ألم يشعر بحرارة أنفاسها اللاهثة والمرتبكة على صدره ؟ ألم يسمع دقات قلبها المتلاحقة والتي تهتف بإسمه وهي في أحضانه ؟ ألم يلبي ندائها الغير منطوق ويطلب أن يتوج حبها بالزواج ؟
لماذا اذن تقصيه بعيداً عنها ؟
وضع يديه على رأسه ليضغط عليها بقوة بعد أن أنهكه التفكير المتعمق ..
أرخى يديه إلى جانبيه ، وسحب نفساً عميقاً من هواء البحر الذي يشكو إليه دوماً همومه ..
زفــــر بإنهاك وحدث نفسه بيأس :
-طب أعمل ايه عشان توافق ؟!
ركل رمــال الشاطيء بقدمه بعصبية ، ثم تابع بضجر :
-ليه تعباني معاكي ، ليه ؟!
تخيل صورتها تتجسد أمـــامه على أمواج البحر المتلاطمة ، وضحكاتها الرقيقة تتشكل لتأثره أكثر بغمازتيها البارزتين ، فظهر شبح ابتسامة باهتة على محياه .. وتنهد قائلاً :
-إيثــار !
......................................


ظلت حبيسة غرفتها لفترة طويلة .. شاردة ، حزينة ، أوجـــاع قلبها تفتك بما تبقى من روحها المنهكة ..
سمعت دقات خفيفة على باب غرفتها ، فنهضت بتثاقل من على الفراش ، وكفكفت أثار عبراتها من وجنتيها ..
فتحت الباب ، وحدقت في وجه أخيها بشحوب ..
نظر لها بإشفاق ، وسألها بهدوء :
-ليه أعدة لوحدك ؟
ردت عليه بفتور وهي توليه ظهرها :
-ماليش نفس لحاجة
سار خلفها وسألها بتوجس وهو يراقب تصرفاتها الغير مكترثة :
-في حد ضايقك في شغلك ؟ حد اتعرضلك ؟!
لم تستطع البوح له بما يجيش في صدرها .. هي لا تريد أن يتشارك أي أحد همومها .. لا ترغب في أن تكون عبئاً على أحد حتى لو كان أخيها .. لذلك ابتلعت غصة مريرة عالقة في حلقها ، وأجابته بإرتباك قليل :
-هـ.. آآ.. لأ
تحرك عمرو ليقف قبالتها ، ثم وضع يديه على ذراعيها ، وهزها قليلاً وهو يتابع بجدية :
-إيثار أنا عاوزك تثقي فيا ، أنا عمري ما هاعمل أي حاجة تضرك أو تأذيكي ، اديني بس فرصة وأنا هاثبتلك إني اتغيرت بجد !
ابتسمت له وهي ترد عليه بتأكيد :
-عمرو .. أنا مصدقاك والله ، مش محتاج تثبت حاجة ليا !
ســألها مجدداً بإلحاح :
-طب قوليلي مالك ؟ ايه اللي مغير احوالك كده ومضايقك ؟!
ردت عليه بإقتضاب وهي تطلق تنهيدة قصيرة :
-مافيش ..
أيقن عمرو أن أخته لن تتحدث بسهولة ، فابتسم بتهذيب وهو يضيف :
-عموما أنا موجود لو حابة تفضفضي معايا !
بادلته إبتسامة ودودة وهي ترد عليه :
-ربنا يخليك ليا !
تحركت ناحية فراشها وجلست على طرفه ، فتابعها أخيها بنظراته ، ثم هتف فجـــأة بحماس :
-أنا عاوز أقولك على حاجة
رفعت رأسها لتنظر إليه متساءلة :
-ايه هي ؟
ظهرت ابتسامة عريضة على محياه وهو يجيبها بغموض :
-مش هاتصدقي ماما قالتلي ايه النهاردة
ســألته إيثار بفضول :
-خبر يفرح ؟!
رد عليها بنبرة شبه حائرة وهو يحك مؤخرة رأســـه بيده :
-هو لحد الوقتي مش باين إن كان يفرح ولا لأ ، بس إن شاء الله خير !
نظرت له بإهتمام ، فتابع هو قائلاً بهدوء حذر :
-المهم ماما قالتلي إن مالك أخو روان وافق يقابلني
اتسعت مقلتيها في صدمة غير متوقعة ، وارتفع حاجبيها للأعلى بذهـــول ، وهتفت غير مصدقة :
-ايه !!!!!!
أكمل عمرو قائلاً بحذر :
-منتظرني بكرة عنده ، فادعيلي !
ارتبكت أكثر مما قاله أخاها .. فهب لا تدري ردة فعله تجاهه بعد أن رفضته .. تخشى أن يعاقبه لقرارها ..
عضت على شفتها السفلى ، وهمست بتوتر :
-آآ.. ربنا يكرمك !
حاول عمرو أن يرفع الحرج عن أخته خاصة أن للموضوع أذيال متعلقة بالماضي .. وتابع بهدوء :
-يا رب أمين ، عاوز دعوة محترمة من القلب ، مش هوصيكي !
ردت عليه بصوت فاتر :
-أكيد !
اقترب منها ، ثم انحنى بجسده ليقبلها من أعلى رأسها ، وهز رأسها بقبضته ، وابتسم لها وهو يتحرك مبتعداً ....


.......................................


أدمعت عيناها عقب حديث أخيها الجاد حول ما ينتوي فعله مع عمرو بداخل غرفتها ..
كانت تريد أن تسير الأمور بسلاسة ، ويحدث الإرتباط بينهما دون أي تعقيدات ..
لكنه أراد أن يلقن عمرو درساً .. ليعرف كيف يمكن أن يقهر قلباً ويفسد حياة بأسرها بسبب تعنت مجحف وظلم جائر ..
احتضن مالك وجه أخته براحتيه بعد أن جثى على ركبتيه أمامها ، وباشر حديثه قائلاً بإبتسامة صغيرة :
-والله ده لمصلحتك ، صدقيني أنا عمري ما هضرك ولا هاخلي حد يجرحك ، بس لازم يستحمل عشان يعرف إنك تستاهلي التعب والتضحية !


نظرت له في صمت بعينيها الباكيتين ، ولم تستطع أن تعقب عليه ..
فبماذا تخبره ؟ هل تفضح نفسها وتقول أن قلبها تعلق به بالفعل وأحبه وباتت ترسم أحلاماً وردية معه ؟ أم تكتفي بالصمت وكتم أحزانها داخل صدرها وتعاني من عذاب الحب بمفردها ؟
شعر مالك بتخبط مشاعر أخته الصغرى ، وأجبر نفسه على القسوة قليلاً معها من أجلها هي ..


ابتسم لها مجدداً ، ومسح عبراتها من على وجنتيها بأنامله ، ثم اعتدل في وقفته .. وتركها وانصرف دون أن يقول بالمزيد فهو لا يريد وضعها في موقف صعب .. لذا أسلم شيء تركها الآن ...
مالت هي على جانب فراشها ، وأجهشت بالبكاء الحارق ، فاستمع هو إلى صوت شهقاتها التي لم تستطع إخفاؤها وهو يقف في الخارج مستنداً على الحائط ....


أطرق رأسه أسفاً ، وحدث نفسه بجمود :
-بكرة هتشكريني على ده !
رحل مسرعاً قبل أن يلين قلبه تعاطفاً معها .....


...................................


لحظات مرت عليه وكأنها دهـــر وهو ينتظر بترقب شديد حضور مالك إلى الصالون ..
استقبلته راوية ودعته للجلوس ، وأحضرت له مشروب بارد ..
ظل يتلفت حوله ليتأمل المكان بإنبهار واضح عليه ..
أثاره الفضول ليعرف كيف استطاع مالك خلال تلك الفترة القصيرة أن يحقق كل تلك النجاحات في عمله ليتمكن من شراء فيلا كهذه ، ويؤسس شركة مميزة بدأ اسمها في الظهور بقوة في الأوساط التجارية ..


كانت إيثار قد أخبرته من قبل عن عملها معه كمربية لطفلته الصغيرة ، لكنها لم تخبره عن أي تفاصيل تخص حياته الشخصية ..
قطع تفكيره المتعمق صوت مالك الرخيم وهو يقول :
-سوري على التأخير
نهض عمرو واقفاً من مكانه ، ومد يده ليصافحه ، لكنه تجاهله عمداً ، ونظر له شزراً ، ثم حل زرار سترته وجلس ببرود على الأريكة ..
شعر عمرو بالحرج الشديد ، وكور يده الممدودة إليه ، ثم أبعدها بخزي ..
أشـــار له مالك بعينيه ليجلس ، فتمالك الأخير أعصابه كي لا يثور ..
عليه أن يتعامل بهدوء معه حتى يحقق مبتغاه ..
وضع مالك ساقاً فوق الأخـــرى ، وانتصب في جلسته ، وســأله بجمود وعينيه مسلطتين عليه :
-خير !
تنحنح عمرو بصوت خفيض ، ثم رسم ابتسامة واثقة على ثغره وهو يقول بحذر :
-أنا .. أنا كنت جاي النهاردة عشان آآ..
قاطعه مالك قائلاً بجدية آمرة :
-خش في الموضوع على طول ، أنا معنديش وقت أضيعه !
اكتسى وجه عمرو بحمرة واضحة ، وبدت عروقه في البروز .. ولكنه استنذف كل طاقاته في السيطرة على انفعالاته .. ورد عليه بهدوء حذر :
-أنا عاوز أخطب روان !
أنزل مالك ساقه ، ونظر له بإستهزاء قبل أن يسأله ببرود :
-وايه اللي يخليني أوافق عليك إنت بالذات !
ازدرد عمرو ريقه بصعوبة ، وشعر بالإهانة الصريحة في عبارته الأخيرة .. وتشدق قائلاً بثبات :
-لأني .. بأحبها
قهقه مالك عالياً ليستفزه أكثر ، ثم أشـــار له بإصبعه وهو يرد بتهكم :
-إنت .. بتحب ! لأ حقيقي نكتة ظريفة
احتقن وجه عمرو بالدماء الغاضبة ، وانفعل قائلاً :
-أنا مش جاي أقول نكت هنا
تجهم وجــــه مالك فجـــأة ، وقست تعابيره ، واحتدت نظراته وهو يقول بصوت قاتم :
-وأنا مش موافق على طلبك !
انقبض قلب عمرو بشدة ، وشعر بأن روحه على وشك أن تنتزع منه .. فتساءل بنزق محاولاً فهم سبب الرفض وإن كان يعرفه مسبقاً :
-ممكن أعرف ليه ؟
التوى ثغر مالك بتهكم شديد ، وأجابه بجفاء :
-أكيد إنت شايف المستوى اللي اختي عايشة فيه الوقتي ، إزاي عاوزني أرضى أجوزها واحد زيك فقير محلتوش حاجة !
ابتلع عمرو الإهانة ، ودافع عن نفسه قائلاً بقوة :
-الفلوس مش كل حاجة ، وأنا قادر أعيشها في مستوى معقول يكفيها ويخليها مستورة !
ضحك مالك مستهزئاً به.. ثم رد عليه بسخط ونظراتها الإحتقارية مسلطة عليه :
-إنت اللي بتقول كده ، طب ما هو زمان أنا كنت قصادك ، والفلوس كانت عندك كل حاجة ، ولا .. ولا نسيت يا أستاذ عمرو .. !
أظلم وجه عمرو بشدة ، وتلونت عيناه بحمرة متعصبة .. فقد كان مالك على حق .. هو بالفعل أهانه بالماضي ، وحقر من شــأنه ، بل إنه تعمد جرحه ليشعره بدونيته .. واليوم يرد له الصاع صاعين فلماذا يتعجب .. فهذا ما جنته يداه !
استرخى مالك في جلسته ، وأكمل حديثه بسخرية مريرة :
-حقيقي سبحان الله ،الزمن فعلاً بيعيد نفسه ! مين يصدق إن عمرو بيه بغروره وعنجهيته يقعد النهاردة قصادي يطلب ايد أختي ، لأ ومستني مني أوافق عليه !
لم يستطع عمرو تحمل المزيد من التجريحات والإهانات ، فهب واقفاً ، وصاح محتجاً بعصبية وهو يشير بإصبعه في وجهه :
-انا مش عاوز اهانة لو سمحت ، أنا جاي اطلبها وآآآ...
انتفض مالك هو الأخـــر من مكانه ، وصـــاح به بإنفعال مقاطعاً إياه وقد برزت عيناه بشراسة مخيفة :
-ما انت أهنتني في بيتك ، مستغرب ليه من طريقتي معاك في التعامل ، ولا هو كان حلال ليك زمان وحرام عليا الوقتي !!!
هدر فيه عمرو متساءلاً بصوت غاضب :
-انت بتردهالي يعني ؟!!
رد عليه مالك بقسوة وهو يرمقه بنظرات حادة :
-احسبها زي ما انت عاوز .. بس أخر حاجة ممكن اقولهالك ، إن الزمن بيتغير ، وزي ما جيت عليا وظلمتني ، أنا كمان هاجي عليك وأوي كمان ..
أمسك بطرفي سترته ، ثم زررهما معاً ، وتابع بقسوة أشد :
-اتفضل من غير مطرود .. وقتك خلص !!
بدى وجه عمرو كأنه على وشك الإنفجــــار.. وكز على أسنانه بقوة كادت أن تحطمها ، ثم انصرف غاضباً من أمامه وهو يشعر بمدى الإهانة التي طالته اليوم منه ...
تابعت روان من أعلى الدرج ما دار بينهما بقلب مفطور ..
هزت رأسها مستنكرة ، وكتمت شهقاتها بصعوبة .. ثم ركضت مسرعة إلى غرفتها وهي تكاد تزعم أن روحها قد جرحت هي الأخـــرى معه و بضراوة ...............


.................................................. ...

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 18-06-17, 03:27 AM   #187

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

الفصل الثلاثون ( الجزء الثاني ) :


لم تذهب "إيثار" لعملها بعد ما صــــار مع مالك ورفضها لعرضه بالزواج منها .. وقررت إعطاء نفسها إجازة مرضية حتى تستعيد زمام السيطرة على نفسها من جديد .. وتستعد لمواجهته بهدوء ..
هي حمدت الله في نفسها أن روان متواجدة هناك حتى لا يزيد شعورها بالذنب تجاه الصغيرة " ريفان " ..


تجهم وجهها بشدة حينما أبلغها أخيها " عمرو " بما حدث أثناء مقابلته مع مالك .. وتحولت نظراتها للشراسة ..
لم تتوقع هي أن يهينه الأخير بكل تلك القسوة والبرود .. وكأن قلبه قد تحول لحجر شديد الصلابة ..


أطرق هو رأســــه بذل واضح ، وبدت نظرات عينيه منكسرة للغاية ..
هو كان فيما مضى متحكماً في مصير غيره ، بل على العكس كان أكثر شراسة وقسوة وظلماً ..
ما آلمه حقاً هو إحساسه بالقهر وقلة الحيلة ..
فالفارق الآن بينهما كبير ..
لم يعد مالك كما كان متوسط الحال مثله ، بل بات أثرى من عائلته المتواضعة بمراحل ..
هو بالفعل خسر أول معاركه معه .. ولكنه لن يستسلم سيحاول مجدداً .. هي تستحق تكبد العناء من أجلها ..
تساءلت إيثار مع نفسها بغرابة ممزوجة بالحنق وهي تنظر إلى أخيها بشرود ..
ألم يكن مالك مثله عاشقاً ؟
ألم يخفق قلبه لأجل الحب ؟
ألم يقاتل من أجل الظفر بحبيبته ؟
فلماذا يتعامل مع أخيها هكذا ؟!


شعرت بالضيق لأجل عمرو الذي أدمعت عيناه وهو يحاول بصعوبة السيطرة على نفسه كي لا يبكي كمداً ..
تملكها الغضب والحمية لأجل أخيها ..
ربما كان متسرعاً في حكمه على مالك ، وفي تحكمه بحياتها وسعيه لتزويجها بالأنسب من وجهة نظره .. لكنها لم تكن لتتركه يعاني مثلها أو يكون في موقف يحسد عليه ..


وضعت يدها على كتف أخيها ، وهتفت بجدية وقد اشتدت تعابير وجهها :
-متقلقش يا عمرو ، احنا معاك إن شاء الله ، ومش هانسيبك
نظر لها بحزن واضح ، فزادت وخزات قلبها ، وتابعت بإبتسامة مشجعة :
-وماتنساش روان بتحبك وهتدعمك وهتحارب عشانك
رد عليها بنبرة حزينة منكسرة وهو يهز رأســــه :
-يا ريت !
لمحت هي في عينيه تلك العبرات التي تتراقص فيهما ، فأشاحت بوجهها بعيداً حرجاً منه .. وعضت على شفتيها بقوة ...
نهض عمرو قبل أن يذرف عبراته المختنقة أمام أخته فيشعر بإشفاقها عليه ، واتجه إلى غرفته ليغلق الباب خلفه ..
احتدت قسمات وجه إيثار ، وصرت على أسنانها قائلة بتوعد :
-مش هاسيبك يا مالك تقهر قلب أخويا ، مش هاسيبك تظلمه ولا تظلم أختك بعنادك ده !!!!


.....................................


طرق بأصابعه بحركات ثابتة على السطح الزجاجي للطاولة الدائرية ، وحدق في المتحدث أمامه بنظرات ثابتة ، ثم استطرد حديثه قائلاً بهدوء :
-تمام ، أنا هاراجع البنود مع المحامي ، وهنتكلم بعدها تاني
ابتسم له الرجل مجاملاً وهو يرد عليه :
-اتفقنا يا مالك بيه ، وأتمنى يكون في تعامل بينا
نهض مالك ليصافح الرجل قائلاً بإقتضاب :
-إن شاء الله
بادله الرجل المصافحة وهو مازال محتفظاً بإبتسامته :
-شكراً على وقتك !



في نفس التوقيت اقتحمت إيثار مكتب السكرتارية ووجهها محتقن للغاية .. بل من ينظر بتمعن في ملامحها يدرك أنها على وشك الإنفجار غاضبة في أي ثانية ..


استطاعت هي أن تحصل هاتفياً على عنوان الشركة من راوية ، وقررت التوجه إلى مالك لمقابلته هناك ..
لم ترد الذهاب إلى فيلته لتتشاجر معه أمام روان فتفسد الأمر وتصعب عليها الوضع ..
اختارت أرضاً محايدة للقتال من أجل أخيها ..


نظرت لها السكرتيرة بإستغراب ، ونهضت عن مقعدها لتسألها بحدة :
-حضرتك مايصحش تدخلي المكتب بالشكل ده
حدجتها إيثار بنظرات نارية قبل أن تصرخ فيها بإنفعال :
-مالك بيه موجود !
ردت عليها السكرتيرة بهدوء :
-أيوه ، بس عنده اجتماع ، ومش هاينفع حضرتك تقابليه بدون ميعاد سابق ، سيبي اسمك وتليفونك واحنا هــ..آآ....
قاطعتها إيثار بعصبية :
-وأنا هاقبله دلوقتي


ثم تحركت بخطوات سريعة في اتجاه باب غرفة مكتبه ..
هبت السكرتيرة من مكانها محاولة اللحاق بها وهي تهتف بتخوف :
-ياآنسة استني ، يا مدام ، حضرتك مايصحش كده !
أمسكت إيثار بالمقبض وأدارته لينفتح الباب على مصرعيه والسكرتيرة من خلفها تحاول منعها من الدخـــول ...
حدق مالك بصدمة واضحة تجاه من تقف على عتبة الباب ..
لم يتوقع قدومها على الإطلاق إلى مقر عمله ..
سعادة غامرة وخفية تسربت إلى جميع خلايا جسده ..
وحماسة مفرطة سيطرت عليه لرؤيتها بخير أمامه ..
هتفت السكرتيرة بحرج وهي تنظر إلى رب عملها بتوجس :
-أنا أسفة يا فندم والله ، هي اللي آآ...
أشــــار لها مالك بيده لكي تصمت وهو يقاطعها بهدوء :
-خلاص ، اتفضلي على شغلك .. !
تنحنح الرجل المتواجد بالغرفة بصوت خافت ، ثم أردف قائلاً بنبرة محرجة :
-احم .. هستأذن أنا ، وعلى اتصال يا مالك بيه
رد عليه بنبرة جامدة :
-إن شاء الله !


تنحت إيثار جانباً لتفسح المجال للرجل لكي يمر .. وتسمرت في مكانها للحظات لتحدق في مالك بنظرات قوية وحادة ..
التوى ثغره بإبتسامة متسلية وهو يراها في حالتها العصبية ..
أغرته بشدة تلك الحمرة الظاهرة على وجنتيها ، ناهيك عن تلك القوة الطائشة التي أتت بها إليه في شركته ..


جلس مالك على مقعده ببرود مستفز ، وأشاح بوجهه بعيداً عن إيثار التي كانت تشتعل غيظاً في مكانها .. ثم أمسك بالملف الموضوع أمامه ، وأردف قائلاً بجمود :
-هاتفضلي واقفة عندك كتير .. تعالي !


ضغطت على شفتيها بقوة ، وكظمت غيظها مؤقتاً منه ، ثم تحركت نحوه ، ولكنها أمرها بهدوء بارد :
-اقفلي الباب وراكي !


اتسعت حدقتيها بغضب جم ، والتفتت لتغلق الباب بعصبية ..
ثم تحركت في اتجاه مكتبه ..
أشــار لها بيده دون أن ينظر إليها لتجلس ..
فنظرت له شزراً ، وصاحت بإنفعال :
-أنا مش جاية هنا عشان أقعد أو أضايف ، أنا جاية أشوف معاك حل في اللي بتعمله مع أخويا
رفع بصره لينظر إليها بنظرات جادة وثابتة .. ثم رد عليها ببرود :
-اقعدي الأول وبعدين نتكلم َ
ألقت بجسدها على المقعد بعصبية ، وأكملت بصياح :
-مش معنى إن أنا رفضتك إنك تحمل أخويا الذنب وترفضه !
توقفت لثانية لتلتقط أنفاسها قبل أن تهدر قائلة وهي تشير بيدها :
-ايه إنت معندكش قلب ، معندكش إحساس بأختك حتى !
نظر إلى يدها التي تلوح بها أمام وجهه بهدوء مهلك .. وجاهد ليسيطر على بروده ..
أغاظها عدم اكتراثه بها ، فصرخت بعصبية :
-إنت عارف كويس إنه مش بيهزر ، وإنه عاوز يتجوز روان !
راقب إنفعالاتها بدون إبداء أن تأثير فزاد هذا من حنقها منه ، وهدرت وهي تصرخ فيه :
-ده انت المفروض أكتر واحد تكون حاسس باللي اتظلم ، جاي دلوقتي تظلم أخويا وأختك !
قبض مالك فجـــأة على يدها التي تهدده بها ، وضغط عليها بأصابعه بقوة ، فإرتجف جسدها من تلك الحركة المباغتة .. وتوترت نظراتها المحتدة ..
مال مالك بجسده للأمـــام ، ورمقها بنظرات ذات مغزى وهو يقول بهدوء :
-بلاش الحركة دي !


ابتلعت ريقها بتوجس وهي تستشعر التهديد الخفي في نبرته الثابتة ، وحاولت سحب يدها من بين أصابعه ، لكنه لم يتركها ، فهتفت بنبرة حادة لكنها مرتعدة :
-سيب .. سيب ايدي !


تلوت بها محاولة تحريرها لكنها رفض تركها .. وابتسم بغرور واثق وهو يرسل لها رسالة ضمنية أنه متحكم بها ، قادر عليها ..
حدقت هي فيه بتخوف ، وإنهار قدر كبير من غضبها بسبب تأثيره الطاغي عليها ، وتابعت بقلق ظهر في نبرتها :
-بأقولك سيب ايدي !
أرخى أصابعه عنها ، وابتسم بتباهي وهو يقول لها :
-إنتي شايفة إن أنا عملت كده عشان أنتقم منك ؟
ردت عليه بحدة :
-ايوه !


أرجع مالك ظهره للخلف ، ونظر لها مطولاً قبل أن يردف قائلاً بغموض :
-طب وليه مش عشان أنتقم من اللي عمله أخوكي فيا زمان ، وأخليه يجرب شوية من اللي شوفته على ايده ؟!
رفعت حاجبيها للأعلى ، وانقبض قلبها بتخوف ، وهتفت بنزق وهي تنهض من مكانها :
-يعني إنت .. ناوي آآ..


بدت الكلمات تخرج من شفتيها بصعوبة وهي تتخيل تكرار الماضي بما فيه من قسوة ومعاناة مع أخيها وروان ..
شحب لون وجهها ، وزاغت أنظارها وهي تستعيد شريط ما حدث ..
رأي مالك في نظراتها وتعابيرها المصدومة ما جعله يتراجع سريعاً عن زعمه بالإنتقام من أخيها ..


نهض عن مقعده ، ودار حول مكتبه ليقف قبالتها ، ثم أردف قائلاً بإبتسامة هادئة :
-مع إن أخوكي يستاهل يدوق الغلب اللي أنا شوفته ، بس آآ..
توقف عن إتمام جملته حينما رأى العبرات تترقرق في عيني إيثار ..


قفز قلبه في قدميه هلعاً ، ومد يديه ليمسك بكفيها وهو يقول بتوجس :
-إيثار متخافيش ! أنا مش زيه والله ، أنا بس كنت عاوزه يتربى ويعرف إن الظلم وحش ، صدقيني ، أنا عمري ما كنت قاسي ، أنا يمكن كنت بأدعي ده ، بس والله أنا مش كده ، أنا بأحبك ! سمعاني بأحبك !
وكأنها كانت في عالم أخــر غير منصتة لما يقوله ولا إعترافه المتكرر بحبها ..
هزها بقوة لتنتبه لها ، وتابع قائلاً بنبرة متيمة وهي معلق أنظاره بعينيها :
-أنا بأحبك يا إيثار بأحبك !


أفاقت من شرودها المؤقت على صوت كلماته ، ونظرت مباشرة في عينيه ..
تلك الأعين التي طالما تأخذها في عالم أخـــر ..
عالم تمنت أن تعشه ، وأن تظل عالقة به للأبد ..
ابتسم لها وجذبها من كفيه إليه ، وهمس لها بحرارة ألهبت وجنتيها ، وأعادت الدموية في وجهها :
-لو كنت أعرف إن خناقتي مع عمرو هاتجيبك لحد عندي كنت عملت ده من زمان


انتفضت إيثار بتوتر كبير من تأثير كلماته الخطير عليها ..
وأدركت أنها محاصرة منه ..فحاولت التملص من يديه المحكمتين حول معصميها ، وهتفت بإرتباك ملحوظ استلذه بشدة :
-آآ.. ابعد عني ، سـ.. سيبني أمشي من هنا
هز رأسه نافياً بثقة ، ورد عليها بنبرة أكيدة :
-لأ يا إيثار مش هاسيبك ، إنتي ليا .. وهتتجوزيني !
تســــارعت دقات قلبها من سحره اللا محدود عليها ، وتلاحقت أنفاسها نوعاً ما ، ونهج صدرها صعوداً وهبوطاً من فرط التوتر..
ابتسم لإحساسه بشعورها يتسرب إليه ..
لم يستطع تمالك نفسه ، وجذبها إلى صدره ليضمها ..
قاومته ، لكنها لم تصمد سوى لثوانٍ معدودة ..
احتضنها بذراعيه ، وهمس لها بتنهيدة عاشق :
-بأحبك يا إيثار !
استندت بكفيها على صدره ، وحاولت ضربه لكنها كانت حبيسة ذراعيه ، وهتفت بكبرياء :
-وأنا بأكرهك ، بأكرهك !
ابتسم بغرور وهو يرد عليها :
-مش مصدقك ، كل حتة فيكي بتقول العكس ، إنتي بتحبيني بس بتكابري ، إنتي عاوزاني زي ما أنا عاوزك !


استشعر ارتجافة بدنها وهي في أحضانه ، فأرخى قبضتيه قليلاً لينظر إلى وجهها ..
هو حقاً يستمتع برؤية تأثير حبه عليها ..
حدق فيها عينيها ، وتابع بصوت هامس :
-ثقي بس فيا ، وإديني فرصة أكون جمبك
هزت رأسها رافضة وهي تجيبه بتلعثم :
-لأ .. ابعد عني !


أرخى ذراعه عن خصرها ، ورفعه ليمسك بطرف ذقنها برقة ، ثم قرب وجهها إليه ، وهمس لها بأنفاس تشتاق لتذوق طعم الحب معها :
-إيثار .. أنا آآ...
شعرت بحرارة أشواقها على وجنتيها خاصة أن المسافات بينهما صارت قصيرة للغاية ..
تسلطت أنظاره على شفتيها المرتعشتين ، وتمنى لو استطاع أن يحظى بقبلة منهما ..


وقبل أن يتحقق حلمه ، قطعت تلك اللحظة المميزة حينما سمع صوت طرقات على الباب ، فإنتفض فزعاً في مكانه ، والتفت برأسه ناحية الباب ، فاستغلت إيثار الفرصة لتتراجع مبتعدة عنه بعد أن سيطر عليها الحرج الشديد مما كاد أن يحدث ..
لقد تملكها بالفعل .. حطم كل حصونها ..
وانهارت دفاعاتها المستميتة أمام سحره الطاغي ..


صـــــاح مالك بحدة وهو في مكانه :
-مش عاوز أقابل حد الوقتي
أتاه صوت السكرتيرة من الخـــارج :
-حاضر يا فندم ، أنا كنت بذكر حضرتك بس بالإجتماع آآآ...
قاطعها قائلاً بعصبية :
-الغي كل حاجة النهاردة !
-اللي تؤمر بيه
قالتها السكرتيرة ممتثلة لأمره المفاجيء ..


توترت إيثار وشعرت بحرج رهيب من مالك ، وأسرعت بالركض نحو الباب لتفر من أمامه ، لكنها تفاجئت به يمسكها من ذراعها ، ويجذبها ناحيته بقوة لتسقط على صدره ، ثم أحكم لف ذراعيه حولها وهو يقول بإصرار :
-احنا لسه مخلصناش كلامنا !
تلوت بجسدها بشراسة محاولة الإفلات منه وهي تقول بعصبية قليلة :
-سيبني أمشي ، اوعى !
أرخى أحد ذراعيه عن خصرها ، لكنه لم يفلت قبضته عن ذراعها ، وتابع بنبرة جادة :
-إيثار ، اهدي ، واسمعيني !
ظلت تجذب ذراعها بعنف محاولة تخليصه من قبضته وهي تقول بعناد :
-ابعد عني ، أنا مش عاوزة أسمع منك حاجة !


كان رفضها للبقاء هو أسلم السبل للنجاة بنفسها قبل أن تنكشف كلياً أمامه ، ويدرك أنها باتت بلا أي مقاومة لتأثير حبه ..


لكنه بالفعل يعرفها أكثر من نفسها .. وأيقن أنها مستسلمة له تماماً .. لكن ينقصها الشجاعة للإعتراف بهذا ، إن لم تكن كرامتها تمنعها من الإقدام على تلك الخطوة ..
نظر لها بثبات ، وتابع بهدوء جـــــاد :
-لو عاوزاني أوافق على خطوبة أخوكي من روان يبقى تسمعيني كويس ........................................... !!!
.................................................. .........

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 19-06-17, 12:57 AM   #188

Ghadasafwat

? العضوٌ??? » 372404
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » Ghadasafwat is on a distinguished road

Why the story is not appear

Ghadasafwat غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-06-17, 02:44 AM   #189

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

الفصل الحادي والثلاثون ( الجزء الأول ) :

جاهدت لتفلت ذراعها من قبضته ولكنها عجزت ، أبت أن ترفع عينيها لمستوى نظره حتى لا يسقط عنها قناع قوتها المزيف .. سئمت محاولاتها الفاشلة أمام إصراره القوي على عدم إفلاتها من قبضته ، فتركت المقاومة واستكانت نوعاً ما ، وأطرقت رأسها لتحدق أسفل قدميها بناظريها ..
مد هو أصابعه لطرف ذقنها ، وأمسك به ، ورفع رأسها نحوه لتنظر إليه ..
حدق بها مطولاً ، وأشبع عيناه برؤية بريق العشق في عينيها اللامعتين ..وهتف بنبرة هامسة لمستها على الفور :
- الأيام بتعدي ، متضيعيش مننا لحظات ممكن نقضيها مع بعض !

شعرت أنه على وشك الفوز مجدداً أمام ضعفها ، فما كان منها إلا التمسك بلجام القوة لكي تحتمي ورائه من تأثيره عليها ..
فرفعت بصرها ونظرت له بشيء من الحدة وهي تهتف بثبات:

- أنت قولت هتوافق على جواز عمرو وروان! ، ياترى هتوافق ليه!؟
سحب يده للخلف ، و رمقها بنظرات ذات مغزى .. تأمل فيها انفعالات ملامحها ، ثم تراجع بخطواته للوراء ليفسح لها المجال ، و أشار بيده لكي تمرق من جواره وهو يردد بجدية :
- اقعدي عشان نكمل كلامنا ياإيثار !
ردت عليه بجمود وهي تشيح بوجهها للجانب الأخر :
-انا كده كويسة !
هدر مالك وقد تجهمت قسماته فجأة وهو يردد اسمها محذراً بإنفجار وشيك إن عاندته :
-إيثار !

تأففت بضيق ثم تحركت بخطى سريعة نحو المقعد الجلدي المقابل للمكتب ، وجلست فوقه بحذر ، واختلست النظرات من زواية عينها
تابعها مالك ببصره حتى جلست فدنا منها ليجلس قبالتها..
كان يطالع توترها في وجوده بتسلي عابث ، ولكنه جاهد لمنع البسمة التي تكاد ترتسم على محياه من الظهور أمامها ..

أخذ نفساً عميقاُ ، و نطق متصنعاً الثبات :
-انا هوافق بس في شرطين انتي أولهم !

تجمدت تعابير وجهها ، وحدقت فيه بنظرات خاوية من الحياة ، واستشفت من حديثه أنه ربما يقايضها عن طريق أخيها ..
بالطبع ولما لا ، فسيكون هو الرابح ..
أوهمت نفسها أنه سيضع شرط زيجته منها أمام موافقته على زواج أخيها من شقيقته..
سيطر عليها إحساساً قوياً بالحنق لمجرد تفكيره في هذه المقايضة الرخيصة ، فعضت على شفتيها بغيظ ثم نطقت بعجالة وبدون تمهل :
-لو هتحط جواز عمرو وروان قدام طلب بالجواز مني انا مش .. آآ....
قاطعها مالك وقد تنغض جبينه سريعاً لتفكيرها هذا في حقه :
- إيثار !! أكيد مش هفكر كده !

صمتت بحرج شديد لاتهامها المتهور قبل إتاحة الفرصة ليستكمل حديثه ..
تنفس بعمق ، و تابع بحذر :
-هتيجي هنا معايا ، انا محتاجك جمبي الفترة الجاية !

تساءلت إيثار بإستغراب وقد ضاقت عينيها بتفكير محاولة تخمين مقصده :
-هنا فين!؟
أجابها مالك بثقة وهو يشير بكلتا يديه في الهواء معبراً عن الصرح الذي أسسه لنفسه :
-في الشركة اللي انتي شيفاها دلوقتي نظرت له بإستهزاء ، ورددت متعجبة :
-وانا هعمل إيه هنا! ؟

ابتسم بعذوبته المعهودة ، و حك صدغه وهو مازال محدقاً بها .. ثم تابع بلهجة مثيرة :
- متنسيش أنك خريجة حاسبات ومعلومات ، ده غير انك درستي إدارة أعمال قبل ما تحولي من كلية تجارة !

زفرت بخفوت بعد أن فهمت المغزى الماكر من وراء رغبته في إلحاقها بالعمل لديه ، فهو يريدها أن تكون گظل له إينما كان ..
قبضت على شفتيها وهي تنطق برفض :
-بس أنا مش حابة أشتغل بالشهادة بتاعتي ، ومكملة في شغلي اللي اخترته بإرادتي وآآ...
اقترب مالك بجسده منها لتتقلص المسافات ، وهمس لها بصوت رخيم :
-ومين قالك هتسيبي شغلك مع ريفان ؟

وبهدوء مثير للأعصاب نهض عن مقعده ، وتحرك صوبها ، ثم انحنى على مقعدها مستنداً على ذراعيه ليحاصرها بقربه المربك ، فتراجعت برأسها للخلف
، وازدرت ريقها بإضطراب شديد ..
اشتعلت وجنتيها خجلاً .. وارتبكت أنفاسها .. وحاولت البحث عن كلمات ترد بها عليه ، فابتسم بهدوء ليقاطعها :
- انتي هتكوني هنا وهناك ، يعني super women ياإيثار !

زادت ابتسامته اتساعاً ، وغمز لها .. فحدقت فيه بذهول ورمشت بعينيها لعدة مرات بتوتر بائن عليها ..أضـــاف مالك قائلاً وهو يهز رأسه بخفة مؤكداً حديثه :
-أيوه ، بصراحة من ساعة ما طردت النصاب اللي كان شغال عندي ، وأنا بأدور على الشخص الكفء اللي يمسك شغلي خلال الفترة الصعبة اللي داخلين عليها ، وبصراحة مافيش غيرك أقدر أثق فيه !

ثم مد إصبعه ليلمس طرف أنفها مداعباً إياها ، فدفعت كفه برفق وهي تقول بتشتت :
-طب.. أبعد ، أنا مش بأحب كده !

أراد مالك أن يعبث معها أكثر ، فقد أثاره وحمسه بشدة رؤيته لإرتباكها ، فنطق بنبرة متسلية :
-ولو مبعدتش!

دنا أكثر منها ليهدد صمودها أمامه ، فأسرعت بتغطية وجهها بكفيها بحياء جلي منه ، وهتفت بصوت شبه مكتوم :-مش هوافق على عرضك!
رفع حاجبه في إعجاب بها ، واعتدل في وقفته ثم دس يديه في جيبي بنطاله وطالعها بعشق وهو يردف بجدية :
-يبقى متفقين


انتظرت حتى تراجع للخلف ، فنهضت عن المقعد وكادت تركض من أمامه لتفر منه .. بل لتفر من نفسها الضعيفة التي ترفع رايات الاستسلام أمامه ، ولكنه استوقفها بعبارته التي أثارت خوفها :
- معرفتيش الشرط التاني!

استدارت ناحيته ، وعبست ملامحها من جديد لشعورها بالضيق من تملكه لزمام الأمور والسيطرة عليها بصورة انتهازية ، وهتفت بنبرة شبه محتدة :
-و ايه كمان!!


تغيرت ملامح مالك في لمح البصر من تعابير العاشق إلى الباغض والكاره ، ثم أجابها بتجهم وقد قست نظراته :
-أخوكي ميعرفش اني موافق ، يعني هيفضل على ناره !!
شعرت ايثار بغصة في حلقها وهي تشفق على حال شقيقها ، وهتفت معترضة على أسلوبه القاسي في التعامل معه : ب
-س حرام كدة ، و..آآ..


قاطعها مالك بقسوة واضحة كنتيجة طبيعية لإنعكاس الماضي على حالهما :
-لو نسيتي وغفرتي انا لسه منسيتش ، ومش هنسى ، ولو عارضتيني ياإيثار أو حاولتي تبلغيه إني ممكن أوافق انا.....آآ

نظرت له بوجه خالي من التعبيرات ، لكن نظراتها كانت كافية لكي يشعر بما تعانيه .. فتوقف عن الحديث للحظة ، فهو لا يرغب في إتباع أسلوب التهديد أو الوعيد معها ، فهي حبيبته التي لم يعشق سواها ولم يكن هذا الأسلوب متبعاً مع علاقته العاشقة معها ومشاعره إتجاهها ..
عقدت ساعديها معاً ، وحدقت فيه بنظرات مغلولة ، وانتظرت منه متابعة باقي تهديده
تنهد مالك بعمق وطرد زفيره وهو يقول :
-من فضلك متعمليش كده !
رمقته بنظرات أخيرة حـــادة ، ثم أرخت ساعديها واستدارت، فتحرك مسرعاً قبالتها ، ومــد ذراعه ليكون حائلاً في طريقها ثم همس بثقة :
- هستناكي بكرة الصبح هنا ، هتيجي تلاقي مكتبك جاهز !
ردت عليه إيثار وهي تحرك عينيها يميناً ويساراً هرباً من مجابهته :
-هفكر في عرضك
رد عليها مالك وقد تلوى ثغره ببسمة :
-هتيجي

كان متيقناً من تأثيره القوي عليها .. بل يكاد يجزم أنه يستمع لدقات قلبها المتلاحقة في صدرها ..

وجهت نظراتها المتعجبة له من تلك الثقة الزائدة بنفسه .. ولما لا ؟ وهو أعلم الناس بها.
ثم أسبلت عينيها للأسفل وهي تتابع قائلة بإيجاز :

-ان شاء الله

تجاوزت ذراعه سريعاً ، وخطت بعجالة نحو باب الحجرة لتتركها ولكنها سمعت صوته يأتي من خلفها محملاً بالهيام :
- مبسوط عشان شوفتك النهاردة

ابتسمت وهي توليه ظهرها ، وأكملت سيرها للخــــارج ..
لتترك حجرة المكتب ..
شعور بالسعادة يغمر قلبها وكأن القدر يحدثها بأن أوقات الفرح قد حانت ، ولكن عليها فتح ذراعيها لتحتضن هذه السعادة بين ذراعيها كي لا تفر منها ..
هي تذوقت من العذاب قدراً ليس بالهين ، ورأت منه الألوان التي جعلتها تيأس من كل شيء..

ولكنها عقدت العزم ألا تجعل أيامها الحزينة المكدسة بالذكريات المؤلمة جداراً بينها وبين السعادة التي تنتظرها ، بل ستمضي تاركة خلفها كل ذلك لتعيش أياماً أخرى وردية.
.................................................. .................


تناول عمرو لقيمات صغيرة موهماً نفسه بأنه سيكون بخير ، ولكنه لم يستطع فعل ذلك ..
نهض عن طاولة الطعام دون أن ينبس كلمة واحدة ، وفضل المكوث في حجرته والإختلاء بنفسه في ظلماتها..
حركت تحية رأسها مستنكرة حال ابنها ، وتنهدت بإشفاق وحزن عليه ..
تركت الملعقة من يديها وهي تردف بإحباط :
- لا حول ولا قوة الا بالله، محدش من عيالي مكتوبله نصيب عِدِل في الحب!


نظرت إيثار إلى والدتها بضيق ، فقد استشعرت من كلماتها اليائسة والتي ضربتها هي في مقتل دون قصد منها .. وردت عليها بحذر :
-ان شاء الله كل حاجة تتعدل ياماما
ردت عليها تحية وهي تهز رأسها بتحسر :
-مش باين! أخوها عايز ينتقم لأيام زمان .. واللي حصل أمبارح بيتعاد تاني دلوقتي !!!

فكرت إيثار للحظة في إبلاغ والدتها بما ينتوي عليه مالك، ولكنها عدلت عن تلك الفكرة للحفاظ على السر الذي أئتمنها عليه ..
بالكاد لن تحافظ أمها على هذا السر إن عرفته وهي ترى عذاب فلذة كبدها أمامها .. لذلك أثرت إيثار الصمت وفضلت عدم التحدث لشقيقها أو تبادل الحديث معه ..
فربما يأكلها الضعف هي الأخرى وتخبره عن وجود ترياق راحته بين يديها.


قضت الليل في غرفتها ، أغلقت الأنوار واكتفت ببصيص الضوء النابع من القمر المضيء بالسماء..
استعادت في ذاكرتها ملامحه حينما رأها تلج لغرفة المكتب ، ، و كيف كان ينظر إليها ببرود أثارها نحوه .. فعبست ملامحها على تعمده استفزازها .. فتلوت بشفتيها بسخط وهي تقول :
-
صحيح انك مستفز !


تنهدت بعمق حتى اقتحم مخيلتها مشهد محاصرته لها ، والتقاطه لعبراتها قبل أن تنسال من بين أهدابها لتلمس وجنتيها ، فاحتلت البسمة المشرقة ثغرها وهي تتخيل طيفه أمامها ..
هي تشعر بالبهجة تختلجها وتتسرب إلى خلاياها في حضوره فقط حتى وإن كانت تتظاهر بعكس ذلك.
(( أحبه نعم أحبه ، ومن صميم الفؤاد أعشق قربه ..
يحدثني بأنفاسه عن شوقه لي
ابتسامتي وضحكتي ،
وحتى ضعفي وظهور غمازتي ،
هو المتيم بي والعاشق لتفاصيلي ،
وإن ظهر العناد على جبهتي ،
واعتلى الشموخ طرف أنفي ..
لن أفلح في التعبير عن عدم حبي له ،
وكأن عشقه گكرات الدم في وريدي ))

هكذا حدثت نفسها وهي تأمل في مستقبلٍ جديد معه .. نهايته تسطرها هي بيدها، وبقلم حبره من سائل دمها المُشبع بعشقه ..
تنهدت بسعادة وهي تتذكر تلك القُبلة التي لم تلمس شفاها ، ربما زاد الشغف إليها عندما لم تنلها ..

لقد اشتاقت للحديث معه كحبيبين .. وربما سيكون هذا الشوق بريق أملٍ ليحقق حلماً غنياً لها......................
.................................................. ..............


noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 19-06-17, 04:23 AM   #190

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل الحادي والثلاثون ( الجزء الثاني ) :

استيقظت بحماسة شديدة وهي متفائلة بأنها ستحظى بمغامرات شيقة ..
احتارت في تحديد وجهتها اليوم .. وتساءلت مع نفسها عن أي مكان ستبدأ منه .. هل ستذهب لمقر شركته أم تتابع عملها مع صغيرته ريفان ؟!
ارتدت ثيابها وتأنقت بثوب جديد يتناسب مع حلول فصل الشتاء بهواءه الرطب ..
ثم قامت باحاطة عنقها بوشاح صوفي مميز من اللون الأرجواني والتقطت حقيبتها وخرجت من حجرتها بساعة مبكرة .. وعندما هبطت الدرج تفاجئت برجل غريب الهوية يقطع طريقها وهو يقول بجدية وثبات :
-
مدام إيثار!



توقفت بتوجس وتراجعت للوراء خطوتين لتحافظ على وجود مسافة معقولة بينهما، ثم حدجته بحدة لسلوكه المباغت وهتفت متساءلة بنبرة قاتمة :
- مين حضرتك؟!
احنى رأسه وهو يبادلها الحوار قائلاً بجدية:
-انا سواق مالك بيه! جاي أخد حضرتك للشركة

ثمأشار بيده نحو السيارة ، فالتفتت برأسها حيث أشار ، ووجدت سيارته بالفعل تنتظرها أمام مدخل البناية ..
تخللها شعور مطمئن بعد أن توجست خيفة منه ..
هزت رأسها بهدوء وهي تتابع مرددة :
-طيب

قام السائق بفتح باب السيارة الخلفي لها فاستلقت في مكانها وفكرت بتعمق ..
كان يومها سيبدأ بالذهاب إلى الصغيرة ريفان أولاً ، ثم بعد ذلك تخطط لما ستفعله .. ولكنه فاق توقعاتها گعادته .. ظلت تنظر للطريق أمامها بترقب حتى أدركت قرب وصولها لمقر الشركة فشعرت ببعض التوتر .
جاهدت للتخفيف من ذلك الإحساس الذي يثير معدتها بالإضطراب ، وتنفست بإنتظام لضبط انفعالاته المتوترة ..

وما إن أوقف السيارة حتى ترجلت منها ، وكادت تتخطى حدود المقر ولكن أوقفها ( السائق) قائلاً :
-
ثانية واحدة !
ثم استبقها بخطواته ، فتبعته هي حتى وصل بها لمكتب الإستقبال بالشركة ..
وقف خلف الحائل الزجاجي وهتف فجـــأة بجدية وبنبرة شبه مرتفعة :
- الأستاذة إيثار وصلت

تحركت موظفة الاستقبال من مقعدها ، والتفتت بجسدها لتكون في مواجهتها وابتسمت بهدوء وهي تقول :
-
أهلا بحضرتك .. مكتبك جاهز فوق ومالك بيه شدد عليا أوصلك لفوق بنفسي !
ردت عليها إيثار بهدوء :
-شكراً ..
شعرت هي ببعض المبالغة في الأمر مما أثار ريبتها ولكنها تغاضت عن ذلك ، ولم تلقِ له بالاً ..

استبقتها الموظفة وتبعتها هي بخطاها حتى استقلا المصعد ، ظلت تفكر فيما يقوم مالك بتحضيره والتخطيط له ..
عجزت عن تخمين أفعاله .. وأجبرت نفسها على عدم التفكير في ذلك ..
توقف المصعد ومدت لها الموظفة يدها وهي تقول برسمية زائدة :
-اتفضلي على أول أوضة في الطرقة يمين

-
شكراً !
قالتها إيثار بامتنان ثم تقدمت بقدميها وهي تتفحص المكان بعينيها .. ففي المرة السابقة لم تستطع رؤيته بوضوح ..
كان صرحاً مميزاً بحق .. تظهر عليه علامات الرقي والحداثة ..
ابتسمت بنعومة ، واعتقدت أنها وصلت للحجرة المنشودة ..
التقطت أنفاسها وكبحتها بداخلها وهي تضع يدها على المقبض ثم زفرته بتمهل وهي تديره.

ولجت لداخل الحجرة لتنبهر بترتيبها المتناسق ، وببراعة الديكور الخاص بها ..
خطت بقدم مترددة لتقع عيناها مصادفة على باقة من ورود البنفسج موضوعة أعلى سطح المكتب ..
فغرت فمها بإعجاب ثم دنت منها وهي تظن أن تلك عادة الشركة في الترحيب بالموظفين الجدد ، ولكن كانت البطاقة التي تتوسط باقة الزهور تعكس لها ما توقعته ..
التقطتها بحذر وقرأت حروفها التي تشكل عبارات أثرة .. وهمست من بين شفتيها :
'' عانقيني...
بوشاح الهوى دثريني ..
وانظري إلي بعينيكي..
وبهما ظل الحب يشفيني..
أما آن للعشق بعينيكِ أن يظهر ُ..
أما آن للعشق بقلبكِ يحييني...
عانقيني ... ''


اتسع ثغرها ببسمة فرحة من جمال كلماته التي تلمس داخلها ، وتجمعت دموع السعادة بمقلتيها وهي تضحك بصوت مسموع للآذان ..
ولكنها تلاشت سريعاً عقب حركته المباغتة عندما حاصرها من ظهرها بذراعيه ..
ارتجف جسدها ، وتلاحقت أنفاسها ، وودت الالتفات ولكنها عجزت من قبضتيه المحاصرة لخصرها ..
حزمت من نبرتها لتظهر أكثر جدية وهتفت :
-
مالك ! لو سمحت !

سعد بل طربت أذنيه كثيراً لسماع حروف اسمه تلفظ من على شفتيها من جديد ، فضمها أكثر إليه وهو يردد بعشق :
- اسمي وحشني منك !
توترت أكثر ، وزادت رجفة جسدها ، وردت عليه وهي تجاهد لدفع ذراعيه عنها :
-احنا هنا في مكان شغل ، ميصحش اللي بتعمله ده
التوى ثغر مالك بمكر وهو يبدى عدم اكتراثه بشيء :
-ميهمنيش ، أنا صاحب الشركة وانتي مرات صاحب الشركة المستقبلية ، واللي عنده كلمة هيلمها !

أراد أن يرى وقع كلماته على ملامحها ، فأفلت قبضتيه عنها ، وأتاح لها الفرصة لكي تلتفت نحوه وتواجهه ..
نظرت له ببرود مماثل لما فعله معها بالأمس ثم نطقت بلهجة مثيرة للاستفزاز :
- مين قالك إني موافقة على جوازي منك!

ابتسم مالك بسخرية وقد اكتشف خطتها وفهم مقصدها مما تفعله ، فقرر إفسادها على طريقته الخاصة..

دنا منها فجــأة ، واحنى رأسه على وجهها ، وقام بطبع قبلة على طرف أنفها ، فدبت بداخلها القشعريرة واهتز كيانها لوهلة من هول الصدمة ..
اتسعت ابتسامته وهو يراها مذهولة في مكانها ، ثم مال ناحية أذنها ، وهمس لها بصرامة خافتة :
-انا قولت ، يبقى خلاص

تخللت رائحتها المميزة أنفه فأطبق جفنيه بإستسلام وهو يستنشقها مراراً وتكراراً مستمتعاً بعبقها الذي يثير جنونه ، ويحرك فيه مشاعره بقوة ..
جاهد لكي لا يتهور معها ، وتابع قائلا :
-
يا ذات الغمازتين !

انخفضت بجسدها ثم عبرت من أسفل ذراعه المرتفعة على كتفها ، لتصبح خلفه ، و التقطت شهيقاً عميقاً ، وزفرته وهي تردد بنبرة مستكينة :
- انا جيت عشان الشغل .. هو فين!


رد عليها مالك وهو يبتسم بعبث :
-انا الشغل ياحبيبتي

ارتفع حاجباها للأعلى مستنكرة ما يقوله ..
أراد أن يحصل على المزيد ..
فدنا فجأة منها ، وحاوط رأسها براحتيه ، ومن ثم قبّل جبينها بعمق فأغمضت عينيها بضعف شديد ..
حدق فيها بسعادة ، وهمس لها بنبرة آسرة :
-بأحبك ..
ثم أرخى كفيه عنها ، وتراجع مبتعداً ليتركها في غرفتها الجديدة بمفردها ....

لا إرادياً تبعته بأنظارها حتى اختفى ، فتنهدت وهي تطبق على جفنيها ..
أخذت نفساً مطولاً لتستعيد ثباتها الإنفعالي من جديد .. ثم اقتربت من باقة الورد لتحتضنها بين ذراعيها وكأنها تحتضنه هو ..
تناولت البطاقة بأصابعها ، وتأملتها بأعين والهة
................................

عـــــاد مالك إلى غرفة مكتبه وهو يستعد لتنفيذ خطة جديدة ستكون أخر محاولاته لإخضاعها تحت سلطان الحب ...

هو بالكاد استطاع تحطيم الكثير من الحوائل التي كانت تقف بينهما ..
بات مالك متأكداً بأن الجدار الفولاذي الذي بُني سيقع حتماً عقب تلك المحاولة.. فقد حان موعد اختياره هو دون فرض البدائل.
.................................................. ..................
استمرت إيثار في التوفيق ما بين عملها في الشركة ، ومهمتها كمربية للصغيرة ريفان ..
ورغم قلة عدد الساعات التي تقضيها بصحبتها إلا أنها كانت تمدها بطاقة كبيرة من الأمل والتفاؤل ..
وذات يوم ، وحينما انتهت هي من أداء مهامها تجاه الصغيرة ريفان ..
أنامتها برفق في فراشها، وتأملت ملامحها البريئة ، ثم مدت يدها لتمسك بأصابعها الصغيرة ..
فوجدتها أطبقت على إصبعها بكفها الضئيل بشكل لا إرادي .. فخفق قلبها فرحاً لتلك الحركة المباغتة ومسحت على جبين الصغيرة برفق ثم انحنت لتطبع قبلة عميقة على وجنتها.
_ وفجأة .. دب الرعب بداخلها وانخلع قلبها من مكانه..
انتفضت من مكانها بفزع وتحركت للخارج سريعاً محاولة فهم ما يدور ..
كان الصراخ مدوياً بالخارج ، وانتشر في الأرجاء مما أصابها بالذعر المميت ..
كانت تهبط الدرج راكضة وهي تدعو الله ألا يكون الخطب جلياً ..
وجدت روان تصرخ بهلع وبشكل يمزع القلوب ، في حين كانت راوية تقف على مقربة منها والدموع تنساب من بين عينيها بغزارة ، كذلك لم يختلف حال السائق الخاص بمالك فهو كان واقفاً محني لرأسه ويبدو على تعابير وجهه الأسف الممزوج بالحزن ..

صرخت إيثار بقوة وهي تتسائل بفزع :
- في ايه!!
أجابتها روان وهي تصرخ بشدة والبكاء ممزوج ببكائها :
- أخويا بيضيع مني ، مالك !

تعالت فجـــأة صراخاتها المريرة ، وأكملت :
-آآآآآه !!!


قفز قلب إيثار في قدميها ، وهتفت متساءلة بهلع وهي تهز روان بعنف و بنبرة تقطع القلوب :
-اتكلمي ياروان في ايه!! مالك فين وإي جراله!

دفعتها روان بعنف وهي تصرخ فيها لتحملها وزر المسؤلية كاملاً :
- انتي السبب ، اخويا كان بيجهزلك مفاجأة وقايلي انه جاي في الطريق .. انتي السبب في كل حاجة حصلتله من ساعة ما عرفك .. انتي اللي موتيه !!

تجمدت الدماء في عروقها وتصلبت قدميها في مكانها ..
تندى جبينها بقطرات العرق الباردة وهي تتخيل حقاً ما قد حدث ..
هزت رأسها بعنف لتدرك ما سمعته ولكن أبى الحديث أن يخرج من فوهها ، فقاطع السائق تفكيرها وهو يقول بصوت متحشرج :
- مالك بيه كان متفق معايا نجيب شوية حاجات لزوم حفلة ، و..آآ.. و وانا ماشي وراه بالعربية آأ .. عمل حادثة وو.....
_ غطت وجهها فجأة بكفيها ، وصرخت بصوت مكتوم غير مصدقة ما قاله ..
انهمرت عبراتها باندفاع من عينيها وكأنها فيضان جارف .. هدرت بصوتها بشهقات متتالية ، لقد كان معها هذا الصباح مثل كل يوم .. كان يعبث معها ويداعبها بحركاته التي إعتادتها منه كان يطرب آذانها بكلماته الساحرة التي باتت ترياقها الشافي لجراحها !
فكيف له أن يفعل هذا بها ؟!
كيف يتركها بعد كل ما حدث في حياتها!

- مستحيل!
كانت تلك الكلمة الوحيدة التي استطاعت أن ترددها بصعوبة واضحة وكلنها كانت تحمل الكثير بين طياتها ...
صرخت روان وهي تضرب على وجهها ورأسها محملة إياها عليها عبء كل ما حدث لأخيها في سنوات حياته منذ أن عرفها ، فخرج منها الحديث حـــاداً كنصل السيف الذي إن لمس النحر قطعه :
- انتي السبب ، انتي السبب منك لله

لم تهتم إيثار بذلك الهراء ، بل أطبقت على ساعد السائق وهزته بعوف قوي وهي تنطق بصراخ :
- هو فين دلوقتي ، قولي!


أجابها السائق وهو يبتلع ريقه بمرارة شديدة : في المستشفي بين الحيا والموت !

قفز قلبها وأهتز بعنف ، ربما يكون هناك أمل ، ربما لن يخذلها الله تلك المرة .. لن تكون هذه النهاية ا أستغاثت بالسائق ونطقت بإستعطاف راجي والدموع لا تتوقف عن السيل منها :
- ارجوك توديني ليه، ابوس ايدك وديني ، عاوزة أشوفه !!!
صاحت روان بتشنج وهي تتقدم بخطواتها نحو باب الفيلا : بسرعة ، ودينا عنده بسرعة

أقلهما السائق صوب المشفى ..
جلست روان بعيدة عن إيثار في المقعد الخلفي وهي تبكي بحرقة وتحسر ، بينما جلست إيثار منكمشة على نفسها تضم يديها إلى صدرها المنقبض ، كانت تبكي بحرارة تذيب أشد القلوب قسوة ..
حادثت نفسها بلوم وعتاب وكأنها تحادث مالك بقلبها وقبلها روحها ..
كيف لك أن تفعل ذلك بنا ؟لا يحق لك أن تنصرف قبل أن تعيش معها أجمل أيامهما ، كيف يمكن للقدر الذي جمعنا مرة أخرى أن يفرق بيننا بهذا الشكل الشنيع والمميت؟لا تذهب أرجوك ،
لا تتركني الآن ،
مازال لدينا الكثير لنعيشه ياحبيب القلب وخليل الفؤاد ..
تمسك بأنفاسك قليلاً ، أنا في طريقي إليك ،
أرجوك أن تعاند لتبقى!!
أن تصمد لأجلنا لا لأجلي ..!!

صف السائق سيارته أمام المشفى فاندفعت إيثار لتهبط عنها بسرعة رهيبة ، ركضت للداخل وهي تتلفت حولها لتسأل أياً ممن يقابلها ..
استوقفت إحدى الممرضات وهي تنطق بصعوبة بالغة وقد توقف الحديث بحلقها :
- آآ ... في واحد عمل حادثة وو...
ردت عليها الممرضة مقاطعة إياها وهي تهز رأسها بحزن :
-الأستاذ اللي عمل حادثة بيجهزوه فوق للعمليات .. ربنا يستر !!!!

كانت كلماتها كالمادة شديدة الاشتعال التي سقطت فوق كتلة من النيران لتزيد من توهجها واستعارة ألسنتها ، فركضت نحو الدرج لتصعده راكضة بينما لحقت بها روان وهي تركض بخطاها السريعة ..
وجدت كلتاهما الأطباء يتحركون بسرعة وبشكل غير منظم في الرواق.
مدت إيثار يدها لتوقف أحدهم وجاهدت لتلتقط أنفاسها وهي تذرف العبرات بغزارة من فرط الدموع والقلق والذعر والخوف وكل تلك المشاعر المكمونة داخلها ، ثم هتفت بصراخ قوي هز الأرجاء :
-
دكتور، مالك فين ، فين مالك!!
رد عليها الطبيب وهو يقبض على شفتيه بقوة :
- لو قصدك الأستاذ اللي عمل الحادثة احنا بنجهزه عشان يدخل عمليات فوراً ، هتلاقيه في تاني أوضة شمال !

_ تركته وركضت إلى حيث أشـــار ...
تجمدت عند عتبة بابها ..
أصابتها الصدمة ..
توقف القلب عن النبض للحظات عندما وقعت عيناها عليه راقداً على الفراش ، يحيطه من كل جوانبه بقعاً من الدماء..
غير شاعر بما يدور من حوله ...
خفق قلبها هلعاً ..
وركضت نحوه ..
جثت بجسدها عليه ، و أمسكت كفه بيديها المرتجفتين ، وظلت تُقبله كثيراً وكثيراً ..
توسلته بقلبها أن يرد عليها..
ترجته بروحها أن يفتح عينيه لينظر لها ..
ولكن لا حياة لمن تنادي!!
نادته بنشيج مختنق وهي تكافح للتنفس :
- مالك ، متسيبنيش ، خليك معايا انا محتجالك .. مالكاحنا لسه معيشناش ازاي هتمشي!!

تعالت شهقاتها ، وامتزجت بصوت صراخها الذي كان كسكاكين تقطع من لحم جسدها ..
هزته بعنف وهي تهدر من بين أنينها الباكي :
- مينفعش تسيبني ، فوق وكلمني .. مستحيل ربنا يرجعك ليا عشان ياخدك مني بالشكل ده !

اختنقت نبرتها أكثر وهي تتابع :مالك متسيبنيش ، خليك معايا.. أنا هموت لو جرالك حاجة .. آآآآه ، رايح فين وسايبني ؟!

هزته بعنف من كتفيه وهي تصرخ فيه ببكاء حارق :-قوم رد عليا وأتخانق معاياااا

فتح مالك جفنيه بصعوبة ، جاهد للالتفات برأسه ولكن لم يستطع..
حاول النطق بحروف متقطعة وبصوت ضعيف للغاية :
-آآ إ يثار !


حبست أنفاسها برعب ، وانتظرت منه أن يكمل :
-أنا .. آآ. هـ.. آآ.. هاموت !

صرخت فيه بفزع متوسلة إياه :
- اسكت ارجوك ، هتقوم وترجعلي بس امسك في الدنيا .. عاند عشان خاطري لأخر مرة !

نظر لها بثقل ، ورد عليها بصعوبة واضحة :
-
بــ.... حـ... حبك ، هموت وآآ ...أنا بحـ.. بك .. !!!
ارتعشت نبرتها وخرجت من فمها بصعوبة شديدة وهي تبكي بشدة :
-خليك عشاني ، انا بأحبك .. بأموت في كل حاجة منك ، ماتسبنيش ! طب .. طب عشان خاطر بنتك .. دي ريفان محتجاك ، وانا كمان ، أنا مقدرش اعيش من غيرك .. ارجوك خليك عشاني !!!!

بدأ جفنيه في الإنغلاق رويداً رويداً ، وكأن روحه تُختطف .. احتضنت رأسه وضمتها لصدرها وهي تبكي بصراخ ... نطقت باسمه وهي ترجوه ألا يتركها ويرحل :
- افتح عينيك يامالك .. افتح عينيك ياحبيبي ، انا جمبك يامالك

سكن للحظات في أحضانها يستشعر نبضات قلبها الملتاع من أجله ، ثم ضمها إليها بقوة كادت تكسر عظامها بين يديه ، وتنهد بعمق ، وأردف قائلاً بنبرة طبيعية للغاية :
- مقدرش أسيبك ، انتي حياتي كلها .. انتي نفسي .. انتي نبشي وروح قلبي !

شعرت إيثار بشيء مريب في الأمر ..
هو يتحرك ويضمها إليه بقوة شديدة تتنافى مع حالة الوهن التي عليها ..
استغرقتها عدة لحظات لتستوعب أنها خدعة ..
نعم هي مزحة مفزعة منه .. فلن تمد فيه الروح فجـــأة ..

دفعته لتبتعد عن أحضانه ولكنه أطبق عليها بقوة أشد..
عرف أنها كشفت أمره فتمسك بها بإصرار ، ونطق بنبرة عابثة :
- لا خليكي في حضني أحسن هموت ، انا هرمت من أجل اللحظة دي

تجمدت العبرات في مقلتيها ، واحتقن وجهها من دعابته المميتة ، وكزت على أسنانها بحنق بائن وهي تقول :- آآ... انت.....!؟

ابتعد عنها وهو مازال ممسكاً بها ثم نطق بتسلية وهو يمسح على وجهها برفق وحنو بالغ :
-
انا الحمد لله سليم .. وانتي اعترفتي بحبك ، ودخلتي القفص، ومش هتخرجي منه إلا على جثتي ، يامراتي وأم ولادي وشريكتي وحبيبتي ورفيقة دربي !

احتضن وجهها بين راحتي يده ، ونظر لها بعشق وشغف واضح .. ثم تابع بنبرته المشتاقة إليها :
-انتي الحياة بالنسبالي ، ومن غيرك يا حياتي أنا ممكن أموت.... .............................. !!!
.................................................. .............


noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:06 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.