شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات أحلام المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f203/)
-   -   111 - قتلتها ابتسامة - ليندسى ارمستر ونغ - روايات احلام (https://www.rewity.com/forum/t377461.html)

samahss 24-05-17 06:19 PM

111 - قتلتها ابتسامة - ليندسى ارمستر ونغ - روايات احلام
 
https://www.n2hr.com/up//uploads/imag...16103e5ef3.gif
روايات احلام
111- قتلتها ابتسامة - ليندسى ارمسترونغ
الملخص :-
ماذا تفعل فتاة طموحة كى تصبح سكرتيرة ناجحة ؟
طبعا يجب الا تزرع وجه رئيسها بالخدوش ! ولكن ايريان فعلت هذا فى يوم عملها الاول ، ولكى تحتمى من غضب رئيسها اشهرت فى وجهه سلاح الدموع ....
ما اثار حيرتها انها اكتشفت وجوها اخرى للسيد هارت غير الوجه المخيف الذى تعرفه . فهل تستطيع ان تثق به ؟
هل تبوح له باسرار ماضيها ؟ وكيف تفتح له قلبها وهو الذى يعيش على حب امرأة لا يمكنه الحصول عليها ؟
وفى اللحظة الحاسمة استجابت لتحذير عقلها : لو خطوت نحوه ستندمين العمر كله !

https://upload.rewity.com/upfiles/R0310290.png
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


MooNy87 24-05-17 07:29 PM

شكرا عزيزتى على الرواية الحلوة زيك

تشرفت بأن اكون اول من يضيف ردا

دمتى بخير دائما

samahss 24-05-17 08:42 PM

الفصل الاول
( النمرة الحمراء ) .
ترددت اصابع ايريان هارت على لوحة مفاتيح الالة الاليكتونية التى كانت تطبع عليها ، ثم هوت يداها الى حضنها ، وبدات النظر بلهفة الى النافذة الصغيرة ولكن كل ما استطاعت رؤيته ، هو قطعة من السماء الزرقاء تبرز بين بناءين رماديين شاهقين . تنهدت ... اليوم عيد مولدها الحادى والعشرين ... وهو امر لم تعلنه امام احد وتشعر بالندم على ذلك الان ... فكرت متجهمة : الم يكن من الافضل ان تجعلى من حولك يحتفل بك فى هذا اليوم المهم بالنسبة لك . انما ما هو المهم فى هذا ؟ فى هذه الايام لا يعتبر بلوغ الحادية والعشرين حدثا مهما كما فى الماضى بل فى الثامنة عشرة هى مفتاح الابواب الان ...
ارتجفت داخليا لانها تذكرت عيد ميلادها الثامن عشر ، وجو البؤس الذى احدق بها . وكان احد الاسباب التى دفعتها الى تجاهل اعياد ميلادها السابقة ، ولكن بلوغها الحادية والعشرين من العمر كان امرا مختلفا ضربها على راسها .. حسنا ... سرعان ما يمضى
بدات الطباعة مرة اخرى
يقع قسم الطباعة فى شركة كاسيدى وتشايس فى الطابق الثانى من مبنى ماكمبهون هاوس مع قسمى المحاسبة وشؤون الموظفين
وقد عملت ايريان فى شركة المواشى هذه عاما تقريبا ، ولكنها كانت تعرف اسم الشركة قبل ان تعمل فيها والواقع كان الاسم فى مجتمعات كوينزلاند الريفية حيث ولدت وترعرعت هو اسم عائلى
ولكن الشركة فى هذه الايام لا تحمل الا بعض الشبه باصولها فى القرن الماضى والسبب انخراط سيد اسمه ماكميهون فى شركة مع السيد كاسيدى ، لمضاعفة مبيعات المواشى الحية والارض والحنطة ، والجلود المدموغة ، والاملاك ... تحولت الشركة فى هذه الايام بشكل رئيسى الى شركة شحن وxxxxات ووكالات سفر
واصبح لها مبنى خاص بها وسط بلدة بريزين ... لم تكن شركة عملاقة لكنها كانت ذائعة الصيت
لم يعد فى مجلس الادارة من اسرة كاسيدى من يمثلهم مباشرة ولكن فى مركز المدير السيد فيلمور ماكميهون وهو رجل صخرى الجثة ودود المظهر ، فى الخمسينات من عمره وله عينان فتاكتان تبرزان كلما راى فتاة جميلة ... هذا ما حذروها منه علما انها لم تر دليلا يثبت هذا
فى وقت ما دخل شريك ثالث فاصبح مركز نائب الرئيس حاليا فى يد كيفين تشايس ولكن ايريان وبعض الموظفين كانوا اقدم من نائب الرئيس ، بالنسبة لسنوات الخدمة .. لان كيفين تشايس خلف والده منذ ستة اشهر فقط ، واتجه فورا الى مجلس الادارة ليشغل مركز والده الذى شغله اثر موت اخر فرد من افراد كاسيدى
تقول الشائعات المتداولة ان السيد تشايس قادر على الوصول الى هذا المنصب بدون العمل فى الشركة سابقا ... على اى حال كانت اسرة تشايس شريكا تقليديا اما مركز نائب الرئيس فالمفروض ان يتولاه فرد من افراد عائلة كاسيدى ولكن لم يبق احد من هذه الاسرة ليتولى المنصب ... مع ذلك ... اصبح من الواضح سريعا ان كيفين تشايس ،
هو قوة يمكن الاعتماد عليها فلديه خطط لشركة " ماكميهون ، كاسيدى ، وتشايس " بناءة جعلت ذوى العقلية القديمة الطراز التى تسير فيها الاعمال فى المبنى القديم حية ومثابرة
العديد من الموظفين احبوا كيفين تشايس كثيرا ولكن لا احد يستطيع ان ينكر سمعته بالنسبة لسرعة غضبه وسخريته المدمرة ولكنه كان يمتلك ايضا قدرة على انجاز مشاريع كثيرة ، ويدعى بعض الخبراء ان نظرته للامور المالية والتوسع غير مستحيلة التحقيق بل هى فى الواقع تدل على ذكاء مفرط
على كل حال ، من الانصاف القول ان كيفين تشايس هز المؤسسة من الداخل الى الخارج فى اقل من ستة اشهر ، وان عملية التسريع ، ونفض الغبار عبات قلوب بعضهم بالضغينة تجاهه
لم يكن من غير العادى سماع انتقادات مريرة بشانه وهى انتقادات طالما سلت ايريان وسمعت تعليقات سوداء تفيد ان ماكميهون لن يتحمل كثيرا طريقته المتعجرفة
اكتشفت ان قسما من العائلة الموسعة ، على استعداد لمسامحة كيفين تشايس على تطرفه ... وهذا القسم هو القسم العائلى ...
الان ، ان من يملك القدرة على جذب الفتيات الجميلات هو بلا ريب كيفين تشايس البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاما وهو طويل القامة رشيق يتهادى فى مشيته كالنمر ، شعره اسود كثيف وعيناه زرقاوان غير عاديتين ، اجل ... لا مجال لانكار بهاء طلته حتى فى غضبه . انه يسبب العذاب للفتيات اللواتى يقعن فى حبه ولكن ايريان ليست احدهن ممن كن يرغبن فى ترويض الوحش الكامن فيه
كانت ايريان فتاة يفوق طولها الحد العادى وهى ذات جسد رشيق ، يجذب الكثير من الرجال ... مع انها تراعى دوما ارتداء الملابس البسيطة . ولكن الامر غير سهل حين تكون الفتاة مميزة بشعر احمر اجعد وبعينين خضراوين ووجه بيضاوى صغير يبدو صبيانيا ، مع انها لا ترى نفسها جميلة ولكنها فى الواقع مديرة القامة ، ملوكية المظهر ، هادئة ، واثقة من نفسها ...
-انسة هارت ؟
رفعت ايريان راسها ، تقول فورا : نعم انسة توماس
الانسة توماس هى مديرة المكتب ، لكنها على اى حال تمتلك حضورا امرا . انها طويلة ، ممتلئة الجسم متجهمة الوجة لا شعر ابيض فى راسها ولا يظهر على نظارتيها ابدا اية شائبة او على فساتينها او بذلاتها السوداء . الشئ الوحيد الذى ينقذها من المظهر الرجولى ، هو يداها الجميلتان البيضاويتا الاظافر والبروش الكريستالى الصغير الذى هو ، كما تقول الشائعات ذكرى من الحبيب الذى مات قبل ثلاثة ايام على زواجهما
تجد ايريان هذا النوع من الشائعات ساحرا لسبب ما ، وكانت كلما رات الانسة توماس او اتصلت بها تحاول تصورها فتاة صغيرة واقعة فى الحب ...
على اى حال ، وجدت ايريان نفسها اليوم ، عرضة لنظرات الانسة توماس الممعنة فاذا المواقف منقلبة واذا الانسة توماس هى التى تحاول تصورها الان فى دور اخر
ثم قالت الانسة توماس : هلا دخلت الى مكتبى انسة هارت ؟
تمتمت ايريان بهدوء : بالتاكيد
خفق قلبها خفقة قلق وعادت بها افكارها الى ما فعلته فى الايام القليلة المنصرمة . دخلت مكتب الانسة توماس وهى تفكر ، فليس من المعتاد دعوة احد الى هذا الحمى المقدس ذى الجدران النصف زجاجية التى من خلالها تستطيع السيدة الاشراف على ارض سيطرتها : قسم المحاسبة وشؤون الموظفين ، وقسم الطباعة
فكرت ايريان ، ربما كان الامر يتعلق بطلب نقلى الى فرع السفريات .
ام تراها تريد ان تتمنى عيد مولد سعيدا
بدات الانسة توماس الكلام : انسة هارت
ثم ترددت وكانها تفكر مرة اخرى ... فغاص قلب ايريان ، ولم تعد تقوى صبرا ، فسالت : هل ارتكبت هفوة ما ؟
بدت الانسة توماس دهشة قليلا : لا .. لا ... انا مسرورة جدا من عملك ... ولهذا السبب ...
عبست ايريان بسبب هذا التردد القاتل : اذن ، انا بلا شك عدد زائد عن حاجة المكتب ؟ هل هذا هو الامر ؟
بدا وجهها الصغير البيضاوى متالما ، شاحبا تحت الخصلات الحمراء التى كانت تتسرب من تحت الربطة التى تضعها على قمة راسها
قالت الانسة توماس بسخط : بالتاكيد لا ... ايبدو ان لدينا فائضا فى عدد الموظفات ؟ السنا جميعنا مرهقين من العمل ؟
-حسنا ، اجل ... ظننتك تريدين التحدث فى امر تجدين صعوبة فى قوله لى
تنهدت الانسة توما : هذا صحيح ... الواقع اننى اجد صعوبة فى اتخاذ قرار ما وعلى ما يبدو ان لاخيار اخر امامى ... على اى حال انت ناضجة اكثر اكثر من الاخريات ... ومن الافضل لى ان اتعامل انا مع وكالة التوظيف التى سترسل الينا بديلة لانعرف عنها شيئا عوضا عن ان يتعامل هو معها
ظهرت عليها تكشيرة غريبة فحدقت ايريان اليها : اتحدث عن السيد تشايس ... اصيبت سكرتيرته الخاصة بانهيار عصبى . وتبعا لهذا اصبحت مسؤولة عن ايجاد بديل عنها ... وهذا ليس بالامر اليسير ... على اى حال ، ومهما كان الامر ... احتاج الى من يتحمله فى الوقت الراهن ، وهذا الشخص هو انت ... انسة هارت
فغرت ايريان فاها ، وهمست بعدم تصديق : اترينها فكرة صائبة ؟
وجدت الانسة توماس كلامها مسليا فقالت : انه لا ياكل البشر
ابتلعت ايريان ريقها : ما يشاع عنه يوحى بانطباع كهذا . ما الذى سبب الانهيار العصبى لسكرتيرته ؟
طاف شبح ابتسامة على شفتى الانسة توماس : اعتقد ان السبب شخصى
-ولكن ... ليس لدى خبرة لاكون سكرتيرة خاصة
-لديك المؤهلات الاساسية
نظرت الى ملف ايريان امامها واضافت : اعنى ، لقد تلقيت دروسا فى السكرتاريا والاستقبال
-انا .. اجل ... لكن ...
-وارى انك بارعة فى الاختزال
-اجل ... انما لم تتح لى فرصة استخدام هذه البراعة
-ستستخدمينها . ساقول للسيد تشايس انك ستكونين بطيئة قليلا مؤقتا
اغمضت ايريان عينيها : انسة توماس ، لا اظن ان السيد تشايس ...
قاطعتها الانسة توماس برقة : انسة هارت ... ان السيد تشايس يشبه كثيرا اباه الذى عملت معه ، هو فى بعض الاحيان صعب الارضاء لانه يحب ان يكون كل شئ كاملا وفى احيان اخرى مزاجى . ولكنه رغم مزاجيته رجل منصف لذا لن يتوقع منك اجتراح المعجزات
لم تستطع ايريان التفكير فى ما تقوله ، وهى التى شاهدت امثلة عن مزاج كيفن تشايس عن بعد ... الامر الذى حداها الى التفكير مليا فى الامر قبل الموافقة ، ولكن ظهر لها كذلك ان الانسة توماس فى ورطة ما ، وانها برفضها هذا الطلب تجعل من الترقية التى تنشدها امرا صعب المنال
قالت عاجزة : اعتقد ان كل ما على هو ان افعل ما بوسعى
-انا واثقة من هذا انسة هارت
-متى ابدا ؟
-الان
-الا ... الان ؟
نظرت برعب الى تنورتها القطنية الوردية اللون والى البلوزة الصفراء اللتين لا تناسبان سكرتيرة خاصة ... مع انها لا تظن ان تغيير ملابسها سيضفى عليها هالة التفوق التى تحافظ عليها كل السكرتيرات الخاصات ، انما قد تمنحها الثياب الثقة بالنفس ...
قالت الانسة توماس : اجل ... الان . انه بانتظارك . ثمة امر واحد انسة هارت ... لا تقعى فى هواه . الاحظ انه يؤثر كثيرا فى النساء ويجذبهن ... ولكننى اعرف انه مرتبط ، بطريقة ما
وقفت ايريان وقالت بحزم : لا تقلقى على هذا انسة توماس ... ليس ذلك مشكلة
عندما ابتعدت عن قسم المحاسبة وقسم شؤون الموظفين وقسم الطباعة ، شعرت بانها فى عالم مختلف . وقفت مترددة امام باب جناح كيفن تشايس ... المكان اهدا جدا وافخم مظهرا
كان الباب نصف مفتوح فتساءلت عما اذا كان عليها ان تقرع الباب ... ولكنها كانت تحمل الاغراض التى كانت فى مكتبها فى الاسفل وهذه الاغراض موضوعة فى سلة مهملات معدنية حادة الزوايا ، وضعت فوقها كيس فاكهة ، واشياء اخرى اشترتها اليوم من بين كل الايام . ان قرع الباب يعنى وضع كل هذه الاغراض من يدها ، ثم جمعها مرة اخرى ... وهى السبب اساسا فى صعودها الطابقين سيرا ، بدلا من استخدام المصعد
على اى حال ، لن يكون فى المكتب الخارجى احد
هكذا اسندت كتفها الى الباب ولكن لسوء الحظ ان شخصا من الجانب الاخر اختار تلك اللحظة ليفتحه بقوة ... صرخت صرخة قصيرة ثم فقدت ايريان اتزانها وكادت تقع ارضا ولكنها صدمت من فتح الباب بطرف سلة المهملات المعدنية
كانت الثوانى التالية رعبا حقيقيا لان من تلقى ضربة كسلة المهملات دهش كما دهشت ، هذا عدا ذكر الجرح الذى اصيب به والذى استدلت عليه من السباب المتوحش الذى اطلقه ... لم تشك فى اى حال فى هوية هذا الرجل . ثم حاولا معا انقاذ نفسيهما فكان ان انتهى بهما الامر فوق السجادة ولكنها كانت قد رمت السلة من يدها لتنقذ نفسها وتنقذه من اصابات اخرى
انما لم يغير هذا من استلقائها مسمرة تحت ثقل جسد كيفن تشايس الساخط الغاضب . عرفت ذلك لانها سمعته وهى مسمرة فى مكانها مقطوعة الانفاس يشتم
شهقت طلبا للهواء ثم فجاة اعتمت اطراف عقلها ، واخذت تقاوم لتحرر نفسها وراحت تتلوى عن غير تفكير ، وتدفع اظافر اصابعها الى اول ما وقعت عليه . تصرفت وكانها نمرة صغيرة
لاشك انها فاجاته اذ تسمر لحظات اتاحت لها التلوى كالحنكليس ، وتحرير يدها الاخرى التى استخدمت قبضتها ولكن لم تستطع هذه اليد الوصول اليه ، لانه امسك بكتفيها وركع ثم جرها بقسوة لتركع معه
صاح امرا وعيناه الزرقاوان تقدحان شررا : توقفى !
ثم اخذ يهزها بقسوة
ولكنها لم تستطع التوقف وبدل التوقف عما تفعله تركزت افكارها على الخلاص من ذكريات سوداء سيطرت عليها بقسوة ، فشرعت تبكى بكاء هستيريا : دعنى ! دعنى !
تركها فجاة ... فتهاوات ارضا تدفن وجهها بين يديها ، وتشهق شهقات هائلة تدل على ذعرها ومحاولتها الهرب
بقيا هكذا دقيقة تقريبا . ثم نهض كيفن تشايس على قدميه وانحنى ليساعدها على الوقوف ، ولكنها انتفضت مذعورة عندما شعرت بيده على كتفها
قال مشفقا عليها ، وهازئا بها فى الوقت نفسه : انسة هارت ... اعتقد انك الانسة هارت ... اؤكد لك ان سمعتى لا تقول اننى اؤذى الناس ... ما حدث كان صدفة بحتة
انزلت ايريان يديها عن وجهها ببطء ... وتابع الصوت من فوقها قوله : لا يمكنك المكوث هكذا طوال اليوم وسط بحر من اغراضك ...
ارتفعت اهدابها ، وادارت راسها من جانب الى اخر ... على السجادة علبة محارم ورقية ، وبرتقال وكل اغراضها الاخرى الغريبة ، تذكرت بغموض دهشتها من الممتلكات الغريبة المحشورة فى مكتبها القديم ... وتذكرت انها وضعتها جميعا فى سلة المهملات
ثم ، راح يتضح لها كل شئ بمن فى ذلك الذى وقف مشرفا عليها والذى يحاول التفاهم معها وكانها طفل متمرد ... فعادت تدفن وجهها بين يديها مجددا لتذوق طعم دموع البؤس فى شفتيها ، بؤس امتزج مع الاحساس بالصدمة التى تستحوذ عليها
قال كيفن تشايس : هيا الان ... انسة هارت
بكت : انا اسفة
-وانا كذلك . انما هذا لن يوصلنا الى شئ ... اسمعى ... انا اريد مساعدتك فقط
تمتمت : شكر ... شكرا لك ... اجل ... طبعا
وتقبلت مساعدته ولكنها ظلت تغض طرفها
لم تكن قدماها ثابتتين لذا وجدت انها تتعلق به بعجز فالتقفتها ذراعاه وقال بصوت ثابت : ساخذك الى مكتبى ، لانه يخولك الجلوس فى مكان غير علنى
اجفلت ... ولكنه تجاهلها واقتادها الى باب داخلى ليضعها على كرسى قبالة مكتب عريض
قال : لا تذهبى الى اى مكان
رفعت عينيها فراته يتوارى وراء باب اخر ... عندما عاد ، كانت جالسة منهكة تعسة ، تحدق الى يديها المضمومتين
تمتم : احمل اليك كوب ماء انسة هارت
وضع قدحا من الزجاج الرقيق على الطاولة امامها : لكن بامكانك طلب ما هو اكثر انعاشا
تسلل لون وردى خفيف الى وجنتيها الشاحبتين وقالت بسرعة : لا ... شكرا لك
رفعت بصرها تنظر اليه مباشرة اخيرا ... فشهقت مما راته ... كان يضع منديلا على خده ، لكنه ابعده وهو يجلس على زاوية طاولته . نظر اليه بسرعة ثم نظر الى عينيها الخضراوين المذعورتين ، ثمة ثلاثة خدوش بارزة على وجهه
همست : هل فعلت انا هذا ؟ يا الهى !
دخلت نظرة تصميم الى عينى كيفن تشايس الزرقاوين القاتمتين ونهض بسرعة يضم جسدها المذعور بين ذراعيه
-الن تسترخى انسة هارت ... لا .... لن آذن لك بالذهاب قبل ان تسترخى ... اعرف ان المعروف عنى اننى شخص حاد المزاج ولكنه امر سخيف ! اهدئى فقط
سحبت ايريان انفاسا ملؤها العذاب ورفعت نظرها اليه ثم همست : انا ... لا ادرى ما اقول
تمتم وابتسامة سريعة تلامس شفتيه : اذن ، لا تقولى شيئا
-انا ...
امرها برقة : اصمتى انسة هارت
-انا ...
وعضت على شفتها ثم هبطت عيناها ببطء حتى اصبحتا على مستوى ربطة عنقه ، ثم ارتفع ذقنها مرة اخرى وفغرت فاها ثانية ... لكنه شد ذراعيه حولها قليلا حتى استرخت عليه
ابقاها بين ذراعيه حتى توقف قلبها عن الخفقان كالقطار المنطلق . ثم تركها ، ولكنه وضع يديها بين يديه وقال بابتسامة غريبة ، لوت شفتيه : تمتلكين بالنسبة لفتاة صغيرة قبضة قوية ، انسة هارت ... اتعلمين ، قد يساعدنا شرح السبب الذى جعلك مذعورة الى هذا الحد انما بشرط واحد ... وهو الا تتكدرى مرة اخرى ... والا اضطررت لاستدعاء الانسة توماس الى هنا
لعقت ايريان شفتيها ، وبدا لها ان كيفن تشايس لطيف بشكل لا يصدق معها ، وهذما جعلها فى اسوا حالا
قالت ببؤس ، ولكنها كذبت فى ما قالت : لا اعرف ماذا دهانى ... ولكننى لم اعتقد انها فكرة صائبة ان اعمل معك ويبدو اننى كنت على حق
-آه ! ولماذا ؟
رفعت كتفيها بعجز : انه شعور انتابنى
قال بعد صمت برهة : اجلسى
استند الى مكتبه يتفرس فيها عن كثب فتورد وجهها ... اخيرا سال وهو يرفع حاجبيه : اتقولين اننى كدت اقتلك خوفا ؟ ولكن لم يسبق ان التقينا
-بلى ... مرة ... يوم وصلت الى هنا
ابتسم قليلا : تلك المرة ... لكننى التقيت اشخاصا لا يحصى عددهم ، واخشى اننى لا اتذكر الجميع ... ولكننى دهش لاننى لم اذكرك ، انسة هارت
انتفضت ايريان ، واغمضت عينيها برهة قصيرة ... وحين فتحتهما ، وجدت ان آثار التسلية قد غادرت وجه كيفن تشايس
سالها مفكرا : وهل ازعجك ذلك ؟ استغرب هذا
-انا ... ان للون الشعر الاحمر ميزته
بدا دهشا فاضافت : حسنا ... ينعتوننى احيانا بالجزرة ، وباشياء كهذه ...
-ذكرينى الا ارتكب مثل هذه الهفوة . ولكن فلنعد ...
قاطعته : لم اشعر بالخوف
-هل اذيتك ؟
-لا ... اعنى ... لا ... لكن ...
سال عابسا : يا له من خوف ! وكانك كنت تقاتلين من اجل حياتك !
همست وهى تراه يتحسس وجهه باصبعه : هل ... ؟ لقد فعلت ... انا اسفة جدا
قال بوجه خال من اى تعبير : انا مسرور بقولك هذا . تدركين ان الجميع سيتساءل عما فعلته لانثى مسكينة عاجزة حتى دفعتها الى محاولة اقتلاع عينى . الا تعتقدين هذا ، انسة هارت ؟
نظرت اليه ... ثم قالت بياس : اعتقد ان من الافضل ان اذهب
استقام : لم اقل هذا . اسف ! الواضح انه الوقت غير المناسب للفكاهة اذن ... انسة هارت ... استنتج اذن ان سمعتى هى اسوا بكثير مما تصورت ... ايعتبروننى نوعا من الوحوش ؟
نظرت ايريان الى العينين الزرقاوين القاتمتين : انت ... انت ... لا ...
انهت كلامها بصوت لا يكاد يكون مسموعا وتورد وجهها مجددا ، ولعنت نفسها
-اخبرينى ... انا مهتم بمعرفة راى الجميع بى .. اننى ... متسلط ربما ؟ لا احتمل ؟ مزاجى ؟ سئ الطباع بشكل صارم ؟
ورفع حاجبيه فسحبت ايريان انفاسها بتعاسة : انت تضحك منى
اعترف مبتسما : ربما ... لكن فلنكن صريحين
-حسنا ... اجل ... اعنى ... انت احيانا ... انت ...
-كل هذه الاشياء ؟
نظرت اليه يائسة فقال برقة : الهذا خفت منى ؟ ولانك حمراء الشعر ، اندفعت الى المقاومة والعراك ؟
هزت راسها بعد لحظة هزة شكر . وساد الصمت ثم قال كيفن تشايس فجاة : لا اصدق هذا ... اظن ان شيئا بغيضا اصابك مرة وان اصطدامنا هذا ، ذكرك به
تسمرت ايريان ولكن حدث ان قرع الباب ، ودخلت فتاة جميلة مرتدية ثياب نادلة ، تجر عربة وتقول باشراق : صباح الخير سيد تشايس ... استراحة القهوة ... يجب ان اقول ... آه ... ! ماذا فعلت بوجهك ؟
تلاشت بسمتها ، واتسعت عيناها الزرقاوان اهتماما
-صباح الخير صوفيا ... هذا ما نحتاج اليه بالضبط ... اسكبى لنا فنجانين ... على فكرة ، هذه الانسة هارت ... ستكون سكرتيرتى الخاصة
قالت صوفيا : هذا ما سمعته ... ستعجبك لان الجميع معجب بها ... صباح الخير ايريان
-مرحبا صوفيا
عبست صوفيا قليلا ، واعادت النظر الى كيفن تشايس
-وجهك ...
دار حول المكتب ليجلس
-تمادت قطتى قليلا ... لا شئ يذكر
-يا الهى ! ... يجب ان تقلم مخالبها سيد تشايس !
-نعم ساقلمها ، ااستطيع ذلك ؟
-بالتاكيد تستطيع ... او اتخذ لنفسك كلبا بدلا منها !
ضحكت بحبور : حسنا ... من الافضل ان اذهب ... لا تتصور كم تهم قهوة الصباح بعض الاشخاص ! اراك فيما بعد ايريان !
ادارت العربة ، ثم التفتت : على فكرة ... فى الخارج فوضى عارمة
-انها الانسة هارت ، صوفى ... لقد ... تعثرت
ضحكت صوفيا مرة اخرى ، وقالت وهى تغادر الغرفة : كاان صباح كل منكما سيئا !
واقفلت الباب وراءها
ابتسمت ايريان ... لكن البسمة سرعان ما تلاشت وهى تسال بلهفة : الديك قطة ؟
-لا
-اذن ... ؟
-هذا كل ما استطعت ادعاءه امام الفرصة القصيرة
-سرعان ما ينتشر الخبر فى المبنى كله ولكن لن يكون الجميع ...
-ساذجا كصوفيا ؟
-لا
-لا تابهى ... فكرى فقط كم سيكون هذا موضوعا شيقا لهم . لكننى سالتزم بقصة القطة اذا التزمتها انت انسة ... على فكرة ... ما الا سم الذى نادتك به صوفيا ؟
اخبرته ، فسالها كما يفعل الجميع عادة عندما يعرفون اسمها فاجابته بان امها انتقته لها بعدما سمعته واحبته ... وبانها لا تعرف معناه
علق كيفن تشايس : تزدادين غرابة ... ولكنه افضل بكثير من اسم الانسة هارت . لقد فكرت لتوى باسم مختصر لك ، انما لن اقوله ... ساحتفظ به حتى ساعة المعركة
-ماذا تعنى ؟
-ستعرفين متى سمعته . ساعتئذ بامكانك اعتباره دعوة لحمل السلاح ... والان ... ماذا كان ؟
-ماذا كان ماذا ؟
-عزيزتى ... لست غبيا ... اكدت لى للانسة توماس انك لست غبية ايضا ... وانا اعتقد ان الخوف الرهيب استحوذ عليك لانك تعرضت لهجوم او اعتداء او لاجتياح باص ... ولكنها مهما يكن ، افضل ان تكونى صادقة معى واجد هذلا افضل طريقة للصراحة
ن
نظرت ايريان اليه وهمست : اجل
ضاقت عيناه ، ثم ابتسم ، انما بغير سخرية ، بل بدفء وعطف فاذهلت الابتسامة ايريان ...
-لاباس فى هذا ... فهو كل ما اردت ان اعرفه ، ولااريد ان اعرف التفاصيل ... لماذا لا تنهين ارتشاف قهوتك ، وان اصبحت بخير ... يمكننا القيام بعمل ما
-ولكننى لا افهم ... اقصد كيف تريد ان اكون سكرتيرتك الخاصة بعد ما حدث
-الم يقولوا لك ؟ اننى شخص لا يمكن معرفة ما يفكر فيه
-انا ...
-نعم ؟
-انا ... انا شاكرة لك ... لكن ...
انفجر ضاحكا : اوه ... لا تستعجلى الحكم ايريان ... فقد تندمين لان ما يقال حقا عنى صحيح
انار وميض السخط عينى ايريان
-كنت احاول ان ... ربما تستطيع اخفاءه ؟ وجهك ؟
غيرت الموضوع بسرعة لانها لا تعرف لماذا شعرت فجاة بالسخط ... فهو على اى حال قادر على طردها ... ولكن ان يوافق على كل ما يقال عنه من امور فظيعة ... انه يدق المسمار فى نعشه
ارتفعت عيناها فرد بنظرة ذات معنى : اظن الوقت متاخر على هذا
-متاخر هنا ... ولكن بعيدا عن المكتب ... بامكانك وضع لصوق تخفى الجروح ... وهى ناجحة
قال ساخرا : شكرا لك ... انما لا ... كيف تعرفين ان تلك اللصوق التجميلية ناجحة على اى حال ؟
-لم استخدمها ولكن غي وهى احدى الفتيات فى قسم الطباعة جاءت يوما الى العمل ...
-وماذا ؟
-وعلى عنقها علامة
-اتعنين عضة ؟
-اجل ... فاعطتها احدى الفتيات الاخريات لصوقا تجميلية ... لكننى اعتقد انها ستبدو شاذة على رجل ... كنت احاول التفكير فى طريقة لمساعدتك
-الوقت متاخر ... متاخر ... يا ثعلبتى الحمراء
سقط فكها وبرقت عيناها الخضراوان نارا بسبب الاسم الذى اطلقه عليها ... لكنه اكمل بشئ من الاهتمام ، قبل ان ترد : اذن ... لديك طبع نارى يماثل شعرك الاصهب ... ايريان ؟
نظرت اليه بغضب ولكنها تمكنت من عض شفتها لترد الكلمات الساخنة التى كانت تفور فى اعماقها ... ثم صدمها ان تفكر فى ان كل هذه الاحداث التى لاتصدق انما تحدث لها فى يوم ميلادها الحادى والعشرين ، فكرت فجاة ان الحياة قد تكون غير عادلة
قال كيفن تشايس وهو يراقب دمعة متلالئة تسقط على بلوزتها : هيا الان انسة هارت ... يجب ان احذرك ، ان كان هناك ما اكرهه فهو ...
قاطعته مرتعشة الصوت : النساء الباكيات ... وانا كذلك ... ولكننى لا استطيع منع نفسى ... لم اكن ابكى بسببك
-لا ؟ اعتبر الدموع مؤامرة عمرها عمر الزمن تلجا اليها المرأة حين تضغط عليها الظروف ... ولكنها تبالغ فى تضخيم القضية . اعنى ... اننا نخلط ما بين النساء والفتيات
ضحكت ايريان رغما عنها : لا ... بلغت الحادية والعشرين
-ولكنه عمر لا يدل على انك كبيرة . اعترف انك تبدين اصغر من عمرك لكن لماذا المرارة فى صوتك ؟
-مرارة ؟ وهل تبدو المرارة على ؟ الامر فقط اننى ... لا يهم !
لم يرد ... بل جلس ينظر اليها دونما عطف ... لكن الرسالة بلغتها بوضوح . بينهما الان ، بكلمات اخرى ، اتفاق
سحبت ايريان نفسا عميقا وتحركت بقلق ... ثم قالت : انه عيد مولدى اليوم ... انه عيد مولدى الحادى والعشرين وكان كل ما فعلته فى هذا اليوم هو المجئ الى العمل وكانه كسائر ايام حياتى مع انه لا يشبه اى يوم اخر ... فلقد اوقعت نفسى فى ... هذه الورطة !
قالت هذا بكثير من المرارة هذه المرة وعندما ارتد كيفن تشايس فى مقعده مقهقها لم تخف
وقفت وكل خط من خطوط جسدها النحيل متشنج وغاضب ومجروح . لكنه نهض ايضا ودار حول المكتب ليصل اليها : لا ... لا تنظرى الى هكذا ... انا اسف على كل شئ واوافق على ان من غير الانصاف ان تحدث هذه الاشياء كلها فى يوم مولدك ... كما اعتقد ان ما حصل يدفع اى كان الى البكاء ...
لكننى لم اكن اعرف ... ليتك تتركين الفرصة لى لاعوض عليك
-كيف ؟ انت تحاول اغاظتى مجددا !
-لا ... اعدك بان اكون الرئيس المثالى منذ الان فصاعدا ، مودبا ، صبورا ، حريصا ، متفهما ... وماذا بعد ؟ سمى ما تشائين وسالتزم به
نظرت عينان خضراوان براقتان الى عينين زرقاوين قاتمتين جادتين ، وسمعت ايريان نفسها تقول بارتباك : كن لطيفا اذن ... اعنى انك تمازحنى ... لكن بلطف ... لم اقصد ...
قاطعها بجفاء : يا حمراء ! قلت لك اننى فعلا ذلك الغول الذى فكرت به ... عندما تتجاوزين عيد ميلادك الحادى والعشرين فستجدين انك كنت على حق اصلا ... لذا لا تقولى اننى لم احذرك ! ربما علينا ان ننجز بعض الاعمال الان ، انسة هارت ؟
وافقت بخجل ... ولكن بدا لها بعد وقت قصير ، ان هذا البعد الجديد من شخصية كيفن تشايس ، اصعب من ان تتعامل معه وحاولت ان تبرر الفكرة لنفسها ... اعنى ... ماذا اعنى ؟ لكن كل ما استطاعت الخروج به هو ان رئيسها المؤقت هو حفنة مشاكل سواء اكان لطيفا ام غير لطيف ... وانها غير مهياة للتعامل معه جيدا ...
اكتشفت ان اليوم المرتبك لم ينته فقد خرج قبل خمس دقائق من بلوغ الساعة الخامسة وقال لها ان الانسة توماس تود رؤيتها قبل ان تغادر المكتب
-مجرد عملية تقنية على ما اعتقد ايريان ... اذهبى الان ... اراك غدا !
كانت المقابلة التقنية عبارة عن قالب حلوى على شكل قلب عليه واحدة وعشرون شمعة . كانت الفتيات من قسم الطباعة والمحاسبة وشؤون الموظفين مجتمعات لتهنئتها
سالت ايريان الانسة توماس بعد انتهاء الاثارة قليلا : كيف ... كيف عرفت ؟
-ليس منك بالتاكيد ... لماذا لم تخبرينا ؟ لن تبلغى الحادية والعشرين كل يوم
-هذا صحيح ... انه اذن السيد تشايس ؟
-صحيح
سالت احدى الفتيات بفضول : على فكرة ... بالحديث عن السيد تشايس ... ماذا حدث لوجهه ؟
اتجهت جميع الانظار الى ايريان بما فيها عينا الانسة توماس : قال ان قطته خدشته
قالت غي بلهجة رنانة : لا اصدق هذا ... ! اعتقد انها امرأة ... انما الشئ العجيب حقا ان تقول سوالين موظفة الاستقبال انها لم تر هذه الخدوش حين جاء الى العمل هذا الصباح !
حمل قولها هذا اعتراضات ملؤها الصدمة ، ثم تحول نقاش مريح عن الرجال . وحدهما الانسة توماس وايريان لم تشاركا فى النقاش ... مع ان الانسة توماس اصغت وعلى ثغرها ابتسامة غريبة ، ثم وضعت كاس الشراب من يدها وقالت : حان الوقت يا فتيات ... من منا سيرافق الانسة هارت الى العشاء ؟ من الافضل الخروج الان ... فلن يحتفظوا بمائدتنا الى الابد ... انسة هارت ، هذه عقوبة ابقاء خبر عيدك سرا عنا !
ردت ايريان مقطوعة الانفاس : شكرا لك ... لست ادرى ما فعلت لاستحق كل هذا ... لكن شكرا لكن جميعا
انتهى الفصل الاول

samahss 24-05-17 08:47 PM

الفصل الثانى
( تلامس النجوم )
دخلت ايريان الى فراشها تلك الليلة وهى لاتزال مرتبكة ولكن سعيدة فاليوم الذى بدا لها ماساويا ، انتهى بشكل رائع وكم ندمت على خجلها من ذكر عيد مولدها . كان الجميع فى غاية اللطف
لوت قسمات وجهها ، ثم مدت يدها تطفئ المصباح الصغير قرب سريرها ... ولكنها لم تفعل بل عوضا عن ذلك ضربت وسادتها تسويها ، ونظرت الى غرفتها سعيا للاحساس بالفخر والدفء اللذين طالما وفرتهما لها الغرفة
كانت الغرفة صغيرة فى منزل ولكنها لها مطبخا منفصلا وحماما خاص ، وشرفة . كانت جدرانها مطلية بلون اصفر صينى وفى احد الجدران رفوف بيضاء تعج بممتلكاتها ، شرائط مسجلة ، وستيريو صغير ، ماتزال تدفع ثمنه بالتقسيط ، وكتب وقطع خزفية غريبة ، فهى لا تستطيع مقاومة مصنوعات الزجاج والخرف وهناك ايضا وعاء اخضر فيه بعض الزهور من الحديقة ، واربع قبعات للشمس مختلفة الاشكال
لنافذتها ستارة فوقها قماش وردى سميك وفى الزاوية قرب النافذة مزهرية طويلة قديمة
على الارض بساط بلون الشوفان ، مكون فى الواقع من القش . على فراشها الذى يتحول الى اريكة نهارا غطاء جميل يكاد يبلغ الارض وثمة مقعد وحيد من القصب ذى اطار كعقدة السلال ، الى جانبه طاولة بيضاء فيها ادراج لها مقابض نحاسية ومصباح اطاره وردى
قرب الاريكة خزانة صغيرة تمثل طاولة السرير التى تضع فيها وسادة النوم نهارا ... فوقها ، ساعة نحاسية قديمة الطراز ومصباح من المرمر ذى راس حريرى وردى اشترته من محل لبيع الانتيكات
فوق الاريكة او السرير صورة لها اطار ذهبى ضخم تشبه لوحة وهى صورة منزل ريفى ابيض تحيط به حقول ذهبية مليئة بالعشب
كان للحمام الذى هو فى الاصل غرفة غسيل ، جدار مثبتة فيه خزانة تضع فيها ملابسها ، وكل ممتلكاتها الاخرى كآلة الخياطة القديمة الطراز التى خاطت عليها العديد من ملابسها ، وغطاء السرير واغطية اخرى ، واكياس الوسائد الموشاة والمطرزة الاطراف والشراشف الاخرى المماثلة ، اضافة الى غطاء قفص العصفور الاصفر
لكن هذه الالوان وصلت الى الغرفة بعد استئجارها الشقة كما يحلو للمالك ان يدعوها ، والواقع ان المالك قسم منزله الى شقق صغيرة بعد موت زوجته ليؤجرها . الشئ الوحيد الذى جعلها لا ترفض المكان ايجاره الرخيص . وكانت قد خرجت الى الشرفة الخاصة فلاحظت ان الحديقة المعتنى بها مليئة بالزهور وان هناك شجرة "بوانيانا" مزهرة تقبع فى وسط المرجة ...
لكنها ترددت والتفتت الى الغرفة الفارغة ، الخالية حتى من الحيااة ... وسالت المالك : ايمكن ان اطلبها
وكان رد المالك : على نفقتك ! فكرت قليلا وهى تاخذ بالحسبان ان على مقربة من المنزل موقف باص ومحلات ومكتبة . اخيرا اتفقت مع المالك الذى لم يكن يعيش فى المنزل ، والذى كان ينظر الى المستاجرين نظرة احتقار ، وكانهم من احط الناس .
هكذا اتمت الصفقة وهاهى تعيش هنا منذ ذلك الوقت ... ولكنها حاولت ان تجعل مسكنها مريحا
فكرت وهى مستلقية على الفراش ان المكان اصبح اكثر من بيت مستقل بها ...لقد اصبحت الغرفة جنة روحية تستطيع فيها ان تحلم احلاما قد تتحقق يوما ما ، كما حصل اليوم ... تحلم بمكان تحيط نفسها فيه بالالوان والاضواء وقبل كل شئ بالاستقرار والديمومة اللذين افتقرت اليهما فى طفولتها
حدقت فى السقف القديم المزين ... ثم ارتدت لتدفن وجهها فى الوسادة ... ظننت اننى نسيت ! لم افكر فى هذا منذ زمن طويل ! ليس هكذا ، ليس وكأن ما حدث سيحدث لى مرة اخرى ... يا لها من خدعة رهيبة يستطيع العقل الباطنى ان يلعبها على المرء .. ولكنه كان ثقيل الوزن ولعل هذا ما اثارنى ... ففعلت ما فعلت ... مع ان ....ارتجفت ورفعت راسها لتضع خدها على يدها ... راح عقلها يجمع صورة وجه كيفن تشايس الوسيم الذى تشوهه الان الخدوش . فكرت انه كان من حقه ان يطردنى ... لذا استغرب سبب لطفه معى واغرب ما فى الامر ، ان ينظم لى حفلة عيد الميلاد
تاوهت ، ثم تثاءبت ، ومدت يدها مرة اخرى لتطفئ المصباح لكن الببغاء الاسترالى قطع عليها حركتها وتحرك ساخطا ... فدفعت الغطاء عنها قائلة : هل نسيت ان اغطيك تشارلى ... هاك ، قل تصبحين على خير ماما !
لكن تشارلى لم يرد ففكرت ربما هو صغير ليستطيع ترديد كلماتها
بعد اسبوع من هذا ، حصل المستحيل
ولم يكن لدى ايريان اية فكرة انه سيحدث
فكما توقعت ، وتكهن كيفن تشايس ، لم يكن الابحار سهلا بينهما . فى الواقع كان هناك بضع مواجهات غير مريحة ، احداها كانت عن وجهه المخدوش ... واخيرا وقع الانفجار !
التزم قصة القطة ولم يظهر غضبا منها . ولكن السؤال المهلك فى هذه القضية جاء من صديق ... عرفت ايريان هذا حين خرج كيفن من مكتبه ليحييه ... رمق رجل مرح فى منتصف العمر ايريان باعجاب ، ثم ما ان ظهر رئيسها حتى نطق الكلمات بنوع من عدم التصديق والبهجة
-ما الذى حدث لوجهك يا صديقى القديم ؟
نظر كيفن تشايس نظرة عاصفة الى ايريان ورد بفظاظة : كنت سئ الحظ فاصطدمت بنمرة
ضحك الرجل مسرورا ونظر بريبة شديدة الى ايريان قبل ان يتمتم : عرفنى اليها ... فقد استفيد من نمرة فى مكتبى ... فحياتى العاطفية فارغة مؤخرا
انتفضت ايريان وتورد وجهها ... ولكن كيفن الذى صر على اسنانه لم يفعل شيئا غير ادخال رفيقه المرح الى مكتبه ، وظل ذلك النهار فظا جافا ... عادت الى منزلها تحس بالارتخاء كانها الخرقة المبللة ....
وجدته فى الصباح التالى قد استرد مرحه ولكنه لم يعتذر . نعم لم تتوقع منه الاعتذار ، ولكنها توجهت الى العمل عازمة النية على التوضيح له بطريقة او باخرى بانها ترفض ان يعاملها كما عاملها ... ولكنه سرعان ما افرغ الريح من اشرعتها بابتسامة ساخرة
جلست على مكتبها بهدوء تفتح البريد وتتساءل كيف استطاع اسكاتها بابتسامة . ولكنه ليس قادرا فقط على ان يسحرها بمجرد ابتسامة حين يريد ، فهو يثير اهتمامها باشكال متعددة
ولعل احد تلك الاشكال طريقته فى معاملة صوفيا ، عاملة القهوة والشاى ... وان كان من يستحق ان يينعت بالشقراء الغبية فهى صوفيا . انها فى التاسعة عشرة من العمر وقد عملت فى الشركة منذ خمس سنوات ، وستبقى على الارجح فتاة تقديم القهوة حتى اخر عمرها ، وهى قانعة بذلك ... ربما السبب معرفتها بجميع العاملين فى الشركة وقضاءها جزءا كبيرا من وقتها بالاهتمام بالمتنافسين على المراكز فى المكتب ، هذا عدا ذكر مشاكل شؤون الموظفين ... ولكن صوفيا طيبة القلب وفى شائعاتها دوما شئ من الحقيقة
ان كان هناك من يقدر على دفع كيفن الى تسلق الجدار فهى صوفيا ... ولكنه رغم ذلك كان لطيفا ودودا معها ويجعلها تضحك دوما . كانت ايريان تكره من يسخر من صوفيا وراء ظهرها ووجدت ان رئيسها ليس واحدا منهم . وكانت ترتجف من الداخل وتامل من الله دورها قريبا
جاء دورها فى اخر يوم من ايام الاسبوع الاول ... امضت صباحا هادئا نسبيا ، تراجع ما مر بها فى اسبوع ، فوجدت انها ابلت بلاء حسنا . ولانه صباح هادئ ، سمحت لنفسها بالشرود ووجدت نفسها تفكر فى الشائعات المتعلقة برئيسها التى سمعتها فى مطعم الشركة فى اليوم السابق ... هل سيدوس كيفن تشايس قريبا على قدم فليمور ماكميهون ؟ آه ... ليس قبل سنين ! هذا ما قاله احدهم ، على اى حال هناك ابن لماكميهون . هذا صحيح ، لكن مقارنته بكيفن تشايس ، اشبه بمقارنة نعجة بالنمر
لكن الاقاويل التى كانت تسترق السمع اليها دارت حول العائلتين . ماكميهون وتشايس . ولماذا يعتبر بعض الناس انه سيبقى هناك دائما احد افراد اسرة ماكميهون فى الشركة ، تماما كما هى الحاجة لوجود فرد من افراد اسرة تشايس الذين يحملون معهم دوما مواهب مميزة مختلفة
سال شخص اخر : لكن هل هذا صحيح ؟ كانت الفكرة العامة ان الجانب الريفى من الشركة مهم جدا لها ... اما اسرة تشايس فكانت نوعا اخر ... فهم فى الشركة بسبب فطنتهم التجارية
سال احدهم : اريد معرفة ما حدث لعائلة كاسيدى ؟
وقد تساءلت ايريان عن هذا هى ايضا ، ولكن نظرة سريعة على ساعتها قالت لها انها لن تستطيع الانتظار لسماع ما حدث لاسرة كاسيدى
فى اليوم التالى ، كانت وقت الغداء تفكر فى الحديث ولكن المنظر الذى استقبلها بعد عودتها من الغداء ، ابعد جميع الافكار المترابطة عن عقلها
كان فى مكتبها خزانة صغيرة للملفات ، وكان كيفن تشايس ينقب فيها كالمهووس ، يسحب الملفات بشكل عشوائى يرميها ارضا . عندما اصدرت صوتا صغيرا ، ارتد وعلى وجهه غضب اجرامى جعلها توقع سلتها خوفا ... كانت قد اشترت ست برتقالات خلال فترة الغداء ، فتدحرجت من الكيس فى ارض الغرفة كلها
راقب كيفن تشايس ما يجرى لحظات ثم رفع وجها مشدودا وقال : ماذا تفعلين بها ؟ اتصنعين فاكهة مثلجة كعمل اضافى ؟ ام انها وصفة جمال سرية لك ؟ هل تستخلصين العصير لتحافظى على بشرتك الرائعة ؟
لكن ، الواقع ان النظرة التى كان ينظر فيها الي بشرتها كانت بعيدة كل البعد عن الاعجاب
-انا ... انا اكلها !
-فعلا ؟ اذن هى حمية جديدة . لقد اوقعت قبل ايام طنا منها على الارض
-لا ... بل ست حبات فقط ... انا احب البرتقال
-هذا واضح يا عزيزتى الانسة هارت ... وانا لا مانع عندى ان كنت تريدين الحفاظ على بشرتك وقوامك بالبرتقال وجل ما اتمناه الا تدابى على ايقاعها ارضا
قال هذا وكأن الامر عادة كريهة لايريان ... فسالته بصوت تمكنت من جعله ثابتا بجهد كبير : لا افعل هذا ... ولست ... انها الصدفة ... اتبحث عن شئ ؟
-نعم افتش عن ملف شركة ماكينتوش المحدودة . ماذا فعلت به حبا بالله ؟
راجعت فى فكرها كل الملفات التى استخدمتها مؤخرا : لاشئ ... لاشئ ... هل فتشت تحت حرف " م" ...
ياللسؤال السخيف ...
سالها ببرود : ولماذا لا افتش تحت حرف " م " ... ؟ اتظنين اننى قد افتش تحت حرف "ج " مثلا ؟ ام تراه نظاما جديدا ؟ وضع الاسماء التى تبدا بالميم تحت حرف الجيم ...
ردت بجفاء : ابدا ... هذا غباء ...اليس كذلك ؟
-اخبرينى انت
اخذ يتاملها مرتدية تنورة حريرية عاجية اللون ، وبلوزة بنية ، بدت مرتبة من راسها حتى اخمص قدميها ولكن نظرته اوحت بانه يراها تجسيدا للغباء
صرت على اسنانها ، تجبر نفسها على تحمل نظرته بشجاعة ...
-اتسمح لى بالقاء نظرة ؟
لم تجد اسم ماكنتوش تحت حرف الميم ، لم تساعدها وقفته هناك ، مستندا الى الجدار ، عاقد الذراعين غاضبة عيناه بحيث بدا مثالا للعجرفة ونفاذ الصبر
اخيرا قالت بعجز : الملف غير موجود هنا
-ادهشتنى
-الا تحتفظ ... الا يمكن ان يكون فى مكتبك ؟
-لا
نظرت حولها ... ولكنها قبل الخروج الى الغداء رتبت مكتبها
-انا مضطرة اذن الى مراجعة جميع الملفات ... ولكن ذلك سيستغرق بضعة دقائق ....
وصمتت وهى تعض على شفتها ... فسال يتعامل مع طفل مجنون : وماذا فى هذا ؟
-لست ... لست مضطرا للانتظار
قال بسخرية : انه للطف منك ولكننى سانتظر
نظرت اليه بحدة : هل الامر ملح الى هذه الدرجة ؟
ضاقت عيناه الزرقاوان الداكنتان ... وفتح فمه ليدمرها فسارعت تقول بجهد : ما اعنيه ... ان وقفتك هذه توترنى
رد ساخرا : اعتذر انسة هارت ... لا يمكننا تحمل هذا ... اليس كذلك ؟ بالتاكيد لا ... فالتوتر قد يقود الى الذعر ... ونحن نعرف ما قد يحدث ساعتئذ ... الم تفكرى يوما فى التقدم لنيل الحزام الاسود ؟ سيكون ذلك اكثر انصافا من محاولة اقتلاع عينى شخص ما ... لكن لا تظنين اننى اغريك بهذا ! سابتعد
ثم توجه الى غرفته واقفل الباب بقوة
اشعل التانيب والسخط شيئا من المزاج الاسود ، فارتدت الى خزانة الملفات ، ولسان حالها يقول ... لست اسفة لما فعلته بك ... لست اسفة ....
مر ما يقرب من الساعة بسبب كثرة المقاطعات قبل ان تتاكد من عدم وجود الملف فى الخزانة
تلقى كيفن تشايس هذه المعلومات بشفتين مشدودتين وبدا فى عينيه وميض خطر
قال بصوت منخفض : اذن ... من الافضل ان تجديه يا انسة هارت ... فانا احتاج اليه
-ولكننى لا اعرف اين افتش ... الا اذا ...
ونظرت حول مكتبه
قال بحدة : انه غير موجود هنا
قالت معنرضة : لكننى لا اذكر الاسم ... لو امسكته بيدة مرة لتذكرته ... متى رايته اخر مرة ؟
-كان على مكتبى منذ يومين ... كان فى سلة الملفات
-لو رايته لوضعته بين الملفات ...
صمتت عندما وقف ليدور حول مكتبه
اضافت : ساذهب لالقى نظرة اخرى ...
وهرعت الى الخارج هاربة
ما ان اصبحت فى مكتبها حتى سحبت نفسا عميقا عدة مرات ... تعرف ان لا شان لها بذلك الملف
ثم انفتح الباب ودخل السيد ماكميهون
-آه ... انسة ... ؟ هل اعرفك ؟
ردت ايريان : ليس تماما ... انا الانسة هارت ... سكرتيرة السيد تشايس الخاصة ... سيدى ....
ضرب جبهته بيده الغليظة ، وقال مبتسما ابتسامة خبيثة : هذا صحيح ! اصيبت الفتاة المسكينة بانهيار عصبى ... اعنى سكرتيرته الاخرى ... على ان اعترف ان كيفن يجيد انتقاء السكرتيرة . كان لاول امرأة احببتها لون شعرك وطبع كطبعك ... يا الهى ... قال ان قطنه خدشته ولكن صعب على تصديقه . حسنا ! لك اذن طبع يتماشى مع لون شعرك انسة هارت ... وهذا جيد لك ، مع اننى دهش . اقصد عليك ان تخدشيه فى مكان غير ظاهر فى المرة القادمة ... اجل ... قطعا انصحك بهذا
نظرت ايريان اليه ومزيج من الاحراج يتاكلها ... فتحت فمها بضعف لتنكر التهمة ... ولكنه لم يكن ينتظر منها تعليق ... فقد مد السيد ماكميهون لها ظرفا اسمر اللون ، وتابع كلامه
-جئت لارد هذا الملف لكيفن ... اخذته منه منذ يومين ... كان على مكتبه ... ولم يكن فى المكتب احد
رات ايريان اسم ماكنتوش على المغلف ، وتصرفت بطريقة من يصيح " قلت لك هذا ! " دون ان يتلفظ بها
ارتدت على عقبيها وفتحت الباب الداخلى وقالت متباهية : السيد تشايس هنا سيدى ... يود رؤيتك السيد ماكميهون سيد تشايس
ادار كيفن تشايس وجها متوترا نحو الباب ، فقال السيد ماكميهون وايريان ترافقه الى الداخل : حسنا . من الافضل ان ارده شخصيا
لم يذكر كيفن تشايس الملف حتى ازفت الساعة الخامسة ... فقد خرج الى المكتب الخارجى ، حيث كانت ايريان ترتب مكتبها لتخرج ، وجلس على حافة مكتبها
كانت سترة بذلته الانيقة فوق ذراعه ... واخذ ينزل كم قميصه المرفوع بكسل ، ثم انزل الاخر وزررهما ، وزرر ياقته وسوى ربطة عنقه الكحلية الحريرية ، ومرر يدا فى شعره الاسود الكثيف ... فعل كل هذا وهو يحدج ايريان بنظرة شاملة مثيرة للاعصاب
ثم قال : اظنك تتوقعين منى اعتذارا
نظرت اليه ببراءة وتساؤل ، وكأن لا فكرة لديها عما يتحدث عنه . فومضت عيناه بالتسلية ، وقال برقة : هيا الان يا ثعلبتى الحمراء ! افضل الا تبقى غاضبة منى
قالت بجفاء : لست غاضبة منك ... فلا يحق لمن فى مركزى ان يغضب
ضحك ممررا اصبعه على اثار الخدوش : لم يمنعك ذلك من قبل
-كان ذلك مختلفا ...
-اتعنين اننى كنت يومذاك المخطئ ... اما الان فلا ؟
همت بالتكلم ولكنها عادت فاطبقت شفتيها ، ووجهت اليه نظرة خضراء ساخطة ، فضحك : ان كانت النظرات تقتل ... فانا محظوظ لبقائى على قيد الحياة ... عزيزتى ايريان ... اعتذر بصدق لاننى كنت ... ماذا كنت ؟ ... اجل ... لا اطاق ... كنت على حق عندما اوقفتنى عند حدى بكل كفاءة كما فعلت ... فانا استحق ذلك ، وساحاول ان ابدل تصرفاتى . ما رايك بهذا ؟
قال كل هذا بوقار كامل ... ولكن كلامه بدا لايريان صفاقة ساخرة ... فنسيت قرارها بالا تتحدث معه ... وردت بحدة : اتعرف ؟ انت لا تطاق ، وصعب المراس ... لا تظن اننى خدعت بكلامك لحظة واحدة !
رد ببرود : لم اعتقد انك خدعت فعلا ... لكننى اسف حقا لاننى كنت كريها هكذا ... انها عادة سيئة من عاداتى
فكرت ايريان لحظة ثم قالت ساخطة : ها انت الان تشعرنى باننى المخطئة
تمتم والضحكة فى عينيه : يبدو اننا على طرفى نقيض ... ولكنك تكلميننى مرة اخرى على الاقل
احتجت : لم اتوقف عن التحدث اليك
ذكرها : لقد حاولت هذا لتوك ... ومنذ اعاد السيد ماكميهون الملف وانت تعامليننى ببرود وادب وهذا اسوا من معاداتى
فتحت فاها لتنكر ، لكنها وجدت نفسها تبتسم خجلا : حسنا ... كنت غاضبا منك
-والان نلت الصفح ؟
-اجل ! اتعرف ؟ انت تدهشنى احيانا حقا
-قلت لى هذا مرة
تورد وجهها ، فتابع : فى الواقع ... انت تدهشيننى ايضا
-انا ؟
-اجل
-كيف ؟
-بالطريقة التى تعاملت بها مع ... الوحش
-لم يمض على وجودى سوى اسبوع ....
-ماذا يقال ؟ تبدا رحلة الالف ميل بخطوة واحدة
-لا افهم
رد بوقار : حسنا ... فلنوقف الامر عند هذا ... اسبوع واحد طويل كاف لاقناعى بتحمل كراهية سكرتيرة ... الواقع ان ساعتين عادة تكفياننى
قالت مقطوعة الانفاس وهى تبحث فى وجهه بعدم تصديق : مازلت لا افهم
وقف ووضع سترته على كتفه : بالتاكيد ليست وكالة السفر التى هى هدفك النهائى ... لكنك تجدين هنا فرصا للسفر ... والراتب مغر ، انه افضل بكثير مما قد تحصلين عليه فى وكالة السفر ، هذا على افتراض ان هناك فرصة فيها ... والواقع ان لا فرصة فى الوقت الراهن ... فما رايك ؟
همست : تقصد انك تريد منى ان اكون سكرتيرتك الدائمة ؟
-فعلا ... ولم لا ؟
-لا اشعر باننى مؤهلة ... اعتقدت ان الامر بحاجة الى سنوات من الخبرة . ظننتنى اخر شخص تريده
رد مبتسما ابتسامة صغيرة غريبة : امر غريب ، ما اريده بسيط جدا ... انت قادرة على القيام بكل ما هو اساسى ، والواضح انك ترفضين من يتجاوزك وهذا لمصلحتك ...
-اذن لماذا ... لماذا ...
-لماذا اطلبك للعمل ؟ اظننى ولدت وانا اميل الى التناقضات ... على الارجح
-لكن اختزالى مايزال بطيئا
-التمرين كفيل بحل المشكلة
-وهل ... كلمت الانسة توماس بالامر ؟
-اجل ، وكانت مستريحة ... الا تريدين الوظيفة ايريان ؟
اغمضت ايريان عينيها وتساءلت عما اذا كان عليها ان تقرص نفسها ... فهى تعلم ان ما يحدث ضربة حظ موفقة ... ان الوظيفة من وجهة النظر المالية والمعنوية رائعة من جميع الاوجه . انها مرتبة الى اعلى ومدخل الى العصبة الصغيرة المختارة من الموظفات اللواتى تعجب بهن فتيات الطباعة من بعيد ... وقد تفتح لها هذه الوظيفة افاقا واسعة ... حسنا ، ان هذا امر لا يصدق ! ايعقل ان تترقى بعد سنة واحدة ؟
فتحت عينيها فوجدت كيفن تشايس يسبح فى غشاء من دموع ....
قالت يائسة : اللعنة ... ها انذا اعود مجددا ... اتريد ان تغير رايك ؟
ضحك ولامس خدها بخفة
-اقلقتنى لحظة ... لا ... لن اغير رايى
ثم تجهم ونظر اليها بفضول ، وقال بسخرية : الواضح انها خطوة كبيرة لك ، فارجو ان اكون عند حسن ظنك
نفخت انفها بمنديل : اجل ... انها كذلك
عاد للجلوس على المكتب وقال ببطء : يجب ان تعدى هذه الخطوة وثبة كبيرة فانت ذكية ... اتريدين ان تخبريننى لماذا بكيت ؟
ابعدت المنديل مبتسمة : انا ... اعتقد ان السبب هو خلفيتى العائلية ... فكل ما كنت مهياة له حياة منزلية انما ليس الجانب الحسن منها بل الجانب القاسى . ادعك ارض منزل احدهم ، اغسل حفاضات الاطفال واطهو ...
-فى الغرب ؟
-اجل ... كانت امى مدبرة منزل محترفة ليس لانها اختارتها مهنة بل لان والدى مات تاركا اياها مفلسة فاضطرت الى العمل لاعالتى وكانت مدبرة منزل ماهرة . ولكنها لم تكن قوية لذا كنت اساعدها ... تنقلنا كثيرا ... من مزرعة الى مزرعة ...
-لماذا ؟
هزت كتفيها : فى الغرب سنوات مثمرة وسنوات قاحلة ...
فى بعض الاوقات تستطيع العائلات تحمل راتب مدبرة منزل وفى اخرى لا تستطيع . هذا هو السبب الرئيسى لتنقلنا من مكان الى اخر . ثم ماتت ... بعد موتها قررت عدم البقاء ...
وصمتت وهى تنظر الى يديها
قال : اكملى .. ام اخمن انا ؟ فجاة بدات التفكير فى عدم قضاء بقية حياتك على تلك الطريقة ؟
-اجل ... جئت الى المدينة الكبيرة التى كانت ستكرهها امى
-ولماذا ؟
ترددت ايريان ، ثم قالت بصدق : احببتها كثيرا ... ولكنها كانت ساذجة رجعية العقلية مؤمنة . كانت تؤمن ان المدن مليئة بالاثم ... ولكننى لا اعتقد ان فى المدينة احتكارا للخطيئة
ران صمت قصير ، ثم اضافت : اعنى ... ان الناس ناس اينما كانوا ....
-صحيح ! هل تتذكرين والدك ؟
-بشكل غامض فقط ... كان راعى مواشى تعرض لحريق وقع فى الادغال ... ولكننى مازلت احتفظ بكل كتبه . احب القراءة وكان لديه صناديق كرتون مليئة بها ، كنا نحملها معنا اينما حللنا . وكانت امى تتذمر منها ، وتهدد بحرقها . خاصة حين تجدنى مختبئة اقرا كتابا ... لكننى اعتقد انها كانت سعيدة حقا لاننى ورثت عن ابى حبه للقراءة
-هكذا جئت الى المدينة مع كتب ابيك واشياء اخرى ؟
-اجل ... آلة الخياطة لامى ... تلقيت دروسا فى الطباعة وعملت فى الخياطة فكان ان تخلصت من البذور والقش ... ولهذا السبب ترانى مرتبكة الان ... وانا ... لا اعرف كيف اشكرك
رفع كيفن تشايس حاجبيه ضاحكا : لا تشكرينى ... اظن ان اساس علاقتنا متين لذا يجب الا تسمح لاى رقة شعور بتشويهها ... نلت الوظيفة .. صحيح ؟
ردت متسعة العين انما بسعادة : صحيح
-لماذا لا تخرجين للاحتفال بدل البكاء ؟ الديك صديق ؟
-لا ... لكننى قد اقنع تشارلى بمكالمتى ... حين ابلغه عن هذا فسيتخلى عن صمته !
فى تلك الليلة تمكنت بعدما هدات من التفكير فى حظها السعيد غير المعقول ووجدت انها تفكر اكثر بكيفن تشايس نفسه ... انه لمن الخطا الحكم على الناس مسبقا ... فتحت تلك الشخصية ، المخيفة ، المسيطرة ، والمتوحشة احيانا دفء ولطف يشوشان تفكيرها ويربكانها
هل يعلمن ؟ تقصد جميع اولئك الفتيات العاملات فى قسم الطباعة ... لكن كيف لهن ان يعلمن ؟ لم اكن اعلم ... لكننى لست مشهورة بنفاذ البصيرة ...
قالت بصوت مرتفع لتشارلى الببغاء " اليس كذلك ؟ " ولكنه حافظ على صمته فهددته باستبداله بقطة ان لم يتكلم قريبا ... وضحكت على نفسها ... لانها تكره القطط
************
انتهى الفصل الثانى


samahss 24-05-17 10:32 PM

( الفصل الثالث )
كاد يقتلها !
تسببت ترقية بثورة صغيرة ، مع ان الانسة توماس بدت غير متاثرة بها . اذ هنأت ايريان ولكنها علقت الامر بالقول ان الوقت مبكر على هذه الترقية
وجدت ايريان فى سرها انها توافق الانسة توماس رايها فالوقت مبكر فعلا ... على الاقل ، هذه هى الطريقة الوحيدة لوصف القلق والارتباك اللذين تشعر بهما
جعلها اكتشافها بانه يقيم علاقة مع امرأة متزوجة تعانى من الصدمة ، وليس هذا فقط بل شوش الامر تفكيرها . تساءلت عما قصدته الانسة توماس حين قالت انه مرتبط ، لانه لم يبد ان عنده حبيبة معينة ولو كانت موجودة لعرفت هذا من المكالمات التى كانت تحولها اليه من وقت لاخر
مر اسبوعان على تعيينها رسميا ... واكتشفت انهم لم يبالغوا عندما وصفوا السيدة هيودجز فاتنة فهى مديدة القامة نحيلة القد ، انيقة الملبس والهندام ، ذات عينين ليلكيتين متالقتين . انها ببساطة تجسيد للجمال الكلاسيكى
لكن ثمة شئ اخر حول السيدة هيودجز لم تستطع ايريان وصفه ، مع انها حاولت ، ففى هذه المرأة هالة معينة تجعل المرء يريد ان يركض امامها ليفتح لها ابواب وتجعله يريد ان يكون حاميا لها . اجل ... هذا هو الامر ... مع انه غريب
كانت طريقة فتح الابواب واقفالها هى التى افهمت ايريان ما يشعر به كيفن تشايس تجاه هذه الغريبة الجميلة التى عرفت عن نفسها باسم السيدة هيودجز ، وقالت ان السيد تشايس بانتظارها
قالت ايريان وهى تلقى نظرة سريعة على دفتر المواعيد : آه ... اجل سيدة هيودجز ... انه بانتظارك . لقد ذكر لى الموعد منذ قليل ... سادخلك
قرعت الباب الداخلى ، وفتحته متمتمة : السيدة هيودجز ، سيد تشايس
وقف كيفن تشايس ولكن ما لفت انتباه ايريان هو ظهور نوع من التوتر على وجهه
ثم دخلت المرأة الى مكتبه وركضت قليلا ، وقبل ان تتاح لايريان فرصة اقفال الباب كانت بين ذراعيه تنطق باسمه مرارا ومرارا
رفرفت ايريان عينيها واقفلت الباب بصمت ، انما ليس قبل ان ترى كيفن يحنى راسه الاسود الشعر ليعانق السيدة هيودجز الغامضة
تساءلت ايريان بينها وبين نفسها . ماذا لدينا هنا ؟ ثم عادت الى مكتبها ببطء فقرات الملاحظة التى دونها فى دفتر المواعيد والتى تقول لا مقاطعة ابدا ... ربما تكون اخته ؟ ولكننى لا اعتقد ان الاخ واخته يتعانقان على هذا النحو
كانت صوفيا هى التى اوضحت لها الغموض ... فى الوقت الذى كان السيد تشايس والسيدة هيودجز يغادران المكتب ، وبعدما ابلغها رئيسها انه لن يعود اليوم
قالت مقطوعة الانفاس : عجبا ... ! لقد عادت من جديد !
-ما هى ؟
علاقة السيد تشايس بديكسى هيودجز
فكرت ايريان لحظة : اهى ارملة ؟
صبت لها صوفيا الشاى ، وسكبت شيئا منه خارج الفنجان بسبب لهفتها : اللعنة ! ... لا ، ليست ارملة . قصتهما قصة حزينة تنفطر لها القلوب ... كان حبيبين منذ الطفولة ... ثم تشاجرا ، وسافر السيد تشايس الى ما وراء البحار ... وعندما عاد ، كانت ديكسى قد تزوجت من بولدن هيودجز الذى كان اكبر منها بسنوات وهو نذل حقيقى بكلا ما فى الكلمة من معنى . كان ثريا بالتاكيد ، ولكن لم يمر وقت طويل حتى ادركت انها لا تزال تحب كيفن ... اليست قصة محزنة ؟
-صحيح ... ولكنها ليست صعبة الحل
-لن يتركها ! اعنى بولدن هيودجز !
-لكن ... كيف له ....
ثم سالت بدافع الفضول : كيف عرفت بكل هذا صوفيا ؟
-عملت عمتى فى المطعم هنا وبهذه الطريقة حصلت على الوظيفة ... انما ابتدا هذا كله فى عهد والد سيد تشايس اى قبل ان اعمل هنا ... كانت عمتى تقول ان المرأة الوحيدة التى احبها السيد كيفن ، تزوجت رجلا اخر
نظرت ايريان الى صوفيا مستغربه : انه لامر مربك
-وقد يزداد ارباكا
-كيف ؟
-لا اظن ان بولدن هيودجز معجب بزوجته ... تعرفين كيف !
-ربما هما لا ...
وندمت على تعليقها لانه قاد الى المزيد من فضح الاسرار ، اذ همست : اظنهما فعلا ذلك مرة او مرتين ... ولكنها جميلة ، فهل تلومينه ؟ ويقال ان بولدن استردها بقوة السلاح !
-اوه ...
-كانت عمتى تقول ان هذا قد يكون صحيحا ... فهى كانت تعرف الكثير عما كان يجرى اذ عرفت السيد كيفن وهو صبى صغير . على فكرة ... انها ...
قاطعتها ايريان بحزم : صوفيا ... لا اظن ان من الملائم التباحث فى هذه ... الامور الشخصية
لكن صوفيا ضحكت : يعرف الجميع هذه القصة
-اما انا فلم اكن اعرفها
-ربما انت الوحيدة ايريان ... اترين ، حين يكون المرء ثريا وشهيرا بعجز عن اخفاء اسرار حياته ... وبولدن هيودجز شهير جدا ... اليس كذلك ؟
كان على ايريان ان تعترف بهذا فقد سمعت عنه كثيرا فهو قطب فى عالم المناجم وصاحب جياد السباق ، وصاحب اليخوت ، هذا عدا اشياء اخرى
اضافت صوفيا بحبور : على اى حال ، من الافضل ان تعرفى الامر بدل ان تصطدمى به ... فانت سكرتيرته الخاصة الان ... الافضل الان ان اذهب ، فلا بد ان السيد ماكميهون يموت شوقا الى شاى العصر ... اراك فيما بعد . ودفعت العربة امامها لتخرج من المكتب
فى اليوم التالى وجدت انها لاتزال تتساءل عما كشفته صوفيا امامها ... ربما لان الامر برايها يبدو بعيد الاحتمال . سلاح وزواج مفروض بالقوة
سالها كيفن تشايس بشئ من التجهم : هلا قلت لى لماذا تنظرين الى هكذا ايريان ؟
انتفضت ايريان وخرجت من افكارها ... كانت جالسة قباله يملى عليها بعض الامور . نظرت اليه باستغراب
-لاسبب . كيف كنت انظر اليك ؟
-وكانك لم ترينى من ذى قبل هذا عدا اشياء اخرى
ابتسمت : هذا جنون
-اذن لقد جننت بلا شك
-لا اقصد هذا
-اذن كنت اتخيل الاشياء ... لاننى اقسم انك كنت تتامليننى بنظرة ناقدة ، مقومة ، وكانك تنظرين الى ظاهرة غريبة
تورد وجه ايريان : انا ... انا ... كنت افكر فى شئ اخر ... ربما كنت احلم
-فيم ؟
-لا اذكر
وقف فجاة ينظر اليها متاملا : حسنا ان كنت لاتريدين اخبارى ، فلا باس ... ولكننى قادر على التكهن . هل اطلعت على شؤونى القلبية يا ثعلبتى الحمراء ؟
لم تستطع منع التورد من اجتياح وجنتيها فبرقت عيناه وسال بحدة : من كان يتكلم ؟
سحبت نفسا عميقا : لا استطيع اخبارك ولكننى لم اشجع ذاك الشخص على الحديث ، فليس الامر شانا من شؤونى فاطمئن الى ان الاقاويل لن تلقى منى اذنا صاغية
صمتت كئيبة لسببين ... اولا لانها بدت بكلامها مغرورة ... والثانى لانها نظرت الى نفسها فجاة نظرة سخيفة
قال كيفن تشايس بجفاء وبشئ من السخرية : هذا اخلاص شديد منك انسة هارت ... اعتقد انك اتخذت قرارا فى ما اذا كنت ذلك النذل الذى وصفوه لك ام العكس ؟
فكرت قليلا : وبما انك استطلعت على هذا منى ، فمن الافضل ان اعترف اننى شككت فى معظم ما سمعت
نظر اليها بامعان ثم قال ما فاجاها : ترددت فى انكار صحة ماتقولين ايريان ... لكن ، ثمة شائعات تؤكد ان هناك دراما كبيرة ... واخشى ان اعترف اننى وبولدن هيودجز نتبادل الكراهية
نظرت اليه فاغرة فاها ، ثم قالت بعدم ارتياح : انت لا ... حقا لا تريد ان ... اعنى ، لاشان لى سيد تشايس
ضحك فجاة : حسنا . حذرتك مسبقا
استوعبت ايريان هذا ببطء ... ثم قالت دهشة : اتعنى انه قد ياتى الى مكتبك حاملا بندقية ؟
قال ضاحكا : يا الهى ! اسمعت بهذا ايضا ؟
-انا ... حسنا ... هل هذا غير صحيح ؟
-وما رايك ؟
فتحت فمها لترد ثم سكتت لانها لا تدرى فعلا ما رايها فى الموضوع . هل بامكان كيفن تشايس انتزاع زوجة احد و ... العبث معها وهى متزوجة ؟ ام ان السيدة هيودجز لم تكن بحاجة الى الانتزاع ؟ على اى حال ، ليس هذا شيئا غير عادى كثيرا ... رفعت بصرها فراته يراقبها بحذر فتوردت وجنتاها وتمتمت شيئا غير مفهوم دفعه الى الابتسام والقول : اتمنى الا يصدمك ما سمعت كثيرا ايريان لاننى بذلت جهدى لاكون عند حسن ظنك بى
تنحنحت وازداد تورد وجنتيها ... وفى الوقت ذاته تساءلت عما اذا كان يصعب التعامل مع كيفن تشايس فى مثل هذا المزاج اكثر مما يصعب وهو غاضب ، وجدت انها تتمنى لو تفهمه بشكل افضل ، اذ يبدو لها ان من الافضل ان تعرف ما هى الحقيقة ... ثم عضت على شفتها وادركت انه ينتظر ردها
قالت باحتشام شديد : ابدا
تمتم وفى صوته ضحكة مجلجلة : لكننى ارى العكس
احتجت بغضب : غير صحيح ، قلت لك ان لا شان لى فى هذا ، واتمنى الا تسخر منى هكذا . ان كان هناك من هو مضطر لتحمل توقعات مستحيلة ... فهو انا !
-آه ... ولكنك مخطئة فى هذا يا ثعلبتى الحمراء ! فانت السكرتيرة الاولى التى اعتذر منها ، كما انك المرأة الاولى التى كادت تقتلع عينى باظافرك
قاطعته بحرارة : ان ظننت اننى فخورة بما فعلت فقد اخطأت ... اسمع ، هلا امليت على ماتريد ؟
تبادلا النظرات ، نظراتها ملؤه التمرد ونظراته بعيدة كل البعد عن الضحك
اخيرا قال بهدوء شديد : من كان ؟
-من كان من ؟
-من الذى اخافك حتى الموت مرة ؟
-كيف تعـ ....
وصمتت فجاة فاضاف : لم اصدق قط قصة الباص الذى كاد يدوسك
اطرقت تنظر الى يديها ، ثم نظرت اليه وكانها لاتراه فاردف : اذن ... كان هناك شخص ما ؟
لن ترد لانها لن تستطيع
اخيرا قال باتزان : حسنا . انا اسف ... اترين ، ها قد عدت للاعتذار ... انسة هارت ... اين كنت ؟
نظرت اليه بعجز قبل ان تنظر الى الدفتر
-آه ... ام ... ميزانية سنوية مقدرة
مر شهر
لم ترتكب فيه ايريان اخطاء كثيرة فشعرت بانها لم تعد تعيش على حافة كارثة ، واقنعت نفسها : انا اؤمن حقا اننى تخلصت من احداث الايام الاولى . عبست ضاحكة ، وهى تعقد اصابعها تفاؤلا طوال الوقت
ثم حدث ما لم يكن فى الحسبان ...
كان ذلك مساء يوم جمعة وكانت تهم بمغادرة عملها عندما تساقط مطر غزير بلل المدينة ... كان المطر غزيرا جدا بحيث لم تكد تقطع مسافة قصيرة حتى تبللت وشهقت من قوة المطر . لاحت غمامة سوداء ضخمة فوق الرؤوس وتحول نور النهار الى عتمة شديدة ، ودوى الرعد وبرق البرق ممزقا عباب السماء
ارتجفت ايريان وهى تكبح نفسها بالقوة تجنبا لاظهار خوفها من البرق والرعب . اندفعت بشكل متهور غبى وعدت فى الشارع وصولا الى مقهى تعرفه تلوذ اليه حتى تمضى العاصفة
بدا الشارع خاليا ولكن فجاة ظهرت سيارة رمادية انيقة من كاراج المؤسسة تحت الارض ... وقبل ان تستطيع التفكير او التراجع ، اصطدمت مقدمتها بساقيها فرمتها فى القناة
سمعت صرير اطارات وصفق باب ثم وقف كيفن تشايس منحنيا فوقها يلعن غاضبا ...
فكرت : اعرف هذه اللعنات اينما كانت ، وحاولت الجلوس
ولكن : يبدو انه لم يعرفها . اذ بعد دقيقة او اكثر ابدى فيها رايه بمن يقطع الشارع مخالفا انوار المرور وسط عاصفة لعينة توقف وصاح دهشا : ايريان !
-اجل ... اجل ... هذه انا ... انا اسفة
ركع قرب الفتاة الى جانب الطريق ، وقد تبلل الان مثلها وتجمع جماعة من الناس الفضوليين
سالها بحدة : هل انت بخير ؟
ردت مرتعشة : اظن هذا
لكنها علمت انها ليست بخير لانها لم تستطع التوقف عن الارتعاش ... ربما من الصدمة او من كاحلها الذى التوى
قال غاضبا : لا ... لست بخير ايتها الحمقاء الصغيرة
قال صوت من بين الحشد الصغير المتحلق حولها
-مهلك يا رجل ... كدت تقتلها
رد كيفن باختصار : حسنا . لكننى لم اقتلها
ساعدته عدة ايد على نقلها الى سيارته ، وانطلق بها ...
فهمست : الى ... الى اين نحن ذاهبان ؟
-الى المستشفى ... لا تتكلمى
صاحت : لا ... لا ... انا واثقة اننى لست بحاجة الى مستشفى ... اظننى لويت كاحلى ... ارجوك ... لا احتاج الى ...
-ساخذك مهما قلت ... استرخى اذا استطعت يا ثعلبتى الحمراء !
خضعت لانها شعرت فعلا بالسقم والالم ، ولكن التفكير فى طريقة لابعاده عنها اشعرها بمزيد من السقم
قالت : لست مضطرا الى ملازمتى ... يمكننى ان استقل تاكسيا الى منزلى ... ثم ، لا اظن حقا ان فى الامر ما هو خطير
توقفا عند اشارة المرور . التفت كيفين تشايس ينظر اليها وقال بصوت هامس رقيق : انت شخص عنيد ايريان هارت ... لكننى اشعر بالانزعاج بسبب ما اصابك ، لذا سابقى حتى يعاينوك معاينة كاملة وبعد ذلك اصطحبك الى منزلك ، ان وافقوا على هذا ... لذا لا تقولى شيئا لانك لن تمنعينى مهما فعلت . مفهوم ؟
ابتلعت ريقها وانحدرت دموع غبية على خديها : لم تكن غلطتك
-هذا صحيح .. لكن ...
-اذن لا تكن منزعجا
-اؤكد لك ان المرء يشعر بالانزعاج والضيق بعدما يصرخ شاتما فى وجه شخص اخر مصاب !
-لكن ...
-هلا صمتى انسة هارت ؟
وضحك ثم انطلق بالسيارة لان الضوء فى اشارة المرور قد تغير ولكن قبل ان يتحركا امسك احدى يديها وضغط عليها برفق
وكانت حركته مريحة ... بشكل غريب
بعد بضع ساعات ، كان كيفن تشايس ينظر الى غرفتها مبتسما ويقول : انها تناسبك
-انا هاوية ديكور
-اذن لقد قمت بعمل جيد كونك هاوية ... حسنا ... من هم هؤلاء الذين يجب ان اتصل بهم ؟
قالت بلهفة من السرير حيث وضعها بحذر بعد حملها : اوه ... اوه ... سافعل هذا بنفسى
كان كاحلها مضمدا بشدة وبدت كدمة زرقاء على خدها ، هذا عدا كدمات وخدوش اخرى . ولكنها حسب قول الطبيب فى المستشفى لا تعانى الا من صدمة خفيفة
تمتم كيفن تشايس وهو ينظر حوله مجددا : حسنا ... لكننى لا ارى كيف ، فلا هاتف لديك ... هل هو فى المطبخ ؟
تورد وجهها : لا ، ولكن ...
دنا من السرير ليجلس قربها ، وسالها متجهما : ايريان ... هل كذبت ونحن فى المستشفى ؟
عضت شفتها ، واشاحت وجهها بعيدا ، لكنه امسك ذقنها وقال باصرار : اخبرينى
همست : ساكون ... ساكون على ما يرام ... قالوا اننى على ما يرام تقريبا
قاطعها : قالوا انهم سيتركونك ان كان لديك من يعتنى بك ، لانك لن تتمكنى من السير على كاحلك اياما ولانك تحتاجين الى الراحة الكاملة لتتغلبى على الصدمة ، وقلت ان هناك من يعتنى بك ... فلماذا كذبت ؟ لا احد لديك ... اليس كذلك ؟
-اجل ... هناك ! هذا المنزل يعج بالناس ! اترى ، انه مقسم الى اربعة شقق وهذا يعنى ان فيه دائما شخصا ما
ترك ذقنها وبدا لطيفا : اذن اذكرى اسماءهم لاقرع باب احدهم
-لا اعرف اسماءهم ... لكن ...
تحولت كلماتها المليئة بالارتباك الى صمت ، واشاحت بوجهها بعيدا لانه يحدق اليها بمزيج من نفاذ الصبر والشفقة
قال بهدوء : تقصدين انه منزل يعج بالغرباء ... لم يعج عالمك بالغرباء ... لم ؟
فتحت ايريان فمها ثم اغمضت عينيها ، وقالت بهدوء : لماذا ؟ لاننى اريده هكذا ... انما لاداعى لتاسف على . الواقع اننى اتمنى لو تتركنى بمفردى الان ... استطيع تدبر امر نفسى بواسطة هذا العكاز الذى اعطونى اياه
-لا ... لا استطيع هذا ... يجب ان اجد حلا
نهض وخرج ... ولكنه عاد بعد عشر دقائق برفقة امرأة فائقة الجمال شابة مثلها ، وقال : تسكن السيدة مارشنت فى الغرفة المجاورة ايريان ... وقد تطوعت لرعايتك ومساعدتك ... هذه ايريان هارت سيدة مارشنت
قالت الفتاة بسرعة : نادينى ميرى ... اقيم فى الغرفة المجاورة منذ شهر تقريبا . اردت التعرف اليك ولكنك تفضلين صحبة نفسك على ما يبدو ... وظننت ان طفلتى قد تزعجك ، ربما ... فهى تبكى ليلا ... وانا اسفة
نظرت ايريان اليها ، وقالت : اجل ... اعنى لا ... سمعت بكاءها ، لكنه لم يزعجنى
قالت ميرى مارشنت بلهفة : عظيم ! انت فى ورطة ... انما لا تابهى ، ساساعدك
التفتت الى كيفن : سارعاها وان احتجت الى شئ اتصلت بك . ثمة هاتف عمومى فى اسفل الطريق
قال كيفن وهو ينظر مباشرة الى ايريان : اتفقنا اذن . ان احتجت شيئا ، فلا تترددى بالاتصال ... عمت مساء ، ثعلبتى الحمراء
وترك الغرفة دون ان ينتظر الرد
قالت ميرى مارشنت مترددة : يا له من رجل رائع ! ليت عندى رئيس مثله ... لكننى الان لا اعمل
سحبت نفسا عميقا وقالت على عجل : الواقع اننى لست السيدة مارشنت لاننى غير متزوجة ... ظننت ان هذا سيخدعك قليلا ... فمن الواضح ان لازوج لى ... بعض الناس ... بعض الناس
صمتت وهى تنظر الى ايريان بقلق ... فقالت لها وهى تمسح الدموع عن عينيها الخضراوين
-لا ... انا لست منهم ميرى ... مسرورة بالتعرف اليك ، الواقع اننى عشت بمفردى مدة طويلة ، وعلى ما يبدو اننى فقدت القدرة على الاختلاط بالناس
حل يوم الاحد فشعرت ايريان بانها افضل حالا ... امضت معظم فترة العصر خارج السرير تتعكز على العكازين ولكن ما ان حلت الخامسة حتى امرتها ميرى مارشنت بالعودة الى الفراش ، وجلبت الطفلة اليها حتى تتمكن من الخروج لشراء الحليب والخبز
وجدها كيفن تشايس مستندة الى وسائدها المطرزة ، وطفلة ميرى بين ذراعها . فى الواقع انها كانت تحاول دفع الطفلة للابتسام ولكنها لم تنجح . رفعت وجها رقيقا ضاحكا عندما سمعت قرعة على الباب : ادخل
رفع حاجبيه قائلا : حسنا ! تبدين فعلا افضل حالا
انتفضت ايريان لانها توقعت ان تكون السيدة مارشنت هى القادمة
-انت !
اقفل الباب وراءه : اجل . واعتقد انها الطفلة التى تبكى فى الليل ؟
-اجل ... لم اكن اتوقعك . اعنى ما كنت مضطرا للمجئ
-هذا ما افهمتنيه بوضوح ولكننى اقوم احيانا بعكس ما يطلبه منى الناس . ظننتك اكتشفت هذا
نظر حوله ، ثم ادار الكرسى القصب ليواجه السرير ، وجلس فيه وكانه فى منزله . كان يرتدى سروالا ابيض اللون وقميصا رياضيا ازرق . بدا شعره اشعث بفعل الريح ... ووجدت ايريان انها تفكر فى انها المرة الاولى التى تراه فى لباس غير رسمى ، ولكنه يبدو الان اضخم حجما واصغر سنا
تكلما فى ان واحد : انا ...
-كيف ...
قال تادبا : اكملى انت
احمر وجهها وحاولت الجلوس : لا ... لم يكن شيئا مهما
قال يميل الى الامام : هاك ... اسمحى لى
اخذ الطفلة منها وحملها بين ذراعيه ثم جلس فبدا وكانما رعاية الاطفال شئ بفعله يوميا . فى الواقع ان الطفلة نظرت اليه بعينين متسائلتين ، ثم ابتسمت ابتسامة رائعة فكشفت ابتسامتها عن ثغر ودود رائع خال من الاسنان
تاثرت ايريان وقالت بشئ من السخط : لم تبتسم لى
قال بعفوية : لدى طريقة خاصة مع الاطفال
-وكيف ؟
رد ضاحكا : واجهت مازقا فى يوم ما . لقد رزقت شقيقتى بتوأم . وفيما كنت ازورها . تلقت اتصالا ان ابنها الاكبر ، الذى يحب التنس ، وقع وكسر ذراعه ... فتركت كل شئ قائلة : كيفن انت المسؤول فمكثت ساعتين معهما حتى اكتشفت مفتاح الحل ... يد ثابتة لطيفة ، وصوت حازم ... قرأت لهما بصوت مرتفع نسخة قديمة من صحيفة شارع المال "وول ستريت " ... زوج اختى برايان خبير مالى ... وما اذهلنى ان ذلك جعلهما ينامان
قالت وقد رات معالم الجد فى وجهه : انت ... انت تسخر منى
لكنها وجدت صعوبة فى عدم الضحك فقال : ابدا ... انظرى
اذهلها ان ترى الطفلة تهم بالاغفاء بسلام ، مع انها حسب قول الام لا تنام ابدا بعد الظهر
قالت بمرح : استغرب لان احداهن لم تستطع حتى الان جرك الى مذبح الكنيسة بسبب قدراتك الابوية ، ان لم يكن بسبب شئ اخر
-لا اظننى زوجا صالحا ... بطريقة ما
-ابدا ؟
-اجد صعوبة فى ايجاد السكرتيرات فهل تتصورين كم هو عسير على ان اجد زوجة
-خاصة وعواطفك مرتبطة سلفا
هل قلت هذا ؟ اغمضت ايريان عينيها وقد اجتاحت وجنتيها نوبة احراج . لقد انسلت منها الكلمات كصدى لافكارها التى كانت تصور لها ديكسى هيودجز
فتحت عينيها فراته ينظر اليها عابسا وظل اسود يظلم عينيه الزرقاوين ... هل من الغضب ؟
همست : انا اسفة ... ما كان على ان اقول هذا
-ولم لا ... ؟ ما قلته لسوء الحظ صحيح
ارتعشت من صوته القاسى ، وسالت مرتبكة : الا يمكنها ... اعنى ... ما دمتما متحابين فلم لا تطلب الطلاق ؟
-عندما يكون المرء من اسرة كاسيدى ، لايتراجع عن كلمته
فغرت ايريان فمها : هل هى ... من اسرة كاسيدى ؟ السيدة هيودجز ؟
-اجل ... الا تعرفين ذلك ؟
-لا
قال ساخرا : يبدو انك تعرفين معظم الاشياء الاخرى
بدات تقول باندفاع : هذا فقط بسبب ....
ولكنها انتفضت داخليا واجبرت نفسها على تغيير دفة الحديث : كنت اظن ان اسرة كاسيدى انقرضت كما انقرض ملف ماكنتوش !
ترددت لان مزاحها لم يلق اذنا صاغية ، ووجدت انها تشعر بالذنب والقلق ... ثم قالت : انا اسفة ، لم اقصد ان اكون لجوجة ... المسالة ان رؤيتك هنا مع الطفلة ...
نظرت اليه لترى ما اذا فهم ما تعنيه ... فقال : لكننى هكذا
هزت كتفيها : اعنى انك لا تبدو رئيسى ... ولا اعتقد ان هذا امر منطقى
قال كيفن تشايس بعد فترة صمت : لكنه منطقى ... ومن المؤسف انك لن تسمحى لى برد الاطراء
-لا افهم
-حسنا ! فلنوقف الامر عند هذا الحد . لست فقط سكرتيرتى ، ولست انسانا اليا ، انت انسانة عادية حية ترزق ... مع انك مدمنة برتقال ... ومع انك تميلين احيانا الى التسبب بالحوادث ، لكنك مثلى تعانين من بعض المشاكل
لم يقطع الصمت الذى ران شئ . ثم انفتح الباب ودخلت ميرى : اسفة على تاخرى ولكننى لم اجد الخبز فى الدكان القريب فاضطررت ... آه ! سيد تشايس ! يا الهى ! الطفلة نائمة
قال كيفن مبتسما ابتسامة فاتنة : اظنها على وشك الاستيقاظ طالبة وجبة طعامها ، واخشى الا اكون مضطلعا على مثل هذه الامور
ضحكت ميرى وهى تاخذ الطفلة منه ... فسالها : ما اسمها ؟ على فكرة ... تشبهك كثيرا
-اسمها ألين ... اتشبهنى فعلا ؟
-بكل تاكيد
-ظننتها تشبه ...
صمتت ، ثم هزت كتفيها واكملت بحبور : على اى حال ، ساحملها الان لاطعمها ، واترككما لتتحادثا ... اقرع الباب على عندما تخرج لاحضر لايريان طعام العشاء ... الى اللقاء
اغلق كيفن الباب وراءها وقال متجهما : اظنها اما غير متزوجة
-اجل ... لقد تخلى الاب عنها ... ولكنها متاكدة من قدرتها على الاستمرار هكذا ...
-الا تظنينها قادرة ؟
-بلى ... اظنها قادرة ... لكننى لا احسدها على وضعها
-عندما دخلت شعرت بانك تحسدينها .... فقد بدوت مختلفة ، حية ، محبة
-هذا ما يفعله الاطفال بالانسان
-هل سبق ان اشرفت على طفل ؟
نظرت اليه مستغربة : ما الذى دفعك الى هذا السؤال ؟
-لا ادرى ....
تقدم الى قفص تشارلى ووقف ينظر الى الطير ويداه فى جيبى سرواله
-اعتقد اننى افكر دون دراية مسبقة ... وهذا ما تتميزين به على ... اترغبين فى القهوة ؟
-لقد نفذ البن
-آه ... احضرت بن اضافة الى اشياء اخرى هدية المريض . للقهوة مميزات طبية ... اليس كذلك ؟
عندما عاد من المطبخ قدم لها فنجان القهوة ، وجلس مرة اخرى : فى صحتك يا ثعلبتى الحمراء ! نسيت ان اسالك كيف حالك ... ؟ جسديا اعنى
-افضل حالا ... وقد اتمكن من العودة الى العمل غدا ان لم يكن لديك مانع
-بل امانع بالتاكيد
-اوه ؟ لماذا ؟
-لاننى امضيت وقتا طويلا اشرح سبب غيابك ، ولن استطيع لوم قطتى التى لا وجود لها هذه المرة ... ايمكن ؟
-انا ... سيارتك التى داستنى
-وهذا مايجعلنا متساويين . مع ذلك ، اشعر اننى الطرف
تستطع الا اخفاضه واطلاق ضحكة
-انت ... انت ... لا تطاق
-لا ... لست كما تقولين
-حسنا ... مجنون قليلا اذن . لم اعرف ان الرؤساء هكذا
-مجانين ؟
-بل فى غاية اللطف
وبدا عليها الارتباك فصمتت
-لن تردى علىِ على ما اعتقد
لم تتظاهر بعد الفهم
-ليس لدى مشاكل فى الواقع ... تنتابنى بعض الذكريات فقط بين الفنية والفنية ، ولكننى اعتقد ان الوقوع فى الحب امر مميز جدا ... وان لابد من وجود حل ... لك
-يبدو لى هذا شاعريا
هزت كتفيها : ربمتا ... اذ لا يبدو ان هذا يحدث دائما ... اعنى الوقوع فى الحب
سال بهدوء : وهل تتكلمين عن خبرة ؟
-اتكلم عن رؤيتكما معا للحظة او لحظتين قبل ان اقفل الباب
-ربما تكون المظاهر خادعة
تبادلا النظرات . نظراته هادئة ونظراتها مضطربة ... ثم وضعت الفنجان من يدها : ربما ... اترى ، انت متردد فى الكلام عن الموضوع مثلى تماما ....
-حسنا . هذا اعتراف بخلل ما بيننا
تمتمت : لو كنت فى المستشفى لاخرجوك من غرفتى بسبب ازعاجى
-انا افعل هذا بشكل سرى فى المستشفيات
ابتسمت : انا واثقة من هذا ... ثم لا اظن ان هناك من اخرجك من مكان ما فى حياتك
-وانت ؟
-مرة واحدة وكان ذلك افضل ما حصل لى
-لا اتصورك تسرقين الفضيات
-كان شيئا اثمن بكثير ... اتعرف ، اشعر اننى فعلا افضل حالا ... لذا استطيبع العودة الى العمل غدا ، والا فكيف ستدبر امورك ؟
-لن احاول حتى
رفعت عينيها الى السماء : هذا ما خشيته
ضحك : لا ... استريحى بضعة ايام ... وساحاول الا افسد ما نظمته والان على الذهاب
ارتشف اخر ما فى فنجانه من قهوة ووقف : على فكرة ، اردت ان اسالك من هو تشارلى ؟
ضحكت : انه طيرى الذى يرفض الكلام
-اوه ! فهمت ... ربما لا تعلمينه الكلمات المناسبة ؟
-بلى افعل ... لكنه عنيد
قال ببراءة : استغرب ممن ورث عناده
ثم انحنى ليلثم وجنتها تحت الكدمة مباشرة فدهشت
-تحسنى انسة هارت ... فانا احتاج اليك !
وخرج تاركا ايريان فاغرة فاها متوردة وفى عينيها الخضراوين نظرة غريبة ووجدتها ميرى جالسة هكذا بعد وقت لاباس به ، وسالتها ما خطتها ... فردت بذهول : لاشئ ... اترغبين فى القهوة ؟
حضرتا معا البيض للعشاء ، ثم لعبتا الورق حتى حان وقت النوم ... قبل ان تتركها ميرى ، جلست على طرف السرير ، وانفجرت فجاة بالبكاء ، فقالت ايريان برقة : ما بالك ؟
فاخبرتها ميرى ان والد الين لم يتخل عنها فقط ، بل رفض والداها استقبالها وهى حامل . مع انها كانت الابنة الوحيدة وقرة عين ابيها ، الرجل القوى جدا ، المسيطر ... عندما اكتشف مشكلة ابنته ، اتهمها بانها دمرت حياتها بيدها وبانها باعت نفسها رخيصة
بكت ميرى : لم استطع تحمل اتهاماته ... كان غاضبا وخائب الامل ... كنت كلما نظرت اليه اعرف بماذا يفكر فلم استطع البقاء عنده ومضى الامر على هذا المنوال عدة اشهر ... اخيرا تركت منزله قبل ان ألد ، وكان لدى مال ادخرته سابقا ثم تقدمت لتساعدنى الدولة ... عندما ولدت الين ، كتبت رسالة لامى ... ولكنه لم يسمح لها بالمجئ لرؤية الطفلة او لرؤيتى ... مازلت اراسلها لاننى اعرف انها تعيش معه اوقاتا عصيبة ... انه ... عرفت انه قاس انما ليس الى هذه الدرجة
لم تقل ايريان شيئا فجلستا طويلا والحزن يخيم عليهما ... واخيرا تخلصت ميرى من حزنها وابتسمت كعادتها وقالت : كنت بحاجة الى البوح بسرى امام احد ، واشعر اننى افضل حالا بكثير ... شكرا لك
تركتها لتنام ، واخذت ايريان تفكر بميرى ... ثم عادت الى الافكار التى كانت تراودها قبل انضمام ميرى اليها اطفات النور ، واستلقت فى الظلمة تتساءل عن كيفن تشايس وديكسى هيودجز ... ااخطات الظن عندما اعتقدت انه يحب زوجة بولدن هيودجز الجميلة ؟ ترى كم من شائعات صوفيا صحيح ؟
لكن لماذا يهمنى هذا ؟ فامرهما لا يعنينى ... آه ... يا الهى ! هل اصبحت صوفيا اخرى ؟ هل اصبحت ارى ان الشمس تشرق له فقط ؟
صحيح ان صوفيا لايهمها امر ديكسى هيودجز كثيرا ... لكننى ... ابدو مهتمة ... وانا ايضا مهتمة لانه لن يحصل عليها ... ان هذا غريب ... ارانى على وشك ان اصبح من اولئك السكرتيرات المخلصات جدا . من كان يظن هذا ؟ الاخلاص لكيفن تشايس !
******
انتهى الفصل الثالث


samahss 24-05-17 10:54 PM

( الفصل الرابع )
أكرهك أيضا !
عادت ايريان الى العمل بعد ثلاثة ايام ، وكانت قد اخفت كدماتها الظاهرة بلصوق تجميلى ، الامر الذى بدا لها ساخرا ... لم تجد المكتب وياللغرابة فى فوضى عارمة ولكنها اكتشفت فيما بعد ان الانسة توماس اخذت بزمام الامور
كان كاحلها مازال متورما قليلا ، ولكنها اصبحت قادرة على التحرك بدون عكازين
بدا لها واضحا ان رئيسها فى مزاج غير رائق ، مع انه استقبلها ضاحكا ... ففى عمق عينيه الزرقاوين شئ ما ، وميض لمشاعر مكبوتة ... بدا مختلفا عن كيفن الذى زارها فهو يرتدى بدلة رمادية قاتمة وقميصا رماديا فاتحا مع ربطة عنقه الحريرية الحمراء الدكناء
اكتشفت ان تغييرا مميزا قد وقع خلال غيابها ، لم يكن تغييرا فى واقع الحال ، بل كان اضافة الى ارث ماكميهون ، كاسيدى ، وتشايس فى شخص ناتانيال ماكميهون ابن فليمور ... هكذا عرف عن نفسه لايريان بعد دخوله الى مكتبها فى الصباح
ردت ايريان بادب : كيف حالك ؟
-جيد ... شكرا لك . على فكرة ينادوننى نات
ونظر ناتانيال اليها كما ينظر خبير المواشى الى مهرة ، مع ان عمره لايتجاوز الثامنة والعشرين . كان نحيلا جدا وطويلا ، اشقر ، بنى العينين ، ملابسه مفصلة بدقة وفخامة ...
تابع بعدما ترك يدها : اذن ... انت السيدة الغامضة
بدت الدهشة على ايريان : لايحدق بى الغموض سيد ماكميهون ... كنت مريضة وحسب
-ارجو منك ان تنادينى نات . وسمعت كذلك انك ذات طبع حاد وعلى الاعتراف باننى احب النساء الناريات الطبع خاصة ذوات الشعر الاصهب الجميل والعيون الخضراء هذا دون ذكر ....
حدث شيئان فى آن واحد ففى اللحظة التى همت ايريان بالجلوس فيها وراء مكتبها انفتح الباب الداخلى
قال كيفن وهو يدخل : حسنا نات ... ارى انك قدمت نفسك الى سكرتيرتى
-اجل كيفن ... كنت اقول لها ان احدهم اخبرنى انها ذات طبع نارى ... وعلى الاعتراف بان بينكما للا ريب اوقات نشيطة
نظر كيفن الى ايريان ضيق العينين ، فعضت على شفتها ، متسائلة كيف فعلت ما فعلت ... او ما اذا كان سيسمح لها الناس بالنسيان ... فى الوقت نفسه فكرت فى السيد ماكميهون الكبير بسوء نية لانه بدون ريب من اطلع ابنه على هذه المعلومات
ولكن يبدو ان رئيسها لم يكن على استعداد للتعليق على طبعها الحاد ، لانه قال : اكنت تبحث عنى نات ؟
-اكنت ابحث عنك ؟ لا اذكر ... اجل ! من المفترض ان اعرف شيئا عن دورى فى العملية ...
فى صوته سخرية ولاحظت ايريان النظرات التى تبادلها الرجلان فعلمت انهما يكرهان بعضهما بعضا
لكن كيفن قال : اذن ، ساصحبك الى مورفى برايت ، نائبى الذى قد يجد عملا كثيرا لك
فى المطعم انقسمت الاراء ذلك اليوم ... اذ اعتقدت بعض الفتيات ان ابن فليمور ماكميهون ورقة رابحة فيما قالت الاخريات انه بهى الطلعة وسيم ... لكن ...
ثم برزت عدة نقاط مميزة عنه ، قيل انه كان يدير فرعا للشركة فى الغرب ، وانه استطاع بيع كمية هائلة يكاد يبلغ سعرها المليونى دولار وانهم نقلوه الى هنا اما من اجل المضى قدما فى عمل الشركة واما من اجل تعطيل عمل مدافع كيفن تشايس ! على اى حال . هو وريث فليمور ماكميهون الوحيد
قالت صوفيا وقت الشاى وهى تخفض صوتها بغموض : احرزى ماذا ايريان ؟
رفعت ايريان راسها متوقعة المزيد من الثرثرات عن نات ماكميهون
-ماذا ؟
-تنتظر ديكسى هيودجز مولودا
-هل انت واثقة ؟
-بالتاكيد ... عرفت الخبر من الصحيفة ... لقد دخلت الى المستشفى لاجراء فحوصات ... وعلى ما يبدو ان بولدن هيودجز اضطر لاعلان النبأ رسميا
اغمضت ايريان عينيها لحظة قصيرة ، فيما اضافت صوفيا : على الاعتراف بانه تقبل الموضوع جيدا ، اليس كذلك ؟
لا ... ليس كذلك . هذا هو السبب اذن ...
سالت صوفيا : لكن ماذا اصابك ؟ سألت السيد تشايس فقال انك تعرضت لحادث بسيط
-هذا صحيح
اخفضت صوفيا صوتها مجددا : احذرى من السيد ماكميهون الجديد ... انه كابيه ولكن الاب العجوز طيب ... حقا ... اليس كذلك ؟
ولم تنتظر الرد . لكن تحذيرها لم يكن سدى ... فمع ان نات ماكميهون اصبح تحت اشراف السيد برايت ، الا انه دأب على زيارة مكتب ايريان لسبب او لغير سبب . فى الواقع ، اصبحت زياراته مثارا للاقاويل فى الطابق الثانى
لم تعامله ايريان بفظاظة ولم تفقد معه السيطرة على طبعها النارى ووجدت من الصعوبة ان توصل اليه انها تجد عينيه البنيتين الدافئتين ، كريهتين ، وان تعليقاته التى لا تنتهى ، غير مرحب بها ... وان رغبته المقرفة فى ملامستها تثير فى نفسها الغثيان
نصحت نفسها : حافظى على هدوئك وبرودك ، وتجاهليه بكل بساطة متى كان هذا ممكنا ... فسيفهم الرسالة عاجلا ام اجلا ...
لم يخطر ببالها ان كيفن تشايس يعرف بما يجرى حتى عاد يوما من الغداء فوجد نات جالسا على مكتبها فامره بالخروج بحدة ...
قال نات معترضا : انما جئت لاحمل اليك هذه الارقام ، كيفن !
-وكم من الوقت تحتاج لايصال بضع اوراق ؟ ومنذ متى تعمل مراسلا ؟
-انا ذاهب ... انا ذاهب
-اقفل الباب وراءك !
ارتد كيفن اليها فقالت بسرعة : انا ... انه ....
قاطعها ببرود : لو كنت مكانك لما شجعته ، فهو اخر من يناسب فتاة مثلك
شهقت : لم اكن ....
-الم تكونى جالسة هنا تصغين اليه مستمتعة باطرائه بان بلوزتك تماثل لون عينيك وبانك جميلة ؟ لقد سمعت هذا !
-لا ... لم اكن هكذا ... ! اقصد لم اكن استمتع ... ثم ماذا تعنى بفتاة مثلى ؟
قال بنفاذ صبر : اوه ... تعرفين بالضبط قصدى
صاحت : لا ... لا اعرف .. تصورنى وكاننى فتاة تركع امام اى رجل يطريها !
-لم اقصد هذا ، بل قصدت لفتاة تالمت ... لم ارك تصدينه !
نظرت ايريان اليه عاجزة عن النطق غاضبة ثم قالت بحدة : اسمع ... انا اصده بافضل طريقة اعرفها ... احاول تجاهله والبقاء هادئة ... فماذا تريد منى ان افعل غير هذا ؟
رد ساخرا : حاولى اقتلاع عينيه باظافرك ... وانا اضمن لك انه سيفهم الرسالة هكذا
ودخل الى مكتبه كالعاصفة صافقا الباب وراءه ، تاركا ايريان متوردة الوجه ، غاضبة . همست لنفسها اكرهك كيفن تشايس ، ثم اجهشت بالبكاء
انفتح الباب الداخلى ، وقال لها وهو يسند كتفه الى اطار الباب : شعرت بانك تبكين
همست مجددا : اكرهك
حاولت عبثا منع تدفق الدموع
لم يقل شيئا لحظات ... بل وقف يراقب كتفيها النحيلين وهما تنتفضان ... ثم تقدم يجلس على المكتب
-خذى
ادارت وجهها غصبا فراته يمد لها منديلا : لدى منديلى فى مكان ما
لكنها فتشت فى جيبى تنورتها على غير طائل ، فقال محذرا : سافعل هذا بنفسى بعد لحظة
عرفت انه قادر على مسح عينيها وانفها ، فانتزعت المنديل وقامت باعمل ، ثم كورت المنديل ووضعته فى جيبها وتمتمت من بين انفاسها : ستبقى بلا منديل هذا اليوم
-استحق هذا ... اليس كذلك ؟
صرت على اسنانها ، ثم هددت : ان تجرات على الضحك منى ساخرج من هنا ، ولن اعود ثانية ... لم اكن اشجعه بل الواقع اننى اشمئز منه ... ولكنه من اسرة ماكميهون
التوت شفتا كيفن تشايس ، لكنه امتنع عن الضحك ، وقال : وانا من اسرة تشايس
نظرت اليه وبعض الدموع ما تزال فى عينيها : وما شان هذا بهذا ؟
ما ان قالت هذه الكلمات حتى ادركت انها وقعت فى الفخ ، فقد برقت عيناه بخبث ، وقال : حسنا ... لم تسمحى لاسمى باخافتك ومنذ قليل قلت انك تكرهيننى
فتحت فمها ثم اغلقته ، فما يقوله منطقى . تورد وجهها ، ونظرت بعيدا عنه وقالت بضعف : نحن ... يبدو اننا نعرف بعضنا بعضا جيدا
رد بجفاء : ايريان ، ليس لنات اية صفة رسمية ... انه هنا ليتعلم اسرار العمل لا لتحويل حياة فتاة الى بؤس ... قولى له ان يغرب عن وجهك بلا تردد ، وان سبب لك المتاعب اخبرينى . يا عزيزتى لم يكن عليك ان تتحملى منه مثل هذا الهراء
فكرت فى ما قاله ، ثم رفعت ذقنها ، وابتسمت : انت على حق ... ظننت اننى اعامله كما تعامله اية سكرتيرة ناضجة بطريقة ناجحة مؤدبة ... انا اسفة
قال والبسمة فى عينيه : لو اردت سكرتيرة ناضجة مؤدبة لاحضرت واحدة ... لذا بالله عليك لا تحاولى تغيير نفسك ... كيف حال ميرى ؟ والطفلة ؟
-انهما بخير الطفلة تجلس الان
-وهل تقابلينها كثيرا ؟
-اجل ... ابقيها معى غالبا فى العطل ... وهذا ما يمنح ميرى فرصة راحة . واحيانا نخرج كلنا ... حملناها الى الحديقة العامة يوم الاحد ، فهى تحب النزهات ويجب ان اشكرك لانك عرفتنى الى ميرى
تراقصت عيناه : امهلينى بعض الوقت تجدى اننى اصبح شخصا افضل
-ماذا تعنى ؟
-قد اعرفك الى شاب لطيف !
فى الاسبوعين التاليين لم تتح لها الفرصة لتطلب من ناتانيال ماكميهون ان يغرب عن وجهها ... لانه توقف عن ازعاجها من تلقاء نفسه ... بل الواقع انه راح يتجاهلها على غير عادته ... ربما اوصل كيفن له الرسالة جيدا ذلك اليوم ... او ربما قال له شيئا فيما بعد
اما بالنسبة الى كيفن تشايس نفسه ، فقد بدا لها انه يعيش ويعمل بسرعة فائقة ... لاحظت صورته فى الصفحات الاجتماعية عدة مرات ، برفقة نساء مختلفات عدة مرات ، برفقة نساء مختلفات ... وها هو الميلاد يقترب
لكنها مع ذلك كانت تتلقى مخابرات له ، من نساء غامضات ، اكثر مما كان يتلقاه سابقا . بعد تمرير بضع مكالمات تلقيت درسا خاصا بطريقة قاسية
سالها يوما بعد مكالمة من هذا النوع ، وقد دخل الى مكتبها مكفهر الوجه غاضبا : ايريان ، علام تقبضين اجرك ؟
-لا اعرف ما تعنى
-اعنى ... هلا توقفت عن تمرير هذه المخابرات الخاصة لى ... اللعنة ! انا مشغول جدا على تلقيها
-وما ... ماذا اقول ؟
-اى شئ ... لا اهتم ... اخترعى شيئا . لاشك انك قادرة على التفكير فى حجة ، هذا ان كنت مهتمة بان تصبحى سكرتيرة ناضجة ذات تجربة
صدمها ظلم ما قاله ، فتاقت الى القول له انت تستغل هؤلاء النسوة لمساعدتك على نسيان ديكسى هيودجز التى هى الان اكثر ارتباطا بزوجها
لكنها لم تقل شيئا لسببين : الاول لانها اقسمت الا تذكر الامر مرة اخرى او تعلق عليه بشئ بعد صراحتها التى لاتغتفر عن الامر ... والثانى لانه لم يمنحها الفرصة لتقول شيئا
-قولى لهن اننى مسافر الى اخر اقاصى ارض بوركى !
وعاد الى مكتبه صافقا الباب خلفه
تنهدت ايريان ... ايها الباب المسكين ... ثم ادركت انها رغم ما يظهره رئيسها من اعراض التكبر ، واللامنطق لم تجد الشجاعة فى قلبها لتكون غاضبة منه او متالكمة ... فكرت فى هذا لفترة ثم وجدت مرة اخرى انها تهتم فعليا بكيفن تشايس ، ولا تستطيع فعل شئ ازاء ذلك
اما فى عدا ذلك فكانت تعيش حياة مسالمة خاصة ، كانت تفكر فى هذه الحياة حين اجفلها جرس هاتف المكتب الداخلى ، انتظرت لحظات ثم حملت اليه بعض التلكسات التى وصلت حديثا
كان ممددا الى الخلف فى كرسيه مغمض العينين ، ولم يتحرك لدخولها ... بدت ربطة عنقه محلولة ، وياقة قميصه غير مزررة ... وظهر على وجهه الالم ... وضعت الاوراق على مكتبه ثم سارت ببطء فاسدلت الستائر لتحجب اشعة الشمس البراقة ... ثم قصدت حمامه ، وعادت بحبتى اسبرين وكوب ماء
وقفت قربه ، وهمست : سيد تشايس
فتح عينيه ، وحدق اليها لحظة ، ثم جلس ليتناول الاسبرين
-كيف عرفت ؟
عاد ليستند الى الخلف
-كانت والدتى تعانى من صداع نصفى احيانا
قال بصعوبة : نصفى ... يا للوصف الدقيق
-لماذا لا تذهب الى البيت ؟ انت ... اظن انك كنت تحاول القيام بعمل كثير جدا
لوت ابتسامة صغيرة شفتيه : تبدين كأم حقيقية ... ايريان ... لكن ربما انت على حق
-يمكننى الغاء كل شئ اليوم
ارتفع جفناه المثقلان ، ونظر اليها بصمت : يعجبنى فستانك
-شكرا ... انه جديد
انهما قطعتان من الثياب متماثلتان حتى بدتا واحدا ... بلوزة وتنورة طويلة من القطن العاجى حول الياقة وعلى اسفل التنورة وتطريز اخضر فاتح . اما على وسطها فثمة حزام عريض اخضر يظهر نحول خصرها
نظر اليها ثم قال : اتعرفين ما اود فعلا ان افعله ؟ اود ان اذهب الى مكان ما على الشاطئ حيث اختبئ شهرا ... اترغبين فى مرافقتى ؟
-ولماذا لا تذهب ولو لايام ؟
-ايعنى هذا نعم ام لا ؟
ارتجفت شفتاها ... وقالت بوقار : لا ... انت بحاجة الى هدوء كامل من اجل صداعك النصفى ... على اى حال ، من سيهتم بالامور الصغيرة والكبيرة ان اختفينا معا ؟
سالها بفظاظة : لماذا اشعر بك تسايريننى فقط ايريان ؟ خلتنى اصدمك بهذه الدعوة ؟
-بت غير قابلة للصدمات . لقد اعطانى العمل عندك مناعة ... ولكن لماذا لا تذهب الى بيتك ؟ لن اترك المكان يتفكك فى غيابك اعدك
استوى جالسا ومرر يدا متعبة فى شعره ... انتظرت حابسة الانفاس تشعر بان هناك طلسما يصعب تفكيك اسراره ، ثم فجاة شعرت بصدمة مؤلمة ، انه شعور بالحنان نحوه ... تحركت بقلق فى الوقت الذى قال فيه : حسنا . ساذهب . بعدما تاكدت من براعتك كسكرتيرة خاصة خبيرة ساعمل بنصيحتك
مد يده الى سترته ، ورماها فوق ذراعه ، لكنه وقف لحظة ويداه فى جيبيه . ثم تحرك حول الطاولة الى حيث تقف : انت جميلة ايضا يا ثعلبتى الحمراء ... اراك غدا
تبعته ايريان بنظراتها وفى عينيها ارتباك غريب
سببت مسالة احتفال الشركة بعيد الميلاد لايريان بعض الارتباك فقد تلقى كل موظف فى الشركة دعوة لشخصين الى حفلة عشاء راقصة تقام فى مطعم الشركة ، وكان من واجب صوفيا ان تجمع الردود التى من المفترض ان تكون قبل اربعة ايام من الموعد .
بحثت ايريان امر الحفلة مع ميرى التى اصبحت مهتمة بكل ما يجرى فى الشركة ، وعبرت لها عن ترددها فى الذهاب ،
فقالت ميرى مصدومة : بل عليك ان تذهبى !
-مع من ؟ هذه هى المشكلة
-وما المشكلة ان لم يكن معك شريك ؟
-افضل الا اكون مجرد مشاهدة
-لن تكونى مشاهدة ابدا اذ لن يسمح السيد تشايس بهذا !
كانت ميرى تدهش ايريان احيانا بنظرتها الساذجة الى الحياة ... من يراها يظن انها بعد تجربتها المريرة ستكون مثال الريبة والسخرية ...
لكن صوفيا هى التى قررت فى النهاية : الن تاتى ؟ آه ! لا تستطيعين التغيب ... الا اذا كنت تموتين !
وابتسمت ايريان فاضافت صوفيا : يحب السيد ماكميهون ان يحضر الجميع الى الحفلة
قالت ايريان بصدق : الامر صوفيا ... انه ليس لدى شريك
-اوه ... هذا غير مهم فلن تاتى الكثيرات منا برفقة شريك . ولست مضطرة الى المجئ بصحبة احدهم فذلك افضل ، الا اذا كنت تريدين ان تسرقه منك احدى السافلات العاملات هنا ....
وبدا على وجه صوفيا الجميل نظرة الم سريعة ، فسالتها ايريان : هل سيرافقك احدهم هذهع السنة صوفيا ؟
ردت صوفيا بعد لحظة تفكير : اجل ... وبامكانك الجلوس معنا ... اعنى ... لست مضطرة ... لكن ....
-ساحب هذا كثيرا
كانت العقبة الثانية الثياب ، فماذا ترتدى للحفلة ؟ ولم يكن هذا الامر مشكلتها وحدها بل مشكلة الكثيرات من الفتيات . قالت ايريان لميرى انها ستشترى فستانا بسيطا فخاب امل الاخيرة . ولكن ما اشترته كان فستانا رائعا واسعا قسمه العلوى نحاسى اللون
قالت ميرى وهى تدور حولها منتقدة : الم تقولى انك ستشترين شيئا بسيطا !
-لكنه بسيط ... اليس كذلك ؟
-انه اكثر الفساتين اناقة . من كان يظن ان لون النحاس والذهب يتماشيان بهذا الجمال ؟ او سيليقان بك ! الثوب يزيد من لون عينيك الاخضر ... اتعرفين ما تحتاجين اليه ؟ ولك هذه العنق الرائعة ، ضعى رباطا مخمليا حول عنقك مع حجر كريم منقوش ...
-ليس لدى حجر كريم منقوش
-سنجد لك شيئا ... وماذا عن الحذاء ؟
-اشتريت واحدا
وكشفت عن حذاء عالى الكعبين برونزى اللون
صاحت ميرى : انه مناسب فعلا عرفت انك ستكونين جميلة الحفلة ...
-انما ليس لدى رغبة فى ان اكون جميلة الحفلة
لكن مع اقتراب الموعد ، وجدت انها تتطلع اليها بشئ من التخوف ...
بعد ظهر يوم الحفلة قال لها كيفن : هل انت قادمة الليلة يا ثعلبتى الحمراء ؟
اجابت : لا اموت ... لذلك يجب ان احضر
نظر اليها ضاحكا : ماذا تعنين بكلامك هذا ؟
قالت بسرعة : لا شئ
-اذن ، لماذا لا تاخذين راحة بعد الظهر ؟
-آه ، لا حاجة بى الى الراحة ... شكرا على اى حال
-لكنك ستاخذين عطلة يا انسة هارت ... فانت تستحقينها وانا امرك بهذا
-لكن ...
-ايريان
ردتبادب : سيد تشايس ؟ لكننى نظمت كل شئ ... حقا !
-لم اعرف قط امرأة منظمة فيما يختص بالاستعداد لمناسبة رسمية ... الان هل تذهبين ام اخذك بنفسى الى بيتك ؟
-انا .... انا ذاهبة
*****
ابدت ميرى فرحتها عندما رات ايريان تعود باكرا ، فهى بدون علم ايريان خططت لتعتنى بوجهها ويديها وشعرها عناية خاصة ...
قالت مبتسمة ابتسامة مشرقة : الان ستتمكن من فعل كل شئ كما يجب
اجلستا الين فى منتصف الغرفة ، وبدأتا العمل ... حين تراجعت فجأة الى الخلف مخفية ابتسامتها بوسادة كانت خلفها التقطتها ايريان وهددتها وميرى تعمل فى شعرها
-ارجو الا اخيف الطفلة بهذا المسحوق الذى على وجهى
قالت ميرى تحذرها : لا تضحكى ... فسيتشقق !
-ارجوك الا يتشقق وجهى
*****
عندما اطلق التاكسى زموره قالت ميرى : تبدين رائعة ....
ركزت لها الرباط المخملى الذى وضعته لها حول عنقها مع قطعة من الذهب الزائف . سرحت لها شعرها الذى اطلقته على كتفيها فى خصلات ملتفة
بللت ايريان شفتيها المطليتين بلون مشمشى ينسجم مع لون اظافرها
-هل انت واثقة ؟ احس اننا بالغنا فى الزينة
تمتمت ميرى : لا ... ابدا ... تبدين صغيرة وانيقة فى الوقت نفسه ... انت جميلة ... الان عدينى ان تستمتعى ؟
-اعدك ... شكرا
وعانقتها بحرارة
اكان كيفن تشايس على علم بان آل ماكميهون فاجاوه بها ؟ ثم اليست جميلة خلابة حتى فى حملها ؟ جميلة ومصممة على ردم الهوة كما يبدو ... او على الاقل ايقاف الامور على ما هى ولو لليلة واحدة . لماذا دعيت الى الحفلة ؟ لانها من آل كاسيدى بالتاكيد . اتراها شريكة من بعيد ؟ لاشك انها ورثت اسهما كثيرة فى الشركة عن والدها . على اى حال انها تاتى الى حفلات الشركة دوما . ولكن من الغريب دعوة بولدن هيودجز الى حفلة يحضرها كيفن تشايس ... ثم هل رايتهما يتصافحان ... ؟
نعم لقد رات ايريان كل شئ ، ووجدت ان فى الامر كله ما هو غير حقيقى ، ربما له شأن بالوان العديد من الفساتين والبذلات الرسمية
بدت الانسة توماس رائعة فى فستان كحلى جميل مثبتة عليه باقة ورد صغيرة . قالت لها صوفيا عندما راتها : ايريان ... تبدين مذهلة ... من اين اشتريت هذا الفستان ؟
نظرت ايريان الى صديق صوفيا ذى الابتسامة الخلابة والاذنين الكبيرتين وردت له التحية
ورات كيفن تشايس انيقا وسيما فى بزة السهرة الرسمية التى بدت انها اللباس المتوقع من قبل افراد مجلس الادارة
ورات ديكسى هيودجز تصل مرتدية فستانا براقا ازرق اللون لا يظهر حملها ، ويخسف كل ما عداه من فساتين فى الحفلة ... استقبلها فليمور ماكميهون مع زوجته الطويلة العبوس بالترحاب ... واصطنع ناتانيال ماكميهون جلبة كبيرة حولها ، وعانقها بجراة رافعا حاجبيه مستغربا وجود بولدن هيودجز الذى لم يكن شابا او جميل الطلعة بل "فخما" بطريقة ما
لكن ما كان ينتظره الجميع حقا ، انقلب الى مفرقعة نارية مبللة . فقد تحركت ديكسى هيودجز نحو كيفن تشايس مبتسمة فتبادلا النظرات برهة ... ثم لانت عيناه وقال لها شيئا جعل من ابتسامتها المحطمة للقلوب ، ابتسامة حقيقية وبعد ذلك وقفا يتحدثان بشكل عادى بضعة دقائق
همست صوفيا فى اذن ايريان : اوه ... ما اشد افتخارى به ! لا ادرى ان اخبره احدهم بقدومها . هل اخبروه ؟
-لا ادرى
لكننى فخورة به كذلك
على عكس توقعاتها ، كانت ايريان مطلوبة جدا ... ليس فقط ممن طلبها للرقص بعد انتهاء العشاء ، بل من قبل العديد من الناس الذين توقفوا امام طاولة صوفيا ليتحدثوا اليها . تحولت السهرة تدريجيا الى متعة حقيقية لها ....
كان كيفن تشايس قد راقص اربع نسوة فقط ... وبهذا احبط قلوب الفتيات الراغبات فى مراقصته
رقص اولا مع صوفيا ، فنظرت السيدة ماكميهون من فوق انفها الارستقراطى غير مصدقة وكانت برفقة بولدن هيودجز يراقصها ....
ورقص فليمور مع ديكسى ... الفرحة التى عمت قلب صوفيا بسبب مراقصته اياها جعلتها لا تعى ارتفاع الحواجب ... وعرفت ايريان ان صوفيا ستتغنى بهذا الشرف حتى اخر العمر ، وبعد ذلك طلب ايريان للرقص
قالت وهو يسحبها بين ذراعيه : كان هذا الطف ما فعلته
بدت عليه الدهشة : تعجبنى صوفيا
-اعرف ، فهى الشخص الوحيد الذى لا تغضب منه ابدا
-انا ... ليس ذلك انصافا لها
-اعرف ... اذ لا ينصفها الجميع
-ليست الغلطة غلطتها
-لا
رقصا بصمت فترة . ثم ابعدها عنه قليلا ليحدجها بنظرة شاملة من قمة راسها الى اخمص قدميها
-تبدين جميلة جدا الليلة ... ايريان . فستان جديد ؟
-اجل ... جديد جدا
-تبدين ... تذكريننى ...
صمت وتابع خطوات الرقص متفرسا فيها منتقدا : تامل عنقها النحيلة المزينة بالشريط المخملى البنى ، وبالفراشة الذهبية وتامل كتفيها الشاحبتين الرقيقتين ، ووجهها البيضاوى الصغير الناظر اليه بترقب . ثم اعترف مكشرا : لا ادرى ... تذكريننى بسيدة غامضة ... هل تستمتعين ؟
-آه ! اجل ... وانت ...
-انا استمتع بمراقصتك فانت بارعة فيه
-كنت اشارك فى كل حفل رقص قروى فى طول البلاد وعرضها حتى قبل ان اتمكن من المشى ... كانت امى تحب الرقص .انه المتعة الوحيدة التى كانت تسمح لنفسها بها
-حتى بعد موت والدك ؟
-اجل ... حفلات الرقص الريفية هكذا ... يحضرها جميع الاطفال واللجدات والجدود
-اذن انت عتيقة فى مثل هذا ؟
ابتسمت : لن اقول هذا بالضبط
السيدتان الاخريتان اللتان راقصهما كيفن تشايس كانتا الانسة توماس والسيدة ماكميهون التى بدت غير موافقة عليه حتى منتصف رقصهما اذ تساهلت وسمعت تضحك لشئ قاله
قالت الانسة توماس وهى تتوقف قرب طاولة صوفيا : يسحر السيد تشايس الحجر
ردت ايريان : هذا ما لاحظته
ارتدت الانسة توماس اليها : ارى انك غيرت رايك به انسة هارت
-آه ! لا ... انت على حق ... لقد غيرت رايى به
-حسنا . انها فرصة جيدة لاهنئك اذن ايريان ... هل لى ان اناديك باسمك ؟ لقد قمت بعمل ماهر واعرف انه راض عنك . لقد قال لى ذلك اليوم انه عرف بوجود مركز شاغر فى وكالة السفر ، وانه قد يخسرك
-اقال هذا حقا ؟
-بكل تاكيد !
احست ايريان بانها تضحك فسالتها الانسة توماس مستغربة : الم يذكر الامر لك ؟
-بلى ... ولكنه ... يحب ممازحتى كثيرا
بعد ذلك ازدادت البهجة فى الحفل ، وكانت هذه البهجة هى المسؤولة عن المزاج المرح الذى وجدت ايريان نفسها فيه ...
عندما انتصف الليل شعرت بان معنوياتها تضعف فجاة ، والسبب رحيل الزوجين هيودجز
لاحظت ايريان كيف حصل هذا بالصدفة ... كانت قد حذرت نفسها بالا تمضى السهرة بالنظر اليهم بفضول ... مع انها لم تستطع ان تمنع نفسها كليا ... ولكنها كانت بمفردها على الطاولة حين توقف الزوجان فجاة امامها ، وقال بولدن لزوجته : تبدين متعبة
شاهدتها ايريان تتنهد ، ثم سمعتها تقول : هذا صحيح ... هل نذهب الان ؟
لكن ما خطف انفاس ايريان هى نظرة القلق التى ظهرت فى عينى بولدن هيودجز
-لماذا لم تخبرينى ؟
واقتادها بعيدا
فكرت ايريان فاغرة فاها : انه يحبها ... حقا يحبها ... لهذا لا يتركها ... فما راته ليس شيئا ملموسا تلزم به احدا ... ربما تحبهما معا ؟ ايعقل ذلك ؟ او ربما هى ممزقة بين الاثنين ؟
بعد خمس دقائق غادر الزوجان باقل جلبة ممكنة وكان كيفن تشايس ينظر الى الباب بعينين قاتمتين ثم ادار وجهه عامدا متعمدا ، والتقط كوب شرابه
ساعتئذ قررت ايريان مغادرة الحفلة . حاولت صوفيا اقناعها بالبقاء ولكنها رفضت ، وتسللت الى الخارج تنوى الاتصال بتاكسى من بهو المطعم الخارجى الذى كان هادئا ومظلما
اعلمها الموظف فى شركة التاكسيات ان السيارة قادمة بعد عشر دقائق ، فكان ان انتظرت خمس دقائق فى الداخل ، ثم اتجهت الى الممر باتجاه المصعد . اختار لسوء حظها نات ماكميهون تلك اللحظة لمغادرة الحفلة فتبعها وربت على كتفها فكادت تموت رعبا
-رائع رائع ... الست الانسة هارت ؟ هل الحفلة تافهة لك ايضا ؟
سرت رعشة ارتباك فى ظهر ايريان ولكنها قالت بحزم : لا ... انا متعبة فقط ... هذا كل شئ
-فلنقل انك متعبة من التصرف بافضل تصرف ... انه الشئ ذاته . الان ... فلماذا لا نذهب الى مكان اخر ؟ اعرف امكنة اكثر حيوية انسة هارت حيث لا يتنفس ابى وامى فوق راسينا وحيث لا يزج كيفن تشايس انفه
ونظر اليها بوقاحة ... وصل المصعد ، فقالت ايريان : لا ... شكرا لك
ترددت قليلا قبل الدخول الى المصعد ... فلحق بها وانغلق الباب وراءهما
تمتم لها : تعرفين انه لا يقدر على املاء ارادته عليك بعد ساعات العمل ... ايريان ... يا له من اسم جميل ... سياتى اليوم الذى لن يستطيع فيه ان يملى على ارادته
وتحرك المصعد نزولا فوضع يده على جداره يثبت نفسه . لم تقل ايريان شيئا بل نظرت الى الارض
ضحك نات ماكميهون : يا الهى ... انك سكرتيرة مخلصة
وصل المصعد الى الطابق السفلى فخرجا منه الى البهو الرئيسى المهجور الصامت ... مد يده يقبض على معصمها
-اتعرفين ؟ لقد تساءلت كثيرا عن السبب الذى جعل كيفن تشايس يبعدنى عنك ، فبدا لى انه اتخذك له ... ولكنك تعرفين ان لا مستقبل لك فى هذا ... ليس مع كيفن ... اما ....
ارتفعت يد ايريان الحرة ولطمته لطمة موجعة وهمست : ايها النذل ... ايها المعتوه المنحط الصغير !
لكن بعد شهقة الدهشة بدا يضحك ... وقال مبتهجا : اذن كان ابى على حق !
ولكن نبرته تغيرت وبدا يشتم شتائم قذرة ثم شدها الى ذراعيه واحنى راسه ينوى تقبيلها
قالت من بين انفاسها " لا " ! ثم حاولت تجنبه ...
-لم لا ؟ اذا كان كيفن يحصل على قبلة فلم لا احصل على واحدة . اجمدى بالله عليك !
لكنها بدات تقاتله بضراوة مستخدمة قبضتيها واظافرها وكعب حذائها ... باغته عنف هجومها ، فترنح وسقط الى الخلف حيث ارتطم بقوة بالارض الرخامية
لكن ، بدا انها لم تنته منه لانها رفعت حقيبتها بغتة تسديد ضربات قوية شرسة الى راسه ... فجاة صاح بها شخص من الخلف بقسوة : ايريان !
*****
انتهى الفصل الرابع


samahss 26-05-17 03:31 AM

الفصل الخامس
( لن تحصل عليه ابدا )
كان كيفن تشايس
اقفل باب المصعد خلفه فاسبلت ايريان ذراعها سرت رعشة فى جسمها لم تستطع السيطرة عليها . اسرع كيفن اليها والقى نظرة على شعرها المبعثر ووجهها الممتقع ثم ارتد الى نات ماكميهون ، ليقول من بين اسنانه : على ان اضربك نات ... وقد اضربك حقا ... هيا اذهب من هنا
فتح نات فمه ولكنه اقفله بحكمة وكان ينظر الى ايريان نظرة عدم التصديق . بعد ذلك ارتد على عقبيه متعثرا
ارتد كيفن الى ايريان ولف ذراعيه حولها ... ولكنها ذعرت ، وارتجفت ، وابتعدت
-لا باس عليك ... ايريان ... هذا انا
نظرت اليه ... ثم غشيت الدموع بصرها ، فاستندت اليه هامسة : انا اسفة ... آه ... يا الهى !
واجهشت بالبكاء على كتفه
نادى صوت غريب نافد الصبر من باب البهو : تاكسى !
شهقت ايريان تحاول تحرير نفسها : هذا ... هذا لى !
ولكنه لم يتركها ، بل اخرج بعض المال من جيبه ونقد سائق التاكسى الاجرة ثم قال له : وقع بعض الالتباس ... انا اسف
نظر السائق الى المبلغ وحياه قائلا بسعادة : يحدث هذا طوال الوقت
اعترضت ايريان : لكن ... لكن ... يجب ان اذهب الى المنزل
قال كيفن بوقار وذراعه لا تفارق كتفيها : سأتدبر الامر ... لدى فكرة لذا ارجو منك الا تجادلى ؟
صحبها الى شقته ... شقة تقع فى الطابق الاخير من مبنى سكنى يطل على نهر بريزين المتجه الى المدينة ، وعلى المركز الثقافى الجديد ومعرض الفنون ، ونافورة الملكة اليزابيث
لكن ايريان ترددت وهى فى موقف السيارات ، ونظرت اليه بعينين متسعتين
قال : تعرفين اننى لا انوى اغواءك او اذيتك
همست : اجل
-ازف الوقت برايى لتكلمى احد عن سرك الاسود الدفين . اعرف ان هناك سرا ايريان كما اعرف تماما انك قادرة على تخزينه الى الابد ... وهذا امر خطير ... اتفهمين هذا ؟
اغمضت عينيها : اجل
-حسنا ، اذن
ها هى الان واقفة على شرفته وسط اشجار نخيل مغروسة فى اوعية خاصة ، تحدق بعينين مذهولتين الى جمال المنظر امامها ...
كانت الاضواء تنعكس على النهر ... وظلال جسر فيكتوريا عائمة عليه . تناهى اليها صوت من ورائها فالتفتت لترى كيفن حاملا فنجانين من القهوة
-اجلسى ... المكان رائع هنا ... اليس كذلك ؟
-انه عظيم ... انا ... وضعت يديها فى حضنها وهى لا تعرف اين تبدا اذ بدات يد الخوف الباردة تشد قلبها ... لماذا وافقت على هذا ؟
سحبت نفسا عميقة ، ثم قررت ان تبوح بالحقيقة كاملة
قالت بصوت مرتعش : بدا الامر قبل زمن بعيد ... على الاقل هذا عذر اتذرع به امام نفسى . ولكننى احيانا اشعر كطفلة ، ابنة مدبرة المنزل . نعم لا انكر ان بعض العائلات كانت جيدة والواقع ان وضعى لم يزعجنى حتى بلغت الخامسة عشرة وبدات اشعر اننى ساندريلا
ارتشفت قليلا من قهوتها ثم اضافت : عندما بلغت السابعة عشرة ، كنا قد انتقلنا الى مزرعة جديدة ... مزرعة كبيرة ... ولكننا لم نمضى غير ستة اشهر حتى ماتت امى
صمتت لحظات ثم اردفت : فاستخدموا مدبرة منزل اخرى ... وبما اننى انهيت دراستى المتوسطة استبقونى . ولكن كان لديهم ولدان اكبرهم ...
ارتعش صوتها ، ورفعت بصرها الى القمر ، ثم اضافت هامسة : كان اشبه باله يونانى بالنسبة لى . اشقر ، وسيم ، يكبرنى ببضع سنين وقد عاد لتوه من الكلية التى قضى فيها سنتين يدرس الزراعة ... فكان ان وقعت فى حبه بصمت وعجز
علق كيفن : يحدث هذا كثيرا
-اجل ... الا اننى ارتكبت غلطة قاتلة ، افترضت انه يهتم بى كاهتمامى به
-ولكنه لم يكن مهتما ؟
-لا ... كان على ان اعرف ذلك لانه كان يلتزم السرية القصوى . ولكننى لم اتوقف لافكر او لاتساءل عن السبب ... او عما اذا كنا مغرمين حقا . هجرتنى السعادة الزائفة
-لهذا هو عمر خطر ، ايريان
نظرت الى فنجان القهوة : نعم ربما . على اى حال ، لم ولن استطيع ان اصدق كيف خدعت نفسى هكذا ...
-ما الذى حدث ؟
-كالعادة ... حاول اقناعى بمعاشرته وصور لى الامر وكأنه امر طبيعى للكبار والراشدين وانه يتوقع من حبيبته ان تذعن له ، ولكننى خفت كثيرا فرفضت . فحاول ان يقنعنى فابيت . عندئذ شعر بالغضب واتهمنى باننى كاذبة بمشاعرى واننى لولا ذلك لوافقت . كدت استسلم ولكننى لم استطع اولا بسبب خوفى والثانى بسبب تربيتى . بعد رفضى اياه تغير معى ولم يعد يبدى اللطف او الحنان تجاهى ثم فى احدى الليالى جاءنى على حين غرة وحاول الاعتداء على . كان اقوى منى ومع ذلك قاومته بشراسة فضربنى ولكننى استطعت الفرار من الغرفة . وما اشد ما كان ذعرى ورعبى ، يا الهى !
اغمضت عينيها . فمال كيفن الى الامام ووضع يده على ذراعها : انا اسف . ظننت ان الامر شئ من هذا القبيل . وماذا حدث بعد ذلك ؟
-لقد امرونى ان اوضب اغراضى وطردونى . كانت مدبرة المنزل الجديدة لطيفة ، فشكت فى الامر . كان يومذاك عيد ميلادى الثامن عشر ... فلما اخبرتها ذهبت الى رب العمل وزوجته لتخبرهما بما كاد يقدم عليه ابنهما
-حزرت ما حدث ، لم يصدقا ان ابنهما يقدم على شئ كهذا
-سالاه ... ثم عادا واتهمانى باننى من اغويته بنية اجباره على الزواج بى ... لكنهما اعطيانى بعض المال الذى لم ارغب فى اخذه ... لاننى عرفت ان قبولى المال سيزعج امى فى قبرها
صمتت قليلا لتمسح الدموع عن وجهها : تابعى
-نعتتنى مدبرة المنزل بالجنون لاننى لم اخذ المال ... كانت تحاول مساعدتى لذا اعطتنى عنوانا فى " توومبا " لاتمكن من ايجاد عمل ... لكننى لم اذهب الى هناك
-معجزة لانك ام تعانى من صدمة . ثم ماذا حدث ؟
-تنقلت فى الريف من منزل الى منزل فى محاولة منى لادخار ما استطيع من المال الذى سيعطينى بعض الامان ... ولكن فى النهاية لم اجد ما اعمله هناك
-خاصة لفتاة ساذجة اصلا ، فى الثامنة عشر من عمرها
-لم يكن الامر هكذا فقط ... كان من السئ ان اقاتل الغرباء لابعدهم عنى ، وفى يوم وجدت اننى نلت سمعة سيئة وان عائلة دنفر ....
عضت شفتها ولم تستطع ان تضيف ، فقال : لقد لفقوا الاكاذيب عنك
وضعت وجهها بين يديها وقالت باكية : اجل ... واعتقد ان شعرى الاصهب واسمى الغريب لم يساعدانى خاصة فى الريف حيث الاخبار تسرى بين الناس كما تسرى النار فى الحطب . عرفت ان الشائعات ستستمر ... فقررت عندئذ التوجه الى بريزين مع اننى لم اكن املك المال الكثير ... ولكننى فكرت انه لن يصيبنى ما هو افظع مما اصابنى
-آه ... يا الهى !
وقف كيفن يرفعها على قدميها ، ويضمها بين ذراعيه : يا طفلتى المسكينة
واخذ يمسد شعرها فيما جسدها ينتفض من البكاء . اخيرا قال لها : اسمعى ... اراك تقسين على نفسك كثيرا ... صدقينى
مضى وقت طويل قبل ان تهدا ، قالت مرتجفة : شكرا لك ... وانا اسفة
تمتم : لا داعى للاسف ... هيا بنا الى الداخل ... اظنها ستمطر
نظرت الى فوق فرات غيمة ثقيلة تبتلع القمر . سالها بعدما صب لها فنجان قهوة اخر ، وجلست ترتشفه : اتشعرين بانك افضل حالا الان ؟
-اجل ... حقا ... تظن انه كان على نسيان الامر برمته ؟ فى الواقع ، نسيته او تناسيته ولكنه يفاجئنى احيانا ، اما الليلة فكان امرا مختلفا . لم اكن خائفة بل غاضبة . ما احاول قوله ، اننى لم اعد اشعر بالاسى على نفسى
نظر اليها مفكرا : ربما يجب ان تشعرى بالاسى على نفسك
نظرت اليه بعدم تصديق
-اعنى ... ربما يجب ان تتوقفى عن لوم نفسك كثيرا ... وعليك ان تحمدى الله لانك نجوت من اعتداء محقق فكرى فى الواجهة الحسنة من الامر . ولكن هذا لا يجعلك اسوا حالا من الاف الفتيات الضعيفات اللواتى يتعرضن لهذا المصير المؤسف ... الامر التالى ان الغلطة الليلة غلطة نات لا غلطتك لانك لم تشجعيه البتة ، ام تراك تظنين انك سهلة المنال لمجرد ما حدث لك ؟
لعقت ايريان شفتيها : لم افكر فى الامر من هذه الواجهة
علت شفتيها ابتسامة ثم اضافت : اصدمتك الطريقة التى تصرفت بها ... ولكنك ...
قال ساخرا : نصحتك بان تخدشى عينيه مرة ؟ اعرف ، واندم على هذه النصيحة الان ايريان لانها لم تكن نصيحة جيدة ... ليس جميع الرجال مهذبين لذا قد يجلب تصرفك الخطر اليك ... واخشى ان يكون عدوا قذرا
سالت : سيد مهذب مثلك ؟
ابتسم قليلا وهز كتفيه : انا لا افتخر بانى تغلبت على فتاة ضعيفة ... فى الواقع ، كنت على حق عندما ضربته
-كنت غاضبة
صمت قليلا ، ثم قال مبتسما : بما اننى العب دور الطبيب النفسى الهادئ ، اتعرفين رايى بمشكلتك الحقيقية ؟ المشكلة انك تعزلين نفسك كليا بحيث تقفلين الباب امام مقابلة اى شخص قد يثبت لك ان الرجال ليسوا جميعهم سيئين ... انت لا تؤمنين حقا بهذا ؟
فكرت فى ميرى : اجد صعوبة فى عدم الايمان بهذا ، ولكننى اعتقد ان من الناس الصالح ومنهم السئ . كانت اخر مؤسسة ارغب فى العمل فيها هى شركتكم والسبب علاقاتها بالريف النائى . ولولا الضائقة المالية التى كنت اعانى منها لما قبلت الوظيفة ... لقد امضيت الاشهر الستة الاولى خائفة من الاصطدام بشخص يعرف اسرة دنفر ومع الوقت اصبحت عادة لدى ان ارغب فى التسلل الى حفرة لاختبئ فيها ....
-ولكنك بحاجة الى الناس لانك عندما ترين انهم يقدرونك من اجل شخصك وانهم لا يابهون لما حدث فى ماضيك فستتمكنين من تقدير قيمة ذاتك
تمتمت : الغريب ان تقول انت هذا ... لم يكن ما حدث الليلة بسبب ذكرياتى ....
-تابعى
-آه ! الامر غير مهم
-ايريان اخبرينى ... هل للامر علاقة بناتانيال ؟
عضت شفتها ... فاصر بلهجة : بامكانى ان اساله
-انت اخر من ... اعنى ....
قال بعد تفكير : فهمت ... لقد المح الى انك اكثر من سكرتيرة ؟
نظرت بعيدا : اجل
-وهذا ما اغضبك ؟
-اجل ... ما قاله غير صحيح ولا يمكن ان يكون صحيحا ابدا . والواقع ان العمل عندك سكرتيرة منحنى قيمة معنوية كبيرة ولكنه باتهامه ذاك مرغ كل هذا فى الوحل ، وحاول ايضا الاساءة اليك وهذا غير جائز لانك رائع معى
نظر اليها متفرسا لحظة فلم تستطع قراءة ما فى تعابير وجهه ابدا ...
قال : لم يقل لى احد شيئا لطيفا كهذا منذ سنوات ولم يدافع عنى وعن سمهعتى احد بهذه الضراوة . ان هذا امر مشجع قليلا
همست : ليس بالنسبة لى
ضحك ووقف يتقدم اليها : ساصحبك الان الى شقتك ، انما قبل ذلك اريد منك وعدا . عدينى ان تضعى كل شئ وراء ظهرك ايريان وان تبدئى بالايمان بنفسك والثقة بها وذلك من اجل البدء بحياة جديدة . اتعديننى ؟
اغمضت عينيها : اجل
طبع قبلة خفيفة على شعرها
نظرت ايريان الى نفسها فى مرآة حمامها ، ورات الظلال تحت عينيها ، ثم رات تساؤلا فى عينيها الخضراوين
اما السؤال فكان : اليس من سخرية القدر ان يكون كيفن تشايس هو الشخص الذى لامس قلبى فى الوقت الذى ظننته قد تحجر الى الابد ؟
همست : لا ... لا تدعى هذا يحدث لك ... ارجوك ... ليس كيفن ، الشخص الذى لن تحصلى عليه ابدا
*****
رفعت ايريان راسها عن طابعتها منتفضة ، وقالت بارتباك : حسنا سيد تشايس . فى الواقع لقد نسيت امرها
تقدم كيفن تشايس ليجلس على زاوية مكتبها ... لقد مر اسبوعان على حفلة الميلاد الذى سيحل بعد اسبوع ... كانت فترة اقنعت ايريان نفسها خلالها بان لا اساس لمخاوفها ... بالطبع هى معجبة به كثيرا ، وهذا امر طبيعى لانه لطيف معها
ولكنها اقنعت نفسها بانها لم تقع فى حبه . منذ تلك الليلة وهى تبذل جهدها للتعامل على اساس العمل
قال : كنت والانسة توماس نتحدث حين برز الموضوع ... لقد اقترحت ان ناخذ انا وانت عطلة فى وقت واحد ، ولكننى للاسف لا استطيع اخذ عطلة اما انت فبلى
تمتمت ايريان : لا اظنها اقترحت شيئا كهذا بل انت من اقترحه
-ولم لا ؟ انا اعرف الانسة توماس منذ الطفولة لانها كانت تعمل عند والدى . بعد وفاة امى راحت تعتنى بنا لولاها ما كنت انا او اختى لنذهب الى طبيب الاسنان ، وما كان ليذكر احد اعياد ميلادنا لان والدى كان ينساها دائما . كنا نناديها " تومى " ونبوح لها بكل مشاكلنا ... فى الواقع ، قدمت لى فتاة صغيرة من قسم الطباعة لتحل مكانك ... وعليك ان تريها كيفية سير العمل
-آه ! كما تشاء ...
-اسمعى ! تبدين شاحبة قليلا ، ولاشك اننى ارهقتك بالعمل ، الا اذا كنت تفكرين فى تلك الليلة ؟
-آه ! لا ... بل لم اشاهد السيد ماكميهون منذ ذلك الوقت
-السبب عدم وجوده هنا ... فكرت فى ان جولة فى المزارع البعيدة ستعرفه الى المكان الذى اتى منه ... وتبرد من حرارة قلبه بطريقة ما . انه يقوم هناك باحصاء لى
حدقت اليه ... فتمتم : انه تحت سلطتى فى الوقت الحاضر ... لكن فلنعد الى عطلتك ... ان افضل موعد لتاخذى اجازتك بالنسبة لى هو بعد الميلاد فيوم راس السنة ومعظم ايام كانون الثانى ايام بطالة من الصعب القيام باى عمل فيها ، لان العديد من الناس فى العطلة ... ترى ما هى خططك للعطلة ؟
قالت بهدوء : افكر فى السفر الى غولدن كوست
سالها : اليس من الافضل ان تاخذى عطلة حقيقية تقضينها بين الناس ؟
نظرت بعيدا وتورد وجهها قليلا ، ثم قالت بهدوء : اخطط لشئ كهذا وادخر المكال من اجله ... ثم انا ساقابل الناس ... لاننى انضممت انا وميرى الى نادى تنس ... ولعبنا الجولة الاولى يوم الاحد
-برافو ... وكيف كان الحال ؟
-جيد جدا ... كانوا جماعة من الناس الطيبين ... فيما بعد اقام النادى حفلة شواء ، حفلة ميلاد فى الواقع ، استطاع الجميع ان يصحبوا اولادهم معهم لذا لم تكن هذه مشكلة لميرى . فى الواقع كان ترحيبهم بنا عظيما لانه يومنا الاول
-حسنا . انا مسرور على الاقل لان حفلة عيد الميلاد كانت جيدة لك ... ماذا ستفعلين فى الميلاد ؟
قالت مبتسمة : بما انه الميلاد الاول الذى يمر على الين فسنزين شجرة مشتركة وسنطهو ديك حبش للعشاء ... وفى صبيحة الميلاد سنذهب الى محمية " لون باين " لنعرفها الى حيوانات الكوالا والكنغرو ... ولكننا نتمنى على الله الا تمطر
-يا الهى ! لقد ذكرتنى بالماضى . فى طفولتى كنا كل سنة نذهب الى نهر " لون باين " ونحمل الطعام الى هناك
-وانت : ماذا ستفعل ؟
ابتسم : ساقضى يومى مع شقيقتى وقبيلتها . ولاننى خال يعرف واجبه ساساعدها فى ملاعبة اولادها
-كم ابن اخت لك ؟
-اربعة ، وابنة واحدة ، فى الواقع كنت اريد استشارتك بشان الهدية التى اريد شراءها لفتاة فى العاشرة
-هذا وقف على الفتاة ... اظنها تميل الى ان تكون صبيا بسبب وجودها بين اربعة صبيان
-ابدا ... بل هى انثى بكل ما للكلمة من معنى ، وهى تتحكم بهم بعصا من حديد
-فستان اذن ؟ فستان مميز حقا . اذكر اننى اغرمت ، وانا فى العاشرة من عمرى ، بفستان مكشكش فصل لى
-وهل حصلت عليه ؟
-اجل ... خاطته لى امى
-انت لن ...
رفع حاجبه فقالت مبتسمة : ابدا ... اتريد منى ان اخيطه ؟
-لا ... بل ان تشتريه
-ساحب هذا . على اى حال ، لماذا السكرتيرات الخاصات ؟
-اذن ، لن تعترضى على مساعدتى فى شراء شئ لاختى فى الوقت ذاته ؟ انها ايضا انثى بكل ما للكلمة من معنى على الرغم من انها تملك السلطة المطلقة فى معظم امور العائلة
قالت ايريان ببراءة : لاشك انها تشبهك ... حسنا ... طالما لاتريد منى ان ...
وعضت شفتها
-ماذا ؟
-لاشئ
-عزيزتى ايريان ... تعرفين اننى لن ابارح مكانى حتى اعرف ما كنت تهمين بقوله . ها انا اجلس بانتظار ان تخبرينى !
ردت بحدة : لا ... لن تفعل ! لديك موعد بعد عشر دقائق ...
-وهذا وقت اكثر من كاف لانتزع منك ما اشاء ... هيا تكلمى
-اوه ! انت ...
-لا تقولى شيئا
-حسنا هذا ما انت ... كنت ساقول طالما لا تتوقع منى ان اشترى هدية ميلاد الى ... حسنا ... لا زوجة لك . لكن ، تعرف ما اعنى ...
التوت شفتاه : آه ... اقسم ان هذا لم يخطر ببالى ! يبدو انك لا توافقين على شئ كهذا
-لا ... لا اوافق
-ماذا تعنين ... اجبار سكرتيرتى على شراء الهدايا للنساء ....
سحبت نفسا عميقا : سيد تشايس ...
رد ساخرا : نعم انسة هارت ؟
تبادلا النظرات ، نظراتها ساخطة ونظراته جادة
ثم قالت بحزم : اذهب وقم بعمل ما ! ودعنى اتم عملى فامامى جبل منه !
-انسة هارت ؟
تناهى اليهما صوت غريب من الباب فالتفتا الى حيث رايا فتاة مذهولة محرجة تقف هناك وتقول بخوف : انا اسفة ... لقد دققت على الباب ... ولكن لم يسمعنى احد ... ارسلتنى الانسة توماس كى ... كى ...
وقف كيفن تشايس : بالتاكيد ... انت الانسة برادلى من قسم الطباعة اليس كذلك ؟ جئت الى هنا لتحلى محل الانسة هارت فى اثناء اجازتها . انها معلمة ممتازة ... خاصة فى العلاقات بين الرئيس وسكرتيرته ، وفى كيفية التعامل مع الوحش . ساعود الى عملى انسة هارت كالحمل الوديع
اقفل الباب الداخلى خلفه بكل لطف
ادارت الانسة برادلى عينين مرتبكتين الى ايريان التى اغمضت عينيها قليلا وصرت على اسنانها
قالت الفتاة : ظننته صاحب طبع رهيب ، ولكننى سمعتك تامرينه بالرحيل
-لم اكن ... كنت ... لقد رحل
صمتت تحدق الى جوليا برادلى التى تعرفها قليلا ، ووجدت انها تتساءل عما اذا كانت الانسة توماس قد جنت فجاة ... فجوليا ليست اكثر من طفلة فهى خجولة الى درجة العجز
-انه فى بعض الاحيان صعب المراس ... لكن يمكنه ان يكون فى غاية اللطف . عليك اولا الا تجعليه يرهبك او يخيفك
قالت جوليا بارتباك : لقد اخافنى فعلا
-شعرت بالرهبة منه حتى عرفته جيدا . والان ساعلمك ما عليك فعله
لكنها كانت تفكر ان هذا كله لن ينجح
قبل يومين من عيد الميلاد ، غيرت رايها ، وفاتحت رئيسها بالامر ... لكن بعدما ارته هدايا الميلاد . قالت بتحد قليلا : فى النهاية خطت الفستان المكشكش بنفسى ... لم اجد فستانا جميلا فصرفت المال على هذه العلبة الموسيقية الجميلة ، وهى فى الوقت ذاته علبة مجوهرات ... انظر كيف ترقص التماثيل الخزفية حين تعزف الموسيقى ؟
قال ببطء : اجل
والتقط الفستان . انه تشكيلة رائعة من الفوال الاصفر المزركش الاطراف بالدانتيل ...
قال : حسن جدا ... لست خبيرا ، لكنه يبدو قادما من افخر محلات الازياء ... انت عبقرية ايريان !
ضحكت : لا ... لست كذلك . لكننى اجيد الخياطة ... لقد اشتريت جوارب دانتيل طويلة تناسبه فارجو ان يعجبها ... انا واثقة ان العلبة الموسيقية ستعجبها ... اما شقيقتك فاشتريت ...
قاطعها : ايريان ... لاشك اننى مدين لك ببعض المال ... ولاشك انك امضيت ساعات فى خياطة هذا الفستان . انه عمل فنى
تورد وجهها
-لا ... لقد استمتعت بالعمل
-لكن ....
-لا ارجوك سيد تشايس ... ستجعلنى اندم لاننى صنعته
نظر اليها لحظات بصمت ، ثم ابتسم قليلا : ساقول فقط : شكرا لك يا ثعلبتى الحمراء ... الجميلة !
-اشتريت لشقيقتك هذه الحقيبة الجلدية الايطالية الفاخرة ... فيها حافظة نقود مماثلة ، وحمالة مفاتيح ... اترى ؟
اخرجت حقيبة جلدية مصنوعة من جلد العجل ولها رباطات من جلد الافعى ارجوانية اللون . لقد كلفتها هذه ايضا ثروة صغيرة لكنها لم تقل هذا . فى الواقع المال الذى اعطاها اياه لتنفقه على هدية شقيقته وابنتها خطف انفاسها . فى البداية لم تستطع ان تتصور ما تشترى به ، ثم بدات تفتش فى محلات الهدايا الغالية الثمن وعندئذ واجهتها مشكلة مختلفة تماما
-اتظن انها ستعجبها ؟
-انها تشبه ما تحبه لورنا
-عظيم . اتريدنى ان الفها لك ؟ لدى ورق مناسب جميل
-الله يعلم ما كنت افعل قبل ان تأتى انسة هارت
-اعرف
-حسنا ... ولكن لم تظهر لى اية سكرتيرة من سكرتيراتى مثل هذا الذوق
-يشرفنى هذا الاطراء سيد تشايس
والتقطت الفستان ... فقال : انت تضحكين منى انسة هارت
-ابدا ... بالحديث عن السكرتيرات ... هناك ما اريد لفت انتباهك اليه
ارتد فى كرسيه : الانسة برادلى ؟ هل ماتت خوفا منى
-لا ... لم تمت ... وهذا لا يعنى ان هذا غير محتمل الحدوث انها فى غاية الذكاء ... فى الواقع ادهشتنى فهى تفكر قبل ان تفعل شيئا ، وتتذكر ما قيل لها ، وهى سريعة ودقيقة فى الطباعة ... هكذا ...
قال : اعدك الا افعل لها شيئا . ساعاملها بقفاز من حرير
عضت ايريان شفتها ، فسال : اليس هذا ما اردت طلبه منى ؟
-هذا اولا وثانيا الا تمازحها كثيرا . انها خجولة وقد يصعب عليها التعامل مع مزاحك
استوى فى مقعده : عزيزتى ايريان ... لقد خطرت على بالى فكرة ... لماذا لا تخرجين لتشترى لى كمامة ؟ بهذه الطريقة لن اتمكن من قول او فعل الكثير للفتاة المسكينة !
لكن ايريان غادرت مكتبه بسرعة
حل يوم الميلاد
وجدت ايريان مكافاة لها وقد جعلتها قيمتها ترفرف عينيها ... لكن حين حاولت شكر كيفن تشايس ، لوح لها بالانصراف قائلا انها سياسة الشركة
امضت الصباح تحاول انهاء اخر الاعمال المتاخرة مع جوليا برادلى ، الامر الذى كان متعبا لها بسبب عدد الاشخاص الذين زاروا كيفن تشايس لتقديم تحيات الميلاد والهدايا وتلقيها ، واصبح العدد كبيرا بحيث وصلوا الى المكتب الخارجى ووجدت ايريان وجوليا نفسيهما تشاركان الزوار بشرب المرطبات
ستقفل الشركة ابوابها رسميا بمناسبة الميلاد ، فى الساعة الثانية من بعد الظهر . ولكن الزائرين لم يتوقفوا عن القدوم ... فى الثالثة نظر كيفن الى ساعته ، وقال لايريان وجوليا : من المفترض ان تكونا قد ذهبتما !
تمتمت ايريان : ستحتاج لمن ينظف المكان
عرضت جوليا عليهما ما فاجاهما
-سابقى انا لانظفه
فتحت ايريان فمها ، لكنها تلقت نظرة ضاحكة من الرئيس تقول بوضوح : ساعتنى بها ، واهتم بالا يمازحها احد . فالتوت شفتاها بابتسامة قلق ... ومدت له يدها : حسنا ... ميلاد سعيد سيد تشايس
اخذ يدها : ولك ايضا انسة هارت ... استمتعى بالعطلة
ولكتها رات فى عينيه ما حيرها ... رات شيئا ماكرا ....
-ولا تقلقى علينا ... سنتفق معا بشكل جيد ... اليس كذلك انسة برادلى ؟
ردت جوليا بدهشة ساذجة : اظن هذا
ولم تستطع ايريان الا القول : انا واثقة من هذا
ثم ارتدت على عقبيها لتخرج بهدوء ... ولكنها كانت تشعر بالاحباط وبالفراغ ... هل السبب اننى لن اراه مده ثلاثة اسابيع ونصف ؟ لاتكونى حمقاء يا ايريان هارت ... لا تكونى حمقاء .
لكنها كانت تكبح دمعة حمقاء وهى تخرج من مبنى ماكميهون الى الشارع الغارق باشعة الشمس البراقة
وصلت الى المنزل فوجدت ميرى تذرع شقتها وهى تبدو مثالا للاحباط والبؤس ... لكن اليسبب لم يتضح بسرعة لانها حاولت ان تدعى امام ايريان بخير
ثم اجهشت بالبكاء وباحت بما تكتمه ... ارسلت امها برقية تطلب منها ان تتصل هاتفيا ، وعبر الهاتف اوضحت ان والدها يرغب فى مصالحتها ، ويريدها ان تحضر هى وابنتها الى المنزل
اكملت ميرى باكية : لم تكن امى من كلمتنى بل هو . ولكنها هى من عمل على اقناعه تلك الاشهر ... لقد كلمنى وطلب منى ان اسامحه ... قال انه آت بسيارته لياخذنى هذا المساء ... آه . لا ادرى ما افعل !
سالتها ايريان بلهفة : لكنك قلت انك ذاهبة ؟
-اجل ... اجل ... لكننى فكرت فيك بعد ذلك . بامكانى الاتصال به ... فهو لم يترك المنزل
-اياك ان تفعلى ! حبيبتى ، اصغى الى ... سيؤثر هذا الامر فى حياتك ككلها ... مع حبهما ودعمهما ستكون الامور اسهل بكثير لك ... فكرى فى الين
-لكن ماذا ستفعلين ؟ انه الميلاد وكنا نخطط فيه للخروج جميعا
-اتعلمين ؟ ان ما حدث لك هو اكثر مما اتمناه فى الميلاد ... اسمعى ... لقد اخبرتنى عن طبيعة والدك وهذا يعنى انه تنازل كثيرا ليطلب منك هذا المطلب . لذا لا تفكرى فى وضع العراقيل فى وجهه . اذهبى فقط ، واظهرى له مدى حبك ... واعدك بان تفعل الين ما تبقى ... سترين
قالت ميرى بامل : انا ... ربما تستطيعين مرافقتنا ؟
-لا حبيبتى ... الافضل ان تكونوا وحدكم . والان ، هل ستوضبين حقيبتك ام اقوم انا بهذا نيابة عنك ؟
عندما كانت تودع ميرى تلك الليلة ووالدها المتجهم الارستقراطى المظهر الذى نظر مرة الى حفيدته ، ثم ارتد لياخذ ابنته بين ذراعيه والدموع فى عينيه ، واحست ايريان بغصة فى حلقها
لكن السبب هو شعورى بالسعادة لهم ... اقنعت نفسها ... ولان الميلاد على ما يبدو مازال قادرا على اجتراح المعجزات ....
*****
انتهى الفصل الخامس .




























samahss 26-05-17 03:40 AM

( الفصل السادس )
ثقي بي !
قامت ايريان بطهو الديك الرومى ، لانها سبق ان ذوبت الجليد عنه على اى حال ...
وقفت شجرة الميلاد فى زاوية غرفة نوم ايريان ، مزينة بالزينة الذهبية والفضية والحمراء التى فتنت الين كثيرا ... وكان تشارلى ايضا له زينته ولكنه لم يجدها فاتنة ، بل مثيرة للقلق
نظرت ايريان الى بقايا الطعام وتساءلت لماذا ازعجت نفسها ... سيبقى الكثير الكثير من طعام الميلاد ... وسيكون طعامها فى الاسبوع القادم ما تبقى من ديك الحبش ويخنة الخضار . تنهدت ثم شرعت بتنظيف الطاولة
فى الثانية من بعد الظهر ادارت التليفزيون وراحت تشاهد عرض باليه ... ولكن مع انتهاء اخر نغمات " فالس الزهور " ، وجدت انها فى قبضة حزن كبير . تحركت فى مقعدها بانزعاج ، وكأنما تريد نفض هذا المزاج عنها ولكنها لم تنجح ... بل ازداد ... وفكرت وهى تجهش بالبكاء : ربما السبب اعتمادها على هذا اليوم منذ مدة ... وهذا اليوم الوحيد هزمها ...
اجتاحها جسديا ومعنويا سيل جارف من المشاعر بعنف وكان هذا السيل اسوا بكثير من الدموع المريرة التى ذرفتها عندما كشفت عما فى نفسها امام كيفن تشايس . لم تكشف له ذلك الاحساس الفظيع المخيف بالوحدة الذى جاهدت سنوات لاخفائه ، ولكن هذا الاحساس يطالب بها الان ، ويزيل عنها كل ذرة من الاكتفاء الذاتى الذى جاهدت لبنائه وينخفض بها الى مستوى الذعر الاعمى
بكت تقول لنفسها : لماذا ؟ لماذا الان ؟ لقد امضيت اعياد الميلاد بمفردى منذ سنين ... يا الهى ... كنت مخطئا كيفن ... لم اكن اتوقع اكثر من هذا من قبل . قبل هذا اليوم ، لما اهتممت بان اكون بمفردى ... لكننى كشفت عن نفسى مرة اخرى وهذه المرة امامك
بكت بكاء عجزت معه عن التوقف ، بكت لانها ادركت ان سبب هذه الازمة هو ارتكابها السخرية القصوى ... لقد وقعت راسا على عقب فى حب كيفن تشايس ... والغريب انها لم تدر ان الغيوم تلبدت وان المطر انهمر والطقس اشتد صقيعه . كل ما تفكر فيه انها كانت ستتمكن من الاستمرار والثبات لو كانت ميرى والين موجودتين
جعلها صراخ تشارلى ترفع راسها اخيرا . ثم ظنت انها تهذر او انها فقدت عقلها ذلك ان عينيها المغروقتين بالدمع وقعتا على شخص طويل كان واقفا فى باب شرفتها الخاصة مسمرا ... انه كيفن ...
كان حاملا بين يديه ثلاث هدايا . قال : جئت العب دور بابا نويل
انزل الهدايا ... ان هذا اشبه بحلم ، وكأنه حلم سببته مسرحية الباليه
ثم رات عينيه تتغيران ، وسمعته يقول بقلق وحنان : ما الذى حدث ؟ ماذا جرى ؟
-اوه ... شكرا لله !
سحبت نفسا عميقا ثم وقفت ترمى نفسها بين ذراعيه
*****
-اتشعرين انك افضل حالا ؟
اغمضت ايريان عينيها وقالت بصوت اجش : هذا ما تقوله لى دائما . اجل اشعر اننى افضل حالا . شكرا لك ، واسفة
اشتدت ذراعه حولها ... كانا جالسين على الاريكة مستندين الى الوسائد المرفوعة ، راسها على كتفه وركبتاها مكورتين الى فوق ، وكوب القهوة بين يديها ، مع انها لم تكن قادرة على منع نفسها من الارتجاف
جلسا هكذا صامتين فترة ، كان خلاله يرفع يده ليعبث بشعرها . فكرت : مستعدة للموت هكذا ، وانا فى منتهى السعادة لكننى لا استطيع فان لم افعل شيئا قريبا سيسئ الظن بى
ابتلعت ريقها وجلست : يجب الا تظن ... اعنى ، انا سعيدة جدا من اجل ... لولا هذا الطائر الغبى الاحمق الذى لا يكلمنى لاستطعت ...
وتوردت خجلا فصمتت ... يا له من كلام غبى احمق ... وتتكلمين عن الغباء ؟
تناول منها كوب القهوة ووضعه جانبا : ايريان ... ارجعى الى هنا
ابتسمت ابتسامة شاحبة ثم همست : لا ... لقد ذهبت الى ما هو ابعد من الواجب بسببى ... اعنى ان مجيئك صبيحة الميلاد محملا بالهدايا لنا جميعا كاف ، فذلك كان سيجنبك التعامل مع الهستيريا التى تراها امامك ... هل ... اعجبها الفستان ؟ ابنة اختك ؟
لم يرد فورا ، بل راقبها حتى اشاحت وجهها مرتبكة ، وحاولت النهوض ... ولكنه مد يده وجذبها اليه ، وعقد ذراعيه حولها
-لقد احبته ، واحبته اختى ايضا هذا عدا الحاضرين . فى الواقع لو قررت ان تكونى مصممة ملابس للسيدات الصغيرات لامنت لك عملا
-انا مسرورة لانه اعجبها
-لكننى لم آت لازورك بدافع الواجب ... بل جئت رغبة منى فى المجئ ... واجد ان هناك شيئا اخر اريد ان افعله ... انظرى الى ايريان
رفعت وجهها تنظر اليه فعانقها بلطف : هذا ... وهذا ...
وشبك اصابعه فى شعرها
قالت وانفاسها متقطعة : آه ! لا ... لا... لست مضطرا لـ ...
احست انه يبتسم ، وسمعته يقول : اردت ان افعل هذا مرة من قبل ... لكننى لم اكن ادرك ما هو السبب ، او ماذا كنت اريد يومذاك . اظننى قلت لك انك تذكريننى بشئ وانك سيدة غامضة . لكننى كنت افكر فى هذا . كما اكتشفت ... فكرت انه من الرائع ان اعانقك واعانقك
وعانقها بلطف وشغف فذهلت بحيث لم تستطع المقاومة بل التجاوب معه
بعد قليل خبأت وجهها فى كتفه ، لكنه وضع يده على ذقنها يمنعها ... وقال متمتما : ايريان ؟
همست : آوه ... لا
-انظرى الى اذن
ارتجفت رموشها وكانت عيناها شديدتى الاخضرار
قال : لماذا ترتعشين خوفا ؟ لماذا ؟
-انا ... لا اعرف ...
-اتعرفين ... من المضحك ان تقولى هذا ... هل تعرفين متى اكتشفت سر السيدة الغامضة ؟ كان ذلك حين قلت ان ما قاله نات عنا لم ولن يكون صحيحا . ووجدت نفسى افكر ، بلى قد يكون صحيحا ببساطة
انتفضت واجتاحتها موجة من التوتر ... فراقبها ثم قال : ما عنيته ، انك كنت واثقة باننى لن اجدك مرغوبة
-صحيح
-اذن ، كنت مخطئة
نظرت ايريان اليه مذهولة ، وسؤال يحير دماغها . لكن ، ماذا عن ديكسى هيودجز ؟ ماذا عن ....
لكن الرد كان سؤالا اخر قاسيا ... هل من الضرورى ان يكون المرغوب والمحبوب الشئ ذاته ؟ الحب الذى قد لاتحصل عليه ...
سمعت نفسها تقول : اتعرف ... اتعرف فى ما افكر ؟ اظننى بالنسبة اليك صوفيا اخرى ...
وضعت اصبعها على شفتيه لمنع احتجاجه : لا ... لا اعترض ... الامر المضحك حقا ، لان على ان اعترض بشدة ... لكننى لا اعترض والان اريد ان اسالك عماا كان فى تفكيرك ؟
قال ببطء : حقا ؟ اردت معانقتك لسببين : اولا لاننى اردت ان اخفف عنك ، وثانيا لاننى اهتم بك حقا
ما ان اتم جملته حتى عانقها بشغف فردت عناقه باحر منه
بعد لحظات بدت دهرا ابعدها عنه ليسالها : هل ذهبت يوما الى نيوساوث وايلز ؟
-لا ... لماذا ؟
-قد لا يكون الطقس ممطرا هناك
ردت برزانة : لكنه مكان كبير
-لدى اصدقائى منزل فى " كابارينا " ولكنهم الان فى اميركا مدة ثلاثة اشهر ، وقد تركوا لى المفتاح وسمحوا لى باستخدامه متى شئت
-لكن ، الم يكن لديك خطط للعطلة ؟
-لم يكن لدى ما هو هام
-انا ... هناك تشارلى
-تشارلى ؟ سناخذه معنا !
-لكن ...
-الا تريدين السفر معى يا ثعلبتى الحمراء ؟
-اذا كنت متاكدا ...
لثمت شفتاه قمة راسها ، وقال ساخرا : لم اكن يوما قط اكثر تاكدا مما اريد ... على اى حال ... والان اتمنى لك نوما هنيئا ، اراك غدا صباحا
رافقته الى الباب حيث عانقها من جديد ثم انطلق الى الخارج تواريه العتمة
فى الصباح التالى انطلقا بالسيارة الى نيو ساوث ويلز . استغرقت الرحلة اربع ساعات . ابتسمت ايريان لكيفن وهما يدنوان من منزل حجرى حديث مبنى على راس صخرى
-الم تقل ان الطقس غير ممطر فى نيو ساوث وايلز ؟
عبس كيفن وهو يتامل الغيوم الملبدة
-قلت ربما ... ايعجبك ؟
اوقف السيارة امام المرآب فى الطريق الداخلية المنحدرة وتطلعت ايريان الى المنزل ... كان الشاطئ تحته ابيض نظيفا
-انه رائع ... ولا يهمنى المطر
عندما دخلا الى المنزل لم تستطع غير ابداء الاستغراب ، فان كان هذا المنزل منزل العطلات فكيف هو المنزل الدائم
اختارا غرفتى نوم ثم انطلقا الى القرية ، واشتريا منها المؤونة فعرفت عندئذ ايريان ان كيفن ينوى البقاء هنا مدة اطول من عطلة الميلاد
قالت ضاحكة : لدينا ما يكفى شهر !
-يجعلك القرب من البحر جائعة . الا تعرفين هذا ؟
-لا اذ لم يسبق لى ان اقمت مدة طويلة قرب البحر ... ولكننى مازلت اعتقد ...
-ابدا ؟
-لم ار البحر حتى بلغت الثامنة عشر ... فبريزين بعيدة عن البحر ... لكننى ذهبت مرارا الى " سيرفيرز بارادايز " لاقضى يومى فيه
-وهل اعجبك ؟
-سيرفيرز ام البحر ؟
ضحك : الاثنين
-اعجبتنى سيرفيزر ... واحببت البحر . ولكننى اخاف النزول اليه
امسك بيدها بضغط عليها : ثقى بى اذن
*****
بعد عدة اشهر على هذا كانت تذكر جميع تفاصيل تلك الاجازة فى " كاباريتا " بدقة ولكنها تعرف انها لن تنساها حتى اخر العمر
وكيف لها ان تنسى ؟ كيف لها ان تنسى كيف اشرقت الشمس فى اليوم التالى على وصولهما وكيف كان البحر براقا متراقصا تحت سماء زرقاء ... او كيف امسك كيفن بيدها يشجعها قليلا فقليلا ، ثم امسكها بحزم بعدم راح قلبها يخفق خوفا ، ثم لما راته يخوض عباب البحر قررت ان تكون شجاعة
كيف للمرء ان ينسى تكاسله تحت اشعة الشمس وقرب البحر ؟ تذكر انها فى احد الايام بعدما تناولت الغداء راحت تتثاءب
-انا اسفة ... لا ادرى لماذا احس بالنعاس
-هذا ما يفعله البحر بالانسان ايضا ... لكن عليك الانتباه الى بشرتك ، انها حمراء قليلا ... اتؤلمك ؟
-لا ... لقد وضعت الكثير من الزيوت عليها
-عظيم ... هيا ... قومى واخلدى للنوم
ماهى الا دقائق حتى كانت تغط فى نوم عميق
كان الوقت متاخرا عندما استيقظت ذلك العصر ولكنها ظلت مستلقية بسبب النعاس فحاولت طرد النوم عن عينيها وتمنت ان تدوم هذه الجنة الى الابد ... ولكنهما غدا عائدان الى بريزين
سمعت كيفن يتكلم حين خرجت من السرير ، فلحقت بصوته حيث وجدته فى المكتبة يضع سماعة الهاتف ...
قال : مساء الخير !
-اسفة ... كيف اقضى هذه العطلة بالنوم ؟
ضمها اليه يلثم شعرها : لا تهتمى ... لدينا وقت طويل ... اسبوعان اخران على اى حال
نظرت اليه متسعة العينين : اسبوعان
-اجل ... لقد رتبت الامر لتوى عبر الهاتف
-لكن ...
-لكن ماذا ؟ سبق ان اخبرتك انه من الصعب عمل شئ فى مثل هذا الوقت من السنة ... اليس كذلك ؟
-اجل ... ولكن ... اعنى ... ماذا عن جوليا ؟
ضحك وتورد وجهها من سخريته فاردفت : تعرف ما اعنى . تعجبنى فكرة قضاء اسبوعين قرب البحر لكن ...
قاطعها : قبل اى شئ ، كنت على حق فى ظنك بالانسة جوليا برادلى ... الواقع ساخبرك المزيد . بمقدورها ان تصبح سكرتيرة عظيمة وستكون يوما زوجة مدبرة لرجل سعيد
-وكيف تعرف كل هذا ؟
-بعدما خرجت يوم الميلاد تساءلت كيف ساتخلص من الجميع ثم رايتها تأخذ بزمام المبادرة . قدمت لنا القهوة ، ثم اخرجت الجميع باقل عناء ... فعلت هذا بذكاء ، والان اجدنى اثق بها
-اوه ... !
-اجل ... فهل من اعترافات اخرى انسة هارت ؟
عبست : لا استطيع التفكير بشكل سوى
-اذن ، فلنخرج ولنسبح
ومر الاسبوعان بسرعة
اسبوعان ذهبيان سبحا فيهما واصطادا الاسماك وتنزها سيرا على الاقدام وتجولا بالسيارة فى منطقة " نورثرن ريفر " و " نيو ساوث وايلز " ...
وتحدثا كذلك ... احيانا حتى وقت متاخر من الليل وهما على الكراسى الطويلة على الشرفة ، يمسك احدهما بيد الاخر . لقد تحدثت فى هذين الاسبوعين اكثر مما تحدثت فى حياتها كلها ...
اكتشفت انها تحبه اكثر مما تظن
قضيا اول يوم فى السنة بهدوء ، كانت ايريان تحتاجه ، لتستجمع قواها ... لتعود الى نفسها ... لتعود الى نفسها المرحة والى ايريان هارت التى رمت نفسها فى عباب هذه الرحلة
عندما قرب الاسبوع الثانى من نهايته ظنت انها نجحت فى استعادة نفسها ... بكل تاكيد ، لم يعد هناك نوبات عصبية ... مع ذلك ، فى اليوم قبل الاخير ، لاحظن ان كيفن هادئ جدا ...كان الوقت عصرا وكان واقفا على الشرفة ينظر الى البحر ويداه فى جيبيه
خرجت اليه ووقفت بصمت فظنته لم يسمعها . ولكن بعد بضع دقائق وضع ذراعه على كتفها بدون ان ينظر اليها ، وقال : مرحبا ، يا ذات الشعر الاصهب
-مرحبا ، فيم تفكر ؟
لم يرد فورا ، ثم ظننت انها سمعته يتنهد قبل ان يقول : ما اجمل هذا المكان وما ...
وصمت ... فعرفت انه كان سيقول " ما اجملك " لكن الهاتف رن ، فتبادلا نظرات استغراب
-لاشك ان الاتصال من الشركة ... لا احد يعرف اننى هنا
وكانت الشركة ... فدخلت ايريان الى المطبخ لتحضر العشاء ولكنها كانت تسمعه يتحدث فى الهاتف ، وكان المتكلم فليمور ماكميهون
ثم اقفل كيفن السماعة بحدة ، وجاء يبحث عنها ... كانت تقشرالبطاطا واسند نفسه الى رف المغسلة ثم قال : لقد هربت جميع الشرور من الجحيم ... على ما اخشى
-آه !
-اجل ... لا تقشرى المزيد ... انه مركز التسوق ... افلس احد متعهدى البناء فجاة ... وهذا يعنى استدعاء عروض جديدة ... وهذا ما سيرهق مواعيد الجميع ... اتعترضين ان عدنا الليلة ؟
اخذت ايريان منشفة وجففت يديها
-لا ... بالتاكيد لا
-اعرف اننى لن استطيع القيام بشئ الليلة ولكن ....
-اعرف ... ولكنك تستطيع البدء بالعمل باكرا ... انا اسفة على ما حدث بعد عملك الدؤوب فى المشروع
التوت شفتاه بابتسامة : وانت ... ايريان ...
لكن الهاتف عاد يرن مجددا : يا للعنة ! لا يصاب فليمور بالذعر بسهولة ... ولكن الدلائل ظاهرة الان . اراهن انه هو المتصل مجددا
وكان هو المتصل ، بدات ايريان توضب الحقائب بسرعة وكان ان غادرا المنزل بسرعة بحيث نسيت تشارلى الذى عادت راكضة لتاخذه ...
قالت مقطوعة الانفاس وهى تصعد الى السيارة مجددا
-شئ واحد ... كنت سانظف المكان غدا ... انه نظيف ، لكن ...
-لا تقلقى ، لديهم عاملة تقوم بتنظيفه وهى تعيش فى القرية ، تاتى كل اسبةوعين حين يكون المكان فارغا
-اوه
-اسمعى ... انا اسف على العجلة . ولكننى وعدت بزيارة فليمور الليلة ... وقد نصل الى بريزين فى الثامنة والنصف
-لاباس
ربطت حزام الامان ، وانطلقت السيارة مسرعة . نظر اليها فوجدها متجهمة ، فابطأ سرعة السيارة : انت على حق ... الافضل ان نصل الى بريزين دون محضر مخالفة للسرعة
ولكن ، على الرغم من التزامه بالسرعة القانونية ... كانت رحلة سريعة
قالت وهو يوجه السيارة الى الموقف تحت الارض فى مبنى شقته : ساستقل سيارة اجرى الى المنزل
-لا ... لن تفعلى هذا
-لكنك قد تتاخر
-نامى عندى ان شئت
التقط الحقيبتين : احضرى تشارلى
-كيفن ...
ولكنه كان يتجه نحو المصعد فاضطرت للركض لتلحق به ، وهذا ما ازعج تشارلى ودفعه الى بعثره طعامه . حاولت مجددا وهى فى المصعد : كيفن ... اظن انه على الذهاب الى البيت
-لماذا ؟
-حسنا ...
لكن المصعد توقف وخرجا منه
-ادخلى ... اعتقد ان تشارلى بطئ الحركة . ساستحم بسرعة ... تصرفى وكأنك فى منزلك
-كيفن ....
تنهدت ثم وضعت تشارلى ارضا فتوقف بعد لحظات عن القفز فى قفصه ، وجلس فى الزاوية ساخطا
جلست ايريان ، محبطة قلقة
-ما الامر ايريان ؟
انتفضت مذعورة ونظرت الى كيفن وهو يتقدم نحوها . كان يزرر قميصه وشعره مبلل ، فتمتمت : مازلت اعتقد ان على الذهاب الى البيت
مد يده يجذبها لتقف : وانا اعتقد ان عليك قضاء الليل هنا لسبب وجيه ... لكى استطيع ، رسميا ، وبشكل لائق ، ان اطلب منك الزواج بى ايريان ... ولكى تستطيعى رسميا وبشكل لائق ان ... تقبلى !
*****
انتهى الفصل السادس .

samahss 26-05-17 03:42 AM

( الفصل السابع )
لا !
حدقت ايريان الى باب الشقة ويدها على شفتيها
لم تقل شيئا عندما طلبها كيفن تشايس للزواج
وكان السبب الرئيسى الصدمة الكاملة اما السبب الثانى فعدم اعطائه اياها الفرصة لتقول شيئا ... فقد اقتادها الى المطبخ ، وفتش فى الثلاجة ليخرج بيتزا مجلدة وحلوى تفاح مثلجة ، ثم اعتذر مبتسما لعدم قدرته على اطعامها ماهو افضل من هذا ، واراها المايكروايف ، ، ثم ضمها بين ذراعيه ، وقال مازحا : لا تكونى مصدومة هكذا ايتها السيدة تشايس القادمة ... ساعود فى اسرع وقت ممكن ... ولكن اخلدى الى النوم ان اردت ذلك
همست للباب الامامى المقفل : انت لاتطاق ... لاتطاق ... خشيت ان يحدث هذا ... لذا ساجلس هنا وافكر فى الامر كله ... افكر كيف اقول لا ... لقد فكرت مرارا وتكرارا حين كنت احاول عدم التفكير او حين كنت ادعى امام نفسى اننى ساعيش فقط لحاضرى ساعة بساعة ويوما بيوم
ربما من الافضل ان تعود الى منزلها ... ولكن ماذا بعد العودة الى منزلها ؟ اتختبئ كالارنب ؟ آه ... يا الهى ! ماذا افعل ؟
ما فعلته بعد تفكير ملى هو تسخين البيتزا التى اكلت بعضا منها ، ثم اعدت فنجان قهوة واحتسته وبعد ذلك راحت تجوب الشقة مغمومة
اخيرا عملت بجزء من نصيحته ... استحمت فى مغطسه الفخم ... ولانها باقية هنا الليل بطوله ارتدت غلالة نومها ووضعت الروب فوقها ، ثم عادت الى غرفة الجلوس وادارت التليفزيون ... ولكنها غفت وهذا اخر ما ارادته ...
استيقظت بين ذراعيه فتمتمت وسط نعاسها : كيفن ...
-نعم . لاباس عليك ... ساحملك الى السرير ... اتستطيعين ان تضيئى النور ؟
-... اوه ... اجل
مدت يدها من فوق كتفه وضغطت الزر على الجدران ، فانتشرت الاضاءة المركزية
رفرفت عينيها بنعاس وهو ينزلها ويضحك لها : هاك ...
وضعها على السرير وكأنها طفلة ، ثم اضاء المصباح قرب السرير وتقدم الى الجدار يطفئ النور الرئيسى . سرعان ما ساد الغرفة الانيقة ظلال غامضة
جلس على حافة الفراش ففكرت : بامكانى ان اجعل من هذا الروتين الليلى من الخلود الى الفراش والنظر اليه دائما حيث استطيع ان اراقبه وهو يخلع حذاءه ويفرغ جيوبه ، ثم يخلع قميصه ... عضت على شفتها لتقول : ماذا ...؟
ادار راسه ليسال : حسنا ؟
وتصادمت الكلمتان ، ورفع حاجبه متسائلا فاجابت : كم الساعة الان ؟
-الثانية عشرة والنصف ... تاخرت قليلا عما توقعت ....
انقبض قلبها لانها احست بمزاجه ... انه الان كيفن تشايس الذى يتعامل مع الوقائع والحقائق والذى لا يؤمن باللف والدوران ...
-علينا ان نتكلم عن الموضوع صباحا
-لن يكون امامنا وقت فى الصباح ايريان ... وعلى اى حال ليس هناك الكثير نتكلم عنه ... اليس كذلك ؟ مجرد نعم بسيطة او لا ستفى بالمراد
-كيفن ...
جلس على الفراش قربها
-ماذا تريدين ان تقولى ؟ اعتقد ان لديك شيئا ما فى ذهنك . رايت هذا فى عينيك عندما استيقظت
سحبت نفسا عميقا
-ربما ... ولكن ... لا اظن ان الوقت جيد ... وانت بلا شك متعب
قال وهو يمسك بكتفيها : عزيزتى ايريان ، لن يكون هناك ابدا وقت افضل ، خاصة ان كنت تنوين قول لا
شهقت وهى تحرر نفسها من اصالعه التى تحفر فى كتفيها بشكل مؤلم . فجاة احست بالغضب : اصغ الى كيفن تشايس ... لايمكنك معاملتى وكأننى صفقة تجارية . علينا ان ننهى هذا الان لان لا وقت لدينا فى الصباح ، فالصباح محجوز لاعمال اخرى ... ولكننى اعرف ما هى الاعمال الاخرى ... واعرف لماذا لن تجد الوقت مناسبا للحديث عن الزواج ... بمقدور اى احمق ان يفهم هذا ... ثم هلا تركتنى !
ارخى قبضته قليلا ولكنه قال : لا ... ما هذا بموضوع نقاشنا ... المسألة انك تحاولين تجنب الامر ، وهذا سخيف ... مثلا : هل ستقولين لى غدا لا ، اسفة كيفن ، لا استطيع الزواج بك ؟
-لم تمنحنى خيارا اخر !
قال بوحشية ساخرة : ربما لاننى كنت اشك فى هذا ولكننى اتساءل عن السبب ؟
همست : لانك تعرف ان زواجنا امر لايناسبنا كلانا
رد بسرعة : بل اعرف العكس . اعرف اننا كنا منسجمين كثيرا واعرف انك عنيدة كثيرا
تركها ليبعدها والسخط باد على وجهه ، ثم امسك معصميها بقبضة من فولاذ وقال : كنت متفهما جدا ولكننى لن اكون متفهما بعد اليوم
وشدها الى حضنه فاستلقت مرغمة وعيناها تبرقان غضبا
قال عندما هدات انفاسها : حسنا ... اخبرينى لماذا لن يكون الزواج مناسبا لنا ؟ قولى لى ماذا ستفعلين بنفسك الان ؟ هل ستتقدمين بطلب نقل مستعجل الى قسم وكالة السفر ثم تمرين من امامى مطأطئة الرأس ، وكأننا لا نعرف بعضنا بعضا ؟ ام تراك خططت ان تستمرى فى ان تكونى سكرتيرتى ، وان تقنعينى بعناق سريع بين فصل املاء واخر ؟
نظرت اليه بدهشة تشعر بمد احمر يرتفع من اسفل عنقها ... اغمضت عينيها ، وتمنت لو يتلاشى التورد لكنه لم يتلاشى بل راح يتغذى بالصور التى رسمها فزاد من امتقاع وجنتيها وجعلها تجهش بالبكاء
-انا ... انا لا اكرهك
-لا ... انت لا تكرهيننى
وعرفت فى لحظة ماذا يجب ان تفعل ... تلوت بين ذراعيه لكنه كان اقوى منها ... وشهقت ... تتمسك به بخوف والم وارتباك
قال عابسا بألم : انا اسف ... لا تنظرى الى هكذا ... عليك انت من بين جميع الناس ان تعرفى طبعى السئ
ضمها اليه يهدهدها بين ذراعيه حتى توقفت عن الارتجاف ... ثم لثم شعرها ، يهدئ من روعها بيدين لطيفتين وبعد ذلك ضمها بحذر ورقة كانها توشك ان تنكسر واخيرا استرخت ... فاستسلمت لعناقه
التقط يدها يشبك اصابعه باصابعها ثم قالبصوت ملؤه توتر غريب : كيف لى ان اقنعك بان الزواج مناسب لنا كلينا ؟
اشتدت اصابعه على اصابعها : اعرف ... اعرف فيما تفكرين ... اولا فى عدم رغبتك فى ان تكونى صوفيا اخرى بالنسبة لى ... وفى ديكسى ، وربما فى اشياء اخرى كثيرة ، لم تخطر حتى ببالى ... ولكن هذا كله من الماضى الان ... الا ترين هذا ؟
بعد ظهر اليوم التالى ، نظرت ايريان الى غرفتها بنظرة جديدة ... ولم لا ؟ فانا على وشك ان ااجردها من الاثاث الان ، بعد ان وافقت على ان اصبح السيدة كيفن تشايس
سرت فيها ارتعاشة ، وتمنت فجاة لو كان كيفن معها الان ليهدئ من روعها . ولكن كيفن ذهب الى العمل ، وعاد الى شقته ظهرا ليقول لها انه مضطر للذهاب الى ملبورن ، الى مركز الشركة المتعهدة المفلسة ... ولا يعرف كم من الوقت سيغيب . حاول اقناعها بالبقاء فى الشقة ... سيتمكن على الاقل من الاتصال بها ولكنها رفضت
قالت انها ستضطر الى اجراء ترتيبات بشأن شقتها واثاثها ... وهذا افضل وقت تقوم به بهذا
-اخيرا قال : اقبل طالما لن تغيرى رايك . عدينى ؟
همست : اعدك
اقلها الى منزلها فى طريقة الى المطار اما اخر كلماته فكانت : انت تفهمين ... اعرف اننى كنت عنيفا معك ليلة امس ولكنك تفهمين اضطرارى للسفر ، اليس كذلك ؟
-اجل ... افهم حقا . لا تقلق
عادت الى حاضرها متنهدة ، مفكرة ... على ان ارمى ترددى كله وراء ظهرى ، لاننى لا استطيع ان اتوقع منه البقاء قربى طوال الوقت ... ربما على ان افكر فى كل شئ مليا لانه بعيد عنى
القت راسها الى الخلف واغمضت عينيها ، تفكر فجاة : لا اتوقع منه ان يحبنى كما يحب ديكسى ... اعرف ان هذا امر مختلف بالنسبة له ... ولكن هل سيكون ما بيننا مميزا فينساها ؟ حسنا ... لا . لا اظن هذا !
ولكنها فى النهاية لم تستطع منع نفسها من التفكير فى كل الاشياء التى لها علاقة بكيفن وديكسى ... اكانت بينهما علاقة رغم زواجها ببولدن هيودجز ؟ وهل سيكون موقفها كموقف بولدن هيودجز ؟ وهل ستبقى على حبها لكيفن تشايس ان استمرت علاقته بديكسى ؟
قالت بصوت مرتفع : لكن الامر اننى لا اصدق انهما على علاقة
وهذا ما دعاها الى التساؤل لماذا لاتصدق ؟
لم ينكر كيفن هذا قط ولكنه يؤكده ايضا ... لقد ترك الامر لها لتقرر ...
همست لنفسها : ويبدو اننى قررت ... ربما فى عقلى الباطنى ، لكن على اى حال لقد قررت ...
فتحت عينيها ونظرت الى الغرفة . انا واثق به ، وقد وثقت باستقامته طويلا ولولا ثقتى به لما احببته ...
جلست تمد يدها الى حفنة الرسائل التى تكدست فى صندوقها فى اثناء غيابها ... وجدت بينها ارسالة من ميرى غنية بالاخبار الجيدة ... لقد اصر ابواها على عودتها الى المنزل لتبدا حياتها من جديد . وتابعت تقول انها شعرت بالحزن عندما عادت لتاخذ اغراضها فلم تجد ايريان ولكنها تمنت عليها ان تبقى على اتصال بها وان تزورها واهلها يوما ... ثم انهت : لقد كنت افضل صديقة لى
ترقرقت عينا ايريان بالدموع فتمتمت : الشئ ذاته ينطبق عليك ميرى ... ارادت ان ترد على رسالتها فورا ولكن اغراضها جميعا موضبة فى حقائب
فى الصباح التالى تلقت برقية من ملبورن يقول فيها كيفن ببساطة : مشتاق اليك ... كيفن
قرأتها مبتسمة وقلبها مفعم بالدفء والشجاعة . بعد ساعتين وصلتها برقية اخرى مع ساعى البريد ذاته الذى قال بمرح : قد يصبح هذا عادة ! وقعى هنا ، ارجوك
-هذا ما يبدو
لكنها كانت تفكر وهى توقع : ليس من كيفن بالتاكيد ؟
قرأت البرقية " الرجاء الاتصال بى فورا اذا كان هذا ممكنا ... توماس ... ماكميهون كاسيدى وتشايس
حدقت ايريان الى صياغة البرقية ، فاغرة فاها
كان اول ما طرأ على بالها ان شيئا ما اصاب كيفن . ولكنها عادت فادركت انهم لن يتصلوا بها ان اصابه مكروه لانهم لايعرفون شيئا ، الا اذ كان قد اخبر الانسة توماس شيئا . ولكنه لن يفعل ذلك ، ليس وسط ازمة كالتى يمر بها . انبت نفسها قائلة : حسنا ثمة وسيلة واحدة لتعرفى
قالت عبر الهاتف الموجود فى اخر الشارع : انسة توماس ، انا ايريان هارت ... وصلتنى البرقية
جاء صوت الانسة توماس بلهفة : آه ايريان ! يا فتاتى العزيزة ... اعتذر على البرقية فما زال امامك اسبوع اخر من العطلة ولكن المسألة اننا فى دوامة هنا ... الشئ الثانى ان السيد تشايس فى ميلبورن
سكتت قليلا لتاخذ نفسا ... فكادت ايريان تقول انها تعرف ولكنها عضت على لسانها فى الوقت المناسب
اضافت الانسة توماس : والانسة برادلى ، التى يجب ان اعترف انها كانت تتدبر الامور جيدا ، اصيبت هذا الصباح بفيروس غريب فارتفعت حرارتها وكان ان اضطررنا الى ارسال المسكينة الى المنزل . اتاتين لمساعدتنا ؟ فانت تعرفين كل شئ هنا ، لذا سيكون وجودك مهما فى هذا الوقت العصيب ... ولكن ان كان عندك خطط ...
وتلاشى صوتها
لفت غابة من الافكار عقل ايريان ... ايجب ان تذهب ؟ هل سيعترض كيفن ؟ فهما لم يتباحثا مسألة استقالتها من عملها ، لكنها افترضت انها لن تعود ... تبادر الى ذهنها انها ستكون ذات فائدة مساعدة فى مثل هذا الوضع
قالت فورا : انسة توماس ... انا آتية ! امهلينى ساعة ، او ما يقاربها
-شكرا كثيرا لك ايريان ! اؤكد لك ان السيد تشايس سيكون شاكرا لك . المسالة انه كان مسافرا ايضا ، وعاد بالامس تاركا لائحة طويلة من التعليمات التى لن يستطيع تفسيرها بسهولة غيرك
حين وصلت ايريان الى الشركة وجدت الانسة توماس فى المكتب الخارجى ، تحاول تدبير الامور ، وقالت لها فور رؤيتها : سيكون السيد تشايس شاكرا لك انسة هارت
شعرت ايريان بشعور غريب وهى تتمتم شيئا غامضا ردا عليها ... فقد بدا لها هذا كله غريبا ، ولكنها من جهة اخرى لم ترغب فى شرح سبب تطور الاحداث الاخيرة حتى لنفسها
تابعت الانسة توماس كلامها : هذه ملاحظات الانسة برادلى ... على ان اعترف انك تبدين فى حالة رائعة ايريان !
-شكرا لك ... لقد ... سافرت ثم عدت
-الغريب ان السيد تشايس اسمر لونه ايضا ، انما لا اظنك تعلمين انه اخذ اجازة مفاجئة ... وهذا امر حسن ، فقبل الميلاد فكرت فى انه بحاجة الى عطلة ... من المؤسف ان هذا قد حدث ... لانه افسد كل ما كسبه فى عطلته !
نظرت الى ايريان نظرة تانيب . ولكن رنين الهاتف انجى ايريان من اى احراج اخر . غرقت بدءا من تلك اللحظة بالعمل الجاد وظلت الانسة توماس معها ما يقرب الساعة ، تراجع معها ملاحظات جوليا ، تتابع تعليمات السيد ماكميهون الذى سافر الى ميلبورن ايضا
قالت ايريان اخيرا : حسنا ، لقد فهمت ... المطلوب تقرير عن الانهيار على ان انقل كل ما احصل عليه الى السيد برايت والسيد ماركوس ... وفى الوقت ذاته على اخراج كل العقود وما شابه لارسلها الى مكتب المحاماة لدراستها من جديد
لكن ما شابه ابقاها منهكة ما تبقى من اليوم ، وعادت الى العمل باكرا فى اليوم التالى لاتمام العمل
فى العاشرة ، رن جرس هاتفها ... ولم تكد ترفع السماعة حتى قال صاحب الصوت : جوليا ؟ انا كيفن تشايس ... ايمكنك ان ...
-كيفن ؟
سادت لحظات صمت ثم قال مستغربا : ايريان ؟
-اجل ... اين انت ؟
-فى ميلبورن ... ماذا تفعلين هناك ؟
-انا ... جوليا مريضة ، فاتصلت بى الانسة توماس لتطلب منى المساعدة . ارجو الا تعترض لانهم كانوا فى ورطة هنا
قال بلهجة حادة : بكل تاكيد اعترض ... كان عليك استشارتى اولا
-لكنها لا تعرف شيئا ... شكرا على البرقية
سالها بلهجة رقيقة قليلا : كيف حالك ؟
-بخير
-انا اسف ... لم اقصد الصياح فى وجهك ... ولكن لم ارغب فى عودتك الى ذلك الجو مجددا ، لئلا تثير فيك هذه العودة شكوكك ... فهل حدث هذا ؟
ردت برقة : لا ... لا استطيع التفكير فيك كرئيس لعملى مجددا
-لا تعرفين مدى سرورى بسماع كلماتك هذه فلهذا ميزاته
تبادلا الاحاديث مدة عشرين دقيقة اخبرته خلالها عن رسالة ميرى ، وعن عرض بائع المفروشات المستعملة الذى قدمة واخيرا تكلما عن العمل
وقبل ان يقفل الخط قال : ستعتقدين ان هذا جنون منى ولكننى احمد الله لانك هناك ... على الاقل اعرف انك قادرة على معالجة الامور فى المكتب
ردت بوقار : شكرا لك سيد تشايس
وقهقها ضاحكين
لكن هذا الدفء والضحك تلاشيا بعد بضع ساعات ، على يد شقراء دخلت الى المكتب كالعاصفة المرحة وهى ترتدى اجمل فستان حريرى ، وتنتعل حذاء بنيا عالى الكعبين من جلد التمساح ، وتحمل حقيبة مماثلة ، وضعتها على طاولة ايريان كيفما اتفق وهى تقول : ما هذا الذى سمعته عن وجود كيفن فى ميلبورن ؟
انتفضت ايريان فنظرت اليها المرأة نظرة عن قرب ثم ابتسمت باشراق وومضت عيناها الزرقاوان : اعرف من انت ... اسفة لاننى دخلت عليك هكذا ، لكننى ظننتك فى اجازة ... انت الانسة هارت ... اليس كذلك ؟ لقد اخبرنى كل شئ عنك ... حسنا ، لقد اجبرته على هذا ... خاصة بعدما قال انك صانعة ذلك الفستان الرائع الذى اخذه لمارجى فى عيد الميلاد ... انا شقيقته
قالت مذهولة : لقد ظننت ... كيف حالك ؟
-هل ظننتنا متشابهين ؟
-الن تجلسى سيدة ؟ ... السيد تشايس فى ميلبورن فى عمل
-حسنا ، ساجلس . فى الواقع اننى غاضبة . كان عليه الاتصال بى ... اعنى ، ليس الامر غلطتى ، ثم ان يدفع فليمور ليقسم للحفاظ على السر ... ماذا يظننى ؟
-انا ....
-لا تعرفين ابدا عما اتكلم . المشهور عنى اننى ازج انفى فى ما لا يعنينى ... لكن على اى حال ، انا لورنا ... لورنا هيودجز انما رجاء نادينى لورنا . على اى حال لدينا اهتمامات قلبية مشتركة ... كيف حال رئيسك ؟ هل يبدو ... طبيعيا لك ؟
ردت بعجز : انا ... انا ... اجل
بدت لورنا كئيبة ، ثم ابتسمت ابتسامتها الدافئة الجميلة مجددا : على فكرة ... يجب ان اشكرك على الحقيبة التى اهدانى اياها فى عيد الميلاد . لقد اعترف لى انك انت اشتريتها ... اما فستان مارجى فسررنا جميعا بمن فى ذلك ديكسى التى قابلتها بلا ريب . انها زوجة شقيق زوجى ... ديكسى هيودجز ... ديكسى تتوقع مولودها ان يكون فتاة وقد سالت تشايس ان كان بالامكان ان تفكرى فى خياطة فستان لعمادتها ... فهل سألك ؟
-لا ... لكن ...
-لم يكن لديه الوقت على ما اظن
وقفت ، لكن الباب الخارجى انفتح ودخلت الانسة توماس ، فصاحت لورنا هيودجز صيحة فرح ، واندفعت تعانقها ، قائلة : تومى ... اخبرونى انك لن تعودى قبل ساعات !
-لقد عدت ، وعلمت انك سالت عنى
قالت لورنا : انا قلقة على كيفن ... مع ان الانسة هارت تقول انه يبدو طبيعيا ولكنك تعرفين مدى براعته فى التخفى ... ما الامر ؟
قالت الانسة توماس : لا شئ
لكنها رمت نحو ايريان نظرة عبوس ... ثم اضافت : هل ندخل الى مكتب كيفن ؟ واثقة ان ايريان ستعذرنا
رافقت لورنا هيودجز الى المكتب ثم اغلقت الباب
حدقت ايريان الى الباب بقلب خافق . ولم يكن السبب ان ما ستفعله غير اخلاقى ... مع ذلك سارت على السجادة حتى وقفت قرب الباب ، ساعدها صوت لورنا المرتفع على السماع بوضوح
كانت لورنا هيودجز تقول باشمئزاز : كانت الفكرة فكرة برايان قلت له انها فكرة مجنونة ، لكنه قال ان الامر بدا منذ مدة ، وان بولدن شقيقه ، وانه تعب من انفصام عرى العائلة ... هذا بسبب ديكسى التى هى الشخص الوحيد الباقى من اسرة كاسيدى ولكنها لا تعرف ما تقرر . تعرفين برايان ... بارد جدا !
انه يؤمن بان على العائلات ان تلتحم ، وانا اوافقه الرأى واوافقه ان الوضع مربك مع الاولاد ... الا يحب كيفن وعمى بولدن بعضهما بعضا ؟ لماذا ؟
تمتمت الانسة توماس شيئا ، وتابعت لورنا : ولكن ما اغضبنى ان يدعو الجميع ليوم الميلاد ويرفض السماح لى بان انذر كيفن ... اترين ما اصعب المسألة ؟
قالت الانسة توماس : نعم ، كانت مسألة صعبة
-لا ، لم يكن الامر صعبا لانهما تصرفا بشكل رائع . لقد اجبرا نفسيهما على التصرف وكأن لاشئ بينهما ... ولقد تحدثا طويلا ... تحدث بولدن وكيفن عن تمويل شئ ما ... اما ديكسى فتعرفين تاثيرها فى الجميع ... والان هى حامل ... لكن كيفن غادر باكرا وعندما خرجت اودعه بدا لى متعبا حتى الموت ... ثم اختفى فى اليوم التالى ! لكنه لم يكن يخطط للاستمرار فى العطلة ، لقد تمكنت من انتزاع الخبر من فليمور على الاقل
-لا
-ولهذا انا قلقة ... اتعرفين ما تمناه حقا ؟ اتمنى لو يقع فى حب عاصف مجنون مع فتاة اخرى ... اية فتاة ! سارحب بها حتى وان كانت عيناها مربعتين ووجهها وجه غراب !
-لا ... لن تفعلى هذا ... كما اننا لا نريد منه ان يقدم على اى قرار متسرع
-ماذا تقصدين ؟
-اظن ان برايان على حق
-لكن ...
-لا ... ما اقصده ان ديكسى اتخذت قرارها اخيرا ، وقد عرف كيفن هذا . كما عرف ان الوقت ازف ليعيش مع الواقع . لكنها لا شك فترة ردة فعل
الصقت ايريان راسها بالباب ، ثم ابتعدت بهدوء
انشغلت فى فترة بعد الظهر بحيث لم يتسن لها التفكير مع انها فكرت فى ان ديكسى هيودجز تذكرها بالدمى الروسية ، ما ان تفتح واحدة ، حتى تجد الاخرى داخلها ، ثم اخرى
عندما عادت الى منزلها ، جلست على اريكتها تشعر بالارهاق ولكن ارهاقها لم يمنعها من التفكير
حسنا ... فهمت الان ... مع ذلك قررت المضى قدما فى تجربة الزواج . ليس فقط لانها تحبه وتثق به بل من اجل هذه الاشياء ولان من الافضل ان تكون من تحبه هى المتفهمة لوضعه
ظلت فترة طويلة مستلقية تنظر الى السقف ، وصور عديدة بذهنها . احداها عن يوم الميلاد ... كم كانت اخته على حق ... انه بارع فى اخفاء الاشياء ... اوربما كنت انا غارقة فى بؤسى كثيرا ، بحيث لم ابحث عن الحقيقة ... ولكنها عرفت دوما بانها مميزة بالنسبة له
ثم خطرت ببالها فكرة جديدة ... او ربما لم تكن جديدة ... ربما كانت موجودة طوال الوقت ، ووجدت الان الشكل واعادت لها الذكريات عن فتاة خجول كثيرا ، وساذجة ... انها ابنة مدبرة المنزل ... انهم مختلفون . اسر : تشايس ، كاسيدى ، وماكميهون ... لديهم ثقة بالنفس ، رسختها السنوات والثراء . اشعر احيانا وكأنهم جنس مختلف عن جنس فتاة لا اهل لها او جذور . اشعر باننى غريبة ودخيلة تنظر من الخارج ، مذهولة ، ولكننى اعرف اننى لست منهم ... انها القصة القديمة نفسها ...
اغمضت عينيها ... فغمرها شوق بائس الى كيفن . انها تريد ان تكون قربه لتشفى نفسه ، ولتنزع الالم منه . " ام لا انزع المى ؟ "
ذهبت الى العمل باكرا فى اليوم التالى . كان هناك امل فى عودة جوليا ... فالواضح ان الفيروس من النوع الذى لا يدوم اكثر من اربع وعشرين ساعة ، ووجدت ايريان نفسها تامل بشدة عودتها . ان كيفن على حق ، لقد اخطأت فى عودتها الى العمل
وصلت قبل ساعة من الموعد المعتاد على امل تسليم جوليا زمام العمل ثم المغادرة . فوجدت رسالة فى البريد من ميلبورن مرسلة اليها شخصيا ... عرفت خط كيفن ففتحتها باصابع مرتعشة ، ثم قرأتها مبتسمة :
" عزيزتى ايريان ... ارجو ان تصلك هذه لا الى جوليا ... ليس لان هناك ما يحول دون ان تعرف ، ولكننى لا اريد ان اصدمها بمشاعرى الخاصة ... كيف حالك ؟ انا الان على وشك النوم انما بعدما انهى ما امامى ... لدى سكرتيرة امنها الفندق لى ، تقف قربى وتنظر الى غير موافقة ... لا افهم التاثير الذى انزله بالسكرتيرات ! انا متعب ومتوتر ، ووحيد ... ليتك كنت معى . لكن الاخبار الجيدة اننى اتوقع العودة بعد غد . كان هذا العمل ويا لسوء الحظ كارثة وقد يصدم اشخاصا عدة فى الشركة ... وهذا امر سئ ، لانه سيخلف الكثير من الاعمال لى ... فى الوقت الذى كل ما اريده حقا ، هو ان اختطفك بعيدا فى شهر عسل ... اين تودين الذهاب ؟ فكرى فى هذا لاننا سنسافر فى اسرع وقت ممكن ... يجب ان انهى رسالتى الان والا خرجت " ضابطة النظام " وتخلت عنى . اعتقد انها تشعر بان ما اكتبه خارج اطار العمل انما امل الا تتمكن من قراءة افكارى فكل ما افكر فيه هو ان تضمك ذراعى بقوة . واخيرا لك حبى كيفن "
طوت الرسالة بهدوء ودستها فى جيبها ، ثم رفعت راسها فرات ناتانيال ماكميهون واقفا فى الباب
قالت : لقد عدت
استقام فى وقفته ، وتقدم الى مكتبها ليجلس على حافته
-اجل ... وسمعت انك عدت ايضا
التقط سكين تقطيع الورق واخذ يقلبها بين اصابعه ... نظرت ايريان الى السكينة ، ثم نظرت اليه ، وعرفت لماذا اقشعر جسمها ، ففى عينيه البنيتين اللتين نفرت منهما دائما ، حقد وانتصار ... فضمت يديها متوترة ...
قال وهو يتلاعب بالسكين : وسمعت اشياء كثيرة ايضا ... سمعت ان رئيسك الكبير انكب على وجهه اخيرا ... مثلا
-ما قصدك ؟
هز كتفيه : اليس الامر معروفا ؟ اجاد كيفن الخداع ، اقصد انه ركز كل مشروع مركز التسوق على شركة توشك ان تفلس ... وهذه غلطة فادحة منه . بالمناسبة اما زلت متعلقة به ؟
فتحت ايريان شفتيها ولكنه لم يمهلها فرصة لتتكلم ، فوقف : وهناك امر اخر ... خلال رحلتى اعدت تجديد صداقة مع زميل لى من ايام الدراسة ... انه اصغر منى بقليل ولكن حين التقيته صدفة فى " ثارغوميندا " دعانى الى مزرعته للاقامة بضعة ايام ... حسنا ، الصبيان يبقون دائما صبيانا فكان ان رحنا نقص اخبار تجاربنا
صمت وهو يلوى شفتيه ، ثم قال : هذا ليس بالامر العجيب حقا ، اليس كمذلك ؟ ليس وانا اذكر فتاة خضراء العينين صهباء الشعر اسمها ايريان ههارت ؟ اتساءل ، ماذا سيظن كيفن بك لو عرف حقيقة امرك ؟
فتحت عينيها وشفتيها معا ولكن نات قاطعها مجددا : ولماذا التوقف عند كيفن ؟ انا واثق ان كثير من الناس سيجدون قصتك موضوعا شيقا للنقاش
اخيرا تمكنت من الكلام وان بصعوبة ، لن تفعل هذا
ضحك نات ماكميهون : ومن يمنعنى ؟ اسمعى ان اثرت اعصابى مجددا يا ايريان فقد اجد نفسى مضطرا ... فهل فهمت ؟
طافت عيناه البنيتان بها من راسها الى اخمص قدميها بشكل له معنى فارادت ان تقف وتصيح فى وجهه ان يفعل ما يشاء لانه لن يستطيع اذيتها وانها لن تذعن لنواياه الخبيثة حتى ولو هددها بفضح ماضيها
لكنها لم تقل شيئا ... وعوضا عن ذلك وجدت انها تفكر فى امر قاله لها كيفن . لقد قال لها ان الرجال ليسوا جميعهم مهذبين ، وانها قد تتالم يوما كثيرا . وكان على حق ، فهذا بالضبط ما يفكر فيه ناتانيال ماكميهون ... لقد اتخذت عدوا شرسا عندما حطمت غروره وجعلته يبدو غبيا ... اما جوك دينفر فلم يتوقف قط عن تلفيق الاكاذيب عنها ، كما ان الايام حطمت شيئا من غروره وضميره ايضا لكننى كنت على حق عندما قلت لكيفن اننى سرقت شيئا اثمن من الاوانى الفضية ... وان نات قادر على اذيتى . فماذا سيفعل ان اصبحت السيدة تشايس ؟ لا ريب انه سيكرهنى اضعافا مضاعفة وانه سيعمد الى استغلال ماضى ليؤذى كيفن
-ايريان ؟
رفعت بصرها بدون ان تراه ... فاضاف : هل فهمت ؟
-اجل ... اظن هذا
-حسنا ! اراك فيما بعد اذن
*****
بعد ساعة اتصلت ايريان تسال : انسة توماس ... هل لى ان اراك ؟
-بالتاكيد تعالى
دخلت ايريان الى مكتب الانسة توماس وراحت تنظر حولها
قالت الانسة توماس :اجلسى ايريان ... اردت ان اسالك ان كنت ستسلمين الانسة برادلى العمل ليتسنى لك اخذ ما تبقى لك من عطلة ام تراك تفضلين البقاء فى اثناء هذه الازمة السيئة على ان تاخذى العطلة فى وقت لاحق ؟
-انسة توماس ... هل السيد تشايس ... اعنى ماذا حدث ؟ هل سيلام السيد تشايس على هذا ؟
طافت عينا المرأة بها ثم عبست قائلة : لا شأن لى او لك بهذا ايريان
-اعرف ، لكننى لم استطع منع نفسى من التساؤل
فكرت الانسة طويلا : لدى ايمان مطلق بقدرات السيد تشايس ... وظننتك مؤمنة بها ايضا
-هذا صحيح لكن هل ستسبب له هذه المشكلة بعض المتاعب ، بعض الخلافات مع مجلس الادارة ؟
-هذا ممكن ولكن ما اهمية هذا لك ، ايريان ؟
-لاشئ ، كنت اتساءل فقط انسة توماس ... اردت رؤيتك لاخبرك برغبتى فى الاستقالة . لقد سلمت كل العمل لجوليا فانا اراها قادرة على تولى الامور ... انها ذكية ، مع اننى ظننتك اخطأت فى اختيارها
حاولت الابتسام ، لكنها لم تنجح ، خاصة والانسة توماس تحدق اليها بحدة ... فكرت : انها تعرف ... لقد جمعت واحد زائد واحد فحصلت علىالنتيجة ... لكننى من فضحت نفسى حين قلت للورنا هيودجز ان كيفن على ما يرام ... اذ كيف لى ان اعرف بانه على ما يرام ما دمنا نقضى العطلة منفصلين
سالت الانسة توماس : ايريان ... هل انت قلقة على وظيفتك بسبب الازمة ؟
-انا ... انا ... لا
-اذن ، لابد من سبب لاتخاذك هذا القرار المفاجئ وسط الازمة
ابتلعت ريقها بصعوبة :" لن اترككم تتخبطون وسط الازمة فهناك جوليا التى قلت بنفسمك انها ماهرة "
-مهما كان الحال ... سيعتقد السيد تشايس انك تركته وسط ازمته
تمتمت ايريان : لدى اسباب شخصية تدفعنى الى ذلك
-اسباب عائلية ؟
-انا ... اجل
-لا اعرف ان لك عائلة ، ايريان
يا الهى ... لماذا لم اغادر المكان اصلا ؟
قالت الانسة مردفة : اتراك ارتكبت ما حذرتك منه مع انك اكدت لى انك لست كالاخريات ؟
نظرت ايريان عبر الزجاج النصفى الفاصل الى قسم المحاسبة والطباعة ، والى قسم شؤون الموظفين فوجدت جميع الاقسام صامتة كما لم تكن يوما . كان هناك اشخاص يتجولون كالعادة لكنها لم تستطع سماعهم
سالتها متالمة : كيف ... عرفت ؟
-لم اكن اعرف ... لقد عن لى الامر ليلة حفلة الميلاد ، فى الواقع راقبتك وانت ترقصين معه فرايت الشرارات المطلة من عينيك ... فجاة خطر ببالى ان السيد ... ان كيفن اخذ عطلة تتوافق مع عطلتك ... هل سمعت ما قالته لى اخته بالامس ؟
-اجل ... انصت الى حديثكما من وراء الباب
همست ايريان : انا اسفة ... اسفة جدا
-كنت سافعل ما فعلته
اتسعت عينا ايريان ، وابتسمت الانسة توماس : فى الواقع ، قد لا تعرفين هذا ولكننى مررت بالتجربة ذاتها مع والده . وقعت فى حبه بعجز ولكنه كان مغرما بأم كيفن ولورنا اكثر ... وظل على حبها حتى يوم مماته
تمتمت ايريان : ظننت ... ظننت ... اعنى ... ان هناك قصة تدور على الالسن ....
-حقا ؟ نعم ثمة قصة . انه ضعفى العاطفى الوحيد الذى عملت من اجله وقتا طويلا ، حين علم بموعد عيد ميلادى راح يرسل لى ورودا بلون الزهر كل سنة
-وهل عرف ؟
-اظنه عرف فى النهاية ... كنا على علاقة افلاطونية عذرية تقريبا
رفرفت ايريان عينيها عدة مرات ، ثم اطرقت راسها واجهشت بالبكاء
قالت الانسة : عليك الا تشفقى على عزيزتى
تابعت ايريان البكاء : لم استطع منع نفسى
-يجب الا تشبهى وضعك بوضعى ... ربما بينهما بعض التشابه لكن ....
قاطعتها بمرارة : بعض ؟ انت تعرفين ما يشعر به تجاه ديكسى هيودجز ... فان لم يستطع الحصول عليها ، فهذا لا يعنى ان يتوقف عن الرغبة فيها . قلت لى انه يشبه والده
-ايريان ...
-انما ليس هذا كل شئ ... واظن ان لورنا حللت الامر تحليلا جيدا بالامس ... اشعر وانا فى صحبتهم باننى مربعة العينين اشبه الغراب
احتجت الانسة بحدة : هذا كلام هراء
ابتسمت ايريان بضعف : اهو هراء حقا ؟
-ايريان اخبرينى ما حصل بينكما
اغمضت عينيها قليلا : لقد طلب منى الزواج . اترين ؟ قصد بيتى ليلة الميلاد ولكننى لم اعرف بما جرى الا بعد وقت
صمتت الانسة توماس طويلا ، ثم قالت : ما دام قد طلب يدك للزواج فعليك الا تاخذى بالاعتبار ما سمعته فما قالته لورنا هو تحليلها الخاص للامور وعليك ان تحللى الامر بمفردك ايريان
قالت مرتجفة : لقد قمت بالتحليل اللازم فكان اسوأ من تحليل لورنا . لدى معلومات فى الموضوع لا تعرفينها انت ولا شقيقته
نظرت الانسة توماس اليها ، وحاولت الكلام لكنها غيرت رايها ، فقالت : اذن ستهربين منه ... اهذا برايك انصاف له ؟
-نعم انه الانصاف عينه . يجب ان تعرفى انه من المستحيل اقناع كيفن بالعدول عما قد عزم عليه
-لكنه طلبك للزواج وهذا يعنى ان له اعذاره ، اعرف اننى كنت اتكلم عن مروره بمرحلة ردة فعل ولكننى نادمة على ما قلته ... اذ لا اتصوره يعانى من ردة فعل كما لا اتصوره يعبث بحياتك لمجرد نزوة ... اليس هذا رايك ايضا ؟
-نعم اظنه يخطط الى جعلى " شغل " حياته الشاغل واعلم انه سيقف الى جانبى مهما كان الثمن ... فهل ترغبين فى ان تكونى فى هذا الموقف ؟ او ان ترى حبيبا فيه ؟
*****
انتهى الفصل السابع



samahss 26-05-17 03:44 AM

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


الساعة الآن 08:16 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.