آخر 10 مشاركات
الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          رواية: ثورة مواجِع من عُمق الورِيد (الكاتـب : القَصورهہ - )           »          130 - لن اطلب الرحمه - ان هامبسون ع ق ( كتابة /كاملة)** (الكاتـب : فرح - )           »          سيجوفيا موطن أحلامي وأشجاني-للكاتبة المبدعة 49 jawhara-"رواية زائرة" كاملة (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          زارا صعبة المنال (11) للكاتبة: Elinor Glyn *كاملة+روابط* (الكاتـب : sanaafatine - )           »          [تحميل]الشيخ سلطان للكاتبه/ تبارك توتايه "عراقيه " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ثَأري..فَغُفْراَنَك (الكاتـب : حور الحسيني - )           »          أخطأت وأحببتك (60) للكاتبة: لين غراهام ..كاملهــ.. ‏ (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] ملامح الحزن العتيق ، لـ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree37Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-06-17, 04:32 PM   #1

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 عكس الرحيل، بقلم/ الفيورا ، سعودية (مميزة) (مكتملة)






بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

(( عكس الرحيل ))

بقلم/ الفيورا







قراءة ممتعة للجميع ...


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 10-08-17 الساعة 06:49 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 18-06-17, 04:35 PM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t386936.html#post12524677


عكس الرحيل

السلام عليكم.
كيف الحال؟ ان شاء الله بخير؟
صراحة.. هذي اول رواية اطرحها بشكل جدي، لطالما كنت قارئة اكثر من كاتبة. بس فكرت وقلت ما يضر لو عبرت عن الفكرة الوحيدة اللي خلتني اتحفز واكتب.
هذا مجرد تمهيد عشان تكونوا انطباعكم عليه.
بسم الله نبدأ:

[0]

رن جوال ثريا المتواضع وأتاها ذلك الصوت الهادىء عندما فتحت السماعة: تبين شي قبل لا اجي؟

هزت رأسها كأن من تخاطبها تستطيع رؤيتها: لا.. سلامتك.

ختمت تلك مكالمتها بطريقتها المعهودة، لا ايطال ولا تفرع: فمان الله..

سبحان مغير الاحوال.

في زواجها الاول عاشت في صخب، مدللة مرفهة من قبل زوجها واهله. ثمرة ذلك الزواج كانت ولدان. انتهى ذاك الزواج بخيبة ثم بضيم، فنفس الاشخاص الذين تعاطفوا لوحدتها استغلوا تلك النقطة في اخذ ابناءها منها. الابناء الذين جاهدت لوصلهم لتقابل بالفتور من قبلهم بعد ان كبروا وصاروا رجالا. لم تعد تتذكر متى كانت اخر مرة كلمتهم حتى.

في زواجها الثاني عاشت في هدوء، تعتني بوفاء بزوجها المريض، متجاهلون من قبل اهله. لم تلد من سلطان طفلا، لكن ابنته من زواج سابق كانت هناك من اليوم الاول. تجاهلتها، صنعت فيها عقدا، دفعتها و تلاعبت بمشاعرها لتقبل بقرارات اودت بانكسار قلبها. توقعت ثريا ان تتركها طيف كل يوم، لكنها بقت. لم تستحق ذلك الاحسان.. لكن طيف، التي لم تقربها بصلة قرابة سوى زواج ابيها بها، كانت الوحيدة التي بقت لها، غريبة تحولت الى ابنة.

لم تلاحظ ثريا طول المدة التي قضتها بالتفكير ولا دخول طيف الى ان نادتها باستغراب: وش فيك خالة؟

تمنت لو يوما ان تناديها طيف بـ("يمه") لكنها تعرف انها لا تستحق..: ولا شي. كيف كان الشغل؟

دلكت طيف جانب رأسها متنهدة: الحمد لله، بس الاوضاع متوترة شوي. من لما سمعوا قرار بيع الشركة لمجموعة والموظفين حالتهم حالة.

كانت طيف تعمل في الفرع النسائي لاحدى الشركات متوسطة الحال. لم تكن وظيفتها هذه ما تطمح به، لكن الحاجة دفعتها ان تنسى الماجيستير وتقبل بأي وظيفة.

لمعة الخاتم الذي كانت ترتديه طيف لفتت انتباه ثريا لتشعر بشجن عظيم: متى بتفسخيه..؟

عرفت طيف على الفور ما كانت تعنيه وخبأت يدها في شعرها البنى المحمر الكثيف: اسويلك عشا؟

ابتسمت ثريا بحزن ودعتها تغير الموضوع: تعشيت توي و بقيتلك شي منه. كليه قبل لا يبرد.

راقبتها تذهب على عجل، عادة لم تتغير طوال الثمان سنوات التي مضت كلما تطرق الموضوع الى ذاك الماضي. لم تعد طيف تلك الفتاة ذات السادسة عشر ربيعا. ازدادت حسنا ونضجا وغموضا: يا ليت تشوفها اللحين يا مالك...


"قبل عشر سنوات"


الى هذه اللحظة، لم تر طيف زوجة أبيها تبكي قط.. لم تظنها قادرة على ذرف الدموع، إظهار أي عاطفة، أي تعبير غير الغرور و السخرية..

لكن الان، في ظلام غرفة الجلوس، شهدت خلسة حزن زوجة أبيها المكتوم..

حالتها جعلت طيف تتساءل، مالذي حدث؟ أي خبر سمعته؟

:

حصلت طيف على جوابها في الصبح، عندما أعلنت زوجة أبيها، بوجه خال من التعابير وجاف من الدموع، أن أختها الكبرى توفيت وجنازتها ستقام في هذا البيت. ابن اختها الوحيد سيعيش معهم من الان فصاعدا..

ابو طيف لم ينطق بغير العزاء، جاعلا دعمه لقرار زوجته واضحا.. لم يفاجئ ذلك طيف، فوالدها مشهور بطيبته..

كان لدى طيف اعتراض وحيد "كيف يقعد معانا وانا هنا؟" لكن زوجة ابيها سبقتها بالاجابة قبل ان تفصح عنه. منظر ابتسامتها الساخرة كان مألوفا، كيف لا وهي هدفها الدائم؟: ما عليك، عندي الحل..

:

بالكاد تتذكر طيف محيا ابيها نابضا بالعافية.. الشحوب والاعياء كان دائم الوجود على ملامحه.. كل نوبة، كل زيارة الى المشفى كانت خطوة اقرب الى رحيله من حياتها..

كان خوفها ان تستيقظ يوما وتفقد رؤيته على سجادته، من ان تفقد صوته الوقور بتسبيحه وتهليله..
ما كان بوسعها غير الدعاء..

قبل ان تخرج من البيت، استوقفها صوت ابيها، ملامحه مكسوة بعدم الرضى والقلق: توك جيتي من المدرسة، وشولك طالعة؟ ارتاحي..

ابتسمت طيف ابتسامة نادرة محاولة التخفيف عنه: لا تخاف مانيب تعبانة. لازم الحق على ام أحمد عندها ليلة حنة..

جهودها باءت بالفشل، فما زال ابوها ممتعض الملامح. لم تستغرب فأبوها وافق على مضض على عملها كـ"نقاشة" في الحارة، فمنذ ان مرض احوالهم المادية ساءت.. لولا الله ثم مساعدة اقارب ابيها لكان الحال اصعب.

لكن.. لا يمكن الاعتماد على اقارب ابيها الى الابد، خاصة في هذه الايام، فمساعداتهم قلت.

ابوها مريض وزوجته كانت تعتني به.. لم يبق غيرها لتوفير دخل اضافي، حتى لو كانت موازنة دراستها مع شغلتها صعيبة.

:

دفعت الارهاق لتركز على نقش الحناء من زبونة الى اخرى، آحذة ثناؤهن على موهبتها ببرود.

رافقتها أم أحمد الى الباب نهاية الليلة وسلمتها اجرها: ربي يسعدك يا بنتي و يبلغك اليوم اللي تكوني فيه عروس و الحنة مالية يديك..

عروس؟

على كثرة العرائس اللواتي نقشت لهن، لم تفكر طيف ابدا بكونها في محلهم.. ربما لظروفها؟ لصغرها في السن؟ فهي لازالت في السادسة عشر..

مهما كان السبب، فالفكرة كانت غريبة، بعيدة عن افاق طموحاتها وتوقعاتها..

و بأية حال، من سيطلبها هي؟

:

في اليوم التالي اقيمت مراسم الجنازة بعد الصلاة على الراحلة.

لم يسبق ان التقت طيف بأخت زوجة ابيها، لكن من ردة فعلها ومبادرتها باستضافة ابن اختها، فالراجح انها كانت غالية على قلبها.

كانت علاقة طيف بزوجة ابيها معقدة، لكن لم يمنعها ذلك من التعاطف معها. من الصعب الا تفعل، فزوجة ابيها كانت كجبل شامخ بنظرها.

جبل شامخ اكتسب صدعا بارزا.

لم يحضر الكثير وجميعهم اقتصروا على معارف زوجة ابيها. وجدت طيف ذلك غريبا للغاية: وين اهل زوجها؟

للحظة، توقفت زوجة ابيها عن صب القهوة، لكن سرعان ما تخطت ذلك واجابتها بفتور: مدري، ما عمرهم كانوا مهتمين..

اجابتها هذه بعثت تساؤلات اخرى لتتشكل في خاطر طيف، لكنها احتفظت بها فالموضوع كان يبدو ذا تاريخ طويل.

اشغلت طيف نفسها بترتيب الملحق الذي سيسكن فيه ابن اخت زوجة ابيها. مما التقطته من ثرثرة الحاضرين فعمره بالعشرين وجامعي. رفض في البداية السكن معهم لكن على ما يبدو، زوجة ابيها تمكنت من اقناعه.. لطالما امتلكت قدرة عجيبة على الاقناع والتلاعب بالمشاعر.

في غمرة ترتيبها، تساءلت طيف عن التغير الذي سيحدثه ذلك الضيف.. لكن، ليس هنالك جدوى من التساؤل فهو ليس من شأنها.

:

استدعاء زوجة ابيها لها على انفراد قبيل مجيء ابن اختها كانت مفاجأة، فهذه المرة الاولى التي تفعلها.

انتظرت طيف بصمت لتبدي زوجة ابيها بما تريد: ابغاك تتزوجي ولد اختي..

لوهلة، لم تستوعب طيف ما نطقت به زوجة ابيها وظلت محدقة اليها: ايش..؟

كررت زوجة ابيها ما قالته بكل اريحية، كأنها لم تتكلم بصاعقة: ابغاك تتزوجي ولد اختي، ولد خلوق ومتربي وماراح تلقين احسن منه.. وقبل ما تقولي انك صغيرة، غيرك تزوجوا ابكر وبصراحة، احسنلك تلحقي اللحين..

لم تستطع طيف منع نفسها من الكلام بعدم تصديق ومرارة: ما شاء الله، لهدرجة ولد اختك لقطة؟ ورى ما تخطبيله بنت تستاهل اجل، موب وحدة ما تطيقيها وقلتي عنها الف عيب؟

تجاهلت زوجة ابيها كلامها. تعابيرها اكتسبت جدية وحزنا: انا مانيب قاعدة اتكلم عن ولد اختي، انا اتكلم عن ابوك انتي. كم تظني بيبقى عايش؟ كل يوم حالته اردى من اللي قبل..

شعرت طيف بانقباض قلبها وبالعبرة تخنقها. قالت بخفوت: الاعمار بيد الله..

تنهدت زوجة ابيها: والنعم بالله، بس على الاقل خلي ابوك يفرح فيك ويشوفك عروس. خليه يرتاح..

خليه يرتاح..

تكررت تلك الجملة مرة ثم اخرى في خاطرها: ابوي داري عن اللي تبغينه؟

اومأت زوجة ابيها بنعم: قالي نستنى شورها، ما يبي يغصبك على شي حتى لو يرتاح به..

ظلت طيف صامتة لوهلة بدت كالابد قبل ان تسأل: وش اسم ولد اختك؟

الابتسامة التي ارتسمت على محيا زوجة ابيها حكت عن انتصار: اسمه مالك..

[انتهى البارت...]

حابة أوضح بعض الأشياء. أولها: البارتات عندي مرة قصيرة لأن أسلوبي يميل لهالنوع بشدة ما زلت أحاول تعديلها. يمكن يكون أمر منفر بالنسبة للبعض ويمكن لا.. بس بأية حال أبغى أكون على بينة معاكم.

ثانيها: الرواية تتكون من قسمين. القسم الأول يتكون من سبع بارتات وكل بارت بينزل يوم الأربعاء أو الخميس من كل أسبوع إن شاء الله. القسم الثاني بيكون أطول و كل أسبوع بينزل بارتين.

ثالثها: أنا قد نشرت ذي الرواية قبل رمضان بس صار تلخبط وأنا راضية بذي النسخة المعدلة أكثر من الأصلية.

رابعها: أشكر الغوالي فـــــرح و شبيهة القمر على ردودهم في النسخة الأصلية. ما تقدروا تتخيلوا قد إيش فرحتني لما قريتها. (وبالمناسبة يا قمورة، معنى فيورا محول من الكلمة اللإيطالية fiore واللي معناها زهرة).




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 11-08-17 الساعة 06:31 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 18-06-17, 04:37 PM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



وهذا هو البارت الأول رسميا..

[1]

لم تصدق ما سمعته، ظلت محدقة إلى صديقتها، منتظرة متى ستنفجر بالضحك وتقول انها كانت تمزح.. لكن ملامح صديقتها طيف بقت على ما هي عليه من الجدية التامة: انتي من جدك؟ من بين كل الناس اللي يتزوجون.. إنتي؟

لم تستطع مي إدخال الفكرة في رأسها.

منذ اليوم الذي تعرفت فيه على طيف، كانت طبيعتها وشخصيتها ثابتة.. لا تغير سوى ازدياد همومها. التفكير بالأعراس و الأفراح كان آخر ما تفكر به. جل تفكيرها كان ابوها وعلاجه، دراستها، شغلتها. بقلق سألت: انتي مغصوبة؟ ترى اقدر اكلمـــ…

قاطعتها: لاء، خالتي عرضت علي الفكرة وانا وافقت.

لم يفاجئها أكثر من خبر زواج طيف إلا معرفة من اقترح الفكرة. منذ متى كانت زوجة ابو طيف تهتم بمستقبلها؟: ليه؟

تنهدت طيف باستسلام: ابوي. ما تقدري تتخيلي كيف هو فرحان بموافقتي./ تمتمت: ما كنت ادري انه كان شايل همي هالكثر..

طبعا، طبعا. نقطة ضعف طيف الوحيدة، ابوها. حتى لو كان الشيء على حساب راحتها وسعادتها، فأبوها فوق نفسها دوما. ابتسمت مي محاولة تلطيف الجو: طيب وعريس الغفلة ذا كيفه؟ من وين جاي؟ وسيم وسامة مليون فولت ولا مشي حالك يا جدار بيج..

رمقتها طيف بنظرة مستغربة: عليك مصطلحات.. مدري كيف تجيبينها..

استعجلتها مي بالكلام، فوقت الفسحة قرب على الانتهاء وعليهما حضور حصصهما بفصول متفرقة. "فرقوا شملنا الله يفرق شملهم". هذا ما قالته عندما عرفت ان طيف كتبت في فصل مختلف. ما زالت تفاوض المشرفة على نقلها إليها: عرفتي قصدي يختي. يلا انطقي..

هزت طيف كتفيها بلا مبالاة: مدري.

لم تعجبها هذه الإجابة على الاطلاق: ايش اللي مدري؟

كررت طيف اجابتها: مدري عنه شي، بس اسمه وعمره وانو تحليلاتنا تتطابق.

استحثتها، ربما يكون هنالك امل..: ما جاك فضول؟

جاوبتها تلك بأريحية: مصيري بعرف.

كانت تعتبر طيف أختها التي لم تلدها امها، لكن بعض المرات، برود صديقتها كان كفيلا باستفزازها إلى درجة فظيعة. "الله يعينك يا عريس، راح تتزوج بالقارة المتجمدة الشمالية وانت ما تدري": عسى تنحرقي بنار حبه وبعدين نشوف مين اللي يهتم.

امتعضت ملامح طيف، غير مستسيغة للفكرة: يالدراما اللي عندك، وبعدين مو المفروض تتمني هو يصير له كذا بدالي؟

رفعت مي يديها الى السماء: عسى ربي يخيلكم ذايبين بعشق بعض./ التفتت اليها: ارتحتي؟

قالت ناهضة: لاء. ليش تدخليني انا بالسالفة؟

تحلطمت: ما يرضيهم العجب..

:

اليوم وصل عريس الغفلة. اليوم ارتبط اسماهما ببعض.

رتبت زوجة ابيها حفلة صغيرة لم يحضرها سوى قلة من نسوة لم تعرف طيف معظمهن. الوحيدات اللواتي عرفتهن كن مي وامها.

حضنتها مي باكية، مفسدة مكياجها الناعم. دعت لها وتمنت لها كل خير بين شهقاتها ومحاولات طيف لتهدئتها. ربما كانت صورة مضحكة، عروس تهدئ صديقتها ليلة عرسها.. عروس بالكاد بدت عروسا. اكتفت بفستان ساتر فيروزي اللون اهدته لها زوجة ابيها. زينة وجهها كانت معدومة غير رسمة كحل ومسحة ملمع. جدلت شعرها الطويل وأسدلته على كتفها.

مرت المراسم بهدوء وسرعة. ربما بعد سنين، عندما تحس بارتباط حقيقي بواقع ما كانت تقدم عليه، ستندم على قلة الحضور وانعدام علامات المناسبة.. لكن الآن، كانت طيف بقمة الارتياح.

أجلسوها بجانب من صار الأن زوجها. لم تلتفت إليه مرة. ربما كان السبب عدم مبالاة، ربما خجلا، فدفء ساعده الملاصق لساعدها جعلها واعية كل الوعي بأقل حركة يفعلها. يا ترى هل كان مثلها، غير مهتم بما يحدث حوله؟ هل وافق لغاية مثلها؟ ربما أراد قرب خالته بعد وفاة أمه بأي طريقة..

تناول يدها ليضع في إصبعها خاتما بسيطا. احساس غريب.. كيف كان يعامل يدها كأنها زجاج هش. لم تدرك انها كانت تحبس أنفاسها إلا عندما أطلقتها لحظة ترك مالك ليدها.

:

لم تظن أبدا أن الملحق الذي تعبت من أجل ترتيبه سيكون لها نصيب منه. لكن.. لم يبد الملحق بالشكل الذي تركته عليه، أنواع الأغراض كانت موضوعة في أرجاءه بشكل عشوائي لا يمت للترتيب بصلة. بالكاد تستطيع رؤية اثاث الملحق الأصلي..

ربما عجبها كان واضحا من طريقة وقوفها عند الباب، فمالك تنحنح قبل أن يقول: معليش على الفوضى، كل شي صار بسرعة وما امداني ارتب اغراضي اللي جبتها..

"يا كثرة اغراضك"، قالت طيف في نفسها، متجاهلة التوتر الذي بعثه سماع صوته للمرة الأولى. لم تستطع تسمية نصف ما كانت تراه أمامها. سيكون عليها أن تنام بغرفتها رغم توصيات زوجة أبيها، أمر كان في صالحها. فكرة ان تشارك هذا الملحق الصغير مع رجل لم تعرفه سوى اليوم أصابتها بذعر لم تود الاعتراف به.

سألها: نصلي؟

عندها فقط رفعت نظرها اليه ورأته للمرة الأولى..

وسيم، كان انطباعها الأول، وسيم جدا..

لم تكن من النوع الذي يقيم حسن المظهر. مقاييس الجمال كانت عندها بلا قيمة تذكر. لكن يمكنها القول بأن مالك كان بكفة المليون فولت.
.
ملامحه كانت مزهوة بالشموخ، حادة مصقولة. شعره قصير، ناعم كثيف، داكن حد السواد. عيونه بنية.. ذكرها اللون بالقرفة.

لم تدرك أن همستها بـ("ما شاء الله") سُمعت من قبله إلا عندما ابتسم ضاحكا.

أحست بحرارة خجل غير معهود وعلى عجل ذهبت لإحضار جلال صلاتها.

صلا، دعيا، سألا خير ما سيأتي به وضعهما الجديد.

على الباب وقفت: تصبح على خير.

تنفست الصعداء عندما رد عليها ولم يستوقفها: وإنتي من أهله..

مغلقة باب الملحق خلفها، ظلت طيف تمسح ظهر عنقها الحار، متساءلة عن سبب تمرد احاسيسها.

:

منذ وفاة والده، لم تعد أم مالك على نفس الحال. تغيرت طباعها، وأصبح التناقض يسيرها.

لطالما كانت أمه تميل إلى بذر المال أكثر من أبيه، لكن بعد وفاته زادت في التبذير إلى حد الإضرار بما جمعه والده وتركه لهما. لم تكن تخبره، فأشد ما عليها كان أن يحزن لما أودت بهما الحال. كل ما طلب ولم يطلب، كانت تشتريه. كل ما احتاجه في دراسته، كانت توفره. ربما كان هذا لتعويض نقص، تعويض سند ووحدة.. لايهم، فالنتيجة واحدة. مع تراكم الديون على امه، اضطر إلى الموازنة بين الدراسة والعمل من أواسط مراهقته.

يندم إلى أن يغرق بحسرته كلما تذكر ماذا كان حديثه الأخير مع أمه قبل أن يصله الخبر المفجع من جارتهم.. عن الديون، كله عن الديون. وكوضع الملح على جرح نازف، أخذه بعض الحاضرون يوم دفنها على جنب ليطالبوا بأموالهم، لم يأبهوا فحقهم كان أهم بالنسبة لهم من محن غيرهم.

باع أغلب أغراضهم.. لم يبقى من حلي أمه سوى خاتم بسيط احتفظ به. كان خاتمها المفضل، خاتم أرادت أن تهديه زوجته المستقبلية..

:

لطالما وجد نفسه يتساءل عن عزلتهم، لا أقارب، لا جيران.

كلما سأل أباه عن عائلته، اكتسبت ملامح وجه أبيه حزنا أليما. لم يجبه مرة.

الوحيدة التي كانت تزورهم كانت خالته ثريا، وحتى هي لم تكثر وتطل في زياراتها، ليس برغبة منها بل بسبب أبيه.

وفاة والده جعلت مالك يدرك ما كان يفعل، ما كان سبب الجدالات بين والديه التي سمعها صدفة. عرف أن أباه كان ممانعا لزيارات الجيران والصديقات وحتى أقارب أمه. لولا عناد خالته ومفاجآتها بزياراتها، لما عرف مالك بوجودها.

أكان لتملك، ذلك الطبع الغريب البغيض لأبيه، أم لغيرة من أمه، من عدم تواصل عائلته معه بينما هي تزار و يُسأل عن أحوالها؟

:

برحيل والدته، بدت الشقة باردة كئيبة.

بجانبه رأى دموع خالته تنزل بصمت على خديها. وضع ذراعه على كتفيها وشدها إليه. تركها تبلل قميصه بالدموع. تمنى لو يستطيع التعبير عن حزنه مثلها، لكن صدمة الواقع جعلته كفيفا عن شعوره.

لا يدري كم تطلب من الوقت ليستوعب..

أمه رحلت.. أمه رحلت..

:

رفض مرارا وتكرارا عرض خالته بالسكن معها رغم الحاجة. لم يرد الإثقال عليها، يكفيها ما سمعه من أمه مرة. زوج مريض متقاعد وابنته، بيت صغير وتكاليفه.

نظرة العناد اختفت من عيون خالته ليحل محلها رجاء: ما راح تثقل علي، إنت سندي..

لم يستطع الرفض بعد ذلك.

:

عرض خالته الآخر صدمه: إيش؟

كررت: بنت زوجي، أبغاك تتزوجها. البنت واثقة منها ومافي زيها.

لم يستطع الإختيار من عشرات الاعتراضات التي تزاحمت في ذهنه، عن عدم كفاءته و تحمل المسؤولية في الحاضر: كيف تبغيني أتزوج اللحين؟ مستحيل. الله يعافيك، امسحي الفكرة من راسك..

خالته لم تستسلم. ظلت تحاول إقناعه، معطية نواقض لكل حججه.

في النهاية وافق لأسباب عدة لم يكن متأكدا من أي منها..

:

مر الأمر كسرعة البرق.. حتى التحليل الذي تمنى أن يعطيه عذرا انتج تناسبا لا عدم تكافئ.

الحضور من الرجال كانوا قلة كان أكثرهم أصدقاؤه، لكن لم يخفى سرور حماه واستقباله الكل بحبور، متحركا بنشاط لا يوحيه جسده المريض.

كلمه بجدية: هذي نور عيني يا مالك. خليها فعيونك..

أجابه مالك: إن شاء الله..

حتى وإن كان غير واثقا من كل ما يحدث، فلن يظلم من أصبحت الأن زوجته.

:

زوجته..

لم يظن مالك أنه سيدعو أنثى بتلك الصلة إلا بعد سنين، في مستقبل بعيد أسس فيه نفسه. لكن الأقدار يسيرها الله، وهاهو الآن متزوج في العشرين.

لا يعرف الكثير عن زوجته حتى ملامحها.. عرف أن اسمها طيف. عرف أنها صغيرة في السن. عرف أنها تدرس في مدرسة في آخر الحي. عرف أنها فارعة بالطول. عرف لون وطول شعرها. والأن، بعد أن ألبسها خاتم أمه، عرف أن أصابع يدها كانت رفيعة رقيقة، وملمس جلدها ناعم مخملي.

لم ينطق لها بكلمة منذ بداية مراسم ارتباطهما. مشيا بصمت إلى الملحق.. فقط عند فتحه تذكر مالك حالته الفوضوية وعدم ملائمته للنوم فما بالك بليلة زواج. برر بإحراج لطيف التي بقيت واقفة عند الباب: معليش على الفوضى، كل شي صار بسرعة وما امداني ارتب اغراضي اللي جبتها..

لم تتكلم فسأل ليدير دفة الموضوع: نصلي؟

حينها رفعت طيف نظرها إليه. غريزيا، لاحظ لون عيونها.. ذهب ذائب، بارز بالكحل. "يمكن الذهب يغار حتى.." بينما كانت ملامح وجهها مبهمة، عالقة بين الطفولة والرشد، عيونها كانت قصة أخرى.. فتنة ساحرة جعلت دقات قلبه تسرع، سرقت أنفاسه للحظات..

فقط همستها العفوية بـ(ما شاء الله) جعلته يفيق. تذكر أين كان ومن معه. ابتسم، شعور بالرضى يغمره. "يمكن تزوجت على غفلة، لكن على الأقل المدام راضية بشكلي.."

عند انتهاءهما من الصلاة، لاحظ مالك ارتباك وخوف طيف، وقوفها المتردد المنتظر عند الباب. لاحظ نعومة صوتها الهادئ عندما قالت: تصبح على خير.
.
كان قراره الأن، إما أن يبقيها و إما أن يتركها.. رد: وإنتي من أهله..

راقبها تذهب منفتحة الأسارير، مغلقة الباب خلفها.

لو لم يأتي الأمر على حين غرة، ربما في أوضاع أكثر بهجة، ربما كان وضعهما ليختلف.. ترقب وشوق بدل خوف وتردد، ارتياح بدل ضغط.. ربما كان ليبقيها جانبه.

فكر قبل أن يستلقي على سرير مزدحم، "خلينا نتعود على بعض أول.."


[انتهى البارت...]


:

najla1982 and نورسه like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 23-06-17, 09:40 PM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



:
من الحماس اللي في قررت أنزل البارت بدري شوي..


[2]

صوت غير مألوف ناداه، أفاقه من النوم: اصحى.. لا يفوتك الفجر..

فتح عيونه على طيف واقفة جانب السرير. جلس ليمرر يده على وجهه، ماسحا النوم منه. كان بالعادة خفيف النوم، لكن التفكير سرق الراحة منه إلى وقت متأخر من الليل. التفت لطيف التي لم تظهر عليها علامات النعاس: صباح الخير..

ردت دون النظر إليه: صباح النور.

رآها تشمر عن ساعديها، ناوية ترتيب الملحق الذي أفسده. أوقفها: خليك، أنا برتبه..

كان واضحا عليها عدم الاقتناع والإصرار فأكمل: فيه أغراض أبغى أحطها فمكانها بنفسي.

عندها فقط انسحبت: طيب.. أبوي ينتظرك..

ابتسم بسخرية وهو يراها تخرج بدون أي كلمة أخرى "شكل اللي قال إن الحريم كلامهم كثير ما التقى بوحدة مثل طيف".

:

على الرغم من صغر حجم المسجد وقدمه، إلى أن الحضور من المصلين كانوا كثرى. أعجبه شيء غير ملموس في ذلك.

توقع العودة إلى البيت بعد الصلاة، لكن حماه انخرط في الكلام وتقبل التهاني، معرفا مالك بكل من حيَاه.

بفرحة عرف للكل: هذا ولدي مالك!

يالله.. كم افتقد هذه الكلمة! وما أنقى قلب هذا الرجل ليحتفي به بهذه الشدة، كأنه اعتبره ولده من اللحظة الذي دخل فيها بيته.

:

عند رجوعه وحماه البيت، رأى مالك خالته وطيف مستيقظتان. دعته خالته إلى الجلوس على الطاولة، فطيف كانت تحضر الفطور.

تتبع مالك طيف بعيونه وهو يحدث خالته. بنشاط تحركت، تضع أطباق وأباريق وأكواب دون الجلوس، تدخل وتخرج من المطبخ بصمت بينما هم بدأوا بالأكل.

عندما وضعت كوب ماء أمامه، أمسك بيدها ليمنعها من الذهاب: اجلسي..

تعابير وجهها حكت عن تفاجئ. ردت عليه بارتباك خفيف، مرجعة خصلة شعر افلتت من جديلتها وراء أذنها: وراي شغل..

أحكم من إمساكه بيدها: افطري بعدين اشتغلي زي ما تبغين..

بطرف عينه رأى خالته وزوجها يراقبان المشهد برضى.

بخبث أيدته خالته: إيه والله، تراك عروس..

جلست باستسلام دون أن تمد يدها، فقرر مالك أن يضع لها الفطور في صحنها بنفسه: كلي..

بانحراج بدأت بالأكل. ترددها وارتباكها جعله يبتسم.

صوت خالته نبهه: كل انت بعد، ما أظن القعدة والتمقل فوجه زوجتك بتشبع بطنك.

بسرعة أعاد مالك أنظاره لصحنه، ليكون دوره بالأكل بانحراج.

:

مر أسبوع منذ أن أصبحت متزوجة دون تغير يذكر.

كانت متجنبة دخول الملحق إلا لحاجة، وبأية حال، بالكاد كان مالك متواجدا بعد الصبح، فهو يعمل بالإضافة إلى دراسته الجامعية. كان يرجع قريب منتصف الليل معظم المرات. لم تتنسى لهما الفرصة للكلام بغير الرسميات. أحيانا، تدخل الملحق لترى تعبيرا مشجونا على وجهه لم يستطع إخفاءه بالسرعة الكافية.. خمنت أنه كان يفكر بالمرحومة أمه. وجدت نفسها تتمنى التخفيف عنه، لكن ما دام مالك لم يفصح بما يثقل عليه، فلن تتعدى الخطوط التي وضعها من غير إدراك.

تجاهلت خيبتها الغير مبررة بهذا الوضع. تجاهلت أكثر ترقبها لكل مرة نادى فيها مالك اسمها.

صوت زوجة أبوها المتكلم بغضب جارف سحبها من أفكارها: توكم تذكرون طاريها. ماعندي لكم شي!

انتظرتها طيف حتى انتهت من المكالمة لتسألها بفضول، فنادرا ما رأتها بهذا الغضب: مين كنتي تكلمين؟

التفتت زوجة أبيها إليها وبحدة أجابتها: مو شغلك.

تنهدت طيف، فهي توقعت ذلك الرد. كانت ستخرج إلى أن أوقفتها: استني استني، في شي كنت ناوية أسألك عنه.. ليش تنامي فغرفتك للحين؟

كان مغريا جدا أن ترد اجابتها الحادة عليها، لكنها ردت في الأخير: مالك لسى يرتب فأغراضه وقالي هو بس يعرف وين يحطها..

امتعضت ملامح زوجة أبيها بعدم رضى لكنها تركتها قائلة: ذا الحال ما راح يدوم.

تعجبت طيف من أمرها. توقعتها لن تهتم بمسار زواجها ما دامها وافقت على ابن أختها لترى العكس، فزوجة أبوها كانت مهتمة.. مهتمة وبشدة.

:

إصرار زوجة أبوها على تغيبها عن المدرسة مدة أسبوع جعلت طيف تشعر بالضجر. صبرت نفسها بأن الأسبوع قرب على الإنتهاء وهاهي الان في عصر يوم الخميس.

لاحظت عند دخولها الملحق أنه بدا أكثر ترتيبا والأغراض وجدت مكانا في أركانه. وضعت كوب القهوة على المنضدة جوار السرير، ناوية الخروج دون كلمة، فمالك كان غارقا بالمذاكرة ولم ترد إزعاجه.. لكن مجموعة كتب لفتت نظرها. وجدت نفسها تقلب في صفحات أحدها، مندمجة على الفور في ثنايا موضوعاته.

سؤال مالك جعلها تدرك بقاءها المطول في الملحق: عجبك الكتاب؟

بصدق أجابت: إيه..

للظروف التي عاشوها، لم تسنح لطيف الفرصة لقراءة الكتب التي تباع في المكتبات الكبيرة. يالحظها الآن.

أعاد نظره إلى دفاتره: أجل خذيه.

سألت: عادي؟

حينها نظر إليها مرة أخرى. شعرت بدفء ابتسامته داخل قلبها عندما أجاب بكل بساطة: حلالي حلالك.

:

اكتشف مالك في الأيام التالية أن طيف كانت قارئة نهمة ذات ذوق مميز في اختيار الكتب. أصبحت مراقبتها تختار مادة قراءتها لليوم بطرف عينه أمرا يتشوق إليه.

في البداية لم تفعل شيئا سوى الاستئذان منه لأخذ كتاب، لكن مع مرور الوقت، بدأت تسأل وتستفسر عن حوزته لكتاب يتناول موضوعا يهمها.

قرر المرور بمكتبة قبل أن يرجع للبيت للبحث عن كتاب بالمواصفات التي استفسرت عنها طيف. استغرق في البحث إلى أن وجده، ولحسن حظه، لم يكن باهظا في الثمن. كان يعرف أنه إذا كان الكتاب مكلفا فسوف ينتهي الأمر بشرائه بأية حال. ثمنه الحقيقي كان رحمة من الله.

أعطى طيف الكتاب لحظة عودته، متلهفا لما ستكون ردة فعلها: مدري إذا هذا اللي كنتي تبغينه..

أخذت الكتاب منه بذهول وعدم تصديق فطر قلبه. هو حقا مقصر في حقها. لا مهر يذكر، لا شقة تحتويهما، ولا وظيفة ثابتة. هذا أقل ما يستطيع فعله.

بخفوت قالت: تعبت نفسك..

رد: أبد ما تعبت.. أصلا كنت أبغى أمر على المكتبة من زمان وإنتي عطيتيني دافع زيادة.

ابتسمت بنعومة، دفء امتنان واضح في ذهب عيونها: مشكور..

من البداية لاحظ أن طيف لم تكن من النوع البسام، لم يرها تبتسم قط.. إلى الآن.

خفق قلبه مسرعا. فكر "يا جمال ابتسامتها.." لم يدرك أنه ظل محدقا بدهشة بها إلى أن لاحظ القلق بملامحها: العفو.. العفو..

من تلك اللحظة، جعل مالك النيل بابتساماتها هدفا له.

:

صباح السبت، لاحظ مالك تغيرا، فطيف لم تكن موجودة وقت الفطور.

قال حماه: راحت المدرسة يا ولدي..

شعر مالك بخيبة. لم يرها فجر اليوم عندما أيقظته لأنها خرجت باستعجال. وجد نفسه يسترق النظر إلى مقعدها الخالي جانبه. "غريب.. مو عادتي اتعود على شخص بذي السرعة.."

:

بالكاد دخلت طيف الباب إلا وهي خارجة مرة أخرى. سأل مالك بغيظ حاول كتمانه: وين رايحة؟

نظرت طيف إليه باستغراب: ما قالولك؟ شغلي.

كان دوره ليستغرب: شغلك؟

عندها أخذت طيف تشرح له عن شغلتها التي اتخذتها لتساعد في تحمل تكاليف معيشتهم. تمنى أمرها بأن تترك شغلتها هذه لأنه صار مسؤولا عنها وسيدفع عنها كل ما تحتاجه، لكن قهر الديون التي كان عليه أن يدفعها اسكته. مهما بقي من دخله الضئيل، مهما انجرح كبرياؤه، فهو يعرف أنه لا يكفي لهم كلهم: بوديك.

لم يعطها مجالا للاعتراض.

وعد نفسه أنه سيعوض عن هذه الفترة "الله يقدرني بس.."

:

وجدت مالك يتنظرها قرب بيت أم خالد عند انتهائها. تساءلت أين قضى الوقت بانتظارها. مشيا بهدوء إلى أن سأل: ليش ما حنيتي يوم زواجنا؟

أجابت: ما صارت عندي فرصة./ ثم سألت بدورها: تحب الحنا؟

هز كتفيه: مدري.. بس أظن بيطلع حلوعليك.

لم تعرف بماذا تجيب فسكتت. وجدت نفسها تفعل ذلك كثيرا هذه الأيام أمام كلام مالك العفوي. "يمكن أقدر أنقش لنفسي.." غيرت وجهة أفكارها. منذ متى وهي تهتم بمظهرها وكيف يراها الآخرون؟

سحبها من غمرة أفكارها بقوله: كل مرة يكون عندك شغل زي كذا قوليلي وأنا بوديك.

اعترضت: يمكن تكون مشغول.

لم يبد عليه الاقتناع بحجتها: ما يهم. قوليلي ويصير خير.

أومأت طيف بقبول ولم تعترض أكثر.

الحقيقة.. أراحها مرافقة مالك لها. لطالما كانت رحلة العودة إلى البيت بعد يوم عمل وحيدة، صامتة بشكل موحش. لكن الآن.. بين سؤال مالك لكل التفاصيل المثيرة للاهتمام التي يلاقونها في الطريق، وإمساكه الحامي لها كلما مشت بمكان اعتبره خطرا.. تساءلت كيف تحول أمر بسيط مثل هذا إلى شيء آخر، شيء باعث على الأمان، شيء أصبحت تتطلع إلى تكراره.

[انتهى البارت...]


najla1982 and نورسه like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-08-17, 08:36 AM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم!
اشتقت اشتقت لكم في غيبتي اللي سببتها ظروف جدا قاهرة منعتني من النت كلش، بس على الأقل قضيت الوقت اشتغل على الرواية، وبعوضكم إن شاء الله.
اليوم بكمل لكم القسم الأول من الرواية (خمس بارتات) + بارت صغنون مقدمة للقسم الثاني.
ومن بعده إن شاء الله، ببدأ التنزيل يومين في الأسبوع، السبت والثلاثاء.

أشكر الأخت شبيهة القمر على كونها نعم الونيس والأخت بلومي على مساعدتي مع مشاكلي.


[3]


رجعت طيف إلى غرفتها لتراها متغيرة بشكل جذري. أغراضها لم تكن موجودة، بينما أثاث المجلس كان موضوعا بكل ترتيب. على الفور عرفت من الفاعل. بخطى يقودها الاستنكار، بحثت عن زوجة أبيها حتى وجدتها تقطع الخضار في المطبخ: وش سويتي بغرفتي؟

ببرود أجابتها: مالك رتب أغراضه خلاص. ما عادت ذيك غرفتك.

انلجم لسانها، فهي اتخذت حالة الملحق كعذر. لكن ذلك العذر كان مؤقتا.. حتى ولو، لم تعتقد طيف أن زوجة أبيها ستتحرك بهذه السرعة. "يا ذي الورطة اللحين.."

ظلت تحاول البحث عن حل بلا جدوى، دافعة النعاس الذي بدأت تشعر به في الليل. استفزها إقفال زوجة أبيها لما كان سابقا غرفتها. منظر المفاتيح تتأرجح أمام نظرها كان مغضبا.

لم يبق لها خيار آخر..

كلص، تسللت داخل الملحق، متنفسة الصعداء عندما رأت مالك غارقا في النوم. افترشت لها مكانا جانب الباب، متجاهلة عدم راحتها.

:

تشكر الله كل يوم على مقدرتها على الاستيقاظ عند أذان الفجر. كانت تعرف أن نومها ثقيل وأكثر المنبهات إصرارا ستعلن استسلامها أمام عمق نومها.

لكن غريب، كيف كانت تشعر بهذا الدفء، هذه الراحة، فمن نحف الفراش الذي كانت تنام عليه كان باستطاعتها الشعور ببرودة الأرض وقساوتها. غريب أنها لم تتذكر أنها تلحفت بهكذا لحاف. وغريب.. هذه الآثار لعطر رجالي..

لحظة.. "هذا مو الفراش اللي فرشته".

بسرعة خاطفة جلست لتؤكد استنتاجها. كانت نائمة في سرير مالك. "أجل هو.." نظرت جانبها، لكنها لم تره. كانت وحدها.

حركة آخر الملحق لفتت انتباهها، لترى مالك يتقلب في فراشها. عرفت حينها أنه هو من حملها إلى سريره ليأخذ مكانها.

بجسد محموم من الخجل والاحراج، اقتربت منه ناوية إيقاظه، لكنها توقفت لحظات لتتأمل وجهه، كيف أن امتعاض ملامحه بعدم راحة لم تنقص من جاذبيته. كبتت رغبة غير مفهومة من أن تمد يدها لترخي انقباض عضلات وجهه بأطراف أصابعها. صحت من غفلتها لتناديه: مالك.. قم الفجر أذن.

همهم بشيء لم تفهمه وابتسم حالما. رجعت تناديه مرة أخرى، وفقط حينها استيقظ.

كانت تريد أن تسأله عن سبب تكليفه لنفسه، فهي من دخل الملحق عنوة واخذت ركنا منه، لكنها لم تفعل.

ستكون أكثر حذرا المرة القادمة.

:

خمس أيام مضت وطيف تجد نفسها في سرير مالك فجر كل يوم.

لاتدري ماذا تفعل، فقد استنفذت كل أفكارها محاولة أن تكون أكثر حذرا، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل.

رأت مالك يدلك جانبه وظهره بتعب لتشعر بذنب عظيم، فهي كانت السبب.

قررت حينها أن هذا الوضع يجب ألا يستمر.

:

ككل ليلة، تسللت طيف داخل الملحق، لكن هذه الليلة كانت مختلفة.

لم تتعب نفسها بافتراش مكانها المعتاد، لا، بل توجهت إلى السرير مباشرة. بحذر استلقت وغطت نفسها باللحاف. سرعان ما أحست بحركة وسمعته ينادي اسمها بهمس مدهوش: طيف؟

ربما ظنها نائمة، فهو على الفور تحرك للنهوض. مدت يدها لتحكم قبضتها على معصمه. لم تلتفت إليه حينما قالت، بالكاد تستطيع سماع صوتها من الطبول التي كان يقرعها قلبها: خليك جنبي..

أرخت قبضتها عندما أحست أنه رجع مكانه. عندها فقط سمحت نفسها بالنوم.

:

استيقظ مالك لحظة فتح الباب. عرف وقع خطواتها الهادئة واستغرب، فهي لا تدخل الملحق بعد التاسعة مساءً. راقبها تفترش مكانا لتنام فيه، منسحبة إلى عالم الأحلام بعد دقائق.

عندها تذكر الأغراض الجديدة التي وجدها تنتظره عند عودته، ومع تلميحات خالته المبطنة، تمكن من استنتاج ما يحدث.

نهض من سريره وخطا بهدوء ناحيتها.. قطب حاجبيه عندما رأى عدم الارتياح في ملامح وجهها النائم. على الفور نزل ليحملها. اكتشف خفة وزنها، طراوة جسدها الملتصق بجسده، دفء أنفاسها المنتظمة على عنقه.

أصبح كمن أصابته حمى وهو يخطو ببطء شديد إلى سريره. حاول إقناع نفسه أن بطء خطواته كان خشية إيقاظها.. ليس للشعور العارم اللذيذ الذي غمره فجأة. شعر ببرد قارص غير معروف المصدر لحظة وضعها على سريره وابتعاده منه ليأخذ مكانها.

لا يدري كيف تمكنت طيف من النوم على هذا الفراش بالسرعة القياسية تلك، فهو ظل يتقلب إلى أن غلبه ارهاقه. فقط سماعه لصوت طيف يناديه للصلاة خفف من عدم ارتياحه. فكر "يا زين اسمي منك.." بشبه يقظة.

طيلة ذلك اليوم، وجد نفسه يشرد بالتفكير بتلك اللحظات القصيرة. حتى أصدقاءه لاحظوا: عشتوا، الأخ غارق لشوشته!

ربما كان ليخف تأثره لو كانت حادثة واحدة، لكنه يعرف أنها ليست كذلك. ما دامت أغراض طيف في الملحق، ما دامت خالته مصرة على جعل غرفة طيف مجلسا، فالليلة السابقة سيكون لها تكرار.

وفعلا تكررت في الخمس ليال التالية. ظهره بدأ يتأثر من النوم على ذلك الفراش النحيف، لكنه لم يكترث ولم يشتكي، فروحه كانت منتشية بأحاسيس ولدتها لحظات مسروقة.

لكن في الليلة السادسة جاء تغيير. بدون أي لف ودوران استلقت طيف على سريره. لم يستوعب الفكرة، لم يستوعب مغزى فعلها هذا. أتراها اكتشفت تمثيله للنوم وكانت هذه إشارة بأن يخلي السرير لها..؟ همس باسمها لكنها لم تجب.

كان على وشك النهوض ليطوق معصمه بقيد أصابع ذات ملمس مخملي مألوف. سمع صوتها: خليك جنبي..

عاد بصمت مذهول إلى مكانه لترخي قبضتها.

تلك الليلة اكتشف مالك أمران.

أولهما، طيف كانت ذات نوم ثقيل. فسر ذلك عدم استيقاظها في كل مرة حملها.

ثانيهما، طيف كانت من النوع الذي يحتضن أثناء النوم.

جسدها كان ملتصقا كل الالتصاق بجسده، مطوقا به بتملك غير واعي. شفاهها كانت ملثمة لجانب عنقه، وإذا حرك رأسه حركة واحدة، فإنه يستطيع الغرق بعبير شعرها.

الحمى الأولى كانت لا شيء، كانت محض وهم.. لأنه الآن كان يحترق إلى بقايا رماد.

"الله يصبرني.. الله يصبرني.."

:

سألت ثريا وهي تحتسي فنجان قهوة: أحوالك مع طيف؟

على عظم المعزة التي تكنها لأختها، تعترف أنها كانت غير مسؤولة في حياتها، مسيرة بقرارات زوجها التملكية السامة. جعلت ولدها يتحمل مسؤوليات دفع ديون لا تنتهي من غير قصد، وهاهو الآن لا يعيش مثل باقي الشباب.

بغض النظر عن أهدافها الأخرى من السعي في استمرار هذا الزواج، هي تعتقد كل الاعتقاد أن طيف كانت ما يحتاجه مالك. لم تكن طيف بالفتاة المدللة ولا المستهترة بل كل العكس. تراها أكبر من عمرها في تصرفاتها وأفكارها سوى بعض النواحي..

"مثل حياها الزايد مع ولد أختي.."

أجابها مالك: طيبة./ أعطاها نظرة ذات مغزى: لا تضغطي عليها يا خالة.

مثلت عدم الفهم: اضغط عليها بوشهو؟

لم يبد عليه الاقتناع: أظن تعرفين وش أقصد. لسى تونا، ولساتها صغيرة..

ابتسمت ثريا بخبث ساخر: والله قول كذا لنفسك أول.. ذي الأيام نظراتك لها تفضح.

كان دوره ليمثل عدم الفهم: مدري عن وش قاعدة تتكلمين..

ابتسامتها تحولت لأخرى ذات حب أمومي. لا تدري كيف، لكن هذا الفتى أخذ الكثير من طباعها.

:

البيت كان ناقصه مقاضي كثرى. طلبت زوجة أبيها منها أن تتصل بمالك وتسأله المرور بالبقالة.

أجابها بعد الرنة الثانية: هلا خالتي.

لم تصححه: ممكن تمر على البقالة وأنت جاي..؟

لم يجب على طلبها: طيف؟ ليش متصلة من جوال خالتي.. وين جوالك؟

ببساطة: ما عندي.

سكت للحظات قبل أن يسأل: وش تبغين من البقالة؟

:

سرعان ما رجع مالك مع المقاضي التي طلبتها.. زائد كيس صغير أعطاها إياه على انفراد: وش هذا؟

بغموض أجاب: معليش طرازه قديم بس هذا اللي أقدر عليه حاليا.

أخرجت من الكيس علبة جوال يبدو لها من أحدث الأنواع حتى مع تبريرات مالك: ما أقدر آخذه..

نظراته اكتسبت حزما: خذيه، وإلا مافي طلعة برا البيت.

كانت تشك بأنه لم يكن راضيا عن شغلتها كأبيها، ويبدو أن شكوكها كانت في محلها: ما كان المفروض تكلف نفسك.. وراك أشياء أهم..

عرفت من زوجة أبيها عن قصة مالك مع الديون وسبب عمله حد الإعياء. لم تكن بحاجة إلى جوال ولم تكن تريد الإثقال عليه.

سألها بنظرة عميقة: وزوجتي مو مهمة؟

سكتت.. لاتدري ماذا تجيب. لا تدري لم تجد لسانها يخونها في رفقته. لا تدري كيف تفسر اضطرابات قلبها وذهنها بحضوره وقربه وكلامه.

فقط استطاعت التنفس عندما ابتعد وتركها.

"وش سوى فيني هالمالك؟"

:

شهر مضى منذ انتقال طيف إلى الملحق. شهر عرفا الكثير عن بعضهما البعض.

:

التغير في نمط استيقاظ مالك أثار عجب طيف. منذ متى وهو يستيقظ قبلها؟

الغريب في الأمر أنها تستيقظ بعده مباشرة، بلا سبب.. كأنها تبحث عن شيء فقدته.

:

ببقاءها في الملحق، لم يستطع مالك إخفاء شروده الحزين كلما فكر بأمه.

كانت تلتزم الصمت كل مرة لمحته خائضا في هكذا أفكار، ممثلة أنها لم تر شيئا، لكنها وجدت لسانها ينطلق سائلا هذه المرة: أمك..؟

أعطته ظهرها، لكنها شعرت بالتفاته الصامت لها. أكملت مستطردة: ما عرفت أمي في حياتها. هي ماتت وأنا عمري سنة. بس مرات لما أبوي يحكيلي عنها، أحزن عليها كأني أعرفها وأخبي حزني.. ما بغيت أبوي يحس.

ظل مالك ساكتا للحظات ثم سأل بخفوت: وليش تقوليلي ذا الكلام؟

هزت كتفيها: مدري.. يمكن عشانك مريت بنفس الشيء وأكثر، ومو لازم تخبي اللي تحس فيه حولي.

لم يجبها. لم تتوقع ذلك.. لكن..

لم يعد يخفي أحزانه منها بعد ذلك اليوم.

:

صوت طيف وهي تتلو وردها كل ليلة بعث في روحه سكينة وراحة تجعله ينسى همومه.

وجد نفسه يتذكر أمه بصفاء بعيد عن الأحزان، كيف كانت تبعث فيه تلك السكينة عندما كانت تقرأ عليه في صغره.

كم مضى من زمن لم يذق فيه مثل هذه الراحة.

:

لم تتوقع أن مراقبة مالك يتدرب على عروض تقديمه ستكون مسلية لهذا الحد. رأت مقومات النجاح في طريقة إلقائه الواثقة والأريحية. لكن ربما كانت متحيزة، فحتى عندما كان مالك صامتا، وجدت نظرها يذهب إليه بفضول خجول.

كلما انتهى ولاحظ عيونها عليه، كان يسأل: ها؟ وش رأيك؟

كل إجاباتها كانت واحدة: أقنعتني..

"أقنعتني من الكلمة الأولى.."

:

رأسه كان يوجعه بشكل فظيع. كانت غلطته بكل صراحة، فنومه قل وعمله كثر.

كان مرهقا إلى درجة تمنعه من الذهاب والبحث عن المسكن الذي نفذ منه في هذه الساعة. خياره الوحيد كان النوم، لعل هذا الصداع يخف في الصباح. لكن من أين يمكن أن يجد النوم له طريقا مع هذا الألم؟

بالكاد سمع طيف تسأله: راسك يوجعك؟

أجاب: إيه..

سمعها تخرج من الملحق بدون كلمة، لتعود بعد دقائق وتصعد السرير جانبه.

لم يدرك إلا ورأسه موضوع في حضنها وأصابعها الرفيعة تدلك صدغيه بلطف بزيوت عطرة.

بنفس مأخوذ من الراحة الفورية التي أحدثتها فعلتها ووضعيته الحالية، سأل: وش تسوين..؟

أجابته بدون أن تتوقف: كنت أسوي كذا لأبوي كل ما وجعه راسه.. ينفعك؟

"ينفعني وبس؟ خليتيني أتمنى لو أصدع أكثر..": إيه، أحس أحسن.

أكملت تدليكها إلى أن أحس بالنعاس يدغدغه ليستسلم له، وما أحسنه من نوم في حضنها وبشعور لمستها.

:

في البداية لم تلاحظ اختلاس مالك للنظر وهي تمشط شعرها كل ليلة. كانت تظنه غارقا في دراسته ليعيرها أي اهتمام. لكن في أحد الأيام، نظرت في زواية غير عادتها والتقت عيناهما على سطح المرآة العاكس. أشاح نظره بعيدا بينما هي ظلت مستغربة.

تساءلت ما الذي كان يراقبه عندما لاحظت استراقه للنظرات في الأيام التالية، ما الذي شد انتباهه.

ظنت أن هذه الليلة ستكون مثل سوابقها، لكن مالك فاجئها عندما نهض من السرير و توجه ناحيتها. مد يده ليمرر أصابعه خلال شعرها بشيء أشبه بالولع، شيء ظهر في صوته عندما سأل: ممكن طلب؟

أومأت نعم بصمت.

أبعد شعرها عن جانب رقبتها لينزل رأسه ويهمس في أذنها: لا تقصيه..

ارتعشت عندما ابتعد واستوعبت ما حصل للتو. لم يكن ارتعاشها لبرد أو خوف أو حتى لتوتر. كان النقيض تماما، لكن أفكارها المبعثرة لم تسمح لها بمعرفة ماهية السبب.

:

لمرة أخرى استيقظ قبلها. ابتعد مكرها من دفء قربها المريح.

التحكم بنفسه أصبح كالمشي على حبل ممتد بين جبلين. لم يكن عمر طيف هو العامل الوحيد الذي يمنعه من الوصول إلى مبتغاه، لا، تصرفات طيف كان لها دورها أيضا. لا يستطيع الجزم بمشاعرها، فهي تعامله بتهذيب ولطف، لكنها أيضا لا تبدي أي شيء يستدل به عن مشاعرها. على الرغم من إعجابه بشخصيتها التي لم يقابل مثلها من قبل، فإن تلك الشخصية نفسها كانت المعضلة. يكره الشعور بالرفض ويعرف أنه لن يتخطى رفض طيف له بتلك الطريقة، فهو كان لديه الفكرة بأنها لم توافق على الزواج به رغبة فيه. يكره أكثر فرض نفسه على رغبات الآخرين. كبرياءه العنيد لن يرضى.

كان ينتظر إشارة، أي إشارة، كالمطبوخ على نيران هادئة.

[انتهى البارت...]



najla1982 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-08-17, 08:38 AM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


[4]

لم يتوقع سلطان أن يحدث مالك هذا التغير الملحوظ في البيت. بوجوده لم يعد خاطره مثقلا بالقلق على ابنته. لطالما كانت تعتمد على نفسها، رافضة كل الرفض من أن يهتم بها أحد، مما أدى إلى استنزاف طاقاتها مرات عدة.

لكن مالك كان وريث خالته حقا باحتياله لمكان في جانب طيف و إقناعها بإلقاء جزء من الحمل عليه، وهذا كان عندما كان بالكاد متواجدا في البيت.

بمجيء رمضان سنحت لمالك الفرصة بالبقاء في البيت أكثر، وهاهو الآن يساعد طيف في إعداد مائدة الإفطار رغم رفضها وجدالها معه.

بالكاد استطاع سلطان كبت ابتسامته. كم كانت مراقبتهما تسره.

:

لاحظت طيف قلة امتداد يد مالك إلى الإفطار الموضوع أمامه.. ملاحظتها هذه جعلتها تدرك أن مالك كان يأكل وجبة الفطور فقط معهم والباقي في الخارج قبيل رمضان. "يمكن ماكان عاجبه الأكل طول الوقت.."

انتظرت حتى عاد من صلاة التروايح لتسأل بتردد: ما عجبك الفطور؟

نظر إليها باعتراض: لا، لا.. بس يبغالي أتعود عليه.

لم تكن مقتنعة البتة: وش اللي كنت متعود عليه أجل؟

تنهد: مو لازم تتعبي نفسك.. طبعي شين مع الأكل بس مصيري أتعود.

إدعت البراءة: ما قلت بسوي شي. جاني فضول أعرف وبس..

الريبة كانت واضحة على ملامحه، لكنه أجاب على سؤالها في النهاية، معددا لأطباق لم تسمع بمعظمها من قبل.

أول ما أصبحت لوحدها، اتصلت بمي التي ردت بفرح: حي الله من اتصل! والله كنت بشك إنك كنتي تكذبين لما قلتي إنك تعرفي تتصلي على الناس.

ابتسمت بسخرية: ماله داعي وانتي تتصلين في كل ساعة، كأنك ما صدقتي.

أيدتها: إيه والله ما صدقت. صدقيني راح أدعي لزوجك في ذا الرمضان. سوى لي معروفا عظيما.

لم تستطع منع ضحكة من الإفلات: طيب ردي ذا المعروف وقوليلي كيف أسوي لقمة القاضي.

كانت نبرة الاستغراب واضحة في صوت مي: وش جاب الحب المفاجئ هذا؟ أذكرك ما تطيقيه..

ردت ببرود مصطنع مخفية حرجها: حبيت أغير جو.

لم تصدقها: تغيير جو هاه؟ والله ماغير جوك إلا بعض النا—

قاطعتها وهي تحمر بشدة من الحرج: المهم تعرفينله وإلا أروح أسأل أحد ثاني..

تمتمت مي معتقدة بأن طيف لم تسمعها: موب سهل الأخ.. خلى البنت تتشطر في المطبخ./ قبل أن ترد بصوت أعلى: أفا! أنا ما أعرف لشي بسيط مثل هذا؟ راح أعلمك لقمة قاضي من طعامتها وحلاوتها زوجك بيرقصك سالسا.

احمرت أكثر: والله ما في شي يرقص سالسا إلا مصطلحاتك..

في اليوم التالي، تصرفت كأنها لم تفعل شيئا وهي تختلس النظرات لمالك، متمنية وبشدة أن يجد ماصنعته قابلا للأكل.

وجدت ضالتها عندما انسحب أبوها وزوجته من المائدة مبكرا ليتركاهما وحيدين.

لم تدري إلا و مالك يقبل جبهتها، قائلا بسرور حار: تسلم يديك..

ردت بخفوت خجول عندما تركها، متجنبة النظر إليه وهي تلملم الأغراض: عادي.. ما سويت شي..

أليس من حظها أن ذاكرتها كانت قوية لتحفظ كل الأكلات التي عددها مالك؟

:

وأخيرا وجد مالك طريقة للتنفيس عن الحمم اللاهبة التي تجري في عروقه. إعداد طيف لأطباقه المفضلة صنع له عذرا للإقتراب..

بدأ بحذر على منابت شعرها، ثم انتقل إلى صدغيها، ثم الشامة السوداء الصغيرة تحت عينها اليمنى، ثم الأنف، ثم الخدين.. كاد أن يجن عندما قبل جانب فمها كشكر على إعدادها للحلوى التي كان يشتهيها لفترة في اليوم الأول من العيد. "وما كان أحلى من الحلا غير لمحة من ثغرها..". ود الإطالة، لكنه سيفسد تمثلية فرحه العفوية هذه.

:

نظرت للكيس الذي وضعه مالك جانبها بإعتراض مسبق: وش هذا بعد؟

ألم يكفيه شراؤه لجلابية رائعة الجمال وإعطائه لها فجر العيد؟

رد: إلبسيه وجهزي نفسك. بنروح.

كان بودها الإعتراض أكثر لكنها الآن فقط انتبهت لهيئة مالك. لم تره قط بغير ثوب كان مرتديه باستعجال مرهق. كانت هيئته هذه اللحظة تختلف تماما عن الذي عهدته منه.. متأنق ولافت للنظر.

أمال رأسه بابتسامة: أشوفك تبحلقين فيني. ترى عندي لبس مليان، بس ما كان لي نفس اتكشخ./ اختفت ابتسامته ليقطب حاجبيه: وإلا يمكن يكون ما عجبتك؟ قولي عادي.. ترى روحي رياضية.

المشكلة لم تكن بعدم إعجاب طيف به وبهيئته، بل العكس تماما. المشكلة تكمن بأن طيف لا تستطيع الكف عن النظر بانبهار فاضح، من أن تكون مأخوذة بالحيوية التي كانت تشع منه. "معقولة يومين إجازة خلته كذا؟"

:

لم يظهر مالك خيبة أمله عندما خرجت طيف من الملحق بكامل استعدادها.. كان يريد أن يراها بالفستان الذي اشتراه. سرعان ما تناسى ذلك عندما خرجا من البيت.

سألته أين يريد الذهاب بها ليجيب: المتنزه اللي فتحوه على شارعنا العام..

كانت نزهة لطيفة عدا بعض المضايقات من عابثات لم يعبأن بالكثير وخصوصا من كانت جانبه وهن يرمين غمزات ولمزات. حاول التظاهر بعدم ملاحظتهن، منشغل بطيف التي فجأة أخذت تطلب رؤية عروض المتنزه الاحتفالية بإصرار وإلحاح لم يكونا من عادتها.

في النهاية، ملاحقاته استسلمن وطيف كفت عن الطلب.

كانا يراقبان الألعاب النارية من مقعدهما المنعزل عن العامة لكي تشعر طيف بالراحة في كشف وجهها. شعر مالك بانبهار طيف الشديد بالمنظر: أول مرة تشوفين شي زي كذا؟

أومأت بنعم دون أن تشيح بنظرها بعيدا عن السماء: ما شفت شي أحلى..

لم يكن مالك ينظر إلى الألعاب النارية عندما أجاب بعمق مفتون، بل إلى انعكاس الأضواء الملونة على تقاسيم وجه طيف: إيه والله..

:

من اللحظة التي خلعت فيها عباءتها بعد العودة للبيت، شعرت طيف بيد موضوعة على كتفها تديرها بخفة إلى أن كانت تقف وجه لوجه مع مالك. كان ينظر إليها بتمعن من رأسها إلى قدميها، مربكا لأفكارها، فهذه كانت أول مرة يراها بهذه الصورة منذ ليلة زواجهما.

كانت ترتدي الفستان الذي اشتراه لها مالك.. قطعة ثمينة بقيمتها المعنوية وربما المادية أيضا، بلونها الأحمر الداكن وقماشها الناعم الخفيف وأكمامها الطويلة، منسدلة بطبقات عند نصف ساقيها. الحزام الأسود العريض المربوط حول خصرها أكمل الصورة بجلده اللامع.

اقترب منها أكثر وهو يقول: كنت أدري أنه بيطلع حلو عليك..

لم تتكلم لكنها ابتسمت.. حتى لو لم تكن مصدقة لمعظم الكلام اللبق المنمق الذي كان يحدثها به مالك، كانت تحب أن تسمعه وتتخيل أنه كان يعني كل حرف. لم تكن مقتنعة البتة بمظهرها منذ الطفولة، منذ أن دخلت زوجة أبيها حياتها وفتحت عيناها على هيئتها العادية جدا.

إحاطته لوجهها بكفيه سحبتها من أفكارها، لتفاجأ بقربه المربك.. لم تستطع التعود بعد على أريحيته في معاملتها، بقبله الخاطفة الشاكرة على أنحاء وجهها، غير عالم بالفوضى الذي يحدثها في روحها كل مرة.. وهاهو الان سيفعلها من جديد. تساءلت للحظة أين ستكون وجهته هذه المرة، لتشعر بقلبها يتوقف عندما أحسته على شفتيها، مطيلا في لثمه كأنه يرتوي من عطش. أغلقت عيونها لتستسلم له.

بالكاد ابتعد ليشكل همسه اللاهث الكلمات على شفتيها: ما تدرين كثر ت—

صوت جواله قطع هدوء اللحظة، ليفترقا ويلتقطا أنفاسهما.

رأته يلتقط جواله بغضب، مجيبا بحدة: خير..!

جلست على السرير لتترك مالك لمكالمته، محاولة جمع أفكارها واستعياب ما حصل للتو. منعت نفسها من تلمس شفتيها بعدم تصديق. ماذا لو رآها؟

حركة مالك أيقظتها من غفوتها لتستغرب: وش تسوي؟

أجاب بعجلة وهو يوضب أغراضه: تعرفين الشغل اللي كان يدورلي إياه صديقي في قرية؟ أخيرا لقيناه.

سألت لتؤكد: يعني بتسافر؟

توقف عن الحركة.. ليكمل بعد لحظة: إيه.. ويمكن لشهور.

أخبرها مالك أنه يبحث هو وصديقه عن وظائف لا يمكن السعي ورائها وهو يداوم في الجامعة، وبما أنه الآن في إجازة نهاية العام، كانت هذه فرصته الذهبية.

تصاعدت في داخلها رغبة غريبة جارفة بقول إبقى جانبي! بعدم تركه يسافر لشهور بعيدا عنها. سرعان ما كبتت شعورها ذاك، لتنهض وتساعده في توضيب حاجياته وتذكيره بما نسيه منها.

ضمها بقوة فاجأتها قبل أن يخرج من الباب، هامسا في أذنها: انتبهي على نفسك..

ليلتها أحست طيف ببرد غريب منعها من النوم، وبشعور خواء في جانبها.

[انتهى البارت...]


najla1982 and نورسه like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-08-17, 08:40 AM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


[5]

سفره هذا حمل له الكثير من الأمل. منه سيستطيع دفع ديونه لآخر المطالبين، ليبقى له قرض البنك فقط. الأهم أنه سيبقى من نصيبه كم معتبر سيعطيه لخالته وزوجها ولطيف. كل يوم يعد نفسه أنه سيعوضها ذهبا. يعرف أن طيف ليست بالسطحية ولن تطلب منه فوق طاقته.. "ما راح تطلب أساسأ.." لكن تلك الحقيقة دفعته أكثر في السعي إلى تدليلها كما تستحق.

كلما وجد فكره يذهب إلى طيف، كلما تذكر تلك اللحظات الأخيرة التي جمعتهما.

فعلها.. حقا فعلها. وطيف لم تدفعه بعيدا باعتراض، بل استسلمت له بكل عذوبة فاقت كل آماله.

أترى إذا لم يكن مضطرا إلى الذهاب، هل كان ممكنا أن—

جره صوت صديقه صالح من غيابات أفكاره: مسرع ما اشتقت للمدام! لساتنا في الطريق.

تنحنح بحرج، غير قادر على الإنكار: شوف طريق الأشباح هذا أحسن بدل ما تطقها سواليف.

تجاهل صالح محاولته لإغلاق الموضوع تماما: الله يرحم أيام الثقل وما عندي وقت لخرابيط الحب والهيام، من ساعة ما تزوجت وانت مافي أخف منك.

رد عليه بحقد: بشوف فيك يوم..

تنهد صالح، داعيا من كل قلبه: الله يسمع منك!

ضحك: مشفوح الله لايبلانا..

رد الآخر بخبث: والله أحسن من قيس اللي جنبي.. شوي ويبكي على الأطلال.

ضربه باسما بخفة فوق رأسه. لا يستطيع إنكار كلمة، ولن يفعل.

من كان يدري أن حاله سينقلب بهذه الطريقة.

:

منذ سفر مالك، ابتدأت سلسلة من المكالمات بينهما.

في البداية، كانت مكالماته قصيرة، يسألها عن أحوال المنزل ويوصيها بنفسها وخالته وأبيها. لكن مع الأيام، مكالماته بدأت تطول، والفترات بينها بدأت تقصر. خففت عليها تلك المكالمات عن وحشتها في الملحق، معددة لأيام تمضي ببطئ. لكن الوقت مصيره الإنقضاء، وهاهو بقي يومان على عودة مالك بعد ثلاثة شهور من الغياب.

تمهل مالك لحظة بعد سلامه قبل أن يقول: نفسي أعرف إنتي ليش ما تتصلين؟

ردت وهي تحاول كبت سعالها: مو متعودة..

عرفت من تغير نبرة صوته أنها فشلت في محاولاتها. تسارعت نبضات قلبها لعمق القلق في صوته: تعبانة؟

سعلت لمرات لم تعددها قبل أن ترد بضعف: مو مرة.. نزلة برد بسيطة.

لم يصدقها: مو مرة وبسيطة؟ وهذا اللي اسمعه إيش؟ قولي لخالتي توديك المستشفى.

استنكرت الفكرة: ماله داعي والله، مصيرها بتخف.

رد بحزم وحدة لم تعهدها: طيف. اسمعي كلامي.. وإلا ليش أتعب نفسي؟

أغلق الخط ليتركها محدقة بجوالها، مذهولة، متوجسة، خائفة. لا تريده أن يغضب منها فهي—

صوت فتح الباب جعل طيف تنتبه إلى دخول زوجة أبيها عندها وبيدها عباءتها: يلا جهزي نفسك بنروح المستشفى.

استغربت: إيش؟

امتعضت ملامح تلك: والله مالوم مالك يوم إنه اتخرع. صوتك كأنك نص بالقبر./ قطبت حاجبيها عندما تحسستها: حرارتك نار.. انغمى عليك؟

لم تجب، لكن سكوتها كان إجابة كافية. لطالما كانت ضعيفة أمام الحمى، ومنذ الطفولة كانت حماها كفيلة بجعلها تغشى في مكانها. لا تدري كم مرة هرع أبوها وزوجته بها إلى المستشفى..

في الخمس سنوات الماضية، حاولت إخفاء ما بها. نجحت لمرات وفشلت مرات أكثر. يبدو أن أنها فشلت هذه المرة.

في اليوم التالي فتحت عيونها على مالك جالس في طرف السرير، يتحسس وجهها ليتفقد حماها. لوهلة، ظنت أنها تحلم فابتسمت. فقط عندما ابتسم بدوره أدركت أن هذا لم يكن حلما. جلست من نومها فورا، هاتفة بذعر متصاعد: مو كان المفروض تجي بكرة؟

نظر إليها بابتسامة مستغربة: كأنك ما تبغيني أجي../ ليجيبها أخيرا: خلصنا الشغل بدري وما كان فيه مانع نرجع.

كانت ستعترض على افتراضه بعدم رغبتها في عودته، لأنها لم تعرف شعور الإشتياق إلا بعد سفره، لكنه غير الموضوع: أخذتي دواك؟

أجابته بنعم، مشيرة إلى كيس الأدوية الموضوع على المنضدة جانبها. نظرت إليه مرة أخرى قبل أن تقول: ما كان المفروض تكلف خالتك عشان توديني المستشفى.

هز كتفيه: وش أسوي إذا إنتي مو عارفة شيء اسمه اهتمام بالنفس، لازم اهتم فيك.

:

خالته كانت تزور إحدى صديقاتها، وحماه كان نائما. هو كان يذاكر، وطيف..

أين كانت طيف..؟

قرر ترك مذاكرته ليتفقدها. ما زالت تتعافى لذا خشي أن تجهد نفسها وتمرض من جديد.

بحث إلى أن وصل إلى الحوش، ليراها في خضم غسله. ربما كان متيما إلى درجة الإسراف، فحتى مع قميص بيت بال، ملطخ ببقع طلاء لا تزول، مرفوع إلى الركبة لكي لا يبتل.. كانت مبهرة: مو أنا قلت مافي شغل لين ما تتشافين؟

ردت وهي تفرك الأرض بالصابون: هذاني بألف عافية.

تنهد، فهو تعلم بسرعة أن عناد طيف لا يمكن أن يواجه بالكلمات وحدها. أخذ منها الشطاف: روحي اجلسي، أنا بكمل عنك.

تكتفت لتسأله بشك: عمرك غسلت حوش؟

رد بلا مبالاة: عادي.. شغلة بسيطة.

تذكر كلماته تلك عندما إنزلق ووقع على الأرض أمام طيف التي حاولت وفشلت في كتم ضحكاتها. فقط رنين صوتها الضاحك العذب خفف من كبرياءه المشروخ، وفقط فرصة إسكاتها بختم شفاهها بلحظة خاطفة دواته إلى التعافي السريع. همس: عشان مرة ثانية ما تضحكي على زوجك.

ما أجمله، ذاك الاحمرار الذي كساها عندما أفلتها: بروح.. بروح أخذ دواي..

ابتسم على خطوها المتعجل المرتبك بعيدا عنه. "شكله لقيت طريقة أخليها تلتزم بعلاجها.."

:

بعودة مالك، رجع النمط الحياتي الذي إعتادته باستثناء واحد.. مشاعرها حياله.

تعودت على قربه حتى أصبحت تريد المزيد، حتى أصبحت تشعر بالخيبة كلما ابتعد بعد وصل. في غيابه أصبحت في السابعة عشر، وربما أكثر حساسية لتصرفاته نحوها. لا تدري كيف يراها.. طفلة، زوجة، أم ربما مجرد رفيقة سكن. لكن.. تعرف كيف تراه الآن. اتضحت الصورة حد البيان.

أصبحت تدرك ماذا كانت تعني كلمة (زوج) بالنسبة لها عندما كانت مرتبطة بمالك، ماذا يعني هو لها.

عندما قبلها وهم ليبتعد كعادته، وضعت يدها على ساعده، تستوقفه لتقترب خطوة. لا تدري كيف ستكون تبعات خطوتها هذه، إما الإيجاب أو الرفض.. لكنها لم تكن نادمة.

وضع أنامله على ذقنها، ليرفع نظراتها إليه. بثبات نظرت في عيونه، لترى عشرات المشاعر المبعثرة التي لم تستطع تصنيفها لأنه اقترب كما لم يفعل من قبل، اقترب لتذوب بين ذراعيه.

:

في هذه المرحلة المتقدمة من وضعه المرثي له، لم يهتم مالك بكونه مفضوحا تماما أمام خالته: ارجع للدنيا الله يخلف عليك. البنت لها ساعة تسألك إذا تبغى عيش.

عندها فقط أفاق من غفلة أحدثها هيجان مشاعر لم يهدأ منذ ليلة الأمس. ابتسم ابتسامة مبالغ في إشراقها وهو يجيب طيف التي تحاول جاهدة التصرف كأن كل شيء كان كالمعتاد، ليفضحها وجهها الممتقع بالحمرة: أي شي منك حلو..

خالته هزت رأسها بابتسامة مابين السخرية والسرور، بينما طيف بدت كأنها على وشك الاختناق.

بالنهاية، وضعت له العيش.

:

ربما كانت الحراسة الليلية لمراكز التسوق من أكثر الأعمال الباعثة على الضجر. الجيد أنه أحضر معه بعض الكتب، لعل وعسى سيستطيع التحضير لمحاضرات الغد.

رن هاتفه ليقطع هدوء هذه الليلة الرتيبة. رؤية اسم المتصل فقط طردت كل الضجر و الخمول منه، ليرد قبل الرنة الثانية. أتاه ذلك الصوت الهادئ: مالك..؟

"عيونه.." كان الرد الذي تشكل في ذهنه قبل أن يفكر بالرد، ليتنحنح ويرد باتزان: هلا. صار شي؟

أجابت: لاء..

استغرب، فطيف لم تتصل به بالعادة. مكالمتها هذه كانت مفاجأة بعثت فيه قلقا بعدما انقشعت غيمة سروره: متأكدة؟ لا تخبي علي ترى زعلي مافي أردى منه..

صوتها حمل ابتسامة عندما سألت: مو إنت اللي كنت تبغاني أتصل عليك؟

اطمئن أن الأمور كانت على خير: كويس إنك تذكرتي../ استدرجها: طيب.. مافي سبب ثاني خلاك تتصلي؟

بالكاد سمعها عندما همست بصدق: إيه.. صار صعب إني أنام وإنت غايب..

لأول مرة لا يعرف ماذا يقول، مخطوف الأنفاس، مسلوب اللب. مرت ثواني قبل أن يهمس بدوره، دفء وسعادة لا يستطيع وصفهما يكسوان صوته، يزيدانه ولعا ولهفة مع كل حرف ينطق به: طيف.. لا تقولي مثل هالكلام وأنا بعيد عنك..

لم تجب عليه. عرف أنها أقفلت الخط.

وجدها تعطيه ظهرها عندما رجع. عرف أنها مستيقظة من وضعيتها المتصلبة. سرعان ما لانت وضعيتها تلك عندما استلقى جانبها، لتحيطه بقيد حضنها النائم بعد فترة قصيرة.

اعترف بهمس موقن وهو يتأمل وجهها ويمرر أنامله على تقاسيمه بخفة: أحبك..

[انتهى البارت...]


najla1982 and نورسه like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-08-17, 08:42 AM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


[6]

تطلع مالك إلى حضور الندوة التي دعي إليها في إحدى الجامعات المجاورة، فالملقي، ناصر النجم، كان واحدا من أهم رجال الأعمال في البلد بالإضافة إلى كونه بروفسورا في علوم الإقتصاد.

لم يخب ظنه، فالندوة كانت رائعة ومفيدة إلى حد عظيم. ربما تحمس زيادة عن الحد وسأل أسئلة كثيرة، لكن ناصر لم يبدو كأنه كان منزعجا.

كان على وشك الخروج من القاعة عندما سمع صوتا يناديه، ليرى أن ناصر النجم كان المنادي: سم..؟

ابتسم ناصر بأريحية وقورة قبل أن يتكلم، مادا يده لمصافحته: بغيت أعرف اسمك يا ولدي. لاحظت نباهتك في الندوة ما شاء الله..

ابتسم مالك بدوره عندما تخطى تفاجئه وصافحه بقوة: معك مالك زياد السامي..

للحظة، بدا ناصر كما لو أنه صعق من إجابته، لتتغير ملامح وجهه بعد ثانية: فرصة سعيدة.. عندي احساس إننا بنلتقي مرة ثانية إن شاء الله..

تركه ناصر بعد أن شتت سكرتيره انتباهه عنه، ليتساءل مالك عن ماذا كان يعنيه وهو في طريقه للخارج.

:

بغض النظر عن نباهة الفتى وفطنته، شيء مألوف فيه شد انتباه ناصر إليه.. ولا عجب، فقد تبين أنه كان ابن صديقه المختفي منذ أعوام طوال.

"أو يمكن المنفي.." فكر عندما دخل مكتب رأس مجموعة السامي المدبر، جاسر السامي. كان زياد وأبوه كالليل والنهار اختلافا، فبينما كانت العاطفة تقود زياد، كان التحليل البارد البحت مايقود قرارات جاسر. لم يحدث وأن اجتمع رأيهما في شيء..

عرف ما شده إلى مالك عندما رأى الطريقة المعهودة التي نظر فيها جده إليه، تلك النظرة التي أوحت بتقبل كل التحديات بشموح عنيد.

انخرطا في مواضيع جانبية إلى أن قرر ناصر التوجه إلى الأمر الذي زار هذا المكتب من أجله: سمعت إنكم تدورون على أثر زياد بعد كل ذي السنين..

صحيح أن عشرات صفقات العمل جمعت بينهما، لكن هذا لم يقلل من مرارته، فهذا الرجل هو من نفى صديقه من حياته، ليقطع هو ما بقي من علاقاته في عالمه السابق ويموت ليكونوا هم آخر من يعلم.

تنهد جاسر، حزن مكتوم يظهر على ملامحه الصخرية: وش تبغى يا ناصر؟ ما أظنك تفتح في ذا الموضوع بدون سبب.

ابتسم ببرود: أبد سلامتك، بس حبيت أقولك إني التقيت بولد زياد اليوم اللي فات.

تجمد جاسر تماما، لينظر إليه بتحذير: وإنت متأكد من كلامك..؟

بثقة أجاب: إيه، فيه شبه من أبوه.. ومنك.

:

رمش مالك بعدم تصديق، ليردف: تأكد مرة ثانية لو سمحت.

نقر موظف البنك بأريحية خاطفة على مفاتيح الحاسوب، ليعطيه نفس إجابته الأولى: تم دفع قرضك بالكامل وإيداع خمسين ألف ريال في حسابك.. تحب أسحب لك؟

لم يسمع باقي كلامه بعد تأكيده للقرض المدفوع.. ذاك القرض الذي أثقل على كاهله، الذي توقع رفقته البغيضة لسنوات وسنوات. "مو معقول.. مو معقول أبدا..": طيب.. ممكن تقولي مين اللي دفع القرض؟

نقر الموظف نقرات قليلة العدد ليجيبه بعد لحظة تفاجئ: جاسر السامي..

عقد مالك حاجبيه: جاسر السامي؟/ لتتسع عيونه باستيعاب: نفس جاسر السامي اللي..؟

هز موظف البنك كتفيه: على ما أظن.

خرج من البنك بخطوات تدفعها العزيمة لمعرفة ما سبب مساعدة شخص كجاسر السامي له.

:

وجد مقر المجموعة بسهولة. لاعجب فمجموعة السامي كانت أشهر من نار على علم أرجاء البلد. موظفو الإستقبال بدوا كما لو أنهم يكتمون ضحكاتهم كلما عبر عن رغبته بلقاء رئيس المجموعة بدون موعد، لكن سرعان ما تبدلت حالتهم عند ذكر اسمه. نظر مالك بعجب إلى الموظف الذي هتف وهو يرشده: من هنا طال عمرك..!

"عشتوا.. أنا من بين كل الناس ينقال لي طال عمرك؟"

دخل مكتبا غاية في الفخامة، وفي وسطه جلس رجل زاد سنه المتقدم من هيبته.. جاسر. بحركة بسيطة أمر السكريتير خلف مالك: ألغوا كل مواعيدي اليوم.. ما أبغى أي أحد يدخل علي.

هز السكريتير رأسه بخنوع وهو يغلق الباب، تاركا لهما وحدهما. أشار جاسر إلى الكرسي أمامه: تفضل.

لم يكن مرتاحا لفعل كما أمر لذا ظل واقفا، ليبدأ الآخر بالكلام: على ما أظن إنك هنا بخصوص القرض اللي دفعته عنك..

"يعني ما كان غلط.." رد: إيه... والخمسين ألف بعد./ لا يدري من أين لجاسر أن يسمع بظروفه، لكن كبرياءه لن يسمح بقبول ما دفعه: مشكور على اللي سويته، بس أنا ماني محتاج صدقة.

ابتسم جاسر بسخرية يخالطها رضا: ومين قال إن ذيك كانت صدقة؟ كل اللي سويته هو واجبي.

رفع مالك حاجبيه: واجبك؟

أجاب لتصدم مالك إجابته: واجبي كجدك../ أشار للكرسي مرة أخرى: تفضل.. ورانا حكاية طويلة.

:

(مدري وين أبوك التقى بأمك، لكن اللي أعرفه أنه كان متمسك فيها وبقرار زواجه منها على الرغم من خطبته لبنت عمه. أندم كل يوم على طردي له من البيت، لأني أعرف طبع أبوك.. إذا الواحد قطعه بطريق، هو يقطع كل الطرق.. وهذاني اللحين التقي بحفيدي بعد عشرين سنة وأنا غافل عنه..)

قضى المسافة إلى البيت بغفلة عن العالم حوله، مفكرا بكلام من اكتشف أنه جده. لطالما تساءل عنه، عن جدته، عن الأعمام والعمات وأبناءهم وبناتهن. لطالما كانت عائلة أبيه وحياته السابقة لغزا محيرا لمالك، ليعطى إجابة هذا اللغز على طبق من ذهب وبدون أي جهد يذكر.

لم يجب دعوة جده الراجية إلى السكن معه وجدته، بالكاد يستطيع استعياب كل ما حصل.. عليه أن يكلم خالته أولا، فإخبارها واجب نظرا لسكنه في بيتها.. وبعض نغزات جده عنها زرعت فيه شكا..

لم تكن ردة فعلها تلك التي توقعها عندما أخبرها بلقائه هذا الظهر، فهي تجمدت بالكامل، ملامح وجهها اكتسبت حدة و غضبا لم يره من قبل: خليني أحزر.. يبغاك تعيش مع العيلة صح؟

أجابها بصدق: إيه../ ليسأل بحذر: خالتي.. تعرفينه؟

ضحكت خالته ضحكة مريرة: إيه أعرفه..

إجابتها تلك أصابته بخيبة أمل طاعنة: يعني كنتي تعرفين إنهم كانوا يدورون علي من سنين، وتدرين إن طول عمري أبغى أشوفهم.. ولسى..

رفعت صوتها، لحظة فقدت فيها السيطرة على نفسها: مايستاهلوا!

اغتاظ من ردها: إنتي ما خليتي لي فرصة عشان أحكم بنفسي..

هزت كتفيها: ما يحتاج. ليه يدورونك اللحين؟ أكيد لأنهم ما يبغونك جنبي، ولما سمعوا أن أمك توفت لقوها فرصة عشان يبعدونك عن نسبنا الردي./ ضحكت باستهزاء: نفسي أشوف كيف بيتصرفوا لما يعرفوا إنك مربوط بذا البيت.

صعق، فكلامها المبطن لم يحتج إلى تحليل كثير لمعرفة معناه: يعني زواجي من طيف..؟

تنهدت: لو كان عندي بنت كنت زوجتك إياها.. هي كانت الخيار الوحيد.

يذكر كيف كان إصرار خالته على زواجه من طيف، على إتمامه والاستمرار به غريبا.. فهو لم يرها تعامل طيف كابنة قط. الآن عرف السبب.. كانت تريده أن يتعلق بها، أن يؤسس عائلة قد لا يتفق أهل والده معها..

وهو وقع في الفخ بكل جدارة.

صدمة.. أن تعرف بتلاعب شخص تعزه بحياتك، أن تكتشف أنك كنت مسيرا كدمية في عرض عرائس في خطة شخص آخر.

قال بكبرياء يشتعل ليحرق كل فكرة منطقية بدرت إلى ذهنه: أنا موب مربوط فيك ولا بذا البيت!

هتفت خالته بغضب جامح: أجل بيتي يتعذرك يا ولد السامي.. لا تجي عندي لما تشوف إنهم ماراح ينفعوك!

لم ينتظر كلمة بعد ذلك، متجها إلى الملحق بهدف واحد أعماه عن تبعات ما هم بفعله. حزم أغراضه بعجلة هائجة، ليستوقفه ذاك الصوت خلفه: لا تطلقني.

التفت بصمت إليها، ليرى أن طيف لم تكن تنظر إليه بل إلى أغراضه المبعثرة: سمعت كل شي.. ما ألومك إذا تبغى تطلقني، بس مو اللحين، أبوي ما راح يتحمل الخبر.

فقط عندها انقشعت تلك الغيمة الحمراء الثائرة التي كانت تعميه، ليدرك أنه مع كل السخط الذي شعر به.. لم يفكر ولو بثانية بالطلاق من طيف. ردد: أبوك..؟

لتقول: زواجنا ريح أبوي من هموم كثيرة.. وإلى الله يأخذ أمانته..

لم تكمل، لكنه عرف قصدها بالكامل.

ربما كان من الأنانية أن يخيب ظنه، أن يفكر في نفسه "وأنا؟ فيه سبب ما تبغين تتطلقي مني.. وله علاقة في؟"

:

ودعها عند الباب، لم يحضنها هذه المرة، وربما كان ذلك للأفضل، فهي لم تكن واثقة من قدرتها على التماسك أمامه و منع نفسها من البكاء. لم تنظر إليه منذ أن سمعت مواجهته مع زوجة أبيها.

همس و أوجعها: انتبهي على نفسك..

كوداعه أول مرة سافر فيها، لكن هذه المرة تختلف، فهو لن يعود.

[انتهى البارت...]


najla1982 and نورسه like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-08-17, 08:44 AM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


البارت هذا مخصوص لثريا، يمكن يشرح دوافعها، يمكن لا..

[7]

بداية النقطة السوداء في حياتها كانت عندما سُجن أبوها ظلما، ليطلق سراحه بعد سنين وفوات الأوان، فأمها ماتت حزنا عليه، والناس أصبحوا يعايروها هي وإخوتها بأبيها خريج السجون.

بين أختها مناهل الساذجة و أخيها مازن اللامبالي، كانت ثريا وحدها من تواجه ظلمة واقعها. تزوج مازن لتصبح أخباره شحيحة في الوصول إلى دارهم. ومن بعد مازن كانت مناهل. مازالت تذكر اعترافها الخجول ذات ليلة عن الذي جعل زياد السامي يطرق باب بيتهم خاطبا لاهفا.

(طحت من درج السوق قدامه..)

خمنت أن وجه أختها تكشف أثناء سقوطها، ليراه ذلك الزياد غفلة. ومن رأى أختها مناهل سيجن من جمالها. ربما تبعها إلى بيتهم، فالمسافة بينه وبين السوق الذي كانت تبتاع أختها حاجيات البيت كانت قريبة. قصة ظريفة، غير مطابقة لواقع ما تحولت حياتهما إليه.

تزوجا لتمنع ثريا من زيارة أختها الحبيبة، رفيقة الروح والدرب. سلبها زياد إلى عالمه المنعزل، كدمية جميلة تحمى من أعين الناس.

لكن ثريا كانت له بالمرصاد، ولم تهتم بالأسوار التي وضعها زياد، لا، فقد انتهزت كل فرصة تسنح لها لزيارة أختها حتى أصبحت قادرة على توقع الأوقات المناسبة لزياراتها. ولادة مالك جعلتها أكثر إصرارا على عدم السماح لزياد أو أي من كان بقطع صلتها بأختها، على رؤية ذلك الطفل الرائع يكبر أمام عينيها ليناديها (خالتي). لم تسمح بزواجها والظروف التي مرت بسببه بثني عزيمتها.

زواجها..

شعرت بالوحدة عندما رحل مازن ومناهل. أبوها المغبون الصامت كان وجوده كعدمه في البيت، مغلق على نفسه في غرفته.
عندما لمحت لها زميلة دراسة عن رغبتها بخطبتها لأخيها، لم تتردد ثريا بالموافقة. مر الزواج على خير في السنوات الأولى، بين تدليل وتعاطف أهل زوجها معها. ولدت ولدان، منصور و طلال. في السنة الخامسة بدأ زوجها فواز يتكلم عن الزواج مرة أخرى.

كانت تلك بداية النهاية.

إعترضت وهاجت لتفاجأ بالتغير الجذري الذي حصل لكل من حولها. أخذوا ودهم بالسرعة نفسها التي أعطوا، لتترك وحيدة مرة أخرى، مسلوبة الروح من خلال أخذهم لأطفالها.

لا تدري لم تزوجت بسلطان، لم تقبلته بتلك السرعة، لكنها فعلت ولم تندم. كان يختلف تماما عن فواز، أكثر هدوءا، أكثر بساطة وقناعة. ربما عيبه المؤلم، إذا أمر كذاك يمكن أن يقال عنه عيبا، كان ذكره العفوي لزوجته المتوفية، ليذكرها بوضعها السابق. ألم يكفي هاجس المرأة الآتية، ليلاحقها طيف إمرأة كانت؟

تلك الصغيرة، ابنة سلطان..كم ناسبها اسمها، فرؤيتها كانت كفيلة بجعل سلطان يتذكر.

تذكر ذلك اليوم الذي أبدت بشيء من الذي كان يسبح في ذهنها.

بدت طيف جميلة بفستانها الوردي المنفوش وبراءة محياها المضيء. ركضت إليها بكل السرعة التي تستطيع فتاة في الرابعة ركضها، لتسأل بابتسامة عريضة: كيف شكلي؟ بابا يقول حلو!

أرادت إجابتها بأنها توافق والدها بالرأي، لكنها سكتت، مشتتة الإنتباه بعشرات الذكريات المتدافعة إلى عقلها، عن قول سلطان أن ابنته كانت نسخة من أمها، عن مدحه الدائم لها.. عن زوجها السابق.. عن معايرته وإهانته لها قبل أن يطلقها..

لم تقصد قولها، لم ترد، لكنها فعلت: عادي.. ماني شايفة شي جديد..

فقط رؤية النور يخبت من عيون طيف أيقظها من غفلتها، لتدرك ما فعلت.. كسرت فرحة طفلة بثوب العيد.

لم تسنح لها الفرصة لتصحح ونست، لتتكرر مواقف مشابهة، ليتكرر شعور الذنب نفسه، إلى أن توقفت طيف عن سؤالها، إلى أن توقفت عن الفرح بتلقي مديح والدها.

تجاهلت ما يعنيه ذلك، إلى أن رجع بقول طيف المستنكر عندما عرضت عليها الزواج بمالك: .. ورى ما تخطبيله بنت تستاهل اجل، موب وحدة ما تطيقيها وقلتي عنها الف عيب؟

كان بوسع ثريا القول أنها لن تحصل على مرشحة أفضل لحظتها، لكنها فضلت الاتجاه إلى أمور أهم، كخطتها للإبقاء بولد أختها الوحيد جانبها وعدم السماح لأهله بأخذه بعيدا كما فعل والده بأختها.

:

ذعرت.. تعترف أنها ذعرت.

كانت خطتها تجري بأفضل ما يمكن. لم تتوقع مدى تعلق مالك الشديد بطيف، لكنها لم تمانع البتة.

المكالمات والتهديدات التي تلقتها من عائلة السامي منذ وفاة أختها نغصت عليها، لكن ثريا وجدت لها طريقة في التعامل. من حسن حظها أن زياد قطع علاقته بهم أيضا، لدرجة عدم معرفتهم بالكثير الكثير عن تفاصيل حياته. اضطروا مرات عديدة لأخذ كلمتها كحقيقة، كالمرة التي قالت إنها لا تعرف أين ذهب ابن أختها أو أي أخبار عنه. لا تدري من أين عرفوا أن لزياد ولدا في بادئ الأمر. لا يهم، فما دام أنهم لا يعرفون بسكن مالك عندها، اللعبة ما زالت مستمرة.

كان يجري كل شيء حسب منوالها، ليحطم مالك ذلك بإخباره لها أنه التقى بجده.

في ذعرها تفوهت بأشياء لم يكن من الحكمة البوح بها، أشياء أودت بطردها مالك من بيتها..

لم تقصد.. لم تقصد.. أليس ذلك بعنوان مناسب لحياتها؟

:

لم يقطعهم مالك بالكلية، فهو كان يتصل بشكل أسبوعي بسلطان الذي كان يظنه مسافرا للعمل كالمرة السابقة. زيادة على أنه كان يرسل لهم مصروفا نهاية كل شهر.

أجابها عن سبب فعله ذلك عندما ردت هي عليه بدلا من سلطان الملقى طريح الفراش من التعب والمرض: مو عشانك..

تسمع سلطان يجيب عن سؤاله عنه وعن طيف وحتى هي.. لتفكر "موب بابن أبوك أبد.."

تمر شهور ويزداد سلطان عتبا وعدم رضا على مالك لطول غيبته.

تمر شهور أكثر.. ويموت سلطان.

ما بال كل من تحب يرحل؟

غريب كيف أن طيف صارت ما منعها من الغرق بالهم، لأن الفتاة كانت تخطو غير واعية إلى هلاكها بحزنها على والدها.

كيف لم يخطر على بالها، شعور طيف حيال موت والدها؟ كيف لم يخطر لها انهيارها المحتوم؟ لطالما كان والدها أولويتها.. ألم تستغل ثريا تلك النقطة مرة؟

كفكفت عن دمعها لتهتم بطيف، لترجعها إلى الوقوف على قدميها مرة أخرى. اعتادت من تلك الفتاة الصلابة، ورؤيتها منكسرة كسرها، فطر قلبها وأدماه.

بوفاة سلطان، كانت ثريا المتلقية لمكالمات مالك اللاهفة القلقة كل يوم. يسألها أتأكل؟ أتخرج؟ أتدرس؟ أتنام؟ وربما كانت لتبتسم لو لم يكن الذنب يخنقها لسماع كل ذلك الحب بصوت ابن أختها.

ما الذي فعلته؟ كيف أمكنها فعله؟

لم تعد تظن أن لها الحق بوصل مالك، لم يغظها حتى معرفة أن عائلته أرسلته لإكمال دراسته في خارج البلاد أيام بعد أن غادر بيتها. كانت متأكدة أنهم كانوا يريدون إبعاده عنها بأقرب فرصة ممكنة.. ولا عجب.

تعافت طيف ببطء لكن بإصرار.. لطالما كان إيمان تلك الفتاة قويا. قضت وقت بكاءها وحزنها على والدها بالدعاء له.

لشهور، حرصت ثريا على إبقاء مكالمات مالك سرا عن طيف، ليس برغبة منها بل بسبب ابن أختها. لسبب ما، وصاها ألا تسمعها طيف تتكلم معه. لم تر ثريا المنطق في ذلك. لم لا يسأل طيف عن أحوالها مباشرة بدلا من السؤال عنها؟

لكن لابد وللإنسان أن يخطئ ويتعثر.. وأتى يوم سمعتها طيف تكلم مالك.

بدت طيف كما لو أنها تريد قول شيء، تعابير وجهها الحيادية لا تفصح عما كان في بالها، فأعطتها ثريا الجوال بترقب، لتتسع عيونها بتفاجئ مما تفوهت به: تقدر تطلقني اللحين.

أعطتها الجوال بدون انتظار رد وذهبت..

ربما بدا صوت طيف باردا خاليا من المشاعر، لكن ثريا رأت الألم في تعابير وجهها. كان واضحا حبها وعدم رغبتها بالطلاق.. إذا، لم أعطت مالك الإذن؟

كانت ستسأل مالك، كاسرة قوانين مكالماتهما، لكنه أقفل الخط.

:

سألته في اتصاله التالي: بتطلقها؟

أجاب ببرود: طبعا لا. هي ما طلبت.

قطبت ثريا حاجبيها: بس هي قالتلك إنك تقدر تطلقها..

رد: هذيك قلتيها. قالت أقدر، وما دام تركت لي الخيار، فما راح أطلقها.

شعرت بغضب من تحايله الواضح واختياره المركز على ما تعنيه الكلمات: يعني بتظل معلقها؟!

لم يفتها الألم والحزن الذي ظهر بصوته، مهما حاول إخفاءه: لما تطلب مني هي بطلق. غير عن كذا مافي. زي ما الخيار في يدي، الخيار في يدها.

:

تطلب مرضا أطاحها طريحة الفراش لتدرك ثريا شيئا..

اهتمام طيف بها، تنقلها من مستشفى لآخر بحثا عن علاج لها، عدم تركها لتصارع آلام المرض لوحدها.. كان تصرفا مغايرا لما توقعته. ليس هذا نص القصة التي دارت في بالها أبدا بعد وفاة سلطان.

توقعت عودة ابنيها لها، بحثهما عنها ووصلها بعد قطيعة سنين. توقعت ترك طيف لها للعيش مع أي فرد من عائلة والدها الذين عرضوا مكانا لها على مضض، مجبرين.

لكن صغيراها أصبحا رجلان لا يكترثان ولا يلقيان لها بالا. تركاها.. بينما طيف بقيت.

مسحت طيف عن دمعها، وعندها فقط أفاقت ثريا من غيبوبة شجونها. لم تسألها طيف عما أبكاها.. فقط ساعدتها على الجلوس وقالت: وقت دواك جا..

نظرت ثريا إليها كأنها أول مرة تراها.

تذكرت ما قالته لمالك مرة..

(لو كان عندي بنت..)

كانت مخطئة.

لديها ابنة.. لديها ابنة..

:

كانت مفاجأة عندما اتصل بها أخوها مازن بعد أسبوع من تعافيها ليخبرها أنه سيصطحبها إلى السكن في مبنى الشقق الذي يملكه. بالكاد سمعت أخباره، ظنت أنه لن يهتم، ليثبت لها أنها كانت مخطئة في هذا أيضا.

أجابها عند سؤالها: راحت أختي الكبيرة بدون ما أشوفها لسنين.. ما أبغى يصير نفس الشيء مع أختي الصغيرة.

باعت البيت ووضعت ما حصلت منه في حساب أسسته لطيف. في معمعة وضب أغراضهم والإنتقال إلى جدة، فقدت جوال طيف وجوالها، ومعه الرقم الدولي الذي كان يتصل منه مالك.

مهما حاولت، لم تستطع العثور عليه أو حتى تذكر الرقم.

:

سنين تمضي..

تنهدت: هذا ثالث خاطب أرده بذاك العذر..

لترد طيف ببرود: مو عذر، حقيقة. أنا متزوجة.

"وهاذي المرة العاشرة اللي أقول هالكلام..": نقدر نروح المحكمة ويصلحوا وضعك.. مو شرط نحصل خبر من مالك وحنا ما نعرف حتى وينه فيه ولا نقدر نتصل عليه.

ذلك الجدار الجليدي تصدع، كما يفعل كلما ذكر اسم مالك: أنا مو مستنية خبر منه..

لم تصدقها ثريا. كيف تفعل وهي ترى طيف مازالت ترتدي خاتمه بعد سنين؟

[انتهى البارت...]




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-08-17, 08:45 AM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


وهذي النقلة للقسم الثاني من الرواية، مقدمة صغيرة..

[8]

"الحاضر"

تململت مي بطريقة عهدتها طيف منذ بداية صداقتهم: ما صار شغل ذا.. يختي خذي إجازة وزوريني. خففي من وحدتي. لا تتركيني أقعد أعدد فالجدران!

ضحكت: وين زوجك عشان يخفف من وحدتك؟

تنهدت تلك بحالمية مبالغ فيها: حبيب قلبي يفرفر في أرجاء العالم. آخر مرة كان في موسكو. الله يهديه، في أحد يقبل يروح هناك في عز شتاهم؟

لم تتخيل طيف ركوب طائرة من مدينة لأخرى، فكيف بمن جعل التنقل على الطائرات عملا له؟ عمل زوج مي كطيار جعله دائم الغياب عنها، لذا لم تمانع طيف اتصالاتها قط، فعلى الرغم من المرح في صوتها، تعرف أن صديقتها كانت تشعر بالوحدة. تمنت لو تستطيع زيارتها حقا، لكن ظروف العمل المتوترة حاليا لن تسمح لها بالفرصة. تحتاج إلى هذه الوظيفة، حقا تحتاجها.

وعدتها بالاتصال حالما ترجع من دوامها، لتتجهز ليوم عمل جديد. استقلت سيارة الأجرة إلى مقر عملها، شركة الورد الذهبي للمستحضرات الطبيعية.

لم تكن تفكر بتفقد النوعية كأساس عمل لها بعد أخذ شهادتها، كان طموحها البحوث بعد نيل الماجيستير. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. على الأقل، كانت مرتاحة في وظيفتها هذه.

ثمان سنوات مضت منذ انتقالها وخالتها إلى جدة، بعيدا عن الرياض وحياتهم القديمة والذكريات التي بعثتها. لا تستطيع القول بأنها كانت سعيدة مقارنة بالماضي، لكنها كانت مقتنعة. هذا ما إحتاجته، فالتعلق ببضع ذكريات سعيدة لم يفدها.

:

شركة الورد الذهبي كانت مقر عملها لسنوات طوال، وكرئيسة القسم النسائي فيه، تعودت لمياء على روتين يومي، و عملت على اتباع موظفاتها لذات الروتين.

لكن.. منذ أن بعيت الشركة، الأوضاع تغيرت، والذين يجب عليها إجابتهم أصبحوا ذوو نفوذ هائل.

توترت عندما رن الهاتف معلنا أن المتصل كان المشرف المرسل من قبل المجموعة التي اشترت هذه الشركة. أحكمت قبض يدها المجعدة على السماعة قبل أن تجيب. أتاها صوت رجل حياها باحترام ثم سأل، شيء ما لم تستطع لمياء تحديده واضح في صوته: خبريني عن الموظفة طيف سلطان الفياض..

لم تحتج لمياء للبحث في سجلات موظفاتها لمعرفة من كان يقصد. لم تكن هناك سوى طيف واحدة تعمل في قسمها الصغير، وكانت ذات تميز جعلت لمياء تلاحظها من اللحظة التي تقدمت إليها بطلب العمل.

طيف سلطان الفياض، خريجة كيمياء حيوية بامتياز. الموظفة التي فاقت كفاءتها نظيرها في القسم الرئيسي.

كانت طيف شابة هادئة خلوقة، تأتي على الموعد ونادرا ما غابت خلال الثلاث سنوات التي عملت في هذه الشركة. لم يكن فيها شغب وصخب الشابات الذي اعتادت لمياء على توبيخه بمودة.

إذا كان على لمياء اختيار موظفتها المفضلة، فهي دون شك ستختار طيف.

كل ذلك، قالته للمشرف، قلقة متوجسة. سمعت بالإشاعات التي تحاك عن تصفية الموظفين. هل ستبدأ تلك التصفية في القسم النسائي؟

شكرها وأقفل الخط دون توضيح غايته، تاركا لمياء لهواجسها.

مرت على مكتب طيف لتفقد أحوالها، لتراها غارقة في العمل. لا يبدو أنه تم الاتصال بها.. حتى الآن.

نبهها صوت طيف إلى سرحانها: في شي أستاذة لمياء؟

هزت رأسها بابتسامة حاولت أن تكون مطمئنة: لا، لا.. مافي شي. كملي شغلك.

الحقيقة أنه كان الكثير لم تخبر المشرف به، لم يكن من المناسب أو الصحة إخباره. فهي فكرت مرة بتزويج ابنها بطيف لتكتشف أنها كانت، وللأسف، متزوجة. لم يفاجئها ذلك، فزيادة على رزانتها وتفانيها، كانت طيف ذات جمال مبهر.. حتى لو لم تبدو بأنها تهتم بنفسها وتأنقها على الإطلاق. خسارة، بكل صراحة.

تساءلت ما الذي سيقوله لها ذلك المشرف، ذلك المعروف بكونه يد جده اليمنى، مالك السامي..

:

رن هاتف المكتب لترد عليه دون أن يشيح نظرها عن شاشة الكمبيوتر: نعم؟

لا جواب. قطبت طيف حاجبيها باستغراب: لو سمحت وراي شغل، فممكن تعجل؟

لا جواب مرة أخرى. هزت كتفيها وأقفلت الخط. من الممكن أن المتصل قد أخطأ.

:

يا الله.. هي! كانت هي!

لم يسمح نفسه بالأمل وهو يجري الاتصال، ظل متوقعا أن يخيب أمله كما كانت العادة لثمان سنوات طوال.. لكن اليوم حصل تغيير، حصلت معجزة! أفكاره التي كانت تضج في ذهنه تبخرت، ليبقى هو في حالة خدر جنونية إثر سماعه لذات الصوت الذي لاحقه في أعذب ذكرياته و أجمل أحلامه.

(لو سمحت وراي شغل، فممكن تعجل؟)

ثمان سنوات مضت منذ آخر مرة سمع فيها ذلك الصوت، ثمان سنوات ظل يبحث فيها عن صاحبته، وأخيرا، عندما بدأ يفقد الأمل، وجدها!

حتى لو كان صوتها جافا، باردا كالصقيع، لا زال فاتنا ساحرا، ربما أكثر.. تعلق بكل حرف نطقته، حلله وأعاده كشريط في باله وروحه.

فكر كيف كان محظوظا بتوليه إجراءات شراء هذه الشركة بالذات. استغرب في بادئ الأمر عندما كلفه جده بهذه المهمة، لكنه الآن لم يكترث. مجيئه لهذه المدينة، لهذه الشركة، جعله يصادف اسما امتلك كل عرق من عروق قلبه.

ابتسم مالك بذهول أسكره، هامسا لنفسه: أخيرا لقيتك يا طيف..

[انتهى البارت...]



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.