آخر 10 مشاركات
راسين في الحلال .. كوميديا رومانسية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          Carole Mortimer (الكاتـب : Breathless - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          539 - سديم الصباح - ليندساي آرمسترونغ - ق.ع.د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          560 - زاوية صغيرة في قلبي - كاترين سبنسر - ق.ع.د.ن ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Gege86 - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          132- كيف ينتهي الحلم - ليليان بيك - ع.ق. ( نسخه اصلية بتصوير جديد) (الكاتـب : angel08 - )           »          أجنحة الليل - كاترين بلير - ع.ج .. حصريااا** (الكاتـب : جروح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة

Like Tree35276Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-06-19, 09:53 PM   #12141

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,437
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




*
*
*



فتحت باب الغرفة وخرجت مسرعة بسبب جرس الشقة الذي لم

يتوقف عن الرنين وفتحت الباب دون أدنى ذرة تراجع أو تفكير

فمن في الخارج يبدو لا يمكنه الانتظار وهي لم يسبق وزارها أحد

هنا ولا تعرف أحداً سوى المجاورة لهم في ملحق مدبرة المنزل

والتي لم تراها بعد تلك الليلة حين عادا من الحفل ! وما توقعته

أو خشيته حدث فعلاً وهي ترتد للخلف بقوة حتى كادت أن تقع

بسببها على الأرض حين اندفع جسد المرأة ذات الشعر الطويل

المموج وسقطت على الأرض صارخة أمام نظراتها الذاهلة

وأمسكت فمها بيدها بصدمة تنظر للتي أصبحت تتلوى على

الأرض صارخة بألم تمسك معدتها بذراعيها وكأن ثمة ثعبان ما

شديد السمية قد لدغها ! وما أن اجتازت صدمتها ركضت نحوها

في خطوتين واسعتين وجلست قرب رأسها وأبعدت خصلات

شعرها الطويل عن وجهها صارخة فوق صوت صراخها الذي

لازال يخرج من فمها المفتوح على اتساعه

" غيسانة ما بك ! ما الذي حدث لك ؟ "

لكنها لم تجب بشيء لازالت تصرخ بألم نظرها معلق في السقف

وعيناها تكادان تخرجان من مكانهما محمرتان نابضتان كعروق

عنقها ولم تتوقف عن الصراخ وقد بدأت ترفس بساقيها وبدأ

بعض الزبد الأبيض يخرج من طرف فمها فهزتها من كتفها

صارخة ببكاء

" ما بك غيسانة تحدثي ؟ "

وكانت النتيجة كسابقتها فوقفت وركضت باتجاه غرفتها ورفعت

هاتفها سريعاً تكاد توقعه من يديها المرتجفتين وهي تحاول البحث

عن رقم هاتفه وصوت الصراخ الأنثوي في الخارج لا يزيدها إلا

توتراً ، كان رقمه مخزن لديها سلفاً وكم حمدت الله أنها فعلت مثل

هذه الخطوة سابقاً ومن قبل أن يتقرر وجودها هنا فمطر كان

مصراً على هذا من أجل الضرورة القصوى كما يسميها .. وضعت

الهاتف على أذنها بينما فتح من في الطرف الآخر الخط فوراً

فقالت صارخة ببكاء

" تعالى بسرعة .. أرجوك أسرع فغيسانة ليست بخير "

وسمعت بوضوح صوت الكرسي الخشبي الذي وقع عنده بينما

وصلها صوته بقلق ويبدو بأنه يتحرك مسرعا بين أشياء تعيق

سيره في خط مستقيم

" ما بها ؟ ماذا حدث "

قالت وبكائها لا يزداد إلا حدة

" لا أعلم ما بها إنها تموت .. تعالى بسرعة أرجوك فهي ستموت

لا محالة "
وصلها صوته المرتفع باستعجال

" أنا قادم ... اتصلي بالإسعاف بسرعة فقد يتمكنوا من

الوصول قبلي "

ففصلت الخط منه وفعلت ما قال فوراً فكيف لم تفكر في هذا ! وما

أن أخذوا منها عنوان الشقة ومكانها فصلت الخط ورمت الهاتف

وخرجت راكضة باتجاه التي لازالت على وضعها السابق وجلست

بجوارها مجدداً وأمسكت بيدها التي سرعان ما تمسكت بها أيضاً

وقالت ببكاء تمسح على شعرها

" ستصل الإسعاف سريعاً فهم قريبون من هنا ... اصمدي قليلاً

غيسانة أرجوك "

وما قالته حدث فعلاً فلم يمر وقت طويل قبل أن تسمع صوت

صفير سيارة الإسعاف الواضح والمميز فتركتها وركضت خارح

الباب وصرخت من أعلى السلالم القصير للذين ظهروا لها من

الأسفل

" بسرعة ها هي هنا .... تعالو بسرعة "
فركض طاقم المسعفين للأعلى فوراً ولم يكن الأمر يحتاج لأن

تخبرهم فصوت صراخها فعل ذلك قبلها .. وما أن دخلوا المكان

تحلقوا حولها وحاول أحدهم فحصها سريعاً بينما جلب آخران

حمالة ووضعوها عليها فركضت خلف آخر من خرج منهم وكان

الذي قام بفحصها تحديداً وأمسكت بكم قميصه الطبي جهة ذراعه

موقفة له وقالت ما أن توقف ونظر لها

" ما بها ؟ "

فقال وهو يركض نازلاً خلف من غادروا للتو

" يبدوا تسمماً ما وقد يكون بسبب أحد الأدوية "

فاتسعت عيناها بصدمة تنظر له حتى اختفى خلف جدار السلالم

الحلزوني وركضت من فورها جهة باب غرفتها المفتوح والذي

وقفت أمامه تنظر للمكان الذي تراه لأول مرة وسرق نظرها

سريعاً علب الأدوية المتناثرة على الأرض فأمسكت فمها في

شهقة مصدومة .


*
*
*


انقبضت أصابعها لا شعورياً ما أن توقفت سيارة شقيقها ونزل

منها بعد ثلاث ساعات متواصلة من السير من العمران وحتى

العاصمة حوران جنوب البلاد .. وإن أضافت لها ازدحام الشوارع

هنا أصبح وقت وصولهم فيما يقارب منتصف الليل وهم غادروا

من هناك وقت مغيب الشمس ، كانت رحلة يسودها الصمت التام

ولن تعزي ذلك لطباع شقيقها قائد شديد الصمت فقط بل وتراه

يتعمد ذلك لأن الحديث سيأخذهما لأن يسمع عبارات لومها

الحزين وذاك ما يعلمه جيداً ويرفضه ، لو كانت الرحلة برفقة

شقيقها وسام لاختلف الأمر كثيراً لكنه جبان أيضاً تهرّب من هذا

لأنه لن يجد جواباً لأسئلتها ولا لعتابها الباكي .. ولن تلومهما

كليهما فلم يملكا يوماً الخيار في تقرير ما يخص شقيقاتهما فقط

لأنهم أشقاء من الأم .. حجة وجدها وثاب سابقاً ليخرسهما بها

وللأبد بل وبطريقة مهينة وجارحة لم ينسوها هم شقيقاتهم

ليَنسياها هما .

انقبضت أصابعها على بعضها أكثر حين انفتح بابها وتعالت

ضربات قلبها مع أنفاسها تنتظر بتوتر أكثر من كونه رفضاً

الأصابع واليد الرجولية التي ستمسك بيدها لتساعدها على

النزول .. يد لن تكون لوالدها ولا أشقائها ... يد رجل غريب عنها

ولأول مرة وإن ارتبطت به بمسميات أباحها الشرع كما القانون

ليكون أقرب لها منهم جميعاً ، لكن ذلك لم يحدث ! فلا العطر الذي

وصلها حينها عطره ولا اليد الدافئة التي أمسكت يدها بيده ! بينما

أحاطت ذراعه الأخرى بكتفيها ووصلها صوت شقيقها قائد

وهو يهمس

" هيا انزلي يا جليلة "

هل ترك هذه المهمة لشقيقها أيضاً ! ألم يجد رئيس جهاز

المخابرات وقتاً ولا لاستقبالهم وأصدر أوامره ليجدها في انتظاره

ما أن يتفرغ الليلة ؟! انقبضت أصابعها على يد شقيقها وهي تُنزل

قدمها للأرض ثم تستوي واقفة خارج السيارة .. فما الذي يعنيها

في كل ذلك ؟

شعرت بالبرودة تتسلل من تحت الغطاء الأبيض الطويل الذي

يحجبها عن العالم كما يحجبه عنها وخطوات شقيقها تقودها خلال

الطريق الذي لا ترى منه سوى موقع قدميها بعض الأحيان قبل

أن يُحجب عنها كل ذاك الهواء ما أن احتوتهم جدران ما وصمت

مميت لا يكسره سوى صوت خطوات كعب حذائها المرتفع ! تلاه

مصعد بدأ يصعد بهما نحو السماء ...! أجل نحو السماء وهو

يرتفع دون توقف وموقنة من أنهما وصلا لمكان قد فاق الطابق

العاشر فأين هما تحديداً !!

توقف المصعد أخيراً وانفتح الباب أمامهما وبعد خطوات قليلة

خارجه سمعت صوت مفاتيح يخرجها من جيبه قبل أن يُدار قفل

باب ما أمامها وفتحه على اتساعه وأدخلها مغلقا إياه خلفه

وانتهى كل ذاك الصمت المميت حينها ما أن رمى مفاتيحه

لتصطدم بسطح طاولة خشبية قريبة وقال مبتسماً

" يمكنك رفع هذا الشيء الآن عن وجهك والتنفس بحرية "

وكان ذاك ما فعلته حينها بالفعل ودون تردد بأن رمت قبعة الغطاء

للخلف عن وجهها وسحبت أنفاساً نقية لصدرها لا شعورياً

ونظرت للمكان حولها باستغراب فهذه شقة شقيقها في العاصمة

هي متأكدة ! نظرت له ما أن قال فارداً يديه ومبتسما

" أعلم ما السؤال الذي يجول بذهنك الآن "

سحبت نفساً عميقاً لصدرها قبل أن تحرره متمتمة ببرود
" ولن يكون بالتأكيد ( هل هربت بي منه ؟ ) "

فضحك من فوره ضحكة عميقة قصيرة ومكتومة كما عرفتها عنه

دائماً وقال

" لا بالطبع بل زوجك من أراد هذا وستقضين الليلة هنا وتنامين

بسلام من دونه "

وتابع بضحكة يرفع يديه جانباً ينظر لها وهي تنزع الغطاء الثقيل

الذي أتعبها أكثر من الفستان

" انظري إلينا إذاً ...؟ زوجة ضائعة وزوج ضيع زوجته

واجتمعنا "

اقترب حاجباها ببطء تنظر له باستغراب فرفع كتفيه وقال مبتسماً

" يبدو أنه يعلم جيداً عدم تقبلك للزواج منه "

شدت قبضتيها بقوة بجانب جسدها وخرج صوتها متضايقاً

" لو كان يعلم ذلك أو يفهمه لما كان تزوجني أساساً "

وأدارت وجهها جانباً وهي تتابع بابتسامة ساخرة بل متألمة

" أو ما نفع قول كل ذلك "

فتنهد بعمق واقترب منها وأمسكت يداه بذراعيها ونظر لوجهها

الذي لازالت تشيحه عنه ولازال الأسى يرتسم واضحاً على

ملامحه وقال بنبرة عميقة متزنة تشبه ملامحه كما شخصيته

" من منا يختار قدره يا جليلة ؟ جميعنا تحركنا أقدار الله ومشيئته

إن أحببنا ذلك أم كرهناه وإن وقف الجميع معنا ضده فما يريده

الله سيكون ولا أحد منا يعلم الخير من الشر في ذلك غيره "

نظرت له وقالت بعبرة مكتومة والدموع تترقرق في عينيها

الواسعة والمحددة بالكحل الأسود اللامع

" هذا يكون كلامكم جميعكم عندما تعجزون عن إيجاد تبرير

مقنع لصمتكم ... فلما لا نفعل كل ما نستطيع فعله ثم نسلم

لأحكام الله ؟ "

كانت ترفض الحديث في الأمر بل وقررت أن تصمت نهائياً وها

هي تفشل وفي أول مرة يثار فيها الموضوع ، قال بجدية ناظراً

لعينيها الواسعة الدامعة

" لو أفهم ما في الرجل يجعلك ترفضينه ! فأنا لم أجد ولا ثغرة

أدخل له منها لأواجه والدك وشقيقك وثاب يا جليلة ؟ توقفي عن

اتهامنا بالتخاذل فذلك لم يحدث ... ولا أجد لك مبرراً بالفعل ! "

فتعالت أنفاسها وقالت بشهقة بكاء

" العيب بي وليس به ... "

وتابعت ببكاء مرير تشير بسبابتها لصدرها

" أنا لا أستطيع يا قائد فثمة شيء ما انكسر هنا اسمه رجل لذلك

لا أستطيع .. افهموني أرجوكم "

فاشتدت أصابعه على ذراعيها العريان والمخضبان بالحناء وقال

بحزم ناظراً لعينيها الباكية

" جليلة ما هذا الذي تخفينه عنا ويبدو حدث في الماضي ؟! "

ابتعدت عنه وأولته ظهرها وهمست ببحة تمسح الدمرع عن

وجنتيها بظهر كفها

" لا شيء ... لا أخفي شيئاً ..... وهل يخفى شيء في هذه

البلاد ؟ "

فأمسكت يده بكتفها وأدارها ناحيته حتى أصبحت مقابلة له مجدداً

وقال بجدية

" لن تقنعيني بهذا الآن فأنا لازلت حتى اللحظه أحاول تفسير

خبايا قصة زواجك من رماح شراع وما سببه وكيف تتمسكين به

بعد الحادث بينما يختار هو تطليقك !! "

" لا شيء ... لا شيء "

رددتها بهمس باكي تحرك رأسها نفياً ترفض النظر لعينيه فهي

تعلم الطريقة التي يفكر بها عقل المحامي لديه والجدال والرفض

لن يزيده سوى يقيناً بشكوكه .. وكما توقعت فقد قال وهو يرفع

وجهها ممسكا بذقنها لتنظر له

" وما السبب إذاً فلن يكون زواجك منه ..!! ما سبب رفضك يا

جليلة للزواج ؟! "

نظرت لعينيه من بين الدموع التي لم تعد ترى معها شيئاً تقريباً

وقالت بحرقة ويدها على صدرها

" أخبرتك بأنه الموت هنا يا قائد فلا تسأل أكثر وأنت أكثر من

اختبر هذا ويعرفه "

" ليس صحيحاً "

قال تلك الكلمات بعنف مبعداً يده عن ذقنها فكان ردها أعنف

وهي تقول

" بلى فلما لم تتزوج حتى الآن ؟ "

فحدق في عينيها بصمت وكأنه يبحث عن الجواب فيها عن سؤاله

قبل أن يطرحه وهمس باستغراب

" هل أفهم من هذا بأنك تحبين رجلاً آخر ! "

حركت رأسها بالنفي سريعاً وقالت بحرقة وألم

" لا .. وليته كان كذلك لكنت ذهبت له وأخبرته بذلك فإما أتزوجه

هو وإما يرفضني ويموت في داخلي للأبد وأرتاح "

فأشار لنفسه بيده وقال بحدة

" لماذا تقارنين نفسك بي إذاً ؟! "

قالت من فورها وبألم تنظر لعينيه

" أنا لم أقارن أنا فقط أردتك أن تفهم معنى أن تتألم في داخلك

حتى يفقد الشيء معناه بالنسبة لك ونهائياً "

نظر لها تلك النظرة التحليلية التي تفهمها جيداً وتعرف تبعاتها
فأبعدت نظرها عنه بل ووجهها الذي أشاحته جانباً وقالت تسبقه

" أنا متعبة يا قائد وأحتاج بالفعل لأن أنام قليلاً "

فتنهد مستسلماً ليس لأنه يصدق عذرها بل لأنه يعلم جيداً بأنها

لن تخبره بما يريد معرفته فقال بجمود يشير بيده بعيداً

" غرفتي هناك وهي الوحيدة المجهزة هنا .. يمكنك النوم فيها "

وتابع مغادراً نحو الجهة الأخرى

" إن احتجت شيئاً فأنا سأكون في غرفة المكتب .. لديا بعض

الامور التي سأقوم بها ولن أنام "

واختفى عنها وراء الباب الذي أغلقه خلفه فنظرت لحقيبتها التي

وضعها على الأرض حيث كان يقف وحملتها وتوجهت جهة

الغرفة التي أخبرها عنها والتي ما أن أغلقت بابها خلفها حتى

سقطت تلك الحقيبة الصغيرة من يدها على الأرض تحتها وتبعها

الغطاء الأبيض المطرز الذي كانت تمسكه في يدها الأخرى

واستند ظهرها بالباب خلفها وأمسكت فمها وعبرتها بيدها ما أن

تسابقت الدموع تنزلق من عينيها مجدداً وهي التي سبق

وعاهدت نفسها أن لا تبكي أو تهتم .. لكنها فشلت في كل ذلك .


*
*
*


مررت المشط بقوة في شعر الجالسة أمامها غير مكترثة لبكائها

الطفولي المرتفع تمسك صدغيها بيديها الصغيرتان وارتفعت

عيناها الواسعة الدامعة تنظر برجاء واستنجاد صامت لجدتها التي

دخلت المكان فجأة تنظر لهما باستغراب قبل أن تقترب قائلة

بضيق

" مهلك يا بثينة لما تفعلين بابنتك هذا ؟ "

لكنها لم تكترث لها تشد ذاك الشعر الأسود الناعم بقوة ولازالت

تمرر المشط فيه بعنف وما أن قالت الصغيرة باكية تحاول

الخلاص والركض لها

" جدتي .... "

حتى غابت كلماتها في حلقها الصارخ ببكاء ما أن ضربتها

بقبضتها الممسكة بالمشط في ظهرها صارخة بغضب

" قلت اجلسي ولا تتحركي أبداً حتى أنتهي أو أحرقت لك

هذا الشعر وارتحنا كلتينا منه "

فازداد بكاء تلك الطفلة حدة بسبب ألم ظهرها من جهة والأم في

شعرها من جهة أخرى لكن يد جدتها كانت المنقذ لها وهي تمسك

بذراعها وتسحبها منها قائلة بحدة

" اتركي الفتاة ما بك تفرغين غضبك بها ؟ "

فنظرت لها متيبسة بصمت للحظة قبل أن تبرر بانفعال مبالغاً فيه

" هي السبب في هذ الغضب .. لا تتوقف عن الحركة وكأن

شعرها ينساب مع المشط كالماء "

قالت الواقفة أمامها تحضن حفيدتها الباكية

" لا بل هو كذلك بالفعل وشكله أمامك يشهد فلا تتحججي بها "

حدقت فيها بصدمة قبل أن تقول برفض غاضب

" ماذا تقصدين بهذا أمي ؟ "

" تعلمين جيداً ما أقصده "

قالتها بالسرعة والقوة التي وجهت بها ابنتها السؤال لتحتج تلك

من فورها بانفعال

" لا لست أعلم .. وإن كان بسبب حفل الزواج الذي لم يدعوننا

له فأخبرتك بأني لا أهتم وقلت ما قلت من أجل احترامك فقط كعمة

له وقريبته الوحيدة "

قالت المقابلة لها بضيق تبرر به الموقف مجملاً

" لا ليس من أجل ذلك أتحدث فسبق وقلت وها أنا أكررها مجدداً

فعائلة جليلة لم يقيموا حفلاً ليتم دعوتنا له وعمير عزيمته تخص


الرجال فقط وأعتقد أن الأمر يخصهما وحدهما "

قالت بسخرية تغطي بها قهرها وحرقتها

" بالله عليك أمي ... عمير وفهمناها ابن شقيقك ومحبتك له فوق

إهانته لك بأن يرفض أن يكون ثمة حفل تحضره ... "

وحركت يدها أمام وجهها وهي تتابع

" نسااااء العائلات الراقية المبجلة في البلاد والذين لا تراهم هنا

والذين هم مدعوون الآن في عشاء في أهم وأفخم صالات

المناسبات في العاصمة .. "

وتابعت بضيق تشير بيدها جانباً

" لكن تلك العائلة وتلك المغرورة ترفض لما حفلاً تبرع ابن

شقيقك بأن يتكفل بتكاليفه كاملة .. إن أرادت أن يكون في العمران

طارت الناس لها هناك لتحضره وإن أرادته هنا في حوران كان

لها ما ستتحدث عنه الناس لأعوام ! بل واقترح حتى منزله هنا
إن أرادت سمو الأميرة ذلك وهي تتكبر على كل هذا ! لا ويلغي

حفل النساء كاملاً لأنها رفضت ولا يحتج ! قسماً لم ترى عيناي

رجلاً يتعرض وعائلته للإذلال من امرأة كما يحدث معنا ! "

كانت تتحدث بما لم يعد يمكنها كتمانه أكثر كي لا يقتها بينما كانت

عينا والدتها تتسع تدريجياً بسبب ما تسمع وانفجرت نهاية الأمر

صارخة فيها بينما سبابتها تغطي شفتيها

" اصمتي .. قسماً إن سمع عمير كلمة من هذا فقط يا بثينة أن

يكون حسابي معك عسيراً ولن أفوتها لك كالمرة الماضية .. "

وتابعت بحدة تشير بسبابتها جانباً

" ألا يكفيك أن ابنك والذي لم يتجاوز العاشرة بعد أخذه معه وكأنه

رجل من عائلته ولا شيء يربط اسميهما ببعض "

فقالت بضيق لم تكترث بغضبها ولا تهديدها كما يبدو

" وهذه إهانة أعظم من سابقتها أ... "

لتقاطعها التي صرخت مجدداً

" قلت اصمتي قسماً أن الحديث معك عبثاً "

فضربت بيدها على فخذها صارخة بحرقة

" أمي أخبرتك منذ البداية أن ذلك لا يعنيني .. ..

هو من أجلك فقط "

فصرخت فيها بالمثل

" لما غاضبة إذاً ومزاجك مشتعل منذ الصباح تفرغينه في

المسكينان اللذان لا ذنب لهما ؟ "

فحدقت فيها بصدمة صارخة باحتجاج

" أمي هل أفهم ما تلمحين له ؟! "

وحدقت بذهول في التي لوحت بسبابتها ناحيتها قائلة بحدة "

تفهمين جيداً يا بثينة وتوقفي عن إلقاء اللوم على الأخرين فيما

سببته بنفسك لنفسك .. وزوجة عمير واجب علينا جميعنا

احترامها كبيرنا قبل صغيرنا "

فلم يزدها سماع اسم تلك وما قالته والدتها سوى اشتعالاً وقالت

غاضبة

" تقولين هذا ولم تصل بعد أمي فماذا بعد أن تصبح هنا ؟ ستري

بعينيك أي إذلال سنعيشه بسببها وكيف ستجعل ابن شقيقك مدللك

ذاك يطردنا من منزله هذا "

" إن حدث وكان هذا فسنكون نستحقه حينها بالتأكيد "

وجهت لها تلك الجملة التي تعنيها وتفهمها ابنتها جيداً ومقصدها

منها فانفجرت حينها باكية وخرج ما لم يعد يمكنها السيطرة عليه

أكثر وصرخت ببكاء تضرب بكفها على صدرها

" أمي الرحمة أرجوك أنا ابنتك ولست عدوة لكم ... تعلمين جيداً

كم هو قاسٍ هذا الأمر على قلبي وتعلمين أيضاً ما قاسيته

ومررت به "

ليجعل ذاك المنظر الواقفة هناك تبعد حفيدتها المتعلقة بها

واقتربت من ابنتها وجلست بجوارها وحضنتها في صمت يشبه

بكائها الصامت ذاك فهي تفهم مشاعرها وما تكتمه في داخلها

اليوم تحديداً وتعلم أن ما مرت به في زواجها السابق كان قاسياً

عليها وعلى زوجها ذاك أيضاً ولن تنكر هذا فكلاهما لم يستطع

الانسجام أو تقبل طباع الآخر، و كل ما تتمناه أن تكون تعلمت

ابنتها ذاك الدرس جيداً وأن تُخرج من رأسها أيضاً فكرة أن

الشاب الذي أحبها وتعلق قلبه بها في الماضي لم يعد لها الآن

وإن كانت مشاعرها ناحيته لم تتغير .


" عمتي "

ابتعدت عنها تكتم بكائها بيدها تغلق فمها بقوة ما أن وصلهما

الصوت الرجولي الجهوري منادياً في الخارج ووقفت المعنية

بالأمر بينما سبقتها حفيدتها راكضة قبلها ما أن سمعت صوته

بينما بقيت التي تركتها خلفها تمسح دموعها بكفها بقوة تسمع

حديثهم بوضوح بل ذاك الصوت الرجولي تحديداً وهو يستقبل

طفلتها الصغيرة قائلاً بابتسامة

" مرحباً بأميرتي "

وابتسمت بحزن وحسرة زادتها العبارة التي تليها

" من هذا الذي أبكى ملاك عمير ؟ "

ليتدخل صوت والدتها في الوقت المناسب قائلة

" مرحباً بني هل انتهى عشاءكم ؟ "

قال بعد قبلات كثيرة متتالية لوجنة الطفلة الضاحكة بين ذراعيه

" تقريباً عمتي فقد غادرت وتركتهم "

ضحكت وقالت

" معك حق إن بقيت هناك فلن تحضر زوجتك أبداً وتلك سيئة

في حقها "

فاشتدت أصابعها في قبضة واحدة قوية ودون شعور منها

وضربات قلبها ترتفع بتسارع قوي وهي تسمع كلمات والدتها

التالية متسائلة

" لا أراها هنا هل هي في السيارة أم لم تصل بعد ؟ "

فكان جوابه سريعاً لم يترك لها المجال ولا لتخمينه

" لا عمتي وصلت وهي مع شقيقها ولن أحضرها هنا الليلة "

فوقفت على طولها يدها على صدرها تنظر للباب مبتسمة بعد كل

ذاك البؤس والدموع والنهار الحافل بالتوتر والغضب والأعصاب

المشدودة .. فما معنى أن لا يحضرها هنا ويتركها مع شقيقها ؟

كم تمنت لو أن والدتها سألته أكثر وعلمت عن السبب الذي هي

أكيدة بأنه لن يفصح عنه ؟ بل لو أنها ترى الآن وجه تلك

المتكبرة وهي تتلقى الخبر فما أعظمها من إهانة هذه التي تتلقاها

أي امرأة في مكانها الآن فليس ثمة رجل يفعلها إلا لأسباب تخصه

ولن تكون أسباباً إيجابية أبداً !!.

كان باقي حديثهما عن ابنها الذي جاء بصحبته ثم صوته يتحدث

في هاتفه متوجهاً نحو الأعلى وما هي إلا لحظات ودخلت والدتها

قائلة

" سأهتم أنا بإبنيك ونومهما وأغير ثياب .... "

فتحركت وتركتها واقفة مكانها مشدوهة لم تستمع ولا لحديثها

لنهايته ! بل ولم تتركها تكمله وهي تجتازها قائلة بابتسامة

واسعة ناقضت تلك الملامح الباكية

" لا عليك أمي سأهتم أنا بكل ذلك "


*
*
*



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 09:55 PM   #12142

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,437
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*
*
*



نزل من سيارته ضارباً بابها باستعجال وركض جهة باب المبنى

السكني وصعد السلالم بخطوات واسعة ووقف مكانه يتلقف

أنفاسه ما أن ظهرت أمامه التي خرجت من باب غرفة الملحق

تمسك في يديها علبتي دواء بلاستيكية ونظراتها الغاضبة موجهة

لعينيه تحديداً وجفناها محمران بشدة من كثرة البكاء فقال من بين

أنفاسه مستغرباً حالتها تلك

" ماذا حدث ...؟ هل جاءت سيار.... "

وتوقفت الكلمات في حلقه حين رفعت يديها تشد على أسنانها

بقوة ورمته بعلبتي الدواء لتصطدما بصدره قبل أن تتدحرجا تحت

قدميه وصرخت فيه بغضب

" تباً لك من رجل ... بل ولكما كليكما "

كان ينظر لها بعينين متسعتان وقد تابعت بذات صراخها الغاضب

" أبهذا تُرضون غروركم الرجولي المقيت ؟ أهذا ما تفعلونه

بالنساء ؟ "

وأشارت بسباتها جهة باب الغرفة التي خرجت منها للتو قائلة

بصراخ أشد

" أهذا مكان تعيش فيه امرأة شقيقها يكون رئيساً لبلاد بأكملها ؟

أهذا ما يليق بمخلوق بشري يا وحوش ؟ "

وتابعت صراخها الغاضب دون أن تهتم لصمته

" لا أصدق أن مطر شاهين ومن يفكر حتى في أطفال بلاده يعامل

شقيقته بهذه الطريقة !! "

وأشارت له بسبابتها صارخة

" وأنت ... أنت تشاركه في كل جرائمه هذه !! كيف سمح لك
قلبك وإنسانتك كيف ؟ "

همس محدقاً فيها بغير تصديق " ماتت ...؟! "

شدت قبضتيها بجانب جسدها وقالت ببكاء غاضب

" ليتها فعلتها ... ليتها تفعلها وتكون ماتت بالفعل ... ليس

لترتاح من عذابها هذا بل ليحاسبكما القانون قبل خالقكما على

موتها بسببكما "

تركها حينها ونزل عتبات السلالم مسرعاً يُخرج هاتفه من جيبه

وركب سيارته مجدداً ووجهته المستشفى الذي ستكون فيه

بالتأكيد يحرك المقود والهاتف لازال في يده وأنفاسه لازالت

تخرج قوية يتذكر كل كلمة قالتها من تركها هناك بعدما أفرغت

جام غضبها به .. فلما يكون متهماً ؟ بأي حق تنعته بكل تلك

النعوت وترميه خارج حدود الإنسانية ! لم يختر هو شيئاً مما بات

وصار إليه بل واستلم مهام غيره ليحاسب بأبشع الطرق هكذا ! .

نظر لشاشة هاتفه وفعل ما كان متردداً في فعله فيكفي حتى هنا ،

كتب أحرف الرسالة بسرعة قبل أن تُضيء الإشارة الخضراء

وأرسلها فذاك وحده من عليه أن يجد حلاً لكل ما ورطه به إن

كان الآن أم قبل كل تلك الأعوام .


*
*
*







قفزت مغادرة السرير ترتب قميصها المنساب فوق البنطلون

الأنيق المصنوع من الكتان ما أن سمعت باب الجناح يُفتح فهو لم

يزر غرفته بل والقصر بأكمله منذ قرابة اليومين وتركها تشتعل

هنا تبحث عن أجوبة للسؤال العالق في قلبها يكاد يحوله لرماد

بسبب الدوامة التي رمتها فيها تلك المجنونة وغادرت بكل برود

وكأنها لم تقل شيئاً ...! كما أنه دخل المنزل تلك الليلة وذاك ما

أخبرتها به الخادمة التي سألتها لكنه غادر فجأة ودون حتى أن

يصعد هنا لغرفته ولم يرجع من حينها ! ولن تستبعد أن تكون تلك

المدعوة زيزفون السبب أيضاً .

فتحت باب الغرفة وخرجت نظرها على الذي سار جهة غرفته

دون حتى أن ينظر ناحيتها فتبعته قائلة

" وقاص "
لكنه فتح باب الغرفة ودخل ضارباً إياه خلفه دون أن يكترث

لندائها بينما فتحت هي الباب ودخلت خلفه دون اكتراث أيضاً

لتجاهله فهو لم يغلق الباب بالمفتاح ولازال وقاص الذي تعرفه

سابقاً وإن كان غاضباً منها غضباً لا يشبه سابقاته هذه المرة ،

نظرت لقفاه وهو ينزع سترته وقالت بجدية

" وقاص ثمة ما علينا التحدث عنه "

لم يعلق أيضاً كما لم ينظر ناحيتها وقد رمى السترة على السرير

الواسع وبدأ بفك ربطة العنق فقالت بضيق

" وقاااص "
استدار نحوها حينها وبعدما رمى ربطة العنق بعنف حيث السترة

التي سبقتها وقال بحدة

" كم مرة سأعيد وأكرر بأنه ليس ثمة حديث بيننا ... "

وتابع ضاربا يديه ببعضهما

" لم يبقى شيء .. أي شيء يا جمانة ووحدك المسؤول

عن هذا "

فكتمت جرحها من كلماته وقالت بحدة

" أنا لست هنا لأسمع منك ما بت أحفظه جيداً "

فصرخ فيها من فوره

" ماذا تريدين إذاً ؟ "

فارتجف صوتها الحاد المرتفع وهي تصرخ به أيضاً

" جئت لأسألك عن أمر أريد جواباً واحداً له "

نظر لها بصمت وأنفاسه الغاضبة لم تنتظم بعد فسحبت نفساً

عميقاً لصدرها قبل أن تقول بجدية

" هل تزوجت يا وقاص ؟ "

تبدلت نظراته الغاضبة للإستغراب وإن لم يغادر الضيق عيناه

والحاجبان المعقودان فوقهما وهمس بجمود

" تزوجت !! "

شدت قبضتيها بقوة وقالت تنظر لعينيه

" أجل ... أثمة امرأة زوجة لك غيري يا وقاص ؟ "

نظر لعينيها باستغراب لوقت قبل أن يقول بضيق

" ما هذا الهراء الذي تتفوهين به ! أنسيت بأنني أحمل الجنسية

البريطانية كما أني أعمل كرجل قانون فيها ؟ "

قالت من فورها تنفض يدها

" ووالدك يحمل الجنسية البريطانية أيضاً وبطريقة ما ها هو

متزوج من ثلاث نساء "

فقال بضيق وقد أشار بيده جانباً

" والدي ليس نائباً للمدعي العام ولا محامٍ أيضاً "


حركت رأسها بعنف وقالت

" جدك سيجد لهذا حلاً كما استطاع سابقاً أن يخرج حفيدته تلك

من المصح النفسي وكأنها لم تدخله "

اشتدت قبضتاه لا شعورياً وقال بحدة

" ما الذي تريدين الوصول له تحديداً يا جمانة ؟ "

قالت من فورها وبإصرار

" ما أريده هو جواب لسؤالي ولا تسألني لما سألت حتى

تجيب أولاً "

قال بضيق

" وأنا سبق وأجبت بأني لن أتلاعب بالقانون الذي أمارسه ...

فمن هذا الذي غرس هذه الفكرة في دماغك ؟ "

أرادت أن تقول الحقيقة لتبين له من تكون تلك المجنونة التي

يدافع عنها لكنها لن تكسب شيئاً بذلك ولن تخبره أبداً بما قالت

ونصحتها شقيقتها فقد تكون بالفعل مجرد خطة دنيئة منها وأن ما

تريده بها هو أن تخبره فعلاً ، قالت بحزن برعت في رسمه على

ملامحها وإن كان مصدره القلب فعلاً وإن اختلفت الأسباب أيضاً "

وضعنا هو ما غرسها في قلبي قبل عقلي فانظر منذ متى لم

يجمعنا سرير واحد ... أنت رجل ولن أصدق بأنك لن تحتاج ..."

قاطعها بحدة

" جيد أصبحتِ تنتبهين لمتطلباتي كرجل وللثغر التي كنت

تتركينها في علاقتنا "

امتدت يدها لذراعه ولامست قماش قميصه الأبيض الناعم وقالت

تنظر لعينيه برجاء

" أريد لذلك أن يتغير يا وقاص فساعد كلينا لنحقق هذا وسأكون

لك طوال الوقت "

ضحكة ساخرة كانت ردة فعله شعرت بها كسكين ساخن غرس في

قلبها قبل كبريائها .. ولم يكتفي بذلك فقط بل تركها واقفة هناك

ودخل الحمام ضارباً بابه خلفه بقوة وأغلقه بالمفتاح هذه المرة

وكأنه يخشى أن تدخله خلفه ! مسحت عينيها الدامعة بقوة فلن

تبكي مجدداً كما قررت بل وهمست بحزم تنظر لباب الحمام

المغلق والذي خرج منه صوت تدفق المياه في حوضه الواسع

واضحاً

" سأفعلها يوماً يا وقاص وأشاركك إياه كزوجين لطالما حلمت

أن نكونهما "

وغادرت بعدها الغرفة بل والجناح بأكمله ووجهتها السلالم التي

نزلتها ترتب خصلات شعرها التي أصبحت طويلة فجأة وكما

أرادت وتمنت طويلاً .. وكانت وجهتها مكاناً محدداً فنيرانها

المشتعلة لم تخمد بعد رغم علمها بكذب تلك كما يقينها من

صدق وقاص .


*
*
*


فتحت باب غرفتها ووقفت أمامه تنظر باستغراب لشقيقها قائد

الذي خرج من غرفة مكتبه أيضاً بينما رنين جرس الباب المتقطع

لم يتوقف أبداً وكان لازال بملابسه التي جاء بها سوى أنه نزع

السترة كما ربطة العنق .. بينما ارتدت هي بيجامة حريرية طويلة

بلون الكريما كانت ضمن الأغراض التي أعدتها في حقيبتها

الشخصية الصغيرة تلك وقد تركت شعرها البني الطويل الناعم

يرتاح على ظهرها بانسياب وكثافة جعلت بعضاً منه يتمرد على

كتفها الأيمن وغرتها المقصوصة تكاد لا تجد مكاناً معه وكأنها

بالفعل عروس نامت مع زوجها لا لوحدها .. فحتى عيناها

الواسعة المجهدة من كثرة البكاء لم يزدهما ذاك إلا بريقاً غريباً .

تبادلا نظرات مستغربة فكلاهما لا ينتظر أحداً ولا يتوقعه الآن

وفي منتصف الليل وهما قد وصلا قبل قليل ولم يخبرا أحداً

يعرفانه عن مكانهما ! تحرك قائد ووجهته باب الشقة الذي يفصله

عن بهوها ردهة صغيرة تحوي مجلس رجال وحمام صغير خاص

به وعاد بعد قليل ونظر لها وقال سريعاً وهو يعود هناك

" ادخلي قليلاً يا جليلة "

فدخلت الغرفة من فورها وأغلقت بابها خلفها ووقفت عليه ولم

تعد تسمع أو تعلم شيئاً مما يحدث خلف الباب .. وما هي إلا

لحظات وطُرق الباب خلفها ووصلها صوت قائد قائلاً بابتسامة

بدت واضحة في صوته

" تعالي اخرجي يا جليلة "

ففتحت الباب ببطء ونظرت باستغراب للطاولة التي أشار لها

عليها قائلاً بابتسامة

" تعالي فثمة عشاء غير متوقع وصل للتو "

حدقت فيه باستغراب قبل أن تعود بنظرها لعلب الطعام الخاصة

بأحد المطاعم وقد رسم شعاره كما إسمه عليها وعلبة أخرى تبدو

لكعكة من أحد أهم معامل العاصمة مطبوع عليها كلمة

( أورنيلا )

وهو اسم ذاك المعمل الإيطالي المختص في صناعة الكعك

والحلوى وهو اسم إيطالي يطلق على زهرة الرماد المشرقة ..

وفي طرفه رسم تخطيطي لزهرة مكونة من ساق وثلاث وريقات

ملونة ترمز لذاك المحل الفخم تحديداً كحال علب الطعام

والمشروبات .

عادت بنظرها له وقالت

" أنت طلبت كل هذا ! "

قال وهو يقترب منها

" أخبرتك بأنه عشاء غير متوقع "

وأمسكها من يدها وسحبها جهة الطاولة الزجاجية بيضاوية

الشكل وجلس على الأريكة وقال يثني كمي قميصه الأبيض ونظره

على علب الطعام أمامه

" هذا زوجك لم ينسى هذا بينما نسيته أنا ! "

ورفع نظره لها وقال بابتسامة جانبية ناظراً لعينيها المحدقة

فيه بجمود

" أم أنك لن تتناولي هذا فقط لأنه من دفع ثمنه ؟ "

فأشاحت بوجهها جانباً وكتفت ذراعيها لصدرها متمتمة ببرود "

لا رغبة لي في أكل شيء "

بدأ بفتح العلب أمامه لتفوح رائحة الطعام الشهي في المكان فوراً

لاهتماهم تلك المطاعم بضمان إيصاله ساخناً وقال منشغلاً

بما يفعل

" ستأكلين ورغماً عنك فأنا أعلم جيداً بأنك لم تتناولي

شيئاً اليوم "


نظرت له وما أن كانت ستتحدث رفع نظره لها وقال بأمر حازم


" جليلة لا تغضبيني منك فهو لن يعلم إن أكلت من هذا الطعام

أم لا "

قالت بضيق

" وما علاقة حديثنا بعلمه أو جهله ؟ قلت بأنه لا رغبة لي

في تناول.... "


قاطعها وهو يقف متوجهاً جهة المطبخ قائلاً

" سأجلب الأطباق والملاعق وستأكلين وإن أطعمتك بنفسي "

فتأففت بضيق نظراتها الحانقة تتبعه وقد عاد سريعاً يحمل ما

ذهب لأجله وجلس وقال

" لا تختبري صدق تهديداتي لأني قسماً أفعلها "

فتأففت مجدداً وجلست مرغمة بينما تولى هو المهمة كاملة في

نقل كل تلك الأطعمة الدسمة المميزة للأطباق ورمى أغلفة العلب

في المطبخ كأي رجل أعزب إعتاد ولأعوام أن يفعل كل ذلك بنفسه

، وما أن جلس حتى بدأ بتناول كل ما تصله يده وكأنه ينوي

بالفعل تذوق كل تلك الأطعمة ! بينما اكتفت هي بمراقبته بادئ


الأمر قبل أن تتنهد بضيق ورفعت الملعقة وبدأت بتناول ما كان

في الطبق أمامها وسرعان ما اكتشفت السبب الذي جعل شقيقها

يأكل هكذا بانسجام بل وبنهم أمام كمية الطعام التي كانت تعرفه

يأكلها فالطعم هو السبب ويبدو استحق ذاك المطعم اسمه وشهرته

بالفعل .

رفع نظره لها وابتسم ما أن وجدها تأكل وقال وهو يستبدل بعض

الأطباق لتصبح قريبة منها

" لن تتناولي مثل هذا الطعام دائماً صدقيني "


وضحك وقال وهو يرفع قطعة لحم خروف طرية

" بلى فقد نسيت بأن زوجك سيكون بإمكانه شراء مثل هذا

كل ليلة "

فتنهدت بضيق وقالت ببرود تنظر للطبق الذي تأكل منه

" هل ستقنعني بأنك لم تتناول طعام هذه المطاعم سابقاً ؟

أعلم بحجم المال الذي توفره لك وظيفتك كمحامٍ وكرئيس

لجنة محققين خاصة "

ابتسم وقال وهو يمسح يده في منديل ورقي ليخرج هاتفه الذي

علا رنينه حينها

" لا أنكر ذلك لكن قلة من الناس فقط يمكنهم التعامل دائماً مع

مثل هذه المطاعم لأنها مكلفة بصورة لا تتوقعينها "

عادت للأكل ولم تعلق لأنه أخرج هاتفه من جيب بنطلونه حينها

وأجاب عليه وهو يمضغ اللقمة في فمه قائلاً بابتسامة

" لم أتوقع هذه المكالمة مطلقاً ! ... أتطمئن على أن مالك

لم يهدر سدى ؟ "


ورفع نظره لشقيقته والجالسة أمامه والتي كانت وللغرابة تتناول

طعامها دون حتى أن ترفع نظرها له ! لا يفهم تجاهلاً للمكالمة

الواضح جيداً ممن تكون أم أنها لم تنتبه وتظنه أحد موكليه ؟!

والخيار الأول يبقى الأرجح لديه بالتأكيد .. ضحك ما أن قال من

في الطرف الآخر معلقاً على حديثه السابق بل وتحدثه وهو

يمضغ الطعام

" لا يبدو أنني أحتاج لأن أخشى من ذلك "

فعلق ضاحكاً ونظره لازال يراقب التي لازالت أيضاً تتجاهل

كل ذلك

" بالطبع لن تقلق وأنا موجود ... كما أنني خيار أفضل من أن

تأكله القطط المشردة غداً "

وكما توقع قال من في الطرف الآخر فوراً

" لست عنك أسأل ولا لأجلك اتصلت فهل أكلت هي أم لا ؟ "

ابتسم وقال يمسك ضحكته ونظره لازال يراقبها

" لا تخشى من ذلك أيضاً فهي تأكل وها هي جالسة أمامي ...

إن كنتَ تجلس مكاني الآن لتركت الطعام وأكلتها هي "

وضحك فور أن رفعت نظراتها المصدومة به قبل أن تهب واقفة

وغادرت من فورها باتجاه غرفته فأبعد الهاتف وقال منادياً

بضحكة

" تعالي تناولي طعامك يا جليلة وسأغادر أنا وهاتفي "

لكنها لم تسمع حرفاً مما قال وقد أصبحت في لمح البصر داخل

الغرفة مغلقة الباب تقف عليه وظهرها ملتصق به تشعر بدفعات

هائلة تُرجف جسدها لا تعلم من الإحراج أو الغضب أم كلاهما

معاً ؟ وتحركت نحو السرير متمتمة بغضب

" ما أوقحكم الرجال فعلاً "

واندست تحت الأغطية الناعمة لازال صوت شقيقها وضحكاته في

الخارج يصلها وإن كانت لا تفهمه فها قد استطاع ذاك الرجل

وفي وقت قياسي أن يجد له مكاناً فسيحاً بين عائلتها وأشقائها

تحديداً ولا تفهم ماله ومركزه السبب أم أمور أخرى قد يفهمها

الرجال فقط ؟ قد تصدق أن يصدر ذاك التصرف الاستغلالي من

شقيقها وثاب لكن شقيقاها التوأمان وقائد تحديداً تستبعد ذلك

بعد السماء عن الأرض .


دفنت وجهها في وسادتها تهرب من فكرة تعلم بأنه لا مهرب لها

منها وبأن من يفترض بأنها في منزله الليلة ستكون معه وفيه

غداً ولن تغير هذه الساعات في الواقع شيئاً ... لو يعلم فقط كم

باتت تكره الرجال جميعهم وكيف تحطم ذاك التمثال الذهبي

المسمى رجل في داخلها ما كان ليفكر ولا مجرد التفكير في

الزواج منها .


أغمصت عينيها بقوة وكل ما تريده الآن أن تنام فقط وتترك كل

شيء تحت وسادتها حتى الصباح على الأقل .





*
*
*



قضت رحلة رجوعهما للجنوب أيضاً نائمة لكن ليس تهرباً هذه

المرة بل لأنها كانت بالفعل تحتاج لأن تنام بعد سهرها هناك

ليلتين متتاليتين فبعدما نجحت جوزاء فيما عجزوا عنه جميعهم

وأقنعته بقبول السيارة الجديدة الحديثة وإن كان لم يقبل بها إلا

بعد توقيع عقد تقسيط ثمنها الباهض كدين في عنقه .. حتى أنه

ترك لأبان سيارته القديمة وأوراقها ليبيعها ورفض إلا أن يدفع

ثمنها كدفعة أولى في السيارة الجديدة .. وبعد كل ذلك قبِل أن

يقضيا ليلة البارحة أيضاً معهم بما أن رحلة عودتهم لن تستغرق

كل ذاك الوقت الذي استغرقاه وقت وصولهما من الجنوب

للحميراء فهذه السيارة يمكنها اجتياز تلك المسافة في نصف

الوقت الذي كانت تحتاجه سيارتهم السابقة فهي وإن كانت أفضل

قليلاً من سيارته الأساسية التي تحطمت في ذاك الحادث

المجهول بالنسبة له كصاحبه الذي التقاه تلك الليلة إلا أنها لم يكن

يمكنها اجتياز بعض المدن الجبلية ذات الطبيعة الوعرة والطرق

المتعرجة مما جعله يسلك مضطراً طريق وسط البلاد مروراً

بالقرب من العمران لأنها أكثر يسراً وخضعت للصيانة والتجديد

عكس الطرقات الريفية المتطرفة مما جعل رحلتهما أطول وهذا ما

تغير الآن فقد سلك الطرق الأقرب مروراً بمدن خماصة وصولاً

لقرى الجنوب الوسطى فهذه السيارة الجديدة المرتفعة وذات الدفع

الرباعي تستطيع اجتيازها وبسهولة .. فبينما احتاجت رحلة

الذهاب لنصف يوم خرجا فيه وقت الفجر ليصلا ليلاً للحميراء لم

تستغرق رحلتهم الآن سوى ست ساعات لم يتوقف فيها سوى

ليصليا الفجر الذي خرجا قبل بزوغه فوصلا لطرقات أباجير

الترابية عند الساعة التاسعة ونصف صباحاً وهو وقت دوامه في

الشركة الزراعية التي يعمل مهندساً فيها هناك .

وكانت حركة السيارة في تلك الأراضي الزراعية الرخوة هو ما

جعلها تفتح عينيها وجلست تمسد عنقها بألم قبل أن تنظر حولها

من خلال زجاج السيارة وهمست باستغراب

" وصلنا !! "

وقف بالسيارة أمام باب المنزل حينها وقال وهو يفتح بابه وينزل

" أجل فقد استغرنا نصف الوقت لذلك لم تشعري به "

نظرت حولها باستغراب مجدداً وفتحت باب السيارة ونزلت منها

أيضاً وتبعته حيث باب المنزل الذي كان يفتحه وسحب السلسلة

الحديدة منه ودفعه نحو الداخل وابتعد لتدخل قبله فدخلت ودخل

هو بعدها يغلق الباب بينما توجهت هي للغرفة من فورها

ووضعت حقيبتها على فراشها وتحركت نحو الخزانة وفتحتها

وبدأت بفك أزرار عباءتها بينما سمعها وحواسها جميعها تتبع

الذي دخل الغرفة أيضاً وتوجه ناحية حقيبتها فتحها وأخرج منها

ثيابه التي غسلتها الخادمات هناك ولم تراها سوى نظيفة مكوية

.. أخذها وغادر الغرفة من فوره وسمعت بعدها صوت باب الحمام

الحديدي ومؤكد سيستحم سريعاً قبل أن يغادر لعمله ، نزعت

عباءتها كما حجابها أيضاً وفكت شعرها الغجري الطويل وغادرت

الغرفة ووجهتها المطبخ فلن تستطيع تغيير ثيابها حتى تستحم

أيضاً ، دخلت المطبخ ونظرت حولها تفكر فيما قد ينفع ليأكله قبل

أن يغادر خصوصاً أنهم لا يشترون الخبز الجاهز هنا ولا يوجد

عجين لديهم بسبب مغادرتهم المفاجأة تلك بالرغم من امتلاكهم

لبراد صغير مؤخراً كان ما اشتراه بجميع الأموال التي ادخرها

فترة الشهرين الماضيين ولم يشتري ولا هاتفاً لنفسه أو ثياب

جديدة .. بالرغم من أن ما تحتاجه هي بالفعل أن يمتلك كليهما

هاتفاً لتطمئن عليه كلما تأخر بل وخرج من هنا فلا تريد براداً

ولا طعام حتى .


نظرت حولها مجدداً كالضائعة لا تعلم ما تعده فحتى العجن وإعداد

الخبز الآن سيأخذ وقتاً وهو لن ينتظره بالتأكيد ، توجهت نحو

الثلاجة خيارها الوحيد وفتحتها ونظرت لما يوجد داخلها قبل أن

تلتفت خلفها لسماعها باب الحمام يفتح فها هو حتى الاستحمام

أنهاه في وقت قياسي ! أخرجت طبق الجبن فلا وقت أمامها ولا

لتعد له كوب قهوة ... بل هي التي أضاعت الوقت واقفة مكانها

كالبلهاء ! أغلقت باب الثلاجة بوركها بعدما أخرجته وطبق

الزيتون الأسود في يدها الأخرى وتحركت نحو صحن التقديم

الحديدي ووضعتهما فيه وحملته ووقفت مكانها ما أن حجب نور

الباب الجسد الذي وقف فيه ومن كانت تريد الإسراع لتدركه ولم

تكن تتوقع أن يأتي بنفسه هنا ! نظرت لعينيه وهو يدخل وقالت

مبتسمة بإحراج

" بحثت عن شيء تأكله ولم أجد فلا خبز لدينا وأنت لن تنتظر

حتى أعد وا.... "

قاطعها وهو يقترب حتى وقف أمامها قائلاً بهدوء

" لا داعٍ لهذا يا مايرين ... أعلم جيداً بأنه ليس ثمة

ما يؤكل الآن "

تعلقت نظراتها بعينيه التي لم تترك عينيها لحظة وقالت بإصرار

وأصابعها تشتد على أطراف الصينية الممسكة بها

" عليك أن تأكل شيئاً .. لن تخرج بمعدة خاوية فستتأخر في

العودة من الشركة ومن المزرعة بسبب غيابك اليومين الماضيين

.. أعرفك جيداً لا تقبل شيئاً بدون مقابل "

تركت حينها حدقتاه الرمادية عينيها ونظر للصينية في يديها

ورفع يده وأخذ قطعة جبن وسمّى بالله هامساً وهو يأكلها وأتبعها

بأخرى وهو لازال يمضغ الأولى وأخذ بضع حبات من الزيتون في

يده وقبض عليها بأصابعه وأنزلها وقال مبتسماً وقد رفع نظره

لعينيها مجدداً

" هذا يكفي شكراً لك يا مايرين "

فحركت الصينية حركة خفيفة وقالت بعبوس

" وهذا تسميه إفطار ! "

فأومأ برأسه بنعم مبتسماً دون أن يتحدث فتنهدت بيأس منه ولم

تعلق أيضاً وتحركت من أمامه ووضعت الصينية حيث الطاولة

الخشبية القديمة قرب المغسلة الحديدية وما أن استدارت وقفت

بشهقة خفيفة وكم حمدت الله أنها لم تخرج واضحة ولم يسمعها

فقد وجدته أمامها تماماً ولا تعلم كيف لم تشعر به وهو يتبعها

حتى وقف خلفها ! شعرت بضربات قلبها ترتفع صارخة بعنف ما

أن علقت نظراتهما وطال صمته الذي لم تستطع ترجمته سوى

بأنه لعبة للعبث بمشاعرها حد الجنون ! علقت أنفاسها في حلقها

بل وكاد يغمى عليها بالفعل ما أن رفع يده ولامست أصابعه

طرف وجهها برقة بالكاد شعرت بوجودها معها مما جعلتها تسدل

جفنيها ببطء لكنه سرعان ما أبعدها تاركاً إياها تتخبط في

مشاعرها مجدداً فأنزلت رأسها تنظر ليديها ورطبت شفتيها

بطرف لسانها ووصلها صوته الهادئ

" لا تتعبي نفسك بإعداد الغداء فلن أكون هنا قبل المغيب "

رفعت نظرها به حينها وهمست ببحة وصوت بالكاد وجدته في

حنجرتها المتشنجة

" وهل ستبقى بدون طعام حتى وقت العشاء ؟ "

قال ناظراً لعينيها

" سأتناول الغداء مع العمال فهم يطهون الطعام بأنفسهم فلا

يمكنني ترك المزرعة اليوم "

وتابع بابتسامة كاد يقتلها بها

" لا يساوي شيئاً أمام طعامك لكنه يفي بالغرض بطريقة ما "

فابتسمت وهربت بنظرها من عينيه تنظر للأسفل وشعرت بخديها

يشتعلان من الإخراج بينما قال هو ودون أن ينتظر تعليقا منها

وبصوت ظنته منخفضاً أو هكذا سمعته !

" يمكنك متابعة نومك والراحة... "

وكاد يغمى عليها هذه المرة بالفعل ما أن تابع بهمس باسم

" فلا أريد أن أجدك نائمة مساءً حين أعود "

وكم تمنت لحظتها أن وجدت شيئاً قربها تسند نفسها به فقد

شعرت للحظات بأن الأرض تحتها تدور وتتحرك بها حتى أن

جسدها تصلب ولم تستطع ولا تحريك أي شيء فيه .. ولم ينتهي

الأمر عند ذلك وغادر كما كانت تظن بل كان ثمة المزيد الذي لم

تكن تتوقعه فلم يغادر من هناك حتى تركها مشدوهة تنظر لمكانه

الخالي منه بصدمة بعدما انحنى نحوها يرفع وجهها له ممسكاً

بذقنها وقبّل شفتيها ... قبلة كانت سريعة لكنها كانت أيضاً عميقة

قاتلة ومهلكة وكأنها لم تختبرها مرة سابقاً ! فرفعت أصابعها

المرتجفة لشفتيها ولامستها برفق ترتسم عليها ابتسامة متوترة

بطيئة تغلبت على كل مخاوفها وتوجسها مما ستحمله لها الليلة .





*
*
*


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 09:56 PM   #12143

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,437
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




*
*
*


توقفت عن السير بين أحواض الحديقة فجأة وابتسمت ما أن

رأتها جالسة حيث توقعت وتمنت فاقتربت منها على الفور بينما

رفعت تلك رأسها وتوقفت عما كانت تفعل ونظرت للتي جلست

بجوارها على المقعد الحجري قائلة بابتسامة

" توقعت أن أجدك ترسمين هنا "

وتابعت كالعادة دون أن تنتظر تعليقها الذي تعلم بأنه لن يأتي


وقالت مبتسمة

" أردت شكرك على الرسمة التي رسمتها من أجلي ... كانت

رائعة ومن أجمل الهدايا التي تلقيتها "

قالت زيزفون وهي تغلق دفترها

" المهم أنها أعجبتك "

قالت مبتسمة

" بلى إنها رائعة "

واستدارت بجسدها ناحيتها وهي تضع دفترها بجانبها على

الكرسي وقالت بفضول

" أدهشتني فكرتها واحترت لما اخترتِ ذاك الطائر تحديداً !

هل بسبب لقبه ؟ "

قالت تنظر للنافورة والمياه المتساقطه منها

" لا ... ألم يخبرك سابقاً بأن لقب ذاك الفتى اليوناني تيموثي

ليس فالكون ؟ "

حركت رأسها نفياً تنظر لها باستغراب فنظرت لها وقالت

" لاحظي أيضاً بأنه ليس لقباً يونانياً بل هو انجليزي يخص عائلة

والدة ذاك الفتى من والدها بالتبني "


همست باستغراب

" لم أكن أعلم !! "

نظرت للبعيد خلف مياه النافورة وقالت ببرود

" يبدو لا يهتم بإطلاعك على حياة ذاك الفتى بالرغم من أنه

عاش لأعوام كثيرة ضمن أملاك عائلته "

ونظرت لها مجدداً وهي تتابع

" لإب ذاك الفتى هو دوناتوس وبسبب عائلته المعروفة في

اليونان تحفظوا عن استخدامه له في عمله هنا وكان نصف

السبب بطلب منه هو تيم نفسه "

حدقت في عينيها باستغراب للحظات قبل أن تقول بفضول

" يبدو أنك تعلمين الكثير عنه ! هل تعرفان بعضكما منذ زمن ؟ "

حركت رأسها نفياً قبل أن تبعد نظرها عنها للنافورة مجدداً وقالت

" لا فأنا التقيته لثلاث مرات فقط وجميعها خلال الأشهر الأخيرة

ومن ضمنها الحفلين اللذين أقيما هنا "

فحدقت فيها بصمت واستغراب تنظر لنصف وجهها المقابل لها

بينما تابعت هي بشرود

" ثمة شخص أخبرني الكثير عنه ومن قبل أن أراه ... لقد

أخبرني بكل ما يخصه كتيموثي دوناتوس وكتيم كنعان وحتى

عنك أنت زوجته "


فاتسعت عيناها بذهول وهمست

" عني أنا !! "

نظرت لها حينها وقالت

" أجل وهو يحبه كثيراً ويرى فيه بفخر كل ما صنعه بنفسه

ليكون رجلاً هكذا ومستعد لفعل كل شيء من أجل حمايته وكأنه

ابن حقيقي له "

حدقت فيها لاستغراب قبل أن تنظر للأرض بشرود وأرادت أن

تسألها عن هوية ذاك الرجل لكنها ترددت لمعرفتها بشخصية

زيزفون الكتومة أولاً ولأنها لاحظت بأنها تجنبت عمداً ذكر اسمه

ثانياً فهل المعني بحديثها هو مطر شاهين !! أيكون هو العامل

المشترك بينهما وعلاقته بها قوية كعلاقته به تماماً ؟!

نظرت لجانب وجهها وقالت بتوجس

" زوجك يعلم حقيقة شخصيته أليس كذلك ؟ أخشى أن يفعل شيئاً

يضره بسبب حديثهما في الحفل فهو يبدو غاضباً منه وبشده "

نظرت لها وقالت بسخرية محدقة في عينيها

" لا بالطبع لن يستطيع وزوجك يعلم ذلك جيداً فهو يملك ما لا

يمكن لأحد أن يُدخل ذرة شك صغيرة في جنسيته اليونانية تلك لا

هنا ولا في اليونان وإن جلب أوراقاً تثبت بأنه تيم كنعان "

شعرت بالارتياح حينها وإن لم تفهم ما عنت بذاك الشيء القوي

الذي يجعله يتقمص شخصية ذاك الفتى اليوناني بقوة هكذا !

وقالت بابتسامة رقيقة تشبهها

" لقد خشيت فعلاً من أن يتسبب له بمشكلة ما "

وتابعت من فورها وباستغراب هذه المرة

" لكن لما لم يستخدم لقبه اليوناني ذاك بما أنه لا يمكن لأحد

اكتشاف حقيقته به ؟! "

وراقبت بفضول التي حركت كتفيها دليل عدم إلمامها بالأمر لكنها

علقت أيضاً ونظرها عاد هناك

" أعتقد بأنه يرفض تشويه لقب تلك العائلة حال تم اكتشاف

حقيقته فلا يتسبب لهم بفضيحة هناك لأن فرد منهم ليس سوى

جاسوس عربي "

حدقت فيها بذهول ليس للسبب الذي ذكرته بل لتحليلها الواقعي

للأمر بذكاء هكذا ! هي تذهلها فعلاً وفي كل مرة تتحدث معها فيها

لتكتشف أكثر بأنها مختلفة وعن الجميع !! أبعدت نظرها عن

ملامحها ونظرت للبعيد بشرود هامسة

" أنت .... "

وتوقفت عن الحديث فجأة ونظرت جهة التي خرجت حينها من

الجانب المقابل لها حتى وقفت مقابلة لهما وكانت جمانة التي

عرفتها سريعاً وإن لم تراها بعد ذاك العشاء يوم وصولها فنظرت

زيزفون أيضاً لذاك الجانب وحيث الواقفة تنظر لها بحقد قبل أن

تنظر للجالسة بجانبها وقالت ببرود

" هلاّ تركتنا لوحدنا قليلاً "

فنقلت نظرها بينهما قبل أن تسند يديها بالمقعد تحتها وهي تقف

لولا أمسكتها يد زيزفون التي أعادتها جالسة مكانها قائلة ببرود

أشد

" لا شيء نتحدث عنه وماريه لن تغادر من هنا "

رفعت حينها جمانة أنفها بغرور وقالت

" لن يعجبك بالتأكيد أن تسمع ما سيقال "


" لا يهم "

قالتها ببرود قاتل تنظر لها نظرة تشبه نظرتها تلك وإن كانت

جالسة ... جملة ونبرة كما نظرة جعلتها تشتعل فوق اشتعالها ولا

تفهم لما تفقد حصانتها الجديدة أمام هذه المرأة فقط دون الجميع

وفي كل مرة !! فسيكون عليها إذاً أن تتخطى ضعفها أمامها

لتستطيع تخطي جميع عقدها القديمة التي صنعت منها امرأة

فاشلة ضعيفة وبشخصية مهزوزة .

وقفت حينها ماريه متجاهلة نظرة زيزفون الرافضة ما أن رفعت

نظرها بها وقالت لها مبتسمة

" كنت سعيدة بجلوسنا معاً وسنجد وقتاً آخر بالتأكيد فثمة

ما ليس عليا سماعه وإن وافقت أنت ذلك يا زيزفون"

وغادرت بعد ذلك مجتازة التي لم تنظر أيا منهما للأخرى .. وما

أن ابتعد صوت خطواتها الواضح على الممشى المرصوف

بالأحجار قالت جمانة ونظراتها المتعالية لم تفارق تلك العينان كما

المقلتان الزرقاء الفاتحة والصافية والتي كانت تبادلها النظرة

بتحدٍ واضح

"هل أفهم لما أتحفتني بتلك الكذبة التي نسجها خيالك المريض؟ "

فكان رد فعلها ضحكة لم تتوقعها ...! لا هذه ليست ضحكة فلم

يكن أي أثر للمرح فيها ولن تكون سوى نوع آخر من السخرية

منها فشدت قبضتيها بقوة وغضب بجانب جسدها وقالت بحقد

سيطر على كلماتها كما نظراتها

" هل ستنكرين بأنك كاذبة لنواجه كذبتك بالحقيقة الآن ؟ "

قالتها وإن كانت لن تفعلها كما قررت سابقاً بأنها لن تخبره

واكتفت بانتظار تعليق التي وقفت على طولها حينها ليبرز قماش

فستانها الرقيق المصنوع من الشيفون السميك الناعم يُظهر

انحناءات خصرها كما الجمال الأنثوي لصدرها وكتفيها ومزايا

جسد متناسق لطالما حلمت هي به وتمنته كما تلك الخصلات

الشقراء الطويلة المتراقصة مع النسيم الخفيف .. العينان

الواسعة الملونة بزرقة لن تمنحها إياها العدسات اللاصقة ومهما

كانت الشركة المصنعة لها وملامح لا تزيدها ثقتها المتفجرة

ونظراتها القوية سوى جمالاً وفتنة .. وعلمت بأنها ستخوض

حرباً خاسرة معها المرة تلو الأخرى مادامت تقارن نفسها بها

لذلك على ذاك أن يتوقف فهي المنتصرة عليها طالما أنها زوجته

ووقاص وكما قال لطالما عمل ورأى النساء الشقروات الحسنوات

لذلك إزاحة هذه الحشرة من طريقها لن يكون بالمهمة الصعبة

مادامت تملك العقل المدبر وهي شقيقتها جيهان وقوة ونفوذ

والدها وصداقته العميقة بضرار سلطان الكلمة العليا في هذا

المنزل وعلى الجميع وأولهم وقاص حفيده الذي لم يعصي له

أمراً يوماً .


كانت زيزفون من تحدثت حينها وكما توقعت لتوجه ذات السلاح

نحوها حين قالت بابتسامة ساخرة

" سألته عن ذلك إذاً ؟ "


لم تستطع أن تنكر ولا أن تعلق أيضاً وكم كرهت نفسها الضعيفة

حينها فهي تتصرف أمامها كأرنب مذعور يرفعون السلاح في

وجهه ما أن تتحدث بتلك الكلمات المختصرة التي تعلم كيف

تنتقيها وتختارها موجزة ذكية معبرة وقاتلة تصيب هدفها في

العمق فتركت لها المجال لتتابع بذات سخريتها وكأنها لا تنتظر

أساساً أو تهتم بتعليقها

" هل وصل بك الغباء لذاك المنحدر السيء "

نظرت لها بغضب وكم حمدت الله أنها لم تفعلها وتخبره بكل شيء

وبأنها استمعت لنصيحة شقيقتها كما أتاح لها غيابه هو ذلك

لكانت قد تفعلها بالفعل وبكل غباء كما قالت وإن كانت تجهل

مقصدها الفعلي من ذلك ! قالت تشد قبضتيها بقوة

" نحن لا نتحدث عما قلت أنا بل عما قلت أنت "

وتابعت مبتسمة بسخرية تحاول أن توجه لها نفس الصفعة

" فأنا لم آخذ مكانك بعد في ذاك المصح النفسي لأتصرف

بغباء كما تقولين "

لكن غرضها ذلك لم يتحقق ولم تترك لها أي فرصة لتحتفل

بانتصارها الوهمي ذاك ما أن قالت بابتسامة ساخرة جديدة أقسى

من سابقاتها

" لا بالطبع لأني أنا من يأخذ مكانك لا أنت "

ووجهت لها تلك الصفعة المؤلمة وبنجاح مما جعلها تشتعل

وتفقد كل ذاك الدرع الفضي الذي حصنت نفسها به وقالت بغضب

واندفاع عشوائي

" لن تكوني زوجته ... لن تحلمي بهذا المكان أبداً ولن

يفعلها وقاص "

كانت تنظر لها بانفعال وأنفاس غاضبة مضطربة لكن ما قابلها

من الواقفة أمامها كان العكس تماماً وهي تهمس بسخرية محدقة

في عينيها المشتعلة غضباً

" لنترك الحقائق تتحدث إذاً كما تقولين "

فحركت يدها بانفعال غاضب صارخة

" ليس ثمة حقيقة سوى ما تراه عيناي الآن ولن يسمح لا والدي

ولا عمي ضرار بذلك "

وتلاحقت أنفاسها الغاضبة تراقب التي رفعت دفترها وقالت

بسخرية ما أن استوت واقفة تمسكه بكلتا يديها

" هل أخبرتك سابقاً بأنك فقط غبية ؟ "

وتحركت من فورها حتى وقفت أمامها تماماً ونظرت لعينيها

وقالت بثقة وكلمات أبرد من الجليد

" لذلك وليكن معلوماً لديك فقط بأنه ليس زوجي لأني من يرفض

ذلك وحين أريد .. ستري بعينيك كيف ستأخذ كل واحدة منا مكان

الأخرى "

وغادرت مجتازة لها ما أن أنهت عبارتها القوية تلك تاركة إياها

ترتجف غضباً وحنقاً لم تستطع معه ولا التحرك من مكانها أو

رفع عينيها عن الفراغ المحدقة به فها هي تنتصر عليها بالرغم

من قوة موقفها كزوجة له لن يقبل أحد بتخليه عنها ! ولا تفهم

هل اكتسبت ثقتها تلك من خلال تأكدها من مشاعره نحوها أم من

أمور أخرى تجهلها هي ؟!!


*
*
*


تأففت واستوت جالسة تعدل قميص بيجامتها الحريرية ورفعت

خصلات غرتها خلف أذنيها فها قد شارفت الشمس على المغيب

وقائد لم يأتي بعد ! فما أن استيقظت صباحاً حتى اكتشفت بأنه

غادر الشقة وكل ما تركه لها رسالة بخط يده على طاولة المطبخ

يخبرها فيها بأنه غادر من أجل محاضراته في الجامعة والتي لا

يزورها إلا هذا اليوم من كل شهر ومن ثم سيزور مكتبه الخاص

.. كان عليها أن تتوقع بأن ذلك سيأخذ منه النهار بطوله فحتى

الطعام طلب منها الاتصال بالرقم الذي تركه لها وهو للمطعم الذي

يتعامل معه كلما كان هنا لتتصل بهم من أجل وجبة الغداء وتركها

هكذا سجينة الجدران ...! لكن أليس سجنها هذا أرحم لها ؟

على الأقل لا رجل معها فيه .


تأففت ووقفت مغادرة السرير وما أن تحركت من مكانها باتجاه

الباب وقفت فجأة وبحركة لا إرادية ما أن سمعت قفل باب الشقة

يفتح فهذا قائد بالتأكيد ... تحركت مجدداً ناحيته وفتحته على

اتساعه قائلة بضيق

" ما أروعك من زوج .. كنت ... "

وتوقفت عن الحديث فجأة تنظر بصدمة للواقف عند باب الردهة

الفاصلة بين الباب والشقة وللواقفة بجانبه وجميع علامات

الاستغراب وعدم التصديق ترتسم على ملامحها بينما قال هو

مبتسما ومشيراً بيده لها بينما يوجه حديثه للواقفة بجانبه

" أرأيت بنفسك بأنني لست أمزح وبأن شقيقتي هنا ولن تجدي

الشقة فارغة "


فأشارت لها أيضاً وقالت بصعوبة كمن يصارع الموت

" هذه نادتك بأنك زوجها يا قائد !! "

بينما تحركت جليلة نحوهما بخطوات سريعة واسعة حتى أصبحت

واقفة أمامهما وقالت توجه حديثها لشقيقها بينما سبابتها تشير

للواقفة بجانبه

" قائد من هذه التي تدخل شقتك وإن كانت شقيقتك هنا ؟! "

لكنه لم يجب لأنه نظر للواقفة بجانبه مميلاً طرف وجهه وكأنه

يقول لها

( أتاك الدليل يا غدير ؟ ها هي اعترفت بنفسها بأنها شقيقتي ؟ )

فتلعثمت وقالت بانفعال تخفي به توترها

" وكيف كنت سأصدقك وزواجها البارحة يعرفه القاصي

قبل الداني في هذه البلاد ؟ "

" قائد !! "

قالتها جليلة تنظر لشقيقها باستهجان فضحك وأمسك اليد اليمنى

لكل واحدة منهما ووضع أيديهما في بعض وقال ناظرا لشقيقته

" هذه غدير يا جليلة وهي مساعدتي الخاصة في مكتبي هنا

وأستاذة جامعية في جامعة عين حوران ذاتها التي أعطي

محاضراتي فيها وزميلة دراسة قديمة كما أن شقيقها من أقرب

الأصدقاء المقربين لي "

وتابع ينظر للأخرى مبتسماً

" وهذه جليلة يا غدير وأنتِ تعرفينها جيداً وإن لم تريها سابقاً "

نقلت جليلة نظرها بينهما باستغراب بينما قالت غدير مبتسمة تشد

على يدها

" سررت بلقائك يا جليلة فكم كان لدي الفضول لأراك "

همست حينها مبتسمة بتكلف

" وأنا كذلك "

وسحبت يدها منها ونظرها على قائد الذي قال ويده على كتف

الواقفة بجانبه

" سأتركها أمانة لك إذاً يا غدير "

وما أن نظرت له جليلة باستهجان ضحك وقال

" أعني أنه ثمة أمور تعرفوها أنتن النساء لتعيدك كما كنت

البارحة قبل أن ترتدي بيجامتك هذه فلا يمكننا الذهاب لصالون

تزيين كما تعلمين كي لا نقرأ الخبر في الصحف غداً "

وما أن فتحت فمها للتحدث كان قد أصبح ظهره لهما وقال مغادراً

جهة باب الشقة

" سأكون وزوجها هنا خلال ساعتين أو ثلاثة فلا تأخذكما

الأحاديث وتنسيا ما عليكما فعله "

وغادر مغلقا الباب خلفه تاركاً أسئلتها معلقة بين حلقها والفراغ

وترك نظراتهما في مواجهة أخرى متباينة جذرياً فبينما كانت

نظرات غدير ودودة باسمة كانت جليلة لازالت تحتفظ بنظرتها

المستغربة المتوترة مما جعل ابتسامة الواقفة أمامها تخبو

تدريجياً وقالت

" أفهم جيداً ما تفكرين فيه وجميعه غير صحيح يا جليلة "

قالت بإحراج

" لا أقصد ما تفهمينه لكنني استغربت فقط ! "

فابتسمت وقالت

" استغربت وجودي هنا أم معرفتي به ؟ "

أبعدت نظرها عنها قبل أن تنظر لها مجدداً وقالت ما لا يمكنها

ولا مجاملتها فيه

" لن أكذب عليك فقد استغربت أن دخلتِ مع رجل أعزب شقته

وإن قال بأن شقيقته معه فيها !! "

وشعرت بالندم على ما قالت ما أن رأت التعبير على ملامحها

وكأنها صفعتها على وجهها بل واتهمتها في شرفها وبأنها تدخل

شقق الرجال دون تحفظ أو تفكير فقالت موضحة

" أعني ... أنا قلت ذلك من باب أني امرأة مثلك و.... "

قاطعتها بهدوء استغربته فيها بعدما رأت من شحوب ملامحها !

" أتثقين في شقيقك يا جليلة ؟ "

قالت تحاول الشرح مجدداً

" آنسة غدير أنا.... "

قاطعتها بأدب مبتسمة

" أتثقين فيه يا جليلة ؟ "

قالت ولازالت تستغرب تعاملها الودود معها

" بلى وأكثر من نفسي "
ابتسمت لها وإن كانت ابتسامة باهتة قليلاً عن سابقاتها وقالت

" أنا إذاً أثق به أكثر من ثقتك أنتِ فيه وفي نفسك "

فألجمتها تماماً بذلك بل وأضافت مبتسمة

" إن كان رجلاً غيره وكائناً من كان ما كنت لأصعد لشقته وإن

رأيت بعيني امرأة فيها قال بأنها شقيقته .. بل وإن كنت أكيدة

بأنها شقيقته فعلاً ، وإن كان لي أن أثق في شخص بعد شقيقي

فسيكون قائد فقط وأنا هنا بعلم شقيقي وموافقته وبنفسه من

أوصلني إلى هنا وتركناه ينتظر قائد في الأسفل "

فترددت متلعثمة قبل أن تقول معتذرة

" أنا آسفة لم أكن أقصد كل ما قلت أو فهمته وصدقيني خشيت

عليك من أفكاري تلك أكثر من خوفي على شقيقي فهو يبقى

رجل ولن يمسه شيء "

فلامست أصابعها يديها المقبوضتان في بعضهما والأصابع

الرقيقة المخضبة بأزهار الحناء الرائعة وقالت بابتسامة صادقة

" لا عليك يا جليلة فأنا أفهمك وأتفهم موقفك والخطأ خطأه

لكان أخبرك مسبقاً بقدومي "


شعرت بالارتياح من الصدق في نبرة صوتها وابتسامتها وبأنها

بالفعل لا تحمل في قلبها شيئاً اتجاهها وكانت صادقة في كل ما

قالت مسبقاً ، قالت مبتسمة

" إذاً أنتما زملاء دراسة وعمل ؟ "

ضحكت وقالت

" أجل وفي اليوم الذي يقضيه هنا من كل شهر يكون كل واحد منا

في وجه الآخر طوال النهار "

ضحكت ولم تعلق بينما قالت غدير مبتسمة

" لقد أخبرني الكثير عنك سابقاً أنت دوناً عن كل شقيقاته

ويبدو يحبك كثيراً "


ابتسمت وقالت

" وأنا كذلك فشقيقاي من والدتي بالنسبة لي شيء مختلف

عن باقي أشقائي جميعهم "

وتابعت بذات ابتسامتها تتفرس في ملامحها

" تبدين من خماصة إن لم أكن مخطئة ؟ "


ضحكت وقالت

" بلى ولم أستطع يوماً التنكر عن أحد .. فما سرنا في هذه

البلاد ! "


ضحكت أيضاً وقالت

" السر يكمن في الحروب والتقسيم في الماضي فلم تتداخل

أنساب البلاد واحتفظ كلٌ بشطره وجيناته كما الحال في الحالك

تماماً تعرفهم دون أن تتعرف عليهم وسنحتاج لجيلين أو ثلاثة

مستقبلاً لنصنع شعباً جديداً يمزج بين القبائل ويصنع هوية

موحدة للبلاد "


شاركتها الرأي قائلة

" معك حق فكيف والزعيم مطر يحاول وبكل جهده دمج العرب

مع الثنانيين ؟ سيخلق تداخل غريب وجيل جديد الله وحده يعلم

جيناته ستصل لأي مرحلة ! "


ضحكت ولم تعلق وقالت تشير لها بيدها نحو الداخل

" تفضلي تركتك تتحدثين واقفة ونسيت أن أدعوك للدخول "


ابتسمت وسارت معها في صمت حتى كانتا عند الصالون الذي

توسط المكان وأشارت لها قائلة بابتسامة مرحة

" هيا اجلسي سأبحث في ثلاجة ذاك العجوز العازب لعلنا نجد

قارورة عصير "


ضحكت وقالت

" لا داعي لكل هذا يا جليلة ولنبدأ في تجهيزك فقد يسرقنا

الوقت "

قالت متوجة جهة المطبخ

" ما يزال أمامنا ما يكفي فلنجلس قليلاً "

ودخلت المطبخ وفتحت الثلاجة التي لم تفتحها سابقاً فهي لم

تتناول شيئاً بعد عشاء البارحة الذي استفاقت ليلاً لتفرغه من

معدتها ولم تنم بعدها حتى الآن .. وجدت بعض علب العصير كما

كعكة البارحة التي يبدو أن قائد أيضاً لم يأكل شيئاً منها وها قد

وجدت كل ما تبحث عنه فحديثها مع تلك الفتاة لم ينتهي بعد حتى

تفهم وضعهما جيداً فهي تعلم بدماء قلب شقيقها الأحمق ذاك أين

تسكب لكن هذه الفتاة ! لم تنسى بعد تلك النظرة التي رأتها في

عينيها حين ظنت بأنها زوجته ! كانت صدمتها بأن تكون الشقة

فارغة وبأنه يستغلها ستكون أقل من تلك فوضعها في حياة

شقيقها مريب بل وعلاقتهما أيضاً فهي من تعرفه جيداً ثمة حدود

عريضة يضعها بينه وبين الجنس الآخر تتمثل في علاقات

سطحية وإن كانت تحت مسمى الزمالة والعمل لكن هذه تراها

مختلفة تماماً حتى أن أحدهما قادر على قراءة صمت الآخر من

شدة عمق علاقتهما !! وشخصية قائد ليست كذلك أبداً حتى أن

شقيقاتها يقلن دائماً بأنهن لا يرينه يضحك ويمزح كثيراً إلا في

وجود جليلة ومعها وها هي رأت قائد ذاك مع هذه الفتاة أيضاً !!

حتى أنها في عمرها تقريباً وليست متزوجة بالرغم من جمالها

وشخصيتها وقوة حضورها ولباقتها التي تُظهر جيداً أي مستوى

تعليمي وثقافي وصلت له ! فلما لا تتزوج واحدة مثلها

حتى الآن ؟!

ما باتت شبه أكيدة منه الآن هو مشاعر هذه الفتاة اتجاه قائد لكن

ثمة أمر آخر عليها أن تعلمه ولن ينجح ذلك وهي تقوم بتجهيزها

خرجت تحمل في يديها صينية تقديم وضعت فيها علبتا العصير

مع كأسين وطبق وضعت فيه قطعة كبيرة من تلك الكعكة وشوكة

، وضعت الصينية على الطاولة أمام التي همست بابتسامة شاكرة

إياها وجلست على الأريكة مقابلة لها وقالت مبتسمة بينما

نظراتها لا تفارق ملامح التي كانت تنظر للطبق الذي ترفعه من

الصينية برفق وبيد واحدة

" لقد وجد قائد إذاً فرصة تناسبه ليعرفنا ببعضنا "

قالت التي ضحكت تقطع بالشوكة من الكعكة ونظرها على ما تفعل

" لن أستغرب هذا منه .. لقد استغل مسألة أني لن أصدق بأنك

قد تكونين هنا وزواجك بالأمس "

رفعت علبة عصير الليمون التي أحضرتها لنفسها وقالت تفتحها

ونظرها على يدها

" كل ما في الأمر أن ليلة أمس كانت متعبة لكلينا فاختار تأجيل

الأمر لليوم "

ورفعت نظرها بها ما أن ضحكت وقالت تضع الشوكة في

طرف طبقها

" قلة من الرجال هم من يقدمون ذاك التنازل للمرأة على

حساب أنفسهم "

فأخفضت نظرها مبتسمة بألم ورفعت كأس العصير لشفتيها

وشفطت منه شفطه كبيرة تهرب من التعليق على الأمر فشعرت

بتلك المياه الحامضة تنزل كالسكين على معدتها الخاوية ووضعته

في الصينية بملامح متألمة فقالت المقابلة لها بقلق

" جليلة هل أنت بخير ؟! "

سحبت منديل ورقي من العلبة المذهبة الموضوعة على الطاولة

ومسحت بها شفتيها هامسة

" بخير لا تقلقي "

وتابعت تضع المنديل في الصينية تعود لموضوعها الذي جلست

هنا من أجله

" احتال عليك إذاً ذاك المحامي الخبيث بعدما ضمن إيصال شقيقك

لك هنا ؟ "

ونظرت للتي ابتسمت بتلذذ للطعم الفاخر في فمها والمتمثل في

مكونات تلك الكعكة وقالت

" بالفعل ولأني أعلم بأنه لا يكذب أبداً كنت موقنة من وجود

امرأة هنا لكن أن تكون أنت لم أصدق ذلك ولا خيارات أخري

في عقلي "

وأتبعت جملتها تلك بضحكة صغيرة فابتسمت بانتصار وقالت حين

وصلت للحوار الذي خططت له منذ البداية

" كان عليك توقع ذلك وإن كانت غسق ابنة خالته "

ولاحظت بوضوح توترها وهي تنزل نظرها للطبق في يدها قبل

أن ترسم ابتسامة متوترة أيضاً لم تستطع إخفاء شحوب ملامحها

بها وقالت مبتسمة

" أجل كان عليا توقع ذلك "

فأدارت مقلتيها جانباً وتنهدت بضيق واشتدت قبضة أصابعها

وهمست من بين أسنانها المطبقة

" قااائد ... يا لعين "


فهذه إما أنها لاحظت ذلك عليه أو أنه سبق وأخبرها به من باب

الصداقة والزمالة بالطبع وكسر قلبها وهذا هو المرجح ... ياله

من مغفل أعمى بصر وبصيرة ! أثمة من لا يمكنه رؤية مثل هذه

الفتاة التي تصلح زوجة لأي رجل يبحث عن المثالية ! والكارثة

أن يكون يعلم بمشاعرها نحوه ويستمر في تعذيبها بكلمة زميلة

وصديقة !! بل ولا تراه سوى ليوم أو اثنين من كل شهر ؟

الأحمق المغفل حتى متى سيبقى سجيناً لمشاعره اتجاه ابنة خالته

تلك التي تتنفس عشقاً لرجل آخر ؟ كم هي غريبة هذه الحياة

فبينما هذه تحبه هو يحب أخرى تحب آخر والآخر ذاك الله وحده

من يعلم ما يخبئ من مفاجآت وهو يعترف بخيانته لها سابقاً.


*
*
*



أراح يده على الحاجز الزجاجي أمامه ينظر للنائمة في الداخل

على سرير طبي طنين الجهاز الموصول بجسدها يسمعه هناك

وإن كان صوتاً بعيداً خافتاً كأفكاره حينها فلما فعلت كل هذا وهي

موجودة لديه ! كانت فعلتها منذ كانت في عهدة شقيقها وكان

موجوداً هنا ؟! .

تنهد بعمق نفساً طويلاً واتكأ بجبينه على ظهر يده تلك ينظر لها

بعين واحدة فها قد مرت ساعات على وجودها هنا وهكذا وعلى

وجوده في هذا المكان أيضاً منذ ليلة البارحة وكلمات الغاضبة

التي تركها خلفه لا تفارقه فلما يكون الملام وما ذنبه هو في كل

ما يحدث ! ألا يكفيه ... ؟

يكفيه تحملاً لاتهامات ابنه في والدته لتظهر له هذه المرأة أيضا ً

، استوى في وقوفه ومسح وجهه بيديه مستغفراً الله وممرراً

أصابعه في شعره للخلف وصولا لقفا عنقه قبل أن ينظر جهة

الباب الذي فُتح وللممرضة التي خرجت منه فتوجه نحوها من

فوره قائلاً

" كيف أصبحت الآن ؟ "


قالت التي وقفت مقابلة له

" هي لم تفق بعد والطبيب يقول بأنه عليها أن تفتح عينيها خلال

ساعات أو سيتم نقلها حينها لمشفى مختص "


حرك رأسه بشرود واجم وهمس

" أجل أخبرني بذلك لكن ... "

وقطع كلماته وقال محدقاً في عينيها

" كيف للتسمم الدوائي أن يفعل هذا ! "

فردت يديها وقالت ترفع كتفيها

" لا تنسى بأنه أكثر من نوع سيدي وبأن عددهم كبير .. كما أن

واحداً منهم له أثار سلبية كبيرة على جهازها العصبي وهو ما

سبب لها حالة التشنج تلك ، لكن الطبيب يأمل بأن وضعها سيتغير

والساعات القادمة وحدها ما ستحكم بذلك "

أومأ برأسه شاكراً إياها بهمس بينما غادرت هي من فورها

ونظره علق بها بشرود ... مشكلة إن لم تفق فسيكونون في

مشكلة جميعهم فهنا فقط يمكنهم حماية أنفسهم من فتح تحقيق

بشأن ما حدث معها .. ونقلها لمشفى آخر معناه مصيبة ستطال

الجميع هنا في هذه البلاد وليس هو وحده .

التفت فجأة ينظر بعينان غاضبتان وحاجبان ينعقدان ببطء للذي

خرج من آخر الممر متوجهاً نحوه وبخطوات سريعة وإن حسب

عدد الساعات منذ رسالته تلك لعلم بأنه ركب الطائرة ما أن

وصلته وبأنه هنا فور أن لامست طائرته أرض هذه البلاد ، تحرك

نحوه أيضاً وما أن أصبحا في مواجهة بعضهما صرخ في وجهه

" انظر أين وصلت بنا أفكارك وقراراتك ؟ كنت مارست تجبرك

على نسائك بعيداً عني "

صرخ فيه بالمثل

" شاهر توقف "

لكن ذلك لم يجعله سوى يشطاط غضباً وصرخ مجدداً

" لن أتوقف فانظر أنت ما الذي أوصلني له جنونك وأفكارك

الغبية "

" شاااااهر "

كانت صرخته تلك أعلى من صوته الغاضب ذاك بل وجعلت بعض

الأبواب تفتح لتطل منها الرؤوس والاجساد الفضولية لكن كل ذلك

لم يوقفه أبداً وهو يلوح بيده في وجهه قائلاً بغضب

" تباً لك وإن كنت رئيس بلادي وزعيمي ومن أنقذ حياتي يوماً

وحياة ابني من بعدي .. تباً لك يا مطر "

وأشار بسبابته خلفه حيث تلك الغرفة التي تنام فيها شقيقته

ولازال ينظر له وقال بحدة

" انظر ما الذي أوصلتنا له أفكارك ؟ وتخيل ما الذي سيحدث إن

قرر الطبيب نقلها لمستشفى آخر ؟! ولا تفكر في تركها هنا حتى

تموت بحجة حمايتك للبقية لأني من سيبلغ عنك حينها "

قال بحدة مماثلة ينظر لعينية بغصب

" توقف عن التفوه بالحماقات فكل شيء يمكن إيجاد حل له

بعيداً عن التهور "

" ما أبرد قلبك يا رجل "

قالها صارخاً في وجهه ولاذ بالصمت يتلقف أنفاسه بقوة ينظر

لتلك العينان السوداء الغاضبة بغضب أشد منه وشد على أسنانه

بقوة وهمس من بينها يرفع قبضته المشدودة بينهما وهو

يتابع قائلاً

" أقسم بأنه ليس ثمة رجل خالٍ من المشاعر مثلك ولا تستحق أن

تكون مسؤولاً عن النساء .. قسماً لم ترى عيناي رجلاً يدمر

نسائه مثلك فانظر ما تفعله بهن ؟ "

وتابع بحدة عادت للسيطرة على صوته يشير بسبابته خلف كتفه

" واجزم بأن التي تركتها في المنزل خلفي هناك أن تكون بماضٍ

مظلم مدمر بسببك أيضاً فهذا ما تفعله بهن فقط .. ولن أسلمها لك

بعد الآن ولن تكون مسؤولاً عنها "

وجهه اتهاماته له وبكل قسوة ودون اكتراث وآخرها تقصيره

اتجاه الفتاة التي تركها في شقته ولا يعلم عن ماضيها شيئاً لكن

تعليق مطر كان بارداً ناقض كل ذاك الاشتعال وهو يقول

" لم يكن هذا حديثك في رسالتك تلك ؟ "

فلم يجعل ذلك مزاج شاهر الغاضب يتغير وهو يصرخ فيه بعنف

" كان وتغير الآن ويفترض أن يكون هذا قرار كل من يمتلك أن

يبعد النساء عنك فلم يبقى سوى ابنتك وقسماً أن دورها سيكون

القادم .."
وتابع بحدة يشير له بسبابته

" وحينها فقط ... فقط يا ابن شاهين ستعرف معنى أن تتحطم

من داخلك وأنت تراها محطمة وبقايا امرأة "

فأشاح بوجهه جانباً ولم يعلق بالرغم من أن الغضب لم يغادر

ملامحه بعد يمسك خصره بيديه بينما تابع الواقف أمامه جلده

وبقسوة يلوح سبابته في وجهه

" أقسم إن كانت لي سلطة عليها ... قسماً إن كنت مكان جدها

ويمكنني أخذها منك بالقانون لكنت فعلت ذلك وطبّقت عليك

قوانينك الجديدة التي تصوغها في محاكم الدولة لتكون عادلاً مع

شعبك ظالماً مع من هن أقرب لك "

وما أن أنهى عبارته تلك اجتازه مغادراً لتوقفه الأصابع التي

التفت حول ذراعه وأداره ناحيته ونظر لعينيه نظرة قوية وقال

بفكين متصلبين

" ثمة ما عليك معرفته إذاً وما جعلني أكون هنا غير رسالتك تلك

لتريني انت العدل مع نسائك بعد أن تعلم ما علمت يا شاهر يا

ابن كنعان "


*
*
*




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 09:57 PM   #12144

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,437
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




*
*
*


" أويس لا أراك غادرت لحوران اليوم بني ؟! "


تجاهل سؤالها ذاك بأن جلس أمامها على الأرض وأمسك يدها

ووضعها على حافة الطبق أمامها قائلاً

" أمي المعكرونة هنا أمامك تماماً "

وحركها ناحية الطبق الآخر قائلاً

" هنا السلطة الخاصة بك بدون خيار وهذا محشي

الباذنجان هنا "


وشعر بالارتياح حين ابتعدت عن سؤالها السابق قائلة بابتسامة

" سلمت يداك بني .. أنت تتعب نفسك معي وتفعل ما ليس

من واجباتك "

تنهد في صمت ويعلم جيداً ما سيكون جوابها إن هو اعترض ولما

سيقودهما الحديث نهاية الأمر وككل مرة فقال مختصراً كل ذلك

" سلمك الله أمي وبالعافية "

لكنها لم تنتهي على عكسه تماماً فقد قالت مبتسمة تحاول رفع

المعكرونة بالشوكة في يدها

" ولن يدوم هذا الحال بعد أن تصبح زوجتك هنا بالتأكيد "

فحرك رأسه مبتسماً وقال

" بالتأكيد سيتغير أمي فستصبح هذه مهامها هي "

أخرجت الشوكة من فمها وقالت تنظر لمكان صوته باستغراب

" لا بني الفتاة لديها دراسة كما أن حياتها مختلفة عن كل هذا "

فرد يديه وقال باستياء

" وأنت ترفضين الخادمات أمي فهل سأقوم أنا بخدمتكما

كليكما مثلاً ! "

ابتسمت قائلة

" لا بالطبع ويمكننا الاستعانة بخادمة قليلاً "

نظر لها باستغراب هامساً

" خادمة ! أمي من تقول هذا أم أنا واهم؟! "


ضحكت وقالت

" حسناً للضرورة أحكام بني "

فحرك رأسه ينظر لها بشك قائلاً

" هاه للضرورة أحكام أمي !! لكني كنت أحتاج لذلك أكثر من


زوجة ابنك وأنا أتركك هنا لوحدك يوماً كاملا وأخدمك بنفسي

والمنزل أيضاً ! "

تابعت أكلها ولم تعلق فقال بابتسامة جانبية

" يبدو أنني فهمت السبب الآن ... أكنت تفعلين ذلك متعمدة

يا أم أويس ؟ "

ابتسمت وقالت ترفع المعكرونة وتضع يدها تحت يدها الأخرى

لتلتقط ما قد يقع منها

" أنت لم تترك لي خياراً غيره .. كنت أريدك أن تتزوج وتنسى

كل تلك الحكاية القديمة ويصبح لديك عائلة وأحمل أبنائك "

كتف ذراعيه لصدره وقال يرمقها ببرود

" ومخططك لم ينجح للأسف ودفعت أنا الثمن "

وضعت الشوكة وقالت مبتسمة

" كان لدي أمل دائماً في أن تتعب من خدمتي وتتزوج وإن لذاك

السبب فقط "

اتسعت عيناه وقال مستنكراً

" أتعب من خدمتك أمي !! "

قالت مبتسمة

" ألمهم أن ذاك حدث الآن .. إن كنت أعلم بأنها من ستغير

أفكارك تلك جميعها لكنت ذهبت لها لنفسي ومنذ أعوام "

ضحك وقال يرفع حبة باذنجان محشية ويضعها في يدها

" وأين كنت ستجدينها وأنا لم أعرفها إلا مصادفة بالرغم من

أني كنت أدافع عن قضية زواج صديقتها وصديقي لأعوام ؟ "

قالت مبتسمة تأخذها منه

" لكل شيء أوانه الذي قدره له الله بني .. المهم الآن متى

ستجلب أثاثاً للمنزل ؟ "

نظر لها باستغراب وقال

" أثاث ماذا أمي !! "

قالت ما أن انتهت من مضغ القضمة التي أخذتها مما في يدها

" أثاث يوضع في المنازل بالطبع من أجل هذا المكان

الشبه فارغ "

نظر للمكان حوله قبل أن ينظر لها متمتماً ببرود

" وما الداعي لذلك ؟ "

نظرت له أمامها وإن كانت لا تراه وقالت باستياء

" أويس من عقلك تقول هذا ! أنا لم أرى المنزل منذ أعوام

وأعلم بأنك جددت كثيراً فيه لكني أعلم أيضاً بأنك تتركه شبه

خالٍ من أجلي وهذا ظلم في حق زوجتك بني "


غضن جبينه وعقد حاجبيه قائلاً

" وما الظلم في هذا أمي ! "

وتابع يشير برأسه جانباً

" لديها غرفتها يمكنها اختيار ما تريده من أثاث وتحف سأشتريه

لها ولتملأها للباب ... باقي المنزل لن يتغير فيه شيء ولا

يخصها "

قالت برفض محتجة

" كيف هكذا يا أويس ؟ هل ستأكل وتجلس على الأرض أو تبقى

سجينة غرفتها ! وضع عائلة الفتاة المادي يبدو جيداً جداً كما

فهمت فلما تعيش في هكذا وضع ؟ "

تنهد بضيق وقال يمسك شوكته ويغرسها في صحن المعكرونة

" أمي أنت أهم لدي من أي امرأة في الوجود وإن كان قلبي معلقاً

بها ولن أعيش إلا بما يساعدك ويرضيك .. أعجبها وضعي هذا

اتفقنا لم يعجبها منزل والدها الفخم مكانها تعود إليه "

قالت باستنكار

" ما هذا الذي تقوله يا أويس !! "

لوح بالشوكة في يده وقال بحزم قاطع

" هذا ما لدي أمي ولن أغير نظام حياتنا هنا وأقيدك بالبقاء في

غرفتك طوال اليوم فقط لأسعد زوجتي وكانت من تكون وعليها أن

تتأقلم مع ظروفي كيفما كانت "


تنهدت بيأس منه فقال مبتسماً يناقض مزاجه المستاء ذاك يغرس

شوكته في قطعة جزر ويرفعها بها

" ولا تقلقي بشأن هذا فأنا متأكد من أنها ليست من ذاك النوع

السطحي الذي تعنيه هذه الأمور وأنت تعرفت عليها بنفسك "

وقربها من فمها قائلاً "

كلي هذه أمي "

ففتحت فمها قليلاً وأكلتها وقالت مبتسمة تمضغها

" وما الذي عرفته عنها وهي تبكي منذ رأتني وحتى غادرنا ! "

ضحك وقال يرفع قطعة خيار من طبقه

" ليس بسبك كانت تبكي بل بسببي "

قالت مبتسمة

" ظلمتها كثيراً بني وما كان عليك اللعب بها هكذا "

حرك يده جانباً والشوكة فيها وقال مبتسما

" ما كانت لتوافق إن لم أفعل كل ذلك .. أعلم نوع شخصيتها

جيداً ... وكل ما فعلته خططت له منذ البداية ومنذ لقائنا الأول

في جامعتها "


وأكل قطعة الخيار وتابع يغرس شوكته في أخرى

" كنت أريدها أن تعرفني بجميع وجوه شخصيتي أمي وتقبل بي

وهي مقتنعة بطباعي تماماً "

ابتسمت بحب وقالت

" وفقكما الله بني وأراني أبنائكما سريعاً "

ضحك وقال

" هذا كل ما يعنيك في الأمر ... الأبناء ؟! "

ضحكت أيضاً وقالت

" وسعادتك قبل كل ذلك بني "

التفت للخلف ما أن سمع صوت طرق قوي على الباب الخارجي

للمنزل وقال وهو يقف

" وسعادتي معها أمي وإن لم ننجب أبناء فتذكري هذا جيداً ولا

تورطيني في الزواج من أخرى حينها لأني لن أوافق "

وتابع متجها نحو باب الغرفة

" تناولي الطعام أمي فأنت لم تأكلي شيئاً "

فابتسمت بحنان تنظر للمكان الذي اختفى منه صوت خطواته

وقالت بحب

" وفقكما الله بني ولا فرق بينكما أبداً "


*
*
*


نظرت للباب أمامها وسحبت أنفاسها اللاهثة بالتتابع وعادت

للضرب عليه بالحجر بقوة فهي وصلت مزارع تلك العائلة

بخطوات شبه راكضة تلتفت حولها كل حين فالشمس شارفت على

المغيب ولن تصل منزلهم قبل حلول الظلام على هذا الحال ..

وإن شعر بها والدها واكتشف بأنها لم تكن في المستشفى

فسيقتلها لا محالة ولن تجد فرصة مواتية كهذه فقلبها ليس

مطمئناً ولن ترتاح ما لم تعلم ما حدث مع مايرين خلال هذه الفترة

بعدما أخذها ذاك المتحجر فهي لن تسامح نفسها أبداً إن أصابها

مكروه بسبب كذبتها تلك أو قتَلها المدعو شعيب فهي لن تستبعد

ذلك منه ومن شقيقاه وجميع أبناء عائلته .

بحثت عن حجر آخر أكبر من سابقه ورفعته وبدأت بالطرق به

مجدداً ودون توقف ولا بعد سماع ذاك الصراخ الرجولي الغاضب

القادم من الداخل بسبب كل ذاك الضجيج الذي أحدثته حتى انفتح

الباب أمامها على اتساعه وتحولت النظرات الغاضبة في عيني

الواقف أمامها للاستغراب وهو يكتشف أن الطارق ليس سوى

امرأة ! حدق فيها بتركيز لوقت قبل أن يقول

" من أنت وماذا تريدين ؟ "

مطت شفتيها بضيق وودت أن أجابت عليه بما يبرد حر قلبها

لكنها لن تجني شيئاً حينها وسيغلق الباب في وجهها ولن يفتحه

لها مجدداً لذلك رمت الحجر من يدها وقالت تنفض التراب

من يدها

" أنا فجر "

نظر لها لبرهة قبل أن يقول بامتعاض

" آه فجر تلك "

قالت بضيق تغلب عليها هذه المرة

" لا هذه .. وأريد أن أعلم ما حدث مع مايرين ؟ لقد أخذوها أبناء

عمومتك من المستشفى وإن حدث لها شيء فأنت المسؤول عنها

أمام الله يا سيد أويس لا تنسى ذلك فهي لا ذنب لها فيما حد... "

صرخ مسكتا لها

" اصمتي ... ألا وقت للراحة أبداً تحتاجه حنجرتك ؟ ثم قلت لك

سابقاً بأني لا أعرف فتاة تدعى مايرين ولا أعترف بها "

قالت باحتجاج

" بلى تعرفها وتعرف ما قد يحدث لها بسببهم فلما تكون أنت

وهم وقدرها عليها ؟ ليرحمها أحدكم وتذكر بأن الدماء التي تجري

في عروقها دمائك "

أجفلت من نظرته تلك وعلمت من اشتعال سواد حدقتيه بأنها

تجاوزت حدها بل وأخطأت كالعادة بأن ذكرت تلك المسألة التي

توصله للجنون وهي تذكره بما اتهم به والده ويرفض هو

الاعتراف به فصرخ فيها يكاد يقفز عليها ويخنقها

" كم مرة سأقول بأنها ليست شقيقتي وليبتعدوا بفضائحهم

عني وعن والدي .. حتى متى سيموت والدي وتفقد والدتي

بصرها ؟ كم مرة سأذكر ذلك ؟ "

انكمشت على نفسها تضم يديها لصدرها وتمتمت بخوف

" للللكن سسسكرتيرتك لم تقل ذلك يييومها قالت أأن .... "

قاطعها بغضب

" أي سكرتيرة تتحدثين عنها فلا سكرتيرات لدي ...

هل هذه كذبة جديدة ؟ "

قالت من فورها وبندفاع

" بلى ليست كذبة وهي من اتصلت بي بعد اتصالي بك سابقاً

مباشرة وقالت بأنها سكرتيرتك وبأنك من أعطاها الرقم لتكون

حلقة الوصل بيننا وسألتني عن قصتها وأنا أخبرتها ثم وعدتني

بأنها ستحاول إقناعك و... "

قاطعها صارخاً بصدمة

" متى حدث ذلك ؟ "

رمشت بعينيها قبل أن تقول

" أخربتك بأنها اتصلت بي بعد مكالمتك فوراً وقالت بأ.... "

لوح بيديه بجانب رأسه قائلاً بضيق

" اشش يكفي أعلم ما قالته "

وتابع ماداً يده لها

" هاتي رقمها .. هل هو لديك ؟ "

تراجعت للوراء خطوة وقالت

" ليس قبل أن تخبرني أين هي مايرين ؟ "

خرج لخارج الباب أكثر وقال ولازال يمد يده لها

" هاتي الرقم وسأخبرك بما تريدين .. بسرعة "

خبأت حقيبتها خلف ظهرها ولازال حزامها على كتفها وقالت

متراجعة للخلف أكثر

" أخبرني أين هي وماذا حدث معها وسأعطيه لك "

حرك أصابعه وقال بضيق

" تزوجت فهاتي الرقم ولا تجعليني آخذه منك بالقوة "

فتنهدت بارتياح حامدة الله بهمس فعلى الأقل لم يقتلوها .. لكنها

لا تأمن شر أفكارهم أبداً ، قالت بريبة " من تزوجت ؟ "

تأفف وقال بنفاد صبر يمد يده لها أكثر
" من الشاب الذي صدمها وهو مستأجر عندي فأعطني
الرقم بسرعة "

قالت بحماس وسعادة وكأنها لم تسمع من حديثه سوى أوله

" حقاً تزوجته هو ؟ يا إلهي حمداً لله أنهم لم يزوجوها لعجوز

أو أحد عمالهم السود "

نظر لها باستغراب ففتحت حقيبتها وأخرجت هاتفها منها قائلة

" لأجل هذا الخبر السعيد فقط سأعطيه لك من دون مقابل "

كشر متمتماً

" يالك من جشعة ! أهذه تكون أخلاق الأطباء ؟ "

ضحكت ضحكة ساخرة وقالت تفتش في هاتفها

" وما أخلاق المحامين الذين يدافعون عن المظلومين ؟ "

نظر لها بضيق وقد فهم فوراً ما كانت ترمي إليه واستل الهاتف
الذي مدته له بقوة من يدها ونظر للرقم فيه عاقداً حاجبيه قبل أن

تتسع عينيه بصدمة فهو يعرف هذا الرقم ويحفظه جيداً كاسمه .


*
*
*


وضعت الحقيبة التي نزعتها من كتفها على الطاولة وجلست تنظر

مبتسمة للتي جلست أمامها وقد قررتا الخروج معاً اليوم تعويضاً

عن تلك المرة التي خرجت فيها لوحدها وقالت بابتسامة

" أخبريني إذاً ما سر رحلة المنظمة تلك وأين ستكون ؟ "


قالت ساندرين تحرك يديها بحماس

" لأدغال كاليه الفرنسية .. ستكون رحلة رائعة مليئة بالمغامرات

والمفاجآت أيضاً "

ضحكت على حماسها وقالت

" ولن تخلوا من إنقاذ الحيوانات البرية بالتأكيد ؟ "

قالت ضاحكة

" لا لن تكون هناك سوى حيوانات مستعدة لافتراسنا في

أي لحظة "

حدقت فيها بصدمة فضحكت وقالت

" أمزح يا غبيه ... إنه ملجأ كبير للمهاجرين يطلقون عليه اسم

أدغال وسنقوم بأمور كثيرة مهمة ومشوقة هناك "


فتجعدت ملامحها وقالت

" وهذه تسمينها رحلة وتستمتعين بها ! "

حركت رأسها ووجهها الذي قربته منها قائلة بنزق

" هذه أمور لا تفهمها جاهلة مثلك ملتصقة بالمطارات والطائرات

طوال الوقت "

فزمت شفتيها بضيق قبل أن تحررهما قائلة

" أجل فالاستمتاع يكمن في الالتصاق بالحيوانات المشردة مثلك "

فتجاهلتها ونظرت للنادل الذي وقف عند طاولتهما مبتسماً وقالت

بابتسامة مماثلة

" نريد طبق فلافل وكبسة دجاج أيضاً وكسكسي بالسمك وطبق

ملوخية كبير لكنانة "

كتب ما طلبته مبتسماً وغادر من فوره بينما قالت كنانة ضاحكة

" من سيأكل كل هذا ويدفع ثمنه ؟ "

ضربت بكفها على صدرها وقالت مبتسمة

" أنا من سيدفع يا شحيحة زوجة الثري ومن سيأكله أيضاً

لا تخافي "

قالت بابتسامة مائلة

" حسناً يا زوجة الثري لا تتركي مما طلبتِ شيئاً ولا أجد نفسي

أفتش حقيبتي ككل مرة لأوفي حساب الغداء لأن المال الذي لديك

لا يكفي بالطبع "

لوحت بيدها لامبالية وسرعان ما تغيرت ملامحها للحدة وقالت

تهددها بسبابتها

" اسمعيني جيداً كوينو مزاجي في أفضل حالاته ومستعدة لأكل

كل ذلك لكن إن ظهر لنا ابن عمتك الآن كالعادة فلن تلومي

إلا نفسك "

نظرت لها بصدمة قبل أن تقول مندفعة

" أنا التي إن ظهر لنا الآن فلن أخرج معك مجدداً وسأقطع

علاقتي بك نهائياً "

قالت ببرود تشيح بوجهها عنها

" أجل هذا أفضل لأنك إن لم تفعليها فعلتها أنا "

فمدت شفتيها بعبوس تراقبها بينما كانت هي تستقبل أطباق

الطعام مبتسمة بحماس وما أن غادر النادلان رفعت ملعقتها

وقالت

" لا أعلم من أين أبدأ ؟ لكنني بالتأكيد سأنتهي منها جميعها ....

من الرائع أنه ثمة مطاعم عربية هنا "

فاتكأت الجالسة أمامها بذقنها على راحة يدها وقالت تنظر لها

" أنا أحياناً لا أفهم شخصيتك المعقدة ساندي رغم الصداقة

الطويلة التي تجمعنا ! "

قالت مبتسمة بسخرية تغرف من طبق الأرز في صحنها

" بالطبع لن تعرفي شيئاً عن أحد وأنت لم تتعرفي ولا على ابن

عمتك ذاك حين التقيته أول مرة بعد عودته من دراسته في

جامعته باسكتلندا ! "

رفعت ملعقتها أيضاً وقالت ببرود

" هو من تغير شكله كثيراً وليست غلطتي .. بل ولم أراه منذ

الخلاف بين عائلتينا فكيف كنت سأعرفه حينها ! ... ثم أنا لا

أتحدث عنه بل عنك "

فقالت منشغلة بطبقها الذي كانت تأكل منه بشهية مفتوحة

" يمكنك تحليل شخصيتي كما تشائين بينما آكل "

فراقبتها باستغراب قائلة

" أنت غريبة أطوار حقاً !! من يراك الآن لا يصدق بأنك من

كانت تصرخ غاضبة قبل أيام وتم عقد قرانها دون علمها ! ما أن

انتهى الحفل حتى رميت كل شيء وراء ظهرك كما أرى وكأنه

لم يحدث ! "

نظرت لها وقالت تلوح بالملعقة في يدها

" لأنه بالفعل لم يحدث شيء وسرعان ما يمل ابن عمتك ذاك

ويرميني خلفه ويمضي ويرجع كل شيء كما كان "

حدقت فيها باستغراب هامسة

" واثقة تماماً !! "

قالت بجدية

" أجل لأني أعرفه أكثر مما تعرفيه أنت بل ووالدته التي

أنجبته أيضاً "

حركت رأسها بعدم اقتناع ورفعت كتفيها قائلة

" إن كان كذلك ما تزوجك ! كان رماك سابقاً كما تقولين "


قالت تسكب المزيد من الأرز في طبقها

" سيفعلها وإن أصبح لدينا طفل وليس عقد زواج بالي فقط

وقولي ساندرين قالت "

تنهدت بعجز متمتمة

" وسترجع حياتك كما كانت حقاٌ !! "

أخرجت الملعقة من فمها وقالت تمضغ ما فيه

" بالتأكيد فلن تنتهي حياتي بسبب رجل كذاك ولا عشرة من

أمثاله ... أنا لا يكسرني شيء ولا أحد ولست انهزامية مثلك "

كتفت ذراعيها لصدرها ونظرت جانباً متنهدة بضيق بينما قالت

التي لوحت بملعقتها نحوها بتهديد

" وحذاري كنانة من أن يعلم ابن عمتك ذاك عن الرحلة أو

قطعت لسانك وليس علاقتي بك "

نظرت لها بصدمة وقالت

" وهل وحدي من قد تخبره ؟ ماذا إن فعلها والدك مثلاً ؟ "

قالت ببرود وقد عادت للانشغال بطعامها

" والدي لن يفعلها وسبق وأخذت منه عهداٌ بذلك .. ثم زير

النساء ذاك مسافر ولن يعلم إن لم يخبره أحد عمداً "

" مسافر ؟! "

قالت ذلك تنظر لها باستغراب فرفعت كوب العصير وشربت منه

وقالت وهي تضعه مكانه يمينها على الطاولة

" أجل ولحسن حظي فالطلب على طائرات شركته الفاشلة تلك

في ازدياد لذلك يسافر كثيراً مؤخراً "

ضيقت عينيها تنظر لها بريبة وقالت

" أراك تجمعين المعلومات عنه سيدة ساندرين ! ثم ما هذه

الشركة الفاشلة التي يزداد الطلب عليها ! "

حدقت فيها باستياء قائلة

" بل والدي من أخبرني .. هذا ما ينقص أن أتقصى عن أخبار

ذاك الدبور "

كتفت ذراعيها لصدرها وقالت

" ولما تهددين وتتوعدين وهو مسافر ولن يكون هنا ولن يظهر

لنا فجأة ؟ "

قالت تشير لها بالملعقة في يدها

"لأني لا أثق بكم آل الهازان جميعكم وتوقفي عن التحقيق معي "

فانحنت نحوها قليلاً تسند ساعديها على الطاولة تحتها وقالت

مبتسمة بمكر

" بل ثمة ما سأسأل عنه أيضاً ... لما أخبرتني عن الرحلة

إن كنت لا تريدين أن يعلم ؟ خطة رائعة ساندي "

نظرت لها بصدمة وكادت تغص بالطعام فرفعت كوب الماء

وشربته دفعة واحدة ووضعت الكوب الفارغ بقوة وقالت بضيق

" حمقاء طوال حياتك ولن تتغيري أبداً .. فما الذي سأجنيه إن

علم غير أن يرفض الرحلة وأموت بحسرتي ؟ أقسم إن فعلتها

كنانة دققت عنقك "

أجفلت تنظر لها باستخفاف وقالت

" لا بالله عليك أخفتني "

حركت يدها بلامبالاة وقالت

" دعينا من كل هذا الآن وأخبريني ما الترتيبات لحفل الزفاف؟ "

فأبعدت نظرها عنها وابتسمت بسخرية متمتمة

" هه ... الترتيبات أنه لا حفل مطلقاً "

نظرت لها بصدمة وقالت

" ماذا ! ولكن ما علمته من والدتي عن طريق والدتك بأنكم

ستقيموا.... "


قاطعتها ببرود وقد عادت للطعام الذي لم تأكل منه إلا القليل

" لا شيء من كل ذلك ... لقد ألغي "

لكن تلك الأحداق الزرقاء كانت لاتزال تحدق فيها باستغراب

وقالت صاحبتها

" ولكن لما تم إلغائه !! أليس .... "

فقاطعتها مجدداً تقطع اللحم بملعقتها بحركة عنيفة

" لننهي الحديث في الأمر ساندي لأنه يشعرني بالصداع "

فكشرت تنظر لها وتمتمت باستياء

" يا لحظك المشابه لحظي "





*
*
*




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 09:59 PM   #12145

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,437
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




*
*
*



فرك جبينه بأصابعه وقال بضيق ما أن أبعد يده

" أمي أنا ألغيت الحفل وانتهى لن نناقش هذا كلما تقابلنا "

قالت الواقفة مقابلة له بضيق

" غيهم ما هذه الطريقة الجديدة في التحدث مع والدتك ! إن كان

أبان ما كنت لأستغربها منه "


نظر لها باستنكار وما أن كان سيتحدث سبقته قائلة بذات ضيقها

" معك حق فأنا الحمقاء لكنت تركتك بنفسك أخبرت زوجتك لما

نلجأ للوسائط ؟ "


قال بضيق

" الأمران سيان وما كنت لأخاف من قول ذلك لها "

حدقت فيه باستغراب وقالت

" لكن لما بني ؟ لا مبرر لما فعلته مطلقاً فحفل الزواج من حقها

ولا أظنه ينقصنا مال أو سيؤثر ذلك في ثرونا ! "

أشار بيده قائلاً بنفاذ صبر

" أنت ستقيمين لها حفلاً هنا وهم احتفلوا هناك بعقد قراننا

وانتهى أمي هل سنقيم حفلاً كل حين ؟ "

قالت بحزم

" لا أفهمك غيهم فهذا لم يكن رأيك سابقاً فلم تعترض بل وقلت

وبالحرف الواحد لتختار أي فندق تريده في لندن وليقوموا بدعوة

من يريدون والآن تقوم بإلغاء كل ذلك ! ما هذا الذنب الذي

ارتكبته تعاقبها عليه ؟ "

نظر لها بذهول وقال

" أمي لا تنسبي لي تهماً ثم تبدئي بتصديقها ..

بل والتسويق لها "

ضربت ظهر يدها بكف الآخر تشدهما لوسطها وقالت

" لما حدث هذا إذاً ؟ "


تأفف وقال بضيق

" لأن خالي مطر من أمر بهذا أمي ... أنتن النساء لا يرتاح لكن

بال ما لم تخرجن الرجل من ثيابه "

قالت تنقل سبابتها بينهما

" نحن أم أنتم ؟ "

وتابعت بضيق تشير له بسبابتها مجدداً

" بل أنت تحديداً فليس جميع الرجال يمتازون بصفة الصمت

الرائعة هذه وعليك أن تفهم جيداً يا غيهم بأن هذا لا ينجح

مع النساء "

نظر جانباً وتنهد بضيق فحركت رأسها بيأس منه وقالت

" وما شأن خالك مطر يلغي حفل زواج لم يقرره هو ولا نحن ! "

كتف ذراعيه لصدره وقال ببرود

" لم أتجرأ على أن أسأله هذا السؤال أمي فلن يطلب ذلك إلا

من أجل سلامة كنانة وعائلتها بالتأكيد "

نظرت له باستغراب قبل أن تقول باستياء واضح

" لا أفهم غيهم فاشرحها لي ! ما علاقة الحفل بسلامتهم وإن

انتشر خبر زواجكما فهم يعيشون هناك بهويتهم الحقيقية كما

أعلم ؟ "

تنفس بعمق وقال بصبر وقد دس يديه في جيبي بنطلونه الجينز

" لا تنسي بأنهم يحملون لقب كنعان أمي "


وضعت يدها على فمها بتفكير فكيف نسيت هذه المسألة !

وسرعان ما أبعدتها وقالت ونظرها معلق بعينيه

" لكن ما ذنب الفتاة في كل هذا فالحفل من أجلها بني ؟ "

رفع كتفيه وقال

" لا شيء بيدي وتعلمين أوامر شقيقك جيداً فما كنت لأرضى بأن

يُلغى الأمر الوحيد الذي طلبته لكنها الأوامر أمي وسلامتهم

أهم بالتأكيد "

نقلت نظراتها في ملامحه باستغراب وقالت بعتاب

" كنت اتصلت بها إذاً وأخبرتها ؟ لما تضعني ووالدتها ونفسك

في هذا الموقف ؟ "

حرك كتفه الأيمن كما رأسه في ذاك الاتجاه ولازالت يداه سجينتا

جيوبه وقال بجمود

" كانت والدتها ستهول الأمر حال علمها بمخاوفهم من ماضيهم

مع ابن راكان ، تحدثت مع والدها في الأمر فكان رأيه أن لا يعلما

مطلقاً "

قالت بريبة

" لكنك وضعت نفسك في موقف سيء معها ...! كنت تركتني قلت

بأنه رأيي وليس رأيك ؟ "

أمال شفتيه بلا اهتمام وتمتم ببرود

" أنا سيء في نظرها لن يغير هذا في الأمر شيئاً "

فحدقت فيه بصمت قليلاً قبل أن تقول بهدوء حزين

" لو كنت فكرت في هذا قبل أن نعقد قرانكما لكنت ألغيت الخطبة

كاملة وبحثنا لك عن عروس أخرى وما كنا لنعرض حياة الفتاة

أو عائلتها للخطر بسببنا ... كيف فاتني التفكير في هذا الأمر ؟ "

لكن نظرته التي رمقها بها لم تشبه نظرتها تلك البتة تخبرها

وبكل وضوح بأنها إن لم تكن والدته لأسمعها كلاماً لن يعجبها

أبداً لكنه قال بحزم وهو يوليها ظهره مغادراً

" أنا من كان سيرفض التراجع عن كل ذاك أمي فلا تفكري

فيه .. هي زوجتي وهذا ما لن يلغيه ولا شقيقك ذاك "

وابتعد ناحية باب المنزل نظراتها الصامتة تتبعه وما أن فتحه

وخرج تركه مفتوحاً بعده لأنه ثمة من تقابل معه أمامه وكان

داخلاً منه حينها ومن لم تراه منذ ذاك النقاش القوي أو الشجار

المزدوج له معها ومع يمان قبلها فسار دون أن ينظر ناحيتها

وبخطوات سريعة واسعة ووجهته السلالم فهمست من بين

أسنانها

" وغاضب أيضاً سيد أبان ! معك حق تماماً "

بينما تابع هو صعوده بخطوات واسعة توقفت ما أن وصل

لمنتصفه وكان في مواجهته وجه أنثوي آخر أصغر سناً وأكثر

رقة ونعومة وعينان لا تحمل ذاك الحزم ولا القوة بل الحزن

الممزوج بالأسى فكان مصيرها ذاته بأن أبعد نظره عنها وتابع

صعوده حيث الطابق الثالث من ذاك المنزل ومكان اقامته وشقيقه

وحيث صمم ليكون سكناً منفصلاً لكل واحد منهما ليستقرا فيه
مستقبلاً .

بينما تبعته تلك الأحداق الرمادية وهو يتابع صعوده وتقوست

شفتاها بحزن فها هو غاضب منها بينما كان من حقق لها طلبها

وجلب شقيقها إلى هنا ، نظرت للأسفل من أعلى السلم وتبعت

نظراتها الخادمة التي تحركت يساراً وما أن اختفت خلف الحاجز

الزجاجي رفعت نظرها نحو الأعلى قبل أن تركض تلك العتبات

أيضاً حيث اختفى ذاك الغاضب قبل قليل .

*
*
*


نزع قميصه وما أن كان سيرميه جانباً وقفت يده في الهواء وهو

يلتفت برأسه للباب الذي خرج منه صوت طرقات خفيفة جداً

فلبسه مجدداً وقال

" ادخل "
فانفتح ذاك الباب حينها وببطء شديد حتى ظن بأنها نسمة هواء

ما تلك التي كانت تدفعه ! وأمسك وسطه بيديه ما أن اكتشف

هوية تلك النسمة الرقيقة ينظر لها ببرود فقالت تمسك الباب بيدها

وكأنها تختبئ خلفه

" أنا آسفة أبان أرجوك لا تغضب مني "


قالتها بكلمات حزينة رقيقة شبه باكية لكن ذلك لم يجعل ملامحه

تتغير بل وأولاها ظهره ناحية الطاولة ونزع قميصه مجدداً

وبقي بالقميص الداخلي فقط ورماه جانباً ونظر لصورتها في

المرآة يراقبها فيها وهي تدخل من الباب قائلة برجاء حزين

" لم أكن أعلم بأنكما ستتشاجرا بسبب ما قلت .. أقسم بذلك "

فرفع المشط ورماه مجدداً قبل أن يستدير ناحيتها وقال بضيق

" حسناً جيد .. دعيني أجعلك تفهمين أمراً يمامتي "

وتابع يمسك سبابته بسبابة يده الأخرى بينما يفرد الوسطى فقط

وكأنه يحسب بهما

" ثمة أمران هما حق للزوج على زوجته وواجب ناحيته يمامة ..

ولن نتحدث عن الجانب الأول والأهم كي لا يغمى عليك الآن "

وتابع يمسك أصبعه الوسطى هذه المرة وينظر لعينيها المحدقتان

فيه بصمت

" أما الأمر الآخر فهو بأنه عليك إطاعته وتنفيذ ما يقول وتجنب

ما قد يغضبه بل وأن لا تفعلي شيئاً من دون علمه ولا رضاه "

تحركت حدقتاها الفضية الواسعة بين وجهه ويديه يظنها تفسر

ما قال وتفهمه لكنها صفعته ككل مرة حين قالت ببراءة تشبهها

" لكن هذه خمسة أمور وليست واحدة ! "

فحرك رأسه ونفض يديه واقترب منها فقالت تنظر له مجفلة

" ويمان لم يطلب مني فعل ذلك بل أنا من قال له أ.... "

فقاطعها ما أن وقف أمامها تماماً يشير بسبابته على باطن كف

يده الأخرى أمام وجهها

" أنت ورقة بيضاء يمامة تفهمين هذا ؟ والجميع يريد الكتابة

فيها وبالطريقة التي تعجبه "

وتابع بضيق ضارباً بظهر أصابعه في كفه تلك

" فليتركوا لي على الأقل سطراً واحداً شاغراً أكتب فيه ما أريد ..

فهل أطلب المستحيل بهذا ؟ "

رمشت بعينيها قليلاً قبل أن تهمس باستغراب

" عما تتحدث ؟ أنا لا أفهمك ! "

أمسك خصره بيديه وقال بضيق

" أتحدث عن أن ما تقوله أمي مجاب بالنسبة لك .. وإن قال لك

يمان خالفي ذلك فستفعلين فوراً أما أبان فأوامره جميعها

مرفوضة "

قالت تنظر له باستغراب

" لكنك لم تطلب مني شيئاً سابقاً ! "

أدار وجهه قليلاً ونظر لها بطرف عينيه مفكراً فهي على حق

تماماً ، فرقع بإصبعيه وأشار لها بالسبابة منهما وقال بابتسامة

جانبية

" إذاً إن طلبت منك أمراً تفعلينه ؟ "

قال سريعاً

" ولن تعود غاضباً مني ؟ "

ابتسم وقال

" بالطبع "

قالت بابتسامة واسعة

" موافقة إذاً "

ابتسم بحماس وقال

" حسناً رائع "

قالت بعد صمت لحظة

" وما هو طلبك ؟ "

ابتسم واتكئ بذراعه على كتفيها وقال يميل وقفته بينما كان ينظر

لوجهها

" سنؤجل هذا الأمر قليلاً ولا تنسي هذا اتفقنا ؟ "

ابتسمت وأومأت برأسها موافقة وقالت تنظر لتفاصيل الغرفة

حولها

" غرفتك غريبة !! "

ضحك وأبتعد عنها وقال

" وما الغريب فيها ؟ كان بالأحرى أن تقولي سيئة "

ابتسمت ونظرت له قائلة

" لا هي ليست كذلك لكنها لا تشبه غرفتي ولا غرفة بثينة ولا

حتى غرفة والديك ! "

ضحك وقال يشير بسبابته جانب وجهه

" بالطبع هي لن تشبه غرفتك ولا غرفة بثينة لأنكما فتاتان بينما

أنا رجل أما غرفة والداي فمصيرنا لها لن نستعجل الآن "

حدقت فيه باستغراب قبل أن تبعد نظرها عنه وقالت تنظر لصورة

الملاكم الكبيرة والملصقة على الجدار

" ومن يكون هذا ؟ هل هو صديقك "

ضحك وقال ينظر حيث تنظر

" لا هو ليس صديقي بل وليس عربياً أيضاً "

نظرت له وقالت باستغراب

" من أين تعرفه إذاً ؟ ولما تعلق صورته ! "

ضحك وقال

" أعرفه من التلفاز فهو ملاكم مشهور .. واعلق صورته لأني

أحب لعبه وأشجعه "

نظرت للصورة مجدداً وقالت تشير لها بسبابتها

" أتعني ذاك ما يضعه في يديه ؟ "
نظر لقفازات الملاكمة الحمراء في الصورة وقال مبتسما

" أجل فذاك نوع من الرياضة وهم يفعلون هكذا... "

وبدأ بتوجيه اللكمات لها في الهواء تراقبه مبتسمة وضرب

بقبضته أنفها متعمداً فأمسكته ضاحكة وفرد هو أصابعه قائلا

بابتسامة

" هذه يسمونها ملاكمة حلوتي "

ضحكت ولوحت بقبضتيها تحاول تقليده لكن الأمر لم ينجح وكانت

كمن يطرد حشرة في الهواء بقبضتيه فضحكا معاً وقالت تفرد هي

أصابعها هذه المرة

" ظننت الأمر سهلاً لكنه على العكس تماماً "

وتابعت بحماس وهي تنقل نظرها للصورة مجدداً

" إنه رائع حقاً "

فضيق عينيه وقال يرمقها بطرفها

" تعنين لعبه أم شكله يمامتي ؟ "

نظرت له وقالت مبتسمة

" بل ما يفعل أعني فأنت أجمل منه بكثير "

فضحك من فوره وأمسك وجهها المبتسم بيديه اللتان سرعان ما

أبعدهما مع موت الابتسامة الواسعة عن شفتيه واستدارة رأسها

هي نحو الباب خلفها حين وصلهما ذاك الصوت المرتفع مناديا

من بعيد

" يماااااامة "

فقفز سريعاٌ فوق الأريكة ونظر لها من خلفها وقال مهدداً بسبابته

" أنت من جئت هنا وبملء إرادتك يا صغيرة لا تنسي هذا ولا

تخبريها شيئاً عما دار بيننا أو غضبت منك وللأبد هذه المرة "

وركض مسرعاً جهة باب الحمام الذي دخله مغلقاً بابه خلفه

ووقف قربه يسند يده بالجدار يستمع لما يحدث هناك وصوت

والدته المصدوم ما أن دخلت

" يمامة ما الذي تفعلينه هنا ! "

فأدار مقلتيه متنهداً بضيق بينما وصله صوتها الرقيق مما جعله

يبتسم فوراً

" جئت أبحث عن أبان لأعتذر منه فهو غاضب بسببي "

فرفع إبهامه حينها ضاحكاً بصمت بينما قالت جوزاء بضيق

" وتعتذري منه لما ؟ أنت لم تخطئي في حق أحد لتعتذري ..

ولينفجر هو ما علاقتك به ؟ "

شد على أسنانه حينها كما شد قبضته أمامها بقوة وكأنه يتمنى

توجيه تلك القبضة نحوها بينما قالت يمامة

" لكنه زوجي أمي .. أليس له عليا حقوق ؟ "

فلوح بقبضته تلك في الهواء ضاحكاً فها قد نجح الدرس الأول بل

ووجد مكاناً ما لسطره ذاك .. وكما توقع قالت والدته حينها

وبضيق

" لا ليس له عليك شيءالآن وحين يكون زوجك فعلاً ستعلمين

هذا وتتعلمينه فلا أسمعه منك مجدداً يمامة مفهوم ؟ "

زفر الهواء من أنفه بضيق وعلم بأنه خسر المعركة لكنها قالت

ما لم يتوقعه كليهما كالعادة

" إذاً هو موجود أمي وحقيقة ؟ "

فاتكئ برأسه على الجدار مبتسماً يدس يديه في جيبي بنطلونه

وكم تمنى لحظتها أن رأى تعابير وجه والدته خصوصاً وهي

توجه لها هذا السؤال وهمس مبتسما بمكر

" أنكري ذلك إذاً يا جوزاء شاهين الحالك يا مربية الأجيال "

وكما توقع هي تهربت من ذلك وكل ما فعلته أن أمسكت بيدها

وأخرجتها من هناك قائلة

" اخرجي من هنا هيا ولا أراك في هذا الطابق مجدداً يمامة

مفهوم "


ففتح حينها الباب وخرج ووقف ينظر بضيق للباب الذي تركاه

خلفهما مفتوحاً أو لمكانهما الخالي منهما يمسك خصره بيديه

وكشر متمتماً

" سنرى يا ابنة الحالك "

وابتسم ما أن نظر جانباً حيث صورة الملاكم تلك وغمز بعينه

قائلاً

" لم تنتصر عليا أبداً هذه المرة "

واستدار نحو صورته بكامل جسده وقلد حركته رافعاً قبضتيه

بقرب ذقنه وقال بابتسامة ساخرة يوجه قبضته نحوه

" كنت مزقت صورتك هذه إن قالت بأنك أكثر وسامة مني "


وضحك وتوجه جهة الخزانة ليخرج ثيابه ويستحم .


*
*
*


ما أن غادرت من عنده حتى سارت راكضة لكن ليس في الاتجاه

الذي جاءت منه بل دارت حول المنزل حتى كانت أمام الباب القديم

الملحق به ففي غمرة فرحها بأنهم زوجوها به وليس بعجوز أو

عامل لديهم نسيت خطتهم تلك وما ستكون نتائجها إن هو

اكتشفها فعليها أن تطمئن عليها قبل أن تغادر من هنا فلن يكون

بإمكانها زيارة هذا المكان دائماً فها قد بدأ الظلام يتسلل للمكان

المخيف ولا يمكنها التجول في مزارع هذه العائلة ليلاً ، وصلت

الباب الحديدي وبدأت بطرقه بقوة بأقرب حجر وجدته فإن خرج

لها ذاك الشاب تعلم ما ستقوله له لتبرر وجودها هنا وإن فتحته

لها مايرين فسيكون أفضل وذاك جل ما تتمناه ، استمرت في

الطرق ولم يفتح أحد وهذا ما تستغربه ! بل وهذا معناه أن ذاك

الهازاني ليس هنا أو أنهما كلاهما خارج المنزل ! .

رفعت رأسها عاليا وصرخت منادية

" مايريييييين "

وكررت الصراخ بإسمها منادية فإن كانت هنا لوحدها فستعلم

بأنها هي وإن كانت ليست هنا فلن يسمعها أحد بالتأكيد ، ابتسمت

بسعادة ما أن سمعت ذاك الصوت الأنثوي خلف الباب المغلق

" فجر أهذه أنت ؟ "

ابتسمت وقالت بحماس وبصوت مرتفع تنظر لشق الباب أمامها

وحيث خرج لها ذاك الصوت

" أجل هذه أنا ولم أصدق أذناي حين علمت بأنك تزوجت من ذاك

فضي العينين تحديداً وركضت نحو منزلكما مسرعة "

فخرج لها صوت الواقفة خلفه مبتسمة أيضاً

" أجل لقد حدث ما خططت له تماماً يا فجر وكانت ستكون كارثة

إن لم يأتي يومها فقد طلبوا من أويس أن يتزوجني بما أنه ينكر

بأن أكون شقيقته وكادوا أن يدمروا مستقبلي تماماً مع رجل لا

يحب ولا سماع اسمي "

شدت على أسنانها بقوة وقالت بحقد

" الوحوش المجرمين .. لتعلمي فقط يقينهم من أنك لست

شقيقته "

وتابعت من فورها تلامس حديد الباب البارد بيدها

" اتركينا منهم الآن وأخبريني ما هي أمورك وذاك الشهم

الوسيم ؟ "

وأتبعت جملتها تلك بضحكة سعادة ما كانت لتتخيل أن تجد لها في

حنجرتها مكان اليوم وهي تتوقع أبشع السيناريوهات وما يمكن

لعقول أولئك المجرمين تطبيقه ودون تردد ولا أن يرف لهم جفن

، خرج لها صوتها الباسم من خلف ذاك الباب الحديدي القديم

" بأفضل حال يا فجر ولم أعرف حياتي السعادة بعد رحيل هازار

إلا الآن بعدما أصبحت هنا معه وزوجته "

ضمت يديها لصدرها مبتسمة بسعادة تلاشت تدريجياً ما أن

تذكرت السبب الأساسي لمجيئها لباب هذا المنزل وقالت بتوجس

" لكن .... ماذا بشأن كذبتنا تلك هل اكتشف الأمر ؟ "

قالت الواقفة خلف الباب بتوجس أشد بل وبخوف

" لا لكني لا أراه بعيدا أبداً يا فجر ولست أعلم ما يمكنتي فعله

حينها ؟ "

قالت من فورها " لا تفعلي شيئاً فقط تصرفي على أنك لا تعلمين

شيئاً مما يتحدث عنه إن تكلم وسيظن بأنه خطأ في التشخيص أما

إن بقي صامتاً فستكون أنا من سيلجأ لها ليفهم ما حدث وحينها

أعلم بما سأخبره وسننقد الوضع مايرين ثقي بي المهم الآن أنك

بخير ولا تمنعيه عنك مجدداً خوفاً من اكتشاف سرك وافعلي ما

أخبرتك به "

وابتسمت بحزن ما أن قالت الذي يحجبها عنها ذاك الباب الحديدي

" أنا خائفة حقاً يا فجر وخوفي كله من أن أخسره "

فقالت ولم تنتبه للذي أصبح يقف خلفها على بعد خطوات ينظر

لها باستغراب بل بصدمة من وجودها قبل حديثها التالي والذي لم

يسمع ما كان قبله

" لا تخافي يا مايرين خطتنا ستستمر ناجحة كما كانت ولن

يكتشف الأمر "

وتابعت من فورها بجديه تقرب وجهها من شق الباب المغلق

" مايرين ثقي بي دائماً وافعلي فقط ما قلت ولن يكتشف الحقيقة

صدقيني أنت فقط لا تظهري له بأنك تعلمين عن أي شيء ...

وداعاً الآن "

وغادرت من فورها بخطوات مسرعة بل وراكضة تهمس لنفسها

بنشوة سعادة

" ولأول مرة في حياتك يا فجر لا تكونين نذير شؤم على تلك

الفتاة "

ولم تنتبه للذي اختبئ خلف صهريج المياه ينظر لها وهي تبتعد

راكضة عيناه تشتعلان بحرارة غضب حارقة وأصابعه تقبض

بقوة على الكيس البلاستيكي فيها وقد همس أيضاً

" يا مغفل يا يمان ... كانتا تستغفلانك لتلصقا بك ما فعله غيرك "


*
*
*


وضعت الأوراق والمذكرة التي ستأخذها معها معاً وجمعت

أغراضها في حقيبة يدها وكان آخرها هاتفها الذي تراجعت عن

وضعه معهم في آخر لحظة ورفعته أمام وجهها وفتحت صورته

التي ملأت شاشته الواسعة وابتسمت بحب وشوق من فورها فقد

التقطتها له قبل سفره الأخير وقبل مغادرتها للجامعة صباحاً

وكان حينها يشرب قهوته جالساً على طرف طاولة المطبخ ودون

علمه ... تعلم بأن هذا جنون وبأنه قد يشكل خطراً عليه حال

وجدتها تلك المجنونة في هاتفها أو حتى في الجامعة أو أي مكان

ما إن هي فقدت هذا الهاتف لكنها لم تستطع يومها منع نفسها من

فعلها خصوصاً هيئته وطريقة جلوسه قرب باب الشرفة الذي

تسلل منه ضوء النهار قوياً .. وها هي باتت سلواها الوحيده في

غيابه ولم يعد يمكنها إحصاء المرات التي تراها فيها !

قبلتها مغمضة عينيها وهمست برقة وحب

" أحبك بكل ما أملك من قدرة على ذلك "

انتفضت بفزع ودست الهاتف في حقيبتها ما أن سمعت تلك

الطرقات على باب غرفتها واستدارت نحوه فور أن فتحه ذاك

الطارق فهي لم تغادر غرفتها منذ يوم أمس بل منذ تلك المقابلة

مع زوجة وقاص فيبدو أن هذا القصر الرائع حياة ساكنيه

لا تشبهه !.

ابتسمت بارتياح للتي أهدتها ذات الابتسامة وكم شعرت بالسخف

بسبب ردة فعلها تلك ما أن سمعت صوت الطرقات على الباب ولا

تعلم حتى متى ستعيش ذاك الكابوس الذي يهددها بفقدانه وأن

تكون هي السبب فيه ؟ قالت الواقفة عند الباب مبتسمة

" صباح الخير ماريه ... هل تناولت طعامك أم ستغادري

كاليومين الماضيين بدون فطور ؟ "

جمعت يديها مع بعضهما وقالت محرجة

" لست معتادة سوى على فنجان قهوة وتفاحة صباحاً وخجلت

من طلبهما عوضاً عن الفطور الذي يقدم في المطبخ "

كانت تقول الحقيقة بالفعل بل وتلك أصبحت عادتها منذ باتت

تشارك ذاك الرجل حياته وشقته بل ومنذ اشترط عليها أن تأكلها

وإن هي قبل أن تغادر زاد عليه أنها عادته فأصبحتا فطورها

اليومي ، قالت الواقفة هناك مبتسمة

" والتفاح لدينا بجميع ألوانه كيف تخجلين من طلبه من

الخادمات ماريه ! "

قالت بابتسامة محرجة

" حسناً لن أغادر اليوم دون إفطار "

ابتسمت لها وقالت

" وهذا ما أرجوه لكن قبل ذلك ثمة شخص هنا جاء لرؤيتك "

نظرت لها باستغراب سرعان ما اضطربت معه ضربات قلبها

بجنون فمن يكون هذا الشخص وفي هذا الوقت ! بالكاد استطاعت

أن تجد صوتها الذي بدا واضحاً بأنه لم يعد على طبيعته وقالت

بصعوبة

" هل تيم بخير ؟ "

نظرت لها باستغراب وقالت

" مؤكد هو بخير صغيرتي ... من تحدث عنه الآن ! "

بلعت ريقها وهمست ببحة

" من هذا الذي يريد رؤيتي الآن إذاً ! "

قالت بتوجس بسبب ردة فعلها

" إنه والده "

فعلا صدرها في شهقة قوية فاقتربت منها وأمسكت وجهها

قائلة تطمئنها

" ماريه ما كل هذا التشاؤم ! ماذا في الأمر إن جاء

والده لرؤيتك ؟ "

أمسكت رسغ يدها وقالت ببحة تعاند دموعها كي لا تنزل

" أين هو ؟ "

أمسكتها من يدها وسحبتها معها قائلة

" في غرفة الضيوف ... تعالي لتتأكدي بنفسك من أنه لا شيء

مما تفكرين فيه له وجود لكان أخبرني قبلك "

لكن تطمينها ذاك لم يواسي شيئاً من ألم قلبها حينها فهي تعلم

بأنه سيتوقف عن العمل ونهائياً إن حدث له مكروه ولا مفر

أمامها سوى أن تواجه الحقيقة ، وصلت بها لغرفة واسعة تكاد

تعادل اتساع بهو ذاك القصر لكنها لم تنتبه لشيء من جمال ذاك

المكان وتفاصيله ونظرها منحصر على الذي وقف ينظر لها في

صمت مريب فملأت الدموع التي عاندتها طويلاً عينيها وقالت

ببحة بكاء

" ما به تيم ؟ "
نقل نظراته المستغربة بينها وبين شقيقته التي حركت كتفيها دون

كلام وما أن عاد بنظره لعينيها قال

" هو بخير ماريه "

بلعت ريقها بصعوبة وهمست بعبرة مكتومة

" أقسم لي بذلك "

قال من فوره

" أقسم أنه بخير وهو في غواتيمالا وسيرجع لبريطانيا خلال

يومين على الأرجح "

مسحت عينيها وأنفها بظهر كفها قائلة ببحة

" لما أتيت لرؤيتي إذاً "

ابتسم وفرد ذراعيه قائلاً

" أثمة من تسأل والد زوجها هذا السؤال ! أرأيت هذا يا رقية ؟ "

قالت التي ضحكت من فورها تنظر للواقفة بجانبها لازالت تمسح
دموعها

" حضيت باستقبال مماثل قبل قليل ما أن أخبرتها بأنه ثمة

من يريد رؤيتها "

وتابعت بضحكة وقد عادت بنظرها لشقيقها

" حتى كادت تُدخل كل تلك الشكوك لعقلي أيضاً "

تحرك حينها من مكانه واقترب منها حتى وقف أمامها مباشرة

وأمسكت يديه بذراعيها وقال

" هو بخير ماريه وأنا لم آتي من أجل أي أمر يخصه "

نظرت له باستغراب خالطه الكثير من الفضول فأبعد يده عنها

وقال بهدوء حذر

" ثمة من عليك رؤيته "

عادت حينها ضربان قلبها للجنون كما الدموع لملء عينيها

فقال سريعاً

" ماريه لقد أقسمت لك بأنه بخير ألا تصدقين يميني ؟ "

أومأت برأسها إيجاباً ولم تستطع التحدث بسبب العبرة التي

لازالت عالقة في حلقها بينما تابع هو

" أعلم بأن الوقت ليس مناسباً لكن ما كان يمكنني المجيء

في غيره فلا وقت أمامنا "

تنقلت نظراتها بين عينيه في حيرة وهمست ببحة

" ومن يكون هذا وماذا يريد مني ؟! "

قال من فوره

" ستعلمين بكل شيء ما أن نصل وستجدين الأجوبة الكاملة

عن أسئلتك "

نقلت نظرها بينه وبين شقيقته التي كانت تقف في صمت وقالت

ما أن استقر نظرها عليه مجدداً

" لكن ... لديا محاضرة بعد قليل "

قال بهدوء

" أعلم ولا تقلقي بشأن كل ذلك "

قالت تشد كمي كنزتها الصوفية الخفيفة المفتوحة

" سأجلب حقيبتي "

" ماريه "

وقفت ما أن وصلها وصوته واستدارت ناحيته فقال مبتسماً

" لا تأخذي معك جميع أغراضك فستكونين هنا خلال ساعات "

أومأت برأسها بحسناً وغادرت من هناك كالمنومة مغناطيسياً

لازالت لا تفهم ولا تستوعب شيئاً تتبعها نظراتهما حتى غادرت

الغرفة ونظرت حينها شقيقته له وقالت بحزن

" متأكد من أن ما تفعله هو الصواب يا شاهر ؟! "

تنهد نفساً عميقا ً يتذكر فقط الكلمات الأخيرة لذاك الرجل عن ظلم

النساء وهمس يحرك رأسه بشرود

" لا أعلم حقاً لكن التفكير في العواقب يجعلك تؤمن بأنه الحل

الوحيد "

نظرت له بحزن وما أن اجتازها ليخرج من هناك أمسكته من

ذراعه موقفة له وقالت محدقة في عينيه ما أن نظر لها

" شاهر ... أنت تبني حاجزاً جديداً بينك وبين ابنك بهذا ... ماذا

إن اكتشف الحقيقة ؟ "

أغمض عينيه لبرهة وكأنه يجبر نفسه على عدم التفكير في غير

ذلك وقال ما أن فتحهما ونظر لها

" لن يرضى بإبعادها عنه وإن أخذناها وأجبرناه ... هو من لم

يترك لنا حلاً غيره "

وغادر وتركها بينما تمتم هامساً وهو يجتاز الباب

" كسرتني بها يا مطر ولنرى ما ستدفعه ثمناً لذلك فالله لا أحد

أعدل منه "


*
*
*



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 10:00 PM   #12146

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,437
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




*
*
*


لفت حجابها وثنته مثبتة إياه دون دبوس ورفعت هاتفها ونظرت

له تسرق نظرها جهة باب الغرفة وكأنها تحار في أيهما تختار

تتصل أم تذهب ! وختاماً قررت أنها ستفعل كليهما فدست الهاتف

في جيب سترتها الطويلة وغادرت الغرفة ونزلت السلالم مسرعة

وما أن وصلت باب المنزل وأمسكت بمقبصه أوقفها صوت التي

نادت من خلفها

" غسق !! "

فاستدارت نحوها بينما اقتربت تلك حتى وقفت أمامها وقالت

باستغراب

" أين تذهبين الآن وفي هذا الوقت يا غسق ؟! "

نظرت للخارج وحيث بدأت ظلمة الليل تزداد شدة قبل أن تنظر

لها مجدداً وهمست بابتسامة حزينة

" لزوجي عمتي "

فحدقت فيها باستغراب هامسة

" ألا ينتظر ذلك حتى الصباح ؟ "

ملأت الدموع عينيها وحركت رأسها بالنفي هامسة

" لا عمتي ولا دقيقة بعد "

أمسكت وجهها بيديها وقالت بحزن تنظر لعينيها الفاتنة

السابحة في الدموع

" شفا الله جراحك بنيتي "

حضنتها بقوة وهمست بحزن

" أحبه عمتي ولم أستطع تجاوز ذلك مهما حاولت وإن من أجل

نفسي قبل الغير "

مسحت يدها على رأسها وقالت وعيناها تمتلئ بالدموع أيضاً

" لا شيء بيدنا جميعنا سوى الدعاء من أجله ... جمع الله

شملكم أبناء شراع مجدداً "

وأبعدتها عنها من فورها وقالت تمسك يدها

" هيا اذهبي له يا غسق وتذكري أنه لولا الله ثم تضحيات

النساء ما نجحت حياة الأسر فهكذا خلقنا الله ..

تضحي الواحدة منا بسعادتها كاملة كي لا تُحرم من رؤية

ابتسامة طفل من أطفالها "

حضنتها مجدداً وفي صمت قبل أن تستدير وتخرج وركبت

سيارتها وغادرت من فورها .. وما أن اجتازت البوابة الخارجية

نظرت في المرآة الجانبية وتنهدت بضيق ما أن لمحت السيارتين

السوداوان اللتان تبعتاها وكم تحسد بسطاء الناس على حياتهم

فكم كانت من أمور ستتغير إن كانوا جميعهم منهم ...

همست مستغفره الله واستدارت بسيارتها جانباً وأوقفتها

ما أن علا رنين هاتفها بنغمة تعرفها جيداً وهي طريقة

تواصل خاصة بينها وبين ابن خالتها كانت تضمن أن لا تخضع
للمراقبة ، أخرجت الهاتف من جيب سترتها ونظرت لشاشته

وسرعان ما بدأت سبابتها بالتحرك عليها وأرسلت له

( أوقف كل شيء يا قائد وسنتحدث فيما بعد )

تعلم معنى إشارته تلك جيداً كما تعلم بأنها أغبى امرأة في الوجود

لكن الأمر يستحق أليس كذلك ؟ أليس هذا ما يقوله الجميع

وآخرهم الموجود بين أضلعها ؟ لامست يدها الأخرى جسدها

وحيث ينمو ذاك الجنين داخلها وأغمضت عينيها هامسة بحزن

" من أجلك بني ؟ .... لا بل من أجلي أيضاً "

واتكأت برأسها للأعلى على مسند كرسي السيارة وأغمضت

عينيها برفق فكل ما عاشته من تناقضات في مشاعرها الأيام

الماضية كان كالسراب بعد مكالمتهما الأخيرة والتي كان آخر ما

قاله فيها ولازالت تسمعه في أذنها حتى الآن

( سأنتظرك ليلة غد في غرفتنا يا غسق وسنتحدث ولن تنامي إلا

في حضني وراضية تماماً .. بل ولن تطلع شمس الصباح علينا إلا

وجراح كلينا قد شفيت بالكامل )

وها هي تضعف مجدداً .. تستسلم وترضخ لتنازلاته بتقديم

المبررات والتوضيح كما يريد .. وها هي أيضاً ستفتح الجروح

النازفة علها تداويها .. تعطيه الفرصة مجدداً لعله لا يخذلها من

جديد وستتركه يشرح ويبرر ما كانت جل ما تخشاه أن يزيد


جرحها ألماً .

" سيدتي هل الأمور جميعها بخير ؟ "

فتحت عينيها واستوت في جلوسها ومدت يدها للأمام تدير مفتاح

السيارة لتشغيلها مجدداً هامسة للواقف قرب نافذتها

" بخير "

وتحركت مجدداً ولم تتوقف سيارتها هذه المرة إلا وهي أمام باب

المنزل الذي اجتازت بوابة سوره التي فتحت لها ما أن وصلتها ،

نزلت منها وصعدت عتبات السلم بخطوات سريعة حتى كانت في

الداخل وسألت الخادمة التي كانت واقفة تنظر لها باستغراب

" مطر هنا ؟ "

قالت بعد صمت برهة

" لا سيدتي هو لم يرجع منذ غادر صباحاً "

تحركت حينها نحو السلالم المحاذي للباب وصعدته ولم تتوقف

حتى كانت أمام باب غرفتهما .. فتحت حقيبتها وأخرجت المفتاح

منها وغرسته في قفله وفتحته فوراً ودخلت تعيده للحقيبة

وأخرجت هاتفها فهو أخبرها بأنه سيكون في مدن ثنان اليوم

ومؤكد أصبح هنا في العاصمة الآن .. اتصلت به وغضنت جبينها

باستغراب ما أن سمعت الصوت الرجولي الذي أجابها والذي لم

يكن صوته

" مرحباً سيدتي "

أبعدت الهاتف عن أذنها ونظرت لشاشته وكأنها تتأكد من أنه

رقمه بالفعل ! لكن لم يكن سابقاً ثمة ضوابط أمنية على رقمه هذا

لأنه يخص عائلته والمقربين منه !! أعادت الهاتف لاذنها وقالت

" أين هو مطر وما به ! "

قال من في الطرف الآخر سريعاً

" لا شيء سيدتي هو بخير اطمئني "

قالت والاستغراب لم يغادر ملامحها بعد كما صوتها

" لما تجيب أنت على هاتفه إذاً ولا تحول المكالمة له مباشرة

كالعادة ؟ "

قال سريعاً وباحترام

" السيد مطر مسافر سيدتي وألغى جميع اتصالاته ولا يمكننا

إيصالك به "

نظرت للفراغ بشرود وحيرة فأين سيكون سافر وهو لم يخبرها

عن ذلك ضمن مخططه بالأمس حين سألته ! بل أكد لها بأنه

سيكون هنا في انتظارها !! بل ونشرات الأخبار لم تتحدث عن

شيء مماثل فأمثاله يُعلن عن جميع تحركاتهم الخارجية مسبقاً !!

همست بريبة

" ولما لا يستقبل أي اتصالات ويترك هواتفه هنا !! أين سافر

تحديداً ؟ "

" لا يمكنني ذكر ذلك لك سيدتي فالأوامر تمنعني "

شعرت بقبضة قوية أطبقت على قلبها وقالت بصعوبة

" أي أوامر هذه التي تمنعك وأنا زوجته ؟ "

" آسف سيدتي فالأوامر لم تستثني أحداً "

قالت بضيق وإن كان يناقض ما يحدث داخلها
" أنا لم أطلب منك إيصالي به بل أين يكون فما في الأمر

إن علمت ! "

وصلها صوته سريعاً

" الموضوع سري للغاية سيدتي ولا يمكنني إعطاء أي

معلومات لك ... الأمر ليس بيدي ولست سوى عبد مأمور

سيدتي فاعذريني "

أغلقت الخط ونظرت حولها بشرود وكأنها انفصلت عن العالم

تماماً تبحث عن طريقها في مكان مظلم لا ترى معه شيئاً !

وتعالت ضربات قلبها بشكل موجع فما معنى أن يغادر البلاد لمكان

ما وفي سرية تامة وعن الجميع غير أن يكون سافر للبلاد التي

كان يعيش فيها سابقاً ! لكن ماذا بشأن حديثه البارحة وانتظاره

لها هنا الليلة ؟ انهارت جالسة على طرف السرير خلفها ومررت

يدها ببطء على صدرها الذي اضطربت أنفاسه بانفعال قوي

وهمست بكلمات متأنية من بينها

" مطر لا تفعلها بي مجدداً أرجوك "

وقفت ومسحت عينيها وأنفها بظهر كفها ونظرت جهة درج

طاولة السرير وفتحته بسرعة وأخرجت الهاتف الذي لازال في

مكانه فيه وبيدين مرتجفة فتحته وفتشت فيه .. لم يكن ثمة اتصال

من تلك المرأة وذاك ما أنقذها قليلاً من الوصول لحالة الإنهيار ..

لكن المفاجأة كانت في انتظارها حين فتحت أيقونة الرسائل

ووجدت رسالة وصلته قبل ساعات من رقم مدون فيها تحت

رموز أيضاً ففتحتها بأصابع مرتجفة وعينان غاصت سريعاً في

بحر من الدموع حتى أنها بالكاد استطاعت قراءة أحرفها

( مطر غيسانة حاولت الانتحار وهي في حالة سيئة الآن ..

تعال فوراً وخلصني من نسائك ومشاكلهن )

فرمته بطول يدها صارخة ببكاء

" لا ليس مجدداً ... ليس هي "

وانهارت جالسة حيث كانت تنظر من بين دموعها لحطام الهاتف

الذي ازلق تحت طاولة التزيين وبالكاد يُرى من تحتها وأمسكت

فمها وعبرتها قبل أن تضرب بيدها على فخذيها صارخة ببكاء

" حمقاء ... صدقته مجدداً ووثقت به يا حمقاء "

كانت تضرب فخذيها بقوة وتبكي وتصرخ بهستريا
" لا ليس هي ... ليس مجدداً ... لا تقتلني بها يا مطر "

وأمسكت فمها وبكائها الموجع تفكر في الموجودان في الأسفل

ووقفت بعدها وغادرت الغرفة تسحب خطواتها سحباً مستندة

بيدها على الجدار بينما تمسح يدها الأخرى دموعها التي ترفض

التوقف قبل أن تنزل بها لجسدها بل لرحمها حيث كانت تكاد تفقد

قدرتها على الاتزان بسبب التقلصات القوية فيه ونزلت بجسدها

على الجدار ببطء حتى جلست على عتبات السلم وانكمشت على

نفسها تمسك خصرها بقوة هامسة ببكاء

" لا تتخلى عني بني أرجوك ... لا تفعلها أنت أيضاً "

ورفعت نظراتها المشوشة سريعاً بالتي ظهرت منتصف السلالم

تمسك ظرفاً ورقيا في يدها والتي نظرت لها بصدمة قبل أن

تركض نحوها وجلست أمامها قائلة

" سيدتي هل أنت بخير ؟ "

أخرجت إحدى يديها ومسحت بها عينيها وحاولت الوقوف هامسة

" بخير "

" لكن سيد.... "

قاطعتها تحاول الوقوف على طولها هامسة بصعوبة

" ساعديني لأصل لغرفتي في الأسفل ولا تخبري أحداً عن

وجودي هنا "

ساعدتها لتنزل عتبات السلم حتى أصبحت في الأسفل ثم سارت

وحدها مبتعدة عنها فنظرت للمغلف بين يديها ثم لها وهي تختفي

عنها خلف الممر وتحركت من مكانها بعد لحظات تفكير ولحقت

بها ودخلت الغرفة التي تركتها خلفها مفتوحة واقتربت منها حيث

تجلس على السرير رافعة رأسها للأعلى وعيناها مغمضتان

وقالت

" سيدتي هل أحضر لك شيئاً ؟ هل نطلب الطبيب ؟ "

فهمست بصعوبة وهمس بالكاد سمعته

" لا .. سأكون بخير فعليا المغادرة من هنا "

نظرت لها باستغراب ثم للمغلف في يدها قبل أن تنظر لها وحزمت

أمرها قائلة

" سيدتي أنت طلبت سابقاً أن نعطيك أي طرد يصل من لندن وهذا

وصل من فترة قريبة ولا عنوان عليه ولم نعطه لأحد

وأنت كنتـ .... "

فتحت عينيها ومدت يدها لها هامسة ببحة

" أعطني إياه "

مدته لها وقالت بتوجس وتوتر

" سيدتي لا تخبري السيد مطر بأني من أعطاك إياه فأنا طلبت من

الحرس أن لا يخبروه عنه لنعطيه لك "

حركت لها رأسها دون أن تتحدث وأخذته منها بينما غادرت تلك

من فورها مغلقة الباب خلفها .. نظرت له بين يديها قبل أن ترفع

أصابعها المرتجفة لطرفه تمزفه ببطء دموعها عادت تسقي

رموشها بنهم وقلبها يخبرها بأن المزيد ها هنا .


*
*
*


دفع الباب الذي كانت تحاول إغلاقه حتى عبر نصف جسده منه

وقال يدفعه أكثر

" توقفي عن الجنون يا حفيدة الخماصية واتركيني أدخل "

لكن محاولاتها المستميتة لإغلاقه لم تتوقف وإن كان نصف جسده

أصبح يمنع ذلك وقالت من بين أسنانها تدفعه على جسده متعمدة

" قلت بأني لا أريد رؤية أحد ولا التحدث معك .. غادر الآن "


لكنه كان أكثر عناداً وإصراراً منها وبدفعة قوية جعلها تتراجع

للخلف وقال يضرب الباب على اتساعه

" جبانة ... لما تغضبك بدينة تافهة مثلها ؟ "

أشارت بإصبعها صارخة

" لا علاقة لك واخرج من غرفتي فوراً "

فابتسم بسخرية وقال

" جميل ... ما هذا الذي قالته لك أغضبك هكذا ؟ بل وجعلك

سجيبة غرفتك منذ الأمس؟! "

" لا علاقة لك "

قالتها بحدة تنظر له بقوة فرفع يده ولوح بالأوراق فيها أمام

وجهها مما جعل خصلات شعرها القصيرة تتطاير حوله وقال

وذات الابتسامة الساخرة تزين شفتيه

" إذاً ثمة علاقة لك بهذه "

نظرت لها في يده بتفكير قليلاً قبل أن تمد يدها لتأخذها فأبعدها

عنها بسرعة خاطفة وقال

" لا ليس هكذا بسهولة "

فشدت قبضتها بقوة وقالت بحنق

" ظننت بأنني قدمت المقابل سلفاً "

نظر لها في يده بتفكير وقال

" معك حق في هذا "
وتابع ناظراّ لعينيها وعلى شفتيه ذات الابتسامة التي تجعلك

ترغب في تمزيقه بأسنانك

" لكن ثمة أمر آخر مهم "

وقلبها لينزلق منها في يده الأخرى قرص صغير ورفعه بأصابعه

أمام وجهها وقال بابتسامة ماكرة

" ألا يعنيك هذا ؟ "

فنظرت له ببرود تخفي انفعالها الحقيقي بسبب ذلك وقالت

" إن كان المقابل أن تعلم سر اختفاء خالي فلا أعلم أكثر مما

أخبرتك .. وإن كان ما قالته زوجة شقيقك ذاك فلا شيء مهم

أتحفك به "


ضحك كثيراً رافعاً رأسه للأعلى حتى تحولت نظرتها له

للاستغراب فما الذي قالته يدعي كل هذا الضحك ! نظر لها ما

انتهت نوبة ضحكه تلك وقال بابتسامة جانبية يحرك القرص

بجانب وجهه

" بل ما أريد معرفته هو ما علمه وقاص "

نظرت له باستغراب هو أقرب للاستهجان فقال بتفكير

" أفهم من نظرتك هذه بأنك لا تعلمين ؟ "

فرمقته ببرود متمتمة

" وأفهم من سؤالك هذا بأنك أنت تعلم ؟ "

تنفس بعمق وقال ببرود مماثل

" لو كنت أعلم ما سألتك "

فتأففت وقالت بسخط

" وما يدريني أنا وأنا لا أراه ولا أتحدث معه "

فانفتح فمه رافعاً رأسه قليلاً وقال

" آه تشاجرتما إذاً ؟ فهمت الآن "

نظرت له بضيق وقالت تشد قبضتيها بجانب جسدها بقوة

" ماذا فهمت ؟ "

مد لها الأوراق والقرص معها وقال

" لا تهتمي كثيراً ... والآن خذيها لأنك تستحقينها بالفعل

يا حليفتي "

وأطلق ضحكة عالية وهو يغادر الغرفة وتركها تحدق في مكانه

باستغراب فما هذا الذي فعلته يستحق وماذا كان يقصد بما علمه

شقيقه وهي تعلمه !!

تأففت وضربت باب الغرفة بقوة فما الذي يعنيها من كل ذلك ؟

نظرت للأوراق في يدها والتي سلمها إياها حسب اتفاقهما

المتبادل كما يسميه وبطلب منها فيما يخص أسهمها في شركتهم

والتي كان هو من أخبرها عنها سابقاً ... وابتسمت ابتسامة لا

تعبر سوى عن الحقد والتعطش للانتقام .. أخرجت من بينها

القرص الذي لا تفهم ما غرضه منه ولا تهتم فكل ما تعلمه

ويعنيها بأنه أصبح بإمكانها فتح حاسوب ذاك العجوز والذي

يطمئن لتركه في مكتبه بعض الأحيان وستبدأ لعبتها الحقيقية التي

ماطلت فيها كثيراً ولم تكن تتخيل بأن شبيه الرجال ذاك هو من

سيساعدها فيها ! .


توجهت جهة الخزانة وفتحت بابها بقوة ووضعتها فيها وأخرجت

الورقة الملفوفة الناعمة وفتحتها والتي تكاد تكون كقطعة قماش

بيضاء كبيرة تزينها خطوط سوداء في تقاسيم وأشكال غير

مفهومة سوى لمن رسمتها تحديداً ، رفعتها بكلتا يديها لمستوى

وجهها ومزقتها بقوة مصدرة صوتاً واضحاً يدمج تمزق القماش

والورق ... ولم تكتفي بذلك فقط بل مزقت كل شق فيها أيضاً

وكل قطعة تمزقها ترفعها وتعاود تمزيقها متمتمة بغضب

" أليست هذه هي مهمتي الأساسية هنا ؟ للجحيم إذاً ولن

أنفذ سوى مهامي التي دخلت أنا من أجلها "

رمت آخر قصاصات من يديها على الأرض حيث امتلأت بأشلاء

تلك الورقة الممزقة ونظرت لخزانتها مجدداً وأخرجت الأوراق

تنظر لها بين يديها وابتسمت بانتصار .. وما أن خطت خطوتين

بعيداً عن تلك الخزانة وقفت متسمرة مكانها بسبب باب الغرفة

الذي فتح فجأة وبسرعة جعلتها تجفل بصدمة تنظر للذي لم يفعلها

سابقاً هكذا ودون أن يطرقه ! ولم يكن سوى وقاص .... والذي

زاد على ذلك أن أغلقه ضارباً إياه بقوة وهو من لم يفعلها من

قبل أيضاً ..! بل وما جعل عيناها تتسعان بصدمة هو إغلاقه للباب

بالمفتاح الذي نزعه من مكانه ورماه بطول يده جانباً لينزلق تحت

باب الحمام المغلق ونظر لها ويده لازالت ممدودة جانباً بعدما

طارت تلك القطعة المعدنية الرنانة منها .


*
*
*


دس يديه في جيبي بنطلون بذلته السوداء وتأفف نفساً طويلاً

ينظر للفراغ فقال الواقف أمامه

" علينا أن نجد حلاً سريعاً لهذا سيد قاسم وقبل المؤتمر الجامع

والمقرر ودون الاستعانة بالزعيم مطر هذه المرة فلا وقت أمامنا

ولا يمكننا الاتصال به "

نظر حوله مفكراً قبل أن ينظر للواقف أمامه وأمسك كتفه بيده

قائلا "

لنتحرك إذاً فلا وقت أمامنا والتأخير ليس في صالحنا ولا في

صالح الجميع "

أشار له ذاك برأسه مشجعاً بابتسامة رجولية واثقة فرد له

الاشارة بمثيلتها وإن لم تحمل كل تلك الثقة التي طمأن بها ذاك

نفسه ، وما أن استدار جهة الباب وقف مكانه لأنه انفتح فجأة بل

وبقوة بينما قال الذي لا زال يمسك مقبضه بيده

" كارثة يا قاسم "

فشحبت ملامحه ينظر للذي يعلم جيداً بأنه لن يقول تلك العبارة

عبثاً أو لأمر لا أهمية له وهمس ونظراته الوجلة تلتهم تلك

الملامح المتصلبة

" ماذا حدث يا عمير ؟ "
لكن ذاك ترك مقبض الباب بحركة عنيفة وغادر فلحق به مسرعاً

وخرج خلفه ينظر له وهو يعبر الرواق الطويل يناديه بينما تابع

ذاك طريقه قائلاً بصوت غاضب يُخرج من جيب سترته هاتفه

الذي علا رنينه

" مصيبة حدثت أمام أعيننا ولن يسامحنا مطر عليها أبدا ً "

فأسرع خلفه بنظرات وجلة ودس يده في جيبه يخرج هاتفه الذي

علا رنينه أيضاً ونظر لإسمها فيه فنقل نظره منه للذي لازال

يسير أمامه ويتحدث في هاتفه صارخاً بغضب لم يركز ولا فيما

كان يقول ولم يستطع تجاهل اتصالها ذاك فالتجربة علمته .. فتح

الخط ونظره على الذي نزل السلالم مسرعاً دون حتى أن يستعين

بالمصعد ! بينما لم يترك له صوتها الباكي مجالاً لتقرير وجهته ما

أن وصله قائلة

" قاسم تعالى أرجوك بسرعة "


لتتجه خطواته الراكضة حيث غادر ذاك أمامه ونزل عتبات

السلالم بسرعة قائلاً

" ما بك تيما ماذا...."

لكنها لم تترك له مجالاً لينهي حديثه أيضاً متابعة ببكاء

" الشرطة هنا ولا أعلم ما أقول لهم ... تعالى قاسم أرجوك "

فصرخ يجتاز الموجودين في صالة الطابق الأرضي راكضاً

" أين أنت يا تيما ؟ "

واتسعت عيناه بصدمة أشد وهو يجتاز باب القصر الرئاسي حين
قالت ببكاء

" في المستشفى .... تعالى بسرعة قاسم أرجوك "

*
*
*



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 10:05 PM   #12147

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,437
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




*
*
*




ضمت يديها قرب شفتيها تتمتم بكلمات باكية هي نفسها لم تعد

تفهمها تصل للباب وترجع نحو الداخل كالضائعة لم تعد تعلم ما

يمكنها فعله فأن تتجاوز الساعة الحادية عشرة فالأمر لم يعد

مطمئناً مطلقاً فهو لم يسبق له أن تأخر حتى هذا الوقت فما أن

تغيب الشمس حتى يصبح هنا ولم يكن يتركها ليلاً لوحدها ! بل

وأعماله في المزرعة تنتهي ذاك الوقت أيضاً وكم تخشى من

مغبة اقتنائه لتلك السيارة الجديدة التي لا يمتلكها هنا سوى كبار

عائلة غيلوان وأمثالهم فقد يحاول أحدهم حتى قتله ليسرقها.

وعند تلك الفكرة جن جنونها فأن تفقده معناه أن تفقد كل شيء

بالنسبة لها وليس الأمان والمعيل فقط تعني بل والرجل الوحيد

الذي اضطربت له ضربات قلبها وتعلقت به لأسباب لم تعد للأمور

المادية ولا المعنوية علاقة بها فكل ما تريده أن يكون قربها وإن

لم يوفر لها من كل هذا شيئاً .. فكانت من الجنون لحظتها أن

وضعت حجابها على رأسها وفتحت باب المنزل وخرجت منه

فغيابه لن يكون بدون سبب .. تعرفه جيداً لا يفعلها ولن تجد

جواباً عن كل هذا سوى لدى شخص واحد وإن طردها أو صرخ

في وجهها بل وإن ضربها فلن تتراجع ولن تتركه حتى يعلم لها

أين يكون فهو يملك هاتفاً على الأقل ... منذ المغيب وهي تُصبر

نفسها وتقنعها بالتريث لكن تعاقب الساعات الواحدة تلو الأخرى

جعلها تستمع لشيء ما ليس عقلها ولا حتى قلبها بل ما فاقهما

جنوناً يحثها على الركض وسط المزارع أيضاً للبحث عنه .. لكن

وجهتها كانت أقرب من ذلك وهي تدور حول المنزل الواسع لتصل

لجانبه الآخر وللباب الحديدي الأفضل حالاً من ذاك الذي تركته

خلفها وأوله طلاءه الأسود الجديد وبدأت بالطرق عليه بكف يدها

في ضربات تزداد قوة وارتفاعاً بالتدريج كلما شعرت باليأس من

أن يجيب عليها أحد أو يخرج لها ولم تتمنى حياتها أن ترى وجه

أويس غيلوان أمامها كما اليوم والآن فهو خيارها الوحيد

وستفعلها وتترجاه هذه المرة ليبحث عنه ويطمئنها عليه قبل أن

تفقد عقلها وقلبها معه .

أبعدت يدها وتعلقت نظراتها الباكية بالباب ما أن سمعت قفله يفتح

من الداخل .. نظرات تغلب عليها الأمل الكسير أكثر من التردد

والرهبة وهي تنتظر أن ترى عيني ذاك الرجل الغاضبة أمامها

الآن وتلك النظرة التي لا يخص غيرها بها .. لكن أيا من ذلك لم

يحدث والباب يفتح ببطء لكنه توقف فجأة أيضاً ولم يفتح على

اتساعه ! وحدقت باستغراب بل بصدمة في شقه المفتوح ما أن

خرج من خلفه صوت امرأة منخفضاً هادئاً بلمحة حزن واضحة

" من هنا ؟ "

فملأت الدموع عينيها وأمسكت فمها بيدها ما أن اكتشفت من

تكون تلك .. ومن ستكون غيرها ؟ هذه آخر امرأة في الوجود

تتمنى رؤيتها فإن كانت تتألم حد الموت ما أن ترى عينا إبنها

المتألم والذي يعبر عن كل ذاك الألم بالغضب والحقد ما أن يراها

فكيف بهذه المرأة ...؟

" من هنا ...!! "

خرج لها صوتها مجدداً فمسحت عينيها بقوة وما أن كانت

ستتحدث قالت الواقفة خلف الباب

" إن كنت قادم من أجل أويس فهو ليس هنا "


فاتسعت عيناها بذعر فها قد فقدت أملها الوحيد والشخص الذي

قد تلجأ له لمساعدتها في معرفة مكانه أو على الأقل إن كان

بخير ... خرج صوتها المبحوح حينها

" وأين أجده يا خالة ؟ "

كانت تريد معرفة إن حدث شيء ما على الأقل لتعلم أين سيكون

يمان خاصة إن كان ابنها هنا في أباجير لكن صمت الواقفة خلف

الباب طال كثيراً ولن تلومها في هذا فهي ما كانت لتتوقع قطعاً أن

تأتي امرأة للسؤال عنه خاصة في مثل هذه القرى الريفية ... فأن

تسأل امرأة عن رجل في منزله يعد أمراً غريباً وإن رآها أحد فلن

ترحمها الألسن فماذا إن كان في وضع مثل وضعها ؟ .

" من أنت ؟! "

كان ذاك السؤال ما توقعت أن يخرج لها من خلف الباب

الحديدي .. وإن كانت صاحبته تبصر لكانت أخرجت رأسها

لتراها بالتأكيد ، وكم كانت الإجابة شديدة على نفسها فماذا ستقول

وبماذا تجيب ؟ فركت قبضتيها ببعض وتوترت شفتيها قبل أن

تقول

" أريده في أمر مهم يا خالة .. هل هو هنا في أباجير ؟ "

وشعرت بضربات قلبها تضطرب وهي تنتظر جوابها رغم تجاهلها

المتعمد لسؤالها ذاك فجل ما كانت تخشاه أن لا يكون هنا فمن

ستلجأ له حينها ؟ انتظرت بتوتر لكن الجواب كان مخالفاً لجميع

ظنونها حين قالت التي لازالت تتوارى عنها خلف الباب

الشبه مغلق

" من أنت ؟ "

فتنفست بعمق ونظرت للظلام حولها وحضنت نفسها لا شعورياً

وشعرت بالخوف يتسلل لقلبها وهذه المرأة تبدو مصممة على

معرفة من تكون هذه التي تسأل عن ابنها في هذا الوقت من الليل

.. لكنه محامٍ أيضاً ويفترض أن لا تستغرب هذا أم التوقيت

السبب !! نظرت للباب مجدداً ورطبت شفتيها بطرف لسانها

وتنفست بعمق قبل أن تقول بصوت منخفض حزين

" أنا مايرين "

وأمسكت يدها بقلبها لا شعورياً ما أن كان الصمت المميت ردة

الفعل الأولى للواقفة خلف الباب وملأت الدموع عينيها فهي تتفهم

وضعها ذاك وما شعرت وتشعر به وموقنة تماماً بل ومؤمنة بأنها

أكثر ما يجعلها وابنها يشعران بالألم وبجرح الماضي الأليم

وبمأساتهما التي كانت هي إحدى نتائجها التي لم تختفي كما حدث

مع والدتها والرجل الذي اتهم بهما ... لكن ما ذنبها هي ؟ فيما

أجرمت وهي التي لم تختر مصيرها حتى إن كانت ابنته فعلاً فكيف

وهما يصران على براءته ؟ أول ما توقعته حينها بل وأهونه أن

يُغلق ذاك الباب الحديدي في وجهها بقوة لكن أيا من ذلك لم

يحدث وهي تحدق بصدمة في شق الباب الذي اتسع قليلاً وخرج

منه ذاك الصوت الحنون المفعم بالحزن والعاطفة

" تفضلي ادخلي يا مايرين "


وامتلأت عيناها بالدموع سريعاً بل وانسابت تسقي وجنتيها فهي

لم تكن تخشى من رؤية ما تراه في عيني ابنها فيها بل كانت

تخشى العكس وأن تقتلها بمعاملتها بالطيب وها هو ما كانت

تخشاه وتستبعده ذات الوقت حدث ! وكم تمنت لحظتها أنّ قدماها

لم تقتربا من هذا الباب فأن تعيش حياتها تظنها تكرهها كإبنها

كان أرحم مئة مرة على قلبها من هذا بالرغم من تمنيها ودائماً

أن راعى الجميع وأولهم هذه العائلة وضعها وبأنه لا ذنب لها

فيما حدث .. وإن كانت تمنت الموت سابقاً وعلى مرور كل تلك

الأعوام فهي تمنته مضاعفاً لحظتها وهي تسمع تلك النبرة

الحنونة المتفهمة من شخص آخر غير فجر من أهل بلدتها تلك

فكيف أن تكون من هذه المرأة تحديداً ؟

حضنت نفسها وقالت بحزن

" لا يمكنني الدخول يا خالة ولا البقاء هنا .. زوجي غادر منذ

الصباح الباكر ويفترض أن يرجع للمنزل وقت مغيب الشمس

لكنه لم يأتي حتى الآن ولا أحد لي غير ابنك هنا يبحث لي عنه

أو يخبرني خبراً يخصه "

قالت تلك من فورها وإن لم تخرج لها بل وبنبرة قلق

" وأويس غادر بعد أن طرق أحدهم باب المنزل وخرج له

وقت المغرب ولم يرجع حتى الآن "

فازداد بذلك خوفها بل وظنونها ومخاوفها بأن ما تخشاه سيكون

وقع ورفعت أناملها لشفتيها هامسة ببكاء

" يا إلهي أين سأجده الآن "

قالت الواقفة خلف الباب تطمئنها

" قد يكون في مكان ما قريب من هنا يا مايرين وسيرجع في

أي وقت "

لكن ذلك لم يخفف من خوفها وقلقها عليه شيئاً وقالت ببكاء تغلب

على صوتها أيضاً

" هو لم يفعلها سابقاً ولا يتركني وحيدة ليلاً هكذا ودون أن

يخبرني ! أنا قلقة عليه يا خالة ولا أحد لي "

خرج لها صوتها مجدداً

" ثمة عجوز يعيش هنا في مزارعنا ويمكنك الإستعانة
به وسيساعدك "

اتسعت عيناها الدامعة وقالت بوجل

" عجوز ؟! لا يا خالة لا أستطيع سيغضب يمان و... "

فقاطعتها تلك سريعاً

" هو من الجنوب هنا وأويس يوصيه عليا حين يبات في حوران

ويثق فيه كثيراً وسيبحث لك عنه أو يعلم خبره "

مسحت عيناها ودموعها بقوة وقالت

" وكيف سأجده وسط المزارع المظلمة ؟

لا يمكنني الابتعاد عن هنا "

قالت من فورها

" ثمة طريقة علمني أويس إياها لأصل له إن لزم الأمر فاتبعيها

وستجدي نفسك أمام غرفته بما أنك ترفضين الدخول وانتظار

أويس حتى يأتي "

حركت رأسها بالنفي وكأن عقلها الباطن يرفض الفكرة فلن تتوقع

سوى أن يقتلها إن وجدها في منزله وإن كانت والدته من

أدخلها ... نظرت للظلام الواسع خلفها قبل أن تنظر للباب

مجدداً وقالت بصوت متردد ضعيف

" و.... وكيف أصل له "

خرج لها صوتها سريعاً

" من أمام الباب هنا تسيرين في اتجاه مستقيم مئة خطوة ولن

تجدي أي شجرة في طريقك وعند المئة ستكون على يمينك تماماً

شجرة فستق كبيرة تسيرين يساراً خمس وعشرون خطوة ستكون

أمامك حينها شجرة فستق أخرى تتركينها على يمينك وتسيرين

خمسون خطوة أخرى تجدي نفسك أمام سور صغير يمينه باب

حديدي هو باب غرفته سيساعدك ويبحث لك عنه وأنت ارجعي

هنا بذات الطريقة واذهبي لمنزلك لا تبقي وحيدة في

المزارع ليلاً "

حركت رأسها بحسناً وكأنها تراها وتحركت من فورها حيث قالت

تسير وتحسب خطواتها وتمسح دموعها ذات الوقت بينما نظراتها

تجول حولها كل حين تراقب أشباح الأشجار في ليلة هجرها حتى

ضوء القمر تشعر بأنها والمرأة التي تركتها خلفها سواء لا شيء

تسير فيه سوى السواد الشبه تام شفتاها المرتجفة تحسب الرقم

تلو الآخر قبل أن تقف متسمرة عند العدد لا تعلم كم يكون تنظر

يساراً حيث الضوء الباهت البعيد وسط ذاك الظلام الموحش

وغضنت جبينها باستغراب فهذا ليس ضوء سيارة فما سيكون !!

تحركت خطواتها ببطء في ذاك الاتجاه تسير بخطوات حذرة خافتة

تراقب خيال الرجل الذي بدأ يتضح لها شيئاً فشيئاً وبقعة الضوء

الصغيرة المنبعثة منه وما يبدو أنه ضوء هاتف محمول !

اختبأت خلف أبعد شجرة عنه وحيث كان ذاك الخيال البعيد مولياً

ظهره لها ... يمان لا يملك هاتفاً فهل سيكون هذا أحد العمال ؟

لكن ما الذي يفعله في الليل هنا ومنازلهم بعيدة ؟! كانت تراقبه

بعينين وجلة فضولية ذات الوقت قبل أن تقفز في مكانها تكتم

صرختها بيدها ما أن شعرت بشيء ما قفز على وجهها رمته

بيدها الأخرى ويبدو لم يكن سوى جرد ليل لكن مع خوفها فقدت

السيطرة على نفسها .

اتسعت عيناها بذهول ما أن استدار ذاك الخيال ناحيتها ومؤكد

حركتها القوية تلك السبب وها قد شعر بوجودها وانقلبت الأدوار

وباتت هي المراقبة منه .. بل والأسوأ من ذلك أن ذاك الخيال

والضوء الصغير معه سارا باتجاهها مما جعلها تجفل راكضة في

الاتجاه الآخر بل وخطواتها تلك ازدادت سرعة واتساعاً ما أن

سمعت صوت ركض تلك الخطوات خلفها تشعر بذعر لم تعرفه

حياتها وتمنت أن لم تعتب قدمها خارج باب المنزل .. لكن الندم

فات أوانه الآن وهي لا تعرف ولا هوية مطاردها ذاك .. بل وبأن

خطواتها الراكضة تلك توجهت بها نحو أراضي شعيب غيلوان

وأشقائه .



*
*
*


فتحت باب الغرفة بهدوء ودخلت ليقع نظرها على الجالسة

منكمشة فوق الأريكة بينما نظرها يهيم بحزن في الخارج تتكئ

بطرف جبينها على زجاج النافذة فتنهدت بيأس تحرك رأسها
واقتربت منها قائلة

" زهور حتى متى ستستمر هذه الحالة معك ! "

رفعت حينها يدها ومسحت عينيها تعدل من جلوسها ولم تعلق كما

لم ترفع نظرها بها فتنهدت مجدداً وقالت

" زهور لو كنتِ رفضته لكان أفضل لك من إجبار نفسك عليه

وأنت لا تريدينه "

فحركت رأسها برفض دون أن تتحدث فتنهدت الواقفة فوقها

بضيق قائلة

" لم أفهم معنى جوابك هذا فكلمة لا تحمل أحياناً المعنيان معاً

يا زهور ! "


همست حينها ببحة ترفع خصلات شعرها القصير خلف أذنيها

" أعني لم اجبر نفسي أمي "

فحدقت فيها باستغراب وقالت تنظر لرأسها المنكس للأسفل

" ماذا بك إذاً هذا حالك ووضعك منذ يوم عقد قرانكما ؟

! هل تشاجرتما ؟ "

حركت رأسها مجدداً هامسة

" لا أمي "

وما أن كانت ستتحدث سبقتها قائلة بعبرة مخنوقة وقد رفعت

رأسها ونظرها بها

" كم هو مؤسف وضع والدته أمي "

تنهدت بحزن وقالت
" والأكثر أسفاً وحزناً هو حكايتها التي تسببت بما هي فيه الآن "

نظرت لها باستغراب وقالت

" حكايتها السبب !! "

قالت التي حركت رأسها بتنهيدة عميقة حزينة

" أجل فهي فقدت بصرها حزناٌ وبكاءً على فراق زوجها رحمه الله

.. بل وحياتها وابنها تبدلت للسواد والحزن منذ ذاك الحين "

نزلت دموعها وأخفضت رأسها تمسك عبرتها بيدها فجلست

والدتها بجوارها وأمسكت بكتفها قائلة

" ما عليك فعله الآن ليس البكاء ولا الشفقة على وضعها بل أن

تكوني الزوجة الصالحة له وأن تقومي بمهامه ناحية والدته فهو

كان يغسل حتى ثيابها بنفسه وقبِل بالحياة في الجنوب من أجلها

وأنت من سيشاركه كل ذلك يا زهور "

لم تستطع قول شيء سوى أن حركت رأسها إيجاباً تمسح

دموعها ولم ترفع رأسها فمسحت يد والدتها على ظهرها قبل أن

تتنهد قائلة

"كم عانى ذاك الشاب حتى أنه سيخسر وظيفته كأستاذ بجامعته "

رفعت رأسها ونظرت لها بعينين مجهدة من كثرة البكاء

وهمست باستغراب

" يخسر عمله !! "

أومأت برأسها إيجاباً وقالت بحزن

" أجل هذا ما فهمته من والدك عبدالرحمن فثمة من قام بنشر

قصة والده في الجامعة وسرعان ما أصبح الخبر على

جميع الألسن "

حدقت فيها بعينين متسعة قد ملأتها الدموع مجدداً بينما

تابعت هي باستياء

" وأولئك المتحجرين قالو بأنه لا يليق بهم أن يكون أستاذاً ويقوم

بتدريس طلبة لديهم بسبب ماضي والده وما بات يقال عنه ...

يتشدقون بعبارة سمعة الجامعة وينسون أنفسهم ! "

وضربت كفيها ببعضهما تجمعهما أمام شفتيها وقالت بحسرة

وحزن تنظر للفراغ

" سيخسر ذاك الشاب أي وظيفة مماثلة بسبب هذا .. بل وحتى

القضايا التي توكل له كمحامٍ ... لو أعلم فقط من هذا الذي فعل

تلك الجريمة الشنعاء وأخرج القصة من مقابر الجنوب وأوصلها

هنا ! فلم يكن يعلم عنها أحد والناس هناك بدأت تنساها مع مرور

الأعوام ... لقد دمروا مستقبله كمحامٍ وأضاعوا سنوات دراسته

وعمله "

فلم تستطع منع دموعها من التسابق على وجنتيها وقالت

بصعوبة

" فقد كل شيء أمي ؟! "

نظرت لها وقالت بحزن

" هذا ما نراه نحن ..هو لا يرى سوى بأنه ثمة من أجرم في حق

والده ووالدته وهو ينشر قصتهما لتكون في أفواه الجميع

ويكسره ذلك أكثر من كل ما فقده "

ووقفت وقالت تمسح على خصلات شعرها القصير الناعم

" وعليك يقع حمل تخفيف ذلك عنه فوالدته قالت بأنه كان يرفض

الزواج نهائياً ومنذ أعوام حتى التقاك وأحبك ... عوضيه بنيتي

عن كل ما قاساه ويعانيه وكوني بجانبه في محنته فهو قوي

وسيجتازها إن كنت معه وهو يحتاجك الآن أكثر من أي وقت "

وغادرت الغرفة مغلقة الباب خلفها وتركتها في ألم أقسى مما

كانت فيه وهي تحضن رأسها بيديها تنكسه للأسفل وفي ببكاء

مستمر قطعه صوت رنين هاتفها الملح فرفعت رأسها ونظرت

لاسمه على شاشته من بين دموعها فارتسمت ابتسامة حزينة

على شفتيها المشبعة بالدموع فهذه المرة الأولى التي يفعلها بعد
زواجهما بينما ترددت هي كثيراً في فعلها .. مدت يدها له ورفعته

بينما تمسح يدها الأخرى عيناها بقوة .


*
*
*


وقفت وتحركت في الغرفة بتوتر فغدير غادرت مع شقيقها منذ

وقت وها هي الساعة أصبحت الحادية عشرة ونصف ولم يأتي

وهو من قال بأنه سيكون هنا خلال ساعتين أو ثلاثة من وقت

مغيب الشمس ! حتى أنه لا يجيب على اتصالاتها التي لم تتوقف

!! تنهدت بقوة تفرك جبينها بأصابعها ولا تعلم ماذا تفعل وكيف

لها أن تجده هنا وبمن تستعين ؟ فحتى غسق لم تجب عليها

لتطلب منها الاتصال بزوجها فوحده من قد يخرج بخبر عنه من

تحت الأرض وإن كان خياراً سيئاً وفاشلاً خصوصاً إن كان ذاك

الرجل يعلم عن مشاعر شقيقها نحو زوجته وخطبته لها سابقاً بعد

طلاقها منه .. لكن لا حل أمامها ولا تريد الاتصال بوسام فهو

يسكن في مدينة بعيدة وسيركب سيارته ويأتي تعرفه جيداً .

تنهدت مستغفرة الله ووقفت مقابلة للمرآة وابتسمت بسخرية ما

أن نظرت لنفسها فيها ... عروس يا جليلة ! يا للسخرية ... !!

أنت التي سبق وأقسمتِ أن لا يدخل حياتك رجل آخر ها أنت

تلبسين وتتزينين لأحدهم كفتاة في العشرين من عمرها !

أشاحت بوجهها جانباً وزمت شفتيها متنهدة بضيق تطرد تلك

الأفكار من رأسها فهي استطاعت وبصعوبة أن تقنع غدير أن لا

تلبس فستان الزفاف ذاك مجدداً بينما أصرت عليه تلك وكأنه

حفل زفافها هي ! فاستسلمت لها نهاية الأمر ولبست فستان

سهرة أقل فخامة من تلك الخيمة المتنقلة التي كانت مجبرة على

الخروج بها من منزل والدها ، وإن كان الأمر بيدها لذهبت

له ببيجامتها تلك ذاتها التي كانت تلبسها ومنذ البارحة .

تأففت نفساً طويلاً واستغفرت الله تحضن نفسها وأصابعها تشتد

بقوة على لحم ذراعيها العاريان فما عليها التفكير فيه الآن هو

شقيقها قائد أين ذهب ولما لا يجيب على هاتفه ! كان من عادته

أن لا يجيب على هاتفه سريعاً وقد يترك الرد عليه لوقت لاحق

لانشغاله لكن اليوم والآن تحديداً فتأخره في الرد أمر غير مطمئن

لها بل وتأخره في القدوم أيضاً ! وآخر ما قد تفكر في فعله هو

الاتصال بذاك الرجل الذي لم يأتي على الموعد أيضا ً ! .

تحركت جهة النافذة المطلة على معالم العاصمة التي بدت من ذاك

الارتفاع مشهداً مميزاً وأضواء مبانيها وسياراتها تلمع في الظلام

ترسم صوراً واضحة لكل مبنى فيها وكأنها تسبح في ضوء

النجوم ... !!

وقفت تنظر لذاك الجمال الاصطناعي بشرود واجم مكتفة ذراعيها

لصدرها قبل أن يتحول شرودها ذاك لابتسامة ساخرة ما أن

تذكرت حديث غدير الأخير معها قبل أن تغادر حين أمسكت

بذراعيها وقالت ناظرة لعينيها بتركيز

" لما أشعر بأنك لست سعيدة بهذا الزواج يا جليلة ؟ "

فلم تستطع أن تنكر ذلك .. أن تنفيه ولا أن تتهرب منه كما عجزت

عن الهرب من عينيها فما كان منها إلا أن ابتسمت بمرارة هامسة

" لن يستغرب هذا من يعلم كل ما قيل ويقال عن جليلة يونس "

فتنقلت نظراتها بين عينيها بصمت قبل أن تقول باستغراب

" لكن زواجك بهذا الرجل سيخرس كل تلك الأفواه وسريعاً يا

جليلة وأنت تعلمين ذلك بالتأكيد ويفترض بأنه يسعدك !! "

فبلعت غصتها وهمست بمرارة أشد وأقسى من سابقتها

" يُخرس الأفواه أجل لكنه لا يداوي جراح القلب يا غدير "

فلم يزد ذلك الواقفة أمامها سوى استغراب بل وذهول وقالت

" أتقصدين بأنك لا ترغبين الزواج به ! لكن لما وهو... "

وبلعت كلماتها ولاذت بالصمت حين أشاحت الواقفة أمامها

بوجهها عنها تنظر للأرض وعلمت بأنها تتجاوز الحدود بهذا

وتتطفل على خصوصياتها وبوقاحة وكان من حقها أن تخرسها

ومنذ البداية ، قالت بابتسامة اعتذار

" أنا آسفة أتدخل فيما لا يعنيني فعلاً "

وراقبت بنظرات اعتذار واضحة التي رسمت ابتسامة جاهدت

وباستماتة لرسمها على شفتيها وهي تنظر لها قائلة

" أبداً يا غدير من قال هذا ؟ أنا ... "

وسكتت قليلاً قبل أن تتابع تحاول جاهدة توضيح موقفها ذاك لها

" أنا فقط أرفض التحدث في الأمر ومع الجميع ودون استثناء
صدقيني "

فأبعدت هي نظرها عنها حينها وقالت بنبرة حزينة تشرد بنظرها

للأرض

" معك حق ويفترض بأني أكثر من يعلم معنى ذلك ويفهمه "

فكانت نظرات الاستغراب من نصيبها هذه المرة وقالت

" ماذا تقصدين بهذا يا غدير ؟ "

فهربت بنظرها منها وقالت تنظر حولها

" لا شيء مهم واتركينا من الحزن والمآسي الآن ولنفكر في

طريقة لجلب حذاء آخر يناسب هذا الفستان "

نظرت لها باستغراب وقالت " ألم تتحدثي مع شقيقك كما

أخبرتني ؟ "

فتنهدت بابتسامة خافتة ونظرت لها قائلة

" آه أجل كيف نسيت هذا "

لكن الواقفة أمامها لم تستسلم ويبدو فهمت شيئاً ما من حديثها

ذاك ومقارنة نفسها بها فقالت بريبة

" أخبريني إذاً عنك أنت ... لا يبدو لي أنك مرتبطة بالرغم من

مزاياك التي يبحث عنها جميع الرجال ؟! "

وراقبت بفضول التي ترددت قليلاً في الإجابة قبل أن تقول

" لم أكن كذلك بالفعل لكن ثمة .... "

وتوقفت فجأة تنظر جهة هاتفها الذي ارتفع رنينه حينها وتوجهت

نحوه ليقطع اتصال شقيقها حديثهما ذاك نهائياً .


تنهدت بعمق وابتعدت عن النافذة متمتمة

" أتفكرين حقاً في فعلها ودفن قلبك مع رجل لا تحبينه

يا غدير ؟! "

وما أن وقع نظرها على هاتفها المرمي على السرير عادت

هواجسها ولعبت بها الظنون مجدداً فها هو لم يتصل حتى الآن !!

توجهت نحوه ورفعته وعاودت الاتصال به لتتسع عيناها بصدمة

ما أن خرج صوت المجيب الآلي يخبرها بأن الرقم الذي طلبته

مقفل فشعرت بخوفها يتعاظم حتى آلمها صدرها الذي وضعت

يدها عليه في حركة لا إرادية وهمست بخوف

" ماذا حدث معك يا شقيقي !! "


وملأت الدموع عينيها سريعاً وما أن فكرت في الاتصال بشقيقها

وسام توقفت أصابعها المرتجفة وابتسمت تنظر لباب غرفتها حين

سمعت قفل باب الشقة يدور ثم بابها يفتح ويغلق مباشرة لكن تلك

الابتسامة ماتت سريعاً وهي تستمع للخطوات التي كانت تقترب

منها فهذه ليست خطوات شقيقها وحذائه لا يصدر كهذا الصوت

الواضح !! .



*
*
*


نظرت للطريق المحفوف بالأشجار من نافذتها ولا تفهم حتى الآن

أين يأخذها لتخمن من هذا الذي في انتظارها ! لو كان شخصاً

آخر وليس والد زوجها ما كانت لتوافق على الذهاب معه وكائناً

من يكون لكن هذا الرجل وحده من عليها الوثوق به بعد ابنه ..

لكنها متخوفة أيضاً من هذه الرحلة الطويلة مجهولة الوجهة

والهدف ! وماذا أيضاً إن علم تيم وبأي طريقة كانت عن هذا ؟

بل وتغادر من دون اذنه وهو من نبهها مراراً على عدم الخروج

سوى لجامعتها .

نظرت ليديها تشدهما بقوة في حجرها وقالت بهدوء حذر

" إن علم تيم فسيغضب مني "

" لن يعلم ما لم تخبريه أنت "
تمتم بذلك ببرود فنظرت سريعاً لجانب وجهه المقابل لها

باستغراب فهو يبدو واثقاً من أنه لن يرجع الآن وفي أي لحظة

ويعلم بأنها ليست في جامعتها ولا منزل عمته ! أي أنه يعلم

الكثير عن رحلته تلك وأكثر مما تعلم هي وأخبرها ابنه ...!

وبما أخبرها أساساً سوى بأنه مسافر لأيام غير معلومة ؟

قالت بذات هدوئها

" أتعلم ما نوع مهمتهم في غواتيمالا ؟ "

قال مباشرة ودون أن يبعد نظره عن الطريق أمامه

" تحرير مختطفين أسرى لدى جماعة من المتطرفين دينياً هناك

يريدون الضغط على حكومتهم لتحقق مطالبهم "


فارتفعت يدها لصدرها لا شعورياً وهمست بخوف

" مهمتهم خطرة جداً ؟ "

حرك كتفيه قائلاً

" في العادة لا تهتم البلاد لمختطفيها هناك فكم من صحفيين

وسياح وحتى رجال أعمال تم اختطافهم من قبل جماعات مختلفة

ولأغراض مختلفة أيضاً ولم تصل قصصهم ولا للإعلام لكن

هؤلاء مجموعة من السفارة أي أشخاص أكثر أهمية من أن

يتجاهلوهم وتلك المهمة لا يوكل بها أي شخص "

نقلت نظراتها في ملامحه بشرود حزين ... لهذا إذاً لم يحدد

موعداً لرجوعه لأنه لا وقت محدد لانتهائها ؟ بل ولأجل هذا

قال بأنه عليه أن يكون بكامل تركيزه فيها ، قالت والدموع تملأ

حدقتيها الذهبيتان ببطء

" ولما يعرض نفسه للخطر من أجل أناس ليسوا حتى من بلاده !

ما نفع عمله في تلك المنظمة سوى تعريض نفسه للمخاطر ؟ "

قال بهدوء بل وبكل بساطة

" هذه ليست المرة الأولى التي يغادر فيها لمهمة مشابهة ماريه

بل وثمة ما هو أخطر منها بكثير وتيم يُعد أحد أهم قناصيهم

وأشجع رجالهم واسمه في رأس القائمة في جميع المهام

المشابهة "

زمت شفتيها بقوة تنظر لنصف وجهه وقد انزلقت أول دمعة من

عينيها تحرق وجنتها ببطء وقالت بضيق

" كيف يمكنك أن تكون بكل هذا البرود عمي ! وكأنه ليس ابنك

ذاك الذي يواجه خطر الموت في كل مرة !! "

نظر لها حينها ولأول مرة وكأنه كان يتهرب من مواجهة عينيها

وقال بجدية

" هو ابني ماريه كما تقولين تماماً ولن يشعر به أحد مثلي لكن

ذلك لا يعني أن لا يكون رجلاً لا يهاب شيئاً ولا الموت .. كل رجل

يريد لإبنه أن يكون هكذا ويفخر بإبن كهذا والبكاء والدلال تلك

مهمتكم أنتن النساء وما أراه يفسد نصف شباب العالم "

أبعدت نظرها عنه ليديها في حجرها تشد على شفتيها بقوة شدها

على أصابعها التي ابيضت مفاصلها فهي كانت وقحة معه بما

قالت لكنها لا تستطيع الاعتذار لأن جزء من الذنب يقع عليه ..

حتى أنه رد لها الدين مضاعفاً بما قال .. لكن ما عجزت عن

التحكم به أيضاً هو لسانها حين تمتمت ببرود لازالت تنظر ليديها

" وهو ربته امرأة عمي "


وسرعان ما عضت على باطن شفتها فما بها هكذا على غير

العادة ! أكل هذا بسبب توترها ورفضها الباطني للذهاب معه من

دون علم ابنه فباتت تهاجمه وبوقاحة ! لكنه أهانها أيضاً بل

وتعمد جرحها وسخر من دموعها وحكم من الآن على الطريقة

التي ستربي بها أبنائها ! توقعت منه تعليقاً قاسياً وأن يفهم بأنها

تُذكره بأنه ليس هو من رباه وذاك ما لم تقصده أيضاً بحديثها

لكنه قال وبهدوء لم تتوقعه

" تلك لا امرأة مثلها في الوجود أبدا ً "

فأدارت وجهها جهة النافذة وتنفست بعمق فما هذه الصفعة

المزدوجة التي وجهها لها ؟ وكما توقعت ما كان للحديث أن يقف

عند ذلك ولا لتلك المعركة أن تتحول لهدنة بسهولة فقد قال

وبلهجة قاسية هذه المرة

" ولن أستغرب موقفك العدائي مني ماريه ليس فقط لأنك من

عاش معاناة تيم معه كما تقولين دائماً بل ولأنك تقفين في صفه

وإن كان مخطئاً وإن لم تعرفيه قط في طفولته "

نظرت له بصدمة فكان ينظر لها ولم تقرأ في نظرته تلك لا

الغضب ولا الإصرار على ما يقول بل الاتهام وذاك أبشع من

سابقيه فأبعدت نظرها عن عينيه للطريق أمامهم وتنفس بعمق

نفساً طويلاً زفرته بقوة قبل أن تقول بجمود

" أعلم بأني كنت مخطئة في الكثير مما قلت وعليا الاعتذار لكن

أبداً لن يفهم أحد ولا أنت ولا جميع من عرفتهم ما يعنيه لي تيم

وما عناه منذ أعوام وما الطريقة التي أنظر بها لما مر به وما

خلّفه فيه .. لن تفهموا أبداً ومهما شرحت وقلت "


توقعت منه هجوماً شرساً كسابقه لكنه فاجأها مجدداً فنظرت له ما

أن قال بشرود واجم في الطريق أمامه

" ولن يفهم أحد أيضاً ما أشعر أنا به وما مررت به .. لن يفهمه

إلا شخص علمه واختبره ماريه وعرف معنى أن يقتل قلبه

ويضحي بأغلى من لديه فقط من أجل حمايته ومن أجل أن

لا يحرم منه للأبد "

فملأت الدموع عينيها سريعاً ليست تعلم بسبب ما قال ونبرة

الأسى في صوته أم بسبب ما قالت هي حينها وبحزن

" لكنك حرمت نفسك منهما عمي .. حرمت نفسك من عمتي حياة

وللأبد وهذا ما أراه يحدث مع تيم .. فما النفع إذاً من تضحيتك

وتضحيتها هي أيضاً وهي تأمرك بالابتعاد كي لا تموت ولتكون

في مسقبل ابنك وهو رفضك في مستقبله ولم تكسب شيئاً سوى

خسارتهما ؟ ماذا جنيت من تضحيتك تلك غير قلبين محطمين

أحدهما تحت التراب والآخر دفن معه "

اشتدت أصابعه على المقود بقوة وقال بجمود ونظره لازال على

الطريق الضيق المحفوف بالحشائش أمامه

" أخبرتك أن لا تحكمي على جميع قراراتي تلك ما لم تقفي في

موقفي ماريه وتجدي نفسك أمام خيار واحد وهو الابتعاد عمن

تحبين كي لا تخسريه وللأبد لأنك ستفعلين ذلك مثلي تماماً ودون

تردد "
انفرجت شفتاها وترقرقت الدموع في عينيها لكنه لم يترك لها

مجالاً لقول أي شيء وهو يفتح باب سيارته قائلاً

" وصلنا ماريه هيا انزلي "
فنظرت حولها باستغراب فهي لم تنتبه ولا بأن السيارة توقفت !

مسحت عيناها بقوة وفتحت الباب ونزلت أيضاً وارتفع نظرها مع

ارتفاع المبنى القابع أمامها فهذا ليس كأي منزل ريفي وكما

يظهره المكان الذي وصلاه والذي لم يكن يمت للمدن المزدحمة

بصلة ! هذه فيلا ريفية بطابقين تقف شامخة بياضها الناصع

يتحدى أشعة شمس الربيع الدافئة ، نظرت للذي وقف بجانبها

وقال ونظره على الباب الذي فتحه رجل ببدلة خدم أنيقة

" وتأكدي ماريه بأني لست غاضباً من أي كلمة قلتها وأفهم

ما تظنين بأني لا أفهمه عن مشاعرك "

وتحركت خطواته ما أن أنهى عبارته تلك نظراتها تتبعه باستغراب

قبل أن تلحقه خطواتها سيراً خلفه فما عناه ويعنيه بكل ما يقول !

يبدو أن الجواب تحمله جدران هذا المكان الغامض وستفهم

حينها أكثر مما تريد !

لم تنظر حولها ما أن دخلا المكان الساكن بأثاثه القليل ويبدو لا

أحد يسكنه بشكل دائم فتفكيرها كان منصباً على سبب وجودها هنا

والشخص الذي قطعا كل هذه المسافة فقط ليراها ويتحدث معها

!! انحنى لهما الرجل ذو البزة البيضاء المرتبة وقال باحترام

" اتبعاني سيدي فالسيد غريفيث في انتظاركما "


فنقلت نظرها منه للواقف بجانبها باستغراب فهي لا تعرف ذاك

الاسم ولم تسمعه سابقاً ! كان السؤال واضحاً في عينيها وإن لم

تنطق به لكن جوابه لم يكن سوى بأن وضع يده على ظهرها وقال

يسير بها يساراً

" هيا ماريه فهذا الرجل لا يحب الانتظار كثيراً وليس في صالح

كلينا أن يفقد أعصابه "


سارت معه كالتائهة تنظر حولها بضياع فمن يكون هذا وما الذي

سيغضبه وماذا يريد منها ! لا تفهم لما تشعر بالخوف وثمة شيء

ما في داخلها يرفض رؤية ذاك المجهول أو سماعه !.

وصلا لباب فتحه أمامهما الخادم الذي سبقهما بخطوات وانحنى

مبتعداً على الفور نظراتها تتبعه بدلاً من أن تركز على المكان

الذي أصبحت بداخله حينها .. وما أن انتقل نظرها للجالس خلف

طاولة مكتب ضخمة يمسك طرفها بيديه حدقت فيه باستغراب وهو

يستوي واقفاً وراقبته بتوجس وهو يرفع يده ونزع بها القبعة

المخملية فوق رأسه ونزع بالأخرى لحيته التي وصل طولها لآخر

عنقه فانفتحت عيناها بصدمة كما شفتيها التي همست بذهول

" مطر شاهين !! "


*************


المخرج ~~

بقلم / طموحه ولكن (أميمه راجح)


رسالة خذلان

تجاوزت عن كل شيء واستندت على الحب وحده واعتمدته قوتي وعتادي وطويت الماضي كله لأجلك وفتحت قلبي المثخن بجراحك لك وحدك وعدت من جديد العاشقة التي تمتلئ بحضورك ويضنيها الشوق في غيابك فكنت بجوارحي ومشاعري وحشاشة قلبي ملكا لك حتى في غيابك الطويل وحين عدت بعد كل هذي السنين عدت تحمل في صدرك رائحة لإمرأة أخرى شاركتني فيك دون تضحية وأنا التي خسرت كل شيء لأكسبك وكان سهم خيانتك وحده الذي إمتلكته منك.
تبا لك يا مطر.
غسق الفارغ فؤادها


نهـــــــــــــــاية الفصل




الفصل الرابع والعشرون يخضع لإنتهاء الكاتبه منه
متى ماكان الفصل جاهز نعلن عن موعد نزوله


رابط لتحميل الفصل الثالث والعشرون

هنـــــــــــــــــا


docx

https://up.top4top.net/downloadf-12569qlma1-docx.html

Pdf

https://up.top4top.net/downloadf-1257c2mic1-pdf.html



التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 11-06-19 الساعة 07:05 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 10:10 PM   #12148

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,437
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحمد لله تم تنزيل الفصل الثالث والعشرون

قراءة ممتعة لكم ...... وردود ممتعة لنا ....... ولكاتبتنا الغاليه برد المشاعر .....


وعذرا المنتدى المجاور ماقدرت أكمل تنزيل الفصل عندهم لأن

يظهر لي صفحة الويب غير متوفره الآن


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 10:25 PM   #12149

ৡOosary

أميرة خبايا جنون المطر

 
الصورة الرمزية ৡOosary

? العضوٌ??? » 424262
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 199
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » ৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond reputeৡOosary has a reputation beyond repute
افتراضي

ونقول بسم الله 😍😍😍

تسلم ايدش فيتوووو أنتِ وميشو .. احلى عيديه ضخمه


ولوحده تعرف نفسها .. الله يقدرني واكمل قبلش وارد لش مايطيب خاطري 😂💔


ৡOosary غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-19, 10:25 PM   #12150

بيرو♥

أميرةخباياجنون المطر

 
الصورة الرمزية بيرو♥

? العضوٌ??? » 439330
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 299
?  مُ?إني » / جدة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » بيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond reputeبيرو♥ has a reputation beyond repute
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 718 ( الأعضاء 207 والزوار 511)
‏بيرو♥, ‏روضة القرآن, ‏خديجة أسامه, ‏michacho, ‏إيلا..., ‏بنت جنوب النيل, ‏أمل رياض, ‏Angle kiss, ‏Aassma, ‏ৡOosary+, ‏انتصارات, ‏Ezîza, ‏S26, ‏Hamset Aml, ‏Arij elyasmine, ‏Shadwa.Dy, ‏Qoeno, ‏ليان لولو, ‏مهاجرة إلى الله, ‏NoOooUr, ‏رويف أنوار+, ‏Marwa Galal, ‏unkl J, ‏abeer12, ‏رندوش9, ‏Roha15, ‏همسات الانغام, ‏انايا, ‏سمية سيمو, ‏تونى جونى, ‏زهره ابي, ‏khadidz, ‏azza زهور الجنه, ‏نون وهاء, ‏زهره المحبه, ‏كتكوته زعلانه, ‏Twinkle Eye, ‏Hohoo, ‏Aloly, ‏الديراويه, ‏عقد اللجين, ‏lolowalaa, ‏العشق ألم, ‏لست الملاذ أنا الغرق#, ‏الكويتية, ‏Anabeth 21+, ‏shimaa9, ‏جوهره فى القصر, ‏د/عين الحياة, ‏حليمه 330, ‏أم نووور, ‏بوسي ه, ‏Romaemam, ‏حفيصه, ‏hapyhanan, ‏أمومه الحلو, ‏Sohyla246, ‏ام نواره, ‏Asmma Hosam, ‏جواهر الخليج, ‏nadoosh3122, ‏S.ar.aa, ‏Ax.49, ‏selma ahmed, ‏طُعُوْن+, ‏يسرى الغازي, ‏ZahratAlnar, ‏faizeh, ‏sam_202, ‏الترف 44, ‏مليكةوجداني, ‏ريمةمف, ‏Mashael alf, ‏شذى حسام, ‏Nesrine Nina+, ‏فلسطين الصغيرة, ‏نقطة الصفر, ‏Agaiaa, ‏ميار111, ‏Ngaam, ‏هاجر هجوره, ‏فوفونان, ‏Wadeem, ‏حبة الكراميل, ‏جوزيــف, ‏خديجة أبوكردوغة, ‏Houda h, ‏طيش انثى, ‏Shaima Esam, ‏ناردين يوسف, ‏sha20001, ‏Joj123, ‏بسومةع, ‏نيراسي, ‏دلوعة فودي, ‏الجميله2, ‏Memo12221, ‏Alaa_lole, ‏حكايةة مطر, ‏micdrop, ‏قلب حر, ‏حلا هشام, ‏ام حفصه, ‏W16afa, ‏Qwerzxcv, ‏إنتقآئيّة!, ‏زهرة المدن, ‏افنان23, ‏هاجر جوده, ‏لووليت, ‏n0on11, ‏البرنسيسة موني, ‏ayaammar, ‏فأره البندق, ‏hibba, ‏Masc6, ‏نوف كرسبي, ‏حروراء, ‏Karaoki, ‏آمال العيد, ‏kamsed, ‏قادس, ‏هبه سمير, ‏manar.m.j, ‏Monya05, ‏Zo12z, ‏yousra 05, ‏Velvet Black, ‏Ayaibrahim, ‏توما احمد, ‏bella snow, ‏Tina5, ‏Almaz, ‏ethar hassan, ‏Riham**, ‏نوّووور, ‏الاميره الجميله٣, ‏مينو مانا1, ‏belar, ‏Damas 2, ‏همسه رومنسية, ‏انجي حمدي, ‏Rooh10, ‏زوووز88, ‏Rivan mohammad, ‏الشفاه الغليظة, ‏Lalloush, ‏Ghada Ragab, ‏El hoor, ‏missliilam, ‏bnk77, ‏روح متفائلة, ‏سماالنور, ‏يالله اجعل سعود بالجنه, ‏بصيص امل, ‏sfsf_al3mr, ‏Fatima HJ, ‏hoody2002, ‏Abrar_aziz, ‏كريستااال, ‏شوشو 1234, ‏r7eel99, ‏Amira fares, ‏زينب77, ‏Mony 97, ‏Leenoo.ab, ‏om elez, ‏قطرالندى حسن, ‏Zainab. M. B, ‏فطوم لكوم, ‏الدوقه نوره, ‏سنيورا سارون, ‏E2read, ‏shatoma, ‏ريماسامى, ‏رنين شوق, ‏مُزن, ‏ازهار الأمل, ‏دوسة 93, ‏NJN, ‏وردة جلنار, ‏lina Aryam, ‏deegoo+, ‏Mnal ##, ‏روح النار, ‏Marioma12, ‏"جوري", ‏lara ali, ‏الرسول قدوتى, ‏chouchou23, ‏nur vattar, ‏منى الكاظمي, ‏Lola bissou, ‏nona.94, ‏بيبآا, ‏walaaqasim, ‏~غيمة طهر~, ‏عززه, ‏وردة ماما, ‏منى قلبي وروحي, ‏F.., ‏Fe6ii, ‏Hajqqq, ‏mirrayben, ‏نور محمد


😻😻😻😻😻 الفصل طوووويل يسلموووو ميشووو


بيرو♥ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:08 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.