آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          الشراع (الكاتـب : التوباز بن ذهب - )           »          القبلة البريئة(98)لـ:مايا بانكس(الجزء الثالث من سلسلة الحمل والشغف)كاملة*إضافة الرابط (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          117 - توأم التنين _ فيوليت وينسبير ج2 شهر عسل مر ((حصرياً)) -(كتابة /كاملة بالرابط) (الكاتـب : SHELL - )           »          عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          دموع أسقطت حصون القصور "مكتملة" ... (الكاتـب : فيرونا العاشقه - )           »          عشيقة الإيطالي (1) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة

Like Tree35192Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-18, 08:30 PM   #6751

ارميتاج

? العضوٌ??? » 362622
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,432
?  نُقآطِيْ » ارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond reputeارميتاج has a reputation beyond repute
افتراضي


انا كنت مسافرة ولسه واصله حالا فمقريتش المقتطفات لكن من خلال اخر التعليقات شكلها حتولع يا جدعان واهلا بالفصل السادس عشر بحلوه ومره سلام
للمبدعة ميشووو والرائعة فيتامين سي الي بتنعشنا دايما بمجهوداتها معانا ربنا يخليكو لينا يارب امين


ارميتاج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 08:34 PM   #6752

bochraa

? العضوٌ??? » 364442
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 426
?  نُقآطِيْ » bochraa is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور في الإنتظار على نار

bochraa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 08:42 PM   #6753

lina Aryam
 
الصورة الرمزية lina Aryam

? العضوٌ??? » 384296
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 486
?  نُقآطِيْ » lina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond reputelina Aryam has a reputation beyond repute
افتراضي

من لما قرأت المقتطفات و اعصابي مشدودة متشوقة كثير للفصل

lina Aryam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 08:48 PM   #6754

دلال عمر
 
الصورة الرمزية دلال عمر

? العضوٌ??? » 412525
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » دلال عمر is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور في الانتظار مبحمسة هلبا لمريا واستي لانهم بوجه المدفع اما البقية الله يستر

دلال عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 08:52 PM   #6755

Semsem50

? العضوٌ??? » 413517
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » Semsem50 is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظار على احر من الجمر

Semsem50 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 09:08 PM   #6756

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




الفصل السادس عشر



المدخل ~~


بقلم / رنين شوق

من آستريا إلى رعد

لي قلب ملئ حبا وودا
أنى له أن يعرف كرها وحقدا

فرحة وابتسامة كانتا دوما
على شفتي رسما خطا

والآن قد صرت للأحباب ندا
أواجههم وعيوني ترجو البعدا

في الماضي قد أحببت رعدا
والآن بات قلبي يتوقف نبضا

هلموا يا قوما كانوا ضدا
لعاشقة هربت لتسترجع حبا


*******

بقلم / sandra1sandros

من استي لرعد😍

في كل ليلة
اجلس امام مرآتي
امشط شعري الطويل لاجلك
اتعلم لم اقصه منذ رحيلك
واغدق العطر اللذيذ فوق نحري
خلف اذني
على معصمي
ثم استنشقه بعمق لاتلذذ به
واسال نفسي كل ليلة
ترى هل سيحب عطري هذا ام هذاك
اتعرف انها قارورة العطر العاشرة التي غيرتها
ام ربما العشرون لم اعد اذكر
فقد اغتسلت بعشرات العطور لاجلك
فانا يا حبيبي على الوعد كل ليلة
اقوم بكل طقوس العاشقين
اختار احلى الثياب
وادلل انوثتي كعروس
ثم اجلس في سريري المفرد
اتذكر تفاصيلك بشغف عاشقة
لم تعرف الحب الا معك وبين يديك
عاشقة تؤمن ان الحب مرة واحدة
لكنها تستمر الى الابد
ويظل بعدها القلب يواصل عيش تلك اللحظة
مرارا وتكرارا بلا ملل ولا امل
لكنه يبقى يواصل
انتظرك رغم كل شيء
لانني لازلت اوؤمن بك
واعلم يقينا
انه ان كان لنا لقاء اخر خط في لوح القدر
فهي مجرد مسألة وقت
اتعلم لماذا يافارسي الاثير
لانني ببساطة لازلت أؤمن بعصر الفرسان
ولازلت اصدق ان الرجل كلمة ووعد
وان فارسي الذي عشقته لن يخذلني
فقلبي لايزال يؤمن بوعود قطعتها شفتاك
على هذا الوعد ياحبيبي
بعثرت عمري في محراب عشقك
وعلى هذا الوعد يافارسي
قلبي سيمضي ويواصل


**************


ساد الصمت المميت المكان والنظرات الحائرة تنتقل بين الواقفة

عند الباب والخدوش في وجهها والدماء الجافة غطت أغلب تلك

البشرة العاجية ودموعها قد بدأت بالنزول من عيناها المتورمتان

من كثرة البكاء ... انتقالا للواقف متسمرا مكانه ينظر لها نظرة

من عاد ميته للحياة مجددا ولم يستوعب بعد بأن ذاك الميت يقف

حقا أمامه درجة أن عجز حتى عن الحركة فقام بأبسط ما استطاع

فعله أن رفع ذراعيه لها هامسا بصوته الرجولي العميق

وعيناه تمتلئان ببطء بدموع الحسرة والندم والشوق رغم تلك

الابتسامة الطفيفة التي زينت شفتيه المتصلبتان

" آستريا لرعد يوما ما "


فانطلقت الواقفة هناك راكضة نحوه ... من عاشت تلك العبارة

في قلبها لأعوام طويلة بل لما يقارب العقد والنصف تحلم في كل

ليلة بأن تسمعها منه مجددا بأن تراه وإن من بعيد وبأن تشبع

عيناها المشتاقة له .. ارتمت في ذاك الحضن الذي عاشت على

ذكراه تمني نفسها به في نومها وصحوتها تعد قلبها المشتاق

بأنها لن تعرف سواه بأن لا تنام على غير تلك الأضلع فيه ،

كانت أصابعها تقبض على قميصه بقوة تدفن تلك لدموع والعبرات

وسط صدره حيث دفن ذاك العهد بينهما وللأبد وحيث أقسم لها ذات

مرة أن لا تعرفه امرأة غيرها .. لن تختبر دفئه وحنانه أي النساء

عداها ولن تلتف تلك الذراعان القويتان حول جسد أنثى قبلها ولا

بعدها يشدها له بقوة عبر فيها عن كل ذاك الشوق .. عن سنوات

الفقد والحرمان من كل شيء فيها .. عيناها ابتسامتها صوتها

ضحكاتها الرقيقة وحتى أحرف اسمه التي خرجت يوما من شفتيها

ولم يشعر بعدها بأن لاسمه معنا وقد بات مجرد كلمة خاوية جوفاء

فقدت معنى ارتباطها بحياته ، ضمها بقوة يدفن وجهه في شعرها

المموج بنعومة وكثافة فريدة من نوعها .. دفن فيه دموعه الصامتة

التي لم يفكر في احتجازها أبدا بل ترك لها العنان تعبر عن احتراق

كل تلك السنين في جوفه .. عن الحب والفقد والفراق الطويل وألم

الاشتياق الذي لا نهاية له وأصابعه تخترق تلك الخصلات يضم

رأسها لعنقه أكثر وأغمض عينيه بقوة متنهدا بعمق فها قد خرجت

تلك النيران المشتعلة في قلبه من أعوام .. خرجت من صدره أخيرا

ورحمته ، خرجت في دفعات الواحدة تلحقها الأخرى هامسا

" آآآه يا قلب رعد ... ليتك تعلمي فقط كم يحترق في جوفه "

تمسكت ذراعاها بعنقه أكثر وهمست بعبرة تقطعت لها القلوب

" تأخرت عني يا رعد ... تأخرت كثيرا "


مشهدا أبكى ثلاثة أشخاص حولهما وعبث بمشاعر الاثنان الآخران

رغم أنهما لم ينشغلا بمشاهدته مثلهم وأحدهما والجالس مقيدا بذاك

الكرسي ينظر للآخر والواقف عند الباب الذي دخل وتلك الفتاة منه

والذي كان نظره على الواقفة قربهما هناك تمسح دموعها التي

ترفض التوقف ... نظرة لا يستطيع فهمها سوى رجل مثله عرف

معنى أن يحب وأن يجرح التي وحده من يشعر بجراحها قبلها ..

من قد دمره فراقه لها قبل أن يدمرها هي ، فها هو يجمع شتات

من حولها بالتعاقب .. هو وجهينة ثم رعد وحبيبته بينما يقف

هو وحيدا مكتفيا بالنظر للتي تبكي اجتماع الأحبة في كل مرة .


تنهد بأسى على حالهما الأكثر تعقيدا من مشاكل البلاد بأكمله

ونقل نظره لها حين تحركت خطواتها ببطء ناحية الذي تمسكت

أصابعها بكتف قميصه ودفنت وجهها في ذراعه تبكي معهما فهي

من يعلم معنى الفراق .. معنى الألم ومعنى أن تموت وحيدا بين

جدران ماضيك الباردة لا أحد يمسح دموع الشوق عن وجنتيك ...

يخبئك في حضنه الدافئ ويعدك بأنه لك وللأبد وبأن الموت وحده

ما قد يأخذه منك ليرحل به مجرد جسد فقط لأنه سيترك قلبه وروحه

معك مثلما سيأخذ شبيهاتها معه تحت التراب ويسرق كل واحد منهما

روح الآخر وللأبد ، بكت فراقهما وبكت اجتماعهما معا بل وحتى

لبكائهما فلن يفهم أحد مثلها شدة ما يمران به غير أنها طرف

وحيد في الحكاية كما ترى وليس مثلهما .

وما أن ابتعدت عنه مسحت على ظهره هامسة ببحة

" رعد اتركها ألا ترى جسدها والجروح فيه؟يكفي أنت تؤذيها هكذا "

ارتخت ذراعاه عنها حينها وأبعدها عنه وأمسك وجهها بيديه وقبل

جبينها بعمق مغمضا عينيه قبل أن ينظر لعينيها يحاول بأطراف

أصابعه مسح الدموع من وجنتيها المليئة بالخدوش هامسا

بابتسامة محب

" لن أسمح برؤية هذه الدموع مجددا آستريا "

ونزل بأصابعه لشفتيها ممررا ظهر سبابته والوسطى عليهما برفق

قبل أن يرفعهما لشفتيه وقبلهما فأنزلت نظرها حياء من الموجودين

هناك قبل أن ترفعه له مجددا قائلة بحزن وعبرة بكاء

" لم يمسسني أي رجل يا رعد ، شقيقك لم يترك أحدا يقترب مني

وكان من يحرسني بنفسه وقبله صديق شقيقك الكاسر والذي لولاه

بعد الله ما كنت أعلم ما سيحدث لي "

قبل جبينها مجددا وقال ناظرا لعينيها

" ما كان ذلك ليعنيني يا آستريا ، المهم أنك هنا وأراك أمامي

فلا يد لك في أي من ذلك "


لامس كفها يده التي لازالت تحتضن وجهها وقالت ونظرها معلق

في عينيه

" شقيقك أوصاني أن أخبرك أمرا "


مسح بكفه على شعرها قائلا

" اتركي الحديث عن كل شيء الآن فأنتي تحتاجين للراحة

ولمن يعالج جراحك أولا "

حركت رأسها برفض قائلة

" هو أوصاني بأن أقول ذلك ما أن أصل إليك وأمام الجميع "

نظر لها باستغراب فتابعت قائلة ونظراتها الدامعة معلقة بعينيه

" قال أمانتك وصلتك فأحفظ أمانتي حتى تصلني "

نظر لها بصدمة انتقلت منها سريعا للواقف عند الباب ومن

تحولت نظراته لغضب أسود يشد قبضتيه بقوة فركز نظره على

عينيه يحاول إخبار بأمر واحد فقط

( لا تكن فريسة سهلة له مجددا يا مطر )

وعلم فورا بأنه فهم الرسالة وقد استدار فورا وخرج ضاربا ذاك

الباب خلفه ونزل عتباته بخطوات كانت كفيلة بتحطيمها بل

وبإشعال الأرض تحتها وبالكامل .

" مطر "

توقف مكانه والتفت للواقفة في الأعلى ما أن وصله ذاك

الصوت الرقيق والذي كان ما يزال متأثرا ببكائها السابق ..
الصوت الذي كان كفيلا بإيقافه دون أن يقف مع عقله لحظة

تفكير واحدة وقد نظر لعينيها بصمت لازال يقاوم نفسه عن

فعلها وسحبها لحضنه لا بل حملها على كتفه والفرار بها من

عالم عائلة شراع صنوان بأكملها قبل هذا المنزل والمدينة .

" ما سبب ما قلت وقت دخولك ؟ ما الذي يحدث بينك وبين جبران ؟ "

نظر لها بصمت ولم يعلق فقالت بجدية تشد قبضتيها بقوة

بجانب جسدها

" لن أسمح لك بأذية شخص آخر من عائلتي وأعتقد بأنه

هذه المرة أيضا ليس غسق ولا ابنتها من تستثنيهما من

عدلك وانصافك "

لوح بيده بقوة وقد طفت نيران غضبه للسطح

" سأكون معك ومع ابنتك أكثر عدلا منه ولن يمسكني عنه شيء

إن فعل ما أتوقعه يا غسق ... لا شيء إلا موتي "

صرخت فيه من فورها

" يكفيك يا مطر ، بل يكفيني أنا من تشييع جثامين عائلتي ، قسما

إن مات بسببك أن ... "

قاطعها صارخا بحدة أكبر

" توقفي عن الدفاع عنه وعن رؤيته كفرد من هذه العائلة لأنه

لا يستحق دماء شراع صنوان التي تجري في عروقه وأمامك تري

ما فعل بشقيقه وحبيبته "

نفضت يدها قائلة بحدة والدموع تتصارع بين حدقتيها ورموشها

" ثمة حلول كثيرة غير الموت والقتل يا مطر ، لما وحده من

قررت تغيير سياستك ناحيته ؟ "

مد يده لباب السيارة المجاور لكرسي السائق وفتحه ونظر لها

وكأنه يخيرها بين أن ترحل معه الآن أو أن ينفذ ما قال فنقلت

نظرها بينهما قبل أن تنظر لعينيه قائلة بصدمة

" ما معنى هذا يا مطر ؟ تساوم بالأرواح ! "

ضرب الباب بقوة مغلقا له وقال بغضب مشتعل

" هذا لتفهمي من أي نوع هو ذاك الرجل الذي تدافعين عنه

ولازلت تنظرين له كشقيق لك ، لقد ساوم بك مقابل الفتاة

الثنانية وحرب الثنانيين إن كان يعنيك هذا ، ولن تفهمي قط

معنى ما قام به أيضا "

نظرت له بصدمة فتابع رافعا سبابته أمام وجهه قائلا بحزم

" قسما إن فعلها وخرجت قطعة سلاح واحدة من اليرموك لأيدي

المدنيين هناك لن يمسكني عنه سوى أن يكون أجله لم يحن بعد "

قبضت يديها لا شعوريا حين دار حول السيارة ووقف مقابلا لها

بعدما فتح بابها وقال بحزم ناظرا لعينيها الدامعة

" وقسما يا ابنة دجى الحالك أن يكون مصير أي رجل يفكر فقط

في أن يقترب منك الموت وعلى يداي "

ركب بعدها سيارته وغادر تراقبه نظراتها وعيناها السوداء

التي تسربت منها الدموع سريعا هامسة بأسى

" تأخرت يا مطر .... ليتك فقط لم تقتلني يوما ليموت تباعا

كل هذا لدي "

ثم نظرت حولها وتلك الدموع تسقي رموشها الكثيفة فهنا دفنت

كل شيء حتى غسق .. هنا دفنت مشاعرها وسنوات عمرها

وحيدة من دونه وقد علمها الفراغ أن تعتاد على أن تعيش من

دون سماع صوته .. أن تنسى ذكرى حضن الرجل الوحيد الذي

عرفته والأضلع التي تمنت أن قتلت وما حرمت يوما من النوم

والهذيان بينها ، التفتت للباب الذي خرجت منه تمسح عيناها

بقوة تحاول ترك كل ذلك خلفها وعدم الالتفات له وإن قتلها

ودخلت ونظرت للذي كان يجلس على الأريكة يداه تحضن

يدي الجالسة بجواره لا يتوقف عن تقبيل باطنهما وهي تراقبه

بعينين دامعة وقد دفن وجهه فيهما ولم يستطع إمساك نشيجه

الباكي حينها فسحبتهما منه وضمت رأسه لصدرها بقوة تشاركه

البكاء ، تكره مقاطعتهما وأن يحرما من أي لحظة يختاران مشاركتها

معا وكان عليها أن تفهم وأن تعلم ما الذي يجري وما معنى كل ما

قاله من غادر من هنا قبل قليل !

رفعت نظرها للأعلى فجأة ليقع على الواقف هناك منحن بجسده

على سياج السلالم يراقب ما يجري في الأسفل مبتسما قبل أن ينتبه

لها وفر حينها ضاحكا بصمت فحركت رأسها بيأس منه وكانت

تود اللحاق به وتوبيخه بما يستحق لكن ثمة من عليها زيارته

أولا فغيرت وجهتها لممر غرفة رماح والتي دخلتها دون أن

تطرق بابها ليقينها أولا من أنه لا يغير ملابسه وحيدا ولن يكون

نائما بالطبع وثانيا لأنها تريد التأكد مما تتوقعه وما وجدته عليه

بالفعل حينها وهي تقترب منه موليا الباب ظهره فالتفت لها سريعا

ما أن شعر بوجودها وقد قلب الصورة التي كانت في يده قبل أن

يدسها في الدرج مجددا وأغلقه فابتسمت بحزن ودارت حول

كرسيه حتى أصبحت واقفة مقابلة له وقالت بجدية

" لما تلاحق أطياف حبيبتك في صورة قديمة وليس يفصلها عنك

سوى أمتار قليلة يا رماح ؟ "

أشاح بوجهه عنها ولم يعلق فقالت بأسى

" لما لا تقدر معنى أن يكون أحدهم وفيا لك حتى الموت ؟

أن يحترم ذكراك وأنت بعيدا عنه وأن يخسر كل شيء من أجلك

وحتى سنوات عمره ؟ "

نظر لها ولعينيها الممتلئة بالدموع ... مشهد طمر خلف السنين

كمشاهد بكائها التي لم يروها مجددا إلا من وقت قريب فلم يتخيل

أن يراها تعانق وجنتيها وقت رجوعه من لندن وهو من لم يراها

ولا وقت وفاة والده رغم معرفته بأي ليال تكون تلك التي مرت

عليها وحيدة في غرفتها ... أمر جعل مطر شاهين يغادر منفاه

ولأول مرة ويدخل البلاد لليلة واحدة فقط ولساعتين زار فيهما

هذا المنزل فقط وتحديدا تلك الغرفة في الأعلى والجميع يقدر له

ذلك فهم كانوا سيخسرونها وللأبد بسبب هذيانها الباكي ليلا

تنادي والدها الذي رباها كالمجنونة ، قال بهدوء محدقا في

عينيها السوداء الواسعة

" توقفي عن تعذيب نفسك بسببنا يا غسق .. يكفيك قتلا

لروحك الجميلة شقيقتي "

حركت قبضتها نحو الأسفل قائلة بضيق

" افعل الصواب إذا يا رماح وأنصف تلك الفتاة وإن من أجلك

أنت وليس هي "

تنهد بعمق وقال

" لا أريد أن أظلمها يا غسق ، لما ترفضين فهم.... "

قاطعته بغضب

" لما لا تفهم أنت معنى ظلمك الحالي لها ؟ أي ظلم هذا الذي

ستعيشه أسوء مما تراه الآن وها أنت بعدما لحقت بك إلى هنا

ستغادر لحوران وتتركها "

قال ببرود

" وانقلي عملها ووالدتها وشقيقها لحوران فلن يصعب ذلك

عليك وأنتي زوجة رئيس البلاد "

صرخت فيه فورا

" رماح أنا لا أمزح "

قال بضيق

" ولا أنا أمزح أيضا حين أقول أنه على جهينة أن تحكم عقلها

وأن لا تضيع عمرها خادمة لي "

قالت بضيق مماثل

" أنت يمكنك السير يارماح لو أردت ذلك "

قال بجمود محدقا في عينيها

" وإن لم يحدث ذلك يا غسق ؟ ماذا إن حدث العكس وفقدت

حتى القدرة على الوصول للحمام قبل أن أتبول على نفسي كالأطفال ؟

ماذا إن فقدت القدرة على ممارسة حياتي معها كزوجين طبيعيين ؟

ما الذي ستتحول له حياتنا حينها وأي ثمن ستدفعه تلك الفتاة ؟ "

أبعدت نظرها عنه مغمضة عينيها لبرهة وتنفست بعمق وكأنها تحاول

طرد التفكير في ذلك من عقلها قبل أن تنظر له مجددا قائلة

" حررها منك حينها ولا تكتب التعاسة لكليكما بسبب فرضيات

الله وحده يعلم صحتها من عدمها "


علق من فوره وبسخرية

" احررها كيف بالله عليك يا غسق وبعد ماذا ؟ اتعطي أحدهم

الماء على الظمأ وتحرمه منه من قبل أن يرتوي ؟ لا وتريد منه

أن يرميه بنفسه لأنه لم يعد يمكنه الشرب منه ؟ لعبة هي يا غسق
أتزوجها ثم أرميها "


قالت بإصرار

" لكنها تحبك يا رماح "

شد قبضته فوق ذراع كرسيه وقال بحزم

"وأنا أحبها لكن الذي يحب يضحي من أجل حبيبه إن كان

يحبه فعلا "

لوحت بيدها صارخة برفض

" أنت لا تضحي من أجلها أنت تضحي بها ، أنت تتركها تموت

بالبطيء ... لست أعلم شخصا يضحي بمن يحبه من أجله !

هذا لا يستوعبه عقل "

قال بجدية محدقا في عينيها

" إن كنت تحبين رجلا وعلمت بأن بقائه معك معناه أن يموت

وتفقديه للأبد أكنت تضحين به من أجله أم تخسريه وللأبد وليس

أنتي فقط بل وجميع من يحبونه ويحتاجون له "

قالت بضيق

" لا تخلط الأمور يا رماح فجهينة لن تموت وهي معك بل من دونك ،

لما تنظرون للأمور بطريقة غريبة أنتم الرجال ؟ لو كنت كما تقول

أحب رجلا وكان مثلك الآن سيتركني كي يحميني منه أو من نفسي

أو مستقبلي معه أو حتى الموت كنت سأرضى بالموت دفعة واحدة

على تركي أموت بالبطيء ودون رحمة "

تنهد بعمق وقال

" في هذا تناقضين نفسك يا غسق ! كنت لترضي أن تموتي ولا

أن يضحي الرجل الذي تحبين بك ولن ترضي بالتأكيد أن يموت

لأنه رفض تضحيتك ! "

كانت ستتحدث والضيق في ملامحها الجميلة يزداد حدة فسبقها

قائلا بأسى

" غسق يكفيك عتابا لي اقسم أنك تؤذينني بغضبك مني يا شقيقتي

ومعاملتك لي كنكرة "

قالت من فورها وبحزم

" بل ولن تراني أبدا إن بقيت على عنادك هذا "

قال بصدمة

" غسق أن...... "

قاطعته من فورها وبحزم

" اقسم بالله يا رماح أن أفعلها ولن يقابل وجهي وجهك حتى أموت "

صرخ مستنكرا

" غسق !!! "

فنظرت له بعناد وإصرار ولم تتحدث فقال بضيق

" تجبريني على ما لا أريد مثلا يا غسق ؟ أترضين بهذا لنفسك

أم ترضي بأن تفرضي على رجل بالإكراه "

قالت بضيق مماثل

" توقفوا عن التمثيل بي وعن محاصرتي بهذه الحجج الواهية

يا رماح "

تأفف وقال بحدة

" لن تلومي إلا نفسك إن لم تنجح حياتنا يا غسق بل وأنا أيضا

سألقي باللوم عليك فتذكري هذا جيدا "


قالت ببرود

" موافقة "

حرك رأسه بيأس منها فمدت يدها له بصمت ونظر لها هو باستغراب

فقالت بجمود

" أعطني هاتفك "

تمتم ببرود رافض

" وأين هاتفك أنتي ؟ "

قالت من فورها

" ليس معي ولن أترك هذا المكان حتى أتصل بها ونحدد معهم

موعدا فأنا لا أثق بك "

تنهد بضيق وأخرجه لها من جيب بنطلونه فأخذته منه فورا وكتبت

رقمها فيه وما أن اتصلت ظهر أنه مسجل لديه وباسم (حبيبتي دائما)

فنظرت له تزم شفتيها بحنق وأبعد هو نظره عنها بضيق فتجاهلته

ووضعت الهاتف على أذنها وقد أجابت من في الطرف الآخر

فورا قائلة بهمس ولهفة

" رماح !!! "

نظرت بضيق للذي كان ينظر لها وقالت

" بل أنا غسق يا جهينة وأردت أن تحددوا لنا موعدا لنزوركم "

لم تخفى عليها السعادة في صوتها وهي تهمس مجددا

" الأفضل أن تحدثي والدتي يا غسق فقد لا يعجبها أن يكون

ذلك من خلالي "

قالت من فورها

" أجل معك حق سأتحدث معها بهاتفي وسيتحدث رماح مع شقيقك

فيما بعد فعلينا أن نتم الأمر قبل انتقالنا من هنا "

وصلها ذاك الهمس المصدوم سريعا

" تنتقلون من هنا ؟ "

أبعدت نظرها عن الجالس أمامها وقالت

" أجل لحوران وفي أقرب وقت وسنتحدث أكثر فيما بعد فالأمر

يطول شرحه "

همست تلك بتردد

" وكيف هو رماح ؟ "

نظرت له مجددا وقالت

" تتصلي بي يوميا لتسأليني فقط هذا السؤال وفي كل مرة أقول

لك أنه بخير وها هو جالس أمامي بكامل قواه العقلية حتى الآن "

أشاح بوجهه عنها متنهدا بضيق على ذاك الصوت الهامس بحياء

" وداعا الآن إذا .... "

فقالت وهي تبعد الهاتف عن أذنها

" وداعا ... أراك قريبا "

مدته له بعدها فقال ببرود وهو يأخذه منها

" أنتي راضية الآن ؟ "

قالت مغادرة جهة الباب

" بالتأكيد وستشكرني يوما ما "

خرجت من عنده مغلقة الباب خلفها وعبرت الممر عائدة من

حيث جاءت حتى كانت في بهو المنزل ووقع نظرها فورا على

الجالس هناك وحيدا هذه المرة يتكئ بمرفقيه على ركبتيه وينظر

للأرض فقالت تنظر حولها

" أين هي آستريا ؟ "

قال ولايزال ينظر للأسفل

" أوصلتها الخادمة لغرفتي لتستحم "

قالت باستغراب

" غرفتك !! "

رفع نظره لها وقال

" أجل غرفتي "

قالت من فورها

" ولما غرفتك ؟ "

استوى في جلوسه وقال هو باستغراب هذه المرة

" أين إذا لغرفة رماح ! أم عمتي ؟ هي زوجتي يا غسق "

قالت بجدية

" أعلم أنها زوجتك لكن غرف المنزل كثيرة وما بينكما سنعده

عقد قران فقط ولن تتزوجا هكذا "

كان سيتحدث فسبقته قائلة بحزم

" هي تتزوج للمرة الأولى ومن حقها أن تحتفل وتحضى بزواج

كغيرها ، ثم أنت أول عربي يتزوج من ثنانية أتريد أن تتزوجها هكذا ؟
ولا تنسى مكانتك أيضا كعضو في البرلمان الحاكم للبلاد "

قال بجدية

" وبسبب الأشياء الذي ذكرتها جميعها علينا أن لا نحيط أنفسنا

بكل تلك الشوشرة خاصة بعدما علمته منها "

نظرت له باستغراب قبل أن تتذكر ما كانت تريد سؤاله عنه

أساسا فقالت

"ما هذاالذي بين جبران ومطروتحدث عنه ويبدوا بأنك تعرفه جيدا؟ "

نظر لها بصدمة تتنقل نظراته بين حدقتيها السوداء الواسعة قبل يقول

بصوت منخفض

" الحكاية قديمة يا غسق ولا جدوى من نبشها الآن "

نظرت له باستغراب لم تفق منه قبل وقت هامسة

" عن أي حكاية قديمة بينهما تتحدث !! "

تلكك بصدمة قبل ان يقول

" عما تتحدثين أنتي وما أخبرك ؟ "

قالت من فورها وبريبة

" عن اليرموك أتحدث فعما كنت تتحدث أنت ؟ "

قال بعد برهة تفكير للفكاك من ذاك المأزق

" عنها كنت أتحدث أيضا فقد طلبها شقيقك مقابلا لآستريا ، هكذا

قا..... "

قاطعته قائلة بحزم

" رعد حكاية اليرموك سيكون عمرها يومان فقط فعن أي حكاية

قديمة بينهما ما تتحدث "


أبعد نظره عنها وقال

" لا شيء "

قالت بضيق ودون أن تعطي عقلها أي مجال للتفكير في أمور

تكره مجرد الخوض فيها

" ر عد لا أعرفك تكذب أبدا فتفعلها الآن من أجل أي منهما ؟ "

نظر لها وقال ملوحا بيده بضيق

" يمكنك أن تسأليه واعفني من كل هذا يا غسق "

نظرت له بصدمة هامسة

" لم تنكر ذلك يا رعد !! "

أشاح بوجهه جانبا يقبض أصابعه بقوة وكأنه يكتم غضبا

مدفونا لم يشعرها سوى بالنيران المدفونة أيضا في جوفها

تستعر مجددا فتركته راكضة جهة السلالم وصعدت فورا ولم

تشعر بنفسها إلا وهي في غرفتها تتكئ بظهرها على الباب الذي

أغلقته للتو خلفها تنظر للفراغ بتشتت تتنفس بقوة وصعوبة

عيناها قد لمعتا بغضب مكتوم وضياع أوصل قلبها لأقسى درجات

العذاب وجفناها بدأ يشوبهما ذاك الاحمرار الخفيف من حبس كل

ذلك فيهما ووحش الماضي يهاجمها وبشراسة

) لمن هذا المنديل يا غسق تكلمي (

) " تريدين معرفة السبب يا غسق ؟ معرفة ما بي وما ذنبك أنتي ؟

تريدين فتح الجراح وكشف الحقيقة المرة ؟ "

رمى يده بعنف وصرخ أكثر لا يفصله عنها سوى جسد جوزاء

التي تمسك به بقوة ليبتعد

" ما رأيك برجل طعن في كبريائه وكرامته ؟ ماذا تتوقعين من

رجل انتظر امرأة لأعوام وعاش لها فقط لا ينظر ولا بطرف عينه

لامرأة أخرى ليأخذها منه غيره وليكتشف أنها فضلت غيره عليه ,

امرأة داس على كرامته من أجلها تنازل من أجلها ... عشقها

سمعتي عشقها هي وحدها ليكتشف أنها لغيره أنها باعته بأرخص

منه أنها تلاعبت به أنها تخطط للزواج من غيره وأنها لم تستحق

عمره الذي أضاعه ينتظرها )

أمسكت رأسها بقوة وذكرى صوت جبران تحديدا تهاجمها تباعا

( بل لي .. أنتي لي يا غسق ومرجعك عندي أنا , أنا وحدي من يحبك

وستري ذلك بأم عينك وسيتخلى عنك ذاك المغرور وبدون سبب لأنه لا

يفكر إلا في نفسه لا يحب إلا نفسه ولا يعطي شيئا ولا حتى مشاعره ,

هو كالموت يأخذ فقط )

(جبانة أنتي تخافين منه ... تحميني وتحمي والدي فقط أنا متأكد من

ذلك فلا تخشي شيئا وقولي فقط أنك تريدين ترك ذاك المكان وأنا

مستعد لإخراجك من هناك مهما كلفني الأمر وسندبر ذلك سويا ,

قوليها هيا ولا تخشي شيئا يا غسق)

( " أحبه يا جبران وإن قتلني لا يمكنني إلا أن أحبه يا شقيقي "

" كذب هي لم تقل ذلك وسيطلقها وسترجع لي , لي أنا وحدي

وإن قتلته أو أموت من أجل ذلك " )

توجهت للطاولة وضربت كل ما عليها صارخة برفض ولم يتوقف

الأمر عند ذلك فقط بل كل ما طالته يداها مثلما عادت تلك الذكرى

لتحطيمها من الداخل

( هو أوصاني بأن أقول ذلك ما أن أصل إليك وأمام الجميع ...

قال أمانتك وصلتك فاحفظ أمانتي حتى تصلني )


( لقد ساوم بك مقابل الفتاة الثنانية وحرب الثنانيين إن كان يعنيك

هذا ولن تفهمي قط معنى ما قام به )

( هي لم تخني يوما .... بل هي لا تعرف الخيانة ووحدي من

كنت أجرحها بذلك )

( ومطر شاهين يحبك .... يحبك يا ابنة دجى الحالك)

ضربت التحفة الخزفية في صورتها في مرآة الخزانة بقوة حولتها

لأشلاء صارخة بقوة ونزلت على الأرض تتكئ بظهرها على

خشب مقدمة سريرها وحضنت ركبتيها بقوة تدفن وجهها فيهما

حين وصلها صوت الذي كان يطرق الباب بقوة صارخا

" غسق توقفي عن إيذاء نفسك ولا تنسي حديث والدي الأخير ....

غسق لا تنسي الوعد الذي قطعته له "

فضمت ساقيها أكثر وأغمضت عيناها بقوة هامسة بصوت
مرتجف يائس

" أبي ... ليتك فقط أخذتني معك "

*
*
*



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 09:11 PM   #6757

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


*
*
*

نظر حوله ولحركة الضيوف الفوضوية وكلماتهم المتداخلة

والبعض يبدوا فكر جديا في مغادرة الحفل ، لم يكن يهتم بكل ذلك

ولا بأن يحاول تهدئة الوضع كما يفعل باقي أفراد عائلته بل كانت

نظراته تبحث عن التي كانت واقفة بجانبه واختفت فجأة دون أن

ينتبه لها في غمرة انشغاله بما كان يجري ، تحرك في المكان

بعشوائية هامسا

" زيزفون "

وكأن ندائه الهامس ذاك كان سيصلها أينما كانت وهو لا يراها

بين كل أولئك الحضور أينما تحرك ! نظر جهة التي يبدوا بأنها

وجدت فكرة ما للملمة تلك الفوضى حين صعدت على أحد الكراسي

ومنه للطاولة الملاصقة له وأخرجت من حقيبة فستانها مايكرفون

يدوي يعمل بالبطاريات على ما يبدوا وذهبي اللون وكأنه قطعة من

شعرها المجموع في لفافات جميلة وأنيقة حول وجهها الصغير وظهر

فستانها الانيق للعيان بوضوح حينها وكان من قماش الدانتيل

الأبيض مبطن بقماش أسود ويلتف حول خصرها حزام من القماش

الحريري الأسود أيضا لينزل بهيئة عقدة كبيرة خلف ظهرها وله

ياقة مربعة الشكل وأكمام من الدانتيل وصل طولها لمرفقيها وقد

زين عنقها عقد من الكريستال الأسود كما القرطين الطويلين في

أذنيها لتصبح كدمية عرض صغيرة وجميلة ، شغلته أولا بكبسة

زر صغيرة ليلفت صوت طنينه الموجودين جميعهم وقد قالت

مبتسمة ما أن قربته لشفتيها

" حسنا سيداتي سادتي لما تجعلون ما حدث يفسد حفلتنا ؟

كل ما في الأمر أنه شاب أخذ حبيبته من بين الرافضين لهما ...

أليس الأمر رائعا ؟ "

وقد نجحت فعلا في سرقة انتباه الجميع وهي تتابع ونظرها ينتقل

بينهم ببطء وبذات ابتسامتها المشاكسة الجميلة

" ثمة أخبار أخرى رائعة ومميزة فهل أنتم مستعدون لها ؟ "

حرك رأسه متنهدا بعجز من أفكار تلك المجنونة وها هي يبدوا

أنها ستكشف عن مفاجأة تخبأها لشخص ما هنا يعرفه جيدا وكما

توقع كل واحد منهما يدبر أمرا ما وهذا سبب وجود تلك الفتيات

حوله بالتأكيد ، في ظروف أخرى كان ليهتم بمعرفة ما يخبأه كل

واحد منهما للآخر لكن الآن عليه أن يجد ضالته أولا والتي ما

كان عليه أن يغفل عنها ويتركها تختفي هكذا فجأة ! تحرك من

مكانه مجتازا بعض الضيوف ليلفت انتباهه التي وقع نظره

عليها خارجة من جهة باب الشرفة ولم تكن سوى .... جيهان ،

فنظر حوله للمرة الأخيرة قبل أن يلحق بها مسرعا فها قد علم

إلى أين ستكون توجهت زيزفون .


*
*
*


بالكاد كانت تستطيع مجاراة خطواته وهو يخرج بها من تلك

الشرفة حتى أنها كادت تقع في عتباتها الجانبية المرتفعة ولم يهتم

ولا بالالتفات لخطواتها المتعثرة سائرا بها جهة الحديقة المحيطة

بذاك القصر حتى اختفت أبوابه ونوافذه خلفهما وأدارها حينها

موقفا لها على جذع الشجرة أمامه ونظر لعينيها تتلقف أنفاسها

بلهاث نظرها على عينيه الغاضبة وقد أسند يده على الجذع خلفها

وقال بحدة مشيرا بسبابة يده الأخرى لما تركاه خلفهما

" أيعجبك ما أوصلتنا له مارياا ؟ أهذا ما تريدينه لي ؟ "


" أ...... "


أغمضت عينيها مجفلة حين صرخ مقاطعا لها

" لماذا تغلقين هاتفك الأحمق ؟ لما لا تجيبين على اتصالاتي ؟

ما حركات الأطفال تلك مارياا ؟ "

صرخت فيه فورا وبالمثل

" لا تنفث غضبك منهم بي "


ضرب كفه على الجذع الخشن متجاهلا الألم الذي خلفه فيه صارخا

" وغاضب منك أكثر منهم "

نظرت له بصدمة وما أن حاولت التحدث صرخ مسكتا لها

" لا تدافعي عن أي منهم أمامي مجددا مارياا ، لا تعطيهم فرصة

استغلالك ضدي لأني سأنفيك من وجودي معهم حينها "

وتابع مشيرا بإصبعيه السبابة والوسطى أمام وجهها

" طريقان هما فقط ماريا .. أحدهما فيه أنا ولوحدي والآخر لهم

ولا نجتمع أبدا أتفهمين هذا ؟ "

همست بحزن ناظرة لعينيه الغاضبة

" وحين كنت أنا في أحد طريقين اخترت أنت الآخر "


حرك رأسه برفض قائلا بحدة

" لا تقارني مارياا "


قالت من فورها وبضيق

" بلى فأنت ترفضهم بينما تركتني عندهم وأقحمتني في عالمهم

ولم تمانع ! "

صرخ بحرقة

" هم لم يقتلوا والدتك ماريا "

صرخت بالمثل والدموع تملأ عينيها

" بل قتلوني أنا ... جميعكم قتلتموني وحتى أنت أيضا ... تركتموني

للأسوأ من المرض لأعوام طويلة ، ذبحتم روحي وماذا أيضا ؟

عليا أن أرضى وأتأقلم وأعيش كما تريد أنت وحيث تأمر .. حتى

أنك لا تجد لي مكانا في حياتك "

مرر أصابعه في شعره بقوة متأففا وقال بضيق ناظرا لحدقتيها

اللامعة بقوة

"سبق وتحدثنا عن هذا إن نسيت ماريا وأنتي وافقت على انتظاري "

همست بأسى محدقة في عينيه

" ذاك كان قبل أن اكتشف بأنه لك حبيبة "

رمى يده جانبا قائلا بحدة

" ليست حبيبتي ... توقفي عن التفوه بالحماقات ماريا "

صرخت من فورها والدموع المتحجرة في مقلتيها تزيد تلك

الأحداق الذهبية لمعانا

" وماذا تكون إذا التي تجيب على هاتفك منتصف الليل وأنا لم

أراه يوما ؟ من تكون التي تدخل منزلك وتراها كل ليلة بينما

ترمي بزوجتك في منزل من تكره حتى رؤيتهم ؟ من تكون يا تيم

التي تجد لها وقتا في ظروفك وحياتك وعملك بينما أنا لا .... من ؟ "

لوح بيده أمام وجهها قائلا بضيق

" سبق وشرحت مارياا فهل سأعيد وأكرر كالببغاء لأن سيادتك
ترفضين الفهم ؟ "

مسحت عينيها بقوة رافضة أن تنزل تلك الدموع وقالت بضيق مماثل

" لماذا أتيت إذا ؟ ألم تختار مهمتك المنافية للأخلاق وما ربتك

والدتك عليه وتركتني ؟ فما جاء بك هنا وتلقي باللوم علي ! "

تحول مزاجه للبرود فجأة وقال بابتسامة ساخرة

" جئت لأرى اختيارك الأقسى ماريا ... أعلمت لما أتيت ؟ "

قالت من فورها محتجة

" أنا لست في صفهم فتوقف عن اتهامي بهذا فأنا أكثر من

عايش معاناتكما ورفضت أن أساعد والدك حين طلب مني ذلك

وعمتك اليوم أيضا وقبلهما عم والدتي وسأرفض ذلك دائما "

وتابعت بأسى وقد عادت تلك الدموع للتمرد على مقلتيها مجددا

محدقة بعينيه السوداء الحادة

" لأني لن أنسى أبدا موت والدتك أمام عيناي تمسك بيدي تذكر

اسمك حتى لفظت أنفاسها الأخيرة توصي عليك طفلة أصغر وأقل

حيلة منك ، وما منعتك الآن عن قتل تلك المرأة إلا من أجلك ومن

أجل مستقبلك وآمال والدتك فيك ووصيتها لي قبل موتها "

زمت شفتيها تمنع شهقتها الباكية من الخروج تقاوم دموعها كي

لا تنزل وهي تراقب ملامحه التي أشاح بها عنها وهاهو يحاول مجددا

إخفاء ألمه ... إخفاء ما وحدها يمكنها رؤيته من خلف جمود ملامحه

وقسوتها .. من خلف قناع بروده الدائم ولامبالاته فخلف كل هذا

يوجد فتى عمره ثلاثة عشر عاما لازال ضائعا في شوارع قرية

حجور فارقته والدته وتخلى عنه الجميع واتهم في شرفه وأخلاقه

واضطر للاعتراف بذنب لم يكن يعرف ولا طرق اقترافه .. لازال لم

يجد وطنه ومأواه والدواء لجراحه المدفونة خلف الماضي يرفض

أن يكون من تخلو عنه هم السبيل لذلك وها قد أغلق الطريق

أمامها أيضا .

تابعت ببحة تنظر لملامحه التي يشيح بأغلبها عنها

" هذا لا يعني أني أقف في صفهم فأنت من فرض عليا هذا حين

اخترت لي عالمهم عنك "

" هشششش اسكتي ماريا "

نظر لها وقد أسكتها ممررا سبابته على شفتيها قبل أن ينزل بها

لذقنها وأدارها حوله ورفعه بإبهامه ليرتفع وجهها له ينظر لها

بعينان غزى جمودهما لمعانا غريبا بل كان مؤلما لها أكثر من

دفنه هو له فتصاعدت ضربات قلبها حد الصخب وحد أن فقدت

السيطرة على أنفاسها فها هو المشهد ذاته في غرفتها سابقا يتكرر

الآن وها هو يختارها مجددا للهرب من عواصف تلك الذكريات ومن

غضبه وألمه وجراح كبريائه العنيد ، أغمضت عينيها دون شعور

منها حين شعرت بملمس تلك الشفتين ... الشعور الذي أرجف

جسدها بقوة واندفع الهواء لصدرها في شهقة خفيفة أرجفت

شفتيها قبل أن تنقض عليها تلك الشفتين وقد اختفى أسلوب الرقة

من قبلاته هذه المرة وهو ينتقل بها من الخشونة للعنف وقد بدأت

تشعر بحواف خشب الجذع الضخم خلفها وكأنها تخترق لحم ظهرها

حين ألصق جسده بها فشدت أناملها لا شعوريا على كتف سترته

لا يمكنها مجاراة تلك القبلات ولا إن فكرت في فعلها بسبب تتاليها

وخشونتها يردد من بينها تلك الكلمات اليونانية ذاتها وبأحرف

متقطعة وبحة رجولية عميقة موصلا بهمساته الدافئة تلك

مشاعرها للجنون وإن لم تفهمها وكأنه يختبر قوة صمودها أمامه

حتى في أوج شغفه العنيف ودون رحمة .

وما أن ابتعدت شفتيه قليلا سامحا لأنفاسها بالتعاقب لرئتيها دون

أن يقطعها بقبلة مجنونة جديدة ككل مرة همست بصعوبة مغمضة

عينيها برفق وأصابعها تترك سترته ببطء وبشفاه مرتجفة ما أن

عاد لتحريك شفتيه عليها مداعبا برقة هذه المرة

" تيم أنت تؤلمني "

ارتخى جسدها المتصلب حين أبعد جسده عنها ببطء وفتحت عينيها

ونظرت له ما أن شعرت بملمس يديه وأصابعه على جانبي وجهها

وقد رفعه له أكثر مواجها له وأنفاسه تخرج متعاقبة قوية بالكاد

تستطيع أضلع صدره العريض احتوائها لتفلتها من جديد بزفير

قوي ، نزل بيديه لعنقها الناعم وكأنه لم يكتفي بعد من العبث
بمشاعرهما معا ومن هتك أسوارها الهشة أساسا وقرب وجهه

منها أكثر حتى تلامست شفتيهما مجددا وهمس بأنفاس متقطعة

" لنغادر من هنا ماريا "

أغمضت عينيها برفق تخفي الدموع فيهما تتنفس أنفاسه الدافئة

بنهم وكأنها تودعها للأبد وتخزنها في ذاكرتها وللأبد قبل أن يكشفا

جفناها الواسعان ببطء عن تلك الأحداق الذهبية الدامعة وقد غرست

أسنانها في طرف شفتها بقوة وقبلاته الصغيرة المتتالية تنتقل من

طرف شفتيها لذقنها الصغير فعنقها الناعم وهمست بخفوت وأحرف

بالكاد استطاعت اخراجها وأصابعها تلامس لا شعوريا فكه ونزولا لعنقه

" إلى أين يا تيم وحتى متى ؟ "

تكدست الدموع في مقلتيها أكثر حين توقف عما كان يفعل ورفع

نظره لها وحدقت فيها تلك الأحداق السوداء بصمت فهي تعلم بأنه

لن يجيب عن سؤالها ذاك ، وإن أجاب عن شطره الأول فلن يجيب

عن الآخر فكلاهما يعلم بأن الأمر لن يتعدى الساعات أو الليلة

ثم سيطردها من عالمه مجددا .

أغمضت عينيها بألم حين علا صوت رنين هاتفه في جيب سترته

وفتحتهما ما أن أدخل يده له وأسكت ذاك الرنين دون أن يخرجه

فرفعت نظراتها له وتلك الدمعة تتدلى من رموشها لوجنتها

المحتقنة بشدة وهمست بعبرة مكتومة محدقة بعينيه

" لما لا تجب على اتصالها ؟ أليست مجرد مهمة يفترض أن

نمزح ونضحك عليها ! "

رمى يده جانبا صارخا

" لا تتفوهي بالحماقات .... سحقا "

وتابع بحزم وقد أمسك وجهها بيديه ناظرا بقوة لعينيها الدامعة

" أنا من سيطلب منك الاختيار الآن ، إما أنا وظروفي أو لا شيء

ماريا .... لا شيء "

انسابت الدمعة الأخرى دون استئذان ولا أن تفكر في منعها ولازالت

محدقة بعينيه الغاضبة التي يفترض بأنها الملجأ لهمومها المتراكمة

عبر الأعوام .. من يفترض أن تفهمها دون أن تتحدث ومن سترفض

النظر لسواها وتحت أي ظرف أو سبب كان ... أن تنسى هموم

ماضيها بأكملها ما أن تنظر لها لا أن تكون عذابا جديدا لحاضرها

ومستقبلها ، همست بعبرة مكتومة لم تعد تستطيع ولا رؤية تلك

العينين من بين تلك الدموع وكأنها تقرر موتها

" بل .... أنا وحدي أو لا شيء "

تركت حينها يداه وجهها بحركة بطيئة وقال بتأن محدقا في عينيها

" تذكري إذا بأنك من قطع الجسر الوحيد بيننا ماريا "

وما أن أنهى عبارته تلك غادر من هناك وسار جانبا بخطوات

واسعة غاضبة يسكت مجددا هاتفه الذي عاد للرنين تتبعه

نظراتها الباكية تتنفس بصعوبة وشعرت حينها فقط بمعنى

اللقاء الأخير والوداع الأخير والقبلة الأخيرة بل وبفقدان آخر

آمالها في الحياة وها هي تسلمه لإمرأة غيرها في وقت هو أحوج

فيه لوجود واحدة بقربه ... تقول له أجل ارحل وابتعد لا أريدك

بعدما انتظرتك كل تلك الأعوام ودون يئس ، بعد أن اختبرت قربك

وهمساتك وقبلاتك ودفء حضنك .

انطلقت خطواتها لا شعوريا حيث اختفى تمسح دموعها بقوة

وكأن السنن تبعده عنها مجددا لتتركها راكضة خلف أطيافه من

جديد والماضي يعيد نفسه لكن بطريقة أقسى وأكثر وجعا هذه المرة .

وصلت للمكان الذي يركنون فيه سياراتهم أمام الباب الداخلي للمنزل

ووقفت مكانها تتلقف أنفاسها حين وقع نظرها على الذي فتح باب

سيارته للتو وقد التفت لها ما أن شعر بوجودها رغم انها كانت تقف

على مبعدة منه وكأنه توقع ذلك أو انتظره منها ينظر بهدوء لعينيها

الباكية والنسائم تتلاعب بخصلات غرتها البنية الناعمة أمامها وذاك

القماش الحريري الأحمر المتدلي من كتفها للخلف حتى الأرض يتحرك

مع الهواء جانبا مع حركة خصلات شعرها حول كتفيها تنظر له تلك

العينان الباكية بأمل كسير وحلم ميت ... بغربة وضياع تبحث

عنده عن كل ما يبحث هو عنه لديها بل وأكثر من ذلك بكثير .

طال الصمت بينهما كما طالت تلك النظرات الصامتة وتلك الدموع

المتعاقبة حتى تحول الأمر لشهقات مكتومة متتالية تعبث بحركة

صدرها بعشوائية واضحة فرفع يده ومدها لها بطول ذراعه

( أن تعالي ... )

وكأنه يخبرها بأن ذاك الجسر لم ينقطع بالفعل ولم يختفي للأبد

وها هو نصفه موصول والآخر لديك يضع الاختيار مجددا في

يدها فكيف ستختار بين الموت والموت ! كيف تختار بين أن

تموت بعيدا عنه أو أن يقتلها باقترابه المزيف ؟ تراه مع امرأة

غيرها وفي وجودها ولا تطالب بحقها فيه ! كيف هذا وبأي حق ؟

إن كانت نظرة لغيرها لن تقبل بها فكيف بعلاقة كاملة معها وأمام

ناظريها ! نقلت نظراتها الباكية من يده الممدودة لها لعينيه

المحدقة بها وزمت شفتيها تمسك عبرتها التي لم يعد لها سلطة

عليها تنظر لشفتيه الهامسة بخفوت

" تعالي ماريا "


فحركت رأسها ببطء ورفض ترفع نظرها لعينيه ببطء هامسة

أيضا وبعبرة

" ليس هكذا "

فقبض أصابعه حينها قبل أن ينزل يده يشد قبضته بقوة وقد

تغيرت نظرته لغضب خالطه شيء لم تفهمه وكأنه خذلان

وخيبة أمل .. بل وكأنه يقول لها

( أنا لا أعطي فرصتين متتاليتن لأحد وقد فعلتها معك الآن لكنك

لم تستحقي ذلك )

وظهر ذلك واضحا حين ركب سيارته ضاربا بابها بقوة وأدار

المفتاح فيها وهاتفه الذي عاد للرنين مجددا قد وضعه على

أذنه وقال وهو يتراجع بها للخلف

" أجل يا لوسي أنا قادم .... أعطني ساعة واحدة فقط "

وغادر من هناك صرير عجلات سيارته يسحق الأرض تحتها

بقوة لم ينظر مطلقا ناحية التي تركها خلفه باكية وقد قادتها

خطواتها حيث كان واقفا قبل قليل تنظر لسيارته المغادرة

بسرعة جنونية وصرخت خلفه باكية تشد قبضتيها بقوة

" لن تفهم مطلقا معنى هذا الذي أشعر به أبدا أيه القاسي ، لن

تحبك مثلي أبدا لكنها ستعلقك بها ثم سترميك خلفها "

وتابعت صارخة من بين عبراتها ولم تعد ترى شيئا بسبب

كل تلك الدموع

" أنا فقط .... فقط من تحبك ..... تحبك يا أحمق "

واستندت بإحدى السيارات خلفها تنزل للأرض ببطء صوت

بكائها وعبراتها ملأ صمت المكان حولها حتى كانت جالسة

على الأرض تتكئ على إطارها خلف ظهرها وضمت ركبتيها

بقوة تدفن وجهها وعبراتها فيهما .


*
*
*


ابتسمت بمكر حين وقع نظرها على الواقف بعيدا مع فتياته

الشقراوات وقد رفع لها إبهامه مبتسما لها ابتسامة تشبه

ابتسامتها فزمت شفتيها بعناد ورفعت ذقنها فلن يتوقع أبدا

ما تفكر في فعله مستحيل ... لَما كان ليسمح لها به فها هي

ستحاربه بذات السلاح الذي استخدمه ضدها سابقا وليري

الآن الجميع صدق كلامه ذاك وكيف سيحرر نفسه من حياة

العبث السابقة أو كيف سيجد لنفسه مخرجا ، نقلت نظرها بين

الذين كانوا ينظرون لها بترقب والجميع بات يتوقع العجائب

في هذا الحفل ... من شاب يشهر سلاحه ويطلق النار لفتاة

تصعد فوق الطاولة بيمكرفون يدوي يبدوا بأنها تخبئ لهم

مفاجأة من نوع مماثل ، قالت بابتسامة لعوب تقرب الميكرفون

لشفتيها أكثر

" ثمة هدية مميزة لصاحب الحفل تضاهي نجاحه الأول والفريد

من نوعه بالفعل "


فعم الصمت التام المكان والتفتت الأنظار لها أكثر فقالت بصوت

مرتفع وابتسامة أوسع

" سبق وعرض عليا مدير شركة الأجواء للطيران الجديدة

الزواج ولم يسمع رأيي وأنا الآن ابلغه موافقتي وأمامكم جميعا "

علت الشهقات المستغربة وعبارات التساؤل والدهشة والأنظار

جميعها تبحث عن الطرف الآخر في ذاك الخبر لتستقر عنده

وأولها نظرات الواقفة فوق تلك الطاولة مبتسمة بانتصار على

نظراته المصدومة فليريها الآن كيف سيخلص نفسه من ذلك

أو ينكرما تفوه به سابقا ، ولم تكن تعلم بأن ذاك الانتصار لن

يدوم طويلا وتلك الابتسامة تختفي بالتدريج ما أن ابتسم وتحرك

من مكانه راكضا جهتها والأنظار تتبعه ونظراتها المصدومة أولها

حتى وصل للكرسي وقفز فوقه وبقفزة أخرى كان معها فوق تلك

الطاولة ودون أن يترك لها مجالا ولا لتقفز هاربة منه وإن تكسرت

عظامها جذبها لحضنه وطوقها بذراعيه فورا محاصرا لها بينهما

وأخذ منها الميكفرون وتحدث هو هذه المرة ولازال يمنعها من

الحركة بذراعه الأخرى رغم لكماتها لظهره وقال بضحكة متألمة

ناظرا لأحدهم تحديدا

" ما رأيك عمي موافق ؟ "

ابتسم له ذاك من فوره مومئا بالإيجاب فنقل نظره جهة واحد آخر

في طرف أبعد قائلا بصوت مرتفع

" أبي ما قولك أنت ؟ "

فرفع له إبهامه مبتسما فعلا التصفيق الحار حينها وأفلتها من

قبضته لكنه لم يترك يدها التي أمسكها بقوة واقتربت منهما والدته

بعد إشارة منه ومدت له صندوق مخملي صغير فأخذه منها فورا
وفتحه بيد واحدة كاشفا عن الخاتم الماسي المكون من قطعتين

داخله ولف ذراعه حول رسغها كي لا تفلت منه وتنزل وأخرج

الخاتم ودسه في إصبعها سريعا واختلطت الصرخات بالتصفيق

وعبارات التهنئة فسحبت يدها منه بعنف حتى كادت تقع فأمسكها

من خصرها مثبتا لها واختطف قبلة سريعة من خدها هامسا بابتسامة

" مبارك لنا حبيبتي "

فمسحت خدها بعنف هامسة باشمئزاز

" وقح ولن تحلم بأن يكون هذا حقيقيا "

ضحك وما أن حاول إمساكها مجددا نزلت قافزة للأرض فورا

وتحركت من هناك تبعد بعنف الخصلة المتموجة التي نزلت على

وجهها وغادرت ووجهتها الباب فورا تجتاز كل ذاك الحضور

متجاهلة جميع أنواع تلك النظرات.


*
*
*


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 09:14 PM   #6758

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


*
*
*



شد أصابعه في قبضة واحدة على الباب الذي كان يطرقه من

وقت ودون فائدة ، لم يعد يسمع صوت تحطيمها للمكان ولا

صراخها الغاضب أي أنها هدئت على كل حال لكن هواجسه لن

تتركه أبدا حتى يتأكد من أنها بخير ، طرق الباب مجددا لكن برفق

هذه المرة وقال بصوت مرتفع لتسمعه

" غسق تحدثي على الأقل أريد أن أعلم فقط بأنك بخير "

وشد أصابعه يضغط أسنانه بقوة حين لم تجب وقال بحدة هذه المرة

" غسق قسما أتصل به الآن فهو لم يبتعد بعد وسيعرف كيف

يخرجك "

" أنا بخير اتركوني وحدي "

تنفس بقوة وضيق ناظرا للأعلى ما أن وصله صوتها الحانق

وغادر حينها فعلى الأقل هي بخير جسديا أما عقليا فبات يستبعد

ذلك وستفقد ذاك العقل قريبا دون شك ، نزل السلالم وهاتفه في

يده فسيخبره بما حدث في رسالة ولن يتحدث معه وهو لا يعلم

أين يكون الآن فقد يفقد ذاك الرجل صوابه ويبدأ في الصراخ

متجاهلا من حوله ، ثم هو ليس في مزاج لسماع توبيخه ويعلم

من أي نوع سيكون ذاك ، دس الهاتف في جيب بنطلونه وما أن

وصل للأسفل حتى علا صوت رنينه فتنهد متشهدا على نفسه

ودس يده في جيبه وتمتم ببرود وهو يخرجه

" جيد ... تعرف كيف تتصل فورا يا رئيس البلاد "

وما أن فتح الخط ووضع الهاتف على أذنه حتى سمع ما كان يتوقعه

" كيف علمت ؟ "

وكما توقع هو كان يتوقع ذلك خاصة بعد حديث جبران الذي نقلته

آستريا وفي وجوده تحديدا لكن ذلك لن يكون سببا كافيا وكلاهما

يعلم ، تنفس بعمق وقال

" لم أكن أعلم ما تحدثما عنه حين لحقت بك للخارج وما أن سألتني

ما الذي بينك وبين جبران أخبرتها فقط بأن الحكاية قديمة ولا جدوى

من فتح دفاترها الآن ولم أكن أعلم بأنها كانت تعني اليرموك ،

ورغم رفضي الإجابة عن أسئلتها فيما بعد إلا أنها فهمت الأمر

من نفسها وأنت تعرف عقلها جيدا لم يصعب عليها ربط الأمور

وفهم ماحدث "

وصله صوته الحانق فورا

" أخطأت يا رعد ، أماكنت تستطيع تمويه الأمر بأي طريقة كانت ؟

جراحها مني لم تشفى بعد ولازالت تتراكم ولا ينقص هذا أيضا بل

وأراه أسوء من كل شيء "

سند يده بسياج السلالم الذي يقف أسفله وتمتم ببرود

" لا أراه أسوأ من اعترافك بخيانتك لها مع غيرها وعلى الملأ "

صرخ فيه من فوره

" رعد لا ترمي بأخطائك على أفعالي "

لوح بيده قائلا بضيق

" أنا لم اخطئ يا مطر ولولا ما حدث قبلها ما كانت لتربط

الامور ببعضها مهما وصل مستوى ذكائها فجبران لعبها بطريقة

ناجحة وظهر غرضه الحقيقي وهو أن تعلم هي بما حدث في

الماضي دون أن يكون هو من أخبرها "

وصلته تلك النبرة الجادة فورا وأكثر ما يخشاه ويرهبه في ذاك

الصوت الجهوري المبحوح قائلا بحزم

" قسما يا رعد وها قد أقسمت ... شعرة منها فقط تلمسها أصابعه

أو غيره بسببه أن أنهيه من الوجود في لحظة فليس صعبا أبدا أن

أصل له وأقتله وهو في معقله هناك وجواسيسي وسط رجاله ،

وما تركتها عندكم هناك حتى الآن إلا لأن وجودها في منزلي فيه

خطر عليها حاليا لما تركتها بعيدة عن ناظري لحظة "

قال بضيق

" وما في يدنا ونتكاسل عن فعله يا مطر ؟ أنت تعلم بأن الاتصالات

بيننا مقطوعة وباختياره هو ، ولا تنسى بأنك سبق ووعدتني

بأن لا تقتله يا مطر ولا تنسى وعدك لوالدي أيضا فالجميع بات

ينسى ذلك كما أراكم أمامي "

قال بغضب محارب عنيد ممسكا سلاحه وواقفا في جبهة القتال

شعاره الانتصار أو الموت

" غسق خط أحمر يا رعد وشقيقك يعلم ذلك جيدا وإن فكر فقط

في استغلالها كما فعل مع آستريا وأخذها كرهينة ليساوم بها

قسما أن أقتله بيداي لا أن يفعلها أحدهم بأوامر مني "

نظر للهاتف بصدمة حين أغلق الخط في وجهه وشد أصابعه عليه

هامسا من بين أسنانه

" جبران يا كسرة أشقائك ويا حسرتنا حتى الموت "

ولم يستطع إخفاء تلك الحسرة في عينيه ولا المرارة في صوته

فهو شقيقهم رغم كل شيء بل وشقيقهم الأكبر ومن كان ذراع

والده اليمنى في صنوان قبل تلك الليلة التي دخلت فيها غسق

للحالك وأصبحوا يرون بعدها جبران آخر لم يعرفوه يوما حتى

أن والدهم طرده من منزله وتبرأ منه قبل موته وهو من لم يفعلها

سابقا وجميعهم كانوا يرون نظرة الحسرة والانكسار في عينيه

حين قال جبران عبارته الأخيرة تلك قبل أن يغادر بعدما طرده

( مثلما بعتني وأنا ابنك بمطر شاهين ستفعلها مدللتك بك أيضا

وتبيعك من أجله يوما ما لكني قاتله أو قاتلي قبل أن تفعلها حيا

كنت يا شراع صنوان أو ميتا )

فمن يمكنه لوم ابن شاهين فيما يقول ويهدد به وهو يحوم حول

زوجته وابنة عمه ويهدده علانية بل ويملك سر نسبها مثلهم

أيضا وإن فكر في إشهار تلك الورقة يوما ما سيضعف مطر

شاهين وبقوة وهذا ما يجهله جبران وهو أن قضية الثأر لم

تندثر بعد وأن مطر سيحميها منهم وإن دفع كل شيء ثمنا

لذلك وإن طلقها وسلمها له هو .

تحرك من هناك مستغفرا الله بهمس وضيق وتوجه لغرفته

فورا والتي ما أن فتح بابها انفتح باب الحمام فيها وخرجت

منه التي كانت تلف جسدها بروب الحمام الرمادي الغامق الخاص

به تمسك حزامه المشدود حول خصرها المستدير بيدها بقوة

وكأنها تخشى أن ينفك وهو محكم الربط حوله تنظر له مبتسمة

بحياء بينما كان ينظر لها هو مبتسما بحنان وشوق .. لوجهها

الذي تخلص من كل تلك الدماء الجافة عليه ولم تبقى سوى آثار

تلك الخدوش في بشرتها العاجية التي زادتها المياه الفاترة

بياضا ونقاء وشعرها المبلل والمتناثر حول كتفيها قد وصل

طوله لخصرها ينظر لكل ما عشقه فيها وعاش على ذكراه

لأعوام يصبر نفسه باللقاء البعيد مجهول المكان والزمان

وحتى المصير .

فتح ذراعيه واستقبلها فورا ما أن ركضت ناحيته وارتمت

في حضنه وأحاطها بذراعيه بقوة لازال لم يستوعب بعد بأنها

حقيقة يراها أمامه ويلمسها ، بأن تلك الفتاة التي تعلق قلبه بها

وفارقها على الوعد بينهما لأعوام وأعوام طويلة حتى يئس تماما

من أن تراها عينيه وإن من بعيد ها هي في حضنه الآن ..

زوجته وملكه لوحده لا أحد سيأخذها منه ولا قبائل ثنان بأكملها ،

شدها لحضنه أكثر يدفن وجهه في خصلات شعرها البني المبلل

ولو كان الأمر بيده لدفنها هناك وللأبد وخبأها عن الجميع حتى

عن نفسه كي لا يؤذيها يوما وإن بالخطأ ، همس عند أذنها بحزن

ما أن سمع صوت نشيجها الباكي

" يكفي بكاء آستريا توقفي عن تعذيبي معك "

همست بعبرة تدفن وجهها في أضلعه أكثر

" لا تعلم ما حدث معي يا رعد ... تعبت كثيرا وتعذبت كثيرا

وواجهت وحدي الكثير ... اشتقت لك واحتجتك أكثر من

أي شيء "

ضمها لحضنه أكثر واتكأ بدقنه على رأسها مغمضا عينيه بقوة

وترك لها حرية البكاء هناك يستمع لكل ما تحكية من بين عبراتها

وبكائها .. موت والديها ضغط أخوتها عليها لتتزوج .. أحاديث

الثنانيين عنها ثم كشف انجوانة لما كان بينهما وأمام الجميع

لتبدأ المرحلة الأقسى من عذابها والتي انتهت بمحاولة تزويجها

من غيره مرغمة ثم فرارها منهم للمجهول وهو هنا كالمغفل

الجبان لم يفكر ولا في تحريرها وبأي طريقة كانت وإن برمي

نفسه عند أسوار مدنهم فإما أن يقتلوه أو أن يدخلوه لها أو

يخرجوها له لكنها كانت أشجع منه وقد أثبتت ذلك له وللجميع

قبله وكانت ستضحي بنفسها فقط كي تصل له بينما هو

ما الذي فعله ؟

انتظرها ! عاش وفيا لها ! أيكفي كل هذا ؟ لا ليس يكفي قطعا

فما عانته هي لم يعرفه هو أبدا وكل ما عاناه هو الشوق والحنين

والفقد وهذا أبسط ما واجهها هي فليته سمع كلامها فقط حين

طلبت منه قبل أربعة عشر عاما أن يهربا معا وهو اعتبره

حينها خيارا طائشا وقد فكر في قبائلها وفي صنوان والنتيحة

كانت أن انتظرا كل هذه الأعوام وفي النهاية هي هربت بالفعل

ثم وجد ابن شاهين حلا لذلك ، كان تهور وفعلها وقتها وترك

له حلها بمعرفته وفر بها لخارج البلاد ولتحترق الأرض ومن

فيها فهي كانت محترقة من دون أسباب .. لكن القدر لا يغيره

أحد ولا يتحكم فيه أحد هو ملك لله وحده يتصرف فيه كيف يشاء .

أبعدها عنه وأمسك وجهها بيديه وقبل جبينها وعينيها ودموعها

ووجنتيها ووقف عند شفتيها وهمس مبتسما

" أخشى من هاتان فعلا وأن لا أسيطر بعدهما على نفسي وغسق

سبق وهددتني وقررت بأن نؤجل كل هذا "

أنزلت رأسها خجلا منه فضمها لحضنه مجددا وقال بأسى

" سامحيني آستي حبيبتي ... ليتني أنا من تعرضت لكل هذا ..

ليتني مت وما تضررت يوما "

ابتعدت عن حضنه ولامست شفتيه بأصابعها هامسة بحزن

" لا تذكر الموت رعد أرجوك "

وامتلات عيناها الواسعة بالدموع مجددا وهمست بعبرة

" أنت لن تتركني رعد أليس كذلك ؟ لن تفعلها بي مجددا فسأموت

هذه المرة لا محالة "

أمسك وجهها وضمها لحضنه وقال بحزن

" لن أفعلها آستريا قسما لن أفعلها ولن تعنيني بعد اليوم البلاد

بأكملها ومن فيها "

تمسكت بقميصه بقوة وقالت بضحكة مكتومة تغلبت على

حزنها وبكائها

" لا يسمعك مطر شاهين تقول هذا "

ضحك وضمها له بقوة قائلا

" بل لم تري مطر شاهين اليوم إنه أكثر تهورا مني "

ابتعدت عنه ونظرت له وحركت رأسها برفض قائلة

بابتسامة صغيرة

" لا أصدق ذلك .. قد يتغير الليل والنهار وهو لا يتغير إنه

يتنفس وطنه ويعيش له ومن أجله .. لست أتخيل إن فعلها

هو ما قد يصل له حالنا جميعا "

أمسك طرف وجهها بيده وقال مبتسما وممررا ابهامه برفق

على الخدش الواضح في وجنتها

" لو سمعت مكالمته لي قبل قليل لتغير كل حديثك هذا "

وتنفس بعمق متابعا بذات ابتسامته

" لما لا نترك الحديث عن مطر الآن قبل أن أتضايق من

هذا فعلا وليس أنا فقط بل وواحدة من ساكني هذا المنزل "

ضحكت بخفوت تسحب الهواء لصدرها بقوة وهمست تحرك رأسها

" يا إلهي لم أرى شخصان يلائمان بعضهما مثلهما ولم أنسى

أبدا يوم زفاف شقيقي اوسو وكيف ظهرت بفستان العروس

الثنانية وكيف كانت ردة فعله حين رآها به ... حتى السنين لم

تغيرهما أبدا "

قبل جبينها ونظر لعينيها وقال

" ألم نقل اتركينا من الجميع وأخبريني الآن ما سبب كل هذه

الخدوش والكدمات هل ثمة من تعرض لك آستريا ؟

هل تعرضت للضرب ؟ "

حركت رأسها بالنفي وقالت بحزن

" بل تدحرجت من فوق المنحدر بين أراضينا وصنوان "

ولم تستطع امساك ضحكتها ولا دموعها أيضا لا تعرف أتضحك

على الموقف أم تبكي فحضنها بقوة يقبل خصلات شعرها

ولم يتوقف عن الهمس بحزن

( ساحميني حبيبتي ... سامحيني )

حتى انفتح باب الغرفة فجأة ومن دون طرق ووقف أمامه

الذي قال متلعثما " أأ ... أنا .... آسف "

وتابع راكضا من هناك

" عمي رماح يريدك في أمر ضروري "

واختفى كما ظهر فجأة دون أن يترك لأي منهما المجال

لاجتياز صدمته ليتحرك مبتعدا عن الآخر إلا بعد مغادرته

فنظر رعد للباب بصدمة قبل أن ينظر للتي كانت تنظر للأرض

تمسك بحزام منشفة الحمام وقد همست بحياء

" أنا آسفة كان موقعي هنا خاطئا "

ابتسم وقال ممررا أصابع يده خلال خصلات شعرها المبلل

" بل كان خطئي فأنا من أرسلك لغرفتي "

وتابع بضحكة

" بل الخطأ على ذاك الفوضوي الذي لم يطرق باب الغرفة حتى

إن كنت فيها لوحدي فكيف بعد وجود زوجة لي هنا ؟ "

لم تعلق ولم ترفع رأسها له لازالت تلف الحزام حول أصابعها

بقوة فمد يده لهم ومرر أصابعه الطويلة عليها ببطء وأمسكها

بقوة قائلا بابتسامة

" الغرفة بجانب غرفتي مجهزة فيمكنك استخدامها حتى ننتقل

جميعا لمنزلي في حوران .... أقصد منزلنا "

رفعت حينها نظرها له وقالت باستغراب

" تنتقلون جميعا !! "

قال مبتسما وهو يمررا طرف سبابته على وجنتها برفق

" أجل وسنتحدث في وقت لاحق فثمة الكثير سأقوله لك

وسأسمعه منك "

وتابع بذات ابتسامته ونظره ينتقل من جسدها لوجهها

" وطبعا لأن السيدة غسق غاضبة حاليا ومعتصمة في غرفتها

حتى اشعار آخر فلن أستطيع جلب ملابس لك منها مؤقتا

لذلك سيكون عليك انتظاري حتى أخرج وأجلب لك ما تحتاجينه

بعد أن أرى ما يريد رماح ... اتفقنا ؟ "

أومأت له بحسنا مبتسمة فأمسك وجهها وقبل جبينها وهمس

ناظرا لعينيها

" أحبك "

وغادر فورا نظراتها المحبة الدامعة تتبعه حتى اختفى عنها

خلف الباب الذي أغلقة بعده فتنفست بقوة مغمضة عينيها

وهمست ودموعها تنساب من رموشها الكثيفة ببطء

" حمدا لك يا إلهي "

وحضنت نفسها بذراعيها بقوة تريد الشعور به أكثر حتى بمنشفته
الخاصة التي تحتضن جسدها لتستوعب وإن جزئا بسيطا مما

هي فيه وبأنها فعلا أصبحت معه .. زوجته ولا شيء أو أحد

سيفرقهما مجددا .


*
*
*


بكت لوقت طويل لم تعد تعي شيئا ولا تهتم بما يحدث حولها

ولا بالتي جلست بجانبها على الأرض ... التي خرجت من ذاك

الحفل خلفهما واجتازت الحديقة وسارت في ذات طريقهما

ولم تكن تتوقع أن يكونا هناك بل ظنت بأنهما غادرا فورا

حتى وجدت نفسها أمام ذاك المشهد والشاب الذي كان منذ

لحظات في الداخل يفجر غضبه بمسببه دون أن يكترث لأحد

أو شيء يتحول لعاشق يفرغ جل ما يكبته في تلك الحبيبة

وحتى غضبه واستيائه منها .. يقبلها بعنف وغضب واحتياج

كمن لم يعرف النساء من قبل ولن يعرفنه مجددا .

حسدته للحظات لأنه استطاع أن يعبر عن غضبه في مفتعله

وكان سيقتلها دون أن يهتم لأحد بينما تعجز هي عن فعل ذلك

دائما رغم أن ألم ماضيها فاق ما عاشه هو بكثير وقد خسرت

ما لم يخسره ، ورغم قوة شخصيته وصلابته الواضحة إلا

أنه كان أضعف من أن يسيطر على هذه الفتاة الرقيقة الهادئة

وهو يمر بأضعف حالاته أمامها حتى أنه كان يعاتبها ويقبلها

ذات الوقت ، ابتعدت عنهما تلك اللحظة حين أدركت بأنهما

هناك لكنها استطاعت سماع ما دار بينهما ولن تنكر بأن الفضول

كان ما دفعها لذلك فهي لم تنسى لقائها السابق بذاك الشاب

حين كانت شبه فاقدة للوعي لا تشعر سوى بآلام قاتلة في

جسدها بأكمله وقد استفاقت فجأة لم تنظر للمكان الجديد الذي

أصبحت فيه بل للواقف فوقها يمرر يده ببطء فوق رحمها

فأمسكت رسغ يده رغم قواها الخائرة حينها ونظرت له بصدمة

وذعر ولازالت تذكر جيدا ما قاله ذاك الوسيم حاد الملامح

ناظرا لعينيها

" لا تخافي فأنا طبيب يا زيزفون "

وحين لم يلاحظ أنها اقتنعت بما يقول تابع وبجدية

" كما أني متزوج وسبق وعاهدت نفسي أن لا أفعل ما تفكرين

فيه مع امرأة غيرها "

فارتخت أصابعها تدريجيا وقد تابع وبذات جديته

" أنا أحد رجال مطر شاهين يا زيزفون فلا تخافي مني "

حينها فقط تركت يده وقد سقطت يدها بجانب جسدها مع انسدال

جفنيها على تلك الأحداق الزرقاء مجددا وسرقها الظلام لعالمه

القاتم من جديد ، وها قد جمعتها الصدف ليس به فقط بل وبمن

سبق وذكرها أمامها .. من لو استطاعت أن تثق به ما كانت

لتتعقد أمورهما هكذا لكنها ليست تلومها أيضا فصحيح أنها

بقرارها هذا اختارت الألم لنفسها لكنها دفنته في داخله أيضا

قبل أن يغادر بينما إن غادرت معه كانت ستعيش الألم ذاته

مستقبلا بينما ستخلصه هو منه وفي كل مره كانت ستتألم

هي بينما سيتخلص هو من ألآمه .

نظرت ناحيتها حين قالت باكية ولازالت على وضعها السابق

وقد بدأت بضرب ركبتيها بيدها

" لمن يتركني في كل مرة ويغادر لمن ... ؟ ألا يدرك بأني

من دونه وحيدة وبأنهم تخلوا عني يوما مثله تماما وتركوني

لقسوة الحياة ؟ لماذا يختار قتلي بتلك الطريقة لما ! "

قبضت على أصابع يدها لا شعوريا ونظراتها الحزينة لم تفارقها

تشعر بمعنى كل ما تقوله وتتفهمه فما أقسى أن يتركك من يفترض

بأنهم عائلتك وبأنك جزء منهم لتواجه قدرك القاسي وحيدا في حين

أنهم يعيشون في رغد الحياة بل وتجد نفسك فيما بعد مجبرا على

العيش معهم وعلى تقبلهم كجزء من عالمك وستكون في نظرهم

مخطئا إن أنت رفضت ذلك أو عبرت عن رفضك له ، فهذه الفتاة

وذاك الشاب مرا بذات المعاناة ورغم ذلك يرفض كل واحد منهما

أن يمنح الآخر ما فقده وتراهما سيستمران في هذا ولوقت طويل

وكل واحد يرى أن الآخر من عليه أن يتنازل ولن يتوقفا عن

جرح الواحد منهما الآخر أبدا .

رفعت يدها ببطء في سابقة لم تعرفها هي عن نفسها أو تشعر

بالرغبة في فعلها يوما وليست تفهم لما حينها فعلت ذلك ويدها

تلامس برفق ذاك الشعر البني الحريري ماسحة عليه ببطء !

قد يكون لأنها ترى زيزفون الطفلة الوحيدة فيها وقسوة أقرب

المحيطين بها .. ترى تلاشيها مع حزنها أمرأة وضياعها بين

العدو والصديق فيهم فجرحها منهم واحد .

أبتعدت يدها عنها لا شعوريا حين ارتمت في حضنها باكية فنظرت

لها باستغراب ولازالت ترفع يدها بعيدا عنها وأول ما أخبرها به

عقلها بأنها ظنتها تلك المدعوة ساندرين حتى قالت باكية تتمسك

بحضنها بقوة

" لما لا يشعرون كما نشعر نحن يا زيزوفون ؟

لما لا يفهم بأني أحببته دائما ؟

لما لا يشعر بهذا ؟ "

قبضت على أصابعها وحررتها ببطء قبل أن تمسح على

شعرها مجددا وقالت بجمود تنظر للفراغ أمامها

" لأنه رجل يا ماريه والرجل لا يهب كل شيء ... هم يعولون

دائما على ذاك الجزء العاطفي الضعيف في المرأة "

وتابعت ولازالت تمسح بيدها على شعرها برفق

" وهذا ما فعله هو تحديدا حين وضع نفسه ضمن خيارين

أمامك وأنت كنت قوية وتصرفت بشجاعة حين رفضت

اختياره على كل شيء حتى ألآمك وإن رأى هو ذلك إهانة له

فأنت كسبت نفسك على الأقل وإن كان يحبك سيعذرك ويتفهمك

ويسامحك يوما ما ومهما كان بعيدا صدقيني فالمرأة إن بدأت

بالتنازلات ستخسر كل شيء وأولهم نفسها أما الرجل فالعكس

تماما كلما تنازل من أجل امرأة تحبه كان كاسبا "

لاحظت أن بكائها خف تدريجيا عما كان وكأن كلماتها تلك كانت

السبب والتي لا تعلم حتى كيف استرسلت فيها بذاك الشكل

وهي من لم تحبذ كثرة الحديث طوال حياتها ! ولن تستغرب

ذلك فهذه الفتاة تملك طاقة إيجابية عظيمة تبثها في من ينظر

لها تشعرك بجمال الحياة من نظرتها وابتسامتها الرقيقة الهادئة

وتجعلك تفتح قلبك لها دون شعور ولن تستغرب أبدا أن سيطرت

على غضب ذاك الشاب بل وجعلته بعدها يتحول وفي لحظات

من وضع الهجوم والاستياء منها للشغف المتطلب ...

لرجل يطلب حضنها واقترابها في أوج غضبه العميق منها .

أبعدتها عنها فبدأت بمسح دموعها ولازالت شهقاتها تخرج

متتالية بسبب كل ذاك البكاء فقالت بابتسامة مائلة ناظرة لعينيها

" ثم آثمة من توقع قلبها في حب رجل مثله ؟ أراه لا يعرف

ألوانا أخرى للأسود "

أبعدت نظرها عنها وضمت ركبتيها ونظرت للأسفل هامسة

بحزن ودموعها عادت لمعانقة رموشها

" لو أنك أحببت أحدهم يوما ما كان حديثك هكذا "

وتابعت بأسى وقد نظرت لها مجددا

" لابد وأنك لم تجربي الحب يوما لذلك لن تفهمي ما قد أقوله "

أسدلت جفنيها للأسفل وقالت بابتسامة ساخرة

" إن كانت نتائجه هكذا فلن أخوض المغامرة أبدا "

نظرت أمامها مجددا وقالت بحزن ومرارة
" الحب لا يسأل أبدا يا زيزفون وهذا أقسى ما فيه والمحظوظين

فقط من توقعهم قلوبهم على الأشخاص المناسبين ومن يبادلونهم

ذات المشاعر ، تيم علاقتي به ليست وليدة اليوم ولا الأمس بل

عشت أراه أمامي وكبرت بقربه وعلى يديه تقريبا ، كان هو

ووالدته الأشياء الوحيدة الجميلة في حياتي فاختفت والدته

فجأة وتبعها هو سريعا وتركاني وحيدة "

وتابعت ببحة وقد نظرت لها تلك الأحداق الذهبية الدامعة تنساب

قطراتها المالحة على وجنتيها

" تصوري أننا زوجين منذ كنت في الخامسة من عمري ولم

أراه من حينها حتى هذا العام وكان عليا أن أختار بين قربه

الموجع أو فراقه مجددا وللأبد ؟! "

نظرت لها بصمت قبل أن تتنهد قائلة

" لا يمكن لأحد الحكم على ما بينكما ويجهله ماريه لكني سبق

وأخبرتك أنتي من اختار رفض ما يريد فكوني على قرارك دائما

ولا تندمي عليه كي لا تخسري كل شيء وحتى احترامك لنفسك

ونظرتك لشخصيتك وليس هو فقط "

حركت رأسها برفض هامسة بعبرة

" لا يمكنني تحمل ذلك فكيف أوافق عليه ؟ كيف أرضى بأن

تشاركني أخرى فيه تأخذ كل حقوقي وأصمت ؟ أفضل الموت

وحيدة بعيدا عنه على رؤيتهما أمامي لأموت كل حين "

ظهرت ابتسامة مائلة على طرف شفتيها وقالت

" اذا ابقي على قرارك واتركيه هو من يقرر مكان وجودك في

حياته وسيغير كل هذا إن أراد ذلك وحين فقط يعلم بأن الحل ليس

في طاعتك له ورضوخك لشروطه ، كوني على موقفك ماريه

وإما أن تكسبيه أو أن تكسبي نفسك وكرامتك وهذا هو الأهم "

" بدلا من أن تقدمي نصائحك للفاشلات عاطفيا لما لا تبتعدي

عن حياة غيرك قبل أن تدمريها "

رفعت نظرها فورا للواقفة مقابلة لها والتى ظهرت من خلف

السيارة لحظتها وصاحبة تلك العبارة والأسلوب الفض فوقفت

فورا ونظرت لها نظرة تشبه نظرتها النارية تلك فهذه يبدوا

أنها لم تتعلم الدرس مما قاله لها زوج شقيقتها أو أنها

استهانت بها حين لم تعلق سابقا على ما قالت فهي سئمت

فعلا من كل هذا ....

تلك الانجليزية الحمقاء ثم نظرات ذاك العجوز وزوجة ابنه

المقززان والآن هذه الحشرة التافهة وكأنهم يرونها لقمة

سائغة كل من تعكر مزاجه من أحدهم بحث عنها ليفرغ

استيائه فيها !

لكنها تعرف جيدا كيف تجعل كل واحد يتعرض لها لا يكررها

مجددا .

تنقلت نظرات تلك على جسدها باشمئزاز وقالت

" لا يخبرك عقلك المريض بأن وقاص قد يترك زوجته من

أجلك فجده لن يسمح له بترك زوجته ولا هو سيرضى بأن

يغضب جده منه وبالتالي صديقه والذي يكون والدي "

ابتسمت بسخرية فورا متمتمة

" حقا !! أرى شقيقتك لا تعرف زوجها جيدا "

تلك الكلمات والثقة الواضحة أصابت الواقفة أمامها في مقتل

وهذا ما لاحظته تماما وما رفضت تلك اظهاره حين قالت بسخرية

" نزوة عابرة وسيتخلص منك سريعا كغيرك فلا تفرحي

بهذا كثيرا فالنساء بالنسبة للرجال ورق لعب "

نزلت بنظراتها الساخرة ليدها ولخاتم الزواج فيها قبل أن تعود

للنظر لعينيها قائلة

" إن كان زوجك هكذا فلا تسلي نفسك بهذه النظريات السخيفة "

نظرت لها بصدمة وغضب لكنها لم تترك لها المجال لتعلق

وقد تابعت بذات سخريتها

" كان يفترض بك أن تتبجحي بحبه لها أو احترامه لما

يربطهما لا بخوفه من جده ووالدك ، ثم كيف لعاقلة راشدة

أن تقول عن زوج شقيقتها بأنه يلهو مع النساء وهو أبعد ما

يكون عن ذلك أم أنكم تربيتم على هذا ؟ "

صرخت فيها بغضب من فورها

" ليس لمجنونة نزيلة المصحات النفسية والعقلية مثلك أن

تتحدث عن تربيتنا ، ووقاص لن ينظر لعليلة مثلك يا ابنت

اللقيطة و .... "

لم تتركها تنهي كلامها وهي تنقض على شعرها الأسود

الطويل وقد لفته حول يدها تشد على أسنانها بقوة تجرها منه

ناحية الأرض متجاهلة صراخها ومحاولات ضربها لها بيديها

وقد قالت من بين أسنانها

" والدتي أشرف من أمثالك يا حثالة "

ها قد أخرجت تيم الموجود داخلها أيضا فقد أخطأت حين ظنت

بأنها لا تستطيع القصاص لنفسها ممن يؤذونها وبيديها فعند

ماضيها هي أيضا يتوقف كل شيء وذاك ما حدث حين تحدثت

تلك المرأة عن جدتها سابقا ، كانت ستطرحها أرضا لشدها لها

ناحيتها بقوة لولا اليدان اللتان التفتا حول خصرها للذي وصل

ناحيتهما راكضا ومن ذات الجهة التي جاءت منها سابقته

والتي مثلها تماما بحث كثيرا ليصل لهذا المكان ويجدها ، أبعدها

عنها بالقوة صارخا

" زيزفون توقفي "

لكنها استمرت في حركتها العنيفة رغم تثبيته لها وذراعاه تلتفان

حول خصرها يشدها لجسده بقوة ويداها تحاولان الوصول للتي

كانت ترتب شعرها وكحل عينيها قد سال على وجنتيها صارخة

" اتركني اعلمها من تكون ابنة اللقيطة ...

أتركني وشأني يا وقاص "

لكنه لم يفعل ما طلبت بل قال للتي كانت تنظر لها بكره

لازالت تتفقد شعرها

" غادري من هنا يا جيهان "


فنظرت له فورا صارخة

" أنا من تغادر أم هذه المتوحشة يا وقاص ؟ ألازلت تراها الملاك

الرقيق الغير مؤذي وتنكر أنها مجنونة ؟ "

جاء الرد سريعا من التي صرخت ولازالت تحاول الفكاك من قبضتيه

" أجل مجنونة واذهبي وأخبري شقيقتك بأن زوجها والمجنونة

حبيبان وسيتزوجها عليها واحتفلا بذلك معا ولا تنسيا دعوة

جده ووالدك أيضا "

شد ذراعيه حولها أكثر حين كانت ستفلت منه وصرخ في

الواقفة هناك

" جيهان غادري الآن وفورا "


فنظرت له بغضب قبل أن تقول مغادرة

" لا تنكر لاحقا ما اعترفت به هذه المتوحشة ويبدوا أنه حقيقي "

وغادرت من هناك بخطوات غاضبة فتركها حينها محررا

خصرها من قبضة ذراعيه فابتعدت عنه بحركة عنيفة تحاول

جمع شعرها وقد قال بضيق

" لما هكذا يا زيزفون ؟ "

صرخت فيه فورا

" لأثبت لهم فشل نظريتك طبعا .. أليس هذا ما تود قوله ؟ "

صرخ فيها بالمثل

" لا تتهميني بأفكارك "

لوحت بيدها حولها قائلة بغضب

" هذه ليست أفكاري بل أفكاركم جميعا "

ونفضت يدها منه ما أن حاول إمساكها منها وقالت بحدة

" لن أعود لذاك الحفل ولا لذاك المكان مجددا فاتركني وشأني "

وتابعت ملوحة بيدها بغضب

" أهذا ما كنت تريده يا وقاص ؟

أن أواجه الوحوش المحيطين بك ؟ "

شدها من يدها دون أن يهتم لاعتراضها ومحاولة الفكاك منه

وسحبها جهة سيارته وفتح بابها وأجلسها فيها مرغمة وأغلق

الباب قبل أن يركبها أيضا ويغادر بها من هناك على النظرات

المستغربة للتي تركاها خلفهما والتي أجفلت مفزوعة ما أن

مر ذاك الجسد مسرعا بجانبها قبل أن تقابلها صاحبته قائلة بضيق

" أنتي هنا ؟ "

نظرت لها باستغراب وقالت

" ساندي ما بك ؟! "

قالت بذات ضيقها

" لا شيء ... أين ذهب ذاك الأحمق الآخر الذي خرج بك من هناك ؟ "

أبعدت نظرها عنها متمتمة ببرود

" غادر "

نظرت لها باستغراب وقالت

" لم يأخذك معه ! "

نظرت لها بعينان دامعة قبل أن تشيح بوجهها عنها هامسة ببحة

" أنا من رفض ذلك "

قالت بحدة

" أفضل شيء فعلته في حياتك فهؤلاء الرجال لا ...... "

وشهقت بصدمة وفرت راكضة من هناك ما أن وقع نظرها

على الذي خرج من باب المنزل وتوجه نحوهما فورا والذي

ركض لحظتها أيضا ولحق بها بسرعة وسهولة ورفعها عن

الأرض مطوقا خصرها النحيل بذراعيه وسار بها عائدا جهة

التي كانت تنظر لهما مصدومة وما أن وصل بها عندها أنزلها

للأرض ولازال يمسكها بإحدى ذراعيه وقد رفع بيده الأخرى

يدها لها يريها الخاتم فيها قائلا بابتسامة

" ألن تباركي لنا ماريه "

نقلت نظراتها المصدومة منه للتي كانت تحاول الفكاك منه

تشتمه بهمس من بين أسنانها وقالت مبتسمة بحزن ما أن

عادت بنظرها له

" مبارك لكما أنتما تناسبان بعضكما بالفعل "

وما أن أنهت عبارتها تلك غادرت جهة سيارتها الذهبية المركونة

قربها وحيت كانت تقف سابقا تلك اللمبرغيني السوداء والتي

من بين ذاك المكان الواسع بأكمله اختار أن يوقفها قرب سيارتها

لتناقض أفعاله بعضها ككل مرة ، ركبتها وغادرت من هناك فلم

يعد يمكنها البقاء هناك أكثر من ذلك تاركة خلفها التي

كانت تناديها

" ماريه يا حمقاء انتظري ... خذيني معك "

وتلك اليد تسحبها نحو باب المنزل مجددا وقد قال صاحبها مبتسما

" لا تجعلي والدك يغضب منك حبيبتي وتخجليه أمام الجميع "

فلكمته في كتفه بقوة صارخة

" لا تقل حبيبتي مجددا "


*
*
*



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 09:17 PM   #6759

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*
*
*

مسح على الجرح في فخذها برفق يشعر بأنينها المتألم يمزق

قلبه ولم يعد يمكنه التحكم في الدموع التي سالت على وجنتيه

تباعا تسقي شعر لحيته الخفيف جدا يعجز عن فعل أي شيء

من أجلها وكما كان دائما حتى كره ترديد ذات تلك العبارة وسماعها

من نفسه .... ( فاشل ) هذا ما يجب أن يطلق على نفسه فقط

وإلاكان أخرجها من هنا .. من كل هذا الظلم والجبروت وإن لآخر

الأرض ولن يجدها والده حينها لا بالقانون ولا بغيره لكنه عاش

يمني نفسه دائما بالغد الأفضل ثم علق آماله في صديق ليس

يعلم حتى كيف اختارها زوجة هكذا فجأة وهي في هذا السن

وهم في ذاك المستوى المادي وهو ابن عائلة شهرتها في البلاد

لا حصر لها واسم متاجر وأسواق وفنادق ومنتجعات الشعاب

يعرفها القاصي قبل الداني ولم يفكر حتى إن كان حقيقة ذاك

أم وهم وها هو يتحجج بوالدته طوال الوقت بل ولم يتحدث

عن الزواج أمامه يوما ولم يكن من ضمن خططه المستقبلية ! .

غطى فخذيها برفق فحتى هذا لا أحد غيره الرجل يفعله لها فلم

يسلم من جسدها شيء إلا وعلم عليه ذاك السوط بوحشية ،

ما كان عليه تركها هنا أبدا ولا أسباب تشفع له فإن تدمر

مستقبله المهني فقط فهي دمروها بالكامل فلم تحضى ولا

بالتعليم المتدني الذي حصل هو عليه وصنعا منها فتاة جاهلة

عديمة إرادة لا تستطيع دفع الأذى عن نفسها ولا بلسانها

وكلماتها وإن بقيت هنا أكثر فسيصنعون منها امرأة فاشلة

في كل شيء ذات شخصية مهزوزة منطوية وسيدمرونها

نهائيا وستفشل في حياتها حتى إن تزوجت يوما ما وخرجت

من هنا وأيا كان ذاك الزوج لذلك هو لن يسكت عن هذا أكثر

من ذلك ولن ينتظر أبان ولا غيره وسيأخذها معه للجنوب ولن

يجدهما والده وستدرس وتتعلم هناك وتكون أمام ناظريه لن

يؤذيها أحد ولن تحيا إلا الحياة الكريمة التي لطالما تمناها لها

ولن يتركها هنا ليوم آخر .

غطى جسدها باللحاف برفق وقبل جبينها وقال بحزن ماسحا

على شعرها

" تحملي حتى الليلة يا يمامة وسآخذك من هنا ونغادر نهائيا

ولن نرجع هنا مجددا "

أغمضت عينيها برفق ودمعتها تتدلى منهما ببطء وهمست

مبتسمة بصعوبة

" أجل نغادر يا يمان "

فقبل رأسها ودفن وجهه فيه يخفي دموعه المتقاطرة من عينيه

فهذه المرة الأولى التي توافقه فيها على ذلك رغم الذي رأته منهما

طوال حياتها فهي كانت تخاف عليه وليس على نفسها حال وجدهما

والدهما أما الآن فوجعها كان أقسى من أن يكون ثمة شيء آخر أعظم

منه فذاك القاسي المتجبر أفرغ غضبه من ضياع محصوله فيها ولم

يراعي لا صغر سنها ولا ضآلة حجمها ونحول جسدها ولا كونها

ابنته قطعة منه سيحاسب على ما يفعله بها أمام خالقه .

أطفأ نور الغرفة وخرج وأغلق الباب خلفه وغادر من هناك فعليه

أن يرتب كل شيء ليأخذها من هنا ليلا دون أن يشعر أحد وأول

ما سيفعله الآن هو العودة للجنوب مجددا فبالكاد سيصل هنا مقربة

الفجر وحينها لن يشعر بخروجهما أحد .

غادر وليس يعلم بأنه ترك خلفه أذنا كانت تسمع كل ما قال في

الداخل وخطط له والتي خرجت من مخبأها خلف جدار الغرفة

المجاورة وابتسمت بمكر متمتمة

" على جثماني تأخذها من هنا يا يمان وقل زبيدة قالت ذلك "


*
*
*

طرق باب الغرفة طرقتين متتاليتين ثم فتحه ودخل ووقع نظره

فورا على الجالس على كرسيه المتحرك مواجها للتلفاز المعلق

على جدار الغرفة يضغط أزرار جهاز التحكم بقوة مفرغا غضبه

فيه ومن ملامحه علم كيف يكون ذاك المزاج ولم يعد يستبعد

شيئا من ساكني هذا المنزل ! .

اقترب منه وجلس أمامه وقال ناظرا لملامحه المتجهمة

" رأيت غسق تخرج من ممر غرفتك قبل قليل ولا أستبعد أن

تكون سبب هذا المزاج المشتعل "

رمى جهاز التحكم من يده وقال بضيق

" لقد حددت موعدا مع عائلة جهينة لنزورهم الليلة ولم تهتم

ولا برفضي للأمر واحتالت علي بعاطفتي الأخوية نحوها كما

كانت تفعل منذ صغرها "

لم يستطع الجالس أمامه إمساك ابتسامته وقال

" وأنت لن تستطيع الخروج من ذاك المأزق طبعا وتخجلها

ونفسك قبلها أمامهم إن رفضت الذهاب ؟ "

نظر له وقال بضيق

" رعد لا تستفزني بابتسامتك هذه .. أنا لم أطلب رؤيتك لأرى

أسنانك أو لتسخر مني "


تنهد بعمق وقال

" وما الذي سأفعله إذا ! أعتذر أنا منهم أو أرفض ؟

لا تفكر في ذلك أبدا يا رماح ولن أتحمل مسئولية قراراتك "

قال بضيق

" ولما لا ترفض فأنت فقط من سيتقبلون الأمر منه "

عقد حاجبيه وقال بجدية

" رماح أنت تحب الفتاة أم تضحك على نفسك طيلة تلك الأعوام

ولم تكتشف ذلك إلا الآن ؟ "

قال بذات ضيقه

" بل أحبها .. هل المشاعر لعبة يا رعد تأخذها وترميها وقتما

تشاء وأنت من جربت ذلك مثلي ؟ "

قال بجدية مماثلة

" إذا ما المانع في أن تجتمع بمن تحب يا رماح ؟ هل ثمة من

يختار فراق حبيبته بنفسه ! "

أشاح بوجهه جانبا وهمس بمرارة

" لو كان وضعك مثلي ما قلت هذا "

أمسك ذقنه وأدار وجهه ناحيته وقال بجدية ناظرا لعينيه

" وإن كان أسوأ منك بل وإن فقدت ساقي وبترا بشكل نهائي

ما دفنت نفسي وأحلامي متحججا بعجزي ذاك ، أكنت لتتخلى

أنت عنها إن كانت هي في حالتك الآن ؟ "

قال من فوره

" لا قطعا لكنها لن ترضى بذلك لي أبدا وستفكر كما أفكر

أنا الآن ، ومهما عتبت عليها حينها سأدرك فيما بعد أنها

اختارت ما فيه مصلحتي "

حرك رعد رأسه برفض قائلا بحزم

" مخطئ يا رماح فأنت لن تعيش سعيدا مع أخرى سليمة إن

كنت تحبها فعلا وأنت تدرك ذلك جيدا لكنك تعاند وتكابر

وحجتك مصلحتها "

ضرب بقبضته على مسند الكرسي وقال بضيق

" لست أفهم ما الخطأ فيما افكر فيه !

لأني أحبها ولا أريد لها التعاسة معي أكون مذنبا في حقها ؟

على جهينة أن تدرك ذلك وتعلم بأن مستقبلها ليس معي وأن

لا تنساق خلف عاطفتها وترمي بنفسها للضياع "


وقف على طوله وقال

" جد لنفسك حلا إذا فأنا لن أفعل ذلك نيابة عنك وعليك تفهم

موقفي أيضا "

رفع نظره له ولوح بيده قائلا بضيق

" عليك اقناع شقيقتك العنيدة تلك إذا "

رفع يديه وحرك رأسه قائلا باستياء

" اقنعها بماذا وأنا عاجز حتى عن إقناعها بالخروج من غرفتها

التي تسجن نفسها فيها ؟ "

نظر له باستغراب وقال

" ولما تسجن نفسها ؟ هل تشاجرت معه مجددا ؟ "

أشاح بوجهه جانبا ومرر أصابعه في شعره متنهدا بضيق قبل أن

ينظر له مجددا وقال

" أمورهما تتعقد يا رماح وتصل لطرق مسدودة وإن لم يتصرف

ذاك الرجل سريعا فلن يخسرها وحده بل وجميعنا معه فلاحظ أنها

بعد موت والدي رحمه الله باتت أضعف ... هشة سهلة العطب

والكسر مهما ادعت القوة وكأنها فقدت مصدر قوتها الوحيد ،

حتى عودة ابنتها كان مصدر ضعف لا قوة لها .. إننا نخسرها

يا رماح وأنا أكثر من يستطيع رؤية ما يجلبه المستقبل لها إن

استمرت في تلقي الصدمات الموجعة دون أن تشعر من جديد

أنها ليست وحيدة وأنه ثمة من تستطيع أن تثق في حبه وحمايته

لها من كل شيء وحتى ابن شاهين نفسه وهذا ما كانت تراه

في والدي فقط ورغم عجزه عن فعل أي شيء لها بعد هجران

ذاك الرجل للبلاد آخذا ابنتها معه ولا بضرب شروطه التي

طوقها بها عرض الحائط ، فهي كانت تراه كما كانت طفلة

الجدار الحامي لها والذي لن تصدعه السنين أبدا وبفقدانها له

تحطمت من الداخل ولا أحد يعلم عنها يا رماح "

نظر له بصدمة وقال

" ما تقوله الآن خطير جدا يا رعد فأنت ترى أن غسق مجرد

امرأة ضعيفة تحتاج لحماية أحدهم دائما وهذا مناف للواقع "

حرك رأسه بالنفي وقال بجدية

" أنا لم أقل ما فهمته أنا عنيت أنها تحتاج لأن تشعر بالأمان

دائما فشخصية غسق بنتها محبتنا لها طفلة وتعلقها بنا

وخصوصا والدي وأنت تعلم جيدا كيف كان يعاملها .. قسما لم

أرى ولا امرأة في الوجود تعامل ابنتها مثلما كان يعاملها هو

وفقدانها للكاسر الذي أنا اجزم بأنها كانت تشعر بأنه أخذ مكاننا

جميعا لأنها أحبته اهتزت غسق من الداخل وفقدها لوالدي كان

الضربة الأقسى لها لأنها تبعت صدمتان قويتان لم تمحوهما

السنين من داخلها "

حرك رأسه بعجز عن فهم كل ذلك واستيعابه وتمتم ببرود

" لا حل إذا سوى أن نجعلها تقتل ابن شاهين وتتخلص حينها

من عقدها جميعها "

نظر له متمتما بضيق

" ما أسخفك يا رجل "

لوح بيده وقال

" أريد حلا لمشكلتي الآن ثم نجد لشقيقتك مئة حل فيما بعد "

قال الواقف أمامه وبجدية

" لا حل سوى أن تضع عقلك في رأسك وتتوقف عن إضاعة

العمر منكما أكثر مما ضاع ، أعطي الفرصة لكليكما يا رماح

ليثبت أحدكما للآخر صدق أفكاره فإما أن تعيشا معا وسعيدين

وإما أن تحررها منك حين تقتنع هي بأنك كنت على حق سابقا

ولا تترك أي شيء للتكهنات يا شقيقي "

رفع جهاز التحكم مجددا وبعنف متمتما

" كلامك ككلام شقيقتك تماما ... بائسان "

وتابع بضيق وقد عاد لتقليب المحطات " جهز نفسك للذهاب

وحدك معها إذا لأنكم لن تسحبوني في الكرسي إلى هناك لتقدموا

لهم نموذجا حيا عن زوج شقيقتهم المستقبلي "

تنهد بضيق وحرك رأسه بيأس منه وغادر من عنده بل ومن

المنزل بأكمله فعليه أن يجلب ثيابا لآستريا كما سيكون عليه

شراء ما سيأخذونه معهم الليلة رغم أنه يجهل تماما في هذه

الأمور ، لو كانت آستريا بكامل عافيتها لأخذها معه لتساعده في

ذلك بل وما كان ليرجع بها هنا قبل المساء بل ويشك أن يرجعا

الليلة ، ركب سيارته وغادر من هناك هامسا بابتسامة دافئة

" قسما أن آخذك لحيث تتمنين يا آستريا وأن أجلب لك كل ما
تشتهيه نفسك وأن لا تشعري معي بالتعاسة يوما "

*
*
*

دخلت المنزل مغلقة بابه خلفها بهدوء واغتصبت ابتسامة صغيرة

ما أن وقع نظرها على الخارج من جهة باب المطبخ يمسك في يده

كوب قهوة تخرج منه الأبخرة وقد قال مبتسما ما أن رآها

" عدت مبكرا يا كنانة ! هل كان الحفل مملا لهذه الدرجة

وساندرين فيه ؟ "

نظرت لحقيبتها في يديها وقالت

" بل كنت منشغلة على والدتي ولم أستطع البقاء أكثر "

وتابعت وقد رفعت نظرها له

" كيف أصبحت الآن ؟ "

أومأ برأسه قائلا

" أفضل بعض الشيء ونامت قبل قليل "

فتحركت من مكانها مجتازة له وما أن ابتعدت عنه قليلا أوقفها

صوته مناديا فوقفت مكانها وتنفست بعمق مغمضة عينيها فقد

تمنت حقا أن لا يسألها بل وأن لا تجد أحدا فتدخل غرفتها ولا

تخرج منها حتى الصباح لكن حظها التعيس يبدوا لن يفارقها

الليلة أبدا ، التفتت له وقالت

" أجل أبي "

اقترب منها حتى أصبح واقفا أمامها وقال مبتسما

" أعلم بأن الأمر مخجل لك لكني لن أستطيع الانتظار حتى

تشفى والدتك لتسألك "

نظرت للأسفل وابتسمت بحزن فليت ذاك الرجل يفهم أي موقف

هذا الذي وضعها فيه بل وأي آمال واهية تعلقها هذه العائلة

على ارتباطهما ، لكنها السبب الأساسي في كل هذا ... أكان عليها

أن تقبل بزواج تقليدي كهذا لم تعرف ولا رأي الطرف الآخر فيه ؟

لكنه لا يعرف من تكون وقد يكون سبب رفضه المجيء اعجابه بها ؟

ابتسمت بسخف على أفكارها تلك فهل سيعجب بها من لقاء واحد

بينهما وستبني أحلاما وهمية على شخص لم يستطع أن يكون لبقا

مع من هم أقل منه كما يراهم ليفكر في الاعتذار منهم على الأقل

قبل أن يفعل فعلته المخزية تلك .

" كنانة !! "

رفعت نظرها سريعا للذي قال مبتسما

" أتحتاج الإجابة كل هذا الوقت ؟ "

تنهدت بعمق قائلة

" لا يبدوا لي أن اللقاء كان موفقا "

شعرت بغضبها من ذاك الشاب يتعاظم أكثر وهي ترى خيبة الأمل

في وجه والدها الذي كان متحمسا للأمر أكثر من والدتها على

ما يبدوا فاغتصبت ابتسامة مازحة وقالت

" لم أكن أعلم بأنكم متضايقون من وجودي هكذا ؟ "

ابتسم على ما قالت وأمسك وجهها بيده قائلا بحنان أبوي

" كنانة كيف تقولين هذا ؟ أنا فقط أردت لك ما كنت تريدينه

أنتي لنفسك بنيتي ، ولست أفهم كيف لرجل بكامل قواه العقلية

أن لا يعجبه هذا الوجه ! "

أرخت جفنيها وقالت تنقذ باقي كرامتها المهدورة بسببه

" الأمر ليس كذلك أبي فأنا لا أعلم رأيه لكنه لم يرق لي "

وحاولت أن لا تكذب فتصرفه بالفعل أغنى عن أي عيوب أخرى به

ونسف مميزاته جميعها لكنها لن تستطيع قول الحقيقة كاملة أيضا .

" أتعني أنكما تحدثتما ولم يعجبك أم مظهره هو الذ.... "

رفعت نظرها له مجددا وقاطعته فورا

" أبي ما كنت لالتفت لشكله فالرجال لا يقاسون بجمالهم وهذا

ما علمته لي دائما لكننا لم نتوافق في أفكارنا ، ألست تتمنى لي

الأفضل ؟ وهذا ليس بالأفضل أبي "

مسح بكفه على شعرها وقال

" بلى بنيتي ولهذا أصررت على أن تذهبي وتلتقيه رغم رفضك

الذهاب وقبولك به كيفما كان فهل أتاك الصواب في كلامي الآن ؟ "

أرخت جفنيها بحزن وهمست بسخرية

" أجل أبي معك حق ما كان عليا أن أحكم على أحدهم من دون

أن أعرفه جيدا "

ثم غادرت جهة غرفتها وتركته خلفها ينظر لها باستغراب حتى

دخلت وأغلقت الباب خلفها واتكأت عليه بظهرها ترفع رأسها

للأعلى تسنده به أيضا وأغمضت عينيها التي إنسابت منها تلك

الدمعة اليتيمة الحارقة وقد ظهرت صورته أمام عينيها ببدلة

الطيران الزرقاء المميزة تلك وجاذبيته الفريدة من نوعها ونظرته

وابتسامته لها ... تشعر بالضياع من أفكارها لا تستطيع مسامحته

ولا نسيانه فإن كانت واحدة أخرى تلك التي كان سيذهب لمقابلتها

ويخططون لتزويجه بها أما كانت لتسعد إن رفض الذهاب !

لكن ما يدريها بأنه رفض الآن من أجلها ؟ حسنا لو اتبع أسلوبا

أقل تجريحا على الأقل ؟ كم حمدت الله أن والداها لم يحضرا الحفل

وأنها تلقت الصفعة الموجعة لوحدها هناك فيكفيها نظرة الشفقة

التي رأتها في عيني رواح وموقفها المخزي وهو يحاول الرفع

من معنوياتها بتذكيرها بأنه الخاسر لأنه لم يراها .

ابتعدت عن الباب تمسح عينيها بظهر كفها مستغفرة الله فقد يكون

في الأمر خيرا لها وقد يرفضها بعد قدومه للحفل ورؤيته لها

وهنا سيوجه لها الضربة الموجعة حقا فلتبقي له تلك الصورة

الجميلة في ذاكرتها لأول لقاء لهما وتكتفي بذلك فقط وتغلق

عليها صندوق أمانيها للأبد وتتوقف عن الأحلام المستحيلة ،

أخرجت هاتفها وفتحت الرسالة التي أرسلتها له ونظرت لأحرفها ...

جل ما تخشاه أن تكون تسرعت وتندم على هذا فيما بعد ..

لكنها لحظتها تمنت أن تقول أكثر من هذا بل وأن تتصل به

وتسمعه ما لم يسمعه من أحدهم يوما وقد تركت نفسها لتهدأ

أولا ولو قليلا وأرسلتها له حين دخلت سيارة شقيقها شوارع

لندن أي بعد ساعة ونصف في الطريق ونصف ساعة تقريبا

انتظرته فيها عند البوابة الخارجة لمنزل عائلة عمتها ليأتي

بعد اتصالها به مما زاد اشتعالها وغضبها من ذاك المدعو غيهم ،

رمت الهاتف والحقيبة معه على السرير وتوجهت للخزانة أخرجت

بجامة النوم وتوجهت للحمام فعليها أن تستحم وتصلي العشاء

لتنام فهي لا تريد شيئا الآن سوى النوم والهرب من كل تلك

الأفكار البائسة .


*
*
*

اتكأ مستندا براحتي يديه للخلف جالسا على الصخرة المواجهة

لبحر خليج بيدفورد ... الامتداد الساحلي لقناة بريستول ونظره

على الجالسة أمامه على رمال الشاطئ في صمتها المعتاد تراقب

عرض البحر الذي لازال يحاول الظلام تغطية أغلبه متحديا القمر

المكتمل في السماء عدا أمواجه المترامية على رمال الشاطئ

والذي وزعت الإنارة القوية على امتداده وقد اختار هذا المكان

تحديدا ليجلبها له وليس يفهم ولا يعلم لما لكنه فقط أرادها أن

تكون في مكان يستطيع أن يمتص الغضب المدفون داخلها

والذي لم تنفس عنه بعد رغم كل ما قالت وفعلت وهذا ما تأكد

له بعد وصولهما هنا وجلوسها هناك وحيدة حتى أنها أمضت

وقتا طويلا ترمي الرمال المبللة في البحر بغضب تغرفها

بقبضتها بقوة وتارميها دون أن تهتم إن سقطت في الأمواج

أم في الرمال التي تركتها بعدها حتى تعبت على ما يبدوا

فضمت ركبتيها تحضن ساقيها بقوة ودفنت وجهها فيهما

لوقت طويل وكأنها تهرب من كل شيء سوى من صوت تلك

الأمواج الذي هو موقن من أنه له مفعول السحر في تهدئتها

وهذا ما يفعله ذاك الإعجاز الإلهي مع الجميع وما هو موقن

من أنه فعلها معها الآن أيضا قبل أن ترفع رأسها مجددا وتنظر

للمحيط وللبعيد بصمت وسكون وهذا حالها منذ وقت حتى أنه

لم يعد يهتم بما يجهله من أنواع أفكارها تلك بل بما يعلمه

منها وإن كانت تفكر فيها الآن أم لا ؟ لقد كان اليوم الخروج

الأول لها من غرفتها وعزلتها في ذاك المنزل هذا إن لم يكن

في حياتها بأكملها وكان أسوأ مما أراد وخطط له ورغم محاولاته

جميعها لجعل الأمور تسير بأفضل حال إلا أنه حدث العكس تماما

ابتداءا من معارضة جدهما ثم وجود إيلينا في ذاك المطعم

ووصولا لتعامل جيهان الوقح معها والنتيجة كانت غداء سيئا

وحفلا يشبهه تماما رغم كل ما حاول فعله وهو يحاول دمجها

مع البعض من ضيوفهم ، بل وحتى موقف تيم وما فعله يراه

أثر سلبا على نفسيتها لذلك خرجت من هناك فحتى إن كان

السلاح المستخدم في تلك الجريمة في طفولتها كان مختلفا

إلا أن المشهد كان عنيفا بالمثل بالتأكيد مهما اختلف ..

ثم طريقته في التعبير عن غضبه يجزم بأنها أكثر ما سيكون

أثر فيها فهي تشبهه نوعا ما تحمل غضبا عظيما في داخلها

موجها لجميع المرتبطين بماضيها من كان سببا فيما مرت به

أو لم يكن السبب ، رفع رأسه للسماء الصافية المليئة بالنجوم

وتنفس بعمق حامدا الله في سره أن ماريه كانت هناك وأنها

نجحت في السيطرة على غضب ذاك الكنعاني لكان جر نفسه

لقضية ما كان ليستطيع أن يخرجه منها ولا أكبر المحامين

فهو قتل متعمد وبشهادة العشرات وبدون دافع كما سيحكم

القانون الذي لا يعترف بجرائم دوافعها نفسية .

" وقاص "

أنزل رأسه سريعا ونظر لصاحبة ذاك الصوت الأجوف لازالت

على وضعها السابق تحضن ركبتيها تنظر لعرض البحر ونسائمه

القوية تتلاعب بخصلات شعرها الطويلة أو ما لم يسجن منه في

حضنها وقال بهدوء

" نعم يا زيزفون "

طال صمتها حتى ضن أنها لم تسمعه أو أنها تراجعت عما كانت

تريد قوله لكنها خانت توقعاته تلك حين قالت بعد قليل

" هل عشت مع والدتك ؟ "

لم يستطع إخفاء الدهشة في ملامحه ولا في نظرته لها وقال من

دون أن يقف مع نفسه أكثر ليفكر في تلك المعجزة التي لا سابقة لها

" لا هي توفيت وأنا في الثالثة من عمري فأنا لا أذكرها أبدا "

ساد الصمت من طرفها لبرهة قبل أن تقول بذات تلك النبرة

الجوفاء وكأنها تخرج من عمق تمثال طيني أجوف

" أتعلم بأني رأيت والدتي تحترق أمامي ؟ "

أغمض عينيه بقوة ومرارة يشعر بقلبه تحول لكتلة من الألم

زاده متابعتها قائلة بصوت غلفه الأسى هذه المرة

" حتى أني لم أستطع الوصول لها لأموت معها ، ذاك ما أراده

لي أن تحترق أمام عيناي وحسب ... أن تدفن تلك الصورة في

مخيلتي وللأبد "

فتح عينيه المليئة بالضياع والحزن ونظر لها متمنيا فقط أن

تصمت .. أن تعود لسكوتها الدائم ، ولأول مرة يتمنى ذلك

بالفعل لكنها لم ترحمه أبدا وكأنها وجدت الطريقة المناسبة

لتعذيبه وبدأت بتطبيقها عليه وهي تتابع بحزن لم يعرفه في

صوتها إلا مرة واحدة حين تحدثت عن ذاك الأرنب

" جدتي ماتت أمام نظري يا وقاص ، قتلوها بدم بارد ..

ماتت بعدما أنقذتني من الموت ... ليتها فقط تركتهم

يقتلوني معها "

وارتجف صوتها بوضوح وقد تابعت تقتله ودون رحمة

" حتى عمي عكرمة مات أمامي ... أخذه المرض ولم يرحم

دموعي ودموع زوجته ونحن نحضنه باكيتان ولا بأن يأخذنا معه ،

لما رفض جميع من خسرتهم أن يأخذوني معهم ؟ لما كان علي

أنا أن أعيش لأرى جميع من تخلوا عنهم وعني يعيشون دون

اهتمام لما حدث معي ومعهم .... ؟ لماذا لست أفهم ؟ "


وقف حينها واقترب منها تسحبه قدماه نحوها دون حتى أن

تسأله وجلس أمامها على ركبتيه على الرمال وأمسك يدها

وضمها بين كفيه الدافئان بقوة فكانت باردة كالجليد وكم تمنى

حينها أن ضمها لحضنه وأدفأها بل أن سحبها هي لحضنه

ودفنها في صدره وللأبد لكن ذلك أبعد من أن يستطيع فعله

ولا تحت مسمى قرابة الدم بينهما وكره نفسه حينها أضعاف

ما كان ليس بسبب تخليهم عنها وتركها تواجه كل ذلك وحدها

ولا بسبب تخاذله وغبائه ليترك شقيقه يفكر في الزواج منها قبله

بل لاكتشافه المضني والممرض والكارثي وقتها بل ومنذ جلوسه

على تلك الصخرة يراقبها بصمت حين اكتشف بأن ما تعنيه له أكبر

من أن يكون كونها ابنة عمه ولا حالة انسانية حركت حميته كرجل

قبل ان يكون محامٍ بل هي تعني له أكثر من ذلك بكثير ...

إنها مصيبة وفاجعة ما توقع أن يوقعه قلبه فيها يوما وجل ما

حاول فعله طوال جلوسه هناك هو تكذيب تلك الأفكار التي تيقن

الآن من أنها واقع ... واقع عليه أن يتوقف وأن لا يتمادى فيه أكثر

فهذه الفتاة متزوجة .... ومن شقيقه !!

نظر للرمال بينهما في الأسفل وأغمض عينيه بقوة لازال يمسك

يدها ولسان حاله يقول

( موتك أرحم لك مما تشعر به وتفكر فيه يا وقاص )

لكنها تحتاجه الآن تحديدا والآن فقط ، رفع رأسه ونظر لعينيها

المحدقة في الفراغ وقال بجدية

" زيزفون أخبريني أمرا واحدا أفعله لمساعدتك ، اطلبي أي شيء

يا زيزفون وإن كان سنينا من عمري فنحن لن نستطيع توفية

ديوننا ناحيتك مهما فعلنا "


رفعت نظرها لعينيه ببطء حتى تلاقت نظراتهما وهمست بخفوت

" أي شيء يا وقاص ؟ "

أومأ إيجابا على الفور ودون تراجع ولا تردد أو تفكير فليس

ثمة أمر أهم من عمر الانسان يقدمه لك وهي لن تطلب اثمن

من ذلك بالتأكيد ومهما كان حتى إن طلبت أن يطلقها من نجيب

ليكون الثمن أن تبقى جمانة زوجته للأبد ووحدها سيفعلها بل

وحتى أن ينكر عائلته واسمه المرتبط بهم فذاك لن يساوي شيئا

مما خسرته .. وهذا ما علمه فقط ولازال ما يخفيه ماضيها ولا

يعلمه حتى الآن .


نظر لعينيها بتصميم وكأنه يخبرها بأنه على استعداد لفعل أي

شيء ومهما كان .. ليطول الصمت بينهما ونظراتهما وحدها

تحكي عما في داخل كل واحد منهما وإن جهله الآخر خصلات

شعرها الطويلة المتطايرة مع نسائم البحر تلامس وجهه وكتفه

يتمنى فقط أن يصل لعقلها الباطن عبر تلك الأحداق الزرقاء

الواسعة وأن تثق به ولو لمرة واحدة ، أن لا تنظر له كفرد

من عائلة ضرار السلطان وإن لهذه المرة فقط .


همست بخفوت

" حتى إن طلبت أن تخرجني من منزل جدك ؟ "


نظر لها بصدمة فلم يتوقع أن يكون هذا طلبها ! وقال من فوره

" أجل "

همست فورا

" وليس لمنزل تلك الإنجليزية الريفي ؟ "


أومأ برأسه إيجابا وقال

" أشتري لك منزلا وحيث تريدين يا زيزفون "

قالت محدقة في عينيه

" ولن تتركني وحدي فيه ؟ "

هنا كان الاختبار الأقسى له وللقوة الحقيقية لسيطرته على

مشاعره ولصدق عهده لها ... لكنه عاهد نفسه قبلها وسيفعل

كل ما ستطلبه ثم سيجد حلا لكل المشاكل الأخرى وإن وأد

مشاعره تلك وللأبد ، قال بجدية

" ولن أتركك وحدك زيزفون أقسم لك "

قالت مباشرة

" ولا إن غضب والدك و... جدك ؟ "

أبعد خصلة من شعرها عن وجهها ببطء وقال يدسها بين الخصلات

خلف أذنها

" ولا إن نبذني الجميع "


وقفت حينها وترك هو يدها ببطء ووقف لوقوفها ما أن قالت ناظرة للفراغ

" لنعد للمنزل إذا "

فنظر لها بصدمة حمد الله أنها لم تراها في ملامحه فلما أخذت

منه كل تلك العهود الغريبة إن كانت ستطلب منه أن يعيدها للمنزل

مجددا ! أكانت تختبره فقط ؟ لا مستحيل لكانت اختارت أمرا أكثر

تعجيزا من ذلك ! هل غرضها منه المستقبل ؟ هل أرادت أن

تحتفض بذلك العهد حتى وقت تحتاج لتطالبه به ؟


تبعتها نظراته وهي تغادر من هناك جهة سيارته المتوقفة عند

الرصيف فتنفس بعمق وبطء مغمضا عينيه قبل أن يفتحهما وينظر

لها مجددا تسير فوق الرمال تمسك حذائها في يدها وقد تركت

شعرها جميعه للريح هذه المرة تتلاعب بخصلاته كيف تشاء

فهمس بحزن وقد رفع نظره للسماء

" يا رب أخجل أن أقول لك انصرني على قلبي لكنك وحدك من

تستطيع فعل ذلك "


*
*
*


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 09:19 PM   #6760

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*
*
*

فتحت باب المنزل ودخلت منه قائلة بضيق

" أبي أنت تر.... "

قاطعها الذي دخل خلفها قائلا بحدة

" ساندرين لن نكرر ما كنا نقوله طوال الطريق وأعتقد بأنك

فعلت ما فعلته وقلت ما قلته وأنتي بكامل وعيك وقواك العقلية "


وتابع بذات حدته وقد وقف أمامها ورفع أصبعه

" ولا تنسي بأنك لم ترجعي ولا لوالدك وتأخذي رأيه يا سندرين

بل تصرفت كفتيات الشوارع ومن لا عائلة لها "


نظرت له بصدمة بينما أغلقت التي دخلت بعدهما فمها بيدها

مصدومة مما قال وهمست الواقفة أمامه

" لماذا وافقت إذا أبي ! "

لوح بيده جانبا قائلا بضيق

" وما كنت تتوقعين مني فعله وأنتي تضعينني أمام الأمر

الواقع وأمام الجميع وكأنني أحد الغرباء عنك في ذاك الحفل "


قالت محتجة

" كانت لعبة فقط وما ظننته سيوافق ، كنت أريد أن ألقنه درسا

لكي يتوقف عن استفزازي ولم أتخيل أن الأمر سيصل لأن يلبسني

خاتم الخطوبة وأمام الجميع وكأنه داخل رأسي ويعلم ما كنت

أفكر فيه ! "


اجتازها وقال ببرود مغادرا

" تحملي نتائج ما فعلته وقررته لوحدك ساندي "


فضربت الأرض بحذائها قائلة بضيق ونظرها يتبعه مغادرا

" أنت تقول هذا فقط لأنك لا تمانع ما حدث ، أنت تقف في صفه

دائما وكنت ولازلت تفضله على ابنتك ومهما فعل "


وقف مكانه والتفت لها وقال بضيق

" توقفي عن القاء اللوم على الأخرين ساندرين ، ألست عاقلة

وواعية تعرفين ما تريدينه كما تقولين دائما ؟ اصمتي إذا ولن

أسمع كلمة من هذا مجددا ولن ينهي تلك الخطوبة ( الحقيقية )

طبعا غير رواح سلطان ضرار السلطان أتفهمين هذا ؟ "

وغادر من فوره متجاهلا نظراتها الحانقة فالتفتت للتي لازالت

واقفة خلفها وقالت بضيق

" لما تتمسكين بالصمت أمي ؟ قولي شيئا "

تنهدت تلك بضيق وقالت ببرود مجتازة لها

" لم تتركي لنا ما نقوله كما قال والدك قبل قليل "

وغادرت حيث غادر زوجها نظراتها العابسة تتبعهما تكاد تبكي

من غيظها فلم تتوقع أن تصل الأمور لما وصلت له الآن وأنه

سيرحب بالفكرة ! لا وقد جهز خاتم الخطوبة سلفا ! لولا أنها لم

تخبر أحدا بما كانت تخطط له لظنت أنه ثمة من وشى بها !

لكن لا أحد يعلم ... لا أحد أبدا ! وهذا ما يكاد يوصل عقلها للجنون

فلم تكن تتخيل ولا في أحلامها أنه قد يتنازل عن عزوبيته والحرية

واللهو والشقراوات ويقيد نفسه بكل حبور هكذا ! لقد أوقعت نفسها

في مأزق ووالدها لن يقف في صفها ولن يمانع أبدا تعرفه جيدا

وليس لأنها من قال وفعل واختار كما يقول بل لأنه يتنفس عشقا

لتلك العائلة وذاك الدبور زير النساء تحديدا فهو يحبه منذ كان

طفلا ولا تفهم لما ! بلى هي تعلم بسبب حظها التعيس الذي كبر

معها طبعا ، لن تصدق أبدا أن يوافق على الزواج منها مؤكد

يفعل ذلك ليغيظها فقط ولن يتحول الأمر لزواج فعلي أبدا لذلك

عليها أن لا تخاف من الفكرة لأنها لن تحدث .

توجهت لغرفتها أيضا ودخلتها ضاربة الباب خلفها بقوة ورمت

الحقيبة على السرير ثم نزعت ذاك الخاتم الماسي من أصبعها

ورمته في درج طاولة السرير وأغلقته بقوة وتوجهت للخزانة

أخرجت قميصا قطنيا قصيرا ودخلت الحمام واستحمت تفرغ

كل ذاك الغضب والشحنات السلبية بالمياة الباردة وخرجت من

الحمام بعدها وجففت شعرها جيدا تنظر لنفسها في المرآة

تغني أغنيتها الفرنسية المفضلة مغمضة عينيها ومبتسمة

وكأنها ليست تلك الغاضبة من ساعات

" داكوه غ إيل إيجزيس تيه دوه تغ فاسوه دو سو كي تيه ..... "

وكالعادة تنسى بذلك كل ما يتعسها .. حمام منعش وأغنية جميلة

ثم نوم مريح واتركي الغد للغد ساندي .

أوقفت مجفف الشعر ورمت المشط من يدها ووقفت ما أن سمعت

صوت رنين رسالة وصلت لهاتفها فقفزت جالسة على السرير

ورفعته فلابد وأنها كنانة فهي لم تجب على اتصالاتها ولم تراها

في الحفل رغم أنه قيل بأنها أتت قليلا وغادرت ولم ترى ولا

عريسها المجهول المعلوم ذاك وكانت متشوقة لرؤيته ولاستفزازها

قليلا لكن حظها أنقذها منها فكل ما قيل أنهما وصلا للحفل ولم ترى

أيا منهما ، فتحت الرسالة ولم تنتبه بأن الوقت كان متأخرا وقد لا

تكون منها حتى عبست ملامحها باشمئزاز ما أن قرأت تلك الأحرف

( لم أستطع النوم الليلة بسببك متحولتي )

شدت أسنانها بقوة وغضب ولم تستطع منع أصابعها من أن تتحرك

على الأحرف وأرسلت له

( بل بسبب التفكير في شقراواتك يا زير النساء )

أتاها رده سريعا وكأنه كتبه قبل أن ترسل

( تغارين يا شقراء ...؟ )

كادت تضرب الهاتف على الجدار غضبا لكنها فضلت أن ترسل له أولا

( خسئت أغار على أمثالك)

شعرت بنشوة الانتصار حين لم يصلها أي رد منه وظنت بأنها

أخرسته وانتصرت عليه لكن سعادتها تلك لم تدم طويلا حين رن

هاتفها معلنا وصول رسالة جديدة ومختلفة هذه المرة

( موعدنا ثوب الزفاف يا شقرائي الكاذبة )

فشعرت بالأبخرة تتصاعد من رأسها فها هو يكرر جمله السخيفة

تلك مجددا ، أرسلت له فورا

( إلا إن كان كفنك )

وأغلقت بعدها هاتفها نهائيا ورمته على السرير وغادرت الغرفة

بأكملها فها قد عكر لها مزاجها مجددا ذاك الدبور وضاع مفعول

الاستحمام واغنيتها المفضلة ، عبرت بهو المنزل متوجهة رأسا

جهة ممر غرفة ماريه ، الوقت متأخر الآن فقد تجاوزت الساعة

منتصف الليل لكنها لن تكون نائمة بالتأكيد .. تعرفها جيدا لن

يغمض لها جفن بعد ما حدث مساءً ولازالت تجهل أغلبه .


ما أن وصلت نهاية بهو المنزل أوقفها صوت والدتها الخارجة

من المطبخ تحمل قارورة ماء في يدها

" ساندي "

فوقفت مكانها وما أن التفتت لها قالت تلك

" طرقت باب غرفتها بعد وصولنا بقليل ولم تجب لابد وأنها نائمة

فلا تزعجيها "

لوحت لها بكفها وتابعت طريقها قائلة

" سأتأكد أولا وإن كانت نائمة لن أزعجها أمي "

وابتعدت على صوت التي سارت في اتجاه آخر قائلة بضيق

" ما أعندك من فتاة "

فابتسمت وتابعت سيرها حتى كانت أمام باب غرفتها وفتحته ببطء

دون أن تطرقه ومدت رأسها منه وكما توقعت وقع نظرها فورا

على الجالسة على سريرها تحضن ساقيها المغطاة بلحاف السرير

تنظر للفراغ بشرود ووجوم حزين ترتدي بجامة قطنية زهرية

اللون كخداها المتوردان بشدة لا تعلم من الحزن أم القهر أو من

حبس الدموع لأنها وكالعادة تجتاز مرحلة البكاء بسهولة لتتقوقع

في حزنها وحيدة وبعيدة عن الجميع ، دخلت بهدوء واقتربت منها

وجلست أمامها على السرير ناظرة لعينيها وجفنيها المسدلان للأسفل

رموشها الطويلة مبللة بالدموع وجفناها السفليان محمران بشدة كما

أنفها الأبيض الصغير ، تنهدت بحزن وقالت بهدوء

" ماريه أتودين التحدث وإفراغ ما في قلبك ؟ أنا أكاد أنفجر

غيظا وأحتاج لذلك ... بل ولأن أقتل أحدهم لأرتاح "

وحين لم يبدر منها أي رد فعل ولا حتى برفع نظرها لها قالت بأسى "

ماريه اعتقدت بأنك اعتدت على الطعنات والخذلان من ذاك الكنعاني !

لا تسمحي لحبه أن ينهيك صديقتي "

وتنهدت بعجز حين لم يتغير حالها عما كان وكأنها في عالم لا

أحد فيه سواها هي وحزنها وذكرياتها فوقفت ومسحت بيدها

على غرتها البنية الحريرية للأعلى لتنساب تباعا كريش النعام

وقبلت جبينها هامسة

" كوني كما أعرفك سابقا ماريه أقوى منه "

وغادرت مغلقة الباب خلفها لتنساب تلك الدمعة الحارة من

الرموش التي انطبقت على بعضها وانزلقت على وجنتها ببطء ...

هي تريد أمرا واحدا فقط وتتمناه أن يموت قلبها ويتوقف

عقلها عن التفكير في أنه مع تلك المرأة الآن بينما هي المذنبة

في ذلك .. هي من اختارت وهي من عليها تحمل نتائج اختيارها ذاك .

وليست تعلم بأن قلبها المحترق عليه وبسببه أخبرها الحقيقة فعلا

وبأبسط طرقها وأيسرها على ذاك القلب العاشق كي لا يفقد حياته

وللأبد فعلى بعد أميال قليلة فقط من هناك كان الواقع يروي القصة

بأبشع طرقها وذات ذاك الجمال الانجليزي المميز والفستان الليلكي

اللون الطويل تأخذ بالفعل مكانها .. حاضرها .. مستقبلها .. وحبيبها ،

حيث يجتمع كبار رجال الدولة وحيث العظماء فقط في تلك البلاد

يُسرق حلمها الوحيد ويُنسف أملها الأخير في الحياة والقطعة من

قلبها يمارس هناك الدور الذي اختير له واتهمت هي باختياره ..

حيث ترقص أحلامها رقصة اليوم الأخير والموت الأبدي وذاك

الطبق المصنوع من الفضة والوسادة المخملية الأنيقة تنام فوقه

بنعومة يتوسطها خاتما زواج يشيعان كجثمان يقدم أمام المذبح

كقربان وليس ذاك سوى مشاعرها اليتيمة وأمانيها الصغيرة

التي تراكضت أشرطتها الذهبية معها عبر الزمن لتوأد هناك

حيث الرجل الذي أقسمت دون أن تهتم يوما إن علم أم لم يعلم

بأنها لن تحب غيره ولن تكون لسواه يقف أمام ذاك الخاتم

قانعا بما بات عليه وما لا مفر له منه تحضن احداهن خصره

بقوة ليست هي وليسا ذراعاها اللتان تطوقانه وعليه فقط أن

يفعل ما أراد الجميع عداها هي .. أن يضحي بكل شيء من

أجل الملايين من شعب بلاده وإن كان لا يعرفهم والمقابل هي ...

هي فقط ... والتي لم يبقى منها سوى كلماتها الغاضبة

المعاتبة الباكية ذات الوقت تلاحقه حتى ذاك المكان .

( جميعكم قتلتموني وحتى أنت أيضا ... تركتموني للأسوأ من

المرض لأعوام طويلة ، ذبحتم روحي وماذا أيضا ؟ عليا أن

أرضى وأتأقلم وأعيش كما تريد أنت وحيث تأمر ..

حتى أنك لا تجد لي مكانا في حياتك )


انسدلت تلك الأجفان على حدقتاه السوداء الحادة متنهدا بعمق

وذاك الصوت الجهوري ببحته المميزة يتردد في رأسه وبقوة

( تيم اليرموك أول الضحايا اليوم وسيستخدمونها كغطاء لإدخال

السلاح للبلاد والحجة أنها أسلحة مخازن اليرموك وصلت للمدنيين ...

نحن نفقد الوطن يا تيم فعلينا أن نتحرك سريعا )

لينتصر العقل في النهاية ككل مرة وككل قصة مشابهة وحكاية

قاسية مماثلة وتلك اليد ذات الأصابع الطويلة القوية تمتد ببطء

لذاك الخاتم المرصع بالزمرد والألماس وقد ارتفعت له تلك

الأصابع شديدة البياض والرقة والاهتمام فورا ومرره ببطء

في خنصرها حتى استقر في نهايته بنعومة وقد سارعت تلك

اليدين الأنثوية لرفع الخاتم الآخر فورا ليضع هو حينها خاتما لم

تعرفه أصابعه سابقا يسلبان حقا آخر من حقوق التي تدفن وجهها

في ركبتيها هناك تبكي الصمت بصمت والموت بوجع تودع

حلمها الأخير وتلك الشفاه الكرزية المغرية تسرق آخر ممتلكاتها

وصاحبتها ترفع جسدها النحيل على رؤوس أصابعها تفرض

اقترابها ممن حاصره كل شيء وحتى الموجودين حوله وتلك

الشفاه تقترب من شفتيه ببطء وإن لم يشاركها الأمر إلا أنها

كانت قبلة رغم قصرها سرقت نظرات الجميع وعلت لها

التأوهات والتهاني والتصفيق وذاك الجسد الأنثوي الرشيق يستمر

في اكتساح حصون غيره وتدمير مملكته الوحيدة وهي تلتصق بذاك

الجسد الصلب القوي الممتلئ رجولة ذراعاها النحيلتان تلتفان حوله

بتملك بينما ذاك الجسد المنكمش على نفسه هناك لم تعد صاحبته تملك

أي سلطة على العبرات التي بدأت بدفنها في أغطية سريرها تبكي ما

تجهله رغم أن قلبها كان يخبرها به ... بأن ما يموت هنا بين شهقاتك

الموجعة يولد هناك عند امرأة أخرى وإن اختلفت المسميات فالنتيجة

واحدة ... الموت موت والفقد فقد والشعار واحد ....

( نموت فداء لك يا وطن ) .


*
*
*

تأففت بحنق منها فقد سئمت من انتظارها لتجتاز نوبة بكاء حاد

جديدة في كل وقت والآخر مقاطعة حديثها وتعلم بأن شقيقتها تلك

لن تتخلص من ضعفها طالما هي كثيرة بكاء ونحيب هكذا لا تفعل

شيئا غيره بل ولا تملك سوى تلك المياه المالحة الزائدة حلا

لمشاكلها ، مدت لها كومة مناديل جديدة فأخذتها منها فورا

وقالت هي بضيق

" جمانة أنا لم أحكي لك كل ذلك لأرى شلالات دموعك "

ضربت بقبضتها على فخذها والمناديل المبللة بالدموع ما تزال

فيها وقالت ببكاء

" اتركيني افرغ ما في داخلي ولا شيء أملكه غيره بعدما

سرقت مني تلك كل شيء "

أمسكت الجالسة أمامها بكتفها وقالت بجدية

" لم تسرق كل شيء وأنتي بنفسك تعرفين وقاص جيدا وبأنه رجل

لا يعرف العبث أبدا ولن يلتفت لامرأة وأنتي ما تزالين زوجته ومهما

كان ما يوجد في داخله ... وقاص ليس من ذاك النوع يا جمانة فهو

رجل تحكمه مبادئه "

غطت فمها وأنفها بالمناديل في يدها قائلة بذات بكائها

" لكنه لا يريدني وسيطلقني ولست أعلم لما لم يفعلها حتى الآن ؟ "

أبعدت الجالسة أمامها يديها عنها وقالت بجدية

" ليس علينا البحث عن سبب ذلك الآن يا جمانة بل النظر له كورقة

رابحة في أيدينا ولن تكسب تلك المرأة شيئا طالما هو زوجك وهي

متزوجة وسيرفضها حتى إن عرضت هي نفسها عليه "

نظرت لها بيأس متمتمة

" وماذا إن طلقها شقيقه ؟ "

قالت تلك من فورها وبذات جديتها

" تبقين أنتي مفتاح ضمير المحامي لديه يا غبية وستكونين الكاسبة

نهاية الأمر فلا جده ولا والدي سيسمحون بأن يطلقك ولا أن

يتزوجها عليك ولا أخلاقه هو ستسمح له بأن يقيم معها علاقة

أساسها ليس شرعيا مهما كانت حدودها "

قالت ناظرة لها بانكسار

" تعتقدين هذا ؟ "

قالت ناظرة لعينيها

" بل أنتي من كان عليها أن تؤكده وأنتي من عاش معه وعرفه

لثلاثة أعوام يا جمانة ، هل رأيته يوما التفت لأي من تلك النساء

المحيطات به في كل مكان ؟ "

حركت رأسها بالنفي وقالت بحزن

" لا لكن هذه مختلفة يا جيهان وأنتي رأيت الأمر بأم عينك

وهذا ما رأيته أنا سابقا حين دخل بها المنزل يحملها بين

ذراعيه متشبثة بعنقه بقوة ، كنت أعلم أن الأمر لن يقتصر على

مشاعر انسانية تربطه بابنة عمه المظلومة كما يرى ، إنه يهتم

حتى بطعامها مصرا على أن تشارك الجميع فيه ، وهذا ما شهدته

وما أجهله سيكون أكبر بالتأكيد "

قالت الجالسة أمامها من بين أسنانها

" وجده كان موقفه سلبيا ولم أتوقعه وهو يبرر لوالدي المتضايق

مما يجري وأراه بات في صف حفيدته تدريجيا "

انسابت دمعة جديدة على ذاك الخد الممتلئ وقالت بعبرة

" بالطبع سيكون كذلك فهي حفيدته نهاية الأمر "

وقفت جيهان وتوجهت للنافذة ووقفت أمامها وقالت تنظر للخارج "

متى تقررت عمليتك التجميلية ؟ "

قالت تلك من خلفها باستغراب تمسح دموعها

" في الغد لكني خائفة من ردة فعل والدي وأخشى أن أغير رأيي

في الأمر "

قالت من فورها

" بل عليك إجرائها واتركي لي مهمة اقناعه بتقبل الأمر "

قالت مندهشة

" حقا يا جيهان ؟ "

التفتت لها وقالت

" بل والكثير علينا فعله وعليك تعلمه قبل أن تعودي هناك

وعلينا أن لا نتأخر أيضا ونضيع مزيدا من الوقت لنعطي الفرصة

لتلك المجنونة أو غيرها ولن تناله وإن بحثت عن واحدة

تسرقه منها "

نظرت لها الجالسة هناك بصدمة صارخة

" واحدة أخرى ! "

تصاعد الحقد والغضب الأسود في عيناها الجميلتان وقالت بتصميم

" بلى إن لم تحكمي أنت عقلك المغفل فلن تحضى به تلك المتوحشة

أبدا وإن جعلته يخوض غمار المحرمات مكرها وقولي جيهان

قالت ذلك فإما أنت أو لن يكون لأي امرأة ... بل سيكون

لكل النساء إلا تلك "


*
*
*

خرجت من الحمام والمنشفة ملتفة حول جسدها تحضن نفسها

بقوة جسدها يرتجف بأكمله وكأنها مصابة بالحمى ولا أعراض

لها فلم تكن تتوقع أن تصل الأمور لما وصلت له وأن كل ما سيحدث

أن تشعل نارا صامتة بينهما وانتهى الأمر وليس أن تتحول هي

لضحية وبذاك الشكل البشع ، وقفت أمام المرآة ونظرت لنفسها

بذعر ولوجهها الشاحب وكأنها شبح ميت !! لا بل هي ميتة الآن

بالفعل وما هذه سوى بقايا لتلك المرأة .. شفتاها جافتان مزرقتان

ومرتجفتان وجفناها حفهما سواد لم تعرفه من قبل وليست تفهم

كيف ظهر هكذا فجأة ! عيناها حمراوتان شاخصتان وكأنهما لازالتا

تعيشان ذاك الموقف والشعور حتى الآن ، مررت أصابعها المرتجفة

على عنقها ببطء وعلى ذاك الأثر اللذي لازال واضحا وتلك الأصابع

التي تركت علامتها على بشرتها البيضاء ... لم تتخيل يوما أن تعيش

ذاك الشعور ( الموت ) ظنت أنه يحدث للشخص مرة واحدة ويأتي

في لحظة واحدة ولم تكن تتخيل أنه يمكنها عيشه ثم العودة للحياة

مجددا لتعيش ذكرى ذاك الشعور مرارا وتكرارا !

أليس الموت في معتقداتهم مرحلة الزهو والراحة من العذاب الدنيوي

والانتقال تدريجيا للفردوس ؟ لكن ما عشته لم يشبه ذلك أبدا ...

هذا ولم تمت بالفعل !!

ضغطت على عنقها ببطء وتألمت ملامحها فورا بسبب الألم الذي

لازال ينبض فيه بقوة كلما لمسه أي شيء ، كان يفترض بذاك

الرجل المدعو شاهر أن يعيش هذا لا هي ؟ كيف انقلب مخططها

عليها هكذا ؟ ذاك وحش وليس ابن ! هي لم تتخيل للحظة بأن ذكرى

والدته المتوفاة مقدسة في قلبه درجة أن يقتل من أجلها !

أغمصت عينيها برفق ومر أمامها فورا حديث تلك المرأة التي

وجدتها فوقها ما أن استفاقت من ذاك السواد جسدها ينتفض

كالطير المذبوح ونظرت لها تلك السيدة نظرة عتاب وبدلا من أن

تقدم لها جرعة ماء أو تحاول سؤالها إن كانت بخير أو تحتاج

لطبيب قالت بلوم

" كنت متشوقة لرؤيتك ومعرفة المرأة الوحيدة التي جعلت شقيقي

يخرج من سجنه لنفسه في ماضيه لكني ندمت على تلك المشاعر

حقا وتمنيت أني لم أراك حياتي "


وتابعت وهي تقف غير مكترثة بتلك النظرات المصدومة

" إن كان غرضك قتل شقيقي شاهر وحرمانه من ابنه متحسرا عليه

ما عاش فقد فعلتها وبجدارة وعليك أن تهنئي نفسك بهذا ، وإن كانت
مجرد غيرة من امرأة ميتة فها أنا اخبرك الآن بأنك لن تأخذي مكانها

في قلب شقيقي مهما كان ما يحمله من مشاعر ناحيتك فهي بقعة النور

الوحيدة في ماضيه الأسود ولن تفعلي من أجله ما فعلته هي مهما

طال بك العمر "

وخرجت بعدها وتركتها آمرة الخادمة عند الباب أن تهتم هي بها .


رمت علب كريمات الترطيب من فوق الطاولة أمامها وانهارت جالسة

على الكرسي تضع يدها على صدرها وأنفاسها تخرج بصعوبة

ونظراتها شاخصة في الفراغ تتذكر مواجهتها الغير متوقعة بعدها

مع الرجل الذي ظهرت هناك لتنتقم منه تحديدا وظنت بأنه قاتلها

لا محالة بعدما حدث وصدمها بأن كل ما فعله أن نظر لها بصمت

قبل أن يدير لها ظهره وقال بجمود متوجها جهة باب تلك الغرفة

" قفي لنغادر "

فوقفت بساقين مرتجفتان وتبعته عبر أروقة ذاك القصر الفخم الذي

لو تركت فيه لوحدها لضاعت ، ظنت أن عقابها مؤجل فقط وأن

بدايته ستكون بأن يجردها من كل شيء وحتى كرامتها بلسانه

السليط ذاك وهما يغادران من هناك لكن رحلتهما تلك كان الصمت

المميت سيدها ورغم تجهم ملامحه وصلابتها وقسوة خطوط

وجهه إلا أنه لم ينطق بأي كلمة حتى وصلا ودخل شقته مغلقا

بابها خلفه بقوة ... لم يخنقها كإبنه ! لم يصرخ بها مزمجرا

بغضب كالعادة ! بل ولم يضرب رأسها بالجدار كما فعل سابقا

بأسنانها حين تحدثت عن تلك المرأة !! ولن تستبعد عقابا من نوع

آخر يخبئه لها خلف صمته ذاك وستكون تستحقه بالتأكيد فرغبتها

بالانتقام أعمتها تماما عن التفكير في النتائج وغيسي المراهقة

المتمردة التي لازالت تعيش كوحش داخلها بسبب كبت الماضي

نالت منها اليوم وبجدارة .

وقفت وتحركت من هناك بخطوات متعثرة وارتمت على ذاك السرير

الضيق تلف جسدها باللحاف الناعم منكمشة على نفسها ترتجف

تحته وشعرها المبلل أغرق الوسادة تحت رأسها بالمياه .


*
*
*


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:29 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.