آخر 10 مشاركات
نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          476 - درب الجمر - تريش موراي ( عدد جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          على فكرة (مميزة) (الكاتـب : Kingi - )           »          ♥️♥️نبضات فكر ♥️♥️ (الكاتـب : لبنى البلسان - )           »          328 - العروس المتمردة - جوليا جيمس (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          اتركي الماضي ميتاً- نوفيلا زائرة -لفاتنة الرومانسية :عبير محمدقائد *مكتملة& الروابط* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          سحر جزيرة القمر(96)لـ:مايا بانكس(الجزء الأول من سلسلة الحمل والشغف)كاملة إضافة الرابط (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          [تحميل] للــعشــق أســرار، للكاتــبة : فـاطيــما (مصرية)(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة

Like Tree35281Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-02-18, 10:33 PM   #7431

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




تبعتهم منذ وقت بسيارتها ولا أحد منهم يفهم كيف تحول


مسارهم من شقة ذاك الكنعاني للمستشفى ؟

كان اتصالا من كين وبكلمات مختصرة

( ماريه تعرضت لحادث واصطدمت سيارتها بإحدى

الأشجار وهي في المستشفى الآن )


جعلهم يغادرون المبنى الذي اجتاحوه لهدف كل واحد يراه في


الآخر وذاك الأصبع لم يبتعد عن الجرس حتى يئس صاحبه من


أن يكون مبتغاه هناك فاكتفى بضرب الباب بقدمه بغضب قبل أن


يشتعل أكثر مما كان بعدما علموا عنه وزميل لمارية يبلغ كين

بأنه وجد سيارتها مصطدمة بشجرة في طريق كامبيردج ولأنه

كان أمام قاعة المحاضرات لم يستطع فعل شيء سوى الاتصال

بوالدها ليصبح كل واحد منهم لقمة سائغة لتأنيب الضمير فما


كان عليهم تركها تغادر ولا أن ينخدعوا بقوتها اللحظية تلك


وصمودها ولامبالاتها رغم يقينها من أنه ليس ثمة قوى مزيفة


لدى تلك الفتاة فهي إن بكت لا تهتم لوجود أحد ولا السبب في


بكائها وإن تمسكت بقوتها العجيبة تلك لا تتخذ ذلك كقناع أبدا


ومتأكدة من أنها كانت تتوقع ما حدث وإن بشكل مختلف وسيكونا


تحدثا عنه البارحة .


نقلت نظراتها بين الواقفان قربها وتلك الملامح المتجهمة وكأن


كل واحد منهما يحمل نفسه ذنب ما حدث لكن المذنب ليسا هما


فقط وليس وحدهما بل جميع من عرف ماريا هارون ... جميعهم


أذنبوا في حقها وختامهم ذاك الهازاني الذي لو كان أمامها الآن


لقتلته لا محالة فمتى سيلتفت لها من حولها ؟ متى سيشعرون


بها ويفهموا بأنها ترى في ذاك الشاب ذاتها .. ماضيها ..


حاضرها ومستقبلها البعيد وأن محاربته لن تخدم ماريه في شيء


فهي تحتاج فقط أن تتعلم أن تعيش من دونه أن ترى سعادتها في


أشياء كثيرة بعيدة عنه أن تتخلص من كل شيء داخلها متعلق به


حتى طفولتها ، وذاك الشيء لن يستطيع تحقيقه سوى رجل آخر


وهذا ما هي موقنه من أن ماريه لن ترضاه أبدا وإن مات ذاك


الشاب وفقدته للأبد وليس موجودا في الحياة تراه وتسمع اسمه .
انتقلوا ثلاثتهم جهة الذي فتح باب الغرفة وخرج منها نظراتهم


المتوجسة تكاد تلتهمه لتتعاقب تنهدات الارتياح المتفاوتة حين


قال مبتسما


" الحادث لم يكن قويا وهي بخير ... بعض الرضوض فقط


وستشفى سريعا ، هي فقط لم تستعد وعيها بشكل جيد ولا تعي


فعليا لما حولها بشكل كامل وتحتاج لأن تبقى هنا ليومين


لتتحسن ونعيد الكشوفات والصور مجددا لنطمئن أكثر "


وغادر بعدما قال

" حمدا لله على سلامتها "


وابتعد مغادرا وما أن كانت ستتكلم لتطلب منهما أن يغادرا وتبقى


هي معها شهقت لا إراديا وهي ترى الذي خرج من آخر الممر


لتجعل شهقتها تلك الواقفان أمامها يلتفتان فورا قبل أن يتبادلان

تلك النظرات التي يتهم بها كل واحد الآخر بفعلها ويبدوا أن كل


واحد منهما مثلها تماما لم يتوقع وجوده هنا ويبحث عمن أخبره


فلم تستطع إزاحة نظراتها عنه وجميع تلك التعهدات بالنيل منه


ما أن تراه طارت أدراج الرياح وهي تراه يتوجه نحوهم بخطوات


واسعة واثقة متفجرة رجولة في أدق تفاصيله زادته تلك الملابس


التابعة للمنظمة التي يعمل ضمن حقولها هيبة كما زادتها رهبة


منه كالعادة وليست تفهم بسببه أم بسبب تلك الملابس السوداء


والحذاء الجلدي الطويل الثقيل وحتى الحزام المشدود حول خصره


النحيل يروي حكاية معقدة من العنف الذكوري المسيطر فبلعت


ريقها لا تحسد المدعوة ماريا أبدا سوى على هذه الوسامة

والرجولة أما باقي ما يتعلق به فلا تتمناه لأي أنثى ولا عدوتها


الغبية المدعوة ( إيلا ) .


كانت تنظر له وتعلم أنه ثمة أمر واحد فقط قد يختفي بعد قليل


وهو السلام الرائع المحيط بالمكان خاصة مع تلك النظرة في


عينيه وقد وقف أمامهم ونظر لوالدها تحديدا وكأنه لوحده في


المكان وحرك رأسه بتلك الطريقة التي لا يتقنها سواه وهو


يقول بحدة


" من هذا الغبي الذي تركها تخرج لوحدها وتقود سيارتها ؟ "


كم شعرت حينها برغبة متوحشة في لكمه على وقاحته تلك ففوق


ما فعله يأتي ليتهمهم بالتخاذل ناحيتها وهو على ما يبدوا يعلم


جيدا سبب ما هي فيه وبأنها ستكون علمت بأفعاله ؟ .


شهقت تمسك فمها بيدها حين تحقق ما حلمت به واقعا لكن


ليس بقبضتها هي بل الواقف على يمينها ومن تعامل معه قبل


قليل وكأنه شيء لا وجود له ولم يكن سوى من يفترض بأنه


والده الرافض تماما للاعتراف به ومن استطاعت قبضته


أن تجتاح تلك الهالة الرجولية المسيطرة لتصل لذاك الفك


الصلب ، وقبل أن يفيق الجميع من صدمتهم بما حدث وأن يفكر


ذاك في رد الدين كما ظهر جليا في نظراته السوداء كان جسد


والدها الأسبق وهو يقف حاجزا بينهما يحاول فقط إبعاده وهو


يتوقع رد فعل معادي منه لن يأمن عواقبه خاصة وأن من لازال


يشد قبضته بقوة صرخ فيه دون اكتراث لما فعل وما تقوله عينا


المواجه له


" هل أرضيت غرورك الذكوري هكذا ؟ أهذا ما كان ينقصك كرجل


أن تجرح امرأة تحبك ؟ "


ورغم محاولات والدها المضنية لمنع أي اشتباك بالأيدي بينهنا إلا


أن تلك اليد القوية امتدت لياقة الواقف أمامه والتفت أصابعه


حولها بقوة رغم أنه لم يحرك ساكنا ينظر له بغضب يشبه غضبه


ودوى ذاك الصوت الرجولي الصارخ


" أنت آخر رجل يتحدث عن جرح امرأة يا شاهر كنعان ..


آخر من يتجرأ على الدفاع عن النساء وآخر من يتهم غيره

بقتل إحداهن "


ليصرخ ذاك بالمثل لا يهتم مطلقا ولا بقبضته الملتفة حول ياقة


سترته وكأنه هو ابنه وليس العكس


" والدتك كانت تعلم ، كانت من رفض ووافق واختار .. تلك هي


الحقيقة واقتنعت بها أم لا يا تيم فتلك مشكلتك لكن ماريه لا


ومادمت اخترت غيرها فستطلقها وإن مرغما "


فأمسكت حينها الواقفة بينهم فمها بيدها تعلم جيدا ما عاقبة من


يتجرأ على ذكر كلمة طلاق أمام هذا النمر البري فهو لم يتقبلها


ولا من ماريه نفسها وجن جنونه ودخل منزلهم لأول مرة بسبب


ذلك ، وذاك ما حدث فعلا وما خشيته كان واقعا وهو يدفع والدها


بجسده بقوة وكأنه لا يساوي شيئا حين دفع قبضته للأمام بقوة


ليصدم ظهر والده بالجدار وقرب وجهه منه ومن ملامحه


الجامدة وصرخ فيه بغضب أسود


" إن كنت تريد أنت أن تتحول حياتك لجحيم فاسعى لذلك وفكر


أن تنفذه ... ماريه زوجتي حتى تموت أتفهمون هذا ؟ زوجتي


رغما عن الجميع وحتى عنها هي نفسها "


تحركت حينها يده لتصل لياقة سترته أيضا وشده منها قائلا بحدة


يحاول دفعه عنه بقوة


" زوجتك وتخطب غيرها ؟ تدمرها وبلا رحمة ثم تناديها


بزوجتك ؟ حرر الفتاة منك يا ابن شاهر كنعان ثم اعبث مع

الانجليزيات كما تريد يا عديم المسؤلية "


ولم تزد عبارته تلك سوى ذاك السواد في عينيه اشتعالا وبات


ما يخشاه الواقفان قربهما واقعا ويده الأخرى ترتفع في قبضة


مشدوة بقوة جعلت عم والدته يتدخل مجددا محاولا إمساكه عن


فعلها وضرب والده وهو من يعلم كغيره بأنها لن تكون الأخيرة ،


وما أن أمسك برسغه نفضه عنه بقوة كادت توقعه وهو يصرخ به


يحاول أن يتوازن دون أن يفلته


" توقف يا تيم فهو والدك فوق كل شيء "


فاستل يده منه بعنف صارخا


" ليس والدي ولا أنتم عائلتي ولن أعترف يوما بأشخاص تركوا


والدتي تموت متخلين عنها وبكل دم بارد "


فك شاهر نفسه وياقته من قبضة أصابعه صارخا


" وما الذي تفعله أنت الآن ؟ تتخلى عن زوجتك ... تقتلها


وتتركها يا ابن والدتك ؟ "


فأبعد هو أيضا حينها يده عنه بحركة عنيفة وقال متوجها لباب


الغرفة المغلق


" هل ما تريده أن أثبت لك العكس ؟ ولهذا أنا هنا "


ليقف أمامه هذه المرة العنصر الصامت في المجموعة والتي


وقفت بينه وبين ذاك الباب ترفع ذراعيها صارخة بغضب "


الطبيب قال بأنها متعبة ولم تتعافى بعد فاتركها للألم الجسدي فقط


وابتعد عنها هذه الفترة فهي تلقت خبرك الرائع بصمود ورمتك


خلف جرحك لها فاتركها وشأنها لبعض الوقت على الأقل حتى


تتخلص من بقاياك "


كانت تعلم بأنها تلعب لعبة أخطر منها لكنها ترفض وبشدة أن


يأخذها من هناك عنادا في والده وما قال فقط .. أن يرميها في


النار التي اختار أن يعيش فيها هناك فينهيها وللأبد بقتلها شيئا


فشيئا .. ذاك ما لم تختاره ماريه لنفسها وعليهم منعه من فعله


الآن وبعدما فقد كل هذا معناه لديها ، لكن مصيرها وكما توقعت


لم يكن أفضل من سابقيها وهو يمسك ذراعها قائلا من بين أسنانه


" ابتعدي عن طريقي فأنا لا أريد أن تمتد يدي على امرأة

أخرى "


ورماها جانبا وكأنها شيء لا يساوي وزنا لتجد في الكرسي


المثبت بالأرضية الرخامية منقذا لها من السقوط أرضا تراقب


نظراتها الحانقة الذي فتح باب الغرفة بقوة ودخل وصرخت به


دون اهتمام لما سيفعله بها أيضا


" ماريه لم تعد تريدك لما تريد أن ترى ذاك واقعا أمامك يا


متعجرف فكما تركتها من أجل أخرى ستفعل هي ذلك يوما تأكد


من ذلك يا كتلة الغرور "


وتنفست بقوة تستوي واقفة تنظر بغضب للذي خرج من الغرفة


يحمل بين ذراعيه من لا تعي مما يجري حولها شيئا يدفن وجهها

في صدره فوقفت أمامه مجددا مستمرة في الصراخ في وجهه

" لما لا تفكر لمرة واحدة بعقلك وليس بالشر المستوطن


داخلك ؟ "


وتلقفت أنفاسها الغاضبة غير مبالية بنظراته السوداء القاتلة

تلك كما لم يكن ثمة ردود أفعال ممن تركهما خلف ظهره ولا

بمنعه أو منعها فإن جهل أحدهما فالآخر يعلم جيدا ما تكون ابنته

ومن تكون تلك الشقراء نصف العربية التي رباها ويعلم جيدا

عنادها وجنونها ولم يرفض ذلك يوما في شخصيتها لتستطيع

الأخذ بحقها حيث عاشت وستعيش مستقبلا وواثق بأنها من

ستفعل ما عجزا هما على فعله بيديهما وذاك ما حدث فعلا ولم

تقصر هي فيه أبدا وقد عادت للصراخ في وجهه مشيرة له

بسبابتها

" ليكن معلوما لديك فقط بأن هذه التي تمارس سيطرتك وغرورك

عليها ليست كما تراها ويصورها لك عقلك وبأنك خسرت ثقتها

وستستمر في خسارتها فتخسرها وتخسرها حتى تنتهي من

داخلها أو تنهيها من الوجود ولن يبكي فقدها غيرك حينها ...

لا أحد عداك لأنك أكثر منها تحتاجها "


تلت كلماتها تلك لحظة صمت عميقة مخيفة قبل أن يضرب الواقف

أمامها بقدمه وحذائه الثقيل الأرض تحته صارخا فيها بالمثل

" ابتعدي عن طريقي وتوقفي عن قول الترهات قبل أن أضربك

بهذا وافقدك قدرتك على الانجاب ما حييتِ "


لتلجمها كلماته تكلك من جرأتها وقد حولتها لتمثال جامد وهو

يجتازها بخطواته الواسعة الغاضبة وكالمتوقع تماما حدث ما يريد

وما أراد ورغما عن الجميع فالتفتت مع حركته تنظر لقفاه تزم

شفتيها بغضب وهو يغادر بها ضاربا حتى قوانين ذاك المستشفى

عرض الحائط ، وما أن اختفى عند نهاية ذاك الرواق التفتت

خلفها مجددا ونظرت للواقفان يراقبان مكان اختفائه أيضا

بنظرات تفاوتت بين الاستياء والتجهم وقالت بضيق

" لما لم تمنعاه ؟ أيرضيكما ما يفعله بها ؟ "

لكن كلامها ذاك لم يجد ردا من كليهما وأحدهما يشيح بوجهه

جانبا في صمت والآخر يغادر المكان أيضا بصمت يشبهه

فضربت بقدمها الأرض متأففة باحتجاج وتوجهت جهة إحدى
النوافذ الممتدة على طول ذاك الممر ووقفت تراقب الذي خرج

من باب المستشفى وتوجه لمواقف السيارات وغادر من هناك

بما أتى من أجله بل وترك عمله ولثاني مرة في تاريخه بسببه

وبسبب رسالة وصلت هاتفه تخصها مجددا وإن كانت هذه

المرة ليست منها كسابقتها .

وضعها في السيارة وغادر من هناك يثبتها حاضنا لها بذراعه

ونظراته الجامدة الجوفاء والخالية من أي تعبير لم تفارق الطريق

أمامه .. يكره أن يقارن بما فعل ذاك الرجل بوالدته ..

يكره أن يُنظر له كما نظر هو لذاك الرجل حين التقاه أول مرة

اكتشف فيها أنه على قيد الحياة ليشعر حينها بوالدته تموت من

جديد وأن مأساة طفولته تعرض أمامه بجميع تفاصيلها


وبأقسى مما كانت وعاش ، أخفى ذقنه وشفتيه في ذاك الشعر

البني الحريري يقبل بصمت رأس النائمة في حضنه ونظره

لازال على الطريق أمامه يتحكم في حركة المقود بيد واحدة

وتلك العبارة تتكرر أمامه رغم محاربته المستميتة لها

( خسرت ثقتها وستستمر في خسارتها فتخسرها وتخسرها

حتى تنتهي من داخلها أو تنهيها من الوجود ولن يبكي

فقدها غيرك حينها ... لا أحد عداك لأنك أكثر منها تحتاجها )

ركن سيارته في المواقف الخاصة تحت البناية ونزل وأنزلها

يحملها بين ذراعيه وصعد بها السلالم ودخل شقته ضاربا

بابها خلفه بقدمه وأخذها لغرفته فورا ، يتصرف بجنون

أجل يعلم .. لا يفكر في العواقب والنتائج .. أجل ولن يهتم أيضا

ولن يبالي ، وضعها برفق على السرير وجلس ثانيا ساقه تحته

وأبعد خصلات شعرها عن وجهها ومرر ظهر سبابته برفق على

الكدمة الحمراء الخفيفة تحت جفنها قبل أن يقبض أصابعه بقوة

مشيحا بوجهه عنها وتنفس بعمق مغمضا عينيه ووقف وتوجه

للنافذة ووقف أمامها تراقب عيناه السماء الصافية من خلف

زجاجها المعتم وأحداث البارحة تتقاسمه كالفريسة وهو يتذكر

الرفض القاسي لكليهما وذبح كلاهما للآخر ودون رحمة ...

ألم يترك الخيار لها وهي اختارت ؟

ألم ترفضه وبكل بساطة فماهذا الذي يحدث الآن وما سبب ما

فعل !

لما ترك كل شيء خلفه وسارع لها ما أن علم بما حدث ؟

لما هي هنا لماذا .... ؟

مرر أصابعه في شعره بعنف واستدار من فوره وتوجه لباب

الغرفة وأغلقه بالمفتاح وسحب الأريكة الثقيلة بقوة حتى ألصقها

به وعاد جهة ذاك السرير الواسع والنائمة فوقه لازالت لا تعلم

شيئا عما يحدث حولها ، استلقى بجانبها مستندا بمرفقه وأمسك

ذراعها بيده الأخرى وسحبها لحضنه وطوقها بذراعه ودس

وجهها في عنقه وأصابعه في شعرها الناعم ووجهه في خصلات

ذاك الشعر هامسا من بين أسنانه

" غاضب منك ماريا .. لو تعلمين كم غاضب منك ومن

نفسي قبلك "


*
*
*

وقف أمام باب الغرفة ينظر للسرير الذي يتوسطها تحت تلك

النافذة الزجاحية بل تحت ضوء القمر المتسلل لا بل للنائمة فوقه

تحضن تلك الوسادة البيضاء بقوة تخفي وجهها فيها ..

الكفيلة وحدها بجعل قلبه يمر بجميع انفعالاته في ذات الوقت ..

تراقب عيناه ونظراته التي لجأت لسرير والدها الذي رباها

ولوسادته الباردة لتهرب لهما من كل شيء حتى ممن كان سيفقد

عقله لا محالة إن وصلت لذاك المكان الذي كانت تنوي الذهاب له
، كان يعلم بأن منعها بالقوة أمر لن يصعب عليه ولكان الحرس

الذين وكلهم بمراقبتها ما تركوها تجتاز أول مدينة بعد العمران

لكنه يعلم أيضا بأن ذلك سيزيد الوضع سوءا وستراه مذنبا أكثر

من السابق فتركها رغما عنه تواجه حقيقة من كانت على استعداد

للمغامرة بحياتها كي لا يفقد هو حياته ثم يخرجها من هناك ومن

بين عيني ذاك القذر ، كما أمل أيضا بأنها أذكى من أن تنطلي

عليها حيله وأن تحسب الأمور بشكل آخر لذلك اتصل بابنتها

وطلب منها أن تتحدث معها فتيما ستكون آخر ما قد يدفعها

للتعلق بالحياة وبعالمه وإن من أجلها .


أخذته خطواته للداخل نظره لا يفارق ذاك الجسد ولا حين انحنى

ورفع سترتها السوداء الطويلة المرمية أرضا قرب السرير

ووضعها على طرفه برفق لازالت تقوده خطواته نحو نظراته

نحو ضربات قلبه الذي كان يصرخ شوقا واحتياجا نحو التي

اختارت كل شيء حتى الجماد وذكرى الراحلين عليه بينما لا

يستطيع هو اللجوء لغيرها وحتى من قسوة الجماد وذكرى

الراحلين عنه .

جلس برفق قرب رأسها مولية ظهرها له كل ما يظهر منها طرف

وجنتها التي لم يخفيها شعرها الحريري الطويل ولا تلك الوسادة

التي تخفي ملامحها عنه ويدها وأناملها الرقيقة تحضن ذراعها

العاري تلفهما بقوة حول تلك الوسادة نائمة بسكينة تتنفس

بهدوء وكأنها لم تنم يوما ، رفع يده ولامست أصابعه شعرها

ببطء ونعومة حتى غاصت في سواده الكثيف ورفع تلك

الخصلات لوجهها يستنشقه مغمضا عينيه وكأنه لم يعرف رائحة

الأشياء يوما تستشعر شفتيه نعومته التي عذبه الاحتياج لها كلما

حاصرته همومه طيلة الأعوام الماضية وكلما اشتاق لأن يشعر

بالراحة .. بالطمأنينة وبأن كل شيء في العالم يسير على ما

يرام .


ترك تلك الخصلات لتنزلق من أصابعه بنعومة واقترب منها ببطء

سامحا لقبلاته بالاكتفاء وإن جزئيا منها وبأن تنال كل ما ستحصل

عليه وهو ينتقل بها من وجنتها لكتفها فذراعها العاري نزولا

لأناملها الرقيقة يقبلها واحدة واحدة يحاول فقط إبعاد يديه عنها
وبشق الأنفس قبل أن يتصلب جسده فجأة وقد لفت انتباهه الخاتم

في يدها الأخري ..

خاتم الزواج الذي ألبسها إياه سابقا ولم يراه في أصبعها بعد ذاك

الحفل مطلقا ! هل اختارت ارتدائه الآن تحديدا لتصل به هناك

لذاك الرجل لتخبره بأنها متزوجة وبأنها ملك له ..؟

للرجل الذي يقاتل باستماتة ليسلبها منه ؟

أهذا ما كانت تنوي فعله !

دفن وجهه في خصلات شعرها المتناثرة خلف عنقها واستلقى

ببطء خلفها وطوق جسدها وتلك الوسادة وكل شيء مرتبط بها

بذراعه يدفن وجهه في ذاك الليل الحالك أكثر يقبله بشغف

باحتياج بشوق فها هنا يجد مطر شاهين نفسه يجد ملاذه من كل

همومه ويجد المتنفس لكل ما يؤرقه ... يجد مطر الذي تركه هنا

قبل أن يغادر مبتورا من كل شيء حتى مشاعره لتبتلعه تلك

الدوامة وكل تلك الأعوام ولتعلمه معنى الفقد والاحتياج ...

لم يتخيل يوما أن قربها سيكون عذابا أقسى حين سيحرم منه

مجددا حتى دخل البلاد تلك الليلة بعد وفاة شراع صنوان بأيام

ونام هذا الجسد في حضنه مجددا واختبرت شفتاه ملمس تلك

الشفتين الناعمة من جديد وشعرت يداه بملمس التي علمته نعومة

جسدها أنه ثمة مسميات أخرى للحرير الطبيعي الذي يتحول

لإدمان لا يشبه غيره أبدا ، ظن أن الشوق قد ينطفئ حينها لكن

الابتعاد مجددا بعدها لم يزده إلا عذابا فكان رجوعه للوطن من

جديد خياره الذي ما كان لعقله أن يتغلب على قلبه ومشاعره

فيه .


دفن وجهه في شعرها أكثر يحاول فقط تمالك نفسه كي لا يتهور

أكثر وتشعر بوجوده من بين نومها العميق الذي يتمسك به

جسدها باستماتة بعدما افتقده لأيام فهو مثلها تماما يحتاج لأن

ينام .. أن ينام نوما حقيقيا لا تحسده همومه عليه فهو لم يعرفه

منذ حرم من تطفلها ليلا عليه تجتاح حتى نومه لتجد مكانا لها فيه

فكانت توقظه وتحرمه النوم لتنام هي ، تتالت قبلاته لشعرها

وعنقها يتذكر تلك اللحظات التي لم ينساها يوما وهي تتعمد

إيقاظه ليلا ورغما عنه أحب ذلك أم كره لأنها استفاقت ولم

تستطع النوم ولا تريد البقاء مستيقظة وحدها وعليه أن يسمعها

وهي تتحدث حتى تنام ، عشق مشاغبتها له وعشق تمنعه عن

الاستيقاظ متعمدا لتستخدم أساليبها الأنثوية في إجباره على فعل

ما تريد ، بل يذكر تحديدا تلك المرة التي انقلب فيها على بطنه

وأخفى وجهه في الوسائد تحته رافضا الانصياع لجميع

محاولاتها لإجباره على ما تريده فلم يشعر سوى بجسدها الذي

احتضن ظهره ويداها تتسللان تحت خصره وتلك القبلات الناعمة

تعبث بعنقه مدمرة حصونه بلا رحمة قبل أن تهمس قرب أذنه

بذاك الصوت الرقيق الناعم

( أرني كيف ستنام وتتركني الآن )

وكان عليه فقط أن يقاوم بما تبقى لديه قبل أن يسقط صريعا وتلك

القبلات تبحث عن مكانها في عنقه وصولا لنحره وتلك الأنامل

الرقيقة الناعمة تجد مسارا لها تحت قميصه القطني الضيق

لعضلات معدته المسطحة المشدودة فينتهي الأمر بأن تصبح هي

تحته وهو من يتوعدها لا هي فتبتسم له تلك الابتسامة الكفيلة

بإشعال أعتى الرجال ودك حصونه وتهمس بجملتها المعتادة تلك

( المهم أن تستيقظ حتى أنام أنا )

فيحصل كل منهما على ما يريد بل وليحصلا على أمر واحد

أراده كليهما ... حيلة ماكرة كان عليه أن يفهمها من أول مرة لا

من الثانية فليس ثمة من توقظ رجلا ليتحدث معها لأنها لم تستطع

النوم بل ولمرتين في ليلة واحدة ...

بل هي أساليب النساء في نيل ما لا يقلنه مباشرة لكن هذا لم

يسمع عنه سابقا فثمة نساء يجدن أفكارا لجذب الرجل للسرير

لكن أن يجذبنه من نومه فهذا ما كانت تنفرد به تلك المشاغبة

عن غيرها كما كل شيء فيها .

رفع رأسه وجسده وسبقته قبلاته الخفيفة لوجنتها يتمنى فقط أن

يدفن وجهه في تلك الوسادة ويجد مبتغاه ويصل لتلك الشفتين

يفكر بأسى ما كان سيكون رد فعلها إن لعب ألاعيبها في الماضي

وسرقها من نومها ؟ يعلم بأنه سيكون الرفض وسيكون ذات رد

فعله هو حين حاولت فعلها بعد عودته من سفره المشؤم ذاك

حين رفضها وبكل قسوة بعدما بادلها قبلاتها المشتاقة المتلهفة

تلك ليجعل عقابه لها أقسى مما كان عليه ... كان كل ذلك له

ملكه يكاد يحسد نفسه عليه فلا رجل غيره امتلكه قبل أن يفقد كل

ذلك وكل شيء فما الذي أفقده إياه ... ؟ المدعوا جبران أم أبناء

غيلوان أم الوطن وخشيته من أن يحارب صنوان ويفقد مشاعرها

نحوه بل ويفقدها بجميع تفاصيلها وللأبد ؟ وفي النهاية

.... فقدها ... فقدها ومهما اختلفت الأسباب والمسميات فقد

أفقد نفسه إياها لكي تكون موجودة في الحياة وإن لم تكن

له ... فقط ليعلم بأنها في مكان ما لازالت له ولازالت بخير.


تراجع عن كل تلك الأفكار المجنونة وعاد للاكتفاء بأن يشعر

بوجودها في حضنه وأن يستشعر قربها فقط وليحضى هو

أيضا بنوم يشبه نومها فهذا ما يحتاجه بالفعل وأكثر من أي
شيء .


*
*
*



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 10:36 PM   #7432

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




أوصلته تلك السيارة لبداية مزرعة جارهم الأقرب لهم رغم بعده

عنهم بسبب طبيعة تلك المناطق الزراعية وكان ممتنا له وإن كان

أوصله لبداية المدينة وليس حتى هذه المسافة فقد اضطر

للوقوف في الطريق وانتظار سيارة تقله ومر به هذا الرجل بعد

أن سار على قدميه لمسافة طويلة حتى تفطرتا من الألم ليرسل له

الله تلك السيارة كرحمة من السماء ولم يمانع صاحبها أبدا في أن

يقله في طريقه بل وأصر أن يوصله لغرير رغم أن طريقه كانت

ستنتهي قبلها بكثير ففاعل الخير لا يحار في نفسه أبدا لأن

حسناته تتبعه حتى يأخذ جزاءه عليها في الدنيا قبل الآخرة .

سار بخطوات مسرعة فحتى إن كان فقد سيارته ونقوده جميعها

وقد لا يستطيع أخذها من هنا فعلى الأقل تراه وتعلم بأنه لم يخلف

وعده لها بل وسيخرجها من هذا المكان وإن شحذ في الشوارع

ليطعمها ويؤويها ولن يتركها لهم ليوم آخر بما أنها وافقته على

فعلها أخيرا .

دخل المزرعة وغضن جبينه ينظر لبهرة الضوء الحمراء الخفيفة

بعيدا وبدأت تلك الرائحة التي اسغربها قبل دخوله بالتسلل لرئتيه

بشكل أكبر وأوضح فتحركت خطواته مسرعة بل وراكضا يتخطى

كل تلك الأشجار المثمرة المزروعة في صفوف متساوية قلبه

سيخرج من مكانه من شدة ما كان ينبض ومخاوفه تزداد عظما

كلما اقترب من هناك أكثر يريد فقط أن لا يفكر في أن منزلهم ما

يحترق هناك بما أنها ليست أشجار المزرعة ولا المحصول وحتى

أن يكون ذاك الحريق أبعد من مجال رؤيته ويكون بعيدا عن

مزرعتهم ، ورغم أن الوقت قارب الفجر بقليل إلا أن تلك النيران

المتأججة احتاجت وقتا لتأكل كل شيء يتبع لذاك المنزل أيضا بل

وحتى الاسمنت الذي يغطي جدرانه وقررت أن لا تنطفئ قبل أن

تأكل كل شيء وحتى نفسها .

وصل حيث بعض الرجال من الجيران مجتمعين وكل واحد منهم

يصفق يديه أو يحرك رأسه متمتما بأسى

( لا حول ولا قوة إلا بالله )

والأنظار تراقب بقلة حيلة تلك النيران التي لازالت تأكل ما أبقته

في الداخل ولم يجتمعوا حول ذاك الحريق إلا وقتها بسبب

المسافات التي تفصلهم عن بعضهم ، ركض نحوهم وصرخ يشد

كل واحد فيهم من كتفه لينظر له

" ماذا حدث ؟ من أشعل النار ... ؟ أين هم عائلتي ؟ "

كانوا يتحدثون جميعهم ولم يكن يفهم من حديثهم شيئا لا يعلم

بسببهم أم بسبب الطنين المرتفع في أذنيه بل وفي رأسه بأكمله

وكل ما فهمه هو إشارة أحدهم لمكان ما فنظر لتلك الجهة بضياع

تبحث عيناه بأمل كسير وتحرك هناك مسرعا حتى وقع نظره على

الواقفة تحت إحدى الأشجار تمسك بيديها ابنيها التأمان فركض

ناحيتها صارخا من قبل أن يصل لهم

" أين هي يمامة ؟ "

فابتسمت بشر قبل أن يصل لها وتصبح في مجال رؤيته فها هو

طعمها الآخر وصل في الوقت المناسب وقبل والده الذي

استطاعت إبعاده الليلة ، قالت حين وصلها وببكاء تمثيلي

" لازالت في الداخل لقد أغلقت الباب على نفسها ورفضت

الخروج ، كنت أعلم بأنها ستفعل شيئا بنفسها وبنا "


حرك رأسها نفيا صارخا

" لا لن تفعلها وتقتل نفسها فهي كانت تنتظرني "

وركض كالمجنون جهة المنزل الذي بدأ سقفه الطيني المشتعل

يتهاوى تدريجيا تراقبه تلك النظرات بمكر قبل تتحول لغضب

مكبوت تشتم بهمس الذي شعر به من الواقفين هناك وركض

ناحيته وأمسك بذراعيه بقوة مانعا إياه من الاقتراب قبل أن يلحق

به البقية يصرخ مبعدا له

" لا أحد في الداخل ماذا تريد أن تفعل يا مجنون سيقع السقف

عليك "

صرخ ببكاء يحاول الفكاك منه

" شقيقتي في الداخل اتركوني اخرجها أو أموت معها "


قال الذي بدأ يسحبه معه مبتعدين به

" شقيقتك ليست هناك لقد خرجت لا أحد في المنزل يا يمان "

نظر له بضياع من بين دموعه هامسا " ليست هناك ! لكن

هي قا..... "

قاطعه قائلا بانفعال

" عمران كان من وصل أولا قبل أن يبلغنا وذهب منذ وقت لطلب

النجدة وقال أنه ثمة شاب أخذها من هنا وقال بأنه خطيبها ، لقد

أخذها هي وخادمتكم "

نقل نظره بينهم بضياع هامسا

" أبان !! لكن هو ! و.... ووالدي أين هو ؟ "

قال أحدهم

" ليس هنا وسيارته ليست موجودة ، زوجته قالت بأنه لم يرجع
منذ خرج مساءً "

تهاوى حينها على الأرض جالسا على ركبتيه وهمس حامدا

الله ودموعه لم تتوقف عن النزول ونظره على بقايا ذاك المنزل

المتهاوي ببطء ولن يتخيل ردة فعل والده كيف ستكون إن علم

وهو من كاد يقتلها بسبب احتراق المخزن فقط فكيف بالمنزل

كاملا وتلك المرأة ستتهمها كسابقتها بالتأكيد ، حمد الله هامسا

بوجع أن كان أبان الأسبق لها منه هذه المرة وسيعرف كيف

يحميها جيدا منهما ومن كل شيء بما أنه أخرجها وفعل ما عجز

هو عن فعله ... شقيقها الذي علقت آمالها عليه ومن تحملت كل

ذاك الأذى من أجله بل ووصية والدتهما له ليثبت للجميع الآن

وأولهم نفسه بأنه فاشل .. فاشل وبجدارة فماذا إن لم يأتي أبان

ويخرجها ؟ ماذا كان سيحدث لها ؟ ستحترق وتموت .. هذا إن

لم تعش مشوهة تعذبه برؤيتها أمامه ما عاش .

أطرق برأسه ودفن وجهه في كفيه وبكي ... بكى بنحيب بوجع

وما أشده بكاء الرجال وما أقساه فلا تخرج تلك العبرة من

أضلعهم إلا والوجع فيها فاق كل شيء خلق الرجل لتحمله ...

بكى وبكى كل شيء ... نفسه والدته ماضيه حاضره وحتى

مستقبله وهو يشعر بعجزه عن فعل كل ما كان عليه فعله ...

كل من يعتمد عليه خذله ، بنى نفسه من داخله ليكون كما أرادت

من أنجبته وحرمت من رؤيته يكبر أمامها ويصبح رجلا ورغم كل

ذلك فشل ... فشل حتى في أن يكون نفسه وها هو خسر كل شيء

حتى عمله الذي لن يستطيع الوصول له مجددا وهو بلا مال

ولا سيارة ... خسر منزله ثيابه أغراضه وشقيقته التي لن

يستطيع أن ينظر لعينيها مجددا بعدما خذلها ووعدها وأخلف .


*
*
*







جلست بشهقة مفزوعة تبعد شعرها المتناثر عن وجهها

تنظر بذعر للذي جلس وأمسك ذراعيها هامسا

" غسق هذا أنا لا تخافي "

وقد بدأ أيضا بإبعاد خصلات غرتها عن وجهها والتي أصبح

طولها مؤخرا يوازي ذقنها فأنزلت رأسها وغرست أصابعها

فيها لتنساب بنعومة من بينهم وهمست بصوت مرتجف

" يا إلهي مطر أفزعتني .... لقد أفزعتني "

فأمسك رأسها وقبله واتكأ عليه بجبينه وشد على أسنانه كي

لا يتفوه بأي كلمة وهو يدرك جيدا سبب هذا الفزع

والخوف فهي توقعت أن يكون ذاك المدعو جبران فهل كان

ليتجرأ لفعلها ومشاركتها السرير أم أنه خوف في داخلها

فقط ... ؟

توقف يا مطر لا تترك لجنون مشاعرك نحوها الفرصة

للتحكم بك مجددا ، طوق جسدها المرتجف بذراعيه يشعر

بضربات قلبها المرتفعة ما أن لامست يداه ظهرها فلازال

جسدها يعيش ذعر ما حدث وارتختا عنها طوعا حين استلت

نفسها منه وما أن فكرت في مغادرة السرير أمسكها من

ذراعيها مثبتا إياها ونظر لعينيها رغم تجنبها النظر له وقال

بهدوء

" أرى أننا في المكان المناسب يا غسق فلنتحدث قليلا أو

استمعي لي فقط على الأقل "

حركت ذراعيها محاولة التخلص من قبضته هامسة برفض

" لا أريد اتركني أذهب يا مطر فلا حديث بيننا عما أصبح

عمره بعمر ابنتك الشابة "

شد أصابعه على ذراعيها أكثر مقربا لها منه ليترفع رأسها

ويقترب وجهه من وجهها وقال ناظرا لتلك الأحداق التي

توارت عنه ببطء تحت جفناها الواسعان

" بلى ستسمعين لي يا غسق فكل ما كنت تجهلينه بات

واضحا لديك وعلينا أن نتحدث ... علينا أن نتحدث عن

كل شيء "

حركت رأسها برفض مميلة له للأمام حتى التصق جبينها

بذقنه فقبله بعمق مغمضا عينيه على همسها الخافت

" لا تقتلني أكثر يا مطر "

أمسك وجهها ورفعه له ونظره على جفناها اللذان كشفا عن

تلك الأحداق السوداء الواسع وضاعت نظراته بحيرة في

ذاك الاحمرار الذي اكتحل به طرفا جفنيها السفليان وقد

التمعت حدقتاها بألم مدفون جعل قلبه ينقبض بقوة من ذاك

المعنى فيهما وانفرجت شفتاها ببطء هامسة بتلك الكلمات

المتأنية

" لا تجعلني أكرهك ما حييت يا مطر .. لا تفعلها فقسما ذاك
ما سيحدث "

شد أصابعه يغرسها في ذاك السواد الحالك أكثر وشدها

لحضنه يدفن تلك الملامح والعينان والنظرة الكسيرة في دفئ

حضنه يشدها له بذراعه بقوة وأصابع يده الأخرى تتغلغل

في ذاك الشعر الحريري يدفن تلك الملامح أكثر حيث القلب

الذي لازال ينبض من أجلها ومن أجل رؤيتها في الحياة

وإن كانت بعيدة عنه يطفئ الشوق بالألم والحنين بالندم

يخمد النيران بإشعالها أكثر وأكثر يستمر في شدها لحضنه

وقبلاته ترسم حدودها حيث لم تكتفي بعد تختبر شفتاه

نعومة ذاك الشعر مجددا ودون رحمة ولا اكتفاء نزولا حيث

ماذا لا يعلم ولا يهم فها هي تفرد خيوط اللعبة في يده

مجددا ... لم تقل بأنها كرهته وانتهى ... بأنها سترفض

سماعه للأبد وبأنه مات في داخلها بل طلبت أن لا يفعل ذلك

... أن لا يُفقد نفسه حبها المدفون تحت جراحها وألمها منه

لكن كيف وكل شيء ضدهما ؟ كيف وهو من عليه أن

يجرحها ويقتلها في كل مرة ليحتفظ بها ؟ .

دفن وجهه في شعرها وتأوه بهمس رجولي عميق حين

خرج صوت نشيج بكائها الخافت تدفنه في أضلعه وأصابعها

تشتد على قميصه جهة صدره بقوة يشعر أنها تقتلع

أوردته بها مع كل عبرة مكتومة ترفض تحريرها فهو يفهم

ما مرت به هنا البارحة وما أحدثه فيها ما علمته بالأمس

وهي تواجه حقيقة بكل تلك البشاعة وها هي تبكيها في

حضن السبب فيها تحديدا ، مسح على شعرها يشدها له

أكثر وهمس عند أذنها

" كنت مرغما يا غسق اقسم أنه كان رغما عني ...

أخطأت في جزء وكنت مرغما في الآخر قسما بمن خلق الذي

ينبض بك ولك "

وارتخت ذراعاه ينظر لها بصمت وهي تسحب نفسها من

حضنه وغادرت السرير من دون أن تنظر له ورفعت سترتها

قبل أن تغادر الغرفة بخطوات سريعة فقفز خارجه أيضا ولحق

بها ونزل السلالم مسرعا وأدركها قرب الباب وأمسك بذراعها

موقفا لها وأدارها جهة الجدار المجاور له ملصقا ظهرها به

فرفعت نظرها له محدقة في عينيه وقالت بضيق ينافي تلك

الدمعة التي انزلقت من رموشها الكثيفة ببطء

" مطر لا تتحدث عن شيء ... أي شيء واتركني أرحل لما


لا تفهم ؟ "


لن يتحدث حسنا وأجل لن يفعل ذلك لكن أن يتركها ترحل فذاك ما


لم يوافقه عليه لا قلبه ولا عقله وهو يرفع يديه لوجهها يسجنه


بين تلك الأصابع الرجوليه الطويلة ودون أن يترك لها وقتا ولا


لتفكر فيما ستكون خطوته القادمة أمال رأسه نحوها بحركة


سريعة وانقض على تلك الشفاه الناعمة المغرية القاتلة المذنبة


في حقه والتي حرم منها حتى شاخ قلبه قبل كل شيء فيه فلا


رحمة الآن يا مطر لا ترحمهما أبدا ... أجل خذ ما كان لك وسلب


منك جورا وظلما اقتص من كل شيء فيهما .. من الفراق من

التضحيات ومن السنين التي سرقت منك كل هذا .


كان يرفض الابتعاد بل ويخشاه .. يخشى أن يبعد شفتيه


ويحررها لبرهة فيفقد كل هذا فكيف وجسدها المتصلب قد بدأ


يرتخي ومقاومتها بدأت بالتراجع ببطء فلم يزده ذلك إلا دكا


لذاك الحصن العالي الذي بدأ بالانهيار ويده تلتف حول خصرها


يشد جسدها لصلابة جسده وأدار رأسها بحركة عنيفة ينتزع حقه


من تلك الشفتين أكثر وبجرأة واندفاع أكبر لم يعرفه كليهما في


مطر شاهين .. يطالب بكل شيء في مرة واحدة وفي قبلة واحدة


حتى شعر هو نفسه بأنه بدأ يؤذيها وأن جسدها لن يتحمل جنون


واندفاع عاطفته أكثر فحررها منه رغم أنها لازالت سجينة


ذراعيه وقد سند يديه بالجدار على جانبي رأسها ينظر لها منحن


الرأس أنفاسه القوية تكاد تمزق ودون رحمة أزرار ذاك


القميص الناصع البياض تراقب نظراته التي كانت تحني رأسها


أيضا تغرس أناملها البيضاء وسط تلك الغرة الحريرية وتغطي


بظهر أصابع يدها الأخرى شفتيها وأنفاسها فاقته صعوبة في


اجتيازها لحلقها قبل أن تنزل بهما للقميص الضيق تعيده مكانه


فانحنى برأسه هامسا من بين أنفاسه عند أذنها


" لم يكن حديثا هذا يا غسق بل ولم ينتهي بعد "


وما أن حدث ما كان يتوقعه وحاولت التحرك من مكانها منعها


منزلا يده لتصبح ذراعه حاجزا بينها وبين الباب بجانبهما

واقترب منها بغتة ودفن وجهه في عنقها وقبله بسرعة وهمس

" لنمضي هذا اليوم هنا ولن نتحدث عما ترفضين التحدث


عنه "


دفعته عنها وقالت بضيق تدفع ذراعه تحاول الفكاك من


سجنه لها


" هل جننت ؟ من هم في سنك أحفادهم يركضون حولهم "


لف ذراعه حول خصرها يمنعها من الوصول للباب الذي كادت


تخرج منه وقال بضحكة خفيفة من خلف أذنها


" ومن هم في مثل سنك لازالوا ينجبون الأبناء .. ثم ألا


يمكنك أن تحسني الظن بي مرة واحدة "


ضربت بقبضتها على رسغه المطوق لخصرها وقالت تقاوم

بضعف لمساته وقبلاته لعنقها


" مطر ابتعد .. قلت ابتعد "


لكن ذلك لم ينتهي هناك وقد انحنى للأسفل ممررا يده تحت


ركبتيها ورفعها بين ذراعيه بخفة وسهولة وتوجه بها للسلالم


وصد بها يقاوم ضرباتها واحتجاجها العنيف يصعد العتبات


بخطوات واسعة وقال وهو يدفع أحد الأبواب بقدمه


" هذه غرفتك هنا سابقا أليس كذلك ؟ "


ورماها على السرير فيها فورا فقالت بضيق تبعد شعرها تحاول


النهوض منه


" لن تنجح في هذا يا مطر ، لن تغرس ذكراك في هذا المنزل


أيضا .. لن أسمح بذلك "


ثبتها منحن فوقها يشبك أصابعها بأصابعه يثبت كفاها بجانب


رأسها بقوة وهمس ناظرا لعينيها الغاضبة


" بل فعلت وانتهى ولن تقاومي يا غسق تعرفين نفسك جيدا "


ما كان ليجبرها على ما لا تريده وكان فقط وكما قالت يريد


لذكريات أخرى أن تحتفظ بها في داخلها لهذا المكان ولن


يسمح لها بقتل نفسها بكل هذا .. بتعلقها بذكرى الراحلين


حتى ترحل روحها معهم ليتركوا له جسدها الخاوي الميت فقط ..


لن يسمح لهم بفعلها فهي له .. له هو ليست لهم جميعهم ،


انحنى لعنقها يقبله بشغف رغم تمنعها وكان ذاك غرضه فقط

لكن ما حدث وقتها جعل كل شيء يتغير والهاتف في جيب

بنطلونه الخلفي يرتفع برنينه الخفيف وتوقع فورا من سيكون


فهو كان هاتفها والذي أخرجه من سيارتها قبل دخوله هنا ورأى


تلك الرسالة التي أرسلتها له قبل وصولها تخبره بأنها اقتربت


من اليرموك لكنها لم تصل حتى الآن لأنها تراجعت عما تعلم جيدا


بأن فعله لن يكون في صالح الجميع وأولهم هي نفسها ، لن


يهزمه هذه المرة لن يسمح له بفعلها وها قد حانت الفرصة ليري


ذاك الجبان مكانه الحقيقي بينهما وهو المشاهدة فقط والموت في


صمت ، أدار يده وأخرج الهاتف من جيبه ونظر لاسمه أولا


وتأكد من أن شكوكه في محلها فلا أحد غيره سيتصل بها الآن ،


بينما توقفت النائمة تحته عن محاولاتها المستميتة للخلاص منه

رغم إفلاته لإحدى يديها تنظر بتوجس لملامحه وعيناه الغاضبة


وقد فتح الخط بحركة عنيفة من إبهامه ورماه على السرير بجانب


رأسها وكتم أي كلمة قد تخرج وقتها من شفتيها بشفتيه وأصابعه


تفتح أزرار قميصها بحركة سريعة عنيفة فثوان فقط ....


هي ثوان معدودة وستستسلم له وإن مكرهة فهو من سبق ونام


معها ويعرف جيدا ما يضعفها حد الاستسلام وتسامحه بعدها أم لا


لا يهم المهم أن يعلم ذاك الجبان أين هي الآن ومع من وفي أي


وضع هما ، وليسمع مما سيحدث ما يريد وإن استمع لكل شيء


لنهايته .


*
*
*



التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 15-02-18 الساعة 07:33 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 10:37 PM   #7433

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




تركها تبكي في حضنه دون قيود ... بلا حدود ودون أن يبعدها

ولا أن يفكر في فعل ذلك تمسح أصابعه على شعرها الحريري

برفق بل وكان يريد فعل المزيد والكثير الكثير أكثر من ذلك وكل

شيء حوله يقيده .. سئم من شتم نفسه وحظه ومن ترديد ذات

تلك العبارات الجوفاء وأن كل ما عليه فعله حينها أن يطمر تلك

المشاعر ولا يسمح سوى لمشاعره كقريب لها أن تتحكم فيه وما

أقسى فعل ذلك .. هو أشبه بأن يكذب أحدهم كذبة ويقنع نفسه

بأنها حقيقة درجة أن يصدقها ... ! إنه جنون وكذب يحاك من

الكذب وأضحوكة لن تعذب غيره .


ارتخت ذراعاه وأنزل نظره للتي غلبها النعاس ودموعها لازالت

تعانق وجنتيها تنام على صدره فمرر أصابعه ببطء على وجنتها

المحتقنة بالدماء قبل أن يقبضهم مبعدا إياهم ووقف وحملها بين

ذراعيه ووضعها على سريرها برفق وسحب اللحاف على

جسدها وأبعد الخصلات التي تمردت على وجهها ووقف على

طوله والتفت للواقفة خلفه تنظر للنائمة على السرير بحزن وقال

" كوني بقربها ولا تتركيها أبدا "

أومأت برأسها بحسنا دون أن تبعد نظرها عنها واجتازها هو

مغادرا الغرفة فتلك المهمة لا يستطيع القيام بها وإلا لما

تركها لحظة حتى تستيقظ فيكفيه حتى هنا فقد تلقى من

العذاب ما يكفي ، غادر الغرفة مغلقا بابها بهدوء وما أن

اجتاز ذاك الممر وأصبح في البهو الواسع وقف مكانه ينظر

للواقف أمام باب مكتبه ومؤكد ينتظره وليس يعلم منذ متى

ومتى أساسا غادر تلك الغرفة فهو لم يكن يعي شيئا مما

يحدث حوله ولا يسمع سوى صوت ذاك الأنين الباكي

المتكسر وسط أضلعه ، وقد حدث ما توقعه تماما وهو

يستدير ويدخل مكتبه قائلا بجمود

" تعالى يا وقاص "

فتنفس بعمق وتوجه نحو ذاك الباب المفتوح فتلك المواجهة

واقع لا مفر له منه إن كان الآن أو في وقت آخر ، دخل مغلقا

الباب خلفه ونظره على الجالس على كرسي مكتبه تمسك يداه

بطرف الطاولة ... طريقة جلوس يعرف جيدا مايتبعها ولم

يتأخر ذلك عنه كثيرا وقد قال صاحبها بجمود

" ستشرح الآن ما حدث هناك ؟ "

قال ببرود

" لست أعلم أكثر مما تعلمه أنت "

قال فورا وبضيق

" وقاص لا تتغابى فأنت تعلم جيدا عما كنت أتحدث فاشرح

لي فورا ما فعلت وقلت وما طبيعة العلاقة بينكما ؟ "

لوح بيده قائلا بضيق

" جدي أنت تتهمني في أخلاقي أو تتهمها وهي أنزه من

أن تفكر في ذلك مجرد تفكير "

ضرب الطاولة براحة يده صارخا

" ما حدث أمامي ينافي ما تقوله يا ابن ضرار وهي تناديك

وتستنجد بك تحديدا وأنت لم تقصر أبدا في تقديم ذاك

العرض العاطفي "

أمسك جبينه بأصابعه قبل أن يبعدها مبعثرا ذاك الشعر المرتب

قائلا بحدة

" جدي بالله عليك هل كان خطأ أن استنجدت بمن فكر فيها

كإنسانة وكشخص من العائلة التي نبذها فيها الجميع ؟

أم أخطأت أنا حين فكرت في منحها الأمان الذي تبحث عنه

ولا تطلبه دوما بل ولا تجده أيضا ؟

بأي قلب كنت تريدني أن أعاملها وكأني جدار لا يشعر بما..... "

صرخ مسكتا له

" يكفي ... أنت لم تجب على السؤال الذي تعرفه جيدا وتدور

حوله بخبث محامٍ نسي بأني من رباه وها أنا للمرة الثانية

والأخيرة أسألك يا وقاص ما هي طبيعة العلاقة بينكما ؟ "

شد قبضتيه بقوة و...... كذب .. ولأول مرة وعلى هذا الرجل

تحديدا وهو يقول بجمود

" ابنة عمي ولست راض عما يحدث لها "

" فقط ؟ "

رماه بها مباشرة وبحدة ودون رحمة فأغمض عينيه متنهدا

بعمق فلو لم تكن زوجة شقيقه ما كان ليكون جوابه كذلك وإن

كان متزوجا .. لكان قالها وبلا تردد : أحبها ولم أشعر نحو أي

امرأة رأيتها حياتي كالذي شعرت به نحوها ، لكن الواقع أقسى

من أن يسمح له بفعلها خاصة مع تحديق الجالس أمامه ينتظر

جوابه فقال بجمود يستل أوردة قلبه مع كل حرف

" فقط "

نظر له بصمت لبرهة ويعلم بأنه لا يستطيع تصديقه لكنه لم

يكذب عليه يوما وهو يعلم ذلك جيدا ولن يكون أمامه خيار

سوى أن يصدقه وإن بالصمت فقال بجمود

" وزوجتك يا وقاص أما كانت تستحق جزءا من هذه الإنسانية

التي توزعها على الجميع ؟ "

تبدلت ملامحه للضيق فورا فقال بحزم قبل أن يتحدث

" لا تكرر لي اسطوانتك المعتادة فجميع النساء يخطئن ويلجأن

لأهلهن ويكون على الرجل أن يسعى لإنقاذ حياته من الدمار "

أشاح بوجهه عنه متمتما ببرود

" ذاك حين يكون ثمة حياة بينهما "

" وقااااص "

صرخ فيه آمرا أكثر من كونه محذرا فنظر له وضرب بكفه

على صدره قائلا بضيق

" ولما لا أحد يشعر بوقاص ؟ لما هو من عليه أن يكون

المثالي دائما ؟ إن لم تسأموا أنتم من مشاهدة هذا الدور

فقد سئمت أنا من أدائه "

وتابع بحدة راميا يده جانبا

" ألا يحق لي كبشر أن أخطئ ؟ أن أتخذ قرارات عاطفية

مجنونة تريح قلبي وليس عقلي ؟ لما أنا من عليه أن يتغاضى

عن أخطاء غيري ولا أكون المخطئ وليراعيني الجميع ؟

لقد عشت معها لثلاث أعوام أعطي وأعطي وأعطي دون أن

آخذ .. أتغاضى وأتجاهل ما يقتل أي رجل ويدمر رجولته

وكان علي أن أراعيها وآخذ دور المذنب في حقها والنتيجة

ماذا كانت ... ؟ تمردت عليا لأن وقاص المثالي لم يستطع يوما

أن يجعل زوجته تخاف من مخالفة أوامره وأن تحسب لرأيه

وغضبه أي حساب لأنه وبكل بساطة سيصمت ويتغاضى

ويسامح كالمعتاد بل ويعتذر ويحمل نفسه الذنب "

وقف الجالس هناك وقال بضيق

" أنت من لم تساعدها يا وقاص .. هي كانت تحتاج للمساندة

لتثق في نفسها لا أن تعاملها كطفلة وكأب يراعي أخطاء

وعيوب ابنته لتكبر أولا "

لوح بيده قائلا بضيق

" هذا كان على عائلتها أن يغرسوه فيها لا أنا فأنا لم أتزوجها

ابنة العامين بل شابة عمرها اثنان وعشرون عاما فما هذا الذي

سأغيره وأغرسه فيها ؟

حين وافقت اختيارك ولم أعارض ظننتك ستبحث لي عن

الأفضل كما كنت دائما .. أردت زوجة تكملني تفهمني ترضي

رغباتي كرجل ولم أكن أعلم بأنك تبحث عن نسب عائلة لم

تهتم ولا بالجلوس مع ابنتهم وتفقد اختيارك وإن لخمس

دقائق لكنت علمت بأنها لا تليق بي البتة لكنك لم تهتم ..

ولما ستهتم فوقاص لن يعارض ولن يمانع وسيعيش معها

ويتأقلم ، وإن لم يجعلها مثله فسيصبح هو مثلها

وانتهى الأمر "

لوح بسبابته جهته قائلا بحدة

" لا تتحجج بي يا وقاص ولا تنسى بأنه لا ذنب لزوجتك في كل

هذا .. هي إنسانة كابنة عمك تماما تحتاج لفرصة للمساندة

وللصبر فهل ستعاملهما بالمثل إن كانتا كلتيهما زوجتاك ؟ "

تنفس بعمق محاولا تهدئة نفسه وإن كان موقنا من أنه لا جدوى

من ذلك وقال بملامح مشدودة

" جدي هل أفهم ما مناسبة الحديث في أمر ناقشناه كثيرا حتى

بات موضوعا متلفا للأعصاب ولعلاقتي بك فأنا ظننتك ستتحدث

عن حالة زيزفون وما قد نفعله من أجلها لا لتتحدث

عن جمانة ؟ "


عاد للجلوس قائلا بضيق

" لا شيء في حالة زيزفون نتحدث عنه سوى بأنها تحتاج لأن
تعود للمصح مجددا "

قال بصدمة

" ماذا ..؟ للمصح النفسي مجددا ! "


قال بذات ضيقه مشيرا برأسه جهة الباب خلفه

" أجل أم لم ترى حالتها أمامك وهي تهذي وتتحدث عن أمور

ليست موجودة ؟ "

شد قبضتيه بقوة وقال بحدة

" ليس صحيحا هي لا تهذي وليست مريضة ولن ترجع للمصح

النفسي أبدا لأني قسما من سيخرجها منه في اليوم التالي "

أدار كفه في وجهه قائلا بضيق

" قل .. قل مجددا بأنها لا تعني لك سوى أنها ابنة عمك "

لوح بقبضته قائلا بذات نبرته الحادة تلك

" هل عليا أن أكون عاشقا لها لأدافع عنها وأشعر بها ؟

أي اضطهاد هذا ؟ "

صرخ فيه من فوره

" ليس ثمة رجل يقول لامرأة ما قلت ولا يكون مت..... "


قاطعه صارخا بالمثل

" توقف يا جدي رجاء ولا تنسى بأنها زوجة شقيقي ..

لا تجعلني أكره نفسي وأنفيها من هذا المكان وللأبد "

ضرب على الطاولة تحته بقوة صارخا

" ومنذ متى كنت تواجه مشاكلك بالهرب منها يا وقاص ؟

بل ومن المنزل بأكمله ! هل سنصبح في نجيب آخر ؟ "

تنفس بعمق مستغفرا الله في داخله وقال بجمود

" جدي هل أفهم ما المطلوب مني الآن ؟ "


قال من فوره وبضيق

" تحدث مع زوجتك ، عاملها كإنسانة واسألها متي سترجع ،

أشعرها بأنه لها مكانة لديك ولو جزء من المئة وأعطي الفرصة

لكليكما لتجدا حلا لمشاكلكما في غرفتكما وليس في منزل عائلتها

أو مكتبي "

قال بذات جموده

" وتعطيني خاتم جدة زيزفون ؟ "

صرخ فيه من فوره

" تساوم بزوجتك يا وقاص "


لوح بيده قائلا بضيق

" أنت من فعلها سابقا فلا تنسى ذلك أو أنك ستعترف بأن تلك

المرأة لم تفقد مكانتها لديك كل هذه الأعوام ؟ "


نظر له نظرة شاركه مثيلتها وكأنه يتحداه ليثبت العكس حتى

قال بجمود

" أخرج هاتفك واتصل بها "


فتنفس بحدة مبعدا نظره عنه .. فجده هو جده لن يتغير أبدا بل

ويحسده أحيانا على براعته في طمر مشاعره والتحكم فيها درجة

أن لا يُظهر في أي لحظة ضعف مشاعره وندمه المدفون على

خسارته للمرأة التي أحب وخسرها بسببه حتى أن كبريائه منعه

من الاعتذار منها بعد أن علم ببراءتها قبل أن تموت وبأبشع

طريقة كانت تلك ، قال بجمود

" لن أفعل ولن أهدر كرامتي أكثر مما فعلت من أجل وهم وقسما

لا يمسكني عن تطليقها سوى تقييدك بشرط أن لا يطلق نجيب

زيزفون "

صرخ فيه من فوره

" وقاص توقف عن الجنون وعن الرضوخ لتلك المرأة لتنهيك

نهاية الأمر وتذكر فقط حديثي هذا يوما ما فزيزفون لن تحبك ولا

كقريب لها .. لا يمكنها أن تحب أيا منا .. هي مريضة بالشر

والانتقام وتستغلك ليس إلا وحين سيحين الوقت المناسب ستوجه

ضربتها لك وتقضي عليك تماما وعلى الجميع حينها تباعا ، هي

لم ترسم تلك المرأة في لوحة جوش الناقصة بل رسمت نفسها

وستقضي عليكما كلاكما وتخرج من كل ذلك وبسهولة "

قال بذات جموده

" لا يهم إن كان هذا ما سيجعلها تشعر بأنها أنصفت نفسها

وسيسدد ديوننا ناحيتها "

وما أن أنهى عبارته تلك فتح الباب وخرج ضاربا له خلفه وترك

الذي رافقته نظراته كما أنفاسه الغاضبة قبل أن يدفن وجهه في

يديه مستغفرا الله بهمس ثم رفعه ونظر للهاتف بجانبه ورفع
سماعته وأجرى اتصالا أجاب صاحبه سريعا قائلا

" مرحبا سيدي "

قال من فوره وبملامح متجهمة

" ماذا حدث معكم ؟ "

قال ذاك من فوره

" نحن نراقبه ولم يغادر مكانه حتى الآن "

قال بضيق

" تحدث معه وأخبره أن يرجع فورا ، قل له جدك يأمرك بالعودة

للمنزل أو سأرسل من يحضره رغما عنه "

وضرب بعدها سماعة الهاتف بقوة ووقف وغادر المكان

الذي بات يخنقه وبشدة .

*
*
*


غضنت جبينها تحاول فتح عينيها تستغرب كل ذاك الألم الذي

تشعر به في كامل جسدها قبل أن تفتحهما ببطء وحدقت في

السقف والثريا المعلقة والديكور الخشبي والأضواء المخفية فيه

وعلمت فورا أنها في مكان لم تراه سابقا ! حاولت رفع جسدها

بأحد مرفقيها وأدارت يدها مميلة جسدها لتنهض بمساعدتها وما

أن وقع نظرها على الجالس عند نافذة الغرفة المفتوحة انقبض

جسدها لا شعوريا في محاولة أكبر للنهوض فصرخت متألمة

وانحنت برأسها على الوسادة تحته ووصلها ذاك الصوت البارد

مغلفا بجمود قاتل

" إن كنت تفكرين في القفز خارجه فتراجعي عن الفكرة ، أم

انسيت بأنك احتضنت شجرة ما في طريقك لجامعتك ؟ "


خبأت عيناها في كفها ولازالت على انحنائها المائل ذاته وغرتها

الناعمة القصيرة نزلت بانسياب تبعتها خصلات من شعرها

تناثرت على الوسادة تحتها ففوق ألم جسدها وقلبها ها هو يزيدها

ألما بكلماته .. لا وغاضب أيضا السيد تيم بل ويمزح مزاحا

سخيفا متعمدا ... من هذا الذي يحق له الاستياء من الآخر

والغضب منه ! قبضت أناملها على قماش الوسادة الناعم ما أن

وصلها ذاك الصوت البارد مجددا

" استلقي جيدا فجسدك لازال متضررا "


" خذني للمنزل "


كانت تلك الكلمات المختصرة الجوفاء الشبيهة بكلماته فقط ما

صدر عنها وما خرج له من بين ذاك الشعر البني الحريري

المتناثر على وسادته فأطفأ سيجارته يسحقها في المطفأة

الكريستالية قبل أن يعود لجلوسه السابق ناصبا قدمه وحذاءه

الثقيل على حافة النافذة الجالس عليها وأراح ساعده على ركبته

يدير بيده الأخرى مسدسه الشخصي ونظره لم يفارقها ولم يعلق

بشيء فخرج صوتها البارد مجددا

" لماذا أنا هنا ؟ "

أبعد نظره عنها هذه المرة بل ورفع رأسه وأتكأ به على اطار

النافذة وقال ببرود

" لأنك تريدين هذا بالطبع "

عم الصمت من طرفها للحظات فأمال رأسه ونظر لها لحظة أن

قالت ولازالت على وضعها ذاته

" أنا لا أريد هذا ولم أطلبه منك فأعدني لحضن شجرتي تلك "

رفع رأسه مجددا ممررا فوهة مسدسه تحت ذقنه وقال بسخرية

" ومن هذه التي كانت تصر على أن نكون معا وعلى أن يكون

لها مكانا في حياتي وواقعي وأن ذاك ما كان يؤرقها

في علاقتنا "

اشتدت كلتا قبضتاها على تلك الوسادة هذه المرة فها هو حديثه

ارتقى لأسلوب التجريح وهي من يستحق كل هذا لأنها من أراد

ذلك فعلا وطالب به ، تجاوزت ألمها وإهانته وقالت بثبات

" كنت ... وكان ولم يعد ذلك موجودا "

" كاذبة ... توقفي عن قول الاكاذيب ماريا "


وانقلب ذاك المزاج مجددا ولكن للغضب هذه المرة وهو يصرخ

بها ولم يتأخر تعليقها أيضا وهو يخرج من أعماق جرحها وقد

ارتفعت يدها لشعرها وتغلغلت أصابعها فيه

" وإن قلت قسما بأنه أصدق من مشاعرك نحو والدتك "

كانت تعلم بأنه لن يستطيع تكذيبها بعد ما قالت وذاك ما حدث

فعلا وقد وقف على طوله وقال بحدة ناظرا لها

" تعترفين بأنك كنت تكذبين في كل ما قلته عند ذاك النهر

ماريا ؟ "


خرج صوتها باردا بقسوة مجددا

" قلت ذاك كان .. وكان أصدق ما قلته حياتي لكنه بات من

الماضي يا تيم "
اشتدت أصابعه على مقبض حديد مسدسه البارد كالجو الجليدي

الذي بات مسيطرا بينهما وحرك رأسه تلك الحركة الخفيفة

الرافصة وقال بحزم

" ارفعي رأسك وانظري لي وأنا أتحدث معك ماريا "

لم تتحرك ولم يصدر عنها إي تعليق فقال بأمر

" مارياااا "


فهمست بما وصله جيدا تدفن جبينها وملامحها في الوسادة أكثر

" لا أريد فمت من غيظك "

لترتسم تلك الابتسامة الطفيفة على طرف شفتيه القاسية فهذه

الفتاة تتمسك بعبارات طفولتها أكثر من تمسكها بالحياة وما

يبعده عنها الآن جسدها المليء بالرضوض ولأنه يعلم بأن نتائج

اقترابه منها ستكون سلبية إن هي أفقدته أعصابه ببراعتها

المعهودة في فعل ذلك ، رفع يده والمسدس فيها ووجهه نحوها

وقال وتلك الابتسامة لم تغادر شفتيه بعد

" ارفعي رأسك ماريا أو أفرغت ما في هذا المسدس فيه "

قالت مباشرة

" افعلها لترتاح من وجودي نهائيا "


شد على أسنانه هامسا باليونانية " Τρελός " ( غبية )

وغير اتجاه فوهته لصدره هذه المرة قائلا بجدية

" سترفعين رأسك أو أفرغته في صدري ... وها أنا اقسم

بأني صادق صدق مشاعري اتجاهها هنا "

فجلست حينها ورفعت الوسادة ورمتها جهته بقوى واهنة

بالكاد أوصلتها لنصف المسافة بينهما قبل أن تضم يدها لها

متألمة وقالت بضيق محدقة في عينيه

" لا أريد البقاء هنا ولا أن أكون معك "

نظر لعينيها بصمت ولتلك النظرة التي لم يعرفها فيهما سابقا

وهذا ما كان يريد معرفته ما في عيناها لا ما يقول لسانها وها هو

بالفعل خسر تلك الثقة داخلها ويبدوا أنها حقيقة لن تكون أول

خساراته ، تحرك حينها جهة الباب ورفع قدمه للأريكة المسندة

عليه ودفعها دفعة واحدة قوية ثم فتحه بقوة على اتساعه قائلا

بضيق

" تذكري فقط هذا ماريا وبأنك من رفص فلا أحد يلقي عليا

باللوم مستقبلا وأخبري بذلك عم والدك وزوج ابنة شقيقه

ليتوقفا عن التبجح واتهامي "

أخفت الألم في عينيها متجنبة النظر له وغادرت السرير دون أن

تعلق تجاهد نفسها وألمها لتغادر بأكثر سرعة تستطيع الحراك

بها رغم تعثر خطواتها والألم المريع في ساقها اليمنى وغادرت

الغرفة وتوجهت لباب الشقة دون أن تلتفت لأي من تفاصيلها

فلا تريد أن يحفر شيء في ذاكرتها من هذا فقط كي لا تسمح

لعقلها مستقبلا بتخيلهما معا هنا ، نزلت عتبات السلالم الأولى

بصعوبة وبات الأمر أشد ألما ما أن بلغت منتصفه فجلست واتكأت

على الجدار الملاصق له ونزلت دموعها رغما عنها الواحدة

تتبعها الأخرى فضمت ركبتيها ودفنت وجهها ودموعها فيهما

ولم يعد يمكنها السيطرة على أي شيء وألم قلبها أشد من ذاك

الذي يفتك بجسدها لم تعد تهتم بأحد ولا شيء ولا حتى بتلك

الخطوات بكعب حذاء امرأة وهي تجتازها صعودا دون أن تهتم

صاحبتها لما مرت به ، وما هي إلا لحظات وتوقفت تلك

الخطوات ويبدوا عند باب الشقة الذي تركته خلفها مفتوحا

وكأنها التقت بأحدهم عند بابها ووصلها ذاك الصوت الأنثوي

الرقيق

" أوه تيموثي حبيبي أنت هنا ؟ تعجبت من باب الشقة

المفتوح ! "


وقفت حينها ولم تعد تشعر بأي من ذاك الألم في جسدها

المرتجف تحاول فقط نزول باقي العتبات لتتوارى عن المكان

قبل أن ينزل برفقتها أمامها فغادرت تاركة خلفها من نظر

حوله ثم للواقفة أمامه والتي قالت عاقدة حاجبيها الرقيقان

" هل الفتاة الجالسة في السلالم كانت هنا تيموثي ؟ "

عاد للنظر حوله بضياع ومرر أصابعه في شعره متأففا ، يريد

اللحاق بها فحالتها لا تسمح بتركها تغادر وحدها وما كان

عليه أن يفقد أعصابه ويفعلها من البداية ولا يمكنه فعل ذلك

في وجود هذه المرأة وكان على العقل أن ينتصر على القلب

هذه المرة لكن ذلك لم يحدث وهو يجتازها قائلا باستعجال

" انتظريني في الداخل لوسي وسأكون هنا بعد قليل "

ونزل عتبات السلالم مسرعا حتى كان في الأسفل ووقف في

الشارع ينظر حوله ولا أثر لها فيبدوا أن الحظ قد أسعف

أحدهما ووجدت سيارة أجرى بسرعة نادرة ، تصلب جسده

ما أن شعر بتلك الذراعان تلتفان حول خصره والشفاه الناعمة

تداعب عنقه قبل أن تهمس صاحبتها

" تيموثي لا تقل بأنها صاحبة تلك الحقيبة ؟ لا تغضبني منك

أيها اليوناني النزيه "


ابتعد عنها يشغل نفسه بالهاتف الذي أخرجه من جيبه وهمس

بجمود

" تلك قريبتي لوسي وهي تعرضت لحادث بسيارتها

وليست بخير "

قبل أن يتحرك من هناك وتبعته التي تمسكت بذراعه تحدثه

مبتسمة ترفع نظرها له والريح تلاعب خصلات شعرها وغرتها

أمام وجهها يجيبها باختصار مبتسما بخفوت تاركان خلفهما قلب

يتحطم هناك عند جدار البناء الضخم تبكي جدرانه الصماء

الباردة مع تلك العينان وصاحبتها تحضن برودها تخبئ دموعا

بها أكثر مما تخفي نفسها تراقب من بين تلك الدموع الحارقة

الذي فتح باب سيارته للتي ارتفعت على رؤوس أصابعها وقبلت

خده سريعا قبل أن تترك ذراعه وتركب ويغادرا من هناك لم يبقيا

لها سوى تلك الصور التي لم تنزل مع باقي دموعها ولا مع

جسدها المتعب وهو ينزل للأرض ببطء عبراتها ليس لها ولا

الصدى في تلك الأحياء الراقية المترفة وإن سمعوها ، لهذا ما

كان عليها أن تكون هنا ... لأجل كل هذا عليك أن تموتي ماريه

ولا تكوني معه ... هذا ما كنت تخشينه أرأيت ما أقساه .... ؟

أجل موتي هكذا تحطمي وأخرجيه من قلبك نهاية الأمر

وموتي وحيدة .

*
*
*


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 10:40 PM   #7434

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




خرج من حمام الغرفة ولازال يجفف شعره بالمنشفة في يده

ونظر مبتسما للنائمة نصف جسدها في جهته من السرير

ورأسها مدفون في وسادته وذاك الشعر البني الطويل المموج

متناثرا حولها فرمى المنشفة واقترب منها وجلس على طرف

السرير وانحنى جهتها وحرك أصبعيه السبابة والوسطى على

ذراعها العاري في خطوات بطيئة وصولا لظهرها يمسك ضحكته

بسبب تمتمتها قبل أن ترمي يده عنها وخرج صوتها مستاءا

تدفن وجهها في الوسادة أكثر

" رعد ابتعد عني واتركني أنام قليلا "

فضحك وقبل كتفها العاري ووقف وتوجه للخزانة أخرج قميصا

وقال وهو يلبسه

" إنها العاشرة يا كسولة وأستغرب أين غسق عنا حتى الآن

فهي دجاجة بلا ديك تستيقظ باكرا ولا تترك أحدا ينام "

وتابع بضحكة يغلق أزرار قميصه الأبيض

" تذكرني بممرضة ما فاشلة عرفتها في الماضي توقض

مريضها من قبل الفجر ليتناول فطوره "

وراقب مبتسما التي تحرك كتفاها ضاحكة فرمى ربطة العنق

من يده وتوجه نحوها وجلس على طرف السرير وانحنى

جهتها وأحاط جسدها بذراعه ودفن وجهه في شعرها وقبل

خدها من فوقه هامسا

" هيا صباح الخير ثنانيتي عليك توديع زوجك يكفيه

الاستيقاظ متأخرا "

رفعت رأسها وجسها بمرفقيها ورمت شعرها جانبا

ونظرت له قائلة باستغراب

" أين ستذهب ؟ "

وقف وقال يدس قميصه في بنطلونه الكحلي الفاخر

" لحوران عليا أن أكون في القصر الرآسي قبل الواحدة "

عبست ملامحها متمتمة

" ومتى ستكون هنا ؟ "

ضحك ضحكة صغيرة وجلس مجددا ثانيا ركبته وقبلها بعمق

قبل أن يقف قائلا

" في الغد ... لن أستطيع أن أكون هنا قبل ذلك حبيبتي "

فعادت لدفن وجهها في وسادته مجددا متمتمة بضيق

" غادر هيا "

خرجت ضحكته دون شعور منه وقال متوجها للخزانة مجددا

" اتركيني أرتب أموري أولا آستريا وأعدك برحلة لن تنسيها

حياتك ، أنتي تعلمي أن الأمر حدث دون ترتيب "

" غااادر ... "

ضحك مجددا وحمل سترته السوداء وربطة العنق وما أن كان

سيتحرك نحوها أوقفه صوت رنين هاتفه فتوجه نحوه مبتسما

على تلك العبارة الأنثوية الحانقة
" ألا يكفي إزعاجه طوال الصباح ؟ "

نظر لإسم المتصل وأجاب وهو يرفع مفاتيحه

" أجل يا مطر "

وصله صوته الجاد فورا

" هل شقيقتك في المنزل ؟ لقد دخلت العمران منذ قليل فتأكد

من أنها وصلت "

توجه جهة باب الغرفة مسرعا وقائلا باستغراب

" وأين كانت لتصل الآن ؟ "

نظر للهاتف شاتما بهمس حين اكتشف بأنه يتحدث مع نفسه وأن

من في الطرف الآخر قال ما لديه وأغلق الخط ، فتح باب الغرفة

وخرج فورا وما أن خطى خارجها عدة خطوات وقف مكانه ينظر

للتي وقفت أمامه لخروجها من بداية الممر تمسك سترة سوداء

في يدها تلبس قميصا بدون أكمام وبنطلون أسود ! يستغرب أن

فعلتها أمامه فهي حريصة في لباسها أمامهم منذ صغرها بل

وحجابها أيضا لا وجود له في الصورة ولا يراها تعي لذلك وقد

تحرك نظرها فورا جهة الغرفة المجاورة لغرفته والمفتوحة ثم له

فقال باستغراب محدقا بعيناها المجهدة من البكاء وبشكل واضح

ورموشها التي لم تجف الدموع منها بعد

" غسق أين كنت ؟ "

اشتدت أناملها على ذاك القماش الأسود وأبعدت نظرها عنه تنظر

حولها بضياع قبل أن تمرر أصابعها في غرتها هامسة

" أين الكاسر ؟ "

نظر لها مستغربا واقترب منها حتى وقف أمامها وقال

" غسق ما بك ؟ "

فاستدارت هامسة

" لا شيء "

وغادرت وخطواته تتبعها ينظر لها بحيرة وهي تصعد السلالم

مسرعة حتى اختفت عن نظره فرفع هاتفه لأذنه بعد اتصال لم

يتأخر صاحبه في الإجابة كما كلمات رعد المستعجلة

" ما بها ؟ "

" أين هي أعطها الهاتف "

حدق عاليا وقال باستياء

" صعدت لغرفتها ... مطر ماذا حدث ؟ حتى متى سترجعها لنا
نصف حية نصف ميتة ؟ "

ساد الصمت للحظات قبل أن يصله ذاك الصوت الرجولي المبحوح

هادئا

" كونوا بقربها يا رعد ولا تتركوها تسجن نفسها في غرفتها ...

ثمة رحلة مستعجلة أمامي لإحليل "

وانقطع الاتصال معه مجددا وباختياره بالطبع فشد أصابعه على

الهاتف وصعد السلالم مسرعا حتى وصل باب غرفتها وطرقه

مناديا

" غسق هل يمكنني الدخول ؟ "

ولا مجيب وليس بإمكانه فتح الباب والدخول لها رغم أنه سحب

المفتاح منه سابقا وجميع نسخه لكنها تبقى ليست شقيقته ولا

يمكنه الدخول لها واحتواء حزنها واحتضانها كما يريد وكما

يحتاج وتحتاج ، اتكأ بجبينه على الباب ولا شيء بيده غير ذلك

فلا يمكنه فعل أي شيء لمن كانت تقف في الجانب الآخر لذاك

الباب أيضا تمسك بكائها وشهقاتها بيدها تنزل عليه ببطء

للأرض حيث الحضن الوحيد لها بعد رحيل والدها فلم يبقى لها

شيء .. أي شيء ، حضنت ركبتيها ودفنت وجهها فيهما وخرج

كل ذاك البكاء عن سيطرتها تضرب بقبضتها على رأسها المدفون

فيهما تتمنى لو تقتل نفسها .. لو أنها ماتت وما استسلمت له بكل

ذاك الضعف لتكتشف فيما بعد بأنها مجرد لعبة جديدة من ألاعيبه

فقط ليثبت لغيره تملكه وسطوته الرجولية عليها .. ليضعها في

ذاك الموقف المخزي ومع من ..؟ مع من تربت معه كشقيق لها
ومن رأى فيها المرأة التي خسر من أجلها حتى والده ونفسه وكل

شيء ... مكالمة مدتها ثلاثون دقيقة كاملة تمتع فيها بتعذيب

غيره ليثبت فقط نفسه وغروره وتملكه الذكوري المقيت ثم

ماذا ... ؟ كل ما فعله أن اعتذر ! همسات اعتذار لجثة تفنن في

تعذيبها قبل قتلها وهل سيعنيه ذلك ؟ لا بالطبع فما أراده حصل

عليه وها قد أغلق جبران هاتفه نهائيا ولأول مرة بل ويبدوا أنه

تخلص من تلك الشريحة وللأبد وانتهت لعبتهما والطرف المحطم

الوحيد فيها كان هي .

دفنت وجهها ودموعها وبكائها في ركبتيها أكثر وصوت الطرق

على الباب خلفها يزداد ارتفاعا مختلطا بتلك الكلمات من خلفه

" غسق توقفي عن البكاء ... غسق يكفيك تعذيبا لنفسك شقيقتي
أرجوك "

لكن تلك العبارات الراجية والصوت الرجولي الحزين لم يزدها إلا

ألما فوق ألمها فماذا ستخبره وبما ستجيبه إن هي فتحت له

الباب ؟ بأنها كانت نائمة في حضن الرجل الذي فعل كل ما فعله

بها سابقا مستسلمة له يقدمان عرضا سخيا للمتابعة ؟

ما الذي ستخبره به وبأي عبارات ستصوغه له ؟

وقفت وتوجهت لحمام الغرفة راكضة وأغلقته على نفسها

وحملتها قدماها فورا لحوض الاستحمام ، فتحت المياه على

أقواها ووقفت تحتها بملابسها ترفع بأصابعها المرتجفة شعرها

الذي انزلق على وجهها مع تدفق المياه وقد ارتفع صوت ضجيج

اندفاعه على صوت تلك العبرات تغسل به دموعها قبل جسدها .


*
*
*


ما أن أغلق باب شقته بعد دخوله أخرج هاتفه واتصل بمن

احتاج وقتا قبل أن يسمع صوته قائلا

" مرحبا يا شاهر "

قال من فوره وبضيق

" تيم ارتبط بفتاة انجليزية يا مطر "


" أعلم "

بقدر ما كان جوابه مختصرا كان سريعا بل ومتلفا لأعصاب الذي

قال بضيق أشد

" تعلم !! ولا تقل بأنك موافق على هذا أيضا ؟ "


وصله صوته مباشرة

" أجل "

انفجر حينها ما تبقى من ذاك البركان المشتعل قائلا بغضب

" ما هذا الجنون يا مطر ؟ الفتى متزوج وزوجته علمت بالأمر

الذي انتشر بسرعة البرق وتعرضت لحادث وهو أخذها من

المستشفى دون أن يهتم لأحد ولا لرأيها "


وصله صوته الجاد الحازم فورا

" أنت بنفسك قلت زوجته ولا أحد له الحق في مناقشته في أي
أمر يخصها غيرها هي "

رمى يده قائلا بعنف

" يطلقها هذا ما عليه فعله أو بنفسي سأرفع قضية ضده

هناك وأطلقها منه "

" شاهر لا تتدخل بينهما فلا أحد سيقرر طلاقها غير تيم نفسه

فلا تتعب نفسك وتقحمها في مشاكل أكثر معه "

ضرب ساق الطاولة أمامه بقدمه صارخا بغضب

" وما الذي أبقته شقيقتك لغيرها لقد دمرت ما تبقى دون

عناء مني "
وفصل الخط ما أن أنهى عبارته تلك ولم يجب ولا على اتصاله

بعدها ورمى الهاتف على طاولة المرآة بجانب الباب وفتح باب

الشقة وخرج منها ووجهته الباب المجاور لها .. فتحه على

اتساعه واقفا مكانه ونظر بجمود للجالسة على السرير تحضن

ركبتيها تنظر له بتوجس لا بل بخوف لم يراه في عينيها سابقا ..

تلك العنيدة الشرسة المتوحشة التي لم تخف يوما ولا شقيقها

الذي يهابه الرجال ! راقب حدقتاها الخضراء المستديرة وجفناها

يسدلان فوقهما مبعدة نظرها عنه قبل أن تهمس بشفاه مرتجة

" أأأنا ... آسفة "

وحين طال صمته ولم يعلق ولا يتحرك من مكانه رفعت نظراتها

المغرورقة بالدموع ونظرت لعينيه هامسة

" أنا دائما هكذا سيئة لكني أندم على أفعالي ... الذنب ليس

ذنبي أقسم لك "

لم يعلق أيضا ولم يزح نظره عنها وتلك الاحداق تعانق الفراغ

بشرود والدموع الدافئة بدأت بالانزلاق من رموشها ببطء

وقالت ببحة بكاء

" حين كنت طفلة كانت والدتي تخيفني منكم بل بكم وبأنها

سترسلني لبلادي وبأنكم متوحشين تضربون الأطفال وأخبرتني

قصصا كثيرة عن أن والدي كان يضربها بوحشية وكانت علامات

الضرب على جسدها ، كانت تريني إياها دائما ... كنت أرى في

منامي أن شقيقي جاء لأخذي ويضربني حتى علمني خوفي منه

ومن قبل أن أراه أو أعرفه أن أتمرد على واقعي فهربت لمرتين

لكني عدت لأني لم أستطع أن أكفل نفسي وكعقاب لي تم إرسالي

لخالة والدتي .. كانت امرأة بشعة عاملتني بقسوة وبدونية وكلما

أخطأت في أمر قالت : دمائك النجسة السبب فستكوني كذلك ما

حييتِ ، كانت تسجنني في منزلها وتخرج للسهر مع صدقاتها في

الحي وتتركني وحدي فكنت أهرب كل ليلة .. أهرب من هناك

وليس يعنيني أين وإن لأهيم في الشوارع لا رفيق لي سوى

أصوات نباح الكلاب "


مسحت دموعها بطرف كم بيجامتها ونظرت ليديها في حجرها

وتابعت بعبرة مكتومة

" وحين علم شقيقي بوجودي بدأ بالفعل يطبق حصاره علي حد

الاختناق ، لم يكن يضربني ولا يشتمني حتى لكنه كان جافا

عاملني كرجل لم يستمع يوما ولا لما أريده ، لم نتناقش مرة

واحدة كان يأمر ويأمر فقط وعلي أن انفذ ودون نقاش ، كان

سخيا معي لم يحرمني أي شيء تمنيته لكنه أيضا كان متسلطا

وأفكاره بالنسبة لي متحجرة ولم يفكر يوما بأن يقنعني بها كان

يجبرني فقط وذلك لم يقتل الفتاة المتمردة تلك داخلي فهربت منه

أيضا ذات مرة لأن المال لم يعد ينقصني حينها وكانت النتيجة أن

أمسك بي رجاله هنا خلال ساعات فقط وانتهى الأمر بي مسجونة

في منزل ريفي لوحدي حتى أني كدت أفقد عقلي من الوحدة

والفراغ لأعلم فقط بأن هذا سيكون مصيري كلما فكرت في فعلها

مجددا ، كان عليا أن أكون عربية مسلمة أتزوج مسلما لا أخرج

لا أسافر لا سهر .. كل شيء بالإجبار وكله بالإكراه لم يحبني أحدا

منهم من أجلي أنا غيسانة كما يريدون أو غيسي كما أرادت

والدتي فجميعهم كانوا يرون عيوبي فقط حتى والدتي بل وحتى

صديقتاي اللتان سمح لي بمصادقتهما كانتا مثاليتان درجة أن

انتقادهم لي كان شبه دائم "

دخل وأغلق الباب في صمت وجلس في الكرسي المقابل لها

يراقبها تمسح وجنتيها بقوة بباطن كفها وقال بهدوء

" هل كنت تستخدمين هذا الأسلوب للإفلات من العقاب

غيسانة ؟ "

نظرت له بإستهجان فسبقها قائلا ببرود

" أنا آسف "

وتابع بسخرية من قبل أن تعلق

" أرأيت شعورك الآن بعد اعتذاري هذا ؟ هو يشبه شعوري
تماما "

زمت شفتيها تقاوم دموعا تكره أن تنزل مجددا وراقبته وهو

ينظر للأرض يشبك أصابع يديه متكئا بمرفقيه على ركبتيه وقال

بعد برهة

" لا أحد منا لا يملك عيوبا لكن من زادت عيوبه تلك عن مميزاته

وإن بواحدة فقط فعليه أن يعلم بأنه بؤرة شر في هذه الحياة ، هل

حاولت تقدير ذلك في شخصيتك غيسانة ؟ "

ارتجفت شفتاها قبل أن تقول بخفوت

" أنا كغيري لي عيو.... "

رفع رأسه ونظره لعينيها وقال مقاطعا لها

" قولي أنتي مميزاتك وسأقول أنا عيوبك ونرى "

تغيرت نبرتها للضيق وقالت

" أنت تراني بأكملي عيوب "

قال بابتسامة جانبية باردة

" لا أحد يمكنه ذكر عيوبه ولا الاعتراف بها جميعها أما

المميزات فبلى "

نظرت له بعبوس فاستقام في جلوسه ونصب ساق على الأخرى

وقال

" حسنا الدور عليا بعدك وسأذكر أنا عيوبك والاحتجاج ممنوع

حتى أنهي حديثي "


حدقت في عينيه ولم تتحدث فتابع وقد كتف ذراعيه

" كاذبة ... مراوغة ... ممثلة إن تطلب الأمر وبارعة أيضا ، لا
تفين بالوعود وتحركك مصالحك فقط ... أنانية لا تفكرين سوى

في نفسك ، ساذجة غبية توقعين نفسك في المشاكل دون تفكير

أ.... "


" يكفيييي "

صرخت فيه باحتجاج قبل أن تقول بضيق

" أنت تقول أمورا ليست بي "


أمال شفتيه مجددا بابتسامة باردة أخرى وقال

" قولي أيها ليست بك وأنا سأعطيك الدليل القاطع ومن الفترة

التي قضيتها هنا فقط وما تخفيه السنين الماضية أكثر بكثير

بالتأكيد "

أشارت له برأسها قائلة بحدة

" وأنت أيضا .. أنت أناني تحب نفسك فقط "

فك ذراعيه وأتكأ بمرفقيه على ركبتيه ونظر لها قائلا

" حسنا وماذا أيضا ؟ "

تلكأت كثيرا وحاولت التحدث ولم تجد أي كلمات تخرج بها فهو لم

يكذب منذ عرفته .. لم يعد ويخلف وعده ولم تراه يخادع ويراوغ

في عمله وعقود شركته أبدا لا يسرق لا يغش ولم تراه ولا يخدع

امرأة بمشاعر زائفة بل ولم ترى احداهن تزور مكتبه يوما غير

عملائه وفي وجودها هي أو سكرتيرته حتى أنه لا يشرب ولا

يدخن فماذا ستقول عنه أيضا ؟ لا يمكن أن يكون بلا عيوب هكذا

فثمة الكثير بالتأكيد .

وقف على طوله وغادر مغلقا الباب خلفه ولم يعلق بأي كلمة

تراقب نظراتها مكان خروجه بعبوس ... كيف تركته ينتصر

عليها ؟ أهي حقا بتلك البشاعة في نظر من هم حولها ! بل وكان

ثمة المزيد يريد قوله لولا أوقفته فما هي تلك المميزات التي

كانت ستقولها عن نفسها إن سألها ؟

اندست تحت اللحاف وغطت جسدها بالكامل وحتى رأسها متمتمة

بأسى

" توقفي عن التفكير هكذا جيسي فأنتي لست سيئة ... لست سيئة

بذاك الشكل هم من يرونك كذلك لأنه لا أحد منهم يحبك "


*
*
*




غادر المصعد مسرعا ما أن انفتحت أبوابه أمامه وتحرك فورا

جهة الممر المليئ برجال الأمن والقوات الخاصة والحرس

الخاص بالواقف بين اثنين من رجاله فاجتاز كل ذاك التجمع دون

أن يوقفه أحد منهم حتى وصل عنده ووقف مقابلا له وسحب

أنفاسه قائلا

" ماذا يحدث يا مطر ؟ من الموجود هنا ؟ "

وراقبت نظراته بتوجس الذي نظر جهة باب غرفة العمليات

المغلق وهمس بتجهم

" إسحاق حفيد ضرار السلطان "

فزفر الهواء من رأتيه بقوة ممررا أصابعه في شعر قفا عنقه

وقال

" ماذا حدث ؟ وكيف هي حالته ؟ "

قال تميم بصوت منخفض

" سقط بالسيارة من منحدر طريق جيلوان ولا تبدوا حالته جيدة

مطلقا وقد نضطر لنقله للخارج إن خرج من هذه الغرفة حيا "

نقل نظره بينهم بضياع قبل أن ينظر لعيني الواقف أمامه

وقال بروية " هل اكتشفوا أمره ؟ "

أومأ برأسه بنعم قبل أن يشيح بوجهه جانبا ومرر أصابع يمناه

في شعره وتركهم فيه وتحرك تميم وبشر من هناك بعد جملة

مختصرة له

" أريد تحقيقا كاملا ومع كل من ستدور حوله الشبهة وإن كان

من عائلة غيلوان ذاتهم "

وما أن ابتعدت خطواتهم الواسعة عنهما نظر له عمير وقال

" كيف علمتم بالأمر ؟ هل اتصل بكم وحددتم موقعه ؟ "

أخرج يده من شعره ممررا لها ببطء على عنقه ونظر للأسفل

قائلا بجمود

" شقيقته ولولاها لما علمنا عنه حتى مات هناك في قعر الجرف

فكل ما استطعنا فعله تحديد مكانه بمكالمة لهاتفه الذي وجدناه

محطما في الطريق قرب المكان "

قال بهدوء حذر

" هل علم عمك ؟ لست اجزم بأن رد فعله سيكون إيجابيا أبدا "

نظر جانبا وقال باستياء

" ما افكر فيه هو رد فعل شقيقته إن مات لا عمي ولا غيره ..

تلك الفتاة فقدت ما يكفي وتعاني ما لا ينقصه فقدها له "

قال الواقف أمامه مباشرة وبجدية

" الموت لا يمسكه أحد ولا شيء يا مطر ثم كل ذاك كان باختياره

لا اختيارك أنت وهو من أصر على دخول عالمهم ومعرفة الصلة

بينهم وبين ماضيه ، وكل ما فعلته أنت أنك عملت بنصائح طبيبه

وطبيبها "

حرك رأسه بالنفي متمتما

" ليس في حالتها يا عمير ليس ونفسيتها لم تشفى بعد "

حرك رأسه بحيرة ونظره على الذي أولاه ظهره وقد وقف مقابلا

للنافذة ومد ذراعه وأراح كفه على زجاجها البارد يمسك خصره

بيده الأخرى من تحت سترته السوداء ينظر للأرض فلامست تلك

اليد كتفه ووصله صوت صاحبها هادئا عميقا من خلفه

" مطر ما يزعجك ليس ما حدث مع ذاك الفتى إسحاق فقط

فماذا حدث أيضا ؟ "

" لا شيء "

تلك التمتمة الخافتة كل ما صدر عنه محركا رأسه بالنفي فأبعد

يده عن كتفه وقال بهدوء ناظرا لقفاه

" المكلفون بمراقبتها أبلغوني مثلك بما حدث وحتى بخروجها

من هناك عائدة لمنزلها أم نسيت ذلك ؟ "

تمتم ذاك الصوت المبحوح مجددا وبضيق هذه المرة

" عمير اتركني وشأني "

قال من فوره وبإصرار

" لن أفعل وها قد حدث ما أخشاه لا ما تمنيته ، كانت فرصتك

يا رجل لما تتعمد افساد ذلك دائما ؟ "

ضرب براحة يده على إطار النافذة قائلا بضيق

" كان عليه أن يبتعد عنها وكان على ذلك أن يحدث فهو لم

يكن سيتوقف وسيحاول الوصول لها بجميع الطرق "

نظر له الواقف خلفه باستغراب وسرعان ما اكتشف بأنه كان

يحدث نفسه وليس هو فقال بهدوء حذر

" مطر على كل ذلك أن يتوقف فلا تستمر في تدمير ما بينكما
أكثر من أجل حمايتها فأنت تحميها من الجميع عداك ؟ "

حرك رأسه بالنفي دون أن يرفعه ولا أن يعلق بشيء فقال

الواقف خلفه وببعض الضيق

" قم بإلغاء فكرة ذاك اللقاء الصحفي على الأقل "

وصله ذاك الصوت الأجوف فورا

" المقال أصبح لدى الجريدة ولن ألغي منه شيئا "

شد قبضتيه بقوة وقال بضيق ونظره لازال على قفاه

" لم أعرف حياتي رجلا يتحكم فيه عقله العنيد مثلك ! "

وما أن أنهى عبارته الحانقة تلك انفتح الباب خلفه فالتفتا

كليهما للذي تقدم منهما وقد نزع قبعته الطبية متنهدا بتعب

وعمق وقال

" فعلنا ما في وسعنا سيدي والباقي سيكون لعمره وقوة إرادته

بمشيئة الله "

قال بتوجس ناظرا لعينيه

" هل حالته سيئة ؟ "

سؤال كان يعلم جوابه من قبل أن يسأله ومن الثماني ساعات التي

قضوها معه في الداخل لكن ثمة أمل دائما وعليه يعيش البشر ،

قال الواقف أمامهما وبحركة خفيفة من رأسه

" الحادث كان مروعا على ما يبدوا وجسده محطم بالكامل

تقريبا ولازال أمامه عمليات كثيرة لترميم عظامه المحطمة

فالضرر وصل حتى لأضلع قفصه الصدري ولتشفى أيضا جروحه

البليغة وهذا إن اجتاز مرحلة الخطر طبعا وسيتم نقله لغرفة

العناية وسيحتاج لثمان وأربعين ساعة يمكننا أن نحدد بعدها

إن كان يمكنه الحياة أساسا أم لا "

قال عمير بملامح متجهمة

" يعني أنه سيحتاج لأعوام ليسترد عافيته ؟ هذا إن كُتب له

أن يعيش "


قال الذي حرك رأسه بأسى

" بل لطاقة وقدرة كبيرة على تحمل ما ينتظره ، والخطر الأكبر

هو الإصابة في رأسه والتي لن نستطيع تحديد ضررها حتى

يفيق "

شد الواقف أمامه قبضتيه بقوة وقال بشبه همس

" متى يمكننا نقله لخارج البلاد ؟ "

نقل نظره له وقال

" ليس قبل الثماني وأربعون ساعة بل أرى أن تنتظروا حتى

يجتاز مرحلة الخطر بوقت سيدي "

وغادر من عندهما ما أن تمتم الواقف أمامه شاكرا له وانتقل

نظرهما للسرير الذي أخرجوه يجرونه وللجسد المغطى فوقه

بالكاد يظهر وجهه من بين ذاك الشاش الملفوف حول رأسه

بالكامل ، وما أن تحركت خطواته ليلحقه أمسك الواقف بجانبه

بذراعه قائلا

" لن يفيد هذا في شيء يا مطر فسيدخلوه غرفة أخرى ويغلقوها

عليه ... عليك أن تعود لمنزلك وترتاح قليلا وإن لساعات

معدودة "


نظر له وقال بجمود

" عليا أن ألحق باجتماع بينبان يا عمير فقد تم تأجيله لساعات

من أجلي هل سنلغيه الآن ؟ ثم ومقر توز واجتماع وزارة الدفاع

فيه ؟ "

قال بجدية

" يلغى يا مطر لا شيء سيحدث إن تأجل للغد وبالنسبة لمقر توز

سأتكفل أنا بالأمر "


وتابع بابتسامة مائلة

" فأنت لا تترك لي وقتا أزور فيه منزل الفتاة التي يبدوا بأني

لن أخطبها أبدا "

نظر له باستغراب وقال مبتسما بما يشبه ابتسامته

" تخطب !! "

قال بابتسامة واسعة " أجل وحمدا لله أني لم أعطيهم موعدا

لكنت سأتعرض للإحراج معم كل يوم بسببك أنت وبلادك "

ربت على ذراعه قائلا بابتسامة خفيفة

" هذا خبر رائع يا عمير ويستحق أن تعفى اليوم من كل شيء

من أجله ورغما عنك ولا تقلق بشأني سأتوجه لحوران الآن

اتفقنا ؟ "


أومأ موافقا وقال مبتسما

" لما لا تكن معي لأضمن موافقتهم الفورية "

خرجت ضحكة خفيفة تغلبت على أضلعه قبل تجهم ملامحه وقال

" ومن سيرفضك وأنت رئيس جهاز مخابرات البلاد يا متواضع ؟

أنت فقط تقدم لها وإن بالهاتف وسيوافقون عليك فورا "

مرر أصابعه في شعره وأمال شفتيه قائلا

" إن علمت من تكون العروس سيتغير رأيك هذا بالتأكد "

نظر له باستغراب قبل أن يقول ببرود

" إن كانت ابنتي فانسى الفكرة لأنها مخطوبة تقريبا "

ضحك وقال

" لا بالله عليك يا رجل سأتزوجها أم سأربيها ؟ "

قال بابتسامة مائلة

" والذي خطبها يصغرك بعام أو عامان فقط "

رفع حاجبيه بدهشة قائلا

" مطر من عقلك تقول هذا ؟ وهذا سينتظرها كم عام مثلا

حتى تكبر قليلا ليشيخ هو ! "

أومأ له برأسه وقال

" اتركنا من هذا وأخبرني من تكون عروسك تلك "

لوى شفتيه بابتسامة هامسا

" ابنة خالة زوجتك "

نظر له بدهشة متمتما

" جليلة !! "

وتابع وقد امتزجت دهشته بضحكة خفيفة

" ويحك يا رجل ألا تعلم بأنها باتت تكره جنسنا وما مرت به

ليس باليسير أبدا "

رفع كتفيه العريضان قائلا بابتسامة

" هذا كان اختيار قلبي منذ رأيتها أول مرة فما سأفعل له ؟ ثم أنا

مررت بما يشبه تجربتها ومتفهم للأمر وأفهم مشاعرها جيدا ،

المهم الآن أن توافق تلك العنيدة وقد نستعين بزوجتك فلا تنسى

ذلك "

ابتسم بسخرية قائلا

" زوجتي !! لو تعلم رأيها فيكم أنتم رجالي لعذلت عن الفكرة

لذلك عليك أن تخوض حربك وحدك "

تحرك مغادرا من هناك متمتما بضيق

" يالك من رجل تريدنا فاشلين عاطفيا جميعا مثلك "

حرك رأسه مبتسما بسخرية وتبعه ليتحرك كل من كان هناك

خلفهما تاركين ذاك الممر الواسع فارغا بعد أن عج بهم لساعات .


*
*
*


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 10:42 PM   #7435

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



طرق باب غرفتها طرقتين خفيفتين قبل أن يفتحه ليقع نظره فورا

على الواقفة أمام النافذة وقد التفتت له فور فتحه للباب والتي ما

أن علمت من يكون ركضت نحوه وارتمت في حضنه فضمها له

ومسح على شعرها قائلا

" تيما ألم أقل أنها بخير ؟ لما كل هذا البكاء ؟ "

دفنت وجهها في صدره العريض وتداخلت كلماتها مع عبراتها

" كيف ستكون بخير وأنت بنفسك قلت البارحة أن أتحدث معها

كي لا أفقدها ؟ لم يغب عن خيالي أبدا أنها ستموت ولن أراها

مجددا "

أبعدها عنه وأمسك وجهها وقال بحزم ناظرا لعينيها الدامعة

" تيما ألم أتصل بك صباحا وقلت أنها بخير ؟

هل كذبت عليك يوما ؟ "

حركت رأسها بالنفي فورا قائلة

" أبدا أبي حاشا لله ومن علمني أن أكون صادقة

دائما غيرك ؟ "

مسح بإبهاميه دموعها قائلا بجدية

" إذا هي بخير وفي منزلها الآن فيكفي بكاء يا تيما لا تصبحي

طفلة هكذا والرجال يخطبونك مني يوميا تقريبا "

أنزلت رأسها حياء منه وقالت بصوت منخفض تمسح عيناها

بظهر كفها

" هل أستطيع التحدث معها الآن ؟ "

وارتفعت نظراتها له حين طال صمته وحدقت في عينيه ونظرته

التي لم تفهم سر ذاك الألم فيهما قبل أن يهرب بنظره منها وقال

" ليس اليوم يا تيما .. الأفضل أن لا تتصلي بها إلا إن فعلت

هي ذلك "

امتلأت عيناها بالدموع وقالت بحزن

" حسنا أذهب لها في الغد إذا ، أريد أن أراها بنفسي

أبي أرجوك "

رفع نظره لها مجددا وقال

" سينتقلون هنا قريبا وسينشغلون بذلك خلال الأيام القادمة

وستكوني معها فيما بعد كيف ومتى تشائين "

وأحاط كتفيها بذراعه وسار بها جهة سريرها قائلا

" تعالي اجلسي فثمة ما علينا التحدث فيه "

جلست على طرفه تنظر مستغربة للذي سحب كرسي طاولة

التزيين وجلس عليه أمامها تشعر بالحيرة والتوجس أكثر من

أن يكون شعورها حينها الفضول ولا الترقب فهو من النادر أن

يجلس ويطلب منها سماعه وأن يتحدثا ولم يكن هذا شعورها في

الماضي ويبدوا أنه لأنها بات ثمة ذنب في عنقها ستبقى تخافه

دائما كلما تحدثا فما أروع عالمها الصغير ذاك حين كانت نقية لم

تكن تخشى شيئا وجل توقعاتها كان أن يكونوا سينتقلون لمنزل

جديد كالعادة أو أي أمر يخص دراستها ولم يكن ثمة ما تخاف

منه وكل ذلك تغير بعد تلك الليلة المرعبة وبعد أن حمل أحدهم

سرها معها وبات يذكرها ببشاعته كل حين فهل فعلها الآن

وأخبره ؟ هل قرر الانتقام منها بعد كل ما حدث وقالت ؟

نظرت لأصابعها المتشابكة ببعضها وتنفست بعمق مغمضة

عينيها فعليها أن لا تفكر في الأمر بتلك الطريقة وتتلف

أعصابها فكل ما عليها فعله حينها أن تعترف له بكل شيء

وتتحمل عقابه وكيفما كان لأنها ستكون تستحقه .

رفعت نظرها له بما يشبه الصدمة حتى خشيت أن يقرأ ما في

داخلها في عينيها حين قال

" تيما ما سيكون رأيك لو أخبرتك بأنه ثمة رجل أرغب

بأن تكوني زوجة له "

حاولت تجاوز صدمتها سريعا فيفترض بأنها كانت تتوقع هذا

وتعلم عنه ، وفكرت لوهلة وبطريقة مضحكة بأن يكون والدها

يمزح معها لكن لا كلماته الجادة ولا نظرته تقولان ذلك بل ولا

طباعه أيضا ، أبعدت شفتيها ببطء فسبقها قائلا وبذات جديته

" تيما عليك أن تعلمي أولا بأني لا أفكر في التخلص من

مسؤليتك أو أخشى أن تضيع الفرص منك فلن أجلس أعدد لك

كم من شخص تحدث معي بشأن زواجك وأغلبهم لم يروك يوما

وكان كل واحد منهم يقول ومن قبل أن أعلق على الأمر بأنه

على استعداد لانتظارك لعلمه بسنك لكن هذا الشاب مختلف

عنهم جميعا وإن كان ليا ابنتان لتمنيته لكل واحدة منهما "

نظرت ليديها في حجرها قبل ترفع نظرها له وقالت بصوت

منخفض

" تعني بأنك من طلب منه هذا أبي ؟ "

عقد حاجبيه قائلا

" لا يا تيما هل تري نفسك رخيصة لدى والدك هكذا ؟ "

عادت للنظر لأصابعها التي احمرت مفصلها من شدها لها

وتنفست بارتياح فهو على الأقل لم يفعل ما كانت تخشاه

وما كان يتبجح به ذاك المدعو قاسم سابقا بأن والدها يبحث

لها عن زوج ، لم تستطع رفع نظرها له ولا أن تجد أي كلمات

لتقولها فما أشده من موقف ما هي فيه الآن وتشعر بأنها تكاد

تنفجر باكية من الإحراج وكم تمنت وجود والدتها بينهم الآن

وأكثر من أي وقت مضى لكانت هي من استلم هذه المهمة

عنه وما كان كلاهما مضطرا لقول ما لديه للآخر ، وصلها

صوته مجددا حين طال صمتها

" تيما أنا لست مقتنعا بأنه ثمة سن محدد على المرأة أن تجتازه

لتتزوج فكم من راشدات بعقول أطفال دمرن منازلهن وعائلاتهن

وكم من فتيات صغيرات استطعن تكوين عائلة وحياة ناجحة

سعيدة وأنا لن اجبرك على شخص لا تريدينه أما إن كان الخيار

لي فلا أريدك لغيره "

استطاعت أخيرا وبشق الأنفس أن ترفع نظرها به وهمست

بصوت بالكاد هي سمعته

" هل هو من هنا ؟ "

نظر لها بصمت فظنت بأنه يحاول ترجمة سؤالها فقالت موضحة

" أعني من الحالك ؟ "

تنفس بعمق وقال

" تلك المسميات لا تعنيني يا تيما وعلى كل حال هو من الجنوب

وباقي التفاصيل ليست مهمة الآن فما أريده هو رأيك ثم ستعرفين

كل شيء عنه وعن عائلته وتتعرفي بهم أيضا "

أرخت نظرها للأرض ولا تعلم لما شعرت حينها برغبة في

البكاء ... البكاء ودون توقف فما أسخفها من فتاة حين فكرت

بأنه قد يكون هو من عناه بحديثه وأن يكون فكر في خطبتها ...

ساذجة كيف فكرت في أن يفعلها وهو يراها بكل تلك السلبية

بل ومشوهة من الداخل ، ما كان عليها أن تفكر في تلك الأفكار

السخيفة فهو لن يفكر في الارتباط بها وسيرفضها وإن عرضها

عليه والده عرضا ، شدت قبضتيها أكثر وقالت ولازالت تنظر

للأرض

" ما تريده أنا موافقة عليه

"" حتى إن مانع الجميع ذلك يا تيما ؟ "

رفعت نظرها له ولم تستطع مقاومة تلك الدموع التي سبحت في

مقلتيها الواسعة وقالت برجاء حزين

" أتمنى حقا أن لا يسبب ذلك مشاكل بينك وبين جدي ووالدتي

ولا أريد مخالفتك أبي فأنا متأكدة من أنك لن تختار لي إلا ما فيه

مصلحتي "

مد يده بطول ذراعه ومسح بأطراف أصابعه الدمعة التي فكرت

في التمرد على رموشها السوداء الكثيفة وقال

" جدك سيغير رأيه بالأمر فلا تقلقي بشأنه فأنا من سيقنعه "

وتابع وهو يبعد يده عن وجهها

" أما والدتك فهي من سترفض وبشدة ولست اجزم بأنه ثمة

ما قد يجعلها تغير رأيها لكن لومها لن يقع عليك يا تيما "

همست تجاهد العبرة المسجونة وسط أضلعها

" ستلومك أنت أبي وذاك لديا أسوأ من لومها لي "

اتكأ بمرفقيه على ركبتيه وأشاح بوجهه جانبا وقال

" لن يغير ذلك في وضعنا شيئا يا تيما فهي غاضبة مني

في جميع الأحوال ونظرتها لي سوداوية دون عناء فلا مشكلة

إن أضفنا سطرا أسود جديد في ملفي لديها "

تقدمت في جلستها حتى نزلت من السرير للأرض أمامه على

ركبتيها وأمسكت يديه وقالت برجاء حزين تنظر له بعينان

دامعة

" أبي أنت وعدتني بأن كل شيء سيتغير وستكون هنا معنا وأنا

أثق في وعودك ؟ "

سحب يديه منها وأمسك وجهها وقال بجدية ناظرا لعينيها

" وأنا عند وعدي يا تيما ولن يمنعني عن ذلك إلا موتي "

تنهدت بعمق وما أن كانت ستتحدث سبقها قائلا ومبعدا يديه

عن وجهها

" لن أعتبر جوابك الموافقة يا تيما ففكري في الأمر بروية

وقرري ما تريدين أنتي لا أنا ولا جدك ولا والدتك ولا أي أحد

ورفضك لن يغير في علاقتنا شيئا صغيرتي تأكدي من ذلك ،

لكن أمر واحد عليك معرفته بأن حجة أنك لست مستعدة

للزواج وبأنه ليس بعد لن أقبلها ، يمكنك رفض ذاك الشاب

وأن لا يكون الاختيار لي لا مشكلة لكن غير ذلك فلا "

بلعت ريقها وكلماتها معه وهربت بنظرها من عينيه فها

هو يحاصرها لتفهم بأن رأي جدها أو والدتها لن يؤثر في

قراره أبدا ، أم أنه ثمة ما يجعله مصرا على تزويجها وتجهله ؟

رفعت نظرها له وقالت

" وماذا إن لم تنجح حياتي معه أو مع غيره ؟ ماذا إن لم أستطع

المضي في الأمر فيما بعد أبي ؟ "

ابتسم وكما توقع فعقلها الناضج سيفكر في الأمور المهمة فقط

لا في التوافه كمن في مثل سنها ، قال بهدوء ناظرا لحدقتيها

الزرقاء الجميلة

" سيكون ما تريدين حينها ولن تضامي مع رجل وأنا على قيد

الحياة يا تيما "

وقف بعدها وقال ناظرا لعينيها التي ارتفعت معه

" فكري في الأمر وبلغيني قرارك ولن أحدد وقتا لذلك لكن

لا تدعي الرجل ينتظر كثيرا "

أخفضت رأسها مومئة بالإيجاب فتحرك من هناك وما أن فتح

الباب أدر نصف وجهه ناحيتها وقال

" ولا أريد لأحد ... أي أحد أن يعلم عن هذا حتى تبلغيني رأيك

يا تيما فعديني بذلك "

غرست أسنانها في طرف شفتها ولم تستطع منع الدمعة التي

انزلقت من عينها فهي إن وعدته لن تستطيع أن تخلف لكن ثمة

من عليه أن يعلم لا يمكنها أن لا تخبره بالأمر ، همست ببحة

ورجاء

" ثمة شخص واحد أبي أقسم لن أخبر غيره ولن يخبر أحدا "

لم يخفى عنها انعقاد حاجبيه المستقيمان باستغراب وإن كان

ما يقابلها نصف وجهه فقط وقال من فوره

" ومن يكون هذا الشخص ؟ "

همست بخفوت

" ليس جدي ولا أمي وليس من عائلتنا مطلقا أقسم لك وأنا

أثق به كثيرا أبي "

اشتدت أصابعه على مقبض الباب وقال

" هل الكاسر تعنين ؟ "

رطبت شفتيها بطرف لسانها وهمست

" بل خالي رعد "

قال مغادرا

" لا بأس على أن لا يخبر زوجته فالنساء لا سر لديهن أبدا "

وغادر مغلقا الباب خلفه تاركا إياها في تلك الدوامة العميقة التي

رماها فيها ورحل ، نظرت ليديها اللتان تقبض أصابعهما بقوة

على قماش بنطلون بيجامتها الربيعية الخفيفة وتساقطت الدموع

من عينيها تباعا وليست تفهم لما تحديدا ؟ بلى من ألم قلبها

وشعور الخذلان فيه فهو يعلم بذلك بالتأكيد ووالدها أخبره فقد

كان معه البارحة بعدما غادر من هنا ولهذا قال عمها صقر

اليوم بأنه سينتقل لمنزله الجديد قبل المساء بل وخرج منذ

الصباح الباكر ولم يرجع ... أجل عليها أن تخبر رعد بذلك لا

سواه ليعلم بأن مخططه فشل في النهاية وللأسف وستدفع

وحدها ثمن ذلك إن وافقت على الزواج من ذاك الرجل أم لا .


ولم تكن تعلم بأن الحقائق الخفية غير ذلك وأن غرض من غادر

من عندها قبل لحظات أن يتأكد من أن مشاعرها نحو ذاك الرجل

تساوي ما يشعر به هو ناحيتها وبأنها ستختاره على كل شيء

.. على جرحها منه على تلك العقبة في ماضيهما القريب والأهم

على طاعتها لوالدها في اختياره وإن كان وضع ذاك الاختيار في

يدها ، فسيصبح الآن رفضها موافقة كما ستكون موافقتها

رفضا لذاك الرجل .


*
*
*


فتح باب الغرفة ودخل مغلقا إياه خلفه وأخرج هاتفه ومفاتيحه

ورماهم على طاولة التزيين وتوجه للسرير الواسع قربه وانهار

جالسا على طرفه قبل أن يرمي بظهره عليه للخلف ونظر للسقف

متنهدا بتعب يشعر به خرج من كل عصب في جسده ، رفع يده

وأمسك عينيه بأصابعه يغمضهما بقوة يشعر بتعب وإرهاف لن

يخرجه من جسده شيء وهمومه تتكالب عليه من كل جانب ...

البلاد .. تسلل بعض المتطرفين جهة حدود صنوان .. اليرموك

وما قد يقرره بشأنها وردع كل من قد يستغلها لتدمير الوطن

بأكمله ... إسحاق ومصيره .. زيزفون .. عائلة غيلوان والثأر

والحقد الذي لم يجد له تفسيرا حتى الآن ... حماية عمه وابنته

...... غسق .... غسق وغسق وغسق ألمه الذي فاق كل شيء

وجميع همومه مجتمعة .

ضغط على عينيه أكثر يتذكر تلك الدموع التي ختمت بها كل ما

حدث بينهما جالسة وسط ذاك السرير الواسع البارد .. دموع

صامتة ميتة قاتلة .. لا بكاء لا عبرات ولا عبارات غاضبة ولا

حتى حطمت له هذه الأضلع وأفرغت ما في داخلها فيهم

بقبضتيها ... كانت فقط دموعها ما اختارتها لقتله بها ومعاقبته

قبل نفسها جالسة على ذاك السرير وكأنها منفصلة عنه وعن كل

شيء حولها نظرها هائم في الفراغ لم تستجب لجميع محاولاته

للتحدث معها .. للمساته لوجهها وشعرها لقبلاته وهمساته

معتذرا ... حتى ثيابها هو من ألبسها إياها يغلق أزرار ذاك

القميص على جسدها ترجفت أصابعه رغما عنه وتلك الدموع

تتساقط فوقهم ليقرر لحظتها دفنها في حضنه لعلها تفعل أي

شيء وإن الصراخ وكيل الشتائم والسباب له كالعادة إلا أنها لم

تفعل ذلك ولم ترحمه ولا بها .. فقط انسحبت من بين ذراعيه

ببطء آخذة كل شيء معها .. عيناه قلبه مشاعر وكل ما ربطه

بذاك المكان ، وما أن وقف وحاول إيقافها رمت يده عن ذراعها

العاري صارخة في أول خروج من صمتها والأخير ناظرة لعينيه

بعينان دامعة حاقدة

" ابتعد يا مطر ... انتهى ... يكفي لقد علمتني أن أكرهك وبجميع

الطرق الممكنة "

وغادرت .. فقط غادرت منتصرة في أوج ما يُعرف بالهزيمة

لتعلمه أن الابتعاد أصعب والاقترب أصعب وأن اجتماعهما بات

الأصعب والأصعب .

قفز جالسا حين علا هاتفه بنغمة رنين يعلم جيدا لمن تكون ومد

يده وسحب الهاتف بسرعة وفتح الخط ووضعه على أذنه فورا

قائلا

" غسق "

ليصله ذاك الصوت الهامس الذي دمر لهفته

" كن عادلا معي يا ابن شاهين لمرة واحدة في حياتك وطلقني "

مرر أصابعه في شعره وقال بضيق

" غسق توقفي عن قول الحماقات "

وصله صوتها سريعا وبضيق مماثل

" حررني منك يا مطر أنا لا أريدك "

حرك رأسه برفض قائلا بحدة

" كاذبة وما حدث صباحا أكبر دليل "

صرخت فيه من فورها

" توقف عن تذكيري بذاك الخزي والمهانة يا مطر فها قد أشبعت

رغاباتك وأرضيت غرورك الذكوري المقيت وانتقمت لنفسك مني

ومنه وانتهت اللعبة فحررني منك "

أشار لأضلعه بأصابعه قائلا بحزم

" غسق أنتي لي ولن أفرط فيك ولا من أجل أي شيء أتفهين
هذا ؟ "

ولم يتأخر صوتها الصارخ بوجع يصيب قلبه مباشرة

" لا أفهم هذا ولا أي شيء سوى بأنك بلا قلب وبلا مشاعر ...

انعدمت منك الانسانية فلم يعد يكفيك أن تقتل غيرك من الداخل

بل تحرق وتدمر كل شيء "

واختلط صوتها بعبرتها وهي تتابع جلده ودون رحمة

" مجرم ولست سوى قشور للرجل العادل الشريف النزيه ...

أنت أكثر رجل مخادع عرفته في حياتي ولن أعرف مثلك أ ... "

دفن عينيبه في كفه متكئ بمرفقيه على ركبتيه والأخرى لازال

يتبث بها الهاتف على أذنه يستمع في صمت لشتائمها المتتالية

تقول وتكرر وتعيد وكل عبارة تنطقها بوجع وبكاء مرير وكأنها

لم تقلها سابقا وليست تعلم بأنها لا تفعل شيئا أكثر من تدميره

من الداخل ... من مضاعفة عذابه ليس بسبب ما كانت تقوله

من بين عبراتها الباكية تلك بل بسبب ما فعله هو بها ومنذ

أعوام وها هو يرى نتائجه الآن ويخسرها تدريجيا وهي من

حذرته البارحة من فعلها ومن قتل ما بقي له في داخلها تحت

كل ذاك الركام فهو وكما قال عمير تماما يحميها من الجميع

عداه .. يمنعهم جميعهم من أذيتها بأن يؤذيها هو وبقسوة ..

يبكيها وبوجع ومرارة لكي لا تبكي أمامه بسبب غيره ..

يقتلها كي لا تموت أمام عينيه بسببهم ويفقدها للأبد ، بل

ويخسرها كي لا يخسرها رغم أنه الخاسر الوحيد في النهاية .

شعر بأضلعه انقبضت على قلبه وبقوة حين همست باكية

" أتعلم ما الذي لم تفعله بغسق بعد ؟ أن تجعلها ترى إحداهن

في حضنك ووسط سريرك وهذا ما لن تتأخر في فعله بالتأكيد

وسأخبرك من الآن بأني لن أهتم "

مرر أصابع يده خلال لحيته وصولا لقفا عنقه وهمس بخفوت

حزين

" أحبك يا غسق "

لتزيد تلك العبرات في ذاك الصوت الصارخ فيه فورا

" كاذب .... توقف عن الكذب وعن قول تلك الكلمة فأنت لا

تعرفها ولا تفهمها ... لا تعرف معنى أن تتمسك بها وتعيش مقيدا

بها رغم جراحك ... توقف عن قولها ولا تدنسها بأكاذيبك واتركها

لمن يقدرون نطقها والشعور بها "

ولم يكن ذاك آخر ما قتلته به بل واصلت ذبحه ودون رحمة

" أكرهك يا مطر ... أكرهك ولن أغفر لك ما فعلت بي ما حييت

وآخرهم تدنيسك للمكان الذي يحضن ذكرى عائلتي بأفعالك

القاتلة "

نظر للهاتف في يده بعدما فصلت الخط قبل أن يرميه على الجدار

المقابل له بقوة محولا إياه لأشلاء ووقف ضاربا كل ما كان على

تلك الطاولة واستند بيديه عليها يتنفس بقوة قبل أن يرفع رأسه

ونظره للمرآة ولصورته فيها .. لذاك الاحمرار الذي شاب جفنيه

قبل أن يسدلهما على عينيه ببطء وصورة واحدة مرت أمامهما

لعيناها الدامعة وهي في حضنه وفي أوج ما كانا فيه من عاطفة

وحميمية وقد همست ببحة وحزن ناظرة لعينيه

" لن تقتلني مجددا يا مطر ... أقسم لي بأن عذابي انتهى "

بل كانت هي من تقتله ... تذبحه .. تنهيه وليست تعلم ما فعلت به

وقتها فبما سيخبرها ؟ كيف يقسم لها بما هو متأكد من أنه يخبئ

لها منه المزيد ، فلم يستطع حينها سوى إخفاء ذاك الألم في

عينيه بدفن وجهه في شعرها وفي نعومة بشرة عنقها مكتف

فقط بتلك اللحظات التي هو موقن من أنه سيدمرها فيما بعد .

فتح عينيه ونظر لصورة تلك الأحداق السوداء السابحة في الألم

وبريق دمعة لم يعرفها فيها سابقا وهمس من بين أسنانه

" لن تفعليها وتكرهيني يا غسق لن يحدث ذلك .. لن يحدث

أبدا "


*
*
*



فتح باب الغرفة بعد طرقتين متتاليتين ووقع نظره فورا على

الجالسة فوق سريرها تحضن ركبتيها ونظرها على النافذة

المظلمة ، ما طمأنه أن مربيتها أخبرته حين اتصل بالمنزل

وطلبها خصيصا بأنها نامت لأكثر من ساعتين ثم استفاقت بسبب

كابوس كالمرتين الماضيتين لكنها سرعان ما هدأت وقد رفضت

أدويتها مجددا وكأن عقلها وجسدها قررا أخيرا التمرد على كل

تلك الأقراص والأدوية التي تأكل صحتها أكثر مما تفيدها ، لكنها

لازالت تهمل نفسها وجسدها وطعامها وتقتل نفسها بالبطيء

ودون رحمة ، أغمض عينيه وتنهد بعمق فهو كان أضعف وأسوأ

ثلاثتهم فبينما اجتازت هي حالتها تلك ومارس جده يومه المعتاد

في أعماله وشركته هام هو في الشوارع بسيارته كالتائه ومن لا

مكان له يلجئ إليه وانتهى به الأمر واقفا بها عند ذاك الشاطئ

الذي زاراه البارحة بل ولم يشعر بنفسه إلا نائما على ساعديه

الملتفان حول المقود ليس يعلم كيف ولا متى نام .. نام نوما لم

يفصله عن الواقع أبدا ولم يتوقف عن الهذيان بها فيه يراها

تبكي وتركض وتقع وتصرخ مستنجدة به فلم يزده ذلك سوى

عذاب وضياع وألم ، حتى ذاك الرقم الذي اتصلت به وحصل

عليه لم يستفد منه في شيء لأنه وجد بأنه تم إلغائه نهائيا وكل

ما علمه بأنه لشخص في بلادهم هناك والمكالمة كانت خارجية

ومدتها خمس دقائق فقط ولن يستطيع سؤالها ولا المحاولة أبدا

.. عليه فقط أن يموت ويحترق في صمت حتى بات يتعايش مع

ذاك الشعور الكريه المفروض عليه لوحده .


اقترب منها بخطوات بطيئة حتى جلس على طرف نهاية السرير

واتكأ على ركبتيه بمرفقيه ينظر للأرض في صمت طال بينهما

وطال وطال ولم يستطع ولا فهم ما يجري وما يفعل ! هل ثمة ما

يريد قوله وعاجز عن فعل ذلك ؟ هل يريد أن يكون بقربها فقط

ويكفي ؟ أم ينتظر أن تحدث معجزة وتتحدث من نفسها دون أن

يسألها ؟ وذاك ما عليه أن ييأس من أن يكون حقيقيا .

" أنا لست مجنونة يا وقاص ؟ "

رفع رأسه ونظر لها ما أن وصلته كلماتها الهادئة تلك لازالت

تنظر للظلام الساكن في الخارج وأوراق شجرة الكاسيا تداعب

نافذتها وكأنها تسترق السمع خلسة بل هو من لو لم يكن متأكدا

من أنها كانت هنا في غرفتها لشك بأنها استمعت لحديثه وجده

في المكتب نهارا فهل يمكنها قراءة أفكارهم وردود أفعالهم بكل

ذكاء هكذا ! أجل كان عليه أن يتوقع ذلك فهي تنتظر منهم الأسوء

دائما وتترجم جميع أفكارهم وتصرفاتهم بسلبية ، هي تعلم مثله

أن ذاك حقيقي وما لايعلمه جده هو اتصالها بأحدهم أي ثمة واقع

في الحكاية رغم تعقدها ، قال بهدوء ولازال محدقا بوجهها الشبه

المقابل له

" أعلم يا زيزفون وسأشك بقدراتي العقلية قبل أن أشك بك "

نقلت حدقاتها لعينيه تنحره بتلك النظرة المحطمة فيهما قبل أن

تهمس بحزن

" هو فعلا يموت وقاص ... إنه يتألم "

وأشارت لنفسها متابعة بأسى حزين

" يمكنني أن أشعر به وأتألم وأتألم وكل ما سيقولونه بأنه بخير ..

هم يكذبون ، هكذا سيكذبون عليا دائما لكني أعلم بأنه يتألم وبأني

سأخسره "

شد قبضتيه بقوة حتى شعر بالألم في أصابعه وهمس بضياع

حدقتاه تنتقل بين تلك الاحداق الزرقاء الدامعة

" من هو يا زيزفون ؟ قسما أن أساعدك وأساعده فقط أخبريني "

نظرت للنافذة مجددا وقالت بسخرية ومرارة

" لن تستطيع فهم لم يستطيعوا فعل ذلك ، جميعهم وبكل سلطتهم

تلك لم يستطيعوا ، عليا أن أشيع شخصا آخر أتعذب معه حتى

يلفض أنفاسه الأخيرة وببطء أنا أعلم أن ذاك هو قدري حتى

أموت ... أموت بعد أن أراهم جميعا يموتون "

حاول أن يرخي قبضتيه ويكتفي بألم قلبه الذي لن يخففه أي شيء

وهمس بصعوبة

" تحبينه يا زيزفون ؟ "

رفعت نظراتها للسماء المظلمة وقالت ودموعها تملأ عينيها ببطء

" أحبه ...!! فقط أحبه ؟ أرواحنا مشتركة يا وقاص "

ونقلت نظرها له وحركت رأسها نفيا متابعة

" أحبه فقط ... ؟ كيف وأنا لم أراه من ثمانية أعوام وتركته

يتعذب أكثر مني ... تعذبت من اشتياقي له حتى أني حرمت من

رؤيته في النوم الذي حولته تلك الأدوية لصفحة سوداء قاتلة "


نظر لعينيها بانكسار وتمنى فقط أن يعلم من يكون هذا فلعل قلبه

يتوقف عن الاحتراق هكذا وهي تتحدث عنه أمامه بتلك الطريقة

بل وحررت حزنها المدفون ودموعها من أجله ! كانت في

العاشرة فلن يكون رجلا تحبه يا وقاص لن يكون لكن ....

من سيكون إذا من هو ولا أحد لها غيرهم هم عائلة والدها !

ومن هؤلاء الذين يملكون السلطة ولا يساعدونه ؟ إن لم يكن

مطر شاهين فمن سيكون ولما سينكر إن كان هو !

عاند الأحرف والكلمات لتجتاز حنجرته وخرج صوته من بين

شفتيه بخفوت

" أخبريني من يكون وسأساعده من أجلك زيزفون أقسم لك "

حركت رأسها نفيا ونظرت جهة النافذة المغلقة مجددا وهمست

بجمود سرعان ما عادت ملامحها للتمسك به

" لا فائدة من هذا يا وقاص ... لم يستطع أحد حمايته ولا أنا رغم

كل ما فعلته من أجله .. هو قدره ... قدره وقدري وانتهى "

وقف وجلس قريبا منها وأمسك يدها بقوة يحضن أصابعها

الرقيقة الباردة بين أصابعه وكفيه وقال ناظرا لعينيها التي لازالت

تهيم في الفراغ بشرود

" أليس يتألم ولم يمت بعد ؟ حاولي التحدث معه إذا وسأساعدك
في ذلك فعلى تعذيبك لنفسك أن يتوقف يا زيزفون ... ساعديني

لأساعدك "
أرخت جفنيها الواسعان للأسفل قبل أن تقول بذات جمودها

" لن يسمح بذلك .. هو يتحكم بك ومهما فعلت ... هو يتحكم بك

ويمكنه تسييرك كيف يشاء "

علم فورا عمن تتحدث ومن قصدت لذلك قال مباشرة وبإصرار

" مخطئة يا زيزفون فوقاص لا يمنعه جده ولا أيا كان عن فعل

ما يريد ومتقنع به "

رفعت نظرها له وقالت بذات جمودها

" ليس فيما يخصني .. ليس فيما يجعل ابنة إسحاق ترتاح ، هو

لا يحبني لا أنا ولا والدي ولا جدتي وسيبعدني عن طريقك

وسترى ذلك بعينيك "

شد على يدها أكثر وقال بإصرار محدقا في عينيها

" زيزفون حاولي أن تنظري له بشكل مختلف وإن لمرة واحدة

فهو كان متأكدا من أنه لن يولد له غير ضرار والدي ، كان رد

فعله متوقعا حينها "

سحبت يدها منه قائلة بحدة

" وفيما بعد يا وقاص ؟ ماذا عن السنين التي مضت بعدها ألم

يستطع أن يهدأ ويفكر بروية ؟ وماذا عن معرفته بأن ذاك جائز

بعد ولادة شقيقك من والدك مع اختلاف الأم ؟ لما لم يحاول

إصلاح أخطائه ؟ "


قال بهدوء يعاكس انفعالها " فعل يا زيزفون حاول أخذ..... "

صرخت مقاطعة له وراميه بيدها جانبا وقد تحركت معها خصلات

ذاك الشعر الطويل

" اصمت يا وقاص ... توقف عن الدفاع عنه بهذه الطريقة

المضحكة يا نائب المدعي العام والمحامي الناجح فما حاول جدك

فعله لم يتعدى أن يقتل به جدتي أكثر وهو يحاول أخذ حفيدتها

منها ... فقط هذا ما استطاع فعله للمرأة التي أحبته وتزوجته

رغم كل الظروف ورغم الصعاب وكل ما فعله أنه تركها وتخلى

عنها وترك ابنها للمجهول بلا نسب وبلا هوية وترك لها قلبا

ينزف ألما حتى ماتت ، ماذا فعل لها غير أنه قتلها من جديد وهو

من لم يكلف نفسه ولا عناء أن يعتذر منها .. أن يظهر لها ندمه

على كل ما قاسته بسببه ، من يعلم عما عانته بسبب جرحه لها

وبسبب طعنته لقلبها قبل كل ما فعله عداه ، بل وكل ما قاسته

ذريتها منه كان بسببه .. غادر البلاد وترك كل شيء لا يعنيه

وراء ظهره .. تركنا نموت تباعا وبأبشع الطرق وسيفعل ذلك

معي حتى أنتهي أيضا مثلما فعل بهم جميعهم ... ثلاثتهم تركهم

للموت ولن يسمح لك بمساعدتي فسيبعدك وسترى "


قال بجدبة ناظرا لعينيها الغاضبة المليئة بالألم

" وإن أقسمت لك لن يحدث يا زيزفون ؟ "

قالت بسخرية

" عليه هو من يقسم وليس أنت "

وتابعت وتلك اللهجة الساخرة تنزف حقدا

" أتعلم ما عليك أن تخبره ؟ بل لا ... لا تخبره أنا من

سيفعلها وقريبا جدا وسأدمره كما فعل بنا "


تركت أصابعه يدها ببطء نظراته لم تفارق عيناها ونظرة الكره

المخيفة فيهما وهمس

" إن اخترت تدميره بي فافعليها يا زيزفون أنا لن أمانع

ولن أمنعك فهدفك قارب على أن يكون بين يديك "

حدقت في عينيه بصمت نظرة صعب عليه تفسيرها ... لا بل

استطاع قراءة كل شيء لم يفهمه فيها إلا أن تكون تفكر في فعل

ذلك به وليس يفهم حقيقة هي أم قلبه فقط من تمنى ذلك ؟ بادلها

نظرة صامته كان يعلم بأنها تقرأ ما فيها وتفهمه جيدا مثلما

فهمت كلماته الأخيرة فهي أذكى من أن لا تفهم ما بين الأسطر

فكيف بالكلمات الواضحة المباشرة ، راقب بسكون تبدل تلك

النظرة في عينيها قبل أن تبعدها عنه ونظرت للفراغ وتعالت

أنفاسها تدريجيا وكأنها بدأت تفقدها ببطء وقالت بخفوت

" أنا ميتة يا وقاص ... مت منذ رأيت جدتي تموت أمامي ..

بل وبعدها بزمن بعيد فابتعد عن طريقي "


شعر بقلبه يسحق داخله ودون رأفة ولا رحمة وتمنى لحظتها أنه

لم يعرفها .. لم تخرج لهم من الماضي ومن كل ذاك السواد لتلون

به عالمه وقبل الجميع ، بلع غصته مع ريقه بصعوبة ورفع

أصابعه لا شعوريا لوجهها وما أن لامست طرف وجنتها

وخصلات شعرها الناعم قبضهم بقوة ووقف وغادر في صمت ...

ليس الغرفة بل وذاك القصر بأكمله ووقف خارجه مستندا على

أحد جدرانه بظهره بقوة محدقا في الفراغ بضياع ... ماذا يحدث

له ...! ما هذا الذي تفعله يا وقاص ؟ أنت تخطئ باستمرار ودون

روادع ... أنت تفقد عقلك ما أن تكون بقربها بل وتفقد السيطرة

على كل شيء وليس مشاعرك فقط حتى أنك اعترفت لها بكل ما

في داخلك نحوها .

ضرب بيده بقوة أوراق الغصن المتراقصة أمامه وهمس بوجع

" أريدك وإن كنت ميتة يا زيزفون .. فقط ليتوقفوا عن الوقوف

بيننا وضدنا " .


*
*
*




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 23-02-18 الساعة 07:16 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 10:44 PM   #7436

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





" أجل ... أجل قاااااادمة "

ركضت الصارخة بتلك العبارة جهة الباب الذي لم يتوقف رنينه

ولا لأخذ فترة راحة مالئا المنزل بضجيجه المرتفع وما أن فتحت

الباب تلقت يداها شاهقة الجسد الذي تهاوى ناحية الأرض

لتَمسك صاحبته بالباب الذي فتحته باندفاع ، حاولت أن تسندها

لجسدها قائلة بفزع

" ماريه ما ...... ؟ ماذا أ .... ؟ "

وصرخت منادية حين خانتها الكلمات لتصوغ أي جملة

" أميييي تعالي بسرعة أرجوووك "

وحضنت التي كانت ستنزلق من بين ذراعيها لحظة أن اقتربت

منهما راكضة من لم تجد وقتا ولا لمسح يديها من الماء تمسحهما

في مريلة المطبخ التي تضعها فوق ثيابهت ووصلت عندهما

وساعدتها في إسنادها وساعداها لتسير جهة ممر غرفتها

متمتمة بحزن

" يا إلهي ماذا حدث أيضا لهذه الفتاة ؟ "

أوصلتاها الغرفة فارتمت فورا على السرير وتناثر ذاك الشعر

البني حول وجهها بسبب ارتدادها القوي وأغمضت عينيها برفق

وسرعان ما عادت وفتحتهما جزئيا والدمعة الحارة تنزلق منهما

ببطء وانحنت على نفسها جانبا فتحركت التي عادت لمسح يديها

قائلة وهي تغادر من هناك

" سأجلب لها شيئا تشربه فساعديها لتستلقي جيدا ساندي "

وخرجت مسرعة فجلست ساندرين على الأرض أمام النائمة على

السرير بجانبها ووجهها مقابل لها ومسحت على شعرها تنظر

لملامحها المتعبة فوق الكدمتان فيه والخدش في جبينها قائلة

بحزن

" ماريه ماذا حدث ؟ هل أحضرك هنا بعد كل ما فعله ليأخذك

من هناك ؟ "

تحركت تلك الشفاه الجافة ببطء وخرج منهما ذاك الهمس الخافت

الكسير والدمعة الجديدة تنساب على ذاك الاحمرار الطفيف ببطء

" بل جئت وحدي وعلى قدماي "

شهقت ممسكة فمها قبل أن تمسح على وجهها وشعرها قائلة

بصدمة

" من هناك إلى هنا وعلى قدميك وأنتي في هذه الحالة ماريه !

هل جننتِ ؟ "

غطت وجهها بساعديها تضم يديها فوق رأسها وهمست ببكاء

موجع

" أردت أن أشعر بألم أقسى من ذاك ... أن يفوق أي ألم آخر

على ما كنت أشعر به في صدري "

ملأت دمعة الجالسة أمامها عينيها رغما عنها ومسحت على

ذراعها هامسة بأسى

" ليته يحترق فقط ... كم أتمنى من الله أن يحرق قلبه "


وقفت بعدها ومسحت عيناها بظهر كفها وتوجهت لقدماها اللتان

ما تزالان على الأرض نزعت حذائها ورفعتهما على السرير

ليخرج ذاك الأنين المتألم من النائمة فوقه فأبعدت يديها قائلة

" آسفة ماريه هل آلمتك ؟ "

ليخرج لها ذاك الصوت الخافت المؤلم الباكي

" يؤلمني .. يؤلمني كثيرا "

توجهت نحوها ومسحت على شعرها هامسة بحزن

" هل نتصل بالطبيب ؟ ما الذي يؤلمك ماريه ؟ "

تكسر صوتها بسبب بكائها الخافت تشد أصابعها على شعرها

هامسة

" قلبي يؤلمني .... إنه يموت ساندي يموت "


عادت دموعها للتمرد على مقلتيها الزرقاء الغامقة وشدت اللحاف

بقبضتيها بقوة حتى كادت تمزقه بينها تخفي انفعالها فيه

وسحبته على جسدها برفق ولم تستطع قول شيء كي لا يظهر

ذلك في صوتها لأنها تريدها قوية رغم كل شيء وأن تشعر بأن

من حولها أقوياء فتستمد ذلك منهم لا أن يشفقوا عليها ، ولم

تكن تعلم بأن ما مرت به فاق حدود الشفقة حتى على الذات

فلم تتخيل يوما أن تتمنى أنها لم تراه مجددا وهي من انتظرته

بالساعات والدقائق لسنين طوال ... أن تحن لحياتها البائسة مع

عمها قيس ونظرات الاتهام ممن حولها والعيش وحيدة ومنبوذة

ومشوهة هناك على العيش بقربه هنا فعلى الأقل كانت تعيش على

أمل رؤيته وعودته وأن ينتشلها من كل ذلك وينسيها كل ما

قاسته وعانته وحيدة ولم تكن لتقاسي منه أيضا لتكتشف بأنه

الدرب الأخير الذي سيغلق أمامها ، شدت يداها على رأسها أكثر

تدفن وجهه في ساعديها وذراعيها تكتم وجعها من ماذا تحديدا

لا تعلم ؟ من أين تبدأ مع نفسها وكيف تنتهي ؟ حتى قسوة

الشوارع والطرقات التي سلكتها متعثرة بالكاد تري طريقها

بسبب كل تلك الدموع لم ترحم جسدها الضعيف وترميه لدوامة

الموت ... لا شيء رأف بقلبها لا شيء رحمها أبدا .. بل وحتي

جفناها اللذان أرختهما حينها ببطء مغمضة عينيها المرهقتان

أظهرتا صورتهما أمامها فورا وذاك المشهد الحي يتحرك أمام

عينيها وكأنها تراه الآن ... لا صور لا صحافة ولا جرائد بل

واقع ينبض بالحياة يقتلها أكثر وينهيها أكثر وأكثر ويحذرها من

الكذب على نفسها موهمة إياها بأنها مجرد تمثيلية قصيرة الأمد

وخدعة وفصل قد يطوى من حياتها يوما ما وللأبد لأنها ستكون

هي تلك الصفحة البالية التي ستمزق وتحرق وتتحول لهباء .


فتحت جفنيها ببطء تهرب من كل ذلك .. تهرب من الألم للألم

ومن الخيالات والذكرى المؤلمة للواقع للوحدة وللمرارة فلا شيء

في واقعها يشعر بها أكثر من تلك اليد التي مسحت على شعرها

ببطء ووصلها صوت صاحبتها الحزين هامسا قرب أذنها

لتقبيلها لصدغها برفق

" حاولي أن تنامي ماريه وستكونين أفضل "

لتنزلق الدمعة الجديدة من عينيها ودون رحمة ولا رأفة بعذابها

المضاعف بسببها وهمست بوجع عبرتها السجينة تكاد تحطم

أضلعها

" كيف ولا أرهما أمامي ؟ هل لي أن أنام وعيناي مفتوحتان

ساندي فقد تعبت حقا "

زمت الواقفة فوقها شفتيها تمسك نفسها عن كل شيء وأولهم

الصراخ والدعاء على ذاك الكنعاني بأن يلحق بوالدته حبيبته

ويرتاح ويريح غيره منه فأبعد ما كانت تتوقعه بأن يكون أخذها

معه هناك لتراهما معا وليقتلها بأكثر ما كانت تخشاه وما

اعترفت أمامها سابقا بأنه الأمر الوحيد الذي سيدمرها نهائيا

ولن تستطيع ولا ادعاء الصمود إن حدث أمامها ، سحبت

هاتفها من فوق طاولة السرير بحركة عنيفة غاضبة لأنه تم

تسليمه لهم بعد الحادث وخرجت من الغرفة تخرج هاتفها هي

من جيب قميص بيجامتها وفتحت الرسائل فورا وأرسلت لرقمه

ودون تردد ولا تراجع ولا خوف

( إن كنت بلا قلب وجعلتها ترى عرضكما المسرحي السخيف

أمامها فكنت تمسكت بإنسانيتك قليلا وأوصلت جثتها هنا بدلا من

أن تتركها ترجع للمنزل سيرا على قدميها لساعات يا متعجرف يا

عديم الرحمة وأنت تعلم بأنه لا نقود لديها ولا هاتف ... لكن لا

بأس شكرا لك لأنك تشفيها منك )

وما أن تيقنت من أن الرسالة وصلته أغلقت هاتفها وهي تدخل

المطبخ وتوجهت للخزانة المعلقة في الجدار ووقفت على رؤوس

أصابعها ورمت الهاتف الآخر هناك فوقها وكما توقعت علا رنينه

فورا صداه يتردد في ذاك المكان الواسع فتجاهلته ملتفتة للتي

كانت تنظر لها باستغرب تمسك كوب حليب دافئ في يدها وقالت

بجمود

" لا داعي لهذا أمي فهي لا تحتاجه سأحقنها بمهدئ لتنام "

نظرت لها باستغراب قائلة

" تحقنيها بالمهدئ ؟ ألن يضرها "

زمت شفتيها وقالت بحنق

" لا ولن يكون أقسى عليها من تحمل وجع جسدها وقلبها "

نظرت للأعلى خلفها حين عاد الهاتف الموضوع فوق الخزانة

للرنين فور توقفه فتجاهلته مجددا ونظرت للتي قالت ونظرها

معلق به في الأعلى

" أليس هذا هاتف ماريه الجديد ؟ لما تضعينه في الأعلى ومن

هذا الذي يتصل ؟ "

توجهت جهة الصيدلية المنزلية المعلقة هناك وقالت وهي تفتحها

" لأنه عليه أن يبقى هكذا يرن ويرن وذاك يتصل ويتصل حتى

يحترق من غيظه ولن يهتم له أحد ولن يستطيع المجيء هنا طبعا

لينزل من قيمة نفسه المتعجرفة ويدخل منزل أعدائه مجددا "

أخرجت ما تحتاجه منها وضربت بابها الصغير بقوة متابعة بضيق

تنظر للواقفة مكانها هناك والكوب لازال في يدها

" وما ستفعله بسماع صوته مثلا ؟ ليسمعها سيلا من توبيخه

القاسي كقلبه لأنها لم تعتمد عليه حتى في دفنه مع جراحها "


وتابعت بغضب مغادرة من هناك

" أفضل ما فعلته ماريه ... قسما أنها تعجبني تلك الفتاة فلتتخلص

منه بوجع وببطء حتى يخرج من دمائها "

وخرجت من هناك بخطوات غاضبة وما أن اجتازت باب

المطبخ وقفت مكانها تنظر جهة الباب الذي دار قفله قبل أن

يفتح ودخل منه الذي نظر لها قائلا وهو يدس مفاتيحه في جيب

بنطلونه الخلفي

" مرحبا ساندي كيف هي ماريه الآن ؟ لم أستطع المجيء قبل

هذا الوقت فمحاضراتي انتهت قبل قليل وجئت من هناك إلى هنا

فورا "


تنهدت بضيق وقالت ببرود مغادرة من هناك

" والدتك في المطبخ سلم عليها ورافقتك السلامة فماريا نائمة

وليست بخير أبدا "

نظر لها باستغراب وهي تتوجه جهة ممر غرفته سابقا حتى

اختفت عن نظره وتوجه بعدها جهة المطبخ ودخل مبتسما للتي

ابتسمت ما أن رأته ، اقترب منها وقبل خدها ممسكا ذراعيها

وقال

" مرحبا أمي كيف أنتي ؟ "

تبدلت ابتسامتها للعبوس متمتمة

" لست بخير فثمة ابن لا يزوروني إلا نادرا وكأني لست

والدته "


قبل جبينها ورأسها وقال مبتسما

" مشغول مع دراستي فقط أمي أقسم لك وسأتخلص من همومها

قريبا وتشبعي من وجودي ، ثم نحن تقابلنا البارحة "

وتابع وقد سرق نظره لباب المطبخ قبل أن ينظر لها مجددا "

قابلت ساندرين وتبدوا نفسيتها سيئة جدا ؟ كما أنها لم تجبني

بشيء عن حا... "

وقطع كلامه ناظرا يمينا ولأعلى الخزانة ولصوت رنين الهاتف
الذي علا في صمت المكان وقال مستغربا

" من هذا الذي تشاجر مع هاتفه ! "


رفعت نظرها حيث ينظر وقالت بعبوس

" هذه شقيقتك قررت رمي هاتف ماريه في الأعلى ولمسه ممنوع

طبعا "


نقل نظره لها وقال مستغربا

" ولما ؟ ماذا حدث ويبدوا أني أجهله ؟ "

تنهدت بأسى تحرك رأسها متمتمة

" ماذا سأقول لك وماذا يا كين ؟ "

سحب لها كرسيا من الطاولة قربهما وأجلسها عليه وأدار كرسيا

آخر وجلس مقابلا لها وقال

" أخبريني بكل شيء فابنتك أدخلت لي دماغي في علبة كبريت "


*
*
*


فتحت باب المنزل ودخلت مغلقك إياه خلفها بهدوء وتوجهت فورا

جهة غرفة الطعام رامية بحقيبتها ومذكراتها على أقرب كرسي

ودخلت على حديث والدتها وزوجها وهو يقول

" ومن قال بأننا لن نأخذ رأيها ؟ أنا فقط قلت بأنه شاب لا

يعوض ولا يقارن بغيره وعلينا أن نجتهد في إقناعها "

قالت الجالسة بجانبه فورا

" وأنا كنت سأقول بأنها أعند من الصخر وستتحجج بدراستها

التي لن تنتهي بالتأكيد حسب طموحاتها "


اقتربت منهما وقبلت خد كل واحد منهما ودارت حول الطاولة

وجلست قائلة تنظر لأطباق الطعام

" يبدوا أنه ثمة رجل تذكر أخيرا بأنه يوجد واحدة أسمها

زهور ؟ "

تبادلا الجالسان أمامها نظرة صامتة قبل أن ينظرا لها وأن تقول

والدتها ببرود

" من يسمعك يصدق بأنك تفكرين في الأمر فعلا ولست لا تعلمين

أين يكون الرجال فى هذا الكوكب ! "

رفعت أكمام سترتها قائلة

" حسنا قد أكون غيرت رأيي فمن يكون هذا العريس الذي

ستكثفان الجهود لأوافق عليه ؟ "


قال المقابل لها مبتسما وكأنه ينتظر فقط أن تسأل

" شاب جيد بجميع المقاييس عمل كمحام لمجموعة شركات

النهضة الاستثمارية مؤخرا وأذهل الجميع "

رفعت المعكرونة بالشوكة وقالت قبل أن تأكلها

" لا تقل بأنه الجنوبي الذي لا تخلوا مكالماتك مع شركائك

من التحدث عنه ؟ "

قال بابتسامه واسعة

" بلى هو ... إنه أذكى وأفطن وأفضل محام مر علينا ولم أصدق

أذناي حين قال بأنه يريد خطبتك "

نظرت له الجالسة بجانبه وقالت

" أجل لم تخبرني من أين يعرفها ويعرف أنه لك ابنة ؟ "

حرك كتفيه قائلا

" لست أعلم ولم أستطع سؤاله عن أمر سخيف كهذا فقد يكون

رآها معى مرة مصادفة أو أنه سمع عنها فقط فسيكون جوابه

أحد الخيارين بالتأكيد خاصة وأنه يزور العاصمة لأيام محددة

فى الأسبوع فقط "

" حسنا أنا موافقة "

نظرا كليهما بدهشة وعدم تصديق للتي ضحكت على شكليهما

قائلة

" لما تنظران لي هكذا ؟ أليس هذا ما تريدانه ؟ "


قالت والدتها بعدم استيعاب

" موافقة هكذا دون حتى أن تريه ! "

حركت كتفها قائلة بلا مبالاة وهي تغرس شوكتها في صحن

السلطة قربها

" ولما سأراه ؟ أليس والدي يمدح خلقه وذكائه وووو ...

إذا لا مانع لدي "

قال بحماس الذي وضع الملعقة من يده وكأنها ستشوش عليه

ما سيقوله

" أجل وليس ثمة رجل لن يتمناه لابنته فلو أنك تري حديث

وأراء رؤساء المجموعة التجارية فيه لما استغربت هذا فلقد

أبهر الجميع بذكائه حين خلصهم من ورطة محتمة مع لجنة

مكافحة الفساد الجديدة التي زارتنا مؤخرا وكدنا ندخل السجن

دفعة واحدة بسبب خطأ قانوني صغير في معاملات شركة التأمين

العام الماضي "


نظرت له وقالت مبتسمة

" حسنا هذا يكفي إذا لأوافق بما أن رأيك فيه هكذا أما بالنسبة

لشكله فلن أحتاج أن أفكر فيه بما أنه من الجنوب فجميع من في

الكلية من هناك وسماء وكل واحد منهم ينافس الآخر تعرفهم ما

أن تراهم من بعيد ... أولئك الحوالك يسببون للبقية أزمة "

وختمت جملتها بضحكة صغيرة قبل أن تدير حدقتاها السوداء

للأعلى قائلة بحالمية

" وعلى رأسهم ذاك الأسطورة مطر شاهين .. يا قلبي لو فقط

يشبهه في كل شيء حتى في شخصيته "

ضحك المقابل لها بينما قالت الجالسة بجواره بضيق

" جُنت هذه الفتاة بالتأكيد ! لاحياء من والدك يا وقحة "

ضحك المعني بالنصف الأخر من العبارة وقال

" أنا لا بأس المهم أن لا تقول هذا أمامه مستقبلا فيدفنها

زوجها وسط مزارع الجنوب "

أبعدت خصلات شعرها القصير الناعم خلف أذنها قائلة بابتسامة

مائلة

" وهل سينكر هو أو غيره ما أقول؟ ثم ذاك الرجل لا يعرف في

أي أرض أكون وإن دعستني عجلات سيارته فلن يكلف نفسه

عناء الوقوف والنظر لي خلفه "

وتابعت بابتسامة لعوب

" ولا تخف على رجال الجنوب فألسنتهم أحد من السيوف على ما

يبدوا ويصيبونك في مقتل بكلمة واحدة ، وأقل ما سيقوله ذاك

الرجل ضعي نفسك بجانب زوجته وقارني لتخرسي وللأبد "

ضحك زوج والدتها مجددا ووقفت هي فقالت التي تبعتها بنظرها

" أنتي لم تأكلي شيئا "

قالت مغادرة

" أشعر بنعاس لم أعرفه حياتي وسأستحم وأنام قليلا لأستيقظ

وأصلي المغرب "

وتابعت مغادرة وعائدة لذات موضوعها السابق

" أخ لو أرى فقط تلك المرأة التي ترك حسناء صنوان من أجلها

وجل ما أخشاه ومتأكدة منه أنها بشعة لا تساوي نصفها "

واجتازت بهو المنزل وصعدت السلالم تغني تاركة كل ما تحدثوا

عنه ويعد مستقبلها خلف ظهرها فلما تهتم فالرجال سواء وهي

ستتزوج أحدهم يوما ما إن كان هو أو غيره لا يهم بما أنه يعجب

والدها الذي رباها فالأمر لا يحتاج للتفكير ولا داعي للتردد

فوالدتها لن ترحمها أبدا إن هي رفضت ولا سبب ترفض به أيضا .

رمت مذكراتها على سريرها ودخلت الحمام لازالت تغني بانبساط

فلن تترك أي شيء يعكر اليوم مزاجها وسعادتها بتنفيذ مخططها

أخيرا وقصة ذاك الغيلواني المتعجرف على كل لسان في الجامعة

بل ووضعت ملصقات لها على الأعمدة والجدران ليقرأها الجميع

وليجرب ما فعله بها فسيلتهي الجميع عنها به بعد الآن وليريها

كيف سيدخل ذاك المكان بعد المرة القادمة وكيف سيرفع عينيه

في عيني أصغر طالب فيها بل وكيف سيعرف من السبب وراء

ذلك ذاك المغرور الذكي شديد الغباء .

وضعت قدمها ببطء في الحوض المليء بالمياه وشعرت بذاك

الشعور الرائع بالاسترجاء ما أن غمر الماء جسدها بأكمله

وأغمضت عينيها مبتسمة فستتخلص أخيرا من رؤية كابوسها

الأسود الوحيد في الجامعة بعد الأسبوع القادم .


*
*
*





غرست أصابعها في غرتها ويدها الأخرى تمسك قلم حبر أسود

اللون تملأ دون توقف تلك الجداول المصفوفة حتى أنها إن

أغمضت عينيها لا ترى سوى تلك المربعات ... مربعات وخطوط

وأرقام ورأسها يكاد ينفجر فلم تتخيل يوما أن تعود للتدريس في

الجامعة بعدما غيرت جمعية الغسق حياتها بالكامل ووجدت فيها

المتنفس لهمومها وروحها التائهة وشغلت وقتها بها وبات

طموحها ككل من يعملن فيها مساعدة من يحتجن لعونهم بل ورأت

من هن أسوأ منها وتعلمت أن تنظر لنفسها بأنها أفضل حالا من

الكثيرات وأن نعم الله عليها لا تحصي ولا تعد وأن عليها أن تصبر

وتتعايش وتتعلم ممن كن أمامها نماذج حيه علمتها الكثير

والكثير ... وها هي فقدت أيضا ذاك المكان الذي عرفت فيه أفضل

صديقات لها وكان على ذلك أن يحدث ليس ضعفا منها ولا هروبا

بل من أجل غسق ... أجل من أجلها فقط فلن تستلم رآستها بعدها

مهما ألحت عليها في ذلك ، ثم تضامنا معها وكما اعتادت كل

حياتها في السراء والضراء معا وبعد خروجها من الجمعية لم يعد

يمكنها الاستمرار فيها رغم إصرارها عليها في أن تستلم رآستها

لكنهم لن يحتاجوها أيضا وسيتابعون من دونها ، لم تخبرها

السبب الحقيقي وراء خروجها منها بل أخبرتها فقط عن إصرار

والدتها وإلحاحها على أن تقبل ذاك المنصب وغضبها كلما فتح

الموضوع أمامها فجنبتها ونفسها كل تلك المشاكل وغادرت ذاك

المكان وللأبد ، فكان كل ما قالته لها حينها

( آخ جليلة لو أعلم فقط ما بنا تعيستان معا في كل شيء ولم

يختلفا قدرينا يوما )


فكان تعليقها الضاحك والفوري

( لا لسنا متشابهتان تماما فأنت زوجك رئيس البلاد الحالي وأنا

لم أحضى ولا بأقل منه ولو بقليل ولن نحسب رماح زوجا طبعا ) .
حركت رأسها مبتسمة تتذكر حديثهما الأخير ذاك وعادت لما كانت

تفعله فلم تجد وقتا له إلا الآن ومنزلهم اليوم انقلب رأسا على

عقب بسبب خبر الزائر الذي تناول العشاء مع والدها وكل ما قيل

أمامها بأنه مسؤول ورجل مهم في البلاد لم تهتم للسؤال عن

التفاصيل عنه وكانت متأكدة من أنها مجرد مزحة سخيفة أو

مقلب تلفزيوني سيوقعون والدها فيه ليضحك الناس عليه

رمضان القادم في التلفاز فمن هذا المسؤول الذي قد يزورهم

ولما ؟ إلا إن كان من المباحث أو الجنايات ولتتمنى وقتها فقط أن

يخطئها ولا تكون هي ضحيته ككل مصيبة تقع على هذا المنزل

وكما بات يراها الجميع بل وباتت هي تلك المصيبة التي يجزم

الجميع بأنهم لن يتخلصوا منها ، استغفرت الله بهمس وأبعدت

تلك الأفكار عن رأسها مجددا كي لا يتلاعب بها الشيطان أكثر

فعليها أن تنظر له كإهتمام من عائلة يفكرون فيها ويحبونها

ويتمنون لها الخير فهذه الأفكار والعقليات متجذرة لا أحد يمكنه

تغييرها ولا جعلهم يفكرون مثله ، ووالداها قبل الجميع يتأثران

بما يقال أمامهما فلن تلقي باللوم عليهما ، أما وثاب فذاك طبعه

منذ كان شابا سليط لسان حاد طباع ولن يتغير أما شقيقاها التوأم

من والدتها فمنذ أن كبرا واستقلا بحياتهما وابتعدا بسبب

أعمالهما أصبحا الحاضر الغائب عنهم وحتى عن مشاكلهم فعقدة

أن الشقيق من الأم أو الأب لا قرارات له يبدوا لن تغادر عقول

البشر أيضا ، أما شقيقاتها فلكل واحدة عائلة وأبناء وحياة بل

وحتى أحفاد لاثنين منهما ، وإن اجتمعوا لديهم كرهت الجلوس

معهن ليس لسبب سوي تلك المراعاة التي تحولت لشفقة مقيتة

في نظرها حتى أنهن يتجنبن الحديث أمامها عمن خُطبت أو

ستتزوج من معارفهم أو الأقارب ويُسكتن كل من تتطرق

للموضوع بالخطأ وكأن عمرها تجاوز الأربعين أو أنها تهتم

أساسا بتلك الأمور والمواضيع فلو أن الله كتب لها أن تتزوج

صغيرة لتزوجت منذ أن خطبها أكثر من شخص وهي ابنة

العشرين عاما لكن حكمته فوق كل شيء فهل سيكتب لنا السوء

مثلا ؟ هل يختار الحزن والقهر لعباده وهو أحن عليهم من

أمهاتهم اللاتي ولدنهم ؟ كانت مقتنعة كل حياتها بذلك وبأن ما

كتبه الله لها فيه الخير ومهما كرهت نفسها فلما لا يتركونها

وشأنها ..؟ ثم هي راضية ومقنعة بل قانعة بوضعها فلما يشغلون

أنفسم بها !


أغلقت المذكرة بعدما فقدت الأمل في أن تنجز باقي عملها فهي

متعبة فعلا بسبب كل الأعمال التي قامت بها هي ووالدتها

والخادمة الوحيدة تطهوان كل تلك الأطعمة وحمدت الله أن تعبها

لم يضع هباءً وضيفهم المنتظر وصل فعلا بل وليس وحده

فوالدها طلب من أشقائه وأزواج شقيقاته الحضور جميعهم

وليست تفهم لما وما يريده ذاك الرجل قادم لزيارتهم وتشعر بأنه

ثمة أمر مريب في الموضوع وأن والدتها تعمدت أن لا تقول كل

شيء أمامها أو أن والدها لم يخبرها هي أيضا أو هكذا هيء لها

فها قد غادر ضيفهم دون كوارث أو هكذا هيء لها فعلا فما أن

وقفت لتجمع أوراقها انفتخ باب غرفتها على اتساعه فنظرت

مصدومة لوالدتها التي توجهت نحوها مسرعة ابتسامتها تصل

لجانبي وجهها وعلى ملامحها فرحة لم تراها فيه منذ متى

لا تذكر وللأسف ! احتضنتها بقوة فور أن وصلت عندها وهي

لازالت على حالتها تلك جامدة مكانها من الصدمة وكل هذه

العاطفة المفاجئة التي نسيتها من وقت طويل ! وليتحول ذاك

التمثال الجامد لكتلة من الغضب حين قالت التي زادت من

احتضانها لها " مبارك لك يا جليلة لم أصدق أذناي حين أخبرني

والدك بأنه جاء لخطبتك .. تقبل الله دعائي أخيرا "

فما كان منها إلا أن أبعدتها عنها صارخة بصدمة

" يخطبني !! "

ضمت الواقفة أمامها يديها أمام شفتيها قائلة بسعادة

" أجل فطوال حياتك سعيدة حظ بل حظك أفضل من شقيقاتك فقد

تزوجك ابن شراع وهو ابن رئيس البلاد وحين تدنى حظك

وتطلقت منه ها قد ارتفع مجددا وأتاك من هو أفضل منه وما

توقعت أن يطرق بابك أحد ليطرقه هذا تحديدا "

زمت شفيها تمنع نفسها من كل شيء وأولهم التفوه بما قد يجرح

الواقفة أمامها ومن لم تعد تجد لها مبررات جديدة لتجريحها

المستمر لها وقالت بضيق

" أمي لست أفهم أي مسؤول في الدولة هذا الذي يعرفني وجاء

لخطبتي ! وأي عجوز أو متزوج من ثلاث نساء الذي كنتِ يئست

من أن يتقدم لي وخالف توقعاتك ؟ "

أمسكت بذراعيها وقالت بضحكة خفيفة

" عجوز !! بل هو لم يسبق له الزواج أبدا "

ظهر الانزعاج سريعا على ملامحها وما أن كانت ستتحدث

سبقتها قائلة بحماس

" ولن تصدقي من يكون إنه ر... "

تراجعت للخلف خطوة لتبتعد يديها عنها بأدب وقاطعتها بذات

ضيقها

" لا أريد أن أعلم ولا أن أصدق وأنا لست موافقة "

فصرخت فيها من فورها وبصدمة

" ماذا... ! ما هذا الجنون الذي أسمعه ؟ أثمة عاقلة ترفض

رجلا مثله ! فكيف إن كانت مط.... "

قاطعتها بأسى تغلق أذنيها بكفيها

" رجاءً يا أمي لا تذكريني بما أعلمه وحفظته جيدا ويجرحني

منك أكثر من غيرك .. مطلقة وكبيرة في السن والناس لا تتوقف

عن إلقاء اللوم عليا فيما حدث وأني بلا رحمة ولا ضمير وتخليت

عن زوجي لأنه أصبح مقعدا وعانس مع مرتبة الشرف ...

سعيدة بهذه الألقاب ولا أريد زوجا ولا أي رجل يدخل حياتي

وأيا كان "

صرخت فيها بحدة ملوحة بيدها في وجهها

" ولما لا تريدين أن يدخل رجل لحياتك ؟ لا تكوني رجلا

ولا نعلم ! "

أبعدت يديها بحركة عنيفة وقالت بذات ضيقها

" أكون ما سأكونه يا أمي فأنا لست موافقة إن كان الرأي لي

حقا وليس الأمر بالإكراه "

صرخت فيها بحدة

" أين عقلك لتقولين هذا يا جليلة ؟ قسما أني لن أستطيع

قولها لوالدك فمن هذه التي ترفض رئيس مخابرات البلاد

بل وأحد رجال مطر شاهين المقربين ! "

فغرت فاها المتناسق الجميل قبل أن تقول بصدمة

" من ...! رئيس ماذا ! "

عادت الابتسامة سريعا لشفتي التي قالت بحماس

" أجل رئيس جهاز مخابرات الدولة عمير مصطفى الخالدي ،

لا أحد في البلاد لا يعرفه ولا يعرف مركزه ومكانته ..

جاء بنفسه ولخطبتك تحديدا بل ومصر عليك وقال بأنه

على استعداد ل.... "


قاطعتها التي أفاقت من صدمتها أخيرا وقالت بضيق

" ويخطبني أنا ما يريده مني ؟ "

ضربت كفيها عند وسطها قائلة بسخرية

" يضعك تحفة ويتفرج عليك ، لأنه يريدك زوجته وأم أبنائه

طبعا يا ابنة والدتك "

مررت أصابعها في غرتها متأففة وقالت بحنق

" أمي أنا لست أفهم ما يريده بي ذاك الرجل مع كل تلك الألقاب

التي لم تتركيني أنساها يوما ؟ هل تنقصه شهرة وأضواء

ليبحث عن واحدة يتحدث عنه الناس في كل مكان ما أن يرتبط

بها ؟ قولي أمرا يصدقه العقل ! "

قالت الواقفة أمامها بضيق

" أنا التي لست أعرف واحدة يقولون لها بأنه رجل مثله خطبها

تقول هذا ! فهل والدك كان يتوهم أمورا ليست موجودة مثلا وهو

كان جالس بجانبه ويسمعه جيدا أم أن من كانوا معهم يتوهمون

أيضا ! "

أشاحت بوجهها عنها وأغمضت عينيها تخفي ماذا ليست تعلم

هل الألم أم الدمعة التي ترفض ولا أن تفكر في ذرفها أم الذكريات

المريرة لكل ما حدث معها لأعوام أم تلك الصور التي تتابعت

أمامها وكأن الماضي قرر هزيمتها نهاية الأمر وبكل بشاعة ؟

( جليلة أنا لست اطالبك بما ترفضينه .. أنا أحبك وكل ما

أراه في عينيك يشجعني على قول هذا )

( أتري هذا يا جليلة إنه ينبض لك ويعيش من أجلك ... أنت

مستقبلي )


( جليلة ... نصار سافر ... أنت وصيته لي حتى غادر مع

المسافرين يلتفت لي وعلى شفتيه اسمك فقط فانتظريه هذا

فقط ما يريده وأنا سأساعدكما من أجلك ومن أجل صديقي

قبلك فلن أسمح بأن تكوني لغيره )

غطت عيناها بكفها وانهارت باكية .. الأمر الذي أقسمت أن

لا تفعله من أجل ذاك ولا بسببه أبدا ما عاشت ... لكنها لا

تبكيه قسما ليست تبكي عليه بل على نفسها .. على سنوات

عمرها التي ضاعت في أوهام بل وحياة غيرها قبلها فما

ذنب رماح وحبيبته يدفعا ثمن فشلها هي وكذب ذاك الرجل ؟

انهارت جالسه على الكرسي ودفنت وجهها في كفيها ولم

تعد تسمع شيئا سوى عبراتها المتقطعة لا حديث والدتها

ولا ما تقوله وتعلمه جيدا وإن كانت لا تسمعه فأبعدت يديها

وقالت بانفعال باكي

" لا أريده ... لا أريد أمي لا هو ولا أي رجل .. لا أريد

أن أتزوج أساسا "

فصرخت فيها التي استوت واقفة من فورها

" أقنعي والدك وشقيقك بهذا بل والناس جميعهم وأنت

ترفضين رجلا مثله "


وتابعت مغادرة من هناك

" لم أعرف حياتي من ترفس النعيم مثلك ، سأتركك لوالدك

يتفاهم معك فأنت لا تنفع معك الطرق المتحضرة في إخبار

الفتيات وأخذ رأيهن "

وغادرت تاركة خلفها التي سقت دموعها وجنتيها صارخة

في الباب الذي صفقته بعدها

" أنتم لا تأخذون رأيي أمي بل تأمرونني ... لا بل تقتلوني

وكأني لست ابنتكم "

وتتالت شهقاتها وعبراتها هامسة لذاك الباب الأصم وكأنه لم

يعد غيره يشعر بها أو يفهمها

" لا أريد رجلا آخر .. لا أريد وعودا وتعلق وخيانة وخذلان ...

أقسم أني متعبة وأحتاج لقرون ليشفى قلبي وجراحي فلما لا

ترحموني لماذا ؟ "


وعادت للبكاء بحرقة ووجع تفرغ كل ذاك الكبت ولتنهار نهاية

الأمر وينهار صمودها وكل تلك القوة التي تمسكت بها لأعوام فما

يريده ذاك الرجل بحطام امرأة وبجسد من دون روح ... لماذا ؟

لما هي تحديدا ويمكنه أن يتزوج من أفضل منها بل ولن ترفضه

أي واحدة في البلاد ! أيتحدا بها نفسه وقدراته ؟

مسحت عيناها بقوة ونظرت حولها حتى وجدت هاتفها ورفعته

واتصلت فورا بمن سيفهمها وإن لن يجد لها حلا وهذا طبعها

إن تضايقت تتحدث ولأي شيء وإن كان للجماد أو الفراغ

المهم أن تفرغ كل ما في داخلها وتكبته وبعدها ترتاح وإن لم

تجد لمشاكلها حلا بذلك ، ولأن غسق لا ينقصها هموم فكان

خيارها الثاني والفوري هو شقيقها من والدتها والمقرب لها

من بين الجميع في عائلتها بل وبئر أسرارها الوحيد فعلاقتهما

كانت رائعة ومنذ طفولتهما ومختلفة عن الجميع حتى شقيقاتها

وحتى توأمه ، اتصلت به فورا ولم يتأخر في الرد عليها كعادته

ووصلها ذاك الصوت الباسم المتزن

" مرحبا بالجميلة التي تذكرتنا لمرتين اليوم "

همست ببحة حزن

" مرحبا وسام "

وصلها صوته مستغربا

" الله أكبر ما بها الجليلة تبكي على غير العادة ! من هذا

هذا الذي أحزنها ؟ "

مسحت دمعة جديدة تمردت على مقلتيها البنيتان وقالت مباشرة

" يريدون إجباري على الزواج يا وسام .. أنت تعلم بأن

هذه الفكرة تجلب ليا المرض "

قال من فوره

" أرفضي يا جليلة وانتهى الأمر "

ضربت بقبضتها على فخذها قائلة بأسى

" كيف سأرفض وقد لعبوها بحرفية فسيقتلني والدي ووثاب

قبله بعد أن حضر أعمامي وأزواج خالاتي "

قال من في الطرف الآخر باستغراب

" ولما يحضرون معهم ؟ جليلة ماذا حدث تحديداً "

تنهدت بعمق تبلع غصتها وعبرتها وسردت عليه ما حدث فهذا

ما تريده أن يستمع لها أحدهم دون أن ينتقدها ولا أن يصرخ

بها ويأمرها فهي متأكدة من أنه لن يمنحها غير ذلك لأنهما

يعزلان نفسيهما عن أي قرار يخص شقيقاتهم والسبب كان

وثاب طبعا ولن يستطيع أحد لوم غيره فبعد شجاره في الماضي

مع شقيقه قائد وأمامه بل وأمامهم جميعا وقد صرخ به يومها

قائلا

( أنت لست سوى شقيقها من والدتها ولا شأن لكما بما يحدث

هنا .. والدتكم أمامكم من أرادها يأخذها معه )

ولن تنسى يومها النظرة التي رأتها في عيني قائد بل ووسام

قبله وهو أكثر رجل حساس عرفته حياتها ومنذ ذاك اليوم تحولا

لغريبان عنهم لا يبديان ولا رأيهما فيما يقال أمامهما رغم كل

ما فعلوه ليغيروا نظرتهما تلك بل وإجبار والدتهم لوثاب

للاعتذار عما قال وتهديد والده له إن لم يفعلها لكن الشرخ

كان أوسع من أن يجدي معه إصلاح فكل ما بقي لهم منهما

محبتهما الأخوية وزياراتهما القصيرة المتباعدة .

مسحت دموعها ما أن أنهت حديثها ووصلها ذاك الصوت الهادئ

مرافقا تنهيدة رجولية عميقة

" جليلة أتفكرين فعلا في رفض ذاك الرجل ! "

قالت من فورها وبضيق

" وسام حلفتك بالله لا تكرر لي اسطوانة والدتك "

تنهد بعمق مجددا وقال

" أكره أن أقول ما يزعجك يا جليلة لكنها الحقيقة "

قالت بأسى

" لا تزد من همومي يا وسام وأنت أكثر من يعرف

ما مررت به "

وصلها صوته الجاد فورا

" جليلة لا تنسي ما سيقال حال رفضك خصوصا أن جميع أقاربك

باتوا يعلمون حاليا عن تلك الخطبة فما سيفكرون فيه وأنت كنت

زوجة صوريا لرجل آخر ؟ أقل ما سيقال عنك أنك أخطأت معه

وإن كان زوجك فلا سبب آخر سترجحه الناس لرفضك لرجل

كهذا .. لا سبب ولا ليجدوه عذرا لك "

اتكأت بجبينها على راحة يدها تغرس أصابعها في غرتها

القصيرة متمتمة بحنق

" لو أفهم فيما يفكر ذاك الرجل ! في كسري أكثر أم تدمير حياته

معي لأصبح مطلقة مرتين ؟ لو أنه فكر بعقل وأبلغني بأي

طريقة كانت لرفضته ووفرت على نفسي كارثة هو

السبب فيها "

قال من في الطرف الآخر مباشرة

" جئنا للنقطة الأهم في الموضوع وما كنت فعلا أريد السؤال

عنه .. من أين يعرفك ذاك الرجل يا ابنة والدتي وكيف رآك ؟ "

تبدلت ملامحها للضيق قائلة

" لا تبدأ أنت قبل الجميع يا وسام فأنا لم ألتقيه سوى لثلاث

مرات .. اثنتان كانتا بالمصادفة حيث كان برفقة مطر شاهين

فلا تنسى بأنه زوج ابنة خالتك وكنا نعمل سويا في الجمعية ،

ومرة حين سلمني ورقة الطلاق لأنه من كلفه رماح بفعل ذلك

في المحكمة فقط لا غير ولم نتحدث فيما سيجعله يفكر في

خطبتي بل ولم أنتبه لهذا .. لا بل لم أنتبه له تقريبا ولست أفهم

أي أفكار هذه الفاشلة التي جعلته يتقدم لي وجل ما اخشاه أن

يكون ابن شاهين من اقترح عليه ذلك ، لو كان على وفاق هو

وغسق لاتهمتها هي دون تردد "

وصلها صوته الجاد فورا

" لست أعتقد أنه ممن يقترح عليه الغير قراراته أو حتى يؤثر

فيه يا جليلة فرجال ابن شاهين أراهم يشبهونه في الكثير "

قالت بحنق

" وهذا ما لا أريده وأخشاه نسخة أخرى عن غسق تضاف

لمعاناة جليلة السابقة أم لم تسمعه بنفسك وهو يهدد ويتوعد

بضرب اليرموك وأنهم ينتطرون الإشارة فقط من زعيمهم ؟

أخشى أن أكون أنا يرموك أخرى في حياته "

تلقت أذنها ضحكته الخفيفة فورا قبل أن يقول مبتسما

" أراك بت تتحدثين عن مستقبلك معه كأمر واقع ! هل

وافقت سريعا هكذا ؟ "

لوحت بيدها قائلة بضيق

" وسام أنا لا أمزح ولا مزاج لي للمزاح أيضا "
تنهد قائلا بهدوء

" حسنا فقط لا تغضبي مني ، وللأمانة يا جليلة هو رجل سمعته

نطيفة كالثوب الأبيض الجديد وكثير يمدحونه بل وثمة توقعات

بأن يستلم وزارة الداخلية والعامة متقبلين لذلك وبرحابة فرفضك

له معناه عاصفة هوجاء لن تستطيعي الصمود أمامها هذه المرة

شقيقتي "

همست بأسى

" وداعا يا وسام وآسفة لإزعاجي لك يا شقيقي "

رمت بعدها الهاتف بعيدا عنها ومررت أصابعها في شعرها

وأغمضت عينيها بقوة فعليها أن تفكر في حل وعلى ذاك الرجل

أن يبتعد عن طريقها فهي لا تصلح له ولا لغيره فليتركوها تعيش

وحيدة في سلام بعدما تأقلمت مع همومها الماضية وتعايشت

معها ... لما يصرون على مضاعفتها ! .


*
*
*



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 10:46 PM   #7437

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




" أنا حقا أتمنى أن تفكري جيدا في قرارك هذا فنحن نحتاج

للموظفين الأكفاء مثلك وفي قسم الملاحة الجوية تحديدا "

نظرت ليديها وقالت بحزن

" ولا أنا أريد ذلك لكنها ظروفي سيدي "

وضع ذاك المغلف الأبيض من يده وقال

" الخيار لك وأمامك أسبوعين يمكنك تغيير رأيك فيها وسحب ا
ستقالتك آنسة كنعان وأنا آمل ذلك حقا "

أومأت برأسها بحسنا تغتصب ابتسامة صغيرة واعتذرت هامسة

وغادرت مكتب المدير سريعا فلن تتراجع عن قرارها ذاك ولن

تعود لهذا المكان مجددا فهو سيجدها فيه ما أن تبدأ رحلتهم بل

والرحلات الأخرى التي ستنزل هنا وهو فيها وستضعف ما أن

تراه تعرف نفسها جيدا فهي لم تستطع حتى الآن نسيانه ومحو

صورته من ذاكرتها ولا نسيان إهاناته المتلاحقة لها ففوق ما

فعله أرسل لها يشتمها بل ويخبرها بأنه يريد فتاة أخرى وبكل

وقاحة فماذا كان سيفعل بحق الله وهو يربط فتاة بحياة معه وهو

لا يريدها ؟ وهذا بدلا من أن يعتذر عن موقفه المخزي في الحفل

يعيرها بطول لسانها ولسانه هو ضعف طوله ! تأففت محركة

رأسها بقوة ومررت أصابعها في غرتها تبعدها عن وجهها

وأدارت مقبض الباب الذي وقفت أمامه تفكر من الآن في مشقة

البحث عن وظيفة جديدة ستحتاج لأيام لتجدها وشهادتها مضيفة

طيران فأين ستعمل إن لم يكن في المطارات والطائرات ؟


تنفست بعمق وابتسمت للتي قابلتها خلف المكتب الجالسة عليه

والتي وقفت فورا وتوجهت نحوها قائلة بعتاب محب

" يا إلهي كوينوا ستتركيننا حقا كما سمعت ؟ "

وأمسكت يديها فشدت عليهما بقوة وقالت مبتسمة بحزن دمعتها

تسبح في مقلتيها الواسعة

" أجل .. أنا آسفة حقا ربيكا "

وتشاركتا حضنا طويلا عميقا صادقا فطالما أحبت هذه المرأة

واحترمتها وكأنها والدتها ، أبعدتها عنها ممسكة بذراعيها

ونظرت لها بصدمة قبل أن تحضنها مجددا قائلة

" أوه لا ما يبكي كوينوا الجميلة ؟ من هذا الذي كسر قلبك

يا فتاة ؟ "

ابتعدت عنها تمسح عيناها بظهر كفها تنظر للأسفل هامسة ببحة

" من قال أن أحدهم كسر قلبي ؟ أنا فقط سأشتاق لكم "

قالت التي قرصت لها خدها ضاحكة

" آوه لا ... أنا أعرف جيدا أنواع الدموع وكيف تكون تلك التي

يكون سببها رجل ، فمن هذا الأحمق الذي يفرط في فتاة رائعة

جميلة ورقيقة مثلك ! لا يكون هو سبب تركك لنا كوينوا ؟ "


هربت بنظرها منها تدس خصلات شعرها خلف أذنيها فعليها

الهرب من هنا قبل أن تحقق معها أكثر من هذا وستكتشف كل

شيء حينها تعرفها جيدا فهي بسنين عمرها وخبرتها الجميع

هناك كتب مفتوحة أمامها ولا كذب أو مراوغة معها أبدا .

ودعتها مجددا بعدما وعدتها أن تزورها في منزلها مستقبلا

وغادرت مكتبها فهذا التحقيق الأول نجت منه وما يزال أمامها

شيرل ومن لن تنجوا منه بالتأكيد .

ما أن وصلت الباب الذي سيخرجها لصالة المسافرين وقفت فجأة

وارتدت للخلف سريعا تراقب نظراتها المصدومة من خلف الزجاج

في الباب الخشبي الواقف هناك يتحدث مع أحد موظفي المطار

وقد أشار له ذاك حيث الباب الذي تقف خلفه فعادت أدراجها

راكضة ودخلت أول مكتب وصلته وأغلقت بابه خلفها ووقفت

عليه يدها على قلبها تتلقف أنفاسها بصعوبة فلم تتخيل أن يزور

المطار سريعا هكذا ورحلته بعد أكثر من أسبوع حتى تنتهي

التحقيقات الروتينية في حادثة الطائرة ولأنه تم منحهم فترة

استراحة هنا بعدما فعلوه لإنقاذ كل تلك الأرواح.


دست خصلات شعرها خلف أذنيها بتوتر وغرست أسنانها في

طرف شفتها لا تتوقف عن شتم نفسها وتوبيخ قلبها الغبي

الأحمق الذي كان ينبض بجنون وذاك حاله منذ وقع نظرها عليه

وكم بدا رائعا ووسيما بالثياب العملية .. بنطلون جينز داكن

وقميص رمادي مغلق ويضع نظارات سوداء فوق شعره البني


الكثيف الناعم ، وهي من كانت تتوقع أنه لن يكون أروع مما كان

في بدلة الطيران الزرقاء الغامقة الرائعة تلك ! عضت سبابتها

بقوة تمنع نفسها من التفكير فيه بإيلامها ولم تبعد أسنانها حتى

فاق ألمها التحمل ونجح الأمر أخيرا فابتعدت عن الباب وفتحته

ببطء شديد وأخرجت رأسها ونظرت للممر وتراجعت بسرعة

حين وجدته هناك واقفا أمام مكتب المهندس الجوي ينظر للافتة

المتبثة بجانبه وكأنه يتأكد من وجهته وعضت مفصل سبابتها

مجددا وبتوتر .. لا تريد أن تفكر في أنه يبحث عنها فلن يفعلها

أبدا وعلى عقلها الغبي أن يستفيق لنفسه فمؤكد هو هنا من أجل

أمر يخص رحلته تلك ولن تكون هي التي تحدث عنها سابقا ولم

يلتقيها سوى لمرة واحدة ، ما أن سمعت صوت صرير الباب فتح

في الممر خرجت وغادرت من هناك مسرعة فعليها أن تدرك

سائق التاكسي الذي ينتظرها قبل أن يغادر بوجبة دسمة أخرى

من المطار ويتركها كما يفعلون جميعهم .


*
*
*


فتح الباب ببطء وأدب بعدما طرقه طرقتان خفيفتان ووقع نظره

فورا على المرأة التي تجاوزت الخامسة والأربعين من عمرها كما

يبدوا عليها والجالسة خلف مكتب السكرتيرة هناك فإن لم يراها

بنفسه سابقا مع من استقبلوا طاقم رحلتهم لما صدق بأن تكون

تعمل هنا وهي بهذا السن ! تحمحم قليلا وقال ناظرا لبطاقتها

" مرحبا سيدة مارشنت "

رفعت نظرها له وقالت مبتسمة ببشاشة

" مرحبا ... أنت مساعد الطيار في تلك الرحلة أليس كذلك ؟ "

قال مبتسما

" أجل أنا هو وجئت أبحث عن .... "


وتردد قليلا قبل أن يقول

" أقصد ثمة موظفة هنا ضمن من كانوا في استقبالنا ذاك اليوم

وكانت من تحدثت معنا عبر جهاز الاتصال وهي صغيرة في

ال.... "


قاطعته قائلة بابتسامة

" آه أجل كوينوا تعني ؟ "

نظر لها باستغراب قائلا

" إسمها كوينوا !! "


ضحكت قائلة

" أوه لا لكني لا أعرف نطقه الصحيح فأنتم العرب لديكم أحرف

لا ننطقها نحن ، وعلى كل حال هي كانت هنا وغادرت أمامك الآن

بعدما قدمت استقالتها ورحلت للأبد "

نظر لها بصدمة هامسا

" استقالت !! "


رفعت كتفيها قائلة بحزن

" أجل ولا أحد يعلم أو يفهم سبب قرارها المفاجئ ذاك ولا مدير

المطار نفسه وكم حزنت على فراقها فهي أول عربية أحبها أكثر

من الانجليزيات "

وتابعت بضيق وقد عادت لأوراقها مجددا

" وسيكون عليا ولأسبوعين أن أقوم بمهامها أيضا حتى يتم

تعيين مساعدة جديدة للسيد فيثال و.... "


تركها وحديثها المسترسل ذاك وغادر المكتب بل والممر بأكمله

بخطوات مسرعة تبحث عيناه عنها في كل مكان في طريقه لعله

يلمحها فيه وخطواته الواسعة الشبه راكضة تأخذه ناحية باب

المطار فهي قالت بأنها غادرت مكتبها للتو أي أنها ستكون في

مواقف السيارات أو ستخرج عما قريب وفي كلا الحالتين عليه أن

يدركها فإن غادرت من هنا لن يجدها أبدا كما أنه يعلم جيدا عن

قوانين هذه الأماكن فلن يعطوه أي معلومات عنها مهما حاول

فكيف وهي مغتربة .


وصل موقف السيارات وتباطأت خطواته الراكضة ما أن وقع

نظره على سيارة الأجرى المغادرة من هناك والجالسة في مقعدها

الخلفي منشغلة بحقيبتها ولم تنتبه له فركض فورا جهة السيارة

التي قام باستئجارها فترة بقائه هنا وركبها سريعا وشغلها وما أن

نظر للخلف ليتراجع ثم يلف مغادرا خلفها اعترضت طريقه

سيارة أجرى أخرى وقفت لينزل منها من كانوا فيها وبدؤا بإنزال

حقائبهم ورغم ضغطه المتواصل على منبه السيارة إلا أن صاحب

التاكسي تبلد عمدا فضرب على المقود شاتما بحنق فهو لن يدرك

تلك السيارة الآن ومهما فعل وحاول لأنها ستضيع في الشوارع

المزدحمة وعليه أن يفقد الأمل في إيجاد تلك الفتاة وللأبد .


*
*
*


اتكأت بطرف وجهها على راحة يدها تسند مرفقها بمسند الاريكة

متنهدة في داخلها بضيق فرماح إن أمسك بجهاز التلفاز يشعرك

بالمرض من كثرة ما ستشاهده من أخبار بل ويجعلك تندم على أن

اخترت وبإرادتك وضع واحدا من أجله في كل مكان في المنزل ،

والكارثة أنه منسجم تماما مع تكرار ذات الأخبار وسماع ذات

الأراء العقيمة حتى أنه يشاهد من وقت حوارا عن القوانين

الجديدة ودمج الثنانيين في البلاد وما قد يترتب عليها بل ورأى

البعض بأنها ذريعة لمطر شاهين يخفي بها إخفاقه في مسألة

اليرموك وعدم تبريره لتسليمها للخارجين عن القانون كما

يسمونهم وغطاء لصمته عنهم حتى الآن ولم يهتم ولا بجلوس

آستريا معهم والبعض ينتقد قبائلهم وعلانية وكأنه يعاقب الجميع

معه .

ضمت قبضتها وأتكأت عليها بجبينها وأغمضت عينيها ببطء فهي

ليست أفضل حالا منه فبالرغم من مرور عشرة أيام كاملة على

ذاك اليوم الكارثي لازال مزاجها مشتعلا كالبارود ينتظر فقط أن

يقترب أحد منه فينفجر ومن دون كبريت ، فها هي مثله تماما

تعاقب غيرها بما تشعر به حتى بات الجميع يتجنبها وبشكل

ملحوظ عدا تيما التي لم تتوقف محاولاتها المضنية لجعلها تبتسم

وتشاركهم أي موضوع وتندمج معهم في أحاديثهم ، وماذا كانت

ستتوقع من نفسها بعدما حدث ذاك اليوم وأتلف البقية المتبقية

من غسق وعانت لأيام من محاربة حتى تذكر تفاصيله وكتمانها

له داخلها ... وماذا ستقول مثلا ولمن ؟ فهي لم تنسى حتى الآن

تلك النظرة التي رأتها في عيني عمتها حين دخلت عليها الغرفة

فجأة وكانت أسبق لها من يدها لحجابها الذي تمسكت به وقتها

تخفي ما رأته تلك حينها وبسهولة ونظرت لها بطريقة لن تنساها

حياتها بل والمصائب لم تنتهي هناك فما أن جذبت شعرها على

عنقها ونظرت للأسفل قائلة بامتعاض

" عمتي لا تنظري لي هكذا فهو زوجي إن نسيت "

فما كان من تلك إلا أن تنهدت بضيق قائلة

" كنت رحلت معه لما تدخليه متسللا بيننا كاللصوص "

فرفعت وجهها لها قائلة بضيق

" لم ادخله ولم يدخل عمتي فتوقفي عن النظر لي كطعم

سيلتقط جبران ويعيده إلى هنا وافقدي الأمل بي ففصلي

انتهى من حياته "

قالت بسخرية ومن فورها

" ومن سيعنيه جبران أو سيفكر فيه مثلا ؟ "

وتابعت بضيق مغادرة

" هنيئا فقط لكل ميت بموته .. ولعله سيسمي شاهين هذه

المرة وليس أميمة "

وغادرت وتركتها عيناها ستخرجان من مكانهما من الصدمة

ليس بسبب قولها لذلك بل مما قالته تحديدا فهي لم تفكر في

ذلك أبدا بل لن تفكر فيه ولن يحدث مطلقا وتحمل طفله مجددا

وفي أي وضع هما فيه ؟ لا تلك كارثة وليست تتوقعها فلما

سيحدث ذلك من ليلة واحدة ! رغم يقينها من أن تلك الليلة

الجنونية كفيلة بجعل العاقر تحمل .

أغمضت عينيها بقوة أكبر وحركت رأسها برفض فما سيكون

وضعها أمامهم جميعا حينها ؟ أخوتها والكاسر وأقاربهم بل

والناس أجمعهم فلن يرحمها أحد وهي لم تتخلص بعد من آثار

الفواجع السابقة والتي جعلت منها العنوان الرئيسي للصحف

والمجلات لأسابيع ، تيما وحدها من ستتوقع رد فعل مختلف

منها فهي مجنونة بوالدها ولن تتغير أبدا ومهما فعل .

رفعت رأسها ونظرت جانبا لها وللكاسر الجالسان على السجادة

الفاخره على الأرض يلعبان لعبتهما الطفولية السخيفة تلك وهو

يمسك أذنيه بينما تمد هي له يديها ويحاول ضربهما ولا يسمع

مع صوت ذاك التلفاز المرتفع سوى أصوات ضحكاتهما

وصرخاتها المتألمة فهما ما أن يجتمعا معا يتحولان لطفلين

وكأنهما يعوضان ما فاتهما ودون اهتمام برأي أحد ، وهذا

حالهما منذ أن انتقلوا إلى هنا وهي تزورهم بشكل شبه يومي

بل ونامت عندهم هنا البارحة ولم يناما إلا في وقت متأخر

وبعد توبيخ منها .

نظرت للجانب الآخر ولرعد وآستريا هذه المرة وكالعادة

يتهامسان ولا تسمع من حديثهما شيئا ولولا ضحكة رعد

التي تُسمع بعض الأحيان لظن من يراهما أنهما نائمان وهما

جالسان يكاد رأسه يتكئ على كتفها لولا ذرة الحياء التي يبدوا

أنه يحتفظ بها في مكان ما .

نظرت جهة الفرد المتبقي وهي عمتها الجالسة بحانب رماح

والوحيدة التي استطاعت الانسجام مع ذاك البرنامج على

ما يبدو قبل أن تستدير حدقتاها السوداء للجالس بجوارها

وقالت بجمود

" متى ستقرر أن نزور العمران ومنزل عائلة خطيبتك ؟ "

نظر لها المعني بالأمر بطرف عينيه قبل أن يعود بنظره للتلفاز

قائلا ببرود

" قمتِ أنتي بالواجب وألبستها حتى الخاتم فما يفعلونه بي

تسحبوني معكم لهم ؟ "

قالت بضيق

" وإن يكن فزيارتك لهم أمر ضروري فكونهم أقل منا ليس

معناه أن نعاملهم بدونية ولا نكترث بما هو واجب ناحيتهم "

رمقها بنظرة حادة تجاهلتها فورا ، ولم يكن ذاك حاله لوحده

بل والجميع انتقلت نظراتهم لهما وتحديدا للذي عاد لمشاهدة

التلفاز دون أن يعلق بشيء فقالت بضيق أكبر

" رماح أنا أتحدث معك "

قال بذات بروده ونظره لم يفارق التلفاز

" وأنا سمعت وما لدي قلته "

قالت بضيق أشد

" وما تقوله لا يعجب أحدا يا ابن شراع "

رمى جهاز التحكم من يده ونظر لها قائلا بحدة

" هذا هو عريس ابنتهم أعجبهم كان بها لم يعحبهم ليغيروا

رأيهم ويفعلوا معروفا في حياتهم ويرفضوه "

وتابع بذات حدته ينقل سبابته بينها وبين الجالس قريبا منها

" وكنت تزوجتها أنت يا سيدة الأصول أو زوجتها لشقيقك

الذي يتبعك كابنك وأرحتماني ونفسيكما "

نظر له رعد بصدمة بينما ردة الفعل كانت من الجالسة ملاصقة

له والتي شهقت دون شعور قبل أن تنظر للأسفل خجلا من خروج

شهقتها المصدومة تلك وتابع الذي أشار بسبابته هذه المرة

للجالسة على الأرض

" وأنتي أخبري والدك حين يغضبها مجددا يأخذها معه

لتنفث غضبها به وليس بي "

فنقلت نظراتها المصدومة منه للتي وقفت من فورها مغادرة وقد

تحرك ذاك الكرسي بعدها مباشرة وغادر صاحبه أيضا فكان رد

الفعل الوحيد من عمتهم التي حركت رأسها متنهدة بأسى ومتمتمة

" رحمك الله يا شراع "

فوقف حينها رعد في صمت وغادر في الجهة التي سلكتها تلك

ويعرف أين سيكون مقصدها وهو مكتبه والمكتب الوحيد هناك فلا

أحد غيره بات يحتاج مكانا مماثلا ، فتح الباب بهدوء ووقع نظره

فورا على الواقفة عند إحدى النوافذ الزجاجية الطويلة مولية

ظهرها له وقد مسحت عيناها فورا فتقدم ناحيتها قائلا بهدوء

" غسق لا تنزعجي مما قاله رماح فمؤكد لا يقصده ومن غضبه

لم يكن يعي ما يقول "

نظرت ليديها تشد بأصابعهما طرف قميصها وقالت ببحة وحزن

" لست غاضبة يا رعد ولا منزعجة منه بل عليه وما يفعله

بنفسه "

تنهد بعمق قائلا

" أخشى أننا تسرعنا يا غسق وما كان علينا إجباره على

ما لا يريد ، هذا وليست هنا فما سيفعله بها حينها ؟ "

رفعت نظرها للحديقة المنسقة في الخارج وقالت بجمود

" لا لم نتسرع ولم نخطئ أيضا ، رماح يحبها ومن يؤذي

من يحب يؤذي نفسه معه أيضا يا رعد ولن يرتاح إلا إن

سعى لراحته ، جهينة أعقل وأنضج مما تتصور ومتأكدة من

أنها ستغير نظرته للأمر كليا ، ثم هي مفتاحنا الوحيد لجعله

يقرر العملية يا رعد وهي تعرف ذلك جيدا "


تنهد بعمق وقال

" سنترك الحديث عنه الآن ونتحدث عنك أنت "

دارت له بكامل جسدها وما أن كانت ستتحدث سبقها قائلا بجدية

" وضعك لا يعجبني يا غسق ولا نفسيتك المشتعلة مؤخرا وأريد

أن أفهم ما حدث يومها وأين كنتما ؟ "

أشاحت بوجهها عنه جانبا وهمست بجمود

" لا شيء في الأمر مهم تعرفه "

تنهد بضيق وما أن كان سيتحدث سبقته قائلة وقد عادت

بنظرها له

" كل ما عليك فعله هو التحدث معه فأنا لا أريد سماع صوته

مجددا وليطلقني "

نظر لها بصدمة قبل أن يقول باستهحان

" لن أغامر بحياتي وأقولها له يا غسق ، ولعلمك فقط هو لن

يوافق ولا بعد ألف عام "


لوحت بقبضتها صارخة بغضب

" لا أريده .. أخبره بأني لا أريده فليحررني منه أو المحكمة

الفاصل بيننا "

قال بضيق

" غسق بالله عليك كيف ستجبرين رئيس البلاد بالقانون ؟

لن تجني شيئا من ذلك فالمحكمة لن تقبل قضيتك ولا بألف

حجة قوية لأن القضاء سيرجع له قبل كل شيء "

قالت بذات غضبها

" سيطلقني ورغما عنه فأنا من يقرر عن نفسي لا هو "


وما أن أنهت عبارتها الغاضبة تلك تحركت من هناك مجتازة له

وغادرت بخطوات غاضبة نظره يتبعها حتى خرجت من الباب

المفتوح وتنهد بعمق مغمضا عينيه وما أن فتحهما ظهر أمامه

خيال امرأة فاتنة أخرى ولم تكن هي نفسها هذه المرة بل واحدة

تصغرها بكثير تزم شفتيها الرقيقتان تمنع نفسها من الانفجار

باكية وتلك الدموع في عينيها من التقاطر منها تباعا فتنهد بقلة

حيلة وتوجه نحوها وسحبها من يدها لداخل المكتب وأغلق الباب

ونظر لها وأمسك وجهها قائلا

" تيما لا تتدخلي ولا تتحدثي معها مفهوم ؟ والدك لن يطلقها

والأمر بيده فقط "

انسابت أول دمعة من رموشها الكثيفة هامسة ببحة

" وماذا إن فعلها في حالة غضب ؟ ثم ووضعهما هكذا ألا

يعد طلاقا مع وقف التنفيذ "

أحاط كتفيها بذراعه وسار بها جهة أريكة صالون المكتب قائلا

" أتري عنادك وعنادها ؟ والدك ضعفه بملايين المرات فإن كان

في أوج غضبه يهدد ويتوعد من يقترب منها فكيف سيطلقها

وهو غاضب ! "

وتابع وهو يجلسها ويجلس بقربها

" ما أريد معرفته الآن ما بك أنت ولا تكذبي عليا أبدا فلن تنطلي

علي حيلك بالتهرب مني أكثر "

نظرت ليديها في حجرها قبل أن ترفع يمناها وتمسح عينيها بظهر

كفها هامسة

" لا شيء مهم "

كتف ذراعيه لصدره وقال

" كيف لا شيء مهم يا ابنة مطر ! وما سر النظرة الحزينة في

عينيك إذا ؟ ولا تحاولي أن تكذبي علي فأنا من يعرفك جيدا "

رفعت نظرها له وقالت بامتعاض

" لأنه لم يحدث شيء "

قال ببرود

" كيف لم يحدث شيء بعد كل ما حدث تلك الليلة ؟ لن يكون

رجلا طبيعيا حينها بالتأكيد "

أبعدت نظرها عنه وقالت بحنق

" بلى ظهر أنه كذلك وهو لم يدخل منزلنا ولم أراه من حينها

ويبدوا استقر في منزله الجديد كما علمت "


قال بعد صمت لحظة

" ثمة ما حدث يا تيما أليس كذلك ؟ "

نظرت ليديها مجددا ولم يعد هناك من مفر من التهرب منه فهي

خشيت أن تعلم آستريا كما قال والدها وقد تعلم والدتها حينها ولن

تغضب منها هي فقط وقتها بل كليهما لكن مع إصراره فلا مفر لها

من المجازفة والثقة به ، شدت على أناملها الرقيقة وقالت بحزن

ونظرها لازال عليهم

" والدي أخبرني أنه ثمة من خطبني وهو يريده زوجا لي ويبدوا

مقتنعا به بشدة وقال بأنه لن يجبرني عليه لكنه لن يتمنى لي

غيره ومهما كان وينتظر ردي "


نظر لها باستغراب لوقت قبل أن يقول

" لكنك صغيرة على الزواج يا تيما وهو يعلم ذلك جيدا ... يمكنك
تأجيل الأمر أو رفضه "


حركت رأسها نفيا هامسة بحزن أعمق

" قال أن زواجي أمر مسلم به فقط الشخص من لن يمانع إن

رفضته وتغير "


تنهد بضيق متمتما

" لو أفهم عقل والدك فقط كيف يفكر ويزن الأمور ؟! "


رفعت نظراتها الدامعة له وقالت

" أنا متأكدة من أنه لن يفكر إلا فيما له مصلحة لي وإن جهلته

وكرهته نفسي وهو من يرفع هموم البلاد ومن فيها أجمعهم فكيف

بابنته ؟ لكني خائفة حقا من ردة فعل والدتي إن علمت "


حرك رأسه قائلا

" اتركينا من والدتك الآن فهو من قرر هذا وليتحمل نتائجه

وأخبريني هل علم ذاك المدعو قاسم بالأمر لذلك فر من المنزل

أم ماذا ؟ "


أسدلت جفنيها الواسعان هامسة

" لا أعلم ولست أستبعد ذلك أيضا فهل رأيت خططك ما كانت

نتائحها ؟ "

دفعها من جبينها الصغير بسبابته قائلا

" خططي كانت ناجحة ... العيب إما بك أو به "

نظرت له وأمسكت خصرها قائلة بضيق

" وأنا فعلت كل ما اقترحته أنت وبالحرف الواحد "

لوح بسبابته أمام وجهها قائلا

" هيه تيما لا تلقي باللوم علي فأنا لم أطلب من والدك أن

يزوجك ولا من ذاك الغبي الأحمق أن يفر هاربا كالجبناء "

أبعدت يديها قائلة بضيق

" لكني لو قبلت اعتذاره تلك الليلة لكان اختلف الأمر "

قال من فوره وبامتعاض

" لا تكوني حمقاء يا تيما فالرجل كلما ابتعدت عنه ركض ناحيتك

إن الأمر لديهم يشبه لعب كرة القدم والمرأة هي الكرة يركض

خلفها وهي بعيدة عنه وما أن تصبح عند قدميه يرميها بعيدا
ثم يعود للركض خلفها "

لوت شفتيها وقالت بضيق

" وها قد رماني خارج الملعب بأكمله بل وخارج المجرة على ما

يبدو ، ثم لا تنسى بأنك رجل أيضا فلما لا أراك تركل زوجتك ثم

تركض خلفها ؟ بل أنت كحارس المرمى تماما تتمسك بها بكلتا

يديك "

انفجر ضاحكا بل وضحك كثيرا حتى ظن بأنه لن يستطيع التوقف

عن الضحك وقال من بين ضحكاته يراقب نظراتها الحانقة

" وما الذي تعرفينه أنتي عما حدث بيننا في الماضي وإن كنت

أركلها بعيدا أم لا ؟ ثم يا فهيمة أنا لا أتحدث عن المتزوجين

بل المغرمين كحالتك مثلا "

لكمته في كتفه قائلة بضيق

" توقف عن قول هذا فأنا لست مغرمة به "

قال مبتسما

" لا تكذبي يا فاتنة ، وسأخبرك أمرا مهما ...إن كان ذاك الشاب

يحمل لك مشاعرا كالتي في قلبك له فسيجد حلا للأمر ، أما إن

رضخ واستسلم وابتعد فستكوني تخلصت منه لأنه لا يستحقك "

ضربت بقبضتها على فخذها قائلة باستياء

" ومن قال أني أريد التخلص منه "

ضحك كثيرا وقرص خدها قائلا

" انظروا لهذه التي كانت تقول قبل قليل بأنها ليست مغرمة به ؟

إن سمعتك والدتك لقطعت لك لسانك "

أبعدت يده عنها قائلة بضيق

" رعد توقف عن المزاح السخيف "

ضحك وقال

" حسنا يا سخيفة ما الذي تريدينه إذا ؟ "

قالت من فورها

" أن أعلم إن كان يعلم أم لا ولما غادر فجأة ؟ هل لأنه كما

تقول أم ترك لي حرية الاختيار وأن أقرر "

وتابعت بأسى من قبل أن يعلق

" لكنه لكان أخبرني أو لمح للأمر على الأقل ! ياله من متحجر

وقاسي "

سند مرفقه بظهر الأريكة واتكأ بجانب رأسه على قبضته قائلا

بابتسامة

" من المؤسف أن أفكاري فاشلة لكنت أسعفتك بإحداها "

تمتمت ببرود

" قلها والقرار لي "

ضحك وحرك كتفه قائلا

" لا شيء سوى أن تتصلي به وتسأليه وتضعي إصبعيك في

عينيه ... وهي فكرة مجنونة طبعا لن تنفذيها لذلك فلا حل

لوضعك أبدا فكل ما عليك فعله أن تقرري بشأن ذاك العريس إما

أن توافقي عليه أو أن ترفضي أملا في أن يستحي ذاك المتحجر

على نفسه ويخطبك بعده "

وقفت متمتمة بضيق
" فكرتان سيئتان كلتيهما "

ضحك وما أن كان سيعلق انفتح باب المكتب وقالت التي وقفت

مستندة بإطاره مبتسمة

" لو أعلم فقط ما هذه الأسرار التي بينكما ؟ "

وقف الذي قال ضاحكا

" الله أكبر على الفضولية "

عبست ملامحها الجميلة فضحك ومد يده لها وأشار بأصابعه

تعالي فتوجهت نحوه فورا وطوقها هو بذراعه وقبل رأسها قائلا

" إنها أسرار أنثوية ذكورية بين ابنة وخالها ما شأنك

أنتي بها ؟ "

رفعت نظرها له متمتمة بعبوس


" وأنا أنثى أيضا أم ماذا ؟ "

ابتسم وقبل شفتيها بخفة فقالت الواقفة قربهما مبتسمة

" هيه لا تنسى أني هنا "

وأشارت له بسبابتها في وجهه وهي تتراجع للخلف جهة

الباب قائلة

" لا تخبرها يا رعد فالسلطات العليا حذرت من أن تعلم هي

تحديدا والمسموح به أنت فقط "

قال مبتسما

" لا تقلقي سأتصرف بمعرفتي مع خلايا الفضول في دماغها "

وتابع ضاحكا وقد أنزل نظره للتي كانت تنظر له حانقة

" أنا لم اخبرها سابقا فلن أفعلها الآن بالتأكيد "

وقبل أنفها مبتسما ما أن أنهى عبارته تلك فقالت التي غادرت

جهة الباب مبتسمة

" حسنا إذا ولا تنسى إغلاق الباب ورائي بالمفتاح فستكونان

المسؤلان عن انحرافي مستقبلا إن دخلت مصادفة مجددا "

وخرجت علی صوت ضحكة رعد مغلقة الباب خلفها مبتسمة

بسعادة من أجلهما فهما وحدهما من يشعرانها بأنه ثمة أمل في

أن يسعد الجميع مثلهما وأن لعنة أبناء شراع ليست موجودة أو

أنه ثمة أمل في أن تختفي مع الزمن ، وكم تتمنى أن كانا والداها

هكذا بل وجميع من تعرف وتحب .

تنهدت بأسى وتحركت من هناك تخرج هاتفها من جيب بيجامتها

حين علا رنينه ونظرت للاسم في شاشته قبل أن تجيب قائلة

بابتسامة

" مرحبا عمي صقر "

وصلها صوته البشوش فورا

" مرحبا بدميتنا الجميلة ، أنتي مع والدتك كما علمت ؟ "

قالت وهي تعبر الممر

" بلى أنا هنا منذ ليلة أمس لقد طلبت من والدي أن يسمح لي

بالمبيت هنا ووافق ، هل عدت أنت من الشمال ؟ "

قال من فوره

" أجل وأنا في حوران منذ ساعات الفجر الأولى وثمة مشوار

مهم عليك أن ترافقيني فيه الآن "

غضنت جبينها الصغير قائلة باستغراب

" مشوار أرافقك فيه ! "

" أجل فأنتي الأنثى الوحيدة في المنزل حاليا ، سأمرك بعد وقت

قصير اتفقنا ؟ "

قالت من فورها

" حسنا وأنا سأجهز نفسي وأنتظرك "

وأبعدت الهاتف عن أذنها تنظر له باستغرب قبل أن تدسه في

جيبها مجددا رافعة كتفيها وتوجهت جهة السلالم نظرها على

الذي كان ينزل منه مسرعا وما أن وصل لها أمسك بذراعها

وقال باستعجال

" تيما أين الجريدة التي كانت معك ؟ هل أخرجتها وقت خروجنا
من غرفة والدتك ؟ "

أدارت مقلتيها الزرقاء بتفكير قبل أن تنظر له قائلة

" لا تركتها على الطاولة هناك ... لما تسأل وماذا يوجد فيها ؟ "

اجتازها مسرعا جهة ممر مكتب رعد فنادته قائلة

" هيه كاسر ماذا هناك ؟ "

قال مبتعدا

" لا شيء والدك بخير أقسم لك ... لا شيء مهم "

نظرت له باستغراب ولحقته لعدة خطوات قائلة بصوت مرتفع "

اطرق الباب أولا فزوجته معه هناك "

وصعدت بعدها السلالم فلا وقت لديها لتتحقق من سبب

خوفه من أن ترى والدتها تلك الجريدة بل وباتت تتوقع

السيء دوما فيما يخصهما ، وما يطمئنها أنه بخير الباقي كله

سيتغير مع الوقت إلا فقدانه .


*
*
*

Nesrine Nina and جولتا like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 10:49 PM   #7438

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




فتح الباب ودخل ورمى الجريدة من يده على الطاولة قائلا بحدة

ونظره على الواقف مقابلا للنافذة وموليا ظهره له

" هل أفهم سبب هذا أيضا يا مطر ؟ "

قال الذي لم يتحرك من مكانه وببرود

" من أجل ابنتك وابنتها بالتأكيد لما كنت اخترت ما يبعدها

عني أكثر في كل مرة "


لوح بيده قائلا بضيق

" وابتعد عنها نهائيا يا رجل وارحمها من تعذيبك لها "

دار له بكامل جسده وقال بحزم

" إما لي أنا أو لن تكون لأحد "

صرخ فيه من فوره

" مطر ما حب التملك المرضي هذا ؟ "

رمى يده جانبا صارخا بالمثل

" اعتبره ما يكون فلن أتركها تؤذي نفسها من أجل أي كان

مجددا فأنت لا تعرفها مثلي إنها تدخل للنار بقدميها من أجل

من تحبهم فكيف إن كان أنت خاصة وأنهم يبحثون عن نسلك
وبشراسة "

كتف الواقف مقابلا له ذراعيه لصدره وقال بتملق

" لنرى أين ستصل بها وبنا نهاية الأمر "

تجاهله ونظر جانبا حيث طاولة مكتبه فقال الذي أنزل يديه

يشد قبضتيه بقوة متمتما ببرود

" ما هي حالة إسحاق ؟ "

رفع قلما من فوق مكتبه وقال ونظره عليه يقلبه بين أصابعه

" لم يفق بعد ولا أحد يستطيع تكهن متى سيحدث ذلك كما

أن عملياته لم تنتهي بعد "

قال من فوره

" هل ستنقله للخارج ؟ علينا التحرك سريعا يا مطر فكلما طالت
غيبوبته تلك كلما قارب دماغه للهلاك "

رمى القلم من يده ونظر له وقال

" بل سأحضر الطاقم الطبي هنا للبلاد فنقله وهو بهذه الحالة

ليس في صالحه كما أكدوا لنا بعدما أرسلنا تقاريره الطبية ،

سيكون لديهم هناك أفضل لكننا لن نغامر وسنخرجه في الوقت

المناسب وبما يساعد حالته "

قال بهدوء محدقا في عينيه

" وزيزفون يا مطر ؟ "

حرك رأسه نفيا ونظر للأرض داسا يديه في جيوب بنطاله وقال

" لا أحد يمكنه الكذب عليها بشأنه وأنت تعلم ذلك جيدا ، لقد

أخبرناها بأنه تعرض لحادث قوي وبأنه سيتحسن تدريجيا "

تنهد بأسى وقال

" وماذا بشأن التحقيقات ؟ "

رفع نظره له وقال بجمود

" السيارة باعها صاحبها لكنهم لم يسجلوها باسمه بعد وقد

باعها له عن طريق شخص آخر أيضا وبيعت مجددا ...

المستهترون يتجاهلون القوانين فقط لأن شرطة المرور في مدن

الجنوب لا تكثف حملاتها ضدهم بسبب أن المناطق زراعية هناك

وهذا ما علينا معالجته سريعا ، كما أننا نكاد نصل لمالكها الأخير

وهو من سيشرح لنا ما كانت تفعل عند إسحاق وكيف

وصلت له "

قال دجى من فوره

" وماذا بشأن أبناء غيلوان ؟ "

زم شفتيه بحنق قبل أن يقول

" أخرجوا نفسهم منها بالطبع ككل مرة وكل شيء ولا شاهد

لدى النيابة والتحقيقات ما تزال سارية "

قال دجى بجدية

" سنكتشف الفاعل بل نحن نعرفه وستثبت التهمة عليهم ، هذا

أفضل من فكرتك في إعلان موته يا مطر "

حرك رأسه برفض قائلا

" كنت أريد حمايته فلن يضمن أحد أن لا يحاولوا الوصول له

خاصة إن كان اكتشف شيئا عنهم ويخشون من وصوله لنا

وهذا ما أنا واثق منه "

قال دجى من فوره

" وإعلان موته ليس حلا أيضا وسيشكون بالأمر ويبحثون

عنه في المستشفيات ، ثم الحراسة حوله مشددة كما أخبرني

صقر سابقا فكيف سيصلون له ؟ "

همس الذي أخرج هاتفه من جيبه بعد رنينه

" أتمنى ذلك "

وأجاب فورا ما أن نظر للإسم قائلا

" أجل يا تيم "

واشتدت أصابعه على الهاتف دون شعور منه ينتظر ما يتوقع

أن لا يكون تافها بالتأكيد فهو لن يتصل عبثا أبدا ، وما توقعه

حدث فعلا وقد وصله ذاك الصوت الرجولي العميق الجاد

" مطر باخرة المحيط التي سترسوا في ميناء صيباء بعد ثمان

وأربعين ساعة على متنها ثلاث حاويات تحمل رقم ثلاثة ألاف

وإحدى عشر مليئة بالأسلحة الخفيفة والمتسوطة وسيتم إدخلها

كبضائع وثمة من سيساعد في عبورها الميناء أسمه رجب عمر

الصاوي شرطي في الجمارك البحرية ... لقد حدث ما توقعتَ

تماما يا مطر هم يريدون إدخال أسلحة أخرى ويعلمون بأن

اليرموك مراقبة وسيسربونها والغطاء لهم أنها أسلحة منها "

تنفس بعمق مغمضا عينيه قبل أن يفتحهما قائلا

" جيد كن حذرا يا تيم وابقى قريبا منهم دائما فهم بدؤا يثقون

بك بالفعل ، سنموه بأن من كشفهم هنا في الداخل ... تابع

مهمتك يا بطل "

وما أن أنهى المكالمة معه توجه جهة الباب على صوت من

تركه خلفه قائلا بريبة

" مطر ماذا يجري وماذا قال لك تيم ؟ "

قال بضيق وهو يخرج بخطوات واسعة غاضبة

" قال ما جنت به نصف صنوان على نفسها وقدموا لي غطاءً

كالذي كانوا يحلمون هم به "


*
*
*

نزلت بضع عتبات من ذاك السلالم الخشبي العريض ثم جلست

تمسك يدها بسياجه واتكأت بجبينها عليه تنظر بحزن وعينان

دامعة للعائلة الجالسة في الأسفل .. للأبوان بل وتحديدا للأب
المبتسم لابنته والتي في نفس عمرها تتكئ على فخذه تلعب يده

بخصلات شعرها يحدثها ضاحكا كما تلعب يدها بسلسلة مفاتيحه

الكثيرة ، والطفلة ذات الثلاث أعوام تتأرجح في الهواء ضاحكة

متمسكة بساعدي الجالس على الأريكة ، أرخت نظرها ما أن وقع

على ملامحه واشتدت أصابعها على الخشب المصقول وانسابت

الدمعة اليتيمة من عينها تتذكر ما حدث من أكثر من أسبوع وكأنه

اليوم ولا يمكنها تخيل ما كان سيحدث لها إن لم يظهر لهم هناك

من العدم وكيف تمكن من إخراجها من منزل يحترق لا سبيل

للدخول له ونافذة مؤمنة بالحديد وظنت أنه لا أحد يمكنه إخراجها

من هناك وأن نهايتها حانت لا محالة خاصة وأنها لم تكن تستطيع

الوقوف بسبب ألم جسدها حينها واختناقها برائحة الدخان ،
فغاب ذاك الشاب للحظات قبل أن يرجع راكضا وصرخ من الخارج

" يمامة ابتعدي عن مسار النافذة بأكمله ، تنحي جانبا

يا يمامة "

فزحفت لا ترى شيئا حولها تقريبا وأغلقت أذنيها صارخة بذعر

ما أن تتالى صوت تلك الرصاصات المرتفع المخيف وقد وجد حلا

لتلك النافذة المحمية بأن صهر حديد بعض أقطابها برصاص

مسدسه المرخص وكلما فرغ مخزنه ملئه مجددا حتى تخلص

من أغلبها فتمسك به وقفز واقفا على حافة النافذة وبدأ بضربه

بقدمه بقوة حتى انثنى للداخل يضربه ويركل ويركل يسابق

الوقت بل والنيران التي بدأت بأكل باب الغرفة من الأسفل

والتسرب تدريجيا للداخل ، وما أن اتسع الحديد بشكل أوسع
قفز للأسفل ولأنه لا يمكنه الدخول منها ولا أن تقف هي ليخرجها

رفع تلك الخادمة القصيرة النحيلة بخفة وسهولة وأنزلها في

الداخل فساعدتها لتقف ورفعتها جزئيا وأخرجها هو بسهولة

حينها .

كانت ليلة لا يمكنها نسيانها أبدا بل وعانت بعدها من الكوابيس

لأيام وكانت والدته تنام معها بعض الليالي أو ابنتها بثينة ، ومنذ

ذاك اليوم وهي هنا تنعم بالراحة التامة .. السرير الواسع الرائع

والأغطية الحريرية الناعمة والغرفة الفاخرة التي لم تتخيل أن

ترى مثيلة لها في حياتها بل والأطعمة التي لم تتذوق مثيلا لها

سابقا تصل لها وتختفي الأطباق ما أن تشبع دون أن تأخذها هي

ولا أن تغسلها وحتى الثياب الرائعة التي بات لديها منها الكثير
حتى أنها تنسى أغلبه من كثرته لا تغسلها بيديها ولا تنشرها

ولا تراها إلا نظيفة مكوية ولم تتخيل يوما أن قصة ساندريلا

التي كانت تراها في التلفاز خلسة وشقيقاها يتابعانه أنها حقيقة

قد تحدث معها وأن الخادمة قد تعيش في قصر الأحلام يوما حتى

باتت تخشى أن يكون حلما وتفيق منه على واقع مرير مخيف

ووالدها يضربها مجددا لأنه ليس ثمة مذنبة غيرها قد تفعلها

وتحرق المنزل ، حضنت نفسها وجسدها المرتجف بقوة وتقاطرت

الدموع من عينيها تباعا ... لكن عمتها جوزاء أخبرتها بأنها لن

تغادر من هنا وأنها أصبحت زوجة لابنها فعلا وأنها ستكون حيث

هو يعني معهم دائما ووعدتها أن لا يعاقبها والدها بل ولن يراها

، لكنها لا تستطيع أن تشعر بالسعادة هنا وهي لم ترى شقيقها

يمان ... لم تراه مطلقا بعد ذاك اليوم الذي وعدها فيه أن يرجع

ويأخذها معه وها قد مرت أيام على وجودها هنا ولم يأتي وكلما

سألتها عنه قالت بأنه سيزورها قريبا ولم ترى ذاك اليوم أبدا

وتخشى أن مكروها قد أصابه ويخفون عنها ، مسحت عيناها

ودموعها بباطن كفها ونظرت مجددا للجالسين هناك في الأسفل

بحزن فكم تمنت أن تكون لها عائلة مثلهم وأبا كهذا وأم وأشقاء

جميعهم معا سعداء هكذا .

أجفلت مبتعدة عن السياج ما أن رفع الجالس هناك نظره ناحيتها

وهو ينزل شقيقته للأرض ونظر لعينيها مباشرة فوقفت وغادرت

من هناك راكضة وعادت لغرفتها ودخلتها وأغلقت بابها خلفها

تحاول تثبيت قوس الشعر على رأسها المجعد فهو لا يثبت عليه

بسهولة أبدا لكنه ساعدها أيضا في التخلص منه ومن مضايقته

لوجهها .

طرقات قصيرة ومتقطعة على الباب جعلتها تتراجع مجفلة عنه

تنظر له بخوف وتردد فمن سيكون هذا ؟ يستحيل أن يكون هو

فهو لم يزر غرفتها سابقا ولم تراه منذ ذاك اليوم إلا الآن بل

ومن لحظة أخرجها من النافذة لأنها فقدت الوعي بعدها ولم

تستفيق إلا وهي في هذه الغرفة وعلى ذاك السرير فلن يكون

هو بالتأكيد وقد تكون والدته أو شقيقته .

اقتربت من الباب بخطوات بطيئة وأدارت مقبضه ببطء وشهقت

مفزوعة وتراجعت للخلف ما أن انفتح الباب على اتساعه وظهر

من خلفه الذي كان يقف متكئا بإطاره يديه في جيبي بنطلونه

الجينز وقال بابتسامة جانبية منتقلا بنظره من جسدها الصغير

النحيل الملتف في بيجامة زهرية قصيرة وصولا لعينيها الرمادية

الواسعة

" من هذا الذي وضعك جاسوسة علينا هنا ؟ "

أجفلت قائلة باستنكار

" لا أحد اقسم لك "

ضحك وقال وقد تقدم للداخل خطوتين ويداه لازالتا سجينتا جيبيه

" كنت أمزح معك يا صغيرة فلا تبكي "

وتحرك مجددا وما أن وصل عندها سحب قوس الشعر من شعرها

وقال

" هذا لا يضعونه هكذا فسيتعبك "

مسحت بأصابعها على خصلات شعرها التي تحررت بشكل

فوضوي تتجنب النظر له فغرسه فيه مجددا يرفعه به ولم يثبته

خلف أذنيها كما فعلت هي بغرس حوافه في شعرها وثبتها به

فأبعدت نظرها مغمضة عينيها وهي ترى صدره وقميصه المغلق

عليه مقابلا لها تماما ورائحة عطره القوية التي لم تعرف شيئا

جميلا مثلها إلا في شقيقته ووالدته تسربت مع أنفاسها وأشبعت

رئتيها حد الخدر ، وما أن أبعد يديه ابتعدت عنه بخطوتين تلمس

القوس الفضي بأطراف أناملها فمد يده لوجهها ومسح بإبهامه

تحت جحفنها قائلا ونظره عليه

" لما كنت تبكي يا يمامة ؟ "


أنزلت رأسها ولم تعرف ماستقول ومن أين تبدأ فوصلها صوته

الهادئ حين طال صمتها" أمازلت تري كوابيسا بما حدث ؟

أم أنك خائفة ؟ لن يمسك أحد بسوء وأنتي هنا يا يمامة فلا

تخافي "

قالت بحزن تنظر لأصابعها تلف حولهم شعره علقت بيدها

" أريد أن أرى يمان فلست أعلم حتى أين يكون الآن ..

أليس صديقك ؟ أنت تعلم أين هو بالتأكيد فأخبره أني أريد

رؤيته وأني مشتاقة له كثيرا "

تنهد بعمق وحرك رأسه بأسى فبماذا سيخبرها ؟ بأنه لم يراه

وليس يعلم أين يكون ؟ حتى أويس قال بأنه لم يذهب لهم هناك

ولا للشركة الزراعية التي يعمل فيها الأسبوع الماضي وحين
سأل والده عنه قال بأنه رآه بعد حادثة احتراق المنزل في اليوم

التالي ثم لم يراه بعدها وحتى هاتفه فقده بسبب الحريق ، وكان

غاضبا منه على ما يبدوا ويمان المسالم طوال حياته يبدوا أنه

تمرد على واقعه وانفجر في ذاك الوالد المهمل نهاية الأمر

واختفى ولا يمكنه لومه ويعلم جيدا فيما يفكر فهو سيلوم نفسه

بالتأكيد على كل ما حدث مع شقيقته لكنه مخطئ فيما يفعل وعليه

أن لا يجعلها تخسره أيضا فهو لا يراها تلومه مطلقا بل ومتلهفة

لتعلم أين يكون وموقن من أنها كانت تبكي لأنها لم تراه .

مد يده لذقنها ورفع وجهها له وقال ناظرا لعينيها الدامعة

" يمامة شقيقك يحبك أكثر من كل شيء لذلك هو بعيد الآن فعلينا

أن نترك له حرية اختيار الوقت الذي سيزورك فيه من نفسه
وتأكدي من أنه سيفعل ذلك قريبا "

أومأت بحسنا تنظر لعينيه بحزن زاد تلك العينان الواسعة الناعسة

جمالا فابتسم ومال جهتها هامسا

" طفلة جميلة ... لما لا تكبرين سريعا ؟ "

" أباااان "

رفع رأسه وأدار مقلتيه السوداء عاليا وأبعد يده عنها قائلا ببرود

للتي يعرف صوتها جيدا وإن لم يراها

" أمي لو أعلم ما في رأسك أخبرك بأني لم أصعد لغرفتي "


قالت بضيق من خلفه

" أخبرني ما في رأسك أنت فانزل حالا والدك يريدك "


أدار رأسه ناحيتها وقال بشك

" متأكدة أم سأنزل ولن أجده هناك ولا في المنزل بأكمله ؟ "


قالت بنبرة تهديد

" بل ستنزل في جميع الأحوال وتحرك هيا لدي أنا ويمامة

ما نفعله "

استدار بنصف جسده ونظر لها ببرود قبل أن ينظر للتي كانت

تنقل نظرها بينهما باستغراب ومد يده لخدها وقرصه برقة قائلا

" سأحاول أن أجده من أجلك ... حسنا يا جميلتي ؟ "

ثم أبعد يده وقبل أصبعيه وغادر وتركها خلفه مصدومة ينظر

بمكر للتي كانت تلحقه نظراتها الغاضبة والتي تمتمت ما أن مر

بجوارها

" سنتحاسب على هذا لاحقا يا أبان "

فغادر يغني ضاحكا

" زوجتي ملكي أنا ... مرجعها عندي أنا "

وغادر تاركا الأبخرة تخرج من ذاك الرأس الغاضب والذي نظرت

صاحبته للواقفة أمامها تنظر لها وقالت بضيق

" ماذا فعل ؟ "

نظرت لها بعدم استيعاب فقالت

" أعني ماذا أخبرك ؟ "

لاذت بالصمت للحظة قبل أن تقول بصوت منخفض وعيناها

الرمادية الواسعة تمتلئ بالدموع

" سألته عن يمان فأنا لم أراه من أيام ومشتاقة له كثيرا "

اقتربت منها وحضنتها رأسها يتكئ على صدرها تمسح على

شعرها بحزن فكم عانت هذه المسكينة فوق صغر سنها وفقدها

لوالدتها فلن تنسى ما عاشت تلك الليلة التي أحضرها فيها أبان

شبه ميتة وجسدها من علامات الضرب لا تكاد ترى فيه شبرا

سليما وكيف حكت لها الخادمة تبكي بهستيرية عن كمل ما حدث

ورأته هناك ... تذكر أنها بكت تلك الليلة لساعات ولم تنم ولا

تاركت النائم بجانبها ينام درجة أن مرضت ليوم كامل بعده فلم

ترى حياتها وحشية كتلك ولم تكن تتخيل أن ما يرونه في التلفاز

ستراه واقعا أمامها يوما ما بل وبشعا بتلك الصورة ، وفوق كل

ما حدث معها كانت ترفض أن تقدم شكوى ضد والدها ولا حتى

زوجته وكل ما فكرت فيه شقيقاها التوأمان اللذان لا تريد أن

يتربيا من دون أب أو أم ، وقبلها يمان الذي كاد يجن جنونه

ويطير للسماء من حالتها مصرا على ألا يصمتوا عما حدث

وليست تلومه فحالها كان يبكي الحجر .. وقبل كل ذلك هي شقيقة

صديقه المقرب والمفضل لديه بل ومحام لن يرضى بالتأكيد

بالصمت عما يراه خاصة بعد التعديلات الاخيرة في القوانين

الوضعية والعقوبات التي تخص حقوق المرأة وعلى رأسها العنف

الجسدي فكان أقل ما قد يناله ذاك الرجل ست سنوات في السجن

لكنها رفضت وعاندته وأيوب ساندها في ذلك لأن في الأمر

محاكم وشوشرة وسيصبح اسم هذه المسكينة وما حدث معها على

كل لسان وستجرحها الناس به خاصة عائلة زوجها الذين لم

يحبوها يوما فكيف إن علموا أنها اختارتها زوجة لابن ابنهم

كما يرون ؟ وما زادها إصرارا أيضا هو تمسك يمامة برفضها

لأن يسجن والدها أو أن يكشفوا له عما ما فعلت زوجته واعترفت

به خادمتهم كي لا يطلقها ويتيتم شقيقاها الصغيران ، وهي

احترمت صمتها من أجلهم وشعورها الأخوي والإنساني نحوهما

فلا أنقى من قلب هذه الفتاة أبدا ولم ترى مثيلا له في الوجود .

ضمتها لها أكثر وقبلت رأسها حامدة الله في سرها أنها ألحت

على أبان أن يذهب لهم تلك الليلة فمنامها ذاك كان السبب

والمرأة التي كانت فيه تراها ولا تعرفها وكانت تحضن طفلة بقوة

وما أن تقترب منها ترفع عينيها لها والدموع تنزل منهما بغزارة

وفي صمت وقد تكرر معها ذاك الحلم لثلاث ليال متتابعة حتى

لعبت بها الظنون وكانت تشعر بأن الحلم يخصها .. لا تعلم كيف

ولا لما لكنها هكذا شعرت وكانت ظنونها في محلها تماما وقد

أدركوا الكارثة قبل وقوعها لكانت احترقت في ذاك المنزل ولا يعلم

عنها أحد أو عاشت مشوهة طوال حياتها وفقدت كل هذا الوجه

الجميل الذي يفترض أن يصبح لامرأة شابة فاتنة رائعة الجمال .
نزلت بنظرها لها حين رفعت وجهها ونظرت لها بعينان دامعة

وهمست ببحة بكاء

" هل سيجده فعلا عمتي ؟ هو سيحضره أليس كذلك ؟ "

مسحت على وجهها قائلة بابتسامة

" سيفعل ما في وسعه يا يمامة وستريه وهو بخير تأكدي من

ذلك فالجيران ووالدك رأوه بعد الحريق "

وتابعت مبتسمة بحنان تمسح الدموع من وجنتيها

" حتى متى ستناديني بعمتي هكذا ؟ قولي أمي كبثينة أم لا تريدين

أن آخذ مكان والدتك ؟ "

نزلت دموعها فورا ودفنت وجهها في صدرها وطوقت خصرها

بيديها قائلة ببكاء

" بلى تمنيت كل حياتي أن كانت لي أم بل ومنذ رأيتك أول مرة

تمنيتك والدتي التي فقدتها من قبل أن أراها "

حضنتها بقوة بذراعها تمسح بيدها الأخرى الدمعة التي تمردت

على عينيها وقالت بحزن

" إذا ستناديني أمي من الآن وصاعدا وأنتي ابنتي الثالثة لانقاش

لأحد في هذا "
ثم أبعدتها عنها وأمسكت ذراعيها ونظرت لعينيها الدامعة وقالت

بجدية

" يمامة هذه غرفتك حدودك لا يقربها ذاك المحتال المدعو أبان

وإن دخلها تخرجي أنتي اتفقنا ؟ "

نظرت لها باستغراب وعدم استيعاب فقالت

" هو زوجك أجل لكن غرفتك لك وحدك فقط وإن دخلها تخرجي

اتفقنا ؟ "
أومأت لها برأسها بحسنا رغم أن نظرتها الحائرة تلك توحي بعدم

فهمها لشيء مما تقول لكن لا بأس هي بالمرصاد لذاك المنحرف

وستعلمه معنى أن يقول لا أريد الشيء ويتركه لها هي ، مسحت

على طرفي وجهها بيديها وقالت مبتسمة

" هيا انزلي معي لتجلسي معنا بما أن القطب السالب سيتصرف

معه والده وينقشع من هنا "


نظرت لها باستغراب فضحكت قائلة

" انزلي هيا وشاركينا يومنت يا يمامة ولتتعرفي أكثر بوالدك

الآخر "

كانت تتمنى أن تقول والدك الجديد والوحيد لكنه يبقى والدها وقد

يغير الله ما في النفوس يوما ما وهو القادر على كل شيء يجعل

الكافر يسلم في لحظة ، شدتها من يدها وقالت

" هيا انزلي معي واستمتعي بوقتك وسنخرج للحديقة ونتناول

الغداء فيما بعد هناك ... يكفيك سجنا لنفسك هنا "

وقفت مكانها وقالت بحياء

" أريد أن أغير ثيابي أولا أخجل من عمي أيوب ثم .... "

تلكأت قبل أن تهمس بحزن ناظرة للأسفل

" ساقاي ويداي بشعتان قد لا يتناول طعامه فوالدي كان يقرف

كثيرا من هذا "

أمسكت دموعها بصعوبة وحضنتها مجددا هامسة بعبرة تكاد

تقتلها من كتمها لها

" من هذا الذي يتناول طعامه في وجود هذا الوجه الجميل ويقرف

! أنتي لم تعرفي والدك أيوب بعد "


*
*
*


جلست بقربها على السرير ومسحت على شعرها الغجري الأشقر

قبل أن تحضنها تدفن بكائها في صدرها وقالت بأسى

" يكفيك بكاء يا مايرين فلن يفيدك هذا في شيء "

قالت بنحيب تسحب معه أنفاسها بصعوبة

" أعرفهم يا فجر لن يكون حلهم لي منصفا أبدا ، إنهم وحوش

وليسوا بشرا ، ليتك لم تخبريهم بذاك الحادث وتلك الكذبة "


مسحت على شعرها وقالت ببكاء

" كان لديا أمل أن يجلبوه رغما عنه حين سأخبرهم لا أن يختفي

من الوجود نهائيا ... كان قصدي مساعدتك فقط يا صديقتي "


استمرت في البكاء في حضنها تودع حتى هذا الحضن والوحيد

الذي يشعر بها وتشعر بالأمان فيه فذاك الشهم الذي كانت تجزم

بأنه لن يتخلى عنها فعلها فعلا وخذلهما معا وهو يختفي وللأبد

فاضطرت لقول تلك الكذبة لشعيب غيلوان أيضا حين جاء وشقيقه

نوح للمستشفى بعد أن شاع خبر رحيل جسار المفاجئ وتركه لها

في الشارع وقد خانوا جميع توقعاتهما وجاءوا من أجلها فعلا

لكنها لم تكن لتستأمنهم عليها وهم قساة متحجرين متجبرين لم
يشعروا بها يوما ليفعلوها الآن بل وخشيت أن يسبقوا غيرهم لما

تخشاه هي عليها فمن لا يخاف الله يفعل أي شيء ومهما كان

فأخبرته بتلك الكذبة التي صدمتها أن استقبلها وكأن شيء لم

يكن وكأنها تقول له أن ما بها خدش بسيط لا يحتاج ولا لضمادة !

وهذا ما زاد ذعرها وخوفها عليها فقالت له بأنها تحتاج لأسبوع

حتى تستطيع أن تغادر المشفى تأمل في أن يأتي ذاك الشاب وفي

أن يظهر من العدم كالمرة السابقة وينقذها لكن الأيام كانت تمضي

ولا أثر له وها قد حان اليوم الذي عليها أن تغادر فيه لمصيرها

المجهول .

أوقفتها خارج السرير وساعدتها لتلبس حجابها وما أن خرجتا

من هناك ووقع نظرها على الواقف في الخارج ونظرته السوداء

الكارهة لها بدأت بالبكاء وبهستيرية متمسكة بصديقتها التي لا

حيلة لها مثلها تماما وهو يسحبها بالقوة لتتركها .. لم يهتم لا

لبكائها ولا نحيبها ولا رجاءاتها الباكية ولا حتى لحجابها الذي

نزل عن رأسها تودعها تلك العينان الباكية والتي لن تتوقع لها إلا

الأسوء من كل هذا فهذا نوح أيسرهم كان هكذا فكيف بالبقية ! .


*
*
*




نزلت السلالم مسرعة تغلق زر سترتها البنية الأنيقة والقصيرة

وقد لبست معها تنورة من ذات اللون طولها يصل لنصف ساقيها

وحذاء طويل لركبتيها تقريبا وقميص أبيض حريري تحت تلك

السترة وحجاب أبيض أيضا حوافه مزينة بنقوش وفصوص بنية

، خرجت من باب المنزل وعبرت الحديقة تجيب على هاتفها قائلة

" أجل عمي أنا خارجة حالا "

وما أن كانت خارج بوابة المنزل ابتسمت للذي قال ضاحكا وفاردا

ذراعيه لها

" ما كل هذه الأناقة والحسن ! من أخبرك أني سأذهب لخطبة

إحداهن ؟ "

ضحكت وحضنته قائلة

" هل تصدق أني فكرت في ذلك فعلا ؟ "

قال بضحكة " وآخذك أنتي معي يا ابنة الأربعة عشرة عاما ؟

سيطردوننا حينها من عند الباب "

ضحكت وابتعدت عنه وقالت مبتسمة

" لا تستهن بقدراتي في فن الإقناع "

فتح لها باب السيارة قائلا بابتسامة

" ومشوارنا يحتاج لفن الاقناع وفي الموضوع خطبة وزواج

أيضا فهيا اصعدي لأن زيارتنا مفاجأة وأخشى أن يهرب منا

الشخص المقصود "

جلست في الكرسي الأمامي وأغلق الباب خلفها تنظر له

باستغراب ولم تفهم شيئا مما قال ، حركت كتفيها بلا مبالاة فقد

يكونوا عائلة أصدقاء له أو أقارب لهم لم تعرفهم بعد ولا بأس إن

كان في الأمر تشويق وإثارة وخطبة وزواج .

نظرت له ما أن انطلق بالسيارة وقالت

" هل مشوارنا خارج حوران أو في ضواحيها ؟ "

نظر لها ثم للطريق وقال مبتسما

" بل ليس بعيدا عن هنا فقط بضعة أميال ولن نخرج من

حوران "

نظرت للطريق أيضا وتوقفت عن سرد الأسئلة كي لا تصبح

مزعحة ومملة فستعرف كل شيء ما أن يصلا ، وكان المكان كما

قال ليس بعيدا كثيرا وهما يدخلان لأحد الأحياء الراقية مبانيها

عبارة عن فيلات كبيرة جميعها وجميلة .. الأشجار والأزهار

تظهر من أسوارها العالية وبعضها تتدلى منها في جمال مميز

وما كانت تتوقع وجود هذه الأحياء هنا ! بل هي لم تتحرك في

العاصمة بعد فكيف ستعرف ما يكون فيها ومشاويرها المعدودة

كانت لمنزل رعد فقط ولم يخرجوا للتنزه ولا هي والكاسر أبدا

فهو أيضا المكان مجهول بالنسبة له وسيحتاج لوقت ليعرفه جيدا

ويسهل عليه التنقل فيه .

توقفت السيارة بهما عند إحدى الفلل وكان بابها مفتوحا وتبدوا

حديقتها الصغيرة في طور التنسيق والفيلا كذلك وكأنه أعيد

طلائها مجددا من الخارج ومن وقت قريب جدا ! نظرت للذي فتح

بابه وقالت باستغراب

" هنا يكون من سنزورهم ؟ "

نزل قائلا

" أجل هيا انزلي "

نزلت وأغلقت بابها تنظر للمكان باستغراب وتبعته ما أن توجه

نحو البوابة الحديدية المفتوحة تتبعه ناظرة لما حولها باستغراب

حتى أن أحواض الأشجار يبدوا تم نزع الغراس منها لغرسها من

جديد بشتلات مختلفة بل وثمة نافورة حجرية وضع لها حجر

الأساس في منتصفها وأعمدة أضواء جديدة تتدلى منها مصابيح

فمن سيكون هؤلاء الذين يسكنون منزلا لم يجهز بعد وكيف

يأتيان لزيارتهما ! أسرعت في خطواتها لتلحق به وصعدت خلفه

عتبات الباب الرخامية وقد قال ناظرا تحت قدميها

" ضعي قدميك بالرفق فهذا الرخام تم إضافته مجددا وقد لا يكون

جاهزا بعد ولم يجف الاسمنت تحته بشكل جيد "

نظرت لقدميها وهي تصعد باقي العتبات برفق وقالت ما أن وصلا

للباب الخشبي المقوس والذي تم طلائه باللون الأسود حديثا على

ما يبدوا وقالت باستغراب

" عمي من هؤلاء الذين سنزورهم ومنزلهم يبدوا ليس جاهزا

وما.... "

قاطعها وهو يقرع الجرس بجانب الباب قائلا بابتسامة

" ليسوا عائلة إنه شاب أعزب "

نظرت له بصدمة وقد تابع من قبل أن تسأل ولا أن تفسر وتفكر

وتحلل " فها قد قرر الزواج أخيرا وخطب إحداهن وعلينا أن
نساعده فيما لا يفهمه هنا فيبدوا أن عمتك جوزاء حصلت له

على عروس سريعا "

لم تستطع منع انفراج فمها الصغير من صدمتها بما قال وما

فهمت لحظة أن انفتح الباب ودون أن تحضى ولا بفرصة لأن

تجتازها ولتلملم شتات نفسها المحطمة أو تدرك ما قال ويستوعبه

عقلها وهي ترى الذي وقف أمام الباب ببنطلون قصير لنصف

ساقيه وقميص قطني أبيض بأكمام قصيرة وكتابة سوداء جهة

صدره العريض وقد ابتسم لخاله بدهشة ويبدوا لم يتوقع زيارته

تلك قبل أن تموت تلك الابتسامة من شفتيه وتتحول نظرته

للصدمة أيضا ما أن وقع نظره عليها .


*
*
*

وقف أمام باب المنزل الخشبي المدعم بالحديد بشكل متناسق

ونظر لساعته وتنهد بضيق فوالدته تصر على وضعه في مواقف

سيئة دائما وليس يفهم لما تصر على سليطة اللسان تلك ! ورغم

أنه اضطر لأن يخبرها بكل ما حدث لأنه لا يمكنه أن يكون كاذبا

مثلها فقد أصرت على زيارته لهم بل وقالت وبكل اقتناع

( لا اصدق أن تلك الفتاة الرقيقة الجميلة المهذبة والخلوقة بل

والرائعة أن تكون كما تقول ! ثم إن كان الموقف كما قلت فمعها

حق تتضايق وأنت من عليه أن يبرر ويوضح لهم وأن يعتذر

أيضا )

لا يفهم كيف سيبرر لهم بعد كذبة ابنتهم تلك بأنهما لم يتفقا فهل

سيظهرها أم نفسه كاذبا ! مرر أصابع في شعره البني الكثيف

المصفف بعناية وتأفف نفسا طويلا فوالدته وكعادتها لم تتركه

وشأنه حتى أخذت منه وعدا بأن يفعل ما طلبت منه وهو اضطر

لتأجيل ذلك حتى نهاية رحلتهم ليسافر بعدها فورا فلعلها تحدث

مصيبة تلغي كل هذا ، تأفف مجددا مستغفرا الله على تمنيه

لحظتها أن والدته لم تربيهم على الصدق والوفاء بالوعود لما

كان زار هذا المنزل أبدا ولكان صاغ أكذوبة لينجى كما فعلت تلك

الوقحة ، حتى أنه حاول البحث مجددا عن كوينوا تلك ولم يجدها

أبدا حتى أنه حاول استجواب تلك المرأة مجددا وبجميع الطرق

وبلا نتيجة فهي لا تعرف لا مكان سكنها ولا رقم هاتفها ولا أي

شيء عنها أو أنهم يتعمدون التكتم كعادتهم في كل شيء وكأنها

أسرار دولة وليس مجرد مطار ! لو أنه وجدها فقط لكان أخبر

والدته بأنها من يريد الزواج بها وانتهى الأمر فهي كانت تصر

على زواجهم أكثر من إصرارها على هوية العروس ، لكن لا مفر

له من سليطة اللسان تلك على ما يبدوا وأمله في أن ترفض هي

وتخلصه منها فلن يتوقع العكس بعد موقفها منه

.

حسم أمره المحسوم سلفا وضغط بإصبعه على جرس الباب فهو
حتى لم يبلغهم بحظوره والعنوان أرسلته له والدته قرابة الثلاث

مرات ولم يتصل برواح ليخبرهم أو يأخذ رقم والدها فلعله لا

يجدها في المنزل ويتخلص من رؤيتها ، نظر بترقب للباب الذي

فتح ببطء يخشى أن تظهر تلك المتوحشة في وجهه من الآن

وتنهد بارتياح حين اكتشف العكس ووجد أمامه رجل فيما يقارب

الستين من عمره وقد ابتسم له فورا قائلا برحابة

" مرحبا "

مد يده له وقال مبتسما " مرحبا سيد قصي أنا غيهم أيوب

الشعاب وآسف لزيارتي دون موعد مسبق "

نظر له الواقف أمامه بطريقة غريبة وكأنه طفيلي تحت مجهر أو

حشرة في أنبوب اختبار وقد فهم الأمر سريعا وكله بسبب ابنته
المصون طبعا والتي لا يعلم بأي طريقة شوهت صورته أماهم

لتقنعهم بأنهما لم يتفقا ؟ قال الذي استفاق لنفسه مبتسما وهو

يترك يده

" لما تعتذر بني المنزل منزلك "


وتابع وهو يفتح له الباب

" تفضل ادخل ولا تتردد فلا أحد هنا عداي وزوجتي المدفونة

في المطبخ "


دخل مبتسما له فها هو تخلص من أول همومه وهي ابنتهم التي

لا يريد أن يعرف أين تكون ، ثم هذا الرجل يبدوا بشوشا بسيطا

سينسجم معه سريعا ولن يشعر بالملل في الدقائق القليلة التي

سيكون عليه قضائها عندهم ، دخل يتبعه وقد أوصله للصالون
المقابل بقرب المدفئة الحجرية المطفئة وجلس هناك وغاب

مضيفه معتذرا وتركه لوحده فتنقلت نظراته في المكان ببطء ..

كان منزلا متواضعا وجميلا أيضا بأثاث كلاسيكي تميزه الألوان

الزاهية كالأصفر والبرتقالي والأبيض في تناغم ما كان ليتصور

أن يكون هكذا وإن اقترحه عليه أحدهم لكان رفضه فورا أما الآن

فقد غير رأيه بكل أفكاره السابقة تلك فقد طغى ذاك التناغم على

بساطة الأثاث والستائر ، وما لفت انتباهه أكثر هو النظافة

منقطعة النظير في المكان وكأنه لا أحد يعيش فيه بل وكأن كل

شيء وضع فيه جديدا ! إنها نظافة فاقت منزلهم الذي يحوي أربع

خادمات اثنتان منهن مخصصتان للتنظيف فقط ! نظر للأرضية

الخشبية اللامعة بشكل مدهش حتى الباب البعيد يكاد يرى صورته

في كل قطعة فيها فإن وضع لك عليها الطعام ستأكله دون أن تفكر

أبدا في نظافته !

نظر جهة المتقدمان نحوه ووقف مبتسما للتي اقتربت منه برفقة

من غاب قبل قليل وقد عاد معها يحمل صينية فيها كوب ماء

ومدت تلك المرأة التي تجاوزت منتصف الأربعين يدها له قائلة

بابتسامة

" مرحبا بابن جوزاء الحالك ... نحن سعداء فعلا بزيارتك "


صافحها شاكرا لها بابتسامة فعلى ما يبدوا أن ابنتهم تلك لم تشوه

صورته بالشكل الكافي لينفروا من مقابلته ؟ جلس وما أن وضع

له الذي جلس بقربه كأس الماء على الطاولة أمامه توجهت

زوجته نحوه فورا قائلة

" انتظر يا قصي "

وسحبت منديلا ورقيا من العلبة النحاسية وسط الطاولة ومسحت

المكان الذي وضعه فيه والكوب أيضا وكأنها تزيل بصماته من

عليه وقالت للذي كان ينظر لها بصدمة ونظرها على الكوب وكأنه

سيتدحرج من أمامه

" يمكنك شربه الآن فلابد وأنك تحتاج لبعض الماء "

وغادرت معتذرة بأنها ستعود قريبا وحملت المنديل معها نظراته

المستغربة لازالت تتبعها قبل أن ينظر للذي قال مبتسما وهو

يقرب الكوب منه " آسف على ما حدث أمامك ولن ألومك فيما

ستفكر فيه لكنه طبع ملتصق بزوجتي ، إنها مهووسة بنظافة كل

شيء وحتى أظافر من يعيشون معها وتصرفاتها هذه خارجة

عن إرادتها وسترى بنفسك بأنها ستعتذر منك مرارا على أفعال

مماثلة فهي بنفسها ستعترف بعيبها ذاك "

ابتسيم له من فوره ... يا سلام أول البشائر ولابد وأن ابنتها

مثلها ، رفع الكوب وشرب القليل منه ووضعه مكانه قائلا

" لا بأس في ذلك فكثير يعانون من هذا النوع من الوساوس وأنا

معجب فعلا بتقبلك لها فأنا أرى أن ذلك صعبا بل ومستحيلا "


ورمى له بأول قذيفة رفض علني لابنته متأملا أن تكون كوالدتها

لكنه رماها عليه من قبل أن تنفجر وفجرها فيه هو قائلا بابتسامة

" أجل معك حق فمن يحب شخصا يمكنه التعايش مع عيوبه كما

مميزاته وحمدا لله أن رزقنا بابنة متفهمة لوضعها كثيرا بل وأكثر

منا جميعا ولم تتذمر منها يوما وهي أكثر من يحتك بها لأنها

امرأة مثلها ، أما شقيقها فقد وجد في سكن الطلبة ملاذا آمنا

لميكروباته حتى الآن "


لم يستطع امسياك ضحكته التي شاركه فيها ذاك الرجل من فوره

وقد انضمت لهما التي جلبت القهوة ووضعتها على الطاولة قائلة

بابتسامة

" لما لا تشاركاني الضحك معكما ؟ "


قال زوجها مبتسما

" أخشى أن تغضبي إن علمت أنه عنك ؟ "

فنظر له الجالس بقربه بصدمة بينما قالت المقابلة لهما ضاحكة

" كنت أعلم أنه عني فأنت لا تقصر في التعريف عني بطريقتك

أبدا "

وتابعت مبتسمة تنظر للذي نقل نظره لها

" أنا آسفة حقا بني عليك أن تتحمل طباعي السيئة فأنا لا أشعر

بالراحة إلا هكذا "


قال مبتسما بدعابة

" لا بأس ولا تقلقي أبدا بهذا الشأن المهم أن لا تكوني ممن

يغسلون الصابون "


ضحكت كثيرا وقالت

" لا تلك مبالغة سينمائية فقط "

نقل نظره منها للجالس بجواره حين قال

" ظننت أنك ستكون سافرت ولست هنا حتى الآن ؟ "

قال مبتسما

" لا فرحلتنا ستكون فجر بعد الغد "

وانسجما في الحديث سريعا وكل واحد منهما شعر بأن الآخر من

سنه لتقارب الأفكار بينهما حتى أنه لم يشعر بمضي الوقت وهما

ينتقلان من موضوع لآخر وقد شرب ثلاث فناحين قهوة كل واحد

منها أكثر نظافة من سابقه وكما قال زوجها إن استطعت فهمها

فسيكون باستطاعتك تفهمها بل وتقبل طبعها أيضا وهذا ما حدث

معه هو وبسرعة لم يتوقعها بل وحتى انسجامه معهما فاق

توقعاته ومخيلته ويستغرب كيف تكون تلك ابنتهما ؟ هل سيربيان

واحدة لا تشبهما !

نظر لساعته واكتشف بأن الوقت قد سرقه ولم يتحدث فيما جاء

من أجله ولا هما فعل ذلك كما كان يأمل ويتوقع وها هو في ورطة

حقيقية فهل سيخبرهم حقيقة ما حدث معه ويظهر أن ابنتهما

كاذبة أم يموه الأمر ليفهموا بأنه سوء فهم بينهما أم ماذا يفعل ؟

والدته وتلك المدعوة كنانة يستحقان ضرب رأسيهما في بعضهما

على ما وضعاه فيه ، تحمحم قليلا وقال ونظره على كل شيء

حوله عدا الجالس معهما

" حقيقة الأمر أنا جئت لأعتذ..... "


ليقطع كلامه قفل الباب الذي تحرك ببطء وتبعه ذاك الباب الخشبي

الذي فُتح وكأن نسيما خفيفا يدفعه وقالت الجالسة أمامهما وقد

التفتت للخلف حيث ذاك الباب وبابتسامة

" ها هي كنانة وصلت أخيرا فلن تيأس أبدا من البحث عن وظيفة

بعيدا عن المطار على ما يبدوا "

فوقف حينها الذي وقع نظره قبل كلمات تلك في أذنيه على التي

دخلت من الباب تضع مفتاحها في حقيبتها ينظر لها بصدمة شلت

أطرافه قبل أن تنتبه هي لوجوده وتتحول لتمثال حجري مماثل

وقد همس من فوره ناظرا لها باندهاش " أنتي !!! "


*
*
*


Nesrine Nina and جولتا like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 10:53 PM   #7439

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




جلست حاضنة حقيبتها ومذكراتها على أحد مقاعد مدرج ملعب

كرة السلة الواسع بإضاءته القوية ونوافذه العالية حيث تلك

الأرضية الخشبية المصقولة وأصوات الكرة المصطدمة بأرضيتها

وخطوات وصراخ الراكضين فوقها وبعض الهتافات المتفرقة من

مشجعيهم وهم يتدربون فلا يخلوا مدرج الملعب من وجود الطلبة

فيه أبدا .. منهم من يحب هذه الرياضة ويشاهد تدريباتهم دون

كلل ولا ملل والبعض الآخر أصدقاء وصديقات لهم أو حتى

حبيبات فلا تجده خاليا أبدا وقت التدريب والداخلين له أكثر من

الخارجين منه ، نظرت مبتسمة للذي ركض بالكرة بين لاعبين

ورماها عاليا لتسقط في حلقة السلة فورا فانتبه لها حينها وأشار

لها بإبهامه فلوحت له بيدها بشكل خفيف فزيارة هذا المكان

أصبح أحد طقوسها اليومية أيضا بل وتستمتع بوجودها هنا متعة

لم تكن تتخيلها حياتها وبات هذا أحد الأمور التي تشغل بها نفسها

عن كل شيء وأوله التفكير فيما يؤلمها ويؤرقها ولم يعد لها

فماريه القديمة تغيرت كثيرا وتغيرت في وقت لم تتوقعه هي ...

لم تنساه ولم تتوقف عن حبه وكاذبة إن قالت ذلك لكنها تعايشت

وليس مع وضعهما بل مع وضعها وحدها .. لم تعد مقيدة بكل تلك

التعليمات وأن كل ما يربطها بهذا المكان محاضراتها فقط بل

زارت جميع أنشطته الطلابية وكونت صداقات وإن كانت قليلة

وأحبت فعلا ترحيب الجميع بوجودها بينهم ، حتى أنها أصبحت
تزور النادي الرياضي مع ساندرين ... طرق غبية للنسيان تعلم

لكنها تجدي فعلا في التناسي وفي أن تمر الأيام دون أن تشعر

بها على الأقل وأن تنهار نائما في الليل دون أن تفكر كثيرا ولا

أن تبكي كثيرا .. هي دقائق فقط ثم تصبح في عالم الأحلام التي

ليته يمكن التحكم بها أيضا ففي بعض الليالي تجلب تلك الأطياف

بل تذكرك بواقعك المرير لتستيقظ صباحا منهكا عاطفيا وجسديا

وستحتاج لساعات لتتأقلم مع الواقع وتنسى كل تلك الكوابيس

المؤلمة ... لكننا نعتاد أليس كذلك ؟ فها هي لم تراه ولم تسمع

صوته منذ ذاك اليوم وباتت على الأقل مقتنعة بأن عالمها أصبح

خاليا منه وإن لم يخرج من دمائها بعد .. من أنفاسها .. من

ذكرياتها .. ولا حتى تيم الطفل لكن ذلك سيتغير .. مؤكد سيتغير

ومهما طال الوقت ، إنها دورة النسيان ... تبكي تتألم تعيش مع

الذكريات تموت وتموت وببطء ثم تتعايش وتتناسى ثم ... تنسى ،

فبالتأكيد ستنسى يوما وأحدهما سيسبق لك ذات يوم النسيان

أو الموت .

ضمت جاجياتها تتكئ بذقنها على حافة مذكراتها الكبيرة

وابتسمت تراقب نظراتها الذي توجه نحوها وجلس بجانبها قائلا

بنفس متقطع

" ما رأيك بي اليوم ؟ "

خرجت منها ضحكة صغيرة وقالت

" بك أم بكم جميعكم فأنتم فريق ؟ "

ضحك واستند للخلف على يديه وقال " بل بي ألسنا حبيبان ؟

عليك أن تمدحيني وحدي "


عادت للضحك ولم تعلق فكين كان الشخص الذي استطاع أكثر من

غيره أن يسعادها على تجاوز صدمتها العنيفة تلك .. لم يسألها

ولم يتحدث عن الموضوع أمامها رغم علمه التام به بل حاول

فقط مساعدتها ومساندتها بدون شفقة ولا عبارات دعم ولا حتى

أن سبه وشتمه كحال شقيقته التي أمضت أيام تستخدمه كوجبة

دسمة صباحا ومساء حتى أنها تشك أحيانا أنها تفرغ غضبها من

موضوع خطبتها تلك به خاصة أن والدها أجبرها على أن تلبس

خاتمه رغما عنها ولا تنزعه أبدا ، وما رحمها ورحم ذاك الشاب

وجميعهم معه أنه مسافر من أسبوع ولا وجود له في انجلترا

بأكملها ومع عودته ستكون المواجهة العنيفة بالتأكيد خاصة

أن عائلته يريدون إقامة حفل خطوبة لهما وهي يجن جنونها

إن فتح الموضوع أمامها وترحم تيم من شتائمها لساعات

لأنه ثمة من شغلها عنه حتى بات ذكرهما كليهما في ذاك المنزل

شبه معدوم كما تحول كل غضب والده وعم والدته الذي تحدثت

عنه ساندرين لصمت تام أيضا وهذا ما كانت تعلمه وموقنة منه

فلن يفرض عليه أحد شيئا ولن يتحكم فيه أيا كان لا والده لا عمه

لا عم والدته ولا رئيس البلاد بأكمله .

نظرت للجالس بجانبها حين سحب مذكراتها منها وفتش فيها قائلا

بابتسامة

" دعيني أرى ما فعلته اليوم يا مجتهدة "

فضحكت تراقبه قبل أن يلفت انتباهها الجالسة في المدرج المقابل

.. الفتاة الانجليزية ذات الوجه الدائري الصغير والجميل والعينان

الخضراء الواسعة مع انحناءتهما المميزة ... ملامح في غاية

الرقة والهدوء يحيط بها شعر أسود لامع وقد أسدلت جفنيها

وأبعدت نظرها عنهما وملامحها تنطق حزنا ، لقد انتبهت

لوجودها هنا أكثر من مرة وكلما جلس كين بجانبها وتحدثا

وضحكا تتبدل ملامحها وتقف مغادرة الملعب بأكمله ! تبعتها

نظراتها وهي تخرج ناظرة للأسفل تتجنب رفع نظرها في كل من

تمر بينهم ونقلت نظرها للجالس بجانبها والذي كان يشيح بوجهه

جانبا قبل أن ينظر لقدمه التي ركل بها علبة عصير فارغة شوهت
جمال ذاك المكان النظيف فقالت باستغراب

" كين من تكون تلك الفتاة ؟ "

قال وقد رفع نظره لأعضاء فريقه في الملعب

" أي فتاة ؟ "

قالت ونظرها لم يفارق ملامحه

" الفتاة التي غادرت المدرج الآن طبعا "


حرك كتفيه قائلا ببرود

" وما يدريني أي فتاة غادرت المدرج ومن دخل وخرج ؟ أنا لا

أجلس بحانب الباب "

زمت شفتيها وقالت بضيق

" كين لا تتغابى فأنا أراها هنا كثيرا وتغادر في كل مرة تجلس

فيها بجانبي فثمة قصة بينكما بالتأكيد "


نظر لها وقال مبتسما

" تغارين يا حلوتي ؟ "

عبست ملامحها وقالت

" كين أنا لا أمزح "


شبك أصابع يديه خلف عنقه متكئا عليهم للخلف وقال

" فتاة ... فتاة كأي فتاة وفقط "


نظرت له بصمت لبرهة قبل أن تقول بضيق

" لا ليست أي فتاة أو أنك أنت من لست بأي رجل بالنسبة لها ...
هل تتعمد إغاضتها بي يا متوحش "


استوى في جلوسه مبعدا يديه ونظر لها وقال

" ماريه لا تكوني غبية هكذا فأنا لست من ذاك النوع "


قالت تستفزه عمدا

" حسنا أنت منه فعلا على ما يبدوا "


ونجح مخططها بأسرع مما كانت تتوقع حين قال بضيق

" لا لست كذلك وعلى تلك الفتاة أن تبتعد عني وتبعدني عن

تفكيرها نهائيا "

تقوستا شفتيها بحزن وهمست

" لما أنتم قساة هكذا ؟ ألا تشعرون "



تنهد بضيق وأبعد نظره للملعب مجددا وقال بجمود

" لا تقارني ماريه فالوضع مختلف "


قالت من فورها ناظرة لنصف وجهه

" وأنت معجب بها أيضا لا تنكر ذلك فعيناك وأنت تتحدث عنها

الآن تقولان كل شيء "


نظر لها وقال بذات ضيقه

" ذلك لا يكفي ولست معجبا بها فتلك الفتاة انجليزية "


قالت باستغراب ناظرة لعينيه

" وأنت انجليزي أيضا ! "


نظر جهة الملعب مجددا وقال بصوت منخفض

" لكني مسلم ماريه لا تنسي ذلك "

عبست ملامحها بحزن وألم فهو سبق وأخبرها بسره ذاك سابقا

وبأنه لا يشهر إسلامه لأنه ثمة علاقة زمالة وصداقة قوية كانت

تربطه مع أحد رجال مطر شاهين بل وقريبه وبعد أن عادوا

للوطن وخشية عليه وعلى نفسه كان عليه أن لا يظهر شيئا ولا

حتى إسلامه لكن قراراتهم قاسية ! الرجال جميعهم متشابهون لا

يكترثون بجرح امرأة تحبهم فقط لأن العقل يقول ذلك ، ولن

تصدق أن يكون الأمر مجرد صديق له بل لا تستبعد أن يكون هو

أيضا أحد رجاله أو معاونيه وإن لم يكن من المقربين منه ، تعلق

نظرها بنصف وجهه وتمتمت بحزن

" لكن المسلم يمكنه الزواج من كتابية ؟ "


نظر لها وقال بجمود

" وكيف ولن تعلم بإسلامي ؟ ثم أنت تعلمين جيدا ما يعني

الإسلام ماريه وما الذي نتعلمه منه "

نظرت له باستغراب فعاد بنظره هناك وقال بشرود بل بوجوم

" إننا نتعلم معه أن المرأة لرجل واحد ماريه لم يسبقه لها أحد

وتلك الفتاة ليست كذلك قطعا "


قالت محتجة

" لا ذاك ليس عذرا كين إلا إن كان ثمة ما تخفيه وتخشى أن

تكشف تلك الفتاة ؟ ثم المسلم يتزوج الأرملة والمطلقة وليس

عليه أن يكون الرجل الأول في حياتها "


ابعد نظره عنها وقال

" الأمر بالنسبة لي مختلف ماريه مختلف كثيرا "


وتابع بابتسامة مائلة ناظرا لها

" ما رأيك أن أتزوجك أنت فكلانا أجنبي مسلم بالخفية وأكون

أسبق لك من أصدقائي الذين باتت أسئلتهم عنك لا تتوقف "


نظرت له بحنق وكانت ستتحدث لولا كانت تلك اليد أسبق لها وقد

سحبها صاحبها منها قائلا بابتسامة

" تعالي ماري إنه دورك "

فتحركت خلفه بصعوبة تجتاز المقاعد قائلة

" ريك انتظر أنا لا أعرف كيف ألعبها ولست بطول أجسادكم "

قال وهو يدخل بها للملعب

" لا تقلقي الأمر سهل جدا وممتع فلا تكوني جبانة "

وفي لحظات وجدت نفسها بين أولئك اللاعبين المخيفين فأغلبهم

طوال قامة بشكل مخيف رغم أن منهم من طولهم معتدل ككين

والذي رغم ذلك فهو كابتن الفريق فيبدوا أن المهارة لا علاقة لها

بطولهم فهو يصوب رميات لا يستطيع فعلها أطولهم ! مد لها

أحدهم سلك مطاطي نزعه من يده وأشار لها على شعرها وركض

مبتعدا فرفعته عاليا وأمسكته به في جذيلة وما كان من مفر

أمامها منهم ، بل وكان الأمر كما قال ممتعا جدا .. لا بل هم من

جعلوه كذلك وهم يجعلون منها هدافتهم ودون منازع والكرة تمرر

لها في كل مرة درجة أنها انسجمت في اللعب والركض باستمتاع

لم تتخيله أبدا تصرخ منادية لكل واحد منهم ليعطيها الكرة حتى

أنها كانت تحضنها أحيانا وتركض بها من بينهم ضاحكة دون أن

تضربها على الأرض وكانت الفتاة الوحيدة بينهم لكنهم استطاعوا

دمجها في لعبهم بسهولة حتى أن سترتها الجينز نزلت على

ذراعيها بسبب ركضها وكل ما كانت تلبسه تحتها قميص من دون

أكمام وكلما رفعتها تدلت من جديد حتى نسيتها مع ركضها

وحماسها .

وصلت تحت السلة في أول مرة لها ورغم ابتعادها عنها عاليا

وصعوبة الأمر إلا أنها قفزت منتهزة الفرصة وصرخت بحماس

ضاحكة حين شعرت بتلك اليدين تمسكان خصرها وترفعانها عاليا

... عاليا جدا درجة أن استطاعت وضعها في السلة وبكل سهولة

تستمع للتصفيق والضحكات من الجالسين عند المقاعد المصفوفة

بعناية ، وما أن وصلت للأرض مجددا بدأت تستقبل تلك الأيادي

الرجولية وكل واحد منهم يضرب كفه بكفها ضاحكين وآخرهم

الذي قرص خدها قائلا بضحكة

" كنت رائعة أيتها الإيطالية الجميلة "

فابتسمت له قبل أن تموت تلك الابتسامة بل وتتحول لصورة

جامدة كل شيء حولها يتحرك إلا هي وحتى الجماد وهي تنظر

بأنفاس متقطعة بسبب ركضها للواقف أعلى المدرجات يديه في

جيبي بنطلونه الجينز ينظر لها بل لعينيها تحديدا نظرة عرفتها

واعتادتها بل وألفتها تماما في عينيه ... النظرة الجامدة التي لا

يمكنك قراءة ما خلفها ولا التكهن بما يفكر أن يفعل صاحبها

ومهما حاولت ، تمنت حينها لو نزعت قلبها من بين أضلعها

ورمته في ذاك الملعب وداسته بقدميها بقوة بل وجميع تلك الاقدام

الرجولية الكبيرة وأحذيتها الثقيلة وكرتهم أيضا لشعورها المقيت

بضرباته المرتفعة تصاعدا كلما أطالت النظر لتلك العينين وكلما

طالت نظرته تلك لها تذكرها بحلمها الميت وأملها المحتضر

ومشاعرها التي مزقها ودون رحمة فكانت هي من كسر ذاك

الجسر المتين وأبعدت نظرها بل ووجهها عنه لأنه يؤلمها هي

وتغرس حوافه في قلبها هي لا هو ولن تسمح بأن يقتلها أكثر

بعينيه قبل كلماته ككل مرة .

لو تفهم فقط ما أحضره إلى هنا ؟ ألم يطردها من منزله دون حتى

أن يكلف نفسيه عناء أن يقنعها أكثر بالبقاء ؟ ما كانت لتبقى أبدا

لكنه لم يحاول أيضا وكل ما فعله أن قتلها وبقسوة أكبر وذبح

روحها الجميلة وهو يخبرها وبكل بساطة بأنه ما فعل ذلك إلا

ليسكت والده وعم والدته عنه بل وهي أولهم لأنها من طالبه بذلك

قبلهم ، ولم يكفيه كل ذلك ليمتعها بذاك العرض السخيف في

الشارع وكأنه أخذها هناك فقط ليقتلها وليريها الواقع الذي قد

يرفض عقلها تصديقه يوما ، والكارثة أنه يعلم ... فبعد رسالة

ساندرين له سيكون علم بالتأكيد أين كانت حينها وبأنها لم تغادر

لكان وجدها في طريقه قرب المبنى السكني .

رفعت يدها لشعرها وأزالت ذاك المشبك المطاطي منه بحركة

واحدة وتدلى ذاك الشعر الحريري على كتفيها وظهرها وتحركت

من هناك ليوقفها الصدر الذي اصطدمت به وظهر في طريقها

فجأة وكأنه يتعمد فعل ذلك فتراجعت للخلف خطوة ورفعت غرتها

عن عينيها وانحرفت في سيرها لتجتازه ودون أن تنظر له ولا

للمحة صغيرة لكن تلك الأصابع القوية كانت الأسبق لها وهي

تلتف على معصمها وأدارها نحوه ، لم يتحدث ولم يحاول جعلها

تنظر له .. كل ما فعله أن أدخل يده في جيب بنطلونه الضيق

وأخرج ما جعلها تنظر له بين أصابعه بصدمة وكان ما أرسلته له

سابقا مع رواح وقبل أن يسافر بيوم واحد وهو مغلف بني يحوي

وثيقة زواجهما القديمة والعملات النقدية التي أرسلها لها سابقا

وهذا .... خاتم الزواج الذي أحضره سابقا وألبسها إياه أمام باب

منزل عمها في تلك الليلة التي لم تتخيل لحظتها أن تتحول لمأساة

رافقتها لأيام وأيام فكان عليه أن يعلم حينها بأن ما يربطهما قد

انتهى .. الماضي الذكريات وتلك الوثيقة القديمة والتي رغم

اختلاف قوانين البلاد وتجديدها لعدة مرات في المحكمة إلا أنها

احتفظت بتلك النسخة التي كتبها شيخ قريتهم بيده تحوي اسمها

واسمه وعمريهما الحقيقيان حينها ... خمس سنوات للزوجة

وثلاثة عشر عاما للزوج وظنت بسذاجة أن ذاك يعنيه كما عناها

هي وعاشت عليه ولأجله لأعوام .

أمسك بيدها متجاهلا محاولتها لسحبها منه وأدخل الخاتم في

أصبعها ولم يكتفي بذلك فقط بل والتفت أصابعه حول ذقنها ورفع

وجهها له ... ودون أن ينظر لعينيها انحنى لشفتيها وقبلها أمام

الجميع .. أمام تلك الصرخات والتصفيق والتصفير ممن حولهم

وخاصة الفتيات ، كانت قبلة قصيرة لكنها كافية ليراها الجميع

هناك ولتدمر دفاعاتها التي حاربت بشراسة لتتمسك بما تبقى

منها ، وما أن ابتعد عنها ببطء نظر بصمت لعينيها ولحدقتيها

الذهبيتان الغاضبتان كقطة ذهب نقية تعكس ضوء النهار القوي

والتوى طرف شفتيه بابتسامة ساخرة وانحنى لاذنها هامسا

قربها وبابتسامة ساخرة

" ستكونين مطيعة الآن ماريا أو فعلت المزيد "

وما أن أنهى عبارته تلك سحبها من يدها خارجا بها من هناك

تتبعه أحبت ذلك أم كرهته .

‏*‏
‏*‏
‏*‏


دخل من الباب بخطوات واسعة ينظر لساعته فهو لم يزر قصرهم

نهارا منذ أكثر من أسبوع لا بل منذ ذاك اليوم والليلة وهو يمضي


يومه في خارجه ولا يرجع إلا ليلا يصعد لجناحه وينام فورا

ليغادر فجرا من جديد ، هربا من نفسه أولا وليقنعها بالعذل عن

كل ذاك الجنون ثانيا وليجهز نفسه ويدربها على طمر تلك

المشاعر ثالثا وأخيرا والأهم بل وأكثر ما يجزم بأنه مستحيل لذلك

كان عليه أن يبتعد فهو أضعف ما يكون أمامها وفي وجودها ، أما

اليوم وبما أن ما سعى من أجله أصبح جاهزا فعليه أن يراها ولن

يقول ليطفئ شوقه فعلى كل ذلك أن يموت في داخله أو قتل نفسه

.
كان قد مر بعامل الحديقة أولا ولفت انتباهه حينها الجالسة عند

تلك الشرفة بل وفوق حافتها الحجرية العريضة ترفع ركبتيها

وتضع دفتر رسمها عليهما وترسم وليست منتبهة ولا مهتمة بأي

شيء يحدث حولها ، لقد خصص لمربيتها هاتفا محمولا بسيطا

وطلب منها أن لا تخبرها عنه وأن تتصل به كلما استدعت الحاجة

لوجوده ولم تفعل طيلة الأسبوع أي أن أمورها تسير بشكل جيد ،

لكنه لم يستطع فعلها قبل قليل ومنع نفسه من سؤال ذاك العمال

ما أن لمحها هناك إن كانت تجلس دائما في ذاك المكان فقال له

وفورا

( بلى سيدي تجلس هكذا وترسم لوقت طويل )


وصل لغرفة الشاي ولباب الشرفة الزجاجي تحديدا ودفعه وخرج

فقد كان مغلقا على غير عاداتها السابقة حين كانت تتركه مفتوحا

! وظن أنها فعلتها لتشعر بأي شخص سيدخل فتخفي رسوماتها

تلك لكن ذلك لم يحدث ! لم تغلق دفترها ولم تخفيه بل ولم تهتم

ولا برفع رأسها ونظرها عنه رغم يقينها من أنه سيكون هو ..

عكس الشوق الذي ينهشه هو ويطمره كالنار تحت الرماد .


وصل عندها ووقف قربها ونظر لما ترسمه وشعر بذاك الانقباض

المرير في قلبه فالذئب هذه المرة يمسك الأرنب بأنيابه واختفى

الأسد وكل شيء معه لكن هذا الأرنب ليس ذاك ! هذا ثمة لون

رمادي خفيف في فرائه جهة الرأس فأي لغز جديد هذا وهو لم

يقم ولا بحل القديم ؟ نقل نظره لملامحها وعيناها المركزتان على

ما تفعل وقال بهدوء

" زيزفون انزلي قليلا أريدك في أمر "


" ألا ينفع وأنا هكذا ؟ "


تنهد بأسى بسبب صوتها البارد أكثر من تأثير كلماتها تلك وحمد

الله أنها تساعده على الابتعاد عنها بمعاملتها السيئة هذه الأغلب

الأحيان ، رفع يده ومرر أصابعه على الأرنب في الرسمة وقال

ونظره عليه

" لما ترفضي أن أساعده يا زيزفون ؟ لما لا يكون ثمة أسد هنا

أيضا ؟ "


أغلقت دفترها بعدما سحبته من تحت يده ونزلت ونظرت له في

صمت كم خشي مما سيكون بعده لكنه طال حتى تيقن من أنه ليس

ثمة حديث سيليه فنقل نظراته بين عينيها قائلا

" لو أعلم فقط يا زيزفون ما مواصفات الصديق في قاموسك من

العدو ؟ "


حركت كتفها وقالت مبتسمة ببرود

" أن لا يتدخل في حياتي .. في صمتي .. في حديثي وفي كل

شيء يخصني طبعا "


رفع نظره عنها للأعلى وتنفس بعمق وقال يراقب السماء الصافية

" إذا أنا أشد عدو لك وزوجة والدي والدة ضرار هي صديقتك "


" أجل "


قالتها مباشرة وقتلته دون رحمة .... لا هي لم تقتله ولم يؤذيه

تجريحها له يوما ولن يحدث ذلك ، أنزل نظره لها ونظر لحدقتيها

الزرقاء الناظرة لعينيه بسكينة تعاكس كلماتها المدمرة كالموج

المدفون تحت الصخور يدمر كل شيء في صمت وسكينة وقال

بذات هدوئه

" أخبريني سببا واحدا لكرهك لي ولن تريني مجددا

يا زيزفون "


انتظر جوابها بترقب فهو يعرفها جيدا لا تجيب إلا بما في نفسها

وصدقا بل ولا يعنيها ما تفعله كلماتها فيمن توجهها له لذلك

انتظر وبفضول لكنها لم تتحدث بل أبعدت نظرها عنه متمتمة

ببرود

" ألأجل هذا أنت هنا وتركت أعمالك يا وقاص ؟ "

تنهد بعمق وقال

" لا "


وتابع وهو يخرج العلبة المخملية الزرقاء الغامقة من جيب سترته

" بل من أجل هذا "
وفتحها على نظراتها المستغربة لها وأخرح منها سلسال من


الذهب الأبيض وما أن رفعه تدلى منه ما كان مصمما خصيصا


ليوضع فيه وما كلفه الكثير ليحصل عليه هكذا ويجمعهم جميعهم

... ثلاث خواتم زواج الفضي الرجالي الذي وجده في النافورة


واثنان ذهبيان نسائيان وتقليديان لا شيء بهما سوى نقوش


بسيطة وفصوص صغيرة جدا في أحدهما وقد تم دمجهم ثلاثتهم


بقصهم وإدخالهم بين بعض قبل لحمهم مجددا ليصبحوا كحلقات


السلسلة كل واحد مرتبط بالآخر وقد مرر سلسلة رقيقة جدا


بينهم تحوي ثلاث ماسات تمر كل واحدة من الثلاثة عبر خاتم ،

وضع العلبة على حافة الشرفة وقال

" ارفعي شعرك وسأخبرك عنه ما أن تلبسيه "


نظرت له بين أصابعه قبل أن ترفع شعرها كما طلب ويعلم جيدا


أنها تعرفت على اثنان منهما أما الثالث فمستحيل ، وقف ورائها


وأداره حول عنقها وأغلقه يحاول التركيز فقط على أصابعه ..


فقط لا غير حتى انتهت مهمته وتركه ينزل على عنقها فرقت تلك


الخواتم بأصابعها تنظر لها فأشار لها بسبابته وقال ونظره عليهم


" هذا خاتم جدتك .. يليه خاتم والدك .. أما هذا فخاتم والدتك "


اشتدت أطراف أصابعها عليه لا إراديا وأدارت وجهها ونظرت له


خلفها وقالت ناظرة لعينيه


" خاتم والدتي ! "


نظر لعينيها وقال


" بلى ولم يكن إخراجه من هناك سهلا لحجر المحكمة عليه كل


تلك الأعوام لكني استطعت فعلها "


ثم عاد بنظره للسلسال وللخواتم بين أصابعها وتابع ونظراتها لم


تترك وجهه وعيناه


" الماسة الأولى هي والدك أنجبته جدتك فهي معلقة بخاتمها ثم


أنتي وماستك معلقة بخاتمه "


نظرت لهم بين أصابعها وقالت


" والثالثة ؟ "


قال مبتسما " لم أطلبها من ذاك الصائغ لكنه أصر على وجودها

وقال بأنه سيكون ناقصا من دونها ولست أعلم لماذا سترمز ! "


نظرت لها بحزن فهي تعلم .. تعلم جيدا إنه شقيقها الذي ليست


تعلم ستراه يوما أم ستفقده للأبد .


" هل لنا أن نعلم ما سر هذه الهدايا في الشرفات ؟ "


ارتفع نظرهما كليهما للتي كانت تقف عند باب الشرفة تكتف


ذراعيها لصدرها وتنظر لهما نظرة يفهمها كل واحد منهما فتمنى


فقط في قرارة نفسه أن لا تحاول الواقفة أمامه إجابة سؤالها لكن


أمنيته تلك ماتت في مهدها حين خرج صوتها باردا مستفزوا


" يأخذ مكان ابنك هل لديك مانع ؟ "


ابتسمت تلك بسخرية قائلة

" فليرحمنا الله من عقوباته على هذا المنزل بسبب الرذيلة

التي تحدث فيه "


نظر لها وقاص بصدمة بينما أنزلت الواقفة أمامه يدها وأدارت


جسدها قليلا وأمسكت بيده ممررة أصابعها بين أصابعه وسارت


به من أمامها مجتازة لها وكأنها لا تقف هناك حتى وصلت


غرفتها ودخلت وهو يتبعها ولم تترك يده حتى كانا في الداخل


فقال بضيق ناظرا لها


" زيزفون محاربتهم بتلك الطريقة لن تجدي في شيء بل


ستضرك أنتي "


فتحت باب خزانتها وقالت ببرود


" لست أهتم إلا كنت أنت تخاف على حياتك الضرر "


تنهد بعمق وقال


" أنتي تعلمين جيدا أ..... "


قاطعته بحزم ناظرة لعينيه


" لن نتحدث فيما قلت هنا سابقا يا وقاص "


زفر بقوة وأومأ برأسه موافقا وقال متجنبا النظر لها


" أعلم ولم أكن لأتحدث عنه بل ما كان عليا أن أقول ما قلت "


أخرجت ورقة ما من خزانتها وأغلقتها قائلة


" لا بأس فأنا أعلم أنك قلت ذلك فقط لتتخلص من عقدة الذنب


اتجاهي "


تنهد بعمق مغمضا عينيه وقلبه يردد وبألم


( بل حقيقة هي يا زيزفون وكان كلاما صادقا ومن أعماقي لكنك


لن تصدقي أبدا ومهما قلت )



مدت له بالورقتان المطويتان اللتان أخرجتهما قبل قليل وقالت


" أعطي هذه لجدك وليفتحهما ويقرأهما أمامك لتعلم صدق ما


قلت لك يومها ولتراه على حقيقته ... بل وليعرف هو نفسه "


*
*
*


رمى الجريدة من يده وقال بضيق

" سحقا ... هي ليست ابنة ذاك الرجل إذا ؟ "

نظرله الواقف أمامه وقال مبتسما بسخرية

" كنت تكاد تكون واثقا يا شعيب ؟ "

نظر جهة النافذة المفتوحة وهمس من بين أسنانه

" كانت الخيط الوحيد وانقطع وعلينا أن نصرف النظر عنها

ونلتفت لما هو أهم الآن "

حرك يوسف رأسه إيجابا وقال

" معك حق ثمة ما هو أهم قبل أن يضيع كل ما فعلناه لأعوام

سدى "

وتابع ناظرا له ونظره لازال على تلك الأشجار في الخارج

" ماذا حدث بشأن ذاك الجاسوس إسحاق ؟ "


تحولت ملامحه للشر وكشر عن أنيابه البارزة وقال بغضب

مدفون

" لم نستطع الوصول له حتى الآن ... الحراسة حوله مشددة

لكن ثمة من سيساعدنا وسنتخلص منه سريعا قبل أن يخرجوه

من البلاد "


قال الواقف قربه بغيظ

" ذاك الإمعة مطر شاهين لقد كان ورائه فعلا وها هو يحميه

وبشراسة وإن استفاق ذاك الطفل وتحدث فسيخبره بما علم ولن

نستبعد الأسوأ بعدها لذلك عليه أن يموت وسريعا جدا "

نظر له شعيب وقال

" لو أعلم فقط من أخبرهم عن مكانه ولم يكن هناك أحد قرب

الجرف ولا أحد سيلحظ سيارته في الأسفل ؟ كله من زكريا وذاك

الاتصال مؤكد تتبعوه وعلموا عن المكان "

انفتح الباب فجأة سارقا نظرهما واهتمامهما للذي دخل منه ونظر

لهما بما لم تخفيه عيناه ولم يحاول هو فعلها وقال بجمود يخفي

كل ذاك الحقد الأسود

" هل سأنتظر في الخارج حتى المساء مثلا لتأذنوا لي بالدخول

وأنتم من طلب رؤيتي ؟ ورائي رحلة لحوران ولجامعتي هناك فما

هذا الذي جعلكم تتنازلون وتقابلوا وجهي "

صرخ فيه الواقف هناك من فوره

" أويس احترم من هم أكبر منك فطول اللسان لن يفيدك في

شيء "

قال شعيب مسكتا له

" انتهى يا يوسف نحن لسنا هنا لنتشاجر كالصبية بل لنقول

ويسمع "


قال الواقف قربه بضيق

" بل وينفذ "


نظر لهما بكره ولم يعلق فلولا والدته ما بقي في هذا المكان

والبلدة يوما واحدا ليقابل هذه الوجوه وإن مصادفة رغم أنه لم

يراهم منذ وقت طويل ولا يراهم إلا نادرا بالرغم من أن أراضيهم

متجاورة ، قال شعيب ناظرا لعينيه ودون أن يهتم لتك النظرات

الحاقدة

" من هذا الذي اسأجرت له ملحق منزلك مجددا ونحن من سبق

وحذرناك من فعلها دون علمنا ولا أن نوافق على هوية المستأجر

أيضا ؟ "

لاذ بالصمت لبرهة قبل أن يقول بجمود

" وفيما سيضركم مستأجر في أرضي ومنزلي ؟ هل تأخذون أنتم

رأيي فيما تفعلونه في أراضيكم ؟ "


قال شعيب من فوره وبحدة

" أراضيك جزء من أراضينا يا أويس وما يمسها يمسنا ولا شيء

يحدث فيها دون إذننا ولا علمنا مفهوم ؟ "


شد على أسنانه بغيظ قبل أن يقول

" أنا استأجرت للرجل ولن اخرجه منه ما لم يفعل بنفسه ، ثم هو

ليس من الجنوب ولا علاقة له بأحد هنا فما من داع لأن تخشوا

على أسراركم المدفونة "


رماهم بها عمدا في حرب باردة مستفزة وإن كان لا يعلم ما

يخفونه إلا أنه متأكد من أنه ثمة أسرار كثيرة يحمونها بقوة ومن

كل شيء حتى من أنفسم مثلما هو متأكد من أنه ليس ثمة سر

يدفن للأبد ولابد وأن يكشف يوما ما ويدمر صاحبه مكافئا له على

حفاظه المستميت عليه .


" من يكون ؟ "


خرج شعيب من صمته أولا ينظر له عاقدا حاجباه الكثيفان فقال


ببرود
" مهندس عمل مؤخرا هنا واسمه يمان إبراهيم حجاح "


تبادلا نظرة صامتة جعلت الواقف أماهما ينقل نظره بينهما

مستغربا قبل أن ينظر له شعيب وقال

" من معه ؟ "


قال من فوره

" وحده لكنه مختف منذ أسبوع تقريبا ولا أحد يعلم أين "


راقبهما بدقة وهما يتبادلان نظرات صامتة جديدة قبل أن يتحدث

شعيب مجددا

" لا بأس لكن إن تركه فلا تستأجره لأحد حتى تخبرنا أولا "

شد على أسنانه بقوة وتمنى أن قال الكثير .. لا بل أن قطع لحمه

بهما لكن لا بأس لابد وأن يأخذ القانون مجراه يوما ما ويأخذ كل

ذي حق حقه ، التفتت الأنظار جميعها للباب مجددا وللذي دخل

منه وقد دفع ذاك الجسد الذي كان يمسك بذراع صاحبته حتى


ارتمت أرضا وقال

" ها هي فتفاهموا في مصيرها "

فوقف ذاك الجسد المنهك ببطء يخفي ذاك الشعر الغجري الأشقر

الطويل ملامح صاحبته قبل أن ترفع رأسها ونظرها ببطء ليس

لهما بل للواقف يمينا ومن هرب من نظراتها وعينيها الباكية فورا

مشيحا بوجهه عنها قبل أن يدفعها نوح من ظهرها للداخل أكثر

حتى اصطدمت بالجدار بقوة وابتعدت عنه تمسح أنفها المتألم

بظهر كفها ببكاء صامت ترفض أن يخرج أمامهم ولا أن


تستجديهم فقد فعلتها حتى مع جسار الذي لم ترى منه رأفة ولا

رحمة يوما لكن هم لا .. لن تفعلها وإن ساوموها بذلك على

حياتها فستختار الموت ودون تردد .


التفتت ناظرة لهم بصدمة حين قال شعيب بأمر مشيرا بسبابته لها


ونظره على أويس

" هذه هي ستأخذها معك أم نحدد نحن مصيرها وندفنها حية "


ارتجف قلبها بل وجسدها بأكمله تنظر بذعر للذي لا مزاح في

كلامه أبدا .. ومنذ متى يعرف هذا الرجل المزاح ولن يليق بوجهه


المخيف قطعا ، نقلت نظراتها الجزعة منه للذي كان ينظر


لثلاثتهم والواقفين قرب بعضهم بكره قبل أن يقول بجمود


" آخذها لأين مثلا ؟ "


فتسربت تلك الدموع من عينيها فورا الواحدة تلحق بالأخرى وقال

نوح بسخرية


" شقيقتك إن كنت تريدها حية "


فصرخ من فوره وبعنف مفجرا كل ذاك الحقد والغضب


" ليست شقيقتي ووالدي لم يقرب والدتها يوما .. هو أنزه

وأشرف من أن تنسب له هذه الفتاة ولا أن يقرب تلك ال.... "


" تتزوجها إذا "


لم تكن الصدمة من نصيبها وحدها هذه المرة بل والذي قطع


كلامه وهمس بصدمة واستنكار ناظرا تحديدا لصاحب تلك العبارة

والذي لم يكن ولن يكون سوى شعيب


" أتزوجها !! "


قال بحزم


" أجل ... ألم تقل بأنها ليست شقيقتك ؟ ستتزوجها إذا ورغما


عنك "


انهارت حينها الواقفة بينهم جالسة على الأرض وخبأت رأسها


بين يديها ولم تستطع ولا الصراخ وكأن صوتها مات ...! اختفى

وانعدم وللأبد فكيف يتزوجها ! ماذا إن كانت شقيقته فعلا وليس


كما يقول ؟ ثم والناس ماذا سيقولون عنهما ووالده اعترف قبل


موته وأمام الجميع بأنها ابنته رغم نكرانه العنيد لذلك قبلها ؟

نزلت دموعها تتقاطر في حجرها ولم تتمنى الموت حياتها كما

تمنته لحظتها رغم أنها ترجته واستنجدت به لليالي وأيام لعله

يرحمها .


" أتزوجها كيف هل جننت ؟ "

نطق أويس أخيرا بما استطاع إخراجه من حنجرته المتصلبة فكان


رد شعيب سريعا وجاهزا

" ألم تقل بأنها ليست شقيقتك ؟ إذا تفضل تزوجها أو ستختفي

من الوجود وأنت المتهم بها "


رفعت رأسها ونظرت لهم وقالت صارخة ببكاء

" اقتلوني أرحم لي واتهموني أنا في نفسي لا مانع عندي ،

أجلبوا لي حبلا وسأشنق نفسي "


ضحك نوح وقال بسخرية وبلا رحمة

" حل رائع ما رايكم ؟ "


نظر له شعيب بتهديد نظرة أسكتته فورا كما اختفت معها

ابتسامته تلك وأطبق الصمت على المكان ليس بسبب ما قاله لأنه

لا يستدعي الصمت بل بسبب تلك الخطوات التي اقتربت من الباب

جعلت الجميع ينظر له ... البعض بفضول والبعض بترقب

واستنكار قبل أن يظهر ذاك الجسد الذي ملأه وحدقت الأعين بتلك

الأحداق الرمادية التي استقرت من فورها على صاحب تلك

العمامة والشعر الذي لامس كتفيه والنظرة السوداء الغاضبة ،

ورغم تلك الملامح الشاحبة المتعبة وبشكل واضح فقد قال

صاحبها بجدية

" عذرا لدخولي دون استئذان لأني لم أجد أحدا وقد دلني أحد

العمال على مجلسكم هذا "


وتابع ونظره لازال على تلك العينان السوداء الجامدة قائلا

" أنا من صدم ابنتكم بسيارتي وعلمت عن قصتها مع شقيقها

وأنا وحيد ولا أحد لي فهل تزوجوني إياها ؟ "




المخرج ~~


بقلم / جزيل العطاء

( رماح & جهينه )

سألت فصيح عربي بجهينة ماقيل؟
فقال:تصغير لجهنة وهو ذاك السواد منتصف الليل.
قلت: جاهل انت و عين رأتها تداعب زبد البحر مثل شمس الاصيل.
قال: و ترخيم لجهانة وهي من ودعت الصبا لتعانق الشباب خليل.
قلت: ويحي أنا وعشقي لصباها قبل شبابها بالقلب سليل.
قال: أعالم أنت عن صفات حامل الإسم ماقيل؟
قلت: بلى بقدرثقتي التي اوليتها كانت ولن أجد دونها بديل.
فقال باسم ثغره: وزد .. حبها لزهو الحياة دليل.
قلت بغصة زاحمت مخارج الحروف بحلقي: أي حب ذاك وهو بخيل؟
فقال مزمجرا: ويحك ياهذا تحديها لواقعها لتكون لك سندا لأمر جليل.
قلت أضرب على خافقي: شفقة منها تلك يرفضها هذا العليل.
قال يضرب كف بكف مسمى شفقة عن حبها كيف تطلقه بديل؟
قلت: أي حب وقد كنت السبب بقطع سبل الوصل منذ وقت طويل.
قال: حبها لك باق وقد زاد مع السنين فهل لها بالمثل عنك قليل؟
قلت ناظرا له: أتسأل حقا عن قليل وقد احتل حبها قلبي سيدا نبيل؟
وكيف بحب يزيد بقلب انثاي مع سنين إتخذت فيها من غيرها حليل؟
ترضونني لها كسيحا لكني لا أرضى يكفيني ذكراها كل مليل.
قال: كفاكم الم قم دق الطبول فقد دنى وقت الوصال فلا تعدو كليل.
أخبرتني هي بأنك الرماح الذي أطاح قلبها بالحب قتيل.
رماحة انتم أشعل لهيب الشوق بالقلب فتيل .
قلت: تتكلم واثقا وانت عما جرى بيني وبينها دخيل.
فقال:"عند جهينة الخبر اليقين" مثل عند عربان قضاعة قيل.
قلت: ماذا تعني فعقلي لم يجد لكلامك معنى وتحليل؟
قال: ويحكم أيها الرجال ألا تدرون ان عذاب النساء هو البعد والرحيل؟
أسرع تحرك لتلحق شمسك قبل المغيب فهي أهم من القال والقيل.
*******



نهـــــــــــــــــــــــ ــــاية الفصل

الفصل الثامن عشر بعد أسبوعين الأربعاء مابعد القادم



Nesrine Nina and جولتا like this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 14-02-18, 11:01 PM   #7440

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1403 ( الأعضاء 368 والزوار 1035)
‏فيتامين سي, ‏كف القمر, ‏zezeabedanaby, ‏ام نواره, ‏Isso05012000, ‏difnnah, ‏Shimoo1996, ‏fadwanihad, ‏* ملاك الصمت *1995, ‏ماري الشام+, ‏ويليام, ‏nashwaalsaeed, ‏emaa mohamed, ‏قدوتي عائشة, ‏صمت الصحراء, ‏REEM HASSAN, ‏oom elaf, ‏ضياء عبدي, ‏الحياه امل, ‏أمومه الحلو+, ‏Jijel, ‏Ree-ma, ‏مرمر1, ‏سَافانا, ‏شهد المرض, ‏bashora1998, ‏محبوبة فلسطين, ‏ايرس, ‏صابرة عابرة, ‏semona, ‏فردوس81, ‏دات العشرون, ‏رنا اسامه, ‏كلارينيت, ‏LA..., ‏إبتسامة أمل, ‏Høpë☆, ‏Kasamh se, ‏Sayaka, ‏جويريه بلال, ‏azza زهور الجنه, ‏زهرة المدن, ‏سلسبيل حبى, ‏عبق حروفي, ‏jooodee, ‏لولو73, ‏النوري العتيبي, ‏فاطمه1394, ‏غروري مصدره أهلي, ‏المنافس 2007, ‏أريج الزهور, ‏nosha8, ‏كياكيا, ‏Hadia Mohammed, ‏Rivan mohammad, ‏محبة الاقصي+, ‏Meyami, ‏لينوسارة, ‏أم الشيخ, ‏كاراميلا, ‏همس الضلال, ‏ريرررررري, ‏حمرا, ‏nona.94, ‏بقـآيـا+, ‏MARIAM SABRY, ‏jayano+, ‏gehad sawalha, ‏ياسمين يحى, ‏Bobo 20, ‏Princess zayn, ‏Light g, ‏legendgoose+, ‏Reemo.B, ‏انتصارات, ‏Ria, ‏Amal_388, ‏hudalfarsi, ‏سمر حلا, ‏kamsed, ‏lostlove_forever, ‏نهاوند16+, ‏الشموس!!, ‏lina Aryam, ‏جوري الشريف+, ‏Ola_89, ‏Nesrine Nina+, ‏Glories1, ‏shmo3, ‏القبلان, ‏القرنفله, ‏سومه اسراء, ‏نجمه فوق, ‏فيليسيتي, ‏لمار الحلوة, ‏مليكة وجدانى, ‏dr kareem, ‏yasser20, ‏آمال العلي, ‏روحي حرة, ‏Shams A, ‏Sa Lma, ‏Bit alameen, ‏Khazma, ‏تالا صلاح, ‏zooni_f, ‏Ti_, ‏يمنى اياد, ‏غربة وطن 123, ‏Ath1415, ‏لهفة24, ‏rayadeeb, ‏زهوري الحلوة, ‏زهره ابي, ‏Ra Na, ‏Noor 1997, ‏{ Rere }, ‏ايات يوبو, ‏هامة المجد, ‏كيلوباترااا, ‏Malak_, ‏Jana92, ‏ابراهيم و محمود, ‏نور قمر, ‏رفوهة, ‏ميرا عبده, ‏Angle kiss+, ‏imene88, ‏بنت ابووووووها, ‏Sousou mokl, ‏noor1997, ‏sareta jwad, ‏شوشو 1234, ‏ayaammar, ‏Noor Alzahraa, ‏ام ايلوو, ‏N.samir, ‏rosy.dart, ‏rahilun, ‏@Hind, ‏اهات الانتظار, ‏wwkkss45, ‏samirato, ‏zmah, ‏مهاجرة إلى الله+, ‏بسملة المصطفى, ‏أثير❤ الروح, ‏abir alami, ‏القدومية, ‏Acu, ‏اسرار٢, ‏منالب, ‏sarah Aldoosry, ‏بنت جنوب النيل, ‏Yara717, ‏rrraaa, ‏shimaa saad, ‏حلا المشاعر+, ‏ادمان الطفولة, ‏سمية سيمو, ‏dodoalbdol, ‏كبرياء امراة, ‏xyz123, ‏Ouseima, ‏ام علي اياد, ‏حكايةة مطر, ‏weaam93, ‏funnygirl, ‏Ajuga, ‏منار سعد, ‏ام الحمزه, ‏Mimit, ‏Ahd123, ‏مسره الجوريه+, ‏Lolo abed, ‏Rachad, ‏Asoolkh, ‏بنتن للقصيم, ‏الريـم, ‏ايسل اسلام, ‏عليا88, ‏رحاب كمال, ‏Crazy of u, ‏som kimo+, ‏Nsöz, ‏سمر عثمان سمر, ‏dalia22, ‏Iman imi, ‏وفاء123, ‏time up+, ‏نجوم1, ‏rosemary.e, ‏موسى وردة عمري, ‏مييم1997+, ‏خديجة أسامه, ‏dm992, ‏Emanali, ‏وعد الحر دين, ‏مرام مريم, ‏Bint rim, ‏ام تنسيم, ‏روح متفائلة+, ‏اسعد تسعد, ‏Ili, ‏snsnsnsn, ‏a girl, ‏Lola bissou, ‏abeer12, ‏نون وهاء, ‏مييييج, ‏كبرياء عنيدة, ‏nur vattar, ‏سندوسة, ‏كلي ناسه, ‏مروة عز, ‏بحور الشوق, ‏ارميتاج, ‏ورودي ذبلت, ‏بشرى الخالد, ‏ام نضال, ‏حنان عابد, ‏سمر محم, ‏راوين, ‏انايا, ‏Hafsa mohamad, ‏دعاء الكرار, ‏وعودي للأيام, ‏حرية وطن, ‏طويلبة, ‏ملاكي 2016, ‏Electron, ‏Emy-warda, ‏meme, ‏سجى1411, ‏hala baker, ‏Miss.R, ‏منار مرجانة, ‏bella snow, ‏saluumy, ‏وردة ليليان, ‏Tokagahrieb, ‏chouchou23, ‏Iruby, ‏امي عشقي♡, ‏Nosa Mohamed, ‏Qwerzxcv, ‏وهج2121, ‏الجو بديع, ‏Riham**, ‏sarah72, ‏Hadeer Elsaid+, ‏ظلام الروح+, ‏عديده, ‏السحاب غايتي, ‏مينو مانا, ‏Reanh, ‏حليمه 330, ‏beso55, ‏N.O.U.N, ‏Admaa, ‏ابوعلولي1, ‏منى الكاظمي+, ‏زرقاء اليمامة25, ‏آمال العيد, ‏dr/rokaya, ‏ميار111, ‏عاشقة نبض القلب, ‏ريمةمف, ‏OM MOSTAFA, ‏Lshlsh, ‏نوال آل حجاج, ‏goo12345, ‏Zeinab Mohammed+, ‏روني زياد, ‏جنى التوت, ‏الغفار, ‏لوجينا احمد, ‏Asmadz, ‏ام عبد الرحمن ومريم, ‏deegoo+, ‏الرسول قدوتى, ‏belladone, ‏M.MK, ‏رياح الغضب, ‏بيبآا+, ‏RERE emam, ‏foofo almadany, ‏memoz_, ‏برد المشاعر, ‏بعيد المنال, ‏طيف فراشة, ‏هاجر جوده+, ‏جواهر الخليج, ‏لواء الحق+, ‏بيون نانا, ‏Arawee, ‏Karaoki, ‏ام الور, ‏هيام الحربي+, ‏جزيل العطاء, ‏شيماء نعيم, ‏bottajojo, ‏esraa altaeey, ‏saso barakat, ‏Soso gege, ‏aya biry, ‏هــــمــــــســــــ..., ‏nwnt187, ‏قلبى بيدى, ‏ناردين يوسف, ‏خواطر كبرياء, ‏tlo, ‏Bshayr, ‏Anabeth 21, ‏starmoon, ‏دلال عمر, ‏Dewdrop.n, ‏هنو4444, ‏الفردوس جنة, ‏yarq, ‏The Dark Moon, ‏ltoofsi, ‏راما رموش 99, ‏اوسمه 99, ‏Gomana omar, ‏soukaina21, ‏Arwa1990, ‏فلسفه فكر, ‏فارس مصرى, ‏عجوز مخرفة, ‏Eymo-8, ‏كتكوته زعلانه, ‏Haiaty, ‏اعوام الرحيل+, ‏المشاغبة, ‏فرحندي, ‏"Mody", ‏ايناس عز, ‏حور الجنان, ‏نجوى بليح, ‏فوفونان, ‏اميره1992, ‏TiHa, ‏جوجو عماد, ‏Shimaa Abdellatif, ‏aml frg, ‏Jooodah, ‏Zahrelnada, ‏حياتي أمل+, ‏انت عشقي, ‏HalaS, ‏لبنى أحمد, ‏الطير الشارد, ‏Hajar88 r, ‏ريماسامى, ‏Hajar sayed ahmed, ‏همسات ناعمه, ‏حمامة بيضاء, ‏هند عثمان, ‏إيلول, ‏hadb, ‏جوهر الجنان, ‏مشمش ورمان, ‏Jute


أحلى سلفي معكم آل روايتي ومع حبيبتنا برد المشاعر

قراءة ممتعة لكم وردود ممتعة لنا ..... وللغاليه ميشو ......


Nesrine Nina likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.