آخر 10 مشاركات
وابتسم القدر(وعندما اقتربت النهاية...ابتسم القدر) *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : فاتن عبدالعظيم - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          1011 - ها قد اتت المتاعب - ديبى ماكومبر - د.نـــ (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] نار الغيرة تحرق رجل واطيها،للكاتبة/ black widow (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حَــربْ معَ الــرّاء ! (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          مرحبا ايها الحب -عدد ممتاز- بوليت أوبري - روايات عبيرجديدة [حصرياً فقط على روايتي] (الكاتـب : Just Faith - )           »          `][جرحتني كلمتهاا][` (الكاتـب : بحر الندى - )           »          نار الغيرة تحرق رجل واطيها ....للكاتبة....black widow (الكاتـب : اسيرة الماضى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree3Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-07-17, 08:01 PM   #1

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي لا تلوميني (نوفيلا ) * مميزه و مكتملة *


#لا_تلوميني


غلاف اهداء للروايه بمناسبة تمييزها




الفصل الاول
وجدتك روحي
صمت عميق ساد مكتب نائب رئيس قسم شعبة المخدرات .. صمت محطم للاعصاب .. صمت مثير للاشمئزاز يشعرها بالاختناق خاصة مع شعورها بانها تحت المراقبة .. انتفضت بقوة واقفة بحزم وهي تقطع هذا الصمت بصوتها المميز قائلة ( حسنا .. بامير لا يحق لك ان تعرضني للاستجواب بهذه الطريقة وكلانا يعلم ان ما حدث لم يكن ذنبي ولا يقع ضمن مسؤوليتي )
- حقا دفنة .. حقا هل تصدقين ما تقولين .. لم اعهدك بهذا الجبن والتنصل من المسؤولية ( انطلق الصوت الحازم ليتردد بين جنبات المكتب وصاحبه يقف بشموخ امامها .. كان شاب في اوائل الثلاثينات امتاز بشعره الاشقر ذو الخصلات المتشابكة وعيناه الزرقاوان كمحيطي اسرار عميق .. ملامحه الوسيمة وجسده الرياضي الخفيف هما اكثر ما ميزه ليمنحاه مظهرا كاملا متسم بالجاذبية المختلطة بحزم وشدة وقوة تعلمها جيدا واختبرتها عدة مرات فلقد كان معيدها في كلية الشرطة ثم اصبح رئيسها المباشر في شعبة مكافحة المخدرات هذا دون ذكر انه صديقها اللذي لا تثق الا بكلامه )
تنهدت دفنة بعمق محاولة التحكم باعصابها قبل استئنافها حوارها اللذي تعلم انها ستخسره ان لم تقنع بامير بحجتها ( بامير .. انا لا اتنصل .. ولكني تركته حي يرزق وغادرت القسم بعد ان اعطيته مهلة ليفكر بعرضي له .. ما ادراني انه سيستغل هذا الوقت لينهي حياته عند اول فرصة.. لقد كان متجاوب معي ورضخ لي)
صفق بامير بخفة هازئة وهو يقول ( احسنتي دفنة .. لا اصدق ان مثل هذا الكلام يخرج منك انت .. هل تسمين ما قدمته له عرض .. انف محطم .. تمزق اربطة اليد .. ووعد بالتعذيب المباشر ان لم يتكلم والادهى وعيدك له باستخدام عائلته ضمن تهديدك ليعترف وفي النهاية اراحك وقتل نفسه بدل ان تقتليه انت كما هددته .. اتسمين هذا رضوخ وتعاون .. هل تعلمين ماللذي يعنيه هذا يا حضرة النقيب والى اين الت الامور )
كانت تعلم ان غضب بامير وصل للذروة بما انه ناداها بلقبها الرسمي فحاولت الدفاع عن نفسها بنبرة ارتعشت رغم عنادها ( كلانا يعلم ان تهديدي لم يكن السبب في موته وان المافيا قد وصلت اليه وتسببت بتهديده وطالبته بانهاء حياته كما فعل و .. )
قاطعها بامير ضاربا على سطح مكتبه بنفاذ صبر ( منذ متى يقوم عملنا على العلم يا حضرة النقيب .. اين هو دليلك على كلامك .. كاميرات المراقبة في حجرة الاستجواب لم تنقل سوى تهديدك وضربك ومن ثم انتحار المسجون .. اللعنة كان هو ورقتنا الوحيدة والاولى لهذه المافيا دفنة وانت اضعتها بكل غباء ورميتي بثقتي فيك عرض الحائط و .. )
- كفى حضرة المقدم ... الى هذه النقطة ولا يمكنك الاستمرار واتهامي بالتقاعس .. برايك ماللذي كان علي فعله وكيف كنت ستتصرف انت .. لا اريد ادلة بيننا ولكني ساناشدك حسك التحقيقي الان .. انت تعلم ان هناك رسالة معينة وصلت للمسجون اثناء اعطائه الطعام .. لا اشكك بالشخص المعطي ولكني واثقة ان الرسالة تسللت بطريقة ما .. انت راقبت ملامح المسجون عندما رأى الطعام الموضوع امامه وكيف انقلبت اساريره وشحب وجهه عندما رأى مكونات وجبته كما تعلم ان وجبة الطعام المقدمة له كانت من المطعم اللذي نتعامل معه واللذي اخبرنا بورود اتصال ظنه منا غير الطلبية المعتادة لهذه الطلبية التي قدمت .. ربما هذا لا يعد دليل واضح ولكن ماذا تسمي تلك الكلمات التي ابتدأ بالهذيان بها ونحن نحاول اسعافه اثناء احتضاره .. لازال لدينا ذلك الخيط اللذي اسره لي .. كل ما علينا فعله هو فهم هذا اللغز فلا تبدأ الان بتقيد نفسك باجراءات كلانا يعلم انها عقيمة .. الا ان كان تصرفك يخصني بذاتي وانك تخلط بين اوراق العمل وحياتنا الشخصية ( تحدثت دفنة بغضب مستسرل وعيناها تتحديان بامير اللذي ضاقت عيناه وازداد بريق قسوتهما ليعم الصمت مرة اخرى على وضع شبيه بانفجار البراكين ومع ذلك لم تخفض دفنة عينيها في معركة الارادات بينها وبين بامير )
كان بامير اول من قاطع هذا الصمت بتساؤله الهادئ ذو النبرة المتفجرة التهديدية ( هل تعنين انني انا من يؤخر التحقيق والتقدم وانني احاكمك هكذا لغضبي الشخصي منك .. ترى هل تلمحين الى شيء حضرة النقيب .. لما لا تكونين اكثر شجاعة وتكملي عتابك لتقوليها واضحة بانني اعاقبك لرفضك لي .. هل هذا ما قصدته دفنة ؟ ) توترت دفنة وانخفضت نظراتها بخجل فسماع بامير وهو يقول صراحة ما فكرت به واوحته بكلماتها جعلها تشعر بسخفها .. انه بامير .. وهي اكثر من يعلم عن عدله وشجاعته واستحالة وقوعه بهذه الشبهة التي تتهمه بها ولكن .. غضبها المتراكم من كل ما حدث افقدها تركيزها وجعلها تهذي باي حجة لتتمكن من انتشال نفسها ومنعه من معاقبتها او حرمانها من قضيتها .. غمغمت بالرفض بصوت غير مفهوم الا ان بامير لم يعرها ادنى اهتمام وهو يلتفت عنها مضيفا بقسوة التمست فيها ارتجاف نبراته بخيبة ( اعتقد انك تعلمين الاجراءات المتبعة في هذه الحالات .. انت ستسلمين ملفات القضية لمجد وستنسحبين حتى يتم التحقيق فيما حدث و .. )
-كلا .. لن افعل .. ارجوك لا تسلم تعبي لعام كامل الى غيري فهذه قضيتي التي لاحقتها طويلا .. وكلانا يعلم ان اثبات برائتي يكمن باكتشاف دليل جديد وخيط يقودنا الى العصابة بدل ذلك المجرم .. ارجوك بامير .. هذه المرة الاولى التي اطلب منك فيها شيء .. حكم قلبك وعقلك واترك القوانين خارجا .. امهلني ثلاثة ايام واعدك ان اقدم لك امر يستحق الفخر وصدقني لن تندم فانا وانت نعلم ان التحقيق فيما حدث سيثبت براءتي الا انه سيأخذ وقتا طويلا وهذا سيجعل الوقت يفوتنا ان لم نتحرك سريعا ونستفيد بما لدينا من معلومات .. كل ما اطلبه هو ثقتك بي ( قاطعته دفنة بلهجة امتزج فيها الرجاء مع الغضب والحنق .. كانت عيناها تناجيانه وعلمت من تحدب اكتافه وحركة يده التي مسحت بباطن كفه صفحة وجهه في صراع واضح بين مبادئه وعقله اثرت فيه ان تصمت والامل يبزغ في نفسها .. راقبته وهو يعيد الالتفات اليها ويتأملها بعمق متلكئ ضايقها لشعورها وكانها تحت المجهر .. مضت دقائق اخرى صامتة كادت تنفجر فيها لولا سماعها تنهيدته وصوته الهادئ يملأ المكان بكلمات اسعدتها )
- حسنا دفنة .. ربما معك حق في امر واحد هو ان الوقت ليس بصالحنا ان اردنا الاستفادة من المعلومة الوحيدة التي نمتلكها الان من السجين .. فلا اعتقد ان فريق امجد سيتمكن من متابعة الامر من منتصفه بشكل سريع كما انني اعلم انك بريئة ولكن نتائج التحقيق ستستغرق بعض الوقت لذا سنمسك العصا من المنتصف كي لا نخالف القوانين بشكل واضح .
كلمات بامير الواثقة جعلتها تعقد حاجبيها بشك متسائل ( ماللذي تعنيه ؟ كيف نمسكها من المنتصف ) تنهد بامير بعمق مشيرا اليها ان تجلس وهو يعقب سؤالها بجوابه ( سابعدك عن رئاسة فريقك لتمسك نائبتك سيدا المنصب بشكل ظاهري فقط على ان تعملي معهم وكانك واحدة منهم ولكن فعليا فانت ستكونين القائدة بينهم وهكذا ستظل القضية بين ايدي فريقك وتحت تصرفك دون ان تكوني المسؤلة المباشرة الى ان تنتهي التحقيقات وهذا قرار نهائي ) ولوح باصبعه امامها بشكل تأكيدي.
ارتسمت ابتسامة دفنة المترقبة وهي تحرك راسها موافقة فلا يهمها ان تكون قائدة لان فريقها دوما ما يعمل كيد واحدة دون فروق بينهم وابتدأت بالتحرك بحماس قائلة بامتنان ( اشكرك بامير .. حقا اشكرك على هذا واعدك ان نحصل على طرف خيط اخر في اقرب وقت ) كانت قد وصلت الى الباب عندما قاطعها صوت بامير الحازم وهو يقول بلهجة لا تقبل النقاش ( سنتعشى الليلة سويا دفنة في مطعم الجوهرة فضعي هذا بحسبانك ولن اقبل برفضك هذه المرة فحجتك بانك لست معتادة علي ولا تعرفي الكثير عني لذلك طلبتي وقتا لنتعارف قبل ان توافقي على طلب زواجي يجب ان تبطل وبما انك لن تبادري لتعرف علي كما يبدو اذن يجب ان افرض نفسي عليك وان لا اقبل الاعتراض ).
حاولت دفنة رسم ابتسامة مشرقة على وجهها لتخفي ضيقها من طلبه وهي تجيبه ( بالطبع سأذهب .. من قال اني سارفض ولكن لن نتاخر عن ساعة حضرة المقدم لان ورائي الكثير من الاعمال فرئيسي ينتظر مني دليل قاطع خلال ثلاثة ايام وانت لن تقبل ان افشل امامه ) وغمزته بمشاكسة قابلتها ضحكته الهادئة وهو يراقبها تغادر وقلبه يخفق بعنف في اثرها .. انه يحبها .. بل يعشقها .. الا انه يعلم انها كالفراشة .. كلما حاول محاصرتها طارت من يده واتجهت الى النار مهددة باحراق نفسها .. لذا .. يجب عليه ان يتأنى هذه المرة في تعامله معها ليحصل عليها .
________
نفثت دفنة انفاسها بغضب جامح وهي تضرب على اللوح الخشبي امامها واللذي ثبت به العديد من القصاصات الورقية والصور مشيرة الى الدائرة التي انتصفت هذا اللوح كالشمس الخارجة باشعة مرتبطة بكل التشعبات التي ملأته قائلة بنفاذ صبر لفريقها ( كيف يعني.. كيف لا نستطيع ان نربط بين ذلك الاحمق وكل هذه المباريات تجرى في نفس اليوم ..من كان يتوقع انه في يوم الرابع والعشرين من هذا الشهر تقام ست مباريات مختلفة بعدة مجالات والاهم انه ولا واحدة استطعنا ان نربطها بالقتيل لنصل للمافيا )
-دفنة ترأفي بنفسك يا فتاة .. ان تلك المعلومات التي نملكها غير كافية بتاتا .. مجرد ثلاث كلمات .. التسليم في المبارة يوم الرابع والعشرين من الشهر هي كل ما نملكه .. انه حتى لم يحدد وقتا او طريقة او مجرد توضيح لنا عن ماهية التسليم .. اقسم انني تعبت ( تحدثت سيدا وهي تفرك عينيها بارهاق ممسدة رقبتها بألم الا انها انتفضت بعنف مع صوت دفنة الشبيه بالصراخ وهي تعود للاشارة للكلمة المنتصفية (المبارة ) والتي خطت باللون الاحمر مسببة اتساع حدقتي سيدا لمعرفتها مزاج صديقتها المتفجر )
- هل تعبت سيدا ؟ .. ربما يجب ان تفكري بتسليم شارتك فنحن دخلنا هنا لنعمل لا لنأخذ اجازة .. لم يبق من المهلة سوى يوم واحد وغدا هو الرابع والعشرين ويجب ان نكشف الصلة مهما حدث فكفي عن التقاعس سيدا ( كانت قسوة دفنة جنونية الا انها لم تتمكن من مراعاة احد فداخلها يغلي وبوادر فشلها تلوح امامها كما ان تعبها المتراكم وعدم نومها لثمان واربعين ساعة وملاحقة بامير المزعجة لها بحجة تعريفها على نفسه وعدم مقدرتها على صده كي لا تحزنه كل هذا تكالب عليها ليثير كل اعصابها .. رأت نظرة سيدا المعاتبة وهي تنفي تعبها بخجل آلم دفنة لانها تثق ان سيدا لم تكن تستحق منها هذا الانفجار .. تنهدت بعمق متجهة الى سيدا لتحاول الاعتذار الا ان اقتحام ايسو عضو فريقها الثالث لمكتبها اوقفها وهي تسمعه يصرخ باثارة عنيفة بانه وجدها وفي يده ورقة الصقها عند كلمة المبارة ولهثاته ترتفع مشيرا اليها بحماس جعل دفنة تسأله بحذر مراقب (ماللذي وجدتها )
اشار ايسو الى الورقة ثم الى سردار اللذي لحقه الى الداخل وبيده شاب تعرفت انه ابن صاحب الكافتيريا التي يتعاملون معها قائلا بعد ان اشار لسردار ان يخرج الشاب قليلا ( انت تعلمين سليم .. للتو رايت معه هذا الاعلان وهو يحادث احد اصدقائه مشيرا اليه قائلا بالحرف الواحد ان مبارة الغد ستجمع الفهد الاسود بطل الملاكمة الحرة مع نظيره ايتان الروسي بمباراة بلا قوانين ولا اعراف سوى الضرب حتى الاستسلام او الاصابة الى حد الموت وبانه حصل على تذكرته بصعوبة من السوق السوداء بمبلغ 3000 الالف ليرة وعندما سالته عن هذه المباريات التي اسمع عنها للمرة الاولى اخبرني بصعوبة طبعا وبعد استجواب طويل وتهديد لطيف بانها مباريات شبه قانونية لا تستطيع الحكومة منعها لان اثرياء البلد ووجهائه وحتى بعض الوزراء يدعمونها ويراهنون عليها وهي تتم مرة كل شهرين بتاريخ مختلف ومكان سري يتم تبادله في الاسبوع الاخير من موعد المبارة ولا يتم دعوة سوى من هم اعضاء بنادي الملاكمة الحرة او المهتمين بها ويتم التدقيق بمن يحضرها كما يمنع التصوير او تسريب اي مقطع منها خارج المكان على الانترنت ولكن الملفت للنظر في كل هذا ان الشركة الرسمية الراعية لهذه المبارايات هي شركة الفا )
عقدت دفنة حاجبيها وكمية المعلومات التي سمعتها تتخبط بزوايا عقلها وقد ارتفع الامل بداخلها قبل ان تصرخ بحماس مشيرة الى احد الاسهم التي كانت مرسومة على اللوح قائلة ( انها الشركة التي عمل بها المسجون قبل ثلاث سنوات من الان كحارس امن لمدة اربعة اعوام سابقة قبل ان يطرد لسبب مجهول وبعدها تجول بوظائف عديدة غير ثابتة .. ياللهي .. انها شركة الحراسات والاقفال وتصنيع الاسلحة المسؤولة عن كل ما يتم امداد الشرطة والجيش به من ادوات )
-اجل .. وهذا يبدو كخلية ابعد ما يكون عن كونها مصادفة بحتة لذا اعتقد ان هذه المبارة هي ما قصده المسجون وبان هذه الشركة يحدث فيها الكثير على ما يبدو ( تحدث سردار عضو فريقها الرابع بهدوء بعد ان دخل الى المكتب )
-اين سليم .. ياللهي ان ما يحدث.. اوووف هل يمكن ان يكون.. او..ولكن ان هذه الشركة وخاصة قسم الحراسات والاسلحة اللذي يمددنا بما يلزمنا يتم مراقبته بشكل دوري ومباشر فكيف برايكم يكون متصل بالمافيا و.. ( تحدثت دفنة بتلعثم مرتبك وعقلها ينطلق مفكرا بعدة اتجاهات )
قاطعتها سيدا بحماس قائلة ( ان ما يخضع للرقابة هو قسم الاسلحة والاقفال ولكنها اساسا شركة كبيرة جدا تحوي العديد من الاقسام والصناعات .. فغالب صناعات الامان والفولاذ تنتج منها مثل المصاعد والقضبان وفولاذ النوافذ الحامي للمنازل واسوارها والعديد وكل هذا لا يخضع للرقابة )
ازدرت دفنة لعابها وقلبها ينتفض بعنف محاولة التفكير بخطة تؤكد ما توصلو اليه واعين فريقها تراقبها منتظرين قرارها .. قالت بصوت حذر وهي تقف لتنظر مرة اخرى للوح ( يبدو انه ليس امامنا سوى هذا الخيط لنتبعه فلا حل اخر يظهر بالافق وهذه فرصتنا الاخيرة .. سردار .. اين سليم .. يجب ان يدلنا على المكان اللذي اشترى منه التذكرة لنحصل على تذاكر تدخلنا الى الداخل .. سنكون انا وسردار في المباراة لنراقب الاجواء وسيدا وايسو في الخارج ليوافونا بكامل الاحداث .. لا اعتقد اننا سنمسك بصفقة ومع ذلك يجب ان نتاكد ان كانت هذه الاجواء الملائمة لعقد صفقات خاصة بالمخدرات ..اما الان .. حاولو جمع كامل المعلومات عن شركة الفا وعن هذه المباريات ريثما اتحدث انا مع سليم واحاول استجوابه والحصول على افضل طريقة للتسلل الى الداخل .) ..انهت كلماتها متحركة الى الخارج مع سردار بينما انكب كل من ايسو وسيدا على حواسبهم الالية لاستخراج المعلومات التي طلبتها .
___
نظر سليم حوله بتوتر كبير جعل دفنة تبتسم وهي تضع يدها على ظهره مطمئنة اياه بهمستها الهادئة ( مابك متوتر .. انك تجذب الانظار بحركاتك وكانك تخفي قنبلة .. اهدئ واستمتع ولا تهتم بأي امر اخر وتابع المبارة وكأني حقا صديقتك التي فاجأتها بعيد ميلادها بهذه التذكرة الهدية .. لا تقلق لن اغامر واقوم بأي شيء انا هنا فقط للمراقبة والبحث لذا .. ارجوك لا تقم بفوضى بارتباكك ) سمعت تنهيدته المستلمة فحاولت الهاء تفكيره بسؤاله ( حسنا .. من المتبارزين تحديدا ومن تشجع فيهم ) سؤالها اشعل حماس الشاب الصغير وهو يجيبها ( بالطبع اشجع الفهد الاسود .. ملك الملاكمة الحرة لاربع سنوات متتالية .. اتعلمين لما يسمونه بهذا الاسم .. لانه مثل الفهد يظل يلتف حول فريسته بكل هدوء حتى يتعبها ويوترها ويجعلها تفقد تركيزها ثم ينقض انقضاضة خاطفة ومميتة .. وهذا ما سترينه في الجولات الاولى للمصارعة .. سيكون في موضع الدفاع وسيكتفي يصد هجوم خصمه ودراسة حركاته .. وعندما يتوصل لنقطة ضعف خصمه ينقض عليها بسرعة خاطفة مسبب انهياره بين يديه ) حاولت دفنة تخيل هذا المصارع كرجل طويل ضخم منفوخ العضلات متدلي الشوارب واللحيه فارتعشت باشمئزاز جعلها تحرك رأسها نافضة الصورة التي تكونت ثم سألت بخفوت ( وهل هذا عمله.. هل هو ملاكم ) جابهها صمت سليم مع انطفاء اضواء الحلبة وعلو الاجراس المعلنة عن وصول اللاعبين ..ثواني فصلتها وقلبها ينتفض باثارة مع تشجيع الجمهور العالي ..لحظات مرت قبل دخول رجلين كل من احد جوانب الحلبة المتضادة .. احدهما تغطى بروب احمر اما الاخر فقد اتشح بالسواد دون ان تظهر ملامحه المختفية بقبعة الروب.. سمعت سليم يهتف مشجعا الرجل بالزي الاسود فادركت انه الفهد الاسود ..راقبته وهو يرتقى درجات الحلبة برشاقة ويقفز من بين حبالها الى منتصفها قبل ان يزيح قبعته رافعا يديه ليحي الجمهور اللذي علا صراخه المجنون .. صراخ غفلت عنه تماما وهي تتشنج ما ان رأت هوية الملاكم ..تلك الملامح التي من المستحيل ان تنساها ولو بعد مليون عام .. انه من بحثت عنه طويلا حتى يئست .. تمتمت بصدمة مرتجفة وبحروف بالكاد ظهرت معالمها ( انه.. هو..انه..هو ) كانت ترددها كتميمة خائفة من ان تستفيق على انه حلم .. راقبته بنهم وهو يستعد لخوض غمار المبارة وعقلها يتذكر اخر مرة رأته فيها وودعها .. كلماته التي مثلت لها قانون اتخذته كمبدئ في حياتها .. دون وعي غرق عقلها في تلك اللحظات متناسية كل الصخب حولها وعيناها تحيطان عمر ابليكجي بكل دقة وتفصيل ..اجل.. انه عمر ابليكجي وهذا ما يعلنه صوت المذيع في تقديمه للاعبين ليؤكد ما هي متأكدة منه.. غاب الجميع من امامها وصوت عمر الواثق المطمئمن يتزلزل في نفسها لتشرد في ذلك اليوم .. يوم جنازة والدها .. ذلك اليوم المشؤوم اللذي اعلن فيه رئيس جهاز الشرطة عثوره على بعض الادلة التي تدين والدها وتتهمه بكونه جاسوس يسرب المعلومات للمافيا وبان قتله كان على يد هذه المافيا بسبب خلافهم .. ذلك اليوم اللذي لن تنساه واعين الجميع ترمقها بشفقة وهي تصرخ بان هذا مستحيل ..كل الاعين حولها اخافتها واحزنتها الا عينيه التي وجدت فيهما مرفأ امانها .. هربت من مكانها لتحجز نفسها في مكتب والدها بعد ان صرخت بانهيار امامهم بانهم يخرفون وبان والدها من المستحيل ان يخون عمله اللذي قدم حياته كتضحية له .. لم تعلم كيف لحق بها .. كيف اقتحم عزلتها .. وكيف وجدت نفسها في احضانه تبكي اب لا تستطيع اثبات براءته بعد ان قتل غدرا..رائحته..نبضات قلبه الهادرة..انفاسه..همساته المهدئة..وعشقها اللامتناهي .. تظافرو عليها ليسلوبها مقاومتها..ارتخت في احضانه متشبثة بالحياة بين تلابيب قميصه..عاتبته بتمتمتها ( لما لم تدافع عنه..انت تعلم انهم كاذبون..اللعنة انه والدك ايضا ) اضافت الجملة الاخيرة بعد ان ضربته بقبضتها الضعيفة على صدره قبل ان تستقر يدها برقة بين حنايا عضلاته المتيبسة .. سمعت اجابته الخافتة لها ( الست واثقة من انه بريء..الست متاكدة بان الظاهر دوما يخالف حقيقة الامور ) رفعت راسها تبحث عن معنى كلماته في عمق عيناها وهي تتمتم ( ان هذا شعار والدي..دوما ما قال لي انه عندما احتار فعلي ان اثق بحدسي واكذب الدليل حتى اجد ما يضحده ويقلبه ويظهر حقيقته..انا واثقة من براءته..ولكن الاناس في الخارج لا يصدقون من عرفوه نزيها طوال عمرهم ) ابتسم بهدوء واثق وكفه تحتضن وجهها بدفء حطم جليد قلبها المرعوب ( اذن ثقتك هي الخطوة الاولى نحو النجاح..اخرجي اليهم براسك المرفوع.. اياك ان ينالو منك او يهزو كيانك.. لا تسمحي للشفقة ان تظهر في عيونهم واقلبيها لاعجاب بشجاعتك..تقبلي العزاء منهم وان تظاهرو باشمئزازهم من حقيقة والدك حتى وان شتموه امامك فلا تردي .. فالمدافع هو الشخص اللذي يشك ببراءته اما البريء فلا يدافع بل يجعل من حوله يدافعون عنه لثقتهم فيه..استمري بحياتك بقوة ودون بادرة ضعف او حتى محاولة شرح عن والدك فكل ما ستقولينه هم يعرفوه وينكروه بجهلهم..وانتظري ..فحقيقة الخديعة ستظهر قريبا..اقسم لك ان تجديها تصدح في الارجاء في يوم ستستيقظين على ضجيجها..لتري نظرات الذهول والخزي في نفس العيون التي شمتت بك .. وتتلقي عزاءك بفخر يليق بوالدك .. لا اريد منك شيء سوى الاستمرار بحياتك كما اراد والدك فهكذا تثبتين نجاحه في تربيتك..اما الباقي..فاتركيه علي..فهذا واجبي وديني نحوه..هل تثقين بي وتعديني ) دون شعور .. دون تردد .. دون ثانية من التفكير .. رددت بايمان عميق ( اثق بك..واعدك ) وكيف لا تعفل ووالدها دوما ما اخبرها انه عندما تخذلها كل الدنيا وتدير لها ظهرها فالشخص الوحيد اللذي عليها ان تثق به بعده هو .. عمر .. اجل .. انه هو من كرر لها والدها مرارا وتكرارا انه المسؤول عنها بعده وان عليها ان تطيعه بلا تفكير فهو ابنه اللذي لم ينجبه ولكنه رباه بصبر واناة حتى غدا نسخة منه.. ولكن هذا الابن..هذا الحبيب تقهقر حالما سمع وعدها تاركا اياها .. سالته بلا حول ولا قوة الى اين يذهب وكيف تقابله .. رجته بضعف الا يتركها لوحدها ليس الان..فهي لا تستطيع العيش بدونه ولكنه نظر اليها بغموض حزين قائلا ( انه الفراق دفنة..قدرنا ..هذا اخر لقاء بيننا .. لا يجب ان تبحثي او تسالي عني .. فقط ثقي اني ساجلب حق والدك ولكن بعدها لا تحاولي العثور علي لقد انتهى كل شيء بيننا وتلك الروابط التي ربطتنا انقطعت بموت والدك لأن لكل شيء ثمن .. وثمن براءة والدك هي فراقنا..يجب ان تكوني قوية لتحلقي وحدك وانا واثق انك ستتمكنين من هذا .. اتمنى لك السعادة كاملة وارجوك..لا تحاولي ثني عما انويه ولا تراجعيني بقرار فراقنا فهو نهائي ان اردت المحافظة على حياتي ) وغادر تاركا اياها بذهول وهي تشعر ان كل سند لها في هذه الحياة انتهى في تلك اللحظة..فوالدهاوعمر تركاها لوحدها في هذه الدنيا..في البدء لم تصدق انه لن يظهر وسيتركها..ظلت تبحث بصمت عنه بين الوجوه.. التزمت نصيحته واخفت مشاعرها بجليد لتظهر قوتها..نفذ وعده بعد سنة .. استيقظت على الفضيحة التي زلزلت مركز الشرطة مع اكتشاف تورط مدير المخفر مع المافيا وتلفيقه التهم لعناصره ومن ضمنهم والدها .. عادت كرامتها في تلك الايام واعتذر لها الكثيرون ولكن .. بقي هو يحتل ذهنها لانه الوحيد الذي سيشاركها فرحتها.. لم يظهر ايضا مما قطع قلبها الما..التزمت بكل نصائحه لها الا عدم البحث عنه لانها ببساطة لم تستطع .. ولكن..فشلت..لم تعلم سوى انه ترك سلك الشرطة بعد اسبوع من مقتل والدها.. ومهما بحثت عنه اصتدمت بحاجز الغموض..ظل خوفها على حياته ملازما لها متذكرة انه فارقها ليحمي نفسه من الموت كما اخبرها ..وحتى بعد مرور عشر سنوات من ذلك التاريخ بقي دوما لديها امل ان تراه .. ترى مالك عرش قلبها وبطلها الاسطوري اللذي توجته كقدوة امتلك روحها وصديق خلوتها في كل حين حتى غدا خياله كظلها مزروع في داخلها النابض بذكرياتها العامرة معه .. انتفضت مع جرس بداية المبارة وراته وهو يتقافز امامها برشاقة .. لقد ازداد قوة وجمالا كما يبدو .. تعلقت عيناها به بجوع مراقبة ادق تفاصيله .. انتفضت بالم عنيف عندما تلقى احدى اللكمات لتتبعها انتفاضة اخرى مع لكمة اخرى .. شعرت بطعم الملح على شفاهها واستغربت رطوبة وجهها لتكتشف انها دموعها .. كانت ترتجف بعنف وسؤال لعين يتشكل امامها .. لما هو هنا .. كيف وصل الى هنا .. كيف اجتمع الفهد الاسود بعمر ابليكجي ليكونو شخصا واحدا .. وكان القدر لم يشأ ان يحرمها الاجابة لتأتي لها على طبق من ذهب .. ارتفع صوت سيدا في السماعة التي تضعها بداخل اذنها بشكل خفي ( دفنة .. لقد بعث سردار لنا صور اللاعبين وبعض الشخصيات الحاضرة .. حصلنا على معلومات مهمة عن كل شخصية .. ولكن..) قاطعتها دفنة بلهفة متسائلة ( الفهد الأسود .. عمر ابليكجي..الشرطي السابق .. و ..) سمعت شهقة سيدا التي قاطعت كلماتها المبعثرة الخافتة لتقول بصوت تشبع اثارة ( كيف عرفتي دفنة..اجل انه عضو الشرطة السابق وفتى الفا الذهبي ومدير قسم الاجهزة الامنية والاقفال بالشركة..انه القسم اللذي يتعامل معنا..ربما هكذا توصلت الشركة لعقد غالب صفقاتها وحصلت على احتكار صناعاتنا الفولاذية..فيبدو ان عمر هو حلقة الوصل بيننا..ذلك الفتى الداهية اللذي عرف سابقا بانه عبقري الاقفال..فلم يوجد قفل يصمد امامه ليصبح هو نفسه صانع الاقفال العبقرية..دفنة ان الفهد الاسود هذا هو واجهة الفا المشرفة..لو رأيت المعلومات التي حصلت عليها..اتعلمين ان الاقفال التي يصنعها بنفسه هي الاقوى والامكن هذا دون ذكر ان اي قفل يستعصى على الشرطة او يودون ان يختبرو قوته فانهم يستعينون به لحل لغز هذا القفل وليس فقط هنا ولكنه عالميا مصنف على انه الرابع في مهارة فك الاقفال و ) كانت انفاس دفنة تتعالى وهدير اذنيها يطغى على صوت سيدا ومنظر عمر وهو يتلقى لكمة تسببت بظهور خط احمر على وجهه يلون دنياها وتلك المعلومات التي تسمعها تتردد بين تلافيف دماغها ..صرخت بلاوعي (انتبه) لتسمع صمتا طغى على صديقتها..وكأن صرختها كانت جرس انطلاق الفهد .. بثواني انقلبت الكفة بعنف..هجمات سريعة ولكمات خاطفة انهالت بتتابع على الخصم الروسي من كل حدب حتى سقط صريعا ووجهه مغطى بدماء ويديه تمسك جانبه المكدوم..علا الصراخ من حولها بجنون وصوت سيدا الهامس يردد بذهول ( ياللهي ..هل رايت ما فعل..ان سردار ينقل لنا المبارة ..كيف.ك..) لم تسمع..لم تعي..لم تفهم..وغابت عن الجميع وعينيها تركزان على عيني فهدها..ولكن..ارتجفت بعنف اكبر وهي ترى تلك النظرة الدموية المتوحشة..تلك العينان التي اختلفت عن عيني عمر ابلكجي اللذي تعرفه..نظرات استوطنها الشر..الجمود..الاجرام..والعن ف المطلق بوحشية مرعبة.. نظرات اعاد تساؤلها المجنون ..كيف وصل عمر الى هنا..من هذا.. وكيف يكون الفهد الاسود بكل اجرامه هو نفسه عمر ابلكجي ؟
____
انتقلت نظرات دفنة بتوتر في تلك الحجرة الخاصة بمطعم الفاروق حيث من المفترض ان تتناول الطعام مع الفهد او بمصطلح اخر مع ..آمر ابلاكجي ..الاسم اللذي يعرف به في شركة الفا..لذا لم تجده..فاسم عمر احتفى ليحل محله اسمه بالنطق الانجليزي.. اسبوع كامل مر منذ ان رأته في تلك الحلبة .. اسبوع قضته باجتماعات سرية ودراسات ليخلصو في النهاية الى ضرورة وجود عنصر في شركة الفا يراقب سير العمل عن كثب فكل معلوماتهم عنها غامضة.. اختاروها هي بعد ان انهو عملها بشعبة المخدرات ظاهريا كعقاب لما حدث معها ونقلوها الى قسم العلاقات العامة حيث عليهم ان يدرسو الية صناعة الاقفال والتأكد من امانها بما انها ستورد لقسم الشرطة..كانت هذه حجة دخولها للشركة..الحجة التي ستواجه بها عمر ..تثق انه سيوافق فهو شرطي سابق وسيسعى لاكتشاف اي خلل..الا انه رغم عظم ثقتها به كانت المعلومات التي وصلتهم عنه غير مطمئنة مما جعل بامير يؤكد عليها عدم البوح بحقيقة مهمتها لأي شخص مهما كان الأمر او الشخص .. حتى فريقها وصله امر بنقلها كعقاب وتم احالة قيادة الفريق الى سيدا .. كل تلك الاجراءات كانت ضرورية ليتم اخفاء اي سبب لتسللها .. بالطبع استخدم بامير كل صلاحياته مع مدير فرعهم بالشرطة لأخذ موعد مع عمر ابلكجي لتتمكن من شرح طبيعة مهمتها الخادعة له .. واليوم تحديدا هو الوقت اللذي استطاع تفريغه لها .. ساعة اثناء تناوله الغذاء .. كل ما كانت تنتظره بكفة وشوقها لرؤيته وردة فعله عندما يعرفها بكفة اخرى .. وقفت سريعا حالما شعرت بالجلبة عند باب الحجرة قبل ان ينفتح بابها ليدلف الى المكان..تعلقت عيناها به بشكل تلقائي وروحها ترفرف بشوق صاحبه خفقات قلبها الملهوفةالطائرة فرحة..ثانية فصلتها قبل ان تقابل فولاذ عيناه القاسي ..بادلها نظرتها بنظرة ارعبتها بشكل غريب..نظرة فهد حبيس ينتظر الاشارة ليفتك بضحاياه .. بلا ارادة منها انتفض جسدها بعنف وعيناه تقيمانها ببرود زاد جليده مع ملامح وجهه القاتلة..انحبست انفاسها للحظة بل للحظات فصدرها أن بألم مع حرمانه من الهواء .. رأته يشير لها لتجلس مع صوته اللذي تعشقه اذناها بنبرة سكبت الجليد في عروقها ( تفضلي .. اهلا بك ) وجلس مقابلها بكل شموخ ينتظر امتثالها لأمره .. ارادت الجلوس .. ارادت الهروب .. تشتت كل ردات فعلها وشلت كل اطرافها بصراع فتك بين عقلها وقلبها وما تراه عيناها .. لم تتحكم بذاتها وهي تتساءل بخفوت ( ألم تعرفني .. ايعقل ان تكون قد نسيتني ) راقبت ردة فعله بعينين تائقتين لاشارة واحدة منه تكذب بها كل الادلة الحاضرة ولكن .. لا شيء .. واجهتها عيناه كغابة عاصفة ازدادت عمقا وبرودة و ..وحشية انطلقت من عقالها وحاجباه يرتفعان وكلماته تتلكأ بحروفها (انسة توبال .. تفضلي لنناقش سبب مجيئك فلا وقت لخرافات الماضي .. امامك خمسون دقيقة لتفصحي عن سبب الاجتماع .. اعتقد انه لاوقت للحديث الشخصي اليس كذلك ) وابتدأ بتناول الطعام اللذي وضعه النادل امامه متجاهلا اياها بشكل كامل .. ارادت ان تفك جمودها وتركض اليه لتهزه بعنف قبل ان ترتمي باحضانه لتبثه شوقها ولكن .. قدماها الرخوتان لم تحملاها فانهارت جالسة وهي تنتفض غير مصدقة ما يجري .. هل يعقل ان يكون من امامها هو نفسه عمر اللذي شاركته غالب اسرار مراهقتها واستمعت لنصائحه دوما بلا تردد .. غاب صوتها بعيدا وهربت كلماتها في الافق وقد نسيت كل شيء الا مظهر عمر الغامض وهو يتناول الطعام امامها .. لم تعلم كم بقيت محدقة بكل تفاصيله بنهم حائر قبل ان تسمع صوته الثلجي ( ان كنت انتهيت من تفقدي فارجو ان تتكلمي فلم يبق من وقتك الكثير.. وان لم تتكلمي خلال دقيقتين سآمر باخراجك من هنا ) .. كلماته صعقتها وحركت لسانها باستسلام جعلها تقول ( لقد تغيرت .. من انت حقا ؟ ) لثانية ظنت انه لم يسمعها .. رغبة عارمة بالبكاء اجتاحتها .. الا ان دموعها تجمدت في مقلتيها مع نظرة عيناه العنيفة التي رمقها بها وصوته الهامس كالفحيح ( ليس هذا نوع الكلام اللذي انتظره الان دفنة .. ربما من الافضل ان تغادري وتعودي لنسياني كما اتفقنا و .. ) قاطعته برجاء عنيف منتفض( لم انسك ابدا .. لقد بحثت عنك و .. )..( دفنة.. كفى ) كلمتان .. كلمتان نطقهما بنبرة شلت اطرافها وجمدت دماءها في عروقها .. كلمتان صاحبتهما نظرة وحشية اخافتها بعمق وتسببت بانتفاض فؤادها برعب تشعر به للمرة الاولى في حياتها في حضرته .. كلمتان اعلنتا عدم استعداده لخوض غمار الماضي مهما كان الثمن .. كلمتان اصدر فيهما حكم بالقطيعة بينهما علمت انها لو استمرت لانهى ايضا كل شيء .. حاولت بكل قوتها التمسك بالواقع ومجهود سنة كاملة يلوح بالافق امامها.. سنة قضتها تلاحق هذه القضية بكل قوتها .. سيطر عليها حدسها المهني وطغى على روحها صميمية عملها .. لم تعلم كيف استجمعت نفسها الا ان زفرة حانقة صدرت من عمر جعلها تقول بشكل فوري وقد لبست قناعها الجليدي اللذي علمها هو كيف تستخدمه ( سيد امر ابلاكجي ..جهاز الشرطة يحتاج لوجود احد عناصره عندك في الشركة لمدة شهر ) كلمات حفظتها وان لم تكن حقيقية..رأت نظرة الحذر التي علت صفحة وجهه وهو يسالها باقتضاب شرس ( اوضحي ) انتفضت خفية من زمجرته ولكنها عادت للتماسك وهي تقول بمهنية وقد لغت قلبها من المعادلة واوهمت روحها انها تحادث شخص اخر غير عمر ( جهاز الشرطة عانى في الفترة السابقة من عدة خروقات في اجهزة الحماية لذا قمنا بفتح تحقيق نتج عنه خلاصة اهمها وجوب مراقبة مصدر الاقفال للتأكد من سرية المعلومات فعلى ما يبدو هناك تسريب للمعلومات يجب ان يتم تحديد مصدره .. لذا نحتاج الى عميل متخفي عندكم للتاكد من سرية المصناعية للاقفال ) مرت لحظات صمت عانت فيها دفنة من التدقيق المباشر لعيني عمر التي غدتا كصقر يتابع فريسته الا انها صمدت ببرود عجائبي يخفي حقيقة اضطراب روحها ..مرت تلك اللحظات كدهر عليها .. كما مرت كدهر عليه ... انها هنا .. بشحمها ولحمها .. بكيانها وروحها اللذان عذباه طويلا .. انها هنا بكل بهائها كأنثى تختفي امامها كل النساء .. عشر سنوات مرت وهو ينساها ويتعايش مع فكرة فراقها .. عشر سنوات ظن فيها انه نجح .. عاشر نساء اخريات واقام علاقات متنوعة فهو لم يكن قديسا ولم يرد ان يكون فقد ركز جل اهتمامه ليلغيها من حياته .. ويال سخرية القدر اللذي صفعه بقوة ساخرة .. مجرد ظهورها امامه انساه كل ما تعلمه وكل ما قام به من تغيرات في شخصيته ليتلاءم مع منصبه الجديد .. لثوان كاد ان يضعف ويخترق اهم حواجز امانه ليغمرها بعناق تاق له كل جسده .. احتاج لكل ارادته ليتماسك امامها ويخفي داخله مظهرا جموده الثلجي الشرس اللذي اعتاد عليه .. ولكن .. ارتجاف صوتها تسلل عميقا ليمس شغاف قلب نسي وجوده طوال هذه السنوات .. لمعة دموعها كادت تقضي على اخر معاقل سيطرته وهو ينوي الغاء الموعد ليهرب من رجاءها المتوسل اليه ليعلن معرفته بها.. لثانية كاد ان يفشل الا ان نظرة واحدة لخيال رجاله المتوقفين بالخارج اعاده لواقعه .. لقد غير قدره لمرة بسببها .. ولا يجب ان يجعلها السبب في تغيره للمرة الثانية .. عندما زفر بضيق ورفع عينيه تفاجئ بانقلاب حالها .. وكانها اصبحت جثة بلا روح .. طلبها اصابه بالصميم واجراس حذره ترتفع .. عدم معقولية كلمتها جعله يتساءل بفضول اخفاه بين طيات جليد صوته الساخر ( ولما اعطيكم اسرار صناعة تجلب المليارات لي .. اتعين ما تطلبينه .. ان هذه هي اسرار شركتي .. كيف ساساندكم وابيع مصدر اموالي ) رأى انعقاد حاجبيها ولمح خيبة املها وعيناها الزمرديتين يرمقانه .. كانت في صدمة من رده جعلها تسأله باستنكار ( كنت اظن ان ولاءك الأول لبلدك وجهاز شرطتك ) قاطعها بضحكته الهازئة ( انت بالتأكيد لست جادة .. لتصحيح معلوماتك المغلوطة فانا تركت الشرطة منذ زمن واعمل لدى شركة الفا وولائي الوحيد لها لذا ) وقف لينهي هذا الحوار اللذي طال اكثر من اللازم في نظره وبدأ يفقده اعصابه .. ثقتها وهي تطالب بولائه استفزته ليستمع الى سؤالها الخافت ( لماذا ) .. للحظات اراد تجاهلها فهذا التصرف هو ما يناسب ما اعتاد عليه كآمر ابلاكجي ولكن .. نظرة عيناها المجروحة جعلته يقول بقسوة ( اعذريني ان لم احمل ذكريات جيدة لولائي للشرطة فكما اذكر فهم اكثر من خاب املي فيهم والمفترض ان تكوني اكثر من يتفهم هذا ام نسيت ما حدث لوالدك وكيف في لحظة باعه الجميع .. بالنسبة لي فحاليا جهاز الشرطة لا يعدو كونه احد زبائني وانت .. تطلبين مني اطلاعك على اسراري مما سيسبب قطعا فقدان هذا الزبون .. لذا اعذريني فطلبك مرفوض .. فرصة سعيدة مقابلتك ) وتحرك خارجا الا انها اوقفته بصوتها المهتز وقلبها اللذي المه كلماته ( من هذه الناحية فلا تقلق فما يهمنا هو العاملون لديك وليس اسرار صناعتك .. انا سأعمل لديك وتحت اشرافك لمدة شهر ساتعرف من خلاله على عمالك وسادرسهم لأعلم ان كان احدهم هو مصدر هذا التسريب ) منطقية كلماتها اثارت حنقه وهو يستشف منها انها هي من ستعمل لديه وهذا في نظره من اقوى الاسباب ليرفض .. سالها بلا مواربة ( وما اللذي ساستفيده من كل هذا ) وهنا كان دورها لتبتسم امامه بثقة قائلة ( بل ستستفيد .. فالادارة تنتظر تقريري وان جابهتني بالرفض فساضطر لرفع تقرير مفاده ان شركتكم لا توفر الحماية الضرورية وان اقفالها عرضة للاختراق الامني وهذا كفيل بفسخ العقد بيننا والبحث عن شركات اخرى .. لذا بغض النظر عن ولاءك لأي جهة ينتمي يبدو ان كلانا سيستفيد من وجودي لكشف مصدر تسرب المعلومات ) .. لم تعلم من اين جاءتها القوة لتجابهه بهذه الكلمات .. كل ما تعلمه ان سخريته على جهاز الشرطة اللذي دخلته هي فقط بسببه مخالفة كل احلامها قد استنفرتها .. توقعت توتره او ارتباكه ولكن .. جابهتها ابتسامة شرسة ونظرة متسلية مع نبرة ثلجية واثقة ( حقا .. هل اسمع نبرة تهديدية في صوتك .. هل انت واثقة حقا من مقدرتك على فسخ العقد .. يبدو انك لا تعرفين الكثير من الامور يا صغيرتي و .. ) قاطعته بحدة مفاجئة ( لا تقل صغيرتي فانت طلبت ان ننسى الماضي اللذي جمعنا ) هاله للحظات تكسر صوتها المجروح وحدة فعلها السريعة فصمت ليراقب صراع مشاعرها المرتسم على ملامحها .. تنحنح محاولا كسر الصمت اللذي ساد بينهما وذكريات مشتتة تتطاير في الهواء بينهما .. سمعها تقول بخفوت مرتجف ( انا صغيرة عمر ابلكجي فقط .. مدللته .. مجنونته كل هذه الالقاب من حقه فقط) كلماتها هزته بعمق وهو يرى عمق تأثرها اللذي لم يدركه حتى هذه اللحظة .. عقد حاجبيه وهو يسمعها تقول بعد ان عادت لثبات صوتها بطريقة لمعت لها عيناه اعجابا ( معك حق .. هناك الكثير مما لا أعرفه ولكن .. ما اعلمه ان الادارة منزعجة حقا من الاختراقات وتنوي ايجاد حل جذري لها لذا .. حتى وان كنت واثق من عقدك الحالي .. ماذا عن عقدك للسنة القادمة ..فكما تعلم الرصاصة التي لا تصيب صوتها يثير الجلبة .. ومع وجود صحافة مثل صحافتنا.. لن اخبرك عن نتائج ما سيكون عليه صيت تقريري ) انهت كلامها بثقة اكبر بعد ان رأت ارتفاع حاجبيه ولمعة الاعجاب التي لم يتمكن من اخفاءها وهذا ما شجعها لتضيف ( كل ما ساطلبه منك هو وجودي في الشركة ومراقبة عمالك .. وانا مستعدة لتوقيع اي ضمانات لتضمن حقوق اسرارك الصناعية وعدم تسربها من خلالي ) .. تنهدت بعمق بعد ان استخدمت كل اسلحتها وانتظرت رده بتحفز .. للحظات رأته يستغرق بتفكير عميق وعيناه تعيدان تفحصها .. ظنت انها تمكنت من اخضاعه بالمنطق الخاص بها ولكن ما تفاجأت به هو تلك الابتسامة العابثة وتصفيقة يديه الهازئة قبل اشارته لها لتغادر المكان دون اي رد منه .. تسارعت انفاسها وهي تفهم ايحاءه الضمني بان تستمر بمخطتها كما تحب وبانه لن يتعاون معها .. رأت تحديه السافر لها وعيناه اللتان اظلمتا بوحشية غريبة بعد ان لاحظت تحفز عضلاته وكانه ينتظر ردة فعلها .. قضمت شفاهها بقوة وقلبها يعلن تمرده على عقلها الشاتم لقسوته .. هل يمكن ان يكون هذا عمر .. انه يتعمد اشعارها بعجزها ..والان ماذا .. اخفضت عيناها بانهزام حائر لا تدرك ماهية التصرف الصحيح .. انها تحتاجه وتعلم انها لن تتمكن من تنفيذ تهديدها له .. هل ينتظر منها ان تترجاه .. ان تتوسل مساعدته او تصرح له بحقيقة المهمة وببحثهم عن اعضاء المافيا في شركته .. نفضت راسها لتبعد هذه الفكرة فمن امامها بعيد الان عن ثقتها لتخبره بعمليتها .. عم السكون المكان حتى ظنت انه غادرها فرفعت عينيها بثبات استمدته من كونها على حق لتصطدم بعينيه .. شهقت بخفوت وهي ترى وحشية نظرته لها وتحفزه لردها كالفهد المنتظر نقاط ضعف فريسته .. الفهد .. اجل .. هو فهد كما سمعت ويستلذ برؤية عذاب خصمه ليستنبط نقاط ضعفه .. بحدس كونه لديها طبيعة عملها ابتسمت بهدوء وعقدت يديها على صدرها بثقة كمن يمتلك كل خيوط النجاح وبادلته نظراته بقوة هامسة ( يبدو اننا اخطأنا في بداية تعارفنا فما كان يجب علي تهديدك .. اعتذر عن وقحاتي واتمنى ان تقبل هدتني .. اما الان ربما يجب ان تستشير رؤساؤك بما لدي من عرض لكم ) تعمدت خفض حصونها لتهدئ روح التحدي التي اطلقت وحشيته على ما يبدو وفضلت المهادنة لتبتعد عن روح الفهد اللذي يمتاز بها كما تعمدت تذكيره بوجود من هو اعلى منه واللذي من الممكن ان تلتجئ له بعرض مغري سيوافق عليه .. كانت ارتجافاتها الداخلية تزداد مع تمحيصه ونظراته المتمعنة لادق تفاصيلها .. وكأنه يعريها .. خانتها قوتها لثانية ليتولى قلبها الانتفاض وروحها تتذكر دفء يداه حولها .. تلك النظرة التي سبرت اغوارها وقلبت كيانها بعمق .. اللعنة انه عمر .. انه من لم تعلم من عشق الرجال الا هو .. هربت بعيناها منه ودموعها السخيفة تطرق اجفانها المرفرفة .. سمعت تنهيدته وهمسته الامرة لها ( اهدئي .. كنت تبلين جيدا فاستمري ) كانت تمتمته كزمجرة خافتة شكت انها سمعتها الا ان رجوعه ليجلس مقابل لها اعطاها الذريعة لتنهار مرة اخرى على كرسيها محاولة السيطرة على اعصابها .. لم تتمكن من الهرب اكثر وبحثت عيناها عن عيناه بتلقائية كما كانت تفعل دائما لتستمد قوتها .. جابهها بعنف نظراته المحذرة التي اخافتها وسمعت تمتمة رسمت حروف كلمة عنيدة على شفتيه وان لم تنطقها صراحة .. اجل هي عنيدة .. فكر عمر بعمق وروحه تنتفض بضعف كرهه من نفسه .. ضعف خضع لرعشة اجفانها المحاربة كصمودها امامه .. صمود لم يعهده بمن هم اقوى منها من الرجال ومدراء الشركات .. لقد حفزت غريزته المقاتلة المتحدية الا انها بالمقابل حفزت غريزة حمايتها التي ظن انه نسيها .. حار بما يفعله معها ولكن كان واثقا من رفضه وجودها حوله فهو لا يود ان يخوض حربا مستمرة مع نفسه ليسيطر عليها طوال فترة تواجدها .. بدت تهديداتها سخيفة امام حجم المعلومات المهول اللذي يعلمه والذي يمنحه الثقة بخطواته وبتلك العقود .. ربما تهديدها بالصحافة اثر قليلا الا انه واثق بان هذا اخر شيء سيلتجئون له .. يبدو انها لا تعلم حجم فساد جهاز الشرطة من حولها لذا تباهت بنزاهته ..راقب محاولتها للسيطرة على ارتجافها فقبض على كفه بقوة ليمنعها من الامتداد لمواستها .. اللعنة عمر هل ستفقد كل ما بنيته لاجل لحظة ضعف .. وقف مرة اخرى يود انهاء هذا الاضطراب اللذي ساده فيكفي حتى الان شعوره العارم بالضعف من ناحيتها .. رأى عيناها المتسائلتان .. اراد ان يخبرها بلطف ان تنسى كل شيء وتهرب عن هذه الشركة لتنفذ بجلدها .. قست عيناه بعنف مسيطر مخضع وهو يقول ( ربما .. يجب عليك ان تنسي كل شيء و اعدك ان اتحقق بنفسي من موظفيني و ) وقفت بتهور لتمسك ذراعه قائلة بنبرة تمازج فيها الامل بالرجاء والتحدي الصارخ بالضعف الانثوي ( يجب ان اكون هناك .. صدقني لن اجعلك تندم ) توقف الزمن بينهما للحظة وهدير عيناه يقابل عاصفة عيناها بشرارات تقافزت بينهما لتتضاعف مع لمسة يدها على عضده المتحفز بعضلاته المتوثبة .. لثانية انفرجت شفاهها ورقت عيناها وروحها ترضخ لبطلها اللذي احتل دوما قلبها لم تعلم لما وكيف وماذا جعلها تقترب منه اكثر متمتمة بخفوت غادر مع انفاسها الاهثة كهمسات ذائبة ( اشكرك .. لأنك برأت والدي كما وعدت ) لقد قالتها اخيرا .. قالت ما انتظرت عشر سنين لتقوله .. ارادت ان تشعر (بعمر) حاميها في تلك اللحظات .. ارادت ان تسمعه يعدها بأن كل شيء سيكون بخير كما اعتاد في مراهقتها وشبابها .. رأت قسوة نظراته المخيفة التي جذبتاها لعنف مشاعر بدائية انطلقت من معاقل عيناه .. مشاعر غريبة استولت عليه ليبدو متوثبا حارقا كبركان على وشك الانفجار .. بركان احاط نفسه بجليد مرعب شل حركتها فلا هي استطاعت التراجع ولا استطاعت الغوص اكثر في اعصار روحه اللذي عصف بها .. لحظات قذفتهما في عالم حيث لا يوجد سواهما فيه .. انتشلهما من حرب العواطف رنين رسالة وصلت لعمر جعلته ينتفض مبعدا يدها بقوة وملتفتا عنها ليعطي نفسه مساحة كي يسيطر على ذاته .. سمعت هدير انفاسه المتعالي قبل ان يتناول هاتفه ويقرأ رسالته .. كانت لا تزال تحت تأثير صدمتها من تلك المواجهة التي استنفذتها .. سمعت لعنته الغاضبة وشعرت بتلاحق زفراته لتتاكد انه تلقى اكثر اخباره ازعاجا .. راقبت عيناه وهي تعيد نظراتها الى الهاتف وكانه يتأكد مما ورد به مع انعقاد حاجبيه المخيف .. اجل يجب ان يتأكد فما يقرأه هو حكم اعدام للجميع .. تكررت لعناته الداخلية والغضب يسيطير عليه اكثر .. كان يريد ان يحميها الا انها سقطت في الفخ برعونة لتهدد حياتها بجنون .. تلك الحياة التي دفع ثمنها غاليا ..ولا زال يدفع .. تمنى لو انه انهى اللقاء ورفض بشكل قاطع قبل ان يأتيه هذا الامر بضرورة موافقته على عملها عنده ومسايرتها كما تحب .. ارتجف قلبه بحنق خائف مدركا هول ما ينتظرها فيبدو انه تم اختيارها كطعم لجذب الانظار والتضحية بها .. نفس سيناريو والدها .. نفس الخطوات وهذه المرة بشكل مزدوج من الطرفين ..الشرطة وبالتأكيد ستتبعها المافيا .. والادهى ان هذه المرة حياته معلقة بخديعتها كي لا يفقد المنصب والتقدم اللذي وصل له بعد عشرة اعوام من العمل الحقير .. شعر بالتوثب والاختناق واحساس غادر بالخيانة يسيطر على كيانه بطعم الصدأ المر في فمه فليس امامه خيار سوى ان يخذلها .. وبعنف وقسوة هو واثق انه سيحطمها .. التفت باتجاهها ورأى حذرها الخائف يسطر قسماتها .. رق قلبه وان قست عيناه بجمود نافس الفولاذ برودة .. غمغم بنبرة حازمة امتلأت بحنقه ( غدا .. الساعة التاسعة .. ستحضرين الى مكتبي لتستلمي عملك كمساعدة لي .. ستكونين تحت اشرافي المباشر في كل خطوة ) واتجه بخطوات قوية توقفت عند الباب لينهزم امام غضبه الحزين وهو يتمتم بقهر خافت ( لما .. لما دفنة اكملت طريقك في سلك الشرطة .. الم يكن حلمك ان تكوني صحافية .. لما تركت كل هذا وانجررت وراء ذلك المستنقع اللذي ابتلع والدك ) تفاجأت بسؤاله قبل حتى خروجها من صدمة موافقته السريعة والحازمة على عملها معه .. اجابت بلا وعي ( لأن كل من احبهم كانو من الشرطة .. لذا اردت ان اكمل طريقكم علي التقي بك .. فقد كنت انت ووالدي قدوتي ) تلكأت حروفها على شفاهها وهي ترى انتفاضة عمر الخفيفة التي اصابته قبل ان يعود لجموده حتى ظنت انها توهم نفسها ... مرت لحظات وهو يوليها ظهرها ويقف بسكون غريب عند الباب ويده على مقبضه .. سكون خافت ان تخرقه لشعورها بلفحات حرارة غضبه المنبعثة منه .. سمعت تنهيدته الثلجية القصيرة وهو يقول من بين لفحاتها ( ليتك لم تفعلي .. حسنا .. سانتظرك غدا .. ولكن .. ما ان اخرج من هذا الباب سننسى كل ماضينا المشترك .. ولن يجمعنا بعد الان سوى العمل ... الى اللقاء ) وخرج كاعصار امام انظارها الذاهلة وكلماته تصيبها بصميم قلبها بجروح تأكدت صعوبة اندمالها ... اذن .. هل ثمن مهمتها ان تنسى عمر ابلكجي حبيب مراهقتها وبطلها المنقذ .. هل هي قادرة على دفع هذا الثمن .. ضمت يديها الى جسدها وانهارت جالسة لتسمح واخيرا لدموعها بالانهمار ناعية عشق كان في فترة من الفترات يتملك كل خلاياها ويسيطر عليها حتى جعلها تزهد بكل الرجال الا هو .
انتهى الفصل الاول

روابط الفصول

الفصل الأول.... اعلاه
الفصل الثاني.... في الأسفل
الفصل الثالث
الفصل الرابع الاخير










التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 30-07-17 الساعة 10:39 AM
حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-17, 08:08 PM   #2

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

https://youtu.be/R4gjalboftA

حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-17, 08:54 PM   #3

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...

للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك الاطلاع على موضوع تعدد العضويات فهو مهم جداً
https://www.rewity.com/forum/t291277.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

وارجو منك الاحتفاظ بهذه الصفحة وتنزيل مشاركات الفصول فيها...


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 21-07-17, 10:44 AM   #4

همسات ملائكية
 
الصورة الرمزية همسات ملائكية

? العضوٌ??? » 378897
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,197
?  نُقآطِيْ » همسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond reputeهمسات ملائكية has a reputation beyond repute
افتراضي

روايه من بدايتها تحبس الانفاس

اكييييييييد راح اكون من المتابعين بكل شغف لفصولها واحداثها المشوقه

دفنه وعمر وبامير ..ياترى شراح يصير وياهم

موفقه قلب

اموووووواه


همسات ملائكية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-17, 12:01 PM   #5

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

يسلمو يا عمري كتير فىحتيني

حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-17, 12:37 PM   #6

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي لا تلوميني (الفصل الثاني ) معدل

لا تلوميني
الفصل الثاني
شباك العنكبوت
فركت دفنة وجهها بكفها بتعب ونظرت الى ساعة معصمها لتنتبه الى انها بقيت منكبة على العمل لست ساعات متواصلة .. زفرت انفاسها المجهدة وهي تمط عضلاتها المتيبسة من طول الجلوس ونظرت برضى الى الملفات المبعثرة حولها في غرفة معيشتها والى كراسة مذكراتها التي امتلأت بملاحظاتها وكلها تحت عنوان واحد ... معلومات عن موظفي شركة الفا القسم الأمني .. كانت هذه المذكرة هي خلاصة ما توصلت اليه من عمل دؤوب وبحث مستمر عن كل المعلومات التي وجدتها موفرة عن هؤلاء الموظفين .. طلبات توظيفهم وشهاداتهم ... مواقعهم للتواصل الاجتماعي .. بياناتهم المسجلة عند الموارد البشرية .. تاميناتهم الطبية .. معلوماتهم الامنية والتزاماتهم المالية للبنوك .. عائلاتهم واحجامها واعدادها .. كانت تحاول رسم صورة كاملة عن ذلك المجتمع اللذي ستنضم له غدا .. وقفت متأوهة وقد تيبست قدمها وتوقف الدم عن السريان بها فحاولت فردها وتحريكها وهي تعرج عليها حتى استندت على الجدار فلاحظت سقوط الامطار من نافذتها .. تقدمت بسعادة طفولية اليها وفتحتها لتتنشق رائحة الهواء الممتلئ بقطرات الماء الندية .. شعرت برذاذ بارد غمر وجهها مرسلا رعشات لذيذة الى جسدها المنهك .. اتسعت ابتسامتها وتحركت يدها بتلقائية الى سلسلتها الطويلة المعلقة على رقبتها وامسكت بالحلقتين المتدليتين منها مخرجة اياهم من داخل صدرها حيث اعتادت ان تضعهما بالقرب من قلبها .. كانا حلقتين فضيتين رقيقتين ولامعتين ضمتهما بلهفة لتشعر ببرودة معدنهما في كفها متنهدة وقلبها ينتفض بذكريات تعمدت الحفاظ عليها طوال تلك السنوات بعناد غريب ورغبة بتعذيب ذاتها التي كانت تشعر بذنب منذ ذلك اليوم اللذي تركها فيه عمر وعلمت انه استغنى عن كل شيء فقط ليثبت براءة والدها .. كانت دوما مشاعرها نحو عمر غريبة لم تجد لها اي تفسير .. كانت مشاعر تتمازج بين الانبهار به كقدوة كاملة لها .. الامتنان له .. الثقة المطلقة والاعتماد الكلي عليه .. والاعجاب الانثوي المراهق مع رغبة التملك الكاملة التي كانت تشعر بها نحوه .. فلقد كان عمرها كما اعتادت ان تناديه في تلك الايام .. عندما تركها تجلدت بقوة مستعينة بكلماته وقد كانت واثقة من عودته اليها فكلاهما لم يكونا يستطيعا الابتعاد عن بعضهما .. انتظرته بثقة كبيرة ولهفة وايمان ابتدأ يهتز مع مرور العام تلو العام لتدرك انه نسيها حقا وتركها .. شعورها بالنقص في حكايتهما وبالنقص في حبهما اللذي لم يتبرعم ولم يكتمل جعلها تتمسك به بعنف اكبر متهمة نفسها بالخيانة ان فكرت بغيره والادهى انها جعلته كمثال تقتدي به حتى انها دخلت الشرطة من اجله وتفوقت لانها انتظرت الاطراء الدائم منه .. بعد نضوجها ويأسها من قدومه حاولت التعرف على غيره الا انها فشلت بالاستمرار بعلاقة لانها كانت تقع تحت طائلة المقارنة مع عمر لتوجد مئة عيب برفيقها .. ربما اكثر شخص اعطته فرصة هو بامير لاقتراب حزمه من اسلوب عمر الصارم الحنون معها .. ابتسمت بلا ارادة وهي تتذكر طبيعة تعامله معها .. كان كابيها وكامها وكصديقها وكحبيبها وكاتم اسرارها وملهمها .. قبله كانت تشعر بالوحدة والضياع ومعه وجدت وطن لروحها التائقة للرفقة كما وجد هو فيها ملجأ لعائلة حرم منها فكانت هي عائلته مع ابيها .. ( عندما تبكين ..اتذكر خضرة الاشجار العاصفة بذرات المطر العالقة ) هذه كانت كلماته لها كلما راى دموعها او سمع صوت نشيجها على الهاتف عندما كانت تشكو له امها وزوجها .. غرقت اكثر بذكرياتها ويدها تضغط بقوة اكبر على الحلقتين وعادت بروحها لأول يوم سمعت فيه صوت عمر وتعرفت عليه .. كانت في الرابعة عشر وقد تشاجرت مع والدتها بقوة .. اتصلت بوالدها وهي تبكي لترجوه ان يأخذها لتعيش عنده..بعد ثلاث محاولات لم تلقى رد على الهاتف وفي المرة الرابعة سمعت صوتا غريبا يجيبها بلهفة ليخبرها ان والدها متعب قليلا لذا هو نائم ..و منه علمت انه يسكن مع والدها وبانه يدرس في كلية الشرطة وبان والدها مسؤول عنه .. شعرت وقتها بالغيرة والحنق لانه يستولي على اهتمام والدها الا ان اهتمامه بها وتغاضيه عن ردودها الوقحة ومحاولته ان يسمع شكواها ويحلها لها جذبا انتباهها..ومنذ ذلك الوقت اصبح هو مخزن همومها وافراحها واصبحت تحادثه طوال اليوم وتستشيره بادق تفاصيل حياتها المتبعثرة .. ارتاحت في كلامها معه وفي شعورها بالانتماء والرفقة بعدما كانت تشعر بالضياع والوحدة بين والديها المطلقين من ناحية وحياتها مع والدتها وزوجها الجديد وابنها اللذي اخذ جل وقتها واهتمامها مهملة بذلك دفنة وفي نفس الوقت والدها المشغول دوما بعمله رغم محاولته التفرغ لها على قدر استطاعته .. ومن هنا كانت محبتها لعمر بالعمق اللذي تخلل الى مسامها فغدا كظلها او كنفسها وعرف عنها ادق ادق تفاصيلها ليكون هو حبها الاول بكل ما تحمله الكلمة رغم صغر عمرها..تنهدت بعمق وروحها تأن وقد ارتسمت امامها صورة آمر ابلاكجي كما راته اليوم بكل قسوته وهيبته .. في اللحظة التي غاصت فيها بذكرى نظرة عيناه المتوحشة ارتجفت والبرودة تتسلل الى جسدها بعمق مع شعور بالخوف يتملكها والترقب لما هي مقدمة عليه .. يبدو انها ستعتمد على نفسها ولن تنتظر منه اي مساعدة ورغم حزمها في هذا مع تأكيده لنسيانه الماضي وكلمته التي ايقظت مارد كبريائها الا انها شعرت بالضعف والخنوع بلا ارادة وروحها تتصارع غير مصدقة ان اسطورتها التي تعشقها قد انتهت بلا رجعة .. ودون سيطرة اختلطت دموعها الغادرة مع قطرات المطر المثلجة لتغسل روحها في تحديها الصامت لتطوي مشاعرها التي يرفضها ويقذفها في وجهها .. وعدت نفسها الا تبكي بعد هذا كي تتمكن من التعامل بواقعية مع مهمتها الجديدة .. اقفلت النافذة بعنف واتجهت باصرار الى حجرتها مزيلة بقايا اثار دموعها لتستعد ليوم غدها الحاسم .
دخل عمر الى مكتبه بوجل غير ظاهر وامنية غبية تلاحقه بالا يراها في المكتب وان تكون قد تراجعت عن كل شيء رغم تاكده ان ذلك من سابع المستحيلات فهو يعرف عنادها جيدا .. بل هو واثق بانها ستجبره ليطيح بها في الفخ اللذي ابتدأو تنفيذ اولى مراحله البارحة بموافقتها على العمل عنده في وكر الافاعي .. اما مشكلته الاساسية فكانت بمحاولة اعادة الاتزان لروحه بعد ان ظن انه نسيها لتهاجمه في اليوم السابق مطيحة بكل ما تدرب عليه من برودة اعصاب.. لقد تقبل منذ زمن بعيد انها ليست له ولن تكون وتخلا عنها لانه يعلم انها ستكون افضل حالا بعيدا عنه ليحافظ على حياتها .. كانت معادلة سهلة الا انها شديدة التعقيد .. نسيانها والابتعاد او البقاء ليرى جثتها كما راى والدها .. واختار حياتها مضحيا بذاته .. زفر انفاسه بحنق اكبر وهو يرى كل تضحيته تذهب هباءا .. منذ اليوم السابق وهو يبحث عن خطة تخرجها بأقل الخسائر خاصة بعدما علم ان ما قالته هو واجهة كاذبة وبان حقيقة عملها تتلخص في البحث في امر المخدرات وهذا سيزيد مهمته صعوبة فهو يعلم المافيا التي يعمل معها وكيف انها لا ترحم احدا وعقابها لاي خطأ هو الموت .. عاد ليزفر انفاسه بحنق اكبر بعد ان لمح كيانها الاصهب قبل دخوله لمكتب سكرتيرته اللذي يسبق مكتبه .. رسم قناع الصرامة وخطا بثقة الى الداخل دون ان يعرها ادنى اهتمام .. اكمل طريقه الى داخل مكتبه بعد ان القى تحية مقتضبة عليها وعلى سكرتيرته التي هرولت خلفه بعد ان حملت ملفاتها بيدها واشارت لدفنة لتلحقها .. دخلت الى المكتب خلفه وحنقها يتزايد بسبب تجاهله ومع ذلك اخفت مشاعرها بمهارة خلف صورتها الواثقة بطقمها الكلاسيكي وشعرها المرفوع باناقة ووجها المزدان ببساطة لتكمل هيأتها بنظارة عملية اخفت عينيها خلف زجاجها العاكس ... سمعته وهو يتحدث مع سكرتيرته التي املت جدوله عليه ولاحظت انه استمر بتجاهلها بوقاحة لذا تسلحت بكبرياءها ورسمت ابتسامتها الواثقة مركزة انظارها على نقطة خلفه .. اما عمر فلاحظ شرودها وعدم اهتمامها بتصرفه فزاده ذلك حنقا سيطر عليه بعنجهيته قبل ان يوجه لها سؤال وقد تظاهر بمراجعة ملف امامه ( حسنا .. هل انت مستعدة لتقومي معي بجولة تعريفية للشركة ) للحظة لم تجب فرفع عيناه نحوها ليراها تراقبه باهتمام جعله يعقد حاجبيه مع ابتسامتها الواثقة وهي ترد ( بالطبع يشرفني ذلك ) .. كانت تتعمد اثبات وجودها فليست هي من يتم تجاهلها مهما كان ذلك الدور اللذي يمثله .. رأته يقف ببطء ناظرا اليها بسخرية غريبة ويقين كامل وقد مد ذراعه لتتقدمه متمتما بحركة شفاهه دون صوت ( واحدة لك ).. كلمته جعلتها تنتفض .. كانت كوعيد لها بتحدي اخر .. شعرت بترقب خائف مع اثارة غبية وهي ترد تحديه بنظرتها الحارقة قبل ان تشيح عنه بحجة تحركها امامه الا انها كانت تهرب من حدة نظراته التي تغلغلت اليها بعمق وكانه يكشف كل مكنوناتها .. اقترب منها حتى جاورها ثم سبقها بخطوتين .. كتمت انفاسها وعيناها تنجذبان الى قوته الظاهرة اسفل ملابسه وعضلاته النافرة وحركته الشبهية بفهد برشاقتها وسطوتها .. لم يكن يوما هكذا بهذه الهيبة والاجلال وهذا العنفوان والجبروت .. تذكرت كيف تغزلت في السابق بجسده الرياضي فاحمر خجلا ونهرها متهما اياها بالانحراف وهو يضحك بسعادة وفخر لانه يعجبها .. كلمات لو قيلت لمن يشاهده اليوم فسيتهمها بالجنون فمن امامها هو مثال للاغواء الذكوري المغرور اللذي يدرك جيدا كيف يستخدمه على الجميع وكيف يتقبل الغزل باحترافية ويبادله باحترافية اكبر .. شعور غريب من الغضب ومض في قلبها مع تخيلها لنظرات النساء الهائمة به .. وكأن القدر اراد ان يحقق كوابيسها فتمثل الهيام امامها واضحا في ملامح موظفاته في قسم العلاقات العامة حيث كانت وجهتهم الاولى .. عرفها على انها مساعدته وقدم الموجودون بالقسم قبل ان يسمع تقرير سير العمل .. وقع نظره عليها بتلقائية عندما لاحظ صمتها فرأى احمرار وجهها وتركيزها على المذكرة التي في يدها وكأن فيها سر نجاة العالم .. لثانية نسي نفسه وهو يهيم بملامحها الناضجة كما لم تكن سابقا .. كانت جميلة في السابق ولكنها الان تربعت على عرش الفتنة ورغم مظهرها الكلاسيكي الصارم قفز جمالها كلوحة مكتملة لتبدو انثى متفتحة مغرية ... سمع صوت موظفته يساله عن رايه فنفض راسه بقوة ليعيد بارتباك اهتمامه لما يقال له وعقله يؤنب قلبه على ضعف لا يجب ان يسمح به مهما كلف الامر .. رغم استنكاره الداخلي على غيرتها من الموظفات دون ان تثق انها تفوق نساء الكون روعة تفاجئ بنفسه وهو يغضب ايضا من نظرات موظفيه الرجال التي كادت ان تلتهمها .. تلك النظرات المسلطة عليها وترته .. ثم رأها تنظر اليه وكانها تنتظر منه شيئا او تبحث عن شيء .. هرب بعينيه عن عينيها الملهوفتين وهو يفطن لحقيقة مرة كاد ان يتجاهلها .. انها تبحث عن غيرته التي لا يجب باي حال ان تصيبه فلقد انتهى ولن ينفع ابدا عودته الى الوراء .. شعوره بالاختناق يجب ان يوأد في مكانه ولا يظهر عليه اي ضعف .. لا يجب ان يغرق ابدا بلجة مشاعره خاصة وهو يعرف ان مصير اي عاطفة بينهما الى الزوال فما ينتوي القيام به سيتسبب بكسرها بطريقة لن تكرهه فقط عليها ولكن ستحقد عليه بجنون .. ابعد تفكيره بحزم عن تأثيرها وصب اهتمامه في عمله محاولا منحها كم هائل من المعلومات لتتوه فيه ولا تعلم من اين تبدأ ..نفذ ما يريده بكفاءة فبعد ساعة ونصف رأى نظراتها الضائعة بعد ان انهى جولته الاستكشافية وكأن ما رأته لم يكن في حسبانها .. اشار لها لتتبعه الى المصعد ولكنها كانت غارقة بين طيات مذكرتها الغريبة تسجل فيها بسرعة نسبية عاقدة حاجبيها وقد ضمت فمها بتلقائية كما كانت تفعل سابقا ..مظهرها الضائع تسلل بغدر الى فؤاده مسببا خفقات متتالية مزعجة وذكرى طعم تلك الشفاه يعود بقوة لخلايا جسمه..اراد الخروج من دائرة سحرها قبل ان يغرق اكثر فقال بسرعة ( دفنة احسبي لي تكلفة ثمانين حافظة ستصلنا مجزأة ولكن سيتم تقسيمهم الى حافظات اسطوانية بعدد خمس وعشرين وحافظات بيضاوية الشكل بعدد عشر اما المربعة بعدد خمسة عشر والمستطيلة بعدد ثلاثين والمثلثة بعدد عشر وليكن تجميع الحافظات المثلثة والبيضاوية بانبابيب حلزونية بنفس التكلفة الفرعية اما المربعة والمستطيلة فستكون انابيبهم مستقيمة والاسطوانية بانابيب منحنية ذات تكلفة منخفضة ثم قسمي المتساوي منهم لمجموعات واخرجي لي الفروق مع حساب تكفلة الاستيراد المختلفة لكل عنصر ومراعاة الية الصنع .. تستطيعين الاستعانة بالجدول اللذي اعطاه لك صادق للتو كما انه لا يجب ان تزيد سعر الحافظة بالمجمل عن عشرين دولار والا غيري بنوعية الانابيب او الاشكال ) انهى كلامه السريع ورفع عينيه اليها ليتفاجئ بنظرتها المذهولة المرتبكة وتمتمتها المنهارة ( ماذا ) لثانية رفع حاجبيه قبل ان يتماسك بصعوبة والضحك يتفاعل من داخله حتى اضطر ان يضع يده على فمه مستمتعا بتعليقها الحانق ( انت .. انت تعلم نقطة ضعفي ومع ذلك تتعمد فعل هذا و .. ياللهي هل حقا ما قلته يتم حسابه اصلا ) شهق محاولا التقاط انفاسه قائلا بنبرة ارتجت من الضحك ( لا يمكن ..هل لازلت تعانين من مسائل الرياضيات ) كان يتكلم وهما يمشيان باتجاه مكتبه وحانت منه التفاتة ليرى انفجار وجهها الاحمر خجلا لترد بشكل سريع ( اعذرني فاستاذي كان يتفنن في اذلالي بمسائله الصعبة ) رفع كفه رافضا ( ارجوك لم تبقى طريقة لم اتخذها لاعلمك ولكن حقا مخك سميك ) شهقت مشيرة الى صدرها ( اناااا .. انا مخي سميك .. ارجوك .. اتعلم اني الاولى على دفعتي بالكلية ) كان قد فتح باب مكتبه ولكنه عاد والتفت اليها لينظر لها من راسها حتى اخمص قدميها قبل ان يحرك راسه بشك قائلا بنبرة مستفزة ( انت ... انت الاولى .. يبدو انك كنت ترشينهم .. هيا دفنة فكلانا يعلم مستواك الدراسي وصعوبة تركيزك في الحفظ ) وغمزها ليستفزها اكثر .. تسارعت انفاسها وابتدأت بالانفجار بصوت عالي ( أنت .... ) ولكنها توقفت شاهقة بصمت عندما التحمت عيناها بعيني عمر العابثتين بضحك افتقدته طويلا جدا .. مظهره المشاكس العابث اعادها عشرة اعوام للخلف تاركا اياها منتفضة كورقة في مهب ريح .. لاحظ سكوتها فنظر اليها متسائلا قبل ان يدرك من احمرار وجهها تاثرها بمشاكسته .. تنحنح معتدلا في جلوسه على مكتبه بعد ان انتبه لتناسيه كل شيء وانجراره لشخصه القديم .. تكلم بهدوء بارد ( حسنا دفنة ساوكل المهمة لنادية اما الان فارجو ان تساعديها باعمالها على قدر استطاعتك كي لا يشك احد بك .. وارجو ان تطلبي منها ان تبعث لي بموقع الاجتماع التالي ) ..اخفض راسه شاغلا نفسه بالملف امامه .. نظرت الى راسه المحني لثوان غير مصدقة ما حدث للتو.. كان قلبها يتراقص بجنون .. كم اشتاقت له .. لاحظت تراجعه وعودته لذاته الا ان شيطانها لم يتركه .. عبثت بهاتفها لترى موقع اجتماعه قائلة ( ستأخذ الشارع الرابع ثم ستمر على النفق الثاني اللذي يقابلك لتتجه بعدها جنوبا حتى اول مفترق وبعدها ستتخذ الجانب الشرقي عندما يقابلك الدوار ستختار يمنك ثم جنوبك وبعد ثاني اشارة ستتجه شمالا لتجد مطعم تولارودو حيث يقام الاجتماع ) انهت كلامها ناظرة ببراءة مخفية ضحكها الجنوني لملامح الذهول التي خطت وجه عمر فاضافت بمشاكسة ( هل .. تحب ان اعيد ) هتف بشكل فوري ( انتظري .. انا .. مم..لم لم تقولي مطعم تولارودو وانتهى او .. هل هذا حقا هو الوصف الصحيح .. او ماهي الاحداثي... انتتتتت ... تردين الصاع لي ) رفعت اكتافها بشيطنة مجيبة ( احاول ان اذكرك بانني لست الوحيدة التي تملك مخ سميك فهناك شخص اعرفه لديه مشكلة في تحديد الاتجاهات حتى ليكاد يخلط يمينه عن شماله عندما يكون مشغول البال .. هل تعرفه يا ترى ) سؤالها البريء قابله نظرة هادرة بين السخط والضحك .. رأته يقف ببطء ويقترب منها .. بدأت بالتراجع دون ان تخفض عينيها مصرة على مقابلة تحديه بتحدي اكبر وشفتيها تزينها ابتسامتها العابثة .. سمعته يتمتم بخفوت ( أنت تذكرين ما فعلته لتحعليني ادرك يميني عن شمالي ) رفرفرت بعينيها رافضة محاولته اخجالها لترد عليه بتحد اكبر ( ان أردت اكررها ) تساءل بتأكيد مستفز منبهر وهو يرفع يده بينهما ( تكررينها .. هنا .. والان .. وبهذه الجرأة ..و ... اااخ يامجنونة ) كانت قد خطفت يده بسرعة لتعضها كما اعتادت ولكنه لم يمهلها ففي ثوان كانت تتوسد الارض معلقة على ذراعه ومستندة على ركبته متشبثة بقميصه بخوف كي لا تقع وقد احكمت يده القبض على فكها .. تلاحقت انفاسها من ملامحه الوحشية وضربات قلبه الهادرة اسفل يديها المذعورتين .. لم تعلم كيف عاجلها وفاجأها وهي التي اعتادت رد الهجمات الخاطفة .. راته يقترب منها حتى كاد وجهه يلاصق وججها واندمجت لهثاتها مع انفاسه الثلجية المعاكسة لنظرة عيناه النارية المخيفة .. قال بحروف تلكأت وكانها تلمسها ( لا أحد يلمسني دون اذني ..وأنت لست استثناء ) ازدرت لعابها وجسدها الخائن يسلم مقاليده بارتخاء لذيذ يعاكس كرامتها المجروحة ..ارادت ان تضربه..تتركه..تنفض نفسها عنه وتبتعد وتتكلم عن نأيها ورفضها هي لمسه.. ارادت الكثير ولكن ردة فعلها الوحيدة كانت حجرشتها الخافتة ( بل انا ... استثناء ) عقد حاجبيه بتحدي متسائل ( حق... ) لم يكمل كلمته التي احتوتها بشفتيها بقبلة رقيقة بسيطة قبل ان تبتعد عنه .. لهثت ناظرة الى ذهوله مظهرة قوة لتخفي ارتجافها المجنون .. كان تصرفها نابع من غريزتها في التعامل معه ..هجمت على نقطة ضعفه في اوج ظنونه بالقوة لتكتسحه بمشاعر تعلم انها نائمة بصدره مهما عارض .. همست بخفوت مواجهة فوهتي عيناه المحترقتين ( انا دفنة التي اخبرتها يوما انك ملكها .. فمهما ابتعدت ستظل هكذا حتى لو افترقنا او تزوجت او تظاهرت بعلاقة .. في ذلك اليوم اعطيتني صك ملكيتك ولم اتنازل عنه منذ ذلك الوقت لذا .. حاول منعي ان استطعت ) اجابها بفحيح وقح ملصقا وجبهته بجبهتها ( او احاول استغلالك ثم رميك كخرقة بالية ) ابتسمت بثقة عجيبة ( لن تقدر .. فكلانا منغرس بمسام الاخر .. كالترياق او السم .. اختر ايهما كما تريد ) هزئ بها ويده تشتد بعنف حولها ( لقد حذرتك .. يمكنني طلب استبدالك ) ضاقت عيناها لتخفي جرحها ( وهل ستتركني بعد ان اعلنت مسؤوليتك عني بكل صفاقة ) غرست اصابعها بشعره مقربة شفاهها التائقة برعونة الى شفاهه حتى لم يكد يفصل بينهما شعرة ( هل انت جبان ضع.. ) لم تكمل وعمر يصمتها بشفاهه بطريقة عقابية همجية المتها بلحظات قبل ان تجد نفسها تقف حرة وقد ابتعد عنها ملوحا باصبعه بتحذير ( انت لست مسؤوليتي .. لقد انتهيت منك .. اعتبري ما حدث تحذيري الاخير لك لاني لن اقبل بهذا منك ) اجابته بهدوء لاهث ( كما تريد .. لنرى عمر ) وغادرت المكان بهدوء سريع متوجهة الى الحمام قبل ان تنهار ما ان اقفلت بابها عليه ودموعها تسيل كوديان ناعية انفاس احتبست في صدرها المنتفض .. كانت تعلم انها ان بقيت بهذا الضعف فستفسد كل شيء .
مر الاسبوع الأول وكلا عمر ودفنة يحاولان تجنب الاحتكاك المباشر سويا .. خصوصا عمر اللذي تقلد قناع البرود اللامبالي بعد تلك المواجهة التي انب نفسه فيها بعنف .. كيف سمح لها بخلخلة كل نوياه فتناسى كل ما عاهد نفسه به .. مجرد حديثه معها ارجعه لتلك الايام الفردوسية التي عاش فيها وكانت هي ووالدها عائلته الوحيدة .. ايام انتشلته من الوحدة لتلقي به في احضان مراهقة ثائرة تعرف على ادق اسرارها وشاركها غالب لحظات يومها .. مهما ظن انه ابتعد او نسي فان قلبه الخائن لازال يهفو لها حتى لو قدم نفسه قربانا لعشق عينيها .. ولكن المشكلة هنا لا تطاله فحسب .. فاي ضعف من ناحيته سيهدم كل شيء وسيعرضها لخطر مدقع يحاول الان قدر استطاعته دفعها عنه لبلاء اخف مصيبة ليحافظ على حياتها ان استطاع .. رغم تجاهله الكامل لها الا انه لم يغفل عن مراقبتها لثانية دون ان يشعر احد بهذا .. وقف في الحياد ولم يساعدها رغم نظراتها المستنجدة له والتي اختار ان يصدها ليجدها تلجأ لغيره ممن ساعدها في عملها كما اعتقد .. كانت تجلس معه بشكل يومي كلما سنحت لها الفرصة وقد راى بحث عينيها الدؤوب عنه .. اكرم .. موظف المشتريات عنده واللذي التصق بها منذ اول يوم .. انه يعلم جيدا من هو اكرم ويدرك تماما ما يفعله معها ولكن لم يكن بيده حيلة لينبهها دون ان يلفت الانظار واعتمد على حنكتها في الاستنتاج متمنيا ان تتخذ جانب الحذر منه بالطبع لا يستطيع ان ينكر بان شعور بالغيرة والغدر ملأ فؤاده رغم كل سنوات فراقهما .. عندما كانت بعيدة عنه لم يحاول التفكير بما تقوم به او مع من واستثناها من خياله مكتفيا بكونها بخير ومغرقا نفسه بالعمل .. ولكن الان وهي امامه .. تضحك لغيره .. تناجي غيره .. تبحث عن غيره .. تجلس مع غيره ..وهو مضطر ان يتظاهر بالبرود التام والابتعاد الكامل عنها كان هذا يدمي قلبه المكلوم اصلا من كثرت ما تعرض له من صدمات..اليوم تحديدا اشتعل جسده بحريق مجنون عندما راه ينحني هامسا لها لتحمر بخجل ضاحك ضاربة كتفه بمزاح .. وهو .. لم يتمكن من فعل ما تمنى .. ان بسحبها بعيدا عنه ويقلع عيناه ويداه ويعلق لسانه للخارج..اكتفى بتشيعها بنظرة جليدية هازئة تاكد ان مضمونها وصلها لعبوس صفحة وجهها واعراضها عنه دون اهتمام .. غادر الى موعده بغضب مزمجر اغرقه بين طيات عقد الصفقات.. عندما عاد الى الشركة متأخرا وقد غادر غالب الموظفين قرر ان يمارس بعض التدريبات في نادي الشركة ليفرغ القليل من حنقه ويركز تفكيره المشتت .. اخرج ملابسه الرياضية التي يحتفظ بها في خزنة خاصة وارتداها قبل توجهه الى قاعة التدريب حيث راها هناك ككابوس يلاحقه بجنون .. كانت هي الأخرى تتدرب.. انها المرة الاولى التي يراها بهذه الطريقة .. اقترب ببطء منها حتى انتبهت لوجوده .. توقفت عن اداء حركاتها القتالية لاهثة ونظراتها تتماوج بين الغضب والتركيز .. اشارت حولها قائلة وقد لاحظت علامات الغضب على قسماته ( اعذرني .. لقد اخبروني انه يمكنني استخدامه فاردت ان اعيد لجسدي بعض لياقته .. ارجو الا اكون تعديت على شيء ) حرك رأسه بالرفض مجيبا بتؤدة ( لا مانع .. انه عام لموظفي الشركة.. يمكنك الاستمرار ) اومأت برسها كتحية شكر وعادت لتحاول التركيز بحركاتها ولكن ما ان رفعت قدمها راكلة الهواء حتى سمعت صوته المتسائل ( ماللذي تمارسينه تحديدا ) اعتدلت مجيبة (انها حركات قتالية تجمع الكاراتيه مع التايكوندو .. رياضة الدفاع عن النفس ) نظر اليها بسخرية مجيبا ( اتسمين حركاتك هذه دفاع عن النفس ..كم هذا بائس ) اجابته بتحدي فوري قوي ( اذن اتحداك ) كانت تغلي من غضبها واعتبرت ما حدث فرصتها لتنتقم منه بعد كل ما سببه لها من احباط انتهى بسخريته هذه .. راقبت ابتسامته التي اتسعت بثقة رافعا يد واحدة امامها ( سأغلبك بيد واحدة واعلمك درسا قاسيا كي لا تتحديني ثانية ) لم تنتظر ان ينهي كلامه بل رفعت قدمها بركلة احترافية تفاجأت به يصدها بذراعه بقوة بعد ان ضم ذراعه الاخرى خلف ظهره واشار لها لتكمل الهجوم .. حاولت ان تسدد عدة ضربات متواصلة تراوحت بين يديها وقدميها ولكن كانت حركاته التي صدت هجومها خاطفة رشيقة لينتهي بضربة مهينة وجهها الى وركها بشكل منحرف متعمد شهقت على اثره فرفع حاجبيه متحديا اياها ان تبدي اعتراضها .. ضمت عينيها بغضب وابتدأت بسلسلة اخرى من الهجمات الخاطفة التي لاقت نفس مصير الاولى بل وزاد عليها تعمده ضربها ببساطة و ايحاء على مناطق في جسدها احمرت بسببها بجنون .. فتارة يتعمد لفها لتقع يده باتجاه صدرها .. وتارة يتعمد ضربها عند مقدمة بطنها او على وركها او على منطقة ساقها العلوية .. وكان يزيدها احراجا بابتسامته الوقحة التي تثبت تعمده تلمس جسدها بهذه الحميمية الفاضحة التي زادتها غضبا وجنونا دون ان يهتز له جفن حتى نجحت اخيرا في اصابته بوجهه بقوة لم تكن تقصدها تسببت بشق شفته السفلية ونزول الدم منها ..اقتربت منه بلهفة متسائلة بنبرة اعتذار ( انا.. اعتذر .. هل اذيتك ..انت اغضبتني و ..) كانت قد حضنت وجهه بكفها رافعة راسه اليها الا انه نفض نفسه مبتعدا ومصدرا صوت استمتاع بطعم دمائه وعيناه تطلقان نيران متوحشة مخيفة وقد رسمت صفحة وجهه ملامح شيطانية ليبدو امامها كفهد متوثب ذكرها بمن راته في ذلك اليوم في تلك المبارة .. سمعته يقول بتصميم مرعب وهو يتخذ وضعية القتال مشيرا لها ان تهجم ( اذن تحبين اللعب بوحشية دفنة .. اعذريني .. فانا اتذكرك رقيقة .. لم اعلم انك بهذا الجموح ..ترى .. هل وجدت بأكرم ما يشبع توقك وشهوتك العنيفة ) تلاحقت انفاسها ووقفت بطريقة قتالية قائلة ( عن اي شوق تتحدث .. ترى .. هل هي غيرة متأخرة ) كانت تغلي بغضبها لاتهامه لها بهذا السفور فوضعت غضبها في ركلتها التي صدها بطريقة احترافية لتجد نفسها محمولة بشكل خلفي وفمه ينغرس بكتفها شاعرة باسنانه التي نهشت لحمها بشكل خاطف جعلها تصرخ لتجده ابتعد قبل ان تدرك ما حدث لها وقد ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه ( ارجوك .. اي غيرة .. كل ما في الامر انك نسيت كل ما تعلمته من حذر وبدأت تثقين باول شاب اسمعك كلمتين لطيفتين ) ذهلت من كلماته فهجمت مرة اخرى بغضب ضاربة بيدها لتطير بلحظة مستقرة بين احضانه وقد قيدها بضمة قوية حتى شعرت بنبض قلبه فوق صدرها لتتفاجأ بهجومه على شفاهها بطريقة وحشية المتها اكثر مرسلة رعشات من اللذة مع انينها الموجوع .. بلحظة وجدت نفسها حرة وطعم دماء في فمها حارت اهو منها ام من دمائه خاصة بعدما رأته يلعق شفاهه باستمتاع مفترس زاد ارتجافها .. قالت بصوت مهزوز هو كل ما استطاعت اخراجه ( ماللذي تفعله .. هل حقا تظن بي هذا ) أشار بيده اليها لتبدأ هجومها مجيبا بسخرية مستفزة ( ارجوك دفنة .. كلانا يعلم كم انت من ... ذوات الدم الحار ) اضاف الكلمة الاخيرة بايحاء متشفي جحظت بسببه عيناها مشيرة على صدرها (انا .. انااا تتهمني بهذا ..) وهجمت عليه مكملة ( الا تعلم انهم يلقبوني بملكة الجليد ) كانت قد وجهت ضربة صدها ولكنها عاجلته باخرى سريعة على صدره ومع ذلك لم يتزحزح رغم قوتها لتتم كلماتها بصراخ مجنون ( اتعلم كم رجلا رفضت طوال المدة السابقة لاني كنت لا استطيع تجاوزك ..هل تظن انه من السهل علي ان الجأ لغيرك وانت موجود ..) كانت تتكلم وهي تهجم بتتالي وهو يصدها بسرعة ضاحكا بسخرية قبل ان ينجح بتقيدها مرة اخرى ليهجم على صدغها بطريقة وحشية أنت لها بعنف مرتجف مرتخية بالكامل بين يديه فابتسم بايحاء قاسي قبل ان ينفضها عنه تاركا اياها مترنحة وعيناها لامعتان بدموعها .. كان غضبه الجنوني مع احباطه وغيرته قد تكالبا عليه واعميا عينيه عن المها .. انتفض قلبه بعطف لمنظرها الا انه حاول تجاهله مارا بيده بتلذذ بطيء على شفاهه النازفة ومنظر فمها المتورم مع صدغها وكتفها يثير فيه مشاعر متناقضة .. راها تقف باستسلام احنقه وعيناها تناجيان عيناه .. همس بفحيح مرعب ( اكملي .. انسيت تحديك ) كان لا يزال تتنازعه رغبة عطشة لايذاءها .. نظرته صدمتها حتى النخاع واوجعتها .. وقفت غير قادرة على الحركة لا تعرف تحديدا من تواجه .. طوال اسبوع تجاهلها لتجد بأكرم الرفيق المثالي اللذي كان دائم الثرثرة عن زملاءه ساردا عليها اسرار الجميع دون حتى ان تطلبها .. فمن وجهة نظره فهذه الاسرار ستعطيها لمحة لطريقة تعاملها مع كل الموظفين بما انها مستجدة ... لا يمكنها ان تنكر انه غير الكثير من معلوماتها السابقة واستنتاجاتها موجها انظارها لموظفين اخرين لم تكن تشك بهم سابقا .. كم تمنت لو ان عمر حاول فقط ان يساعدها قليلا الا انه لم يكن يطيق الحديث معها لتتفاجأ اليوم بالاخبار المنتشرة بأن حبيبته ستصل تركيا غدا مما زاد غضبها وجعلها ترغب بقتله لذا تراكمت عصبيتها وحاولت تفريغ هذا بضربه الا انها فشلت حتى بهذا .. رأته يزمجر مستحثا اياها ان تهجم بقوله المستفز ( لا يعقل انك اكتفيت بهذا .. هل اشبعك اكرم واشبع غرائزك الثائرة التي كلانا يعلم جيدا كيف تنفجر عاصفة بك ) كانت كلمته كقشة انهت سيطرتها فهجمت بجنون عاصف عليه لتضربه بقدمها ثم يدها ثم قدميها سويا وقد احاطت بها عنقه لتسقطه بعد ان قفزت متسلقة عليه صارخة ( انتتت .. كيف تجرؤ ... هل تغار منه وتتركني له .. ايها المجنون .. جموحي وعاطفتي لك .. فقط لك ) وللمرة الاولى هجمت على شفتيه كما فعل ولكنه كان مستعدا لها فقيد حركتها ليبادلها قبلتها بقسوة جارحة وشفتاه تمارسان عقاب على ثغرها فجيدها فمقدمة صدرها وهو يسقط عليها مجيبا ( انت اخر من قد اغار عليه .. لو نسيت فساذكرك باني انا من تركك.. لم اسأل عليك طوال عشرة اعوام .. اين غيرتي او استثناءك في قلبي وانا لم اهتم لك او لوجودك ..كل ما في الامر اني اراك تغرقين في الاوحال مع اناس سيقودونك الى مجاهل لا تعرفينها )كلماته الجارحة المهينةلكرامتها جعلتها تنتفض بعنف لافة نفسها لتقلبه اسفل منها قائلة بفحيح ( وما هو تعريفك للاوحال وانت تغرق بها ايضا .. هل هي جميلة.. هل جموحها يثير جنونك مثلي .. هل تذهب صوابك وتغرقك وتتركك ثملا ) كانت مع كل كلمة تقترب بشفاهها منه حتى كادت تلصقها وعيناها تقتحمان عيناه بشموخها مرددة ( انت ملكي كما انا ملكك فلا تنكر وهذا القادمة.. ستنتهي كما جاءت ) مست شفاهه بضعف فاستغل ضعفها ليقلبها مرة اخرى مشرفا عليها ومقيدا يديها فوق رأسها هامسا بغضب ( انت تحلمين ..ان ظننت انك ستستحوذين علي بمزاجك فكلانا انتهى دفنة .. كلانا لا يصلح ليكون مع الاخر .. يكفي .. انتبهي على عملك واتركيني ) ووقف سريعا بعدما شعر بتخاذله امام مظهرها المجروح ورغبته تتعاظم بضمها لينسيها الدنيا .. لوح باصبعه امامها مضيفا ( لا اريد ان اسمع عن الماضي .. يكفي .. التزمي حدودك بكرامة .. اما القادمة فاعتقد انك تقصدين حبيبتي نيرين .. انا احذرك ان تبتعدي عنها .. هل هذا واضح ) تسارعت انفاسه بخوف طغا عليه متخيلا ما سيحدث لدفنة ان تخالطت مع نيرين الافعى .. غلف روحه بالفولاذ ليقاوم رغبته الذهاب اليها ومساعدتها في الوقوف بعد ان جلست بشكل شبه مستلقي على الارض واخفى شعرها الاحمر الناري وجهها المنحني باتجاه الارض .. ازدرد لعابه بالم ووجد قدماه تقودانه اليها ليجذبها برقة رغم عنف غضبه من ضعف نفسه .. انتفضت واقفة وهي تحاول الابتعاد عنه ودمعة تزين وجنتها المحمرة وهجا والما .. تنهد مقيدا حركتها الضعيفة المقاومة وابتدا بمسح وجهها باصابعه ثم قبل طرف ثغرها المجروح مزيلا دماءها بفمه رغم انكماشها منه الا انه همس برقة ( لا تخافي مني صغيرتي ) .. ورفع شعرها عن وجهها وحرره كاملا من ربطته ليسدله على رقبتها مغطيا اثار هجومه عليها وعلى كتفها ويداه تتخللان لهيب خصلاتها .. عدل ملابسها وتنهد ناظرا اليها وهي تهرب بعينيها منه قائلا بتعنيف رقيق ( لا تهربي بعينيك او تخفضيهما .. اعلم ان الدنيا قاسية ولكني الان تحديدا لست في خانة حبيبك .. كلنا في خانة اعداءك لذا .. كل ما اطلبه منك ان تنتبهي ولا تلتفتي للسخافات والغيرة وركزي فقط في عملك ..) ثم ابتعد عنها امام نظراتها المجروحة ملوحا بيده قبل ان يغادر هاربا منها ومن نفسه المشتاقة بجنون لها فهو اكتشف رغم كل مجادلته ومحاربته لروحه الا ان دفنة لازالت مستوطنة قلبه حتى وان انكر وابتعد عنها ..وحتى بعد ان يأس سابقا من لقاءها وتعود فراقها .. فيبدو انه رغم تعرفه على عشرات النساء بعدها ولكن .. لم تثر اي امراة به ربع ما اثارته دفنة في كيانه من عواطف ومشاعر ورغبات اكتسحته لحد الموت عشقا .
مر الاسبوع الثاني على دفنة بشكل ضبابي سريع .. فلقد التزمت فيه نصيحة عمر واتبعت حدسها اللذي تضاعف خصوصا مع كلام عمر المبطن لها .. ابتدأت تتقرب من الموظفين وحاولت الاشتراك في مجالسهم .. في البدء عاملوها بتحفظ ولكن مع اسلوبها اللطيف بالمزاح والتعليق ابتدؤو الاستجابة لها والتفاعل معها ... لم تكن تتحدث بأي امر خاص قد يثير الشك ومع ذلك كانت مواضيعها موحية لتتمكن من خلالها استنباط ما تريده من معلومات واستعانت بذلك بكل مالديها من المعلومات التي استخرجتها بنفسها قبل عملها .. او مما استنتجته من كلمات عمر اثناء جولتهما التعريفية الاولى .. او مما قاله اكرم لها .. حيث حاولت ترتيب مالديها وعمل جسر يربط بين كل ما تتوصل له لتتمكن من استنباط ما هو صحيح او ما هو خاطئ في تلك المعلومات .. كان اكثر من تذمر من وضعها الجديد هو اكرم اللذي حاول استئثارها لنفسه الا انه صدته بلطف مع حرصها على بقاء علاقتهما ضمن حدود الصداقة كي لا تخسر مصدر معلومات قد تحتاجه رغم انها اكتشفت ان غالب معلوماته التي امدها بها كانت مغالطة لذا لم تعد تعتمد عليها بشكل كلي مرجعة الامر الى كون مصدر معلوماته يعتمد على الشائعات الدائرة بالمكتب .. ومع ذلك فان تذمره المستمر كاد ان يفقدها اعصابها لذا رضخت في اخر الامر لطلبه ان تخرج معه بعد العمل لتناول طعام العشاء خصوصا مع شعورها بالوحدة واشتياقها لاصدقائها في الشرطة والتي منع عليها اي تواصل معهم الى نهاية المهمة .. لذا ارتدت في هذا اليوم ثوبا احمر قصير ملتصق بحناياها وبلا اكمام استعاضت عنها بسترة بيضاء كلاسيكية وجمعت شعرها بشكل انيق كالتاج خلف راسها مع خصلات جانبية ازدانت بها جبهتها لتتم مظهرها بحذاء عالي الكعبين اعطاها رشاقة وطول ابرزا تناسق قوامها وكمال جمالها .. كانت المرة الاولى التي ترتدي بها ثوبا في العمل اللذي اعتمدت فيه بشكل كلي على البدلات الرسمية الكلاسيكية المكونة من قميص وبنطال وسترة وحذاء شبه رياضي انيق .. ما ان دخلت الى المكتب عند عمر حتى لاحظت التماع عيناه بقوة فقدتها في الايام السابقة التي تعمد فيها تجاهلها وتعامله معها برسمية وبرود قاتلين افقداها اي قدرة على التحدث معه او محاولة كسر هذا الحاجز العميق بينهم والذي ازدادت سماكته مع مقدم حبيبته قبل يومين و انشغاله بها وخروجه معها امام انظارها المكلومة وهي تراه ينسل من بين اصابعها بلاحول او قوة لها كي لا تفسد مهمتها بمشاجرة اخرى معه .. راته يخفض عينيه بصعوبة ليركز في الاوراق امامه . انتظرت ريثما انهى توقيعه ومدت يدها لتأخذ الملف الا انه ثبته على المكتب بيده .. رفعت عيناها بتساؤل لتقابلها عيناه المشتعلتين بنيران سمرتها منسية اياها كيفية التنفس .. سمعته يهمس بخفوت مرتجف ( ما المناسبة ) مرت دقيقة التحمت فيها اعينهما قبل ان تشيح بعينيها مجيبة ( لدي موعد بعد العمل ) خيل اليها انها سمعت ارتفاع صوت انفاس عمر فنظرت اليه ليهولها برود ملامحه وتوحش عيناه المتلكئة عليها وكانها فريسة يدرس كامل تفاصيلها .. ذلك اللهب الغاضب المنبثق من عينيه لفحاها بنيران جليده .. مد الملف اليها دون كلمة واشار بيده لها لتخرج .. التفتت ببطء وكادت ان تصل الى الباب ولكن تهورها المجنون جعلاها تلتفت اليه قائلة بتحدي ( الن تسأل مع من ام .. اه اعذرني ان نسيت فلقد قلت ان الامر لا يهمك ) كانت تلعب بالنار .. ورأت العاصفة تنذر بالشر في قعر مقلتيه .. وقف ببطء متحركا صوبها وعيناه لا تحيدان عنها وتاسرا عينيها بقسوة .. وقف مقابلا لها ثم تعمد سحب انفاسه بقوة واطلاقها كنفحة ملتهبة بعثت بقشعريرة في كل خلايا جسدها .. انحنى اليها ببطء حتى اقتربت شفتاه من اذنها فازدردت لعابها بتوتر وسمعته يسألها بصوت بحت نبراته اثارة ( وهل يا ترى تهتمين انت .. هل تودين مني ان اتأثر لذا تحاولين ممارسة اغوائك علي ..) صمت متعمدا وعيناه تتابعان شفتاها اللتان انفرجتا لتجيب ولكنه سبقها قائلا بفحيح اذابها ( سأعترف لك .. فانا اغار دفنة .. اجل .. رغم كل شيء الا انني اغااار عليك .. فهل لديك حل لذلك كلماته تسللت عميقا الى مسام جلدها لتخترق جدران قلبها المرتجف فرحة وترقبا واثارة .. لم تعلم ما ينتظره منها ولكنها نظرت اليه باستسلام كامل وانفراجة شفتيها تزداد لتتمكن من التقاط انفاسها المعبقة برائحته .. كيف تقاوم من يهفو قلبها لنظرة منه رغم طول البعاد .. انه يتحكم بها رغم معرفة الجميع انها ثلجية الا معه هو .. رأت ابتسامته تتسع بمكر وعيناه تحرقان ملامحها وتتلذذان على اعتاب ثغرها .. لعنت ضعفها المستسلم وحاولت التسلح بكرامتها متذكرة مظهره مع تلك الحبيبة .. عضت بنواجدها على شفتها ليوقظها الالم من نشوتها .. حركتها الهبته بجنون خارق .. الا تعلم كم تبدو شهية له بهذا المظهر المستسلم .. الا تعلم كم يفرض على نفسه الاف القيود ليبتعد عنها ويستسلم لغيرها .. انه يعشق كل تفاصيلها منذ كانت طفلة .. والان وهي امرأة ناضجة فهي تثير فيه اسوء الرغبات التي يحتاج لكل طاقته كي يقاومها ولا يشعر احد بها خاصة لما ينتويه معها .. سمع همستها المقامة له بكل ارتجاف ( اعتقد ان الحل لديك فانت من تبتعد .. وليس من حقك الغيرة التي تحرمني اياها ) عقد حاجبيه محاولا سبر اغوارها وفهم ما يدور بتفكيرها .. مظهرها المغري يمنعه من التركيز وصورة كونها مع غيره تقتله ببطء .. ابتعد بحركة فجائية عنها دافعا اياها لتصتدم بالحائط واولاها ظهره ليتماسك بعيدا عن تأثيرها .. سمع شهقتها المتألمة وعلم انه اذاها ولكنه قسا على نفسه كي لا يظهر شفقته وقلقه عليها مكتفيا بكلمات حاول جعلها باردة بلا مشاعر ( معك حق .. لا يحق لاحدنا التدخل في الاخر .. ولكن .. منذ الغد ستعودين لارتداء بذلاتك السخيفة .. اما مواعيدك فلا اريد ان اسمع عنها.. والان غادري بسرعة ) واخفض وجهه فاركا اياه بصفحة يديه متمنيا ان يوقف عمق تاثيرها عليه .. سمع اغلاق باب المكتب خلفها .. فالتفت لينظر اليه متابعا اثرها بروح تبكي فراقا اجبر عليه .. لما لم تعترض .. لم لم تثور وترفض وتجبره وتحاول ايقافه عند حده .. لما تشعره بذنبها وترضخ له كانه المسؤول عنها.. لم تثق به والاولى ان تحترس منه .. تنهد بحرقة متمتما ( لم .. كيف ساطعنك من الخلف وانت تقابليني بكل هذا الحب .. كيف ستحتملين غدري يا حبيبتي ) كانت نيران المه تشب مندلعة بقسوة تآكل على اثرها كل كيانه المرتعش خوفا عليها .. كيف ستصمد وهي مقبلة على عاصفة هوجاء .. كيف؟
انتقلت دفنة بسرعة بين مكاتب الموظفين بعدما استرجعت ذاتها وتوقفت عن البكاء بعد ما ذاقته على يديه .. لم تكن يوما ضعيفة او مستسلمة الا له وهو يستغل هذه الميزة ليتلاعب بها بقسوة .. لا يهمه حجم وجعها بقدر اهتمامه بتنفيذ رغباته .. نفضت راسها محاولة التركيز على ما تقوم به فهذا اهم من رثائها على نفسها .. كانت تجمع تواقيع الموظفين على الامر الاداري لاقامة الحفل السنوي وتمنح كل شخص دوره المفروض عليه في الحفل .. استغلت الامر لتحادث بعض الموظفين كي تتاكد من خطوتها التالية .. كل خطوط بحثها قادتها لمدير دائرة التسويق .. ذلك الرجل الاربعيني ذو الملامح الحادة والعصبية .. الوحيد الذي عاملها بصفاقة ووقاحة ورفض حتى تبادل السلام معها .. علمت من الجميع انطواءه كما ان له بعض العادات الثابتة ويلف تحركاته الكثير من الغموض .. كان راي اكرم فيه انه رجل مثقل بديون القمار لذا دائم العصبية والخوف والشك .. بحثها ايضا اثبت تورطه الدائم بمشاكل خاصة بالقمار ومع ذلك لم تجد اي ذكر عن وجود ديون او اناس يلحقوه مما اكد لها وجود مصدر دخل اخر يمكنه من سد هذه الفجوة ويجعله يغامر هكذا بامواله ..كانت معضلتها تكمن بايجاد طريقة تمكنها من الجلوس على مكتبه لتتمكن من نقل كل ما في حاسبه الالي من بيانات .. وجدت في توقيعات الحفل فرصة لتواجدها في ذلك القسم لذا استغلت هذا وجلبت كوبا من القهوة التي علمت انه يحبها ولكنها تعمدت عدم احكام غطائها العلوي .. ما ان دخلت عليه حتى رات انكماش وجهه الحذر فرسمت ابتسامتها الرقيقة قائلة برسمية لطيفة ( سيد مراد .. هناك بعض الاوراق التي تتطلب توقيعك .. كان منهمكا بالعمل امام شاشة الحاسوب .. اقتربت منه برعونة تمثيلة وما كادت ان تصل اليه حتى لوت قدمها بتاثير الكعب وتعمدت سكب القهوة على جسد مراد اللذي صرخ بالم شديد مولول قاطعته اعتذاراتها المتتالية واشارتها له ليذهب الى الحمام كي يغسل حروقه .. صرخ بغضب متفجر عليها ان تحذر وركض باتجاه الحمام بلا تفكير والم جسده يتاكله .. ما ان خرج حتى استغلت الوقت وشبكت جهازها في جهازه معطية الامر لنسخ كامل محتويات جهازه على محرك الاقراص الخارجي اللذي منحها اياه بامير وقد كان متطورا يكسر كل جدر الحماية وحقوق منع النسخ .. راقبت انتقال البينات بلهفة محاولة ان تزيل بقايا القهوة عن الارض .. كانت تدعو الله ان ينتهي النسخ قبل قدومه .. سمعت خطواته القادمة وقد وصل النسخ الى تسعين بالمائة فادركت وجوب تاخيره لذا وقفت بجانب المكتب متظاهرة بالانين ومنحنية ويدها تمسد قدمها .. راته يدخل وعيناه تقع عليها لتسمع زمجرته المعترضة ( انت لازلت هنا ..ما بك ) تنهدت بانين متوجع تمثيلي رقيق انثوي قائلة بخفوت ( لقد التوت قدمي كما يجب علي الحصول على توقيعك .. ارجوك هل لي بكوب من الماء ) رأته يضيق عينيه بشك وقلبها ينبض بجنون متلهف وكانه في حلقها ..سمعت تنهيدته النافذة الصبر وهو يتمتم بكلام بالكاد فهمته ( ابقي هنا .. ساجلب لك من مطبخ الشركة ) وعاد للخروج وسط نظرتها المنتصرة وتنهيدتها المرتاحة واعصابها ترتخي من الارتجاف اللذي سيطر عليها للحظة .. عادت لتنظر الى الحاسب ووجدته قد انهى النسخ فخطفت محرك الاقراص الخاص بها بسرعة واخفته في جيب سترتها ثم امسكت الاوراق باستعداد لقدومه اللذي لم يتاخر كثيرا .. اعطاها كاس الماء بخشونة بمجرد دخوله ثم خطف الاوراق بعصبية ليوقع عليها متذمرا حتى مع اعتذاراتها المتتالية وهي تغادر من امامه عارجة بخطواتها كي تكمل تمثيلها عليه ... ما ان وصلت الى مكتبها حتى انهارت بصعوبة على كرسيها واضعة راسها بين كفيها لتحاول السيطرة على ارتجافاتها واثارتها وترقبها وهلعها اللذي بلغ عنان السماء .. ماقامت به يعد خطوة مهمة تمنت من الله ان تقودها لشيء في بحثها .
كان خروجها مع اكرم امر غريب عليها فلم تكن يوما من محبذي المواعيد الغرامية .. حاولت ان تتسلى برفقته وتضحك على نكاته ولكن اكثر ما اثار حذرها هو اسئلته الفضولية حولها وتدخله السافر بخيارتها التي ارجعته لطبيعته الفضولية بالاضافة لتفاخره المستمر بنفسه مما اشعرها بالملل برفقته فاخذت تدور بعينيها مكتشفة المكان اللذي اخذها عليه .. كان مطعم فاخر ذو اطلالة جميلة .. اعادت انظارها مرة اخرى الى رواده بفضول ..و .. قابلت عيناه الهازئتين بترقب .. لثانية تجمدت حتى ذرات الهواء في ناظريها وعيناها تغرقان في غابة عيناه الداكنة .. هل تحلم .. هل ارتباكها ينعكس بخيالها .. هل يعقل ان يكون هنا .. لمعت تلك العينتان ببريق اخافها للحظة .. بريق متوثب لفهد حانق يرى فريسته تنسل من بين مخالبه .. ارتجفت بعنف قاطعه تساؤل اكرم لها ( هل انت بخير دفنة .. لما شحبتي هكذا ) فكت اسر عينيها بصعوبة لتعود الى واقعها .. ابتسمت بارتباك لمرافقها هامسة بخفوت ويدها تلتقط كاس الماء المثلج من امامها لتفرغه بنهم في جوف حلقها الجاف ( انا بخير .. فقط شعرت للحظة بالدوار .. يبدو انني عانيت قليلا من هبوط بالضغط .. انت تعلم ان العمل مجهد ) وافقها اكرم بقلق ( معك حق انت تتعبين كثيرا .. صحيح المسؤول عن التأمين الصحي لشركتنا في شركة التامينات سيتصل بك ليحدد موعدا لاخذ ملفاتك الطبية وفحوصاتك الجسدية الاخيرة .. لقد اعطيته رقمك .. سيحدد يوما ليقابلك به لذا ارجو ان تستجيبي له بشكل كامل فبسبب صداقتنا جعلته يقبل باي فحوصات ستجلبيها كي لا يؤخرك بالفحص المطلوب لديهم وسيكتفي بسؤالك عن بعض الاسئلة عندما يراك ) حركت راسها موافقة وفكرة تخطي الفحص تناسبها لعدم توفر اي وقت لديها لهذه الفحوصات الغير ضرورية خصوصا ان اسمها مدرجا على تامينات الشرطة الصحية .. شكرته بامتنان ورجته ان يغادرا بعدما ملت وتعبت من الاحتراق الملتهب لتلك العينان المسلتطان عليها والتي تجاهلتها بكل قوتها خاصة بعدما ادركت انه برفقة نيرين .. تلك الانثى الخلابة .. لذا استأذنت للذهاب الى الحمام لتستعد للمغادرة .. غسلت وجهها وعدلت زينتها لتفاجئ بدخول نيرين الى الحمام .. رمقتها بنظرة دونية تمتمت على اثرها ( الست مساعدة عمر ) كانت كلماتها كامتهان لكرامتها استفز دفنة فارادت للمرة الاولى ان تتحداها بعد ان تمكن الغضب منها لذا ابتسمت بثقة خبيثة قائلة بايحاء مبطن لعبت فيه بالنيران ( بلا انا هي .. وانت .... حبيبته الجديدة اذن ).. راقبت ارتجافة يدها الخفية قبل ان تنظر اليها ببرود رافعة حاجبيها المنمقين ( الجديدة .. والقديمة .. وفي كل عصر .. فلا تتحاذقي ) رفعت دفنة كتفيها باستسلام موحي ( كما تقولين .. انت أعلم ) وغادرت الحمام بضحكة خبيثة دون ان تلتفت لها وان استشعرت غضبها المنصب عليها .. وصلت الى الطاولة لتشير الى اكرم ليغادرا المكان دون ان تعيد الالتفات الى حيث يجلس عمر فان كان اختار نيرين فليحتمل هو غضبها وليطمئنها فهي لم تكذب .. اليس الجميع يدعونه بزير النساء ؟
راقب عمر دخول دفنة الى مكتبه كالمعتاد كل صباح وحاول البقاء على بروده الا ان ابتسامة مستمتعة رسمت ثغره بتسلية وعيناه تتلكأن على مظهرها اللذي عاد لكلاسيكيته .. كان ما فعلته البارحة مع نيرين رغم خطورته هو الشيء الوحيد اللذي اثلج قلبه بعدما انصهر بغيظ رؤيتها مع غيره وشعوره بالعجز المدقع امام جنون وهوس عشقه الغريب لها .. اكتفى بنظراته التي جابهتها ببرودها ولولا غيظها الظاهر في كلماتها لنيرين لبقي على جنونه حتى اليوم ولافرغ بها كل ما يعتمل في صدره من تناقض اضطر فيه مجبرا على التعامل معها وتقبل كونها ليست ملكه .. راى حذرها امامه وكأنها تنتظر ثورة غضبه فازدادت تسليته وتعمد اطالة فترة عذابها وانتظارها .. مرت نصف ساعة قبل ان تقرر اخيرا التحدث معه على ما يبدو مستأذنة ان تحادثه بانفراد .. حاول التظاهر بالغضب والانشغال الا ان اصرارها امتعه وجعله يرضخ لجنون نيران عينيها التي تذيبه .. وقفت امامه بتردد لم يشأ ان يريحها منه ليعاقبها على ذلك الالم اللذي عانى منه البارحة بمرأها مع غيره .. بدا كقط ضخم يلاعب فأر صغير .. تنهد بنفاذ صبر قائلا ( حسنا دفنة .. ماللذي تريدينه فليس لدينا النهار كاملا ) مرت لحظات بسيطة التزمت عيناها الارض قبل ان ترفعهما بحزم وقوة جديدين قائلة بهدوء واثق ( بصراحة احترت أأقول لك ام ابقي الأمر طي الكتمان ولكن.. بقية عشرتنا وامتناني وديني لك بتبرئة والدي حكماني لانبهك ) تفاجئ عمر بجديتها واعتدل مهتما بكلامها سائلا اياها بجدية ( اوضحي كلامك دفنة ) .. راها تتنفس بعمق حائر باحثة عما تبدأ به فلم يشأ ان يوترها اكثر باستعجاله لها .. حسمت امرها مرة اخرى لتقول بخفوت مركز ( السيد مراد .. يبدو ان وضعه مريب .. لقد وقع بيدي صدفة بعض عقود التوريد والتصدير .. هناك اختلاف في الكميات بين العقود الموقعة والموردة وكانه يوجد نسختان بحيث يصل له نسخة وتخرج من عنده نسخة مغايرة وهذا يدل على وجود بعض التسريب الغريب في البيانات واختلاف مواصفات الاجهزة وكانه يحدث تلاعب في المواصفات والاعداد المطلوبة لتامين الحماية كاملة .. بصراحة لا اعلم تماما اين الخلل ولكن بحكم منصبك بالتاكيد لديك يد عليا للمراقبة لذا احببت ان ابلغك لترى الأمر .. ولكن توخى السرية فلا احد يعلم الى اين قد يصل هذا ) لوهلة رأت عيناه يضيقان بعمق كبير مخيف وكانهما بلا قرار .. كانت قد اخبرته كي تتأكد من نوعية المخالفة التي يقوم بها مراد خصوصا بعد ان اطمأنت الى انها تملك معلومات مخفاه بمهارة وتحتاج الى اسبوعين ليتمكن الخبير من فك شيفرتها وجدر الحماية التي تحيط بها .. رغم كل شيء راته او فعله بها الا انها كانت تثق بعمر ومتاكدة ان لا يد له مع المافيا سواء من قريب او بعيد لذا كانت تخبره بثقة من يحمل كنز ثمين ويمنحها لشخص امين يخبئه له .. سمعته يطلب منها كتمان الامر بخفوت ويرجوها ان تغادر المكتب وتنسى كل شيء لانه سيتصرف والا تقول هذا الكلام لأحد حتى من عناصر شرطتها قبل ان يتأكد من هذا .. خرجت وقلبها يرتعد بترقب .. لا تدري لما ردة فعله اخافتها .. لم تتشجع وتخبره ان شرطتها لديها معلومات عن تحركها وبانهم يمتلكون محرك الاقراص المشفر الان .. كما توقفت بوجل ناظرة الى باب المكتب المغلق وتساؤل يخطر بذهنها .. ترى لم لم يسألها عن كيفية اكتشافها الامر .. هل يثق بها ليتخذ معلوماتها كامر مسلم به ام انه كان يعلم ما يحدث لذا لم تظهر عليه الدهشة والذهول عندما سمع منها هذه الاخبار وفقط حاول التأكيد على سرية الامر من جهتها .. ابتدأ عقلها بالشك اكثر الا ان قلبها عاد ليذكرها بكلمة والدها بانه لو ان الدنيا كلها خذلتها فعليها ان تثق بعمر اكثر من ثقتها حتى بنفسها .. انتشلها رنين هاتفها فردت بسرعة دون انتباه لتتفاجئ بصوت غريب يحادثها ذو لكنة اجنبية واضحة ( هل انت الانسة دفنة ) اجابت بحيرة وعقلها مشغول بامور اخرى غيبت حسها الحذر ( اجل انا هي .. ماللذي تريده ) قابلها صمت غريب وكانما الاخر يراجع نفسه فابعدت الهاتف ناظرة اليه بتعجب قبل ان تعيده الى اذنها لتسمع صوت محدثها بخفوت ( هل كل ملفاتك جاهزة .. هل كل ما طلبناه متوفر ) للحظة لم تفهم الا انها تذكرت كلام اكرم عن اتصال مسؤول التأمين بها فاجابت سريعا ( كل شيء متوفر كما طلبتم وانتظر اليوم اللذي ستحددونه لاسلمكم اياه كاملا .. ولا تخف فان ما سيحدث لن يتجاوزنا ) كانت قد استشعرت قلقه في حروفه لذا احبت ان تطمئنه لانه يخالف تعليمات شركته لأجل خاطر اكرم .. سمعت همهمة موافقة وهمسة هادئة بان تنتظر موعد التسليم ومكانه برسالة فاقفلت الخط سريعا لتخزنه تحت اسم التامين دون ان تنظر على الرقم للحظة بل عادت لترفع عيناها ناظرة الى باب المكتب .. تنهدت بعمق اكبر متمتمة بحيرة خافتة ( ترى ماللذي تخفيه ياعمر .. هل يعقل انك تعلم كل ما يحدث وتتجاهله ).. اما في الجهة الاخرى للباب قبع عمر ينظر اليه بملامح غرقت بتفكير عميق وقسمات خطت قسوة مخيفة .. مضت عدة لحظات قبل ان يرفع هاتفه ضاربا رقم ما ان سمع مجيبه حتى قال بهدوء مميت مرعب النبرات وكانه من قعر بئر ثلجية عميقة ( حسنا .. اعطيك الضوء الأخضر للتنفيذ في اسرع وقت فلقد التقطت طرف الخيط بعبقرية ظننتها ستتاخر خاصة مع كل التشتيت اللذي فرضناه عليها .. اريد النهاية في الاحتفال بعد يومين ) وانهى المكالمة وشلل كاسح البرودة يجتاح خلاياه مع طعم الصدأ المقيت المترسب بفمه .. لقد ابتدأ الفخ بالاطباق عليها .. بيديه هو رغم ثقتها الحمقاء به .
مر اليومين التاليين على دفنة بضبابية حيث القيت عليها غالب مهام تنسيق الاحتفال لانشغال سكرتيرة عمر بتجهيز العديد من عقود الصفقات التي سيتم تجديدها في ذلك اليوم .. مرت للمرة الاخيرة بين الطاولات لتتاكد من كل شيء قبل ذهابها لترتدي ثوبها الفضي البسيط .. كان طويلاينسدل باحكام على قدها بربطة عنقية وبلا ظهر او اكمام مع فتحة رقيقة تصل الى منتصف قدمها اليمنى .. اناقة الثوب تكمن باظهاره كامل مفاتنها لالتصاقه المثير بحناياها .. رفعت شعرها في ربطة رقيقة الى فوق راسها لينسدل كشلالات طولية حول وجهها واكتفت بحلق ماسي طويل مع اسوارته الناعمة التي زينت يدها .. اما زينة وجهها فلقد تمازج اللون الفضي مع الدخاني ليبرز اتساع عينيها وانسيابيتهما المتناسقة مع امتلاء شفتيها المكتنزة والبارزة بلونهما الدموي الغامق .. كان مظهرها مذهل رغم بساطتها .. ما ان دخلت الاحتفال المقام بقاعة احتفالات الشركة حتى رات نظرات عمر التي انصبت عليها بعمق وتركيز جعل وجنتيها تشرئبان بلون الورد .. اقتربت منه على اثر حركة عيناه وراسه الداعية لها .. وقفت الى جانبه وتنهدت ببطء ثم بدأت بسرد جدول الاحتفال ولكن صمته جعلها ترفع عيناها لترى لجة عاصفة نظراته التي لا قرار لها مغرقة اياها بدوامة من الغموض اللذيذ والمشاعر العنيفة .. انحنى عليها قائلا بنبرات مرتجة بعض الشيء ( تبدين كملاك .. لما كل هذا البهاء يا ترى او .. لمن ؟ ) كانت همسته غاضبة بعض الشيء الا انها تحدتها بتهور قائلة اول ما خطر على ذهنها برعونة ( انه لعينيك ) ضاقت عيناه وكلماتها تفتك بروحه بكل قسوة .. بلا ارادة منه امسك يدها ليضغط اصابعها بقوة قائلا بشبه توسل ( لا تقولي هكذا.. لا تفعلي .. ارجوك ) للمرة الاولى يشعر بعجزه الخائب وكيانه المتعبد بمحراب عشقها الشيطاني .. راى ابتسامتها الواثقة وشعر بيدها المتسللة بخفية لتستقر على قلبه الضارب بتقافز جاذبة اطراف قميصه لينحني عليها وثغرها يهمس له ( انت تعلم انني الوحيدة المتسللة الى هنا مهما هربت ) تحديها السافر له اغضبه .. نفض يدها بسخرية واجهتها بذهول متالم .. قال بثقة حازمة كان ابعد ما يكون عنها بداخله ( دفنة . لست لعبة ولا غر يخضع للجمال. اعذريني فما يهمني اليوم هو نجاح تنسيقك اما الباقي فاخر ما افكر به لذا احتفظي به لنفسك ) علم انه اهانها من احتراق زفير عينيها المتلألئ .. انسحبت بثقة من امامه وببطء اثار اعجابه بتماسكها حتى مع التماعة عينيها المجروحة .. راها تتنقل بعيدا عنه بين طاولات الحفل كفراشة تجذب حول جمالها الجميع .. كتم غيظه وغيرته فاليوم تحديدا يجب ان يبتعد عنها .. رن هاتفه برسالة ( هل نتم الخطة اليوم ) رفع انظاره لدفنة بسرعة وقلبه يهفو بجنون .. لاخيار امامه .. بعث بالموافقة واشار الى سكرتيرته بخفية لتتقدم من دفنة بسرعة ملهوفة .. قابلتها دفنة بتساؤل فاعطتها ملفين ومحرك اقراص قائلة ( ابقي هذا في يدك دفنة فانا ساذهب الى الحمام ولا تمنحيه لشخص لانه يحوي اهم صفقات الشركة ) حركت دفنة رأسها بالموافقة متابعة اياها وهي تبتعد .. في نفس اللحظة رن هاتفها فاجابته بعد ان رأت اسم التأمين .. سمعت صوت محدثها يقول بلهفة ( لنتقابل الان فانا في الاحتفال ويجب ان اراك لنتفق .. سانتظرك بطابق التوريدات السفلي ) في البدء استغربت المكان والموعد وطريقة كلام الموظف خاصة انه انهى المكالمة سريعا .. لم تجد امامها خيار سوى ان تنزل لترى ما يريده كي تنتهي من هذه الورطة واصطحبت معها الملفات التي اعطتها لها السكرتيرة كي لا تضيع .. عندما وصلت لهناك شعرت بهاجس يحذرها التقدم خاصة مع ظلمة المكان المنتشرة ولكن صوت رجل يدعوها للدخول شجعها .. رأته يقف امامها بهيئته الاجنبية وسمعته يسالها ( هل احضرت ما طلبته ) عقدت حاجبيها قائلة بعصبية تسللت الى صوتها ( كلا بالطبع .. انه جاهز ولكنك فاجئتني بطلبك اللقاء الان ) اشار الى الملف الموضوع بيدها مجيبا بخبث ( ولكني ارى الملفات هنا معك .. هيا ارني عينة منها لنتفق بعدها على السعر ) كلماته اطلقت جرس انذار الحذر بداخلها لتتراجع ببطء ارادت منه الابتعاد قدر استطاعتها مدركة خلو المكان .. ارادت ان تستفسر وتساله ولكن ضوء غشي المكان فجأة لترى كوكبة من رجال امن الشركة يحيطونها مع عدد من رجال الشرطة .. لثانية لم تفهم شيئا خاصة عندما برز عمر من بين الرجال ومعه رجل تعرفت عليه على انه مدير عام مراكز الشرطة ورأت بعيني عمر ذهوله وهو يقول ( لا يمكن .. هل يعقل ان تكوني انتي يا دفنة بعد ان وثقنا بك سبب تهريب اسرار التصنيع لدينا ) لثانية ارادت ان تنكر .. ان تصرخ وتحاول افهام الجميع ما حدث ولكن .. نظرة منها لمن حولها .. ثم لعيني عمر المتحجرتين بلؤم .. وضحكة اكرم الخبيثة واللذي ظهر من العدم .. منظر مدير الشرطة المصدوم وكلمات الموظف اللذي ظنته للتأمينات وهو يخبرهم انها من عرضت عليه هذه الاسرار وبانه لا علاقة له .. كل هذا لمع في ذهنها لتدرك امرا واحدا اكيدا .. انها وقعت في فخ عقرب نسج حولها شباكه بكل مهارة وبخطة لا ثغرة فيها .. خطة جهنمية قادتها بقدميها لتلف حبل المشنقة حولها .. دارت مرة اخرى في الوجوه وجسدها ينتفض لا تدري بمن تثق الا ان عيناها عادتا اليه باستنجاد اخير .. استنجاد قتل مع جليدية عيناه وصوته القاتل يقول بكل وضوح ( شركتنا سترفعقضية على الشرطية دفنة تتهمها فيها بتسريب اسرارها الصناعية بحجة العمل وسنطالب بايقاع اقصى العقوبات عليها خاصة ان لدينا اقرار موقع منها تتعهدنا فيه عند بداية عملها بانها لن تسرب اي معلومة من الشركة .. لذا اطلب من سيادتكم فتح تحقيق فوري بما حدث ) .. كانت كلماته كرصاصات قتلت دفنة ببطء كسر بداخلها كل روحها والسواد يحيط بها متسللا بعناد وعقلها يرفض ان يصدق بان من وثقت به طول حياتها هو من اوقعها في بؤرة جحيم مستعرة .. لثانية غاب الجمع عنها ولم يبق امامها سواه لتلفظ امامه انفاسها الاخيرة قبل ان تستسلم لذاك الدوار العنيف اللذي اصابها وتغرق في دوامة اللاوعي فاقدة وعيها بالكامل وجسدها يترنح بعنف قبل سقوطه اللذي لحقه عمر بسرعة جنونية لتتلقفها يداه في اخر ثانية قبل اصطدامها بالارض مدركا انه قتل في هذه اللحظة حبيبته دفنة بيديه مقابل وصوله لهدفه الاكبر .. رئيس عصابات المافيا بتركيا .
انتهى الفصل الثاني

noor elhuda likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 22-07-17 الساعة 10:49 AM
حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-17, 12:39 PM   #7

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

سامحوني الفصل كان بدايتو غير مدرجة لهيك نزلتها بالمشاركة التالية

حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-17, 12:59 PM   #8

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
Elk

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية قوية ومشوقة واسلوب متمكن وسلس
احيييك عليه جدا واسعد بمتابعتك جدا


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 21-07-17, 01:07 PM   #9

أميرة الوفاء

مشرفة منتدى الصور وpuzzle star ومُحيي عبق روايتي الأصيل ولؤلؤة بحر الورق وحارسة سراديب الحكايات وراوي القلوب وفراشة الروايات المنقولةونجم خباياجنون المطر

 
الصورة الرمزية أميرة الوفاء

? العضوٌ??? » 393922
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 11,306
?  نُقآطِيْ » أميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond repute
افتراضي


بداية قوية ، أسلوب جميل ..
دفنة و عملها في تلك الشركة مع عمر ، صديق الطفولة والحبيب الذي رحل بعد أن برأ والدها من تلك التهمة المقصودة من أجل التخلص منه .. شو السبب اللي دفعه للرحيل وتحوله إلى ذاك الشخص القاسي ..
واضح أنه لم يتمكن من نسيانها ،رغم الواجهة الجامدة القاسية ، إلا أن بنظرة لعينيها ينفجر البركان داخله ..
هل ستنجح دفنة في مهمتها وتكشف رجال العصابة أم ستواجهها مخاطر ومصاعب هناك ، وماذا سيحدث معهما بعد أن يصير اللقاء بينهما دائم لمدة شهر .. وهل سيستطيع عمر السيطرة على مشاعره أم سيضعف ويستسلم ..
ماذا سيكون رد فعل بامير لما يكتشف أنها رفضته بسبب آخر يسكن قلبها ، هل سينسحب أم يكون له رأي آخر ويحارب ليحصل عليها ..

متابعة معك إن شاء الله ..
بالتوفيق بإذن الله ..
..


أميرة الوفاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-07-17, 01:44 PM   #10

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

دافنة و بامير


الفهد الاسود عمر ابليكجي و دافنة


الست واثقة من انه بريء..الست متاكدة بان الظاهر دوما يخالف حقيقة الامور


فالمدافع هو الشخص اللذي يشك ببراءته
اما البريء فلا يدافع بل يجعل من حوله يدافعون عنه لثقتهم فيه

..استمري بحياتك بقوة ودون بادرة ضعف
او حتى محاولة شرح عن والدك فكل ما ستقولينه هم يعرفوه وينكروه بجهلهم..
وانتظري ..
فحقيقة الخديعة ستظهر قريبا..اقسم لك ان تجديها تصدح في الارجاء في يوم ستستيقظين على ضجيجها..

لتري نظرات الذهول والخزي في نفس العيون التي شمتت بك ..
وتتلقي عزاءك بفخر يليق بوالدك .. لا اريد منك شيء سوى الاستمرار بحياتك كما اراد والدك فهكذا تثبتين نجاحه في تربيتك
..اما الباقي..
فاتركيه علي..
فهذا واجبي وديني نحوه..هل تثقين بي وتعديني )
( اثق بك..واعدك )


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
#ظ„ط§_ط?ظ„ظˆظ…ظ?ظ†ظ?

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.