حفل الختام علت وجهه العبوس ابتسامة رضا، سار بين أصفيائه مبتهجا بحلته الزاهية تمنحه النظارة السوداء مهابة، أنعشته نسمات الفرح و الأيادي تتسابق لمصافحته، أقشعر جسده لتمسحهم به كقطط بلدية، حول بريق الكاميرات وجهه القمحى لحمرة متوهجة، طيب بلمسات كفه خواطر المتنازعين على مركز اللقطة، ضمهم لجناحيه، تناثرت الصور فى العالم التفاعلى، حصدوا تعليقات المجاملة، دفعته أمواجهم لسيارة زينوها بالورود و البالونات، ضخت الدرجات النارية وقودها الخانق، تصدرت موكب عربات من كافة الموديلات، تذيلها باص حمل من لا يملك ظهرا، طيرت المسيرة عصافير التكهنات بين المارة فى شوارع المدينة، خمنوا هوية صاحب الركاب، لوحوا له، اخرج يده من السيارة ليرد تحيتهم، ترجل عند بهو فندق على النيل، تبختر على السجادة الحمراء لقاعة توسطها صورة ضخمة له، توجت الطاولة الرئيسية باقات الورد، وعرضت الشاشة الكبيرة لقطات لشخصه، شهادات تكريم نالها، بنى مهندس الديكور هرما من الهدايا، توافد الكبار من باب خلف المنصة، انتظمت النجوم على الطاولة الرئيسية، أجلسوه فى المنتصف، غردت العنادل على قسمات وجهه، توالت فقرات الحفل، قدمها مذيع خفيف الظل، تعامل بحنكة لإيقاف نمو قائمة طالبى الكلمة، اكتفى بخطيب اختاره لمدحه نيابة عن مرؤوسيه، قال بلهجة مسرحية : إنه الحب يا سيدى الذى 'قذف فى القلوب فأطل من العيون و صدحت به الحناجر.
دوى التصفيق، زغردت النساء، بلغت حرارة الانفعالات حدا أوقف أجهزة التكييف عن الخدمة، اشتعل حريق صغير من تلامس حميمى لأسلاك الكهرباء، احترقت نجفة تشبه جميزة مقلوبة، انسحب متصدرى المنصة، لم يلتفت إليه أحد، توالت أأوامره لنفر لمن بقى معه، افصلوا التيار، افتحوا بسرعة النوافذ، هدوء، سنواصل فقراتنا، قفز عامل مكتبه، ألتقم المايك، حقق أمنية كتمها حفاظا على كرامته، ألقى خطبة تململ المحتفى به عند سماعها، صفق من أقعدهم الفضول، حانت لحظة الحقيقة، دعاه الجمهور ليختم الحفل بنصائحه الذهبية لخليفة تركه ليتلقى التهانى، فقد الراحل الرغبة فى ألقاء خطبة نمقها ، طعمها بالسجع و رصعها بالشعر، أعلن من تولى الاذاعة عن تسليم الهدايا، نقلها العامل للمنضدة، انهالت قبلات الوداع على خديه، ضايقته رائحة افواههم، تلفت حوله بحثا عن مساعد لينقل الهدايا خارج قاعة يستحثه مديرها على أخلائها.
طارق الصاوى خلف |