آخر 10 مشاركات
بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          ذكرى التوليب (1) .. سلسلة قصاصات الورد * مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان الشاعر - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          روايتي "حمل الزهور ألي كيف أردهُ؟ وصبايا مرسوم على شفتيه" * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          عودة من الجحيم - ج2 ندبات الشيطان - قلوب زائرة - للكاتبة::سارة عاصم *كاملة & الرابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          كُن لي عناقً وسأكون لك ظلاً كُن لي مأوى وسأصبح لك وداد (الكاتـب : تدّبيج - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قلوب خيالية( روايات ونوفيلات متعددة الفصول)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-09-17, 07:24 PM   #11

سما نور 1

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سما نور 1

? العضوٌ??? » 310045
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 11,168
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » سما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يضيق الكون في عيني فتغريني خيالاتي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الخامس .......
نيران حمراء ملتهبة تضوي بين ركام السحب السوداء،تدوي بفحيح غاضب وناقم، تتحدث وتتهامس عن فتح أبواب الجحيم، فتزمجر لاعنة كسر هدنة السلام بين مخلوقات اندثرت وتراكمت عليها أطلال الزمن الماضي مانعة اياها من الخروج، لكن أطماع وجشع القلوب المغلفة بأحقاد وأنانية الرغبة بأن يكون جنسهم الأعلى بالهرم بين المخلوقات كسر الهدنة وأشعل فتيل الحرب.
زأرت صارخة، ولعنت ناقمة عدم قدرتهم بالقيام بما طلبته منهم:
"أيتها الحمقاوات الغبيات!!"
رمت احداهن بغضب استعر بجنون أخرجته كموجة نارية ناحيتها لترديها على الأرض ساقطة، لم تتحرك من شدة الكتلةالثقيلة التي أصابتها، وصرخت تعيد قذفهم بالسباب واللعنات.
"حمقى!!... لا فائدة منكم، كيف لم تقدروا على احضارها إلى هنا؟؟... كيف تغلبت عليكن وأنتم مجموعة؟؟"
"مولاتي......"
"اخرسي!!... لا أريد سماع أي أعذار"
تحركت بعشوائية تكاد تنفجر من غيضها وأخذت تردد:
"يا إلهي... أنا محاطة بمجموعة من الغبيات، لقد أضاعوها مني"
اتجهت ناحية عرشها الضخم نحت على شكل ثعبان الكوبرا وقد فتح فكه وظهرت أنيابه الحادة يكاد يلتهم فريسته، بلون أسود كلون قلبها الحاقد والممتلئ بالكراهية لغير جنسها،وتربعت عليه وعيونها تومض بالخطر ونية القتل برقت بمقلتيها.
أغمضتهما وقد استبد الضيق بها من عدم حصولها على مبتغاها.
لحظات لتقترب غويل منها ولم تنكر الخوف الذي سرى بجسدها من ردة فعلها بما ستقوله، وركعت على الأرض ورأسها منخفض من الذل لخسارتهم الفادحة.
"مولاتي... استمعي إلي رجاء!!"
فتحت عيناها لترى الموت بداخلها فترددت لثوان ثم استجمعت شجاعتها وقالت :
"مليكتي... لقد فعلنا كل ما باستطاعتنا للامساك بها لكنها كانت قوية"
سكتت تبحث عن كلمة توصف بها ما رأته وقالت ومازال الانبهار يشلها بالرغم من أنها هزمتهم شر هزيمة .
"كانت جبارة بحق، لو رأيتها يا سيدتي ما شيدته بقواها الخارقة، إنها تستحق أن تكون خليفتك يا مولاتي"
احساس بالراحة طغى عليها، لتسترخي ملامحها الجامدة وانزوت ابتسامة سعادة لسماعها هذه الأخبار السارة لتتكلم بعد صمتها :
"انهضي غويل واقتربي"
رفعت غويل نفسها وتحركت ناحيتها مطيعة وخاضعة وأمسكت كفها الممدودة لتقبلها كالخادم الوفي.
"حدثيني عما جرى هناك؟؟... حدثيني عن قوتها الخارقة التي لم أختبر منها سوى القليل، فهي لا تعرف بعد مقدار طاقتها الكامنة التي بداخلها، تحدثي فأنا بشوق لمعرفة ما هي قادرة على فعله"
اقتربت باقي الساحرات راغبات بالاستماع لقصة تلك الفتاة الموعودة بإمساكها تقاليد حكم العالم، لطالما سَرت أحاديث وقصص عن ظهور فتاة نابغة ذات قدرات خارقة لن يقدر أحدا على التغلب عليها، وسيقع العالم بين يديها .
لهذا سعت ازميرالدا للعنها لتكون تابعة للشر، لكن وجود خمينا حال دون أن تنجح خطتها بتقيد قوى الشر بداخلها محيطة اياه بجليد غير قابل للكسر فهذا ما وصلهم من أقاويل .
أخذت الساحرة أنفاسا طويلة ثم بدأت بسرد ما حدث، والصور تتوالى عليها تذكرها بهزيمتهم النكراء تحت يدي فتاة صغيرة لم تتجاوز الثامنة عشر.
"أنت من اختار"
لتعطي اشارتها لباقي رفيقاتها بمحاصرتها والاقتراب منها خطوة تتبعها خطوة أخرى وعلى وجههم ملامح الشر، ظلت هيلينا واقفة بمكانها وعيناها تتابع كل حركة تصدر منهن إلى أن أغمضت عيناها واستدعت قواها الخارقة لتهتز الأرض تحت أقدامهم، وبثت الرعب بقلوبهم المتحجرة، وزاغت أبصارهم وهم يرون نثرات الثلج ترتفع للأعلى محملة بالحجارة وأشياء أخرى لا يعرفونها، ودارت حولهم مشكلة زوبعة وقد توسطوا هم مركز الاعصار.
حركت يدها بحركة سريعة لتزداد حركة الهواء من حولهم ليجذب شظايا الأغصان اليابسة، واقتلعت بعض الأشجار المتيبسة ليكون سلاح قاتل لن يجرؤ أحد على اختراقه.
ابتسمت لهن بانتصار وقالت :
"فلنبدأ الآن القتال...."
تطلعت الساحرات لبعضهن البعض بخوف ظهر جليا على صفحة وجههم، فزعقت بهم غويل تحثهم على المعركة، وأن أزميرالدا لن ترحمهم إن لم يحاولوا الامساك بها.
وكأنها ألقت تعويذة سحرية عليهم بنطقهم اسم مليكتهم، لتتوحش وجوههم وتتحول لملامح بشعة، ولمعت عيناهم ببريق ناري قادر على احراق كل ما أمامهم لكن ليس هي.... ليست هيلينا من تخشى القتال، فبسابق كانت تقف بمواجهة الأخطار فكيف لها الآن أن تخشاهم وهي تملك تلك القدرات .
حركت أصابعها كأنها تلقمهم برصاصاتها ومع تحركهم حركت أصبعها لتسحب احدى الأحجار من الإعصار وترميها عليها لتقذفها من قوتها بعيدا لتسحبها الدوامة بداخلها وصراخها المستغيث ينادي إلى أن انقطع .
أعادت أنظارها للباقيات وهتفت:
"حسنا... من التالي؟؟"
"تبا لك!!... تلك كانت شقيقتي "
زمجرت بها احدى الساحرات لتسرع الخطى ناحية هيلينا ممتطية مكنستها على سرعة عالية، وتخطت أول قذيفة برميها بإحدى شعوذتها وتقدمت مثابرة أن تنتقم لشقيقتها.
عادت هيلينا ترميها بأي شيء تطاله، فالتقطت جذع شجرة لتسحبه بكل طاقتها وتصوبه باتجاهها لتصدمها وترفعها للأعلى ليبتلعها الاعصار ويلقيها بعيدا كما فعل بسابقتها.
فبقيت اثنتان وتطلعت إليهم هيلينا مستطردة:
"والآن... دور من ؟؟"
"تبا لك.... تبا لك...هتان كانتا من أقوى الساحرات"
رفعت هيلينا حاجبيها بتعجب وقالت :
"أنت تمزحين بالتأكيد!!"
"أتسخرين منا؟؟"
رفعت كتفيها دون مبالاة وقالت تريد الانتهاء من هذه المهزلة
"في الحقيقة ........"
لتباغتها بقذيفة انطلقت كما الصاروخ ناحيتها لكن غويل كانت قد فطنت لها لتسحب عصاها وتشكل حولها قوة مغناطيسية كدرع حامي لترتطم بها الصخور بقوة شديدة فتصدع درعها من الضربة التي تلقتها لكن بالنهاية حمت نفسها من بطش أسلحتها الفتاكة، وما أن سقطت الحجارة حتى انطلقت باتجاه هيلينا وأشاحت بعصاها بموجاتها الكهربائية حتى صدتها هيلينا بسهولة عن طريق صنع درع من الجليد.
توقفت غويل تلتقط أنفاسها الثائرة وعيونها لم تحد عن خصمها وبإشارة سريعة لرفيقتها انطلقتا تعدوان معا قاصدين التشويش ومغافلة طريدتهما لكنهما أخطآ بالحكم عليها، فهما لم تعرفا بمهارتها الميدانية وتكتيكاتها التي أتقنتها من والدها بفنون المعارك.
فسحبت سيفها البتار ليلمع بريقه تحت ظلمة الليل الذي طغى على المكان مع اشتداد المعركة الطاحنة التي تدور رحاها بين فئتين غير متكافئتين بالقوة.
رفعت سيفها للأعلى ليتحول لجليد ومن ثم أشاحت به بنصف دائرة ووقفت على أهبة الاستعداد لقدومهم وهذا ما كان، ما إن اقتربتا حتى بادرتهما بهجمة عنيفة أطاحتهما بإدارة سيفها دورة كاملة مع هبوب عاصفة أخرى خرجت من جليد بتارها مع أنثال جليدية حادة تضاهي بحدتها نصل سهامها
لتطيرا عاليا بالفضاء وتحطا على الأرض وقد خارت قواهما من المواجهة الحادة التي جعلتهم يستنفذون كل طاقاتهم بسبيل النيل منها.
حلت هيلينا دوامتها وتساقط كل ماحمله الاعصار من ركام على الأرض
لتهتز من ثقل أحجامها كأن زلزالا مر من هنا .
اقتربت من غويل وأعادت سيفها بغمده ومالت منخفضة بالقرب من أذنيها توشوش لها برساله لتنقلها لغريمتها.
"ما هو محتوى الرسالة؟؟"
فقالت غويل مجبرة بإخبارها وهي تعلم بكيف ستكون ردة فعلها.
"أخبريها بأنها لن تقدر علي، ولن تجدني أبدا"
انتفضت أزميرالدا من قعدتها صارخة بوجه الجميع بعد أن كانت ابتسامتها تعلوا شفتيها حتى اختفت بعد رسالتها تلك، ووجهت جنونها ناحية مساعدتها غويل:
"ما الذي تقصدينه بأنني لن أجدها؟؟... هيا تحدثي!!"
"لا أعرف يا مولاتي، هذا كل ما حدث لتختفي بعدها"
انتفخت أوداجها، وثارت حممها، واشتعلت عيناها بنار ملتهبة، وبدأت بالتحرك دون هوادة كنمر حبيس قفصه، لتتوقف بغتة وأغمضت عيناها ورفعت كفيها للأعلى تناجي شياطينها المساعدة بالبحث عن ضالتها.
همهمت ببعض العبارات الغريبة وعيناها تحولتا لبياض مخيف، ظلت على هذه الحال لفترة قصيرة لتعود بعدها وهي تحطم كل ما حولها و تصرخ بسعير كاسح.
"لم أجدها... أين اختفت؟؟... أين اختفت؟؟... أين؟؟"
ابتعد الجميع عن مسار عينيها خوفا من بطشها، فلو وقعت أنظارها على واحدة منهن لكان مصيرها الموت المحتم.
مر عليهم بعض الوقت العصيب وهم يرون هديرها يكتسح كل ما هو أمامها ورويدا رويدا بدأت تهدأ وتستجمع طاقتها المهدورة.
عدلت من تاجها وهندامها ودارت مقلتيها حولها لترى الوجوه الخائفة لتنطق بكره :
"جبناء..."
تحركت باتجاه كرسيها لتعتليه ثم نادت بصوتها الجهوري شياطينها لتتقافز كتل حمراء صغيرة الحجم، لها قرون سوداء، وذيل طويل له نهاية مدببة لتأمرهم بالانتشار والبحث عن خليفتها، وجلست تنتظر وقد برقت عيناها بخطة جهنمية أخرى ستقدر بها أن تحصل على غنيمتها .
***************************

مر أسبوعان منذ أن كشف الستار عن اللعنة، وتحولت البلاد من الأمان والرخاء والعيش الرغيد إلى النقيض تماما، فأعلنت حالة الاستنفار، ودخلت في حالة من المخاض العصيب.
فكأن اللعنة حلت على البلاد أيضا، فقد تدفقت الثلوج تتساقط دون توقف واستمرت بالهطول وتحولت لعروس ترتدي فستانها الأبيض بليلة زفافها،
أما سماءها فالحداد لم ينتهي، فارتدت فستانها الأسود تعلن عن الحال المتردية التي شاعت في البلاد .
كحال القصر... فالسكون طغى على ممراته وغرفه وكأن الأشباح قد سكنت هذا الصرح العملاق، واختفت باقي الأرواح الحية، ولكن في أحد غرف القصر، خرج منها أنين موجع للقلوب الحزينة التي نعت ملكها وقد توارى جسده تحت ثرى، تاركا خلفه غمامة لا يعلم أحد إن كانت ستنقشع أم ستلتهم البقية الباقية من أنفاسهم.
"ماري!!... ما تفعلينه بنفسك لا يصح؟؟... توقفي يا بنتي عن البكاء، فهذا لن يعيد أباك للحياة، كما أنه قد مر أسبوعان لوفاته وأنت تحبسين نفسك بغرفته"
وقف رئيس المستشارين بقلة حيلة ينظر للفتاة الصغيرة القابعة على فراش والدها تحتضن وسادته، يعلم بأنها متألمة لفراقه لكن ما بيده حيلة، عليه أن يخرجها من ضياعها والامساك بزمام الأمور قبل أن تتطور وتدخل بمرحلة خطيرة لن يستطيعوا الخلاص منها.
التفت للرجل الواقف بجانبه وهمس بخفوت:
"بني.. افعل شيء ما؟؟... يجب أن تجعلها تنهض من كبوتها تلك، فقد تغيرت الأوضاع، وعلينا أن نفعل شيء ما يعيد نصاب الأمور لمكانها الصحيح"
اقترب الرجل من السرير وتطلع للفتاة بعيون ملئت بالأسى لحالها،
"فكيف كانت بالأمس، وماذا غدت اليوم" .
انزوى حاجبيه بتقطيبه.. فلو لم يرى ما حصل لها لقال أن من يراها الآن لا تبت لماري بصلة،فتلك المتكومة على الفراش متخذة وضعية الجنين فتاة أخرى تربع الحزن مآقيتها، وتركت الآلام تستولي عليها، ورمت بقوتها ومرحها عرض الحائط، يجب أن تخرج من هذه النكسة فهي أقوى مما تعتقد.
أمسكها من أكتافها وجرها ناحيته بعنف صارخا بوجهها:
"ماري... أنت فتاة جبانه ومستسلمة، لم أعتقد بأنك هكذا أبدا؟؟"
هزها بعنف يوقظها من قوقعة رثاء النفس، وعاد يستفزها من جديد فما يعرفه عنها فهي تبدي عكس ما يطلب منها فأمل أن تنفع معها هذه الطريقة .
"أنت فتاة ضعيفة.... انهزامية"
ودفعها عن يده كشيء مهلهل ونهض من الفراش يوليها ظهره وبدأ بِعَدِ خطواته فلو كانت هي ماري التي يعرفها فهي ستنفض ما يختلجها من هموم وستصرخ بكل قوتها ....
واحد.... اثنان... و...
"دميتري أيها الأحمق!!... كيف استطعت أن تنعتني بالضعف والجبن؟؟"
تحركت من مكانها واقتربت منه تسحبه من ذراعه ليواجهها وبدأت سلسلة سبابها، فظل واقفا فقط يستمع إليها وقلبه يطرب فرحا لرؤيتها غاضبة فهذا إن دل إلى عودتها للحياة.
مرت الساعات طويلة قضاها المستشارين بإقناع ماري بتولي العرش وقيادة البلاد للخروج من هذه العقبة التي تمر بها، وبعد مشاورات ومجادلات عقيمة لم تصلهم لحل المعضلة، وقفت بعد أن كان الصمت حليفها، وهي تستمع لحديثهم وحثها على اعتلاء الحكم لأنها ولية العهد الباقية من الأسرة الحاكمة وفتحت فمها تتكلم بعزم شع بعينيها:
"لا بد بأنكم قد نسيتم شقيقتي هيلينا!!.. فهي الأحق بحكم البلاد"
تطلع الجميع لبعضهم البعض بتوتر وتحدث كبير المستشارين:
"لكن يا ابنتي... نحن لا نعرف أين هي هيلينا؟؟.. وما حدث لها يستحيل أن ينصبها الشعب حاكمة لهم؟؟"
"لا... هم سيفعلون، وهلينا هي من ستجعلهم يوافقون، كما أنها هي من ستحل اللعنة عن بلادنا"
"لكن نحن لا نعرف مكان هيلينا؟؟... كما لا نعلم إن كانت قادرة على فك اللعنة؟؟"
فهمست وهي تنظر للجو العاصف من نافذة الغرفة .
"سنعرف هذا عندما أذهب لرؤيتها"
"هل جننت يا ماري!!"
تكلم دميتري بعد صمته هو الآخر، فقد جلس يصغي دون أن يتدخل لكن تهورها لا حدود له ومع نطق رغبتها بالخروج بهذا الجو الغير طبيعي للبحث عن شقيقتها كان كالشعرة التي قصمت ظهر البعير .
ولكن كأنه يحادث الجدار فقد انطلقت ماري دون أن تعبأ باعتراضه، وغادرت غرفة الاجتماعات وبعينيها اصرار كبير بإيجاد شقيقتها واعادتها لتولي مقاليد الحكم فهي الأحق بها منها هي، فقد ولدت كملكة ولن يجلس على ذلك الكرسي من بعد والدها سوى هيلينا .
ارتدت ملابس ثقيلة ثم امتطت حصانها ورمت بعض الأوامر لمستشارها بأن يتولى الأمر ريثما تعود مع شقيقتها، وانطلقت دون أن تنظر للخلف فأمامها هدف وعليها أن تصل إليه .
***************
"مولاتي.. لقد جئتك بآخر الأخبار!!"
هبت من مقعدها مسرورة وهتفت به ليمطرها بالأخبار السعيدة.
"ماذا!!... هل وجدتها؟؟.. أين هي؟؟... هيا هلم إلي بها"
بهت قليلا وأمسك ذقنه بحيرة بماذا يقول لها.
"مولاتي...أنا لم أجدها"
تهدلت كتفيها وزمت شفتيها لكن استطراد شيطانها بالحديث جعلها تنصت باهتمام:
"سمعت أن شقيقتها قد خرجت للبحث عنها لتعيدها للمملكة، فالملك قد توفي يا مولاتي"
فكرت وفكرت ثم قالت بتأني وشر:
"لما لا... فالطريدة تحتاج لفريسة كي تخرج من مخبئها، وليس هناك أفضل من الشقيقة الصغرى"
قهقهت بصوت عالي ورجت قاعتها بصوتها البشع لتتعالى ضحكات الباقيات لسرور الملكة.
"هذا جيد، والآن نحتاج لشيء ما كي يسرع من خروجها، لأن شقيقتها المسكينة في خطر وتحتاج للإنقاذ"
مسحت دمعه وهمية من على وجهها الحزين وقالت تمثل الخوف:
"فالغابة تسكنها وحوش ضارية تبحث عما تقتات عليه لتسد رمقها بهذا الجو البارد"
اتخذت وضعية التفكير وأخذت تعدد أسماء لبعض المخلوقات التي قد تساعدها بالإطاحة بصيدها.
فرك الشيطان كفيه وقال يعطيها الجواب لمحنتها:
"ما رأيك بـ......."
كانت تستمع له بإنصات وصفقت بسعادة لحصولها على المتعة والتشويق
" فكرة عظيمة"
وبدأت مهمتها بالاستدعاء والتحدث مع حليفها لتصلها الموافقة على اتمام المهمة، فعادت ترتقي عرشها وقد تشدقت ملامحها بالسعادة والنشوة من وصولها القريب لمبتغاها .
***********************
"لما كان على شقيقتي أن تمتلك لعنة الشتاء؟؟.. لما لم يكن الصيف أو الخريف فهو مقبول نوعا ما"
تحلطمت ماري وتأففت بتذمر وهي تحارب الرياح الشديدة التي تعصف بوجهها، والثلج المتكدس يعيق حركة الحصان لكنها تحثه على الاستمرار ضاربة بقلبها الهادر بخوف بدأ يعرف طريقه إليه من الظلمة الموحشة، وحفيف الأشجار كأنها تتكلم وتتهامس فيما بينها، كما أنها شعرت بعيون وحشية تترصدها.
التفتت عدة مرات تتطلع للخلف لكنها تعود وتثني نفسها عن العودة والتدثر بدفء فراشها، فصورة شقيقتها وهي تودعها الوداع الأخير ظلت عالقة بذاكرتها ولم تختفي، بل تركزت عيونها الملتاعة لفراقهم بعمق فؤادها.
فيسري العزم للقياها وعودة الأمور إلى ما كانت عليه بالسابقفهذا حلمها الأوحد.
حركت رأسها موافقة على حديث النفس وواصلت المسير وعيناها تتحرك دون هواه بكل مكان خشية ظهور حيوانات مفترسة، لتعود وترغي وتزبد...." لما كان فصل الشتاء...."
عادت تضرب الحصان ضربات خفيفة كي يتقدم لكنه توقف وأخذ بالتراجع وهز رأسه رافضا ما تريد منه فعله.
أمسكت لجامه وشدته لكن دون فائدة، فالحصان خائف وينتفض وكأنه استشعر وجود شيء ما خلف الأحراش.
ربتت على ظهر الحصان برفق وحادثته بخفوت تهدئ من روعه وعيناها مصوبه للبعيد تنظر وتحدق، ثوان هي أو أقل منها عندما برزت من خلف الشجيرات أكبر عيون لامعه شاهدتها بحياتها،وهمست بشفاه مرتعبة:
"ذئاب!!"
وبدأت معركة البقاء على قيد الحياة.
سحبت اللجام بقوة مغيرة وجهتها بعد أن اتضحت الرؤية جيدا بظهور ذئاب وحشية ذات أجسام ضخمة تضاهي بهذا حجم الدب أو أكبر منه، وارتفاعها يصل لطول الحصان، وملامح وجهها المرعبة تنطق بالشراسة والرغبة بالفتك، فأنيابها الحادة تنادي بتذوق الدماء، وعيونها كانت توحي بالمكر والخداع وبأعماقها كان يكمن شر قد تأصلت جذوره بداخلهم.
أخذت تعدوا بفرسها بسرعة البرق تبحث عن منفذ للهروب لكن هيهات أن تبلغ الأمان،والذئاب تحيط بها من كل الجهات.
أسرعت الخطى والحصان يركض بأقوى ما يستطيع لكن الثلوج أعاقتهم
والرياح المعادية أبطأت تقدمهم.
رفع حصانها قوائمه الأمامية للأعلى بعد أن تقدمه أحد الذئاب مستعرضا أسنانه البيضاء الحادة التي تنتظر أن تنغرس بلحمهم الطريفقفز الذئب يشن هجومه الأول قاصدا الفارسلتمسك ماري بسوطها وضربته على وجهه بكل طاقتها ليسقط على الطرف الآخر، ولكزت حصانها بقوة على جانبيه ليصهل بصوت عالي مخترقا سكون الغابة المريع.
جلس أحد الذئاب على قائمتيه ورفع رأسه للأعلى بعواء مخيف وحاد مناديا باقي رفاقه بوجود طريدة لتكون وليمة عشائهم.
أغلقت ماري أذنيها فقد اخترق طبلة أذنها وكادت أن تصاب بالصمم من شدته، وغفلت عن لجام حصانها ليفزع هو الآخر من زمجرة الذئب لينتفض مرتفعا عن الأرض مسقطا فارسه من على ظهره ويولي الأدبار مخلفا وراءه فتاة ترتعب من الفزع وتودع الوداع الأخير لهذا العالم .
وقفت متوسطة الحيوانات المفترسة المحيطة بها بكل الجوانب وبيدها سوطها شاهرة إياه للأمام كسلاح ضدهم، تأملت الذئب الذي يقف أمامها وقلبها يهدر بضربات عنيفة صاما أذنيها من سماع أصواتهم المعلنة عن سقوط فريستهم
وناظرته لتقسم بأنه كان يبتسم لها بسخرية.
أمسكت بالعصى كطوق انقاذ ورفعتها للأعلى وصرخت:
"إياكم والاقتراب وإلا قتلتكم..."
تجمدت بمكانها وهي تسمع صوته الخشن يحادثها:
"هل تعتقدين أن هذه العصى ستعيقناعن التهامك؟؟"
وعاد يقهقه بصوت غليظ ومرعب جعل الرعب يدب بجسدها الصغير لترتجف يدها وتسقط السوط من كفها ثم هوت على ركبتيها وهي ترى نهايتها قد أوشكت وهمست بعيون زائغة:
"أنت تتكلم؟؟"
" بوووو!!... مفاجأة... لقد كشفتنا"
هزت رأسها غير مصدقة ما تسمعه وحادثت نفسها بأن عقلها قد أصابه مس ما اثر سقوطها عن الخيل.
"لا... لست مجنونة، وما ترينه صحيح، والآن كلمة أخيرة قبل أن تموتي"
أسدلت أهدابها بتحرك الذئب ناحيتها وقالت بهمس ودموعها تهطل أنهارا على وجنتيها :
"أحبك هيلينا...."
و...............













سما نور 1 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-10-17, 01:25 PM   #12

سما نور 1

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سما نور 1

? العضوٌ??? » 310045
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 11,168
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » سما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يضيق الكون في عيني فتغريني خيالاتي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السادس........

عندما ترى ملك الموت وقد جاء ليقبض روحك فإنك ترى شريط حياتك
يمر عليك كسرعة الضوء فيأخذك لأبعاد الماضي صور أحبائك، أشخاص تكن لهم الود، صديقات، مكانك المفضل، ومواقف تتمنى لو أنك تستطيع تغيريها،والأهم.... ترى نواقض أفعالك طوال فترة نموك، فإنك تتمنى لو يعود بك الزمن كي تكون أفضل مما كنت عليه بالسابق .
"لكن... ليس كل ما يتمناه المرؤ يدركه "
تعتصر جفنيها بقوة، وكفيها متشابكين بدعاء خفي، ووجهها محمر من كبتها لدموعها، وجسدها قد استبد به البرد من طول فترة بقائها على الثلج ولم تعد تشعر به، وقلبها يهدر بها من شدة ضرباته تعتقد بأنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يقع الحدث.
وهناك فجأة وسط الظلام، وسط الرعب والفزع، يطل عليك شبح أحدهم كنور مشع وسط سواد كثيف وسميك تعرف بأنك لن تستطيع الفكاك منه، لكن هي دائما بجانبها، ألم تعدها بهذا مرارا وتكرارا!!.
"ماري حبيبتي... أنت أقوى مما تعتقدين، حاربي عزيزتي وقاومي، بأوردتك تسري دماء محاربين، فأنت ابنة الملك، تذكري هذا، تذكريه دائما".
واختفت كما ظهرت، وكان لكلماتها تلك كنداء استيقاظ لروحها القوية والمثابرة، صحيح أنها لم تستخدم السلاح يوما وليست من محبي القتال، إلا أنها تمتلك أقوى سلاح بالعالم أجمع"عقلها ".
فكت أصابعها المتشابكة وسقطت على الثلج، فانتشرت برودة على كامل جسدها يوقظه من جموده، وسرت نيران بشراينها، وعقلها بدأ يدور ويعمل بقوة تروس عالية الجودة، أفكار تتوافد، ووقت شارف على النفاذ، فأنفها يلتقط رائحته الكريهة تقترب منها.
عدة خطوات ويصل إليها، فاستشعرت خبثه برغبته باللهو بأعصابها فتلك تكتيكات الحرب.... شل حركة خصمك بإدخاله بقوقعة الخوف والرعب وأن حياته قد انتهت ولا أمل بالنجاة وبعدها يصبح التخلص منه يسيرا.
وهذا ما يقوم به وقد كاد أن ينجح بلعبته تلك.
خطوتان... خطوة... فتح فمه وقال:
"للأسف... اعتقدت بأنك ستضفين بعض الإثارة وأنت تقاومين ولو قليلا، كم أنت مملة وضعيفة "
فتحت عينان مشتعلتان بزرقة غامت بغضب هائج وصاحت بهمس بارد:
"لقد أخطأت بكلماتك أيها الحيوان القذر!!"
بهت قليلا من رؤية شعاع عينيها الملتهب وبكلماتها النارية، فعاد يبتسم بتفكه وقال يحاول اللعب بعشائه قليلا :
"كلمات كبيرة من جسد صغير،أمممممممم وما الذي أنت قادرة على ....."
ولم يكد يكمل جملته حتى بادرته بصفعة قوية من سوطها فوقعت الضربة على عيناه مخلفة جرح عميق وغائر ليصرخ بعواء مخيف ومتوجع فأخذت تراقبه وهو يتلوى على الأرض من شدة الألم، والدماء خضبت بياض الثلج إلى الاحمرار.
لحظات فقط لتدرك أن هذه فرصتها للهرب من قبضته لتأمر ساقيها الخدرتان بالتحرك... فإما الأن أو فلا .
فزت تنفض غبار الاستسلام وقفزت تسابق الرياح الهوجاء ونظراتها تحدق للأمام، وحفيف أغصان الشجيرات تتلاطم وتزداد حركة كأنها تحدثها وتخبرها بأن تسرع الخطى، فلو أمسك بها لن يرحمها هذه المرة ولن يؤجل المحتوم .
التفتت للخلف وتمنت لو أنها لم تتطلع لما وراءها فقد هالها رؤية الوحوش المفترس ينطلقون خلفها بجنون،وأقدامهم تضرب الأرض ليسمع دبيبها كدقات الطبول معلنة عن اشتداد الحرب،وعيونهم مصوبة لهدف واحد بل عين واحدة كانت نظرته موشحة بنار كاسحة ستحرقها لا محال لو وقعت بين براثنه .
صرخت بفزع وحثت الخطى وتقدمت تحارب بكل قوتها الكتل الثلجية
فزمجر بحشرجة مخيفة وصرخ بها :
- "ستندمين على فعلتك تلك!!.. سأجعلك تتمنين وتطالبين بموتك"
سقط قناع القوة الذي تلبسته أمامه وظهرت تلك الفتاة الرقيقة العاجزة عن فعل شيء ما لتحافظ على حياتها، لطالما تمتعت بالحماية بظل والدها وشقيقتها والآن هي وحيدة غير قادرة على ابقاء روحها بجسدها.
ركضت تتلاطم يمنه ويسرى والتعب قد استبد بجسدها الغض، والثلج قد أثقل تقدمها والبرد قد تمكن منها.
شعور غريب راودها وأخبرها بأن تنخفض بجسدها لتشعر بعدها بدنوه وانكمشت على نفسها والذئب العملاق يقفز فوقها متخطيا اياها ويحط على قوائمه بسهولة ويستدير ليقبل عليها وقد قطع طريق هروبها لتسقط وقد خارت قواها.
ركعت تلتقط أنفاسها وأغمضت عينها عاجزة عن الاتيان بأي فعل ولم يظل لها سوى سماع همسه المرعب ووعيده بالعقاب القاسي .
"سأجعلك تتذوقين طعم الألم لجعلي أعمى، سأقتلع عيناك أولا ثم ...."

وأخذ يعدد ما سيفعله بها وبكل كلمة يقولها كان قلبها يزفر نبضاته الأخيرة ونطقت باسمها كلما احتاجتها دائما:
"هيلينا..."
وأسدلت رموشها لتسمع صوتها يأتيها من بعيد :
"قفي بشموخ ملكة، واقبلي نهايتك برأس عالي، ونظراتك لا تحيديها عن خصمك أبدا، وموتي بإيباء"
ومع انتهاء آخر كلمة فردت هامتها ورفعت أنفها بعزة وقوة وعيناها تحدج عدوها دون خوف، بادلها الآخر تحديقها ليرى بداخلهما شعلة أخافته، شعر بالتردد للحظات لكنه عاد ينفض ما شاهده وبدأ يقترب وأسنانه بارزة ولسانه يتحرك بتلذذ واشتهاء لتذوق لحمها الساخن والطري.
ارتعش جسدها بقشعريرة غير مستحبة، لا تنكر رعبها من القادم فحاولت قدر المستطاع التمسك بقوتها الواهية، لكن الخوف أبى إلا أن يسيطر عليها. فأطبقت جفنيها ما أن اقترب منها ولم يبقى سوى خطوة واحدة وتكون بعداد الأموات .
انتظرت... وانتظرت...
والتقطت أذانها صوت مكتوم يسقط بثقل امتصته الثلوج، لتفتح أحدى عينيها وتطلعت لما يحدث حولها ولما التأخير بالتهامها، واعتقدت أن الأمر قد انتهى وأن وروحها الآن في الجنة.
لتتسع مقلتيها وهي ترى الذئاب تتساقط الواحد تلوا الآخر، والآخرون يبحثون عن مصدر الهجوم المباغت الذي يشن عليهم.
سهام تنطلق بسرعة كبيرة تخترق أجسادهم الضخمة ليصدح عوائهم ومن ثم يولون الأدبار مبقيين على أرواحهم على قيد الحياة.
تجمدت لثوان دون أن تبدي أي ردة فعل وبعدها عادت حواسها للحياة وبدأت تأمرها بالهرب للإبقاء على أنفاسها .
انسحبت تداري نفسها خلف احدى الأشجار ودققت النظر باحثة عن مصدر تلك السهام التي أمطرت الحيوانات المفترسة لتشتتها وتبعدها عنها، حركت رأسها تبحث و تبحث حتى منعت الرؤيا جسد أسود مملوء بالفرو، وعيون حاقدة، ونية القتل تقطر من مقلتيها، شهقت وتراجعت للخلف، اعتقدت بأنها انتهت منه لكن يبدوا أن حضها سيء!!.
تراجعت للخلف وهو يتقدم.
"سأقتلك... وأمزقك لإرب"
هزت رأسها رافضة وما زالت خطواتها تتأخر حتى تعثرت وسقطت على ظهرها.
"لقد حانت نهايتك!!"
لينقض عليها فاغرا فموه وأنيابه متلهفة لإحساسها بالدماء الحارة تغطيها.
صرخت ماري آخر صرخاتها عندما شاهدته يقفز نحوها حتى سمعت صوت خيل إليها أنها تسمعه، فيستحيل أن يكون هنا ويناديها، لكن أن ترى صورته أمامها وهو يقاتل بسيفه الذئب المفترس فهذا جنون فهمست :
"حتى في موتي تلاحقني أيها الأحمق"
"تحركي من مكانك أيتها الغبية أم أنك تنتظرين دعوة ما؟؟"
وعاد يقاتل بتركيز والتفتت مغيره مكانها وهي تصرخ وقد اشتعل الغضب بداخلها:
"اياك وأن تناديني بالغبية!!"
ابتعدت لتشاهد القتال الضاري بين فارسها الهماموالحيوان الشرس، كانت معركة ولا بالخيال، فلم يدر بخلدها أن من سينقذها من مأزقها لن يكون سوى....
"دميتري..."
طعنه دميتري بسيفه طعنه نافذه ليولي الحيوان الأدبار جارا خلفه ذيول الخيبة والهزيمة .
حاول التقاط أنفاسه بصعوبة فالقتال سحب كل طاقته، والهواء البارد يعيق تنفسه، ناظر سيفه ليرى قطرات من الدماء تخضب فضيته ليرفع رأسه والتفت ناحيتها ليشاهدها هناك تقف ليس ببعيد عنه،لتجري عيناه تتأملها من شعرها الرطب والمشعث بسبب مياه الثلوج لتلتصق خصلاتها بوجهها وملامحها الشاحبة تضاهي الأشباح بلونها، وجسدها يرتجف من البرودة أو الخوف، غير هذا.... هي بخير.
ليأخذ أنفاسا طويلة يهدئ من روع قلبه القاصف بين أضلاعه عندما التقطت عيناه منظر الذئب الضخم وهو يقترب ليلتهمها...
شعر بأن حياته تنسل من بين يديه ولم يعد لبقائه أي حاجة، فروحه قد غادرت فكيف السبيل للبقاء دون أنفاسه؟؟.
فما كان منه سوى أن يلهيهم ويشتت نظراتهم المصوبة ناحيتها بانتظار دورهم لينقضوا عليها ليعطيها الوقت لتهرب وتختبئ .
زفر أنفاسه ليتحرك باتجاهها واقترب منها لمسافة ليست بكبيرة وظلا لدقائق يتأملان بعضهما ليفتح ذراعيه يناديها وكم كانت راغبة بهما لتسرع ناحيته كما الصاروخ وتندس بين أضلاعه طالبة بالأمان الذي لم تعد تشعر به، طالبة بدفء غادرها برحيلهم .
بكت للمرة الثانية على صدره وتمسكت ذراعيها به بقوة مانعة اياه من الابتعاد ولم تكن الوحيدة، بل هو أيضا تشبث بها بقوة غير قادر على امساك نفسه من أن يحتضنها ويغرسها بداخله ليحميها من أخطار العالم ولا يترك مكروها يصيبها .
تركها تفضي ما بداخلها، ليبعدها بعد أن هدأت وتأمل عيونها المنتفخة اثر بكائها، وأنفها الأحمر بدى كأنف المهرج، وشفتيها المتقرحتين اثر بقائها لفترة طويلة على الثلوج، وشعرها المنكوش،فلو شاهدها أحد ما على هذه الهيئة لسخر منها لقباحتها، لكن كانت لعيناه رائعة الجمال .
سعل يجلي حنجرته وفتح فمه لتنبعث منها أبخره حاره لتضرب صفحة وجهها لتشتعل وجنتيها بحرارة وخجل لقربها منه لهذا الحد دون أن تباغتها رغبة بضربه ونيل منها صفعة على خده لفعلته تلك، وكما المرة الأولى واتتها رغبة كبيرة بالعودة والبقاء بالقرب من صدره وسماع دقات قلبه الهادرة دون أن تمل.
"أنت... أنت بخير، لم يصبك أذى صحيح؟؟"
ابتعدت تلملم شتات نفسها وأخذت تمسح على شعرها وتتلمس وجنتيها المتجمدتين وهمست بخفوت :
"أجل... أجل أنا.. أنا بخير كما ترى..."
فتحت ذراعيها على وسعهما وأكملت :
"ما زلت أحتفظ بأطرافي"
وقهقهت تخفي توترها وخجلها من هذا الوضع الذي وضعت فيه ولم يدم احساسها بالفرح بوجوده لوقت طويل حتى أمطرها بكلماته اللاذعة :
"أيتها الغبية الحمقاء، هل تعرفين ما وضعت نفسك به؟؟... كدت أن تموتي!!"
فغرت فاهها للحظات من هجومه المباغت فقد أخذها لعالم آخر عالم جميل ودافئ وبعدها عاد ليسرقه منها .
كتفت ذراعيها على صدرها وأجابته بغضب بدأ يعرف طريقه إليها :
"لكني لم أمت كما ترى..."
"بسببي تدخلي لم تقطع أطرافك لأجزاء "
شخرت بصوت عالي لسماعها نغمة الأنانية واستطردت :
"أرجوك!!... كنت سأبحث عن نفسي عن مخرج "
رفعت كتفيها دون مبالاة للنار التي تخرج من أنفه وفمه كتنين هائج سينفث أنفاسه عليها وتحركت توليه ظهرها والتفتت تحادثه من فوق كتفها تزيد من اشعال براكينه التي تنتظر فقط شعلة أخيرة وتنفجر.
"كما أنني لم أطلب منك أن تتبعني وتنقذني"
وابتعدت تاركه إياه يغلي كمرجل وأخذت تبحث عن طريق يخرجها من هذا المكان ولم تشعر بالرجل الذي يقترب منها سوى بعد أن أمسك ذراعها وأدارها ناحيته لتزل قدمها وتستند على صدره.
رفعت رأسها تنوي شن هجومها عليه فكان هو من بادرها بهجومه وشن معركته على شفتيها كاتما سبابهابحرب ضارية غير عادلة لفتاة تختبر أولى قبلاتها .
*************************
"استمعي إلي يا مولاتي!!"
أنصت بانتباه لما يقوله العجوز.
"لعنتك لن تنكسر سوى بحب صادق ينبع من أعماق القلب، ودون هذا الحب لن تفك لعنتك"
أخذت بترديد كلماته لتصمت بعدها وهو يكمل حديثه وهذه المرة اختلفت لهجته للحزم .
"عليك الحذر!!... فالخوف سيكون عدوك، وقدراتك ستكبر، عليك أن تحتويها ولا تتركي رعبك يسيطر على قواك !!"
استيقظت من النوم وكلمات القزم يتردد صداها برأسها، لتعود وتستلقي رامية بجسدها على وسادتها ليتناثر شعرها الأشقر بعبث وتأخذها ذكرياتها لذلك اليوم عندما انتهت من معركتها مع تابعات الساحرة، حتى أخذت تعدوا بسرعة مبتعدة عنهم وباحثة عن مكان آمن لا تستطيع فيه أزميرالدا الوصول إليها فيه .
لكن هيهات أن تتخلص من طوقها فهي موجودة بكل مكان، وبكل مخلوق بشع يتحرك على الكرة الأرضية، عيونها تطال كل شيء ولا مجال للاختباء.
توقفت عن الجري وأخذت تلتقط أنفاسها وعيناها تستطلع المكان من حولها ويدها على قوسها وسهامها الحادة تنتظر انطلاقها، تطلعت وانتظرت، لترفع حاجبيها مستغربة احساسها بوجود كائنات أخرى غيرها بهذه البقعة لكن طالعها الفراغ.
عادت تلتفت يمنه ويسرة ولم ترى أي حيوان أو زاحف يتنفس هواءها، عقدت حاجبيها بتفكير عميق وتساءلت وقد استشعرت حاستها السادسة بأنها ليست الوحيدة المتواجدة هنا، إذا لما لا تراهم؟؟.
دقائق لتدرك أن ليست الأرض وحدها من يعيش بها كل المخلوقات بل.......
رفعت رأسها لتضيق عينيها وهي ترى طيور سوداء تحلق فوقها، لم تعرف إن كانت هذه الطيور تابعة لها أم لا؟؟.
ثم فكرت لوهلة لو أنها لأزميرالدا لكانوا قد هاجموها ما أن شاهدوها ولكنهم لم يفعلوا، فنفضت رأسها تنفي شكها فهي طيور مسالمة ولا بد أنها من النوع المهاجر مبتعدة عن موجة الشتاء باحثة عن الدفء، فعادت تسير
ولم تعرف إلى أين ساقتها قدميها إلا بعد أن وجدت بقعة من الأراضي لم يصبها بياضها وترددت بالعبور خوفا من طمس الحياة التي عليها،
لكن فضولها كان أقوى من ترددها لتخطي خطواتها بحذر من أن تنسكب ثلوجها على التربة.
وقفت تتطلع لما حولها بتعجب،الأرض مملوءة بالصخور فقط ولا شيء آخر.
لتتنهد بحسرة وأخذت تسير الهوينا دون أن تبالي هذه المرة بالاختفاء فقد استبد الفراغ بداخلها وخواء اعتصر قلبها، فجلست على أول صخرة صادفتها ومالت برأسها للخلف تتطلع للسماء الملبدة بغيوم سوداء تنذر بالمزيد من الثلوج، فقط الثلوج والبرودة .
أغمضت عينيها والحنين يأخذها لدفء قصرها، ومشاكسة شقيقتها، وأحضان والدها،لتهطل دموعها كبلورات صغيرة وتتساقط على الأرض، تبكي بحرقة توهانها وضياعها، بعالم تعلم بأنها ستكون وحيدة فيه، فلا وجود لحياة بين براثن برودتها.
كانت بعالمها الحزين ولم تشعر بدنو الخطر منها سوى بعد أن وقع عليها شيء أثقل كاهلها وعندما أمسكته تستهجن غرابة الفعلة علمت ما هو لتتسع مقلتيها... " وقعت بفخ الصياد دون أن تشعر كالطريدة السهلة" .
كانت شباك قوية وصلبة قدت من حديد، ذات حبال متينة ومسحورة، حاولت الخروج من قيدها باستخدام جليدها لقطع الحبال لكن القوة السحرية أبت القطع بل ازدادت الشباك انكماشا وضيقا، ومع كل حركة تقوم بها تصبح أكثر التصاقا بجسدها، فأخذت تصرخ وتصرخ إلى أن بحت أوتارها، فسقطت على الأرض لتكون الشباك كغطاء يحيط بها من كل الجهات، وما كادت تشعر بالانهزام حتى أحست باهتزازات وتحرك الصخور من حولها وتدحرجها من مكان إلى آخر.
تأملتها بعيون متعبة ثم توسعت وهي ترى أمامها أقزام من الصخور بعيون كبيرة توسطت وجوههم، وفم كبير، وقد غطت أجسادهم بعض الأعشاب، وتعلقت صخور صغيرة وبعض الكريستالات والأحجار الكريمة على ظهورهم، لقد سمعت عن قبيلة( ليبركونز باين ) بالقصص ولم تتوقع أن تراهم بالواقع لتهمس بوجل :
"أنهم أقزام حقيقيين !!"
وعادت الجولة الثانية لبدأ المعاركة وهذه المرة مع الطيور.
أحجار صغيرة بدأت بالطيران للسماء، وسواد يتساقط على الأرض كما الذباب، هجوم مباغت من الأقزام لم يكن بحسبان الطيور ليولوا هاربين بعد وقوع أعداد كبيرة من رفاقهم ميتين،وعادوا ناكسي الرأس بسبب هزيمة لم يتوقعوها أبدا .
اقتربوا منها وحاولوا فك شباكها ومع كل لمسه كانت تضيق تكاد تكتم أنفاسها ولم تستطع أن تنبس بأي كلمة أو همسه ليصرخ أحدهم :
"توقفوا عن لمس الحبال... ستقتلون الفتاة !!"
ليبتعد الجميع طائعين ويتقدم قزم كبير بالسن وضع كفه الحجري الصغير على الحبال وبدأ يهمهم بكلمات غير مفهومة، ثوان هي حتى فكت وانفرجت لتتنفس هيلينا الصعداء ساحبة هواء لرئتيها، لتنهض بعدها وقد عادت طاقتها المسلوبة وقالت تأكد حقيقة أمام ناظريها:
"أنتم أقزام !!"
ليصرخوا بصوت واحد:
"أجل نحن أقزام، وأنت من تكونين؟؟"
"أنا هيلينا..."
تقدم القزم المسن ومد يده الصغيرة ناحيتها فطالعتها بتوجس لينطق:
"لا تخافي يا بنتي!!"
شجعها بهدوء لتضع كفها بين يديه ليمسكها وقال متسائلا :
"هل هي لعنة طبيعية أم اكتسبتها؟؟"
لتجيبه بحزن:
" لعنتني أزميرالدا"
هز رأسه وقد علم سرها وقال يؤكد حقيقة :
"أنت المختارة !!"
"هذا ما قالته خمينا وأزميرالدا"
قالتها بشرود ليجيبها :
"خمينا.... ساحرة طيبة "
سحبت يدها من كفه وهمست بحرقة ألم:
"طيبة!!... أنظر إلى ما صنعته مني، أصبحت مسخ، غير قادرة على البقاء مع عائلتي، لقد ذبحتني بلعنتها"
قاطعها .....
"هل تعتقدين أن مافعلته بك خيمينا هو السبب بما يحصل لك من عذاب؟؟"
سكت قليلا ثم أكمل :
"ما الذي كنت تعتقدينه سيحصل لو لم تلعنك خمينا بسحرها هذا؟؟"
ناظرته دون أن تعرف ما تجيبه، ورفعت كتفيها باستسلام لعدم قدرتها على التخمين، لم ينتظرها لتجيب وأكمل مستطردا:
"لكنت الآن تقتلين كل ما هو حي... عائلتك، أصدقائك، كل البشر،لتكوني أنت فقط بالقمة ونوعك فقط المسيطر "
هزت رأسها رافضة تلك الصورة التي توافدت لعقلها، ليحرك رأسه قائلا :
"بلا..... كنت ستفعل،فأزميرالدا طعنتك بخنجر الشر ولو كان شخص آخر لكان قد توفي بسرعة من قوة تلك اللعنة،هل سمعتي باختفاء بعض الفتيات من القرى ؟؟"
قطبت حاجبيها تتذكر تلك القصص التي كانت سبب خروجها من منزلها خلسة ولقائها بالساحرات لتهمس متسائلة :
"أجل سمعت بهذا، ولكن ما شأني أنا بكل هذا؟؟"
"سأخبرك ما هي صلتك بالأمر، منذ قديم الزمن تنبأت احدى الساحرات القديرات بأن هناك سيظهر شخص يملك قدرات لا يمتلكها أي ساحر أو مشعوذ سيملك العالم بقبضته وسيتربع عرش الملك بسبب قوته الجبارة، ولكنها لم توضح جنسه وتوالت السنون وتناسى الجميع النبوة إلا أزميرالدا كانت تنتظر ظهوره بشوق ليكون خليفتها بالشر وانتظرت دون ملل إلى أن سمعنا عن فتاة ذكية قوية تمتلك مهارة فذة تخالف سنين عمرها الصغيرة لكن من هي لا نعرف؟؟... فبدأت أزميرالدا بالبحث عنها بين الفتيات تخطفهن وترمي بسحرها علهن وبما أنهن عاديات فلم تحتمل أجسادهن اللعنة فيكون مصيرهم الموت "
كانت تستمع إليه بإنصات ورهبة من سماعها للقصة.
"وبحسب المعلومات التي وصلت أن تلك الفتاة تحب التحدي والاستكشاففانتظرت ابتلاعك للطعم بذهابك لمعرفة ما يجري بقريتك وهناك جرى ما جرى، ولأنك تمتلكين قدرات خارقة ولدت فيك فقد استطاع جسدك تحمل السم ولو لم تعطيك خمينا جرعة الجليد لكان العالم هذا قد انتهى منذ زمن طويل من تحولك".
ركعت على الأرض بعجز تسأله بهم :
"هي تبحث عني وستجدني لا محال، ماذا أفعل؟؟... أخبرني، أعطني دواء ما ليفك أسر لعنتها"
"لا أستطيع يا مولاتي؟؟... فك لعنتك بيدك أنت،فالحب الحقيقي هو دواؤك"
رددت خلفه بخفوت :
"الحب الحقيقي!!"
ثم عادت ترفع صوتها وحاجبها مرفوع:
"تقصد حب رجل؟؟؟"
وكأنها لم تتكلم ولم تسأله ليتحدث محذرا إياها:
"الخوف سيكون عدوك، عليك أن تقاوميه وتحاربيه ولا تجعليه يتملكك، وإن استحوذ عليك سينتهي الأمر"
رحلت من أرضهم وقد شعرت ببعض الراحة من معرفتها بأن لعنة الثلج ليست شر إنما هي خير لها وللجميع ككل .
************
نهضت من فراشها وتحركت خارجة من غرفتها واتجهت للخارج وناظرت البياض المحيط بها بابتسامة مشرقة ووجه خال من الحزن، أغمضت عيناها تنتعش من برودة الجو وحادثت نفسها..
"نعم... هنا مكاني".
فتحتهما لتبرق زمردها الأزرق من وهج الثلوج لتنعكس وتصبح كبركة مياه صافية لا يعكرها شيء.
تقدمت للأمام ورفعت رأسها لتتطلع للصرح الزجاجي العملاق الذي أنشأته منذ ما يقارب "السبعة" أيام، فبعد مغادرتها أرض الأقزام، اتجهت للشمال وصعدت على أعلى جبل وشيدت قصرها بقواها الخارقة لتحول جليدها لشيء مبهر وغاية بالروعة والجمال، كان قصرا من قصص ألف ليلة وليلة تلك التي كانت تقرأ عنها بالكتب، دارت حول نفسها ونطقت بفرح :
"لم أتخيل يوما بأنني سأعيش بأحد أحلامي"
صرخت بسرور وقذفت قنابل ثلجية لتنفجر كما الألعاب النارية في الجو
وتحركت عدة خطوات لتقف وتشاهد دب ضخم البنية يقف على بعد سنتيمترات،لم تبتعد أو تصرخ بل مدت يدها ناحيته وكأنه استشعر وجودها ليلتفت وينظر إليها فاغرا فاهه وأصابعها قريبه منه تكاد تلمسه ويا للعجب توقف كفها وفردته على الحاجز الغير مرئي وأسندت جبهتها على الجليد البارد دون أن تتأثر وأخذت تقلد الدب بلعقة على الزجاج إلى أن مل ورحل، لقد استطاعت أن تبني عازل زجاجي شفاف من جليدها يغطيها من كل الأطراف، وهكذا لا تستطيع أزميرالدا ايجادها حتى لو مرت من فوقها . ابتعدت وتتطلع لقصرها واستنشقت هواء نقيا وزفرته لتشع عيناها ببريق أخاذ سلب عين مراقبها.
لم تنتبه للعيون المحدقة بها ولا الغموض الذي توسدها، تحرك باتجاهها منهيا تأمله الذي طال وقته صائحا :
"هيلينا... ماذا تفعلين هنا ؟؟"
التفتت إليهبابتسامة مشرقة :
"فلاي.. مرحبا يا صديقي ".



















سما نور 1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-17, 02:20 PM   #13

سما نور 1

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سما نور 1

? العضوٌ??? » 310045
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 11,168
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » سما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يضيق الكون في عيني فتغريني خيالاتي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السابع ......

أن تجد صديقا وقت الضيق كأنك وجدت كنزا قيما فتتمسك به قدر المستطاع خوفا من العودة لشبح الوحدة الذي يلتف حولك كشباك العنكبوت.
هذا ما تشعر به هيلينا نحو فلاي، أنها وجدت جوهرة نفيسة بين ظلمات الشر،
التقته بعز حاجتها لرفيق يؤنس وحدتها، فتتذكر لقاءهما ......
كادت أن تهشمه لأجزاء صغيرة لولا صراخه بآخر لحظة.
كانت بأحد الطرق الملتوية باتجاهها لقمة الجبل عندما أصابتها لوثة من الشك بأن أحدهم يتبعها، وعيناهتتربصها بكل خطوة تقوم بها .
فتحركت ببطء بحركة مدروسة ومن طرف عينيها تتابع متعقبها يختبئ خلف الصخور أو الكثبان الثلجية.
لم ترى من هو؟؟... وكيف هو شكله؟؟... فقط حاستها استشعرت وجوده.
خطوة تتبعها دبدبات خفيفة كما الريشة، خطوة أخرى كبيرة منها لتسارع تلك الأقدام الصغيرة بالجري كي تستطيع اللحاق بها، استلت هيلينا سيفها والتفتت بقوة شاهره بتارها للأعلى ومشيحه اياه ناحية خصمها ليصرخ بفزع مخفيا عيناه بيديه النحيلتين ولسان حاله يردد:
"يا إلهي...الرحمة سأموت"
وتوقف نصلها على بعد شعره من فصل رأسه عن جسده لتزعق به :
"من أنت؟؟... وماذا تفعل بهذا المكان؟؟.. هيا أجبني بالحال؟؟"
أبعد ذراعيه عن عينيه لتفاجأ بعيون واسعة وصافية من الخبث والحقد الذي ملأته به أزميرالدا بكل شيء تراه أمامها محولة إياهم لخدم تحت أمرها.
عادت تتأمله برأسه المدور الكبير نوعا ما، عيون كبيرة، وأنف مصنوع من الجزر، وفم دائم الابتسام، وجسده مكون من طبقتين احداهما متوسطة الحجم والأخيرة عريضة، وعيدان من الخشب حلت مكان اليدين، وقدمين صغيرتان تكادان لا تريان، بشكل عام هو" رجل الثلج ".
أبعدت سيفها ليزفر براحة ويبعد قطرات العرق الوهمية من على جبهته وحادثها بارتباك :
"أنا...أنا فلاي رجل الثلج، وأنت من تكونين ؟؟"
ثم ما لبث أن طالعها بابتسامة كبيرة مادا يده المصنوعة من الأغصان لتهمس بشك دون أن تبادله المصافحة:
"أنت تتكلم وتتحرك كيف فعلت هذا؟؟؟"
لتعود وتحادث نفسها:
"كيف أستغرب هذا وأنا تقريبا رأيت مخلوقات لم أرها من قبل، فلما العجب برجل الثلج يتحدث ويتحرك؟؟"
رفعت كتفيها باستسلام وأعادت سيفها لغمده ليقول وقد شعت عيناه الكبيرتان بإعجاب لم يخفيه:
"هذا سيف عملاق ويلمع مثل الشمس وااااااااااااو!!"
سكت قليلا ليكمل بعدها بتساؤل عميق:
"أتظنين بأنه كان ليشطرني لنصفين لولم تتوقفي؟؟"
رفعت حاجبيها باستغراب من سؤاله لتعود وتنزوي ابتسامة ماكرة مجيبة إياه:
"ماذا... أتريد أن تجرب امكانياته!!"
أشاح بكفيه رافضا اقتراحها لتقهقه بصوتها الرنان ملئت الجو من حولها بشذرات أوتارها الموسيقية جعلت فك مراقبها يتدلى منتعشا لسماعها .
فحادثته بوسط ضحكاتها قائلة:
"يا الهي لقد أضحكتني، لا أعرف متى آخر مرة ابتسمت وضحكت من أعماق قلبي!!"
لتذبل ابتسامتها وتضمحل على آخر كلماتجملتها،ليقترب منها دون أن تشعر به لخفته فوق الثلج ووضع كفه داخل كفها قائلا:
"لا تحزني يا صديقتي!!...أنا هنا الآن، وسأجعلك تضحكين دائما"
ابتسمت بحزن وأجابته:
"نعم أنت هنا معي كما أننا نتشابه كثيرا"
ناظرها بشك ولمس رأسه المدور وأنفه الطويل وجسده المكور وتطلع لقدميه القصيرتين وناظرها بعين واحدة.
"لا بد بأنك تمزحين!!.. نحن لا نتشابه بشيء، أنظري إلي، أنا مكون من ثلاث طبقات وأنت.... وأنت"
تأملها بعمق من رأسها لأخمس قدميها بنظرات غريبة وهمس:
"جميلة جدا"
حدجته بتركيز تستشفي تلك النظرات التي رماها بها، فقد خيل إليها أنها ترى عينا رجل معجب بامرأة، نفضت تلك الأوهام وقالت تجيبه
وهي تميل ناحيته تداعب وجهه، وعيناها تعانق عيناه.
" أيها الغبي!!... نحن نتشارك بشيء واحد، أننا لا نخشى البرودة"
لا تعرف ما أصابها وهي تركز بعيناه الكبيرتان، اللتان تشبهان بركة من المياه الصافية تسحبها لتغوص بلجتها الدافئة، وأمان شعرت به يستقر بداخلهما لكن بأعماقها ترى بئر من الأسرار المخفية بين طياتها.
ارتدت عنه بحركة سريعة وسألته تبعد ما اجتاحها من مشاعر غريبة .
"هل.. هل لديك عائلة ؟؟"
ظلت عيناه شاخصة باتجاهها وهمس بفكر شارد واختلاجة ضربت أعماقه:
"عائلة؟؟"
لتجيبه بشيء من الحدة تداري بها ارتباكها الغريب على شخصيتها الفذة.
"نعم عائلة!!... أخوه، أم، أب، مثلك... رجل ثلج"
نقر على ذقنه بأصابعه النحيلة بتفكير وقال :
"في الحقيقة لا أعرف إن كان لي أم وأب!!"
"إذا من صنعك؟؟"
تهدلت أغصانه وأجابها بشيء من الحزن وعينان شاخصتان للبعيد:
"لا أعرف!!"
زفرت هواء باردا وقالت تحاول أن تبعد الحزن عنه :
"لا بد بأن أحدهم قد صنعك لكن لا عليك هيا بنا معي"
قفز بسعادة وتقدم ليمسك كفها وسألها:
"إلى أين سنذهب؟؟"
ضحكت بخفوت لتغيره السريع بمشاعره وقالت وهي تسير بجانبه:
"سنذهب للمنزل... بل لمنزلنا فأنا وأنت صديقان"
وهكذا ذهب معها لقمة الجبل وشاركها فرحتها ببناء القصر وامتلاكها لحريتها، كما شاركها قصتها الحزينة التي سردتها له بحذافيرها.
عادت لواقعها ومن ذكرياتها السعيدة واقتربت منه وما زالت ابتسامتها تشع من مبسمها لتنخفض راكعة على ركبتها ليفوقها هو بالطول فقد كان طويلا بالنسبة لأقرانه من رجال الثلج المصنوعين،كانت لتشك بهيأته الضخمة لكن عيناه كانت تتحدثان عن صدق نواياه فما كان منها سوى أن تثق به.
احتضنته بقوة هامسة والسعادة تملأ جوفها وتكاد تنفجر من فرط بهجتها ولم يكن أمامها من يشاطرها فرحتها سواه صديقها الأوحد.
"أشكرك يا فلاي لوجودك بجانبي،فلو لم تكن معي لا أعرف ما كنت سأفعله لوحدي"
احاطها بيديه وعيناه غامت بحزن عميق لم يلبث سوى أن نفضه ليعود له ابتهاجه مبتعدا عنها وساحبا اياه خلفها ومحدثا اياها:
"كنت ستبلين حسنا، ولا خوف عليك، والآن تعالي معي سأريك ما فعلته "
"وماذا فعلت؟؟"
"سترين بعد قليل"
تبعته وقد غلبها الشوق لمعرفة ما يخبئه لها فهو لم ينفك يفاجئها بأشياء لم تتوقعها مثل اللعب بالثلج بدخول معارك وهمية كانت أسلحتهم قذائف من الثلوج أو بناء قرية أو لعب لعبة الاختفاء، وكم كان صعب اجاده، عندما يموه نفسه مع الثلج، وغيرها من الأشياء الجميلة التي قاما بها، كأنه يعيد لها طفولتها المسلوبة التي قامت بدفنها بسردابها خوفا من ايذاء أحبائها، كأنه كان يعلم بوحدتها التي كانت رفيقتها الوحيدة .
سارت خلفه لتقف شاهقة وهي ترى التل الكبير من الثلوج مكومه بشكل طولي لتلتفت إليه مشيرة بأصابعها ناحية ما فعله متسائلة :
"وما علينا أن نفعله بكومة الثلج تلك؟؟"
رفع يدهللأعلى وقال بأسلوب استعراضي:
"أنا انتهى دوري بتجميع الثلج وكم كان صعب وضعه فوق بعضه، أظن قد ظهرت لي عضلات أنظري...."
أحنى أغصانه ليريها لتقهقه بصوت عالي على فكاهة الموقف فأي عضلات تلك التي ستظهر بغصن شجرة يابس لتتحدث وسط ضحكتها التي لم تستطع ايقافها :
"ليت ماري هنا!!... كانت بالتأكيد ستحبك كما أحبك أنا"
طالعها بارتباك واهتزت حدقيتيه بنظرة غريبة لم تنتبه لها وأشاح برأسه بعيدا وهمس مصدوما:
"أنت تحبينني؟؟"
مالت ناحيته لتحيط وجهه الثلجي بكفيها، وتلتقي نظراتهما لتهمس له بحنان ودفئ :
"بالطبع أحبك يا فلاي.... فأنت صديقي"
وقبلته على جبهته لتتسع مقلتيه وتحولتا لحفرة سوداء كبيرة وفمه قد تدلى للأسفل من صدمته، وكفه على موضع القبلة.
فردت قامتها دون أن تعرف ما خلفته بداخل ذلك الثلجي لتلتفت عائدة لكتلة الثلج
"إذا.... لم تخبرني إلى الآن ما سنفعله بتلك؟؟"
خرج من شروده وتطلع لما تشير إليه.
" كما قلت أنا جمعتها والدور عليك بأن تصنعي مزلاجه عملاقها"
"مزلاجه!!"
اتسعت ابتسامتها مع اكتمال الفكرة برأسها لتصرخ مصفقه كما الأطفال لإعجابهم لشيء ما.
توهج وجهها بسعادة طفقت تنتشر فيما حولها ونقلت عدواها لرفيقها ليبتسم لبسمتها وتنحى جانبا تاركا لها المجال لتقوم بسحرها لكن دون أن يحيد بأنظاره عنها.
رفعت أصابعها للأعلى وكما المايسترو حرك عصاه يأمر موسيقاه العذبة بالخروج لتعلن عن أجمل الألحان مشكلة نوتات موسيقية خلابة تشجي آذان مستمعيها.
انتهت من معزوفتها لتقف وتنظر لعملها بنظرة واثقة لمدى اتقانها لفنها.
كانت مزلاجه كبيرة وضخمة، ذات منحنيات حادة، وشقلبة خطيرة، ودوائر وتعرجات مخيفة، بشكل عام كانت اللعبة خطيرة .
لكن تلك النظرة الممتلئة بعينيهما لحب المغامرة غلبت خوفهما، وروح التحدي سرت مفرزة هرموناتها بجسديهما،وأخذا يتسابقان للصعود إلى التل الكبير عبر سلم طويل ليأخذهما للقمة.
تردد صدى صراخهما العالي بنشوة السعادة عبر القبة، واللعبة كانت أكثر من ممتعة لدرجة عودتهما لتكرار الجولة مع سحر هيلينا بتغيير في كل مرة شكل المنحنى أو زيادة مسار آخر لتزيد اللعبة اثارة .
وهكذا قضيا يومهما باللعب والمرح متناسين همومهم ولو لبعض الوقت .
فالقادم مجهول ولا يعلم أحد ما تخبئه لهم الأقدار.

****************************


يجريان بأقصى ما يستطيعان، يحاوران جذع الشجرة وينخفضان عن غصن شجرة أخرى، ويقفزان عن صخرة اعترضت طريقهما، وبين الحينة والفينة يلتفتان للخلف وبعدها يعودان للركض ليصرخ دميتري حانقا :
"أيتها الغبية الحمقاء!!... ألا تكفين عن تهورك، في كل مرة توقعيننا بمأزق ما !!"
تلهث تحاول التقاط أنفاسها وجسدها بدأ يئن من الوجع لتجيبه صارخة هي أيضا :
"وأنت ألا تكف عن مناداتي بالغبية!!.. وثانيا وما أدراني بأن العسل يخص شخص آخر؟؟"
زمجرة غاضبة قاطعت استهجانهما تخبرهم بأن يتوقفوا عن الجدال فالخطر ما زال محدقا بهم.
أمسك بكفها يسحبها خلفه بعد أن انحنى ملتفا لجهة أخرى حول إحدى الأشجار الضخمة يحاول أن يبحث عن طريق يخرجهما من هذه المحنة التي أوقعته به ماري كما العادة.
"أنت لا تكفين عن التسبب بالمشاكل، دائما ما توقعينا بشر تهورك"
"انخفضي!!"
انخفضت كما أمرها بعد أن اعترضهما جذع شجرة مائلة وعادت تكمل حديثهما :
"أنا... أنا!!..لما أكون أنا دائما وليس أنت؟؟... أليس اختيارك للطريق هو من أوقعنا بالخطر!!"
تابعا الجري وخاضا بنهر جاري لتصرخ ماري مرتجفة :
"هذا بارد... بارد جدا"
"تحملي... كدنا أن نصل للضفة الأخرى"
وما كادا يصلان حتى سحبت ماري يدها من يده تحاول التقاط أنفاسها ليختل توازنها فور تركها لكفه حتى مالت مترنحة للخلف والأمام ولم تساعدها المياه المتجمدة تحت قدميها على الثبات.
ناظرها دميتري من فوق كتفه بعد شعوره بخواء يده ليراها تكاد تسقط فاقترب منها ينوي امساكها لتنحني للأمام فاردة ذراعها تحاول أن تستند عليه لكن كانت سقطتها قوية دفعت دميتري من شدتها للخلف واقعا في المياه المتجمدة وتنضم هي إليه متوسده صدره ليشهق زاعقا :
"يا الهي... المياه باردة جدا"
لتجيبه بكل براءة دون أن تدرك أنها تشعل فتيل غضبه.
"لقد أخبرتك أنها باردة لكنك لم تستمع إلي"
حدجها بعيون حارقة ودفعها مبعدا اياها عن جسده واندفع واقفا جارا إياها بقوة دون أن يبالي باعتراضها لقبضته المؤلمة على ذراعها وخرجا من النهر مقتربا من هضبة مرتفعة، ليترك يدها ويتجه للمرتفع ويقفز قفزة طويلة ليصل للقمة برشاقة وخفة جعل ماري تفغر فاهها، ثم ما لبث أن عاد منخفضا مادا ذراعيه ليلتقط يدها ويسحبها للأعلى.
"لا تنظر إلي بتلك العيون!!"
جز على أسنانه بغيض وهسهس طاحنا يشد على نواذجه من أن يفلت زمام جنونه، فقد فاض به الكيل منها.
"وكيف تريدين مني أن أنظر إليك؟؟... أعطيني كفك لأسحبك هيا"
كتفت ذراعيها وضربت بقدمها على الأرض رافضه طلبه وقالت:
"لما تلقي اللوم علي دائما؟؟.. هل أنا من أمر الدب باللحاق بنا؟؟.. هل أن من تقصد أن يسقط بالنهر؟؟"
وهنا لم يقدر سوى أن ترك لسانه يخرج ما بجعبته:
"تبا لك يا ماري!!... هل نسيت بهذه السرعة؟؟..هناك أكثر من حادثة حصلت معنا وكان أنت سببها، وليس الدب الوحيد الذي اعترض دربنا"
حرك أصابعه بسرعة يحثها على التقدم كي تعطيهكفها ليرفعها باتجاهه ما أن لا مسته وعاد يكمل سلسلة أخطائها.
"هل أنا من قال لك أن تذهبي وتقطفي بعض الزهور؟؟؟"
وأخذ يقلدها....
"أوه زهور جميلة أنظر يا دميتري،أريد واحدة من تلك الورود "
وعادا يجريان بسرعة دون أن ينتبها للدب الذي توقف عن متابعتها وعودته لما كان يشغله من قبل، وأصوات صراخهما تصل إليه مؤذية أذنيه الحساستان، لتجيبه ماري حانقة من تهكمه عليها:
"وما أدراني أن تلك الزهور هي آكلة اللحوم !!"
"وماذا عن الدبابير العملاقة؟؟..لا تخبريني بأنك لم تكوني تعرفي بوجودها!!"
وقفت تستند بكفيها على ركبتيها تلتقط أنفاسها بعد أن أنهكها التعب من الجري وهي تجيبه :
"بالطبع لم أكن أعرف، كان من المفترض أنت من يخبرني بأن تلك البيوت الصغيرة ما هي إلا بيوت للدبابير، أنا... أنا فقط أردت أن أراها عن قرب"
وقف هو الآخر يستجمع طاقته المتسربة بعد جريهم المتواصل دون أن يتوقفا للتنفس وحادثها من بين زفراته التي تأبى التأني والعودة لرتابتها .
"أنت فتاة متهورة ولا تزنين الأمور بل تقدمين عليها دون تفكير أو خطط، وتسرعك هذا سيودي بحياتنا لا محال"
استردت أنفاسها بسرعة ووقفت لتضع كفيها على خاصرتها وقالت ناقمة وبوجه محمر :
"كف عن التذمر كما الأطفال الصغار، أنا لم أجبرك على القدوم معي"
تحركت مبتعدة عنه وعلى ملامحها العبوس والتجهم من انتقاداته الدائمة لها كيف لها أن تعرف ما يتواجد بالغابة؟؟... فهي لا علم لها بما يدور خارج أسوار القصر، فحياتها كلها دارت على دراسة كيف تكون سيدة مجتمع راقية وزوجة رجل مهم بالمستقبل، أما عالم الواقع والحقيقي فمعلوماتها عنه هو الصفر .
تنهد بضيق من أنه أغضبها فسارع للحاق بها، أمسكها وأدارها لتزعق به :
"إن فكرت بإعادة فعلتك تلك مرة أخرى فستنال طبعة ثانية من أصابعي بالجهة الأخرى من وجهك"
حدجته بنظرات حارقة وأشاحت برأسها باحثة عن طريق يأخذهم خارج هذه الغابة التي تشعر بها أنها تبتلعهم دون أن تكون لها نهاية .
وضع كفه على وجنته يتحسسها وما لبثت أن افترت شفتيه بابتسامه ماكرة وهو يتذكر تلك القبلة التي أطارت صوابهم وقد غفلا عن الأخطار محدقة بهما ليغلق عيناه سابحا بذكرى تلك القبلة التي ملكت كيانه وروحه، أحاسيس جديدة تملكته وجعلته يطير بين السحب العالية، لينقض ملتهما شفتيها راغبا بالغوص بين ثنايا جسدها الغض المرتعش بين ذراعيه، ضاع ولم يعد يشعر بما حوله سوى بتلك الأنثى القابعة على صدره.
ابتعد عنها مجبرا لحاجتهما للهواء وما كاد ينبس بحرف واحد حتى بادرته بتلك الصفعة ورحيلها السريع من أمامه تضرب الأرض ضربا .
عاد للواقع وهو يراها مرة أخرى تطرق بقدميها الصغيرتين على الثلج،
وتساءل... متى كبرت وصارت أنثى غاية في الروعة؟؟...
شيعتها نظراته وهي تسير دون أن تعلم عن المشاكل التي تترصدها،عبس يتفكر بالأحوال المتغيرة فمنذ أن ظهرت قوة هيلينا للعلن حتى بدأ العالم بالتغير، ومخلوقات غريبة بدأت بالظهور، فيبدوا أن خروجها مرتبط بلعنة هيلينا .
نحى أفكاره جانبا وتقدم للأمام ... لا يعرف ما به؟؟... ولما لا يتركها تذهب لوحدها، فهو يكرهها.....
توقف يحاول ادراك ما يخبره به عقله الباطني هو يكره .....
رفع عيناه باتجاهها يتأملها بدقة، أسبوع واحد تابعها مثل ظلها ليل ونهار يساعدها، ويطعمها، وينام بجانبها، أسبوع واحد فقط معها جعل حياته مختلفة، لقد نسي طموحه بمنصب ذا قيمة، وحياة راقية، وزوجة مطيعة، وبيت هادئ....
فكر بأحلامه تلك وتخيل منزله... يعود للمنزل منهك ومتعب من تكتيكات الحرب ليدخل ويلفه الجو الحميمي ويستقبله صراخ أطفاله الصادر من غرفة الجلوس ليتقدم ويرى شيء صدمه وجعله يتجمد بمكانه وعيونه مصوبه لها وشفتيه تتحركان دون أن ينبس بحرف واحد من ذهوله:
"يستحيل أن تكون هي فتاة أحلامي!!"
فسمع صوت من بعيد يخبره ولما لا تكون هي؟؟.
نفض الأفكار التي تداخلت برأسه، ورفض ما ينطقه ذلك الذي يخفق بداخله بشدة يخبره بأنه يكابر باختياره.
سار بجانبها دون أن يتفوه بأي كلمة وقد كانت شاكره له صمته فأفكارها هي الأخرى قد أتعبت رأسها، ومشاعر هائجة تتلاطم بها، لا تعرف ما أصابها منذ تلك القبلة؟؟... فقد غيرت نظرتها ناحيته وأصبحت تراه بعين أنثى ترى رجل يعجبها من وسامته البهية، لهيأته وجسده العضلي، وذكائه الحاد، وسرعته البديهية بالخروج من الورطات التي أدخلته فيها، فكان يسارع بإنقاذها مقحما حياته في دائرة الخطر .
ماذا حدث لها؟؟.. سألت نفسها هذا السؤال فذلك هو الأحمق دميتري الذي طالما تشاجرت معه وكرها بعضهما البعض، لتعود ملقية ما كانت تخشى سماعه منذ أسبوع مضى،هل ما تزال تكرهه؟؟؟
"ماري.... ماري هل أنت بخير؟؟؟... هل تشعرين بالتعب؟؟"
التفتت إليه غير مدركة خوفه الذي ظهر على صفحة وجه.
"ماذا؟؟... ماذا حدث؟؟؟"
ناظرها بنصف عين محدقا بها.
"هل تشعرين بالمرض؟؟... دعينا نرتاح قليلا وبعدها نكمل المسير"
استجمعت قوتها وقالت :
"لا... علينا أن نكمل البحث عن شقيقتي وعندما نجدها يمكننا أن نرتاح"
رفع كتفيه بقلة حيلة وقال :
"لا أمل من اقناعها فما برأسها سينفذ"
جاورها بالسير ليتحدث بعد أن قطع الصمت بينهم راغبا بسؤالها بشيء كان يؤرق فكره:
"عندما نجد هيلينا ماذا سيحدث بعدها ؟؟"
توقفت ليتوقف والتفتت إليه ليماثلها هو أيضا مجيبة إياه بتعجب من سؤاله الغريب:
"بالطبع سنعود معها لتبطل اللعنة!!"
"وهل تظنين بأنها قادرة على إزالتها؟؟"
قاطعت ذراعيها على صدرها وحادثته بشيء من الحدة :
"بالطبع هيلينا ستقدر على إزالتها، فشقيقتي لا يعجزها شيء"
سكت قليلا وسؤال آخر يقض مضجعه لكنه خائف من إلقائه بوجهها ومن ردة فعلها لكن السؤال خرج منه دون أن يدرك أنه أسره إليها:
"ماذا إن رفضت هيلينا العودة، ورغبت بالبقاء وحيدة ؟؟"
تجمدت حتى شعرت برئتيها تكادان تنفجران لعدم وصول الاكسجين الذي حبسته ومنعته من الدخول وعقدت حاجبيها بتكشيرة وعقدة بدأت تتشكل ببلعومها، وخوف ينهشها من أن تكون أقواله صحيحة لتعود وترفض ما يثرثر به قائلة وهي تتحرك تاركه إياه خلفها:
" مستحيل..... هيلينا لن تفعلها!!.. فهي لا تحب الوحدة، كما أنها لا ترفض مساعدة من يحتاجها، وبلادنا بأمس الحاجة إليها"
توقفت لتستدير بهمس غاضب وبأجفان شبه مفتوحة وقد أدركت شيء ما نسته بخضم المشاكل التي تحاذفت عليها:
"أنت لا تريدها أن تعود، صحيح؟؟"
وكمن استيقظ من غفلته صاحت:
"يا إلهي... أليس لأنانيتك حدود؟؟؟... توقف عن رؤية نفسك أفضل من الجميع وأنك قادر على كل شيء ....."
وقف مبهوتا من انفجارها الهائل، ولكلماتها التي شعرها كسوط يجلده،غضب استعر بداخله لتسرعها كما العادة دون أن تترك له المجال بقول ما يريده .
طالعها بوجه محمر وهي ما تزال ترميه بلسانها اللاذع ليتقدم ويمسكها من ذراعيها بشدة وأخذ يهزها بقوة كما أراد أن يفعلها دائما.
"أخرسي.... اخرسي أليس لسلاطة لسانك هذه حدود؟؟"
حاول أن يكتم رغبته بخنقها والتخلص من قذفها له بأبشع التهم، ونصفه الآخر يخبره بأن يتقدم ويكتم سيل اتهاماتها بقبله يعاقبها فيها على ما قالته بحقه وكأنها استشعرت رغباته المجنونةنفضت ذراعيه عنها وشمخت بتمرد وقالت من بين أسنانها:
"لا.... أنت من عليه أن يخرس، فأنا لن استمع إليك وأنت تبحث عن أعذار واهية، وإن لم ترد البحث معي عن شقيقتي يمكنك العودة وفعل ما تريده فأنا لا أحتاجك "
شيعته بنظرة أخيرة وأولته ظهرها وغادرت مبتعدة عن ناظريه ووقف جامدا لا يتحرك فقط لثوان، ليسير بعدها بخطوات كبيرة لكن بالاتجاه المعاكس .
سارت وسارت دون أي احساس بالمكان، فجرحها منه كبير، وعواطفها المتضاربة تخيفها، وقلبها الأحمق ينبض بشدة بالرغبة بالعودة وعدم ترك جانبه، وهذا زاد من غضبها لتوقها للتمتع بصحبته، فأطلقت ساقيها تسابق الرياح بل طواقه للبعد عن لفحات أنفاسه، وعن صوته الذي يدغدغ أنوثتها.
ركضت لاعنه قلبها الذي وقع بهواه دون أن يستئذنها بالوقوع .
توقفت بعد أن استبد بها التعب من جريها وسقطت على ركبتيها تتوجع من اختيارات القدر القاسية، لقد انتظرت فارسها الهمام بلهفة لقياه ولم تعلم بأنه كان يشهد مولدها.
رفعت رأسها للأعلى وشهقت باسمها محتاجة قربها :
"هيلينا...."
وكأنما للهواء روح حية فتعاطف مع ألمها ليحمل ذرات صراخها لصاحبة هذا الاسم مخترقا كل الحواجز الصعبة مقاتلا ذرات الجليد العنيفة متشابكا معه بمعركة الحياة ليخرج منتصرا من براثن زجاجها.
التفتت تتطلع للخلف وأذنها تلتقط همسا أرسل قشعريرة لكامل جسدها.
"ما الأمر هيلينا؟؟... هل هناك شيء ما؟؟"
اقترب أكثر والخوف ينهشه من رؤيتها بهذا الشكل فأخذ يهزها من يدها برفق يخرجها من شرودها.
"هيلينا ما الأمر، هل أنت بخير؟؟"
أخفضت عيناها ناحيته وكمن انقشعت الغمامة من أمامه ردت عليه:
"أنا... أنا... بخير فقط ...."
سكتت وعادت تنظر للأفق البعيد والحنين يأخذها لمن غابت صورهم لكن حبهم ما زال ينبض بداخلها.
تحركت مغيبة عما حولها، كأن هناك من يشدها ويناديها الاقتراب، سارت بأقدام مهتزة والصوت المكتوم يصلها من جديد.
أسرعت بخطواتها لتقف فجأة فالحاجز المرئي كان كالسد المنيع بينهما وبين من تراها بالجهة الأخرى، أخذتها صدمة رؤيتها للحظات وما لبثت أن ارتخت ملامح وجهها وسادها الشوق والحنان لشخص تمنته دائما أن يكون بقربها.
لفته من عيناها لما شاهدته لتتوحش عيناها وهي ترى رؤية أخرى احتلت الصورة الجميلة التي أمامها وبالوقت نفسه أدخلت الرعب لقلبها .






























سما نور 1 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-10-17, 10:06 PM   #14

أميرة الوفاء

مشرفة منتدى الصور وpuzzle star ومُحيي عبق روايتي الأصيل ولؤلؤة بحر الورق وحارسة سراديب الحكايات وراوي القلوب وفراشة الروايات المنقولةونجم خباياجنون المطر

 
الصورة الرمزية أميرة الوفاء

? العضوٌ??? » 393922
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 11,306
?  نُقآطِيْ » أميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond repute
افتراضي


رواية رائعة ..
وأحداث مثيرة ومشوقة ..

ماذا سيحدث مع هيلينا وهل ستظل مبتعدة عن المملكة ..
من أجل حماية أهلها من نفسها وما يكمن داخلها ..
والساحرة مصرة على ضمها لعالمها ..
ولن تستسلم في سبيل تحقيق هدفها بأبشع الطرق ،وستظل تخطط وتتآمر حتى تحقق غايتها ..
لكن هيلينا مؤكد ستقف بوجه خططها ولن تستسلم بسهولة ..
فماذا ستفعل لتحل تلك اللعنة ..
ورجل الثلج هل سيكون له دور مهم في ذلك ..؟

ماري هل ستستطيع الوصول لهيلينا ..
وإقناعها بضرورة عودتها وأنهم بحاجتها بعد وفاة والدها ..
وماذا عن مشاعرها وديمتري التي تحركت ..
بعد كل تلك المشاحنات والمضاربات منذ الصغر ..
هل ستطفو مشاعرهما تلك للسطح ..؟
بانتظار القادم ..
بالتوفيق بإذن الله ..

..


أميرة الوفاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-17, 05:29 PM   #15

Healthywomen1

? العضوٌ??? » 410923
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 35
?  نُقآطِيْ » Healthywomen1 is on a distinguished road
افتراضي

شكرا على الروايه الجمميييله يعطيككك العافيه

Healthywomen1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-17, 10:58 PM   #16

أميرة الوفاء

مشرفة منتدى الصور وpuzzle star ومُحيي عبق روايتي الأصيل ولؤلؤة بحر الورق وحارسة سراديب الحكايات وراوي القلوب وفراشة الروايات المنقولةونجم خباياجنون المطر

 
الصورة الرمزية أميرة الوفاء

? العضوٌ??? » 393922
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 11,306
?  نُقآطِيْ » أميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مساء الخير ..
إذا ممكن بدي أعرف مواعيد تنزيل الفصول ..
أو ما فيه موعد محدد ..
بالتوفيق بإذن الله ..
..


سيتم تنزيلها مكتملة عزيزتي



التعديل الأخير تم بواسطة سما نور 1 ; 31-10-17 الساعة 11:59 AM
أميرة الوفاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-17, 12:00 PM   #17

سما نور 1

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سما نور 1

? العضوٌ??? » 310045
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 11,168
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » سما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يضيق الكون في عيني فتغريني خيالاتي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن...........

الغدر... هو أن يخونك أقرب الأشخاص لقلبك، بعد أن تكون قد بنيت له بداخلك منزلا واسعا...
فتشعر بطعنة نافذة تخترق أضلعك، لتصل لخافقك فتدميه،لتسيل دمعاته وتنسكب باكية خسارتها، تندب حبا لم يكتمل، وقلبا كان يخفق بين جنباته،
لتنسل تلك النبضات نبضه تلو الأخرى ومع آخر قطرة دم تختفي آخر نبضة قلب، لتتبعثر روحها تهيم على وجهها بضياع لا تستطيع بعدها لملمتها.

تقف عاجزة مكتوفة اليدين وترى أغلى الناس يتصيده الخطر، شلل تملك حواسها عن القيام بأي ردة فعل كي تحميها من الأذى.
تجمدت بمكانها وهي ترى الشر يترصد شقيقتها،يقف خلفها دون أن تشعر به فألمها كان أقوى من أن تستمع لناقوس الخطر الذي يطرق فوق رأسها يحذرها من مغبة ترك ظهرها مكشوفا للعدو.
عدة خطوات وستطالها يد الشر.....
تقدمت هيلينا تخترق سرعة الضوء تبغي الوصول إليها قبل أن يفوت الأوان لتتوقف بغتتا بعد أن كادت تصطدم بالحاجز الذي صنعته بيديها.
خطوة.. خطوتان...ولم يبقى سوى عدة أمتار ويصلون إليها....
صرخت هيلينا ليتردد صداه بالقبة :
"ماري... أنظري خلفك !!"
قبضتان قويتان تضربان على الزجاج، وشفتان تشكلان اسم شقيقتها وتلك الأخرى غارقة بالأحزان .
ضربات أخرى لا طائل منها، ونداءبكل ما أوتيت من علو بأوتارها طار مع أدراج الرياح، فهيهات أن تخترق حروفها سجنها الأبدي،فما صنعته بيدها لحمايتها يقف الآن ضدها ويمنعها من انقاذ شقيقتها .
"هيلينا... اهدئي... هذا لن ينفع، أنت فقط تضيعين وقتك!!"
التفتت لمحدثها بعيون تغشاها دموع مستعصية وكأنها تراه للمرة الأولى.
ازدرد ريقه والخوف بدأ ينهش قلبه من سرعة تواتر الأحداث.
أغمض عينيه بمعرفة وعلم مسبق بأن أيام السعادة قد ولت، والدوامة التي هرب من براثنها قد جاءت تعيده لظلمتها.
فتح عينيه واقترب منها يمسك كفيها....
"هيلينا... يجب أن تتحكمي بأعصابك، فما تفعلينه لن يكسر الجليد الذي صنعته بصلابة الحديد و تماسك الصخور"
سكت قليلا يتطلع ليرى الضياع بمقلتيها،والخوف بدأ يزحف لداخلها رويدا رويدا كآفة طفيلية قاتلة.
التفت للجهة الأخرى وشهق بصوت عالي ليتحرك رأسها للناحية التي ينظر إليها وكادت أن تقتلعه من شدة دورانه.
ماري تتوسط مجموعة من الشياطين الصغيرة ذا جلد أحمر اللون، يناكدونها ويجعلونها كالكرة تتقاذف بين أيديهم وهي تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تتخلص من دائرة حصارهم .
عادت تصرخ من جديد تحاول اختراق قضبانها، تريد الخروج لتنقذ عائلتها من الشر المحدق بها كما اعتادت دوما.
"لن تقدري على تحطيمه... فهو أقوى منك "
أدارت رأسها باتجاهه وهي تصرخ بكل حرقة ألم :
"لا ...... أنا قادرة وسترى !!"
"هيلينا........."
اخرس تماما وفغر فاهه والصدمة ألجمته عن اكمال جملته فرؤيتها تشتعل ببريق فضي اخاذ كنجمة مضيئة في ليلة ظلماء سلبت لبه، وفقد البقية الباقية من تركيزه .
الغضب سرى بداخلها كالنار بالهشيم من عدم تركها تتنعم بحياتها الموحشة، والخوف اعتصر قلبها من فقدها لشقيقتها.
ثارت حممها الجليدية، وفتحت بوابة الجحيم، يمكنها غفرانما يحدث لها، لكن أن تتعدى حدودها بإيذاء عائلتها فهنا ينتهي الأمر!!
رفعت بتارها للأعلى بعد أن اكتمل تحولها ولمعت عيناها بشعاع مخيف يعلن عن وصولها للحد الأعلى من الغضب.
صرخت تعلن عن بداية حربها ضد من يريد سلبها أمان عائلتها، وبكل قوتها وطاقتها هجمت مشيحه بسيفها الجليدي محطمة قوقعة حريتها،فهي تعلم ما أن يختفي الحاجز ستكون مرئية لمطاردتها، وستعود من جديد لمرحلة الهرب والتخفي لكن هذا لا يهم، فالأهم هو شقيقتها.
بحركة واحدة حطمته لتسمع صوت تكسرأحلامها الوردية بحياة مسالمة بعيدة عن الحزن والبؤس وصرخت تبعد شبح التفكير بحياتها فلا وقت لرثاء النفس.
صرخت باسمها:
"ماري....."
كانت بعالمها البائس تنعي اكتشاف حبها الوليد وفقده بنفس اللحظة،تفكر بحياتها كيف ستكون؟؟... وهل ستقدر على إيجاد شقيقتها الضائعة ؟؟؟
دوامة من التساؤلات أخذتها للبعيد عما سيحدث للمستقبل!!.
عندها بدأت تستشعر حواسها بأنها لم تعد وحيدة وأن هناك من يشاركها وحدتها،فاعتقدت بأنه دميتري قد لحق بها وما كادت تمسح دموعها المنسكبة كي لا يراها ويسخر منها حتى باغتها مخلوق أحمر اللون:
"بووووووو"
ارتدت فزعة منه للخلف ليرتطم جسدها بجلد أملس والتفتت لترى ما هو لتشهق من جديد هاربة للجهة الأخرى، حركت عيناها المرتعبة بكل الاتجاهات لترى نفسها محاطة بمجموعة من تلك الأشكال المقززة تنظر إليها بمكر ولؤم .
بحثت عن شيء تدافع به عن نفسها ولم تجد فما كان منها سوى أن استخدمت صوتها كسلاح أرادت به أن تخيفهم، لكن من شدة خوفها خرج مهتزا وضعيفا :
"ما الذي تريدونه مني؟؟"
قهقهت الأجسام الحمراء بشيطانية ليجيبوها ببراءة مزيفة بعكس وجوههم التي تنطق بالشر:
"نريد اللعب معك"
تفاجأت من حديثهم وتطلعت إليهم بتوجس ورددت خلفهم :
"اللعب معي أنا ؟؟!"
حركوا رؤوسهم الصغيرة بالموافقة، وذيولهم تلوح بسعادة، وأسنانهم المدببة والمخيفة ضحكت بمكر، وكفوفهم الصغيرة تحتك ببعضها بترقب.
"نعم... نريد أن نلعب معك"
ومع آخر كلمتين اتسعت ابتسامتهم المخيفة لتظهر شخصيتهم الحقيقية واقتربوا منها لتتراجع للخلف ومع كل خطوة تشعر بنفسها تتقلص ويكاد قلبها يتوقف عن دقاته الهادرة .
"ابتعدوا.... أنا... أنا لا ... أريد اللعب معكم... لقد حذروني من اللعب مع الغرباء"
توقفوا عن التقدم وأجابها أحدهم:
"نصيحة جيدة... لكن للأسف نحن نريد أن نمرح، فقد بدأنا نسأم دون وجود شيء يسلينا، وأنت هنا موجودة فلما لا؟؟ "
وبدأوا لعبهم العنيف بشد شعرها، ورميها بالحجارة وغيرها من الأمور التي تركتها تصرخ تطلب النجدة وأخذت تناديه فارسها الهمام الذي تعودت ظهوره بوقت محنتها بعد رحيل شقيقتها:
"دميتري... دميتري ساعدني!!"

تجمد الجميع بمكانهم بعد التقاط أذنهم لشيء يتحطم كصوت اناء يتكسر
وهمس يأتيهم من البعيد محمل بالوعيد والعقاب لمن أيقظ المارد العملاق من سباته.
سمعت اسمها لتطرب أذناها فرحا فقد جاءت المساعدة التي أرادتها، عادت حروف اسمها تتطاير بالهواء، لكن النداء الذي سمعته لم يكن صوت دميتري الخشن الذي دائما ما يرسل قشعريرة من الأحاسيس لجسدها ويجعل قلبها ينتفض طربا، بل كان صوتا شجيا لطالما حمل لها الدفء والحنان وأحيانا نغمة الغضب عندما تشعر بأنها بخطر كما حالها الآن.
أسدلت رموشها وبدأت دمعاتها تنسكب راحة وشوقا لسماع حروف اسمها على شفتين طاقت لرؤية صاحبتها، اعتقدت بأعماق قلبها أنها لن تراها من جديد لكنها كانت مخطئة!!.. وكما وعدتها دائما ستكون بجانبها للأبد .
فتحت عيناها والتفتت تحدق بتلك الكتلة الصاروخية المتجه ناحيتهم تلتهب بنار فضية لامعة، تأملتها بحنين وأشواق فاض به صدرها،فمهما تغيرت وتحولت تظل تلك شقيقتها الحبيبة.
"هيلينا.."
تراجعت الشياطين للخلف بهلع وتكوموا بجانب بعضهم البعض وأجسادهم الصغيرة ارتجفت بخوف من رؤية تلك الأسطورة أمام ناظريهم.
توقفت بعد وصولها فجأة لتثير حولها زوابع صغيرة من الثلوج المتطايرة جعلتهم يتدحرجون للخلف من شدة هبوب الرياح التي عصفت بهم .
تمسكت ماري بجذع شجرة بالقرب منها قبل أن تقذفها الرياح للبعيد، لم تدم مدة زوبعتها طويلا ، لتبدأ سياط أعصابها من الانفلات.
"كيف تجرؤون على العبث مع شقيقتي !!"
ارتعدت أطرافهم من صراخها المخيف وهمسوا بوجل وبكلمات مرتجفة:
"لم... لم نكن.... نعرف.... كنا... كنا فقط نريد... المرح "
شهرت سيفها أمام وجوههم الصغيرة مع صراخها لهم بالسكوت، واقتربت منهم وعيونها تقطر برغبتها بالفتك بهم، ليتوسلوها :
"أرجوك.... لا تقتلينا!!"
"هل أرسلتكم أزميرالدا؟؟"
تطلعوا لبعضهم بخوف من الافصاح وتطير رقابهم لكن زعيقها جعلهم يكسرون صمتهم :
"أجل... أجل الملكة هي من أرسلنا للبحث عنك بكل مكان"
وهنا لم تستطع سوى أن تنادي باسمها غاضبة حانقة تعديها لخلوتها وزعزعة أمان أسرتها :
"أزميرااااااااااااالدا!!"

وفي الطرف الآخر تحت وطأة الليل شديد الحلكة، ثقيل اللجة،ميت القلب، مكان يسوده الحقد والكره، ويصنف نفسه فوق الجميع.
مكان قسي لا يعرف طريقه أحد،تسكنه الأشباح، ويهجره الأحياء،وإن مر من هناك اختفى ولم يعد له أثر.
فزت من جلستها وامارات السعادة بادية على ملامحها ونطقت بحبور وبانتصار :
"نعم... وأخيرا، لقد ظهرت، لقد أعلنت عن نفسها "
وصدحت ضحكتها المنتصرة تتناقل عبر الأروقة، منتشرة ومخبرة الجميع بقروب المحتم وأن هذه المرة لن تفلت زمام الأمور سوى بعد نيل مبتغاها .
وقفت تنظر من نافذة قصرها وبعينيها حديث، وبقوتها الكبيرة استطاعت أن تتخاطر مع مساعدها، لتلمع بعدها ببريق الظفر وقالت بفحيح مخيف:
"أجل... أجل لقد اقتربت ولم يبقى سوى خطوة واحدة وتكونين لي"
*******************
"هيلينا أرجوك... دعيهم يذهبون هم لم يقصدوا إيذائي!!"
"لا بد بأنك تمزحين؟؟... أبدا.... أبدا لا تتركي خلفك عدو على قيد الحياة"
"لكن هيلينا، هم لم يريدوا ...."
أدارت جسدها لتقابل ماري وحادثتها ببرود:
"في الحرب إياك وأن تعفي عن أحدهم فالغدر يعشعش....."
وما كادت تكمل جملتها حتى بوغتت بهجوم جماعي من الشياطين، صرخت ماري بفزع مما حدث ولعنت غباءهاومن أنها شعرت بالشفقة من أجلهم، ويبدوا أن دميتري محق بقوله بأنها متهورة ولا تزن الأمور، فبسببها وقعت شقيقتها بالأسر.
حبال من نار التفت حول جسدها، لتشعر بها تحرق بشرتها الباردة
شاهدت شقيقتها تقترب تحاول انقاذها وبلحظة أخرى كانت قد توسدت الثلج بعد أن دفعها أحد الشياطين لتتقد عيناها بشر مطلق وهسهست ببرود طغى على جملتها:
" تريدون اللعب؟؟.. فليكن!!.. فأنتم من اختار"
الخير ضد الشر، معركة دارت عبر الأزمان وتناقلت عبر العصور، فأينما يكون الخير يكن الشر فهما مرتبطان بوثاق خفي، فلا معنى للخير بدون وجود الشر بجانبه .
دقائق معدودة لتتطاير الكتل الحمراء بالهواء بسبب انفجار بركان وهجها، قطعت الحبال وقذفت الشياطين للأعلى ثم تساقطواكحبات من المطر مشكلة دائرة حولها.
وبحركة واحدة من نصلها الحاد دون أن تستمع لاعتراض شقيقتها بالتمهل وبلحظة كانت قد أطارت رؤوس الشياطين لتصرخ ماري مدير وجهها تخفيه عن رؤية هذا المنظر البشع .
صمت حل بالمكان بعد اتمام مهمتها بالقضاء على أتباع الشر.
"لقد انتهى الأمر، لم يعد هناك خطر يحيط بك "
تكلمت هيلينا بجمود والتفتت ماري دون ارادة تطيع نفسها الفضولية برؤية المشهد وتوسعت عيناها وهي ترى المكان خال من الدماء ليأتيها صوت شقيقتها من بعيد :
"أنهم شياطين، وبموتهم يتحولون لرماد"
كانت تدير ظهرها تتابع احتراقهم من ثم اختفاء رمادهم ثم استدارت ناحيتها وتأملتا بعضهما البعض وما كادت ماري تتحرك مقتربة منها تنوي احتضانها حتى هدرت بها هيلينا :
"ألا تستمعين أبدا لما أقوله؟؟.. أم تحبين العناد فقط للعند!!"
صدمت ماري من انفجارها وتجمدت بمكانها ويديها معلقتان بالهواء تشتاق وصالها ثم ما لبثت أن سقطت متخاذلة رافضه ذلك العناق الذي طاقت له وبحثت عنه مخترقة كل حدود المعقول وغير المعقول للحصول عليه ولم يقابلها سوى الهجر والحرمان وبرودة سرت بداخل جسدها.
ناظرت عصبيتها بشيء من الخوف ثم تشجعت بعد أن حثت نفسها بأنها هيلينا شقيقتها الحبيبة وهي فقط غاضبة منها:
"أنا... أنا بحثت عنك لأنني أردت عودتك"
"هل أنت غبية يا ماري!!... أخبرتك أن تبقي بالقصر فعودتي ميؤوس منها"
سكتت قليلا وتطلعت لوجهها الحزين فارتخى تجهمها وقالت تخفف من هجومها القاسي على صغيرتها، أبدا لم ترد أن تجرحها أو تحزنها لكن تهورها يخيفها، وعنادها يسلبها أمانها، وحياتها الآن ليست كما السابق.
"ماري حبيبتي... كان عليك البقاء كما طلبت منك .... أنظري إلي..."
رفعت ماري رأسها وناظرتها وقالت بهمس تغالب نفسها عن البكاء:
"أنا أنظر يا أختي "
"لا يا ماري... أنظري إلي جيدا، وسترين صعوبة عودتي"
هزت رأسها ترفض الانصياع لما سيصل به حديثها.
"لا يا هيلينا.. يجب أن تعودي!!"
حركت هيلينا رأسها برفض وتابعت:
"لا يا ماري... هنا حريتي، هنا أشعر بنفسي تطير وتحلق دون قيد، دون خوف من أن أوذي أي شخص بثلوجي"
"لكن هيلينا، أنت لا تعرفين ما حد......"
"لقد انتهى الأمر، وقد اخترت الحياة التي أريد، أنا سأعيش بعيدة عن الوطن لا أريد أن تصيب لعنتي من أحب "
ترددت بإخبارها عن حقيقة الوضع ولكن مصير بلدتها يحتم عليها أن تعلمها.
"هيلينا.. يجب أن تعلمي...."
قاطعتها من جديد .
"لا ماري أنت من عليها أن تستمع، عودي للقصر وعيشي حياتك وأخبري والدي بأن يطمئن علي "
اكتسى وجهها الحزن بذكر والدها لقد اشتاقت لأحضانه كثيرا ثوان هي فقط لتصعقها الفاجعة .
شهقت ماري بلوعة وتوسعت عيناها ونطقت :
"أنت لا تعلمين؟؟"
تقوس حاجبيها ليلتقيان وضيقت عيناها ناحية شقيقتها وهي ترى شحوب وجهها وسألتها بتوجس:
"أعلم ماذا؟؟"
وبلسان مثقل بالحزن من أنها ستكون من يخبرها بما حصل، فتحت فمها ثم عادت لإغلاقه فالكلمات أبت الخروج وهي تعلم بأنها ستصيبها بالصميم .
"هيلينا.. والدي.... والدي.... قد توفي بعد رحيلك مباشرة "
عدم التيقن... عدم التصديق.... ثم الصدمة.... وبعدها...
فراغ.... خواء.... ألم ينخر قلبها، دموع تحرق مقلتيها، ونار باردة تشتعل بجوفها.
اقتربت منها ماري تشد من أزرها، وتعينها على حزنها فقالت تواسيها:
"أنه يحبك كثيرا يا هيل، ويقول بأنك ستتجاوزين الصعاب، عليك فقط أن لا تفقدي تركيزك وأنظري لهدفك .... وأنك ستغدين ملكة عظيمة"
صمت أحاطهم، وبرودة تخللت عظامها بانتظار ردها وقد عاكس أمنياتها
بهمسها الجليدي الذي أرسل قشعريرة جعل جسدها ينتفض:
"عودي للقصر يا ماري !!"
وتحركت مبتعدة.
"وأنت؟؟؟"
توقفت لسؤالها وأجابتها:
"أنت ملكة نويشفان الآن، وعليك أن تتقلدي مقاليد الحكم"
"لكن هيلينا، عليك أن تعودي، أنت كي..."
"لا يا ماري، أنا لن أستطيع العودة "
"لكن عليك العودة ...."
قاطعتها:
"لقد قلت رأي وانتهى الأمر، لما لا تقتنعين باختياري؟؟"
" وأنت لما لا تتركيني أكمل جملتي!!"
صرختها بأنفاس هادرة بعد أن استعصى عليها الحديث، وعندما شاهدت سكوتها أخذت أنفاسا طويلة وقالتها بسرعة قبل أن تعود لمقاطعتها:
"عليك العودة لتزيلي اللعنة"
قطبت بين حاجبيها وقالت:
"عن أي لعنة تتحدثين عنها؟؟"
"لعنة الثلج!!... فقط غطت البلاد أجمع وأنت الوحيدة القادرة على ازالتها"
"ماذا؟؟.... أنا لا أستطيع "
تقدمت ناحيتها لتقف بمواجهتها وأكملت :
"بلى أنت قادرة على فعل كل شيء "
"أنت لا تفهمين!!.... أنا لا أستطيع التخلص من اللعنة، فهي ستظل معي للأبد"
"لكن..."
"ماري... عودي للوطن"
"لكن؟؟"
"ماري... أنا آمرك بالعودة الآن !!"
زعقت بها هيلينا والخوف بدأ يتملكها وهاجس أنها قد تؤذي شقيقتها أصابها بالجنون، أدارت ظهرها ناحيتها وتطلعت هيلينا بعيون غامت بالحزن للفراق وهذه المرة للأبد.
اقتربت ماري تحاول أن تغير من رأيها وأمسكتها من ذراعها لتدور هيلينا ناحيتها وهي تصرخ وتعود للاشتعال بعد أن أخمدت بريقها بموت أعدائها
لتحيطهم دوامات من الثلوج التي اجتثت كل ما حولها مشكلة اعصارا هائلا جعل ماري تنكمش على نفسها خوفا من بطش شقيقتها وما هي إلا دقائق حتى شعرت بجسد دافئ يحتويها لتلتفت دون اراده ناحيته تلتمس أمان لم تعد تشعر به سوى بأحضانه.
"ماري حبيبتي، هل أنت بخير ؟؟"
رفعت له عينان مظلمتان بألم عميق مس شغاف قلبه وهمست له بشفتين مرتجفتين:
"دميتري .... هيلينا... "
"ماري... هيلينا لم تعد كما هي، علينا الرحيل !!"
حاولت دفعه واخراج جسدها من دائرة احتضانه صارخة:
"لا... لن أرحل بدونها !!"
أمسكها بقوة يمنعها الخروج، فأخذت بقبضتيها الصغيرتين ضربه على صدره وتركها تفعل ما تريد إلى أن أجهشت ببكاء حار ليحتويها بذراعيه بشدة مخبرا إيها بأنه لن يفلتها أبدا.
لم يشعرا بهدوء المكان، ولا بالعيون المراقبة لتصرفاتهما التي دلت على الحميمية بينهما وأن مشاعرهما قد تحولت لتصبح أعمق مما كانت عليه لتسري بداخلها مشاعر الراحة من أن شقيقتها وجدت من سيحميها من تهورها وسيقف بجانبها ولن يفلت يدها فعيناه نطقتا بالحب الأبدي.
قاطعتهما فلا وقت لديها للبقاء طويلا فآجلا أم عاجلا سيصل أتباع أزميرالدا ولا تريد من شقيقتها أن تخوض تلك الحروب البشعة.
"دميتري... خذ ماري وعودا للوطن واجعلها حاكمة ولا تتخلى عنها"
هز رأسه موافقا وأمسكها يحتضنها من أكتافها وسار بها إلى أن اختفيا تماما من أمام ناظريها .

كان يشاهد كل شيء من بعيد ولم يتدخل، وعندما رحلا وقف يشاهد خفوت نيرانها ثم سقوطها المؤلم متوسده ثلوجها وعيونها تنظر للفراغ.
تلكأ بالتقدم للحظات لكن تلك الأمنية بداخله تحثه على التقدم وانهاء الأمر.
خطوة تتبعها خطوة أخرى أقوى، ثم قدم تتقدم القدم الأخرى إلى أن وصل اليها، رفعت عينان موشحة بحزن تملك أعماقها وأدمى قلبه، ليغمض عيناه بحرب دارت معاركها الطاحنة بداخله إلى أن انتصرت احداهما.
فتحهما ليتطلع إليها فاردا غصنه ناحيتها لتتلقفه باستسلام لم يعجبه لكن لا مفر من الأمر!!
وبكلمات جامدة وباردة لم تلحظها هيلينا لشرودها قال:
"هيا هيلينا علينا الرحيل من هذا المكان قبل أن يصل الأشرار"
سارت معه مسلوبة الارادة فلم يعد لها طاقة بالهرب والقتال، تشعر بنفسها قد استنزفت تماما ومشاعرها قد انتهكت لحد الافلاس .
"تعالي... أنا أعرف مكان لن يجدنا به أحد"
وبرقت مقلتيه بلمعة غريبة لم ترها هيلينا .
سار بها دون أن تشعر بما حولها، يحركها كيفما شاء دون أن تنتبه إلى أين يقودها، فعالمها الوردي قد انتهى، ومستقبلها مجهول ينتظرها بل تعرف كيف يكون مستقبلها ثلوج... وثلوج.... والكثير من الثلوج والجليد هذا بكيف ستكون باقي أيامها، فلا مفر من ثلوجها ولعنتها!!.
ينظر إليها بين الحينة والفينة وأحيانا يطيل النظر لصفحة وجهها كأنه يرسم ملامحها ليحفظها بذاكرته .
وبلحظة ثانية شعرت بنفسها تسقط بغياهيب الظلام الموحش، يأخذها لعالمه مقهقها بانتصاره بأنه قدر على أن يسرقها ويدخلها قصرا دون أي جهد يذكر
لتسدل رموشها ويخفت نورها ليتحول كل شيء لسواد .

فتحت عيناها وأخذت ترمش تزيل ما علق بهما من نعاس، لتقابلها أرضية وسخة سوداء يملؤها الغبار، لتقطب بتساؤل عما حدث لها؟؟... وأين البياض الذي لازمها؟؟...
تشعر برأسها خفيف كما الريشة وبأحداث قد فقدت من ذاكرتها.
سحبت يدها ولم تستطع، فرفعت رأسها تستطلع الأمر لتصدم من رؤية يديها مقيدتان بسلسلة،حاولت سحبها والتخلص منها لتنده منها صرخة ألم.
"لا تحاولي... فالقيود سحرية ولن تستطيع التخلص منها "
التفتت لمحدثها لتتوسع عيناها بصدمة رؤيتها بهذا القرب وهمست :
"أزميرالدا!!"
تشدقت شفتيها بابتسامة مقيتة وقالت بفرحة لم تستطع مداراتها:
"مرحبا بك بعقر داري، اسمحي لي فأن لم أعرف بقدومك المفاجئ وإلا لكنت قد فرشت الأرض لك بالورود الحمراء"
سكتت قليلا ثم أكملت دون أن تلتفت لتلك التي مازالت بذهولها:
"لكن لا عليك، سنفرشها لك بعد أن توافقي على استضافتي لك"
تطلعت إليها بحاجب مرفوع وقالتمستطردة:
"ماذا... ألن تجيبي على دعوتي؟؟؟"
وبعد جهد كبير من عدة محاولات لإخراج ولو كلمة واحدة استطاعت التحدث :
"كيف... كيف وصلت إلى.... هنا؟؟"
صفقت أزميرالدا بسعادة وقالت بحبور وفخر:
"بفضل ذكائي أنت هنا، آه لو تعرفين كم انتظرت هذه اللحظة لتكوني بين يدي!!"
حاولت هيلينا استجماع أفكارها التائهة لتتذكر أي معارك قد خاضتها بعد الشياطين وتقع أسيرة لهم لكن لا شيء.... فقد صادفتها صفحة بيضاء فارغة.
اقتربت منها الساحرة ورفعت رأسها لتتطلع لتوهانها بشيء من السعادة فحركت رأسها بحزن مزيف :
"لا تفكري كثيرا عزيزتي فأنت فعلا لم تخوضي أي معركة مع أتباعي الأغبياء فهم أضعف من أن يوقعوكِ بالأسر"
"إذا؟؟"
ابتعدت عنها ناحية الباب ووقفت هناك وعلى ملامحها شعت علامات المكر واللهفة لمعرفة ما سيحصل وقالت :
"دعيني أعرفك بـ....."
عينان شاخصتان للشخص الواقف عند الباب تكادان تخرجان من محجرهما وهمس خرج دون استيعاب باسمه:
"فلاي..."



سما نور 1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-17, 12:01 PM   #18

سما نور 1

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سما نور 1

? العضوٌ??? » 310045
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 11,168
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » سما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يضيق الكون في عيني فتغريني خيالاتي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل التاسع........

ماضي يعود وآلام الذكريات تطفو على صفحات الحاضر، تغوص بنا بعمق أحزانها لنرى ندوب لم تلتئم بعد، وجراح ما انفكت تعود لتؤلم صاحبها، وأمنية من قلب خافق أن يشفع ماضيه لحاضره، وكما يدرك ويعلم من أن الأماني من السهل تمنيها،فقد أخفق حضه السيء بأحلام يعرف بأنها لا تتحقق أبدا.
كلمات أزميرلدا تخترق أذنيها لتصل لمنابع قلبها فتشعر به يعتصرلآخر قطرة دم تتدفق إليه مخلفة وراءها بقايا جراح لا تعرف إن كانت ستلتئم أم قد انتهى الأمر وسيظل ذلك الأخدود كعلامة لتذكرها بأن لا وجود للثقة بهذا الكون وأن عليها أن تثق فقط بنفسها، فنفسها لن تتآمر عليها وتسرق أنفاسها كأن لا هواء تستطيع تنفسه.
تنظر إليه وكأنها ترى شخص آخر غريب لم تعرف بوجوده قط، وكأنها لم تعش معه أحلى لحظات حياتها... أنساها آلامها وأحزانها، ولم تكن تعرف بأنه هو من سيهديها صفعة الغدر توقظها من هذيانها المؤقت بوجود أشخاص جديرون بالثقة .
عيون جامدة مصقولة كزجاج مرآة لامعه بدموع استعصت الهطول وتحولت لجليد كما قلبها الذي انطفأت الحياة بداخله ليتحول لجبل جليدي، وعيون أخرى غارقة بالأحزان ترثي حالا لا يعرف إلى أين سيؤدي بهم السبل!!..هل انتهى بهما الطريق هنا؟؟... أم ستهديهما الحياة فرصة أخرى؟؟.

اقترب منها لتبرق عينيها بوعيد خافت تعلن عن وجود حياة بذلك الجسد الذي خمد فجأة دون أي حراك، فسقطت يده بتخاذل وتطلع إليها بعيون خاوية، فقد توقع هذا الأمر وأنها لن تسامحه أبدا، لكنه أمل بأن تشفع له بعد أن تستمع لمبرراته.
تحرك يدور بالزنزانة وشذرات الماضي تعود تجتاح ذاكرته بعنف وقسوة دون أن تأخذ به رحمة أو شفقه.
أمسك رأسه المدور بألم استبد به من صور انهالت عليه تذكره بما كان وبما أصبح، ليتوقف فجأة عن السير وكأنه وصل لطريق مسدود ولم يعد له مجال للتراجع.
تطلع لنقطة وهمية على الجدار وقال بعد صمت طويل ومعركة حامية دارت مع نفسه بأنه حان الوقت .....
"لقد كانت حياتنا أنا وأبي حافلة بالكثير من المغامرات، كان يأخذني معه بكل معركة يذهب إليها، أراد تعليمي فنون القتال وكيف تكون تكتيكات الحرب عن قرب، كان يريدني أن أصبح مثله أو أقوى منه لا أهاب الموت ولا أخشى الخوض بالمعارك المصيرية"
لمعت عيناه ببريق أخاذ من تلك الأيام الجميلة ثم انطفأت ما أن عاد لسرد قصته:
" لم أمانع ذهابي معه أينما أراد بل العكس تماما، أحببت ما أراه، وعشقت التحدي والقتال، فقد كان يجري بداخلي كروح حية تنطق بالإثارة والتحدي"
عاد يغمض عينيه يستعيد ذكريات الماضي السحيق بمرحها وفرحها، وبمغامراته الشيقة التي كانت تدخله بمشاكل عدة، كانت أوقات لا تعوض.
فتح عيناه وكانت تشتعل ببريق مخيف تكاد تحرق كل ما هو أمامها ليلتفت إليها ويتطلع لعينيها ليرى بداخلهما الانصات، كانت تستمع وهذا أراحه ليقترب منها وتلتقي نظراتهمالفترة من الوقت ثم عاد يستطرد بحديثه :
"تعتقدين بأنك اختبرت الألم الحقيقي؟؟... والوحدة والفراغ؟؟"
هز رأسه بأسف وقال :
"لا يا هيلينا، أنت لم تختبري الألم الحقيقي برؤية والدك كيف يموت أمام عينيك دون أن تستطيعي القيام بأي شيء لإنقاذه... أنت لم تختبري كيف يكون جسدك كسجن أبدي لا تقدري على تغييره"
تطلع لجسده للحظات ومن ثم رفع كتفيه بلا مبالاة.
"على الأقل أنت ما زلت بجسدك وبهيئتك، أما أنا أنظري إلا ما حولتني إليه..."
أشار لنفسه بسخرية ثم رماها بآخر نظرة وابتعد مشيحا برأسه بعيدا وظل هادئا لفترة من الوقت كأن عقله سافر لمكان آخر.
اعتكفت هي الأخرى الصمت كأنه أصابها الخرس ولم تنبس بأي حرف وتركت السكون يلف محيطهما ولم ترد أن تكسر ذلك الحاجز الغير مرئي الذي وقف كسد منيع يمنعهما من العودة لما كانا عليه.
لحظات أخرى من الهدوء ثم عاد يكمل بعد أن عاد من رحلته عبر الزمن وهذه المرة غامت عيناه بألم دفين لم يستطع مداراته فقد كان أقوى من أن يحتفظ به لنفسه:
"أتعرفين... لقد كنت صغيرة جدا عندما رأيتك آخر مرة، كنت قد ولدتي للتو"
دار حول نفسه وتطلع إليها ليرى الدهشة وعدم التصديق وتابع :
" أذكر كل الأحاديث والأقاويل عن تنبآت المشعوذة بقدوم طفل نابغة، قوي، ذا قدرات هائلة، سيحمل بلده للتقدم والازدهار، لقد انتظر الجميع ذلك المولود ليأخذ وطنهم للقمة "
عادت عيناه تشع هذه المرة بفرحة وتوسد فمه ابتسامه دافئة وأكمل:
"وقدمتي أنت كأشعة الشمس المشرقة بشعرك الذهبي، وزرقة توسدت عينيك كأن السماء بداخلهما"
تأملها وضربات قلبه تهدر بداخله بشدة يقسم بأنه سيشطر أضلاعه من شدة ضرباته وأكمل بصوت أجش وغريب عليه:
"كنت جميلة جدا بصغرك والآن أصبحت خلابة "
ابتعد عنها وأدار ظهره بعد أن التقط على ملامحها الشك وعدم اليقين بما أسره إليها، وانزوت ابتسامة ساخرة وأكمل:
"لا بد بأنك تعتقدين بأنني مجنون وأنني أهذي بلا شك من معرفتي بك!!"
سكت قليلا وأغمض جفنيه يعتصرهما بقوة وهمس باسمه :
"جيمس جرمانيون.... هل سمعت باسمه من قبل؟؟"
رفعت رأسها تنظر إليه بدهشة وذهول وهي تتذكر هذا الاسم الذي طالما والدها حدثها عنه كثيرا، وكم افتقده بموته هو وابنه الصغير الذي غادر قبل أن يعيش حياته،هز رأسه يؤكد حقيقة وجوده على قيد الحياة:
"نعم أنا هو ابنه فلاديمير.... لكن بشكل آخر"
قاطع حديثهما دخول احدى الساحرات المبعوثات من ملكتهم أزميرالدا وقالت بعد أن أجالت بنظراتها بينهم :
"هيا... لقد حان الوقت"
ورحلت تاركة شخصان غارقان بأفكارهما وبالحياة المقبلين عليها.
عانقت عيناه الأرضية الوسخة ثم رفعهما ليقول لها بحزن ظهر جليا بصوته:
"أنا فعلا آسف على ما فعلته بك!!... أعرف بأني غدرت بك، وخنت ثقتك، لكن صدقيني لم يكن بيدي شيء، أردت أن أعود لوضعي، اشتقت للخروج لأتنفس الهواء النظيف بدل حبس نفسي بزنزانة الشفقة، أردت الحياة من جديد"
تحرك من مكانه بعد أن لم يجد أي رد منها يريحه من تأنيب الضمير الذي يخترق أحشاءه ويقتات على نبضات قلبه ليتركه عليل شحيح يطلب الرأفة .
خرج من تلك الغرفة يجر خلفه أذيال الخيبة والحسرة، وما كان يتوق إليه طويلا بعودته لما كان عليه يشعر به الآن يضيق بخناقه ويضغط على تنفسه بكل قوة لينقطع الأكسجين من رئتيه .
سار دون هدى، لا يعلم إلى أين ستقوده قدماه لكنها تعرف هذا الطريق جديدا فلطالما سار بهذه الدهاليز طوال سنين عمره التي سكن بها هذا القصر الموحش والمقيت الذي تنتشر فيه رائحة العفونة والغدر والكره، أراد الخروج من براثن قيودها، أراد الحرية التي طالما حلم بها منذ أن أدخل قصرا لهذا الجسد، لتأخذه ذكرياته لذلك اليوم الذي غير حياته للأبد....
كان بعمر العاشرة عندما كانوا عائدين من أحد المهمات منتصرين عندما اعترض موكبهم ضباب كثيف حل فجأة أربك الأحصنة، وجعلها تشعر بالتوتر كأنها تستشعر شرا خلف تلك السحابة الثقيلة.
فكان والده ندا لأي عدو، ووقف بأهبة الاستعداد لأي اشتباك وتقدم الفوج كما اعتاد دوما، وأمر ابنه بالابتعاد والوقوف خلف الجنود، انصاع فلاديمير لأبيه دون أي اعتراض، وكانت تلك الدقائق طويلة جدا كأنه العمر وهم ينتظرون الهجوم المباغت لكن ما ظهر خلف تلك السحب أرخى أسلحتهم، وأخفضوا حذرهم، فمن ظهر أمامهم لم تكن سوى امرأة متشحة بخرق بالية ويا ليتهم لم يرخوا أسلحتهم فبالوقت الذي أخفضوها حتى هاجمتهم بشراسة دون أن تترك أي رجل على قيد الحياة.
كانت فقط لحظة فارقة عندما انقضت عليهم جميعا بحركة سريعة دون أن يقدروا على رد هجومها، فقد كانت تنسل بسرعة البرق غارسة سيفها وسمها بجسدهم ليتساقط الواحد تلو الآخر ليبقى اثنان فقط فلاديمير ووالده، ووقفت تنظر إليه بكره بعد أن أجلت الضباب الذي استدعته بقواها السحرية لتتضح الرؤية بعدها بكل وضوح جعل الغضب يشتعل بمقلتي جيمس:
"أزميرالدا..... وأخيرا تقابلنا!!"
"لقد قتلت جميع أتباعي أيها السيد وقد حان وقت سداد الدين!!"
"لقد انتظرت هذه الفرصة طويلا أيتها الساحرة اللعينة كي أقضي عليك كما باقي الساحرات اللعينات"
" سنرى أيها البشري.... سنرى"
ودارت بينهما معركة حامية الوطيس قاتل فيها جيمس ببسالة يحسد عليها لكن وكما العادة الغدر يكون من شيم الشر فقد التقطت عيناها وجود فلاديمير لتستخدمه ضد جيمس الذي خر خانعا من أجل سلامة ابنه.
"أتركي ولدي وسأنفذ كل ما تريدين!!"
سكتت قليلا لتتسع بعدها شفتيها بابتسامة ماكرة لتقول:
"حسنا سأتركه بعد أن....."
أشاحت بعصاها السحرية ناحيته لترميه بشعوذتها محولة جسده لكتلة من الثلج، هدر فيها جيمس صارخا ومتوجعا لحال ابنه الذي سقط على الأرض متوجعا زاعقا من شدة الألم الذي ينهش جسده، وعندما انتهى تحوله بالكامل استدارت ناحيته وبقلبها القاسي قالت بفحيح :
"ها أنا وعدتك بترك ابنك على قيد الحياة"
ثم تشدقت بابتسامة مقيتة وهسهست :
"والآن جاء دورك لتحذوا حذو جنودك"
لم يستسلم جيمس لها ولقوتها، وقاتل للنهاية و مات مقاتلا شجاعا إلى الرمق الأخير، وكان ابنه شاهدا على موته كبطل مقدام إلى أن خمدت أنفاسه .
*****************
وصل لوجهته كأنه سار منذ زمن بعيد وقد أصابه الهرم لمروره بعقود أخذت منه الدهر كله.
تطلع لأزميرالدا بحقد وكره دفن بقلبه على مر السنين، ثم تأمل الوجوه المحدقة به بحقد لم يحاولوا اخفائه، لم يهتم بنظراتهم قدر اهتمامه بما سيحصل الآن لهيلينا بعد أن أمسكت بها تلك الساحرة اللعينة، لا يعرف ما الذي تضمره لها، فهو إلى الآن لا يعرف لما أزميرالدا مصرة على حصولها لهيلينا؟؟.
"مرحبا بك يا فلاي أو أقول فلاديمير "
أدار رأسه عنها ساخرا من ترحيبها لكنها لم تهتم من فضاضته وتابعت حديثها:
" ها أنا ذا أفي بوعدي لك وسأعيدك لشكلك الطبيعي بعد أن أتممت المهمة الموكلة إليك"
وبصوت قد من حديد سألها :
"ماذا ستفعلين بهيلينا؟؟"
"لا شأن لك بما سأفعله بها، عليك فقط أن تهتم بنفسك"
"بل يهمني أمرها"
صرخ بها دون أن يقدر على تمالك نفسه، لتتأمله أزميرالدا بدقة ثم ما لبثت أن شعت ابتسامتها عندما هداها فكرها لشيء لم تنتبه له :
"آه أرجوك... لا تقل لي بأنك قد ووقعت بهواها؟؟"
أخذت تصفق باستهزاء كأنها ألقت نكته مضحكة ليحذوا الجميع حذوها بالضحك والسخرية منه، وظل هو على جموده كتمثال وادراك متأخر قد صعقه من مشاعره التي لم يكن يعرف بوجودها قط، بأنه قد وقع بحب هيلينا!!.
هبت الملكة من كرسيها ورفعت ذراعها تأمرهم بالسكوت،وبفرقعة اصبع تحرك أتباعها ملبيين اشارتها ومن ثم عادوا وبين يديهم هيلينا تسير معهم باستسلام .
ما أن لمحها فلاي حتى تقدم ناحيتها لترميه أزميرالدا بشعلة من النار أمام قدميه تمنعه التقدم.
تراجع فلاي من النار ووقف بعجز يتطلع إليها والانكسار يظهر على محياها، لم يعهدها هكذا خاضعة، وضعيفة، ومشتتة، يرى الانهزام بعينيها، تلك ليست من شاهد القوة تنطق بمقلتيها، ولا العزيمة التي تشع من جسدها،
فكل ما يراه الآن فتاة عادية قليلة الحيلة تواجدت بالمكان الخطأ.
أغمض عينيه بحسرة وندم...هو السبب بجعلها هكذا، فقد سحب البساط من تحت قدميها دون أن تشعر به، وفقدت ثقتها بالعالم ولم يعد لها ما تقاتل من أجله.
فتح فمه ليحاول محادثتها وحثها على القتال فقاطعته أزميرالدا متحدثة:
"أيها القوم، اليوم سنشهد شيء عظيما، قوة خارقة لطالما انتظرناها، اليوم سينضم إلينا عضو جديد خليفتي..... هيلينا"
ازدرد فلاي ريقه بصعوبة وهو يستمع لكلماتها المبهمة وتساءل بخوف سرى بداخله... كيف ستجعل هيلينا خليفتها ؟؟.
سبح عقله بأفكار كثيرة إلى أن جحضت عيناه بادراك لرغبتها بتحويل هيلينا لشر مطلق مع قواها الخارقة التي حصلت عليها لتصبح مزيج فتاك قادر على الاطاحة بالجميع دون أن يقدر أحد على كبح جماح جنونها.
تحرك رأسه بين هيلينا المتوسدة الأرض منكسة الرأس وبين أزميرالدا التي تتابع الحديث :
"اليوم سنحتفل بميلاد عزيزتنا الغالية هيلينا، اليوم وبهذا الوقت سيشهد العالم ولادة ساحرة عظيمة وقوية "
صفق الجميع بسعادة ومن ثم حل الهدوء بإشارة من ملكتهم بانتظار ما سيحدث، ثوان هي فقط لتبدأ الطقوس للتحول.
رفعت الملكة يدها للأعلى وبدأت تنادي شياطينها وقواها الكبيرة لتجتمع فوقها غيمة سوداء تشبعت بظلام دامس، وبأرواح ميتة غادرتهم الحياة باعوها للشيطان كقربان لامتلاك القوة .
أمسكت عصاها للأعلى ثم أشارتها لفلاديمير الضائع بين رغبته بالعودة لسابق عهده، ورغبته بإنقاذ حبيبته هيلينا من المحتوم .
ولم يشعر بما يحدث حوله لتصليت نظراته ناحية هيلينا عندها فقط أحس بتيار كهربائي يصعقه بشدة، جعلته يصرخ بأنين موجع، وسقط يتدحرج جسده على الأرض يقاوم الألم الذي بدأ يجتث من جسمه بقوة، تكاد روحه أن تزهق من الطوفان الذي ضربه .
صراخهالحاد اخترق أذنيها لتلتفت ناحية الصوت تنظر إلى صديقها فلاي يتألم ويصارع من أجل البقاء على قيد الحياة، جسده يشتد ويرتخي، يتقوس ظهره للأعلى من هول ما أصابه تكاد عظامه تتكسر وتارة أخرى يتقهقر متدحرجا على الأرضية الصلبة أملا بزوال الألم .
صور الماضي عادت تضرب ذاكرتها، ومشهد سقوطها على الأرض بسبب
لعنة الساحرة شعرت بها تعود لتجتاح جسدها من جديد، وبدأت تشاطره أحاسيسه وكأنما الألم واحد، وكأن روحهما صارت ككيان تكاد تهفوا هاربة من نار الجحيم التي تشتعل بجسديهما، فبدأت تصرخ وتئن، وتردد صدى صراخهما موجعا للقلوب التي كسها الحب لكن ليست للقلوب المتحجرة التي تطلعت للمنظر بسعادة وترقب للقادم.
لحظات هي كأنها الدهر حتى سكن المكان من أوجاعهما، وهمد جسد فلاديمير.
رفعت هيلينا رأسها بعد صراع مع موجات الألم الوهمية التي أصابتها وتطلعتلذلك الشاب القابع على الأرضية دون حراك فقط صدره يرتفع وينخفض دل على وجود روحه بمكانها.
تأملته بصدمة وذهول..كان شابا وسيما جدا، بشعره الأشقر، ووجهه ذا الملامح القاسية، بعيونه الصقرية الحادة المغمضة دون أن تقدر على معرفة لونهما، وأنفه الحاد، وشفتيه الممتلئتين، وجسده العضلي، كان غاية بالوسامة.
ظلت على ذهولها فترة من الوقت ولوهلة شعرت بقلبها ينتفض لمرآه بهذا الشكل ونبض بوتيرة سريعة، ابتلعت ريقها ومن ثم أشاحت بوجهها بعيداعنه بعد أن أدركت حقيقة أقواله، فقد كان مجبرا على خداعها واستدراجها لتحقيق أمنيته بالعودة لشكله الطبيعي.
أطبقت جفنيها بحسرة وضيق اعتمل صدرها بأنها غير قادرة على الغفران.
تجمدت الأرضية تحت قبضتيها وسرت منتشرة حولها لتنعكس ملامح وجهها مظهرا حزنها العميق، حدجت شكلها الغريب بشفقة، أبدا لم تكن هكذا!!... لطالما صادفتها الكثير من الصعاب لكن أبدا لم تستسلم ولم تخضع للهزيمة، فدائما هناك أمل بالنصر.
شعرت بقوتها تعود وتسري بداخلها، وعنفوانها قد عاد ينفض ضعفها ويزيحه عن طريقه، فلا مكان لديها للانهزام.
وقفت فاردة هامتها بشموخ وتطلعت لأزميرالدا بغضب شع بمقلتيها وقالت بقوة وصلابة :
"ما الذي تريدينه مني يا أزميرالدا؟؟"
أعجبها ما رأت وقالت تجيبها :
"أريدك أن تكوني معنا"
"وأنا لا أريد أن أكون مثلك!!"
رمتها بكلماتها الجليدية دون أن تهابها فأبدا لم تخشى أحدا بحياتها ولن يأتي هذ اليوم أبدا.
هزت أزميرالدا رأسها بأسف وقالت بحزن مصطنع:
"خسارة عزيزتي،لكنت أصبحت أقوى الساحرات ...."
رفعت كتفيها بلا مبالاة واستطردت مكملة :
"حسنا لا عليك، يمكنك الرحيل فلدي من سيحل مكانك"
ضيقت هيلينا عينيها تحاول أن تستشفي من وراء حديثها وتطلعت إليها بتوجس وما لبثت أن فرقعت الساحرة بأصابعها حتى لبى جنودها النداء، خرجا قليلا ثم عادا وهذه المرة لم يكونا خاليا الوفاضفهمست هيلينا دون تصديق لما تراه أمامها:
"ماري....."
"هيلينا...."
التفتت هيلينا صارخة بأزميرالدا :
"أيتها اللعينة!!... دعي شقيقتي وشأنها، حسابك معي أنا"
قهقهت الملكة بظفر وقالت تجيبها والمكر يلون كلماتها :
"أه عزيزتي.. كل شيء مباح، بالحرب و..... الحب، وبالتأكيد نحن لسنا بحالة حب "
تحركت ملكة الساحرات ناحية هيلينا وتابعت :
"بالمناسبة.... لست أنا من أحضرها، هي من قدمت نفسها بطبق من ذهب"
تحرك رأس هيلينا تنتظر انكارها لما تقوله تلك الشمطاء، لتداري ماري مخفضة رأسها وعضتعلى شفتيها تمنع نفسها من البكاء على الموقف العصيب الذي وضعت به شقيقتها لتهمس هيلينا بعجب :
"ماري!!... كيف تفعلين بي هذا؟؟"
تحركت ساقيها بتلقائية ناحية شقيقتها وعند اقترابها أمسكتها من ذراعها وأخذت تهزها بقوة زاعقة :
"لما؟؟... لما تفعلين بي هذا؟؟.. لما لا تستمعين لأوامري؟؟.. أنظري إلى أين سيأخذنا بك عنادك وتهورك!!"
دفعتها بعد أن انتهت من حديثها لتسقط ماري على الأرض باكية تلعن نفسها وشهقت باسمها راجية وطالبة العفو:
"هيلينا!!"
"اخرسي... اخرسي لا أريد سماع صوتك!!"
أخذت تدور حول نفسها بعجز وبدأ جليدها يسري على الأرض محولا إياه لزجاج، كانت لتقدر على الخروج من هذا المكان بسهولة لكن مع وجود شقيقتها فهذا صعب الأمر.
شدت على شعرها تكاد تقتلعه وتطلعت لمحدثتها بشر أرادت أن تلفه حول رقبتها لتزهق روحها وتنهي العالم من شرها، وبلحظة تفكير سريعة كما علمها والدها استجمعت طاقتها وقوتها الهائلة لتترك شذرات ثلوجها تتدفق دون توقف لتتكوم كتلة من الثلج لكنها ليست أي كتلة فهذه تتحرك وصرخت لجنديها:
"دمر الجميع!!"
وتركته راكضة لشقيقتها القابعة على الأرض دون حراك من هول ما تشاهده أمسكتها من ذراعها وأمرتها بالجري بكل قوتها دون أن تتوقف وأن لا تنظر للخلف أبدا مهما جرى .
ركضت ماري منطلقة للخارج وكما العادة بفعل عكس ما يطلب منها التفتت لتتوسع عيناها وهي ترى تلك المشعوذة تستدعي قواها فأخذت الأرض تهتز تحت أقدامهم لتنبثق بأخدود كبير ويخرج من داخلها ماردها العملاق ذو العين الواحدة.
توقفت تلهث وترقبت القتال بين العملاقيين كان قتالا متكافئ بالقدرات
دارت معركة حامية الوطيس بين الضخمين وعندما استطاع العملاق الجليدي أن يسقط العملاق ذو العين الواحدة زمجرت أزميرالدا بتابعاتها
"هيا... ماذا تنتظرن؟؟.. ساعدن العملاق بالهجوم!!"
هاجمت الساحرات بعنف وحاولن اضعاف قوة الجليدي فساعدته هيلينا بقذفهن بثلوجها لايقاف هجومهم وبخضم حربهم التقطت أزميرالدا ورقتها الرابحة لتنطلق بسرعة البرق مستغلة انشغال الجميع بالنيل من الآخر .
ليصدح صوتها آمرا اياهم بالتوقف :
"هيلينا!!"
التفتت ناحية زعيقها مستعدة للقتال معها لتتجمد بمحلها وهي تراها مصوبة عصاها على رقبة شقيقتها، تقدمت لمحاولة تخليص ماري لكن انغراس عصاها برقبتها جعل يدها تتخاذل وتسقط، فأشارت أزميرالدا ناحية وحشها الجليدي وعندما وجدت الاعتراض على ملامحها حتى غرست عصاها بقوة جعلت ماري تصرخ من شدة الألم، وبحركة سريعة من أصابع هيلينا سقط عملاقها متحولا لكتلة من الثلج، أغمضت عينيها ثم فتحتهما وقالت :
"ماذا تريدين؟؟"
اشتعلت عينا أزميرالدا بنار حارقة وقالت :
"أنت..."
"وشقيقتي؟؟؟"
"لك كلمتي... سأتركها تعود لمنزلها "
صرخت ماري بلوعة :
"لا...."
حل الصمت بانتظار اجابتها وكان قرارها بهزة رأسها للأعلى والأسفل لتصفق أزميرالدا بحبور وأعلنت حالة الاستنفار للاستعداد لاستقبال خليفتها .
تجمدت ماري بمكانها ورأسها يتحرك برفض لما سمعته، وناظرت شقيقتها تقف عاجزة عن القيام بأي حركة للمقاومة، وحادثت نفسها..
" أنا السبب؟؟.. لو لم أتبعها لما حدث ما حدث، لو استمعت إليها وعدت للقصر كما طلبت مني لكانت الآن قادرة على القتال".
عادت تردد:
"أنا السبب... أنا نقطة ضعفها"
سكتت قليلا ثم عادت تهذي...
"نعم.. أنا لو اختفيت ستعود هيلينا القوية"
وبحركة سريعة دون تفكير بعواقب فعلتها، فزت من مكانها وأمرت ساقيها بالجري بأقصى ما تستطيع واتجهت مستلة سكينهامن جراب حذائها وانطلقت ناحية أزميرالدا
" كانت لحظة فارقة، بين الحياة والموت، وبين الربح والخسارة، لحظة أرادت بها ماري أن تكون نقطة قوة لشقيقتها ولم تعلم بأنها ستكون نقطة تحول للنقيض.
وبالتصوير البطيئ رفعت هيلينا رأسها تلتقط عيناها شقيقتها تجري وبيدها سكين لمع نصلها باتجاه الملكة، لتتسع مقلتيها بذهول لفعلتها الرعناء وصرخت بماري تحذرها من مغبة فعلتها عندما شاهدت ردة فعل أزميرالدا لحماية نفسها بشهرها لعصاها السحرية ناحية شقيقتها .
وبعدها حدث كل شيء كرمشة عين، صرخة خوف عاليةمن فقد عائلتها الوحيدة انطلقت حادة من حنجرتها ليتجمد الجميع بمكانهم والتفتوا لتلك الزمجرة التي اخترقت طبلة أذنهم ليصدموا من الرؤية التي تتشكل أمام ناظريهم .
ألم حاد اخترق جسدها كتيار كهربائي بقوة 1000 فولت،جعل قلبها يطرق بشدة حوافر حصان ويتوهج بأشعة حمراء كنار ملتهبة خرجت من بركان مشتعل جعلت شرايينها تبرز من جلدها، وبشرتها تبرق باحمرار كأن دماءها تتدفق عبر مسامات جلدها، وحدقتيها شعت بكتلة من النيران خطتها خطوط بيضاء، وشعرها تطاير بثلوج بيضاء كلعنتها، وشفتيها غدتا بلون الدم الأحمرالقاني .
وقف الجميع يتطلع إلى تحولها بانبهار وما انبث أن تحول إلى خوف وهلع من رؤية الشكل الذي غدت عليه... كانت كشيطانة خرجت للتو من فوه الجحيم، قوية عصية، تملك قدرات خارقة، لن تستطيع أزميرالدا التصدي لها حتى لو أرادت هذا.
تراجعت الساحرات للخلف وتوارين بالظلال وهن يشاهدن اكتمال تحولها الهائل والمرعب .
تشدقت ابتسامة سعادة على شفتي أزميرالدا وهي تتطلع للمنظر الخلاب الذي أصبحت عليه خليفتها، لقد اكتمل تحولها، لقد غدت منبع الشر ولن يقدر أي شخص الوقوف بطريقها للوصول للقمة، وإعلان الساحرات بأعلى الهرم .
عيون أخرى كانت ترقب الحدث برعب وقلب يطرق بألم لما أصبحت عليه محبوبته وتساءل كيف السبيل الآن لايقاف هذا الكيان الجديد؟؟؟.
تطلعت لنفسها عبر الزجاج المصقول بعد أن انتهت اللعنة من تملكها لتنعكس صورة أخرى لامرأة لم تعرفها ولكن يا للدهشة أعجبها ما شاهدته،
احساس غريب طغى عليها، شعور بطاقة هائلة اجتاح جسدها، جعلها تشعر بالجنون والرغبة باعتصار شيء ما لحد الهلاك.
رفعت يديها للأعلى وبدأت بمعزوفة الموت التي كانت تناديها لتنقر على أوتارها، لتشيح بأصابعها وتخرج منها قوى رهيبة من الجليد مختلطة مع نار حارقة أطاحت بعرش أزميرالدا ولو لم تبتعد عن تلك القذيفة لكانت الآن قد تحولت لأشلاء مثل كرسيها.
تأملتها الملكة بشيء من الدهشة والاعجاب بآن واحد ولم تنكر الخوف الذي استطاعت أن تداريه بسرعة قبل أن يلحظة أحد أتباعها، تابعت التحديق بها كانت تركيبة فتاكة لم ترى مثلها طوال سنين حياتها .
قهقهت هيلينا بسعادة وهي تختبر أولى قوتها المذهلة وتأملت يدها ومن ثم للعرش الذي تحول لقطع صغيرة لن يستطع أحد أن يخمن ما الذي كان عليه بالسابق.
رفعت رأسها وتحركت عيناها تنظر للوجوه الشاحبة والخوف ينطق من مقلتيهم، ابتسمت بفرح لمعرفتها بمدى رعبهم منها وأنها قادرة بقواها أن تفعل الكثير.
توقفت عيناها عندما لمحتها وهمست بنعومة :
"هل أعجبتك يا.... أزمي؟؟"
هزت رأسها تلك الأخرى بفرح وقالت بسعادة لم تستطع مداراتها :
"أجل... أجل أعجبني ما رأيت، أنت... أنت كنت ..."
لم تعرف بما تصفها لتكمل عنها هيلينا :
"هائلة.... مذهلة.... رائعة "
"أجل... أجل، والآن عزيزتي نستطيع أن نملك العالم معا"
ناظرتها هيلينا بعيونها الغريبة وابتسامة طغت على شفتيها ومن ثم تكتكت بلسانها لتستغرب أزميرالدا رفضها :
"عزيزتي أزمي.... لا يوجد نحن، بل أنا... أنا فقط من سأحكم العالم، وأجعله بين قبضتي!!"
قبضت كفها بقوة كأنه بالفعل صار الكون داخل قبضتها ومن ثم بحركة سريعة أردتها ناحية أزميرالدا التي لم تكن تحسب حساب تمردها وسقطت على الأرض دون أي حركة .
حل السكون بالمكان بعد رؤية ملكتهم المبجلة قد خرت ميتة بسبب ضربة واحدة من الساحرة الجديدة وبعدها حل الهلع وبدأت الساحرات بالركض ومحاولة انقاذ أرواحهم لكن هيهات أن ينقذن أنفسهن من براثن الموت الذي جاء ملكه يطالب بأرواح جديدة .
طفقت هيلينا تضرب هذه بقوتها وتصعق الأخرى بجليدها وتارة أخرى بحممها النارية وصدى ضحكاتها الشريرة تنتشر بالأرجاء مخلفة بقلوب الجميع الرعب و الجزع .











سما نور 1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-17, 12:02 PM   #19

سما نور 1

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية سما نور 1

? العضوٌ??? » 310045
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 11,168
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » سما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond reputeسما نور 1 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يضيق الكون في عيني فتغريني خيالاتي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل العاشر ....

إن كنت تعتقد أن الزوبعة بعد أن تدمر كل ما حولها وتخفت قوتها هذا يعني أنها قد انتهت، فأنت مخطئ!!
فلا تنخدع لسكونها المزيف فهي ترتاح وتمهد لما قبل العاصفة الكبرى، وقد تعود وتتشكل وتكبر وتستمد طاقتها لتفجر جنونها الهادر كحمم بركان ثائر
فتحرق كل من يقف أمامها دون أي اعتبار بمن يكون .

وقفت ماري والفزع قد طغى على عقلها وجسدها كحد سواء، فما تراه شيء لا يصدق ولا حتى بالخيال!!
أن ترى شقيقتها بهذا الشكل وبهذا الشر أخافها لحد الموت!!
ظلت تنظر إليها ولم تشعر بدموعها المنسكبة على خدها، تبكي حزنا وكمدا على شقيقتها الحبيبة.
تحركت عينا هيلينا تنظر للدمار الذي خلفته بقواها الخارقة التي ازدادت بعد أن تفجرت تلك اللعنة اللعينة التي غرستها الساحرة الشريرة بداخلها،
حولت كل شيء لرماد وجليد ولم يعد القصر كما كان بالسابق، فقد تحول لبقايا أشلاء ولم تبقى به أي حياة .
طاقة نافذة تخترق خلاياها تجعلها تشعر بالجنون والرغبة بالتدمير، احساسها لرؤيتهم يهربون من بين براثنها خوفا منها جعلها ترغب بالتعطش للمزيد من القتل!! .
قهقهت بسعادة وهي ترى ما صنعته يداها لتتطلع لأصابعها بفخر، ولذة الشعور بالانتصار تطغى عليها، وطمس الشر عيناهابغشاوة عن رؤية الأمور بحقيقتها.
شعور بالنشوة تسلل إليها، والرغبة بالمزيد بالتدمير أشعل نيرانها
"أجل.. أنا الأقوى.... أنا الأقوى"
صرخت فيها وهي ترفع يدها للأعلى لتخرج شرارات متدفقة بشدة من بين أصابعها، وفتحت دوامة بثلوجها التفتحولها بنيرانها كانت كفيلةبتدمير سقف القصر ولم تكن تلك غايتها الوحيدة بل كانت فتح فوهة الجحيم لتعلن عن وجودها بهذا الكون .
ولم تلحظ وجودهم أبدا....أحبائها، عائلتها، فقد طغت عليها صفة الأنا،ونادت بها... هي الوحيدة ولا يوجد لها مثيل .
تحركت قدما ماري للأمام ومازال شلال دموعها يغرق وجهها، رفعت يدها باستجداء ناحيتها لعلها تعود :
"هيلينا... شقيقتي !!"
كيف تنادي من لا يستمع؟؟.. كيف لها أن تناجي من اختفى قلبه بين قضبان الثلوج وسدود من النيران الحارقة ؟؟.
اقتربت أكثر تخطوا فوق حطام القصر تريد الوصول إليها وهي ما زالت تنادي باسمها:
"هيلينا.... "
خطوة أخرى وأعادت نداءها....
" هيلينا...."
همس رقيق وضعيف يأتيها عبر جمرات قلبها المشتعلة والتفتت ناحيتها وهي توشك على قذفها بإحدى قنابلها الموقوتة لتتوقف فجأة وعينيها تلتقط تفاصيل تلك المخلوقة المختلفة عن الباقيات اللواتي كن يطرن على مقشاتهن.
ضيقت بحدقيتيها وصور تتوافد عليها... فتاتان صغيرتان تمرحان، وصورة أخرى لهما تلعبان، وأخرى مع والدها يتناولون الطعام وماري تملئ فمها وتختنق فيسرع والدها بإعطائها الماء، وأخرى مع والدها عندما أهداها سيفها البتار وكم كانت بهجتها كبيرة بحصولها على السيف الذي طالما انتظرته طويلا، وبعدها هي تجري والدب خلفها، ورؤيا أخرى تتسلل مع دميتري خارج القصر ولقاءهما مع خمينا، وأحداث أخرى توالت عليها جعلت رأسها ثقيلا غير قادرة على حمله، لكن تلك الذكريات لم ترحم حالها فقد توافدت عليها دفعة واحدة، ظهور أزميرالدا ولعنتها ثم أصابتها بلعنة الثلج كي تحمي البشرية من شرها، وبعدها انعزالها عن العالم بسردابها، وصورة أخرى لها عندما ودعت والدها وشقيقتها ورحيلها من أجل حمايتهم، من ثم قتالها مع أتباع أزميرالدا،ولقاءها مع الأقزام، وأجمل ذكرى كانت عندما حصلت على حريتها
وآخر صورة توقفت كأن الشريط قد تعطل عن التقدم أو التأخر وتجمدت صورته فالخيانة دائما يبقى طعمها مر طوال العمر... فلاي .
سقطت يدها بجانبها لتنزلق تلك القذيفة التي كانت تنوي اصابتها بها
وهمست بشفتين مرتعشتين :
"ماري... أنت ماري شقيقتي؟؟"
هزت الأخرى رأسها ودموعها تهطل بغزارة دون أن تتوقف، تطلعت هيلينا لما حولها وعلامة الدهشة ظاهرة على محياها وتساءلت باستغراب:
"ما.. ماذا... حدث هنا؟؟"
أحداث وصور أخرى مشوشة تصعقها بقوة لتمسك رأسها والألم بدأ يغزوا عقلها دون أن تقدر على ايقاف تلك الصور فصرخت بوجع تملك جسدها بأسره لتمسك رأسها تضغط عليه بكل قوتها وصراخها الحاد نزل كالسهم على شقيقتها فسارعت ناحيتها تحاول اجتياز العوائق للوصول إليها ومساعدتها للخلاص مما تعانيه وما كادت تصل حتى عادت الأخرى تشتعل وتخرج حمراء مخيفة متوهجة ويصلها فحيحها الناعم :
"من أنت؟؟؟... هل أنت واحدة منهن؟؟"
هزت ماري رأسها برفض لما يحصل وقالت بصوت خفيض ومتردد:
"هيلي.. هذه أنا... شقيقتك... ماري!!"
رفعت هيلينا حاجبيها الأنيقين للأعلى وقالت متعجبة :
"حقا!!... أنت شقيقتي؟؟"
ثم قهقهت بصوت عالي وتلك الأخرى تبكي بحرقة شقيقة ترى شقيقتها وقد اختفت وانتهت، مدت يدها ناحيتها وما لبثت تلك الأخرى أن زمجرت بها عاليا جعلت ماري تنكمش على نفسها من شدة صوتها الجهوري:
"هل تسخرين مني؟؟"
وما كادت تعترض على اتهامها حتى باغتتها بقذيفة من ثلوجها الفتاكة... شاهدت هجومها عليها لتغمض عينيها باستسلام لموتها المحتم فهي تستحق هذا فقد كانت السبب بإدخال شقيقتها بدوامة الشر .
انتظرت نهايتها وكتمت أنفاسها بانتظار أجلها،لتشعر بقذيفة صلبة تجتاح جسدها الغض وتطيح به أرضا من شدة دفعتها.
تحولت الرؤية لضباب، وقلبها هدر بأذنيها بقوة جعلها غير قادرة على سماع أي شيء، وصدرها انكتمت أنفاسه وشهقت شهقاتها الأخيرةليسقط رأسها باتجاهها تريد أن تكون آخر ذكرياتها رؤية صورة شقيقتيها ثم أطبقت جفنيها بسلام أبدي .

وكما تعلمت وعرفت دائما، أبدا لا تترك ظهرك دون حماية، فالغدر بالحرب مجاز.
صاعقة ضربتها بظهرها ولو لم تكن تملك تلك القدرات لكانت قد انتهت بلمح البصر .
استجمعت قوتها لتنشئ حاجز زجاجي كدرع واقي ثم التفتت لعدوها ورمته بجليدها لتصدها الأخرى مبتعدة عنها وزعقت بها:
"أيتها الغبية!!... ما الذي فعلتهِ؟؟.. كان يمكننا أن نحكم العالم معا"
ابتسمت هيلينا وانزوت بجانب شفتيها واستلت بتارها وشكلت بجليدها درع قوي صاد للهجمات وقالت تجيبها دون أن تمسح بسمتها:
"للأسف يا أزميرالدالا يوجد كلمة نحن بقاموسي!!"
زعقت بها أزميرالدا وقد بلغ منها الجنون حده:
"أيتها الحمقاء اللعينة،أنا من صنعك وجعلك على ما أنت عليه من قوة "
رفعت هيلينا كتفيها دون مبالاة :
"وهل أنا من طلب منك هذا؟؟"
اشتعل غيض أزميرالدا من ردها المتهكم بها وصرخت بها :
"ستندمين... سأقتلك وأتخلص منك، فبيدي صنعتك، وبيدي سأكتم أنفاسك!!"
همهمت ببعض الكلمات الغاضبة ثم بادرتها بضربة من عصاها السحرية لتنطلق منها شرارات بيضاء متوهجة ناحيتها كانت تبدوا كالصاروخ وهي تتجه لهيلينا التي ظلت تنظر إليها ببرود وبفرقعة اصبع أنشأت حولها قبة جليدية حبست نفسها بداخلها لتصرخ أزميرالدا لاعنه هيلينا وأعصابها قد فلتت من معقلها وهي ترى سحرها يطير هباء دون أن يمس شعرة واحدة من غريمتها.
فرقعت هيلينا اصابعها من جديد ليختفي الحقل الزجاجي وابتسمت بشماته وهي ترى عدوتها تفقد تعقلها وهمست قائلة :
"الآن جاء دوري!!"
وكأنها استدعت شياطين العالم ليجتمعوا بجسدها، فقد اشتعلت عيناها ببريقها المخيف، وجسدها توهج بإشعاعات حمراء، واستلت سيفها لينير ببريقه الفضي الأخاذ وأشاحته بدورة كاملة ليخرج منه هواء بارد ثلجي تحول فيما بعد لدوامة عملاقة سحبت كل ما هو حولها لتتحول لأسلحة فتاكة وقاتلة وكلما أدارت سيفها بسرعة كلما ازدادت سرعة الدوامة وقوتها بحمل الكثير من الحطام بداخلها وقبل أن تتركها حركت شفتيها بـ:
"حانت نهايتك..."
التقطت عيني أزميرالدا تلك الحروف لتتسع مقلتيها وهي ترى تلك الكتلة متجه ناحيتها لتهمس :
"تبا... "
ليلتهمها الاعصار قبل أن تحاول الفرار، وبحركة أخرى من أصابعها الذهبية
شكلت الاعصار وحولته لكرة ثلجية ضخمة وأزميرالدا بالداخل ومن ثم رفعتها للأعلى وقذفتها للسماء، لحظات هي لتفرقع تلك الكرة متحولة لألعاب نارية أنارت لجة الليل المظلمة .
ناظرت السماء بابتسامة سعيدة ثم ما لبثت أن تطلعت لما حولها حتى وقعت عيناها لماري الممددة على حطام بعض الأخشاب حتى تكسرت فرحتها و صفعتها رؤيا أخرىتداخلت تمحو ضباب الشر ويعود الخير ويطبق عليها.
تأملت ماري مضجعه على الأرض حتى ناظرتها بصدمة والحقيقة المرة تتجلى أمام ناظريها
"لقد قتلت شقيقتها "
شهقت وهي تتراجع للخلف، خطوة تتبعها خطوة أخرى وأصابعها على فمها تمنع شهقاتها من الخروج، ورأسها يرفض التصديق من أنها فعلت هذا!!.
نبض قلبها بهدير عاصف، وطرق رأسها بصداع قوي كاد أن يشطره لنصفين .
صراع دار بداخلها والخوف سيطر عليها كليا ونصفها الآخر سرى بشرايينها كالنار بالهشيم وبدأ يموج على نصفها الثاني طاغيا عليه بجبروته.
صرخت تطلب النجدة ونداءهاالأخير كان باهتا وضعيفا يرفض ما يريده منها شطرها الآخر ولكن هيهات أن تنجح طيبتها وصورة شقيقتها تنهال عليها كما الحجارة المسننة تخترق عقلها وقلبها جعلها تريد أن تمحوها من مركز ذكرياتها، لتستسلم وتترك نارها تسيطر على جليدها فالنسيان كما تراء لها هو خير دواء للنجاة .
وخرجت وجنون الشر يناديها بسفك المزيد من الدماء فما هدر كان قليلا والخارج كان أعظم .
كان يقف بعيدا ويتفرج دون أن يستطيع أن يفعل أي شيء، فقوتها فاقت أي قوة صادفها من قبل.
شاهدها وهي تثور وتتحول للنقيض ومن ثم شاهد كيف قذفت بشقيقتها بعيدا ملقية إياها على الحطام وبعدها كان صراعها مع أزميرالدا، كم شعر بالغبطة والسعادة برؤية قاتلة أبيه تموت وتختفي دون أية رجعة، كان يتمنى أن يكون هو قاتلها لكن هذا لا يهم، فالغاية واحده وهو "موتها" .
وبالأخير شاهد معركتها مع نفسها لتفوز أزميرالدا بعد كل شيء، فحلمها ها هو يتحقق، بترك خليفتها تسحق العالم تحت قدميها، ويبقى جنسها هو الأقوى.
وقف عاجزا وقلبه يعتصر كمدا على محبوبته وعندما خرجت كان كنداء استيقاظ لينقذها من براثن شرها .
فتحرك يسابق الرياح باللحاق بها ويمني نفسه بالتضحية بسبيل عودتها
ولكن هل ستتحقق أمنيته ؟؟؟

كانت تركب أمواج جليدها مخترقة كل الحواجز إما بضربها بنارها أو بثلوجها... هاجت السماء بسوادها، وبرقت بصواعقها تثور وتلعن كسر قوانينها، ورعدت السماء غاضبة ناقمة التعدي عليها .
أسرع خلفها بارتباك وسقط عدة مرات ولعن نفسه لعدم تمكنه من استخدام قدميه الطويلتين فما نفعهما إن لم تخدمه بما يريد،وكم تمنى أن يعود لكتلة من الثلج فعلى الأقل الرجل الثلجي قادر على مجاراة جليدها.
جرى خلفها بكل الطاقة التي يمتلكها جسده ولكن كان كأنه يحاول تحدي الرياح العاتية.
غابت من أمامه ووقف غير مصدق بأنه قد خسر دون أن يقاتل!!
ظل للحظات عاجزا عن الإتيان بأي فكرة وأصابعه تشد بشعره الأشقر عندما لمح من بعيد احدى الساحرات تحاول الطيران بمكنستها ليصرخ بسعادة
"أجل "
ركض ناحيتها ليباغتها بلكمة قوية أردتها على الأرض مغشيا عليها ليمسك مكنستها دون أي تردد وامتطاها لتنطلق به كما الصاروخ، كاد عدة مرات أن يسقط من فوقها، لكنه تشبث بها دون أن يتركها إلى أن وصل لمكانها فثلوجها المتوهجة بالسماء أرشدته إليها .
كانت قد وصلت للبلدة وبدأت لعبة التدمير، فصرخ باسمها بعد أن كادت تطلق إحدى ثلوجها ناحية أحد المنازل تنوي تدميره :
"هيلينا.."
توقفت على نداء اسمها والتفتت ناحيته وعيناها تنطق بالشر ولا شيء سواه.
ازدرد ريقه بصعوبة فالمعركة القادمة ستكون الأقوى بلا شك، والآن وقد تقابلا وجذب انتباهها....كيف السبيل الآن لعودتها لما كانت عليه؟؟
وكمن أصابه مس كهربائي تهافتت عليه كلمات وكشريط سنيمائي عاد الحديث الذي دار بينهما بعد لقائهما عندما أخبرته بقصتها، ليتذكر كلمات القزم الحجري الذي أخبرها بكيف تنتصر على لعنة أزميرالدا:
"قبلة من حب صادق قادر على كسر لعنتك "
نعم هو يحبها وبكل جوارحه، هي حب حياته، وسيضحي بنفسه من أجلها لو اقتضى الأمر.
شحذ همته ورمى بالمشاعر السلبية التي تمنعه الاقدام بما يريده، لكن هناك مشكلة أخرى تصادفه... كيف السبيل للاقتراب منها دون أن ترديه قتيلا من أول خطوة يخطوها ناحيتها؟؟.
لمسة غريبة حطت على كتفه ليلتفت بسرعة وبحركة دفاعية أطاح معتديه بلكمة قوية أطاحته أرضا وصرخ به :
"من أنت؟؟.. وماذا تريد؟؟"
أمسك فكه المكدوم وهدر به بصوت متألم:
"تبا لك، تملك قبضة من حديد يا رجل... "
وعندما لم يجد استجابة والرغبة بالقتل ما زالت تشع من عينيه حادثه بمهادنه يحاول أن يهدئ من ثورانه:
"اهدئ يا رجل، أنا هنا للمساعدة "
صوت آخر جعله يرفع عيناه الشاخصة للرجل ليتطلع لمحدثه متعجبا وقال بهمس :
" ظننت أنك قد موتي ؟؟!"
"لا... لم أمت بعد!!"
وأخذتها ومضاتها لما قبل ساعات، بعد أنانفجرت بها شقيقتها ملقية إليها بقذيفتها الصاروخية وقد أغمضت عينيها بانتظار نهايتها وبالفعل شعرت بدفعة قوية ومن ثم ضباب وأسدلت جفونها بنوم أبدي.
لكن صوت من بعيد انتشلها من الظلمة الأبدية واعتقدت بأنه هو الآخر قد جاء خلفها ليقتص منها .
"ماري... ماري... أفيقي هل أنت بخير؟؟... كيف تشعرين؟؟"
"هل جئت لتنتقم مني على ما فعلته بك أيضا ؟؟"
وبعدها شعرت بحضن عميق احتوى جسدها وهمسات فرح اخترقت أذنيها
"الحمد الله حبيبتي أنت بخير... أنت بخير"
رمشت عدة مرات لتفتح عيناها النجلاوتين مستوضحة إن كان ما تراه حقيقة أم خيال؟؟
ليباغتها بقبلة عميقه على ثغرها وضع بها خوفه من فقدها وحبه الذي عشعش بقلبه وجرى بمجرى الدم بالوريد.
ابتعد عنها بعد فترة مجبرا لحاجة رئتيهما للهواء كما أن المعركة التي كانت على وشك البدء بين هيلينا والساحرة جعلتهما يبتعدان عن ساحة القتال .

عادت لواقعها وتقدمت للأمام تراقب شقيقتها بعيون حزينة ومتألمة لرؤياها بهذا الشكل وقالت :
"يجب أن ننقذها مما هي فيه "
فرد فلاديمير كفه ناحية دميتري وسحبه للأعلى وهو يحادثها :
"نعم علينا أن نساعدها"
ليتساءل دميتري :
"كيف نقدر على هزم شرها دون أن نؤذي هيلينا ؟؟"
فأجابه فلاي بعيون متقدة ببريق القوة :
"أنا أعرف كيف السبيل لإنقاذها، فقط أريد المساعدة لتشتيت انتباهها لأقترب منها "
عقد دميتري حاجبيه باستفهام ليحادثه فلاي دون أن يسهب بالحديث :
"لا وقت لدي للشرح لك فقط ساعدني لأصل إليها وبعدها خذ ماري وابتعدا من هنا وأترك الباقي علي"
فتساءلت ماري بخوف استبد بقلبها :
"وماذا إن لم تنجح فكرتك ؟؟"
صمته كان دلالة على ما فكرت به إن لم ينجح، "ستكون نهاية العالم " تراجعت للخلف واندست بحضن ديميتري باحثة عن أمان توشك على خسارته فشدد عليها بقوة كأنه يخبرها أنه هنا بجانبها ولن أيتخلى عنها.

افترق الجميع وبدأ كل منهم ينفذ مهمته، عارض دميتري اشراك ماري بالخطة لكن اصرارها العنيد لمحاولة استرجاع شقيقتها كان أقوى منه بكثير وتركها بعد أن شدد بتنبيهاته بعدم تهورها وترك الأمر إن شعرت بالخطر.
ذهب الرجل النحيل لجهة اليسار والفتاة تحركت ناحية اليمين والرجل الآخر اختفى، هذا ما التقطته عينا هيلينا وهي تتابع كل خطوة يقوم بها أعداءها
استعدت لهجومهم بابتسامة ساخرة فكيف لبشر عاديون أن يدخلوا معركة معها؟؟.. فمن كانت تملك قوة السحرة لم تقدر على هزيمتها فكيف بهم ؟؟
"هي... هيلينا.. أراهن بأنك لن تستطيعي اصابتي!!..فقد سمعت بأنك قد فقدتي مهارتك بالتصويب"
التفتت إليه وشخرت :
"أرجوك... أنت ستكون طريدة سهل اصطيادها"
"وماذا عني أنا هيلي؟؟.. هل ستقدرين على قتلي؟؟"
التفتت للناحية الأخرى وهي تناظر الفتاة بحاجبين مرفوعين وقالت بفخر:
"بإصبع واحد فقط.... ستنتهين!"
"وأنا بكم اصبع ستستخدمين كي تقتليني؟؟"
حركت رأسها باتجاهه لتراه متكئ على جذع شجرة بكسل استفزها وشعرت بأنه يهين قواها وأجابته وهي تحرك بإصبعها ضاربة اياه بجليدها
"هكذا...."
كان ينتظر ضربتها الأولى وقلبه يقصف بشدة بين أضلاعه وما أن بدأت حتى تحرك بسرعة مضجعا على الأرض فارا بروحه من قنبلتها الموقوتة
وتنهد براحة عندما تحسس جسده بالكامل ليراه كما هو ولم يتحول لأشلاء.
زفرت ماري أنفاسا ساخنة وهدأت ضربات قلبها الهادرة قليلا بعد رؤيتها لحبيبها بخير ولم يصبه أي أذى .
لكن الأمر لم ينتهي فهيلينا استشاطت غضبا وهي تراه على قيد الحياة واستعدت لقذيفتها التالية ولا بد بأنها ستصيب هدفها هذه المرة .
فصرخت تشتت انتباهها عن دميتري ريثما يهرب :
"ماذا عني هيلي؟؟... هل نسيت أمري أم أنك خائفة من مواجهتي؟؟"
لم تعرف كيف خرجت تلك الكلمات من فمها ولا القوة التي اشتعلت بجسدها ضاربة بخوفها عرض الحائط، فصرخ بها دميتري وهو يتحرك مغيرا موقعه :
"ماري... أيتها الغبية، ألم أحذرك من مغبة تهورك؟؟"
بهتت قليلا لصراخه الغير مفهوم ثم ما لبثت أن ضربت بقدمها الأرض حانقة وقالت وعيناها تطلق شرارات قاتلة ولو كانت النظرات تقتل لخر دميتري صريعا لعيناها :
"إن تلك الحمقاء تحاول أن تنقذ روحك الغبية "
وعادت وصلة صراخهما من جديد دون أن يأبها بالموقف الخطير الذي يهدد حياتهما، ولم يشعرا بتلك العيون الحاقدة والناقمة استخفافهما بها والتي بدأت بتكوين عاصفة جليدية بين كفيها تدحرجها بكل خفة لتشكل بها اعصارا مدمرا سيطيح بكل من هو أمامه وسترتاح من هذان الأحمقان اللذان زادا من ألم رأسها بشجارهما .
توسعت الكرة أكثر وأكثر وبدأت تأخذ حيزا كبيرا، وهواءها أخذ يتطاير منبها إياهم بما يحصل
تطلعا إليها وشهقا بآن واحد ولم يكن هناك أي وقت فصرخ بماري بصوت عالي منبها إياها بالهرب وهو يتحرك مجبرا ساقيه بالطيران ناحيتها التي وقفت متخشبة وقد غادرتها قواها المؤقتة وهي ترى ما تضمره شقيقتها لهما
"ماري... تحركي!!"
همست بصراخ مكتوم :
"لا أستطيع..... قدماي لا تطيعانني !!"
كان يركض باتجاهها وهو يأمرها بزمجرة عاشق يرى نهاية معشوقته قد اقتربت :
"ماري...أهربي!!"
استعرت الرياح بالجو مناديه بسحبها العاصفة، وبطبول رعودها الهادرة وجنودها الأوفياء للوهلة الأولى تراهم قطرات مياه تعيد الحياة لكن هي بالأصل مياه مسننة ومدببة تتخلص مهمتها بإنهاء أعدائها .
"حانت نهايتكما !!"
وصل دميتري لماري ودفعها على الثلوج واحتضنها بكل قوته محاولا اداخلها بين أضلاعه ليحميها من أي مكروه يترصدها وهمس بكل حب متشجعا، إن كانت هذه نهايتهم فالأفضل أن يموت وقد أخبرها بحبه ولم يدرك أنها تفكر بما يفكر به فنطقا بوقت واحد :
"أحبك ماري "
"أحبك دميتري "
وتلامست شفاههما بقبلة أخيرة مودعة حياتهما .

اقترب مستغلا انشغالها، وحارب شذرات ثلوجها المتطايرة دون أن يأبه بخطرها، تقدم ببسالة مقاتل واخرق رياحها العاتية متغلغلا عواصفها الراعدة ليصل لقلب الحدث، فهناك أميرته تنتظر أن ينقذها فارسها المغوار.
لم تشعر به بخضم تركيزها بصنع كتلتها القاتلة التي ما أن انتهت حتى رفعتها للأعلى تنوي رميها حتى باغتتها رؤيته بهذا القرب الذي أربكها للحظات، وزاد ارتباكها أكثر عندما التقت عيناها بعينيه المتقدتان بمشاعر غريبة وملتهبة شعرت بها تسحبها وتغوص بها لأعماقهما،تخبرها بأمان ينتظرها، وعشق أبدي يتدفق من داخلهما، واحساس كبير اجتاحها بأنها تعرف هتان العينان وأنها لطالما سبحت بتوهج براءتهما ودفئهما، وأنها دائما ما احتوتها ووعدتها بالبقاء بجانبها للأبد.
كادت للوهلة الأولى أن تستسلم لتلك المشاعر التي جذبتها وجعلت خلاياها ترغب بالسماح لحرارة جسده بالنفاذ لكن رؤية أخرى للخيانة طغت عليها حتى ثارت واشتعلت غيضا من خداعهم لها من جديد.
فزمجرت بفحيح غاضب وانتشرت من جسدها صواعق ثلجية تظهر كم هي ناقمة على فعلتهم، لكنه لم يأبه أو يهتم بشعلتها التي توقدت، وثارت معلنة أنها وصلت لآخر حدود تعقلها
التفتت ناحيته تنوي صب كل جام حممها عليه ولكنه كان الأسبق بما تريد فقد عاهدها على عدم ترك جانبها، وقلبه ناشد قلبها بأن يعرفه، فلطالما خفق من أجلها، وسيخفق إلى أن تختفي أنفاسه .
لينقض عليها محيطا بذراعيه القويتين على خاصرتها وشدها ناحية جسده لترتطم بصدره العارم وقبل أن يحط برحاله على شفتيها همست بكلمتها الأخيرة قبل أن تتلامس الشفاه :
"ستندم!!"
وبالفعل فقد وفت بكلمتها وتلك الكرة التي كانت موشكه على قذفها للحبيبين أنزلتها عليهم لتبتلعهما الدوامة كوحش ابتلع قربانه .
وقف دميتري وماري يتطلعان بذهول لما يحدث بعد أن شعرا بأن القنبلة لم تصبهما وعندما تطلعا على ما يؤخرها حتى شاهدا ذلك الرجل الغريب الذي لم يعرفا اسمه إلى الآن مخترقا اعصارها مضحيا بنفسه من أجل انقاذ البشرية من الانقراض.
مر بعض الوقت والدوامة بدأت تخف وتيرة سرعتها وقلوبهم قد تعلقت بخوف وجزع من النتيجة التي ستكون عليها بعد تلك القبلة التي أهداها إياها ذلك الرجل!!... هل نجح بكسر تلك اللعنة الشريرة وعاد الأمان لعالمهم أم أن عليهم أن يودعوا لحظاتهم الأخيرة؟؟.. فنهايتهم قد أوشكت على الاقتراب!!.
دقائق مرت عليهم كأنها قرون، ووقت شعروا به يمر كسلحفاة وتساؤل لو لم تنجح الفكرة، ماذا سيحصل بعدها؟؟
تكسرت الرياح واختفت كأن لم تكن من قبل، رمش كلاهما يجليان الرؤية الضبابية التي غشت نظراتهما، ثوان وقد انجلت الصورة..... هيلينا الطيبة والعادية بأحضان الرجل الغريب وما زالت شفتيهما تخوضان معركتها وهذه المرة كانت معركة عاشقين متيمين بحب بعضهما
بكت ماري وهي ترى شقيقتها وقد عادت لطبيعتها، ليأخذها دميتري بين أضلاعه ويهديها تلك القبلة التي طالما أراد اهداءها إياها قبلة عاشق.
قبلها بشغف لتبادله إياها بحب ثم ابتعد عنها اثر تصفيق الجماهير التي كانت شاهدة على كل ما كان يجري من أحداث لا تصدق.
فما حدث الآن سيتحدث به عبر التاريخ، وسترويها القصص والروايات، وستتناقلها الألسن، فالحب يصنع المعجزات، مهما كانت المشكلة عصية وقوية فالحب هو مفتاح الحياة، لتدرك هيلينا بعدها أن الحب هو من أنقذها من لعنتها حتىبدأت مهمتها بإزالة بقايا اللعنة التي أنزلتها دون أن تعرف، وارتفعت كل الثلوج التي تغطي الأرض للأعلى لتشكلها هيلينا بقواها فقد اكتشفت بأنها لم تختفي فقط لعنة أزميرالدا من غادرت جسدها.
شكلت الثلوجككرة لتقذفها للسماء وتنفجر كما الألعاب النارية لتبهج الحاضرين وتخبرهم بأن أيام البؤس قد ولت وأن أيام السعادة قد عادت تطرق أبوابهم.
عاد وطنها كما كان، وشمسها عادت تشرق من جديد مخترقة ظلمة الليل الموحشة،ومبددة وحوش السماء لتطل إليهم بأشعتها الصفراء ناشرة نورها ودفأها بكل أرجاء الكون .
ابتعدت ماري عن صدر ديميتري وتطلعت لشقيقتها ودموعها تهطل أمطارا لا تنضب أبدا، تأملت هيلينا شقيقتها الباكية ومن ثم فتحت ذراعيها تناديها الاقتراب لتسرع ماري راكضة راغبة بدفن نفسها بحضن اشتاقت له كثيرا
مرغت وجهها بأحضان شقيقتها تلتمس دفئها ورائحة والدها، تركتها هيلينا تذرف دمعاتها إلى أن هدأت، أبعدتها قليلا عنها لتجري عيناها تلتهم ملامح وجهها وقالت بسعادة طغت على ملامحها :
"لقد اشتقت إليك يا صغيرتي"
شهقت ماري ببقايا بكائها وقالت بصوت متحشرج:
"أنا... أنا أيضا... اشتقت إليك"
مسحت دموعها وهمست لها وهي تقبل جبهتها :
"لا تبكي حبيبتي، فكل شيء سيكون على ما يرام من الآن وصاعدا"
هزت ماري رأسها بالموافقة لتعود لأحضان هيلينا دافنه نفسها بين طيات أحضانها الدافئة.
اقترب دميتري وعلى ملامحه الهدوء والراحة،وشيعت عيناه بابتسامة حانية لماري
"مرحبا بعودتك لنا من جديد يا مولاتي "
انحنى لها باحترام لترد له بإيماءة من رأسها وحادثته :
"أشكرك على كل شيء يا دميتري"
"أنا لم أفعل سوى الواجب يا مولاتي"
"لا يا دميتري، أنت أنقذت أغلى ما أملك، أنقذت شقيقتي من شري وهذا دين لك برقبتي لن أنساه أبدا، يمكنك أن تطلب ما تشاء بمقابله"
سكت قليلا يفكر بروية وعيناه لم تحد عن ماري التي أخفضت رأسها والحزن تمكن من ملامحها ليفتح دميتري فمه ليتحدث فقاطعته ماري بغضب مكتوم قائلة :
"هو يريد منصب رفيع وأن يكون ذا شأن عالي هذا هو كل ما يريد بهذه الحياة"
وابتعدت تداري حزنها وخيبتها فقد عادت الأمور لنصابها ولا بد بأن غروره أيضا سيعود لرأسه الأحمق، توقفت فجأة بعد أن قذفها بكلمات لاذعة :
"اعتقدت بأنك قد تغيرت وأصبحت رزينة لكن للأسف يبدوا أن تلك الرحلة لم تغير من طباعك المتسرعة "
انتفخت أوداجها وقاطعت ذراعيها على صدرها وثارت حمم مقلتيها لتتحدث معه بأسنان مصكوكه:
"كيف تجرؤ على نعتي بالمتهورة؟؟... أو ليس هذا ما كنت تريده، السلطة والجاه ؟؟"
قاطع الآخر ذراعيه وقال بحاجب مرفوع :
"هل سمعتني وأنا أطلب هذا؟؟"
"أجل أنت........"
بترت جملتها وهي تتذكر بالفعل أنه لم يطلب هذا بل بالأصل لم يقل أي شيء لأنها بكل بساطة بادرته بحديثها قبل أن ينطق هو بحرف واحد.
عضت شفتيها بندم وتماوجت عينيها بدموع تهدد بالسقوط هي فعلا كما قال متسرعة ومتهورة ولا تزن الأمور بروية
تقدم ناحيتها ليضع كفيه على كتفها وهمس لها بخفوت :
"ارفعي رأسك يا ماري..."
هزت رأسها رافضة ليرفعه هو بأصابعه ويتطلع لعينيها الدامعتين
"لا تبكي حبيبتي!!.. لا أريد رؤية لؤلؤك يتساقط"
مال ناحيتها ينوي اقتطاف قبلة من شفتيها لتغمض ماري عينيها بانتظارها بلهفة ليسمعا نحنحة خلفهما وتطلع دميتري حانقا مقاطعته لما يريد، ابتعد عن ماري بخجل وهو يدرك بأنهما لم يكونا لوحدهما، تلاعبت أصابعه بشعره بارتباك وهو يتطلع لهيلينا تارة ومن ثم تطلع لماري، حتى عادت شخصيته القوية بالظهور فرد قامته وناظر شقيقتها وقال بصلابة :
"مولاتي.. لدي طلب واحد فقط وأرجوا الموافقة عليه !!"
سكت قليلا ليرى ايماءتها بالمتابعة فقال :
"أريد ماري زوجة لي"
زفرت هيلينا براحة وقالت بسعادة وهي تقترب منهما:
"وأخيرا قد نطقت!!.. اعتقدت بأنك لن تطلب يدها أبدا "
احتضنتهما معا وأهدت كل واحد منهما قبلة على وجنتيهما وقالت بسعادة:
"أنا موافقة على ارتباطكما"
هللت ماري بفرح وقفزت كما الأطفال لتعانق دميتري الذي أمسكها بإحكام قبل أن تسقط واحتضنها بالقرب من ثنايا أضلاعه فهذا هو المكان الوحيد الذي خلقت من أجله .
التقطت عيناه الرجل الغريب يستند على أحد الأعمدة ويراقب كل الأحداث بابتسامة غامضة أبعد ماري عنه وتقدم ناحيته مصافحا له.
"لقد كنت عظيما يا رجل شكرا لك لإنقاذ أرواحنا "
"هذا واجبي "
التفت دميتري محدثا هيلينا دون أن يترك كفه :
"هذا الرجل هو من أنقذ حياتك "
لتجيبه دون أن تحيد بنظرها عن فلاي :
"نعم أعرف، أنه هو من كسر اللعنة"
قطبت ماري حاجبيها بتساؤل :
"وكيف تعرفين بأنه هو من أنقذك؟؟... بل هل تعرفين من هو؟؟"
أجابها الصمت فقط وراقبت شقيقتها وهي تحدق بالرجل وهو الآخر كان يحدجها بنظراته لتقول هيلينا بعد صمت طويل :
"أنت تحبني!!"
"بل أنا عاشق متيم بك"
تحرك ناحيتها بهيبة وقوة ثم وقف أمامها وبعدها انخفض راكعا على قدم واحدة لتتسع عيناها بصدمة من حركته ويباغتها بطلبه الغير متوقع:
"أنا فلاديمير جيمس جرمانيون هل تقبلين الزواج بي يا مولاتي وسيدة قلبي؟؟."
سمعت شهقات الجميع عندما نطق اسمه الكامل فمن لا يعرف ذلك المحارب المغوار الذي أهدى عمره كله في سبيل حماية وطنهم الغالي .
هزت رأسها بالموافقة لينهض مقتربا منها ومن ثم انحنى مقبلا ثغرها دون أن يهتم بالجماهير المراقبة .
لكزت ماري دميتري وهي تخبره بهمس منخفض :
"أنظر إليه إنه لم يخجل من تقبيلها أمام الناس"
رفع حاجبيه بتعجب من صراحتها لتنزوي بعدها ابتسامه ماكرة وقال باستفزاز:
"كان عليك فقط أن تطلبي أن أقبلك، وكنت سأكون سعيدا بفعل ما تريدين"
وكان ردة فعلها كما أراد فقد استشاطت غضبا منه وفتحت فمها لتقذفه بأبشع السباب وما كادت تنطق بحرف واحد حتى هجم عليها بقبلة عميقة وجائعة .
اجتمع الجميع مرحبين بفلاديمير بكل حب، وتساءلوا عما حدث ؟؟.
سرد فلاديمير كل ما حدث معه بالماضي وكيف قتلت أزميرالدا والده، وكيف حولته لرجل الثلج وسجنته بقصرها، وعندما أراد أن يكمل عما أمرته الساحرة الشريرة القيام به من أجل تحرير نفسه منعته هيلينا من اخبارهم فما حدث سيظل سرا بينهم للأبد.
ربت دميتري على كتفه بمساندة وسأله يحاول ابعاده عن ذكريات الماضي المؤلمة :
"ما هو شعورك الآن وقد عدت لسابق عهدك؟؟"
"في الحقيقة أنه شعور رائع أن يكون لك قدمين طويلتان، ويدان حقيقتان وليست من الخشب، وأنف حقيقي بدل جزرة، وأيضا أنا سعيد لأنني رأيت نفسي كم أنا وسيم ورائع"
قهقه الجميع على دعابته ليعود هو متسائلا وراغبا بمعرفة شيء يؤرقه :
"أنا أيضا أريد سؤالك عن شيء ما؟؟"
"ماذا تريد أن تعرف؟؟"
"في الحقيقة أريد أن أعرف كيف استطعتما اللحاق بنا بهذه السرعة؟؟"
"أو تظن أنك الوحيد القادر على ركوب تلك المقشات؟؟.. لقد شاهدناك وأنت تمتطيها لنحذو حذوك وبحثنا عن مقشتين وطرنا بها "
لتكمل ماري بامتعاض:
"صدقني لا أريد تجربتها مرة أخرى، كما أنني لا أعرف كيف تقودها الساحرات بتلك المهارة، فأنا كدت أن أقع عدة مرات من فوقها"
قهقهة الجميع بسعادة وهم يعيدون ذكرياتهم السعيدة والمرحة، فوقت الحزن قد ولا وانتهى، وأيام الفرح قد عادت تعانقهم من جديد.
ذهبت هيلينا وفلاديمير لزيارة قبر والدها وبكت هناك فراقه، وحزنها لعدم تمكنها من رؤيته قبل لحظاته الأخيرة، وهناك أقسمت بأن تعيد لوطنها المجد الذي كانت عليه بالسابق .
مرت الأيام عليهم جميلة ومنعشة بأجوائها الخلابة، والاحتفالات التي يتردد صداها بكل مكان .
قادت هيلينا وطنها نحو الازدهار ولعنة الجليد لم تختفي، فبقاياها ظلت أسيرة جسدها لكن هذه المرة لا خوف بعد اليوم، فالحب سيكون طريقها نحو حياة مشرقة بغد أجمل .
وقف الجميع عند البحيرة التي تتلألأ بمياهها الزرقاء، والإوز الأبيض يسبح بأمان على مياهها، يتطلعون بانبهار للحفل الملكي، فملكتهم هيلينا وأميرتهم المدللة ماري ستتزوجان....
"أعلنكما الآن زوجا وزوجة..... يمكنكما الآن تقبيل عروستكما"
التفت كل واحد منهم ناحية عروسته ليرفعا خماريهما ويتطلعا لعروستيهما بمزيج من اللهفة والرغبة بالشعور بطراوة شفتيهما الندية، ولم ينتظرا طويلا فقد انخفضا راغبين بالضياع والشعور فقط بالحب، ثم ابتعدا لمطالبتهما بالهواء كما أن هناك جمهور غفير بانتظار تهنئتهم لزواجهما المجيد.
همس فلاديمير عند شفتيها لتلفحها أنفاسه الساخنة مشعلة بوجنتيها احمرار جعلها غاية بالفتنة :
"أحبك "
لتجيبه هي الأخرى بعشق نطقت بها عينيها :
"أنا أيضا أحبك "
قاطعتهما ماري صارخة :
"هيا هيلي الضيوف ينتظرون الألعاب النارية"
ابتسمت هيلينا لسعادة شقيقتها وفعلت كما أرادت فقد فجرت ثلوجها بالسماء العالية محولة إياها لألعاب نارية بيضاء، ولم يشعرا بالعيون المراقبة من بعيد والمتقدة بالشر تنذر بالوعيد .

تم بحمد الله


سما نور 1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-17, 10:45 PM   #20

أميرة الوفاء

مشرفة منتدى الصور وpuzzle star ومُحيي عبق روايتي الأصيل ولؤلؤة بحر الورق وحارسة سراديب الحكايات وراوي القلوب وفراشة الروايات المنقولةونجم خباياجنون المطر

 
الصورة الرمزية أميرة الوفاء

? العضوٌ??? » 393922
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 11,306
?  نُقآطِيْ » أميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond repute
افتراضي


وانقلب السحر على الساحر ..
وإلى الجحيم إيزميرلدا وأتباعها ومخططاتها ..
صحيح الأمور كانت صعبة عليهم لإستعادة هيلينا ..
لكن بالأخير استطاع فلاديمر بحبه ومساعدة دميتري وماري من التخلص من تلك اللعنة ..
وعم الأمن والأمان على الأقل حاليا ..
لأن الجملة الأخيرة توحي بأن الأمور لن تكون بخير بالقادم ..

» ولم يشعرا بالعيون المراقبة من بعيد والمتقدة بالشر تنذر بالوعيد »
*
*
مشكورة على الرواية الجميلة أم حمدة ..
بانتظار جديدك إن شاء الله ..
والشكر موصول لسما نور على الجهد المبذول ..

..


أميرة الوفاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:10 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.