آخر 10 مشاركات
شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إحساس جديد *متميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          خادمة القصر (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > قسم ارشيف الروايات المنقولة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-09-17, 05:28 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 غريبة بجوارك / للكاتبة Kindah






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية
غريبة بجوارك
للكاتبة Kindah



قراءة ممتعة للجميع۔۔۔۔۔






التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 09-09-17 الساعة 09:39 PM
لامارا غير متواجد حالياً  
قديم 05-09-17, 05:28 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقدم لكم

غريبة بجوارك - روايتي الأولى


" كنت الى جوارك قريبة .. غير أني كنت غريبة"

للكاتبة

KINDAH




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 09-09-17 الساعة 09:43 PM
لامارا غير متواجد حالياً  
قديم 05-09-17, 05:29 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


استيقظت وإذ بي في مكان .. كأنه الجنة ..
مرتخية فوق فرش من حرير ..
منه اكتسيت وعليه اتكأت وإليه دنوت ثم أدنيت كأسا ارتشفتها ..
كقطرات الندى لم أملها ..
رأيت وجهي يزهر مع كل رشفة ارتشفتها ..
ومع استفاقتي .. استفاق من حولي ..
لحن شجي .. شعاع مستور خفي ..
زهر الأقحوان .. زهر البنفسج الذي ملأ المكان بعطر فواح زكي ..
كنت كالأميرة ..
بل كنت حقا سيدة ذلك القصر المنيف ..
كاللؤلؤة المجوفة لا يرى باطنها ..
تهيأت للنهوض وإذ بهن ..
حِسان تنبسط الأرض طوعا لهن ..
اصطحبنني .. هيأنني .. لحظات وأصبحت بكامل زينتي ومستعدة للخروج ..
غلمان كالسماء الصافية كالنجوم النائية منهم ..
من أتى به .. من داعبه .. من ساقه إلي من خاطبه ..
مقلة بلون الذهب .. جناحان كاللهب ..
جوادي الذي امتطيته .. حلق بي نحو مكان مترع بالشهب ..
وفوق تلة خضراء اصطف عشاقي ..
فاليوم هو اليوم الذي سأختار فيه ..
من رفرف له القلب وحنا له الفؤاد ..
من تعلق بتلابيب روحه كامل أوداجي ..
مررت مرور الكرام ..
لم أمعن النظر ومالحاجة فقلبي من سيختار ومن أتخطاه ينكس رأسه خائبا من ثم يختفي ..
ولم أزل على هذا المنوال حتى بلغته ..
وأقسم لو أني رأيته الآن لعرفته ..
أمرد الوجه حنطاوي البشرة ..
مسترسل الشعر ذا غرة سوداء اكتنفت نصف وجهه دون استثناء ..
اختفى الكل ما عداي وعداه ..
دنا مني فاحمرت وجنتاي ..
قبلني فارتج خافقي وارتد صوت اليقين في داخلي ملحا أن بادليه الإحساس بالإحساس ..
استقبلته بجسدي الذي انقاد إليه طواعيه ..
بروحي التي لم تطرق الباب ..
باللحظات التي لم أرغب بها أن تنتهي حتى أنتهي ..
حملني وتحت ظل شجرة مكتظة بالألوان البراقة .. بالأصوات الندية .. بالثمار الفتية ..
أجلسني في حضنه ..
تسامرنا .. تضاحكنا من ثم غادرنا ..
عدنا إلى قصري .. إلى مخدعي ..
إلى غرفة بيضاء .. إلى الثلوج تهبط من السماء ..
إلي وقد اشتملت لحافا متذبذب الأطراف ..
إليه أتاني يسترق النظر .. يسرق قبلة أخرى على عجل ..
إلا أني باغته وهربت ..
لحق بي محاولا اصطيادي ..
راوغته .. ناوشته ..
ومن خلف عمودٍ إلى آخر ومن زاوية إلى أخرى ..
كاد أن يمسِك بي .. كِدت أن أقع بين يديه لأقفز ..
فوق سريري ليقفز ورائي ..
حاصرني بذراعيه ..
ولا حدود لناظري سوى ناظريه ..
لم تزل الثلوج على حالها تهبط بانسجام ..
ولم أزل متأملة بسكون تقاسيم وجهه التي بدت لي وكأنها أبيات شعر مرتلة ..
بانتظار كلمة ينطق بها أو حركة يقوم بها ..
تطفئ لهيب شوقي أو لهفة جوارحي ..
تمتم قائلا ..
ماذا تقول؟
أظلم وجهه .. أظلم المكان ..
وتكاثف من حَوليَ الدخان وأنا الآن ..
مقيدة في سريري والأرض تهتز من تحتي ..
سرعان ما انهارت سرعان ما هويت وإذ ..
بيدٍ باليةٍ تمسك بي ..
شعرت بخوف شديد دفعني .. أن أفلت بإرادتي يدي وحينها ..
هويت وحينها ..
استيقظت .. استيقظت هذه المرة لأجد بأني لم أزل حبيسة واقعي وبأن أميري ليس بجانبي سواك يا طائري العزيز .. أعلم أنك مللت ترديدي الحلم ذاته .. أرى ذلك من خلال عينيك وانتفاش ريشك تستعد لأخذ قيلولة ككل مرة تستمع بها إلي .. لا بأس .. فأن تنصت إلي يجعلني شاكرة لك باستمرار .. كانت تتأمله .. كيف يغفو وذبول أجفانه حينما نوديت:
هيا .. سنرحل الآن ..
ــ لقد حان الوقت إذن .. كنت صديقي الوحيد مذ أبصرت النور وكم .. تركت الباب مفتوحا لك كي ترحل ولكنك .. لم ولن تفعل أعلم ولذا .. كان علي فعل ذلك بيدي .. أمسكَته بعناية من ثم أردفت: لقد حانت لحظة الفراق .. ابحث لك عن أصدقاء أخَر غيري فأنا .. لن أكون إلى جوارك دومًا .. أفضل أن ترحل قبل أن أرحل أن تنشغل عني قبل أن أفعل ألا ترى .. بأني بت مؤخرا أهملك بسبب كثرة واجباتي وأنت .. كنت ولازلت من أهم واجباتي إلا أنه لم يعد باستطاعتي .. فعل ذلك على أكمل وجه بعد الآن ولذا .. عليك من الحين فصاعدا الاعتناء بنفسك .. لقد أصبحت راشدا لم تعد بحاجة إلي .. لم يزل ساكنا هادئا حتى إذا ما رفعته إلى السماء وأطلقته جعل يرفرف بجنون أمامها .. أغلقت النافذة سريعًا والتصقت بالزجاج: أيها الأحمق .. أنظر إلى نفسك كيف ترفرف بجناحيك ولا حدود لحريتك .. لو أني كنت مكانك لحلقت بهما بعيدا وللحقت بأحلامي أينما كانت .. التصق بالزجاج هو الآخر ينظر إليها عن كثب .. تساقط دمعها وهي ترى خوفه .. حزنه واشتياقه المسبق لها .. أسدلت الستائر ثم اعتصرتها: أرجوك .. لا تلحق بي ..

في ذلك الوقت من الزمان كانت الأرض حينها مقسمة إلى خمسة أجزاء ..كل جزء يكنى باسم الفصل الذي يغلب عليه وهي واقعة بمجملها تحت حكم ملك عادل ذا نفوذ وسلطان .. ذا عطاء لا حدود له وولاء ومحبة في قلوب رعيته وتابعيه لا ارتفاع له يدعى "الأبيض بن الأشهب بن سلام" وريث وريث أجداد أجداده .. عرفوا بالحكمة والاتزان .. بالعقل المستنير بالرأي الراجح .. بالحلم وقلة الكلام .. يعرف المختار منهم بأثر ولادته أثر الخاتم وسط سبابته .. ومن دون عقد مجلس للشورى فهو من سيتولى الأمر بغض النظر عن خلقه وطريقة نشأته .. وقد أفلح كل من عرف بتلك العلامة بحسن تدبيره وطلاقة علمه .. هو شيخ كبير تجاوز الثمانين من عمره وبالرغم من الشيب الذي يفتري جسده ولحيته .. حاجباه وشعره الذي يتدلى فوق أكتافه إلا أنه لا يزال محتفظا بقوته وصلابته .. رحلت" كندة" الفتاة التي بلغت عامها هذا سن الرشد بصحبة والدها "موسى" شيخ العطارين إلى العاصمة لعلاج الرمد الذي يعاني منه الملك هذه الأيام.

العاصمة وكونها المكان حيث يقطن الملك لابد من أن تكون الأجمل والأكثر روعة .. وهي كذلك حقا .. فهي المدينة التي تجتمع فيها الفصول الأربعة معا بنغم وتناسق دون تفاضل أو تدافع .. الربيع والصيف .. الخريف والشتاء .. هي مدينة تزهو بمبانيها بشوارعها .. بأسواقها بسكانها .. بأزهارها بأدق التفاصيل التي لا تخطر على بال .. حتى الحصى أدق الحصى مرسوم بإتقان وأنا لها .. أن تستمد كل هذا الجمال إلا ممن .. تمركز في المنتصف .. كاللؤلؤة المجوفة لا يرى باطنها ذا بريق أخاذ يسطع بالليل والنهار .. تفاجأت كندة لما رأته فهو أشبه .. بالقصر المنيف الذي تراه من حين إلى آخر في أحلامها .. ردهاته .. أرجاؤه أشعرتها بالألفة وكأنها تعرف هذا المكان .. وبينما هم في طريقهم حيث ينتظر الملك انحرفت عن مسارها دون علمهم أو شعور منها وسارت في طريق طويلة حتى بلغت باب غرفة .. علمت علم اليقين أنها بفتحها له ستتحقق أحلامها .. فهو الباب حيث كانا خلفه معا .. الكريستال المرصع .. الأجراس المحفورة .. النقوش المذهبة والنجوم التي ستضيء بلمسة منها .. ستدق الأجراس وستترنم النقوش وسيتحطم الكريستال إلى نثرات تطفو حولها فقط .. بلمسة منها .. إحساس قوي يدفعها .. ها هِيَ تجاريه ها هِيَ لتستيقظ فجأة على .. صوت الدليل يناديها .. سارت خلفه وتركت خلفها .. إحساسها المعطل مركون عند عتبة الباب هناك .. بانتظارها حتى تعود ..
ــ صاح المنادي: الملك الأبيض بن الأشهب ابن سلام .. الملكة نورهان ..
ــ أتى تمسك بيده تهديه الطريق حتى أسكنته عرشه وجلست هي عن يمينه ..لم يعد يرى جيدا بسبب الرمد الذي يكاد يتلف بصره .. تقدم موسى يعاينه فالتف الجند من حوله – وكان قد أحيط علما مسبقا بأن يؤدي عمله دون اعتراض – ارتعب وارتجفت أطرافه إلا أنه بذل جهده لدفع خوفه - أشار إلى ابنته بإصبعيه فأخرجت المقص وما كادت حتى تجمع بقية الجند من حولها فأوقعوها أرضا وأطبقوا عليه .. نهضت الملكة بامتعاض شديد رافقها بينما ارتجت القاعة بأصوات أثارت حفيظة الملك الذي سألها بصوته العميق: مالذي يجري؟
ــ مليكي ومولاي .. أعتذر فالخطأ خطئي .. لقد أتى هذا الرجل لقتلك لا لشفائك .. أيها الجند ألقوه في السجن وارموا برأسه غدا إلى الكلاب ..
ــ صرخت كندة تدافع عن أبيها وتستجدي الرحمة من الملك الذي استفهم من موسى بطبيعة الأب الحنون .. موسى الذي يرثى لحاله لم يتبق لأنفاسه أنفاس ينطق بها: شعر حاجبيك الطويل الذابل أعاقني فأردت التخفيف منه كي أكمل عملي .. تلك كانت حاجتي إلى المقص ..
ــ تلمس الملك حاجباه فابتسم .. أمر الجند فخرجوا ثم طلب من موسى بوجهه البشوش أن يكمل ما بدأ دون خوف وبارتياح تام .. تخلص موسى من الشعيرات التي استوقفته .. سأل ابنته أن تطحن له بعض الأعشاب التي مزجها بنفسه بقطرات من زيت زيتون نقي وبالمزيج دهنهما وبعد ساعة أزاله وأخيرا فركهما بمجموعة أخرى من الزيوت ثم ابتعد قليلا وسأل الملك أن يبصر الآن .. رفع جفنيه وجعل يتلفت يمنة وشمالا حتى استقر بصره أمام زوجته التي كانت تترقب ردة فعله التالية .. مد يده يلامس براحة كفه وجنتها: أين تلك التجاعيد التي كانت؟
ــ باستغراب: ماذا؟
ــ ضحك ملأ شدقيه: لا تجزعي هكذا .. إنه ذلك الرمد اللعين من جعلني أرى ما لا أود أن أراه في وجهك الجميل .. نكست رأسها خجلا: أيها العطار ..ما السحر الذي صنعته .. إني أرى الآن أفضل من ذي قبل؟
ــ سيدي ومولاي .. أنا لم أفعل شيئا .. ذلك صنع الله ..
ــ سنجزيك خير الجزاء وسنكرمك حتى لا يقال بعدك مكرم .. ذاك ما كان من أمر الملك أما الملكة .. فكفارة لفعلها .. اكتنفت كندة تحت ظلها مدة إقامته .. أن تجعلها كالأميرة .. أقرب المقربات إليها أن تعتني بها وكأنها ابنتها وقد فعلت .. لقد رأت كندة في الأيام القليلة التي تلت مالم تره فتاة في عمرها .. إنه عالم لا يقيده خيال .. لن يسعه النظر البعيد ولن يحتمله حلم صغير .. فهي المتعة والبهجة والترف بأنقى ألوانه وأرقى أشكاله.

وفي ذات مساء .. خرجت الملكة بصحبة زخم من وصيفاتها إلى طرف المدينة إلى مكان يدعى .. "خانة البؤساء" شارع طويل يعبق بكل ذي حاجة إلى عطاء من الأمصار والأعراق المختلفة .. كانت تسأل كل شخص على حدة .. تصغي إليه باهتمام وانتباه .. تدون مطالبهم في كتاب للحاجات .. تمسح على رؤوسهم وتعدهم خيرًا بتحقيقها في أقرب وقت وبينما .. هي كذلك إذ بها .. تقف شاخصة العينين نحو الهزيل حافي القدمين المستند بظهره على الحائط المتكأ برأسه النائم على البائس بقربه .. ملابس ممزقة .. عمامة مهترئة وجسد مدعوك بالرماد .. حاولت إيقاظه فاشمأزت فبادرت كندة حالا .. أيقظته وبالكاد استيقظ .. أيقظته ليهتز عالمها بعد ذلك في لحظة .. اضطربت أمعاؤها وارتج خافقها وإحساسها المعطل المركون عند عتبة الباب ذاك أتي إليها .. يجري صارخا بكلمات لم تجد .. وقعًا حقيقيا في داخلها حتى إذا ما .. أحنى رأسه فسقطت عمامته فكشف لها المستور الذي أربكها .. وجهه الأمرد .. شعره المسترسل وغرته السوداء التي اكتنفت نصف وجهه دون استثناء .. التقاسيم ذاتها ممزوجة بقصة من الشقاء .. النظرات المتعبة التي تخلو من وجودها والصوت الخافت المستهزأ المرحب: آآآآآآآه .. أماه .. كيف الحال؟ مد يدا فارغة ترجو العطاء وبالأخرى ارتشف ما تبقى من شراب في زجاجته .. أمرت الجند أن يعيدوه إلى القصر على الفور فصنع فوضى لم تكن في الحسبان .. ساء الوضع فاقترحت كنده إرجاعه إلى القصر بنفسها فأمره على وشك أن يفتضح وليس من صالح الملكة أن تستمر في عنادها فقد يأتي ذلك عليها بما لا يحمد عقباه .. غادرت بعد أن تركتهما بصحبة حارسان طلبت منهما كندة ألا يلتصقا بهما كي لا يثيرا الشبهة .. سار مترنحا حتى ولج إلى السوق إلى مكان اكتظ بالألوان .. النساء بعباءاتهن اللاتي تميزن بهن .. تعرف الأرملة بعباءتها البيضاء .. المطلقة بالصفراء .. المتزوجة بالسوداء والبكر بلونها الزهري والرجل من فئتها بالعسلي .. وللباعة ألوان وللخدم ومن بلغ الحلم ومن دونهم ألوان .. أما الملك وأهله فقد اختصوا بعباءات من الذهب الخالص مطرزة بخيوط من فضة مرصعة بالزمرد بالياقوت بحبات المرجان .. توقف أمام محل للعطور .. سكب بعضها على ملابسه ولولا كندة .. لكان تناول أحدها توقف .. عند محل للملابس النسائية .. ارتدى هذه واتزر بتلك وتلك تصده تحاول منعه وهو غير عابهٍ بها قد .. تركها ثم سار في طريقه وهكذا .. يحطم هذا ويمزق ذاك .. يخرب يصرخ .. يرقص يغني ويهلوس .. يتصرف كالأمير في عالمه المجنون .. يجري هاربا فحشد من المطالبين خلفه مباشرة .. قبضوا عليه وألقوه داخل حلبة قريبة ليواجه مصيره .. الكل يهتف للضخم المتصلب كالحائط أن اقتص منه وامنحه ما يستحق .. مبتسما كان ولازال حتى بعدما رفعه إلى الأعلى وطرحه أرضا .. جعل ينظر إليه بطريقة أغاضته جعلته يرتمي بثقله عليه .. مد ساقيه وبقدميه العاريتين أصاب أعضاءه فسقط يتلوى من الألم يبكي فقد أصابه إصابة فجرت دماءه .. امتطى ظهره غير مهتم .. الكل صامت ما عداه وكندة الحائرة في أمرها لا تدري ما تفعل ..
ففارس أحلامها غريب عنها ..
من لم تؤمن يوما بأنها ستلقاه ..
التقته ولكن ..
هل هكذا يجب .. أن يكون اللقاء ..
تبعته حتى استلم جائزته حتى نثر النقود فوق طفل وانتزع دجاجته .. خلفه حتى بلغ مزرعة .. عاث فيها فسادا ثم هرب .. حتى نفذ إلى نادٍ .. ملأ جوفه بالشراب ثم خرج .. إلى حافة جبل .. أراد أن يفلت الدجاجة أن يلقيها من الهاوية فأفلتت .. لحق بها إلى غابة تكتسي بالثوب الأحمر كلما غربت الشمس وتتوهج كاللهب كلما اكتمل القمر .. يخشاها الناس كما الملك .. لا يتجرأ أحد على دخولها أو الاقتراب منها هي بقعة .. لا وجود لها خارج حدود سيطرة الملك .. توغل عميقا خلفها وكنده تحاول جاهدة ألا يغيب عن نظرها .. ارتطم بأحد الأشجار فأسرعت إليه .. احتضنت رأسه .. عاينته .. لم يصب بأذى لقد أغمي عليه فقط .. لم تشأ إيقاظه .. أن يكون وديعا مسالما هكذا .. أن تتملى منه دون أن تلهث خلفه .. أن تتلمس تلك التقاسيم التي لطالما عبثت بمخيلتها دون أن تخشى أحدا .. أن ينعم ببعض الراحة بعد كل الذي رأته سيجعلها تشعر بالراحة أيضا .. هي لم تصدق بعد .. ستستيقظ في أي لحظة هذا ما اعتقدته إلا أن الحلم يزداد غرابة فأطياف مضيئة كالقناديل المعلقة بأذيال من لهب تندفع خلف ثعلب يقضم بين فكيه دجاجة وزنها من ذهب .. لاحظها أحدهم فتقدم ببطء ناحيتها .. خائفة مذعورة ولكن ما باليد حيلة فهي لا تستطيع تركه .. حَملَه واستدعاء النجدة أمر لا يسعه مدى صوتها .. يكاد يلتقي بها بأرنبة أنفها .. تراجعت حتى التصقت بالجذع خلفها .. لم يلتفت لذعرها لم يستمع لنبضات قلبها بل .. لقد اقترب أكثر وبجرأةٍ حينما .. امتدت أطرافه ببطءٍ من الداخل تعبث .. بأمائرها بالخصلات المتناثرة على جبينها .. بخمارها .. اخترقت ثوبها إلى محيط صدرها إلى قلبها الذي تباطأت نبضاته .. ثوان والتصق وجه الطيف في وجهها وكأنه يقبلها والتفت أطرافه تعانقها .. لم تشعر بالوجع أو الألم بل بإحساس غامر بالمحبة بالدفء يحيطها ولم يفلتها إلا بعد أن ارتد طرف الراقد في حضنها .. دنا منه فتعكر مزاجه تعكرًا جعل اللهب يتطاول نحو مقدمته .. أطفأت بيدها العارية ما التهب .. احتضنت رأسه وبشجاعتها المتواضعة حاولت دفع ما اقترب .. أخذ الطيف يحوم حولها بانزعاج شديد وهي تصده تمنعه من الاقتراب ولم يزل حتى لاحت له فرصة .. أوشك فبرزت جذور الشجرة التي تظلهم وارتفعت تصنع قفصا ذا فتحات ضيقة اكتنفهم .. محاولات الطيف اليائسة جعلته يشتاط غضبا جعلته .. يقذف اللهب بلا مبالاة هنا وهناك.. تحرك الحصى ومن تحته انبرت من جحورها أقزام بحجم الفول ذات بطون ممتلئة تطفأ اللهب بالماء المندفع من أفواهها وما إن انتهت حتى .. عادت من حيث أتت .. تحولقت الأطياف حول صاحبها تمتص غضبه .. عاد الوضع إلى ما كان عليه .. دنا منها معتذرًا وبحزنٍ شديد بان عليه .. ودعها بطرفه التي لامس برفق وجنتها .. محيط وجهها و غادر .. غادر تاركا إياها بصحبة القمر الذي اكتمل شامخا رغم السحاب المكتظ الذي يبدو أنه يهابه .. سكب ضوءه بقوة وسط المكان .. بين الزوايا وفوق الأغصان .. فراشات لا لون لها وجنيات لا هم لها سوى توسط الضوء ونثره .. أسماك طائرة .. ضفادع ذات إزار وبلابل أفاقت تشهد الحال .. استحال العشب الأخضر وانتزع الشجر رداءه وتبدل لون الحصى .. لون الندى والأزهار .. الوهج الأحمر يكتسح المكان وهي ترى مالا يعقل ولا يخطر على بال .. أتى البلبل .. بلبلها .. فز قلبها لدى رؤيته .. إنه من تمنت من القلب رؤيته .. لقاء لثوانٍ انتهى حينما .. نثر رذاذا فوق عينيها فغفت وعند الفجر استيقظت .. أين القفص الذي اكتنفها .. الأجواء الساحرة والوهج الأحمر الذي اكتسحها بل .. أين هي الآن؟ لا تزال في الغابة إلا أنها .. قرب المدخل .. سحبته إلى الخارج .. استدعتهما .. من لَم يتجرءا مطلقًا على اللحاق بها .. من أخذا منها عهدًا ألا .. تخبر أحدا ..حملاه وقفلوا راجعين إلى القصر ..
عادت كندة إلى جناحها وارتمت فوق سريرها تفكر حائرة بين ..
الحلم الذي رأته ثم اختفى ..
وبين الحلم الواقع بين يديها الآن ..


كان هذا هو الفصل الأول .. أرجو أن يحوز على رضاكم أن ألقى منكم التشجيع الذي يدفعني للاستمرار دون توقف أو تقصير ..




لامارا غير متواجد حالياً  
قديم 13-09-17, 04:48 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

غريبة بجوارك "الفصل الثاني"


في الصباح الباكر أستدعيت كندة من قِبل الملكة إلى جناحها الخاص .. استقبلتها دون أن تنهض من مكانها .. إنها تبدو تعبة ذلك ما دل عليه حالها .. أطرافها متدلية .. هامتها مسكوبة خارج حدود الأريكة التي تستلقي فوقها وكأنها سقطت للتو من السماء .. طريقة تنهدها واصفرار وجهها جعل كندة تسألها: سيدتي .. هل أنت بخير؟
ــ نورهان المرأة التي تكبر كندة بأكثر من عشرين عاما لم تعيقها السنين عن الاحتفاظ بكامل أنوثتها: وهل أبدو لكي أني بخير .. إني تعبة .. تعبة لدرجة أني لا أستطيع النهوض .. سيقضي علي ذلك الأبله الذي يدعي الجنون ..
ــ لقد علمتِ ..
ــ لقد علمت وذاك ما قض مضجعي وأثقل كاهلي وجعلني أستدعيك .. أنتي لم تر ولم تسمع شيئا وما جرى البارحة .. اصنعي له حفرة في أعماق أعماقك واطمسيه .. لا يجب أن يخرج أبدا .. هل فهمتي؟
ــ بجدية ببرود تام أردفت "نعم" .. قالتها كندة بارتباك ثم استأذنت: سيدتي هل لي بسؤال؟
ــ ماذا؟
ــ إن كان هذا هو سيدي "أبان" فمن يكون إذن هذا الذي يجوب بموكبه الطرقات .. من يحبه الفقراء ويعشقه الناس وتدق الأجراس احتفالا بقدومه؟
ــ اكتنفت بذارعها محيط عينيها .. بامتعاض شديد: آآآآآآآآآآآآآآآآه يا له من حديث مؤلم يهد الأبدان ..
ــ عذرا سيدتي ..
ــ لولا مكانتك في قلبي وواجبي تجاهك وثقتي بأنك ستكتمين السر لما كنت أخبرتك مطلقا ..
ــ هذا كرم منك لا أستحقه ..
ــ من تحدثتي عنه ليس أبان بل هو" أسامة" ابن رئيس الوزراء شبيه أبان .. تطوع مشكورا القيام بالأمور التي تخلى ذلك الأحمق عن تنفيذها منذ عام تقريبا .. فكما شهدت فأبان لم يعد مؤهلا لأداء واجباته .. ولا عجب في ذلك .. فإهمال أبيه وتدليلي المستمر له وخوفي الشديد عليه جعل منه شابا منطويا على نفسه .. مهزوزا .. مسلوب الشخصية و مع هذا .. فقد كان هادئا بعيدا عن المشاكل إلا أنه فجأة وقبل سنة تقريبا .. انقلب رأسا على عقب .. لقد تخلى عن هدوئه .. عقله .. عن حياته .. لقد ركن نفسه جانبا .. مدعيا الجنون .. سائلا الجميع أن يصدقوا ادعاءه .. وأصدقك القول أني مع مرور الوقت بدأت أصدقه ..
ــ سيدتي .. أستميحك عذرا ولكني أرى بأن علاج سيدي الأمير بزواجه ..
ــ ومن قال لك بأني لم أفعل .. في مقتبل تلك السنة الآثمة زوجته مرتين .. طلقهن في أقل من يومين .. لقد كدن يصبن بالجنون بسبب تصرفاته .. أخبرتني إحداهن أنه أمرها أن ترقد فوق سرير محشو بالأفاعي أما الأخرى .. فقد جنت بالفعل أتصدقين ذلك .. لقد بذلت الكثير الكثير من المال لسد أفواههن .. لقد احتار الملك في أمره وأنا لم أعد قادرة على السيطرة عليه أو حمايته .. ولولا كونه ابني الوحيد لكنت .. نفيته إلى أرض نائية بعيدا عني ولينشغل حينها .. بجنونه كيفما شاء ..صمتت كندة طويلا وبعد تفكير عميق نطقت بالعجب العجاب:
سيدتي هلا منحتني فرصة؟
ــ ماذا تقصدين؟
ــ أعتقد أني قادرة على إعادة سيدي أبان إلى رشده وجعله يستقر ..
ــ كيف؟ ــ بتردد طفيف: بالزواج منه .. ــ هه..
ــ كندة التي كان يبدو جليا أنها .. قد اتخذت قرارها أن .. ترضي فضولها وتصنع انطلاقة حقيقية لحلمها: لا أعلم سيدتي إلا أنه .. إحساس قوي ممزوج بشيء من الثقة أني .. أستطيع مساعدته وأكدت: سيدتي .. لا تلقى بالا لانخفاض صوتي وطبيعة جسدي فقوامي .. لا يكسر بسهولة وصوتي .. واصل وفاصل ولن .. أمل الصبر حتى يملني إلا أن ذلك لن يكون إلا .. بالاقتراب كثيرا منه وملازمته والزواج برأيي .. هو الطريقة الأمثل لتحقيق ذلك ..
ــ أعرضت عنها قائلة: لا أعلم ولكني أعلم أن .. أوان ذلك قد فات فهو .. لم يعد يرغب بالزواج إلا .. أن تكوني إحدى وصيفاته ..
ــ قالتها جزافا فتفاجأت بالإجابة التي عكست توقعاتها: لا بأس ..
ــ ماذا تقولين؟ هل أنتي مجنونة؟ أنتي حرة .. والحرة لا تباع ولا تشترى ..
ــ ولأني كذلك سأجعل من نفسي ملكا للأمير إن كان في ذلك علاجه .. سأحاول مليكتي فلا تحرميني هذه الفرصة أرجوك ..
ــ أدنت نورهان رقبتها .. تحدق بها:
ما قصتك يا فتاة .. لِم كل هذا الإلحاح وأنت بالكاد قد رأيتِه؟
ــ نعم إلا أني .. وحاشاي أن أكذب عليك فقد .. أحببته ولم أزل حتى اللحظة .. أفكر به وأرغب بشكل جاد مساعدته .. أن أكون لصيقة به أن أجعله يراني أن .. يراني كما أشتهي في عينيه .. تشهد السموات والأرض على كلامي هذا .. فلتأذني بذلك لي مولاتي ..
ــ اتكأت جانبا .. نظرت إليها مليا .. هزت رأسها: حسنا إذن .. لتكن المحاولة الأخيرة ..
اتفقت كندة مع الملكة أن تباع في سوق النخاسات .. أن تشترى بثمن غال كي تصبح "الصفية" والصفية هي أغلى الوصيفات ثمنا .. هي كالزوجة دون حقوق وكالأميرة من دون واجبات أو حق في الحكم .. لها أن تدخل على سيدها دون استئذان .. غرفتها هي غرفته ومائدتها مائدته .. تصطحبه في المناسبات وترافقه في المناقب .. في المواكب والاحتفالات .. يطيعها الخدم والغلمان ويأتمر بأوامرها الجند .. تعامل كحرة لا كعبدة مشتراة .. هي باختصار .. الظل اللصيق لسيدها حتى تأتي صفية تعلوها سعرا أو زوجة تمنحها الحرية.
ودعت كنده والدها بعد أن عقد قرانا وهميا يربطها بالأمير .. لقد حز في نفسها أن تشترك مع الملكة بكذبة انطلت عليه .. أنها باتت زوجته ولها من الحقوق ما يحفظ لها كبرياءها وكرامتها كامرأة حرة إلا أن .. ما أوجعها حقا هو .. اشتراط الملكة إعلان الزواج بطفل تنجبه .. لقد أغاظه ما قالت وآلمه كثيرا جواب ابنته بأنها راضية فهي تحبه .. هدأ قليلا بعد أن وعدته الملكة بأن الانفصال إن حدث فإنها لن ترمى هكذا وكأنها لاشيء بل .. سيعتنى بها أشد الاعتناء و ستجازى خيرا بما يحفظ لها حقها .. غادر محملا بالأكاذيب التي كان ختامها .. عربة تسبقه مترعة بالذهب .. مهرها الوهمي الذي تصدقت به على أهل قريتها.
أتى اليوم المرتقب .. عرحت كندة على الملكة قبل رحيلها فأوصتها الملكة بكلمات من باب حرصها وكونها أدرى الناس بابنها: تخلي عن خجلك عن ضعفك وإياك ومغادرة فراشك ففراش المرأة هو .. سحرها الذي لا يستطيع الرجل إبطاله وهو السجن الذي يتلذذ بظلمته مهما بلغ ضيقه .. وكلما سقطتي انهضي وحافظي على هدوئك مهما بلغت حدة جنونه واعلمي أن للرجل جانبان .. جانب يبرز فيه قوته وجانب مهزوز متخاذل محبوس في دهاليز إن استطعت التسربل من خلالها فقد تمكنت منه وإنما هو .. قلب واحد إن استحوذت عليه فقد امتلكته بالكامل.
احتشد الحشد الذي خلا من اسم رجل وبدأ العرض الذي انتهى سريعا فالفتيات كن ذواتا جمال أخاذ يسلب الألباب كانت آخرهن كندة التي .. برزت من بين الستائر ترتدي ثوبا شبه عار أظهر مفاتنها أبهر الحضور أثار الهمز واللمز ..
ــ صدحت النخاسة تطرب بصوتها قائلة:
سيداتي ..
أنظرن هنا .. ألا ترون ما أرى .. أم أنني الوحيدة التي ترى ..
فتاة لم يخلق مثلها بعد .. هبة السماء وثناء الأرض فتاة ..
انحنى لها الجمال وتفرق النجم ليفضي لها مكانا بينها ..
زهرة مضيئة لما تناثر على صفحاتها قطرات من الندى ..
يهزها النسيم برفق ..
فتنثر أبيات شعرها بلا حياء فتصيب بسحرها من تشاء ..
لعاعة لغوس .. شمس غموس .. فرس شموس ..
وجه كالقمر ..
عيون دعجاء ولآلئ سوداء ..
أنف من العاج وخدود من المرمر ..
فم منمنم وشفاه قرمزية وشعر مصقول ..
يتهادى حول خصر من حرير ..
بيضاء كالثلج .. كندف الثلج قد تساقطت للتو من السماء آآآآآآآآآآآآآآآه يا ويلي ..
ماذا عساي أن أقول بعد ..
جسد من عالم الأحلام وقوام جيد حسان ..
صوت يدغدغ الأذهان وسحر ليس من هذا الزمان ..
عروس بحر تاه رداؤها وحورية من السماء تبحث عن جناحها ..
من امتلكها فقد امتلك الفردوس .. أسرار البحار .. بهجة اليوم وشباب الأمس ..
من امتلكها ..
فالحق والحق لابد من أن يقال ..
أنه امتلك الفتنة بكامل بريقها وقد صدقت ..
فقد ارتفعت المزايدات حتى بلغت أوجها والنخاسة التي أدت الدور المرسوم لها بانتظار مبعوثة الملكة أن تعلن عن نفسها بسعر يلجم الأفواه .. ظلت صامتة حتى اللحظة الأخيرة: ألف ألف درهم .. استتب السكون وتمت البيعة.
وفي القصر استقبلت كندة من قِبل وصيفاتها اللاتي انحنين احتراما لها بخلاف "كهرمان" الصفية التي أستبدل مكانها والتي فعلت ذلك وكأنها مرغمة .. ألبسنها ..هيأنها وجعلنها تبدو أكثر جمالا بل أكثر فتنة واصطحبنها إلى غرفتها .. غرفة الأمير بل هو المكان حيث كانا معا .. ولجت إلى الداخل .. إنها الغرفة ذاتها .. اللون الأبيض الذي اكتنفها .. الأركان التي كانت تتوارى خلفها كي لا يمسك بها والسرير لما قفزت .. لما قفز خلفها .. كان نائما فجلست بقربه ولما .. تكون بقربه فهي لا تتمالك نفسها أن .. تتأمل وجهه أن تداعب برفق أنامِلها وجنته وأرنبة أنفه إلا أن .. تلك اللمسات الرقيقة أيقظته .. صرخ فيها: من أنت وماذا تفعلين هنا؟
ــ أجابته بارتباك لم تستطع السيطرة عليه: أنا هي الصفية الجديدة وأدعى كندة ..
ــ آآآآآآآآه .. إذن فقد فعلتها أماه حسنا .. ليكن لك إذن ما أردت .. قذفها خارجا فارتطمت بالجدار المقابل ثم سقطت أرضا .. نفش شعرها .. مزق ثوبها .. كهرمان تبتسم بخبث وهن شاهدات لا حول لهن ولا قوة .. اغترف براحتيه ما استطاع من تراب من الحوض بقربه وبعثره عليها ثم جرها من شعرها كالماشية تساق إلى حتفها وهو يضحك بشكل هستيري وهي تصرخ من شدة الألم لا سبيل لإيقافه فلا أحد يعترض طريقه ولا نفع يرجى من مقاومته فالألم يزداد كلما حاولت لتؤثر الصمت حينها عل الصمت .. يوقفه في حين لم ينفع الصراخ ومضى حتى .. توقف مقتحما جناح والدته التي كاد أن يغمى عليها .. سحبها حتى أصبحت تحت قدميها .. جثا بعدها على ركبتيه من شدة التعب مبتسما ينظر إليها كالمجنون وهو يلتقط أنفاسه .. لم يزل على حاله البائسة تلك حتى .. نهضت تنفض الغبار عنها .. استأذنت الملكة بعباءة تسترها ثم غادرت بسكينة نحو مخدعها .. تفاجأ بها بل .. بالملكة التي سمع لصرختها دوِي ارتجت له أبواب القصر كلها: أخرج .. اختفى أبان بعدها ..
انتظرت كندة عودة سيدها حتى ساعة متأخرة من الليل حين أتى .. محمولا غارقا في النوم لكثرة ما شرِب .. تذكرت وصايا سيدتها السبع فدنت منه حتى .. التصقت به ثم احتضنته.
وفي الصباح الباكر طرق الباب .. كان أحد الغلمان – والغلمان هم زينة القصر وبهجته .. مرفوع عنهم القلم حتى يبلغوا سن الرشد وحينها .. عليهم أن ينخرطوا في حاشية الملك ويتلقوا الواجبات الموكلة بهم – أتى يستدعي سيده لتناول الغداء بحضور الملك وزوجته ولما .. لم يجد استجابة منه تسلل إلى الداخل .. ثوان وعاد يصحبه صحبه الذين عاثوا في الغرفة خرابا: أخرجوا قالها دون أن يفتح عينيه إلا أن .. إزعاجهم الشديد جعله يفعل ذلك مرغما .. كتفها العاري ورأسها المخبأ بين أضلعه والتصاقها اللصيق به جعله ينهض فزعا:
ماذا تفعل هذه هنا؟
ــ لقد كانت هنا ..
ــ منذ متى؟
ــ لا أعلم لنسألها .. تجمع الغلمان حولها يداعبنها حتى استيقظت .. نظرت إليه بأجفانها الناعسة .. رؤيتها وإن كانت كلت من النوم فالنوم لم يملها .. تشفي الأعمش وتسكن الأرمش وتروي العطشان إلا أنه لم يرتوِ من ذلك الماء العليل الذي هو في متناوله بل ظل ساكنا ينظر إليها فزعا ومالبثت .. أن عادت إلى النوم: من أنتِ؟ ماذا تفعلين هنا ومتى أتيتِ؟ سيل من الأسئلة التي عجز الفضول عن حصرها: ماذا تفعلون هنا؟
ــ الكل يمرر الإجابة إلى صاحبه حتى أجيبت: الملك والملكة بانتظاركم على مائدة الغداء .. تمددت فوق فراشها وكل حركة تصدر منها تعبر عن أنوثة تلقائية تستطيع أن تلهب مشاعرك وجوارحك في لحظة ولكن مالفائدة وقد بدا .. كتمثال حجري لايرى لايسمع ولا يتكلم .. لهت معهم لبعض الوقت .. تعرفت على أسمائهم استمعت إلى أحاديثهم من ثم .. سارت باتجاهه فتنحنى عنها جانبا بشكل أوحى لها وكأنها وباء .. استأذنته للاستعداد ثم غادرت.
امتنع أبان عن تناول الغداء إلا أنه .. رضخ في النهاية فالغلمان أمروا بإحضاره وإلا .. فإنهم سيحرموا من الطعام والشراب لبقية يومهم .. وهذا ظلم لم يستطع تحمله ..
أتى متململا وجلس متململا والملك الذي .. اتقد بصره لما رآها جعل يسترق النظر إليها خلسة وأبان المستند بوجنته على لحاف المائدة يراقبه عن كثب وكلما .. التقت أعينهم غض الطرف منشغلا بتناول طعامه أما أبان فقد تحول على جانبه الأيسر ينظر إليها بلا مبالاة ثم إليه فوجد ما كان منه منذ قليل والملكة تدرس تحركاته .. عقلها لا يكاد يسعفها .. إحساس مشؤوم بأن أمرا أشد شؤما سيحدث وقد كان فقد نهض أبان .. أمسك بها بشدة من حاشية ثوبها ثم رماها في حضنه: سيدي ومولاي ..مالي هو مالك .. افعل بها ما شئت ثم ارمها للكلاب قال ذلك قفل بعدها .. راجعا إلى غرفته بالهيئة كما أتى .. شعرت بالإحراج وتجمع الدمع عند مآقيها ثم انسكب .. استأذنت الملك باللحاق به .. جذب يدها ومسح دمعها وواساها بكلمات ثم أذِن لها .. تفاجأت الملكة فهي المرة الأولى التي تراه يمسك يد امرأة غيرها .. أن يمسح دمعها أن يواسيها بكلمات .. أن يصبح طعم الطعام رديئا برحيلها ألا يكمِله .. أن يتركها عابسا دون كلمة طيبة كما اعتادت جعلها .. تقاوم بقوة بوادر شك لم تؤمن بحدوثه .. يوما مطلقا.
كان في طريقه إلى غرفته عندما تجاوزته إليها .. لم تخرج ذلك اليوم ولم يعد هو أيضا وعلى مأدبة العشاء التي أقيمت بمناسبة شفاء الملك لم يكونا حاضرين .. أمرت الملكة أحد الغلمان باستدعائهما إلا أن الملك اعترضها متبنيا هذا الأمر متعللا بِحجتي .. التجول في أرجاء القصر فهو لم يفعل منذ مدة والتقرب من أبان وإصلاح الوضع بينهما بأن يذهب إليه بنفسه .. استغراب بسيط لم يصحبه معارضة من جانبها إلا أنها .. ولما نهضت لترافقه ولما .. منعها فمن غير اللائق ترك الضيوف لوحدهم حسب قولِه .. استحال ذلك الاستغراب البسيط في لحظة إلى .. غربة لم تجد موطنا في داخلها .. تجول قليلا مبديا بعض التعليقات هنا وهناك ليصل في النهاية إلى الجناح حيث أبان .. أبان الذي لم يكن هناك .. دخل بعد أن استأذنها أحد الغلمان .. انحنت احتراما له: كيف حالك بنيتي؟
ــ بخير .. ما دمت بخير مولاي ..
ــ ابتسم لردها ثم جلس وأجلسها بقربه .. مسح على رأسها مواسيا إياها: أبان فتى طيب .. إن تحملته قليلا فإنه سيعود كما كان ..
ــ أتمنى ذلك ..
ــ ما هذا؟
ــ لا شيء .. تركت جذبة أبان لحاشية ثوبها أثرا أسفل عنقها .. أمر الملك بالعلاج فأحضرته كهرمان التي .. نسخت كل ما جرى بعد ذلك لتصبه في آذان الملكة .. لقد عالجها بنفسه .. ضمها إلى صدره ووعدها .. مدعيا أبوته وبأنها الابنة التي لطالما تمناها بأنه .. سيحميها وسيكون دوما إلى جانبها فلا تقلق ثم اصطحبها خارجا .. إلى حديقة القصر كي يجلب الأنس والسكينة إلى نفسها المتأرجحة .. كان هناك مستندا على جذع شجرة بدت مألوفة لكندة التي تكدر خاطرها فأركان حلمها هي ذاتها لم تتغير بينما الريق البارد لحلمها كي ينبض بالحياة ..
هو .. وليس هو ..
متذبذب مترنح بين مد عال وجزر .. أوشك على السقوط أرضا .. حاولت كهرمان ولكن كندة كانت الأسبق إليه .. أسندته على صدرها وأسدلت رأسه بين نحرها وعاتقها ..
ــ بضيق واضح نهره: أبان أبان .. ماذا تفعل هنا؟ هيا قم ..
ــ أبان الذي لم يكن في وعيه فقناني الشراب الفارغة التي كانت بمحاذاته لا تبشر بخير: آآآآه يالها من رائحة زكية وما أحسنه من وجه .. استغراب يسير تبعه هلع بحجم جنونه فقد انكب عليها محاولا تقبيلها ..محاولا الاعتداء عليها .. أن يصنع بها كما يصنع الزوج بزوجته .. لا خجل ولا حياء .. أمام أعين الجميع .. أمام والده الذي حيره أمره وأثار غضبه ..
ــ انتزعنه بصعوبة منها .. هربت بعيدا عنه واختبأت خلف شجرة أخرى .. صاح فيه الملك الذي كان قد كتم غيظه طويلا حتى ضجر: ألا تخجل من نفسك؟
ــ بوقاحة: ولم الخجل ..إنهن ملك يميني .. أفعل بهن ما شئت متى شئت .. من عليه أن يخجل حقا هو أنت .. ألا تستحي أن ترافق حريم ابنك دون إذنه ..
ــ يا هذا ألا تعلم من تخاطب؟
ــ بلى بلى .. أعلم من .. أنت أبي .. لا لا لست كذلك .. بل أنت مولاي .. لا لا لست كذلك .. بل أنت مليكي .. لا لا لست كذلك .. إذن فمن تكون أنت ومن أكون أنا؟ نظمها أغنية وجعل يترنم بها طوال الطريق إلى السجن الذي .. ألقِي به عقابا له على جرأته ووقاحته ..
عادت كندة إلى جناحها .. لم تسمح لهن بالتخفيف عنها تركنها لوحدها تفتكر في حالها الذي تبعثر إلى أشلاء إلى .. التيه الذي وقعت فيه بسببه إلى .. الفجوة التي تزداد عمقا فعمقا بين جرحها الذي علا صوته وبين خيبة الأمل التي تنازعها ..
هو يوم واحد فكيف لي .. أن أتحمل أيام .. حسرة وندم اجتاحت أحلامها تلك الليلة سلبت .. من تحت جفنيها .. سلوى النعاس .. جعلتها في أرق لم ينقطع بل .. استمر مغرظا حتى الصباح.
غادر الملك المأدبة مبكرا وترك للملكة استقبال الهدايا .. لم ينم تلك الليلة هو أيضا بل ظل .. بانتظار الصباح ولم يهنأ له بال إلا بعد .. أن تناولت الإفطار بصحبته والملكة تراقبه وترى .. اهتمامه البالغ بها وتكتم غيظها كتما كمن .. يبتلع لقمة هي أقسى في مرورها من فتات خبز يابس: ما بالك بنيتي؟ ألم يعجبك الطعام؟
ــ لا .. ولكني لست جائعة ..
ــ لابأس .. كلي القليل لأجلي ..
ــ مدت يدها وما عتمت أن عادت إلى موضعها: مولاي .. هلا أفرجت عن سيدي ..
ــ ضرب المائدة بيده فارتجت الأطباق: أضيقك هذا كـله سببه ذلك اللعين أبان ..
ــ ...............
ــ غمزت لها الملكة فانحت ثم غادرت: مولاي .. اهدأ قليلا .. إنه لا يستحق غضبك ..
ــ نظر إليها شزرا: إن تمادى أكثر .. أقسم أني سأقتله .. ذلك اللعين .. كيف قبلت به وسمحت له بأن يولد قالها أثناء نهوضه .. رحل هو الآخر فالمتعة وهناء البال كانا قد رحلا برحيلها ..
ــ أجابته بهمس شابه بقايا غيظ وغضب: أقتله .. وسأقتلكما معا ..
كان هذا هو الفصل الثاني .. وحتى لقاء آخر .. دمتم أحبائي بصحة وسعادة ..


لامارا غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:42 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.