آخر 10 مشاركات
رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          مصيدة الإبتزاز (77) للكاتبة: جيسيكا ستيل ... كاملة ... (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          اسبانيا الســـــــوداء *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : CFA - )           »          229 - كذبة بيضاء - ديانا هاميلتون - أحلام الجديدة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : وهوبه - )           »          لحظات صعبة (17) للكاتبة: Lucy Monroe *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          منحتني السعادة (2) للكاتبة: Alison Roberts .. [إعادة تنزيل] *كاملة* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          هدية عيد الميلاد (84) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-11-17, 08:13 PM   #191

لمعة فكر

? العضوٌ??? » 174997
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,922
?  نُقآطِيْ » لمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond repute
افتراضي


يسلموووووووووووووووو

لمعة فكر متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-11-17, 02:45 AM   #192

Maysan
 
الصورة الرمزية Maysan

? العضوٌ??? » 368562
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 583
?  نُقآطِيْ » Maysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ياصباح النور والسعاده .. صباح الرضا والبركه على حياتك كلها كاتبتنا من المولى جلا وعلا .. تسلم يدينك ياربوربي يعطيك الصحه والعافيه والقوه ويحفظك ويكرمك ويبارك فيك وفيما وهبك ورزقك واعطاك وفي وقتك واهلك ..

انا توقعت انه الفصول تبع الاحد اللي فات عن الخميس هذا وللامانه انتظرتهم 😊 واتفاجأت فيهم نزلوا هههههههه وفرحت كثير كنت قلقانه على مصير الاسيف ☹.. الاحداث كلما لها بتسخن وبتكون اكثر تشووويق والقفلات بعضها أليمه 💔..

رؤية الاسيف لمامتها كان صدمه قاسيه جدا انا توقعتها حتفوق بعد الكف اللي اخذته على وجهها لكن يبدو انه اسيف كانت تحتاج لاشد من ذلك لتعود للواقع وكان لها ذلك .. منذر كل ماله ويثبت شهامته ورجولته 😍😍 .. يبدو لي انه ضعف اسيف ورقتها انكسارها وحزنها حتكون عامل جذب لمنذر !! ونظرات الست جليله ذات المغزى خير برهان بالنسبه لي لتدعيم وجهة نظري ههههههههههههه اهم حاجه ادبسها فيها خخخخ .. انا ابقى افهم بس هو لما جمع الرجال من القريه ليه ماخبرهم اللي حصل بالضبط حضرته بيكذب علشان يرجع كرامته المهدره !! هو اللي اخطأ بالاعتداء على اسيف بقسووه واستخدم العنف تجاهها محاولا فرض رأيه وسيطرته بالقوه .. متجاهلا لحالتها الصحيه والنفسيه .. الحمدلله انه عواطف حتخذها عندها كأبنه ثالثه والا ماكنتش عاوزه اتخيل ايش اللي هيحصل غير اللي خمنته سابقا والحمدلله اخطأت فيه .. الان حيظهر الحق خخخ ونشوف كيف حتتعامل مع الموقف وتداري على عملتك السوده امام الرجاله اللي جمعتهم 😏😏..

شاديه وولاء والبدأ في تنفيذ الخطه للحصول على يحيى ثم اعلام دياب بنقل الحضانه لجدته مع النفقه طبعا خخخ ماهو الهدف منها المال !! والله اللي حيفرح معهم بالمخطط هذا مازن هههههههههه هو له نفس الهدف اذلال دياب وكسره 🙄.. وشكله هذا المصيبه الثانيه اللي حتحل عليهم بعد مشكلة اسيف ؟!! .. ومجد الثاني اللي حيخرج والله كنت خايفه من خروجه ومازالت وحاسه انه من وراه حتكون فيه بلاوي حمرا ههههههههههه .. اتمنى الاسيف ماتكون طرف فيها لا من بعيد او قريب 🤔.. وربنا يستر ..

مااعجبني موقف نرمين من زياره عواطف للأسيف ؟! وبصراحه مش مرتاحه من ناحيتها لما تجلس الاسيف ببيتهم ؟! ممكن يكون انطباع لقاء الاسيف الاول بعمتها هو سبب من الاسباب اللي بيخلي نرمين تحكي كذا ؟!!

وبعد سرقة اموالها هي وامها من الفندق اصبحت اسيف على باب الله !! يعني ماعندهاش تسدد لمنذر مثل ماخبرته من قبل ومامعها تدفع باقي إجار الفندق ياترى بعد ماتفوق من صدمة وفاة مامتها وتتحسن حتتصرف كيف ؟!

معليش لو نسيت حاجه لانه قرأتهم على فترات والوقت حاليا متأخر عندي لكن قلت مش حسجل خروج الا قبل مااكتب حاجه .. لو تذكرت حاجه حرجع اكتبه هههههههه .. تسلم يدينك مره ثانيه وربنا يسعدك ويفتحها عليك .. بإنتظااار القااادم بشوووووق 💐..


Maysan غير متواجد حالياً  
التوقيع




رد مع اقتباس
قديم 12-11-17, 03:41 PM   #193

amoool652

? العضوٌ??? » 357193
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 115
?  نُقآطِيْ » amoool652 is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

amoool652 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-17, 03:40 PM   #194

yhgn
 
الصورة الرمزية yhgn

? العضوٌ??? » 171995
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 206
?  نُقآطِيْ » yhgn is on a distinguished road
افتراضي

شكراااااااااااااااااااااا اااااااااااا

yhgn غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-11-17, 08:52 PM   #195

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصول جميلة تطورت فيها الاحداث بسرعة
فقد كانت هناك مشاجرات بالايدى بين متذر ودياب ورجالهما وبين الحاج فتحى وعزوته
والغلبة لمنذر واسيف اصبحت وحيدة وقد تقبلت موت امها السكين اسيف التى يبدو انها ستعيش مع عمتها
ماحبيت موقف نرمين تجاه اسيف
سلمت يداكى يا منال على الفصول الاكشنية
وبانتظار القادم


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 16-11-17, 04:12 PM   #196

sherin emam

? العضوٌ??? » 384389
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 154
?  نُقآطِيْ » sherin emam is on a distinguished road
افتراضي

موفقه باذن الله

sherin emam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-11-17, 03:50 PM   #197

رانيا خالد

? العضوٌ??? » 381661
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 253
?  نُقآطِيْ » رانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond reputeرانيا خالد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل روعة بجد تسلم ايديكى

رانيا خالد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-11-17, 03:19 PM   #198

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل الثالث والعشرون :

أخرجت من صدرها تنهيدات عميقة تعكس ما بداخل نفسها الملتاعة.
لم تمنع عبراتها من الإنهمـــار ، فهي تشتاقها حقاً رغم عدم مضي الكثير من الوقت لإدراكها حقيقة فقدها.
إحساسها بالوحدة والخوف يقيد تفكيرها بذهن صافي عن تقرير مصيرها.
ظلت على تلك الحالة الواجمة لبعض الوقت ، ولم ترغب عواطف في إزعاجها.
أرادت أن تترك لها مساحة من الخصوصية للإختلاء بنفسها.

سمع الصبي دقــــات قوية على باب الوكالة ، فانتفضت أسيف في جلستها وأفاقت من شرودها لتتجمد أنظارها المرتجفة عليه.
حدقت عواطف هي الأخرى فيه مرددة بخوف وهي تبتلع ريقها :
-هما .. هما هيهجموا علينا ولا ايه ؟

رد الصبي بصوت خفيض :
-ششش ، أنا هاروح أشوف مين ! خليكوا هنا !

تحرك الصبي بخفة ، واقترب من الباب ، ثم مــال بجسده عليه ليلصق أذنه به ، وتساءل بصوت شبه مرتعش :
-مين ؟

صــاح به صوت قوي صـــارم ومألوف لديه :
-الريس منذر باعتني ياض !

رد عليه الصبي بإرتياح بعد أن ارتخت تعابير وجهه :
-هو قافل علينا من برا ، والمفتاح معاه !

استمع إلى الصوت الرجل مردداً :
-طب استنى ، هاجيبه منه !
-ماشي
قالها الصبي وهو يتحرك عائداً إلى عواطف وابنة أخيها.
سألته هي بتوتر كبير :
-مين يا بني ؟

أجابها بنبرة مطمئنة مشيراً بيده وموزعاً أنظاره بينهما :
-متقلقوش ، ده الريس منذر باعتلنا الرجالة بتوعنا ! تلاقيه بيطمن علينا

تنهدت عواطف بإرتياح وهي ترد :
-طب الحمدلله ، طمنتني !

جلست أسيف بإسترخاء على المقعد بعد ذلك التوتر المشحون ، وظلت تتنفس بعمق لتضبط انفعالاتها المضطربة.
مسحت بأناملها عبراتها المبللة لوجنتيها ، وكذلك تلك العالقة بين أهدابها.

بعد دقائق استمع ثلاثتهم إلى صوت فتح الباب المعدني الخارجي. فتأهبت حواسهم بالكامل لما هو قــــادم.
...................................

تحفـــــز الحاج فتحي لتلك المواجهة الضــــارية مع غريمه منــذر. ذاك الذي ظهر له من العدم ليهدم مخططاته.
هو مختبيء خلف قنـــاع القرابة والشرف ورابط الدم رغم بغضه للموقف برمته. لا يريد لأحد أن يُلقي باللوم عليه أو يعاتبه لكونه مقصراً مع قريبته الوحيدة، لكن الحقيقة كانت غير هذا.
فهو فكر في تزويج أسيف لشخص ما ليتخلص من عبئها لأنه لن يتكبد تحمل مشقة وجودها معه أو حتى نفقاتها ، وبعدها كان سيحاول - بالحيلة والخداع - الاستيلاء على منزلها وبيعه والاستفادة من عائد الأموال التي سيحصل عليها من تلك الصفقة ، ولكن مع الأسف ظهر ما هدد بإفساد كل شيء.

حدجه منـــذر بنظرات متوعدة ، ولم يبعد عيناه الشرستين عنه.

لم يقترب منه ، ولم يتطاول باليد عليه رغم رغبته الملحة التي تحثه على فعل هذا ، لكنه امتثل للعرف المتبع ، ألا يمس كبار السن أو يعتدي عليهم. فنجا ذلك البغيض من قبضته المهلكة.
ارتفع رأسه للأعلى حينما لمح تلك الأطياف القادمة من بعيد.
دقق النظر في القادمين نحو الجمع الغفير. وتقوس ثغره بإبتسامة ملتوية.
هتف بصوت متحشرج غليظ مشيراً بذراعيه في الهواء :
-وأهوو دلوقتي بس هنحط النقط على الحروف قصـــاد الناس دي كلها !

حاوطت عواطف ابنة أخيها من خصرها بذراعها حينما اقتربت من جمع الرجال، وقربتها إليها لتشعرها بالآمان والدعم.
هي أرادت أن تبث في روحها المضطربة إحساساً بالثقة وعدم الخوف بوجودها إلى جوارها.
كانت تشعر برجفتها وخوفها ، ونظرت لها بإشفاق كبير.
أدركت مسئوليتها نحوها ، ولن تتخلى عنها.
تعلقت أنظـــار أسيف بذلك الرجل الذي تعرفه عن ظهر قلب.
ورغم أنه كان موليها ظهره إلا أنها استشعرت بكل قوة إحساسه الآن نحوها ، هي متأكدة من كراهيته لها ، ومن وعيده الشرس إن طالتها يده
لم تحبه يوماً ، لكنها كانت تعامله بإحترام لقرابته من والدتها الراحلة ، وهو كان دومًا يشعرها بقلة نفعها وعدم أهميتها.

تجمدت أنظارها الخائفة على وجـــه منذر الصائح بثقة :
-اتفضلي يا ست عواطف ، قولي للناس انتي تقربي ايه لبنت ريــاض !

اتجهت الأنظار نحوهما ، وشعرت أسيف كما لو كانت تقف بمفردها على خشبة المسرح والإنارة مسلطة عليها هي فقط.
تلون وجهها بحمرة بائنة ، وزادت هيبتها من المواجهة.

هتفت عواطف بصوت مرتبك وهي تشدد من قبضتها على خصر أسيف :
-أنا .. أنا الحاجة عواطف خورشيد أخت المرحوم رياض خورشيد ، ودي تبقى بنت أخويا الغالي .. كانت جاية هي وأمها حنان الله يرحمها عندي يزورني ، بس .. بس الحق أخد أمانته وآآ..

قاطعها الحاج فتحي قائلاً بإزدراء وهو يرمق أسيف بنظرات احتقارية مقللة من شأنها :
-وايه اللي يثبت انك عمتها ؟

ثم دار حول نفسه موجهاً أنظاره لكافة المحيطين به متابعاً بنبرة تحمل الإتهام :
-مش يمكن تكوني واحدة محفظينها كلمتين تقولهم قصادنا وآآ....

فغرت أسيف فمها مدهوشة من إتهامه سيء الظن. لم يطرأ ببالها أن يفكر ابن خالة والدتها بتلك الطريقة.

استشاطت عواطف من طريقته التهكمية المسيئة إليها بوقاحة والطاعنة في نسبها وأصلها ، فصرخت فيه بصوت غاضب مانعة إياه من إكمال جملته :
-احترم نفسك ، كل الناس هنا عارفة أنا مين بالظبط ، تقدر تسأل أصغر عيل لأكبر واحد هنا مين الست عواطف وهو هيرد عليك !

لم يختلف ردة فعل طــــه عنهما كثيراً ، بل على العكس شعر بنيران متأججة بداخله تستعر مع سماعه لتلك الإتهامات الصريحة لقريبته ، فصاح بلا تردد بنبرة متشنجة :
-هتتحاسب عن كلامك ده !

دُهش منـــذر مما يردده ذلك القريب الكريه ، هو لا يعبأ بتبعات تصريحاته المتهورة. لكن يكفيه رؤيته لوجـــه تلك اليتيمة الذي تحول من الوداعة للقسوة وهي تصرخ فيه بنبرة هائجة :
-نصبت نفسك خالي وبتقول شرفي وعرضي ، والمفروض إنت تكون عارف أنا مين وبنت مين وأبويا الله يرحمه كان مين ومربيني إزاي ؟!

ثم التفتت بأنظارها نحو الحاج اسماعيل لتوجه حديثها إليه ، وتابعت قائلة بصوت مختنق وعبراتها تتراقص في مقلتيها :
-انا .. انا اتولدت على ايدك يا حاج اسماعيل ! واتربيت وسطكم ، تفتكروا أنا ممكن أعمل كده ؟ أتحمى في حد مش من دمي ؟

أشار لها بكفه قائلاً بثبات وهو يرمقها بنظرات جادة :
-الحق يتقال أبوكي الله يرحمه عارف الأصول كويس ، وسمعته زي البريلانت !

اختنق صوتها أكثر وهي تكمل بمرارة :
-بجد أنا مش مصدقة ، الراجل اللي فتحناله بيتنا ، اللي عارف عننا كل حاجة هو أول واحد يتهمني في شرفي ، هان عليك بابا اللي كان معتبرك اخوه ومشاركك في كل حاجة ووقف جمبك في شغلك ؟

تحركت نحوه بخطوات متمهلة وهي تعنفه بنبرة لاذعة :
-طب هانت عليك ماما ، وهي بنت خالتك ، الست الغلبانة العاجزة اللي ماكنتش العيبة بتطلع منها ، ودايماً كانت فاتحة بيتها في أي وقت لكل الناس ، تتهم بنتها بإنها موالسة مع ناس متعرفهومش ؟

استدار الحاج اسماعيل برأسه ناحية رفيقه ليضيف معاتباً إياه :
-ميصحش كده خالص ، الحاج رياض الله يرحمه ربى بنته كويس !

لم تستطع أسيف منع عبراتها من الإنهمار ، فمرارة الظلم تفوق قدرتها على التحمل.
بكت بحرقة ثائرة في وجهه :
-مش هاقول غير حسبي الله ونعم الوكيل !

نظر لها الحاج فتحي شزراً ، لم تؤثر كلماتها به ، ولم تهتز عضلة واحدة منه ، بدا صنماً جامداً غير مهتم بحالتها التي يُرثى لها.
صــار أكثر تجهماً ، ورد عليها بفظاظة :
-البؤين دول مايدخلوش دماغي !

حدجته بنظرات محتقنة للغاية ، ونفثت هواءاً ساخناً من رئتيها وهي تفكر في تحديد أي نوعية من البشر ينتمي إليها ذلك البغيض الفظ .
أكمل هو قائلاً بصياح متهمها عن عمد في سمعتها :
-انتي كان المفروض وقت ما أمك ماتت تكلميني أجي أتصرف ، لكن عيارك فلت ، و رايحة ترمي نفسك في حضن واحد زي ده ؟!

شهقت مصدومة مما يردده قائلة بعدم تصديق وهي تشير لنفسها بإستنكار :
-أنا ؟

رد عليها بصوت غاضب :
-انكري ، ده أنا شوفتك بعيني اللي هايكلهم الدود !

هتفت نافية اتهامه بصوت محتد :
-محصلش

في تلك اللحظة تحديداً وصل منـــذر إلى ذروته ، وبلغ قمة انفعاله ، فلم يسيطر على نفسه ، وهتف بلا تردد وهو يتحرك صوبه :
-لأ عندك ، انت بقى جيت في ملعبي !
كان الشرر يتطاير من عينيه محذراً من إنطلاق بركان ثورته في أي لحظة.
توجه الحاج فتحي بأنظاره نحوه ، وعبس أكثر وهو يرى بوضوح شراسته المهددة.

هــــدر منـــذر قائلاً بصوت تهتز له الأركان :
-الحاج الفاضل اللي زاير بيت ربنا اتهجم على اليتيمة دي في المستشفى ، هي مقهورة على أمها ، وهو عاوز يموتها من الضرب و ياخدها غصب معاه ، ده بدل ما يطبطب عليها ويحميها ويهون عليها ، لأ نزل ضرب فيها ولولا وجودي الله اعلم كان ممكن يعمل فيها ايه

رد عليه الحاج فتحي بنزق محاولاً تبرير موقفه :
-عاوزني أشوفها في حضن واحد غريب وأسكت

استنكر منـــذر إصراره على ترديد ذلك الإتهام الباطل.
وقف قبالته ، وقست نظراته المخيفة ، وصاح به بصوت متشنج :
-انت بتخرف ، حضن ايه ده ؟

دفعه الحاج فتحي من كتفه بكل ما أوتي من قوة ، وتحرك مبتعداً عنه بحركة ماهرة مدعياً البراءة ومرتدياً قناع العفة والطهر والدفاع عن الشرف :
-شوفوا بقى الأفلام اللي بتعملوها والجو ده مش هايخليني أسكت عن الغلط !

صاح به منذر بهياج :
-بردك هيقولي غلطنا !!!!!

لم تصدق أسيف أذنيها ، أيعقل أن يكون هذا هو قريبها الذي نشأت وتربت في كنفه ويعرفها عن ظهر قلب فيدعي عليها بالباطل ويختلق تلك الأكاذيب عنها.
تجمدت الكلمات على شفتيها ، ولم تجد ما ترد به عليه.
صدمتها به أكبر من قدرة عقلها حالياً على استيعاب الموقف.

لاحظ الحاج فتحي صمتها ، فتملكه الغرور أن يستمر في تمثليته الزائفة ، وتابع بصوت آجش وهو يشير بسبابته :
-عاوزة يا بنت ريــاض أنسى اللي عملتيه ، وأسامحك يبقى تعتذري قصاد الكل !

اتسعت حدقتيها مذهولة مما يقوله.
أكمل قائلاً بثبات وهو يشير بكفه نحو رجال القرية المقيدين :
-وخصوصا الرجالة اللي اتبهدلوا عشانك وتطلبي السماح مني ومنهم !


تجمدت أنظارها عليه ، وهزت رأسها بلا وعي مستنكرة ما طلبه منها بدهاء .

استأنف الحاج فتحي حديثه قائلاً بمكر خبيث :
-واعملي حسابك هترجعي معايا من مطرح ما جينا ، ولعلمك مش هاسيبك تقعدي في بيت أبوكي لوحدك ، مش هايحصل ، هاتفضلي معايا لحد ما أسترك ، ومش هاتستني كتير ! كفاية الجُرس اللي عملتيهالنا ! ويا ريت ألاقي اللي يرضى بيكي !

صدمات متتالية ضربت رأسها بشدة وهو يُملي عليها أوامره الصارمة ، وكأنه ينفذ فيها حكماً بالإعدام الصامت.
هتفت مشدوهة رافضة تصديق المسألة برمتها :
-نعم !

صُدم الجميع من قراراته الحاسمة، وتقريره لمصير تلك اليتيمة وكأنها لا تملك حكم نفسها.
لكن لم يجرؤ أحد على التدخل ، فالمسألة تعتبر عائلية.
والقرار النهائي يعود لتلك الشابة.

لم تطق عواطف الصمت أكثر من هذا ، تحاملت على نفسها كي تصل إلى ما يريده ذلك المقيت ، لكنها سئمت من تسلطه ومن فرض سيطرته على ابنة أخيها منصباً نفسه الولي الوحيد عليها.
هي لن تتركها فريسة سهلة بين يديه يتلذذ بذبحها. لذا بكل عزيمة وإصرار صاحت متحدية إياه وهي تسير بخطى واثقة نحوه :
-شوف يا جدع انت ، أنا معرفش انت مين ، ولا يفرق معايا من أساسه !

اكفهرت قسماته من إهانتها له ، وقبل أن يرد عليها تابعت حديثها بقوة مخيفة :
-بس طول ما أنا عايشة بنت أخويا هاتكون في حمايتي أنا ، الحاجة عواطف خورشيد ، ومش هاسيبها لواحد زيك يستفرد بيها ويستقوى عليها!

ضاقت نظراتها أكثر ، وتصلبت نبرتها وهي تكمل :
-ولعلمك بقى أسيف مش هاتقعد إلا عندي وبس !!

رد عليها الحاج فتحي بعبوس كبير :
-لو قبلت تقعد عندك تنسى ان ليها خال ، وإن ليها بيت في البلد من أساسه !!

كانت جملته الأخيرة كالخنجر القاتل الذي شق صدرها ، هو يحرم عليها ما لا يملكه ، فصرخت بجنون رافضة قراره :
-انت مش هاتمنعني عن بيت أبويا !

ود منــــذر لو تتاح له الفرصة لينقض عليه فيذيقه طعم قبضته القوية. وجاهد بصعوبة بالغة عدم إفلات أعصابه.

التفت الحاج فتحي بجسده نحوها ، ورمقها بنظرات جافة ثم رد عليها بجمود مثير للأعصــــاب :
-ده أخر ما عندي يا بنت ريــاض ..!

.....................................

استنكرت نيرمين تدخل والدتها فيما لا يعنيها من مشاكل لا تخصها. وتابعت من الشرفة ما يدور بأعين كالجمرات.
ظلت تضرب بقبضتها المتكورة حافة السور مرددة لنفسها بغيظ :
-واحنا مالنا بس بالغلب ده ؟ ليه تدخلينا في مشاكل مع العالم دول !!!

نفخت بصوت مسموع ،وإشرأبت بعنقها محاولة متابعة ما يدور بالأسفل.
بكت رضيعتها رنا بصوت مبحوح للغاية ، فاستدارت بجسدها نحوها قائلة بنفاذ صبر :
-اتهدي انتي كمان ! هي مش ناقصة زن وصداع خليني أشوف أمي هتعمل فينا ايه !!!!

أفاقت بسمة على صوت صـــراخ الرضيعة ، فحملتها من على الفراش ، وهدهدتها لتسكتها ، ثم بحثت بعينيها عن والدتها فرأتها بالشرفة.
اقتربت منها دون أن تلج إليها قائلة باستغراب :
-مش سامعة بنتك يا نيرمين ؟ ده قلبها انفطر من كتر العياط !

ردت عليها أختها بجفاء :
-تلاقيها بتزن عشان تنام ، أنا مأكلاها ومغيرلها ، وعاملة كل حاجة معاها !

تساءلت بسمة بفضول وهي ترى أختها مهتمة بمتابعة شيء ما عبر الشرفة :
-ايه اللي شاغلك يا نيرمين ؟ هو في حاجة بتحصل تحت ؟

لم تلتفت نحوها ، وأجابتها بغموض :
-ده انتي فايتك بلاوي سودة ، وأمك محشورة فيها !

زاد فضولها لمعرفة ما يدور ، واندفعت بلا تفكير إلى داخل الشرفة متساءلة بإهتمام :
-ماما ؟ هو ايه اللي حصل بالظبط ؟
.........................................

حسمت أسيف أمرها ، وقررت مصيرها بنفسها ، لم تكن لتترك الفرصة لغيرها بالتحكم فيما هو قـــادم في حياتها.
هي حقاً وحيدة ، يتيمة ، ضعيفة ، بمفردها في تلك الحياة. لكنها لن تكون بذلك الضعف الذي يجعلها مطمعاً للغير.
لن تتخلى عن حريتها ، وتتقيد بقيد العادات والأعراف الظالمة.
هتفت بصوت جـــاد وهي تكفكف عبراتها بكف يدها :
-أنا مش راجعة معاك يا حاج فتحي ، أنا هافضل هنا ! وده أخر ما عندي !

استشاط غضباً من قرارها الصادم ، وكز على أسنانه بقسوة كبيرة مغتاظاً منها.

التفتت عواطف إلى ابنة أخيها وابتسامة عريضة تلوح على ثغرها.
شعور رهيب بالسعادة والفرح سيطر عليها.
دنت منها ، ولفت ذراعها حول كتفها لتربت عليها ورمقتها بنظرات حانية مدعمة إياها ، ثم استدارت لتنظر إلى قريبها الكريه قائلة بحماس :
-أظن الرد وصلك ! مش محتاج توضيح أكتر من كده !

ضمتها إليها لتبث إليها القوة والثقة.
بالطبع استغل الحاج طــــه رأيها النهائي الحاسم في ذلك الأمر ليقول بصرامة وهو يدنو من الحاج فتحي :
-بس قبل ما المولد يتفض لينا حق عندك !

أيده منـــذر في رأيه قائلاً :
-صح يا حاج ! أقل من قعدة عرفية مش هانقبل !

نظر لهما الحاج فتحي متساءلاً بغرابة :
-حق ايه ده اللي بتكلموا عنه ؟ ده انتو آآ....

قاطعه الحاج طــــه قائلاً بصوت خشن غليظ :
-حقنا احنا ، انت عملت اللي انت عاوزه واتهمت قريبتنا في شرفها ، وجه دورنا عشان نحاسبك ، وكله بالأصـــول ..................................... !!!
........................................



noor elhuda and متكبره like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 18-11-17, 03:21 PM   #199

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الرابع والعشرون



الفصل الرابع والعشرون :

إجتاحه شعوراً طاغياً بالخزي والخذلان بعد قرار أسيف النهائي والحاسم بالبقاء مع عمتها.
وما زاد من لهيب حنقه هو إصرار الحاج طـــه على أخذ حقه منه.
ابتلع ريقه بتوتر كبير ، وهتف بنبرة مترددة :
-أصول ايه دي اللي آآآ...

رفع طـــه كف يده في وجهه ليجبره على الصمت ، ورد عليه بغلظة :
-الأصول اللي عديتها ، وكل الناس هنا شاهدين عليك !
ثم التفت ناحية الحاج اسماعيل ليسأله بتأفف :
-ولا احنا غلطانين يا حاج ؟

رد عليه الأخير بحرج :
-لأ ، الحق مايزعلش حد ، وزي ما كان لينا حق عندكم، إنتو كمان ليكم حق عندنا !

صــاح الحاج فتحي غاضباً بعد تصريح الأخير :
-انت بتقول ايه يا حاج اسماعيل ؟ يعني هيركبونا العيبة والغلط واحنا نسكت كده عادي ونحط البُلغ في بؤنا !

نكس الحاج اسماعيل رأسه ليرد بهدوء حذر :
-الحق حق !

أضـــاف طه قائلاً بعِنــــاد ونظراته مسلطة على الحاج فتحي :
-وأنا مش هاسيب حق حريمنا !

لأول مرة منذ وفـــاة والدتها تشعر أسيف بأن لها سنداً ، هم ليسوا أقاربها بالدم لكنهم وقفوا إلى جوارها ودافعوا عنها دافاعاً مستميتاً.
مالت عواطف عليها برأسها لتهمس لها :
-الحاج طــه مش هايسيبه إلا لما يربيه ، إنتي متعرفهوش لسه ، بس هو راجل حقاني ونصير الغلابة !

لم تعلق عليها أسيف ، فيكفيها أن ترى قريبها المقيت في ذلك الموقف المهين لتشعر بالرضا والإرتياح فقد تمكنت من استرداد جزءاً من كرامتها المهدورة .
ظلت متابعة بإهتمام تطورات الوضـــع وهي ترمقه بنظرات متشفية .
....................................

عـــــاد الحاج مهدي إلى المطعم متعجباً مما آلت إليه الأمور.
ابتسم لنفسه بسخرية وردد قائلاً :
-لعبتها صح يا طــه ، وعرفت تجر رجله لحد عندك من غير ما تغلط فيه ، لأ والكل كمان معاك !

هز رأسه بإيماءة خفيفة وهو يضيف لنفسه بإنبهار :
-دماغك مالهاش حل !

استغرب مـــازن من كلمات أبيه المبهمة ، ورمقه بنظرات فضولية متساءلاً :
-هو انت بتكلم نفسك يا حاج ؟

أجابه الأخير قائلاً بإبتسامة متسعة :
-من اللي بأشوفه كل يوم وبأتعلمه من غيري

سأله مــازن بفضول وهو يتفرس تعابير وجهه بإهتمام :
-قصدك مين ؟

أجابه الأخير بإيجاز :
-طه حرب

زفـــر مـــازن بضجر قائلاً بامتعاض بادي على وجهه :
-يادي السيرة اللي مابنخلصش منها !

رد عليه والده بتهكم :
-ما انت اللي سألت !

لوى مـــازن ثغره معللاً بنفور :
-كنت غلطان !

ثم أخــذ نفساً عميقاً ليضبط انفعالاته ، وتابع بجدية :
-المهم احنا عندنا أوردر لعشا جماعي بكرة !

رد عليه مهدي بإهتمام :
-شوف المطلوب وجهزه ، مش نقدر نغطيه ؟

أجابه مـــازن بثقة وهو يوميء برأسه :
-ايوه ، ناقص حاجات بسيطة وبعت أجيبها

هز أباه رأسه متفهماً :
-على بركة الله ، وربنا يكرمنا

قال عبارته تلك ، وتحرك من مكانه صوب الخارج فسأله ابنه بفضول :
-رايح فين يا بابا ؟

التفت ناحيته ليجيبه بحماس :
-هالحق الجلسة العرفية ، زمانتها هتبدأ !

قطب مازن جبينه متساءلاً بإهتمام :
-جلسة ايه دي ؟

أشار له والده بكفه قائلاً :
-بعدين هاحكيلك ، ركز انت في الشغل !
...............................

لم ترغب أسيف في حضور الجلسة العرفية التي تقرر عقدها في المقهى الشعبي ، شعرت بأن قواها منهكة للغاية ، وليس بها أي طاقة للاستمرار.
فضلت عمتها عواطف اصطحابها معها إلى منزلها لتستريح الاثنتان من عناء ذلك اليوم الشــاق والمرهق.
اقتربت كلتاهما من البناية ، وهنا بدأت ملامح وجه أسيف تتبدل للتجهم والضيق. رجفة قوية أصابتها حينما وقعت عيناها على المدخل.
لقد استعادت في ذاكرتها ما أصــاب والدتها في ذلك اليوم الحزين.
تسارعت دقات قلبها واضطربت أنفاسها ، وسريعاً تجمعت العبرات في مقلتيها لتبدأ في النحيب والبكاء.
أشفقت عليها عواطف كثيراً ، وابتلعت غصة مريرة في حلقها متأثرة بها.
مسحت على ظهرها برفق محاولة التهوين عليها ، وأردفت قائلة بصوت شبه مختنق :
-ادعيلها يا بنتي بالرحمة ، هي ما تتعزش على اللي طلبها !

كورت أسيف قبضة يدها ووضعتها على فمها لتكتم شهقاتها الموجوعة. ففراقها ليس بالأمر اليسير. هي فقدت روحها وليس أمها الحنون.
أحاطتها عواطف بذراعيها قائلة بتوسل:
-عشان خاطري يا أسيف ، بطلي تعيطي ، بتقطعي قلبي !

لم تكن أسيف مصغية لتوسلاتها ، فهي في حالة تُحسد عليها.
وما إن وطــأت قدماها المدخل حتى شعرت بإحساس الفقد.
رغماً عنها رأت أثار بقعة الدماء الجافة التي تتوسطه. إنها تخص والدتها.
زادت شهقاتها ونحيبها.
وضعت يداها على أذنيها لتسدهما ، فصوت صدى صراخ والدتها كان أخــر ما سمعته منها.
كاد يصيبها بالصمم.
شعرت بذنبها وعجزها لأنها لم تستطع مساعدتها وتركتها بمفردها لتلقى حتفها.
نهج صدرها علواً وهبوطاً ، وزادت رعشتها.

بكت عواطف هي الأخرى مشفقة عليها ، وضمتها إليها لتخبيء رأسها في صدرها فتبعد عيناها عنها.
شعرت بإختناقتها ، بما تتكبده في صدرها المكلوم من مشاعر متآلمة وأحاسيس صعبة ، فظلت محاوطة إياها ، ورددت قائلة بنشيج باكي :
-تعالي يا بنتي !

سحبتها مجبرة نحو الدرج لتصعد كلتاهما للأعلى ومُبعدة إياها عن تلك البقعة.
همست قائلة في نفسها بعزم :
-ربنا يقدرني وأعوضك عن غيابها ، واكون أمك التانية !

شعرت أسيف بخـــواء كبير في نفسها بعد إدراكها لحقيقة الوضــع. لا أب طيب يعطف عليها ، ولا أم حنون تضمها إليها.
ليس معها رفيق تشكي إليه ، ولا قريب يخاف عليها وينصحها ، فقط هي بمفردها لتواجه مصيرها المجهول.
نعم الحياة لا تترك مكاناً للضعفاء ، بل تسحقهم تحت وطــأة قسوتها اللامتناهية. هي عليها أن تتخطى أحزانها وأوجاعها وتعيد بناء نفسها من جديد.

.......................................

وكما هو متبع في مثل تلك النوعية من الجدالات والخلافات الحادة ، أقيمت جلسة عرفية بداخل المقهى الشعبي لمحاسبة المخطيء ، وأخذ الحق منه.
وبالطبع لم يتوانَ الحاج طـــه في تغليظ مطالبه لكي يوصل رسالة صريحة إلى نِده أنهم ليسوا بخصم سهل المنــــال.

وعلى مضض كبير جلس الحاج فتحي في مقعد منزوي بزاوية المقهى ، وإلى جواره رفيقه الحاج اسماعيل.
ظل مكفهراً عابساً تكسو نظراته الشعور بالعــار والإنكســار.
فقد خسر تقريباً كل ما خطط له ، بل والأصعب من هذا أنه مُطالب برد إعتبار من تجرأ عليها.
احتد بركان غضبه بداخله ، وكتم غيظه رغماً عنه.

مــال عليه الحاج اسماعيل ليهمس له بحذر :
-شوف إنت هاتخلص الليلة دي على ايه

نظر له الحاج فتحي من طرف عينه ، وأجابه بتأفف كبير :
-كمان طلعت الغلطان !

رد عليه الحاج اسماعيل بصوت خافت :
-كان لازم تحاسب على كلامك ، الناس دي شكلها مش سهل ! وأديك شوفت بنفسك !!!

لم يرد عليه بل أشـــاح بوجهه بعيداً وهو يغمغم بسباب خفيض.

وفي الجهة المقابلة لهما جلس طه ، وابنيه ، وعدد من كبار المنطقة الشعبية كشهود عيان على ما سيحدث.
لم يرغب مهدي في التخلف عن الحضور ، فهو يتعلم في كل مرة يحضر فيها تلك الجلسات من حنكة طـــه وحكمته المتمرسة في إدارة الأمور لصالحه. ومسألة كهذه ربما تنفعه مستقبلاً إن كُشف أمر زواج ابنه الخفي من طليقة ديـــاب السابقة.

ورغم أن منــذر لم ينطق بالكثير إلا أن نظراته كانت مهددة بخطر مهلك.
فإستعادته للمواقف الحادة التي جمعته مع الحاج فتحي جعلت متحفزاً للفتك به دون سابق إنذار.

بدأت الجلسة ووصلت فيها المجادلات الاعتراضية والمشادات الكلامية بين الطرفين لأشدها ، فكل جانب متمسك برأيه ومصمماً على كونه الصائب.

لم يتراجع الحاج طـــه عن تغليظ عقوباته ، ولا عن رد شرف قريبته عواطف. ودعمه الجميع في رأيه. فقد كانوا حاضرين للموقف منذ بدايته ، ورأوا مدى التطاول اللفظي والجسدي بالإضافة إلى الافتراءات الباطلة من ذلك الغريب. لذا كانوا حكاماً معه في تقرير المناسب.
.................................................

فتحت عواطف الباب دافعة ابنة أخيها للدخول وهي تقول بود :
-خشي يا بنتي ، ده بيتك !

تعثرت في خطواتها وهي تلج للداخل مطأطأة لرأسها.
كانت تلك هي زيارتها الأولى لبيت عمتها ، لم تره من قبل ، وتمنت لو زارته بصحبة عائلتها ، لكن كتب لها القدر أن تجيء إليه بمفردها. بل أن يكون منزلها –مؤقتاً - في الفترة القادمة.

انتبهت هي لذلك الصوت الأنثوي المتساءل بإندهاش :
-مين دي يا ماما ؟

رفعت رأسها ناحية صاحبته لترى فتاة تقاربها في العمر تطالعها بنظرات متفحصة لها.
دنت بسمة منها ، ولم تبعد عيناها عنها متابعة تساؤلها :
-انتي مين ؟

أجابتها عواطف بصوت متحمس وهي تحاوطها من كتفيها :
-سلمي على بنت خالك .. أسيف !

نظرت لها بسمة بضيق ، وعبست قائلة :
-أها .. هي دي ! أهلاً

تابعت عواطف قائلة بجدية وهي توميء بحاجبيها :
-أسيف هاتقعد معانا هنا على طول إن شاء الله !

هتفت بسمة مصدومة :
-هنا ! في بيتنا ؟

أكدت والدتها ما صرحت به قائلة بحسم :
-أيوه ! وإن شاء الله تتبسط معانا

ضغطت بسمة على شفتيها لتضيف بامتعاض :
-أها .. طيب !
استشعرت أسيف من نبرتها عدم تقبلها لوجودها ، وشعرت بالحرج لكونها ضيفاً ثقيلاً عليهن.

لم تنتبه بسمــة لما أصاب أمها في رأسها من الخلف ، فقد كان الجرح متوارياً أسفل حجاب رأسها المتهدل ، واعتقدت أنها تركته على تلك الوضعية متأهبة لنزعه عنها.
حضرت نيرمين هي الأخرى متساءلة بتلهف:
-حصل ايه تحت يا ماما ؟

اضطربت أسيف من وجود ابنتها الأخرى ، فقد تصادمت الاثنتان من قبل ، هي تتذكر تلك المواجهة ، فأخفضت رأسها متحاشية النظر إليها.
رمقتها نيرمين بنظرات مطولة منزعجة ، فهي لا تزال تحمل ضغينة في قلبها تجاهها.

هتفت عواطف قائلة بجدية :
-مش تيجي ترحبي ببنت خالك يا نيرمين ! دي أول مرة تجيلنا وآآ..

نظرت لها بحدة ، وقاطعت عبارة أمها مرددة بتجهم وهي توليها ظهرها :
-أنا رايحة أشوف رنا ، باينها صحت !

تأكدت أسيف في نفسها أنها لن تلقى ترحيباً في ذلك المنزل ، وأنها ستعاني من غربة أخرى موحشة لتزيد من تعاستها وبؤسها.
..........................................

خلال الجلسة العرفية تم تغريم الحاج فتحي مبلغاً مادياً طائلاً كتعويض مؤقت عن إساءته.
هب واقفاً من مقعده محتجاً وثائراً بحنق :
-كده كتير ، ليه يعني ؟ هو أنا غلطت في البخاري ؟!!!!!

ضرب طــــه بعكازه الأرضية بصلابة ، ورد عليه بصوت صارم وهو ينتصب في جلسته :
-سمعة حريمنا ماتتقالش بالمال ، وده يعلمك تفكر قبل ما تكلم !

جذبه الحاج اسماعيل من ذراعه ليجبره على الجلوس قائلاً بهدوء حذر :
-اقعد يا حاج فتحي ، احنا لسه بنتفاهم مع الجماعة !

جلس الأخير مجبراً ، وهو ينفث دخاناً من أذنيه.

احتدمت المشادات مجدداً ، ولم يجد هو بداً من الرضوخ لهم.
فاضطر أسفاً أن يوقع على ورقة ما بهذا المبلغ – أو ما يعرف بإيصــال الأمانة - ليقوم بسداده في فترة زمنية محددة.

أراد مـــنذر أن يسترد حق اليتيمة المسلوب من هذا البغيض الذي أساء لها ببشاعة ، فاستطرد حديثه مردداً بثبات وهو يدير رأسه ناحية والده :
-اسمحلي يا حاج ، عندي حاجة عاوز أضيفها !

هــــز الحاج طـــه رأسه بالإيجاب مردداً بصوت رخيم :
-قول يا منذر !

استدار الأخير برأسه نحو الحاج فتحي ، وسلط عليه أنظاره القوية ، ثم تابع قائلاً بصلابة مهيبة :
-عاوز حق اليتيمة اللي ملحقتش تحزن على أمها !

ثم تعمد رمقه بنظرات احتقارية قبل أن يتابع بإزدراء :
-والحاج كان ناوي يسرقه غصبن عنها !

زاد تجهم وجه الحاج فتحي ، ورد عليه بعصبية بائنة مغتاظاً مما قاله :
-نعم ؟ ده ايه ده كمان ؟!!!

تابع منـــذر قائلاً بصرامة شديدة :
-مالوش دعوة باللي يخصها من أملاك وورث ، ده حقها شرعاً وقانوناً !

استشاط فتحي من أسلوبه الحاسم المستفز له ، وصاح غاضباً وهو يلوح بذراعه :
-وانت بتكلم عنها بصفتك ايه فهمني ؟ حاشر مناخيرك معاها وآآآ...

تلك المرة قاطعه الحاج طــــه محذراً بشراسة :
-شوف ، لتاني مرة بأحذرك ، لسانك بيغلط !

زمجر الحاج فتحي هاتفاً بنبرة محتقنة :
-ماهو مش أي هبل هيتقال والسلام وعاوزني أرضى بيه ، أنا مش لابس العِمة وعاوزين تستغفلوني !

هـــدر به منذر بصوت مخيف ومهدد :
-لأ معلش ، أنا مش مجنون قصادك ولا بأقول هري على الفاضي ، ده شرع ربنا ، وحق اليتيمة ، واحنا مش بنيجي لا على حق الولايا ولا اليتامى !

ثم نهض واقفاً من مقعده ، واقترب منه بدرجة مخيفة ليحدجه بنظراته الساخطة ، وتابع قائلاً بحزم يحمل الوعيد :
-واسمع مني الناهية ، هي مش تبقى بنت أخو الست عواطف ، يعني تبعنا ، واللي يدوس على طرف يخصنا ، مالوش دية عندنا !

شعر الحاج فتحي بالرهبة من تهديداته الصريحة ، وابتلع ريقه بتوتر شديد.
لم يتراجع منذر ، وظل باقياً في مكانه ليحدجه بنظرات أكثر شراسة.
هتف الحاج طــه قائلاً بصوت آمر :
-اقعد يا منذر ، واللي طلبته هايتنفذ !

تمتم الحاج فتحي قائلاً بحنق :
-انتو عالم قـــادرة !

رد عليه منـــذر ببرود قاسي :
-بالظبط كده ، وربنا ما يوقعك معانا تاني ويكفيك شر زعلنا ..!

ثم أومــأ له بعينيه ليشير إلى نفسه متابعاً بتحذير شديد اللهجة :
-وخصوصاً أنا !

عـــاد منذر ليجلس على مقعده المقابل له ، وظلت أنظاره القاسية متعلقة به.

استمرت الجلسة لدقائق أخرى لوضع كافة الأمور في نصابها الصحيح ، وما إن انتهت حتى نهض الحاج فتحي على عجالة مردداً بمضض :
-بينا يا حاج اسماعيل ، أنا دمي فاير ومش طايق نفسي !

رد عليه منذر بإبتسامة عابثة متعمداً إستفزازه :
-ما تستنى أما تشرب عناب يا حاج ، صدقني هيهديك !

صـــاح الحاج فتحي بنفـــاذ صبر :
-يالا يا حــــاج !!

تنهد بعدها منـــذر بعمق وهو يتابعه بنظراته المتشفية وثغره يعلوه ابتسامة منتصرة حتى انصرف تماماً من المقهى.
......................................

رتبت عواطف غرفة ابنتها الصغرى بسمة لتكون ملائمة لأسيف لتمكث بها بمفردها خلال الفترة القادمة ، ومن أجل اعطائها مساحة من الخصوصية أثناء وجودها معها فلا تشعر بالحرج أو الخجل منها أو من ابنتيها.
شكرت الأخيرة عمتها قائلة بتهذيب متلعثم :
-كتر خيرك ، أنا .. أنا آآ..

وقبل أن تكمل جملتها المترددة قاطعتها عواطف هاتفة بلطف :
-انتي هاتشكريني على ايه ؟ ده واجبي يا بنتي ، ارتاحي انتي بس دلوقتي ، ولو عوزتي أي حاجة ناديني ! ماشي يا بنتي ؟

ثم احتضنتها بود ، وقبلتها من وجنتيها ، ومسحت على صدغها وهي تبتسم لها.
بادلتها أسيف ابتسامة باهتة وقد لمعت عيناها بدرجة كبيرة.

أشـــارت لها عواطف بيدها متابعة :
-نامي يا بنتي ، وأنا هاجيبلك بيجاما من بتوع بسمة تغيري فيها

اعترضت أسيف قائلة بخجل :
-مافيش داعي ، أنا آآ.. أنا هدومي سيباها في اللوكاندة وآآ..

ردت عليها عواطف بإبتسامة مطمئنة :
-انتي بنتي دلوقتي ، فمتشليش هم أي حاجة ، ارتاحي بس ، ومتقلقيش ، أنا معاكي ومش هاسيبك !
...............................

بعد لحظات خرجت هي من الغرفة تاركة إياها بالداخل ، فأسرعت بسمة نحوها قائلة بتذمر وهي تنفخ بصوت مسموع :
-ذنبي ايه أطلع من أوضتي عشان دي !

رمقتها عواطف بنظرات مزعوجة من أسلوبها الفظ ، وردت عليها معاتبة إياها بغلظة :
-دي اللي مش عجباكي تبقى بنت خالك ، وهي هاتفضل معانا هنا !

زاد احتجاج بسمة وهي تضيف بسخط :
-يا سلام ، يعني هي تيجي وتتبغدد على حسي ، اشمعنى أوضتي أنا ؟!!!!

ردت عليها أمها بتهكم وهي تشير بيدها :
-أنيمها في المطبخ عشان ترتاحي

كتفت بسمة ساعديها أمام صدرها ، وردت بتبرم :
-لأ ، بس مش في أوضتي ! انتي عارفة إن أنا مش برتاح في نومتي مع حد !

بررت عواطف تصرفها قائلة :
-اعتبريه وضع مؤقت ! بعد كده هاخليها تنام معايا !

غمغمت بسمة مع نفسها بإزدراء :
-أه موت يا حمار ، وأنا أتسوح لحد ما ده يحصل !

رمقتها عواطف بنظرات متأففة ، ثم تجاهلتها وتعمدت عدم الرد عليها تاركة إياها باقية في مكانها لتتجه نحو المطبخ.
لحقت بها بسمة متابعة بإلحاح :
-ماقولتليش هاتعملي ايه ؟

ردت عليها عواطف بضيق :
-بطلي زن فوق دماغي وخليني أعمل لقمة للغلبانة دي !

زفرت بسمة قائلة بسخط :
-ماشي يا ماما ، براحتك !

ثم تركتها وانصرف من المطبخ وهي تبرطم بكلمات متذمرة.
هزت عواطف رأسها مستنكرة جمود ابنتها ، وتنهدت قائلة بعشم :
-ربنا يهديكي يا بنتي ويحنن قلبك عليها ........................................... !!

..........................................



noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 18-11-17, 03:26 PM   #200

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الخامس والعشرون :

سحب الميكانيكي جسده بحرفية معتادة من أسفل السيارة المصفوفة عند ورشته ، ثم نهض واقفاً على قدميه ومسح كفي يده في المنشفة البالية الممسك بها.
التفت نحو صاحبها ليستطرد حديثه بجدية :
-سيبهالي يومين يا ريس منذر وأنا هاظبطلك كل اللي فيها

نفخ منذر بضيق كبير ، ودس يديه في جيبي بنطاله ، ورد عليه بامتعاض:
-أنا محتاجها ، ورايا شغل وماستغناش عنها

رد عليه بنبرة عملية وهو يشير بيده :
-عارف يا ريسنا ، بس هي متبهدلة على الأخر ، ده غير الإزاز اللي هايغيره والفوانيس اللي ورا والكابوت عاوز يترد وآآ...

قاطعه الأخير قائلاً بضجر وهو يخرج يديه من جيبيه ليضعهما على منتصف خصره :
-طب شوف المناسب وانجز على طول !

هز الميكانيكي رأسه بإيماءة واضحة وهو يرد :
-أوامر يا ريس منذر !

دس يده مرة أخرى في جيب بنطاله الخلفي ليخرج حافظة نقوده ، ثم سحب مبلغاً مالياً منها ، وطواه في قبضته.
دنا من الميكانيكي وأعطاه له قائلاً بجمود :
-خد دول دفعة تحت الحساب !

تناوله الميكانيكي منه ، ووضعه سريعاً في جيب أفروله الكحلي الداكن ( بدلة عمله ) ليردد بحماس وقد اتسع ثغره :
-متشكرين يا ريس منذر !

اقترب منهما عامل أخر بالورشة قائلاً بجدية وهو ممدد يده بكيس بلاستيكي :
-يا أسطا ، الحاجات دي كانت على الكرسي اللي قدام !

-هاتهم يا واد !
قالها الميكانيكي وهو يأخذ الكيس منه ، فقد قـــام الأخير بتفتيش السيارة من الداخل ليتأكد من خلوها من أي مقتنيات شخصية ثمينة تخص صاحبها في حال تركها عند الورشة للإصلاح حتى لا تفقد ، فوجد ذلك الكيس بها.

استدار ليواجه منذر الذي بدا مندهشاً كثيراً ، فقد تناسى رغماً عنه إعطاء ابنة ريــاض متعلقات والدتها ، وظلت باقية معه في سيارته منذ أن استلمها من المشفى.
قطع شروده صوت الميكانيكي وهو يردد :
-اتفضل يا ريس منذر !

أمسك بالكيس البلاستيكي في يده ، وأضــاف بجدية :
-هاعدي عليك كمان يومين ولو خلصت قبلها كلمني !

رد عليه الميكانيكي بصوت مرتفع :
-حاضر !

لوح له منــذر بكف يده وهو يودعه قائلاً :
-سلامو عليكم !

أجابه الأخير بصوت نخفض نسبياً :
-وعليكم السلام

ســــار منــــذر للأمام متطلعاً إلى الكيس بإهتمام ، ثم رفع رأسه ليحدق أمامه محدثاً نفسه بضيق بائن على ملامحه :
-مجاش في بالي خالص أديها الحاجة بتاعة أمها !

نفخ بصوت مسموع وهو يكمل حديث نفسه :
-بكرة أبقى أعديهم عليها مع أي حد من الوكالة !
....................................

مط مــــازن ذراعيه في الهواء ، ثم طقطق فقرات عنقه بيده بعد أن أنهك نفسه كثيراً في العمل ليتأكد من إتمام المطلوب في طلبية الطعام.
انتبه لإهتزاز هاتفه المحمول الذي كان موضوعاً على الوضعية الصامتة ، وبدا متأففاً وهو يقرأ بعينيه الاسم الظاهر على الشاشة.

تكرر الإتصال مرة أخرى فأجاب عليه قائلاً باقتضاب :
-خير يا ولاء

ردت عليه بتساؤل روتيني :
-مش ناوي تيجي ؟

زفــــر بعمق وهو يقول بعبوس :
-لأ ! عندي شغل !

سألته بدلال محاولة التأثير عليه لإثناءه عن قراره بالبقاء في العمل :
-يعني مش هاتتعشى معايا ، ده أنا مجهزالك عشا هيعجبك أوي !

عنفها قائلاً بقسوة :
-ولاء حلي عن دماغي ، أنا ورايا هم أد كده !

انزعجت كثيراً من رده الفظ ، وهتفت بنبرة متعصبة :
-أوكي ، براحتك

أنهى المكالمة معها ملقياً الهاتف على سطح مكتبه ، ثم غمغم مع نفسه بتذمر :
-هو أنا ناقص خانقة !
....................................

جلست ضامة ركبتيها إلى صدرها ، ومحاوطة كلتاهما بكفيها ، ثم إتكأت برأسها عليهما لتبكي بمفردها بأنين خفيض.
ظلت أسيف ترثي والدتها الراحلة بكلمات مبهمة.
أجهشت ببكاء أشد ، ودفنت رأسها في حجرها متحسرة على رحيلها المفاجيء عقب وفاة أبيها تاركين إياها تواجه مصيراً مجهولاً .
أغمضت عيناها قهراً ، فلا تزال صورتهما وضحكاتهما عالقة بذاكرتها.

سمعت هي صوت دقات خفيفة على باب الغرفة، فأسرعت بفك كفيها المتشابكين ، وتمددت على الفراش مدعية النوم. دثرت نفسها بالغطاء ، وكفكفت عبراتها سريعاً كي لا ينكشف أمرها.
لم يكن بها أي رغبة بالحديث أو مشاركة مشاعرها مع أي شخص.
بقيت ساكنة تماماً ، وضبطت أنفاسها لتبدو منتظمة وكأنها في سبات عميق.
استطاعت أن تسمع صوت تلك الخطوات الخافتة المتسللة إليها ، وحافظت بمهارة على ثباتها حتى ظنت المتواجدة بالغرفة أنها نائمة.
شعرت بتلك اللمسة الحنون على جبينها ، وتلك القبلة المطمئنة أعلى رأسها.
همست لها عواطف بحب :
-ربنا يعينك يا بنتي على اللي جاي ويفرح قلبك ، ويعوضك كل خير

انحنت مجدداً لتقبلها ، ثم عدلت من وضعية الغطاء عليها ، وتركتها وانصرفت.
أخرجت أسيف تنهيدة عميقة من صدرها ، وأكملت بكائها الصامت.
.........................................

علقت جليلة جلباب زوجها على المِشْجَب ( الشماعة ) بعد أن نفضته ، والتفتت لزوجها لتهتف بإعجاب :
-والله ما يجيبها إلا رجالها !

ناولته لباسه المنزلي قائلة بإمتنان :
-تسلم يا حاج ، دايماً كده نصير المظلوم

رد عليها طـــه بصوت آجش :
-ماهو اللي زي ده كان عاوز اللي يقفله ويربيه

وافقته الرأي قائلة بجدية وهي تضع حذائه أسفل التسريحة :
-عندك حق !

أضــــاف طه قائلاً بصوت مزعوج وهو يشير بكف يده :
-ماهو مكانش ينفع أسكتله ، ده جاب سيرة عواطف ، وهي تمسني بردك !

عادت جليلة لتقف إلى جواره ، وأمسكت بعكازه الخشبي وهزته بحركة عفوية وهي ترد بتلقائية :
-اه مظبوط !

ثم تحركت عدة خطوات للأمام لتسنده إلى جوار خزانة الملابس قائلة بتشجيع :
-واللي يتساهل مرة في حقه يستحمل اللي هيجرى !

أشـــار لها طـــه بكف يده قائلاً بصوت آمر :
-قومي جهزيلي لقمة لأحسن واقع على الأخر !

التفتت برأسها نحوه راسمة إبتسامة سعيدة على ثغرها ومرددة بتلهف :
-أحلى عشا يا أبو منذر !

تأوه بأنين خفيض وهو ينحني ليفرك باطن قدمه قائلاً :
-آآه يا رجلي ، محتاج أدهنها بمرهم ولا أي بتاع !

اقتربت منه مقترحة بإهتمام كبير :
-أعملك مياه وملح تحط فيهم رجلك ؟ هاينفعوك يا حاج !

حرك رأسه بالإيجاب موافقاً :
-ماشي يا جليلة ، هاتيهم !

ردت بتلهف :
-على طول أهوو !

ابتسم لها زوجها قائلاً بإمتنان :
-ربنا يخليكي ليا ، ست أصيلة !

ضحكت في وجهه وأسرعت في خطواتها لتعد له وعاءاً بلاستيكياً مليئاً بالماء والملح لتخفف عنه آلام قدميه.
.......................................

في صباح اليوم التالي ،،

كان يغط في نومه بإرتياح حتى بدأت تعابير وجهه في التشنج قليلاً بسبب ذلك الرنين المتواصل لهاتف ما.
استعاد وعيه نوعاً ما ، لكنه لم يستيقظ كلياً.
في البداية ظن منـــذر أنه يحلم ، وأن صوت الهاتف ضمن حلمه الغير مفهوم ، فلم يهتم ، وقـــاوم نداء عقله بالإستيقاظ والانتباه.
لكن مع تكراره ، أفاق تدريجياً من نومه.
مــد يده نحو الكومود محاولاً البحث عنه والإمساك به لوقف صوته المزعج ، لكنه لم يجده ، فرفع رأسه مجبراً عن الوسادة ليبحث عنه بعينين ناعستين.
دقق النظر بنصف عين مفتوحة ، ولكن لا شيء..
كان الرنين أتياً من مكان أخر.
فرك وجهه بكفه ، وتثاءب بصوت مسموع ، ثم رمش بعينيه لأكثر من مرة ليعتاد على الإضاءة الخافتة بغرفته.
تكرر الرنين ، فانتصب في نومته ، وإشرأب بعنقه للأعلى مديراً رأسه للجانب.
تحركت عيناه صوب التسريحة حيث ذلك الكيس البلاستيكي.
كان الصوت أتياً منه ، فتأكد أنه يخص هاتف المرحومة حنان.
تثاءب مرة أخرى بإرهاق ، ثم أزاح الغطاء بعيداً عنه ، ونزل عن الفراش ليخرجه من الكيس.
فرك فروة رأسه بكف يده عدة مرات وهو يدقق النظر في شاشته الصغيرة – ذات الإضاءة البرتقالية – ليرى رقماً غريباً صادحاً عليها.
ضغط على زر الإيجاب قائلاً بصوت متحشرج:
-الو ..

أتاه صوتاً أنثوياً هاتفاً بنعومة رغم جديته :
-مع حضرتك فندق (( .... )) ، ده رقم السيدة حنان ؟

أجابها بإختصار :
-اه هو ..

استأنفت حديثها قائلة بنبرة رسمية :
-طب حضرتك احنا بنسأل عنها ، المفروض كانت عاملة حجز عندنا هي وبنتها ، بس بقالها كام يوم مش ظاهرة ، والمفروض تعمل check out !

توقف عن فرك رأسه مجيباً إياها بتجهم :
-الست حنان تعيشي انتي !

اضطربت نبرة الموظفة بعد تلقيها لهذا الخبر الصادم ، وهتفت معتذرة :
-أنا أسفة جداً يا فندم ، البقاء لله !

رد عليها بصوت متحشرج:
-الدوام لله ، متشكر !

زاد ارتباكها وهي تتابع مبررة موقفها :
-أنا .. انا معرفش ، ومحدش بلغ إدارة الفندق !
-عادي ، حصل خير !
قالها منذر على مضض محاولاً إنهاء الحديث معها ، لكنها أكملت مكالمتها مضيفة بجدية :
-طب يا فندم بالنسبة للمتعلقات الخاصة بالمرحومة وباقي الحساب ، احنا محتاجين حد يجي يستلم الشنط ويوقع الأوراق ، ويدفع الـ آآ...

بالطبع أدرك أن عليه أن يحل تلك المسألة العالقة فوراً ، فالموظفون بتلك الفنادق دومًا يحاولون إنجاز أعمالهم بصورة رسمية ، لذا قاطعها قائلاً بنبرة حاسمة ودون الإطالة في التفكير :
-أنا هاجي عندكم أخلص كل حاجة !

ردت عليه الموظفة بهدوء :
-تمام يا فندم ، في انتظار حضرتك ، بس ممكن أسجل اسمك عشان الاجراءات !

أجابها بنفاذ صبر :
-منذر طه حرب !

تابعت مجاملة بنفس النبرة المعتادة في عملها :
-شكراً ليك أستاذ منذر ، وفي انتظارك في أي وقت ، ومرة تانية بأكرر تعازيا الحارة للمرحومة !

رد عليها بإيجاز وقد زاد عبوس وجهه :
-العفو !

ضغط على زر الإنهاء ، وتطلع أمامه بنظرات فارغة ، ثم حدث نفسه بضجر وهو يضغط على شفتيه :
-الظاهر إتكتب عليا أخلص كل حاجة تبع عيلة خورشيد !
.............................

شعرت بلمسة رقيقة تداعب وجهها لتسحبها إلى أرض الواقع بعيداً عن أحلامها الحزينة.
ظلت تفتح وتغمض جفنيها بحركة عفوية وهي تحاول الاستسلام لسلطان النوم الذي كان يجافيها طوال الليل.
أوقظتها عمتها عواطف بصوت دافيء قائلة بود وابتسامتها الحنونة لم تفارق شفتيها :
-اصحي يا أسيف ، فوقي يا حبيبتي عشان تفطري معانا

ردت عليها أسيف بصوت متثاقل وناعس للغاية :
-مش عاوزة

مسدت عواطف على رأسها برفق قائلة :
-لا مافيش حاجة اسمها مش عاوزة ، انتي دلوقتي في بيتك تقومي تاكلي وتشربي براحتك ، وأنا مش هاسيبك كده هفتانة !

ردت عليها أسيف معتذرة بتهذيب :
-معلش ، ماليش نفس !

ألحت عليها عواطف بإصرار أكبر :
-ده أنا عاملة فطار تاكلي صوباعك وراه ، قومي اغسلي وشك ويالا يا بنتي ، ده بنات عمتك مستنينك !

تذكرت أسيف تلك الشابتين اللاتين قابلتاها بفتور ممزوج بالإنزعاج.
تجدد في نفسها الإحساس بعدم الترحيب بالمنزل ، فردت بنبرة حرجة :
-بلاش أضايقهم بوجودي ، كـ.. كفاية اني أخدت أوضة آآ...

قاطعتها عواطف قبل أن تكمل جملتها قائلة بجدية :
-تضايقي مين ، هما بس لسه مش واخدين عليكي !

ثم ابتسمت أكثر وهي تكمل بنبرة ودودة :
-بس أما هاتعرفيهم هتحبيهم والله ، وبعدين البت بسمة رغم لسانها الطويل إلا ان قلبها طيب وتتحب !

أزالت عنها الغطاء قليلاً لتشجعها على النهوض :
-يالا يا بنتي ، والله هتتبسطي معانا ، قومي يالا

في الأخير اضطرت أسيف أن تلبي رغبة عمتها ، فلن تبقى في الفراش للأبد. عليها أن تختلط بعائلتها الجديدة.
........................................

استقل منذر سيارة أجرة ليصل إلى الفندق المنشود.
لم تكن المسافة بعيدة ، فقد كان قريباً من منطقته الشعبية.
توقف السائق أمام المدخل ، فترجل هو منها واتجه للإستقبال ليقول للموظفة المتواجدة خلف الطاولة الرخامية العالية بجدية :
-كان جالي تليفون من اللوكاندة هنا يقولي أستلم حاجة المرحومة حنان !

ســألته الموظفة بنبرة عملية وهي تحدق فيه بتفرس :
-أستاذ منذر طه ؟

أجابها بجدية دون أن تطرف عيناه :
-اه أنا

أسندت أمامه على الطاولة عدة أوراق وقلم حبري قائلة بهدوء :
-اتفضل حضرتك ، أنا مجهزة كل حاجة ، ناقص بس دفع باقي التكاليف ، وحضرتك هتطلع بعدها مع العامل للأوضة تستسلم المتعلقات الشخصية

لوى ثغره ليقول بجمود :
-ماشي

ثم هتفت الموظفة بصوت مرتفع وهي تشير بيدها لأحد العاملين :
-عمـــاد ، من فضلك اطلع مع الأستاذ منذر أما يخلص توقيع الورق لأوضة رقم (( ... ))

رد عليها العامل بنبرة مطيعة :
-حاضر يا آنسة
.................................

بعد برهـــة ، استقل منذر المصعد ليصل إلى الطابق المتواجد به الغرفة السابقة للنزيلة حنان.
جـــاب هو الرواق بنظرات عمومية شاملة دارساً لتفاصيله.
لم يكن الفندق على قدر من المستوى ، لكنه كان ملائماً للطبقة المتوسطة ، وأسعار غرفه نوعاً ما زهيدة.
سبقه العامل بخطوتين ليفتح الباب له قائلاً بترحيب متقن :
-اتفضل يا فندم ، دي الأوضة !

هز رأسه بإيماءة خفيفة وهو يرد :
-طيب ..

أشـــار له العامل بذراعه متابعاً :
-الحاجة زي ما هي يا فندم ، محدش جه جمبها !

رد عليه منذر بتنهيدة وهو يدور ببصره في أرجاء الغرفة متفقداً محتوياتها :
-ماشي ، أنا هاجمعهم !

اقترح العامل مد يد العون له قائلاً بتهذيب :
-لو تحب أساعد سيادتك آآ....

قاطعه منذر باقتضاب وهو يخرج له حفنة من البقشيش ليعطيها له :
-مافيش داعي !

اعتلى ثغر العامل ابتسامة سعيدة للغاية بعد تلقيه لهذا المبلغ ، وهتف قائلاً بحماس :
-شكراً يا فندم ، أنا واقف برا لحد ما حضرتك تخلص أنزلك الشنط لتحت !

هز منذر رأسه قائلاً بتفهم :
-طيب

انتظر هو حتى انصـــرف العامل من الغرفة ثم وقف في منتصفها ينظر بحيرة حوله وواضعاً ليديه على منتصف خصره.
نفخ مجدداً بضيق وهو يحدث نفسه :
-دايماً بأتحط في مواقف عجيبة مع العيلة دي !
.......................................

عبست نيرمين بوجهها للغاية حينما رأت والدتها مقبلة عليها بعد أن طـــال تواجدها بغرفة أختها بسمة لتوقظ ابنة خالها التي ظهرت لها من العدم.
هتفت بتهكم قاسي وهي تطرق بأصابعها على سطح طاولة الطعام :
-صحي النوم ، احنا هانموت من الجوع ، وفي ناس ولا على بالها !

رمقتها أمها بنظرات حادة وهي توبخها :
-بطلي نأرزة يا نيرمين ، ما انتي كل يوم بتصحي العصر ، ماجتش من 5 دقايق يعني اتأخرت فيهم !

انزعجت نيرمين من عدم اكتراث والدتها بها ، فصاحت معاتبة بشدة :
-جرى ايه يا ماما ، هو انتي هتقفي في صفها من دلوقتي ؟ احنا بناتك ؟!!!!!

ردت عليها عواطف بنبرة جادة وقد قست نظراتها :
-وهي بنت المرحوم أخويا رياض ، يتيمة ومعدتش ليها حد إلا احنا ، يا ريت تفهمي ده !!

احتجت نيرمين على أسلوبها ، وردت قائلة :
-بس آآ...

رفعت عواطف كف يدها في وجهها وهي تقاطعها بحدة قليلة :
-من غير بسبسة ، عاملي البت كويس يا نيرمين بدل ما أقلب على الوش التاني

رمقت نيرمين والدتها بنظرات ضائقة ، وتمتمت مع نفسها بسخط وبصوت خفيض :
-مابقلهاش يوم في البيت وشقلبت حال أمي ! اومال لو اعدت معانا أكتر من كده هاتعمل ايه ؟!!!!

التفتت عواطف برأسها لتجد أسيف تتحرك ببطء نحوهما ، كانت تقدم قدماً وتؤخر الأخرى وهي تسير بتردد ظاهر للعيان.
هتفت عمتها قائلة بتشجيع :
-تعالي يا أسيف ، دي نيرمين بنتي الكبيرة ، انتي شوفتيها قبل كده ، في المستشفى ساعة آآ..

قاطعتها أسيف بحرج قليل :
-أها ، فكراها !

ثم استدارت برأسها نحوها لتهمس بصوت خجل وهي تحاول الابتسام :
-صباح الخير

ردت عليها نيرمين بنبرة متجهمة :
-أهلاً !

ثم أشاحت بوجهها بعيدة عنها متجاهلة إياها عن عمد ، وأكملت ببرود:
-مش هناكل بقى ، ولا هنفضل نسلم ونرحب ببعض كتير !

نظرت لها عواطف شزراً ، وهمست بصوت مزعوج من طريقتها الجافة في التعامل معها :
-استغفر الله العظيم يا رب

التفتت مجدداً نحو ابنة أخيها ، وربتت على ظهرها قائلة بنبرة مرحبة :
-اقعدي يا أسيف ، مدي ايدك يا بنتي وكلي

جلست الأخيرة على إستحياء على الطاولة ، وتحاشت النظر إلى نيرمين ، فهي تفهمت شعورها نحوها ، ولن تجبرها على تقبل وجودها.
تعلقت أنظارها بصحن الطعام الموضوع أمامها ، وبدت حرجة للغاية وهي تلتقط لقيمات صغيرة من الخبز..

صاحت عواطف بنبرة متلهفة :
-إن شاء الله الأكل يعجبك !

ثم وقفت إلى جوارها ، وصبت لها الشاي الساخن في قدحها ، وتابعت متساءلة بإهتمام :
-قوليلي تحبي أعملك ايه على الغدا ؟

هزت رأسها نافية وهي ترد بصوت متلعثم :
-ولا حاجة ، ماتتعبيش نفسك !

قطبت عواطف جبينها ،وردت مستنكرة :
-تعب ايه بس ، احنا بنطبخ كل يوم يعني مافيش جديد ، بصي النهاردة أنا هاعملك فراخ وبطاطس وخضار وآآ...

اتسعت حدقتي نيرمين مشدوهة من ذلك الحماس العجيب الذي سيطر على والدتها وكأن من تسكن معهن هي سفيرة أتت من الخـــارج ، فشهقت مصدومة :
-الله الله ! دي وليمة بقى !

سلطت عواطف أنظارها الحادة عليها ، وردت بحماس أكبر لتثير غيظها :
-اه وليمة وإن كان عاجبك ، هو أنا عندي أعز من بنت رياض !

ثم مسحت على ظهرها بنعومة لتستفزها أكثر.
كزت نيرمين على أسنانها بحنق ، ونفخت بصوت يصل إلى الآذان معلناً عن غضبها مما يحدث.

انتبه ثلاثتهن إلى صوت قرع الجرس ، فأشارت عواطف بعينيها لابنتها قائلة :
-قومي شوفي مين !

ردت عليها نيرمين بتبرم :
-أكيد مش بسمة ، هي في مدرستها وده مش ميعاد خروجها !

أضافت والدتها قائلة بتعنيف خفيف :
-قومي افتحي الباب يا نيرمين ، اتلحلحي يالا !

زفرت بضجر وهي ترد :
-أوف ! طيب قايمة !

اتجهت نحو الصــالة ، وسحبت ذلك الحجاب المنزلي - والذي يُرتدى عند الحاجة – من على ظهر الأريكة ، ولفته بلا ترتيب حول رأسها ، واتجهت نحو الباب ..

فتحته لتجد منــذر أمامها واقفاً على عتبة منزلها فحدقت فيه بإستغراب.
لم تنتبه إلى الحقائب التي بحوزته والمسنودة إلى جوار قدميه ، فقد كانت أنظارها معلقة به.
لكنها سريعاً ما أخفضت بصرها عنه حينما قال بصوت رخيم :
-سلامو عليكم !

ردت بترحيب ودود وهي تتنحى للجانب لتفسح له المجال للمرور :
-وعليكم السلام ، اتفضل يا سي منذر !

سمع الاثنان صوت عواطف يأتي من الداخل متساءلاً :
-مين يا نيرمين ؟

أجابتها نيرمين بنبرة عالية وهي تدير رأسها للخلف :
-ده سي منذر ابن الحاج طه !

ردت بصوت مرتفع :
-قوليله يتفضل !

التفتت تنظر إليه قائلة بنبرة لطيفة :
-اتفضل يا سي منذر

وقبل أن يفتح فمه ليعترض رأى عواطف مقبلة عليه هاتفة بصوت متحمس :
-تعالى يا سي منذر ،ده حماتك بتحبك ، أنا لسه بأوضب في الفطار وآآ...

قاطعها قائلاً بجمود وهو يسلط أنظاره عليها :
-لامؤاخذة إن كنت جاي من غير ميعاد !

استغربت من رده ، وقالت بنبرة مجاملة :
-ده بيتك يا سي منذر !

تابع هو قائلاً بنفس الجمود دون أن ترتخي ملامح وجهه :
-إن مكانش فيها إساءة أدب ، عاوز أكلم بنت أخوكي في حاجة مهمة !

انقبض قلبها نوعاً ما عقب عبارته الأخيرة ، وانهالت عليه بأسئلة متتابعة دون أن تترك الفرصة لنفسها لتلتقط أنفاسها :
-أسيف ؟ خير ؟ في حاجة تانية حصلت ؟ قريبها جه تاني ؟

رد عليها باقتضاب :
-لأ

ثم طلب منها بنبرة مُلحة :
-ناديها بعد اذنك !

ارتابت هي من إصراره على لقاء أسيف ، وردت بإرتباك قليل :
-اه طبعاً ، اتفضل خش جوا ، مش هاتفضل واقف على الباب كده !

تحرك خطوتين ليلج للمنزل بعد أن انحنى ليحمل حقائب السفر.

هتفت عواطف بنبرة عالية وهي تتجه للداخل :
-يا أسيف ، تعالي يا بنتي ، سي منذر عاوزك !

نظرت نيرمين بفضــــول كبير إلى تلك الحقائب ، وظلت تفكر في سبب إحضارهم إلى المنزل هنا. لكنها لم تتجرأ على سؤاله.

حضرت أسيف إليه بعد عدة دقائق قضتها في ارتداء اسدال الصلاة الذي استعارته من عمتها.
حدقت فيه بنظرات قلقة وهي تهتف بصوت مرتبك نسبياً :
-سلامو عليكم !

سلط أنظاره الجامدة عليها مردداً بثبات :
-وعليكم السلام

ابتلعت ريقها ساءلة إياه بتوتر ملحوظ :
-في .. في حاجة جدت ؟

اقترب منها ليقف قبالتها، ثم نظر مباشرة في عينيها قائلاً بإيجاز :
-لأ !

ظلت أنظارهما متعلقة ببعضهما البعض لثوانٍ قبل أن ينطق بجمــــود جعل قلبها يخفق بخوف كبير :
-هي حاجة ليها علاقة باللوكاندة اللي كنتوا أعدين فيها إنتي والمرحومة .............................. !!!

...............................................


noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:37 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.