آخر 10 مشاركات
روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          فضيحة فتاة المجتمع الراقي (83) لـ:مورين شايلد (الجزء1 من سلسلة فضائح بارك أفينو)كاملة (الكاتـب : * فوفو * - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          لنجعل اليوم يوم الاعتراف .....؟ (الكاتـب : ميكاسا أكرمان - )           »          لوحة ليست للبيع -ج2 من أهلاً بك في جحيمي- للكاتبة الآخاذة: عبير قائد (بيرو) *مكتملة* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          الطريق المسدود -روبرتا لي -عبير جديدة - عدد ممتاز (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          227- لعنة المال - ريبيكا ونترز (الكاتـب : Fairey Angel - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-11-17, 02:47 AM   #231

Maysan
 
الصورة الرمزية Maysan

? العضوٌ??? » 368562
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 583
?  نُقآطِيْ » Maysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صباح النور والسرور .. صباح الفصول المولعه والصدمات المتتاليه 😭😭😭..منال ربي يسعدك ويكرمك وينولك مرادك ويفتحها عليك .. تسلم يدينك ياااارب .. ربنا يسعدك كمان وكمان والله الروايه بتستحق القراءه والتفاعل ❤❤..

تأخرت بالتعليق على ماشفطت الصدمه ههههههه اعز كبل على قلبي ولعت بينهم والنسخه الجديده من البنت الاسيف وحشه هههههههه .. لكن لما فكرت كذا وجدت انه ربما ضارة نافعه خخخ 😏.. يعني كذا حيتدبسوا في بعض علشان بيأخذوا حقهم من بعض ههههههههههه .. الاسيف ماهي غبيه الاسيف انضغطت ضغوطات جامده المحيط اللي حولها ماساهم في احتوائها في بث شعور الامان والسند شعور الموده والألفه .. الكلمات اللي بتجرحها فيها نيرمين ومن قبل قريب امها وصدمة وفاة والداتها شكلت شخصيه هجوميه شرسه .. لكن للاسف متهوره وليست حكيمه .. واسوأ قرار كان بلاغها عن منذر واتهامه وهي ماعندها دليل !! خوفها من تهديداته الصريحه وخوفها من فقد الدكان هو اللي دفعها للفعل هذا لكن منذر ماراح يسكت وبرأته راح تبان من التهمه خاصه بعد مااتصل بالضباط اللي في الشرطه للاسف الاسيف راح تدفع الثمن غالي !! وصدق حدسي ههههههههه والاسيف خشت على المنذر من اوسع الابواب ههههههههه استحلت عقله وبضرواه وقريبا قلبه 😏.. اللي ريحني انه في جلسته مع نفسه صفح عنها سوء ظنها فيه لانه هو عملها فيها من قبل لكن في حاجه ثانيه يبقاها بمعنى خففت العقوبه حبتين خخخخ والله مخي شطح قلت ممكن يقصد الدكان وبعدها قلت ممكن الاسيف نفسها !!

ارجوا انه الشخصيه هذا مؤقته لانه الواضح لي انها كذا .. نيرمين كانت السبب في ثورة بركان الاسيف وتحولها الشرس ..الاسيف ماهي ناكره للجميل ابدا لكن مشوشه وانا اعتقد انها راح ترد الجميل له بطريقه او بآخرى ممكن في موضوع انتقام مجد !!! ..

نرمين تخطط على كبير هههههههه والله شكيت فيها من الفصل اللي فات لما رمت حكي على اسيف ولحقت منذر .. ريحي نفسك .. المنذر عرف معدنك ايش ؟! وبعد الهوشه الكبيره وكلامه لعواطف والبلاغ لو وصل لجليله والحاج طه حيقطع عليها الطريق .. لانه اسيف ماراح تتحاسب لوحدها حيسابوا عائلة خورشيد كلها 😌.. والله بدأت اشك انه هي السبب في طلاقها من زوجها القديم لسانها الطويل وغيره ..

للمره الثانيه ولاء بتخدع دياب !! انا حقيقة ماافهم في الامور القانونيه لكن اعتقد انه ممكن الحركة اللي عملتها شاديه وبنتها في اخذ الطفل بالطريقه هذا والهرب لمكان مجهول يضر بموقفهم في الحضانه ؟! الدكان ماعدش ليه لزوووم لانه الحرب رجعت للعائلتين بمعرفة دياب زوج ولاء مين ؟ الاكيد انه حيتهمه في مشروع اختطاف ابنه ماهو له سوابق في خطف اروى ؟! وخروج مجد وانتقامه اتوقع راح نشوف فصول ناااار ههههههههه .. انا شاكه في الشويش اللي كان بيتكلم مع مجد يكونش اسمه ماكنش مدرج وهو اللي ادرجه !! لكن تراجعت عن الفكره هههههههه لانه تذكرت حدث سابق بينفي فكرتي المجنونه 🙄.. الشاويش هذا اعتقد انه راح يكون له دور بطريق غير مباشر بالانتقام من منذر هو والشخص اللي معه بالزنزانه لو خرج !!

ولاء بكره الشخصيه هذا بالروايه هي وامها ومجد ومازن .. ايوا وبرضوا نيرمين ههههههههههههه .. مااعرف ايش القصد من حركتها بإظهار مفاتنها له !! هل هي رغبه منها في معرفة مدى تأثيرها على دياب ليداعب الغرور داخلها لو كان كذلك او هي مازالت تحمل لدياب مشاعر مخفيه ؟! طيب لو كان كذا ليه اتزوجت مازن ؟! هل هي الرغبه بالانتقام او المال او الاثنين ؟!

الفصول هذا مارحمت فيها غير عواطف من جد مسكينه ربنا يكون في عونها .. دياب مااعتقد ابدا انه راح يكمل مشواره هو خارج وبسمه صاعده يعني هو اللي راح ينقذها ويفرغ غضبه بالشاب .. موضوع دياب يحتاج حكمه وصبر وحنكه مو تسرع وغضب راح يخسر نفسه لو تهور ويخسر طفله ..

زهره يا زهره ماراح تحلقي تتهني بالفلوس الحرام اللي معك .. اتمنى يكون بالممرات كاميرات مراغبه .. الاكيد انه ماحدا دخل الغرفه الا هي قبل منذر .. حتى بالتحقيق والاستجواب يعني وقعت سوده !!

ربنا يعطيك الصحه والعافيه والقوه .. بإنتظااااار القااادم بشووووق 🌹❤..


Maysan غير متواجد حالياً  
التوقيع




رد مع اقتباس
قديم 30-11-17, 12:17 PM   #232

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي




عدنا والعود احمد ومع مسابقة جديده بمناسبة المولد النبوي
شرفوني بمشاركتكم معي في مسابقة ولد الهدى
https://www.rewity.com/forum/t397188.html


um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
قديم 01-12-17, 09:39 AM   #233

Mohamed zedan

? العضوٌ??? » 392555
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 7
?  نُقآطِيْ » Mohamed zedan is on a distinguished road
افتراضي الرواية رووووعة

تسلم ايدك
الرواية روووووعة ومن نجاح لنجاح بإذن الله


Mohamed zedan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-17, 09:42 AM   #234

Mohamed zedan

? العضوٌ??? » 392555
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 7
?  نُقآطِيْ » Mohamed zedan is on a distinguished road
افتراضي رواية قمة الروعة

تسلم ايدك يا احلى كاتبة

Mohamed zedan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-17, 09:48 AM   #235

Mohamed zedan

? العضوٌ??? » 392555
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 7
?  نُقآطِيْ » Mohamed zedan is on a distinguished road
افتراضي رووووووعة

الرواية قمة الروعة

Mohamed zedan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-17, 09:51 AM   #236

Mohamed zedan

? العضوٌ??? » 392555
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 7
?  نُقآطِيْ » Mohamed zedan is on a distinguished road
افتراضي رواية قمة الروعة

تسلم ايدك يا قمر

Mohamed zedan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-17, 12:34 AM   #237

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الحادي والثلاثون :

خرجت من المخفر وهي تسير بغير هدى محاولة التفكير في طريقة تفتح بها قفل الدكان الصدأ ، خاصة أن ما معها من أموال لا يكفي بالكاد إلا أجرة حرفي صغير .
هداها عقلها إلى سؤال أحد المارة عن ورشة قريبة للنجارة حتى تستعين بأحد الصبيان العاملين بها لإتمام تلك المهمة بما معها من أموال..
تلفتت حولها متأملة أوجه الناس بشرود.
ترددت في فعل هذا ، فقد كان العبوس واضحاً على أغلبهم.
تنهدت بحيرة ، وحركت أنظارها في الإتجاه الأخر، وقعت عيناها على أحد كبار السن الجالسين أمام محل بقالته ، فعقدت العزم على سؤاله هو .
اتجهت نحوه ، وسألته بإرتباك يشوب نبرتها :
-سلامو عليكم يا حاج ، متعرفش محل نجار قريب من هنا

تفرس الرجل في وجهها بنظرات دقيقة ، ثم أجابها بصوت متحشرج من أثر التدخين وهو يشير بيده :
-وعليكم السلام ، في بعد شارعين ورشة الحاج زقزوق !

نظرت إلى حيث أشار ، وردت عليه ممتنة :
-شكراً يا حاج !

أسرعت في خطاها وهي متحمسة لإنجاز ذلك الأمر.
......................................

ركضت مهرولة إلى داخل غرفة نومها باحثة عن هاتفها المحمول لتتصل بزوجها فتخبره بتلك الكارثة الوشيكة.
كانت كالمغيبة وهي تحاول تذكر أين أسندته.
صاحت لنفسها بقلق كبير وهي تزيل الوسادة لتنظر خلفها :
-راح فين الزفت ده ؟ ما أنا بأسيبه هنا على طول !

لم يخطر ببالها أن صغيرتها قد أخذته – دون علمها - من غرفتها لتلهو بأحد الألعاب المحفوظة عليه في شرفة حجرتها الخاصة.

جلست أروى بإسترخاء على المقعد ، وقامت بتشغيل تلك اللعبة قائلة بحماس :
-أما أقفل الليفل ده كمان وأخد الجايزة !
..............................................

كمم فمها بقبضته محاولاً منعها من الصراخ ولفت الأنظــــار إليه. فقد أراد أن يتلذذ بإختطاف لمسات محرمة منها – رغماً عنها - قبل أن يُكشف أمره.

اتسعت حدقتي بسمة بفزع كبير حينما أدركت حجم الخطر الوشيك المحاوط بها.
استجمعت كل قوتها لدفعه والنجاة بنفسها من براثن ذلك الشاب الوضيع، لكنه كانت تحت تأثير المخدر ، فبات أكثر إندفاعاً وقوة وشهوانية حيوانية.
وأثناء مقاومتها له مــزق جزءاً من ثيابها ، فاستمتع أكثر بما يفعله.
حالة من الهياج والعصبية سيطرت عليها ، فلن تكون فريسة سهلة المنـــال لذلك المغيب عن الوعي.
استخدمت أظافرها في خدشه ، ودفعه عنها ، لكنه كان يثبط محاولاتها على الدوام.
نزع عنها حجاب رأسها كاشفاً عن شعرها ، فزاد هلعها منه.
لم تتمكن إلا من الصراخ بصوت مكتوم

انتبهت والدة ذلك الشاب الغير مدرك لأفعاله العابثة لصوت صراخ يأتي من الخـــارج ، فأنهت صلاتها على الفور ، ونهضت بجسدها المترهل عن مصليتها لتتجه نحو الباب .
فتحته على مصرعيه لتتفاجيء بذلك المشهد المخزي.
شهقت مفزوعة لاطمة على صدرها ، ومرددة بصدمة :
-يا نصيبتي ، بتعمل ايه موكوس !

لم يعبأ الشاب بتعنيف والدته وظهورها أمامه ، فقد كان في حالة منتشية للغاية بفعل المخدر الذي تعاطاه وجعله يبلغ ذروة مجونه العابث.

نظرت بسمة لأمه محاولة استجدائها لإنقاذها تواً منه ، لكنها كانت كمن ضربت رأسه بصاعقة مباغتة ، فتحولت نظراتها للإستنكار والذهول حينما سمعتها تقول :
-ناوي تفضحنا في العمارة ، اوعى كده خليني أتصرف ! هو أنا ناقصة جُرس !

رد عليها ابنها بنبرة ثقيلة :
-مش قادر !

كزت الأم على أسنانها قائلة بحنق :
-داهية تاخدك ، حاسب كده !

وبصعوبة بالغة تمكنت من ابعاد جسده نسبياً عن بسمة لتتمكن هي من الإمساك به التي تجمدت أنظارها عليها.
صاحت الأم في ابنها موبخة إياه :
-ابعد شوية ، مش عارفة أمسكها عدل !

نظر لها الشاب بتأفف مردداً بنبرة غير واضحة :
-أنا عاوزها الأول ، جرى آآ..

قاطعته الأم قائلة بإشمئزاز بارز على محياها :
-جتك نيلة ، مش هنا يا مفضوح ! ابعد انت وسيبني أشوف شغلي !

استنكر الشاب إصرار والدته على إفساد مخططه قائلاً بترنح :
-كده بردك يامه

خبت قوة بسمة نسبياً من هول المفاجأة ، لقد فهمت مقصد تلك السيدة ، هي تريد إدارة الدفة نحوها ، وتحويل المسألة إلى كونها أمسكت بفتاة ساقطة تعبث مع ابنها في منزله بدون علم أهله .
شهقت بصراخ مكتوم عندما وجدتها تغرز أصابعها في فروة رأسها لتهزها بعنف منها وهي تقول بصوت هادر:
-تعالوا يا ناس اتفرجوا !

تأوهت بأنين أكبر وهي تقاوم اعتداء الاثنين عليها خاصة ذلك القذر الذي يحاول تلمس جسدها.
أكملت الأم إدعاءاتها الباطلة مرددة :
-مش عيب عليكي يا بنت الـ ..... تيجي بيوت الناس المحترمة ! اللي زيك مالهومش غير ضرب الجزم !

ثم انحنت لتنزع حذائها عن قدمها لتنهال به على أجزاء متفرقة من جسدها.

في نفس اللحظة انتبه ثلاثتهم لصوت صفق باب ما بقوة ، فواصلت الأم صراخها الحاد حتى لا تثير الشبهات حول ابنها الماجن :
-انتي مالكيش أهل ، ولا زابط ولا رابط يربوكي ، أنا هوديكي القسم يلموكي يا لمامة يا .......

نزل ديــــاب عن الدرج وهو في أوج قمــة غضبه مستمعاً بغير اهتمام لصوت الأم الهادر.
ضاقت نظراته على ثلاثتهم وهو يدنو منهم ، لكن سريعاً ما اتسعت مقلتاه بصدمة كبيرة حينما رأى بسمة محاصرة بين ذلك الشاب اللاهي وأمه السليطة تتعرض للضرب المبرح منهما.

على الجانب الأخر بكت بسمة بقهر حينما رأته أمامها . لم تكن تتخيل نفسها أبداً في موقف مهين كهذا ..
هي دومًا في موقف القوة والدفاع عن النفس ، لا تقبل أن يمسها أي شخص ، واليوم هي ذليلة ، محط إتهام زائف ، ولكنه ليس كأي اتهام ..
إنه متعلق بالشرف والسمعة.
شيئان إن خسرتهما أي فتاة فمن الصعب أن تستعيدهما مجدداً ..
شعرت بالإنكسار والخزي ، بمهانة من الصعب محوها من الذاكرة.

صــاح بهما دياب بعنف :
-انتو بتعملوا ايه ؟

تراجع الشاب مبتعداً عنها خطوة محاولاً استيعاب الموقف، بينما انتفضت الأم على صوته الهادر قائلة بتلعثم :
-أنا مسكت البت دي وهي بتلاغي ابني وآآ...

اصطبغت عيناه بحمرة شديدة ، وقاطعها قائلاً بشراسة وهو يقترب منهما :
-اخرسي ! ولا كلمة !

نزع ديــــاب يدها عن بسمة فتفاجيء بها ممزقة الثياب ، فزادت شراسته أضعافاً مضاعفة.
همست هي له بصوت مختنق مقهور ومتقطع ناظرة نحوه بنظرات مشوشة مستعطفة إياه أن يصدقها:
-أنا معملتش حاجة ! أنا .. كنت.. جيالكم !

شعر دياب بوخـــز كبير في صدره حينما رأها تحاول تغطية جسدها المنكشف بيديها المرتعشتين.
وبلا تفكير مد ذراعه نحوها ليسحبها إليه صارخاً فيها بصوت آمر :
-اطلعي فوق !

أدركت الأم أنها وقعت في مأزق كبير حينما ادعت بالكذب على تلك الشابة ذات الصلة بدياب حرب.
شل تفكيرها تماماً ، ولم تجد ما تبرر به موقفها فقد ألجمتها المفاجأة وعقدت لسانها.

ابتلعت ريقها بتوجس خطير ، وبدا وجهها شاحباً للغاية ...

شعر دياب برجفة جسد بسمة وهو يدفعها نحو الدرج..
نظرت هي مباشرة في عينيه قائلة بصوتها المنتحب وهي تحاول استجماع ما حدث وسرده بإيجاز :
-هما .. هو آآ.. مسكني و.. وأنا كنت بأدافع عن نفسي ، بس هي ضربتني وقالت عني آآ..

قاطعها قائلاً بصوت آمر ومخيف وقد بلغ القمة في بركان غضبه الهائج :
-قولتلك اطلعي فوق !

دفعها بعنف متابعاً بغلظة :
-يالا !

اعتقدت أنه لم يصدقها ، وأنه أساء الظن بها ، فجرجرت ساقيها المنهارتين نحو الدرج.
أمسكت بقبضتها المرتعشة بالدرابزون ، وغطت بالأخرى جسدها المنكشف من أسفل ثيابها الممزقة ، وأكملت قائلة بنشيج :
-أنا معملتش حاجة !

استشاطت نظراته أكثر ، هو في حالة غير طبيعية الآن ، وما يحدث حوله يأجج من نيرانه المستعرة ويزيدها حدة.

سمع هو صوتاً يأتيه من خلفه قائلاً بثقل :
-أنا مخلصتش آآ...

التفت دياب نحوه ليحدجه بنظرات مميتة قبل أن يمسك به من تلابيبه ليقول بعنف :
-اتشاهد على روحك !

لم ينتظر لأكثر من ثانية فقد انقض عليه ، وأفرغ فيه شحنة غضبه الفائرة بلا أي رحمة.
كال له في وجهه اللكمات القوية الموجعة ، وسدد الضربات العنيفة في كل جزء من جسده الذي تهاوى في لحظات على الأرضية الصلبة.

صرخت الأم بشهقة كبيرة وهي تستجديه بهلع :
-ارحمه يا سي دياب ! ابني معملش حاجة !

رد عليها بصياح محتد وهو يركله بشراسة :
-هو أنا مش عارفه النجس ده !

واصل ضربه بعنف أكبر وأشد حتى نزف الأخير الدماء بغزارة من أجزاء متفرقة من جسده.
ومع ذلك لم يهدأ غضبه ، وأصر على الفتك به.
تجمع الجيران على إثر الضرب والصراخ ، ولم يتدخل أحد في المشاجرة. اكتفوا بالمتابعة والتهامس فيما بينهم.
أزاحهم دياب من طريقه بسحبه لذلك الشاب العابث من عنقه خانقاً إياه بشراسة ، ثم ألقاه بعنف عن الدرج لتتحطم ضلوع صدره من إثر السقطة القوية.
تعالت الصيحات المشدوهة ، وتجمعوا خلفه محاولين رؤية ما سيحدث بعد ذلك ..
لم يتركه دياب ، بل واصل تكرار قذفه له عن الدرج بأكمله حتى وصل به للطابق الأرضي فصـــاح بهياج في حارس البناية الذي هب واقفاً من نومته المريحة على المقعد الخارجي :
-هاتلي حبل ويتربط به الكلب ده على باب العمارة !

رد عليه الحارس بإنصياع تام :
-أوامر يا سي دياب !

لحقت به الأم باكية بحرقة على ابنها الذي يسحل ويهان قائلة بتوسل :
-سامحه يا سي دياب هو مش في وعيه !

نظر إليها بقسوة ، ثم رد عليها من بين شفتيه بصوت متشنج :
-ده حظه الاسود انه مش في وعيه ، أنا بقى هافوقهولك !

لطمت الأم على صدغيها بهلع قائلة :
-يا لهوي يا ناس، يا نصيبتي ، ابني راح فيها خلاص !

أمسك حارس البناية بالشاب المتهالك من إثر الضرب ، وقام بتقييده إلى باب البناية بمعاونة اثنين من أولاده الصغار.

صعد ديـــاب إلى الأعلى ليحضر عكاز أبيه الأخر ليجلده به ، فحينما يرتبط الأمر بالتطاول على أنثى بالإكراه وجبراً ، يكن العقاب أشد ضراوة وعنفاً ..
............................................

وصلت إلى ورشــــة النجارة التي استدلت عليها. تنهدت بصوت لاهث وهي تقرأ اسمها بصوت خفيض :
-الحاج زقزوق لأعمال النجارة !

عضت على شفتها السفلى مبتسمة بإبتسامة خفيفة ، ثمت حركت بخطوات متمهلة نحوها.

ولجت للداخل باحثة بعينيها عمن تحدثه ، جاءها صوت من الخلف يسألها :
-عاوزة حاجة يا ست ؟

التفتت نحو صاحب الصوت الذكوري لتجد رجلاً كبيراً يطالعها بنظرات عادية ، فردت عليه بتلعثم :
-أنا .. انا كنت .. قصدي باب الدكان بتاعي مش بيفتح ، وآآ.. يعني القفل بايظ وآآ..

هز رأسه بإيماءة جادة :
-أها فهمتك

تابعت أسيف حديثها بحرج :
-فيعني لو ينفع حد يفتحهولي ، هو قريب من هنا على فكرة ، بس ممكن تقولي هاتكلف كام الحكاية دي ؟

رد عليها الحاج زقزوق قائلاً :
-خليها علينا خالص !

توردت وجنتيها خجلاً من مجاملته ، وأكملت بحياء قليل :
-شكراً ، أنا بس مش معايا إلا دول

نظر إلى النقود التي بحوزتها ، ومط فمه ليقول :
-ممممم.. مش مشكلة ، دول يكفوا وزيادة !

ثم استدار برأسه للجانب ليصيح عالياً :
-واد يا حسن

حضر إليه أحد الصبيان هاتفاً :
-نعم يا حاج !

رد عليه الحاج زقزوق بصوت آمر :
-روح مع الأستاذة وشوف طلباتها ايه
-ماشي !
..............................................

-هاتوا العصيان والجنازير والشوم وحصلوني !
صــــــاح منــــذر بتلك العبارة بصوته الجهوري في عمـــال الوكالة لينفذوا سريعاً و بدون نقاش أمره الصـــارم.

فقبلها بلحظات تلقى أباه اتصالاً هاتفياً من المحامي الخاص بالعائلة يبلغه فيه بمعرفة دياب لهوية زوج طليقته السابقة.
وما إن عرف الأخير بأنه مـــازن أبو النجا حتى أدرك تبعات الموقف الخطير.

أخبر ابنه بالأمر ، فانتفض منذر من مقعده ساحباً إحدى العصي الغليظة من خلف مكتبه ، وجمع رجاله حوله ليتجهوا جميعاً نحو المطعم ..

أشــــار هو لعدد من رجاله الأشداء بإصبعه مردداً بصرامة :
-تاخدوا الجبان ده على المخازن بتاعتنا ! سامعين !

رد عليه أحدهم بجدية :
-ماشي يا ريس
......................................

ركض أحد العاملين بالمطعم لداخل مكتب الحاج مهدي قائلاً بنبرة مرتجفة بعد أن رأى ذلك التجمع المقلق لابن عائلة حرب يقترب منهم ووجوههم تنبيء بخطر جسيم :
-الحق يا حاج ، الريس منذر وأبوه الحاج طه جايين بالرجالة علينا ، شكلهم ناويين على مضاربة !

هب مهدي مفزوعاً من مكانه ، وهتف بخوف :
-يا ساتر يا رب ، طب لم الرجالة بتوعنا بسرعة

رد عليه العامل بنبرة مرتبكة :
-معظمهم مش موجودين يا حاج !

وضع مهدي يده على رأسه هاتفاً بخوف :
-كمان ! يادي الحظ !

انتفض مــــازن هو الأخر من مكانه قائلاً بتوجس :
-الظاهر إنهم عرفوا !

رمقه مهدي بنظرات مزدرية هاتفاً بقلق كبير :
-الظاهر ! ده اكيد يا فلحوس ، أومال جايين هنا ليه ؟!

اضطربت أنفاسه وهو يتابع متوجساً :
-ربنا يعديها على خير ، الخراب جاي على ايدك !

حاول مـــازن أن يبدو صلباً أمام أبيه ، فأردف قائلاً بجمود زائف :
-متقلقش يا حاج ، أنا أدها وإدود !

نظر له مهدي شزراً وهو يرد بسخط متهكم :
-يا اخي اتلهي على عينك !

استمع الاثنــــان لصوت منـــذر الصائح بقوة تهتز لها الأركان من الخــارج :
-اطلعلي برا يا ابن أبو النجا بدل ما أدخل أجيبك من جوا !

هربت الدمـــاء من وجه الحاج مهدي خوفاً على حياة ابنه ، فهو يعرف أن في تلك المشاجرات العصيبة تحدث خسائر فادحة.

تمتم بصعوبة وهو يدفع ابنه للخلف :
-خليك هنا لحد ما أشوف في ايه

رد عليه مازن بحنق :
-أنا مش هاستخبى زي النسوان يا أبا ، أنا طالعله!

حذره أباه قائلاً بتخوف :
-انت مش اده يا بني !

اغتاظ مـــازن من استخفاف أبيه بقدراته ، فرد عليه بحدة :
-لأ أده وأد عشرة من عينته !

تابع مهدي قائلاً بتهكم :
-بلاش تاخدك الجلالة أوي ، ده كف واحد منه يكومك !

ضاقت نظراته وأصبحت أكثر قسوة وهو يقول بتوعد :
-انت ليه بتستقلني ، طب وربنا ما هاسيبه إلا وأنا جايب كرشه !

ثم اندفع بغضب إلى الخــــارج دافعاً بقبضته المتكورة الباب بعنف.
صدم حينما رأى أغلب العاملين بمطعمه مقيدين وجاثين على ركابهم في وضع مذل على أرضية الإسفلت أمام مطعمه.
كز على أسنانه بقوة ، ثم وقف شامخاً بجسده أمام منذر ، ورمقه بنظرات حادة ، مردداً بشراسة قوية:
-عاوز ايه يا منذر ؟

رد عليه منـــذر بصوت قاتم :
-المرة اللي فاتت لما غلطتوا وخدتوا بنتنا عدينها بمزاجنا ، المرادي بقى فيها رقابتكم كلكم !

لحق مهدي بإبنه ، ووقف أمامه بجسده محاولاً تشكيل حاجزاً بينهما وهو يهتف بتوجس :
-صلوا على النبي يا رجالة !

لم يلتفت نحوه منذر ، بل تحرك للجانب قليلاً قائلاً بعدم اكترث به :
-متدخلش يا حاج مهدي ، كلامي مع ابنك النتن ده !

هدر فيه مــــازن بنبرة مستشاطة بعد أن سمع سبابه بأذنه :
-مين اللي آآآ.....

استدار أباه للخلف واضعاً يده على فمه مكمماً إياه قبل أن ينطق صائحاً بحدة :
-اخرس وارجع لورا !!

عاود النظر إلى منـــذر ليضيف برجاء ملحوظ :

-معلش يا منذر اسمعني أنا ، وأنا هانفذلك اللي عاوزه على طول !

رفع منذر ذراعه عالياً ، وأشار بكفه لرجاله المرابطين بالخلف ليأمرهم بقسوة :
-كتفولي البأف ده وخدوه على الوكالة لحد ما أجيله !

شخصت أبصــــار كلاً من مهدي وابنه ، وقبل أن يتحرك أحدهما خطوة ما ، كان رجـــال منذر قد انقضوا على الأخير ، وقيدوا حركته تماماً.
بالطبع لم يكن ليأخذوه إلى هناك ، ولكنها كلمة متفق عليها ليخدعوا بها الجميع فإن تجرأ أحدهم وأبلغ عنهم رجال الشرطة ، وأتوا إليهم فلن يجدوه بها ..

صـــاح فيهم مازن بمقاومة كبيرة :
-حاسب انتو وهو !

لف أحدهم حول فمه قطعة قماش قديمة ليكمم بها فمه مانعاً إياه من الصراخ أو الاستغاثة ، وأكمل باقي الرجال جره بعيداً عن أبيه الذي كان عاجزاً عن التصرف وإنقاذه.

توسل لمنذر قائلاً برجاء أكبر :
-بالراحة يا بني بس واهدى وأنا آآآ...

قاطعه منـــذر بصوت أكثر قسوة وهو يشير بسبابته :
-انتو لتاني مرة تغلطوا معانا !

مسح مهدي على صدره مردداً بخنوع :
-حقك عليا أنا !

رمق منذر الأخير بنظرات خالية من أي إشفاق أو تأثر ، وأردف قائلاً بجمود :
-بص يا حاج مهدي ، إحنا مش بنمانع في حلال ربنا ، طالما الموضوع في النور ، وقدام الناس دي كلها ،

ثم قست نبرته وهو يضيف بإهانة :
-ابنك الـ..... ده اتجوز طليقة أخويا ، وقولنا ماله مش عيب ، يشبعوا بعض ، ولا تفرق معانا !

شعر الحاج مهدي بقلة الحيلة ، وبدا في موقف صعب وهو يحاول إصلاح الأمور التي أفسدها ابنه.
فتح فمه لينطق لكن منعه منذر عن التفوه بحرف وهو يتابع بتهديد :
-بس تاخدوا ابننا يحيى وتخطفوه مننا ، كده انتو جبتوا الناهية معانا !

هتف مهدي مستنكراً :
-محدش جه جمبه يا منذر !

رد عليه الأخير بغلظة وقد ثارت دماؤه :
-انت هاتستعبط يا حاج ؟

ضغط مهدي على شفتيه متمتماً بضيق :
-الله يسامحك ، مقبولة منك ! أنا قصدي ابنكم عندكم !

صــاح به منذر هادراً :
-محصلش ، فين يحيى ؟

ارتجف جسد مهدي من نبرته العنيفة ، وأجابه بتردد :
-هو .. هو مش مع أمه

رد عليه منـــذر بشراسة وقد ضاقت نظراته :
-ابنك عارف فين يحيى ، تجيبوه هنرجعلك المحروس ، عدى النهار ومجاش ، يبقى مايغلاش على اللي خلقه !

فغر مهدى شفتيه مصدومًا من تهديده الصريح قائلاً :
-ايييييه !

تابع منذر حديثه العدائي :
-مــات الكلام يا حاج !

أولاه ظهره ، وأشـــار لعماله بيده مردداً بصوت آمر
-يالا يا رجــــالة !

ظل الحاج مهدي متسمراً في مكانه مردداً بحسرة :
-منك لله يا مازن ، خربتها وأعدت على تلها !

ضرب كفاً بالأخر متابعاً بحنق كبير :
-أكيد أمها الشر دي ورا البلوى اللي حصلت !
......................................

ســــارت أسيف بجوار الصبي حسن الذي استأجرته من ورشة النجارة في اتجاه دكانها ، ثم التفتت نحوه قائلة بحرج قليل :
-معلش هاتعبك

رد عليها حسن بنبرة عادية وهو يهز كتفيه :
-ولا يهمك ، دي حاجة بسيطة بنعملها كل يوم !

اكتفت بالإبتسام ، وواصلت السير لكن لفت أنظارها ذلك الرجل المقيد الذي يقتاده أخرين بطريقة مهينة متعمدين إذلاله والتحقير من شأنه ....
تساءلت عفوياً بنبرة مزعوجة مما يحدث :
-هو في ايه ؟ ومين دول ؟

نظر الصبي إلى حيث هي محدقة ، وأجابها بحماس مفاجيء :
-أوبا ، ده ابن الحاج مهدي مجرور زي الشوال ، شكله وقع مع الريس منذر

خفق قلبها بتوتر كبير ، وتحفزت حواسها بالكامل بعد سماعها لإسمه ..
تساءلت بنبرة مضطربة وهي تحاول ضبط انفعالاتها :
-هو .. هو انت تعرفه ؟

رد عليها حسن بثقة :
-مين ميعرفش الريس منذر حرب ، دول رجالته ، وهما لما بيمسكوا حد بالشكل ده يبقى عمل جناية ، وهايتعلق وش !

ارتفع حاجباها بخوف ، وهتفت بتوجس :
-طب ما تبلغوا البوليس ، انتو هاتسيبوه كده

رد عليها الصبي حسن غير مهتم :
-مالناش فيه ، دي أمور الكبار !

بدت أكثر إنزعاجاً وتخوفاً عن ذي قبل بسبب تخيلها لبطش منذر وما يمكن أن يفعله معها إن علم بتحريرها لمحضر سرقة وإتهامه شخصياً.
ندمت نوعاً ما على تهورها ، وأحست أنها تسرعت في تلك الخطوة. ابتلعت ريقها بقلق ، وأكملت سيرها بشرود مذعور .
.............................................

صعد ديــــاب على الدرج بخطوات قافزة ليصل إلى طابقه ، لكن قبل أن يبلغ وجهته تسمرت في مكانه حينما رأى بسمة متكورة على نفسها في الجانب وفاقدة لوعيها .
أسرع نحوها ، وجثى على ركبته أمامها ، ثم مــد ذراعه نحوها ليرفع رأسها عن الدرج وهو يهتف بصوت لاهث شبه خائف :
-بسمة ! فوقي !

كانت غير مدركة لما يحدث حولها ، فقد تهاوت قدماها ، وانهارت مصدومة وهي معتقدة أنها باتت مذنبة في نظر الجميع.
ضرب هو برفق على وجنتها محاولاً إفاقتها قائلاً بتوجس :
-ردي عليا يا بسمة ، إنتي سمعاني !

لم تصدر عنها أي إشارة حيوية سوى فقط بقايا عبراتها المبللة لوجنتيها.
أسند رأسها على صدره ، وقـــام بحملها بين ذراعيه ، ثم اعتدل في وقفته ، واتجه بها نحو باب منزله ليدقه بعنف.

نظر إليها ديـــاب بإنزعاج كبير ، اعتقد في نفسه أنه إشفاقاً على وضعها ، لكنه يتخطى هذا الأمر بمراحل أكبر.
بدا وجهه متشنجاً ، وعضلاته مشدودة للغاية خاصة حينما وقعت أنظاره على ثيابها الممزقة ، وتلك الخدوش والسجحات البارزة في جسدها.
أبعد عيناه بصعوبة عنها ، وكز على أسنانه بقوة محاولاً تهدئة نوبته الغاضبة قليلاً.
هو متأكد من براءتها ، وأنها لم ولن ترتكب أبداً مثل تلك الأفعال ، وعلى يقين تــام من بطلان إدعاء الأم.

فتحت جليلة الباب ناظرة إليه بذهـــول ، أخفضت بصرها نحو تلك التي يحملها ، وشهقت متساءلة بخوف :
-انت عملت ايه ؟

أمعنت النظر جيداً فيها ، فعرفت هويتها فوراً ، ثم هتفت بنزق وهي تلطم على صدرها :
-بسمة ! لأحسن تكون ضربتها هي بدل اللي ما تتسمى !

نظر لها مغتاظاً من ردودها الساذجة ، وهتف بنفاذ صبر :
-وسعي يامه شوية ، مش وقت سين وجيم !

تنحت جانباً ، وأفسحت له المجال للمرور وهي تردد من خلفه :
-لا حول ولا قوة إلا بالله !

وضعها ديــــاب على أقرب أريكة ، فوقفت والدته جواره ممررة أنظارها على جسدها ، شهقت مذعورة :
-يا كبدي ياني ، دي متبهدلة خالص !

وكأنها بكلماتها العفوية تزيد من لهيب غضبه الفائر.
رفع رأسه نحوها ، وهتف بصوت متشنج :
-خليني أنزل أخلص على النصيبة المتسابة تحت !

فغرت فمها متساءلة بتخوف :
-نصيبة ايه تاني ! هي عين وصابتنا !

حاولت اللحاق بإبنها ، وأمسكت به من ذراعه متساءلة :
-طب قولي حصلها ايه ؟

أزاح قبضتها عنه هاتفاً بحدة :
-مش وقته ، شوفلها بس حاجة من عندك تسترها ، وكلمي الدكتور يجي يكشف عليها !

ألحت جليلة بفضول عليه :
-طب فهمني الأول

هتف فيها بصوته المحتد :
-أنا جبت جاز يا أمي ، فسيبني أولع في اللي تحت !

هتف بجملته ، وتحرك خــــارج المنزل ليفتك بذبيحته الموثوقة بالأسفل.
فركت جليلة طرف ذقنها مرددة بحيرة :
-استر يا رب من اللي جاي ، احنا هنلاحق على ايه ولا ايه ....................................!!!!!

...............................



noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 02-12-17, 12:37 AM   #238

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثاني والثلاثون :

ضاقت نظراته للغاية ، وتجهمت تعابير وجهه وهو يصغي بامتعاض لتذمرها على طلبه ، لكن نفذ صبره ، وفقد قدرته على التحكم في أعصابه ، فهدر بها صارخاً بصوت منفعل :
-رجعي الواد يا شادية أحسنلك

أصرت على عنادها قائلة :
-حاج مهدي ، ده حفيدي ومن حقي آآ....

قاطعها قائلاً بصوته المتشنج مهدداً :
-وابني اللي هايروحها فيها بسبب عمايلك انتي وبنتك ، يا الواد يرجع ، يا الحساب هايكون معايا أنا !!

ردت عليه بضيق مصطنع :
-انتو عاوزين تحرموا أم من ابنها ، ده يرضي مين ؟

هتف صائحاً بحدة وقد زاد عبوس وجهه :
-الكلام ده مايخلش عليا ، انا فاهم كويس إنك لا بتاعة حنية ولا مطبطبة ، إنتي بتدوري على مصلحتك وبس ، فمن الأخر كده الواد ابن دياب يرجع خلينا نفض الليلة دي !

تمتمت بكلمات خفيضة غير مبهمة لم يعرها أي اهتمام وأنهى المكالمة معها دون إنذار مردداً لنفسه :
-ولية ترفع الضغط !!!
....................................

كان في طريقه إلى وكـــالته حينما لمحها تسير بجوار أحد صبيان الحاج زقزوق النجـــار على الناصية الأخرى.
دقق النظر نحوها معتقداً أنه سيحظى بالتفاتة منها ، لكن لم يحدث هذا.
ظل منذر يراقبها بعينين حادتين حتى وقفت عند عتبة دكان جدها الراحل ، فأشــاح بوجهه بعيداً وأكمل سيره المتعصب ..

ارتجف جسدها حينما رأته على حين غرة ، فتعمدت ألا تنظر نحوه مطلقاً ، وحافظت على ثبات خطواتها وهي تحدث الصبي حسن بصوت مرتبك :
-أنا مش هأخرك !

رد عليها حسن بثقة وهو يشير موضحاً بيده :
-دي حاجة بسيطة ، أنا هاغيرلك الطبلة وأعملك واحدة جديدة ، ولو عاوزة تزودي اقفال بعد كده أنا موجود !

حركت رأسها بإيماءة موافقة وهي تردد :
-ماشي !

ثم توقفت أمام عتبة الدكــــان ليبدأ الصبي في عمله الذي يجيده منذ نعومة أظافره ..
.................................

نزل الدرج راكضاً ليواصل تهذيبه الوحشي لذلك الشاب المغيب عن عقله بعد تعديه الجريء والوقح عليها.
أوقفه في الطابق الأول رنين هاتفه ، فأخرجه من جيبه ليجيب على اتصال أخيه قائلاً بنبرة ضائقة :
-ايوه يا منذر

رد عليه الأخير قائلاً بهدوء :
-يحيى هايكون عندك على العشا بالكتير

سأله دياب بإهتمام كبير :
-انت متأكد ، ولا آآ... ؟!!

قاطعه منـــذر بصوت جاد :
-منذر مش بيقول حاجة إلا لما يكون واثق منها

عقد دياب ما بين حاجبيه لتضيق نظراته وتقسو نبرته وهو يتساءل :
-والكلب مازن ؟

رد عليه أخاه قائلاً بغموض :
-خد اللي فيه النصيب

التوى ثغر دياب هاتفاً بتفاخر :
-ربنا يخليك ليا يا أخويا

تابع منذر محذراً :
-عاوزك تهدى ومتعملش حاجة ، وسيبني أتصرف !

رد دياب بإبتسامة واضحة :
-ماشي ، وأنا ورايا حاجة كده بأخلصها !
-طيب ، سلام

أنهى معه المكالمة محدثاً نفسه بنبرة متباهية :
-براوة عليك يا منذر ، أدها وأدود !


ثم واصل نزوله حتى بلغ مدخل البناية ، فاتجه للخــارج .
رأته والده الشاب فركضت نحوه ، ثم توسلته أن يتركه قائلة ببكاء حــارق :
-مكانش يقصد ، هو آآ. غلط ، بس ارحمه ، هايموت في ايدك !

نظر لها دياب شزراً ، ثم رد قائلاً بإشمئزاز :
-كله إلا الشرف يا حاجة ، وبدل ما تسترجيني أرحم ابنك كنتي ربيه من الأول !

انحنت لتخطف كف يده لتقبله قائلة بإنكسار :
-أبوس ايدك

سحب يده سريعاً مستنكراً فعلتها تلك وهو يقول بحدة :
-حاسبي !

تحرك ديـــاب عدة خطوات حتى بات في مواجهة الشاب الموثوق في باب البناية ..
كانت رأســـه تتدلى للأسفل بعد تلقيه لتلك الضربات القاسية.
جذبه دياب من شعره للأعلى ليحدق فيه بنظرات أكثر شراسة ، ثم بصق في وجهه هاتفاً :
-جالك اللي يعلمك الأدب يا حيلة أمك !

ثم صفعه بقوة في صدغه ليزداد نزيف خيط الدماء من بين شفتيه.
شهقت والدته بصراخ مرتعد متوسلة :
-يا ناس حشوه ، الواد هايروح فيها !

رد عليها أحد الجيران المتابعين للموقف منذ بدايته:
-خليه يتأدب ، واد عديم الرباية والأخلاق !

بينما أضـــاف أخر بنبرة متشفية :
-بنات الناس مش لعبة !

رأت الأم في تصرفاتهم الغير مبالية ونظراتهم الشامتة ما أثار غضبها ، فصاحت مستنكرة وهي تلطم بكفي يدها وجهها :
-يا لهوي ، حرام والله اللي بيحصل ده !

تابع ديـــاب تلقينه الشاب ذلك الدرس القاسي على طريقه ، وأكمل بحزن زائف :
-حظك نسيت عكاز الحاج !

ثم وضع يده على حزامه الجلدي الأسود ليسحبه من بنطاله قائلاً بنبرة متسلية :
-بس نصيبك تضرب بده !

رفعت الأم يديها على رأسها صارخة بفزع :
-يالهــــوي !

لف ديـــاب حزامه الجلدي حول معصمه ، وأحكم وثاقه ، ثم تراجع للخلف رامقاً الشاب بنظرات نارية متوعدة رافعاً إياه عالياً في الهواء ليبدو كالسياط ..

اتسعت حدقتي الشاب الحمراوتين بخوف كبير ، وبدا كمن بــال على نفسه من فرط الرعب..
وفجــأة صرخ متآلماً من ضربته القوية حينما هوى به على جسده :
-آآآآآآه ، أسف .. مش هايحصل تاني !

أعـــاد ديــاب جلده به مرة أخرى مردداً بصوت شرس دون أن تهتز له عضلة واحدة من وجهه المرتخي :
-مش سامعك كويس !

صرخ الشاب متوسلاً العفو :
-آآآآه ، توبت يا سي دياب !

تقوس فم الأخير للحظة بإبتسامة راضية ، ثم جمد تعابير وجهه ، وأضاف بعبوس زائف :
-لالا ، لازم تكون التوبة نصوحة !

هز الشاب رأسه بإيماءات متتالية عدة مرات هاتفاً ببكاء :
-حاضر هاتكون نصوحة وربنا ، بس هي آآ... البت آآ...

وكأنه أخطأ حينما فكر في لفظ شيء يخصها ، وما زاد الطين بلة أنه يكذب عن قصد ، فصـــار دياب أكثر وحشية ، وواصل جلده بعنف في أنحاء متفرقة من جسده متعمداً إذلاله أكثر ...
لم يكف عما يفعل حتى هدأت ثورته الغاضبة ورجاه بعض الجيران بالتوقف إشفاقاً به.
بصق دياب عليه مجدداً وهو يقول بإشمئزاز :
-أشوفك بس ترفع عينك عن الأرض !

رد عليه الشاب بنبرة مذلولة وهو مطأطأ الرأس :
-مش هايحصل !

التفت ديـــاب برأسه نحو حارس البناية موجهاً حديثه له بنبرة آمرة :
-فك الكلب ده وارميه لأمه !

حرك الحارس رأسه قائلاً بخضوع :
-أوامرك يا ريسنا !

ثم اتجه عائداً للداخل وهو يمسح قطرات الدم العالقة بحزامه وبكف يده ..
...................................

في تلك الأثناء قامت جليلة بإحضار عباءة نظيفة تخصها من داخل خزانة ملابسها ، ثم أسندتها على طرف الأريكة ، ومررت أنظارها على جسد بسمة المسجي أمامها قائلة بأسف :
-لزمتها ايه البهدلة دي بس ، منه لله اللي عمل فيكي كده !

ثم مصمصت شفتيها متابعة بإنزعاج :
-لأ ويوم بعد يوم يخشلي واحد من عيالي شايلي واحدة على ايده وداخل بها عليا يقولي حوشي يامه ، بقيت حكاية عندهم !

ركضت صغيرتها أروى عائدة من الشرفة وهي تهتف بحماس :
-دياب ضرب واحد وخلاه يفرفر في الأرض ، أنا شوفته من البلكونة

ارتفع حاجبي الصغيرة للأعلى قائلة بذهول حينما وقعت عيناها على معلمتها الخصوصية :
-الله ، مس بسمة ، هو حصلها ايه ؟

نهرتها والدتها قائلة بضيق :
-مترغيش كتير وتعالي ساعديني !

هزت رأسها موافقة وهي ترد :
-ماشي يا ماما !

ناولتها أمها العباءة قائلة :
-امسكي دي في ايدك
-حاضر
قالتها الصغيرة وهي تتأملها بإهتمام ممزوج بالفضـــــول ..

مدت جليلة يديها نحو كنزة بسمة الممزقة لتنزعها عنها ، ثم هزت رأسها مستنكرة تلك الخدوش البارزة في كتفها وعنقها.
توردت وجـــه أروى حينما رأت معلمتها بثيابها التحتية ، فأخفضت بصرها للأسفل ..
هتفت أمها قائلة بحدة :
-روحي هاتيلي المرهم من الدولاب !

رفعت أروى رأسها لتنظر نحوها قائلة بحيرة :
-فين بالظبط يا ماما ؟

أشــارت لها أمها بعينيها قائلة بتبرم :
-يا بت في الرف اللي تحت !

هزت أروى كتفيها نافية :
-أنا معرفش انتي بتحطيه فين

استاءت جليلة من جهل ابنتها بمكان وضعها للأدوية ، فصاحت بتذمر :
-يوه عليكي ، مابتعمليش أبداً اللي يطلب منك !

ثم نهضت بتثاقل من مكانها متابعة :
-خليكي هنا لحد ما أروح أجيبه وأرجع !

ردت عليها قائلة بإيجاز :
-ماشي !

انتبهت أروى لصوت قرع الجرس ، فتركت ما في يدها على طرف الأريكة ، وركضت في اتجاه الباب لتفتحه وهي تصيح :
-ايوه

وجدت أخاها عند عتبته فهتفت بحماس جلي وهي تثب بقدميها أمامه :
-أنا شوفت الخناقة كلها ، انت عجنته كده وآآ...

قاطعها قائلاً بهدوء وهو يعبث برأسها :
-خلاص يا أروى !

ثم تحرك للداخل ، فرأى بسمة بثيابها الأخف والتي تبرز معظم جسدها ، فهتف مصدومًا من ذلك المشهد الذي لم يتوقعه :
-ايه ده ؟

ردت عليه أروى بعفوية :
-مس بسمة !

أشـــاح وجهه بعيداً مغمضاً عيناه بحرج كبير ، وإنتابه حالة من الإرتباك والتخبط ..
أولاها ظهره صائحاً بإستنكار :
-يا حاجة ، ايه اللي انتي عملاه ده ؟

حضرت جليلة على إثر صوته حاملة في يدها دواءاً ما ، وردت عليه بنبرة عادية :
-في ايه يا دياب ؟

لوح لها بذراعه للخلف قائلاً بحرج كبير ظاهر في نبرته :
-ماتغيريلها جوا واستريها ، مش آآ.. يعني مايصحش كده

لاحظت هي توتره ، والاضطراب الواضح عليه فبررت فعلتها قائلة :
-تفتكر هاشيلها لوحدي ازاي ؟

فرك وجهه بتوتر أكبر وهو يردد بامتعاض :
-استغفر الله العظيم يا رب ! غطيها حتى ، مش لازم نشوفها كلنا !

جاهد قدر الإمكان ألا ينظر نحوها وهو يتحرك في اتجاه غرفته صائحاً بحدة آمرة :
-تعالي يا أروى معايا

ردت عليه ببراءة وهي تشير بيدها :
-بأساعد ماما

صاح بها بغلظة :
-هي هتتصرف لوحدها ، يالا !

لحقت به قائلة بإبتسامة خفيفة منفذة لأمره :
-طيب !

راقبته جليلة بنظرات متفرسة دارسة لتبدل حالته الغريبة تلك وتصرفه الغير مريح بالنسبة لها.
رفعت حاجبها للأعلى ، ووضعت يدها على طرف ذقنها لتحكها قليلاً متمتمة بتعجب :
-بتكسف ؟ أومال لو مكونتش متجوز قبل كده ؟!
...................................

تمكن الصبي حسن من فتح القفل الصدأ ، فتعاونت أسيف معه في دفـــع باب الدكان الثقيل للداخل ، أصدر صريراً قوياً وهو يتحرك على إثر دفعتهما.
بعد لحظات تمكنا من إزاحته وفتحه على مصرعيه ..
سعلت أسيف فجـــأة من التراب العالق في الهواء بداخله ، فانحنت للأمام قليلاً واضعة ليدها على فمها.

استغرقها الأمر عدة ثوانٍ لتعتاد على الجو بداخله.
تحرك الصبي خلفها ، وبحث عن مفتاح الإنارة على جانب الحائط. وجده على يده اليسرى ، فضغط عليه لينير فقط مصباحاً واحداً قديماً متدلياً من السقف.

اعتدلت في وقفتها ، ونظرت بأعين لامعة متأملة المكان من حولها.
جابت بأنظارها ببطء شديد تفاصيله ممتعة عينيها بما فيه.
شعرت كأنها قد عادت بالزمن إلى الوراء حيث جدها وأبويها الراحلين.
تنهدت بعمق محاولة ضبط نفسها كي لا تبكي متأثرة ، لكن لم يمنع هذا تراقص العبرات في طرفي مقلتيها.
كان كل شيء عتيقاً تفوح منه رائحة الزمن القديم ، أغلب ما به متهالك ويحتاج للإصلاح أو التبديل.
رأت به مكتباً خشبياً في أحد الأركان ، وكذلك حزانة ما مفتوحة موضوع بها عدة أرفف ، وأخرى منغلقة بجوارها .. كذلك طاولة خشبية يقف خلفها أحد الأشخاص تستخدم للبيع.
ابتسمت لنفسها بسعادة خفية ، كانت كمن استعاد جزءاً من ماضيه المفقود.
أخرجها من حالتها المتأملة تلك صوت الصبي حسن وهو يقول :
-أنا هاروح أجيبلك لمبة تانية بدل دي ، شكلها مش هايعمر كتير

التفتت نحوه قائلة بإمتنان :
-كتر خيرك ، هاتعبك معايا
-تحت أمرك يا ست الكل !
قالها الصبي وهو يستدير بجسده ليخرج من الدكان تاركاً إياها بمفردها.
عاودت أسيف التحديق فيما تملك من إرث غالٍ ، اعتبرته لا يقدر بأي ثمن ..
لفت أنظارها ذلك الإطار الخشبي الذي يضم صورة فوتغرافية قديمة لرجل ما في شبابه يرتدي جلباباً ريفياً يحاوط صبياً بذراعه ..
تحركت نحوها لتتبين تفاصيلها أكثر ، فالتوى ثغرها بإبتسامة صادقة بعد أن عرفت هويتهما ..
كانت الصورة لجدها في شبابه ولأبيها في صغره ، مدت يدها للأعلى محاولة تلمس الإطار ، فاتسخت أصابعها بالتراب الرمادي الذي يكسوها.
فركت أصابعها محاولة إزالتها ، وواصلت التحديق بها ..
.......................................

في نفس التوقيت ، ورد إتصالاً هاتفياً له وقد أوشكت قدماه على وطــأ عتبة وكالته ، فتوقف في مكانه ليجيب عليه مردداً بهدوء حذر :
-خير !

أتاه على الطرف الأخر صوت أحد المخبرين ذوي الصلة به قائلاً بجدية :
-ريس منذر حصل حاجة كده في القسم لازم تاخد خبر بيها

حدق أمامه في الفراغ بنظرات حادة متساءلاً بصوته القاتم :
-حاجة ايه دي ؟

أجابه بتردد ملحوظ :
-في واحدة مقدمة فيك بلاغ بالسرقة !

اتسعت حدقتيه بصدمة كبيرة وهو يهتف غير مصدق :
-نعم !

بدا متشككاً بل على الأحرى خمن هوية صاحبة البلاغ ، لكنه لم يصرح بإسمها ..
تابع المخبر قائلاً بمكر محاولاً الاستفادة من الموقف لصالحه :
-أنا اتكلمت مع الشاويش وخليته يأجل عرض المحضر ده شويتين .. خدمة يعني ليا .. لحد ما أبلغك يا ريس بالحكاية !
-أها

كان عقل منـــذر في مكان مــا ، يجمع أطراف الخيوط معاً ليتأكد من شكوكه.
أخرجه من تفكيره المتعمق صوت المخبر متساءلاً :
-البت اسمها أسيف رياض خورشيد ، تعرفها يا ريسنا ؟

الآن تأكدت ظنونه وباتت حقيقية بالمرة .
صمت للحظة ليضبط انفعالاته المزعوجة و التي ظهرت سريعاً على تعابير وجهه ..
استشعر المخبر وجود خطب ما فكرر سؤاله :
-ها يا ريــ ..آآ... ؟

قاطعه منذر برده الموحي بخطر كبير :
-هي قريبتي ، تلاقي الموضوع فيه لبس وهاحله بطريقتي !

رد عليه المخبر بهدوء :
-ماشي يا ريسنا ، يعني حاول على أد ما تقدر تنهيه ودي قبل ما يوصل للنيابة وآآ...

صاح به منـــذر بنبرة مقلقة للغاية :
-قولتلك هاتصرف ، وابقى عدي عليا في الوكالة !

رد عليه المخبر بحماس :
-جمايلك سابقة يا ريس منذر
-سلام !
قالها بقوة وهو يضغط على زر إنهاء المكالمة بإصبع متشنج ..

كز على أسنانه بشراسة ، و استدار برأســــه للخلف ليحدق في الدكــــان بنظرات تحمل الكثير بما لا ينبيء بأي خير على الإطلاق ..
هدر قائلاً بصوت جهوري لأحد عماله :
-تعالى ورايا !

تعجب العامل من تبدل أحوال رب عمله ، وامتثل لأمره فوراً ووقف إلى جواره منتظراً أن يملي عليه باقي التعليمات.

تحرك منـــذر نحو الدكان بخطوات متلاحقة ينتوي فعل ما لا يحُمد عُقبــــاه ، وتبعه العامل بإمتثال تام ..
...........................................

نفضت كفي يدها من الأتربة العالقة بهما بعد أن تلمست معظم ما يوجد بالدكان..
كانت تتحرك بحذر شديد بسبب البقايا الخشبية المتراكمة على الأرضية الرمادية القديمة.
همست لنفسها بإصرار :
-استحالة أفرط فيك ، إنت حتة مني دلوقتي !

انتفض جسدها فجــــأة فزعاً على إثر صوت غلق بــــاب الدكان بقوة.
ارتجفت أوصالها ، واستدارت عفوياً للخلف لتراه أمامها ..
اتسعت عيناها بخوف كبير ، وتسرب الشحوب إلى لون بشرتها..
برودة قارصـــة داعبت وجنتيها فأصابتها بقشريرة في أنحاء جسدها.
حدقت في وجهه الغاضب ونظراته القاسية بأعين جامدة.

تعمد صفق الباب مجدداً بقوة أكبر لتنتفض هي مجدداً في مكانها من الخوف.
ازدردت ريقها بتوتر كبير وهي تسأله بصوت مرتجف :
-انت .. انت بتعمل ايه هنا ؟

سلط أنظاره القاتمة عليها ، تلك النظرات المخيفة التي رأتها من قبل بوضـــوح حينما التقته أول مرة.
اجتاحها شعور رهيب بالخوف والذعر ، وتراجعت ببطء حذر للخلف متساءلة بنبرة متلعثمة :
-جاي ليه في الدكان بتاعي ؟

أجابها بنبرة مخيفة وغامضة جعلت جسدها يجفل أكثر :
-البوليس ما بيجيش عندنا إلا في حالة واحدة !

ابتلعت ريقها بصعوبة ، وبدت شفتاها أكثر إرتجافاً عن ذي قبل.

كــــور منذر قبضته المتشنجة وضرب بها بعنف على إحدى ضلفتي الخزانة القديمة متابعاً بشراسة :
-يشيل الجثث وبس !

انتفضت على إثر ضربته المهددة ، وكادت تتعثر في خطواتها المتراجعة ، لكنها تماسكت نفسها بصعوبة.

هدر فيها منــذر بصراخ مستنكر :
-بقى أنا حرامي وسرقتك ؟

أدركت أسيف في تلك اللحظة أنها ارتكبت خطئاً جسيماً بتصرفها الغير عقلاني معه ، وواصلت تراجعها المذعور منه متحاشية إقترابه المهدد لحياتها.

حُصرت هي في إحدى الزوايا ، لكن نظراتها المرتعدة لم تفارق عيناه القاسيتين.
كــز منــذر على أسنانه هاتفاً بصوت محتقن للغاية وهو يلوح بكف يده في الهواء مستنكراً نكرانها لجميله :
-طب تيجي ازاي وأنا وقفت معاكي كتير ؟ كنتي افتكريلي حاجة واحدة من اللي عملتهالك !!!!

ألجمت كلماته المعاتبة لسانها ، فعجزت عن الرد عليه.
دنا منها أكثر حتى بات على بعد خطوة واحدة ، وواصل صراخه بها مهدداً بذراعه :
-بس انتي طلعتي غبية وآآ...

شهقت أسيف مذعورة منه ، فقد تذكرت موقف قريبها الحاج فتحي حينما كان يرمقها بتلك النظرات العنيفة ، وما أعقبها من صفع شرس على وجهها.
انحنت عفوياً للخلف برأسها رافعة كفيها أمام وجهه مشكلة بهما درعاً لحمايتها إن تطاول باليد عليها.

تفاجيء هو بها تحاول تخبئة وجهها بكفيها وكأنها تتحاشى اعتدائه بالضرب.
رمقها بنظرات نارية محتدة ، وتراجع خطوة للخلف قائلاً بحنق :
-احنا مابنمدش ايدنا على حريمنا إلا لما يغلطوا وبس !

أولاها ظهره ليضيف بنبرة عدائية :
-وانتي غلطي معايا ، بس حظك الحلو إنك مش من حريمنا !

كانت تبحث في كلماته المهددة عما يطمئنها ، فبدت جملته الأخيرة وكأنها تصريح ضمني منه يضمن عدم اقترابه منها.
أخفضت ذراعيها بحذر ناظرة إليه بأعين زائغة.
التفت نحوها متابعاً بتهديد وهو يشير بسبابته :
-إنتي هتتحاسبي عن غلطك ، ودكانك ده هاخده منك تأديباً ليكي !

أثارتها عبارته الأخيرة بسلب حقها وحفزت حواسها بالكامل للدفاع عما تملك ، فهبت صائحة بإعتراض غير مكترثة لتبعات ما سيحدث :
-مش هايحصل ، محدش هياخد دكاني مني !

تحرك قبالتها فجــأة لتتقلص المسافات بينهما مهددة بشيء أخطر.
اضطربت أنفاسها للغاية ، وتسارعت دقات قلبها وهي محدقة به بخوف كبير.
استأنف تهديده الشرس قائلاً بثقة تامة :
-هايحصل يا بنت ريــــاض !

حدجها بنظرات مشتعلة زادت من حدة ذعرها ، ثم استدار للخلف ليرفع عيناه في ذلك المصباح المتدلي من السقف.
أمسك به بقبضته ، وانتزعه بعنف مسبباً الإظلام التام بالمكان ، وألقاه بعصبية على الأرضية ليتحطم إلى أجزاء صغيرة.
صرخت أسيف بهلع كاتمة شهقاتها بيديها ..
تحرك منذر نحو الباب متابعاً بقسوة :
-وخليكي محبوسة هنا !

اتسعت حدقتيها في عدم فهم لما ردده تواً.
ابتلعت ريقها في حلقها الذي جف تماماً من شدة الخوف ، وجاهدت لتضبط نفسها ..
أسرعت خلفه محاولة اللحاق به ، لكنه كان الأسرع في الخروج من الدكان ، وصفق الباب خلفه بقوة مغلقاً إياه عليها.
شهقت صارخة بفزع :
-انت بتعمل ايه ؟

ضربت بقبضتيها بعنف على الباب الخشبي صارخة بخوف كبير بعد أن باتت بمفردها في ذلك الظلام الحالك :
-افتح الباب ! افتحه !!!

أوصـــد منذر القفل وهو يصيح بحدة :
-شوفي مين هيخرجك منه !

واصلت صراخها المرتعد وهي تضرب بهياج على الباب :
-افتح الباب ، طلعني من هنا ، انت مجنون ، مجنـــــــون !!!
.....................................

بالخــــارج ، تطلع العامل إلى منـــذر بذهـــول كبير بعد أن رأى ما فعله ، لكنه لم يتجرأ على سؤاله أو مناقشته.
لكزه الأخير في كتفه بقوة مردداً بصوت آمر وقد استشاطت نظراته :
-تقعد على الباب هنا ، ماتتحركش ، وبعد ساعة تفتح الزفت ده وتطلعها ، سامع

هز رأسه بإيماءة واضحة وهو يردد :
-أوامرك يا ريس !

ثم دس في كف يده المفتاح الخاص بالقفل ، وتحرك بخطوات متعصبة مبتعداً عن المكـــــان ....
تابعه العامل بنظرات مدهوشة حتى اختفى من أنظاره محدثاً نفسه بتوجس :
-ربنا ما يوقعنا معاك يا سي منذر ، قلبتك والقبر بصحيح .................................... !!!

.................................................

Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 02-12-17, 12:45 AM   #239

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

الفصل الثالث والثلاثون :

ولجت إلى داخـــل غرفته وهي متجهمة التعابير إلى حد ما ، بحثت عنه فلم تجده ، فاتجهت إلى الشرفة حيث يجلس دومًا ..
رأته مستنداً بمرفقيه على حافة سورها ، ومنفثاً لدخـــان سيجارته المشتعلة في الهواء. ورأت أخته الصغرى إلى جواره تراقب الطريق والمــارة بنظرات شمولية.
استطردت جليلة حديثها قائلة بجدية :
-
بنادي عليك يا دياب ، مش سامعني !

التفت ناحيتها برأسه ، ثم اعتدل في وقفته وهو يجيبها بفتور:
-
ماسمعتش !

ضيقت نظراتها أكثر لترمقه بغرابة وهي تضيف بضجر :
-
طب شوفلنا دكتور ولا حد بيفهم عشان بسمة ، مش هانسيبها كده !

أطفأ بقايا سيجارته في المنفضة الخاصة بها ، ورد عليه بإرتباك ملحوظ في نبرته :
-
هي خلاص آآ... اقصد يعني متغطية وآآ...

ابتسمت بمكر وهي تجيبه :
-
اه يا حبيبي ، اطمن !

ثم اقتربت منه لتسأله بصوت خفيض ذو مغزى معين :
-
وبعدين مال وشك جاب ألوان كده ليه لما شوفتها

عبست تقاسيمه وقست نظراته وهو يرد عليها بحدة :
-
في ايه يامه ، ألوان ايه وزفت ايه ؟

أومــأت بعينيها قائلة بلؤم :
-
انت مش شايف نفس

ضغط على شفتيه بقوة فقد فهم إلى ماذا ترمي والدته. أخذ نفساً عميقاً حبسه للحظات في صدره ليضبط انفعالاته ، ثم أطلقه دفعة واحدة مردداً بخشونة :
-
شوفي يا أم منــذر ، الحكاوي اللي في دماغك دي انسيها خالص ، أنا مش بتاع الكلام ده !

نظرت له بتعجب كبير ، وقبل أن تفتح فمها لتنطق أضاف سريعاً بنبرة أكثر جدية :
-
تاني حاجة بقى عاوزاني أعمل ايه لما أشوف واحدة لا مؤاخذة يعني آآ.... وماتجوزليش ؟ ها ؟ أتنح فيها عشان أعجب مثلاً ؟

زمت جليلة فمها للجانبين مستنكرة عتابه الحاد ، بينما أكمل هو قائلاً :
-
دي لا أخلاقنا ولا تربيتنا ، احنا بنفهم في الأصول كويس وولاد الحاج طــه لو شافوا واحدة عريانة يغطوها ، يا رب تكون الرسالة وصلت !

ردت عليه بتذمر مشيرة بيدها :
-
خلاص يا دياب ، مالك طلعت فيا كده ليه ، روح شوفها وخلاص !

لم تتبدل تعابير وجهه وهو يرد باقتضاب :
-
ماشي

ثم تحرك خـــارج الشرفة ليدخل غرفته.
وقعت أنظاره على زجاجة عطره باهظ الثمن المسنودة على تسريحته ، فإلتقطها وأكمل سيره تاركاً الغرفة.

تساءلت أروى بحماس :
-
أروح معاه يا ماما ؟

رمقتها جليلة بنظرات منزعجة وهي ترد بإنفعال :
-
لأ ، خشي أوضتك ذاكري ، كفاية تضييع وقت !

مطت الصغيرة أروى ثغرها قائلة بإحباط واضح :
-
طيب !!
......................................


خــــرج إلى الصــالة وهو يشمر ساعديه سائراً بخطوات ثابتة نحوها.
كانت لا تزال على وضعها ، غافية ، غير مدركة لما حولها.
توقف في مكانه ليتأملها بهدوء.
بدلت والدته ثيابها الممزقة بعباءة تخصها ، فكانت أكثر حشمة ووقاراً..
تنهد بإرتياح لكونها هكذا بالرغم من إنزعاجه مما لاحظه من سحجات وخدشات على جسدها.

دنا منها بحذر ، ثم جثى على ركبته أمامها ، وفتح غطاء زجاجة العطر ، والتفت للخلف ليسنده على الطاولة.
قــام بتقريب فوهة الزجاجة من أنفها لتشتم رائحته النفاذة.
راقبها بإهتمام كبير متوقعاً استجابة فورية منها ، لكن لم يبدو عليها التأثر.
قطب جبينه متساءلاً بتعجب :
-
هي الريحة مش باينة ؟

فـــرد كفه الأخر ، وقام بنثر الرائحة على راحة يده بغزارة لتصبح أكثر نفاذاً وحدة ، ومن ثم قربها من أنفها مجدداً لتشتمها.
لاحظ تلك التشنجات الخفيفة التي ظهرت على وجهها ،فابتسم لردة فعلها.
أعاد تكرار الأمر ليتأكد من افاقتها تماماً ..
...................................


لم تتخيل أن يسجنها في دكانها ، أن تتحول لحبيسة ما تملك.
واصلت صراخها الهيستري وهي تضرب بقبضتيها بعنف شديد على الباب القديم.
لم تهتم بالآلم الشديد الذي سبب الآذى لرسغيها ، ولا بالخدوش الخفيفة التي نتجت نتيجة احتكاكها الإنفعالي العنيف بالنتوءات الخشبية نتيجة تشققات الزمـــن ...
صاحت بجنون :
-
طلعني من هنا ، انت مش بني آدم ، افتح البـــــاب !

لم تكن تخشى الظلام على قدر خوفها من تلك الكائنات الزاحفة التي يمكن أن تكون متواجدة بالداخـــل
ورغم صياحها المقلق إلا أن العامل بالخــارج لم يتجرأ حتى على الرد عليها ، كان يهاب ردة فعل رب عمله إن علم بمخالفته لأوامره.
تمتم مع نفسه بضجر :
-
لو بإيدي كنت طلعتك ، بس هاعمل ايه !

سحب مقعداً من المحال الملاصقة للدكان - والمملوكة لعائلة حرب – ليجلس عليه بطريقة معكوسة.
استند بمرفقيه على ظهره ، وتابع حركة المارة بنظرات فاترة.

لمح من على بعد صبي ما يقترب منه متساءلاً بإستغراب :
-
أومال الست صاحبة الدكان ده فين ؟

رمقه العامل بنظرات متفرسة وهو يجيبه بتساؤل أخر بعد أن نهض عن مقعده :
-
انت مين ؟ وبتسأل عليها ليه ؟

وقف الصبي حسن قبالته ليجيبه بهدوء :
-
أنا حسن شغال عند الحاج زقزوق النجار ! كنت جايبلها لمبة بدل البايظة عندها

انتبه هو لصوت الصراخ الغير واضح ، فتبدلت تعابيره للقلق ، وتساءل بتوجس :
-
هو الصريخ ده جاي من جوا وآآ.. ؟؟؟

قاطعه العامل بغلظة مشيراً بيده له ليبتعد :
-
مالكش دعوة ، اتمشى من هنا !

هتف الصبي عفوياً وهو يشير بكف يده الممسك بالمصباح الجديد :
-
دي باينها محبوسة جوا !

تجهمت تعابير العامل ، فقد أدرك أن هذا الصبي سيسبب له المتاعب ، وهو في غنى عنها ، لذا هتف فيه بحدة :
-
بأقولك ايه ، ارجع لمعلمك وشوف شغلك أحسنلك

وصل إلى مسامعهما صراخها المكتوم :
-
طلعوني من هنا

صــاح حسن بإصرار :
-
شغل ايه ؟ ده أنا سامع واحدة بتصوت !

دفعه العامل من كتفه للخلف بقوة قائلاً بغلظة :
-
ولــه ، كُل عيش احسنلك !

اغتاظ حسن من أسلوبه الفظ في التعامل ، فرد عليه بتحدٍ :
-
خلاص أنا هاروح أقول لمعلمي وهو يتصرف

لم يعبأ العامل بتهديده الصريح ، وأردف قائلاً بنبرة ذات مغزى :
-
وماله قوله ، بس انت هاتوقع مع الريس منذر !

اضطرب الصبي على الفور بعد سماعه لإسمه ، وردد بتلعثم :
-
هــاه .. آآ.. الـ.. الريس منذر !

أومــأ العامل برأسه مردداً بجدية :
-
ايوه ، دي أوامره

رغب الصبي في مساعدتها ، فهو لم يرَ منها ما يسيء بل على العكس كانت مهذبة ، حسنة الخلق ، كيسة في تعاملها معه ..
أصــر على الدخول إليها ، ربما ينجح بطريقة ما في معاونتها ، فألح قائلاً بإستعطاف :
-
طيب .. بس .. بس الست كانت عاوزة اللمبة ، حرام نسيبها في الضلمة ، دي طيبة وغلبانة

رد عليه العامل بإستياء :
-
مالناش دعوة !

أضــاف الصبي مقترحاً :
-
طب هاركبهالها وأمشي ، ومش هاجيب سيرة لحد !

ضجر العامل من إلحاحه المتواصل ، فصاح به بعنف :
-
يا بني انت مستغني عن عمرك ، بأقولك ده موضوع يخص الريس منذر ، اتمشى بقى !

تذمر حسن مردداً :
-
حرام والله اللي بيحصل فيها ده !

رد عليه العامل غير مكترث بما يقول :
-
حرام ، حلال ، ده مايخصناش !

ابتلع الصبي ريقه متابعاً بعناد :
-
طب .. طب أقولها إن أنا جيت وجبتلها حاجتها ، حتى تطمن ان احنا معاها وآآ...

قاطعه العامل بنفاذ صبر :
-
شكلك عاوز تعاديه !

هز حسن رأسه نافياً وهو يبرر موقفه :
-
لا والله ، أنا مش أده ، بس الست صعبانة عليا

رمقه العامل بإستخفاف وهو يرد ساخراً :
-
مايصعبش عليك غالي

-افتح البـــــاب !
كان صراخها واضحاً نسبياً لمن بالخــــارج فسبب لهما الضيق..

هتف حسن بلا وعي بصوت مرتفع :
-
اطمني يا ست ، انا واقف برا

اتسعت حدقتي العامل منزعجاً من تصرفه الأهوج ، وصـــاح به بحدة :
-
يا واد اخرس

ثم لكزه بقوة في جانبه مسبباً له الآلم ، فتأوه الصبي قائلاً :
-
آآه ، ليه بس كده !

قبض العامل على ذراعه دافعاً إياه للخلف وهو يضيف بصرامة :
-
امشي من هنا يالا

ارتد جسد حسن للخلف من إثر الدفعة ، وكاد يسقط على وجهه لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة.
نظر إلى العامل بحدة ، وصــاح بوجه مكفهر :
-
حسبي الله ونعم الوكيل

لوح له العامل بيده قائلاً :
-
حسبن بعيد عن هنا !!!

ركض بعدها الصبي مبتعداً عن المكان وهو يسب العامل ويلعنه بصوت خفيض ..
عـــاد الأخير للخلف ليجلس على مقعده أمام باب الدكان مراقباً المارة بنظرات عامة ومانعاً أي شخص من التدخل فيما لا يعنيه حتى انقضــاء تلك الساعة العصيبة ...
.......................................


يئست من أي محاولة لمساعدتها ، فاستسلمت لمصيرها المجهول.
توقفت عن دق الباب بعنف ، وأسندت جبينها عليه.
بكت بمرارة ، لاعنة تفكيرها الغير عقلاني الذي دفعها بتهور لفعل شيء كهذا. فلو تريثت قليلاً ما كانت ستوضع في هذا المأزق ..
استعادت في ذاكرتها تهديده الأخير بسلب ما تملكه رغماً عنها ،تعالت شهقاتها المختنقة مرددة لنفسها بندم :
-
يا ريتني ما عملت كده ، يا ريتني !

عادت لتبرر موقفها مرددة بيأس :
-
طب كنت هاعمل ايه ومافيش حد ليه مصلحة إلا هو ، فكرت إني بكده هاحمي نفسي منه ، طلعت غلطانة ، كل حاجة هتضيع مني، كل حاجة !

سمعت صوتاً غريباً جعلها تصمت فجـــأة ، وأهبت حواسها بالكامل.
تسارعت دقات قلبها بخوف كبير حتى كادت أن تصم أذنيها.
حبست أنفاسها مترقبة ما سيحدث لاحقاً.

كان الصوت لخربشات خفيفة ، لم ترغب هي في تخمين ما وراءها. لكنها واثقة أنها إحدى الزواحف الرمادية.
ارتعدت أكثر وجفل جسدها مرتعشاً.
انكمشت أسيف على نفسها ، وحاولت مقاومة إحساس الخوف الذي سيطر على كيانها ، لكنها لم تستطع ، وواصلت رجفتها المذعورة.
...................................


على مضض كبير اضطرت أن تستقل السيارة وتأتي به من مخبأه إلى المطعم حيث ينتظرها الحاج مهدي.
كان جالساً على حجرها ، تداعبه بلطف مصطنع.
وما إن وقفت السيارة أمام باب المطعم حتى إشرأبت بعنقها للأعلى محاولة رؤيته.
لمحته وهو يجلس عند المدخل ، فمالت على الصغير وهمست في أذنه بنعومة :
-
انزل يا يحيى

تساءل الصغير ببراءة وهو يلتفت برأسه نحوها :
-
احنا هنتغدى هنا يا تيتة ؟

هزت رأسها نافية وهي تبتسم له :
-
لأ

سألها بفضـــول وهو يشير بسبابته :
-
أومال ليه آآ....؟

قاطعته قائلة بجدية :
-
هاتروح مع عمك مهدي ، هيوديك عند بابا

اتسعت ابتسامة الصغير يحيى وهتف بحماس :
-
بجد ؟

رد بامتعاض من بين شفتيها :
-
اه

هلل الصغير بحماس أكبر :
-
هيييه !

انتبه الحاج مهدي لتلك السيارة المصفوفة بجوار مطعمه ، فنهض بتثاقل من على المقعد ، وســار بخطوات ثابتة نحوها.
رأى الجالسة بالمقعد الخلفي ، وذلك الصبي الذي بحوزتها ، فاستطرد حديثه مردداً :
-
كويس إنك جبتيه يا شادية !

ردت عليه بتبرم :
-
غصب عني يا مهدي ، لو مكانش آآ...

رفع كفه أمام وجهها ليجبرها على الصمت قائلاً بحنق ظاهر في نبرته :
-
مشاكلك مع دياب وعيلته تحليها بعيد عني وعن ابني ، فهماني يا شادية ، أنا مش ناقص خاوتة !

ردت عليه بنبرة منفعلة :
-
المشاكل هتجيلك برضاك أو غصب عنك ! إنت مش هاتخلص

تابع قائلاً بإزدراء :
-
بس مش عاوزها من ناحيتك ، يالا يا بني ، تعالى معايا !

ترجل الصغير من السيارة بعد أن قبلته جدته من وجنتيه ، ثم شبك يده في كف مهدي ، ورفع رأسه للأعلى متساءلاً ببراءة :
-
هاروح عند بابا ؟

ابتسم مهدي له وهو يجيبه :
-
أه ، هاوديك عنده ، تعالى !

أحكم قبضته على كفه الصغير ، وســـار معه نحو الطريق المؤدي للوكـــالة ليسلمه إلى عمه المتواجد هناك حتى يتمكن من تحرير ابنه مـــازن ..
راقبته شـــادية بنظرات مستشاطة ، وكزت على أسنانها قائلة لنفسها بتوعد :
-
الجيات أكتر من الريحات يا مهدي ، والموضوع مخلصش عند كده !

أشـــارت بعدها بعينيها للسائق قائلة بغلظة :
-
اطلع من هنا يا أسطى !
.......................................


لوح بكف يده في الهواء بسعادة كبير بادية على وجهه لهؤلاء الحراس المرابطين أمام البوابات الحديدية المحصنة مودعاً ذلك المكان الكئيب بمن فيه.
أخـــذ نفساً عميقاً يختلف عن ذي قبل .. ثم لفظه ببطء شديد وكأنه يتلذذ به عن قصد ...
لقد نـــال حريته أخيراً ، وحاز على عفو بعد أن قضى عدة أعوام حبيساً في السجن.
لم يرد إبلاغ عائلته بهذا الإفراج إلا حينما يخرج بنفسه .
مسح على صدره بكفه قائلاً بصوت متحشرج :
-
جــه وقتك يا مجد ، محدش هايقف تاني قصادك !

واصـــل سيره المتباهي حتى ابتعد تماماً عن هذا المكان المقيت ليستأجر إحدى سيارات الأجرة لتوصله إلى منطقته الشعبية.

.....................................


أصدرت أنيناً خافتاً وهي تجاهد عقلها الثقيل لتجبر نفسها على الاستيقاظ من غفوتها تلك.
اخترقت تلك الرائحة العطرة أنفها بقوة ، فتشنجت تعابير وجهها إلى حد ما.
بدأ جفناها في التحرك عفوياً ، ثم فتحا ببطء.
كانت الرؤية مشوشة في البداية ، فقط إحساس بالآلم والثقل مسيطراً عليها.
لم تتوقف تلك الرائحة النافذة عن مداعبة أنفها ، فمدت يدها لا إرادياً نحوه ، شعرت بملمس جلدي قريب منها.
تأوهت مجدداً قائلة بصوت ناعس :
-
ابعدي ايدك يا نيرمين

رد عليها مازحاً :
-
هو أنا ايدي طرية أوي كده !

تعجبت من تلك النبرة الخشنة التي سمعتها ، وفتحت عيناها رامشة عدة مرات لتتضح الرؤية تماماً معها.
زاد اتساع حدقتيها ، فهتفت متساءلة بذهول :
-
إنت ؟ بتعمل ايه هنا ؟

رد عليها بعبوس زائف :
-
انتي عندنا في البيت

شهقت مصدومة وهي تعتدل فجــأة في نومتها :
-
عندكم !

تلفتت حولها بتوتر لتتأكد من صحة تصريحه ، فزاد قلقها وتوجسها ...
سريعاً استعادت في ذاكرتها ما حدث في وقت سابق.
ارتجف جسدها من ذلك الموقف المشين الذي كانت به ، وضمت يديها إلى صدرها وكأنها تحمي نفسها .

شعر ديـــاب بالحرج ، ونهض من جوارها موليها ظهره ، ثم تابع بصوت آجش :
-
انسي اللي حصل تحت !

أخفضت عيناها بخجل مرددة بصوت منكسر :
-
أنا معملتش حاجة !

التفت نحوها قائلاً بتجهم :
-
مش محتاجة تبرري أو تدافعي عن نفسك ، أنا واثق فيكي ، فانسي خلاص !

أصرت على توضيح موقفها محتجة :
-
بس آآ...

رد عليها مقاطعاً بصرامة :
-
مابحبش أكرر كلامي كتير !

أنزلت قدماها عن الأريكة ، ولملمت نفسها بحرص لتتأكد من عدم كشف أي جزء من جسدها ، ثم ردت عليه بجدية :
-
ماشي ، بس أنا مش هاسكت عن حقي ، وهاربي الجبان اللي آآ....

انزعج من تكرارها لذلك الأمر ، فهتف بإنفعال :
-
بأقولك انسيه ، ايه الغريب في كلامي ، ليه مش بتسمعيه من أول مرة !

نهضت واقفة وهي ترد بعناد صــارخ :
-
مش هاسيبه !

تأوهت من الآلم نتيجة صراخها ، فوضعت يدها على عظمة الترقوة لتفركها قليلاً مخففة حدة الوجع .
تابعها بإهتمام ، وسألها متوجساً :
-
انتي كويسة ؟

وقبل أن تجيبه اقتحمت الصــالة والدته هاتفة بسجيتها المسببة للخجل :
-
ماشاء الله فوقتي ووقفتي على رجليكي ، الظاهر ديــاب بيفهم في الحاجات دي

استشعر الأخير الحرج من كلامها الغير مكترث ، وهتف بتبرم :
-
هي فاقت لوحدها !

تنحنحت بسمة بصوت خفيضة مرددة بنبرة ممتنة رغم تلعثمها :
-
شكراً على آآ... عبايتك وآآ.. ، أنا مش عارفة أقول ايه ، بس آآ...

قاطعتها قائلة بود وهي تمسح برفق على ظهرها :
-
هو أنا عملت حاجة يا حبيبتي ، دي حاجة بسيطة ، اقعدي وارتاحي كده وأنا هاعملك حاجة دافية تشربيها !

هزت رأسها نافية وهي ترد معترضة :
-
لأ مش عاوزة ، أنا هامشي !

وضعت جليلة يدها على طرف ذقنها ، وعضت على شفتها السفلى قائلة بإستنكار :
-
تمشي ايه ، انتي هاتستني شوية لحد ما نطمن عليكي !

ثم التفتت برأسها ناحية ديــاب لتوجه حديثها له قائلة بمكر :
-
ولا ايه يا ديـــاب ، ماتقول حاجة يا بني ؟

زم ثغره بضجر بارز على ملامحه ، لكنه لم يعارض رأي والدته ، وأردف قائلاً بتجهم :
-
خليكي ، أنا هاوصلك !

نظرت له بسمة بطرف عينها قائلة :
-
متشكرة ، أنا عارفة الطريق لوحدي

نظر لها بقوة قائلاً بعناد أكبر :
-
وايه يعني ، هاوصلك آآ..

تدخلت جليلة في الحوار قبل أن يتطور بينهما لمشاجرة ما قائلة بمرح :
-
بصوا مافيش داعي للخناق ، أنا هاكلم أمك وأختك وأقولهم يجوا نقعد سوا كلنا ، وبعد كده تروحوا مع بعض

ردت بسمة قائلة بتذمر :
-
مافيش داعي ، أنا آآ...

نظرت لها جليلة بحزن وهي تضيف بعتاب :
-
كده بردك ، عاوزة تزعليني ؟

ثم التفتت نحو ابنها قائلة بلؤم :
-
ما تقول حاجة يا دياب ؟

تمتم مع نفسه بخفوت :
-
يخربيت دياب ! هو ما فيش إلا أنا !!!

سألته أمه بدهاء نسائي معتاد :
-
ها يا بني ؟

رد عليها بعدم اكتراث :
-
اعملوا اللي انتو عاوزينه ، ماليش فيه !

ثم أولاهما ظهره وتحرك مبتعداً عن الاثنتين .
تابعته بسمة بنظرات ضجرة ، لكنها لم تكن حانقة منه .. بل على العكس كانت ممتنة لمعروفه معها في ذلك الوقت العصيب.
أخرجها من شرودها السريع صوت والدته وهي تقول بترحاب :
-
ارتاحي يا حبيبتي ، ده انتي منوراني !

ابتسمت لها بسمة بتكلف ، وجلست على الأريكة بحرج نسبي ..
.................................


أوصــــل الحاج مهدي الطفل يحيى إلى الوكالة بعد أن أحضر له كيساً بلاستيكياً مليئاً بالحلوى ، ثم انحنى ليقبله بعطف ماسحاً على ظهره برفق ، واعتدل في وقفته صائحاً بصوت مرتفع :
-
منـــذر ، ابن أخوك أهوو

هب الأخير واقفاً من مقعده ، وركض سريعاً نحو الخــارج هاتفاً :
-
يحيى !

فتح ذراعيه ليلتقطه ، ثم رفعه عن الأرضية واحتضنه بقوة قائلاً :
-
وحشتنا يا ابن الغالي

رد عليه الصغير ببراءة :
-
عمو منذر !

هتف الحاج مهدي قائلاً بجدية :
-
ابنكو عندكم ، فين ابني ؟

رد عليه منذر بصوت قوي ونظراته مسلطة عليه :
-
هايجيلك !

هتف الحاج مهدي بإصرار وهو يشير بسبابته :
-
دلوقتي !

رد عليه منذر بإيجاز :
-
طيب !

أنزل الصغير على قدميه ، لكنه أمسك بقبضته ولم يفلتها ، ثم أخرج هاتفه من جيبه ليهاتف رجاله بالمستودع كي يحرروا مـــازن ..
......................................


مل العامل من الإنتظار أمام باب الدكان المغلق ، وتوجس خيفة أن يكون أصــاب تلك الماكثة بالداخل أي شيء ، فأشفق عليها ، وقرر أن يحررها قبل نفاذ الساعة ..
نهض عن مقعده ، وفتح القفل ، ثم دفعه بحذر للخلف مردداً بصوت خفيض :
-
انتي يا ست ؟ سمعاني !

انتبهت أسيف لصوت فتح قفل الباب ، فاستدارت مبتعدة عنه، وحدقت فيه بأنفاس متهدجة .
بكث متأثرة حينما فتح نسبياً ، وردت غير مصدقة أنها تحررت :
-
حرام عليك اللي عملته فيا

رد عليها بصوت مزعوج :
-
أنا ماليش دعوة يا ست ، أنا عبد المأمور !

بكت بقهر لعجزها ، فهي ضعيفة لا سند لها ولا مدافع عنها في تلك الحياة القاسية.
شعر العامل بوخز في صدره حينما رأها على تلك الحالة ، وتابع بصوت ضائق مشيراً بيده :
-
بصي ، أنا هساعدك لله في لله ، انتي امشي من هنا وماتجبيش سيرة إني خرجتك ، الله يرضى عليكي أنا مش ناقص مشاكل

هزت رأسها بإيماءات متتالية مكفكفة عبراتها بظهر كفها :
-
طيب !

التفت برأسه للخارج ليتأكد من خلو الطريق ، ثم همس لها بصوت آمر :
-
يالا ، مافيش حد برا

تحركت بخطوات متعثرة في مشيتها نحو الخارج ، وقبل أن تبتعد تماماً هتف بها العامل قائلاً :
-
استني يا ست ، خدي مفتاح الدكان بتاعك !

عادت إليه ممددة كفها نحوه ، فقطب جبينه متعجباً من أثار الجروح الظاهرة على رسغها ، فهتف بنزق :
-
ايه اللي في ايدك ده ؟

نظرت إلى حيث أشــار ، فرأت تلك الأثار البائنة عليه..
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف ، وسحبت كم ثوبها عليه لتغطيه قائلة بصوت مرتجف :
-
المفتاح بتاعي !

ناولها إياه متابعاً بتحذير:
-
متجبيش سيرة اني طلعتك قبل آآ...

قاطعته قائلة بصوت خائف :
-
حاضر !

ثم قبضت على المفتاح بكفها ، وواصلت سيرها المتعجل لتختفي من المكان برمته ...
..........................


في نفس التوقيت ، توقفت سيارة الأجرة على ناصية الطريق ، فترجل منها مجد ، ووقف للحظات متسمراً في مكانه ليتأمل ذلك المكان الذي افتقده كثيراً.
لم يتغير تماماً ، كان مثلما تركه قبل عدة أعوام.
التوى ثغره بإبتسامة متهكمة وهو يجوب بأبصاره المحال والبنايات بنظرات شمولية بطيئة .
صفق باب السيارة بقوة ، وتحرك نحو الأمام سائراً بخيلاء رافعاً رأسه للأعلى في كبرياء .
دس كفي يده في جيبي بنطاله الجينز القديم مدندناً مع نفسه بصافرة خفيضة.
.................................


التفتت أسيف برأسها للخلف من آن لأخر لتتأكد من عدم تتبع أي أحد لها.
لا تزال تلك الرجفة المذعورة مسيطرة عليها ، هي قضت وقتاً عصيباً بالداخل لا تتمنى تكراره مرة أخرى.
لم تنتبه إلى ذلك القــــادم في طريقها ، وكأنه غير موجود أمامها ، فارتطمت بصدره دون قصد منها..

كان قد رأها مقبلة عليه بإرتباك ملحوظ عليها ، فدقق النظر نحوها ، لكنه تفاجيء بها تصطدم به بقوة ..
شهقت أسيف بحرج كبير ، واصطبغ وجهها بحمرة خجلة وهي تعتذر قائلة :
-
أنا.. أنا أسفة ، مخدتش بالي والله ، مـ.. مقصدش !

أمسك بها مجد من ذراعيها بقبضتيه ليثبتها في مكانه ، ثم مرر أنظاره الغير مريحة عليها وهو يقول بعبث :
-
مش تاخدي بالك يا قطة وانتي ماشية ! الشارع ليه أصوله بردك !

أزاحت قبضتيه عنها قائلة بنبرة مزعوجة :
-
مـ.. معلش ! مش قصدي !

رد عليها بتنهيدة أربكتها :
-
حتى لو تقصدي ، براحتك !

هربت الدماء من وجهها من إثر كلماته الجريئة تلك ، وازدردت ريقها بتوتر كبير..
ظلت أنظاره القوية مسلطة عليها مسببة لها الضيق والخوف ، كانت تشعر بعينيه تخترق جسدها وتعريه ، فتحركت سريعاً من أمامه ، لكن وصل إلى مسامعها صوته الخشن وهو يقول بثقة :
-
وماله ، مسيرنا نتقابل تاني يا حلوة .................................... !!!

.................................................. ..



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 02-12-17, 01:17 AM   #240

rasha shourub

? العضوٌ??? » 267348
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,873
?  نُقآطِيْ » rasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond repute
افتراضي

اسيف الصدمات خلتها تتحنن وفعلا ما لقيتش غير منذر اللي هيولع فيها وفي اهلها احلى حاجة انها ادت نيرمين الزفتة علقة محترمة تستاهلها انا شايفة ان تربية بسمة ونرمين زي الزفت الاتنين اسزا من بعض دياب واعتقد ان مازن هو اللي هيرجع له ابنه وخاصة ان ابوه هيحاول ما يشعللش الدنيا معاهم تاني خطوة اسيف الاخيرة في القسم من اغبى ما يكون تسلم ايديكي

rasha shourub غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:19 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.