آخر 10 مشاركات
فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          311 - لن ينتهي الرحيل - الكسندرا سكوت (الكاتـب : سيرينا - )           »          غريب الروح * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Heba aly g - )           »          ودواهم العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : emy33 - )           »          423 - امرأة من دخان - سارة مورغن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          وحدها تراني (19) من سلسلة لا تعشقي أسمراً للكاتبة المبدعة: Hebat Allah (كاملة&مميزة) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-12-17, 07:23 AM   #281

نور الشفق

? العضوٌ??? » 410809
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 284
?  نُقآطِيْ » نور الشفق is on a distinguished road
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الفصل راااااائع سلمت يداك

نور الشفق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-12-17, 12:15 PM   #282

نور الشفق

? العضوٌ??? » 410809
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 284
?  نُقآطِيْ » نور الشفق is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الاحداث اصبحت ساخنة جدا نحن على شوق

نور الشفق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-12-17, 12:16 AM   #283

نور الشفق

? العضوٌ??? » 410809
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 284
?  نُقآطِيْ » نور الشفق is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مبدعة انت منا ل الرواية واقعية ووصف الاحداث مؤثر جدا سلمت يداك

نور الشفق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-17, 08:22 AM   #284

nada alaa

? العضوٌ??? » 112472
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 905
?  نُقآطِيْ » nada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond reputenada alaa has a reputation beyond repute
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

nada alaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-17, 05:02 PM   #285

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

الفصل الثامن والثلاثون:

ودعتها بود كبير لم تبذل جهداً في إخفائه عنها، وأطلت برأسها لترمقها بنظرات ذات مغزى قبل أن تحرك شفتيها لتنطق بجدية:
-هنستناكي يا بنتي !

لوحت لها بسمة بكفها قائلة بهدوء:
-إن شاء الله !

كان ديـــاب في إثرها، لكنه تعمد التَلَكُأ في خطواته كي يلحق بها فلا تسبقه.
رفع رأسه للأعلى لينظر ناحيتها لكنها لم تكن ناظرة إليه .
دقق النظر فيما هي محدقة فيه، فوقعت عيناه على تلك الزاوية المجمدة أنظارها عليها.
رأى في تعابير وجهها علامات النفور والإستنكار.
لم يحتاج للتخمين، هو فهم سبب شرودها العابس.

آلمه رؤيتها وهي تقبض على صدرها بكف يدها .. فزفر بعمق.
اقترب منها قائلاً بصوت هاديء رغم إنزعاجه:
-انسي اللي حصل وماتفكريش فيه تاني

التفتت نحوه فتابع محذراً:
-حقك أنا جبته، وزي ما قولت فوق اعتبريه حرامي وخد جزاءه ! كده أريح !

ابتلعت ريقها بمرارة، ولم تعقب عليه .. وواصلت نزولها على الدرج لكن صوت الصراخ المنبعث من الأسفل جعلها تتسمر في مكانها لتتابع ما يحدث.
................................

رفعت ذراعها في الهواء مستنكرة بشراسة إزدراءه منها، رمقها بطرف عينه بقسوة مهددة بعد أن ظن أنها تنتوي صفعه.
وقبل أن يهدر بها بعنف قد يهلك ما تبقى منها، انتبه لصوت الصراخ الآتي من الخلف.
استدار كلاهما ليحدقا في نيرمين التي جثت على ركبتيها أمام والدتها المسجاة على الأرضية صائحة بنبرة مستغيثة:
-امي .. الحقني يا سي منذر !

تأهبت حواسه لرؤية عواطف على تلك الوضعية المريبة، وركض سريعاً نحوها محاولاً نجدتها وهو يقول:
-ست عواطف !

قفز قلب أسيف في قدميها هلعاً حينما رأتها منهارة أمامها، وهتفت بلا وعي:
-عمتي !

عجزت عن التقدم للأمام . بقيت متسمرة في مكانها تطالعها بنظرات مذعورة.
ربما هي تحمل عمتها جزءاً مما حدث، لكنها لا تتمنى أبداً أن يصيبها السوء .. فمن ذاق مرارة الفقد لا يرجو لغيره أن يعانيه.
جثى منذر على ركبته سريعاً أمامها، وحاول رفع رأسها عن الأرضية، وأسندها على ركبته، وجاهد ليرفع ثقل جسدها بعناية.
صرخت فيها نيرمين ببكاء حارق وهي تشيح بيدها:
-هتموتيها وترتاحي، ده اللي نفسك فيه، انتي مش انسانة، انتي واحدة جاحدة ناكرة للجميل !

ارتجفت شفتي أسيف وهي ترد بخوف:
-أنا !

واصلت نيرمين صياحها الهادر:
-منك لله، منك لله !

التفت منذر ناحيتها قائلاً بغلظة:
-اهدي يا نيرمين !

نظرت الأخيرة إليه بأعين دامعة، ورغم صعوبة الوضع إلا أنها كانت سعيدة بإهتمامه الشديد بها وبأمها.

نزلت بسمة ركوضاً على الدرج متساءلة بخوف:
-في ايه ؟

رأت والدتها غائبة عن الوعي، فشهقت مفزوعة:
-ماما، حصلها ايه ؟

مدت ذراعيها نحو والدتها محاولة ضمها إليها لكن دفعتها نيرمين للخلف قائلة بحنق:
-هي السبب، هي اللي هاتموت أمنا !

رفعت بسمة عينيها نحو أسيف، وحدجتها بنظرات نارية مميتة صارخة بها بتهديد شديد اللهجة:
-لو جرالها حاجة مش هايكفيني فيها عمرك كله ! هادبحك يا أسيف سمعاني، هادبحك !

جفل جسدها بإرتعاشة قوية، وتراجعت للخلف خوفاً من تكتلهم وتكالبهم عليها إن أصاب عمتها أي سوء.

وصل دياب هو الأخــر إلى المدخل، وتفاجيء بما صــار لعواطف، وقبل أن يتساءل هتف فيه أخاه بصرامة:
-تعالى يا دياب، اسند معايا نطلعها فوق !

مــــر الأخير من بين الأختين قائلاً بقلق:
-حاسبوا شوية ! مالها ؟

هتفت بسمة بخوف كبير وهي ممسكة بكف أمها:
-ردي يا ماما عليا !

أزاحها دياب للجانب مردداً بجدية:
-اهدي شوية خلينا نتصرف معاها !
لم تستطع أسيف تحمل المشهد، فكتمت شهقاتها براحتي يدها، ثم أولتهم ظهرها، وركضت هاربة من المكان بأسره تاركة العنان لعبراتها المريرة لتنهمر بغزارة مغرقة وجهها بالكامل .. لم يعد لديها أي مكان لتبقي فيه .. هي باتت وحيدة كلياً، شريدة في بلاد غريبة عنها.
.......................................

جلبة كبيرة حدثت بداخل منزل عائلة حرب بعد حمل عواطف إليه مغشية عليها.
وضعت بالفراش داخل غرفة منذر، والتفت ابنتيها حولها ..
وقفت إلى جوارهما جليلة محاولة بث شعور الإطمئنان لنفسهما المضطربة.
نجح الطبيب في إفاقتها بعد استدعائه، واستطرد حديثه قائلاً بجدية:
-ضغطها واطي، ولازم تاخد علاج لده !

رد عليه منذر بجدية وهو يشير بيده:
-شوف المطلوب ايه وأنا هانزل أجيبهولها على طول !

ثم وجه حديثه إلى ابنتيها متابعاً:
-ماتشلوش هم حاجة ! احنا جمبكم !

ربتت جليلة على ظهره قائلة بنبرة متأثرة:
-الله يكرمك يا بني ! دول غلابة !

حدقت فيه نيرمين مطولاً .. لم تقاوم رغبتها في مليء جفنيها برؤياه حتى وإن أفتضح أمرها .
فهو يثبت لها يوماً بعد يوم أنه المعنى الحقيقي للرجولة المتأصلة. ذلك الشيء الذي انعدم تماماً في طليقها السابق.

أضـــاف دياب قائلاً بجدية وهو يشير للطبيب:
-اتفضل معايا يا دكتور !

نهض الطبيب من على الفراش بعد أن أغلق حقيبته الجلدية، وســار معه خـــارج الغرفة ...

أفاقت عواطف من غيبوبتها المؤقتة مصدرة أنيناً خافتاً ..
اقترب منها الجميع متابعين حالتها بتلهف واضح.
أخذت تئن متساءلة بصوت هامس:
-فينها ؟ راحت فين ؟

دنت منها بسمة، وأمسكت بكفها، ثم احتضنته بين راحتيه مرددة بإستفهام:
-احنا جمبك يا ماما !

تابعت عواطف أنينها الهامس:
-هاتوا أسيف، ماتخلوهاش تمشي !

عبست ملامح وجه بسمة بشدة، واكفهرت تعابير نيرمين للغاية .. حتى بعد ما أصابها هي لا تزال توليها إهتمامها ..
تبادلت الاثنتان نظرات مغتاظة ..
بينما حدق منذر فيها بإستغراب، ومع ذلك لم يعقب، فالأمر يعد إلى حد ما مسألة شخصية، لا يجوز له التدخل بها دون إذن.
استشعرت جليلة الحرج من وجودها، فهتفت بإبتسامة متكلفة:
-هاروح أجيبلك يا عواطف حاجة مسكرة تشربيها وتروق دمك !

صاحت نيرمين فجـــأة بحنق لم تستطع إخفاؤه:
-مين دي اللي عاوزاها ماتمشيش، دي كانت عاوزة تموتك بعمايلها !

حركت عواطف رأسها على الوسادة لتنظر في اتجاه ابنتها وهي تقول بصوت ضعيف:
-هي مش في وعيها، اللي شافته مش قليل !

ردت عليها نيرمين بغيظ:
-قلبك الطيب ده يا ماما هيضيعك، هي محستش بيكي ولا بتعبك، كل همها إن احنا اللي موتنا أمها وخلاص !

هتفت بسمة هي الأخرى بضجر:
-بلاش سيرتها دي، خليكي في نفسك يا ماما !

انزعجت عواطف من قسوة ابنتيها، فرغم كل شيء أسيف هي ابنة أخيها الوحيدة، لا عائل لها ولا معيل سوى هي.
عاودت النظر في اتجاه منذر، وتوسلته بأعين دامعة:
-رجعهالي يا بني، انت الوحيد اللي هاتقدر تجيبها !

ضاقت نظرات نيرمين للغاية وتحول وجهها للإحتقان ..
زاد تجهم تعابيرها المنزعجة، وتمتمت من بين شفتيها بسخط:
-واشمعنى منذر، هو مافيش إلا هو !!

أخذ هو نفساً مطولاً زفره على مهل وهو يرد بحذر:
-بلاش أنا، خلي ....

قاطعته قائلاً بإستعطاف أكبر:
-الله يصلح حالك يا بني، هاتها !

رفع يده على رأسه، ومررها عدة مرات ليفكر للحظات في طلبها المُلح، ثم ضغط على شفتيه قائلاً باستسلام:
-ماشي !

تنفست عواطف الصعداء لموافقته، وتابعت بصوت منهك:
-ودوني بيتي، عاوزة أرتاح هناك !

اعترضت بسمة بشدة على طلبها مرددة:
-لا مش هاينفع تتحركي يا ماما وانتي كده، استني أما تفوقي خالص وهناخدك !

اتفقت معها أختها في نفس الرأي قائلة بإصرار عنيد:
-ايوه، بسمة عندها حق، خليكي شوية !

أضافت جليلة قائلة بود:
-ست عواطف ده بيتك، ارتاحي فيه وماتقلقوش، عندنا أوض تانية فيه، ده يا مكترها هنا

هزت عواطف رأسها ممتنة لكرمها الزائد وهي تقول:
-كتر خيرك يا ست جليلة، جمايلكم مغرقانا من ساسنا لراسنا، كفاية الدوشة اللي عملنهالكم، معلش، مش هرتاح إلا في بيتي !

تلك المرة رد عليها منذر بصوته الجـــاد والصارم:
-نرجع بنت أخوكي الأول، وبعد كده نشوف هانعمل ايه !

همست عواطف بإبتسامة راضية:
-ماشي يا بني
احتدت نظرات نيرمين للغاية، وأظلم بريق عيناها، ففي كل مرة يحدث فيها خطب ما، لا تفوت الفرصة على تعيسة الحظ تلك للإلتقاء بمنذر ، عكسها هي التي تسعى لإختلاق الفرص معه ..
لم تفارقه عيناها رغم خروجه من الغرفة، بقيت أنظارها معلقة على ما تبقى من أثره.
كتفت ساعديها إلى صدرها، وكتمت غيظها داخل نفسها الغاضبة.
....................................

ركضت مبتعدة عن المكان برمته، لا تعرف إلى أين تذهب تحديداً، لكنها لن تعود إلى هذا المنزل .. انقضى كل شيء به، وهي الآن عليها أن تواجه مصيرها المظلم بمفردها.
توقفت لتلتقط أنفاسها، وتلفتت حولها بنظرات زائغة، أصبحت كالتائهة في دروب الحياة المريرة.
وضعت يدها على وجنتها لتمسح عبراتها، وواصلت أنينها الخافت.
اختنق صدرها بالكثير، ولم تعد تتحمل كل تلك الضغوطات.
هي من أوشكت على الإنهيار كلياً .
بارقة أمل لاحت في الأفق حينما رأت لافتة دكانها.
إحساسها بالضياع تناقص نوعاً ما، فقد وجدت ملاذاً لها، يخصها هي فقط
لم تتردد في الذهاب إلى هناك. فهو ملجأها الحالي.
نعم هي عادت إلى الدكان المظلم لتختبيء به حتى تقرر ما ستفعله لاحقاً ...
.......................................

ولجت خلف زوجها داخل غرفة نومهما، وأخبرته بملخص سريع لما دار.
ابتسم لتصرفها بحكمة، وأردف قائلاً بإعجاب:
-خير ما عملتي يا جليلة، خليهم يباتوا عندنا النهاردة

ردت عليه مؤكدة:
-أنا قولت كده بردك، مايصحش ننزلها وهي تعبانة !

هز رأسه نافياً وهو يدنو من الفراش:
-لالا، امسكي فيهم، وخليهم ياخدوا راحتهم !

ابتسمت مرددة بثقة:
-اه اطمن، حتى دياب ميل عليا قبل ما ينزل وقالي هيسهر مع أصحابه، ومنذر كمان هيبات في الوكالة بس أما يجيب بنت أخوها هنا، وكده يبقى مافيش حاجة تحرجهم !


جلس طــه على الفراش، وفرك قدميه قائلاً بضيق قليل:
-أهي البت دي اللي حكايتها حكاية !

مصمصت جليلة شفتيها هاتفة بإشفاق:
-والله ما عارفة مالهم بس، هي البت غلبانة، بس بختها قليل !

رد عليها طه باقتضاب وهو يتمدد على فراشه الوثير:
-ربنا يهديها، مالناش دعوة بمشاكلهم !

انحنت جليلة للأسفل لتسحب حذاء زوجها وتضعه في مكانه المخصص، ثم التفتت قائلة بمكر:
-قولي يا حاج، ايه رأيك في نيرمين؟

لم يفهم مقصدها، فسألها مستفهماً:
-من حيث ؟

ردت عليه بتساؤل غامض:
-يعني شايفها ازاي ؟

أجابها بفتور وهو يهز كتفيه:
-والله هي كويسة !

لمعت عيناها بوميض غريب وهي تهتف بتحمس بائن في نبرتها:
-طب تنفع لمنذر ؟

قطب طه جبينه متعجباً، وردد بصدمة قليلة:
-منذر !

حركت رأسها بالإيجاب وهي تتابع موضحة:
-اه، أنا كنت فاتحته في الموضوع من فترة، بس مأجلين الكلام فيه لحد ما عدتها تخلص !

سألها طه بإهتمام:
-وهو منذر ابنك بيفكر فيها ؟

نفت قائلة بعبوس خفيف:
-لأ، خالص، ولا في باله !

ثم ما لبثت أن تحولت نبرتها للحماس فجأة وهي تكمل:
-بس هي اللي هاتنفعه، عارفينها، وتحت طوعنا، والأهم من ده كله بتخلف !

انزعج طه من تفكير زوجته السطحي، وردد قائلاً:
-الخلفة دي بتاعة ربنا، محدش ليه دخل فيها !

ردت عليه بإصرار:
-ايوه، بس ربنا قالنا ناخد بالأسباب !

اقتضب طـــه في الحديث معها قائلاً بنبرة متعبة:
-عموماً هو مش وقته !

فكرت جليلة في مفاتحته أيضاً فيما فكرت فيه، فتابعت غير مكترثة:
-طيب .. وايه رأيك في أختها بسمة ؟

رد عليها بضجر وهو يزفر بصوت مسموع:
-مالها هي التانية ؟

أجابته بإبتسامة عابثة:
-يعني لو دياب كده آ.....

قطع حديثها قائلاً بتهكم بعد أن نفذ صبره:
-جرى ايه يا جليلة هو انتي واخدة توكيل عيلة عواطف ؟

ردت عليه بعبوس:
-الله يا حاج طه، أنا شايفة البنات وعاجبني !

هتف مستنكراً تفكيرها ضيق الأفق:
-لكن مش عاجبين عيالك، قفلي على السيرة دي خالص ! سامعة !

لوت ثغرها مرددة بتبرم:
-ده أنا بأفضفض معاك بكلمتين

رفع كفه ملوحاً وهو يرد بتذمر:
-لا كلمتين ولا تلاتة، خليهوملك ! ويالا عشان أفرد جتتي وأرتاح !

نظرت إليه بعبوس وهي تقول:
-طيب يا حاج !

......................................

وصل إلى البناية القاطنة بها عواطف بسيارته، صفها بجوار المدخل، ثم ترجل منها، وولج إلى الداخل صاعداً على الدرج ..
اعتقد أنها ربما تكون قد عادت إليه، لكن خابت أمالها بعد أن دق الباب لمرات عديدة دون جدوى.
انحنى برأسه على الباب ليستمع إلى الصوت القادم من الداخل، لكن لا شيء .. فقط صمت رهيب تتخلله حركة الهواء ..
اعتدل في وقفته، وتلفت حوله متساءلاً بحيرة:
-هاتكون راحت فين ؟ دي مالهاش حتة تانية !

وضع يده على عنقه، وقــام بفركه بحركة متكررة، واستدار قائلاً لنفسه بإرهاق:
-دايماً مدوخاني وراكي يا بنت رياض !

رن هاتفه الموضوع في جيبه، فدس يده في جيبه ليخرجه ناظراً في شاشته. رأي اسم المخبر صادحاً، فنفخ بإنزعاج، تكررت إتصالاته على مدار اليوم، ولم يبلغه سوى بالسيء من الأخبار .. لذلك تجاهل أغلبها ..
وحينما ضجر من إلحاحه، أجاب قائلاً باقتضاب:
-خير، في حاجة جدت ؟

رد عليه المخبر بحماس:
-فينك من بدري يا ريسنا، كنت عاوز أديك البشارة، وعمال أطلب عليك من زمان !

سأله منذر بعدم فهم وقد انعقد ما بين حاجبيه:
-بشارة ايه دي ؟

أجابه بتلهف:
-البت اياها اتنازلت عن المحضر يجي من شوية، كده مافيش حد ليه حاجة عندك يا ريس !

تفاجيء بما قاله .. وتجمدت أنظاره على نقطة ما بالفراغ مستوعباً ما سمعه ..
هي تخلت عن إتهامها المزعوم، ولم تبلغه بهذا رغم المواجهة الأخرى التي دارت بينهما.
عجز عن تفسير تصرفاتها الغريبة، بل على الأرجح لا يستطيع التنبؤ بما يمكن أن تفعله..

أخرجه من تفكيره المتعمق صوته المخبر المتساءل:
-تؤمرنيش بحاجة تانية ؟

تنحنح منذر قائلاً بخشونة:
-لأ، متشكر !

رد عليه المخبر بهدوء:
-ماشي يا ريس منذر، سلامو عليكم

أنهى المكالمة معه وهو يحك رأسه بحيرة، ثم مط فمه للأمام مردداً بتعجب:
-مش فاهمك بصراحة !

أخذ نفساً عميقاً، و لفظه دفعة واحدة قبل أن يكمل حديث نفسه بجدية:
-طيب دلوقتي لو أنا مكانك، وماليش حتة أروحها، يا ترى هاقعد فين ؟ !

أضـــاء عقله بشيء ما، ربما ليس مؤكداً، لكنه أثار الشك فيه ..
هي لا تملك سواه .. ذلك الذي تصرخ دومًا بأنها لن تفرط فيه ولو اقتضى الأمر خسارة كل شيء ..
.......................................

رغم تلك الظلمة الحالكة به إلا أنها لم تخشَ البقاء بمفردها، حتى لو كان رفيقها في تلك الظلمات الزواحف التي تهابها.

فتحت الباب، ودفعته بإنهاك لتتمكن من الولوج، لم تغلقه تماماً، بل إكتفت بمواربته ..
سارت بخطى حذرة بين الركام الملقى على الأرضية لتصل إلى المكتب الموجود بالزاوية.
استخدمت الإنارة في هاتفها المحمول لترى سبيلها.
تحسست بحذر طريقها حتى وصلت إلى مبتغاها، وقبل أن تجلس خلف المكتب نزعت من الحائط الإطار الخشبي القديم الذي يضم صورة جدها وأبوه الراحلين.

وضعتها على سطح المكتب، وسعلت بخفة وهي تزيح الأتربة العالقة به.
سلطت الإضاءة الباهتة على الصورة، وحدقت فيها مطولاً بأعين مليئة بالعبرات الغزيرة.

تنهدت بحرارة جياشة، وتهدجت أنفاسها متحسرة على حالها البائس.
كم من صدمات تلقتها واحدة تلو الأخرى تصيب العاقل بالهذيان والجنون، وهي تقاومها قدر المستطاع، لكنها تعبت مما تواجهه .. هي فقدت أخر ما لديها من ذرات الشجاعة وأصبحت تفتقر إليها.
شعرت حقاً بوهنها، بضعفها، وبقلة حيلتها
استندت برأسها على مرفقها، وهمست لنفسها بأنين موجع:
-ماليش حد بعدكم، أنا لوحدي !

أزاحت عبراتها العالقة بأهدابها، وواصلت التفكير بتخبط محاولة الوصول إلى حلول سريعة ..
هي حسمت أمرها بالرحيل، بترك منزل عمتها للأبد، فعليها الآن أن تجد بديلاً ملائماً للسكنى ..
وكيف ستفعل هذا وهي لا تملك من الأموال ما يكفي ؟
بكت بقهر دافنة وجهها في ساعدها ..
ظلت على تلك الوضعية لبرهة يائسة من إيجاد ما يثلج صدرها الملتاع.
لم تستطع التفكير بذهنٍ صافٍ .. الأمور معقدة معها للغاية ..
فكرت للحظة في الإستعانة بقريب والدتها، لكنها نفضت الفكرة عن عقلها.
ولكن ما لبثت أن عادت مجدداً لتقتحم تفكيرها بضراوة.
لا بديل عنه حالياً، ربما ستحقق مبتغاه، وتبيع له منزل والديها، ذلك المكان الذي يضم أغلى ذكرياتها ..
هو حلها الأخير، نعم هي مضطرة للتخلي عنه لتحيا من جديد ..
إنها قسوة الحياة التي تجبرك على فعل ما تبغضه قسراً ..

بأصابع مرتجفة، بحثت عن رقمه بين قائمة الأسماء.
تنفست بعمق لتضبط أنفاسها، وكفكفت عبراتها بيدها قبل أن تضع الهاتف على أذنها.
ابتلعت غصة عالقة في حلقها وهي تنتظر بترقب إجابته على اتصالها.
أتاه صوته الخشن قائلاً بجدية:
-مين معايا ؟

أجابته بصوت مرتجف:
-أنا .. يا خالي

رد عليها الحاج فتحي متساءلاً بنبرة قاتمة:
-انتي مين ؟

توترت وهي تجيبه بصوت متردد:
-أسيف يا خالي، بنت حنان !

صاح بها بغلظة متعمداً التحقير من شأنها
-دلوقتي افتكرتي إن ليكي خال يا .....، مش عملتي اللي عندك ومشيتي على حل شعرك وخرجتي عن طوعي، جاية تقولي خالي وأبصر ايه !!

بكت في صمت وهي تستمع إلى إهاناته اللاذعة، وقبل أن ترد عليه، هدر بعصبية قاسية:
-أنا معرفش حد بالإسم ده !

توسلته قائلة بصوت متقطع:
-اسمعني يا خالي، أنا كنت .....

رد عليها بغلظة:
-انتي اختارتي، وخلص الكلام معاكي !

هتفت بإستعطاف عله يمهلها الفرصة لتبوح بما لديها:
-اسمعني بس، أنا ....

أنهى المكالمة معها فجـــأة، فهتفت مصدومة بصوتها المنتحب:
-ألوو .. خالي !

أنزلت هاتفها لتبكي بإنكســار أكبر محتضنة الإطار الخشبي بضعف، جفل جسدها أكثر، وزادت رعشتها وهي تضمه إلى صدرها ...
..............................

أطفأ محرك سيارته، وتحرك بخطى بطيئة بعد أن ترجل منها صوب دكانها.
صدق حدسه، وأصاب في تخمينه، هي بالفعل متواجدة به، وكل الدلائل تشير إلى ذلك، فالقفل منزوع، والباب موارب ..
دنا بحذر منه فاستمع إلى صوت شهقاتها المكتومة ..
توجس خيفة أن يكون قد أصابها مكروه ما، فركز حواســـه كلياً ليستمع إلى نحيبها وهي تقول بمرارة:
-أنا لوحدي في الدنيا دي، ليه ماموتش معاكو ؟ ليه سبتوني ؟

شعر بنغزة خفيفة في قلبه لحديثها الموجع، وأخـــرج تنهيدة عميقة من صدره.
بدا متأثراً لبكائها، لكنه سيطر على إحساسه، وأنصت لها وهي تتابع بشجن:
-يا رب خدني وريحني ! يارب

اختنق صوتها أكثر، وتعالت شهقاتها المهزومة معلنة عن إنهيارها الوشيك ..
كور قبضة يده ضاغطاً على أصابع يده بقوة، أزعجه حديثها البائس، وتوجس خيفة أن ترتكب في حق نفسها شيء ما، خاصة أنها مرت قبل ذلك بحالة من الإنتكاسة النفسية، وتذكر حديث الطبيب بخطورة تبعاتها. لذلك حسم أمره بالدخول فوراً إليها ...

دفـــع الباب بقوة فانفتح على مصرعيه، شهقت مرتعدة حينما رأت ذلك الطيف يقتحم دكانها ..
هبت من مكانها واقفة، ونظرت إليه بهلع ..
لم تتبين ملامحه في البداية، لكنها عرفته هويته من صوته الذي إخترق وحدتها حينما نطق بصلابة:
-عرفت أوصلك، مكانش صعب أوي !

تفاجأت أسيف بوجوده، فكفكفت عبراتها سريعاً، ونظرت إليه بجمود وهي تسأله بصوت مختنق:
-جاي ليه ؟

رد عليها بنبرة ثابتة وهو يقترب منها:
-عمتك عاوزاكي !

ابتلعت ريقها، وردت عليه بصوتها المنتحب:
-انا ماليش عمة !

ضيق نظراته نحوها، ورد عليها بغلظة غير مكترث بعنادها:
-مش بمزاجك !

شعرت هي بخطورة وجوده، وتلفتت حولها بريبة.
هي شبه محاصرة في إحدى الزوايا، وإن استمر في اقترابه منها، لن تتمكن من الفرار، وربما يرتكب معها شيء سيء ..
لذا تحركت سريعاً من خلف المكتب، وأعطت لنفسها مساحة فاصلة عنه وهي تصيح:
-اطلع برا لو سمحت !

تابعها بنظرات ثابتة دون أن تطرف عيناه، ورد عليها بصوته المتصلب الذي يحمل القوة:
-مش طالع إلا وانتي معايا !

التفتت ناحيته وهي تهز رأسها نافية:
-لأ .. !

ثم رمقته بنظرات متحدية مضيفة بعناد:
-ده مكاني ومش هامشي من هنا !

مرر أنظاره على وجهها الحزين ببطء، رأى انتفاخ أنفها الأحمر، وتورم عيناها الذابلتين من كثرة البكاء.
أشفق عليها كثيراً، فرغم ما تمر به من مصاعب إلا أنها تجاهد لتبدو متماسكة.

واصلت صياحها قائلة بإصرار وهي تشير بسبابتها:
-ده دكاني، بتاعي، ومش هاسيبه مهما حصل

حرك عنقه للجانبين، وفرك أصابع كفيه قائلاً بثقة:
-مش كله، أنا ليا لي فيه ! ولا نسيتي ؟

ثم قوس فمه لتظهر إبتسامة مغترة على محياه مشيراً بعينيه ..
تذكرت أسيف بيع عمتها لنصيبها فيه، فإحتقن وجهها الذابل بحمرة غاضبة.
كزت على أسنانها بقوة، ونظرت إليه بحدة، فهي إن خسرت جزءاً في الدكان، لا يعني بالضرورة خسارته كلياً.

أطلق منــذر صافرة خافتة متعمداً استفزازها ليفسد عليها خلوتها الوحيدة،
اغتاظت من أسلوبه المثير لحنقها، ومن ثقته الزائدة، وتحكمه المفرط وكأنه يملك زمام الدنيا في إصبعه.
صرخت فيه بعصبية مستنكرة كل شيء وهي تلوح بذراعيها في الهواء:
-ارحموني بقى وسيبوني في حالي !

رد عليها بجمود وهو ينظر إليها:
-قدرك اللي جابك هنا !

صاحت فيه بحدة:
-أنا تعبت من كل حاجة، ابعدوا عني بقى ! مش عاوزة حاجة منكم !

اقترب منها حتى وقف قبالتها، ورد ببرود:
-مش هاينفع !

ثم قبض على عضدها فجأة قائلاً بجمود:
-ويالا عشان عمتك عاوزاكي !

صدمت من حركته المباغتة، وتأوهت بآلم من أصابعه القابضة عليها، ثم هتفت قائلة بغضب:
-آآه، سيب دراعي !

حاولت أسيف التملص منه، وتحرير ذراعها بقبضتها الأخرى، لكنه لم يتركها، بل تشبث أكثر بها وهو يبتسم لها.
صرت على شفتيها، وواصلت مقاومتها، لكنها لم تستطع.
مال عليها برأسه متابعاً ببرود واثق:
-مش هاتعرفي تخلصي مني، وزي ما قولتك إنتي أمانة وهارجعك عند عمتك !

دفعها منذر أمامه مستغلاً قوته، وبالطبع لم تكن مقاومتها له بشيء يذكر .. فاضطرت أن تسير معه قسراً خـــارج الدكان ..
لم يهتم بغلق بابه بالقفل، واكتفى فقط برده ..
همست له بنبرة مغلولة:
-أنا بأكره اليوم اللي جيت فيه هنا !

رد عليها بجمود قاسي وهو يسحبها معه جبراً:
-اكرهي، اندمي، قولي اللي عاوزاه، بس في الأخر إنتي اللي اختارتي من الأول تيجي عندنا !

زاد إحساسها بالحنق نحوه، ولم تكف عن حدجه بنظراتها المشتعلة من عينيها الحمراوتين.

كانت على وشك الصراخ به لتنفس عن غضبها المحبوس بصدرها، لكنها لم تفعل، فقد اعترضت طريقهما الصيدلانية " فاطمة " والتي كانت مقبلة عليهما بوجه شبه شاحب.
وقفت قبالتهما، ووزعت أنظارها القلقة على أسيف لتهتف بتساؤل متوتر وهي تضع يدها على وجهها ماسحة بشرتها الباردة بنعومة:
-انتي كويسة ؟

أرخى منذر قبضته قليلاً عن ذراع أسيف، لكنه لم يتركها فقد أمسك برسغها.
نظرت له من طرف عينها مستنكرة حركته تلك، لكنها أشاحت بوجهها للجانب لتجيب على فاطمة باقتضاب:
-اه

أبعدت فاطمة يدها متساءلة بتوجس بعد أن رأت ذلك الحزن الذي يكسو تعابيرها:
-هو مجد اتعرضلك تاني ؟

صدم منذر مما قالته، وبدا كما لو كان قد تلقى صاعقة كهربائية للتو .. وردد قائلاً بلا وعي:
-مجد !

التفتت فاطمة نحوه متابعة حديثها بسجية وهي تشير بيدها:
-اها، ابن أبو النجا طلع من السجن النهاردة ويعني ضايق أسيف شوية .. !

احتقنت نظرات منـــذر للغاية وأظلمت بصورة مخيفة .. فيمكنك أن ترى بوضوح تلك الخيوط الحمراء التي تشكلت في بياضهما، كذلك برزت عروقه النابضة بدماءه التي تغلي في عنقه، وأيضاً في قبضتي يده ..
يكفيه أن يُذكر اسم ذلك المقيت أمامه لينقلب حاله رأساً على عقب، وتتبدل تعابيره للشراسة والعنف ..
نعم تهديد أخــــر ظهر على الساحة ليزيد من تأجج الوضـــع.

شعرت أسيف بيده تضيق على رسغها لتوجعها أكثر وكأنه يعتصرها، فحركتها بحذر محاولة تنبيهه لكنه لم يكن واعياً بدرجة كافية.
رفعت عيناها لتنظر إلى وجهه فرأت في قسماته ما أخافها. كتمت آلمها، وتحاملت على نفسها، ثم ازدردت ريقها، وعاودت التحديق في فاطمة التي تابعت حديثها محذرة:
-واضح كده إنه حاطك في دماغه !

اقتضبت أسيف في حديثها معها قائلة بجدية:
-اطمني أنا كويسة !

هزت فاطمة رأسها قائلة بنبرة أكثر جدية:
-طيب خدي بالك منه، أنا حبيت بس أحذرك !

ردت عليها أسيف من بين شفتيها بإيماءة خفيفة من رأسها:
-ماشي، بس هو مش هايقدر يعملي حاجة، أنا هاوقفه عند حده !

بدت فاطمة غير مقتنعة بجملتها، فواصلت تحذيرها الجدي:
-مش عارفة، بس أنا مش مطمنة !

ابتسمت بتكلف مرة أخرى وهي تضيف:
-عموماً أنا مش هاعطلكم كتير، فرصة سعيدة إني شوفتك يا أستاذ منذر !

تحشرج صوته وهو يجيبها بتجهم كبير:
-متشكر يا دكتورة !

لوحت لهما بيدها مودعة كليهما وهي تتحرك في اتجاه بنايتها ..

لم يشعر منذر بغضبه الذي تأجج في نفسه، وأوشك على الإنفجار وهو يهمس من بين أسنانه بصوت متشنج:
-تعالي معايا !

آلمتها قبضته العنيفة على معصمها وهو يجبرها على التحرك عنوة، فنهرته قائلة:
-آه، سيب ايدي !

أوقفها عند سيارته، والتفت ناحيتها ليرمقها بتلك النظرات المظلمة التي أرعبتها، ثم سألها بنبرة قاتمة:
-انتي قابلتي البلطجي ده امتى ؟

ردت عليه بحدة وهي تحاول تخليص رسغها منه:
-وإنت مالك ؟

هزها بعنف صارخاً فيها بإنفعال:
-ردي عليا شوفتيه امتى وعملك ايه ؟

تعجبت من تبدل أحواله، من نفاذ صبره، ومن ثورته الغاضبة. فأردفت قائلة بسخط مستنكرة عصبيته الغير مبررة:
-شكلك كده خايف منه !

استشاطت نظراته من عدم مبالاتها ، وضاقت عيناه بقسوة مهددة بالإطاحة بها ..
قربها أكثر إليه ليهتف بصعوبة متشنجة من بين شفتيه المضغوطتين:
-نعم، خايف ! إنتي اللي مش عارفة بتتعاملي مع مين بالظبط ............................ ؟!!!
.................................................. ..

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 22-12-17, 05:13 PM   #286

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل التاسع والثلاثون:

اعتصرت أصابعه رسغها الذي بات مقيدًا منه، ورغم تأوهاتها المتكررة وتوسلاتها الملحة له بتركها إلا أنه رفض الإنصات إليها.
اشتدت تعابير وجهه صلابة، وهتف من بين شفتيه بنبرته القاتمة:
-اسمعيني كويس يا بنت ريـــاض !

ردت عليه بأنين واضح وهي تتلوى بمعصمها:
-آه، سيب ايدي الأول !

لم تهتز عضلة واحدة من وجه منذر وهو يرد بصلابة متجاهلاً آلمها:
-متخلقش لسه اللي أخــاف منه !

استشعرت أسيف القوة في نبرته وتحذيره الخفي، لكن قبل أن ترد عليه تابع محذراً بغلظة:
-وانتي هنا في حتة الشرف عندهم خط أحمر ! أظنك فاهمة ده معناه ايه.

احتدت نظراتها نحوه، وبدت كجمرتين متقدتين، لكن لم يمنعه هذا من مواصلة حديثه القاسي:
-عاوزة تسيبي المكان وتمشي وماله، اعملي ده بس هاتتقطع رجلك نهائي من الحتة !

فغرت شفتيها مشدوهة من قسوة كلماته، لكن ما صدمها أكثر هو قوله بصراحة:
-يعني من الأخر كده تبيعي دكانك وتمشي !

احتجت على حديثه رافضة بشدة:
-مش هايحصل !

أومأ لها بعينيه قائلاً بجدية:
-خلاص تمشي بالأصول !

هتفت مستنكرة بعناد:
-أصول ايه دي اللي تجبرني أقعد مع ناس مش حباهم ؟

رد عليها ببرود وهو يرمقها بنظرات شبه مستخفة:
-محدش قالك حبيهم!

هتفت بنبرة حادة نسبياً:
-هو بالعافية

ضيق نظراته إليها، وأجابها بجمود صارم:
-اعتبريه كده !

ثم لوى فمه ليضيف بإزدراء:
-وبعدين مش هناخد على كلامك دلوقتي !

شعرت بنوع من الإهانة في جملته الضمنية، فصاحت معترضة:
-أنا مش مجنونة عشان تقولي كده !

رد عليها بتهكم:
-ولا ردك ده رد عاقلين !

ثم أمسك بمقبض باب السيارة الخلفي، وقام بفتحه، ومن ثم دفعها للخلف قائلاً بنبرة آمرة:
-ويالا اركبي

اعترضت بإصرار أكبر:
-لأ ..!

لم يترك لها المجال للرفض، فإستخدم قوة ذراعيه في إجبارها على الدخول عنوة.
لم تستطع كبحه، فسقط جسدها المرهق على المقعد الخلفي. استغل هو الفرصة لغلق باب السيارة لكنه لم ينتبه لقدمها العالقة فصرخت متآلمة بشدة:
-آآآه، رجلي !

أسرع بإرجاع الباب للخلف لتتمكن هي من سحب قدمها اليسرى للداخل، ثم أعاد غلقه.
وضعت أسيف يدها على قدمها الموجعة لتفركها محاولة تخفيف حدة الآلم القوية التي أصابتها.
نظرت له شزراً، ورغم هذا لم تتمكن من الفرار منه .
كان قد ركب السيارة، وبدأ في قيادتها.
تنهدت مستسلمة، وأصبح الوجوم هو المسيطر على تعابير وجهها الذابل.

تمتم منذر لنفســــه من بين شفتيه بسباب قاسي:
-كفاية ابن الـ.... اللي طلعلي من السجن ! عاوزاني أسيبك ليه !

لاحظت أسيف تشنج وجهه، وحدة نظراته المخيفة لكنها لم تفهم سبب غضبته منها، هي تتجاوز بكثير حد رفضها العودة لمنزل عمتها. فربما بإقناع متعقل وكلمات مواسية كانت المسألة لتحل .. هي شبه متيقنة أن يتخطى هذا الشيء بمراحل، فقط ينقصها أن تعي الأسباب الحقيقية لعنفوانه الزائد.

خرجت من شرود تفكيرها المؤقت على رؤيتها للطريق المؤدي لمنزله، تلفتت حولها لتتأكد من صحة ما رأت.
جف حلقها نوعًا ما، وهتفت متساءلة بتوجس وهي تنظر إليه:
-إنت واخدني على فين ؟

حدجها بقوة وهو ينظر إلى وجهها عبر مرآته، ثم رد عليها بنبرة مقتضبة:
-عند عمتك، ماهي عندنا لسه !

ازدردت ريقها مجدداً وهي تسأله بحذر متردد:
-هي .. هي كويسة ؟

رد عليها بتساؤل يحمل التهكم وهو يرفع حاجبه للأعلى مستنكرًا سذاجتها:
-تفتكري يعني ؟!

أخفضت نظراتها عن عينيه القاسيتين المحدقتين بها من خلال إنعكاس المرآة، وضغطت على شفتيها أكثر.
هي حافظت على هدوئها كاتمة آلامها المتأججة في قدمها اليسرى كما إعتادت أن تفعل.
.....................................

وضعت على طرف فراش صغيرتها أروى عدة عباءات منزلية نظيفة، فقد أعدت الغرفة لابنتي عواطف لتبيتا فيها.
استدارت جليلة بجسدها لترمق بسمة الواقفة خلفها بنظرات حانية وهي تقول بحماس:
-خدوا راحتكم، البيت مافيهوش حد، ولادي برا، ومحدش هيضايقكم خالص !

ابتسمت بسمة مجاملة وهي ترد ممتنة:
-شكراً، تعبناكم معانا !

استنكرت جليلة عبارتها قائلة بعتاب زائف:
-تعب إيه، دي حاجة بسيطة، ده يا ريت تنورونا كل يوم !

ثم وضعت يدها على ذراعها لتربت عليه وهي تضيف بغموض رغم ابتسامتها العريضة:
-وخصوصًا إنتي يا قمر !

قطبت بسمة جبينها قليلاً، واكتفت بالإبتسام ..
هتفت أروى متساءلة بحماس وهي تقفز في مكانها:
-هتباتي معايا يا مس ؟

هزت رأسها بالإيجاب مرددة:
-إن شاء الله

صفقت الصغيرة بكفيها مهللة:
-أنا فرحانة أوي، المس اللي بأحبها هتنام هنا على سريري !

أحاطتها بسمة من كتفيها بذراعيها، ثم عبثت في خصلات شعرها وهي تبتسم لها.

هتفت جليلة بجدية خفيفة وهي تشير بيدها:
-غيري هدومك يا بنتي، تعالي يا أروى برا !

هزت ابنتها رأسها قائلة بمرح:
-حاضر يا ماما !

ثم لوحت بكتفها متابعة بإبتسامة بريئة:
-باي يا مس، هاشوفك كمان شوية !

ابتسمت بسمة قائلة بإيجاز:
-أوكي

ثم تابعتهما بأنظارها حتى ولجتا خارج الغرفة، فأوصدت الباب خلفهما.
تنهدت بتعب، واستدارت نحو الفراش لتنظر إلى الثياب المطوية بعناية عليه.
دنت منه بخطوات مرهقة، ومدت يدها لتسحب إحداهم لتبدأ في تبديل عباءتها المؤقتة التي استعارتها مسبقًا من جليلة بأخرى تخصها ...
........................................

راقبها ثلاثتهم من مسافة معقولة بنظرات متنوعة ما بين الثقة والخوف والتوتر.
همس مـــازن متساءلاً بقلق كبير بادٍ عليه موجهًا حديثه لأخيه:
-هي هتوافق ؟

التوى ثغر مجد للجانب قائلاً بغرور مفرط:
-هاتبقى عبيطة لو عملت عكس كده !

حك طرف ذقنه بعصبية قليلة وهو يقول:
-جايز ترفض !

رد عليه مجد بجمود:
-اطمن، مش هاتعمل كده !

ثم لكزه في جانبه متابعاً بتأكيد مغتر:
-انشف ياض، أخوك في ضهرك، والولية دي عبدة للقرش، ارميلها إنت بس أي فلوس في حجرها، هاتحط على طول الجزمة في بؤها

صمت للحظة ليتابع بكركرة مستفزة:
-ومش بعيد تبلعها كمان !

رفع مـــازن يده عاليًا على رأسه ليمررها في خصلات شعره بتوتر وهو يبرر:
-بس دي بنتها !

مط مجد فمه قائلاً بثقة أكبر:
-وانت ابننا ! وهي فاهمة كويس هي بتلعب مع مين.

عـــاود مازن التحديق بها مبتلعاً ريقه بخوف مما هو مقبل عليه.

تابعهما مهدي بصمت، لكن عقله لم يتوقف للحظة عن التفكير بحكمة فيما ستؤول إليه الأمور.
فشادية ليست بإمرأة منكسرة الجناح، أو سهلة الترويض. هي في لحظة يمكن أن تقلب الطاولة على من فيها، لذا عليه أن يضمن سلامة ابنه إن أراد له النجاة من براثنها الحادة.

على عكس ما كانوا يتوقعونه، شردت تفكر في ذلك المبلغ الضخم المعروض عليها نظير صمتها.
إن قبلت به ستضحي بمصير ابنتها – وخاصة أمومتها – للأبد.
وإن رفضت ستتطور الأوضـــاع للأسوأ.
أخذت تختلق لنفسها الأعذار مرددة:
-ماهي عندها عيل، يعني مش محرومة من الخلفة ولا حاجة !

رمشت بعينيها متابعة حديث نفسها الشيطاني:
-يبقى تاخد الفلوس وهي الكسبانة !

برقت حدقتاها بشر مخيف وهي تردد بخبث:
-ومش بعيد أخلي الدكتورة تعملي تقرير أبتذ الزفت ده بيه بعدين، يعني في كل الأحوال بنتي هاتستفيد ! والعيال امرهم مقدور عليه، الحضانة تبعي، والواد في حضننا، صح كده !

كاد يطفو على ثغرها طيف ابتسامة وضيعة، لكن منعتها من الظهور قبل تشكلها عليه لتحافظ على حزنها الزائف.
...................................

كانت كمن يقف على نيران متقدة وهي تجوب غرفته ذهابًا وإيابًا .. فركت قبضتي يدها بعصبية لاعنة تلك التعيسة التي تحظى بأثمن اللحظات معه.
ربما هو لا يخصها، لكنها لم تستطع منع نفسها من الإنجذاب إليه، ولما لا ؟ فهو دومًا يثبت لها أنه العنوان الأمثل للرجولة.
حدقت في صورته المعلقة على الحائط مطولًا، وشردت في إحدى ذكرياتها الغير سارة بالمرة.
.......................

تفاجأت به يحاوطها من الخلف على غير عادته بالمرة مسندًا رأسه على كتفها، فالتفتت للجانب لتنظر إليه بغرابة وهي تتساءل بتعجب:
-خير ؟ ايه الحنية دي كلها ؟

أجابها قائلاً بغموض:
-عاوزك تجهزي يا حبيبتي

ردت عليه متساءلة وهي تزيح ذراعيه عن خصرها:
-ليه ؟ هانخرج ؟

أدارها حاتم نحوه وهو يجيبها بإبتسامة عابثة:
-اه، احنا معزومين عند واحد صاحبي، عيد ميلاده النهاردة !

استندت بكتفيها على صدره، وطالعته بنظرات ثابتة وهي تتساءل بفضول وقد بدت مهتمة بمعرفة التفاصيل:
-يعني عامل حفلة وكده ؟

أومــأ برأسه بالإيجاب قائلاً:
-ايوه

أضافت نيرمين متساءلة بجدية:
-وهو متجوز ؟ مراته موجودة يعني ؟

هز رأسه نافياً وهو يداعب أنفها بإصبعه:
-لأ، هو عاذب

انعقد ما بين حاجبيها بإندهاش، وردت بغرابة:
-وعاوزني أروح !

أوضح لها حاتم غرضه قائلاً:
-اه، هو محترم، وبعدين أمه وأخته موجودين، ودي حفلة كلها هيصة وفرفشة، وأنا مشغول، فإنتي هاتجي معايا تكملي السهرة مكاني !
ضاقت نظراتها لترد بجدية:
-طيب ماشي، أنا ممكن أحضر، بس هامشي معاك !

أزاح يده عنها، وتراجع للخلف ليرمقها بنظرات مزعوجة وهو يقول:
-بأقولك هاتسهري مكاني، إنتي بدالي في الحفلة !

اتسعت مقلتاها بإستنكار منفر، وهتفت معترضة:
-يا حاتم ده واحد صاحبك، يعني مش عرفاه، لزمتي أنا أفضل ليه وسط ناس ماليش علاقة بيهم ؟

رد عليها بنبرة مستفزة:
-ما انتي هتتعرفي عليهم

أولته ظهرها قائلة برفض تام:
-لأ، بلاش منه، أنا مش مرتاحة !
وضع زوجها يده على ذراعها، وأدارها نحوه هاتفاً بضجر بائن في نبرته:
-يعني هاروح من غيرك ؟

هزت كتفيها بعدم اكتراث وهي تقول:
-عادي، انتو شباب في بعض ! خدوا راحتكم

تصلبت قسمات وجهه نوعًا ما وهو يقول بإصرار:
-لأ، بس أنا قايلهم إنك جاية

ارتفع حاجباها للأعلى صائحة بنفور:
-نعم ؟ قايلهم ؟

أجابها باقتضاب وهو متعجب من ردة فعلها:
-ايوه

اشمئزت من إصراره على ذهابها، وصاحت بإنفعال بائن مشيرة بيدها:
-حاتم، إنت بتكلم جد ؟ انت قايل لصحابك الشباب مراتي جاية عيد ميلاد واحد فيكو تهيص معاكو !

نظر لها بجمود وهو يرد قائلاً:
-وايه يعني ؟ حفلة زي أي حفلة ! وفهمتك إن فيها أهله !

كزت على أسنانها قائلة بغيظ:
-أكيد ده هزار، صح ؟

بدا وجهه صــارم الملامح وهو يرد:
-أنا بأتكلم جد يا نيرمين ! أنا مش هاطلع عيل قصادهم
-تطلع عيل عشان تفرجهم عليا، كلام ايه ده اللي بتقوله، أنا استحالة أوافق طبعًا

رمقته بنظرات احتقارية، فلم تكن تتخيل زوجها هكذا، هو يرسلها إلى حفلة مجهولة لا تعرف من فيها لمجرد ألا يبدو مظهره سيئًا أمام رفاقه.

إغتاظ من رفضها القاطع، وتبدلت تعابير وجهه للغلظة والحدة، وصاح بها مهدداً:
-استحالة توفقي ؟!

أصرت على رأيها قائلة بتوجس خفيف:
-ايوه !

لوح حاتم بيده مهدداً وهو يتابع بشراسة:
-نيرمين، أنا جوزك، وكلامي أوامر !

هتفت محتجة بصوت شبه مختنق:
-برضوه لأ، أنا مش موافقة، ترضهالي ؟ عاوز الناس تقول عني ايه ؟ وكمان انت هتمشي وأفضل أنا لوحدي لحد أخر الليل !

نفخ قائلاً بنفاذ صبر:
-هاخلص شغل وأرجع أخدك !

حركت رأسها بالنفي وهي تقول بعناد:
-انسى يا حاتم !

برزت عيناه الغاضبتين أكثر من محجريهما، وصاح بصراخ مقلق:
-بتعصيني يعني ؟

ردت عليه بتوتر رغم استشعارها تهديده الخطر:
-احسبها زي ما تحسبها، بس مش رايحة !

أمسك بها من ذراعها، وهزها بعنف صارخًا بها:
-يبقى انتي ناوية على علقة كل الليلة !

تأوهت من قبضته الغليظة عليها، وتوسلته راجية:
-آآآآآه، حاتم ! حرام عليك ! بلاش تضربني !

رفع يده عاليًا في الهواء ليهوى بها على وجنتها صافعًا إياها بعنف قوي وهو يقول بنبرة هائجة:
-هو إنتي شوفتي حاجة، أنا هاربيكي !

جحظت عيناها بخوف كبير مما سيفعله بها، فهو بالطبع لن يتركها إلا وعظامها تئن وتصرخ من ضرباته الشرسة كما إعتاد أن يفعل بها دومًا حينما تثور ثائرته...
............................

أفاقت من تلك الذكرى الموجعة ضامة يديها إلى صدرها بقوة.
تنفست بعمق لتسيطر على إنفعالاتها، وابتلعت غصة مريرة في حلقها لتحدث نفسها بتقزز جلي لاعنة إياه:
-كان ابن ..... مش راجل، أيوه مش راجل !
............................................

صف سيارته بجوار مدخل البناية القاطنة بها عائلته هاتفًا فيها بجدية آمرة وهو يشير بعينيه:
-انزلي !

لم تعلق أسيف على أمره الصارم، وترجلت ممتثلة بهدوء له. فلا جدوى من الإعتراض عليه، فسينتهي الأمر معه بالجر قسرًا للداخل.

خرج رغماً عنها شهقة مكتومة حينما ضغطت على قدمها اليسرى. وانحنت تلقائيًا للأمام لتستند على السيارة.
التفت منذر ناحيتها متساءلًا بجدية:
-مالك ؟

رفعت رأسها لتنظر ناحيته بوجه ملتهب من حمرة الآلم المكتوم، وردت باقتضاب عابس:
-مافيش

أشــار لها بيده متابعًا:
-اتفضلي !

تحركت ببطء شديد، فبدت كالعرجاء وهي تسير إلى جواره.
أخفض نظراته ليحدق بساقها. فأدرك أنها تعاني خطبًا ما، لذا سألها مهتمًا:
-مال رجلك ؟

ردت من بين شفتيها المضغوطتين بصوت شبه ثابت:
-ولا حاجة !

ســـار خلفها مراقبًا حركتها المتريثة بإنزعاج واضح عليه.
أيقن أنه هو من تسبب لها في ذلك الأذى دون قصد منه.
زفـــر بصوت مسموع وهو يفرك وجهه بضيق كبير.

وصلت أسيف إلى الدرج، واستندت بيدها على الدرابزون، ثم رفعت عيناها للأعلى لتنظر إلى الطوابق العليا.
تنهدت بإنهاك واضح، وتشبثت أكثر به.
مازال الطريق أمامها طويلاً حتى تصل إلى باب منزل عائلة حرب، وعليها أن تتحمل ذلك الآلم الرهيب الذي تزداد حدته مع كل خطوة تخطوها.
لن تشكو لأحد وجعها، وستصمد للأخير.
جرجرت ساقيها بتريث شديد، ورفعت قدمها اليسرى بحذر للأعلى.
أغمضت عيناها متألمة وهي تستند بها على الدرجة التالية.
لمعت حدقتاها متأثرة من شدة الآلم، وبدا ظاهراً على لون بشرتها مدى تأثيره عليها.

هتف منذر من ورائها قائلاً بصوت هاديء:
-تحبي أساعدك ؟

لم تنظر إليه، بل أكملت صعودها الطويل قائلة بإباء:
-لأ !

لكن كما الحال دومًا بينهما من احتكاكات غير متوقعة، بادر هو بالإقتراب منها، وقــام بحملها فجــأة لتشهق بهلع رافضة فعلته:
-إنت بتعمل ايه ؟ نزلني ؟

ثم ركلت الهواء بساقيها محاولة الخلاص منه، لكنه كان أكثر تصميمًا على فعل ما يريد.
تورد وجهها أكثر، وبدت في قمة خجلها منه.
ربما لكونها واعية وهي تراه يحملها بين ذراعيه بعكس أي مرة أخرى حدث فيها ذلك.
حدق مباشرة في عينيها قائلاً بصوت خفيض رغم جديته:
-فوق !

لاحظ هو إرتباكها الشديد منه، وظل معلقًا أبصاره عليها على الرغم من استمراره في الصعود.

اضطرت أسيف أن تلف ذراعها حول عنقه، واستندت بالأخــر على صدره، لكنها تحاشت النظر إلى وجهه، وحدقت أمامها بحياء بائن، فيكفيها ذلك الموقف المحرج الذي علقت به لتنظر هي إليه وكأنه لم يفعل شيء مخجل
................................. !!!
.............................................


noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 22-12-17, 05:16 PM   #287

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل الأربعون:

واصــــل صعوده على الدرج بخطوات متريثة ثابتة، وكأنه يتعمد التباطيء في خطاه ليستمتع بحمله لها.
كانت على عكس المتوقع منهت، ساكنة، مرتبكة، هادئة نسبياً رغم إحساسها بضربات قلبها المتلاحقة.
استشعرت طول المسافة إلى باب منزله، فهمست بصوت متوتر وهي مسلطة أنظارها أمامها:
-أنا أقدر أكمل، كفاية كده

رد عليها بصلابة كالصخر الجامد:
-مش انتي اللي تقولي !

التفتت برأسها عفويًا نحوه لترمقه بنظرات حادة وهي تهمس معترضة:
-أنا بقيت أحسن !

حدق فيها بثبات وهو يرد بتهكم:
-عاوزة تقنعيني إن رجلك خفت مسافة ما طلعت بيكي الدورين دول ؟

تحرجت من جملته تلك، وردت بإرتباك واضح:
-لأ، بس ....

قاطعها بحسم قبل أن تكمل عبارتها للأخير:
-يبقى تسكتي !

حدجته بنظرات مستشاطة، فقد أغاظتها صرامته الواثقة معها، واكتفت بإبعاد وجهها نافخة بصوت وصل إلى مسامعه، فلا فائدة من الجدال معه. هو قرر وهي عليها فقط التنفيذ جبراً ...

التوى ثغره بإبتســامة باهتة وهو يطالعها بإهتمام زائد نسبيًا، لكنه إلى الآن لم يتجاوز حدود المقبول...

وصل إلى الطابق الكائن به منزله، ورفض إنزالها على ساقيها رغم إعتراضها الشديد:
-احنا وصلنا، كفاية كده بقى !
رد عليها ببرود:
-هنزلك جوا

نظرت إليه بأعينها المحتقنتين وهي ترد بعصبية قليلة:
-تكونش مفكرني هاعرف أهرب يعني ؟

ابتسم ساخرًا:
-هو إنتي كنتي هربتي أولاني أصلًا؟

اغتاظت من ردوده المستفزة لها، فتحركت بجسدها كليًا محاولة الخلاص من حصار قبضتيه عليها قائلة برجاء:
-لو سمحت !

رمقها بنظرات قوية وهو يأمرها بجمود:
-اهدي، الموضوع مش مستاهل التشنيجة دي كلها !

تمتمت لنفسها من بين شفتيها بحرج كبير:
-هو انت حاسس بحاجة !
.....................................

اختنق صدرها، وفاض بها الكيل وهي تحترق على أعصابها منتظرة عودته من الخارج وهي معه.
دار في رأسها سيناريوهات متعددة عن كيفية إحضارها إلى هنا، وبالطبع جميعها تعني شد وجذب بينهما. وحديث مطول بين القيل والقال، إذًا فهناك جذوة شرارة ما ستشتعل بينهما. أنبئها قلبها بهذا.

التفتت برأسها ناحية والدتها الغافية، ورمقتها بنظرات مطولة محدثة نفسها بنبرة مغلولة:
-اه لو حصل بينهم اللي أنا خايفة منه !

تنهدت بعمق، وأدارت أبصارها في اتجاه رضيعتها النائمة بوجهها الملائكي، ثم أكملت ما يجيش في صدرها بضيق:
-وأنا لوحدي بس اللي شايلة الهم ! ذنبك ايه يطلع الـ ..... ده أبوكي ! هيفضل وصمة طول عمره في حياتنا احنا الاتنين

نفخت مجدداً بغيظ، ثم وضعت يدها على عنقها لتفركه.
ألحت عليها رغبتها في الإرتواء بالمياه، فقررت الخروج من الغرفة والذهاب للمطبخ.
طرحت على رأسها حجابها، ثم سارت بخطى حذرة نحوه، لكنها تسمرت في مكانها حينما سمعت تلك الهمهات الخافتة.
التفتت برأسها تلقائيًا نحو باب المنزل، وهنا صدق حدسها الأنثوي ..
قرع الجرس، فكانت الأســـرع في الوصــول إلى الباب، وبلا تردد أدارت مقبضته وفتحته لتتسع أنظارها المحتدة بصدمة جلية.

سيطر الوجــــوم على تعابير وجهها، فمنـــذر وقف قبالتها شامخاً يحمل بين ذراعيه تعيسة الحظ.
تحولت نظراتها للإظلام، وبدا العبوس هو سمتها الأساسية.
جاهدت نفسها لتبدو انفعالاتها طبيعية، وخاصة أن ما بصدرها نيران حية تستعر على أشدها.
لذلك هتفت بإبتسامة ساخطة وهي ترمق أسيف بإشمئزاز ملموس:
-أد كلمتك يا سي منذر !

ثم مررت أنظارها المستشاطة عليها ببطء لتتابع بإزدراء مهين:
-عرفت فعلًا تجيبها عند رجلين أمي زي ما قالتلك ! مافيش حاجة تستعصى عليك !

اصطبغ وجـــه أسيف بحمرة مغتاظة من عبارتها المهينة ونظراتها المحتقرة لشخصها، وتلوت أكثر بجسدها مستنكرة بقائها على تلك الوضعية المشينة – من وجهة نظرها – لأ كثر من هذا.
ابتسمت نيرمين مكملة بسخط وهي توميء بعينيها:
-وهي طبعًا ما بتصدق تلاقيك يا سي منذر عشان تتشعلق في رقبتك، كهن بنات، ما انت عارفه !

عجزت أسيف عن الرد عليها، فهي كانت محقة إلى حد ما في قولها، فرفضها لتصرفه الجريء معها وضعها في حرج كبير. والآن هي عليها أن تبرر سبب ذلك ..

حدج منـــذر نيرمين بنظرات قوية، فعباراتها اللاذعة تثير بداخله الرغبة في التشاجر معها ناهيك عن النفور منها . استطرد حديثه قائلاً بخشونة:
-طب وسعي، مش هاتخدينا صورة واحنا كده !

تنحت للجانب ليمرق من جوارها بخطى سريعة نحو أقرب أريكة لينحني بحذر واضعًا أسيف عليها برفق ..

ظلت الأخيرة متعلقة في عنقه وهي تستند بذراعها الأخر على الأريكة.
كان ذلك هو اقترابهما الثاني المقلق، فهو بقي على وضعيته المائلة عليها محدقاً فيها عن كثب.
من خلفهما وقت نيرمين على جمر متقدة ترمق الاثنين بنظرات مشتعلة، وهتفت بصوت متشنج قليلًا:
-سلامتك يا ختي، المرادي ايه عندك ايه بقى ؟ عرق النسا ولا ....

التفت منذر ناحيتها وهو يعتدل في وقفته ليحدجها بنظرات ساخطة قبل أن يصيح بها بغلظة:
-ماتدخليش في اللي مالكيش فيه !

وكأنه قذفها بحجر قاسي في وجهها، ليخرس لسانها فتصمت مجبرة غير قادرة على الرد، وغضبها المتأجج يآكلها من داخلها.
ضغطت أسيف على أصابع يدها بعصبية، فهي أتت إلى هنا قسراً، على غير رغبتها، ومضطرة أن تستمع إلى مثلك تلك الحماقات المهينة.

جذب منذر نيرمين من ذراعها للخلف بعد أن بقيت متسمرة في مكانها هامساً لها من بين أسنانه بنبرة آمرة:
-خشي عند أمك شوفيها صاحية ولا لأ ؟

نظرت هي إلى قبضته الممسكة بذراعها، وشعرت بحالة غريبة من المشاعر الفائرة تجتاحها.
هي لم تختبر قوته من قبل، لكنها استشعرت من تلك اللمسة الخشنة أنه قادر على تدمير من يتجرأ عليه.
أومــأت برأسها عفوياً وهي ترد بصوت شبه متحشرج:
-حاضر يا سي منذر !

ثم أسبلت عيناها لتتابع بنعومة غريبة:
-إنت بس تؤمرني وأنا نفذ على طول !

رمشت بعينيها عدة مرات متلذذة بوجودها على مقربة منه.
أرخى كفه عنها، فتنهدت بإرتباك ملحوظ.
حدجها بنظرات أكثر صلابة عن ذي قبل تحمل التحذير رغم انعقاد لسانه.
كانت على قدر من الغباء لكي لا تفهم أن ما ترمي إليه من إيماءات ونظرات وخنوع زائف لن يثير الشكوك نحوها ..

أثار حنقه ظنه أن والدته ربما قد لمحت لها بطريقة أو بأخــرى عن رغبتها في تزويجها به دون أن تخبره بهذا. وبالتالي هي تتصرف بتلك الطريقة المائعة معه، ذلك الأسلوب الذي لا يستسيغه مطلقًا.

انصرفت من أمامه لتختفي داخل غرفته، فالتفت برأسه ليحدق بأسيف مراقبًا إياها مراقبة حثيثة.
هي لا تزال على وضعها المنزعج، وجهها المتشنج، نظراتها الذابلة، تلك الهالات المتورمة أسفل عينيها تزيد من حالة بؤسها.
دنا منها هاتفًا بصوت آمر:
-وريني رجلك !

رفعت عيناها نحوه فجأة متحرجة من أمره المباغت.
تلون وجهها بحمرة عجيبة، وردت مستنكرة:
-نعم، بتقول ايه؟
أجابها ببرود متعمدًا تجاهل خجلها:
-اللي سمعتيه، عاوز أشوفها !

عفويًا سحبت ثوبها للأسفل لتغطي ساقيها تمامًا وهي ترد معترضة:
-لأ !

في تلك اللحظة خرجت نيرمين من الغرفة وعلى وجهها إبتسامة مصطنعة. ثم اقتربت منه لتهمس قائلة برقة زائفة:
-ماما في سابع نومة ! تحب أصحيهالك يا سي منذر ؟

رمقها بنظرات منزعجة من أسلوبها المستفز وهو يرد بجدية:
-لأ خليها نايمة، بس عاوز منك خدمة !

أضاءت عيناها بلمعان غريب وهي تسأله بتلهف:
-ايه هي ؟

أشــار لها بيده موضحاً بنبرته الخشنة:
-في دولاب في الحمام فيه مراهم وأدوية، شوفيلي هناك مرهم ((.... ))، وهاتيه، وهتلاقي جمبهم رباط ضاغط تقريبًا هاتيه برضوه !

ارتسمت علامات القلق على تعابير وجهها وهي تسأله بتوجس:
-انت تعبان يا سي منذر ؟ فيك حاجة ؟ طمني عليك !

أجابها باقتضاب:
-لأ، ده مش ليا !

ثم أشـــار بيده نحو أسيف متابعًا بهدوء:
-ليها !

تبدلت تعابير وجهها للضيق، واستدارت بعينيها نحوها، ثم نظرت لها شزرًا مرددة بإحتقار:
-لدي ؟

جمد منذر أنظاره عليها قائلًا بعتاب قاسي:
-اه، لبنت خالك !

استشعرت ضيقه منها، فابتسمت قليلًا، ثم وضعت يدها على فمها متنحنحة بخفوت لترد قائلة بلؤم ممزوج بالخجل:
-احم .. طيب يا سي منذر، على طول !

وعلى مضض كبير تحركت في اتجاه المرحـــاض ملبية طلبه، لكن زاد بداخل نفسها الغاضبة شعورها الحانق نحو أسيف.
.....................................

بعد برهة، عــادت نيرمين وهي حاملة في يديها ما طلبه منها منــذر. ناولته إياهم، فدنا من أسيف التي انكمشت على نفسها متساءلة بقلق:
-هاتعمل ايه ؟

أشــار لها بعينيه قائلًا بنبرة جافة:
-هاشوف رجلك، مش ورمت بسببي !

اتسعت حدقتي نيرمين على أشدهما، ولطمت على صدرها مصدومة.
فرصـــة أخرى تلوح في الأفق للتجاذب بينهما، وهي لن تسمح بحدوث هذا على مسمع ومرآى من عينيها.
ستفسد الأمر قبل أن يبدأ حتى. أفاقت من ذهولها المؤقت لتتحرك خلفه سريعًا قبل أن يفعل هذا عمدًا.
هزت أسيف رأسها بالنفي، وتراجعت بظهرها للخلف في الأريكة لتصيح بإعتراض متلعثم:
-مش عاوزة، أنا .. أنا كويسة !

وقف قبالتها تمامًا، ورمقها بنظرات ثابتة وهو يرد بصلابة معهودة منه:
-مش انتي اللي تقرري !

اندفعت نيرمين بجسدها لتنحني على الأريكة وتجلس إلى جوار أسيف هاتفة بنزق:
-عنك يا سي منذر، أنا بأفهم في الحاجات دي !

التفت برأســـه نحوها متساءلًا بإستغراب:
-بتفهمي ؟

أومــأت برأسها إيجابًا وهي ترد:
-اه، ده .. ... ده شاطرة حتى ... حتى تقدر تسأل أمي !

رفعت يدها للأعلى طالبة بما معه، فأعطاها إياهم بضجر.

ضاقت نظرات نيرمين للغاية وهي تنظر في وجـــه أسيف المرهق، وهتفت من بين شفتيها بنفور ظاهر:
-وريني رجلك ياختي !

ابتعدت عنها أسيف رافضة بإصرار شديد:
-مش عاوزة منك إنتي بالذات حاجة !

اشتعلت عيني نيرمين بحمرة متأججة، وتمتمت بصعوبة وهي تجاهد لرسم ابتسامة هادئة على ثغرها:
-أنا .. ليه بس ؟

ثم وجهت حديثها لمنذر قائلة بحزن زائف:
-شايف يا سي منذر، أديني على الحال ده معاها، بأعاملها بما يرضي الله، وهي دايمًا كده، كاسرة بخاطري

صاحت بها أسيف بنبرة محتقنة للغاية:
-بطلي كدب بقى، هو انتي عندك احساس أصلًا

ردت عليها نيرمين ببرود مستفز:
-أنا، ربنا يسامحك !

حدجتها أسيف بنظرات مزدرية وهي تردد بخفوت مغتاظة من إدعاءاتها الباطلة التي تثير الاشمئزاز في نفسها:
-بجد بني آدمة مستفزة، تفور الدم !

التقطت أذني نيرمين تلك الكلمات المبهمة، فسألتها بحدة قليلة:
-بتقولي ايه ؟

هبت أسيف واقفة وهي تصيح بعناد رافض:
-أنا كويسة، مش عاوزة حاجة منكم !

ثم ضغطت بقوة على قدمها اليسرى لتتحرك فآلمتها بشدة، فانحنت عفويًا للأمام متأوهة:
-آآآه !

مد منذر يده تلقائيًا نحوها ليسندها من مرفقها هاتفًا بتلهف:
-حاسبي

استندت هي بكف يدها الأخر على صدره – دون قصد منها – ورفعت عيناها لتنظر إليه بخجل ..
اشتد اتســـاع حدقتي نيرمين وهي ترى تصرفاتهما الطبيعية سويًا .. لم تتوقع ردة فعله فصدمت، وكتمت شهقتها بصعوبة. فأجج هذا من إحساس الغيظ بداخلها.
اعتدلت أسيف في وقفتها، وسحبت كفها للخلف. لكن بقي منذر ممسكًا بها من مرفقها.

تمتمت نيرمين بهمس من بين شفتيها بغل:
-بت كهينة بنت ......... !!!!

هتف منـــذر قائلاً بصرامة:
-اقعدي أحسن، انتي مش قادرة تدوسي على رجلك !

خرجت جليلة من غرفة نومها على إثر الجلبة الحادثة بالخـــارج، فتفاجأت بوجود أسيف، وارتسم على محياها ابتسامة سعيدة للم شمل الأسرة من جديد.
هتفت بمرح:
-حمدلله على سلامتك يا بنتي، عمتك كانت زعلانة عشانك

نظرت لها أسيف بجمود، ولم تعقب.
استقبلتها جليلة في أحضانها، فإستشعرت الفتور في ردود فعلها.
عقدت ما بين حاجبيها، وحدقت فيها متساءلة بإستغراب:
-مالك يا بنتي ؟

برر لها منذر تصرفها البارد قائلًا:
-رجلها ورمت بسببي !

لطمت جليلة على صدرها هاتفة بتوجس:
-ايه اللي حصلك ؟

ردت أسيف بحرج وهي تبتلع ريقها:
-مافيش حاجة

أجلستها جليلة عنوة هاتفة بإصرار وهي تحاول نزح ثوبها قليلًا:
-وريني كده ؟

اكتسى وجه أسيف بحمرة زائدة عقب فعلتها تلك، وقاومتها قائلة بحياء:
-مافيش .. !

لاحظ منــذر إرتباكها، وتورد وجنتيها بصورة بائنة، فتنحنح مرددًا بخشونة:
-أنا كده تميت مهمتي، شوفوا انتو هاتعملوا ايه مع بعض، سلامو عليكم

هبت نيرمين واقفة من مكانها متساءلة بنزق:
-رايح فين السعادي يا سي منذر ؟

رمقها بنظرات جافة وهو يرد بجفاء:
-هاقعد في الوكالة ! وخدوا انتو راحتكوا!

لم يمهلها الفرصة لمتابعة تساؤلاتها المهتمة حيث أســرع في خطاه متجهًا نحو باب المنزل ليخرج منه دون أن يضف المزيد.

ضاقت نظراتها نحو تلك البائسة التي تستحوذ ببراعها على انتباه من حولها، فكتفت ساعديها أمام صدرها، ونظرت لها بإزدراء قبل أن تنطق بتأفف:
-حنيتي علينا ورجعتي ؟ كنتي هترتاحي لما أمي تموت؟

تجاهلتها أسيف، فقد كانت متوقعة مثل تلك التصرفات المستفزة من قبلها.
نظرت جليلة إليها مرددة بجدية:
-خلاص يا بنتي مش وقت عتاب، خلينا نشوف مالها !

همست نيرمين بصوت مزعوج وهي مستمرة في رمقها بتلك النظرات الدونية:
-ربنا يزيحها عن طريقنا، جت وجايبة الفقر كله معاها!

تابعت جليلة حديثها الأمومي الهاديء مرددة لأسيف:
-ارفعي رجلك كده أشوفها، ربنا يستر وماتكونش حاجة خطيرة.

بتردد بائن عليها، قامت بإزاحة ثوبها قليلًا لتكشف عن ساقها، فشهقت جليلة مصدومة من ذلك التورم الواضح فيه.
وضعت أسيف يدها عليه، وضغطت على شفتيها متحملة الآلم.
هزت جليلة رأسها مستنكرة ما فعلته، وهتفت بتوجس وهي تدقق النظر في ذلك التورم المقلق:
-وكنتي مستحملاه ازاي بس ؟

ثم ضغطت بحذر عليه، وتنهدت مضيفة بإبتسامة متفائلة:
-الحمدلله إنك هنا، وإن شاء الله يطيب بسرعة !

رمقتهما نيرمين بنظراتها المحتقنة منها، وغمغمت بصوت خفيض يحمل الحقد:
-يا ريت رقبتها كانت اتكسرت عشان نرتاح !
....................................

جلس إلى جوار رفاقه بالمقهى الشعبي منفثًا دخـــان الأرجيلة بكثافة رغم تلك الساعة المتأخرة، وخلو معظمه من رواده.
لم يتوقف عقله للحظة عن التفكير فيما حدث على مدار يومه المشحون خاصة ما فعلته طليقته السابقة وزواجها السري من غريمه مـــازن.
شعر بمدى سذاجته لكونها كررت نفس الفعلة مع غيره، وأوقعته في شباكها الخبيثة دون عناء.
أخرج من صدره دخــانًا يحمل الكثير مما يكنه في صدره، فكون المرء وقع في فخ مثيلتها لمرة يجبره قسرًا على توخي الحذر مع كافة النســــاء.
ما أثلج أثلج صدره في الأخير هو عودة ابنه إلى أحضانه، تلك النبتة الطيبة التي يرجو من الله أن يحسن تربيتها.
التفت إليه رفيقه ليجده شاردًا فسأله مهتمًا:
-ايه يا عم دياب ؟ سرحان من بدري، في حاجة جت ؟

استدار هو ناحيته مجيبًا إياه بفتور:
-متاخدش في بالك

مـــال عليه رفيقه هاتفًا بمكر:
-سمعنا إن أخوك عمل السليمة مع ابن أبو النجا، معلم ابن معلم !!

التوى ثغر دياب بإبتسامة تهكمية وهو يرد:
-ده أقل حاجة، وعقبال كل مرة لما نمسح بيه البلاط

سـأله رفيقه بفضول بارز في نبرته ونظراته المدققة:
-طب اللي سمعناه صحيح ؟

ضاقت نظرات دياب وهو يرد متساءلًا:
-ايه ؟

ارتبك نوعًا ما وهو يجيبه بتوجس:
-انه .. ... انه اتجوز .... المدام

تجهمت تعابير وجهه، ورد بغلظة صـــارمة:
-ماليش فيه، يعمل اللي عاوزه، ميخصنيش !

تنحنح رفيقه مبررًا بحرج:
-احم، أنا مقصدش، لكن الناس بتكلم و...

قاطعه دياب صائحًا بحدة:
-كل واحد حر، هي خرجت ببلاويها من ذمتي !

هز رفيقه رأسه متفهمًا:
-تمام يا كبير !

ارتشف ما تبقى من فنجان قهوته، وأضــاف بجدية:
-بالحق نسيت أقولك، مجد خرج من السجن !

انتبهت حواس الأخير بالكامل، وقست نظراته وهو يردد:
-مجد أبو النجا ؟!!

أومـــأ برأسه قائلًا:
-ايوه، الناس شافوه بيتمشى في المنطقة !

شـــرد محدقًا في الفراغ أمامه بنظرات غامضة، وتمتم مع نفسه بصوت خافت ذو مغزى:
-شكلها هترجع تسخن من تاني !

ســأله رفيقه بجدية:
-بتقول ايه يا دياب ؟

انتبه له دياب، ورد عليه بعبوس:
-شوفلنا حاجة نشربها أحسن !

ابتسم رفيقه هاتفًا:
-أوامرك !

ثم لوح بذراعه في الهواء وهو يصيح بنبرة عالية للنادل العامل بالمكان:
-إنت يا بني، تعالى هنا شوية !
...................................

أثر المكوث بالوكـــالة قاضيًا ليلته هناك ليترك مساحة من الحرية للضيوف الجالسين بمنزل عائلته للتحرك بأريحية تامة دون أي شعور بالحرج.
جلس شبه مسترخياً على مقعده، واضعًا ساقيه على سطح المكتب. لم ينر الإضــاءة، واكتفى بذلك الضوء الباهت بالخـــارج.
تنفس بعمق محاولاً إراحة أعصابه المشدودة قليلًا فما مر به اليوم ليس بالهين. أغمض عيناه بتثاقل، فطـــاف في مخيلته وجهها الحزين، وعينيها الدامعتين.
هي تعد مادة خام للمصائب إن صح التعبير، فمنذ أن رأها أول مرة وهي تشده بعفويتها المهلكة ليعلق معها.
فرك منذر وجهه بتعب، ومط كتفيه بإرهـــاق منفضًا عن عقله ذلك التفكير المجهد، لكنه لم يستطع.
فهناك شيء ما يجذبه دومًا إليها، بل ظن أنه أحيانًا يرتب لهما القدر الفرص ليلتقيا سويًا في أصعب الأوقــات.
لحظات وتشنجت تعابير وجهه المرتخية حينما تذكر اسم ذلك المقيت الذي خرج من محبسه.
لفظ إسمه بنفور تــــام من بين أسنانه:
-مجد ! لينا نصيب تاني مع بعد !

فتح عينــــاه، وحدق بنظرات فارغة في الظلام متذكرًا جزءًا مما مضى.
.....................................

ركضت كالمجنونة مبتعدة عن ذلك الذي يطاردها ظلامًا، ورغم تعثرها وإصابة ركبتيها بسجحات موجعة إلا أنها نهضت سريعًا لتنجو ببدنها منه.
هي تعرفه جيدًا، وتعلم بأفعاله المشينة مع الصغيرات اللاتي يقعن صدفة في طريقه، وللأسف كانت إحدى ضحاياه.
لم تتصور أن يهاجمها أثناء عودتها من درسها الأخير محاولًا نهش لحمها.
قاومته قدر إستطاعتها لكنه كان واثقًا من حصوله على مبتغاه حتى وإن فرت منه.
سمعت صوته الثقيل يناديها من الخلف:
-هاتروحي مني فين ؟

ارتجفت أوصــالها كليًا من صوته المهدد. كادت تموت رعبًا من تخيل اقترابه منها.
للوهلة ظنت أنها حُصرت، وستهلك لا محالة، لكنها لمحت ضوء سيارته المميزة، فصرخت مستغيثة:
-الحقوني، حد يساعدني يا ناس !

أوقف سيارته أمامها ليترجل متساءلًا بتوجس:
-في ايه ؟

شعرت بالإطمئنان إلى حد ما لوجوده، فقد عرفت هويته فورًا ..
لذلك دنت منه، وأشارت بيديها بحركات عشوائية موضحة بصوت متقطع لاهث:
-عم منذر، ده هجم عليا، أنا .. في الدرس، لأ .. لأ أنا كنت راجعة من الدرس، عاوز ... هو.. مش هايسيبني !

أمسك بها منذر من مرفقيها صائحًا بصوت جاد:
-خدي نفسك وفهميني بالراحة ايه اللي حصل

دقق النظر في هيئتها المرعوبة، كانت فتاة صغيرة لا تتخطى حاجز السادسة عشر على الأرجح، ملامحها مألوفة بالنسبة له، ربما هي من إحدى قاطنات المنطقة التي يمكث بها، لأنها عرفته، ولكن ثيابها شبه ممزقة، وتعابير وجهها تشير إلى حالة الهلع المسيطرة عليها.
مرر أنظاره سريعًا على فمها الذي كان يزنف خيوطًا من الدماء، ولم يستطع أن يبعد عيناه عن تلك الخدوش البارزة في عنقها.
توجس خيفة من أن يكون قد طالها مكروه ما، وقبل أن يترك لعقله حرية التخمين، هزت الفتاة رأسها بإيماءات مذعورة وهي تتوسله بصوتها الباكي:
-ساعدني الله يكرمك، وديني لأول الشارع، أنا خايفة منه هو آ.....

قطمت عبارتها فزعاً حينما سمع كلاهما ذلك الصوت القائل
-مسكتك !
هتف بها مجد بصوته المتحشرج الثقيل وهو يلقي بزجاجة المشروب المُسكر الفارغة على الرصيف لتتهشم إلى أجزاء صغيرة.
التفت منذر ناحية صاحبة الصوت، وبالطبع لم يكن بحاجة إلى تفسير الموقف، فقد فهمه على الفور.
ضاقت نظراته الحادة بصورة كبيرة، ثم أزاح بيده الفتاة الصغيرة لتختبيء خلفه محاولًا حمايتها
انتصب بجسده الفاره أمامه، ورد عليه بنبرة قوية:
-بتعمل ايه مجد ؟

تحرك مجد صوبه بخطى ثقيلة مرددًا بمجون:
-ايه يا بن حرب ؟ في ايه يا جدع، مايصحش كده عاوز أروق مزاجي الأول، هات الـ ...... شوية ! أنا بس هـ...... !!!

اشتعلت نظراته من وقاحته الفظة، وهدر فيه بصوت جهوري خشن ساباً إياه:
-جرى ايه يا ........... ! انت اتجننت، مش شايف إنت بتكلم مين ؟

انفجر مجد ضاحكًا بصورة هيسترية وهو يرد بعبث دنيء:
-انت عاوزها لفة ؟ قولي ماتتكسفش، هاسيبهالك !

صرخت الفتاة شاهقة برعب، فصاح بها منذر بصرامة:
-خشي جوا العربية، بسرعة !

لم تتردد الفتاة في تنفيذ أمره، وأسرعت بالإختباء بداخلها.
إنتابها حالة من النفور والتقزز من وضعها الحالي، لم تتوقف عن البكاء للحظة .. فقد نال منها قسرًا على عدة لمسات محرمة استلذ بها بشهوانية حيوانية مريضة عجزت فيها عن الدفاع عن نفسها.
جفل جسدها بإرتعاشات متتالية خائفة منه، فقد كانت تخشى أن يتجاوز منذر، ويتمكن من الوصـــول إليها، ثم يعاود الكرة معها من جديد.
انكمشت على نفسها أكثر، وبكت بعجز أكبر.

وقف منذر قبالته مانعًا إياه من الوصــول إليها، وأمسك به من تلابيبه ليدفعه للخلف هادرًا بشراسة:
-عاوز منها إيه ؟

أجابه مجد بنبرة تحمل الخبث وقد أظلمت نظراته الشيطانية:
-أكمل اللي بدأته !

شعر منذر بإشمئزاز كبير من طريقته الحيوانية، وهدر بصوت صـــارم:
-مش هتلمسها، البت في حمايتي !

كركر ضاحكًا بطريقة مستفزة وهو يقول:
-انت هتعرف تحميها مني ؟

رد عليه منذر بصياح عنيف:
-ايوه، الظاهر إنت نسيت أنا مين !

رفع مجد يده أمام وجهه قائلًا بإستخفاف:
-لأ مش ناسي !

ثم تراجع خطوة للخلف وحك جبينه عدة مرات، وتابع بوضــاعة متعمدًا الإساءة له:
-طب أقولك على حاجة فيها الخلاصة، بدل ما تلف مع المودام على الدكاترة عشان تخلف، ما تيجي تجرب حظك مع دي، صدقني هاتفرق أوي، والبت جبارة ! أنا عارف كل حاجة، اطمن سرك في بير !

اشتعلت نظرات الأخير للغاية، بل تشكلت فيها خيوط حمراء مهددة بشر مستطر.
كان موضـــوع زوجته " راضية " وترددها على الطبيب النسائي أمرًا سريًا، لا يعرفه إلا أفراد العائلة فقط، وكونه قد وصل إليه، وحديثه عنه بتهكم ساخط إذًا فقد دق ناقوس الخطر.
لم يتحمل منذر أن يضف كلمة أخرى مسيئة إليه أو إلى زوجته، فكور قبضته، ولكمه بعنف في وجهه صائحًا بصراخ هــــادر لاعنًا إياه:
-اخرس يا ...............

وقع مجد أرضًا من إثر التسديدة العنيفة، وبدا كالأخرق وهو يجاهد للنهوض من جديد.
لم يمهله منذر بل ركله في بطنه، وجثى على ركبته لينهال عليه بلكمة أخرى أشد قوة وهو يسبه بكلمات نابية للغاية.
وما إن اكتفى منه حتى نهض عنه وبصق عليه متابعًا سبابه المهين.
أدرك مجد كيف تم التحقير من شأنه، فصاح مهددً بنبرة عدائية:
-مش هاعديهالك يا بن حرب !

رد عليه منذر بنبرة عدوانية غير مكترث به:
-هتتحاسب عن إساءتك لأهل بيتي، مش هافوتهالك يا ....... !!

زحف مجد على ركبتيه مبتعدًا عنه، ثم بتثاقل بائن نهض عن الأرضية وهو يترنح ..
لم يتوقف منذر عن سبه وشتمه بأفظع الكلمات حتى ركب سيارته .
نظر إلى الفتاة قائلًا بصوت متشنج:
-انتي ساكنة فين بالظبط ؟

أجابته بصوت مرتعد وهي ترمش بعينيها الدامعتين:
-عند .. آآ.(( ..... ))

أكمل قائلًا بنبرة عازمة:
-ماتخفيش منه، أنا هاجيبلك حقك، وهاربيه، خليكي بس معايا

توسلته ببكاء شديد وهي متشبثة بالمقعد:
-ساعدني يا عم منذر، أنا مش عاوزة يحصلي زي البنات اللي قبلي !

رد عليها بمرارة وهو عابس الوجه:
-اطمني، انتي معايا، ومش هايلمسك !

لم يضف المزيد بل إنطلق بالسيارة نحو عنوان مسكنها الذي كان قريبًا منه ..

لاحقًا، أوصل الفتاة إلى منزلها، فزع أهلها من هيئتها المزرية، ورغم يقينهم أنها تعرضت لمحاولة إغتصاب إلا أنهم رفضوا تحرير محضر بتلك الواقعة ضد ذلك الدنيء القذر، وأنكروا أنه المذنب، بل لاموا ابنتهم، وحملوها كل الذنب لتجاوزه معها ..
تفاجيء منذر من ردة فعلهم الغير متوقعة، ومن خذلانهم الذي يندى له الجبين.
هم خشوا من احتدام المواجهة مع مجد، خاصة أن الأمر تكرر لأكثر من مرة مع عدة فتيات من نفس المنطقة، ودومًا كان ينتهي بالأسوأ إن فكرت إحداهن في مواجهته.
انزعج هو من تخاذلهم، ولامهم بقسوة على إضاعتهم لحقها المسلوب، ورغم هذا لم يستطع إجبارهم على الأمر.

لم يعرف بعدها شيئًا عن تلك الفتاة التي لجأت إليه، وكأن أخبارها قد تلاشت تمامًا ..

مرت عدة أسابيع بعد تلك الواقعة، إلا أنه وصل إلى مسامعه أنباءًا تفيد بخطبتها إليه. فإستنكر تلك الزيجة، ونفر من تراجع أهلها وخوفهم منه.
هو متأكد من رفض الفتاة للزواج منه، لكن ليس بيده أي حيلة طالما أنها رغبة عائلتها.

ما أثار صدمته حقًا وأشعره بالذنب هو إقدامها على الانتحار في ليلة عرسها، ووفاتها بعدها في ظروف غامضة.

انتهت قصتها سريعًا مثلما بدأت .. لكنها تركت أثرًا مزعجًا في نفسه ..
كان يود لو استطاع مساعدتها قبل أن تخسر حياتها، لكنه تخاذل مثلهم، وتراجع ليقف في الصف الخلفي مشاهدًا لما سيحدث لها.
..................................

عـــاد إلى أرض الواقع مخرجًا من صدره زفيرًا عميقًا، ثم أنزل ساقيه بروية عن سطح المكتب ليحدث نفسه بنبرة عازمة:
-مش هايحصل تاني ....................... !!!
.........................................


noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 22-12-17, 07:34 PM   #288

لمعة فكر

? العضوٌ??? » 174997
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,920
?  نُقآطِيْ » لمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond reputeلمعة فكر has a reputation beyond repute
افتراضي

موفقة باْذن الله

لمعة فكر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-17, 07:45 PM   #289

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصول جميلة يا منال
منذر قدر يعيد اسيف الى عمتها التى توسلت اليه بان يعيدها
وغضب منذر من تعرض مجد لاسيف التى ذكرته بماضي بعيد
دياب انت وقعت خلاص وما حدا سمى عليك
سلمت يداكى على الفصول
ويعطيكى العافية
وبانتظار القادم


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 22-12-17, 07:46 PM   #290

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 5 والزوار 2) ‏قمر الليالى44, ‏ام ياسر., ‏ليله طويله, ‏ام محمد آمين, ‏Meyami

قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:32 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.