آخر 10 مشاركات
رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          على ضِفَّة لوحة انتظار ! وَ في لحظاتٌ تُحَيّكَ بهما الأَشْواقُ.(مكتملة) (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          61 - الشبيــه - نان اسكويث- (مكتوبة/كاملة) (الكاتـب : SHELL - )           »          68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - ع.ق(كتابة /كاملة)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          0- عاشت له - فيوليت وينسبر -ع.ق- تم إضافة صورة واضحة (الكاتـب : Just Faith - )           »          030 - خيمة بين النجوم - دار الكتاب العربي (الكاتـب : Topaz. - )           »          [تحميل] الحظوظ العاثرة،للكاتبة/ الرااااائعه ضمني بين الاهداب " مميزة "(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-12-17, 09:28 PM   #291

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فصول رووووعة بارك الله فيكي كنا متستنيها بشوق كبير ...مجد ده طلع مش قليل بلطجي ومفاصل وسافل ودنيئ يعني كل صفة وسخة فيه ربنا يهده ومنذر بجد راجل شهم ومحترم ...اسيف اعتقد انها مرتبكة مش عارفة تعمل ايه لازم تركز شوي وماتعاديش الناس الي بيساعدوها عمتها مسكينة بتحبها وعارف انها يتيمة حتى في تعبها اتذكرتها مالازم تكون كده تخانق الكل ..ست جليلة ارحميني سيبك من المواويل الي في راسك ولادك مش صغيرين واحد زي منذر متنفعلوش وحده حاقدة وانانية زي نيرمين ولو انها انظلمت من جوزها بس هي حقيرة ..الحاج مهدي باين مببحبش المشاكل بس ولاده فاضحينه الله يعينه ...متشوقين نعرف القادم ماتتاخري علينا وبارك الله فيكي ودمتي سالمة

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-17, 03:27 AM   #292

rasha shourub

? العضوٌ??? » 267348
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,872
?  نُقآطِيْ » rasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond repute
افتراضي

شكل مجد انه كن يستاهل اعدام مش سجن بس لكن للسف في مناطق كتير لقانون مش بيوصل ليهم نيرمين يا ريتك تولعي فيه فعلا شخصية مستفزة وهي العيلة كلها شخصيت غبية وعندهم قسوة غير مبرة سواء نسمة او نرمين وشخصياتهم انانية رغم غباء سيف لكن ممكن يكون لاضطراب ده من الصدمت المتتالية فصول جميلة تسلم يديكي

rasha shourub غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-17, 07:43 AM   #293

نور الشفق

? العضوٌ??? » 410809
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 284
?  نُقآطِيْ » نور الشفق is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الفصول في منتهى الروعة وتصوير مميز لردود افعال الشخصيات متناسب مع تكوينهم الشخصى والنفسى

نور الشفق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-17, 09:59 AM   #294

Msamo
 
الصورة الرمزية Msamo

? العضوٌ??? » 366128
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,818
?  نُقآطِيْ » Msamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond repute
افتراضي

بصراحة رتم الرواية بطئ لكن في الفصول دي بدأ التقارب الحقيقي بين منذر واسيف والأحداث بقت شيقة اكتر شوقتينا للفصول الجاية

Msamo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-17, 12:36 PM   #295

زينب_سرور

? العضوٌ??? » 379218
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 241
?  نُقآطِيْ » زينب_سرور is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

زينب_سرور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-17, 02:43 AM   #296

ملكه الاحلام

? العضوٌ??? » 325284
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 95
?  نُقآطِيْ » ملكه الاحلام is on a distinguished road
افتراضي

حلوة اووي البدايه مشوقه وبهاغموض

ملكه الاحلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-12-17, 11:10 PM   #297

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

الفصل الحادي والأربعون:

ذرعت الغرفة جيئة وذهابًا وهي تفرك كفيها بعصبية واضحة، فما حدث اليوم أمام أنظارها – خاصة مع رمز الرجولة الأصيلة عندها - دق ناقوس الخطر لديها، تجهمت تعابير وجهها، وضغطت على شفتيها بقوة مانعة نفسها من إطلاق شتائم مهينة، استقبلتها أمها بترحاب كبير وكأنها لم ترتكب شيئًا بل أصرت على بقائها في أحضانها اليوم، وغفت معها في غرفته .. ذلك المكان الذي تمنت أن تنام هي فيه بدلًا منها.
التفتت نيرمين لتنظر لأختها الغافلة على الفراش بحدة قبل أن تجلس على طرف الفراش الأخر.
همست لنفسها بغل واضح:
-جيتها المرادي هتجيب علينا الخراب!

زفرت بعدها بغيظ بائن، فمازالت أسيف تستحوذ على كل شيء منذ أن وطــأت قدماها بيتهم المتواضع.
هي ببراءتها الساذجة تنجح دومًا في سلب العقول، وجذب الانتباه، وما أكثر من حنقها نحوها أن الجميع يعيرونها الاهتمام حتى لو بدت طائشة حمقاء.
انتبهت لصوت بسمة الناعس وهي تقول:
-ارحمي نفسك ونامي
ردت عليها نيرمين بحقد:
-مش جايلي نوم، هاموت من البلوى اللي حلت علينا؟

تساءلت بسمة بنبرة متثاقلة:
-قصدك على أسيف؟

صاحت بها نيرمين بصوت محتد:
-ماتنطقيش اسمها قصادي، بأتعصب لما بأسمعه، كان نفسي تغور في داهية ومانشوفش خلقتها تاني!

أضافت بسمة بجدية:
-هي مش رجعت خلاص، وأمك ماسكة فيها بإيدها وسنانها، يعني انسي انها تسيبها وتمشي!

ردت عليها نيرمين بحنق بارز في نظراتها الضيقة ونبرتها الحادة:
-وده اللي فاقعني، على ايه مش عارفة، دي حيالله مكملتش كام يوم عندنا، خلاص بقت فرخة بكشك عندها

تثاءبت بسمة وهي ترد:
-حكمة ربنا!

نفخت نيرمين متابعة بغيظ أكبر:
-أووف، هاطق من جنابي منها

ردت عليها بسمة ببرود إلى حد ما:
-بصراحة من اللي بتعمليه قصادي ده اللي هايحصلك!

أضافت نيرمين قائلة بغل وهي تكور قبضتها في الهواء:
-آآخ لو أطبق في زمارة رقبتها، آه لو أتساب عليها!

حدقت بسمة في أختها بنصف عين، ورأت مدى العصبية المتشنجة الواضحة على تعابير وجهها وتصرفاتها، فحذرتها قائلة:
-صدقيني انتي لو تهدي حبة وتخليكي باردة هترتاحي

التفتت نيرمين برأسها ناحيتها، وحدجتها بنظرات حانقة وهي ترد بتبرم:
-انتي هبلة ومش فاهمة حاجة من اللي بتحصل حواليكي! نقطينا بسكاتك يا بسمة ونامي أحسن!!!!

تمطت بسمة بذراعها وهي تتابع بإنهاك:
-طيب يا أم العريف، هانام لأحسن مصدعة على الأخر!

زفرت أختها مجددًا هاتفة بزمجرة عالية:
-يووه، اسكتي، أصلاً انتي جبتلي صداع! وأنا على أخري

ردت عليها بسمة بعدم اقتناع:
-أنا برضوه ولا ....

قاطعتها قائلة بغضب جم:
-يووه يا بسمة، ابعدي عني السعادي، كفاية عفاريت الزفتة دي اللي بتتنطط قصادي!
......................................

استسلمت لرغبتها المُصرة على نومها معها ومشاركتها الفراش، كانت متحرجة من وضعها الحالي، لكن لعطف عمتها اللامحدود، وطيبتها الزائدة رضخت لتوسلاتها.
مسدت عواطف على رأسها برفق متمتمة بكلمات متضرعة للمولى:
-ألف حمد وشكر ليك يا رب، الحمدلله إنك رجعتي تاني يا بنتي، ربنا ما يحرمني من دخلتك عليا أبدًا!

استمعت أسيف إلى أغلب دعائها، وبكت في صمت متأثرة
بروحها النقية التي ذكرتها بأبويها الراحلين. كانا دائمي الدعاء لها، لم ينقطع لسانهما عن مناجاة الله من أجل تيسير أمورها ..
واصلت إدعاءها بالنوم حتى غفت وهي تضمها إلى صدرها.
..............................

انتظر بفـــارغ الصبر انقضـــاء ساعات الليل لكي يعود إلى منزله بعد أن تمكن التعب منه ..
ورغم حرصه على عدم إزعـــاج من بالبيت وتفضيله البقاء بالخــارج إلا أنه قد أرهق تمامًا، وأصبح بحاجة ملحة للإسترخاء والنوم، لذلك قرر العودة إليه..
ولج ديــــاب إلى المنزل بهدوء حذر، وســار بخطوات هادئة نحو غرفة ابنه يحيى. فقد ظن أن غرفته ربما تكون مستغلة من قبل ضيوفهم.
أوصد الباب خلفه بهدوء، ودنا من فراشه بحرص شديد.
انحنى على رأس صغيره ليقبله بحنو أبوي كبير، ثم التفت برأسه لينظر إلى أروى التي نامت إلى جواره.
مسح على جبينها برفق، ودثرهما جيدًا قبل أن يعتدل في وقفته، ويلقى بثقل جسده على الأريكة.
رفع ساقه للأعلى لينزع حذائه من قدمه، وكرر الفعلة مع الساق الأخرى.
فرك وجهه بتعب، وتمط بذراعيه في الهواء. ثم نهض من جلسته ليتجه نحو الشرفة. حرك عنقه للجانبين ليخفف من حدة ذلك التيبس الخفيف الذي شعر به.
تثاءب بتعب وهو يفتح الشرفة ليلج للخارج. ضربت نسمة باردة ومنعشة صدغيه فإرتعش قليلًا.
أغلق الباب خلفه بهدوء، وسحب المقعد ليجلس بإسترخاء تام عليه قبل أن يغمض عينيه ليستسلم لسلطان النوم.
............................

لم تتمكن من النوم جيدًا، فتغيير الفراش يسبب لها أزمة، هي إعتادت على ما يخصها، وحينما تضطر للنوم خارج منزلها تصاب بالأرق.
رفعت رأسها عن الوســادة، وأدارت رأسها في اتجاه أختها التي غطت في نوم عميق رغم حالة الانفعال التي كانت مسيطرة عليها.
فركت كتفيها بيديها، ونهضت عن الفراش لتتجه إلى الشرفة، أردات أن ترى المنظر العام من الأعلى في تلك الساعة المبكرة.
لم يطرأ ببالها أن الشرفات الخاصة بغرف الصغار متصلة ببعضها البعض، وبالتالي لم تتوقع وجود أحد بالخـــارج ..

وضعت يدها على شعرها المفرود، ومشطته بأصابعها لتجمعه سويًا، ثم ولجت للخـــارج.
اقتربت من حافة الشرفة، واستندت بمرفقيها عليها.
تثاءبت بسمة بصوت شبه مسموع وهي مسلطة أنظارها على الطريق بالأسفل.

فتح ديـــاب جفنيه على صوت تلك الحركات الخافتة الصادرة من الغرفة المجاورة.
كان متأهبًا لكنه لم يصدر صوتًا. تفاجيء بخروجها للشرفة بأريحية كبيرة دون إدراك منها لوجوده.
ارتفع حاجباه للأعلى، واستشعر الحرج لتكرار تلك المواقف الخجلة بينهما.

تردد لوهلة في تنبيهها لوجوده معها، وأخفض نظراته وهو يستطرد حديثه قائلاً بجدية:
-على فكرة البلكونة مش تبع البيت، دي حتة من الشارع!

انتفضت بسمة في مكانها فزعـــة من صوته، وتسارعت دقات قلبها بخوف شديد وهي تلتفت نحوه، لكنها سريعًا ما استعادت هدوئها، وضبطت أنفاسها وهي ترمقه بنظرات مزعوجة من طريقته في الحديث.

أرادت أن تبدو جلدة متبلدة أمامه حتى لا يفرض سخافاته عليها، فقطبت جبينها، وردت عليه بعبوس قليل:
-هو ممنوع نقف فيها ولا حاجة؟

هز رأسه نافيًا وهو يجيبها بهدوء:
-لأ .. خدي راحتك!

ولكن ضاقت نظراته نحوها، وهتف متسائلاً بنبرة ذات مغزى:
-بس انتي مش محجبة باين؟

كتفت ساعديها أمام صدرها وهي ترد بتهكم:
-أكيد يعني، انت فاكر ايه؟

أومــأ بعينيه مرددًا بابتسامة متسلية:
-طب تمام، أصل أنا شايف شعرك كله!

شهقت مصدومة من عبارته الأخيرة، ووضعت يديها عفويًا على رأسها محاولة تغطيته.

أدركت أنها خرجت بدونه، وتصرفت بتلقائية تامة فلم تتخذ حذرها.
توردت وجنتيها إلى حد ما من حرجها، وابتلعت ريقها بتوتر بائن
أولته سريعًا ظهرها، وركضت عائدة للداخل لتوصد باب الشرفة خلفها.
اتسعت ابتسامته الساخرة من طريقتها الخرقاء في التصرف برعونة في بعض المواقف، وتمتم مع نفسه بمزاح:
-إنتي حالة عجيبة!
......................................

توترت أكثر، وتوردت وجنتيها بعد ذلك الموقف الحرج الذي تعرضت له معه.
تسمرت بسمة في مكانها لعدة للحظات محاولة استيعاب ما دار قبل دقائق.
كانت في موقف قوة، مستعدة للجدال معه إن لزم الأمر، لكنه فرض سيطرته على الوضع كليًا، وخرجت هي منه متخاذلة خالية الوفـــــاض.
أمسكت بالستائر وغطت بها زجاج الشرفة لتظلم الغرفة من جديد، وضربت برأسها عليه عدة مرات معنفة نفسها بتبرم:
-انا غبية! ازاي ماخدتش بالي!

ألقت بجسدها على الفراش، وسحبت الملاءة فوقها لتدفن نفسها أسفلها لاعنة تصرفها الأحمق.
......................................

انقضى الليل، وأشرق نهار أخــــر معلنًا عن يوم جديد في حياة الجميع.
استعدت عواطف للعودة إلى منزلها، وبالطبع لم تتركها جليلة لا هي أو حتى ابنتيها – وكذلك ابنة أخيها – دون القيام بأخـــر واجبات الضيافة معهن.
تحرجت بسمة من الخروج من الغرفة، وأثرت البقاء بها حتى لحظة انصرافهما متحاشية الالتقاء بدياب.
هو لم يكن واعيًا ليقابلها، فقد غفا في غرفته حينما تأكد من خلوها من الضيوف.
على عكسه بقي منذر بالوكالة حتى الصباح، وحينما تأكد من استيقاظ الجميع، هاتف والدته قائلاً بجدية:
-أنا هاوصلهم بعربيتي، خليهم بس يجهزوا وكلميني!

ردت عليه بلطف:
-وماله يا منذر! يخلصوا فطـــار وهاطلب عليك!
-ماشي!

وبالفعل ما إن انتهت جميعهن من تناول الإفطار حتى اتصلت بابنها لتؤكد عليه استعدادهن.
لم يحتاج لأي وقت للوصــول، فقد مكث أسفل المنزل منتظرًا تلك المكالمة.

تعاملت نيرمين بجفاء شرس مع ابنة خالها، لم تكن تطيق وجودها حولها، وظلت ترمقها بحدة رغم تجنب الاثنتين للحديث معًا.
لفت عواطف ذراعها حول خصر أسيف مرددة بسعادة:
-أنا فرحانة إنكم حواليا، ربنا يديمكم نعمة في حياتي

ردت عليها جليلة بود وهي تمرر أنظارها على الثلاث شابات:
-يا رب يا عواطف، والله إنتي ربنا بيحبك ورزقك بشوية بنات زي السكر!

هتفت نيرمين بحماس محاولة كسب ودها أكثر:
-كان بودنا يا خالتي نقعد معاكي أكتر، بس مايصحش نتقل عليكم أكتر من كده، كفاية إن سي منذر نام برا، و... ودياب كمان!

ثم اقتربت منها لتقبلها بحنو زائد لكنه مصطنع.

ردت عليها جليلة بمكر وهي تمسح على ظهرها برفق:
-يا ريت تتقلوا، هو أنا عندي أعز منكم!

رسمت نيرمين على ثغرها ابتسامة متكلفة وهي ترد:
-ربنا يخليكي لينا يا رب!

أضافت جليلة قائلة بجدية:
-عاوزة أشوف البنات تاني يا عواطف، وخصوصًا الكتكوتة دي!

ثم أشارت بعينيها نحو الرضيعة.
تحمست نيرمين كثيرًا لترحابها الشديد بها، وردت بسعادة:
-والله دي ما شافت نوم ولا راحة إلا هنا، البركة موجودة في كل حتة في البيت!

وضعت جليلة يدها على رأس الرضيعة، ومسحت بحذر شديد عليها قبل أن تنحني برأسها عليها لتقبلها برفق وهي تقول:
-ربنا يحميهالك!

أضافت عواطف هي الأخرى بابتسامة مجاملة:
-يا رب أمين، تسلمي على ذوقك!

التفتت جليلة برأسها نحو بسمة، ثم قالت بألفة:
-وإنتي يا بسمة، مش محتاجة وصاية، العيال معتمدين عليكي في المذاكرة!

أومــأت برأسها بالإيجاب قائلة بإيجاز:
-أكيد!

هتفت عواطف مودعة إياها بإمتنان:
-فوتك بعافية يا ست جليلة!

ردت عليها الأخيرة بلطف:
-ربنا يعافيكي ويشفيك!

ثم أشارت بحاجبيها لأسيف وهي تضيف بصوت هاديء:
-وسلامتك يا بنتي!

ردت هي عليها بصوت خافت:
-الله يسلمك

تابعت جليلة قائلة بتفاؤل:
-إن شاء الله تطيبي قريب!

اغتاظت نيرمين من ذلك الحوار الودي الدائر بينهما، وهمست بغل:
-إياكش تقع على بوزها وهي نازلة!

تحركت بسمة أولًا في اتجاه الباب لتفتحه، لكن تجمدت خطواتها عند العتبة حينما رأت منذر واقفًا أمامها.
أردف قائلاً بصوت خشن:
-سلامو عليكم!
تراجعت للخلف ضاغطة على شفتيها وهي تقول:
-وعليكم السلام

تهللت أسارير نيرمين لوجوده، وابتسمت ببلاهة وهي محدقة به.
أخذت تهدهد ابنتها بحركات سريعة نسبيًا محاولة التحرك للجانب لرؤيته بوضـــوح.
ابتسمت عواطف وهي تضيف بحرج قليل:
-معلش يا بني، هانتعب معانا! إنت ملكش ذنب في الدوخة دي!

رد عليها بجمود:
-ولا دوخة ولا حاجة، وقبل ما أنسى في موظف من الشهر الxxxxي جاي عندك البيت عشان توثيق العقود!

هزت رأسها بتفهم وهي ترد بحذر:
-طيب

نظرت إليه أسيف من طرف عينها، فقد فهمت المقصود من عبارته، هو أراد ترديد الأمر على مسامعها ليؤكد لها أن تملك حصة عمتها بدكانها.
اختنق صدرها من مجرد التفكير في الأمر، ولم تعقب عليه.
سلط هو أنظاره عليها مراقبًا ردة فعلها، لكنه أثار ريبته تجاهله له.
تنحنح بخشونة، ثم أضاف قائلاً بصوت آمر:
-اتفضلوا!

تنحى بعدها للجانب ليترك المجال لبسمة لتمر أولًا، ثم انتظر خروج والدتها خلفها.
تباطئت نيرمين في خطواتها لتصبح ملاصقة له، وبالتالي تتمكن من التحرك معه، لكنه استدار برأسه ناحيتها ليرمقها بنظرات جافة وهو يقول بصرامة:
-اتفضلي! السكة واسعة!

ضاقت نظرات نيرمين نحوه، وتلاشت ابتسامتها من وجهها ليحل التجهم عليه.
كانت كمن ينفث دخانًا من أذنيه وهي تلحق بأختها وأمها.
عرجت أسيف بقدمها اليسرى أثناء خروجها من المنزل محاولة استباقهما بخطواتها المتآلمة.
أوقفها منذر مرددًا بجدية:
-رايحة فين؟

رفعت أنظارها لتحدق فيه بغرابة:
-نازلة!

زاد عبوس وجهها وهي تضيف بتهكم ساخط:
-اطمن، أنا مش هاهرب، معدتش عندي طاقة أعمل حتى ده!

دنا منها بخطواته المفاجئة، فارتعدت من اقترابه المهدد، وانحنى فجــأة نحوها ممددًا ذراعه أسفل ركبتيها، ومحاوطًا بالأخر خصرها ليحملها عنوة.
اتسعت حدقتاها مصدومة من تكراره لتلك الفعلة الجريئة غير مكترث بمن حوله.
وقبل أن تنفرج شفتاها لتهتف بإستنكار، صـــاح قائلاً بهدوء واثق:
-زي ما طلعتك هنزلك!

توترت من حديثه الذي ألجم لسانها، واكتسى لون بشرتها الذابل بحمرة دموية عجيبة.

على الجانب الأخر أصبح وجــــه نيرمين ككتلة من الجمر المتقد على ألهبة نيران حامية حينما رأت هذا المشهد أمامها.
شهقت مذهولة من تصرفاته المتجاوزة مع من تمقتها، وزادت نظراتها الشرسة إليها.

كزت على أسنانها بقوة حتى كادت أن تحطمهم من فرط العصبية المكتومة داخلها.
في حين عقدت جليلة ما بين حاجبيها متعجبة من أفعال ابنها الغامضة، وحدقت فيه بغرابة شديدة.
وضعت إصبعيها أسفل ذقنها، ودققت النظر إليهما وهي تحدث نفسها بحيرة:
-الله! ماله شاغل بيها باله؟

ارتابت من ابنها إلى حد كبير، خاصة أنه بدا أكثر توددًا لتلك الفتاة عن ابنة عواطف التي تحثه على التفكير فيها.

عقدت العزم على ألا تدع الأمر معلقًا دون أن تثيره معه لاحقًا، ففي النهاية هي أم، ومصلحة ولدها تعد شاغلها الأكبر والأهم ....................................!!
..................................

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 29-12-17, 11:21 PM   #298

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل الثاني والأربعون ( الجزء الأول ):

بدت منزعجة من تجاوز ابنها للأعراف والتقاليد المتبعة في منطقتهم الشعبية، وتصرفه بعقلانية قليلة مع قريبة عواطف، ربما هي تتعاطف معها لكنها لن تسمح بحدوث شيء غير لائق.
أغلقت الباب بعد انصراف الجميع، وســارت تفكر مليًا فيما رأته عيناها، استمرت في حك ذقنها وهي تحدث نفسها بضجر:
-مايصحش أسكت عن اللي شوفته ده، حتى لو نيته يساعدها!
هزت جليلة رأسها بإيماءة واضحة وهي تضيف مستنكرة:
-بردك دي مش أصول، وهو المفروض يبقى عارف ده، والناس ليها الظاهر!
ظلت هكذا لعدة دقائق تحاول اقناع نفسها أن صمتها عما صار يعني رضاؤها التام وهو ما لم يحدث.
هي لديها مخططات من أجله، ولن تحيد عنها في الوقت الحالي، ولن تدع أي شيء يعكر صفوها.
....................................

ظل حاملًا إياها طوال هبوطه على الدرج، وهي بالطبع كانت في قمة خجلها منه. هو يبرع في استغلال الموقف، وهي مضطرة لمواكبته رغمًا عنها، لم تخلو بشرتها من تلك الحمرة الساخنة التي اكتست وجهها كليًا، وتحاشت قدر المستطاع التحديق به على الرغم من إحساسها بأن نظراته لم تفارقها.
أصاب حدسها الأنثوي في ذلك، فمنذر واظب على مطالعتها بنظرات غريبة. نظرات حملت بين طياتها خوفًا من أن تلاقي تلك الهزيلة مصيرًا مشابهًا للمراهقة المتوفاة، هي مصادفة علقت مع شخص يعلم جيدًا بنواياه الدنيئة .. ولكنها غير مدركة بعد لحقيقة الوضع. لذلك أخذ على نفسه العهد أن يمنعه عنها، مهما كلفه الأمر.
لحقت بهما نيرمين وعيناها تطلقان شررًا متقدًا، لو كان الحنق شخصًا لتجسد ببشاعته ليعكس ما تشعر به الآن، لم تتوقف عن رمقها بنظرات احتقارية مشتعلة، فتلك البائسة تعيسة الحظ تنعم بما حُرمت هي منه، من أبسط الأحلام الوردية لأي فتاة مقبلة على الزواج ..
حرمت من زوج محب يدافع عنها ويحميها، من شخص يخشى عليها من إصابتها بالسوء، بل يفني عمره من أجلها هي فقط ..
فأسيف من وجهة نظرها تملك – رغم يتمها – الكثير والكثير. وهي لن تقف في وضع المشاهد الصامت تراقب اندلاع شرارة التجاذب بينهما.
خشيت نيرمين أن تعترف لنفسها بأنها تكن شيئًا لذلك الذي يجذبها إليه رغم جفاءه معها. بأن قلبها قد تحرك ونبض لأجله.
ربما هي مجرد أوهام في عقلها، ليست واثقة من تفكيرها، لكنها إن تركت العنان لمشاعرها، وسمحت لها بالخروج من بوتقتها سيظهر الأمر واضحًا عليها.
تريثت فيما تفكر به .. ومع ذلك ستمنع غيرها من التطلع إليه.
...........................
بعد لحظات كان قد وصل بها إلى مدخل البناية، وحينما اقترب من سيارته أنزلها على ساقيها، اتكأت هي على كتف عمتها لتكمل المسافة القصيرة المتبقية سائرة بخطوات عرجاء.
فتح منذر الباب الخلفي لسيارته لتركب بسمة أولًا، وانتصفت في جلستها بالمقعد لتشكل حاجزًا بين أختها وابنة خالها.
جلست إلى جوارها أسيف، وفي الجانب الأخر نيرمين، بينما جلست عواطف في المقعد الأمامي.
عدل هو من وضعية المرآة ليطالع من خلالها وجهها الحزين.
بقيت أنظاره عليها، وكذلك ظلت أنظار نيرمين تراقبه عن كثب .
كانت دومًا تعقد تلك المقارنة المؤلمة ..
تمنت لو شعر بتلك الحرقة المتأججة في نفسها. أن تتعلق رغمًا عنك بمن لا يشعر بوجودك، هي لم تنعم مطلقًا بنظرات كتلك، ولم تحظَ بفرصة للتعبير عن مشاعرها تجاه طليقها. فقط البؤس والإهانة حتى في أبسط الأشياء، نفضت عن عقلها ذلك التفكير المرهق، ورسمت على ملامح وجهها تعابير جامدة.
فقبل أن تشرع في أي شيء عليها أن تتأكد أولًا مما يؤرقها..
................................................

أوقف السيارة عند المدخل تقريبًا، فترجلت أسيف سريعًا منها لتهرب منه قبل أن يحاصرها بأفعاله التي تخجلها، وتحاملت على نفسها تلك الآلام الموجوعة لتلج للبناية.
لحقت بها بسمة، ومن خلفهما كانت تسير عواطف بخطى متمهلة.
أطفأ منذر المحرك، واستعد للنزول والدخول للمدخل للتأكد من وصولهن للأعلى، لكن أسرعت نيرمين بإعتراض طريقه لتمنعه من تكرار الأمر، وشكلت بجسدها حائطًا أمامه، ثم ابتسمت هاتفة بنعومة مصطنعة:
-ربنا يخليك لينا يا سي منذر، والله لولاك كنا بقينا في حوسة!
نظر لها بجمود وهو يرد بفتور:
-عادي يعني!
تابعت قائلة عن عمد:
-الحق يتقال مافيش زي شهامتك ولا جدعنتك، وخصوصًا مع ...
توقفت عن اتمام عبارتها لتخفض نبرتها قائلة بقصد:
-مع الكل حتى لو كان قليل الأدب وناكر للجميل!
انعقد ما بين حاجبيه مرددًا بعبوس:
-نعم!!!
أشارت بكفها للخلف وهي توضح غموض عبارتها بتجهم خفيف:
-قصدي على القاسية اللي معدنهاش دم، بنت خالي، وشهامتك معاها مع إنها ماتستهلش!
التوى ثغرها بابتسامة تهكمية وهي تضيف بمكر:
-بس هي بردك زي أختك الصغيرة، إنت أكيد اتصرفت معاها على الأساس ده، صح؟
هتف مشدوهًا وقد ارتفع حاجبه للأعلى بإستنكار جلي:
-أختي؟!
ابتسمت ببلاهة وهي تكمل بخبث:
-اه، ماهي لو مكانتش أختك مكونتش إنت تعبت نفسك عشانها وشلت همها معانا!
فهم منذر ما الذي ترمي إليه، فانتصب في وقفته، ورمقها بنظرات حادة هاتفًا ببرود:
-أها .. ما انتو كلكو أخواتي!
اتسعت حدقتاها إلى حد كبير عقب جملته المتعمدة تلك، وتابع بجفاء:
-وخصوصًا إنتي!

انفرج ثغرها بصدمة أكبر، وقبل أن تفيق منها، استأنف حديثه بجمود مستفز:
-ويالا بقى عشان تلحقي أمك وأخواتك يا .. يا أختي!
رمقها بنظرات أخيرة جافة قبل أن يستدير بظهره ليركب سيارته ويقودها مبتعدًا عنها.
ظلت متسمرة في مكانها عدة لحظات محاولة استيعاب الموقف.
غمغمت مع نفسها بغيظ:
-أخته مين! هو اللي هاعمله فيها هايطلع عليا، والله ما يحصل أبدًا!!!
عاودت تكرار العبارة الأخيرة هاتفة بإستنكار:
-هـــــه، بيقولي يالا ياختي، أل أخته أل!
................................................

لاحقًا، دس في فمه الكثير من الطعام دفعة واحدة يلكوه بطريقة مقززة.
نظر له أباه بنفور مرددًا:
-بالراحة يا بني، دي مش طريقة أكل!
رفع مجد أنظاره عن صحنه ليرد عليه بصوت متحشرج وبقايا الطعام تتقاذف من فمه:
-جرى ايه يا حاج، معدتي نشفت من الزفت اللي كنت بأكله
نظر له مهدي شزرًا وهو يقول:
-مقولتش حاجة، بس مش كده
عبس بوجهه أكثر قائلاً:
-طيب! خلاص!
وضع مهدي كفه على الكف الأخــر محدقًا أمامه بشرود، ثم تمتم مع نفسه بضجر:
-استرها يا رب في اللي جاي!
ضيق مجد نظراته نحوه، ثم مسح يديه في المنشفة الموضوعة أمامه وهو يسأله بجمود:
-انت لسه شايل هم الولية شادية؟
رد عليه بامتعاض:
-اه، انت مش عارفها دي عقربة، قرصتها والقبر

غرز مجد ظافر يده في أسنانه يسلكها، وصاح بصوته الخشن:
-على نفسها مش عليا!!
حذره أباه قائلاً بغلظة:
-بأقولك ايه أنا مش عاوز مشاكل لا معاها ولا مع غيرها، وكفاية إن الدور اتلم قبل ما يولع من تاني مع عيلة حرب
أغاظته كلماته الأخيرة، فهب واقفًا من معقده، ثم ضبط حزام بنطاله ليرد بتهكم ساخط:
-انتو لسه بتخافوا منهم؟ دول هوا!
زم والده فمه هاتفًا بحدة وهو يشير بكفه:
-لا بنخاف ولا مابنخافش، احنا بقينا حبايب وفينا بينا مصالح!
انعقد ما بين حاجبيه بإندهاش مريب، وردد باستغراب:
-مصالح، ده كلام جديد بقى!
هز أباه رأسه بإيماءة ظاهرة وهو يجيبه:
-ايوه، ما انت غايب بقالك كتير!

تجشـــأ مجد قائلاً وهو يدنو منه:
-بالراحة كده عليا، واحكيلي بالظبط على اللي فاتني كله!
.....................................
قبلت بعرضه السخي بعد تفكير مرهق، وارتضت أن تبيع ابنتها مقابل ذلك المبلغ المادي الضخم، ولكنها أخفت عنها الأمر حتى تتماثل تمامًا للشفاء، تنهدت بعمق، ثم دنت من فراشها الطبي بغرفة العناية المركزة لتقف أمامها محدقة فيها بنظرات مطولة أسفة على حالها البائس.
كانت دومًا أداتها للحصول على مبتغاها من الأموال، واليوم هي تراها عاجزة عن الشعور بأنوثتها الكاملة.
ابتلعت شادية ريقها بتوتر، ثم مدت يدها لتمسح على ساق ابنتها الغائبة عن الوعي مرددة بخفوت حزين:
-سامحيني يا بنتي، كان لازم أوافق، انتي مش عارفة الزفت أخوه ممكن يعمل فيكي ايه!
احتدت نظراتها، ثم زفرت بحنق وهي تتابع:
-ده ابن حرام ومش هايسيبك لو حطك في دماغه، وكده كده هتطلعي برضوه خسارة!
رفعت رأسها للأعلى لتكمل بوعيد:
-بس وعد مني هأمنك وهاجيب حقك كله بعدين!
......................................
سمع تلك الدقات الخافتة على باب غرفته وهو يتقلب على فراشه، فاستدار برأسه نحوه صائحًا بنبرة ثقيلة:
-ايوه!
فتحت والدته الباب راسمة على ثغرها ابتسامة هادئة وهي تسأله:
-صاحي يا منذر؟
أجابها بتثاؤب وهو يمط ذراعيه:
-اه يامه، في حاجة؟
ولجت إلى داخل الغرفة قائلة بجدية:
-معلش يا بني، كنت عاوةز أتكلم معاك في كلمتين كده

اعتدل في نومته، وسحب الوسادة ليضعها خلف ظهره، ثم سألها بإهتمام:
-خير؟
جلست على طرف الفراش إلى جواره، ورسمت تعابير جادة على ملامحها وهي تكمل حديثها بعتاب:
-يصح اللي شوفته قصادي النهاردة؟
عبس وجه منذر بدرجة ملحوظة ساءِلًا إياها باستفهام:
-هو في حاجة حصلت وأنا معرفش؟
أومــأت برأسها بالإيجاب وهي ترد:
-اه .. انت مش واخد بالك من ...
ضغطت على شفتيها مانعة نفسها من الحديث، فانزعج منذر من صمتها المفاجيء، وصاح بنبرة غليظة:
-كملي يا أمي سكتي ليه؟
تنحنحت جليلة بحرج، وتابعت بامتعاض ظاهر على وجهها:
-بص أنا مش عاجبني اللي حصل مع بنت أخو عواطف! هي البت صعبانة عليا، بس بردك مايصحش تـ........
تصلبت قسمات منذر بانزعاج كبير، واحتدت نظراته صائحًا بصوت آجش منفعل:
-في ايه يا حاجة؟ هو انتي شوفتني بأعمل الغلط معاها، دي حيالله حتة مساعدة لا راحت ولا جت!
ردت عليه بحذر:
-لأ مقصدش!
ثم أخفضت نبرتها لتتابع بتبرم:
-بس الناس تقول ايه لما يشوفك شايلها كل شوية وداخل بيها عليا؟!
أشـــاح منذر بوجهه للجانب، ورفع يده واضعًا يده على رأسه ليحكها عدة مرات، ثم نفخ بنفاذ صبر مرددًا بعصبية:
-يادي أم الناس اللي طالعنلي في البخت!
التفت ناحيتها مكملًا بصوت قاسٍ يحمل التهديد:
-خليهم يكلموا بس وأنا هاقطع لسانهم!
ردت عليه بتجهم:
-انت مش هاتمنع الناس تتكلم، ولو مش قدامك هيبقى من وراك! واللي يعيبك يعبنا!

صــاح بها بنفاذ صبر:
-هاتي الناهية يامه
تنهدت جليلة بإرهاق وهي تتابع بهدوء:
-يا حبيبي أنا بس بأنصحك!
تحركت ناحيته قليلًا لتضيف بمكر:
-وبعدين ماتنساش نيرمين كانت موجودة معانا وشافت اللي حصل بعنيها، يعني تفكر في ايه لما .....
فهم منذر سريعًا ما رمت إليه في كلماتها، لذا قاطعها بتجهم:
-أنا كده مش هاخلص بقى!
ردت عليه معللة إصرارها على التفكير في الزواج بابنة عواطف:
-ماهو انت مش بتفكر في مصلحتك، والعمر بيجري منك!!!
رد عليها بحدة وقد أظلمت نظراته:
-أنا عاوز أفضل كده ولو حكمت هاتجوز أي حد، بس مش بالشكل ده، ولا هي بالذات!!!
تفاجأت من ردة فعله المبالغة، وهتفت مستنكرة رفضه لها:
-ليه بس؟
صاح بنبرة مزعوجة وقد ارتفع حاجباه للأعلى:
-هو بالعافية! يا البت دي يا لأ؟ جرى ايه يامه!!!
بررت موقفها بحذر محاولة إقناعه:
-هي مضمونة يا بني وبتخلف، يعني هاتجيبلك العيل اللي نفسك فيه من زمان
حدج منذر والدته بنظرات مغتاظة من طريقتها في فرض تلك السمجة عليه، ويئس من تمسكها بها وكأنها أخر النساء على الأرض.
أزاح الوسادة من خلف ظهره، وتزحزح للأسفل قائلاً باقتضاب:
-قومي يا حاجة جليلة شوفي البيت، وسيبني أتخمد! أنا مصدع
نظرت إليه جليلة وهو يوليها ظهره بنظرات معاتبة، ثم تابعت قائلة باستسلام وهي تنهض عن الفراش:
-ماشي .. براحتك!

تحركت في اتجاه باب الغرفة، وقبل أن تخرج منها استدارت برأسها هاتفة بتحذير:
-بس أديني بردك نبهت عليك عشان تاخد بالك!
رفع رأسه عن الوسادة ليصيح بصوت متثاقل:
-أمـــه
ردت عليه بتلهف وقد ظنت أنه ربما رضح لتحذيرها:
-نعم يا ضنايا
سألها بجمود بادي عليه:
-اياكي تكوني لمحتي بالموضوع ده ليها ولا فاتحتيه فيه؟!
هزت رأسها نافية وهي تقول:
-والله ما حصل!
ثم ابتلعت ريقها مضيفة بارتباك:
-... هو بس أبوك!


زاد انعقاد ما بين حاجبي منذر وهو يتساءل:
-ماله أبويا؟
أجابته بتوجس قليل:
-عنده فكرة عنه بس .....
صاح مقاطعًا بتذمر من تصرفاتها:
-بردك عملتي اللي في دماغك!
حاولت أن تغطي على فعلتها، فزفرت قائلة بإحباط:
-يوووه يا منذر، والله الواحد ما عارف يرضيك ازاي، أحسن حاجة أسيبك تنام!
ثم اندفعت للخـــارج غالقة الباب خلفها، ظلت أنظاره معلقة عليه لثوانٍ قبل أن يلقي برأسه على الوســادة مرة أخرى، حدق في سقفية الغرفة مخرجًا زفيرًا عميقًا من صدره، وحدث نفسه بعناد أشد:
-طيب يا أمي .. وأنا مش هاتجوزها لو عملتي ايه ..........................................!!!
..........................................



noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 29-12-17, 11:30 PM   #299

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل الثاني والأربعون ( الجزء الثاني ):

علم من أبيه تفاصيل ذلك المشروع التجاري المشترك بينهما، وكيف أوصلهم أخاه الأصغر إلى ذلك الأمر بتصرفاته المتهورة، بدا مجدغير مقتنع بما قاله والده، فمن حق أخيه مازن أن يفعل ما يحلو له، فهم لا يملكون السلطة عليه.
صمت ليفكر بتمهل شديد في كل خطوة سيقدم عليها لاحقًا، فقد تيقن أنه بات شريكًا صريحًا مع عائلة حرب، وتلك العائلة تحديدًا يكن نحوها الكثير من العداوات والمشاعر البغيضة.
فلم ينسَ أن منذر هو من أدخله السجن وتركه يتعفن لأعوام خلف القضبان القاسية. وأنه من أهانه بشدة أمام المراهقة التي انتحرت مباشرة قبل زواجه منها، تراكمات وتراكمات احتفظ بها في صدره لتؤجج مشاعر البغض والعدوانية لديه، واليوم سيحصد نتيجة زرعه.

استدار مجد برأسه ببطء ناحية والده. ونظر له مطولًا دون أن ينبس بكلمة.
دس يده في جيبه ثم أخرج قداحته ليشعل بها سيجارته التي وضعها بين شفتيه، وهتف بصوت غريب مُقلق:
-وماله يا حاج، خلينا شركا!
ضاقت نظراته أكثر وهو يكمل بنبرة غير مريحة بالمرة:
-ده حتى المثل بيقول، ما محبة إلا بعد عداوة!
.........................................
أكمل عد ما بحوزته من أموال بسيطة قبل أن يطويها ويضعها في جيب قميصه الأمامي، فقد ادخر من إحدى المصالح الخاصة - والتي قضاها سراً -مبلغًا زهيدًا من المال لكي يعطيه لها خلسة.
راقبته أمه بنظرات متفرسة محاولة تخمين ما يفعله، وقبل أن يتحرك مبتعدًا عنها، تركت ما تقطعه من خضروات في الصينية لتسأله بنبرة عالية أجفلته:
-على فين العزم؟

تمتم حاتم لنفسه بكلمات مبهمة، ثم التفت بجسده ناحيتها، وأجابها بهدوء حذر:
-خارج شوية، ورايا كام حاجة عاوز أعملها!
نهضت عن المقعد، ونفضت يديها من البقايا العالقة بين أصابعها، ثم دنت منه وهي ترمقه بنظرات ثابتة.
وضعت يدها على منتصف خاصرتها، وسألته بعبوس مشيرة بعينيها:
-وايه الفلوس دي؟
وضع يده عفويًا على جيب قميصه، ثم أخفضها بحذر.
ابتلع ريقه مجيبًا إياها بارتباك خفيف:
-دي .. دي عشان بنتي!
رفعت "لُبنى" كف يدها أمام جبينها لتؤدي حركة مستنكرة به وهي تهتف ساخطة:
-بنتك! وده من امتى ان شاء الله؟ إيش حال الليلة كلها كانت على يدي! ده انت لا بتطيقها ولا بتطيق اللي ماتتسمى!
ضغط حاتم على شفتيه هاتفًا بامتعاض:
-يا أمي ارحميني من اسطوانة كل يوم، البت ملزومة مني ولازمها مصاريف!
ردت عليه بقسوة وهي تلوح بذراعيها في الهواء:
-احنا أولى بالفلوس دي، وبعدين هي المفضوحة أمها فقيرة؟ ما هي علي قلبها أد كده!
تجهمت تعابير وجه حاتم إلى حد كبير، وصــاح نافيًا:
-منين؟ ما أديكي شوفتي بنفسك
حركت لبنى جسدها بحركة مائعة هاتفة بحنق كبير:
-لا يا روحي، دي كانت بس بتدعي الفقر معاك! لكن على قلبها كوم فلوس أد كده! ولا نسيت زيارات أمها اللي كانت بتجيبها؟!
فرك حاتم طرف ذقنه متابعًا بغيظ:
-تتنيل ولا تولع، هي معدتش تفرق معايا، أنا ليا لي بنتي وبس!
ردت عليه أمه بوقاحة فجة:
-خلفة العار والندامة، يا ريتها كانت حتى جابت واد تفرح قلبنا بيه، لكن نقول ايه هي جوازة ......... من يومها!

زفـــر حاتم من كلمات والدته النابية، وأدار رأسه للناحية الأخرى.
تابعت هي قائلة بفظاظة:
-ده حتى أختك شاهندة اتفك نحسها وربنا كرمها بعريس لقطة من يوم ما بوز الإخص دي غارت من هنا، زي ما يكون عملالها عمل، ربنا يحرقها مطرح ماهي أعدة!
نفخ مجددًا بضجر من ثرثرتها الزائدة، ولكن عبس وجهه بحدة حينما أمرته وهي تشير بيدها:
-بأقولك ايه هات الفلوس دي، احنا محتاجينهم لزوم الخطوبة، ولما المفضوحة تعوز حاجة تاخدها من المحكمة! هـــات!!!
ارتفع حاجباه للأعلى باستنكار أكبر وهو يهتف معترضًا:
-يا أمي ..آآآ
قاطعته بصرامة غليظة وهي تشير بيدها أمام وجهه:
-بلا أمي بلا هباب، هــــات!
اضطر أسفًا أن يخرج المبلغ الزهيد من جيبه ليعطيها إياه، فتناولته منه وقد تقوس ثغرها بابتسامة متباهية.
تابعت متمتمة بازدراء:
-حار ونار في جتتها!
رد عليها حاتم بغيظ:
-ارتاحتي كده
أومـــأت برأسها إيجابًا وهي تضيف ببرود متعمدة استثارته:
-آه، ولسه هارتاح أكتر لما تتجوز تاني!
لوح بذراعه أمام وجهها قائلاً بغلظة:
-مش عاوز!
سألته مستنكرة عذوفه عن الزواج:
-ليه هاتفضل عاذب طول عمرك؟
نظر لها مطولًا قبل أن يجيبها بامتعاض:
-اه!
استأنفت لبنى حديثها هاتفة بمكر:
-يا واد أنا المرادي منمرالك على واحدة إنما حاجة، نقاوة ايدي وحياتك، سيبلي بس نفسك وأنا هاظبطك!

ظل مسلطًا أنظاره الحانقة عليها، ثم أولاها ظهره وسار بخطوات متعجلة نحو باب المنزل.
تابعته بعينيها وهي تتساءل باستغراب:
-ماله ده؟ مش بيرد ليه؟
صفق حاتم الباب بعنف بعد أن خرج من المنزل، فاهتزت جدارنه من قوة الصوت، زمت لبنى شفتيها مرددة بسخط قاسي:
-منها لله بنت الـ....... سدت نفسه عن كل حاجة! إلهي تولعي يا بنت عواطف مطرح ما انتي أعدة، ومتلاقي حد يطفيكي!
...........................................

ســار متبخترًا بخطواته أمام العامة ليعلن صراحةً عن وجوده بالمنطقة، وبالطبع كانت تعابير وجوههم تشير إلى نفورهم التام منه.
التوى ثغره للجانب وهو يدنو من تلك المحــال الموضوعة قيد الإصلاح.
دقق النظر في العاملين بهم قبل أن يصيح بصوته الجهوري الخشن:
-شغل نضيف الصراحة!

انتبه له أغلب العاملين، وتبادلوا نظرات حائرة فيما بينهم.
اقترب منهم متابعًا بصوته الآجش وهو يشير بيده موضحًا:
-خدوا راحتكم، واشتغلوا برواقة، على فكرة أنا مش غريب، أنا شريك في الهلومة دي!
وقف قبالته المهندس المسئول عن الديكورات الهندسية، وكور قبضة يده مقربًا إياها من فمه وهو يقول بحرج قليل:
-احم .. أنا الـ designer الـ..آ.....
قاطعه مجد قائلاً بسخافة:
-كلمني عربي وحياة أبوك! محسوبك رد سجون ومالوش في الهري ده!
ارتسمت سريعًا علامات الانزعاج على وجه المهندس، وازدرد ريقه مرددًا بتوتر:
-اها ..... تمام، أنا بأفهم حضرتك إني مصمم الديكورات اللي هنا
وضع مجد يده على رأسه وبدأ في حكها قائلاً بصوت متحشرج:
-وماله مش عيب!

مــرر أنظاره ببطء على واجهات المحــال، فلفت انتباهه ذلك الدكان العتيق الذي يتوسطهم، فتساءل باندهاش:
-وده مش تبعهم ولا ايه؟
سلط المهندس أنظاره على الدكان، وأجابه موضحًا:
-حاليًا لأ، بس الأستاذ منذر مبلغنا إنه هايشتريه من أصحابه عشان نقدر نضمه ونشتغل فيه
اكفهر وجه مجد قليلًا من ذكر اسمه، ورد بتأفف:
-ماشي.. عمومًا انت هتلاقيني فوق راسك كل شوية، أنا مش ورايا حاجة!
ابتسم المهندس بتكلف، ثم يده لمصافحته قائلاً بود:
-تشرفنا يا فندم، ماتشرفتش باسم حضرتك؟
رمقه مجد بنظرات دونية، وأدار رأسه للجانب ليبصق، ثم عاود النظر إليه، ورد عليه بغلظة:
-سيدك مجد أبو النجا!

شحب وجـــه الأخير عقب تصرفاته الهمجية تلك، وأدرك أنه يتحدث مع شخصية أقل ما توصف به هي الحقارة والتقزز.
.......................................

على الجانب الأخر، ورد إليه اتصالًا هاتفيًا من أحد رجاله بالمحال الجديدة التي يتم إعدادها لتكون من أكبر المطاعم مُبلغًا إياه بمجيء مجد إليهم، هب الأخير واقفًا من مكانه شاخصًا أبصاره بذعر كبير.
كان يخشى من حدوث اصطدام آخر لأسيف مع ذلك المقيت إن كانت متواجدة هناك، لذا هتف بلا وعي وقد تسارعت دقات قلبه:
-وفي حد كان هناك؟
لم يفهم الرجل المغزى من سؤاله الغامض، فسأله مستفهمًا:
-قصدك على مين يا ريسنا؟
جاهد ليبدو طبيعيًا في نبرته وهو يرد:
-أي حد من معارفنا
أجابه نافيًا بعدم فهم:
-لا مافيش

اشتدت أعصاب منذر حتى بلغت ذروتها، وبات يحترق من داخله وهو يتساءل بصعوبة:
-والدكان؟
رد عليه الرجل متسائلاً بحيرة:
-ماله؟
هتف فيه منذر بحدة بعد أن نفذ صبره:
-حد كان فيه؟
انتظر بترقب كبير إجابته التي لم تستغرق سوى ثوانٍ معدودة ليعرفها:
-لأ.. مقفول زي ماهو!
تنفس منذر الصعداء لعدم وجودها به، فهي متهورة في تفكيرها الغير عقلاني، وربما كانت تخطط لزيارته أو المكوث فيه كعادتها. ووجودها على مقربة من ذلك البلطجي يضعها على خط النيران والمواجهة المباشرة معه. وهي مخاطرة غير محسوبة العواقب.
حافظ على ثبات نبرته وهو يكمل بصوت آمر:
-طب اسمع مني للأخر!
رد عليه رجله بهدوء:
-أؤمر يا ريس منذر
استطرد منذر حديثه بصرامة واضحة بعد أن قست نظراته:
-تفضل عينيك على الدكان ده 24 ساعة، مش عاوزها تتشال للحظة من عليه، ولو مشيت حد تاني يستلم مكانك!
تعجب الرجل من أمره الغريب، وسأله مستفسرًا:
-ماشي يا ريس، بس هو في حاجة لده كله؟
صاح به بصرامة حادة:
-من غير ما تسأل، انت تنفذ وانت ساكت!
توجس الرجل خيفة من إغضابه، وهتف ممتثلًا:
-حاضر
أنهى معه المكالمة، وألقى بهاتفه على سطح المكتب بعصبية.
تحرك من مكانه ليدور حول مكتبه واضعًا يديه على رأسه ضاغطًا عليها بقوة.
نفخ بحنق ظاهر، ثم أظلمت نظراته للغاية، وهتف بسباب نابي:
-بدأنا القرف معاك يا .......!!
...........................................
-مش بطـــال
هتف بها مجد بفتور وهو يجلس باسترخاء على المقعد في مطعم أبيه.
التفت الأخير ناحيته، وسأله بجدية:
-انت روحت شوفته؟
رد عليه ابنه بابتسامة ساخرة:
-وهي دي تفوتني!
هز مهدي رأسه بإيماءات متتالية وهو يتابع:
-طيب.. هما شغالين فيه، ووقت ما يخلصوا موضوع الدكان هيكملوا التوضيب و....
انتبه مجد لعبارته الأخيرة، وسأله بفضول عن التفاصيل التي تخص ذلك الدكان العتيق:
-دكان مين ده؟ أنا مش فاكر صاحبه أوي، هو مكتوب عليه دكان الحاج خورشيد، فكرني بالراجل ده؟

أجابه والده عفويًا:
-عارف عواطف أم البنات نيرمين وبسمة، قرايب طه حرب، الست .....؟!!
قاطعه مجد مشيرًا بيده:
-ايوه، افتكرتها خلاص
أكمل مهدي مفسرًا:
-ده بقى دكانها من أبوها، وهي ....
مل مجد من استرسال أبيه في الحديث عن ذلك الهراء الملل، فقاطعه وهو ينهض عن المقعد:
-خلاص يا أبا، مش محتاجة توضيح، الموضوع في بيته، دكانهم وهيخلصوه!
-بالظبط
ســـار مجد في أرجــاء المكتب يتجول به بخطى متمهلة ممعنًا النظر في تفاصيله.
سلط والده أنظاره عليه، وبدا متوجسًا من صمته المريب، وتصرفاته المباغتة، لذلك سأله مهتمًا:
-وإنت ناوي تعمل ايه بعد كده يا بني؟
لم يلتفت مجد ناحيته، وواصل تحديقه في تفاصيل المكتب قائلاً بنبرة مُقلقة:
-ولا حاجة، مش ورايا غير عيلة حرب وبس!
استشعر من نبرته وجود خطب ما، فحذره هاتفًا بتوجس:
-اوعى تكون ناوي على مصايب، إنت لسه مافيش كام ....
هنا التفت مجد برأســه ناحيته، وهتف بابتسامة باهتة:
-اطمن يا حاج، ده بيزنس!
ضرب أباه كفه على الأخر مرددًا بعدم اقتناع وهو مثبت عيناه عليه:
-ربنا يسترها ويطلع شغل وبس!
.......................................
بعد مرور عدة أيـــام،،،
مكثت حبيسة الغرفة رافضة الخروج منها إلا في أضيق الأحوال. فضلت أن تعتزلهن جميعًا وتكتفي بأن تكون جليسة نفسها ووحدتها. فلا حاجة بها لسماع ما يزعجها من فظة اللسان ابنة عمتها التي لم تتورع عن مضايقتها للحظة، ولا لعتاب عمتها الرقيق الذي يلومها لطيشها في لحظة أوشكت على الانهيار فيها.
كذلك أرادت ألا تشعرهن بحاجتها للرعاية والاهتمام بعد تورم قدمها اليسرى، وواظبت بنفسها على مداواتها.
تنهدت أسيف بتعب، وحدقت في حقيبة والدتها المسنودة إلى جوار خزينة الملابس بنظرات لامعة، وتمتمت مع نفسها بحزن:
-وحشني حضنك أوي يا ماما!
أخرجت تنهيدة قوية من صدرها محملة بالكثير من الأحزان وهي تكمل بصوت شبه مختنق:
-واحشني الكلام معاكي انتي وبابا!
أدمعت عيناها بشدة عندما أضافت قائلة بقهر عاجز:
-أنا فعلاً يتيمة من غيركم!

مـــر ببالها مقتطفات سريعة وومضات خاطفة من مواقفها العديدة منذ لحظة تفكيرها في تلك الزيارة المشؤومة حتى الوقت الحالي.
أغمضت عيناها بانكسار، وتابعت حديثها الموجع معاتبة نفسها بقسوة:
-يا ريتني ما فكرت أجي هنا، يا ريتني!
بدأت تتعالى شهقاتها تدريجيًا، فدفنت وجهها بين راحتي يدها، وواصلت تعنيف نفسها بحدة:
-أنا السبب في كل حاجة .. ايوه، أنا السبب!
...................................

في نفس التوقيت، خرجت نيرمين من المرحاض وهي تلف منشفة قطنية حول شعرها المبتل متغنجة بجسدها بميوعة أزعجت أمها.
نظرت لها عواطف بازدراء مرددة:
-مالك يا بت؟ ماتمشي عدل كده!
ردت عليها ببرود مستفز:
-الله! مش أفرح بنفسي وبشبابي كده!

أشاحت عواطف بوجهها بعيدًا عنها، وهتفت مستنكرة:
-على ايه ياختي؟ حوش حوش مش ملاحقة على الهنا اللي بأشوفه منك!
عبست نيرمين بوجهها، ونزعت المنشفة عن رأسها بعصبية، ثم صاحت بنبرة متشنجة:
-عاوزاني أعمل ايه؟ ها قوليلي؟؟؟
اقتربت من أمها، وواصلت صراخها المتعصب:
-كان في ايدي ايه ومعملتوش؟
ضغطت على شفتيها بقوة وهي تتابع بصوت مختنق:
-ما أنا رضيت بالهم، والهم مرضاش بيا، اتنيلت اتجوزت واحد كرهني في صنف الرجالة كله، واتطلقت وأنا ملحقتش أتهنى أصلاً!!
ابتسمت لنفسها بتهكم وهي تواصل سرد مآساتها:
-لأ وعلى كتفي عيلة منه، بلوى هتفضل في رقبتي ربطاني بيه!

لمعت عيناي عواطف بوضوح، وعجزت عن الرد عليها.
تحول وجه نيرمين للإظلام أكثر، ثم كزت على أسنانها قائلة بمرارة:
-ده غير إن مافيش حد هيرضى بواحدة زيي مطلقة وعندها عيال، فسبيني أفرح بنفسي، كفاية قهر بقى وقرف!
حدقت فيها عواطف بذهول، فقد كانت كالبركان الملتهب بحممه وانفجر فجــأة في وجهها.
ردت عليها بحسرة:
-لا حول ولا قوة إلا بالله!
اغتاظت نيرمين من ردة فعلها ومن عبارتها تلك وكأنها تستنكر عليها حتى التنفيس عن غضبها، فاستشاطت نظراتها، وصرخت بقسوة معنفة إياها على تخاذلها معها:
-ده بدل ما تطبطبي عليا زي المحروسة أم النكد اللي جوا لازم تسممي جتتي بكلمتين من بتوعك، حسي بيا بقى شوية
انزعجت عواطف من إلصاق ابنتها لكل كارثة تحل بها لتلك اليتيمة، فردت عليها بضجر:
-هو أنا يعني مبسوطة من الوضع اللي شيفاكي فيه، ما أنا نفسي تتجوزي تاني و....
قاطعتها نيرمين بصرامة قوية وقد قست نظراته للغاية:
-جواز تاني من واحد زي عينة الزفت حاتم ده مش هايحصل!
نظرت لها والدتها بصدمة، وبدت حائرة تبحث عن كلمات مناسبة ترد بها عليها، لكنها كانت بلا حيلة مع شراستها الحادة.
تبدلت نظرات نيرمين للقتامة، وأصبحت نبرتها أكثر ريبة وهي تضيف:
-المرادي أنا هاختار بنفسي اللي هاتجوزه، ولازم قبلها يدخل مزاجي الأول ............................!!!
............................................





noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 29-12-17, 11:39 PM   #300

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثالث والأربعون:

خرجت من الغرفة الأخـــرى على إثر صراخها المرتفع الذي أرق منامها، تمطت بذراعيها في الهواء وهي تتثاءب، ثم استندت بجسدها على الحائط، ورفعت يدها على رأسها لتعبث بخصلات شعرها .
رمقتها بنظرات مطولة وهتفت متسائلة بصوت ناعس:
-فيه ايه؟ بتزعقي ليه؟
التفتت نيرمين ناحيتها، وحدجتها بنظرات نارية قبل أن تجيبها بتهكم ساخر:
-وأدي الفردة التانية اللي على رجليها نقش الحنة!
اعتدلت بسمة في وقفتها، ونظرت لها بحدة وهي تفرك وجهها بيدها لتزيل أثار النعاس، ثم ردت عليها بعصبية:
-الله! طب ليه كده؟ يعني أنا غلطت فيكي عشان ....
قاطعتها أختها مرددة بحدة:
-كفاية إنك ساكتة وراضية عن اللي بيحصل!

اقتربت منها بسمة لتقف قبالتها، وحدقت مباشرة في عينيها هاتفة بحنق:
-مش فهماكي! طلعي اللي عندك!
ردت عليها نيرمين بشراسة:
-أعدتي بس تقولي أوضتي وحاجتي ومش هاسيبها، تعالي اتفرجي دلوقتي على نفسك وانتي شوية شوية هتفرشي على الأرض، لأ وكله بسبب أمك!!!!
اتسعت حدقتاها بصدمة جلية من طريقتها الهجومية عليها، وصرخت رافضة اتهامها بالتخاذل وهي تشير بسبابتها أمام وجهها:
-نيرمين مسمحلكيش!
دفعتها أختها الكبرى من رسغها بعنف مرددة بعدم اكتراث:
-ولا تسمحي، معدتش تفرق معايا، أوعي خليني أشوف بنتي!
فغرت بسمة شفتيها مشدوهة من وقاحتها الزائدة، والتفتت برأسها لتتابعها بنظرات مغتاظة، ما أثار ضيقها هو تجاهلها لها ومواصلتها الهجوم عليها بصورة أكثر حدة.
ضـــاق بها ذرعًا كلماتها البغيضة فهتفت بنبرة عالية:
-بجد انتي انسانة مستفزة!
زاد عبوس وجهها وهي تضيف بسخط:
-خسارة فيكي لقب أم!
صفقت نيرمين الباب خلفها لتزيد من حنق أختها نحوها، فنجحت عن عمد في شحنها بمشاعر الكره والبغض ناحية أسيف، ذلك تحركت الأخيرة بعصبية نحو غرفتها للاشتباك معها، وضعت يدها على المقبض وفتحت الباب فجـــأة، لكنها تسمرت في مكانها تراقبها بذهول..
لم تجدها على الفراش، فبحثت عنها بعينيها في أرجاء الغرفة. وجدتها منزوية في أحد الأركان توليها ظهرها، ومحدقة في متعلقات والدتها الراحلة الموضوعة أمامها على الأرضية.
دققت النظر أكثر فيما تحمله في كفها فرأت هاتفًا قديمًا.
تجمدت أنظارها عليها، وراقبتها في صمت.
كانت أسيف في عالم أخـــر خاص بها، لم تمنع شهقاتها من الخروج من صدرها.
لم تتوقف عبراتها عن الانهمــار، تابعت حديث نفسها الحزين مرددة ببكاء:
-لو ياخدوا مني كل حاجة ويدوني لحظة أسمع فيها صوتك تاني!
اختنق صوتها حتى بدا كالأنين:
-أنا من غيرك ولا حاجة، ليه عملتوا كده؟
بكت بقهر عاجز وهي تكمل بصعوبة:
-انتي وبابا سبتوني فجــأة، ليه قسيتوا أوي عليا، ليه سبتوني لوحدي ماليش حد يحميني ولا يدافع عني؟
زادت شهقاتها قوة حينما تابعت بآسى شجي:
-وأنا بأموت كل يوم مليون مرة وانتو بعاد عني!
تأثرت بسمة لحديثها الموجع، وشعرت بغصة قوية عالقة في حلقها.
لم تستطع أن تراقبها لأكثر من هذا، أو أن تتحمل معاناتها القاسية، فإلى الآن هي لم تتحدث معها بأي صورة ودية، وتلك هي المرة الأولى أن تصغي إلى ألمها المفجع للقلوب بتأثر كبير، قاومت رغبة عارمة تحثها على البكاء، وانسحبت بهدوء للخــارج مغلقة الباب خلفها.
هرب من مقلتيها عبرة خائنة، فمسحتها سريعًا قبل أن يلاحظها أحد.
رفعت رأسها لتحدق في الفراغ أمامها متذكرة ذلك الموقف المشين الذي مرت به قبل سنوات فدفعها قسرًا للتصرف بوقاحة وفظاظة مع الجميع ...
.....................................

توفي والدهـــا قبل بدء الدراسة في المدرسة الثانوية بعدة أيـــام، فلم ترغب في الذهاب أو حتى الاستذكار، اعتزلت كل شيء، وحبست نفسها في غرفتها رافضة الخروج أو الحديث
توسلت لها أمها عواطف ألا تهمل في دروسها كي لا يحزن أباها الراحل، وأن تحقق له أمنيته الأخيرة في رؤيتها الطالبة المثالية التي تترقى في دراستها حتى تصل إلى الجامعة وتتخرج خاصة وأنها قد نجحت في امتحان الالتحاق بفصول الفائقات، وعلى مضض كبير ذهبت إلى مدرستها الجديدة واضعة هدفًا واحدًا نصب عينيها.
لم يكن لها من الرفيقات من تتودد إليهن، وبقيت بمفردها لعدة أيام متحاشية الحديث مع أي طالبة كاتمة في صدرها حزنها الشديد على فراقه. وركزت فقط على المذاكرة ومتابعة الدروس أولًا بأول.
اعتقدت زميلاتها أنها تتعالى عليهن، وأنها تجد نفسها في منزلة أفضل منهن خصوصًا أنها حازت على اهتمام أغلب المعلمات، وعلى قدر المستطاع اجتهدت لتبدو عند حسن ظنهم، مر عليها شهر من الدراسة وقد برزت بين قريناتها بأنها الطالبة المتوفقة. وزاد هذا من حنق تلك الحفنة التي دومًا تتعرض للإساءة بسببها، لذلك قررن التكالب عليها وتلقينها درسًا عنيفًا.
ولجت ذات يوم إلى المرحــاض لتغسل وجهها، ولم تتوقع وجود من تراقبها عن كثب، تم إخلاء المكان من جميع الطالبات لتبقى هي بمفردها مع حفنة من المشاغبات.
ابتلعت بسمة ريقها بتوجس، وجاهدت لتتصرف بصورة طبيعية كي لا يظهر عليها علامات الخوف والاضطراب من وجودهن، فهي تسمع عن كوارثهن المقلقة باستمرار.
اقتربت منها إحداهن، ووجهها يشير إلى حقد دفين. وخمنت على الفور أنها من نصبت نفسها عليهن زعيمة.
تحركت بسمة بعيدًا عنها متجنبة الارتطام بها، ولكن سدت عليها المشاغبة الطريق عمدًا مرددة بسخط:
-رايحة فين؟

ردت عليها بسمة بصوت شبه مرتجف وهي تتحاشى الاقتراب منها:
-أنا خارجة من هنا، في حاجة؟
تلفتت المشاغبة حولها مضيفة بابتسامة ساخرة:
-هو احنا خلصان كلام؟
ردت عليها بسمة بحذر:
-هو أنا أعرفك أصلاً؟ عن اذنك
قبضت المشاغبة على ياقة قميصها صائحة فيها بحدة:
-انتي تطولي تعرفيني يا بتاعة انتي؟!
وضعت بسمة يدها على كفها محاولة نزعه عن ياقتها وهي تقول بصوت مزعوج:
-ميرسي لذوقك، حاسبي لو سمحتي
حدجتها المشاغبة بنظرات احتقارية بائنة وهي تردد:
-اضحكوا يا بنات، دي بتقولي ميرسي!

تعالت ضحكات الطالبات المشاغبات بصورة تهكمية مثيرة للحنق، فاحمر وجه بسمة من الغيظ لتصرفاتهن المتجاوزة معها، ورغم هذا كتمت غضبها في نفسها. هي لا تريد إثارة المتاعب مع أي منهن.
وضعت المشاغبة يدها على شعر بسمة لتجذبها منه لاعنة إياها بشتائم مهينة:
-عاملة نفسك مؤدبة يا ...............
تفاجأت بسمة من كم السباب النابي الذي سمعته أذنيها لشخصها، فألجمت المفاجأة لسانها.
واصلت المشاغبة جذب شعرها بقوة أكبر لتؤلمها وهي تقول:
-انتي شايفة نفسك علينا ليه؟
تألمت بسمة من عنفها، ودافعت قائلة بصوت شبه باكي:
-آآآه، أنا .. محصلش والله!
هزتها المشاغبة من رأسها بعنف وهي تصيح بها:
-انتي هاتكدبيني، البت دي مِتَّنِكة علينا، صح يا بنات؟
هتفن جميعًا في نبرة واحدة:
-اه

تابعت المشاغبة قائلة بنبرة مريبة تحمل التهديد الصريح:
-واللي زيها لازم يتعمل معاها حفلة ترحيب!
وافقتها بقية الطالبات الرأي، فاستشعرت بسمة وجود خطر محدق بها. وصدق إحساسها، فقد حاصرتها البقية، وقمن بتقييد حركتها وإسقاطها على أرضية المرحاض لتجثو زعيمتهن فوقها.
صرخت بسمة مستغيثة، لكن تكفلت واحدة منهن بتكميم فمها، أمسكت المشاغبة بقميصها، ومزقته بيديها ليبرز من أسفله ثيابها التحتية، فاتسعت حدقتاها بهلع كبير، فما هي مقبلة عليه أخطر بكثير.
استجمعت كل قوتها وشجاعتها لتقاومها. وبالفعل نجحت في إبعاد إحداهن، فمدت يدها نحو المشاغبة لتخدشها بشراسة في عنقها ووجهها، تأوهت الأخيرة بألم كبير، وقامت بصفعها كردة فعل طبيعية، ثم كورت قبضتها لتسدد لها لكمة عنيفة في صدغها، وأخرى في طرف ذقنها.
نزفت بسمة الدماء من بين شفتيها، ومن أنفها وأسنانها.

وقبل أن تتمادى المشاغبة معها ضبطتهن إحدى المعلمات فصرخت فيهن بهياج:
-بتعملوا ايه يا نصايب؟
ردت عليها إحداهن مدعية بالباطل على بسمة:
-البت دي يا أبلة شتمتنا بالأم والأب!
صاحت بهن المعلمة بحدة:
-وهتعمل كده من نفسها؟ قومي يا بت منك ليها!
اتهمتها أخــرى بكذب صريح:
-لأ يا أبلة دي عاملة متربية وهي مصاحبة وماشية مع ولاد وبتشرب سجاير، أهي يا أبلة مطلعينها من جيبها!
ردت عليها المعلمة باستنكار كبير:
-تقوموا تعملوا فيها كده؟
ثم تابعت مهددة وهي تشير بسبابتها:
-كلكم على أوضة الوكيلة، مش هاسكت عن اللي حصل هنا، وهتاخدوا استدعا ورفد، دي مدرسة مش سويقة!

نهضت الطالبات عن بسمة وحررن قيدها، فتحاملت هي على نفسها واستندت على مرفقيها لتنهض عن الأرضية المتسخة.
بالطبع تلطخت ثيابها الممزقة بالدماء، وكذلك وجهها.
أشفقت عليها المعلمة، وعاونتها قائلة بأسف:
-انتي غلطانة، إزاي تعملي كده، لأ وكمان بتشتميهم؟
نظرت لها بسمة بأعين دامعة رافضة تصديقها لكذبهن، وهتفت مدافعة عن نفسها بصوت مختنق:
-أنا معملتش حاجة، دول بيتبلوا عليا!
ردت عليها المعلمة بعدم اقتناع وهي تدفعها من كتفها للأمام:
-هانشوف الموضوع ده بعدين، تعالي على أوضـة الوكيلة!
ضمت بسمة طرفي قميصها معًا لتغطي جسدها المكشوف وواصلت البكاء طوال سيرها لغرفة وكيلة المدرسة.
...............................
-يا مس دي بتمشي مع ولاد كمان، وبتشرب سجاير ولما جيت أنصحها شتمتني!
هتفت بتلك العبارة الطالبة المشاغبة مدعية البراءة وموجهة حديثها لوكيلة المدرسة التي نظرت لها شزرًا وعنفتها قائلة بصرامة:
-بلاش انتي، في ملف ليكي عند الأخصائية، هو أنا مش عرفاكي؟
هتفت بسمة مدافعة عن نفسها بصوت باكي:
-كدب والله، ماتصدقيهاش!
نظرت الوكيلة إليها بازدراء وتابعت توبيخها بتأفف:
-حتى انتي! عيب عليكي! المفروض تكوني قدوة لزميلاتك، انتي استحالة تفضلي في فصول الفائقات، هتتنقلي فصل تاني عادي!
بكت بسمة بقهر لعدم تصديق أي أحد لها، وعانت أكثر بعد قرارها بنقلها لفصل أخــر يعد من أسوأ الفصول بالمدرسة لتتدمر جزئيًا أمنية والدها.
تابعت الوكيلة تعنيفها الصارم:
-أنا هاعملكم كلكم استدعا لأولياء أموركم، ده غير إنه هيطلع جواب بالفصل لمدة 3 أيام عشان مايتكررش ده تاني! ولو سمعت حاجة زي دي حصلت هنا هايكون في قرارات أشد!

ردت عليها الطالبة المشاغبة برجاء زائف:
-بلاش يا مس، بابا هيضايق مني ويمكن يضربني لحد ما يموتني، عشان خاطري بلاش استدعاء، هي السبب والله، هي بتعيط بس عشان تتعاطفوا معاها
صمتت الوكيلة لتفكر مليًا فيما قالته الأخيرة، فهي لم تتوقف عن التوسل لها حتى تصفح عنها ملفقة ادعاءات أكثر حدة وبطلانًا عن ذي قبل لبسمة، حتى أنها استشهدت بزميلات أخريات لتؤكد صدق تلك الأكاذيب.
بدت الوكيلة على وشك الاقتناع، وأصبحت بسمة في وضع حرج.
فقد انقلبت الآية وأصبحت هي المتهمة بدلًا من المجني عليها.
التوى ثغر الطالبة المشاغبة بابتسامة عابثة وهي تنظر إلى بسمة بنظرات متشفية، فقد حققت مبتاغها وأساءت لها بشراسة، بل إنها سببت لها الأذى في مستقبلها التعليمي، هنا قررت بسمة ألا تترك حقها حتى وإن كانت في موقف تحسد عليه، ألا تتهاون مع من يسيء إليها ظلمًا.
لذلك استغلت فرصة انشغال الوكيلة عنها، وانقضت على الطالبة المشاغبة فطرحتها أرضًا، ثم انهالت عليها بضربات متلاحقة موجعة في وجهها وعنقها وكتفيها.
صدمت وكيلة المدرسة من فعلتها المباغتة، وحاولت فض الاشتباك بينهما لكنها فشلت.
أفرغت بسمة شحنة غضبها المبكوت بداخلها، ولم تعبأ بتبعات ما سيحدث لها بعد ذلك. المهم ألا تظهر بمظهر الضعيف المتخاذل أمام غيرها.
أعقب ذلك تعرضها لفصل نهائي من المدرسة، ونقلت إلى مدرسة أخــرى في مكان شبه متدني لتتغير معها شخصيتها نهائيًا ....
...........................................

أفاقت بسمة من تلك الذكرى البعيدة ماسحة تلك العبرات العالقة في أهدابها، تجدد شعورها باليتم والعجز لسماعها لصوت بكاءها الذي يقطع نياط القلوب، فلم تنتبه لفتح أسيف للباب.
تفاجأت هي بوجودها خلفها، فشحب لون وجهها قليلًا..
لم تختلف صدمة أسيف عنها، فهي لم تتوقع وجودها بالخارج ملاصقة للباب.
ظنت في نفسها أنها ربما تريد استرجاع غرفتها منها، ولما لا؟ فهي تخصها منذ البداية. لذلك همست بصوت منتحب:
-أنا أسفة إن كان وجودي مضايقك، معلش استحمليني! غصب عني أفضل هنا، بس .. بس أنا خايفة لو مشيت تاني عمتي تتعب ويجرالها حاجة!
حدقت فيها بسمة بنظرات شاردة، ولم تعقب عليها.
تابعت أسيف بنبرة منكسرة:
-أنا مش هاستحمل يتأذى حد بسبي!
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة:
-اطمني، وجودي هنا مؤقت، أنا عارفة إن دي أوضتك وخدتها منك، بس.. بس قريب هردهالك!
ظلت بسمة صامتة غير قادرة على الرد عليها، لكنها محدقة بها بنظرات تحمل الإشفاق نحوها.
اضطربت مشاعرها، وتخبطت أفكارها نحوها .. هي تذكرها بها بصورة أو بأخرى ولكن في مرحلة سابقة من حياتها. مرحلة استجمعت فيها شجاعتها لتجتازها بمفردها دون عون من الأخرين.
اطمأنت أسيف لصمتها، واستشعرت تقبلها لوضعها، فعفويًا مدت كفها لتمسك بيدها قائلة برجاء:
-أنا بس هأرتب ظروفي الأول، وهامشي من هنا، وأوضتك هترجعلك! صدقيني ....
أخفضت بسمة نظراتها نحو كفها الممسك بيدها، وسريعًا سحبته منها قائلة بارتباك:
-براحتك، ده.. ده بيتك!
تفاجأت أسيف من ردها الغريب، ونظرت لها باندهاش غير مسبوق.
هي عادة تتعامل معها بحذر، وكثيرًا تبدي نفورها منها. واليوم هي تصرح لها بأن هذا منزلها أيضًا.
اختفت بسمة من أمامها قبل أن تحاصرها بكلماتها المؤثرة مجددًا فتكشف ضعفها من نظراتها اللامعة، بينما عادت أسيف إلى داخل الغرفة لتبقى حبيسة وحدتها من جديد.
....................................

ورد إليه اتصالًا هاتفيًا من محاميه الخاص يبلغه فيه بإتمام توثيق الأوراق الخاصة بيبع حصة عواطف من الدكان له بعد حضور الموظف المختص لمنزلها وإنهاء باقي الإجراءات القانونية. فرد عليه مبتسمًا:
-ماشي يا أستاذ، اسحبلي بس من البنك باقي المبلغ عشان أسلمه ليها دفعة واحدة
اقترح عليه محاميه قائلاً:
-حضرتك ممكن تديهولها شيك وهي تسحبه وقت ما تحب!
رفض اقتراحه مرددًا بجدية:
-لأ، مش عاوز كده، خليها تاخده مرة واحدة
لم يعترض المحامي على قراره، ورد بهدوء:
-اللي يريحك
أنهى معه منذر المكالمة شاعرًا بإرتياح قليل لمشاركته رسميًا لأسيف في دكانها. ورغم هذا لا يزال قلقًا عليها من غريمه البلطجي. راقب خلال الأيام السابقة الدكان عن كثب، وشعر بنوع من الطمأنينة لعدم تواجدها هناك. ومع ذلك لا يريد للوضع أن يبقى مأرجحًا بين الخوف من المجهول والترقب لما هو قادم.
وقبل أن يشرع في التفكير في الخطوة التالية قطع عليه حبل أفكاره المسترسل صوت والده الجاد:
-هاتسافر امتى يا منذر؟
أجابه بهدوء وهو يتنحنح بخشونة:
-كمان شوية يا حاج
هز أباه رأسه بتفهم وهو يضيف متسائلاً:
-طيب يا بني، معاك التصاريح والأوراق المطلوبة؟
أجابه ابنه مؤكدًا:
-اه، كله تمام
ابتسم طـــه ابتسامة خفيفة وهو يقول بإيجاز:
-على بركة الله!
تحرك بعدها منذر إلى خــارج الوكالة، ثم لوح بذراعه مناديًا أحد الأشخاص قائلاً بنبرة آمرة:
-تعالى يا بني

ركض ناحيته أحد العمال قائلاً بنبرة ممتثلة:
-ايوه يا ريس منذر
وضع منذر يده على كتفه، ومال عليه برأسه متابعًا بصرامة:
-عاوزك تتأكد إن في حد من تبعنا عند دكان خورشيد
نظر له العامل بغرابة وهو يرد مشيرًا بيده:
-ما هو في واحد مبيت هناك قصاده
ضغط بقبضته على كتفه وهو يؤكد بحزم:
-لأ يبقى معاه حد تاني، سامع!
أومــأ العامل برأسه قائلاً:
-ماشي يا ريس
رفع منذر قبضته عنه ولوح له بذراعه متابعًا:
-يالا اتوكل انت!
-أؤمرنا يا ريس

تابعه بأنظاره حتى تلاشى من أمامه، ثم تنهد بعمق محدثًا نفسه بقلق ملحوظ:
-ربنا يستر ومايحصلش حاجة وانا مش موجود!
......................................

كانت كالجالسة على فراش من الجمرات، ظلت تتقلب على الجانبين لاعنة كل شيء من حولها، دار ببالها فكرة شيطانية، ترددت في تنفيذها، لكنها السبيل للتقرب إليه أكثر، بل ربما تجعلها تحوز على مكانة مميزة في قلب والدته، هي تسعى للتقارب معه، وإصلاح ما أفسدته بحديثها العابث.
زفرت بنفاذ صبر، وظلت على حالتها المزعوجة تلك حتى ولجت إليها أختها ورمقتها بنظرات حادة دون أن تتحدث معها.
حدجتها نيرمين بشراسة وهي تسألها بعصبية:
-ايه مالك؟ لاوية بوزك عليا ليه؟

التفتت بسمة ناحيتها، وكتفت ساعديها محدجة إياها بنظرات حانقة، ثم ردت قائلة بازدراء:
-انتي أكيد مش طيبعية!
تمتمت نيرمين من بين شفتيها بصوت خفيض:
-وهبقى طبيعية ازاي وأنا متنيلة في القرف ده كل يوم!
تجاهلتها بسمة، وأرخت ساعديها لتتجه نحو خزانة الملابس.
سألتها نيرمين بفضول وهي تراقب تصرفاتها:
-انتي رايحة فين؟
أجابتها الأخيرة بفتور:
-عندي شغل!
لمعت عيناها فجــأة بوميض عجيب وهي تتساءل باهتمام:
-هاتروحي عند خالتي جليلة؟
نظرت لها بسمة من طرف عينها قائلة بنفاذ صبر:
-اه، عندي درس!

هبت نيرمين من مكانها مرددة بحماس مريب:
-طب استني هاجي معاكي!
قطبت بسمة ما بين حاجبيها باستغراب كبير، وسألتها بتعجب:
-تيجي معايا! ليه إن شاء الله؟ تكونيش ناوية تشتغلي مدرسة وأنا معرفش؟!!
زفرت نيرمين في وجهها قائلة بحدة:
-يووه، مالكيش فيه، أنا جاية معاكي وخلاص!
رمقتها بنظرات مزعوجة وهي تحدث نفسها بضجر:
-هو أنا نقصاكي!
.....................................

تحرك بسيارته في اتجاه الطريق الرئيسي لتبدأ سفرته نحو محافظة بورسعيد حيث الشحنة الواردة بالميناء، ظل باله مشغولًا بما يمكن أن يحدث في غيابه من تجاوزات مسيئة من قبل مجد، وبقي على اتصال مستمر برجاله المرابطين أمام الدكان وكذلك بالمحال الجديدة ليتأكد من عدم وجوده.
أخفض سرعة السيارة تدريجيًا ليتوقف عند أحد محطات الوقود، وقبل أن يلج إليها أتاه اتصالًا أخرًا لم يتوقعه.
رد عليه قائلاً بتلهف:
-ايوه يا باشا
هتف الضابط بنبرة جادة:
-ازيك يا منذر؟
أجابه الأخير بدون تردد:
-بخير الحمدلله!
تابع الضابط قائلاً بتفاخر:
-شوف يا سيدي، عشان تعرف غلاوتك عندي، أنا حققت في موضوع السرقة بتاع قريبتك ده، ومسكنا اللي سرقها، وهي اعترفت بده
تهللت أسارير منذر، وهتف غير مصدق:
-بجد؟ طب حصل ازاي؟
أجابه الضابط بتريث:
-التحريات أثبتت إن في عاملة باللوكاندة اسمها زهرة سابت شغلها بعد يومين، البت دي فقيرة ومستواها مش أد كده، ولما رجالتنا دوروا وراها لاقوا إن أثر النعمة بان عليها بسرعة، ودي حاجة غريبة، وطبعًا ده دورنا كشرطة نعرف أصل وفصل الحكاية بالظبط!
هتف منذر مهللًا بحماس:
-الله عليك يا باشا، أنا مش عارف أقول ايه والله!
رد عليه الضابط بهدوء:
-ماتقولش حاجة، هات قريبتك وتعالى القسم عشان نكمل الإجراءات وتستلم فلوسها!
ارتبك منذر من جملته الأخيرة، وضغط على شفتيه بقوة، فهو لا يرغب في إبراز دوره في إظهار الحقيقة وإحضــار نقودها المسروقة. لذا أردف قائلاً بحذر:
-طب معلش يا باشا هاتقل عليك في حاجة أخيرة
رد عليه الضابط بجدية:
-قول يا منذر

تنحنح الأخير بخشونة مرددًا:
-إن مكانش فيها إزعاج تبعتولها عسكري باستدعاء رسمي يبلغها بإنكم لاقيتوا فلوسها، وبلاش أظهر أنا في الصورة
-ليه؟
ابتلع ريقه وهو يجيبه بتمهل:
-يعني مش عاوز أحرجها وكده، هو الموضوع ده كان خدمة عشانها، ومش حابب إنها تعرف!
رد عليه الضابط بهدوء:
-ماشي يا سيدي، عشان خاطرك بس!
هتف منذر ممتنًا لتلبيته لطلبه دون جدال:
-ربنا يكرمك يا باشا، نقفلك في أي حاجة تعوزها!
أضاف الضابط قائلاً بهدوء:
-وماله، سلام!
رد عليه الأخير بتنهيدة ارتياح:
-مع ألف سلامة!

أخــــرج منذر زفيرًا عميقًا من صدره دفعة واحدة، ثم وضع يده على رأسه ماسحًا إياها عدة مرات بحركات متتالية.
أخفض يده، ثم فرك بها وجهه، وتلفت حوله بنظرات عامة قبل أن يثبت أنظاره على نقطة ما بالفراغ.
تجمدت تعابيره نوعًا ما، وردد لنفسه بعبوس خفيف:
-أخيرًا.. يا ريت بس تحسي بظلمك ليا ..................................!!!
..............................................





noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:42 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.