آخر 10 مشاركات
لحظات صعبة (17) للكاتبة: Lucy Monroe *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          الانتقام المرير - ليليان بيك (الكاتـب : سيرينا - )           »          المتمردة الصغيرة (25) للكاتبة: Violet Winspear *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          القليل من الحب (81) للكاتبة Joss Wood .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          شموخ لا ينحني -قلوب شرقي(خليجي)-للمبدعة: منى الليلي(أم حمدة) *مكتملة & الروابط* (الكاتـب : أم حمدة - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          3-المطاردة العنيفة - ساندرا فيلد -روايات نتالي (حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-12-17, 11:52 PM   #301

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل الرابع والأربعون:

استقبلتهما بألفتها المعهودة وعلى ثغرها ابتسامة عريضة، دعتهما للدخـــول في غرفة الضيوف أولًا ريثما يستعد الصغيران لتلقي الدرس، كانت ملامح بسمة متجهمة إلى حد ما، فقد استاءت من حضور أختها معها وملازمتها إياها خلال عملها دون أن تعرف السبب الحقيقي وراء تلك الزيارة، وتعمدت نيرمين أن تأتي معها لغرض ما في نفسها، وأحضرت كذلك رضيعتها لتثير شغف جليلة إلى الصغار، خاصة أنها قرأت في عينيها رغبة مُلحة في الحصول على حفيد جديد لعائلة حرب.
يكفيها تلك النظرات الموحية والكلمات المتوارية لتزرع في نفسها الشك حول تأكيد تلك الرغبة، ولما لا تعطي لنفسها الفرصة للتقرب أكثر إليها وقد أوشكت عدتها الشرعية على الانتهاء؟ فربما بطريقة ما تلفت أنظارها إليها.
قطعت بسمة الصمت السائد مستطردة حديثها بتبرم:
-مش فاهمة انتي صممتي تجي ليه معايا

ردت عليها نيرمين ببرود وهي تهز كتفيها في عدم مبالاة:
-مالكيش فيه
ثم أدارت جسدها للجانب لتقع عيناها على صورة عائلية لعائلة حرب. وبالطبع التقطتت نظراتها شخصه المهيب.
أخرجت من صدرها تنهيدة حارة فتعجبت بسمة من طريقتها.
دققت النظر فيما هي محدقة به بنظراتها الغريبة، وتساءلت بفضول:
-متنحة في الصورة ليه
أجابتها بلا وعي:
-طول عمره راجل
سألته بحيرة:
-مين ده؟
أجابتها نيرمين بتنهيدة مطولة:
-سي منذر، شايفة واقف ازاي

ارتابت بسمة من طريقتها الغريبة في الحديث بتلك الهيئة، ورددت بتهكم:
-ماله يعني، عادي!
ردت عليها نيرمين بإنزعاج:
-ايش فهمك انتي في الرجالة
نظرت لها بسمة باندهاش أعجب، وتمتمت مستنكرة:
-واحدة زيك المفروض تكون كارهة الصنف كله بعد اللي شافته في جوازتها الأولى
عبس وجـــه نيرمين بشدة، وردت بسخط جلي:
-هي دي كانت جوازة أصلاً، متفكرنيش!
بررت لها بسمة سبب اندهاشها قائلة:
-ماهو عشان كده أنا مستغربة بصاتك ليه هو بالذات!
حدقت فيها نيرمين بنظرات ثابتة وهي تقول:
-لأنه غير أي حد!
هزت بسمة رأسها للجانبين مانعة ضحكة ساخرة من الخروج من بين شفتيها، وهتفت مازحة:
-لأحسن تكوني بتفكري تتجوزيه و .....
وضعت نيرمين يدها على فمها لتمنعها من إتمام حديثها، ورمقتها بنظرات حادة هامسة بتحذير شديد اللهجة:
-ششش.. وطي صوتك، أمه تسمعك!
أزاحت بسمة كف يدها عنها مستغربة تصرفاتها المبالغة فيها.
استغرقها الأمر عدة لحظات لتتأكد أن أختها تتحدث بجدية تامة، فارتفع حاجباها للأعلى غير مصدقة نيتها المبيتة مسبقًا.
شحب لون بشرتها قليلًا وردت بصوت خفيض:
-انتي بتكلمي جد؟ أنا بأقولك ده بهزار!
همست نيرمين بتوجس:
-هزار أو جد ده موضوع يخصني! سامعة، وبطلي كلام بقى فيه.
نظرت لها شزرًا وهي تعقب باقتضاب:
-انتي حرة! بس أنا بأحذرك إنه مش كل الهزار بيقلب بجد، وساعتها هتتسكي على دماغك و.....

قاطعتها نيرمين قائلة بازدراء:
-بدل ما تحذريني شوفي نفسك الأول!
احتدت نظرات بسمة نحوها وهي ترد بغضب:
-أشوف نفسي؟ ليه هو أنا زيك؟
تقوس فم نيرمين للجانب مشكلة ابتسامة تهكمية ساخطة، ثم رمقتها بنظرات حادة وهي توضح مقصدها بنبرة لاذعة:
-هـــه، انتي واحدة أنانية مش بتحبي إلا نفسك وبس، عايشة عشان مصالحك الخاصة، ومش مهم أي حد إلا انتي!
فغرت بسمة شفتيها مرددة بذهول مستنكر:
-أنا؟
أومــأت نيرمين بالإيجاب قائلة بفظاظة:
-اه انتي، بصي لنفسك في المراية وشوفي طريقتك مع الناس وهتلاقي كلامي صح، انتي بس اللي عملالي فيها مُصلحة اجتماعية وآ.....

قطمت عبارتها حينما لمحت طيف شخص ما يدنو من الخــارج.
ظلت تعابير وجه بسمة مصدومة من حديث أختها الجارح. لقد تجاوزت حد المقبول معها، ربما هي صارحتها بما تظنه عيوبًا بها، وقد تكون مصيبة في أغلبها، لكن هذا لا يُعطيها الحق لأن تكون فجة في حديثها، وتناست أنها تحمل أكثر منها في قلبها حقدًا وغلاً نحو الجميع، بصعوبة بالغة كتمت غيظها في نفسها، وجاهدت لتبدو طبيعية في تصرفاتها لكن ذلك لا يمنع أنها باتت تضمر ناحيتها شيء ما.
عادت جليلة مرة أخرى للغرفة حاملة بيديها صينية مليئة بالمشروبات والحلوى، فنهضت نيرمين على الفور من على الأريكة لتساعدها قائلة برقة مصطنعة:
-عنك يا خالتي، مالوش لازمة التعب ده، هو احنا أغراب؟
ردت عليها جليلة بلطف:
-دي حاجة بسيطة يا بنتي!
ضجرت بسمة من تصرفات أختها المصطنعة خاصة بعد أن كشفت نيتها الغريبة، فنهضت من مكانها متسائلة بجمود مريب:
-هي أروى جاهزة عشان أبدأ معاها الدرس؟

هزت جليلة رأسها نافية:
-لأ، البت نايمة وهاصحيها، بس يحيى صاحي، خلصي معاه الأول، تكون أروى جهزت
حركت بسمة رأسها بالإيجاب قائلة بإيجاز:
-ماشي!
أشــارت لها بيدها وهي تصطحبها للخارج:
-تعالي في أوضته!
ثم لمحت كلتاهما الصغير وهو يقفز بمرح مقتربًا منهما.
ابتسمت جليلة قائلة بحماس:
-أهوو بنفسه جاي يستقبلك!
احتضن الصغير معلمته من خصرها بحب صادق نابع من قلبه هاتفًا بمرح:
-مس بسمة!

مسحت الأخيرة على ظهره برفق مرددة بهدوء:
-حبيبي يا يحيى!
تراجع الصغير بظهره للخلف متابعًا بسعادة:
-أنا مخلص مذاكرة كلها، وحفظت كل حاجة و....
قاطعته بسمة بابتسامة ودودة:
-خلاص يا حبيبي، أنا هسألك عن كل حاجة جوا في الأوضة!
هز رأسه بإيماءات متتالية وهو يقول:
-اوكي يا مس بسمة!
ثم حاوطت إياه من كتفيه وســـارت معه بإتجاه غرفته الخاصة ليشرعا في استذكار الدروس.
تأكدت نيرمين من ابتعاد أختها لتبدأ هي الأخرى في تنفيذ خطتها الدنيئة، اقتربت من جليلة، وابتسمت لها قائلة:
-تسلم ايدك، الحاجة طعمها حلو
ردت عليها جليلة بابتسامة عريضة وهي تمسح على ذراعها:
-بالهنا والشفا يا بنتي!

عمدت نيرمين إلى تسبيل نظراتها والرمش بجفنيها لعدة مرات لتظهر نفسها بالشابة المتحرجة وهي تقول:
-خالتي معلش ممكن أطلب منك حاجة
ارتسمت علامات الجدية على تعابير وجه جليلة وسألتها باهتمام:
-خير يا نيرمين؟
ادعت التوتر والارتباك وهي تقول بتعلثم:
-... أنا... يعني محرجة أقول كده و...
هتفت فيها جليلة بقلق:
-اتكلمي على طول ماتتكسفيش! في ايه؟
تنحنحت بصوت خفيض قائلة بخجل:
-احنا لما كنا بايتين عندكم بنتي رنا كانت لابسة الحلق الحمصة بتاعها، والحلق ده هدية غالية أوي من أمي!
ثبتت جليلة أنظارها عليها متابعة بجدية:
-أها، وبعدين!

استأنفت نيرمين حديثها بصوت خفيض يوحي بالتردد:
-فلما رجعنا بيتنا، وجيت أغيرلها هدومها ملاقتش إلا البريمة شابكة في ودانها، فجايز يعني ... يكون .. يكون وقع هنا في حتة كده ولا كده
قطبت جليلة جبينها مرددة باندهاش:
-هنا فين؟ مافيش حاجة يا بنتي، ولو كنت لاقيت حاجة زي كده أكيد كنت هسأل وأعرف!
تابعت نيرمين قائلة بمكر وقد برقت عيناها بذلك الوميض الشيطاني:
-عارفة يا خالتي، بس ... لو مافيهاش حرج يعني ...ممكن ... أدور في أوضة سي منذر، جايز يكون وقع تحت السرير ولا حاجة
حركت جليلة رأسها بإيماءة موافقة وهي ترد:
-وماله، منذر أصلاً مش موجود دلوقتي، فتعالي دوري براحتك، وربنا يعترك فيه!
التوى ثغرها بابتسامة ماجنة:
-كتر خيرك يا خالتي، والله ما في زيك أبدًا

تحركت معها للخارج تاركة رضيعتها بغرفة الضيوف، لكنها توقفت عمدًا لتقول بضيق مصطنع وهي تضع يدها على جبينها:
-يووه، كنت هانسى رنا، دماغي مش فيا، أما أشيلها بدل ما تصحى وتعيط وتعمل دوشة و....
قاطعتها جليلة قائلة بحنو:
-لا خليها معايا لحد ما تخلصي!
ردت عليها بعبوس زائف:
-مايصحش، كده أنا بأتعبك معايا يا خالتي
ابتسمت جليلة مرددة بحنو أمومي غريزي:
-وهو ده اسمه تعب، ده الأطفال أحباب الله!
تنهدت نيرمين بصوت مسموع قائلة عن عمد:
-اه والله، ربنا يعوض على سي منذر بالخلف الصالح يا رب زي دياب أخوه!
نجحت بكلماتها المنتقاة بعناية في إثارة مشاعر الضيق بداخلها، هي تعلم أهمية ذلك الموضوع بالنسبة لها، ومدى حساسيته، لذا ببراعة جراح ماهر ضغطت على الجرح دون أن تترك أثرًا.
ردت عليها جليلة بحزن واضح في نبرتها:
-ايوه ادعيله يا بنتي ربنا يكرمه
أضافت نيرمين بحياء مصطنع:
-هو يستاهل والله كل خير، بس لسه وقته مجاش يا خالتي، ما انتي عارفة بقى!
لمعت عيناي جليلة تأثرًا وهي تردد برجاء:
-ياما نفسي أشيل عوضه بإيديا
ضاقت نظرات الأخيرة لتصبح أشد غموضًا وهي ترد بحذر:
-هايحصل يا خالتي، انتي بس دوريله على عروسة حلوة تليق بيه!
أشــارت جليلة بكف يدها قائلة بامتعاض:
-على الحلاوة في كتير، بس أنا في دماغي حاجة معينة!
بدت نيرمين مهتمة بمعرفة ما تفكر فيه، فسألتها بمكر واعٍ:
-حاجة ايه دي يا خالتي!

رمشت بعينيها متحاشية الرد عليها، فقد عاهدت ابنها ألا تبوح بما تفكر فيه، خاصة وأنها المعنية بحديثها ذلك، ومع ذلك لأنها كانت على سجيتها الطيبة، فلم تتخذ حذرها جيدًا، ونجحت نيرمين بطريقتها الماكرة في استدراجها في فخها، وإجبارها على كشف مكنون أسرارها.
بهدوء شديد غمزت لها هامسة بدهاء:
-فضفضي معايا أنا بردك زي بنتك وجايز أفيدك! يا عالم، ده بيقولوا يوضع سره في أضعف خلقه!
استسلمت جليلة لإلحاحها البارع، وخالفت عهدها.
هتفت ناطقة وكأنها تريح إزاحة ذلك الثقل عن صدرها:
-مخبيش عليكي، ومن غير حرج أنا بأدور لابني على واحدة تكون بتخلف، هو تعب مع المرحومة مراته، فضلوا سنين دايخين مع الدكاترة عشان يخلفوا، ومكانش في فايدة!
تراقصت نبضات قلب نيرمين طربًا لسماعها ذلك الكلام وكأنها تعزف به معزوفة فريدة على أوتار قلبها.
تنهدت جليلة متابعة بحزن محبط:
-والعمر بيجري منه، وأنا خايفة أجيبله عروسة بنت بنوت تطلع مابتخلفش ونكرر الغلب ده تاني معاه!
برقت عيني نيرمين بوميض مثير بعد تأكد حدسها أن والدته تميل إلى البحث عن عروس بمواصفات معينة أغلبها تنطبق عليها.
أفاقت من شرودها السريع، وعمدت إلى رسم ملامح الجدية على محياها وهي تقول مدعمة إياها في الرأي:
-عندك حق يا خالتي، والتحاليل المضروبة بتاعة الجواز مش بتبين حاجة، يعني ممكن واحدة كده ولا كده تعجبه بس تطلع معيوبة ومش بتخلف!
هزت جليلة رأسها قائلة بتوجس:
-مظبوط، وده اللي مخوفني!
التوى ثغرها بابتسامة لئيمة وهي تضيف:
-اطمني إن شاء الله ربنا هيعوض صبرك خير
ربتت جليلة على ظهرها مرددة بود:
-يا رب أمين، ويكرمك يا ضنايا، انتي بردك لسه صغيرة وحلوة وفي ألف يتمنوكي!
تعمدت نيرمين العبوس بوجهها وهي تضيف بإحباط زائف:
-لا خلاص، أنا خدت حظي من الدنيا، وهاعيش عشان بنتي وبس، هي الحاجة الحلوة اللي طلعت بيها!
عقدت جليلة ما بين حاجبيها هاتفة باستنكار:
-لا متقوليش، وقريب ان شاء الله هاتسمعي اللي يبشرك
ابتسمت لها نيرمين بحياء:
-يا رب أمين
وضعت جليلة يدها على ذراعها لتدفعها برفق للأمام قائلة:
-خشي انتي دوري على الحلق، وأنا هاقعد مع الكتكوتة
زادت ابتسامتها الصفراء اتساعًا وهي تقول:
-ربنا يباركلي فيكي يا خالتي!
ثم تحركت بخطوات متمهلة نحو غرفة منذر لتنفذ الجزء الأخـــر من خطتها الشيطانية.
..................................

انتبهت إلى صوت تلك الدقات المتواصلة على باب منزلها، فنهضت بتثاقل من فراشها لتتجه نحوه وتفتحه، تفاجأت بذلك الشرطي الذي يسد عليها الباب بزيه الرسمي، فانقبض قلبها إلى حد ما، وهتفت متوجسة وهي محدقة به:
-خير يا شاويش في حاجة؟
أجابها الشرطي بنبرة جادة دون أن تهتز عضلة واحدة من وجهه:
-ده منزل المدعوة أسيف رياض خورشيد
ابتلعت عواطف ريقها بتوتر فور سماعها لاسم ابنة أخيها الراحل، وسألته بنزق:
-اه ده بيتها! هي.. هي عملت حاجة؟
أجابها الشرطي بجمود غير مريح:
-معرفش، ده استدعاء ليها للبيه المأمور في القسم
لطمت على صدرها مرردة بفزع:
-استدعا! يا ساتر يارب
هتف فيها بصرامة وهو يوميء برأســه:
-يالا يا ست ناديلها
تابعت بنبرة مرتعدة:
-حاضر يا بني، هاقولها ونحصلك على هناك!
-أوام طيب
-ماشي يا شاويش!
أنهت معه الحوار متجهة بخطوات سريعة في اتجاه الغرفة الماكثة بها أسيف لتبلغها بذلك الأمر العاجل. والأهم من هذا كله أنها لن تتركها تذهب بمفردها، ستصطحبها إلى المخفر.
.....................................

ولجت إلى داخل الغرفة وهي تسيطر بصعوبة بالغة على سعادتها الغامرة.
لم تتوقع أن تكون جليلة إلى ذلك الحد ساذجة في تصرفاتها وفي تصديقها لادعاءاتها، أخذت نفسًا عميقًا لتضبط انفعالاتها قبل أن تفعل شيئًا متهورًا يُحسب عليها.
أوصدت الباب خلفها، والتفتت بجسدها لتتأمل الغرفة من حولها بنظرات عامة شمولية وعلى ثغرها ابتسامة عريضة لم تمانع في إخفائها، تجولت ببطء متعمد في أرجائها ممتعة عيناها بكل ما يخصه.
اقتربت من خزانة ملابسه، وفتحت إحدى ضلفه لتتلمس ثيابه الخاصة بأناملها، قربت أحد قمصانه من أنفها لتستنشق رائحته قبل أن تعيده إلى مكانه، ثم عبثت بالرفوف مدققة النظر في أشيائه الخاصة.
لمعت عيناها بوميض أشد لمعانًا وهي تتجه نحو الكومود لتفتش بداخل أدراجه، وجدت صورة فوتغرافية صغيرة له، فحدقت بها بتمني ثم فكرت في سرقتها، وبالفعل لم تعارض الفكرة، نفذتها فورًا، وطوتها بيدها، ودستها داخل ثيابها.
وضعت نيرمين يدها على طرف ذقنها تحكه قليلًا وهي تفكر في الخطوة التالية من خطتها، تذكرت أنها لم تخرج بعد القرط الذهبي من جيبها، فأدخلت يدها بالفعل فيه وأخرجته لتلقيه خلف أحد أركان الفراش، جاءت للجزء الهام من مخططها الدنيء، ألا وهو إفســـاد العلاقة الودية مع أسيف.
كانت تدس في جيبها النسائي منشفة ورقية طوت بداخلها ورقة ما مطوية بطريقة مريبة. التوى ثغرها بابتسامة مقلقة وهي تحشرها بداخل المرتبة السفلية، تعمدت نيرمين أن تصنع ما يشبه الـ ( حجاب ) والمعروف بالمناطق الشعبية لتدعي بالباطل على أسيف أنها تمارس أمور الدجل والشعوذة على منذر لتفسد حاله. ولأن جليلة على فطرتها فستصدق فورًا تلك الأكاذيب.
تأكدت من إتمام كل شيء، ثم صرخت مهللة لتثير الريبة:
-إلحقي يا خالتي!
ركضت ناحية الباب وفتحته متابعة صراخها المرتفع:
-تعالي شوفي لاقيت ايه وأنا بأدور على حلق بنتي!
توجست جليلة خيفة من صوتها المرتفع، وهرولت نحوها حاملة الرضيعة متسائلة بقلق:
-في ايه يا نيرمين؟ ايه اللي حصل؟
جذبتها الأخيرة من ذراعها بعد أن تناولت منها رضيعتها مرددة بخوف زائف:
-شوفتي لاقيت ايه تحت مرتبة سي منذر!
قفز قلب جليلة في قدميها خوفًا مما ستراه وهي تلج لغرفة ابنها البكري.
توترت أنفاسها وهي تحدق في فراشه حيث أشــارت لها نيرمين.
تجمدت أنظارها على تلك الورقة الداكنة اللون المحشورة بالزاوية.
شهقت مصدومة وهي تقول:
-يا نصيبتي ايه ده؟
ردت عليها بصوت مرتجف وهي تضم رضيعتها إلى صدرها:
-باين عليه عمل!
شهقت جليلة مرددة بارتعاد:
-عمل؟ وده جه ازاي هنا؟
صاحت بها نيرمين فجــأة لتفزعها أكثر:
-اوعي تلمسيه بايدك يا خالتي، لاحسن يأذيكي!
أبعدت جليلة كفيها إلى جوارها، وتساءلت بصدمة:
-ومين حطه أصلاً، ده مافيش حد غريب بيدخل هنا!!!
ردت عليها نيرمين بغموض مقلق:
-أكيد مش غريب يا خالتي!
بحثت جليلة بعينيها عن قطعة قماش لتستخدمها في الإمساك بذلك الحجاب، وتمتمت من بين شفتيها بحنق:
-طب مين ابن الـ....... ده؟ هو ابني ناقص أعمال!!!

ردت عليها نيرمين بمكر لئيم:
-يا خالتي الناس كلها بتحسده وحاطة عينهم عليه، ده غير إن اللي حط العمل ده أكيد واحدة مش واحد!
ضاقت نظرات جليلة نحوها، ورددت قائلة:
-واحدة!
حركت نيرمين رأسها بالإيجاب مؤكدة:
-ايوه، واحدة بتشاغله ومخلياه مش على طبيعته!
انفرجت شفتاها في تعجب أكبر، وارتفع حاجباها للأعلى وهي تصغي إلى ما تلقيه على مسامعه
تابعت نيرمين قائلة بنبرة أصابتها أكثر بالريبة والخوف:
-شوفي مين بقى يا خالتي هاتعمل ده فيه!
لوحت جليلة بيدها في الهواء هاتفة باستنكار:
-بس إزاي، ده .. ده مافيش حد دخل أوضته خالص، وحتى الشغالين أنا ببقى واقفة على ايديهم وهما بينضفوا، يبقى مين حطهوله هنا!

دنت منها نيرمين، وثبتت أنظارها المظلمة عليها وهي تضيف بخبث:
-انتي ناسية يا خالتي انا احنا كنا بايتين عندكم، وكان معانا بنت خالي، وهي جاية من بلد كده معروف عنها بالسحر والأعمال!
تراجعت جليلة بجسدها للخلف شاهقة بصدمة واضحة.
لم تصدق ما قالته، وهتفت معترضة وهي ترمش بعينيها:
-بتقولي ايه؟ ايه الكلام الغريب ده؟ مش معقول!
هزت نيرمين رأسها بحركة مؤكدة لتثير ذرعها أكثر:
-لأ يا خالتي صدقي، اوعي يخش عليكي محنها ولا السهوكة اللي هيا فيها، وبعدين ماهي الوحيدة اللي باتت هنا مع أمي! انتي ناسية يا خالتي ولا ايه؟
أخفضت نبرة صوتها متعمدة أن تشير إلى قلة حيلة أمها وهي تكمل بأسف:
-وأمي ست راقدة وغلبانة مالهاش لا في التور ولا في الطحين! وانتي عارفها بقالك سنين، مابتعرفش حتى تأذي فرخة!

اتسعت حدقتاها برعب واضح من عباراتها المخيفة، وارتجفت نبرتها وهي تردد:
-يا نصيبتي! انتي بتكلمي جد بقى!
أجابتها نيرمين بصوت خفيض:
-أنا مش بأهزر يا خالتي، أومال أنا واخدة منها جنب ليه؟
دنت منها أكثر لتؤجج من حالة الرعب لديها وهي تضيف بهمس كبير:
-بيني وبينك كده بس الكلام ده مايطلعش لحد، أنا شوفتها وهي بتعمل حاجات كده استغفر الله العظيم تلبش الجتة!
ارتعاشة دبت في جسدها من كلماتها تلك، وهتفت مفزوعة:
-أعوذو بالله من الشيطان الرجيم!
تنهدت نيرمين مضيفة بضيق حقيقي:
-تخيلي دي ساحرة لأمي، مش بتصدق حاجة عليها خالص حتى لو عملت ايه، وكل حاجة تقولها عليها تقول أمين كأنه قرآن منزل!

كانت صادقة في وصفها، لم تكن بحاجة للإدعاء أو التأليف، فهي ترى بأم عينها علاقة والدتها بها. وكيف أنها تدافع عنها وتبرر لها كل شيء على الرغم من كون ابنة خالها لا تفتعل المشاجرات أو غيرها.
شعرت جليلة بجفاف حلقها، فحاولت بله بريقها المرير، ثم هتفت بنبرة مترددة:
-يا ساتر، انتي خوفتيني منها يا نيرمين!
تابعت الأخيرة مؤكدة بلؤم:
-انتي بس شوفي حد بيفهم في الحاجات دي ويفك العمل المربوط، جايز يكون هو اللي واقف حاله!
للحظة فكرت جليلة أنها ربما تكون مخطئة في اتهام أسيف، وبررت قائلة:
-بس ازاي؟ وأنا ابني أصلاً مش راضي يتجوز من قبل ما يشوفها، يعني .....
قاطعتها نيرمين بجدية لتنفض عن عقلها أي نزعة للشك:
-يا خالتي ركزي لو هو عاوز يتجوز، العمل المهبب ده يمنعه يفكر في الجواز والعيال، ويزغلل عينيه، ويسحره ويخليه يركز في آ........

عمدت إلى إظهار إرتباكها وترددها في إتمام جملتها للنهاية لتثير فضولها أكثر، وبالطبع حققت مبتغاها، فسألتها جليلة بتلهف:
-في ايه؟
أجابتها بهدوء مقلق:
-في صاحبة العمل ده!
فغرت ثغرها هاتفة بهلع:
-هـــاه، كمان!
أشـــارت نيرمين بكف يدها مكملة بصوتها الجاد:
-أنا وعيتك يا خالتي، وإنتي حرة!
ثم أخفضت عيناها للأسفل لتصيح مهللة بفرح غريب:
-الله، الحلق بتاع بنتي أهوو.. الحمدلله يا رب!
انحنت لتلتقطه من ذلك الركن، وتابعت بتحذير:
-بس شوفتي لولا ترتيب ربنا وضياع الحلق مكوناش عرفنا بالبلوى السودة دي!

ازدردت جليلة ريقها قائلة:
-اه والله!
تحركت بعدها نيرمين في اتجاه الباب وهي تقول:
-هاستنى برا أنا، عن اذنك
ظلت جليلة متسمرة في مكانها لعدة لحظات مُعيدة في ذهنها ما حدث أمامها من كشف لذلك الحجاب المزعوم مرددة لنفسها بخوف بائن:
-سحر وأعمال! هو انت ناقص يا منذر!!!!
.....................................

لم تصدق عيناها حينما وقعت على محضر استلام أموالها المسروقة في مخفر الشرطة، واستمعت بإصغاء تام لما قاله الضابط هناك عن ملابسات الكشف عن اللص الحقيقي وكيفية القبض عليه،كانت صدمتها حينما عرفت أنها إحدى العاملات بالفندق.
نظرت لها عمتها بنظرات تحمل اللوم لتسرعها في إتهام منذر بتلك التهمة الباطلة، وكانت محقة في هذا.
ولذلك عاتبت أسيف نفسها على تصرفها الأهوج دون التأكد من صحتته ببراهين مثبتة، وها هي براءته قد ثبتت للجميع.
خرجت الاثنتان من المخفر تسيران بخطوات متهادية نحو منطقتهما الشعبية.
التفتت عواطف برأسها نحوها، وظلت تراقب صمتها الهاديء، ثم قطعته مستطردة حديثها بعتاب لطيف:
-مش المفروض نعتذر للي غلطنا فيه يا بنتي؟
تحرجت أسيف من جملتها، وتوردت وجنتاها خجلًا، ولم تعقب.
استمرت عمتها في تحفيزها على إصلاح خطئها قائلة:
-مش عيب يا بنتي نتأسف لما نغلط، ده حقه علينا، صح ولا أنا غلطانة؟
هزت هي رأسها بإيماءة صغيرة دون أن تنبس بكلمة.
ارتسم على ثغر عواطف ابتسامة ارتياح لتقبلها لنصيحتها، وضمتها من كتفيها قائلة بإمتنان:
-ربنا يباركلي فيكي يا بنتي!

غيرت كلتاهما وجهتهما الحالية لتتجها نحو وكــالة عائلة حرب، والتي كانت على مسافة قريبة.
...................................
في نفس التوقيت، وصــل المحامي الخاص بالعائلة إلى الوكالة. جاب بعينيه سريعًا مكتب منذر فلم يجده. فنفخ بضجر، ثم هاتفه ليسأل عنه، فوجد أن هاتفه خارج نطــاق التغطية.
اقترب منه أحد رجالة مرددًا:
-أيوه يا أستاذ!
رد عليه المحامي بتساؤل جاد:
-فين الأستاذ منذر؟ أنا دورت عليه جوا مش موجود، وبأطلبه مش بيرد.
أجابه الرجل بهدوء وهو يفسر بيده:
-ده سافر من بدري يا حضرت الأفوكاتو!
عقد ما بين حاجبيه مرددًا باستغراب:
-سافر، وجاي امتى؟

هز الرجل كتفيه في عدم معرفة وهو يقول:
-على حسب ما يخلص اللي وراه في الميناء
وضع المحامي يده على رأسه ممررًا إياها بين خصلات شعره وهو يتابع بتذمر:
-يا ربي، وأنا كنت عاوز أسلمه بقية فلوس الدكان! هاعمل ايه دلوقتي
سأله الرجل باهتمام:
-تؤمرنا بحاجة؟
هز رأسه نافيًا:
-لأ خلاص، متشكر
-العفو..
بقي المحامي بالمكتب يرتب أوراقه، ويراجع ما لديه من ملفات بنظرات سريعة قبل أن يستعد للرحيل.
...................................

وصلت عواطف إلى الوكــالة باحثة هي الأخرى عن منذر، وإشرأبت بعنقها لتراه، لكنها لم تجده بالداخل، فاقتربت من نفس الرجل الذي كان يُحادث المحامي قبل لحظات متسائلة:
-بأقولك يا بني سي منذر موجود؟
رد عليها نافيًا بهدوء:
-لا والله يا ست عواطف، ده مسافر
تعجبت عواطف من إجابته مرددة بصدمة خفيفة:
-اييه؟ مسافر! خلاص نجيله وقت تاني!
لمحها المحامي من الداخل، فأسرع في خطواته ليلحق بها هاتفًا بنبرة عالية ليجذب انتباهها:
-حاجة عواطف!
التفتت برأسها نحوه متمتمة بهدوء:
-ايوه!
التقط أنفاسه متابعًا بابتسامة عريضة:
-بنت حلال والله، أنا كنت لسه هاجيلك

تبادلت هي نظرات حائرة مع ابنة أخيها وهي تتساءل بقلق:
-خير في حاجة؟
أجابها المحامي بصوت جاد موضحًا بيده:
-اه الأستاذ منذر مبلغني أسلمك باقي الأمانة
قطبت جبينها مرددة:
-أمانة!
فســر مقصده محافظًا على نفس ابتسامته:
-حقك في بيع نصيبك من الدكان!
انزعجت أسيف من تذكرها لتلك المسألة التي نغصت عليها سكونها، ولم ترغب في متابعة الحوار بينهما، لذا بتأدب واضح في نبرتها اعتذرت لعمتها قائلة:
-طب يا عمتي أنا .. أنا هاتمشى شوية كده هنا لحد ما تخلصي ونتقابل عند الدكان بتاعي!

فطنت عواطف لضيقها من تلك المسألة، وضغطت على شفتيها قائلة بحذر:
-ماتخليكي معايا، ده ....
قاطعتها أسيف بإصرار وهي تتحرك مبتعدة عنها:
-لا معلش، بلاش!
فهمت عدم رغبتها في التواجد كي لا تثير ضيقها أكثر، فاستسلمت لرغبتها مرددة:
-طيب يا بنتي! اللي يريحك!
عبست أسيف بوجهها وهي تسير مبتعدة عن الوكــالة، أحزنها تخلي عمتها عنه بسهولة في تلك الظروف العصيبة، ودت لو تريث في قرار بيعها وأمهلتها الفرصة لتشتريه هي منها، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فكرت بإجهاد في طريقة تستعيد بها ملكية دكانها بالكامل.
بالطبع لن يكون الأمر باليسير خاصة مع شراء منذر لحصة عمتها بمبلغ ضخم، وما معها حاليًا من أموال لا يكفي لسداد ما دفعه واسترداده.
تعبت من كثرة التفكير، ولم تشعر بقدميها وهما تسوقاها إلى الزقاق الجانبي المؤدي لورشة النجارة المملوكة للحاج زقزوق.
توقفت عن السير متلفتة حولها. ثم تنهدت بتعب، ولكن أضاء ذهنها فجأة بشي ما أصابها بحماس كبير، هي فكرت في الاستعانة بالصبي حسن الذي يعمل بالورشة ليعاونها في توضيب الدكان وإزالة ما به من مخلفات متهالكة، بدت الفكرة جيدة إلى حد ما، وقررت أن تشرع في تنفيذها، خاصة أن باستطاعتها الآن دفع أجرته.
أسرعت في خطاها نحو الورشة، ووقفت عند عتبتها متسائلة بحرج:
-لو سمحتوا، ممكن أكلم حسن!
نظر إليها العاملون بالورشة باستغراب، وأجابها أحدهم بجدية:
-برا مع الحاج زقزوق في مصلحة، ولو مستعجلة امشي هو احتمال يتأخر!
ابتسمت بتكلف وهي ترد:
-طيب متشكرة!
استدارت بجسدها مستعدة للرحيل، لكنها فكرت في ترك رسالة للصبي حتى يتواصل معها عندما يعود من عمله الخارجي، فهتفت قائلة بهدوء موجهة حديثها لذلك الشاب الذي أجابها قبل ثوانٍ معدودة:
-طب ممكن بس أما يجي تقوله صاحبة دكان خورشيد عاوزاه في شغل
رد عليها الشاب بجدية:
-ماشي يا ست!
تحركت بعدها في اتجــــاه الدكان وهي ترسم في مخيلتها عدة تصورات حماسية لما يمكن أن تفعله كي تستثمر أموالها في مشروع مربح يعود عليها بالنفع من خلاله.
.....................................

ألقى بإصبعيه سيجارته المنتهية بعد أن لفظ منها أخــر دخــان يمكن أن ينبعث منها، ثم تحرك في اتجاه المحال الجديدة، فقد أصبحت هذه المسألة شاغله الشاغل مؤخرًا، فهي الذريعة التي سيقضي بها على غريمه منذر،
لم ينكر إعجابه بفكرة إنشاء مطعم للمأكولات البحرية في المنطقة، ولكن ما لم يرضيه هو نسبة الربح حينما اطلع على العقود. شعر بالاستغلال وبتحكم عائلة حرب في كل شيء.
انتصب مجد في مشيته وهو يدب بقدميه على الأرضية الإسفلتية.
أدار رأسه للجانب ليحدق في أوجه المارة بنظرات مشمئزة، وغمغم مع نفسه بازدراء:
-وشوش تقطع الخميرة من البيت!
حرك رأسه للأمام فوقعت عيناه مصادفة على إحداهن، تلك التي تتهادى في خطواتها المنظمة.
ثبت نظراته الحادة عليها، نعم هو عرف هويتها، فوجهها مألوفٌ له.
ضاقت نظراته المخيفة نحوها، وتقوس فمه بإلتواءة مريبة مرددًا لنفسه بنبرة ليست مريحة مُطلقًا:
-هـــــه، وأخيرًا .................................!!

...........................................





noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 12:08 AM   #302

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9




الفصل الخامس والأربعون:

ضرب بقبضة يده على الطاولة الزجاجية لاعنًا حظه العثر الذي انعكس أيضًا على حياته العملية، نظر له رفيقه " ناصــر" متسائلاً باهتمام وهو يناوله زجاجة الجعة:
-وهتعمل ايه دلوقتي؟
أجابه حاتم بقلة حيلة:
-مش عارف، المصلحة دي كمان باظت، وأنا كنت متعشم إني أطلع منها بقرشين!
لمعت عيناي ناصر ببريق طامع وهو يضيف مقترحًا:
-طب ما ترجع تاني للتهريب؟
وضع حاتم يده على فمه قائلاً بتوجس ومتلفتًا حوله:
-ششش.. وطي صوتك! محدش يعرف ده!

هز الأخير رأسه عدة مرات مرددًا بإعجاب:
-ماشي، بس انت سالك فيها، وليك سكتك ومعارفك
لوى حاتم ثغره مبررًا تراجعه عن القيام بتلك النوعية من العمليات الغير قانونية:
-عارف، بس معدتش عندي اللي يخلص!
غمز له ناصر قائلاً بمكر وهو يلكزه بخفة في ذراعه:
-اهــا، قصدك على المدام
تجهمت قسمات وجه حاتم بالكامل، ورد بامتعاض شاتمًا إياها بوقاحة:
-ماتجبليش سيرتها، ولية.......!!
عقد ناصر مابين حاجبيه قائلاً:
-ده انت لسه معبي منها على الأخر
فرك رفيقه وجهه بغل، وأرجع ظهره للخلف مجيبًا عليه بسخط ظاهر في نبرته ونظراته:
-جدًا! وعلى رأي أمي جايبة النحس للبيت كله، بس أنا مضطر أتكلم معاها عشان بنتي

أثارت جملته الأخيرة اهتمامه، فسأله بفضول:
-هي البت مش معاكو؟
حرك رأسه نافيًا وهو يوضح بفتور:
-لأ البت لسه صغيرة، والحضانة معاها!
تجرع ناصر رشفة كبيرة من زجاجته التي أوشكت على الانتهاء، وتجشأ قائلاً:
-أها! قولتي بقى!
تابع حاتم حديثه بنبرة ممتعضة:
-عاوز أشوفها، بس شايل هم الزيارة دي!
اقترح عليه رفيقه بنبرة عادية:
-طب ما تبعت أمك ولا أختك عندها!
التوى ثغره بابتسامة تهكمية وهو يبرر بسخرية:
-أمي! إنت بتهزر، دي تطيق العمى ولا تشوف وشها، انت عارف دي عاوزة تولع في البت نفسها عشانها منها!

ثم نفخ بحنق وهو يشير بيده مرددًا بتبرم:
-قفل قفل على القرف ده كله، وخلينا نشوف شغلانة تانية نقضيها.
وافقه ناصر الرأي هاتفًا بابتسامة غير مريحة:
-طيب! اشرب وانسى يا معلم!
ثم التفت برأسه للخلف ليراقب أوجه تلك العابثات المتواجدات في تلك الساعة المبكرة بذلك الملهى الرخيص منتقيًا من سيعبث معها لاحقًا، لم يهتم حاتم بما يفعله رفيقه، فباله الآن مشغولًا في البحث عن وسيلة جديدة يتحصل منها على أموال إضافية.
.........................................

ذرعت غرفة نومها الخاصة جيئة وذهابًا تفكر في تلك الكارثة التي اكتشفتها بغرفة ابنها البكري، رفضت إلقاؤه في القمامة تحسبًا من شر ذلك الشيء القابع به والذي تظن أنه سيصيبه بالسوء إن أهملته، لذلك احتفظت به في أحد أدراج المطبخ، ثم عادت لغرفتها لتختلي بنفسها بعد رحيل الأختين من المنزل.
ضربت كفاً بالأخر هاتفة لنفسها بقلق ظاهر في نبرتها:
-يا خوفي يطلع كلامها صحيح، طب أتصرف ازاي واكلم مين يفيدني في الحكاية دي؟
جلست مستاءة على طرف الفراش تهز جسدها بعصبية مضطربة، عجزت عن التفكير بذهنٍ صافٍ، وغفلت عن إطعام الصغيرين، ولج زوجها إلى الغرفة متعجبًا من حالتها الواجمة تلك.
ألقى عليها التحية لكنها لم تجبه، كانت تمتم لنفسها بكلمات مبهمة وكأنها لم تره.
صــاح بها بصوت قوي:
-سرحانة في ايه يا جليلة؟ عمال أكلمك من بدري، وإنتي في التوهان كده!
انتبهت لصوته المرتفع، ونهضت عن الفراش مرددة باضطراب قليل:
-معلش يا حاج، دماغي مشغولة حبتين!
تفرس في وجهها متسائلاً باهتمام:
-خير إن شاء الله؟

توجست خيفة من إخباره، فربما يرفض تصديق تلك الخرافات ويتهمها بالجنون، ففكرت سريعًا في إجابة مقنعة.
خرج صوتها مترددًا وهي تقول:
-هــه، ... حاجة البيت ومشاغله اللي مابتخلصش! ما إنت عارف يا حاج،وخصوصًا طلبات العيال!
رد عليها بعدم اقتناع وهو يشير بعينيه المجهدتين:
-أها، طيب شوفي الأكل بتاعهم لأحسن أعدين برا يقولولي جعانين!
لطمت على صدرها بعفوية مرددة بضجر:
-ده أنا نسيتهم خالص!
ثم أسرعت في خطاها تاركة الغرفة لتطعم الصغيرين.
تابعها طـــه بنظرات متعجبة، وهز رأسه قائلاً باستنكار:
-مالها الولية دي، شكلها مش طبيعي خالص!
همست جليلة لنفسها بامتعاض ظاهر على محياها:
-منك لله يا بنت حوا وآدم، دبرها من عندك يا رب، هو ابني ناقص!
.....................................

تمددت على الفراش شاعرة بلذة انتصارها الساحق في تلك الجولة الجديدة في معركتها معها، هي لا تعدها ابنة خالها، بل عدوتها التي تتنافس معها في الاستحواذ على محبة الأخرين، خاصة من جذبها بشهامته إليه، لم تعبأ برضيعتها التي تبكي صارخة لتناول الطعام، وظلت شاردة تفكر فيما فعلته.
لقد أتقنت دورها ببراعة، وتفننت في خداع أمه الساذجة بأبسط الطرق.
همست نيرمين لنفسها متباهية:
-زمانها دلوقتي قايدة نار، إياكش النار دي تاكل الـلي ما تتسمى!
اندفعت أختها بسمة إلى الغرفة هادرة بضيق:
-ايه يا نيرمين؟ مش سامعة عياط بنتك؟
اتجهت للفراش لتحمل الرضيعة بين ذراعيها، وقامت بهدهدتها برفق لتكمل تعنيفها لأختها الكبرى قائلة:
-مش معقول كده! أعدة ولا على بالك، بنتك مفلوقة من العياط وانتي هيمانة على نفسك!

عبست نيرمين بوجهها قائلة بتذمر:
-يووه، لازم تعكري مزاجي كل شوية!
نظرت لها بسمة مدهوشة وهي تردد مستنكرة:
-أعكر مزاجك! عياط بنتك مش فارق معاكي، ربنا يرحمها من قسوتك!
ردت عليها بسخط جلي:
-خدت ايه منها غير غلب أبوها وبوزه الزفت!
-وهي ذنبها ايه؟ ارحميها
نهضت نيرمين على مضض من على الفراش مقتربة منها، ثم مدت يديها قائلة بتجهم ساخر:
-طيب يا أم قلب حنين، هاتيها!
رمقتها بسمة بنظرات حادة متمتمة بصوت شبه هامس:
-خدي، وربنا يرحمها منك!
......................................

كانت حذرة في خطواتها المتباطئة نحو دكانها العتيق حتى لا تؤذي قدمها اليسرى أكثر، تماثلت للشفاء بنسبة كبيرة، لكنها حرصت على عدم الضغط عليها بالسير مطولًا أو بإرهاقها.
لم تشعر بذلك الذي يتربص بها وهو يدنو منها بخطاه المتعجلة، فلم تأخذ حذرها تمامًا، أصبحت على بعد مسافة قصيرة من دكانها، شردت في اللافتة القديمة متأملة حروفها الغير واضحة.
انتفضت في سيرها فزعة حينما شعرت بيد تتلمس ظهرها، فاقشعر بدنها بالكامل، وشهقت مذعورة ملتفتة برأسها للجانب، زاد هلعها حينما رأت وجهه المقيت يبتسم لها بصورة أرعبتها كثيرًا، عرفته توًا إنه نفس الرجل الذي قابلته من قبل، ذاك الذي أثار حنق منذر للغاية وأوصله للعصبية في لحظات.
هوى قلبها في قدميها من فرط الخوف.
تراجعت تلقائيًا مبتعدة عنه لتزيح يده المتلمسة لظهرها عنوة.
كانت كمن لدغها عقرب بلمسته المحرمة على جسدها رغم أنها لم تدمْ سوى لثوانٍ لكنها كانت كافية لإشعارها بالنفور والتقزز منه.

نظر لها مبتسمًا باستخفاف مزعج، ثم تحرك قبالتها ممددًا يده نحو وجهها متعمدًا تلمسه فذعرت منه، وأرجعت رأسها للخلف لتتحاشاه.
ابتسم قائلاً بلهو:
-وأدينا اتقابلنا يا حلوة!
زاغت أبصارها من كلماته المقلقة، واستشعرت أنها على شفا الوقوع في مأزق كبير.
دنا منها ليحاصرها قائلاً بثقة مشيرًا بيده في الهواء:
-دي الحتة كلها أد كده، مافيهاش خرم إبرة إلا وأنا عارفه كويس!
ضمت عفويًا يديها إلى صدرها وكأنها تحتمي منه، لكن لا مكان للهروب منه، ابتسم لفرض سيطرته عليها، ولاستعادته تلك الذكريات القديمة التي كان يتلذذ بها حينما يرى قوته في خوف ضحاياه من صغيرات السن، فيزداد حماسة ورغبة طامعة فيهن.
غمز لها بعينيه مؤكدًا:
-يعني كنا هنتقابل هنتقابل! وأديكي جيتي لحد عندي!

أراد أن يتطــاول عليها مرة أخــرى لكنها صرخت بفزع لتلفت الأنظار إلى كليهما.
وبالفعل لمحهما رجلي منذر المرابطين عند الدكان، فتبادلا نظرات مزعوجة للغاية. خاصة أنهما يعرفان هوية مجد وتاريخه المشين بالتحرش بالمراهقات والشابات.
هتف أحدهما بتوجس وقد توترت نظراته:
-شايف اللي أنا شايفه!
هب الأخر واقفًا من مقعده مرددًا بفزع:
-يا وقعة سودة!
لكز الرجل الأول رفيقه من كتفه ليدفعه للأمام قائلاً بحزم:
-بينا نتدخل بسرعة قبل ما الدنيا تخرب!
رد عليه زميله دون تردد:
-أوام، ده الريس منذر منبه علينا إن شوفناه معاها بالذات مانستناش!
تحرك الرجلان سريعًا في اتجاههما لنجدة المستغيثة قبل أن يتفاقم الوضـــع.
كركر مجد ضاحكًا من صراخها المذعور هاتفًا باستهزاء:
-فكرك هاخاف من الصويت، بالعكس ده بيدخل مزاجي أوي!
ارتعدت فرائصها منه، وانكمشت على نفسها أكثر، وقبل أن تجيب عليه كان الرجلان يسدان عليه الطريق بجسديهما مانعان إياه من الاقتراب منها.
استشاط مجد غضبًا من تدخلهما السافر فيما يخصه، وهدر بهما بعصبية وهو يهددهما بيديه:
-انتو اتجننوا، مش عارفين أنا مين يا .......!!!
تمكنت أسيف من الاحتماء خلفهما، والتصقت بالحائط لتترك مسافة فاصلة بين ثلاثتهم.
رد عليه أحد الرجلين قائلاً بحذر:
-عندك يا معلم مجد، ميصحش كده!
ضربه مجد بقبضة يده المتكورة بعنف في صدره هاتفًا بتهكم:
-هــأو! إنت مين يا ...... عشان ترفع عينك في عيني وتكلمني؟
ثم رمق الرجلين بنظرات نارية وهو يضيف بسباب لاذع:
-ده أنا هاطلع ...... أهلكم النهاردة!

تحامل الاثنان الإهانة مرغمين، فالتعليمات مشددة بضبط النفس معه، وعدم الانسياق وراء أي مشاجرة يقودهما إليها.
هتف أحدهما بهدوء زائف رغم احتقان وجهه:
-يا معلم مجد دي حُرمة، واحنا آ......
قاطعه مجد هادرًا بنفاذ صبر:
-البت دي ليها كلام معايا، فامشي من وشي انت هو، بدل ما أسويكم بالأسفلت! وبردك هاوصلها!
رد الأخر مضيفًا بنزق:
-مش هاينفع، احنا معانا أوامر!
أشعلت كلماته عيناه اتقادًا، فهتف غير مبالٍ باستهزاء كبير:
-أوامر، هـــأو، أو، أو ..!!!

ضاقت نظراته أكثر لتتحول لإظلام مرعب وهو يكمل بتوعد:
-والله لو مدير الأمن بذات نفسه موجود ما هيمنعني عنها!

تيقنت أسيف عند تلك اللحظة أن منذر كان محقًا في خوفه المبرر منه. أنها بالفعل واقعة بين مطرقة وسندان، تطاول مجد باليد معهما محاولاً اختراقهما والوصول إليها، فتعالت شهقاتها المفزعة أكثر وأكثر.
استمر الرجلان في الحول بينه وبينها قدر استطاعتهما رغم تلك الشتائم القاسية التي ظل يتفوه بها، تراجع خطوتين للخلف لينحني للأسفل ليتلقط أحد الأحجار ثم قذفه بقوة في وجه أحدهما، فأصاب عينه مباشرة، وضع الأخير يده عليها صارخًا بألم كبير. بينما هجم الأخر على مجد منتويًا ضربه بشراسة.
تعالت صرخات أسيف من هول الموقف، ووجدت نفسها عاجزة حتى عن الدفاع عن نفسها.
..............................
انتهت عواطف من مقابلتها القصيرة مع المحامي بالوكالة، واستلمت باقي مستحقاتها المادية، شكرته ممتنة، واستأذن هو بالانصــراف.
وبقيت واقفة بمفردها عند العتبة لبرهة منتظرة قدوم ابنة أخيها تطالع أوجه المارة بنظرات عادية، لكنها لم تأتِ، ملت من الوقوف والانتظار. ففكرت في الذهاب.
دار بخلدها أن تتوجه ناحية الدكان فربما تكون متواجدة به.
ابتسمت لنفسها ابتسامة راضية لأنها ببساطة استطاعت تخمين مكانها.
سارت بتمهل في اتجاهه غير متوقعة ما ستراه هناك.
انقبض قلبها خيفة حينما رأت بعض رجــال الوكالة يهرولون مسرعين وكأن في كارثة ما قد وقعت.
قطبت جبينها مرددة بتوجس:
-يا ساتر يا رب! هو في ايه؟
..................................

في أقل من دقائق، أصبح الشاجر عنيفًا من قبل مجد الذي اعتبر الأمر مسألة شخصية، وكــال للرجلين ضربات موجعة مستخدمًا ما تطاله يداه.
تجمع المـــارة، وتحولت المنطقة أمام الدكان والمحال الجديدة إلى ساحة للاقتتال خاصة بعد حضور رجــال مجد من المطعم للاشتباك مع رجال منذر فور أن وصلتهم الأنباء.
لم يستطع مهدي السيطرة على الوضــع الذي انفجر كالبركان الثائر في أوجـــه الجميع.
وتسابق الرجال في ضرب بعضهم البعض بالعصي، والزجاجات الفارغة، وقطع الخشب القديمة، والجنازير المعدنية، دفع أحد الرجــال التابعين لمنذر أسيف للاحتماء داخـــل دكانها، ولم تتردد هي في الاعتراض، فهو الأمن بنسبة لها حاليًا، وشكل عدد أخــر منهم خطًا للدفاع عن المحال قبل أن تتحطم واجهاتها الجديدة تمامًا من قذف الطوب والحجارة.
احتد صوت تهشم الزجاج وفرقعات النوافذ المحطمة مع صوت السباب النابي.
رأت عواطف ذلك الحشد الغفير المتجمع في المنطقة ويسد الطريق على أي شخص للاقتراب.
إشرأبت بعنقها للأعلى محاولة رؤية أي شيء بالتفصيل.
وللأسف لم تتمكن بسبب التحركات العنيفة للجميع.
تسارعت دقات قلبها خوفًا، وهتفت مذعورة:
-أسيف! بنتي!
حاولت اختراق أجسادهم للمرور والوصــول إليها علها تكون متواجدة بينهم أو محاصرة من قبل أحدهم.
لكن بدا الأمر مستحيلًا مع هذا الكم من الأدرينالين الذكوري الثائر.
تعالت الصراخات من النساء، والصيحات من الأطفال وكبار السن. فالجميع يهلل بسبب تأجج الاحتدام الجسدي.
أخذت عواطف تضرب على فخذيها بارتعاد حقيقي مما تراه، وتمنت في نفسها أن تكون ابنة أخيها في منأى عن تلك المشاجرة، لم يعرف أي أحد سبب اندلاعها الحقيقي، لكنها كانت إعلانًا صريحًا بعودة جو المشاحنات العنيفة بين عائلتي حرب وأبو النجا، كذلك وصــــلت الأخبار عنها إلى مسامع دياب، فلم يتردد للحظة في القدوم إلى المحال الجديدة للتواجد بنفسه والمشاركة في ذلك التضارب الشرس.
جمع ما يستطيع من عمال المستودع، وكذلك من محبي العائلة حرب ليزداد وطيس الاقتتال بين جموع الرجال الأشداء.
.........................................
بقيت حبيسة الدكان مرتعدة بداخل جدرانه القاتمة، لم تصدر صوتًا، وانزوت في أحد الأركان مختبئة خلف المكتب القديم تبكي برعب وهي كاتمة لصوتها الذي يأبى البقاء بداخل جوفها، لم تتخيل أن الوضــع سيسوء إلى تلك الدرجة. اعتقدت فقط أن المسألة مجرد "معاكسة" عابرة من شخص فج معتاد على الوقاحة مع الفتبات.
لكنه كان أخطر بكثير مما ظنت.
تذكرت كلمات منذر المحذرة لها قبل عدة أيام عن شخصه الوضيع، هي استهانت بتحذيراته، ورأت الآن بعينيها ما آلت إليه الأمور.
حبست أنفاسها مترقبة اقتحام الدكان بين لحظة وأخرى، فالأصوات صادحة بالخــارج، والدقات على الأبواب عنيفة للغاية، بالإضافة إلى تهشم الزجــاج الذي يصدر دويًا مرعبًا بين الفنية والأخرى فيزيد من رعبها المشحون، تنفست بصعوبة، وظنت أنها ستفقد الوعــي من هول الصدمة، تدريجيًا سمعت ذلك الصوت المألوف المطمئن.
إنه صوت صافرات سيارات الشرطة التي أتت بعد وقت ليس بالقليل لتتدخل جبرًا لفض الاشتباك بالقوة، واصطحاب أفراد النزاع للمخفر.
توقعت أن يدخل رجال الشرطة في أي ثانية إلى دكانها لأخذها، فهي العنصر الأساسي في اندلاع المشاجرة.
لكن على عكس توقعاتها، لم يأتِ أي أحد إليها، بدأت تهدأ تدريجيًا حينما انخفضت حدة الأصوات بالخــارج، شعرت بأن قدماها لا تقويان على حملها، لكنها نهضت لترى الأمر بنفسها، وبحذر شديد، وحرص بائن في خطواتها اتجهت نحو باب الدكان.
فتحته متوقعة الأسوأ ينتظرها بالخارج، أطلت برأسها مختلسة النظرات، وتفاجأت بعدم وجود أي أحد سوى حفنة قليلة من الرجال الذين يجمعون بقايا الأشياء المحطمة، تنفست الصعداء لافظة زفيرًا عميقًا من صدرها، تشجعت أكثر لفتحه، وولجت للخارج.
ابتلعت ريقها المرير وهي تمرر أنظارها على حطام كل شيء، رأت بقايا زجـــاج متناثر بكثافة، و أنصاف زجاجات فارغة متهشمة، ومقاعد خشبية محطمة، وأيضًا قطع من الطوب المُلقي بغزارة على الجانبين، ناهيك عن أجزاء الأحجار الغليظة.
أقبل عليها أحد رجال منذر قائلاً:
-ارجعي يا ست على بيتك!
رفعت أنظارها نحوه محدقة فيه بفزع، كان وجهه مليئًا بالكدمات، والجروح السطحية وبعض الخدوش، بالإضافة إلى خيوط الدماء التي امتزجت مع عرقه الغزير.
أخرجها مجددًا من تأملها له صائحًا بحدة:
-يالا يا ست من هنا!
أومــأت برأسها بالإيجاب، وسارت بحذر فوق قطع الزجاج.
لمحتها عمتها من على بعد فهتفت بتلهف:
-أسيف بنتي!
ركضت الأخيرة نحوها وعلى ثغرها ابتسامة عريضة، فقد تسرب إلى قلبها شعورًا بالأمان لمجرد رؤيتها.
احتضنتها عمتها بقوة ضامة إياها لصدرها وهي تهمس بصوت شبه باكي:
-الحمدلله إنك بخير، خوفت عليكي أوي
ضمتها أسيف هي الأخرى مستقبلة تلك المشاعر الدافئة بتلهف كبير، وردت عليها بتلعثم:
-أنا.. أنا ....
أشــارت لها عمتها بعينيها هاتفة بجدية:
-تعالي نمشي من هنا، ونتكلم في البيت!
هزت رأسها موافقة، وسارت الاثنتان سويًا، حانت من أسيف التفاتة سريعة للخلف لترمق المكان بنظرات أخيرة مبتلعة ريقها مرة أخرى.
فاليوم كان مشحونًا بأقصى درجات العنف والغضب. ومازالت تجهل توابعه ..........................!!!
.............................................



noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 02:47 AM   #303

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

شكرًا على المتابعة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 54 ( الأعضاء 7 والزوار 47) ‏منال سالم, ‏rasha shourub, ‏ام ياسر., ‏بتالبراء, ‏وردة الياسمين الحلوه, ‏ام محمد آمين, ‏Shouq 68


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 03:01 AM   #304

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

منال دائما اشعر معك بالصدق
فكرتيني زمان بحادث مثل هذا
حضرته بنفسي
باحد الاحياء الشعبية حي باب الشعرية
كان لبابا مجموعة محلات هناك
وكنت معاه وكان فيه جزار باول الشارع عينه زايغه حبتين وضايق احدى الفتيات
وبابا بلحظة كان رايح عليه وبقت عاركة هههههههههههههههه ده اسمها بالعامية
وقتها ضرب بابا بالسكينة في ايده لمجرد انه دافع عن البنت او الست حتى ما يضايقهاش
شميت ريحة الاماكن الشعبية في كلماتك
شكرا لك منول على جمال
احرف وابداع وتوغل لدرب الواقعية بتعمق
يارب على طول التوفيق
امووووووووووووووووووووووو ه


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 12:09 PM   #305

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي

يسر قسم وحي الاعضاء دعوتكم للمشاركه باحتفالية استقبال العام الجديد 2018
مشاهد لم تنسوها من روايات قرأتوها هنا
بقيت ببالكم .. تركت ذكرى وعلامة مميزه للروايه
https://www.rewity.com/forum/t399524.html
هنا نتذكر هذه المشاهد








التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 30-12-17 الساعة 07:44 PM
um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 12:40 PM   #306

البسمة العذبة

? العضوٌ??? » 372120
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 73
?  نُقآطِيْ » البسمة العذبة is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رواية جميلة جداً جداً

البسمة العذبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 03:36 PM   #307

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Just Faith مشاهدة المشاركة
منال دائما اشعر معك بالصدق
فكرتيني زمان بحادث مثل هذا
حضرته بنفسي
باحد الاحياء الشعبية حي باب الشعرية
كان لبابا مجموعة محلات هناك
وكنت معاه وكان فيه جزار باول الشارع عينه زايغه حبتين وضايق احدى الفتيات
وبابا بلحظة كان رايح عليه وبقت عاركة هههههههههههههههه ده اسمها بالعامية
وقتها ضرب بابا بالسكينة في ايده لمجرد انه دافع عن البنت او الست حتى ما يضايقهاش
شميت ريحة الاماكن الشعبية في كلماتك
شكرا لك منول على جمال
احرف وابداع وتوغل لدرب الواقعية بتعمق
يارب على طول التوفيق
امووووووووووووووووووووووو ه
حبيبتي ايموووووز ، وحشاني جدااااااااا فوق ما تتخيلي، ربنا يسعد كل أوقاتك يا حبي ♥♥، مش متخيلة تعليقك هنا فرحني أد ايه، من أكتر الأحباب اللي بأعزهم اوييييييي، الله يديم الود والمحبة بينا


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 07:15 PM   #308

Amal Hassan

? العضوٌ??? » 413175
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1
?  نُقآطِيْ » Amal Hassan is on a distinguished road
افتراضي

بدااية رائعة
وكل روايتك جمييبة جدااا


Amal Hassan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-12-17, 10:23 PM   #309

nagah elsayed

? العضوٌ??? » 266456
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 922
?  نُقآطِيْ » nagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond repute
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

nagah elsayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-17, 12:11 AM   #310

eng mony

? العضوٌ??? » 341888
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 52
?  نُقآطِيْ » eng mony is on a distinguished road
افتراضي

شكلها رواية وااااااو

eng mony غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:13 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.