آخر 10 مشاركات
بحر الأسود (1) .. * متميزة ومكتملة * سلسلة سِباع آل تميم تزأر (الكاتـب : Aurora - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وخُلقتِ مِن ضِلعي الأعوجُا=خذني بقايا جروح ارجوك داويني * مميزة * (الكاتـب : قال الزهر آآآه - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          دجى الهوى (61) -ج1 من سلسلة دجى الهوى- للرائعة: Marah samį [مميزة] *كاملة* (الكاتـب : Märäĥ sämį - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-01-18, 08:39 PM   #321

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Elk


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ban jubrail مشاهدة المشاركة
عزيزتي منال سالم كاتبتي الغالية أريد التعقيب على ما كتبته لقد قلت بانتظار الفصول القادمة من رواية الدكان وبانتظار كل ماجديد لك وليس جيد . لانك من كاتباتي البريمو المفضلات ولا تكتبين إلا الراقي والرائع في رواياتك فأرجو المعذرة بسبب هذا الخطأ مع خالص احترامي وتقديري لك
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ban jubrail مشاهدة المشاركة
الى كاتبتي العزيزة منال سالم حبيت أعقب على الفصول الأخيرة من رواية الدكان لكن الأخت العزيزة زهرورة كفت ووفت في الرد على الأحداث المتشابكة والتي تواجه منذر ذياب آسيف بسمة والشريرة نرمين والحارة ومايحصل بها من ظلم وتجاوزات وبلطجة مازن و مجد ووافتراءاتهم على الي حواليهم . على أخذ الحق والكدعنه لمنذر ودياب . بانتظار الأحداث القادمة من الفصول الجديدة من رواية الدكان شكرا عزيزني منال سالم وبانتظار كل جيد لك مع تمنياتي للكاتبة منال ولجميع الأعضاء والكتاب في منتدى روايتي بسنة 2018
سنة سعيدة وكل عام وانتم بالف خير .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرورة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كل عام وانتي والجميع بالف خير وسنة سعيدة للجميع ..فصول رائعة وفيها احداث متيرة اسيف اخيرا عرفت انو منذر محق وانها متهورة لازم تتصرف بعقل مع واحد زي مجد بلطجي شوفيله مصيبه تاخذه ..أما نيرمين حيوانة وحقيرة تتهم بالسحر هي هبلة متعرفش عقوبه اتهام حد بالسحر باطل بقولك ايه جوزيها لمجد الاتنين لايقين لبعض هي فاكرة انها لما تضحك على جليلة حيمشي الكلام ده على منذر ده كاشفها الغبية تستاهل كل الي حيجرالها ..بسمة عجبتني بدأت تلين وترجع لشخصيتها القديمة الحنونة ..عواطف ونعم العمة انتي باحتوائك لبنت اخوكي اليتيمة..الحج مهدي الله يعينك في خلفتك مخلف رجاله ورق مش فالحين الا بالبلطجة ..منذر راجل وسيد الرجاله كمان هو الحل الوحيد لحماية اسيف انها تتجوز منذر لأنه هو الوحيد الي حيقدر يحميها ..دياب شكله معجب ببسمة هم لايقين على بعض ..اسلوبك رائع والرواية جميلة جدا بارك الله فيكي بس لا تطولي علينا عشان متشوقين نعرف الاحداث وايه الي صار فيها ..بارك الله فيكي ودمتي سالمه
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ayaammar مشاهدة المشاركة
رووووووووووووووووووووعه
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Hadooshtash مشاهدة المشاركة
بالتوفيق للكاتبة بانتظار كل جديد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور الشفق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهنئك على براعتك فى تصوىر المشاهد والاحداث وسلاسة الحوار بطرقة واقعىة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Msamo مشاهدة المشاركة
فعلا انت بتصوير المشاهد بطريقة جميلة واحترافية وسلسة
استمتعت بالفصل جدا تسلمي
شكرا ليكم جميعًا على تفاعلكم الطيب مع الأحداث، وتحليلكم للمشاهد..


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 03-01-18, 09:46 PM   #322

Maysan
 
الصورة الرمزية Maysan

? العضوٌ??? » 368562
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 583
?  نُقآطِيْ » Maysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond reputeMaysan has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باقي لي اسبوعين غايبه عن الروايه هنا والاحداث 😫😫 وانا جالسه بصبر نفسي هههههههههه وحشوني الابطال الاسيف والمنذر ووحشني قلمك يامنال 🌹.. ومستمره بالطبطبه على نفسي ههههههههه لحد ماالاحداث تهدأ شويتين 😭😭..

ربنا يسعدك ويحفظك وييسر امورك ويكرمك ويبارك فيك وفي وقتك وفيما وهبك واعطاك ويفتحها بوشك يارب ..


Maysan غير متواجد حالياً  
التوقيع




رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 05:05 PM   #323

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل السادس والأربعون


الفصل السادس والأربعون:

اضطر الضابط المسئول بالمخفر الشرطي الفصل بين مجد وأعوانه، ودياب ورجاله أثناء احتجازهم به حتى لا يتجدد الالتحام اللفظي أو الجسدي بين الطرفين خاصة أنها يعرف العصبية الجامحة في تلك النوعيات من الخصومات الشرسة.

ركض الحاج طـــه مهرولًا للداخل وبصحبته محامي العائلة، ثم بحث بعينيه سريعًا عن ابنه ضمن المتواجدين، لكنه لم يره.
استدار ناحية المحامي هاتفًا بقلق:
-دياب مش باين خالص!

أجابه المحامي بهدوء حذر مشيرًا بيده:
-جايز الظابط حاجزهم، ده طبيعي بعد اللي حصل!

رد عليه طـــه بضجر كبير وهو يضرب بعكازه الأرضية الصلبة:
-قلبي كان حاسس إن ده هايحصل، ابن أبو النجا مش ناوي يجيبها لبر! خارج من السجن وحلفان يولعها!

هز المحامي رأسه بإيماءة خفيفة متابعًا بجدية:
-اطمن يا حاج طــه، أنا هاتصرف، وهاعرف التفاصيل كلها وأبلغك!

أومأ له طــه بعينيه هاتفًا بتلهف:
-بسرعة يا أستاذ لأحسن أعصابي على أخرها، ومعنتش مستحمل

رد عليه بهدوء وهو يوليه ظهره:
-حاضر!

أخـــرج طـــــه هاتفه المحمول من جيب جلبابه الرمادي، وضغط على زر الاتصــال بابنه البكري مرددًا لنفسه بنبرة مكفهرة:
-انت فين يا بني؟

وضع الهاتف على أذنه، فاستمع إلى تلك الرسالة الصوتية المسجلة:
(( الهاتف المطلوب غير متاح حاليًا، برجاء ترك رسالة بعد ..))

أبعده عن أذنه قبل أن يكمل الجملة للنهاية محدثًا نفسه بامتعاض:
-وده وقت الست دي!

زفــــر بصوت مسموع مكملًا:
-استرها يا رب، هو اليوم باين!
.........................

بقي بصحبة رجاله بداخل إحدى غرف الحجز، وعرف سريعًا السبب وراء التشاجر الدامي، فهو قد اشتبك معه أولًا دون أن يتحرى عن الدوافع، المهم ألا يخذل عائلته في أي موقف.

تجهمت تعابيره للغاية بعد كلمات رجاله الموجزة، إنها قريبة عواطف، احتك بها مجد بوضاعة، وأساء لها عن قصد، فتدخل رجال منذر بناءً على تعليماته الصارمة للحول بينهما والدفاع عنها.
صمت ليفكر مليًا فيما قالوه، فأخيه لا يفعل ذلك إلا إذا كان الأمر خطيرًا.
حدق في وجـــه رجاله المحتجزين هاتفًا بحسم وهو يشير بسبابته أمامهم:
-محدش يجيب سيرة حريم في الليلة، احنا مش ناقصين جرجرة ليهم على الأقسام!

رد عليه أحدهم معترضًا:
-بس يا ريس دياب، هي الوحيدة اللي ....

التفت ناحيته هاتفًا بغلظة صارمة:
-ولا كلمة! انتهى!

قطم الرجل عبارته ولم يضف المزيد رغم انزعاجه من قراره الغير حكيم، فشاهدتها مهمة في إثبات حقهم أنهم كانوا في حالة دفاع عنها، وهم المجني عليهم وليس العكس.

وضع ديــاب يديه على رأسه ضاغطًا عليها بقوة، فالأمر الآن في يد أخيه الكبير منذر ليتصرف بحنكة من أجل إخراجهم من هنا.
ألصق ظهره بالحائط ضاربًا بقبضته المتكورة عليه متمتمًا بخفوت ممتعض:
-رجعنا تاني للماضي الاسود!
............................................

أدخلتها إلى الفراش مدثرة جسدها المرتعد بالغطاء، ثم مسحت على وجهها بحنو، ومسدت على رأسها برفق هامسة لها بنبرة أمومية دافئة:
-اطمني يا بنتي، انتي في أمان دلوقتي!

لم تتمكن أسيف من السيطرة على ارتجافتها المتواصلة، فصدى الاشتباك الحامي لازال يتردد في أذنيها مجسدًا لها في مخيلتها مشاهدًا عنيفة.
كذلك تلك النظرات الشيطانية الوضيعة ظلت تطاردها كلما أغمضت جفنيها.
هي مرت بوقت عصيب للغاية لا يمكن وصفه بأي كلمات، ومتيقنة من أنها السبب الرئيسي في اندلاعه.
بكت رغمًا عنها متنهدة بشهقات خفيفة مكتومة.

أشفقت عليها عواطف، وانحنت لتقبلها أعلى جبينها متابعة بضجر:
-قدر ولطف يا بنتي!

ظلت تربت على كتفها برفق محاولة بث الثقة إليها مرة أخــرى.
أزعجها للغاية شحوبها المقلق، فهتفت مهتمة:
-أنا هاعملك شوية شوربة سخنين يرجعولك الدموية اللي راحت من وشك دي!

ثم وضعت أناملها على صدغها لتمسح تلك العبرات التي تبلله. ومع ذلك استمرت في بكائها المنكسر..
...................................

وبخطى سريعة اتجهت عواطف نحو الخــارج متمتمة بكلمات مبهمة. فرأتها بسمة على حالتها الشاردة تلك.
اقتربت منها متسائلة بفضول:
-في ايه يا ماما؟ مالك أخدة في وشك كده ليه؟

ردت عليه عواطف بتنهيدة مطولة:
-اسكتي يا بنتي، مش قادرة أحكيلك على اللي حصلنا واحنا تحت!

عقدت بسمة ما بين حاجبيها مبدية اهتمامها بحديث أمها المثير، وتساءلت قائلة:
-خير؟

أجابتها عواطف بتبرم:
-حصلت حتة مضاربة يا ساتر يا رب عليها، ولا في الأفلام!

انتبهت نيرمين للحوار الدائر بينهما وهي جالسة بغرفتها، إشرأبت بعنقها للأعلى مركزة حواسها كليًا على ما تسمعه.
أثار فضولها بشدة سماعها لكلمات غامضة كـ ( مضاربة، دكان )، لذا نهضت عن الفراش، وسارت بحذر مقتربة من الباب لتتنصت عليهما دون أن تنتبه أي منهما لوجودها المقلق.

زاد انعقاد حاجبي بسمة وهي تردد باستغراب:
-مضاربة! وعشان ايه؟

أجابتها عواطف عفويًا:
-عند الدكان بين دياب، وابن أبو النجا!

هتفت بسمة قائلة بنزق:
-مع مازن؟

هزت عواطف رأسها نافية وهي تجيبها بتوجس:
-لأ، مجد!

تبدلت تعابير وجه ابنتها للضيق وهي تقول:
-أعوذوا بالله! هو البلطجي ده خرج من السجن؟

أومــأت والدتها بالإيجاب قائلة:
-ايوه!

ثم أخفضت نبرتها لتضيف بأسف:
-وبنت خالك كانت موجودة في النص وقت ما حصل ده كله!

بدت بسمة متعجبة للغاية مما قالته أمها، فابتسمت قائلة بمزاح:
-ليه هي الخناقة كانت عشانها؟

كأنها بعبارتها تلك نجحت في استثارة أختها المتجسسة عليهما، فصارت كالحمم الملتهبة وهي تراقبهما عن كثب.

ردت عواطف بجدية:
-مش عارفة والله يا بنتي، هو أنا لحقت أعرف ولا أشوف حاجة، الكل كان ماسك في بعضه، ومحدش عارف ليه!

أضافت بسمة متسائلة باهتمام:
-ها وبعدين؟ انتو اتصرفتوا ازاي؟ ودياب عمل ايه معاه؟

أجابتها بضيق موضحة بيديها:
-ولا حاجة، وقفت أتفرج من بعيد، والستات تصوت، الناس مقدرتش عليهم، كانت والعة على الأخر، ومافيش إلا البوليس اللي عرف يخلصهم من بعض، وخادهم كلهم على القسم!

ارتخت تعابير بسمة إلى حد ما، وهتفت بفتور:
-أها! هيرجعوا يتصالحوا تاني ولا كأن حاجة حصلت! معروفة يا ماما، هي أول مرة!

تهدل كتفي عواطف وهي تقول بتوجس واضح:
-الله أعلم! بس المرادي غير!

ثم أشــارت بكفها نحو المطبخ متابعة:
-أما ألحق أروح أعمل حاجة سخنة للغلبانة اللي جوا، دمها هربان منها على الأخر!

لم تعقب عليها بسمة، بل تحركت في اتجاه المرحــاض غير مكترثة بتفاصيل المشاجرة ولا توابعها الخطيرة.

وقبل أن تلج إليه خرجت إليها أختها متسائلة بعبوس جلي:
-في ايه؟ أمك بتحكي عن ايه؟

نظرت لها بسمة بحدة وهي تجيبها بتأفف:
-اسأليها!

هي مازالت تحمل في صدرها ضيقًا نحوها بسبب صراحتها الزائدة معها.
رمقتها بنظرات أخرى أكثر انزعاجًا قبل أن تتجاهلها كليًا، وتتركها في مكانها لتدخل المرحاض.

تجمدت نظرات نيرمين على نقطة ما بالفراغ، وشردت تفكر بتعمق فيما عرفته.
جمعت خيوط الأمر معًا، ورددت مع نفسها بنبرة غير مريحة:
-لو الموضوع زي ما بأفكر هـ.....

توقفت عن الحديث، فقد لمعت عيناها فجـــأة بشيء مخيف، نعم وصل عقلها إلى استنتاج مريب.
زاد بروز ابتسامتها الخبيثة من بين أسنانها.، وبدت أكثر حماسة عن ذي قبل.
أخذت نفسًا عميقًا لتضبط انفعالاتها مرددة لنفسها بنبرة أقرب لفحيح الأفعى:
-اهدي كده يا نيرمين واحسبيها كويس عشان تظبط معاكي صح!

رفعت حاجباها للأعلى متابعة بجموح شيطاني:
-ولو زي ما أنا مفكرة يبقى هرتاح منها خــــــــــالص!
......................................

وضعت يدها على جرحها تتحسسه، فزاد إحساسها بالكراهية نحوها.
هي تخلت عنها في أشد أوقاتها احتياجًا لها، ولم تتقبل مطلقًا أنها فعلت ذلك من أجل مصلحتها.
ولولا خوفها من العودة إلى منزلها لما وطأت بقدميها منزلها مرة أخرى.
دنت منها شـــادية محاولة تهدئتها بعد أن ثارت ثائرتها، لكنها أبعدت يدها عنها هادرة بعصبية:
-بعتيني يا ماما وقبضتي التمن!

ردت عليها بحذر:
-مش كده يا حبيبتي!

صرخت فيها ولاء بحدة مستنكرة قسوتها:
-هونت عليكي تعملي فيا كده؟!!!

هزت رأسها معترضة وهي تبرر لها:
-لا يا حبيبتي، إنتي أغلى ما عندي، بس .. بس كنت هاعمل ايه مع مجد ابن الـ...... ده، إنتي مشوفتيش كان بيتكلم ازاي! وتهديده ليكي وآ.....

قاطعتها قائلة بصراخ أشد:
-أنا مش مصدقة، مازن قتل فيا أكتر حاجة الواحدة ممكن تحسها، حرمني من ....

وضعت يدها على فم ابنتها لتكتم صوتها الصارخ، وهتفت قائلة وهي ضاغطة على شفتيها:
-شششش.. كل حاجة وليها علاج! أنا سألت الدكتورة في المستشفى و.....

ردت عليها ولاء بنبرة منفعلة:
-انتي بتضحكي عليا ولا عليكي، هو انتي مفكراني جاهلة.

حاولت شادية أن تهون عليها، فأضافت بدون تفكير:
- طب فكري في ابنك يحيى!

وكأنها تعمدت اثارة مشاعرها الغاضبة أكثر. هي تحثها على الاهتمام بابنها، وتتناسى عن عمد أنها حرمت من أبسط حقوقها كأنثى، أن تصبح أمًا مرة أخرى.

ردت عليها بنبرة محبطة وهي تنظر لها شزرًا:
-ابني اللي مرمي في حضن أبوه!

ردت عليها أمها معترضة:
-انتي ناسية الحضانة معايا، يعني نقدر ناخده بالقانون!

زادت نظراتها حنقًا، وهتفت غير مصدقة تلك القسوة الظاهرة عليها، فصاحت بها:
-انتي بتبرري لنفسك يا ماما؟!

جاهدت شــادية لتمتص غضبها، هي مدركة لعدم تقبلها لذلك الاتفاق، لكن من وجهة نظرها لم يكن لديها أي بديل سوى القبول به.

وضعت كفيها على ذراعيها قائلة برجاء خفيف:
-افهميني بس

أزاحت قبضتيها عنها صارخة بعصبية:
-مش عاوزة أفهم، بقي عاوزة تقنيعني إنك عملتي ده لمصلحتي، أنا مش مصدقة، تحطي ايدك في ايد اللي قتل ابني ودبحني!

ردت عليها متبرمة من ضيق تفكيرها المحدود:
-مجد كان هيضيعك لو معملتش كده، ومازن قصاده ولا حاجة، مش هايقدر يقوله حتى لأ، انتي مش عارفاه كويس زيي!

احتدت نظرات ولاء، وهتفت مهددة بلا وعي:
-حقي اللي ضاع منهم هارجعه!

حذرتها والدتها قائلة بجدية:
-متتهوريش، وسبيني أفكرلك، وصدقيني هاتكسبي من اللي حصل!

امتعض وجـــه ولاء للغاية، فحديث أمها ماهو إلا كالملح الذي يوضع على الجرح الملتهب ليزيد من ألمه، فصرخت بجنون:
-كل حاجة عندك بالفلوس وليها تمن، عينيك مابتعرفش تحسب غير هاخد من ده كام، وده هيدفعلي أد ايه!

اختنق صوتها أكثر وهي تضيف:
-وأنا احساسي كأم ضاع للأبد، بس انتي قبضتي تمنه ومش مهم أنا عاملة ازاي ولا حالتي ايه، وابني نفسه بتاجري بيه عشان الفلوس اللي هاتدخل جيبك!

نظرت لها شــادية بجمود، ثم ردت عليها:
-أنا مش هحاسبك على الكلام ده دلوقتي، انتي مضايقة ومش في وعيك! بكرة تعرفي إن غرضي هو مصلحتك انتي وبس

لم تصغِ إلى كلمة واحدة مما قالته، بس بكت محدثة نفسها بقهر وهي تنظر لها بأعين مغلولة:
-حرام عليكي! انتي خليتني زيك مش بأفكر في حاجة إلا بتمنها، لحد ما خسرت كل حاجة، وأولها أنا، وبقيت ولا حاجة .. ايوه، ولا حاجة!
.........................................

تعذر عليه الحصول على شاحن لإعادة شحن هاتفه الذي فقدت بطاريته كامل طاقتها، فأصبح مجرد قطعة معدنية لا فائدة منها.
استغرقه إنهاء الإجراءات القانونية الخاصة بالشحنة الجديدة بالميناء وقتًا أكثر من المتوقع، وعلى مضض كبير تحمل هذا التأخير لينتهي منه تمامًا.
وما إن اطمأن من عدم الحاجة إلى وجوده حتى تحرك مبتعدًا ليعود إلى سيارته، ولكن استوقفه أحد معارفه هاتفًا بترحاب ودود:
-منذر حـــرب!

استدار منذر برأسه ليرى ذلك الذي يناديه باسمه، فتابع الرجل قائلاً بحماس عجيب:
-عاش من شافك يا راجل

دقق النظر في وجه الرجل، وعرفه توًا، إنه أحد رفاقه القدامى منذ دراسته بكلية التجارة.
دنا منه أحمد محتضنًا إياه ومتسائلاً باهتمام:
-ايه يا راجل انت شكلك ناسيني؟

ابتسم مجاملًا وهو يرد بهدوء واثق:
-لأ ازاي، أحمد يسري! هو انت تتنسي!

كركر أحمد ضاحكًا بمرح وهو يتابع:
-حبيبي يا منذر، قولي بقالك كتير مجاتش بورسعيد؟

أجابه الأخير بهدوء:
-لأ بأجي، من وقت للتاني، بس انت عارف مشاغلي

ربت أحمد على كتفه قائلاً:
-الله يكون في العون!

حافظ رفيقه على ابتسامته الواسعة وهو يكمل بألفة:
-بجد فرحان إني قابلتك النهاردة، فكرتني والله بأيام زمان!

رد عليه منذر مبتسمًا ابتسامة باهتة:
-الله يخليك يا أحمد!

أضـــاف أحمد قائلاً بجدية وهو يشير بيده:
-قولي، ناقصك حاجة أخدمك فيها، أنا قديم هنا في الشغل وليا لي وضعي!

رفع منذر حاجبيه للأعلى مبديًا إعجابه وهو يرد:
-طب كويس!

أكد رفيقه على رغبته في تقديم أي عون له هاتفًا بمرح:
-مش هزار والله، تعالى الأول أعزمك على أكلة بوري إنما إيه مش هاتدوق زيها في الجمهورية بحالها

رد عليه منذر مقتضبًا في حديثه:
-يدوم يا رب، بس أنا مستعجل شوية

بالطبع كان عقله مشغولًا بما يمكن أن يكون قد حدث أثناء غيابه.

أصـــر رفيقه القديم على دعوته مرددًا:
-هو أنا لحقت أشوفك، ده احنا عاوزين نرغي شويتين تلاتة ونسترجع الذكريات إياها!

ضغط منذر على شفتيه هاتفًا:
-وقت تاني معلش

تجمدت تعابير وجه أحمد قائلاً بتفهم:
-شكلك مستعجل

رد عليه منذر بنبرة جادة تحمل الإزعاج:
-يعني حاجة زي كده، وبعدين موبايلي فاصل ومش معايا شاحن، و....

قاطعه أحمد قائلاً بحماس مريب:
-دي حاجة بسيطة، أنا معايا واصلة بأشحنها بيها من اللاب بتاعي، هاتوه أشحنهولك شوية!

تحرج منذر منه، فرد معتذرًا:
-مافيش داعي، أنا كده بتعبك معايا

استنكر رفضه لعرضه قائلاً بعبوس:
-تعب ايه بس، دي حاجة بسيطة، مسافة ما نشرب الشاي كده يكون شحن حبة!

ابتسم منذر ممتنًا:
-تسلم يا أحمد، طول عمرك أبو الكرم والذوق
-الله يكرمك يا منذر!

ثم ســـار الاثنان سويًا في الرواق الواسع متجهين نحو أحد المكاتب الإدارية.
رأها منذر فرصة مناسبة لإعادة شحن بطارية هاتفه، فربما لن يتمكن من الحصول على شاحن مناسب في الوقت الحالي.
تابع أحمد حديثه المهتم متسائلاً:
-قولي بس أخبارك ايه؟ اتجوزت وبقى عندك عيال ولا لسه؟

رد عليه منذر بجمود:
-اتجوزت، بس مراتي ماتت!

عاتب رفيقه نفسه قليلًا لتسرعه في ذلك السؤال، فاعتذر قائلاً بندم ملحوظ:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا أسف يا صاحبي، معنديش خبر والله!

رد عليه منذر مقتضبًا:
-ولا يهمك!

تابع قائلاً بنبرة مواسية:
-البقاء لله، ربنا يعوضك خير
-يا رب

تساءل أحمد بحذر:
-كان عندك ولاد منها؟

انزعج منذر من ثرثرته المزعجة، وأجابه بامتعاض:
-لأ! ربنا مأذنش!

تنحنح أحمد بخشونة مرددًا بتفاؤل:
-كله خير من ربنا، إنت لسه في عزك، ولو عاوز عروسة من هنا أجيبلك ألف! أشر انت بس وأنا هاقوم بالواجب كله معاك!

التفت منذر ناحيته ليبتسم مجاملًا وهو يرد:
-أدها يا بوحميد

..........................................

على الجانب الأخر، تمكن مهدي وابنه الأصغر مازن والمحامي التابع للعائلة من الالتقاء بمجد، وبالطبع لم يخفَ عليهم حجم المشكلة العويصة التي وقع بها هو.
بدا مــازن في حالة قلق مستمر، وظهر هذا جليًا على ملامحه. فهو لم يسلم بعد من تبعات مصائبه مع زوجته وأمها ليجد أخيه الأكبر في مصيبة أخطر.
رمقه مجد بنظرات متفرسة مستنكرة ضعفه الغير مبرر، فهو على عكسه غير مكترث بما تؤول إليه الأمور، المهم دومًا ألا يكون لقمة سائغة.
صــاح قائلاً بقوة موجهًا حديثه له:
-افرد ضهرك، مالك محني زي النسوان كده ياله!

رد عليه مازن بتوتر:
-خايف عليك يا مجد!

تقوس فمه للجانب قائلاً بسخرية:
-لأ متخافش، أنا واخد على كده، السجن للرجالة!

ضاقت نظرات والده نحوه، فابنه لا يتوقف عن حشر نفسه في بوتقة الكوارث، وهتف بنزق معنفًا إياه بحدة:
-ارتحت دلوقتي، كان لازم يعني تشبك معاهم، إيش حال مكونتش مفهمك وموعيك عن المصالح اللي بينا!

رد عليه مجد بقسوة شرسة مُطلقًا سباب لاذع:
-عاوزني أسكت لشويه العيال الـ......، أسيبهم يعملوا رجالة عليا، ده أنا طلعت ـ...... أبوهم!

نهره أباه قائلاً بضجر كبير:
-طب اسكت خالص خلينا نفكر هانحلها ازاي!

تحولت نظرات مجد للقتامة، وتابع بعدم مبالاة:
-يا أبا جمد قلبك، احنا أدهم وأدود ..!!!!

مـــال المحامي على رأس مهدي ليهمس له بجدية:
-عاوزك في كلمتين يا حاج!

تحرك معه مبتعدًا عن ابنه البكري حتى لا يفسد الحوار بينهما بحماقاته المتهورة.
هتف متسائلاً بقلق:
-خير يا سي الأستاذ؟

أجابه المحامي بنبرة عقلانية:
-من رأيي انكم تتصالحوا، وضع الأستاذ مجد حرج!

اتسعت حدقتيه بتوتر أكبر، فهو إلى حد ما محقًا في رأيه.
أكمل المحامي حديثه المهم مرددًا:
-من أقوال الشهود واللي عرفته إنه هو اللي بدأ الخناقة، ولو ده إتاخد ضده، وكيل النيابة هيحبسه على طول، وخصوصًا إنه لسه خارج قريب، يعني ممكن يعتبروه مثير للشغب، وآ.....

تسارعت دقات قلب مهدي عقب تلك الجملة المنذرة بالخطر، وهتف محتجًا:
-لأ يتحبس ايه، اتصرف يا أستاذ وامنع ده!

تابع المحامي موضحًا بهدوء رزين:
-أنا مش عاوز أوجع دماغك بوضعه القانوني يا حاج مهدي، بس خلاصة كلامي اتراضوا هنا قبل ما المحضر يوصل للنيابة!

أومــأ الأخير برأسه متفهمًا وهو يرد بنبرة غامضة:
-طيب! أنا هاتصرف!
.......................................

أعاد تشغيل هاتفه بعد برهة حينما تأكد من وجود ما يكفي لعمل البطارية، فتفاجىء بكم الرسائل المتتالية الواردة إليه، والتي تبلغه بورود عشرات الاتصــالات في فترات زمنية متعاقبة.
خفق قلبه بخوف، وجاهد ليبدو وجهه خاليًا من أي تعابير مقلقة.
ودع رفيقه متحججًا بضيق الوقت، ثم أسرع بترك المكتب متفقدًا على عجالة تلك الرسائل المتتالية.
عرف هوية المتصلين، وتيقن أن هناك خطب ما، فكلها تخص رجاله وعائلته.
هاتف أولًا أبيه مترقبًا رده بقلق ظاهر على تعابير وجهه.
رد عليه الأخير قائلاً بتوبيخ شديد:
-انت فين يا منذر من بدري؟

حافظ على ثبات نبرته وهو يتساءل بترقب:
-خير يا حاج في ايه؟

هتف والده بعصبية:
-في مصيبة حصلت، الـكلب النجس مجد وقع مع أخوك دياب، واتضاربوا وكلهم دلوقتي محجوزين في القسم!

اشتدت قسمات وجه منذر تشنجًا عقب عبارته الموجزة والتي أثارت بداخله كمًا هائلًا من الغضب.
تمتم بصعوبة من بين شفتيه محاولاً امتصاص انفعاله:
-بالراحة كده يا حاج عليا، وفاهمني بالتفصيل ايه اللي حصل ...

لم يستطع تبين تفاصيل ما حدث من أبيه، فأغلب حديثه كان مقتضبًا أو غير مشبع لفضوله الذي يقتله.
أصبح تفكيره منصبًا على شخص واحد، هو فقط من يرغب بمعرفة ما الذي فعله، وخاصة إن كان للأمر علاقة بها.
هاتف أحد رجاله ليفهم منه طبيعة الأمر.
صدق حدسه، وتحققت مخاوفه.
لا إراديًا تحولت نظرات عينيه للقتامة والإظلام، وتشنجت تعابير وجهه للغاية حينما سمع من رجله:
-احنا عملنا زي ما أمرتنا يا ريس، وحمينا الست قريبة الحاجة عواطف، صاحبة الدكان!

تمتم عفويًا من بين شفتيه بصوت هامس لكنه يعكس الكثير عن نيرانه المتأججة بداخله:
-أسيف!

لقد حدث ما كان يخشــاه، وتعمد ذلك الدنيء التحرش بها بشراسة، فتحول الأمر مجددًا لمسألة عدائية معه.
هتف منذر بصياح مهدد:
-ابن الـ...... ده مش سايبه!

رد عليه الرجل بجدية:
-اطمن يا ريس منذر، احنا قومنا معاه بالواجب، وسي دياب عَلِم عليه هو كمان و....
وقبل أن يواصل حديثه أجبره منذر على الصمت مرددًا بقوة مقلقة:
-أنا راجع في السكة، سلام!

كز على أسنانه بعنف ليهدر من بين أسنانه وهو يضرب بعصبية على مقود سيارته:
-انت جبت الناهية معايا!

أدار محرك السيارة، وضغطت على دواسة البنزين لينطلق عائدًا غير مكترث بتخطيه لحدود السرعة القانونية المسموح بها على طرق السفر ............................!!!

.................................


noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 06:03 PM   #324

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 السابع والأربعون


الفصل السابع والأربعون:



استغل فرصـــة تواجده بمفرده في أحد الأركان بالمخفر ليتحدث إليه بعيدًا عن أعين المراقبين لهما عله يقنعه بفعل الصالح للجميع.
ولكن على عكس ما توقعه، بدا أكثر هجومًا وهو يردد بعصبية:
-مكانش ده اتفاقنا يا مهدي!

رد عليه بتجهم واضح محاولاً تبرير الموقف:
-العيال مش فارق معاهم، بس احنا غيرهم!

رفع طـــه سبابته في وجهه صائحًا بغلظة:
-متقوليش عيال، ولادي رجـــالة من ضهر راجل! الدور والباقي على ابنك اللي عاوزها نار!

ثم ضاقت نظراته لتصبح أكثر حدة وهو يضيف بشراسة:
-وانت عارف كويس اللي يمسنا بنمحيه من على ضهر الأرض!

كان مصيبًا في قوله، فدومًا أي شجار عنيف تكن عائلة حرب طرفًا فيه ينتهي لصالحهم مهما كانت النتائج والخسائر.

ورغم هذا حاول أن يسيطر عليه، فأردف قائلاً بحذر:
-عارف يا طه، بس عاوزين نلم الموضوع قبل ما يكبر، الأذية عليا وعليك، وابني وابنك في الموضوع، وهايتحبسوا لو ماتصرفناش واتصالحنا!

نظر له شزرًا وهو يعقب:
-انتو اللي جيتو علينا، فاستحمل بقى عمايل ابنك السودة!

وضع مهدي يده على ذراعه ضاغطًا عليه بحرج:
-حقك عليا يا سيدي!

هتف فيه طـــه بحدة غير مكترث لاعتذاره النادم:
-يعني بعد التكاليف اللي دفعناها في التوضيب، ده حتى مايرضيش ربنا إن المحلات ....

قاطعه مهدي قائلاً بجدية:
-خسارتك عليا كلها يا سيدي، وشوف ايه اللي يرضيك وهاعمله، بس نلم الليلة!

نظر له مطولًا، ولم يعطه أي رد صريح.
بقي الأخير على أعصابه مترقبًا قراره النهائي، فوضع ابنه إلى حد ما حرج، ولا يبشر بخير.
حبس أنفاسه، وظل محدقًا به محاولة تخمين ردة فعله.
وحينما طــال صمته قرر الاستعانة بمحاميه عله يفعل ما عجز عنه ويقنعه بتقبل تلك الترضية الاضطراية.
استطرد المحامي حديثه هاتفًا بجدية:
-أنا رأيي يا حاج طه نتراضى أحسن، النيابة ممكن تحبسهم ويتجدد الحبس كمان، وكيل النيابة مش سهل!

فكر طـــه في جملته الأخيرة جيدًا، فربما يكون محقًا.
تابع المحامي حديثه بصيغة مطمئنة:
-لكن لو حلينا الموضوع هنا، فحبايبنا في القسم كتير، وهيخدمونا، وهيظبطوا المحاضر وكل حاجة، وهتخلص من غير قلق!

رد عليه طه بعبوس محاولاً كسب المزيد من الوقت:
-هاخد برأي ولادي الأول!

استشعر مهدي رغبته في القبول بالمصالحة، فهتف محفزًا إياه:
-انت الكبير يا طه! وكلمتك محدش هيكسرها من ولادك، وافق الله يكرمك!

أضــاف المحامي قائلاً بتأكيد على أهمية فض النزاع قبل تطوره:
-فكر في مصلحة الكل!

اتحد الاثنان سويًا من أجل إقناعه، فاضطر على مضض الموافقة عليه، وتمتم بتذمر:
-ماشي، بس مش هايعدي من غير حساب

تنفس مهدي الصعداء لقراره، وهتف بلا تفكير:
-اللي تؤمر بيه، بس فضونا من المحاضر دي، وخلونا نخرج ولادنا من هنا!

بامتعاض كبير ردد طـــه بوجهه المتجهم:
-طيب، شوف المطلوب يا حضرت الأفوكاتو واعمله!

هز المحامي رأسه بالإيجاب قائلاً:
-حاضر
..................................

رمقه بنظرات نارية متوعدة بالانتقام الشرس من عائلته، وإلحاق الأذى بهم وهو يوقع بيده على محضر التصالح بينهما.
قبل مجد فقط بذلك الادعاء الزائف ليتمكن من الخروج من هنا حتى يتسنى له التصرف بحرية.
ظلت أنظار والده مهدي مسلطة عليه، هو يعلم نواياه العنيفة جيدًا، ولن يترك الأمر يمر دون استرداد حقه، فليست تلك المرة الأولى، لذا عليه أن يردعه قبل أن يضعه في موقف متخاذل أخـــر.
لم يختلف حال دياب كثيرًا، فقد كانت عيناه المحتقنتين مركزة فقط على غريمه مازن، هو يقف مختبئًا خلف أخيه، لكن النظرات لم تتفارق، فكلاهما يتشاركان في الأمر نفسه.
ورغم مضي السنوات إلا أنه لم ينسَ كيف سيقت قدماه إلى فخه الأعمى وتزوج بولاء لتصبح بعد ذلك هي زوجته.

هتف مهدي بحماس ليخرج الجميع من حالة الصمت المشحون بالغضب العارم:
-مبروك علينا الصلح، وما محبة إلا بعد عدواة!

وكأنه لم يضف شيئًا بحديثه الماسخ السخيف سوى زيادة جرعة البغض بين كل الأطراف.
رد عليه طـــه بتأفف:
-إياكش اللي غلط يتعلم ويعرف هو واقف قصاد مين

سلط مجد أنظاره النارية عليه ليقول بغموض مهدد:
-وماله، هانعمل حسابنا المرة الجاية إنها تكون الأخيرة! عشان محدش تقومله قومة بعدها!

وقبل أن يفتح دياب فمه ليرد بشيء أحمق قد يقلب الأمور رأسًا على عقب، وضع أباه يده على صدره ليمنعه عن الحديث قسرًا.
امتثل رغمًا عنه لحركة أبيه الصامتة، وضاقت نظراته المشتعلة إليه.
رد طــــه عليه قائلاً باستهزاء متعمد:
-ده إن مكونتش اتسجنت قبلها، أصل اللي زيك يا مجد مخه على أده، وغبائه ممكن يخليه يرجع لنومة البُرش تاني!

انزعج الضابط المسئول مما يحدث بين الطرفين من مشاحنات لفظية منذرة باندلاع اشتباك أخر، فهتف بصرامة:
-جرى يا جماعة، ده احنا لسه بنقول عفا الله عما سلف، خلاص يا حاج طــه، مافيش داعي للكلام ده، وإنت يا مجد نخف الدور شوية، انتو هنا في قسم!

أضـــاف مهدي مدعمًا إياه وهو يشير بيده:
-عندك حق، الكل يتوكل على الله!

زاد ضيق نظرات مجد لتصبح أكثر خطورة عن ذي قبل، وهتف من بين أسنانه بصوت هامس للغاية:
-لسه بينا كتير يا ولاد حرب!

بعد عدة دقائق كان الضابط قد أتم كل شيء ليتم إخلاء سبيل الجميع، ورغم ذلك فالكل متوجس خيفة من هذا الهدوء السلمي الزائف، لأنه بالطبع لن يدوم طويلًا.
...........................................

أبعدت عنها الصينية بعد أن وضعت بها صحن حساءها الفارغ مبتسمة لها بعاطفة واضحة. شعرت بالارتياح لعودتها إلى هدوئها وتوقفها عن البكاء.
لمملت البقايا عن الملاءة، وتساءلت باهتمام أمومي:
-ها يا بنتي بقيتي أحسن؟

حركت رأسها بالإيجاب قائلة بخفوت وهي تجفف فمها بالمنشفة الصغيرة:
-الحمدلله

نهضت عواطف عن الفراش متابعة حديثها بتنهيدة مطولة:
-يستاهل الحمد على كل حال، ربنا ما يعودها تاني، أنا قلبي وقع في رجلي لما لاقيت الدنيا قايدة نار!

لم تعقب عليها أسيف، واكتفت برسم ابتسامة باهتة على محياها. يكفيها ما مرت به لتستعيده في ذاكرتها، فتحاشت قدر الإمكان الحديث عنه.
تفهمت عمتها موقفها، ولم تضغط عليها.
انحنت لتمسك بالصينية، ورددت مبتسمة:
-المهم إنها خلصت على خير!

انتبهت كلتاهما لصوت دقات خافتة على باب الغرفة الموارب، فاتجهت أنظارهما إليه.
أطلت بسمة برأسها قائلة بحرج قليل:
-ممكن أدخل!

تعجبت عواطف من رؤية ابنتها على عتبة الغرفة، لكنها توسمت خيرًا فيها أن تكون قد جاءت للاطمئنان على ابنة خالها، لذا هتفت بتلهف:
-تعالي يا بسمة!

شعرت الأخيرة بالحرج لوجودها رغم أنه أمر طبيعي، فهي غرفتها بالنهاية.
أشارت بيدها موضحة بنبرة مرتبكة نسبيًا:
-كنت عاوزة اجيب حاجة من دولابي

ردت عليها أسيف بابتسامة مهذبة:
-اتفضلي.. دي .. دي أوضتك

أضافت عواطف قائلة وهي ترفع الصينية للأعلى:
-طيب هاودي أنا الصينية دي في المطبخ ورجعالك!

ســـاد صمت متوتر بين الاثنتين، وترددت كلتاهما فيمن ستتولى الاسترسال في الحوار لكسر ذلك الحاجز الوهمي بينهما.

اتجهت بسمة إلى خزانة ملابسها مباشرة متحاشية النظر في وجه أسيف، وعبث بمحتويات الضلفة بعد أن فتحتها.
راقبتها أسيف بهدوء، ولم تحاول جبرها على التحدث.
ظلت تفرك أصابع كفيها بارتباك مترددة فيما ستتفوه به.

كان وضع بسمة مشابه لها، نوعًا ما هي تشعر بالإشفاق على حالها.
أرادت أن تطمئن عليها، لكن خشيت من تجربة ذلك.
حسمت أمرها بالأخيرة هاتفة بتردد وهي توليها ظهرها:
-أنا.. أنا سمعت باللي حصلك من ماما، و.... وكنت ....

ردت عليها أسيف بخفوت هاديء مانعة إياها من الشعور بالحرج:
-أنا بخير!

هزت بسمة رأسها بتفهم وهي تغلق الضلفة قائلة بإيجاز:
-ماشي!

أمسكت بقطعة من ثيابها ظلت تطويها بدون تركيز وهي تسير عائدة نحو باب الغرفة.
وقبل أن تلج للخــارج أوقفها صوت أسيف وهي تهتف باسمها:
-بسمة!

التفتت الأخيرة برأسها نحوها لتنظر لها بجمود مرددة باقتضاب:
-نعم

رسمت أسيف ابتسامة ممتنة على ثغرها، ثم هتفت برقة:
-شكرًا على سؤالك، حقيقي ده فرق معايا أوي!

اضطربت بسمة من جملتها الأخيرة، وتلعثمت وهي ترد:
-أهــا.. اوكي

تجسست عواطف عليهما محاولة استشفاف طبيعة الحديث بينهما.
أخرجت تنهيدة عميقة من صدرها قائلة برجاء وهي ترفع بصرها للأعلى:
-يا رب تحنن قلب بناتي عليها!

ثم أسرعت في خطاها عائدة للمطبخ قبل أن تلمحها ابنتها الصغرى.
...........................................

أوشــك على العودة، ولكن قبل أن يصل إلى وجهته أتاه اتصالًا جادًا من أبيه قلب حاله رأسًا على عقب.
تحولت طباعه للشراسة، ونظراته للاحتقان حينما أبلغه والده بالتصالح بين الطرفين.
ربما هو لم يعلم بطبيعة المشاجرة، لكن أغاظه بشدة ذلك التصرف.
صــــاح بنبرة غاضبة حتى بات صوته الهادر ملفتًا للأنظار:
-ازاي يا حاج؟ انت بتقول ايه؟ إزاي تعملوا كده؟!!!!

رد عليه طه بحذر:
-هافهمك بعدين، تعالى بس على البيت يا منذر

واصل منذر صراخه المتشنج قائلاً بعتاب عنيف:
-ليه عملت كده! انت اديته فرصة يـ.......

قاطعه طه قائلاً بنبرة هادئة:
-مش وقته، احنا مستنينك، وهافهمك كل حاجة لما ترجع الأول! ركز انت بس في السواقة!

لم يستطع الرد عليه، وبما سيجيبه وهو أنهى كل شيء.
هو صدمه للغاية بفعلته تلك مما زاد من لهيب نيران صدره المشتعلة.
المسـألة ليست مجرد مشاجرة عابرة تم بعدها إرضــاء الطرفين والتسوية بينهما، بل هو متأكد أنها لن تدوم مطولًا وستنتهي بما لا يُحمد عقباه.
أنهى المكالمة معه مرددًا ألفاظ نابية لاعنًا بها غريمه الحقير،
لم يتمكن من ضبط انفعالاته الهائجة، فصاح بنبرة عدوانية:
-مش هارحمك يا مجد! مش هارحمك!
..........................................

كان الوضع هادئًا بمنزلهن فيما عدا صوت التلفاز الصادح به.
ورغم نظراتها المحدقة به، إلا أن عقلها كان شاردًا في شيء أخــر.
هي تخطط لأمور خطيرة ترفض حتى البوح بها لنفسها.
أخرجها من تفكيرها المخيف صوت قرع الجرس، فنهضت بتثاقل من مكانها متوجهة نحوه.

أدارت نيرمين المقبض لتفتحه فتفاجأت بحلمها يتجسد فعليًا نصب عينيها.
تهللت أساريرها بعفوية، ورمشت بجفنيها هاتفة بحماس مريب:
-سي منذر، يا أهلا وسهلًا، نورتنا وآ.....

قاطعها متسائلاً بجمود قاسي:
-فين بنت خالك؟

عبس وجهها سريعًا من سؤاله المباغت، وردت بنبرة مصدومة:
-نعم!

هتف فيها متسائلاً بنفاذ صبر وقد بدا كمن يقف على حمم متقدة:
-بأقولك فين أسيف؟

زادت صدمتها الموجعة حينما سمعته يلفظ من بين شفتيه اسمها، فبات كأنه نصل حـــاد يخترق جلدها بقوة.
فعادة هو يستخدم الألقاب العائلية حينما يتحدث مع النساء، واليوم هو يخرق كل القواعد ويردد اسمها هكذا دون اكتراث.
تمتمت غير مصدقة اندفاعه:
-.... أسيف!

سمعت عواطف صوتًا ذكوريًا يأتي من الخارج، فسحبت حجاب رأسها ووضعته حولها، ثم اتجهت للصالة لترى الضيف المتواجد بمنزلهن.
رأته يقف على عتبته بملامح قاسية، فابتلعت ريقها مرددة بابتسامة باهتة:
-اتفضل يا سي منذر

ولج إلى الداخل متلفتًا حوله بنظرات شمولية، ومتسائلاً دون تريث:
-ايه اللي حصل؟ وأسيف فين؟

رفعت كفها للأعلى لتشير نحو غرفة بسمة وهي تجيبه بتوجس:
-جوا في الأوضة، اطمن، احنا بخير!

رد عليها بإصرار صــارم ومريب وقد ضاقت نظراته للغاية:
-عاوز أشوفها، ودلوقتي!

كتمت نيرمين شهقتها المدهوشة بصعوبة بالغة، لكنها لم تمنع يدها من اللطم على صدرها.

ازدردت عواطف ريقها قائلة بتوتر بادٍ على ملامحها كليًا:
-طيب يا ابني، اتفضل في أوضة المسافرين وهـ....

قاطعها مجددًا هاتفًا بنفاذ صبر:
-ناديلها بس بسرعة!

حركت رأسها بعدة إيماءات متتالية وهي تقول:
-على طول، اتفضل

بقيت نيرمين متسمرة في مكانها مصدومة مما حدث، هو قد جاء للسؤال عنها ليؤكد احساسها أنها باتت شاغله الأكبر.
استشاطت غضبًا، وتحول وجهها لكتلة ملتهبة من الدماء الغاضبة.
....................................

جلست على طرف الفراش واضعة يدها على كتفها لتهزها برفق وهي تقول بصوت خفيض:
-أسيف، اصحي يا بنتي، سي منذر عاوز يشوفك

كانت الأخيرة قد غفت من أثر الإرهاق والتعب، فلم تفق بسهولة.
عاودت عواطف تكرار جملتها متعمدة هزها بصورة أكبر لتستعيد هي وعيها:
-بأقولك سي منذر موجود برا، وعاوز يشوفك!

عقدت أسيف ما بين حاجبيها باستغراب، وبدت تائهة نسبيًا وهي تردد:
-يشوفني

حركت عمتها رأسها قائلة:
-ايوه يا بنتي!

أغمضت أسيف جفنيها هاتفة بفتور:
-اعتذريله، أنا تعبانة!

لم تتقبل عواطف رفضها المبرر، فهي تخشى من ردة فعله إن سمع برفضها لمقابلته، لذا توسلتها قائلة برجاء ملحوظ:
-معلش يا بنتي، هو شكله جاي يطمن عليكي!

زفرت أسيف بامتعاض كبير، فتابعت عمتها قائلة علها تقنعها بالنهوض ومقابلته:
-قومي الله يهديكي، وريه وشك وارجعي نامي تاني!

أصرت أسيف على اعتراضها مرددة:
-يا عمتي أنا .....

وضعت عواطف يدها على وجنتها ماسحة إياها برفق وهي تقول برجاء:
-عشان خاطري، الراجل جاي لحد عندك يطمن عليكي، قوميله، هما 5 دقايق وبس!

استسلمت أسيف لإلحاح عمتها المتواصل مرددة بإيجاز:
-طيب

نهضت ببطء عن الفراش، وعاونتها عمتها في إزاحة الغطاء، ثم أسرعت نحو باب الغرفة لتعطيها إحدى العباءات المعلقة بظهره.
تناولتها منها، وارتدتها على عجالة، ثم لفت حجابها حول رأسها.

..................................

لم تكن به أي رغبة للجلوس أو الاسترخاء، أو حتى تلقي واجب الضيافة. فقد جاء إلى هنا من أجل غرض معين يعد الأهم بالنسبة له بعد الإطمئنان عليها، ألا وهو منعها من التواجد بالدكان.

طرقت على الباب أولًا قبل أن تتنحنح بخفوت هامسة:
-السلام عليكم

التفت برأسه نحوها فور سماعه لصوتها.
لم يستطع منع نفسه من النظر إلى وجهها ليتأكد من خلوه من أي خدوش أو جروح.
تحرجت من نظراته المتفرسة بها، لكن سريعًا ما ارتسمت على تعابير وجهها علامات الاندهاش والصدمة حينما رأته يندفع مباشرة في اتجاهها ليضع قبضتيه على ذراعيها متسائلاً بتلهف وهو يضغط عليهما:
-انتي كويسة؟ مجد الـ...... عملك ايه؟ لمسك؟ أذاكي؟

توترت من لمساته الخشنة عليها، وهزت رأسها نافية وهي تجيبه بارتباك:
-... لأ

حركت ذراعيها محاولة انتزاع نفسها من قبضتيه، لكنه كان متشبثًا أكثر بها رافضًا أي رغبة لها من التملص منه.
صــاح بها بصوت منفعل:
-قولي الحقيقية يا أسيف!

وقفت نيرمين على عتبة باب الغرفة تراقبهما بأعين ناريـــة، كادت تفقد السيطرة على نفسها بسبب ما تراه يحدث على مرآى ومسمع منها.
ما جعل نيرانها تآكلها هو ترديده لاسمها مجردًا من أي ألقاب.
شبكت ساعديها معًا، وضغطت على شفتيها بقوة هامسة لنفسها بنبرة مغلولة:
-بردك بيقول اسمها اللي تشك في لسانها!

تابع منذر حديثه المزعوج هاتفًا بعصبية عدائية:
-لو لمس منك شعرة عرفيني، أنا هاخد حقك وهاجيبه ....

استجمعت أسيف كل قوتها لتتحرر منه، ونجحت في هذا.
ثم قاطعته قائلة بهدوء زائف وهي تتراجع للخلف:
-حصل خير، دي.. دي غلطتي من الأول!

فرك منذ وجهه بضيق، ثم نظر مباشرة لها قائلاً بصرامة شديدة وهو يشير بسبابته إليها:
-اسمعيني كويس، نزولك الدكان تاني مش هايكون في مصلحتك الأيام الجاية، مجد مش بيسيب تاره و....

لم تنتبه هي لباقي حديثه، فقد أثار غضبها بتقريره لمصيرها قبل أن يأخذ رأيها ناهيك عن ذكر مســألة الدكان.
تلك الشوكة التي تقف في طريقه.
صاحت معترضة بشراسة وهي تنظر له شزرًا:
-الدكان! بقى الموضوع كده، اطمن يا أستاذ منذر، أنا أقدر أدافع عن نفسي كويس، ودكاني مش هاسيبه، ومحدش هايمنعني أروحه

أغاظه عدم إدراكها لحجم الخطر الموضوعة به، فهدر بتشنج مستنكرًا تفكيرها الضيق:
-شوفي أنا بأقول ايه، وانتي بتفكري في ايه؟!

جمدت هي من تعابير وجهها، وأشارت بكفها نحو الباب قائلة بوقاحة متعمدة إنهاء الحوار معه:
-شكرًا على الزيارة، شرفت!

شهقت نيرمين مدهوشة من طردها له، وحلت تشابك ساعديها هاتفة لنفسها بحنق كبير:
-يا بنت المجنونة! آآآخ لو يسيبوني بس عليها! هادفنها تحت سابع أرض، معلش ليكي يومك معايا، وخلاص قرب!

جاهد منذر ليضبط أعصابه قدر المستطاع معها رغم فظاظتها، فهي لا تزال ساذجة لا تعي أبدًا مخاطر ما زجت بنفسها به.

دنا منها ليقف قبالتها محدجًا إياها بنظرات مخيفة،
توترت من اقترابه المهدد لها، وحافظت على ثباتها الزائف أمامها.
احنى منذر رأسه عليها ليصبح أكثر قربًا، فاستشعرت قوة تهديده الحاسم حينما هتف بصرامة نافذة غير قابلة للنقاش مُطلقًا:
-ماشي يا بنت رياض، افتكري انتي اختارتي تعاندي، بس أنا في الأخر اللي هاقرر ....................................!!!
.........................................





noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 06:11 PM   #325

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الثامن والأربعون

الفصل الثامن والأربعون:

كانت كمن تقف على جمر ملتهب من النيران وهي تراها توبخه بوقــاحة لا متناهية متناسية ما فعله من أجلها، ودت لو اقتربت منها، وطوقت عنقها بكفيها فتطبق على روحها كعقاب على تطاولها عليه.
كورت نيرمين قبضة يدها، وكزت على أسنانها متمتمة بنبرة مغلولة:
-حتة بتاعة زيك لا راحت ولا جت تعمل فيه كده!

طالت النظرات المتحدية بين كليهما حتى قطعهم منذر بانصرافه من أمامها.
تجمدت في مكانها واقفة، لكن تحركت رأسها عفويًا معه لتراه وهو يخرج من الغرفة ووجهه يعكس حالته الغاضبة.

لم تكن لتدع الفرصة تفوتها دون أن تضع بصمتها الخاصة، لذا اقتربت نيرمين منه معترضة طريقه هاتفة باستنكار:
-قولتك يا سي منذر انها ناكرة الجميل، معندهاش عزيز!

نظر لها شزرًا ولم يعقب على جملتها المزعجة. فهو لم يكن بحاجة للحديث مع تلك السمجة.
تفاجأت عواطف بوجوده بالخــارج، فهتفت متسائلة باندهاش:
-ما لسه بدري يا سي منذر، ده أنا علقت على القهوة، وخلاص ....

قاطعها قائلاً بغلظة قاسية وقد برزت حمرة عيناها بوضوح:
-عقلي بنت أخوكي يا ست عواطف!

عقدت ما بين حاجبيها باستغراب مرددة بعدم فهم:
-أعقلها؟ هي عملت ايه؟ دي جاتلك الوكالة تعتذرلك عن حكاية السرقة وانت مكونتش موجود و....

قوس فمه للجانب هاتفًا بتهكم صـــارخ:
-ماهو واضح! اعتذرها وصلني!

التفت برأسه ناحية أسيف ليرمقها بنظرات أخيرة أشد قسوة قبل أن يتحرك في اتجاه باب المنزل.
حاولت عواطف اللحاق به هاتفة بتعجب:
-استنى بس يا سي منذر!

صفق الباب خلفه بقوة لتهتز أركــــان البيت من عنفه.
انطلقت نيرمين في اتجاه أسيف صارخة بهياج في وجهها:
-انتي ايه؟

تراجعت الأخيرة للخلف متحاشية اندفاعها الأهوج، لكنها تفاجأت بها تنهال عليها بهجوم ساخط:
-فعلاً بجحة ومعندكيش دم ولا ذوق، الظاهر أهلك معرفوش يربوكي، ازاي تتكلمي معاه كده؟ هو شغال عندك، الظاهر نسيتي نفسك!!

اصطبغ وجــه أسيف بتلك الحمرة الغاضبة بعد سماعها لإساءتها المهينة لشخصها، وردت عليها بصراخ وهي تهدد بسبابتها:
-مالكيش دعوة بيا، واحفظي لسانك وانتي بتكلميني!

صاحت فيهما عواطف بنبرة عالية:
-في ايه انتو الاتنين؟ ما تفهموني اللي حصل!

استدارت نيرمين ناحية أمها، ولوحت بذراعها في الهواء وهي تجيبها بنبرة محتقنة رامقة ابنة خالها بنظرات احتقارية:
-حتة الزبالة دي طردت سي منذر من هنا!

شهقت أسيف مرددة باستنكار تام وهي تشير لنفسها:
-أنا زبالة!

هزت نيرمين رأسها بإيماءة صريحة وهي ترد بغل:
-ايوه، و......

قاطعتها والدتها صارخة فيها بحدة مانعة إياها من مواصلة الشتائم الغير لائقة:
-بس، ماتفتحيش بؤك!

صمتت نيرمين مجبرة، وكتفت ساعديها أمام صدرها، لكنها لم تتوقف عن هز جسدها كليًا بعصبية.

وجهت عواطف حديثها إلى ابنة أخيها متسائلة بعتاب:
-ليه كده يا بنتي؟

ضغطت أسيف على شفتيها بقوة، ونظرت لها مطولًا دون أن تجيبها.
ملت نيرمين من انتظار أي تبرير منها، وأرخت ساعديها هاتفة بغضب:
-انتي لسه هتسأليها، ده بدل ما ترزعيها جوز أقلام يفوقها! ولا تـ.......

اغتاظت أسيف من أسلوبها الهمجي في التطاول عليها، فصاحت مهددة هي الأخرى:
-والله ما حد عاوز يضرب إلا انتي!

استشاطت نظرات نيرمين، وغليت الدماء في عروقها، ولم تعد قادرة على تمالك أعصابها أكثر من هذا، فتحفزت للانقضاض عليها قائلة بجموح عدواني خطير:
-كمان بتردي عليا، أما عديمة التربية والـ...

رفعت عواطف ذراعها أمام صدر ابنتها لتحول دون وصولها إليها قائلة بامتعاض جلي:
-جرى ايه يا نيرمين، احترمي وقفتي شوية!

ردت عليها الأخيرة بحدة قاسية:
-مش لما تحترم ضيوفنا الأول! حقه يولع فيها ويدفنها مطرح ماهي واقفة!

ثم رمقت أسيف بنظرات دونية مسيئة للغاية، وتمتمت من بين أسنانها بسباب لاذع:
-حاجة......، اتفوو على دي قرابة!

صدمت عواطف من رد ابنتها الفج، ولم يختلف ذهول أسيف عنها..
راقبتها الاثنتان وهي تنصرف من أمامهما في اتجاه غرفتها، فقطعت عواطف تحديقها بها قائلة بعتاب:
-عملتي كده ليه يا أسيف؟ ده أنا مصدقت إن المياه رجعت لمجاريها تاني معاه!

عجزت عن الرد عليها، فهي لا تستطيع تفسير تصرفاتها المندفعة معه، فدومًا تكون متخبطة في قراراتها حينما تكون على المحك، وتتسرع في حكمها دون تريث عندما تجد نفسها في خانة اليك.
أطرقت رأسها حياءً منها، وأسرعت بالركض لتختفي من أمامها دون أن تريحها بأي عبارات.
ضربت عواطف كفًا بالأخر محدثة نفسها بضجر:
-لا حول ولا قوة إلا بالله! مابنلحقش نهدى أبدًا، لازم يجي اللي يقيدها نــــار!
......................................

-هي مخلصتش أصلاً، دي ابتدت يا أبا!
هدر بتلك العبارة مجد بصوته المتحشرج وهو يضرب بقبضته بعنف على سطح المكتب.
نظر له مهدي بحدة قائًلا بتحذير:
-ارحمني من مصايبك يا مجد!

لوى ثغره للجانب متابعًا بغموض مريب:
-هو أنا عملت حاجة لسه! اصبر عليا شوية!

حذره مهدي مجددًا بتوجس أكبر:
-بلاش يا بني!

هز رأسه محتجًا وهو يقول بشراسة مخيفة:
-وعزة جلال الله لهخليها والعة ما تطفى في سنتها!

ثم هب واقفًا من مكانه دافعًا مقعده بعصبية للخلف، فوقف والده هو الأخر قائلاً باعتراض:
-لو عملت كده مش هاعرف ألمها زي كل مرة، كفاية أوي اللي حصل زمان، احنا دفناه وكفينا على الخبر مجور، مش هانعيده تاني، خاف على شبابك اللي ضاع في السجن.

ضاقت نظراته حتى تحولت للإظلام التام، ثم همس من بين أسنانه بنبرة تجفل الأبدان:
-كل ليلة نمتها هناك هادفع تمنها للكلب ده، هايتمنى الموت ومش هايطوله، بس قبلها هاخد منه كل حاجة!

رد عليه أباه بنفاذ صبر:
-انت فعلاً صعب التفاهم معاك!

التفت مجد ناحية والده، وحدجه بنظرات غير مريحة، ثم هتف بقسوة جامحة:
-وأنا مش بتاع تفاهم!

لم يتوقف عقله عن التفكير للحظة في كيفية رد الصـــاع صاعين لعائلة حرب خاصة عدوه منذر، وإذاقته كافة ألوان العذاب قبل أن يقتلع قلبه من موضعه.
.....................................

تحرك بعصبية مفرطة في أرجـــاء الصالة معنفًا باستنكار محتج موافقة والده على التصالح معه.
راقبته والدته بنظرات مزعوجة لكنها لم تتدخل في الحوار، ففي النهاية ما يخص أمور العمل هو شأن ذكور العائلة فقط.

هو لم يكد يفيق من تصرفات تلك الريفية الطائشة حتى يزيد أبيه من الطينة بلة بحديثه عن جدية التنازل.
الجميع ينظر للأمر من منظور محدود الأفق، لا يعرفون أبعاد ترك شخصية عنيفة وبربرية كمجد ليصبح حرًا طليقًا فيفعل ما يحلو له دون ترقب أي حساب.
ضغط منذر على أصابع كفيه بعنف مكورًا يده ليضرب بها الحائط متسائلاً بسخط:
-طب فهمني، بردك اتنازلتوا ليه؟ موقفنا كان أقوى و.....

قاطعه طــه قائلاً بهدوء زرين:
-أنا ببص لقدام يا منذر!

احتدت نظراته هاتفًا بشراسة:
-مع ابن الـ..... ده؟ انت ناسي يا حاج عمل ايه زمان؟ ده بلاويه كلها معروفة للكل!

هز أباه رأسه بإيماءة بسيطة وهو يرد باقتضاب:
-معلش!

صاح الأخير مستنكرًا:
-هاتفدني بايه معلش دي؟ قولي يا حاج طه؟!!!!

رفعت جليلة كف يدها للأعلى قائلة بعبوس وهي تشير به:
-يا ابني اهدى، بالراحة شوية، الحمدلله إنها عدت على خير، والجماعة قالوا هايصلحوا اللي كسروه و....

أشـــار لها طه برأسه هاتفًا بصرامة:
-اسكتي انتي يا جليلة، وقومي شوفي وراكي ايه!

نظرت له بعتاب وهي ترد:
-بقى كده! ماشي يا حاج!

ضربت بيديها على فخذيها، ثم نهضت بتثاقل من على الأريكة، وتحركت بخطى بطيئة تاركة لهما المجال للحديث بحرية.
توارت عن أنظارهما لكنها لم تبتعد تمامًا. حافظت على مسافة جيدة لتتمكن من سماع ما يقولان بوضوح.

أومـــأ طه بعينيه لابنه قائلاً بصلابة آمرة:
-اقعد يا منذر وأنا هافهمك بأفكر في ايه

تجهمت تعابير وجهه للغاية، ورد بنبرة محتقنة:
-خلاص يا حاج، انت عملت اللي عاوزه وقبلت بالترضية، بس متلومش حد بعد كده!

عنفه طه قائلاً:
-الأمور ماتدخش قفش، احنا بناخد وندي مع بعض!

ضاقت أعين منذر للغاية، وظل محدقًا بوجه أبيه بنظرات تحمل اللوم.
هتف فجــأة بلا تردد:
-سلامو عليكم، أنا نازل.

نظر له والده بغرابة مستنكرًا انفعاله الزائد:
-يا بني اسمع الأول!

وضعت جليلة يدها على صدغها هاتفة لنفسها بتوجس مرعب:
-هو العمل إياه اللي عامل في ابني كده ومش مخليه على بعضه!

حل الوجوم على قسماتها وهي تضيف بنفور:
-طلعت البت قادرة وساحرله فعلاً، صدقتي يا نيرمين!

حدقت أمامها في الفراغ قائلة بحسم:
-لازم أشوفله شيخ يفك العمل ده بدل ما ابني يروح مني!
.........................................

جلس خلف مقود سيارته ممسكًا بهاتفه المحمول باحثًا عن رقم ما.
هو فكر، وعقد العزم على فعل ما يراه مناسبًا، حتى وإن كان مزعجًا بالنسبة لها.

وضع منذر الهاتف على أذنه صائحًا بجمود آمر:
-اسمعني كويس!

أتاه صوتًا خشنًا على الطرف الآخر يجيبه بامتثال:
-أؤمر يا ريس منذر!

تابع قائلاً بثبات جـــاد:
-تروح لورشة زقزوق، وتخليه يجيب أبلكاش يحاوط كل المحلات، مش عاوز مخلوق يعرف يعدي!

رد رجله قائلاً بتوضيح:
-بس الدكان اللي في النص هيعاكسنا

رد عليه منذر هاتفًا بصلابة صارمة:
-نفذ اللي قولتلك عليه، وخصوصًا مع الدكان ده! تتقفل الحتة كلها من حواليه، مش عاوز خرم ابرة يفوت منها حد! فاهم
-اعتبره حصل يا ريس

تابع مكملًا بلهجة شديدة:
-على أخر اليوم تكون خلصانة الحكاية دي، مش هارغي فيها تاني!

ثم أنهى معه المكالمة لافظًا زفيرًا مشحونًا من صدره.
آمال عنقه للجانبين ليخفف من حدة ذلك التوتر المسيطر عليه، وفركه بكفه بحركات متكررة مزيلًا ذلك التيبس.
حدث نفسه بتحدٍ مغتر:
-وريني هاتخشي الدكان ازاي يا بنت ريــاض!

التوى رغمًا عنه فمه للجانب ليظهر شبح ابتسامة باهتة عليه.
أدار بعدها محرك السيارة منطلقًا بها في اتجاه الوكالة.
...........................................

جفا النوم جفنيها وهي تتقلب على الفراش محاولة إجبار عقلها التوقف عن التفكير فيه وفي حماقتها الطائشة معه.
أعاد عقلها تذكيرها بما فعلته مرات ومرات ليظهر مدى غبائها في كل مرة.
دفنت رأسها بالوسادة، ونفخت مستاءة من نفسها.
هو جاء بقصد الاطمئنان عليها، ودعمها، ناهيك عن حمايتها من أي أذى قد يلحق بها، وهي اتهمته كعادتها دون تمهل بطمعه في نيل الدكان منها.
همست لنفسها بإحباط:
-تعبت، نفسي أرتاح بقى!

تردد في أذنيها صدى كلماته بأنه صاحب الكلمة الأخيرة في تقرير ما يخصها.
زفرت مجددًا بإنهاك، ورددت متسائلة بحيرة:
-يعني هاتعمل ايه؟ مش هاتقدر تمنعي!
.....................................

في صباح اليوم التالي،،،
وضع يديه على منتصف خصره مراقبًا بإعجاب تام ما أنجزه الرجـــال أمام المحال.
اختفت جميعها خلف تلك الألواح الخشبية الغليظة التي طوقتها بالكامل مانعة أي شخص من النفاذ إليها إلا من باب صغير ضيق يكفي لمرور فرد واحد، ووضع أمامه عدة رجــال ليقوموا بالحراسة بالإضافة للعمال المسئولين عن توضيبهم.
كذلك تم تجهيز محل منهم ليصبح مكانًا لإقامة العمال ليلًا ليضمن تأمين الدكان وما حوله على مدار اليوم.
سأله الحاج زقزوق الواقف إلى جواره بابتسامة واثقة:
-عجبك الشغل يا ريس منذر؟

أجابه بتنهيدة ارتياح:
-مافيش بعد كده!

أضــاف الحاج زقزوق مرددًا:
-انت بس تؤمر، واحنا نعملك اللي انت عاوزه كله!

وضع منذر يده على كتفه ليربت عليه هاتفًا بامتنان:
-تسلم يا حاج زقزوق، والحساب هايكون عندك كمان شوية

هز رأسه بتفهم:
-براحتك، الجيب واحد!
-طول عمرك ذوق!

ودعــــه بعدها مصافحًا إياه بود، ثم التفت برأسه ليحدق في المحال بنظرات متباهية، فها قد أفسد عليها ما سولت لها نفسها بعنادها الأحمق، ونفذ ببراعة داهية ما أقره أمامها..
تمتم من بين شفتيه بتحدٍ:
-وريني هاتعرفي تخشي الدكان ازاي؟!
...............................................

هرولت في خطواتها متهجة نحو غرفته الموجودة بالطابق الأرضي في أقصى الأركان بداخل ذلك المبنى القديم الذي يقع على أطراف المدينة منادية إياه بصوت حـــاد:
-يا أستاذ ناصر، انت فين؟

أغلق خزانة أدوات عدته التي يستخدمها في تدريس مادة الصيانة والترميمات للطلاب الصغار ليتجه نحو الخــارج قائلاً بفتور:
-خير يا أبلة!

وقفت قبالته مرددة بصوت لاهث:
-عندك حصة احتياطي في أولى رابع!

عبس وجهه قائلاً بانزعاج:
-هو مافيش إلا أنا في أم المدرسة الفقر دي!

هزت كتفيها مبررة:
-هانعمل ايه، عندنا عجز، وزي ما انت شايف لما حد بيغيب مش بنلاقي اللي يغطي مكانه!

نفخ بصوت مسموع وهو يضيف:
-إياكش بس يحاسبونا على الاحتياطي ده!

ردت عليه المشرفة بسخط:
-هو احنا بنعرف ناخد حاجة من الحكومة، ده حتى بدل المنطقة النائية بقالهم أد كده مادهولناش

وضع ناصر يده على طرف ذقنه ليفركها بحدة قائلاً:
-ربنا ياخدهم ويريحنا!

مررت المشرفة أنظارها سريعًا على هيئته التي كانت غير مناسبة نوعًا ما، فلفتت انتباهه محذرة:
-ظبط نفسك كده يا أستاذ ناصر

نظر إلى حيث أشارت، وفهم مقصدها، هي كانت محقة في ذلك، فثيابه شبه مزرية.
أكدت عليه متابعة بصرامة قليلة:
-بعد ما تخلص اطلع الحصة، ماتنساش، ماشي؟

أشار لها بيده هاتفًا بتجهم:
-طيب، هاقفل الأوضة وطالع!

انتظرها حتى انصرفت من أمامه، ثم عاود أدراجه للداخل ليهندم من هيئته الغير مرتبة.
كان يشعر بثقل في رأسه بسبب ذلك المشروب المُسكر الذي تناوله بكميات كبيرة بالأمس خلال ليلته العابثة التي ضاعت هباءً.
لم يجد من تلبي رغباته الدنيئة بذلك المبلغ الزهيد الذي كان بحوزته، وبالطبع لم يستطع جر رفيقه حاتم معه ليتحمل هو كافة النفقات، فصرف ما بحوزته بالكامل.
تثاءب بصوت خشن، ثم مسح طرف أنفه بإصبعه.
رفع حزام بنطاله المتهدل للأعلى سائرًا بخطوات متهملة نحو الخـــارج.
هو لم يكن بحاجة لارتداء ثياب ملائمة، فالوضع هنا لا يستحق.
لم يكن رواد تلك المدرسة الابتدائية النائية من الطلاب بالعدد الكثيف كبقية المدارس الحكومية، فأغلب من يأتي إليها من الفقراء أو أبناء العمال والمغتربين من المحافظات المختلفة، بالإضافة إلى طبقات ذات ثقافات متدنية للغاية من عامة الشعب.
لم يلتزم التلاميذ بالزي المدرسي، فأي شيء متاح لهم ارتدائه.

ولج إلى الفصل متأملًا المتواجدين به بنظرات متأففة ومشمئزة منهم، لكن برقت عيناه فجــأة بذلك الوميض الشيطاني حينما وقعت أنظاره على وجهها البريء.
كانت رغم فقرها المدقع مختلفة عنهم، ممن يثيرن رغبته بشراهة، هي تمتلك بشرة بيضاء، وتعقد شعرها الناعم – الذي يميل لونه للدرجة الكستنائية - جديلتين رفيعتين رغم قصره.
تقوس فمه للجانب لتبرز من خلفه أنيابه الموحشة.
هو حدد فريسته التالية، وقرر سريعًا اللهو معها. فهو حينما يعجز عن الحصول على من تشبع رغباته، يلجأ للطريقة القديمة متوخيًا الحذر فيها كي لا يتم كشف أمره.
هو ينتقي ضحاياه ممن يثرن غرائزه فورًا، ولا يكترث لكون ضحيته صبيًا أو فتاة، فالأهم عنده أن تكون صغيرة في السن كي لا تبوح بما يفعله معها عنوة من أفعال مخجلة لا تعيها عقلها.
جمد تعابير وجهه ليصيح في الصغار بغلظة قوية:
-اترزعوا في مكانكوا، جتكم الهم، عيال .......!

امتثل الصغار لأمره، وجلسوا خلف مقاعدهم الخشبية المتهالكة.
أشـــار بذراعه لها قائلاً بصوت جافٍ:
-انتي يا بت، تعالي هنا!

ابتلعت الصغيرة ريقها بخوف، وقفت في مكانها ناظرة له ببراءة وهي تقول:
-ايوه يا أستاذ

رد عليها بصوته المتحشرج بمكر:
-روحي هاتلي من أوضة الصيانة المفك والكماشة

حكت الصغيرة جبينها بعدم فهم متسائلة:
-دول شكلهم ازاي؟

صاح بها متعمدًا إهانتها:
-غبية وزي البهيمة!

ضحك الصغار على سخريته المستهزأة منها، فأدمعت عيناها تأثرًا، وزاد عبوس وجهها الطفولي.

تابع هو قائلاً بخبث:
-تعالي معايا هوريكي شكلهم!

هزت رأسها قائلة بصوت حزين:
-ماشي!

ثم أشـــار لطفل أخر مهددًا بصوته الآجش الآمر:
-انت يا واد تعالى اقف هنا وأي حد يفتح بؤه ويتكلم طلعهولي على الحيطة! هانفخ أمه!

نفذ الصغير أمره مبتسمًا بتفاخر كبير:
-حاضر يا أستاذ

جاهد ناصر ليبقي وجهه متبلدًا خاليًا من أي تعابير وهو يستدرجها معه إلى غرفته.
لم تعرف الصغيرة أي خطر ينتظرها هناك، هي تبعته بخطوات بطيئة راسمة على ثغرها حزنًا كبيرًا من إهانتها
أعاد ناصر فتح الباب، ووقف بالخارج قائلاً بجمود مريب:
-خشي جوا يا بت، هتلاقي الحاجة على التربيذة

أجابته بهدوء:
-ماشي

تلفت حوله بنظرات سريعة شمولية ليتأكد من عدم رؤية أحد له.
وما إن إطمأن من خلو المكان من أغلب الموظفين حتى ولج هو الأخر للداخل موصدًا الباب خلفه.
ســـال لعابه الشهواني المريض وهو يستدير ليواجه ضحيته البريئة التي كانت تنظر له بغرابة.
تجمدت أنظاره على جسدها الضئيل، فاقشعر بدنها منه.
لم يدرك عقلها البريء ذو التفكير السطحي أنها واقعة في فخه الشيطاني، أسيره حصاره المهلك.
سألته بتلعثم متخوفة من أن يصب غضبه عليها:
-هما.. هما فين دول يا أستاذ؟

ارتفعت حرارة جسده سريعًا فبدا في حالة غير طبيعية، كما تجمعت حبات العرق بغزارة على أجزاء متفرقة من وجهه، وسيطر على عقله أمر واحد فقط. فلم يعد يرى سواه.

تهدجت أنفاسه حتى خرج صوته لاهثًا من صدره وهو يجيبها بنبرة خافتة لكنها مخيفة ساحبًا سحاب بنطاله للأسفل:
-هاقولك، بس تعالي جمبي ............................!!!!
..............................................

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 06:29 PM   #326

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 التاسع والأربعون - الجزء الأول

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 06:44 PM   #327

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 التاسع والأربعون - الجزء الثاني


الفصل التاسع والأربعون (الجزء الثاني):

أسندت الصينية التي كانت تحملها على الطاولة بغرفة حفيدها الوحيد، ثم اعتدلت في وقفتها لتنظر لها بتمعن شديد، دار في بالها أمر ما نحوها، فقط تحتاج لتهيئة وترتيب الظروف ليتحقق مرادها.
تداركت شرودها السريع قائلة بترحاب ودود:
-اتفضلي الشاي!
رفعت بسمة وجهها نحوها لتنظر إليها مرددة بامتنان:
-شكرًا، مالوش لازمة واللخ، أنا فطرت والحمدلله
ردت عليها جليلة بود أكبر وهي تشير بيدها:
-هو أنا عملت حاجة، ده بس عشان زورك! ده انتي بتتعبي معاهم!
اكتفت بالابتسام لها، لكن تحركت نظراتها نحو يحيى الجالس إلى جوارها حينما هتف متسائلاً بحماس طفولي:
-مس بسمة كده صح؟

دققت النظر في الورقة التي أجاب عن أسئلتها البسيطة، ثم وضعت يدها على فروة رأسه عابثة بخصلات شعره وهي تقول:
-اه يا يحيى برافو عليك!
رد عليها الصغير بسعادة غامرة:
-ييس!
تابعت بسمة قائلة بلطف وهي تشير إلى نقطة ما بالورقة:
-حل دي كمان!
هز يحيى رأسه موافقًا وهو يقول:
-طيب!
أضافت جليلة بصوتها الجاد وهي تشير إلى طعامه الموضوع على مقربة منه:
-يا ريت تخلص أكلك كمان!
وافقتها بسمة الرأي، فهتفت مؤكدة عليه بضرورة تناول طعامه:
-اسمع الكلام يا يحيى!

تنهدت جليلة هاتفة بامتعاض:
-قوليله يا بنتي، والله مدوخني وراه في الأكل لما شكله بقى عدمان
عبست بسمة بوجهها عبوس زائف، وعاتبته برقة:
-ليه بس كده يا يحيى؟ انت المفروض تاكل عشان تكبر وتبقى قوي!
رد عليها الصغير ببراءة:
-ما أنا بأكل
ابتسمت له، ثم وضعت يدها على طرف ذقنه، وهمست له قائلة بنعومة:
-طيب خلص البسكوتة دي كمان عشان تيتة تتبسط منك
هز رأسه قائلاً:
-ماشي!
تهللت أسارير جليلة لاستجابة حفيدها لأوامر معلمته وانصياعه لها دون مجهود يذكر، وربما سيندمج الاثنان سريعًا إن حدث ما تتمناه في المستقبل .
أفاقت من تفكيرها المتحمس قائلة:
-لو عوزتي حاجة نادي عليا، معلش البت أروى في المدرسة مانفعش تغيب، و.....
قاطعتها بسمة قائلة بهدوء:
-ما أنا عارفة، هابقى اجيبها وقت تاني، أنا قولت أستغل فرصة اني أجازة النهاردة وأجي أعوض ليحيى اللي فاته
شكرتها جليلة قائلة بامتنان:
-فيكي الخير يا بنتي!
ثم أولتها ظهرها وتحركت في اتجاه باب الغرفة.
طرأ ببالها أمر قد تناسته تمامًا، ألا وهو إعطاءها أجرتها نظير مجيئها طــوال الفترة الماضية، لذلك التفتت برأسها متسائلة بجدية:
-صحيح النهاردة الحصة الكام؟
تنحنحت بسمة بحرج وهي تجيبها بخجل قليل:
-احم.. دي الأخيرة في الشهر!
ابتسمت لها جليلة مرددة:
-طيب يا بنتي، اشربي الشاي قبل ما يبرد
-اوكي!
تركتها بعدها جليلة لتواصل تدريسها للصغير، وأغلقت باب الغرفة عليهما.
وقفت للحظة ملتصقة به تحدث نفسها بضجر:
-نسيت خالص أقول دياب يسيبلي فلوس الدرس، كويس انه هنا!
التفتت برأسها أولًا ناحية غرفته، ثم خطت نحوها بخطوات متعجلة..
فتحت باب الغرفة بعد أن دقته مرة واحدة وهي تقول بتلهف:
-دياب، يا دياب!
كان مشغولًا بتعديل هيئته أمام المرآة بعد أن ارتدى ثيابه ليكتمل استعداده للخروج.
نظر نحوها متعجبًا تلهفها الغريب، وسألها مستفهمًا:
-ايوه يامه في ايه؟
ردت عليه بتساؤل غامض:
-بأقولك معاك فلوس فكة؟

عقد ما بين حاجبيه مدهوشًا:
-ليه في حاجة؟
أخفضت نبرة صوتها وهي تجيبه بجدية:
-النهاردة أخر حصة في الشهر لدرس ابنك يحيى، والمفروض أحاسب بسمة وهي برا!
تنبهت حواسه كليًا لعبارتها الأخيرة، وارتفع حاجبه للأعلى مرددًا باهتمام:
-ايه ده هي برا؟
ردت عليه بإلحاح:
-اه، بس عاوزين نديلها الفلوس النهاردة، مايصحش!
جمد تعابير وجهه، وعاود التحديق لنفسه في المرآة قائلاً بفتور متعمد وهو يرتب من ياقته:
-طيب أنا هاطلع أديهوملها بنفسي!
زمت جليلة شفتيها قائلة بتوجس خفيف:
-بلاش لأحسن تتحرج منك، اديهوملي أنا و....
لم ينتبه لباقي حديثها الممل، وهتف هامسًا محاولاً إخفاء ابتسامته:
-هي دي بتكسف!
صاحت به بجدية:
-ها يا بني؟
رد عليها بجمود ثابت:
-ثواني بس يامه، هاكمل لبس وأجيبلك اللي انتي عاوزاه!
ضغطت على شفتيها قائلة على مضض:
-طيب، بس أوام!
استدارت عائدة من حيث أتت، بينما بقي دياب في مكانه يدندن بصافرة خافتة وهو يمشط شعره للخلف.
لمعت عيناه ببريق خفي، لكن لم يستطع إنكار تحمسه الرهيب لرؤيتها.
......................................

بوجــــهها المتصلب، ونظراتها المشتعلة سارت بخطوات متعجلة نحو وكالته حتى وصلت إليها، أخـــذت نفسًا عميقًا حبسته في صدرها لثوانٍ قبل أن تطلقه دفعة واحدة لتضبط انفعالاتها، أرادت أن تكون هادئة معه في جدالها القادم رغم أن الأمر بالنسبة لها شبه مستحيل.
ولجت للداخل متسائلة بصوت شبه متشنج وهي تجوب بأنظارها المكان:
-فين الأستاذ منذر؟
أجابها أحد العمال بهدوء وهو يشير برأسه:
-وراكي!
تفاجأت من رده الغير متوقع، وانفرجت شفتيها مصدومة نوعًا ما..
ابتلعت ريقها، واستدارت بجسدها كليًا للخلف لتواجهه.
أومــأ منذر بعينيه للعامل بالانصراف، فنفذ الأخير أمره الصامت توًا.
سلط أنظاره عليها، وظل محدقًا بها دون أن تطرف عيناه لثانية، بدا واثقًا من نفسه وهو يتأملها بصلابته العجيبة، كان متأكدًا أنها عرجت بالدكان، ومُنعت من الدخول بالرغم من عدم مهاتفة أي أحد له حتى الآن. وصدق تخمينه حينما أخرجته من حالته المغترة صائحة بنرفزة:
-انت ازاي تمنعني أدخل دكاني؟

هز كتفيه قائلاً ببرود:
-عادي! انتي ناسية إني شريك فيه!
صاحت فيه بنبرة مرتفعة وهي تلوح بذراعها:
-ده مش يديك الحق تتصرف كده!
نظر لها من طرف عينه، ثم دس قبضتي في جيبي بنطاله، وتحرك بخطى ثابتة في اتجاه مكتبه قائلاً بغطرسة:
-والله أنا حر في ملكي!
تابعته بأعينها المشتعلة من طريقته، وهدرت فيه بغضب:
-دكاني مش بتاعك لوحدك، أنا نصيبي أكبر منك!
أخرج كفيه من جيبيه رافعًا كليهما أمام وجهها قائلاً بلهجة قوية:
-حلو .. يعني في حاجة متفقين عليها، إننا شركا فيه!
واصلت صياحها العالي هاتفة بإلحاح:
-أنا عاوزة أدخل دكاني

تحرك صوبها حتى وقف قبالتها، ثم أجابها بثقة باردة:
-وأنا مش ممانع، بس بشروطي أنا!
اتسعت مقلتاها بغيظ وهي تردد بعصبية:
-كمان، بتتشرط عليا!
تعمد أن يتمط بذراعيه أمامها ليبرز قوته الجسمانية، ثم أولاها ظهره ليتجه نحو مكتبه معلقًا عليها بجمود:
-طلبتها منك ودي، وإنتي مرضتيش، وعاندتي معايا، فاستحملي بقى!
اغتاظت أكثر من استفزازه لها، فتابعت قائلة بتشنج وهي تهدده بكفها:
-فكرك أنا مش هاعرف أدخل، أنا ممكن أبلغ البوليس وهما هيجروبك تمشي رجالتك، وهافتح الدكان!
جلس على مقعد مكتبه باسترخاء تام، ورمقها بنظرات مطولة ثابتة وهو يجيبها ببرود:
-وماله، هيدخلوكي يوم، نقول اتنين، تلاتة، بس مش على طول يا بنت رياض!

اقتربت من مكتبه، ثم انحنت عليه لتضرب بقبضتيها المتشنجتين بعنف على سطحه وهي تسأله بهياج متعصب:
-إنت عاوز ايه بالظبط؟
اكتفى بالابتسام لها، ثم أومــأ بغموض بعينيه، فاستشاطت غضبًا منه لأنها لا تستطيع سبر أغوار عقله، اعتدلت في وقفتها رافعة رأسها للأعلى ثم ضغطت على شفتيها بقوة مانعة نفسها من التطاول عليه، ظل محافظًا على ثبات نظراته العميقة لها، أخفضت رأسها وهي تدس يدها في حقيبتها، فتابعها باهتمام ملحوظ عليه.
لم يتبين ما تفعله أسيف، لكنها أخرجت منها حفنة مطوية من النقود، وألقتها بعصبية على سطح مكتبه، تحولت نظراته للحدة لكنه لم ينبس بكلمة. راقبها فقط بهدوء مميت للأعصاب
هدرت فيه قائلة بازدراء وهي تشير بيدها:
-لو على اللي دفعته فيه، فخد فلوسك أهي، وهاجيبلك أدهم عشر مرات!
ردت له – متعمدة – نفس عبارته السابقة حينما اتهمته بالسرقة لتزداد بعدها نبضات عروقه التي تدفقت إليها الدماء الفائرة بغزارة.
هو استشعر إهانة بالغة من تعاملها معه، ومن طريقتها في مواجهته. هو ليس بحاجة إلى النقود لتكرر نفس حركته بنفس الحماقة المزعجة، بالإضافة إلى أن شدته معها لسبب مختلف تمامًا عن الذي تعتقده هي.
أضافت قائلة بصوتها المنفعل:
-بس ابعد عني وعن اللي يخصني!
تصلبت عضلات وجهه، وبدا متحفزًا إلى حد كبير وهو يرمقها بنظراته النارية.
هتف بصعوبة من بين شفتيه المطبقتين:
-لمي فلوسك يا بنت رياض! انتي عارفة كويس إني مش ناقص فلوس عشان أبص للكام ملطوش بتوعك دول!
صاحت فيه صارخة بيأس:
-اومال عاوز ايه مني؟ بتمنعني عن حقي ليه؟
صمت مجبرًا أمام صياحها المتواصل، عاجزًا عن إيجاد إجابة مقنعة لها. فكيف يبرر أسبابه وهو نفسه لا يستطيع تفسير ردات فعله الغير عقلانية فيما يخصها.
تجمدت عيناه عليها، وظلت تعابيره خالية من أي إشارات متأثرة رغم ثورته المستعرة بداخله.
ضجرت من صمته المريب، فهتفت بتوسل رقيق:
-رد عليا لو سمحت! بتعمل كده ليه؟
أغمض جفناه لثانية ليسيطر على نفسه أمام نبرتها تلك. ثم فتحهما مكملًا تحديقه الجامد نحوها وهو يهتف بنبرة جافة:
-مش فاضي أرد دلوقتي
أغاظها رده المستفز، فتمتمت بحنق كبير رغم تلعثم كلماتها:
-إنت.. إنت .....
قاطعها قائلاً بصلابة قاسية متعمدًا رد ما فعلته بالأمس معه:
-ممكن تتفضلي من هنا، عندي شغل! شرفتي!
شهقت مذهولة من وقاحته الصريحة، لم تتوقع ذلك منه، هب منذر واقفًا من مكانه، وأشــار لها بإصبعيه اللذين وضعهما على جبينه ليودعها وهو يتابع بجفاء:
-وتسلمي على جيتك، متشكر يا بنت الأصول!

تجهم وجهها كثيرًا، ورمقته بنظرات أكثر اشتعالًا عن ذي قبل، نفخت بعصبية أمامه قبل أن توليه ظهرها وتخرج من وكالته خالية الوفــــاض في مسألة الدكان، لكنها معبأة بمشاعر غضب مشحونة على الأخير، نسيت أن تأخذ ما تركته من أموال على مكتبه، فمد يده ليجمعهم.
رفع النقود نصب عينيه يتأملهم بنظرات غامضة.
قطع تحديقه بهم صوت أبيه متسائلاً باستغراب:
-في ايه يا منذر، قريبة عواطف بتعمل ايه هنا؟
أخفى النقود في درج مكتبه، ثم أجابه بهدوء حذر:
-جاية عشان الدكان!
جلس طه على المقعد الملاصق للمكتب، ونظر له بتفرس وهو يقول:
-أها، قولتلي بقى، شكلك كده .....
تنحنح منذر مقاطعًا بخشونة:
-سيبك يا حاج من الحكايات الهايفة دي وخلينا نركز في الشغل أحسن
رد عليه طــــه بمكر رجل مسن خط الزمن عليه على مدار عقود:
-ماهو ده برضوه شغل، ولا أنا غلطان؟!
تحاشى منذر النظر إلى أبيه، واكتفى بالعبث فيما أمامه من أوراق ليظهر انشغاله بهم رغم أن عقله لم يتوقف عن التفكير فيها للحظة. تلك التي تحرك دومًا شيئًا بداخله، وتجبره على متابعتها في كل الأوقات خاصة إن كانت غائبة عنه.
...............................................
أوشك الوقت المخصص للدرس الخصوصي على الانتهاء، فلملمت ما معها من أدوات تستعين بها ووضعتهم بداخل حقيبتها.
نظرت بسمة إلى قطعة الحلوى المسنودة على الفراش المجاور للطاولة، وتساءلت بتعجب:
-مكملتش بسكوتك ليه؟
التفت الصغير برأسه للخلف، ثم نهض عن مقعده ليقفز في مكانه بمرح.
مالت هي بجسدها ناحية الفراش ممددة ذراعها نحوها لتمسك بها، حدقت فيها باندهاش عجيب من طريقة تناولها التي بدت غريبة عن المألوف.
رددت باستغراب:
-وبعدين في حد ياكلها كده!
هز الصغير يحيى كتفيه نافيًا وهو يقول:
-مش أنا والله!
ردت عليه مستنكرة:
-يعني هي اتاكلت لوحدها يا يحيى!
أجابها ببراءة:
-معرفش، بس أنا مش بأكلها بورقتها يا مس
دققت النظر أكثر فيها هاتفة بغرابة أكبر:
-ورقتها
لفتها على الجانبين لتتفحصها عن كثب، وهمست لنفسها بحيرة:
-شكلها غريب أوي، دي متقرقضة من آ......
قاطع تفكيرها الحائر صوت يحيى هاتفًا بصوتٍ مرتفع وهو يشير إلى فراشه:
-مِس بصي!

وجهت بصرها حيث أشار، فرأت كائنًا رماديًا يمتاز بذيله الطويل، وجلده الرمادي الخشن يسير على حافة الفراش.
هو جرذ صغير الحجم، لكنه كان كفيلًا ليثير هلعها، فصرخت بلا وعي:
-هــــاه! فـ... فاااااااااار!
هبت من مكانها مذعورة، وواصلت صراخها الهيستري:
-ماما، فـــــااااار!
انضم الصغير يحيى إليها، وصرخ هو الأخر ولكن بضحكات مكركرة على طريقتها الخرقاء في القفز والركض نحو الشرفة.
ولج ديــــاب على إثر صوتهما لداخل الغرفة، فتفاجىء بما يفعله الاثنان.
توجه نحو الشرفة متسائلاً بضيق:
-في ايه؟
وضعت بسمة يدها على ذراعه لتقبض عليه وهي تصيح برعب:
-في فار جوا في الأوضة! يع!

أخفض عيناه لينظر إلى كفها القابض على ذراعه، ثم حدق بها مرة أخرى وهو يقول بتجهم:
-ماشي بالراحة مش كده!
ردت عليه بتشنج مرتعد وهي تهتز بجسدها:
-بأقولك فار.. فـــــار!
حدجها بنظرات حادة قائلاً بتهكم ساخر:
-يعني معندكوش في بيتكم، محسساني إنك أول مرة تشوفيه!
أغضبها رده، فنظرت له بازدراء، وردت عليه بسخط:
-والله انت ما عندك دم!
عبس وجهه سريعًا من ردها الفظ، فباغتها بوضع قبضته على يدها الممدودة إليه ممسكًا بها من رسغها، ثم جذبها نحوه ليقربها أكثر إليه.
نظر مباشرة في عينيها بنظرات أخافتها محذرًا إياها بصرامة شديدة اللهجة:
-اتكلمي كويس معايا!

تجمدت الكلمات على طرف لسانها من حركته تلك، وحدقت فيه مشدوهة من نظراته المنذرة بغضب جم ..
وزع الصغير يحيى نظراته بينهما مبتسمًا، لكنه لم ييتفوه بشيء، وتسلل من أمامهما تاركًا الشرفة ليبحث بمرح عن فأره الزائر..
...............................
لمحتهما متقاربان للغاية عبر الشرفة المطلة على الطريق وهي تشرأب بعنقها للأعلى عندما ترجلت من السيارة، جاءت ولاء لزيارة ابنها بعد أن استعادت عافيتها، هي اشتاقت إليه، ورغبت في رؤيته، لكنها لم تبلغ عائلة حرب بزيارتها، ظلت أنظارها مسلطة عليهما لبرهة، اصطبغ وجهها بحمرة مغتاظة نوعًا ما..
لا تعرف سبب ذلك الانقباض المزعج الذي عصف بقلبها، ولكنها كانت غاضبة لرؤيته مع غيرها بتلك الطريقة، هو يلامسها ويحادثها بتلقائية كما كان يفعل معها وهي على ذمته.
ولما تغتاظ وهي قد اختارت طريقها مسبقًا؟ لم ترغب في تفسير الأمر، بالطبع لن يقف دياب كمشاهد لفترة طويلة أو منتظرًا على مقاعد البدلاء حتى تصبح متاحة له مرة أخرى، كان عليها أن تتوقع اقترانه بإحداهن.
ابتلعت ولاء غصة مريرة عالقة بحلقها، واتجهت نحو مدخل البناية مقاومة تلك الرغبة النادمة المسيطرة عليها، فما مرت به مؤخرًا ليس بالهين، وجعلها تعيد حساباتها بالكامل ......................................!!!!
.............................................



noor elhuda likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 07:02 PM   #328

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9




الفصل الخمسون:

حركت رسغها بعصبية محاولة إفلاته من قبضته المحكمة حوله، لكنها أبى أن يحرره، ظل مسلطًا أنظاره القوية عليها دون أن يطرف له جفن.
فاض بها الكيل من فرضه لسيطرته عليها، فصاحت فيه بنبرة مزعوجة من تصرفه:
-سيب ايدي!
رمقها بنظرات أخيرة مغترة قبل أن يرخي أصابعه كليًا عنها. سحبت يدها سريعًا للخلف لتفركها بقبضتها الأخرى، وهمست متمتمة بكلمات مبهمة لكنها كانت تشير لغضبها منه.
لم يستطع دياب تبين ما تقصده، فهتف بسخرية متهكمة:
-والله هاين عليا أسيبك مع كومة فيران بحالها، يمكن يقصوا الحتة الزايدة اللي في لسانك!
اتسعت حدقتاها بحمرة غاضبة، لكنه امتصها على عجالة حينما ظهر شبح ابتسامة على ثغره وهو يتابع بعبث:
-بس متهونيش عليا يا أبلة!
استشعرت الحرج من غزله المتواري، فهتفت بصلابة:
-عن اذنك!
ثم أشـــارت له بيدها ليتحرك للجانب، فسألها مازحًا:
-طب والفــار؟
أجابته ساخرة بابتسامة متسلية وهي تنسل من الشرفة لداخل الغرفة:
-هيروح فين، ما هو قاعد عندكم!
كركر ضاحكًا من دعابتها الخفيفة، ووضع يديه في داخل جيبه ليسير خلفها متبخترًا بنفسه.
....................................
على الجانب الأخر، وفي نفس التوقيت، صُدمت حينما رأتها واقفة أمام عتبة باب منزلها في أبهى صورها، متغنجة بجسدها، ومتباهية بحسنها الكاذب.
رمشت بعينيها عدة مرات لتتأكد أنها لا ترى شبحًا.
هتفت بذهول متلعثم:
-ولاء!
رسمت ابتسامة متكلفة على ثغرها وهي ترد ببرود غير مبالية بأي ردة فعل لاحقة:
-ازيك يا طنط؟
امتعض وجــــه جليلة على الأخير، وهتفت متسائلة من بين شفتيها:
-خير جاية هنا ليه؟
أجابتها ولاء بجمود وهي تنزع نظارتها عن رأسها:
-عاوزة أشوف ابني، فيها حاجة دي!
ضربت هي كفها بالأخر، وأسندتهما على بطنها مرددة بتجهم:
-اه، بس انتي ماتصلتيش تقولي إنك عاوزة تشوفيه!
رفعت ولاء حاجبها للأعلى، وأشارت بيدها الممسكة بنظارتها قائلة بجفاء:
-هو أنا كل ما أحتاج أشوف ابني لازم اتصل، أنا أمه، وده شيء طبيعي يعني!

عبست جليلة أكثر بوجهها وهي ترد بتأفف:
-اهــا! قولتلي، هو احنا هانعيده تاني يا ولاء!
حركت الأخيرة رأسها بإهتزازة خفيفة لتنفض شعرها المنسدل للخلف، واستأنفت حديثها بنبرة باردة:
-لو سمحتي يا طنط ناديلي ابني
زفرت جليلة أمام وجهها بانزعاج كبير، فهي ليست بحاجة للجدال مع تلك المقيتة، خاصة أن الحاج طــــه قد حَـــــرَمَ عليها القدوم إلى هنا، أو حتى أن تطأ قدماها ذلك المنزل مهما كانت الظروف، لذلك اُعتبرت أخــر حدودها هي مدخل البناية، تم ذلك بعد كشف ملعوبها الحقير، وحدوث الانفصــال بينهما عقب ولادة يحيى.
أعطاها ديــاب حقوقها المادية كاملة، وقطع كل الصلات الودية معها، إلا فقط ما يخص ابنه، كان مضطرًا للتواصل معها بشأنه، فبقي الباب مواربًا في تلك الجزئية تحديدًا.
تمتمت بصوت هامس:
-هو أنا ناقصة وجع قلب!

سألتها ولاء ببرود أكبر:
-ها يا طنط هتناديله ولا أناديله أنا؟
نظرت لها جليلة شزرًا، وأشارت لها بكفها قائلة بتبرم:
-طب خشي جوا، مش هاتكلميه على الباب
ابتسمت لها ولاء بتصنع وهي ترد:
-ميرسي!
تنحت جليلة للجانب قائلة بتهكم هامس:
-ميرسي، الله يرحم أبوكي!
تعمدت ولاء التغنج بجسدها أكثر لتستفز جليلة التي كانت تراقبها بأعين ساخطة، واتجهت دون انتظــار ناحية غرفة ابنها حيث يتواجد طليقها الأسبق مع بسمة.
فتحت الباب فجـــأة لتجد الاثنان يضحكان بمرح لا يتلائم مع وجودها الغاضب، سريعًا تلبدت الأجواء، وتلاشت الضحكات ليحل العبوس والتجهم مكانها، ذُهل ديـــاب من وجودها بالمنزل، فقد مضت سنوات منذ أخر زيارة لها هنا.
تسمرت بسمة في مكانها مدهوشة، فلم تتوقع رؤيتها بعد تلك الفترة الطويلة.
استندت ولاء بمرفقها على مقبض الباب لتبدأ في هز جسدها بعصبية وهي تردد بازدراء متعمد:
-واضح إني جيت في وقت مش مناسب!
استعاد دياب السيطرة على الموقف، ورد عليها قائلاً بعصبية ملحوظة:
-جاية هنا ليه؟
انتصبت في وقفتها، وأجابته بنبرة جامدة:
-جاية لابني، وحشني وعاوزة شوفه، اوعى تكون نسيت إني أمه!
ثم سلطت أنظارها على بسمة لتحدجها بنظرات احتقارية وهي تتساءل بنبرة تحمل الإساءة:
-ممكن أعرف بقى مين دي، وبتعمل ايه هنا في أوضة ابني؟
شعرت بسمة بحرج شديد بسبب ذلك الموقف المخزي، ثم مررت عيناها سريعًا على وجه دياب قبل أن تعاود النظر إليها لترد بتلعثم وهي تتنحنح بخفوت:
-احم.. أنا المِس بتاعته!
زادت نظرات ولاء الدونية لها، وهتفت بتهكم ساخر:
-اها، قولتيلي بقى!
استشاط دياب من أسلوبها المهين، فاندفع كالثور الأهوج في اتجاهها ليقبض على ذراعها صائحًا بصوت متصلب:
-اطلعي برا يا ولاء!
تعمدت التدلل في نبرتها وهي تتأوه بميوعة مقززة:
-آآي، بالراحة عليا يا دياب!
ارتفعت حرارة وجـــه بسمة للغاية بسبب طريقة ولاء المستفزة، وشعرت بالنفور الشديد من مجرد البقاء معها في كان واحد.
إحساس عجيب بالحنق – وربما قليل من الغيرة – سيطر عليها لمجرد رؤيتها تتدلل عليه، فابتلعت ريقها بصعوبة، وصاحت بصوت مقتضب يعكس ضجرها الشديد:
-عن اذنكم
ضحكت ولاء قائلة بسخط مهين:
-ايه ده بالسرعة دي! أوام خلصتي الدرس، مع إني شايفة إنه لسه بدري يا مدام ولا..... آنسة لسه؟ أصلي بصراحة مش عارفة إنتي وضعك ايه هنا!
بلغ ديــــاب ذروة انفعاله سريعًا، وفقد السيطرة على أعصابه، فهزها من ذراعها بعنف وهو يصرخ بحدة فيها:
-ما تحترمي نفسك يا ولاء، وتتكلمي بأدب هنا!
نظرت له بعينين مسلبتين، ووضعت يدها على فمها لتقول بحرج مصطنع وبائن:
-أوبسي! هو أنا عكيت الدنيا ولاحاجة!
تحولت مقلتاه لجمرتين من النيران الملتهبة، ولم تهتم هي بشراسة نظراته، فواصلت إهانتها المتعمدة بجرأة جامحة:
-بس الوضع هنا مش مظبوط يا دوبي، يعني شكلي كده جيت في وقت غلط، سوري كملوا اللي كنتوا بتعملوه!
لم يتحمل كلمة واحدة تخرج من فمها، فدفعها بعنف أكبر للخارج صارخًا فيها بهياج أشد:
-برا يا ولاء!

تأوهت حقًا من عنف قبضته، ومن حدة عصبيته، فصرخت متألمة:
-آآآآه، سيبني يا دياب!
جرجرها خلفه غير مكترث بما يرتطم به جسدها أثناء سحبها للصالة، ولا بصراخها الملفت للانتباه، وهدر بها بجموح مخيف:
-بـــــــراااااا، البيت ده متحرم عليكي!
قاومته ولاء قدر استطاعتها، وردت عليه بنبرة مرتفعة ومتشنجة:
-ابني عاوزة اشوفه!
نجحت في تحرير ذراعها من قبضته، وأشاحت به في الهواء بعصبية، ثم وقفت قبالته معلنة عن تحديها السافر له.
رمقها دياب بنظرات قاتمة للغاية، وهتف فيها بانفعال:
-هاتشوفيه برا، لكن هنا لأ
ردت عليه محتجة بصراخ:
-أنا أمه، متقدرش تمنعني عنه، إنت ناسي قانون الحضانة وآ....

قاطعها قائلاً بصوته الهادر:
-انتي اللي ناسية أنا أقدر اعمل ايه، والقانون اللي أمك فرحانة بيه ده مايمشيش علينا، وابني هيفضل معانا!
ثم قبض على ذراعها مجددًا غارزًا أصابعه الغليظة فيه ليسحبها ناحية باب المنزل.
صاحت مقاومة بغضب جم:
-اوعى، سيب دراعي!
تفاجأت جليلة بما يفعله ابنها، فتوسلته قائلة برجاء قليل:
-اهدى يا دياب، بالراحة يا بني، مش كده!
وضع دياب يده على مقبض الباب ليديره، ثم فتحه على مصرعيه هاتفًا بإهانة صارخة:
-الأشكال الوسخة دي ماتخشش هنا تاني، تترمى برا جمب الزبالة!
شخصت أبصــــار ولاء من سبابه اللاذع لها، وانفرجت شفتاها غير مصدقة ما يفعله على مرآى ومسمع من الجميع، استخدم هو كامل قواه الجسمانية في دفـــعها بقوة إلى خــــارج المنزل لتفقد هي اتزانها على عتبته، وترتطم بالأرضية الصلبة.
أدارت رأسها في اتجاهه صائحة بتوعد مهدد:
-هتندم يا دياب
شهقت جليلة مذهولة من تهور ابنها، ولطمت على صدرها غير مصدقة جموحه الثائر.
بينما تجمدت بسمة هي الأخرى في مكانها غير مصدقة ما حدث توًا.
هي رأت جانبًا أخرًا مخيفًا في شخصه، عندما يصل المرء إلى قمه غضبه.
خرج الصغير يحيى من غرفة أروى على صوت والدته المرتفع، وهتف ببراءة:
-مامي!
التفت ديـــاب برأسه نحوه، وصـــاح فيه بغضب هادر:
-يحيى! ارجع لورا
صرخت ولاء قائلة بعد أن نهضت من سقطتها الموجعة:
-ابني، يحيى!
صدم الصغير من رؤية والدته بالخــارج في حالة غير طبيعية، وردد بخوف:
-مامي!
وقبل أن يتقدم خطوة نحوها، صفق ديــــاب الباب بعنف أكبر في وجهها ليغلقه.
سمع صوت صياحها المنفعل يأتي من الخارج وهي تدق بعصبية على الباب:
-ماشي يا دياب، هاتشوف!
رد عليها بسباب وقح:
-يالا يا ...... يا بنت الـ........ من هنا!
شهقت جليلة معنفة إياه بحدة:
-ديــــاب!
انفجر الصغير يحيى باكيًا وهو يقول ببراءة:
-أنا عاوز مامي!
صرخ دياب فيه ليهدد بنبرة عدوانية:
-خش جوا بدل ما أتجن عليك إنت التاني!

استشعرت بسمة خطورة الموقف، فأسرعت بمحاوطة الصغير من كتفيه لتحميه من بطش أبيه في لحظة غضب أعمى، وبالطبع احتضنها يحيى من خصرها ليختبيء خلفها خوفًا من تلك الحالة العنيفة الظاهرة على والده.
همس الصغير بإلحاح معتاد لسنه:
-أنا عاوز مامي ماليش دعوة!
رد عليه دياب بنبرة محتدة:
-بردك هايجيبلي سيرتها!
اغتاظت بسمة من أسلوبه العنيف معه، فكزت على أسنانها قائلة بحدة:
-بالراحة، متزعقش للولد كده!
تدخلت جليلة هي الأخرى في الموقف، وحاولت تهدئة ابنها، فهتفت برجاء:
-اهدى يا دياب، مش كده يا بني!
زفـــــر الأخير بهياج:
-يووووه!

نظرت له بسمة بحنق، ثم مالت على رأس الصغير لتقبله، وهمست له برقة:
-ادخل الأوضة بتاعتك دلوقتي يا حبيبي، بابي مايقصدش
عبس يحيى بوجهه مرددًا بحزن بائن:
-أنا مخاصمه!
وضعت هي يدها على وجهه لتمسح عليه بنعومة، ثم أسندت إصبعيها على طرف ذقنه مبررة بهدوء حذر:
-معلش يا يحيى، هو متعصب شوية!
نفخ ديـــاب مجددًا مستاءً من طريقتها الباردة، فهتف بسخط:
-كمان هتعمل مصلحة اجتماعية وهتعلميني أتكلم مع ابني ازاي!
رفعت بسمة رأسها في اتجاهه، وتمالكت نفسها كي لا تشتبك معه أمام الصغير، وانتظرت انصرافه لترد عليه بعتاب صارم:
-لأ، بس لما تستقوى عليه وتشخط فيه وترعبه بالشكل ده لازم اتدخل وأمنعك!
رمقها بنظرات مستخفة وهو يرد مستهزءً بها:
-مش ناقص إلا انتي!
توهجت نظراتها للغاية، وصاحت فيه بحدة وهي ترفع سبابتها أمام وجهه محذرة:
-ما سمحلكش!
أشــــار لها بعينيه قائلاً بازدراء صريح:
-انتي تمامك الأبلة بتاعته وبس!
فتحت فمها لترد لكن ألجم لسانها جملته الوقحة حينما هتف قائلاً:
-يعني شغالة بالأجرة، فيا ريت تلزمي حدودك!
هو أتى على كرامتها، ولم يعطِ أي أهمية لعزة نفسها وحقر متعمدًا من شأنها.
رفعت أنفها للأعلى في إباء، وردت عليه بكبرياء ثابت:
-انت صح، بس ملعون أبو الفلوس اللي تيجي بالذل!
في تلك اللحظة تحديدًا أدرك أنه تسرع في قوله، وأنها ليست مجرد زلة لسان عابرة، بل إهانة قاسية للغاية، هو حقًا أساء التصرف معها.
هرولت بسمة في اتجاه الباب مانعة نفسها بصعوبة من البكاء أسفة على حالها.
ولجت للخارج صافقة الباب خلفها بعنف لتتجه سريعًا نحو الدرج هابطة عليه وهي تشهق ببكاء مرير فقد اختنق صدرها، ولم تعد تحتمل.
توقفت في الطابق السفلي لتلتقط أنفاسها اللاهثة حتى تمكتن من السيطرة على نوبة البكاء التي عصفت بها، حملت نفسها اللوم لقبولها من البداية بإعطاء درسٍ خصوصي لأبناء عائلة حرب، كان عليها أن ترفض مهما كانت الضغوط، كفكفت عبراتها بكفيها، ثم عاودت النزول على الدرج واضعة نظارتها على وجهها لتخفي خلفها عيناها الباكيتين.
.....................................
عنفت جليلة ابنها على وقاحته الفظة مع بسمة، فهتفت قائلة بحنق موبخة إياه على تصرفاته الطائشة:
-دياب، ايه اللي عملته ده؟
لم يجبها، بل وضع يده على رأسه ضاغطًا بقوة عليها.
واصلت هي عتابها الشديد مرددة بلوم:
-كده تحرجها بالشكل ده قصادي؟ يصح كده برضوه؟
صاح بها بنفاذ صبر:
-يوووه! أنا مش ناقص!
تابعت تعنيفها مرددة:
-بسمة مغلطتش عشان تكلمها بقلة ذوق!
نظر لها بأعين حمراء وهو يرد بتشنج كبير:
-سيبني في حالي دلوقتي!
أكملت تكديرها له بتجهم:
-ابقى قابلني لو عتبت هنا تاني! افرح دلوقتي يا ابن بطني!
كانت محقة في الإشارة إلى ذلك الأمر، فهي حتمًا لن تعود إلى هنا بسببه، ألقى بثقل جسده على الأريكة دافنًا وجهه بين راحتيه بعد أن فركه عدة مرات بغل واحتقان. هو لم يكن في وعيه، وتخطى حدود المعقول بعصبيته المفرطة.
تيقن أنه أخطــأ معها، وتصرف بفجاجة غير مبررة تجاهها، وهي التي كانت تحاول فقط السيطرة على تهوره إن تمادى وفقد أعصابه مع فلذة كبده.
...................................

عادت خائبة الرجـــاء إلى منزل عمتها تجرجر أذيال الخيبة بعد أن فشلت في دخول دكانها، فضلت أن تعتزل الجميع وتبقى حبيسة الغرفة كي لا تحاصر بأسئلة عمتها الفضولية، أرادت أن تفكر بذهن صافي في وسيلة تمكنها من دخــول الدكان دون الاشتباك معه، جلست أسيف على طرف الفراش ملقية حقيبة يدها بإهمال إلى جوارها، ثم تنهدت بتعب.
أرجعت ظهرها للخلف، وأسندت قبضتها على جانب صدغها مستعيدة حوارهما المحتد في وكالته.
أغاظها رده لما فعلته معه دون مغالاة. هزت ساقها بعصبية، وحدثت نفسها بتبرم:
-مش عارفة أعمل ايه معاك؟ انت طلعتلي بس منين؟
انتبهت لصوت الدقات الخافتة على باب الغرفة، فاعتدلت في جلستها، وهتفت بتحشرج خفيف:
-ايوه
فتحت عواطف الباب وأطلت برأسها متسائلة باهتمام:
-انتي جيتي يا بنتي؟

ابتسمت أسيف قائلة بتهذيب يليق بها:
-اه يا عمتي!
عقدت عواطف ما بين حاجبيها متسائلة بعتاب لطيف:
-طب ما عدتيش عليا في المطبخ ليه؟ أنا بالصدفة سمعت صوت الباب جيت أشقر عليكي!
ضغطت أسيف على شفتيها قائلة بهدوء:
-يعني.. محبتش أزعجك!
ولجت عواطف لداخل الغرفة قائلة بتبرم:
-ازعاج ايه بس!
جلست هي على طرف الفراش، ثم مدت يدها ناحية كف ابنة أخيها، واحتضنته في راحتها.
نظرت لها بحنو وهي تقول بنبرة نادمة:
-ده انتي بنت المرحوم الغالي، آه لو الواحد يرجع بالزمن لورا، كان صلح حاجات كتير قبل فوات الآوان!

لمعت عيناها ببريق متأثر هامسة:
-الحمدلله
ضربت عواطف على فخذها برفق متسائلة بجدية:
-ها عملتي ايه في الدكان؟
عبست وجهها نوعًا ما، وزفرت قائلة بإحباط وهي تهز كتفيها نافية:
-ولا حاجة!
زاد فضولها وهي تتساءل بعدم فهم:
-طب ليه، مش إنتي ....
قاطعتها أسيف قائلة بتهكم حانق:
-ماهو سي منذر باشا مانعني من دخول الدكان!
للحظة لم تستوعب هي الأمر، لكن ارتخت تعابيرها عن ابتسامة راضية وهي تبرر فعلته الجادة:
-خير ما عمل!
انزعجت أسيف من ردها، وهتفت محتجة وقد اكفهر وجهها:
-انتي معاه؟

أوضحت لها عواطف مقصدها بهدوء:
-يا بنتي العيشة هنا في الحتة دي بالذات غير البلد عندكم، ومجد الله ياخده وينجينا من شره بني آدم أعوذو بالله! بلاوي الدنيا فيه!
ردت عليها معترضة بصوت به مختنق:
-طب وأنا ذنبي ايه في ده كله؟ أنا عاوزة أبني حياتي وأشوف مستقبلي!
مسحت عواطف على وجنتها بنعومة لتمتص انفعالاتها قبل أن تتطور، ثم همست بود:
-وماله يا بنتي! بس بالعقل
اقتحمت نيرمين الغرفة عليهما بوجهها الساخط محدقة في أسيف بنظرات مشمئزة.
صمتت الاثنتان عن الحديث، فأردفت هي قائلة بعبوسها الدائم:
-أنا نازلة شوية يا ماما!
التفتت عواطف ناحيتها متسائلة بضجر:
-رايحة فين؟
أجابتها نيرمين بامتعاض:
-ورايا كام مشوار عاوزة أخلصه
ثم وجهت أنظارها نحو أسيف لتحدجها بنظرات احتقارية متعمدة قبل أن تضيف بازدراء قاسي:
-سلام
تنهدت عواطف مستاءة من أسلوبها الفج مع ابنة خالها مرددة:
-وعليكم السلام!
تأملت وجـــه ابنة أخيها بحزن قليل، ثم تابعت قائلة بتبرير محاولة التماس العذر لها:
-متزعليش منها، ادعيلها ربنا يهديها!
لم تعقب عليها أسيف، واكتفت بإشاحة وجهها بعيدًا لتحدق في الفراغ بنظرات شــــاردة.
...........................................

التقت بها على الدرج في حالتها المحبطة تلك، فمررت أنظارها بتفحص على تعابير وجهها الملكوم.
سألتها نيرمين باستغراب:
-سحنتك مقلوبة كده ليه؟
صاحت فيها بصوت مختنق:
-ابعدي عني السعادي يا نيرمين، أنا مش طايقة حتى نفسي!
ردت عليها أختها بسخط وهي تلكزها في كتفها:
-الله! الله! انتي هتزعقلي، طب اطلعي حطي بوزك في بوز أم النكد اللي فوق واندبوا حظكوا سوا!
ثم اندفعت هابطة على الدرج لتحقق غرضها الذي سيقلب الأمور – حتمًا - في صالحها.
........................................

كان والده مُصيبًا في رأيه.. هي استحوذت على تفكيره، وتسربت إلى أعماق خلاياه حتى تغلغلت فيها، تشكل على ثغره شبح ابتسامة باهتة لا يعرف مصدرها، لكن مؤكدًا هي ورائها.
أسند جبينه على أصابع كف يده، وقام بحكه ببطء محاولاً إجبار عقله على عدم التفكير فيها، أعجبه أنها – رغم غبائها المزعج – تتحمل ما يمر عليها من ظروف قاسية، تسقط ثم تعاود النهوض من جديد.، لا تستسلم مُطلقًا حتى وإن كانت تعانده في الخطأ.
تمتم مع نفسه بتنهيدة مطولة:
-دايما تعباني يا بنت ريـــاض، ومش عارف أعمل معاكي ايه!
ما أزعجه منها هو تفكيرها الضيق والمحدود. تحكم عليه من ظواهر الأمور ولا تتريث في إتهامه في شيء، تتناسى دومًا أنه يقف إلى جوارها في أصعب أزماتها، ولا يتركها تعاني أو حتى تتعرض للأذى ممن يتجرأ على فعل هذا، استمر في تفكيره المتعمق بها غير مبالٍ للوقت الذي مضى وهو على حالته تلك.
للحظة تجمد في مقعده فبات كالصنم، وتصلبت تعابيره المرتخية كليًا.
شخصت أنظاره، وارتفع حاجباه للأعلى في ذهــــول غير متوقع.
هتف لنفسه بصدمة محاولاً استيعابها:
-لأحسن أكون .. بـ... بأحبك!
........................................

فــــرك عنقه بقبضته الغليظة وهو ينفث من فمـــه دخـــان الأرجيلة الموضوعة إلى جواره، حدق في أوجه المارة الذين يمرقون على الرصيف الملاصق للمقهى بنظرات حادة غير مكترث بهم.
التفت قليلًا برأسه للجانب ناظرًا بطرف عينه وهو يهتف بصوته المتحشرج:
-غير الفحمة ياض!
رد عليه صبي المقهى بهتاف مرتفع:
-حاضر يا معلم مجد! وعندك واحد حجر وصاية للمعلم أبو النجا كبير المنطقة وصلحــــه!
لمحته من على بعد وهي تتحرك بخطى حذرة في اتجاه المقهى، التوى ثغرها بابتسامة خبيثة فقد أوشكت على فعل ما تريد.
جمدت تعابير وجهها كي لا يظهر تلهفها، ثم أسرعت في مشيتها نحوه.
وصلت إليه، فأخفضت يدها المتشبثة بحافظة نقودها، وهتفت بهدوء حذر:
-أستاذ مجد، عاوزاك في كلمتين!

حجب ظلها أشعة الشمس عنه، فاستدار ببطء نحوها.
نفث الدخان بغزارة في وجهها وهو يرمقها بنظرات متفحصة لها.
سألها بصوت ثقيل:
-انتي مين وعاوزة ايه؟
ردت عليه بجمود وهي تضع يدها على منتصف خاصرتها:
-مش معقول ماتكونش عارفني؟
هتف بتهكم:
-محصليش الشرف!
انتصبت في وقفتها قائلة بتفاخر ملحوظ:
-عمومًا أنا بنت الحاجة عواطف خورشيد، أكيد عارفها!
رد عليها بإهانة مسيئة:
-أها، الولية الخرفانة دي!
اغتاظت من سبابه لوالدتها، فهتف ملوحة في وجهه بصوت محتد:
-ما تتكلم عدل عن أمي!

طــــرق بعصبية خرطوم أرجيلته على الطاولة الخشبية الصغيرة صائحًا فيها بغلاظة شرسة:
-جرى ايه يا ولية إنتي التانية، جاية لحد عني وهتلبخي، أنا لساني زفر وهأبح معاكي!
ردت عليه بعصبية قليلة:
-ما إنت اللي غلطت الأول
نفخ بغيظ وهو يلتقط خرطوم الأرجيلة بكفه:
-اللهم طولك يا روح، لخصي في أم يومك ده!
ردت عليه على مضض وهي تضم كفيها معًا:
-ماشي.. منذر حرب!
وكأنها بلفظها لاسمه هذا قد أوقدت نيران غضبه المكتومة بداخله، فتشنجت تعابير وجهه للغاية، واشتعلت عيناه بوميض محتقن.
أعـــاد ضرب الطاولة بخرطوم الإرجيلة بانفعال واضح وهو يردد بسخط لاذع:
-يادي اليوم الـ ....... اللي مش عاوز يعدي، جيبالي سيرة ابن الـ ...... ده ليه!
تأففت من كلماته النابية، وعبست بوجهها قائلة بحذر:
-اسمعني للأخر، احنا مصلحتنا واحدة
نظر لها شزرًا وهو يرد باشمئزاز ساخر منها:
-مصلحتنا، هـــأو يا مصلحة، ومع مين، مع الـ ...... ده!
عنفته على طريقته قائلة بصوت مزعوج:
-أعوذو بالله من لسانك ده! مشرط الله أكبر!
رد عليها مجد بنفاذ صبر:
-قلبتي نافوخي يا ولية انتي، وطيرتي الحجرين اللي بأظبط فيهم من الصبح!
جلست على المقعد الشاغر المجاور له، وهتفت قائلة بخبث:
-خلاص اصبر وهاقولك اللي عاوزاه!
صــاح بها باقتضاب متجهم:
-انجزي!
توهجت حدقتيها بوميض شيطاني وهي تستأنف حديثها قائلة بتريث:
-شوف يا سيدي، دلوقتي إنت مش بتطيق سي منذر صح؟
أغضبه وصفها لغريمه اللدود بلقب الـ "سيد"، فعنفها بقسوة:
-سيدك هو مش أنا يا حُرمة!
ابتلعت إهانته على مضض، وردت بنبرة مكفهرة متحاشية إغضابه:
-ماشي.. ماشي، بس بلاش طولة لسان معايا، أنا هاجيلك في الكلام!
صــاح بها بتأفف:
-اخلصي يالا!
أخفضت نبرتها لتبدأ في شرح خطتها الماكرة قائلة:
-كل الحتة عارفة العداوة اللي بينكم، وفاهمين كويس إن عمركم ما هتبقوا حبايب، ولا هتتصافوا أبدًا، إنت عاوز تضره زي ما هو بيضرك، بس لو عاوز تعلم عليه صح، يبقى تاخد منه البت اللي هو حاطط عينه عليها!!!!
انتبهت حواسه لتلك الكلمة الأخيرة، وتحفزت الدماء بداخله على ذكر الموضوع، ثم ردد من بين شفتيه:
-بت!

ابتسمت هي لنجاحها في الحصول على اهتمامه، وتابعت قولها بهدوء مريب:
-أهــا .. هي بنت خالي، بس تطيق العمى ولا تطيقه، وهو عمال يتمحك فيها، بس هي مش مدياله ريق خالص!
ضاقت نظراته للغاية حتى باتت غير مريحة، ثم التفت نحوها متسائلاً بخبث:
-مين دي؟
التوى ثغرها بابتسامة عابثة وهي تجيبه مشيرة بحاجبيها:
-أسيف رياض خورشيد
نفخ دخان الأرجيلة الذي استنشقه منها دفعة واحدة وهو يردد باهتمام:
-خورشيد! الاسم مش غريب عليا، أنا فاكر إني قريته هنا!
أزالت حيرته سريعًا بترديد:
- يكونش قصدك على الدكان بتاعنا؟
أومــأ برأسه إيجابًا وهو يقول بحماس:
-أيوه، هو الدكان
تنهدت بحرارة أمامه متعمدة استفزاز أحاسيسه المستشاطة من غريمه:
-ماهي شريكة فيه مع حبيبك!
تجهم وجهه وهو يردد بنبرة قاتمة:
-حبيبي!
أوضحت برقة مصطنعة:
-قصدي سي منذر!
حل الوجوم على قسماته بالكامل، وصمت لبرهة يفكر فيما قالته بتمعن شديد.
فرك طرف ذقنه بيده متسائلاً بغموض:
-وانتي هاتستفيدي ايه من الحكاية دي كلها
أجابته بفتور وهي تهز كتفيها:
-ولا حاجة، أنا بأعمل معروف لله!
كركر ضاحكًا بصورة مستفزة وهو يضيف ساخطًا:
-معروف، لأ ضحكتيني يا ولية!

نهضت من على المقعد قائلة بعدم اكتراث:
-عمومًا فكر براحتك في اللي قولته، ولو ملكش الغرض بناقص خالص، كأنك ماشوفتنيش، ولا سمعت حاجة!
ثم تغنجت جسدها متابعة وهي تلوح بذراعها:
-سلامو عليكو يا معلم مجد!
سلط عليها أنظاره المظلمة حتى اختفت من أمامه. وضع فوهة الأرجيلة في فمه ليسحب منها نفسًا عميقًا أجج به حدة حنقه من عدوه.
أرجع رأسه للخلف نافثًا سُحبًا من الدخان من صدره، ثم هتف لنفسه بإصرار مخيف:
-وماله! هاشوف البت دي ......................................!!!
......................................



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 07:32 PM   #329

Msamo
 
الصورة الرمزية Msamo

? العضوٌ??? » 366128
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,823
?  نُقآطِيْ » Msamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond repute
افتراضي

رووووعة ايه الجمال ده اعتقد اللي عملته نرمين هيقرر منذر واسيف مش هيبعدهم
بسمة دياب عك معاها جاامد يا ترى هيتصالحو ازاااااي
تسلمي على الفصول الجميلة


Msamo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 07:45 PM   #330

قمر المنى

? العضوٌ??? » 340417
?  التسِجيلٌ » Mar 2015
? مشَارَ?اتْي » 241
?  نُقآطِيْ » قمر المنى is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قمر المنى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.