آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          آنا (54) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الخامس من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة .. (الكاتـب : Gege86 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          متى تحضني عيونك اذا هذي العيون اوطان ؟ , متميزة"مكتملة" (الكاتـب : توآقهَ ♥ لِــ ♥ لُقّياكـْ - )           »          رواية حبيبتي (3) .. سلسلة حكايا القلوب * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          فرصة أخيرة -ج 2حكايا القلوب-بقلم:سُلافه الشرقاوي[زائرة]كاملة &الروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          أمير ليلى -ج1 من سلسلة حكايا القلوب- للمبدعة: سُلافه الشرقاوي *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          22 - مغرور .... جانيت ديلى (الكاتـب : فرح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-01-18, 10:05 AM   #361

yara9

? العضوٌ??? » 413670
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 17
?  نُقآطِيْ » yara9 is on a distinguished road
افتراضي


باقي الحلقات هتنزل امتي
متشوقه كتيييييييير


yara9 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-01-18, 02:31 AM   #362

علا بهجت

? العضوٌ??? » 414815
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 18
?  نُقآطِيْ » علا بهجت is on a distinguished road
افتراضي

مش قادره اوصفلك قدايه كتابتك واسلوبك فوق فوق الراءع احشسنتى ❤❤❤❤❤💙💙💙🌷

علا بهجت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-18, 05:35 PM   #363

hgpkdk

? العضوٌ??? » 405586
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » hgpkdk is on a distinguished road
افتراضي

شكلها هتولع والتصرفات دى متلقش غير بالصعايده

hgpkdk غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-18, 01:32 PM   #364

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 السادس والخمسون


الفصل السادس والخمسون:

وصــــل إلى منزله في حالة حزن شديدة، لا يعرف ما الذي أصابه ليبدو مكتئبًا بصورة مبالغة، لكن لأنها لمست قلبه وبعمق، استشعر بإحساس صـــادق خطورة فقدانها للأبد.
كان متجهمًا، عابسًا، وجهه محتقن، ونظراته مشوشة.
حدقت فيه والدته باندهاش مرتاب، وقبل أن تفتح فمها لتسأله عما حدث كان هو قد اتجه إلى غرفته مباشرة صافقًا الباب خلفه بعنف.
توجس قلبها خيفة أن يكون قد حدث مكروه ما فأصبح على تلك الحالة البائسة.
أسرعت خلفه هامسة بقلق:
-استرها يا رب، احنا مش حمل زعل ولا هم!

دقت الباب بخفة مستأذن بالدخول، لكن لم يأتيها صوته، فدفعتها غريزتها الأمومية للتحرك فورًا.
فتحت الباب بحذر، وأطلت برأسها محاولة رؤيته.
فوجدته متكومًا على نفسه ينتحب بأنين موجوع، وفي حالة انهيار.
لطمت على صدرها بهلع وهي تسأله بخوف:
-ايه اللي حصل يا دياب؟

لم يخفِ شهقاته أو حتى بكائه المرير عنها، بل ظل على وضعيته المحطمة أمامها مخرجًا ما يقتل صدره.
كان كمن انفطر قلبه على شيء غالٍ.
هي رأته من قبل على تلك الحالة، حينما اكتشف خداع زوجته له، فثارت ثائرت وأصبح قاب قوسين أو أدنى من ارتكاب الفظائع المهلكة.
ابتلعت ريقها بتوجس كبير، ثم أسرعت بغلق الباب وأوصدته عليهما.
ركضت جليلة مهرولة لتجلس على الفراش إلى جواره، ثم أمسكت به من كتفيه، ولفت ذراعيها حوله رافعة رأسه إلى صدرها.
ضمته إليها بحنو كبير محاولة التهوين عليه.
مسحت على جبينه برفق، و ربتت على كتفيه قائلة بصوت شبه مختنق:
-فيك ايه يا حبيبي؟ مين عامل فيك كده؟

أجابها بغموض من بين نحيبه:
-خايف تموت!

هوى قلبها في قدميها وهي تسأله بترقب شديد:
-مين دي؟

همس بأنين متوجع:
-بسمة!

انفرجت شفتاها في عدم تصديق، ابنها يتحدث عنها، لم يكابر في إخفاء سره، بل بــاح به وكأنه يزيح ذلك الثقل المهلك عن صدره.
ردت عليه بتلعثم:
-إنت.. إنت

تابع قائلاً ببكاء وهو يرفع عيناه في وجهها ليحدق بها:
-أنا بأحبها يامه، أيوه بأحبها ومكونتش عارف بده!

احتضنت رأسه، وانحنت بفمها على جبينه لتقبله قائلة بصوت خفيض لتدعمه:
-قلبي كان حاسس يا ضنايا!

بكى بأنين مرتفع مخرجًا من صدره شهقات ملتاعة.
حاولت احتواء انهياره، وهتفت بحماس:
-أنا حاسة بيك يا حبيبي، وقولت لنفسي جايز هي تسعدك، بس مرضتش أفرضها عليك، قولت أسيبك تختار اللي تعجبك، كفاية اللي حصلك قبل كده!

رد عليها بصوته المنتحب:
-ماستحملتش أشوفها كده، خايف.. خايف أخسرها و... وتـ...

قاطعته قائلة بغلظة قليلة:
-تف من بؤك يا دياب، إن شاء الله هاتقوم بالسلامة!

أخـــــرج تنهيدة حارة موجوعة من صدره وهو يقول بألم:
-آآآه يامه!

مسحت على ظهره برفق وهي تواسيه، ثم تابعت قائلة بهدوء:
-يا حبيبي استهدى بالله كده، وقوم اغسل وشك! مالوش لازمة اللي بتعمله ده، هو انت هاتقدر البلا قبل وقوعه!

دفن ديــــاب وجهه بين راحتي يده، وأجهش ببكاء أشد.
تأسفت على حاله الموجوع، فصاحت بجدية:
-طب بص أنا هاروح أطمن عليها و....

قاطعها قائلاً بإحباط:
-مالهاش لازمة جيتك يامه، هي مش حاسة بحد أصلاً!

ردت عليه باستنكار:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، محدش يقدر يمنع القدر!

تنفس بعمق محاولاً استعادة انضباط نفسه.
تابعت أمه مقترحة بحماس علها تهون عليه كربه:
-طيب أقولك على حاجة تبسطك، هي لما تقوم بالسلامة، ونطمن عليها أنا هاخطبهالك طالما عاوزها، ها ايه رأيك؟

لم يجبها بل ظل صامتًا، استشعرت من سكونه موافقته على اقتراحها، فواصلت مؤكدة:
-انت بس اهدى، وإن شاء الله خير!

عبست كذلك بوجهها لتعاتبه مرددة:
-طب ابنك لو شافك بالشكل ده يقول ايه، هاه؟!

حاول أن يبتسم لكنه فشل، وكيف يضحك وهي في عالم أخــر لا تشعر به أو بغيره.
انتبه كلاهما لصوت الدقات الصغيرة على الباب مع محاولة لتحريك المقبض، وأعقبها صوت يحيى صائحًا بإلحاح:
-تيتة! بابا! انتو جوا؟

ردت مبتسمة وهي تشير بعينيها:
-أهوو جه على السيرة!

اعتدل ديـــاب في نومته، وكفكف عبراته التي غزت وجهه بالكامل بيديه.
هتفت جليلة بصرامة خافتة مشيرة بسبابتها:
-امسح دموعك يا بني، وربنا قلبي ما مستحمل يشوفك إنت ولا أخوك كده!

هـــز رأسه بالإيجاب، وأزاح كليًا ما علق في أهدابه من عبرات باقية.
نهضت جليلة من على الفراش بتثاقل، وخطت نحو باب الغرفة ثم فتحته مرددة بابتسامة باهتة:
-ايوه يا حبيب قلب تيتة!

أجابها يحيى بتلهف:
-أنا جعان!

ثم حدق في وجه أبيه المحتقن، فتساءل بغرابة:
-هو بابا ماله؟

أجابته جدته باقتضاب:
-مافيش!

تابع الصغير قائلاً وهو يشير بيده:
-بس عينيه و مراخيله (مناخيره) ....

قاطعه ديـــاب قائلاً بصوت شبه منتحب متعمدًا العبوس بوجهه:
-دي حساسية!

اقترب الصغير من أبيه ليتفرس في تعابيره بتفحص وعن كثب، ثم سأله بتعجب:
-هو انت كنت بتعيط زينا؟ شكلك غريب!

عبث دياب بخصلات شعر ابنه هاتفًا بتوبيخ خفيف:
-بس يا رخم! شايفني زومبي قصادك!

جذبت جليلة حفيدها من ذراعه قائلة بحنو:
-تعالى يا يحيى وسيب أبوك هو تعبان وعاوز يرتاح شوية!

نظر ديــــاب لأمه ممتنًا لتفهمها وضعه، بينما التفت الصغير برأسه ناحيتها، وهتف بانصياع:
-ماشي، بس لما يصحى خليه يلعب معايا!

ابتسمت قائلة بإيجاز:
-ربنا يسهل!

تابعهما ديـــاب بأنظاره حتى خرجا من الغرفة، فتمدد بجسده على الفراش ليفكر فيها باشتياق أكبر.
......................................

مضى ما يزيد عن يومين منذ وجودها بغرفة العناية الفائقة بالمشفى الخاص الذي انتقلت إليه عقب حادث السير المروع الذي تعرضت له، ولا جديد يذكر بشــأن حالتها الصحية.
هي مازلت على وضعيتها الساكنة، تعاني من غيبوبة مؤقتة.

تسابق الجيران والأحبة في القدوم للقيام بواجبهم المعتاد في مثل تلك الظروف الحرجة. واستقبلتهم عواطف بامتنان كبير في الاستقبال الملحق بالطابق الأرضي لتعذر رؤية المريضة بغرفتها.
تفهم الجميع الوضــع وتمنوا الشفاء العاجل لها. وأحضروا معهم ما استطاعوا تقديمه كالحلوى، والشيكولاته، والفواكه، والمعلبات.
رأت فيهم الجود والكرم، وشكرتهم لدعمهم لها في ذلك الظرف الطارئ.
واظبت أسيف على المناوبة مع عمتها كل برهة لتفقد أحــوالها بمطالعتها عبر النافذة الزجاجية.
ظلت محدقة بها بأعين دامعة غير مدركة لمن اعتاد على مراقبتها خلسة حينما يتبادل دوره مع أخيه.
تنهدت بإرهـــاق، وشعرت بوهن شديد يعتريها.
هي لم تنتبه لصحتها مؤخرًا، وخاصة على مدار اليومين الفائتين، فانعكس أثار ذلك الإهمال عليها.
شعرت بدوار خفيف يصيبها، فمالت برأسها للجانب مستندة بها على النافذة.
أغمضت جفنيها للحظات لتستعيد سكون رأسها.
سمعت صوته العذب يخترق أذنيها متسائلاً بتلهف:
-انتي كويسة؟!

فتحت عينيها سريعًا، واعتدلت في وقفتها لتجده واقفًا إلى جوارها، وممددًا لذراعيه نحوها.
ابتلعت ريقها، وهمست قائلة بحرج وهي تلملم نفسها:
-ايوه، أنا بخير!

اعترض عليها هاتفًا بجدية:
-بس شكلك ....

تنحنحت مرددة بخفوت شبه صــارم:
-ده من زعلي على بنت عمتي!

أضــاف قائلاً بهدوء:
-الدكتور طمنا، طول ما الحالة مستقرة يعني بيعتبرها حاجة كويسة!

هزت رأسها بتفهم قليل:
-الحمدلله على كل حال!

ابتسم قائلاً بصرامة جادة:
-المفروض تهتمي بنفسك أكتر!

ردت بعبوس خفيف وهي تشير بيدها:
-بأحاول، بس أكيد شايف الوضع

مازحها قائلاً بتسلية متعمدة:
-الظاهر إنك حابة تقعي من طولك وأنا أشيلك زي تملي، جايز ده بيجيب نتيجة معاكي!

توردت وجنتيها من جملته الأخيرة، وشعرت بتلك السخونة المنبعثة من وجهها لمجرد تذكرها تلك المواقف المحرجة.
ابتسم لخجلها، ودس يديه في جيبي بنطاله متأملًا وجهها المشتعل بالحمرة باستمتاع تطيب له النفوس.
..............................
لمحته من على بعد وهو يحادثها، فاحتدت نظراتها وقست تعابير وجهها.
لماذا هي دونًا عن غيرها يلتصق بها وكأن مغناطيسًا بها؟
كزت نيرمين على أسنانها بغيظ، ثم اندفعت بغضب نحوهما.

رسمت على ثغرها ابتسامة سخيفة وهي تهتف عاليًا:
-سي منذر!

التفت الاثنان برأسهما نحوها، وبالطبع امتعض وجهه لمجرد رؤية تلك السمجة تقتحم عليه المكان.
جمد نظراته نحوها متسائلاً باقتضاب:
-خير؟ في حاجة حصلت؟

تعمدت نيرمين النظر باحتقار إلى أسيف، ثم ردت قائلة بغموض متعمدة إغاظتها:
-كنت عاوزاك في كلمتين كده لوحدنا!

رد عليها بجمود قاسي وقد ضاقت نظراته:
-ماتقولي اللي انتي عاوزاه هنا، مافيش حد غريب، دي بنت خالك!

عضت على شفتها السفلى متعمدة إظهار رغبتها في عدم الحديث في وجود أسيف:
-لأ.. بس ....
ثم غمزت بطرف عينها نحوها لتشير لها.
تفهمت الأخيرة مقصدها دون الحاجة للنطق بهذا، فقد كان واضحًا للعيان، لذلك هتفت بحرج مزعوج:
-خدوا راحتكم، أنا راجعة عند عمتي!

زفـــــر منذر بضجر كبير من تصرفها السخيف، وسألها بنفاذ صبر:
-عاوزة ايه؟

تغنجت بجسدها قليلًا وهي تجيبه بدلال رقيق:
-أنا كنت عاوزة أتشكرلك على اللي بتعمله معانا، يعني مفضي نفسك وسايب شغلك عشانا!

ثم دنت منه بطريقة مريبة، وحدقت فيه بنظرات ذات مغزى وهي تقول بتنهيدة غريبة:
-أنا ..... ساعات بأحس إنك إنت قريب مني و ....

استشعر طريقتها الغير مريحة في التودد إليه وفرض نفسها عليه، فتراجع خطوة للخلف صائحًا بصلابة:
-ما أنا قولتلك للمرة المليون إن احنا أخوات، فأظن ده عادي في الظروف دي!

رمقها بنظرات أكثر قسوة قبل أن يضيف بجمود:
-اه، ويا ريت بقى تروحي تشوفي أمك ولا تقعدي جمب أختك العيانة، هي تحس بيكي أكتر.. عن اذنك!

انفرج فمها بصدمة أخــرى من ردة فعله الغليظة معها.
أولاها ظهره وتحرك من أمامها هامسًا بتبرم ضائق:
-أعوذوا بالله! هو في كده!

تسمرت في مكانها للحظات تحترق من صرامته الحادة معها، هو لا يعطيها أي فرصة لتقترب أكثر منه ويشعر بها، دومًا يصدها ويثبط عزيمتها، ويحبط كل محاولاتها معه، حتى تعاطفه مع مصابهم يبدو جامدًا مثله.
وما زاد هذا إلا من حنقها تجاه أسيف، فتوعدتها بشراسة:
-لو هباب البرك ماتصرفش وخلصني منك، هاتعامل أنا بطريقتي معاكي، بس لازم أزيحك من قصادي، إنتي اللي مانعاه عني!
....................................

رأهـــا وهي تلج للمشفى فتوسم خيرًا أن تفعل ما طلبه منها في الصيدلية قبل ذلك الحادث المؤسف، لذا بحرص شديد، وحذر بالغ أشـــار لها بعينيه، ففهمت هي مقصده، وابتسمت له برقة لتؤكد يقينه.
هي جاءت إلى هنا اليوم لتقوم بواجبها نحو المريضة، ومن ثم تحذير أسيف من خطورة اقتراب ذلك الدنيء منها.

تحركت فاطمة بخطوات ثابتة في اتجاه عواطف لتؤازرها أولًا، فجلست معها لبعض الوقت تبث في روحها المتعبة التفاؤل والأمل. ونجحت في فعل هذا، واستبشرت الأخيرة خيرًا بوجودها.
بقي منذر على مسافة جيدة ليتابع ما يدور باهتمام دون أن يثير الريبة حوله.
حضرت أسيف ومعها علبة من العصير ترتشفها بتأنٍ.
جلست غير منتبهة
فنهضت فاطمة من مكانها لتذهب إليها.
وما إن رأتها هي حتى صافحتها بود، وقبلتها من وجنتيها مرحبة بها.
جلست الاثنتان في إحدى الزوايا بعيدًا عن أعين الجميع إلا نظراته هو، فقد كان حريصًا على مراقبتهما مراقبة حثيثة.

ربتت فاطمة على فخذ أسيف قائلة بنبرة مواسية:
-قلبي عندك يا أسيف!

ابتسمت لها الأخيرة مجاملة:
-شكرًا على زيارتك وتعبك!

أضافت فاطمة بصوتها الهادئ:
-والله لو بإيدي أعمل حاجة مش هتأخر، إن شاء الله تطمنوا عليها وتقوم بالسلامة!
-يا رب أمين

صمتت للحظة لتستجمع أفكارها قبل أن تشرع في الحديث الأخر الذي حضرت من أجله.
وبتريث مدروس استطردت قائلة:
-أنا كنت محتاجة أتكلم معاكي في حاجة مهمة!

قطبت أسيف جبينها متسائلة باهتمام:
-خير

ضغطت فاطمة على شفتيها متابعة بحرج:
-أنا عارفة إن المكان والظرف مش مناسب، بس.. بس الكلام ده مينفعش يتأجل!

توترت إلى حد ما عقب جملتها الغامضة تلك، وهتفت باضطراب:
-انتي قلقتيني، في ايه؟

انحنت برأسها عليها لتهمس لها بخفوت:
-مجد أبو النجا، فكراه؟ اللي حذرتك منه!

امتعض وجـــه أسيف لتذكرها ذلك الرجل الوقح الذي تعامل معها بفظاظة وجرأة.
صرفت عن ذهنها صورته المزعجة وهي ترد على مضض:
-ايوه، ماله؟

أجابته بتمهل متعمد:
-أنا عرفت انه ضايقك تاني!

تنهدت أسيف بعمق قبل أن تجيبها:
-الحمدلله، عدت على خير!

وضعت فاطمة قبضة يدها على كفها لتشد عليه قليلًا وهي تضيف محذرة:
-بصي الراجل ده بشع جدًا، مافيش بلوى قذرة إلا وعملها، صعب تتخيلي أد ايه هو حيوان ولا حتى عمل ايه في البنات اللي عايشين في المنطقة، ده غير طبعًا إنه رد سجون وسوابق وبيشرب و...

اشمئزت لمجرد سماعها مساوئه المقيتة، فهمست مقاطعة بنفور:
-طب انتي بتقوليلي ده كله ليه؟ أنا مش فاهمة!

أجابتها بتلعثم ملحوظ:
-بصي.. أنا.. أنا سمعت كده إنه ... انه عاوز يخطبك!

ارتفع حاجباها للأعلى بصدمة كبيرة، وهتفت مذهولة:
-نعم!

خشيت فاطمة أن ينتبه من حولهما لحديثهما المقلق، فغمزت لها لتهدئ من انفعالاتها.
استجابت أسيف لرجائها الصامت، لكنها لم تستطع إخفاء تأففها مما سمعته.
فكيف لحقير مثله أن يفكر في الارتباط بها لمجرد رؤيتها صدفة لمرة أو اثنين؟ بالطبع هناك شيء مريب بالأمر، ناهيك عما اقترفه من جرائم وأفعال مشينة تخجل هي من مجرد تخيلها مع نفسها.
تابع فاطمة موضحة بتوجس:
-أنا معرفش تفاصيل، بس وصلي رتوش كلام بتقول كده، وهايحاول يلاقي سكة معاكي!

ردت عليها بحدة جادة:
-اطمني، أنا مش من النوع ده!

تابعت فاطمة مؤكدة خطورة الوضع:
-ماهو عشان انتي محترمة وبنت ناس هايخشلك من ناحية الارتباط والخطوبة!

احتجت قائلة برفض قاطع:
-مش هايحصل!

لاحظ منذر من مراقبة تعابيرها المشدودة انزعاجها الجلي، فتأهبت حواسه لردة فعلها.
كان كمن يقف على جمر متقدة يقاوم بشراسة تلك الرغبة التي تحسه على الاقتراب منهما.
بدأت تدور في رأسه عشرات الأسئلة محاولاً تخمين ما الذي تتحدثان فيه.
بدا مهتمًا أكثر بإيماءاتها الحادة وإشارات كفي يدها المحتدة.
الأمور كلها تشير إلى اعتراضها، هو لم يسمع رفضها شفهيًا لكن حدسه يؤكد له هذا.

اعتدل في وقفته حينما وجدهما تنهضان من جلستهما وتتبادلان المصافحة.
أسرع بإشاحة وجهه بعيدًا عنهما كي لا تنتبه له أسيف، لكن وقعت عيناه على ما أزعجه فعلاً، ما جعل قلقه وارتيابه يتضاعفان أضعافًا مضاعفة.

رأى ذلك الخسيس يدنو منه وهو ممسك بباقة ورد لا تليق بوقاحته أبدًا.
تجمدت نظراته على ابتسامته الشيطانية التي برزت على ثغره لتزيد من استفزازه وتشعل بركان غضبه.
وقف مجد قبالته متباهيًا بنفسه، ومتعاليًا بنظراته المغترة.
قوس فمه أكثر للجانب، وحدجه بنظرات شرسة تحمل بين طياتها التحدي قبل أن يستطرد حديثه هاتفًا بصوته الخشن متعمدًا إثارة غيظه:
-مرحب يا أبو نسب، غايب عنا ليه أديلك كام يوم .......................؟!!!
.......................................


Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 19-01-18, 01:48 PM   #365

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل السابع والخمسون:

أظلمت نظراته واشتدت قتامتها حينما رأى غريمه يقف قبالته يطالعه بغرور مقزز.
أشعل حنقه نحوه أكثر بطريقته في استعراض قوته الزائفة، فبادله نظرات نارية مهددة بإحراقه حيًا إن تجرأ وأساء التصرف هنا.
أردف مجد قائلاً ببرود مستفز:
-هدي أعضائك يا بونسب!

ثم مـــد يده ليضعها على كتف منذر لكن أمسك به الأخير من رسغه قبل أن تطاله أنامله القذرة ليبعدها عنها بنفور واضح على محياه، ثم رد بغل يحمل الصرامة:
-مافيش نسب مع الأشكال اللي زيك!

قست نظرات مجد، لكنه ضبط أعصابه كي يثير انفعالات خصمه، فرد عليه ببساطة فجة:
-ده أنا بأعملك قيمة يا بن طه!

هتف فيه منذر بصوت متصلب وهو يرمقه بتلك النظرات الدونية:
-قيمتي عارفها كويس، الدور والباقي على الـ...... زيك!

أغاظه سبابه النابي، فرد عليه من بين أسنانه بنبرة عدوانية:
-متخلنيش أعمل الدنيئة معاك هنا، ومش هايفرق معايا احنا في مستشفى ولا لأ!

التوى ثغر منذر للجانب ليبتسم مستخفًا من تهديده الفارغ، ثم رد عليه بثقة جادة متعمدًا رمقه بنظرات احتقارية:
-وحياتك ولا أنا، بالعكس المشرحة ناقصة واحد!

قبض مجد على باقة الورد فاعتصر فروعها بأصابعه فتحطم أغلبها، لكنها عاد ليرخيها حينما رأى الصيدلانية "فاطمة".
وقعت عيناها عليه فارتبكت من رؤيته المزعجة.
صـــاح هاتفًا بطريقة محرجة وهو يفتح ذراعيه في الهواء:
-أهلا بالضكترة كلها!

تسمرت في مكانها، ثم حانت منها نظرة خاطفة لمنذر وكأنها تستجديه قبل أن تستجمع نفسها وتهمس بتردد:
-عن .. عن اذنكم!

ســــد مجد عليها الطريق بجسده محدجًا إياها بنظرات عدائية مقلقة.
استشعرت هي تهديده الخفي رغم صمته، لكن عيناه عكست نواياه السيئة.
جف حلقها تقريبًا، وأحست بتلك الرجفة تتسرب إلى أوصالها.
حدث مجد نفسه بوعيد مخيف وهو يطالعها بنظراته الشرسة:
-يا ويلك معايا لو كنتي خالفتي أوامري!

ابتلعت فاطمة ريقها بتوتر ملحوظ، فقد رأت الشرر المتطاير من حدقتيه المخيفتين، ثم تحركت للجانب لتتمكن من الفرار من أمامه مرددة لنفسها بخوف:
-ربنا يستر!

أسرعت في خطاها وهي تدعو الله في نفسها أن ينجيها من شر ذلك المقيت، فهي لا تضمن ما يمكن أن يحدث لها إن وقعت في براثنه.

مــــرر مجد أنظاره على الجالسين بالمقاعد، فرأها منزوية مع نفسها.
برقت عيناه بوميض خبيث، وزادت ابتسامته المقززة اتساعًا.
لم يترك لنفسه أي فرصة للتفكير، بل صــــاح بنزق:
-ده الحبايب كلهم متجمعين هنا!

اغتاظ منذر من أسلوبه المستفز في التصرف بوقاحة، وعدم احترام خصوصية تلك النوعية من الأماكن. فاعترض طريقه مهددًا بصوت قاسٍ:
-امشي من هنا أحسنلك!

دفعه مجد من كتفه بقوة قائلاً بتحدٍ:
-ليه بس؟ ده حتى عيادة المريض واجبة!

أكمل خطــــاه في اتجاه عواطف وابنة أخيها التي بدت مصدومة لرؤيته.
اتسعت حدقتيها بخوف بائن، وتسارعت دقات قلبها لمجرد حضوره أمامها. كما تبدل لون بشرتها للحمرة المزعوجة، وانكمشت في جلستها رهبةً منه.

لم يغب عن بالها وقاحته، ولا خسته الفجة.
اقتحم عقلها عشرات المشاهد التي بدت كالومضات الخاطفة، فزاد قلقها منه.
وما أكمل مشهد فزعها منه تردد تحذيرات فاطمة لها في عقلها.
نهضت عواطف من مكانها لتستقبله، وشكلت دون وعي بجسدها حاجزًا أمامه لتمنعه من رؤيتها.
هتف مجد مبتسمًا بسخافة:
-سلامو عليكم يا حاجة!

ردت عليه عواطف بحذر:
-وعليكم السلام، شرفت يا معلم مجد!

تابع قائلاً بجفاء بعد أن تلاشت ابتسامته:
-ألف سلامة على الأبلة، احنا بردك مخلصناش نعرف باللي جرى ومانقومش بالواجب!

ثم مد يده بباقة الورد مكملًا:
-ده عشان الأبلة!

ابتسمت له عواطف مجاملة وهي تشكره:
-كتر خيرك!

مــال مجد برأسه للجانب ليحدق في أسيف بنظرات جريئة وهو يقول بنبرة فجة:
-ازيك يا حلوة؟ مش تسلمي عليا، ده أنا حتى ضيفك!

ضغطت هي على أصابع كفيها بعصبية، ثم نهضت من مكانها قائلة بتردد:
-أنا.. أنا طالعة عند بسمة!

ضاقت نظراته حتى باتت أكثر حدة وهو يعاتبها بوجوم:
-الله الله، هو اذا حضرت الشياطين!

قبض منذر على كتف غريمه بأصابعه الغليظة، ورد عليه بسخط متعمدًا الاستهزاء منه:
-كويس إنك عارف نفسك!

تنفست أسيف الصعداء لوجود منذر هنا، فبعد ما عرفته عن جرائم ذلك الوقح باتت تخشى أن يجمعهما مكان واحد.
أفزعها صوته وهو يقول بجمود:
-طب حيس كده بقى أنا .....

رفعت عيناها لتنظر إليه وهو يتابع بمكر عابث:
-أنا جاي معاكي يا عسل أطل على العيانة!

انخلع قلبها في صدرها من تصريحه المخيف هذا، فعجزت عن الرد عليه.
هتف منذر مشدوهًا من جرأته الزائدة:
-نعم!

رد عليه مجد بوقاحة عنيدة متعمدًا السخرية منه:
-ابقى سلك ودانك عشان تسمعني!

استشاطت عيني منذر على الأخير، وبرزتا من محجريهما، فلو كانت النظرات تقتل لأودت بحياة غريمه توًا.
شعر بأن نيرانه تآكله من داخله لمجرد الحديث مع دنيء مثله، كما أن سماحه له بالتطاول عليه دون ردعه يستنفذ صبره بسرعة.
نظر له مجد ببرود وهو يبتسم قاصدًا استفزازه أكثر.

لم يتحمل منذر أكثر من هذا، فقبض على ذراعه، ثم هدر فيه بصوت متشنج:
-وقت الزيارة خلص، اتفضل طرقنا!

أزاح مجد قبضته عنه هاتفًا بتحدٍ جريء:
-وده اسمه كلام!

صرخ به منذر مشيرًا بنظراته النارية:
-يالا من هنا!

رمقه مجد بنظرات قاتمة، ثم تبسم هاتفًا بنبرة خبيثة:
-مش قبل ما أقول الكلمتين اللي عندي لـ ......

صمت للحظة ليدير أنظاره نحوها، ثم تشكل على ثغره ابتسامة مراوغة وهو يتابع بنبرة غير مريحة مُطلقًا:
-للحلوة دي، وعلى انفراد!

انقبض قلبها برعب كبير من جملته المخيفة تلك، كما شحب لون بشرتها بفزع صريح. فشعرت ببرودة مفاجئة تجتاح خلاياها.
ظنت عواطف أن هناك خطب ما فتساءلت بتوتر:
-خير يا ابني في ايه؟

تحولت نظرات منذر المظلمة إلى وجهها، فقرأ بوضوح – من خلال ملامحها – ما أشعل فتيل حنقه وأوصله لذروته، فهدر بعصبية جلية وقد تشنجت عضلات جسده بالكامل:
-مش هاسمحلك تقرب حتى منها!

رد عليه بهدوء قاس:
-مش انت اللي تقرر يا ابن حرب، سامع!

خشيت أسيف أن يتطور الوضع بينهما لمشاجرة عنيفة فتتسبب برفضها في إحداث فضيحة بالمشفى، وهي في غنى عن هذا الأمر، فهتفت متسائلة بدون تفكير:
-إنت عاوز ايه؟

سلط مجد أنظاره عليها، ثم ابتسم لها بصورة جعلت جسدها يجفل منه.
جف حلقها حتى صار ما بقي من ريقها كالعلقم المر من فرط الخوف، وتسابقت نبضات قلبها كما لو كانت في سبق عَدِوٍ مما زاد من تدفق الدماء في جسدها ومن سرعة أنفاسها اللاهثة..
تحرك بؤبؤيها نحو وجـــه منذر، فرأت في نظراته ما عنفها بقسوة لمجرد تفكيرها في إتاحة الفرصة له للحديث معها.
هو بالفعل يخشى من تصرفها برعونة في تلك المواقف المهددة لسلامتها.
تراجعت سريعًا عما كانت تنتوي التفكير فيه، وهتفت بتلعثم:
-ممكن تقولي عاوز ايه هنا، احنا.. احنا مافيش بينا كلام!

اقترب منها قائلاً بإهانة متعمدة وهو يشير بأصابعه:
-مش قصاد الواغش!

لكزه منذر بعنف في جانبه صائحًا بجموح:
-اتكلم عدل بدل ما أقص لسانك!

التفت مجد برأسه ناحيته، وكتم ألمه من تلك الضربة المباغتة.
تنفس بعمق ليزفر بعدها ما حبسه من هواء داخل صدره ببطء، ثم رد بنبرة باردة متهكمة:
-هي لا مؤاخذة الكلمة جت فيك!

شرارات الاشتباك بدأت تتراقص أمام عيني عواطف، وأدركت أن بين لحظة وأخرى ستندلع حربًا حامية الوطيس بينهما، لذلك تدخلت في الحوار قائلة بحذر:
-كلمني أنا يا معلم مجد، عاوز ايه من بنت أخويا؟ هي .. هي ضايقتك في حاجة؟

رد بهدوء وهو يبتسم بسخافة:
-كل خير يا حماتي!

انفرجت شفتاها قائلة بتعجب كبير:
-حماتك!

حرك رأسه بالإيجاب وهو يضيف عن قصد:
-اه، باعتبار ما سيكون يعني!

ثم غمز لمنذر بعينه اليسرى متابعًا بعبث ماكر:
-هو حد ضامن ايه اللي ممكن يحصل بكرة!

ردد منذر بغيظ ظاهر على نبرته زافرًا بصوت مسموع
-أوووف، استغفر الله العظيم يا رب!

هتفت أسيف من الخلف بارتباك كبير:
-قول يا أستاذ، حضرتك عاوز تتكلم في ايه؟

رد عليها بعبث خطير:
-هانقول الكلام واحنا وافقين، مش ناخد جمب كده!

ارتعد قلبها من مجرد تخيل وجودها معه بمفردها، فانكمشت على نفسها أكثر، فردت بتوتر:
-من فضلك أنا واقفت أتكلم معاك و....

قاطعها قائًلا بإصرار:
-يا حلوة مش هاخطفك، احنا هنقف كده هنا! دول بردك كلمتين يهموكي!

قضت كلماته الأخيرة على أخـــر شعرة من صبر منذر، فانقض عليه ممسكًا إياه من تلابيبه وهو يصرخ فيه بانفعال جامح:
-تخطف مين يا ابن الـ.......!!

كتمت أسيف بيدها فمها لتمنع شهقتها المصدومة من الخروج نتيجة تلاحمهما سويًا، ناهيك عن السباب اللاذع الذي أنبأ باشتعال مشاجرة عنيفة.
احتقنت نظرات مجد من إهانته أمام المتواجدين، فوضع يده على قبضتي منذر محاولاً انتزاعهما وهو يرد بشراسة:
-الله! لأ كده أنا أزعل، مش شايفني واقف بأتكلم معاها، راجل أنا ولا هفأ عشان أخـــاف منك!

انتفضت أسيف في مكانها حينما رن هاتفها فجـــأة.
شعرت أن روحها ستخرج من جوفها لمجرد معايشة تلك التجربة المفزعة من جديد.
وبأيد مرتجفة رفعت الهاتف إلى عينيها لتنظر في اسم المتصل.
تمتمت لنفسها بنبرة مذهولة:
-خالي فتحي!

شعرت أن اتصاله ربما يكون نجاة مؤقتة لها من ذلك الموقف المتأزم.. فتحركت للخلف قائلة بجدية:
-خالي بيتصل، عن اذنكم!

أبعد مجد قبضتي منذر عنه، لكن لم يتحرك الأخير قيد أنملة من مكانه، وظل يقف بالمرصــــاد لغريمه.

أولت أسيف الجميع ظهرها، وأجابت بتلهف على اتصاله:
-ألوو، سلامو عليكم، أيوه يا خالي!

جاءها صوته قائلاً بتأفف موجز:
-وعليكم ..

ازدردت ريقها بحرج كبير، ورغم هذا لم تظهر نفوره من حديثه معها، فتابعت قائلة بحماس مصطنع:
-أخبارك ايه؟ وإزي الناس في البلد؟ و....

لم يمهلها الفرصة لمواصلة ثرثرتها الفارغة، فقطع استرسالها مرددًا بغلظة قاسية:
-اسمعني يا بنت حنان أنا لا متصل أسلم ولا أسأل عليكي، ولا حتى عشان أرجع حبال الود!

توجست خيفة من اتصاله الغامض، لكنها حافظت على ابتسامتها الباهتة.
صدح صوته القوي في أذنها وهو يكمل بجحود:
-اللي بينا اتقطع يا بنت حنان، وانتي السبب فيه، بس هاعمل ايه كنت مضطر أتصل بيكي عشان أبلغك بنفسي باللي حصل لبيت أبوكي

وخــــزة عنيفة عصفت بقلبها عقب جملته تلك، فشخصت أبصارها بفزع وهي تردد بلا وعي:
-بيتنا، ماله؟

أجابها بتشفٍ متعمدٍ:
-النار قادت فيه، وبقى كوم تراب!

خفق قلبها بعنف متواصل وهي تهتف غير مصدقة:
-لألألأ.. انت بتقول ايه!

حدق منذر فيها باستغراب كبير، أدرك من تصرفاتها المبالغة ومن ارتفاع نبرة صوتها المفاجئة أن هناك خطب ما بها.

لم يبدو مجد متأثرًا بها، فنظراته مسلطة فقط – وبتركيز مريض - على جسدها متخيلًا شكل انحناءاتها الطبيعية وهي متجردة مما ترتديه.
وضع يده على مؤخرة رأســـه ليحكها عدة مرات متابعًا تخيلاته الغير بريئة عنها.

شعرت أسيف أن قواها خارت فور تلقيها تلك الصدمة العنيفة، فأخر ما كانت تتوقعه هو اشتعال أكثر الأماكن حبًا وغلاوة إلى قلبها.
ذلك المكان الذي عاشت فيه طفولتها، وحفرت في جدرانه المئات، بل عشرات المئات من الذكريات مع عائلتها الراحلة.
هي قضت كل حياتها به، بل لم تتركه إلا مضطرة، وإلا لعادت إليه مسرعة.
نعم هو أخــــر ما تبقى لها من روحهما الفانية.
كل ركن فيه يضم قطعة من ماضيها العزيز، هو يحمل رائحة اشتاقت لها كثيرًا، فكيف يخبرها ببساطة أنه لم يعد لذلك المكان أي وجود وكأنه بلا قيمة؟

اخترق صوته القاسي شرودها وهو يكمل بجفاء:
-يعوض عليكي ربنا، سلام!

انهارت يدها الممسكة بالهاتف للأسفل وهي تهز رأسها مستنكرة:
-لأ، محصلش!

تيقن منذر أن وراء تلك المكالمة فاجعة ما، فأسرع ناحيتها ليسألها بخوف:
-حصل ايه؟

قطبت عواطف جبينها متمتمة بقلق:
-خير يا بنتي؟ مين اللي كان بيتصل؟

دنا منها مجد بخطواته المتمهلة ليفرض نفسه عليها، ثم هتف متسائلاً بفتور:
-مالك يا حلوة؟

لم تكن أسيف في وعيها، كانت نظراته شـــاردة في مكان أخر يبعد عنها بمسافات..
تلاحق في عقلها صور عشوائية لمراحل مختلفة من حياتها معهما فيه، فنهج صدرها باضطراب كبير.

وضع منذر قبضته بحذر على كتفها ليهزها برفق وهو يسألها بخوف:
-في ايه؟

نظرت إلى يده على كتفها، فتراجعت خطوة للخلف وهي ترمش بعينيها.
سحب منذر يده للخلف لكنه لم يبعد عيناه المتفرستين عنها، كان يشعر بريبة نظراتها، بشحوب وجهها المقلق.
همست بصوت واهن مصدوم والكلمات تعجز عن الخروج من شفتيها:
-بـ... بيتنا.. بيت بابا.. اتـ.. اتحرق!

فهم ما قالته رغم تقطع صوتها، فسألها مهتمًا وهو محدق بها بثبات:
-وده حصل ازاي؟

أغمضت عيناها رافضة تصديق ما سمعته، وصرخت فجــأة بعصبية:
-لأ، كدب، استحالة يكون ولع!

خشي منذر من تكرار نوبة انفعالها، هو اختبرها من قبل، فهتف بحذر:
-اهدي.. مافيش حاجة!

وضعت يديها على أذنيها مانعة استمرار صدى كلماته المتشفية التي تثيرها بهما، وواصلت صراخها المصدوم:
-لأ.. هو بيقول كده عشان يحرق قلبي، بيتنا زي ما هو، ايوه، هو زي ما سيبناه!

رفضت التصديق، أبت الإصــاغ، بل نبذت بقسوة الجزن بحقيقة خسارة منزلها للأبد.

سحبتها عواطف من مرفقيها إلى صدرها لتضمها إليها وتحتضنها.
همست لها بتأثر:
-شششش! مافيش حاجة إن شاء الله!

حاولت احتوائها قبل تنفجر باكية، فالفاجعة أقسى في كل مرة.
شعرت بثقل جسدها عليها، فهتفت بتوجس:
-أسيف، ردي عليا!

انتفض منذر في مكانه حينما رأها متراخية الأطراف في أحضان عمتها، وأيقن أن الصدمة أقوى من قدرتها على استيعابها، فاستسلم جسدها أمام ضربات الحياة الموجعة
هو شعر بعنف معاناتها، فهي تتكبد كل خسارة وأخـــرى بما لا يترك لها المجال لتفيق أبدًا.
هرول ناحيتها معاونًا عواطف في إسنادها مما جعل مجد يتصلب غيظًا في مكانه.
هدر بصوت مكتوم يحمل الغل:
-كده انت جيت عليا!

لم تتركها عواطف، بل ظلت محاوطة إياها بذراعيها، لكن لم يدم الأمر طويلًا، فقد تكفل منذر برفع جسدها عن الأرضية وحملها ليضعها على أقرب مقعد..
جثى على ركبته أمامها، وضرب على وجنتها برفق محاولاً إفاقتها:
وقفت عواطف عند رأسها متسائلة بهلع:
-بنتي، حصلك ايه بس؟

رد عليها منذر بصوت متشنج:
-بس الظاهر الزفت قريبها قالها حاجة زعلتها!

ثم هب واقفًا ليصيح بنبرة مرتفعة:
-دكتور بسرعة هنا!

لمحته ممرضة ما، فنظرت إلى حيث يشير بيده، فهزت رأسها بتفهم وهي ترد:
-حاضر ..!

تفاجأ منذر بقبضة عدوه اللدود تغرز في كتفه لتزيحه جبرًا للخلف. فاستدار ناحيته ليرمقه بنظراته المحتدة.
كز مجد على أسنانه هاتفًا بحنق:
-عنك، دي حتى هاتبقى المدام، فميصحش تكون جمبها وأنا موجود!

لوح منذر بذراعه بقوة فأبعد قبضته الموضوعة عليه، ثم هدر فيه مهددًا بعدائية صريحة:
-لو مغورتش في ثانية من هنا، وعزة جلال الله ما تطلع إلا على المشرحة، وده أخري يا ..............!!

تحداه مجد قائلاً بجموح:
-ماشي.. إنت قولتها، وأنا هاخليك تنولها!

ثم تراجع بجسده للخلف ليسدد بقبضته المتكورة بعنف لكمة قاسية في وجــــه منذر الذي تلاقها دون انتباه.

صرخت عواطف مذعورة من اشتباكهما العنيف، فجلست على المقعد تحمي بجسدها ابنة أخيها وهي تتوسلهما باستعطاف:
-الله يكرمكم بلاش!

تلونت أسنان منذر بدمائه، لكنه لم يكترث بها، فثارت ثائرته، وانفجرت حمم بركانه المتأججة، وهجم على غريمه ليضربه بعنف أشد.
وجـــه إليه لكمات متعاقبة في أنفه وعينه اليسرى، ثم طرحه أرضًا، وجثى فوقه ليكمل اعتدائه الوحشي عليه.

اتسعت ابتسامة مجد المستفزة لتثير من هياج منذر أكثر، فدس أصابعه في فمه محاولاً كســـر فكه.

استجمع الأخير كل قوته ليتمكن من دفع منذر للجانب فتحرر منه.
احتاج هو فقط لثوانٍ معدودة كي يستعيد اتزانه، ثم انقض عليه مرة أخرى ليضربه بشراسة في أسفل بطنه.
تأوه مجد صائحًا:
-يا ابن الـ......!!

رد عليه منذر بألفاظ نابية، وهو يوجه له ركلة عنيفة في ركبته أسقطته أرضًا.
واصلت عواطف صراخها المتوسل فتجمع الممرضين ورجــال الأمن على إثر صوتها المفزوع.
تفاجئوا بالتشابك الدائر بينهما فتدخلوا لإبعادهما عن بعض
وبصعوبة بالغة تم فصلهما، واقتيادهما إلى غرفة الأمن الملحقة بالمشفى للتعامل معهما.

حضرت ممرضة ما ومعها الطبيب لتفقد حال أسيف بعد فقدانها للوعي ..
شرحت عواطف على عجالة ما حدث، فتفهم الطبيب أن الموضوع نفسي أكثر منه عضوي، لذلك وجه حديثه للممرضة هاتفًا بجدية:
-خليهم يطلعوها فوق، وبلغي الدكتور محمد يجي بنفسه يشوفها!

أومـــأت برأسها قائلة:
-حاضر يا دكتور!
...............................
صفقت بكلتا يديها بحماس عجيب بعد أن رأتهما يتشاجران سويًا..
تشكل على ثغرها ابتسامة شرسة تعكس نواياها الخبيثة.
اختبأت نيرمين بالزاوية، وسلطت أنظارها عليهم. هي لم تتدخل من البداية رغم غيظها المحتقن من دفاعه عنها، واكتفت بالمراقبة من على بعد.
احترقت أعصابها وهي تنتظر بفارغ الصبر تلك الجذوة التي أشعلت الحرب بينهما وجعلتها تحتد بضراوة مهلكة.

تنفست بارتياح كاتمة بصعوبة كركرة ضحكتها الشامتة.
لقد تحقق مبتغاها، وظفرت بجولة جديدة ضدها.
ظهرت الفرحة في نظراتها الشيطانية، وهمست لنفسها بنبرة تشبه فحيح الأفعى:
-والله وجتلك على الطبطاب يا نيرمين ................................!!
..............................................



Layla Khalid likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 19-01-18, 01:51 PM   #366

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9




الفصل الثامن والخمسون:

وقف أمامه مطأطأ الرأس محرجًا من معروف أخـــر أسداه إليه لينجي ابنه من الزج به في السجن.
ظل وجهه متجهمًا لأن عائلته دومًا تفتعل المشاجرات وينتهي الأمر بخسائر لكلا الطرفين.
تدخل الحاج طه ليلملم المســألة بداخل غرفة الأمن بالمشفى قبل أن يتفاقم الوضــع..
تنحنح مهدي هاتفًا بصوت متحشرج:
-أنا هاتكلم معاه، وهافهمه غلطه، بس إنت فاهم الشباب دايمًا متسرع و....

قاطعه طه قائلاً بصوت مزعوج:
-مش كل مرة تسلم الجرة يا مهدي، واحنا جبنا أخرنا!

ثم زادت نبرته قسوة وهو يتابع:
-ومنذر خلاص معدتش مستحمل، أنا حايشه عن ابنك بالعافية، وإنت عارف كويس لو شيطانه ركبه هايعمل ايه!!!

ضغط مهدي على شفتيه مرددًا بتفهم:
-ايوه

حذره طه قائلاً بلهجة شديدة:
-يا ريت نلم الليلة بدل ما نرجع نزعل كلنا! والمرادي هاتكون الأخيرة!
هز رأسه قائلاً بهدوء:
-إن شاء الله!

مــد يده لمصافحته مضيفًا بامتنان:
-وكتر خيرك تاني، سلامو عليكم!

بادله طه المصافحة قائلاً:
-وعليكم السلام والرحمة..

تابعه بأنظاره حتى خرج من الباب الجانبي للمشفى ليلحق بابنه المنتظر بالسيارة بالخـــارج.
دفع منذر باب المرحاض وهو يجفف وجهه بالمناشف الورقية ليحدق في وجه أبيه بنظرات معاتبة.
ألقى ببقايا المناشف في سلة القمامة هاتفًا بامتعاض:
-بردك سِبته يا حاج؟!

رد عليه بعبوس:
-هو مالوش ذنب، ابنه اللي جايبله الكافية، لكن مهدي زي ما انت شايف

تجهمت قسماته أكثر وهو يرد بانفعال ملحوظ:
-أها، وأنا مطلوب مني أفضل استحمل رخامة أمه لحد ما أموته وأخش فيه السجن!

رد عليه طه بجدية:
-اهدى يا منذر، هي خلصت

صاح معترضًا بشراسة:
-لأ مخلصتش لسه، طول ما فيها ديول مش هتنتهي وهنفضل في الموال ده ليل نهار!

وقف قبالة أبيه لينظر مباشرة في عينيه وهو يكمل بعزم:
-بس أنا خلاص خدت قراري!

ضاقت نظرات والده وهو يسأله بتوجس:
-ناوي على ايه؟

أجابه بغموض هاديء:
-على كل خير.. اطمن!

تشكل على ثغره ابتسامة باهتة وهو يضيف بحسم:
-وكله هيتحل بالهداوة والعقل!
...................................

ضغط على ذلك الورم البائن أسفل فكه يتحسسه بحذر وهو ينظر إليه عبر انعكاس المرآة الأمامية بالسيارة.
حدق فيه أخيه الأصغر بتعجب، ثم لوى ثغره مرددًا بنبرة تحمل السخرية:
-هو علم عليك!

ضاقت نظرات مجد للغاية، واكفهر وجهه وهو يجيبه بصوت مغتاظ:
-متخلقش لسه اللي يعلم عليا

ضحك مازن متهكمًا وهو يرد بنظرات ذات مغزى:
-قديمة، ماهو باين على وشك!

احتدت نظراته للغاية، وهتف بصوت متحشرج مهدد:
-وليه الغلط يا ابن أبويا؟ متخليش الجنونة تطلع عليك و....

قاطعه مازن قائلاً بفتور:
-وعلى ايه يا سيدي! الطيب أحسن

تابع مجد تهديده الساخط هاتفًا وهو يشير بيده:
-وبدل ما بؤك يتفتح عليا كنت اتشطر على حتة حُرمة خليتك زي الخرقة، بتُهر قدامها!

استشاط مازن من رده الوقح، وصاح منفعلاً:
-يووه، مكانتش خدمة عملتهالي، مش حكاية يعني!

كان أخاه على وشك الرد لكن منعه صوت والده الصادح بعصبية:
-فوضت الأمر لله!

التفت مجد بأنظاره نحوه ليطالعه بنظرات نارية. ثم كز على أسنانه هاتفًا بحنق:
-روحت بوست رجله يا أبا، وذلتنا أكتر عشان يسامحنا وننول الرضا والسماح!

فتح مهدي الباب الجانبي للسيارة ليجلس بالمقعد الخلفي، ثم صفقه بعنف وهو يرد بحدة:
-الذل انت اللي جايبهولي بعمايلك السودة، ده بدل ما تحمد ربنا إن الدور اتلم!

نفخ بعصبية قبل أن يتابع بغضب ضاغطًا على كتف ابنه الأصغر بإصبعيه:
-اطلع من هنا خلينا نتكلم في حتة تانية!

رد عليه مجد بوعيد شرس:
-مات الكلام يا أبا!
..................................

مسحت على جبينها برفق وهي تتنهد بعمق، لم تكن لتتحمل فاجعة أخرى تصيب ابنة أخيها. يكفيها ما لاقته من مآسي متعاقبة في فترة زمنية قليلة.
جلست على المقعد الملاصق لفراشها الطبي، وهمست بتضرع:
-هون عليها يا رب

نظرت لها نيرمين بأعين حمراء هاتفة بتبرم ساخط:
-ايه يا ماما؟ هاتسيبي أختي وتقعدي جمب دي!

عنفتها عواطف بحدة:
-دي تبقى بنت خالك، مش واحدة من الشارع، يا رب تفهمي ده بقى!

اعترضت على دفاعها الدائم عنها وكأنها ملاك منزه عن الأخطاء مبررة بتهكم:
-بس مش كده، كل شوية تعمل نفسها مغمى عليها، ومش قادرة وتلمكم حواليها، خلاص باخت العملية أوي!

صاحت بها أمها بعبوس:
-هو اللي شافته قليل! ارحمي عشان ربنا يرحمك!

تجهمت قسمات وجهها أكثر، وهتفت بغيظ حانق:
-ما أنا شوفت أكتر منها بكتير، وواقفة أهوو على حيلي، لا حد بيجي يلحقني، ولا حد هووب يشلني!

رمقتها عواطف بنظرات مزدرية وهي ترد باقتضاب:
-كل واحد وقدرته!

وقف على عتبة باب غرفتها مترددًا في الدخول بعد أن عرف رقمها من الاستقبال الملحق بالمشفى.
أراد أن يطمئن عليها بنفسه بعد حديث والده الغير مجدي بسبب اشتباكه المحتد مع عدوه الدنيء.

سمع أصواتًا تأتي من الداخل، فضغط على شفتيه بقوة.
لا بديل عن التراجع الآن، هو قد جاء، ولن يضيع الوقت في تفكير عقيم ومتردد.
أخــذ نفسًا عميقًا لفظه دفعة واحدة، ثم دق على الباب بخفة وهو يهتف بصوت آجش:
-احم .. سلامو عليكم

أخفض نظراته حرجًا، وانتظر بهدوء الرد عليه.

انتبهت نيرمين إلى صوته الذي تنتظره بتلهف، فتهللت أساريرها حينما رأته على عتبة الباب، وبلا تردد اتجهت إليه وهي تهدهد رضيعتها النائمة.
تسارعت أنفاسها من فرط الحماس العجيب، وهتفت صائحة بدلال مفتعل:
-سي منذر!

تحاشى النظر إليها متسائلاً بحذر:
-ايه الأخبار؟

توهجت عيناها بوميض فرح، وزادت ابتسامتها السخيفة اتساعًا وهي ترد بنعومة:
-أنا تمام وبخير! تسلم على سؤالك يا سي منذر.

عبس بوجهه مصححًا بجمود قاسي:
-مش قصدي انتي، أنا بأتكلم على بنت خالك .. أسيف!

وكأنه صفعها بقوة مباغتة لتبهت ابتسامتها فورًا، وتظلم نظراتها. حل الوجوم على تعابيرها وهي ترد بازدراء:
-كويسة!

تحركت عواطف لتقف إلى جوار ابنتها، وهتفت مرحبة بود:
-اتفضل يا بني!

ابتسم قائلاً بهدوء:
-متشكر، أنا بس جاي أطمن عليها وأشوفها بعد اللي حصل!

ردت عليه عواطف بامتنان:
-فيك الخير .. ربنا يباركلك!

سألها منذر باهتمام:
-الدكتور قال ايه؟

أجابته بسجيتها وهي تبتسم:
-اهوو حاجة كده في نفسيتها، بس هاتفوق وتبقى كويسة

هز رأسه قائًلا بجدية:
-إن شاء الله، عمومًا أنا هاروح أبص عليه واسأله بنفسي

انزعجت نيرمين من اهتمامه الزائد بها، وشعرت بنيران الغيرة تآكلها حية، فهتفت بتبرم ساخط:
-ماتتعبش نفسك يا سي منذر، دي تمثلية كل شوية تعملها، واحنا خدنا على كده! أكيد انت فاهم!

نظر لها شزرًا وهو يرد بجفاء:
-استغفر الله يا رب، ماتشوفيلي كده كوباية مياه باردة أشربها لأحسن ريقي ناشف!

هتفت نيرمين بتلهف أعجب:
-من عينيا، ده انت تؤمر يا سي منذر وأنا أنفذ على طول وأنا مغمضة!

رد عليها بخشونة:
-متشكر

مدت ذراعيها برضيعتها الغافية لوالدتها قائلة بجدية:
-خلي يا ماما البت معاكي عقبال ما أجيب لسي منذر أحلى مياه!

بدت عواطف منزعجة من تصرفاتها المبالغة فيها، واستشعرت الحرج من أسلوبها معه، ومع ذلك لم ترغب في احراجها أمامه، لذلك تناولتها منها بحذر مرددة بوجه خالٍ من التعابير:
-طيب!

رمشت نيرمين بعينيها وهي تسبلهما نحوه، ثم همست بنعومة:
-عن اذنك يا سي منذر!

فرك طرف ذقنه بكفه دون أن يعقب، وأبعد نظراته عنها نافخًا بتبرم.

استنشق أنف عواطف رائحة مزعجة صادرة عن الرضيعة، فاستشفت أنها بحاجة إلى تبديل حفاضها الداخلي.
ابتسمت قائلة بهدوء:
-هستأذنك يا ابني هاروح أغير للبت، انت عارف العيال وعمايلهم!

أومــأ برأسه قائلاً:
-ولا يهمك.. اتفضلي!

تنفس منذر الصعداء لحصوله على فرصـــة للانفراد معها بعد ذلك الحصار المهلك لها.

تابع عواطف بأنظار مترقبة حتى اختفت في الرواق، فوراب الباب قليلًا، ثم دنا من فراشها بخطوات متمهلة.
عاود منذر التحديق في أسيف ليطالعها تلك المرة بنظرات مختلفة عن ذي قبل؛ بنظرات تحمل التلهف والشوق، الاهتمام والرغبة، وكذلك الخوف والاطمئنان.
اقترب منها أكثر ليمعن في تفاصيلها، في تعبيرات وجهها الساكنة.
رغم كل شيء فهي لا تزال متماسكة، صلبة، تقاوم بشراسة. آهٍ من تلك اللمحة الحزينة التي تكسو تعابيرها فتوخز صدره أكثر تجاهها.

جذب انتباهه شيء ما، فدقق النظر في جفنيها اللذين كانا يتحركان بعصبية.
رأى عبراتها تنســـاب ببطء لتبلل وجنتيها، ففغر فمه مدهوشًا، وتسأل بين جنبات نفسه عن سبب ذلك، زاد تعجبه وهو يردد بتوجس قلق:
-هي بتعيط؟!

..........................................
كانت تصـــارع الأمواج العاتية بوهن كبير، وكلما نجت من واحدة، قذفتها الأخرى إلى مسافة أعمق في بحر أكثر ظلمة.
كانت تصرخ لكن صوتها ظل حبيس صدرها، فقط شهقات مكتومة تكافح للصعود.
اختنقت أنفاسها أكثر، وأوشكت على الغرق، فرأت ذلك البريق اللامع مسلطًا على أعينها، فأصاب رؤيتها المشوشة بعمى مؤقت.
لكن كان فيه نجاتها حينما لمحت تلك الأطياف تمد أذرعها نحو لتنتشلها منه. فبكت من أعمـــاق قلبها، وامتزجت عبراتها ببقايا المياه العالقة بوجهها.
رأت وجهًا مألوفًا يهتف باسمها بنبرة دافئة في ظل ذلك البرود القاسي، فلمست قلبها وتغلغلت فيه.
مدت يدها نحوه علها تصل إليه.
كادت أن تفشل في مسعاها، لكنه بلغها بإصراره.
بدأت صورته تتضح تدريجيًا رغم تشوش الرؤية.. شعرت بلمسة رقيقة من أنامله على وجهها فأصابتها برجفة بسيطة.
أمعنت النظر في ملامحه الجادة، لقد عرفته .. إنه هو.....

تهدجت أنفاسها اللاهثة وهي تهمس بصعوبة:
-مـ.. منذر!
...................................

انحنى على رأسها مستندًا بذراعه على حافة الفراش، ومد يده الأخرى نحو وجنتها محاولاً مسح تلك العبرات التي شقت طريقها في وجهها.
شعر بانتفاضة جسدها بمجرد أن أزاحها رغم حرصه الشديد على عدم إزعاجها.
رأى جفنيها وهما يفتحان بصعوبة، لقد بدأت أسيف في استعادة وعيها مرة أخرى.
التقطت أذناه ما لفظته شفتيها رغم صوتها الذي بالكاد يمكنك أن تسمعه، لكنه عرف طريقه إليه. فخفق قلبه بقوة وتسارعت دقاته.

لمحت طيفًا ما يسيطر على الأجواء من حولها، كان قريبًا للغاية، شعرت بأنفاسه تلفح وجهها.
في البداية لم تتمكن من رؤيته بوضوح حتى اعتادت على قوة الضوء، فعرفته.. إنه نفس الطيف الذي لازمها في حلمها.
همست باسمه بلا وعي:
-منذر!

سمع اسمه ينطق مرتين مجردًا من أي ألقاب، يُلفظ عفويًا فرفع نسبة الأدرينالين المتحمس بدمائه.
اضطرب لوهلة، وتوقف عن التنفس مجمدًا أنظاره عليها.

تسمرت نيرمين على عتبة الغرفة شاخصة أبصارها غير مصدقة ذلك المشهد الدائر بينهما.
منذر يداعب وجنتها، وتلك البائسة همست بشيء ما له فجعله يرتبك بحرج.
كانت كالبلهاء وهي محدقة في وجهيهما.
سريعًا ما تداركت نفسها، وأفاقت من شرودها فيهما ليسيطر عليها الغضب المتعصب.
تعمدت إرخاء أصابعها عن الكوب الزجاجي الذي تحمله في يدها ليسقط منها متهشمًا إلى أجزاء صغيرة، فانتبه كلاهما لوجودها.
تحول وجه أسيف لكتلة من الدماء الخجلة رغم عدم وجود ما يشينها، لكنها تعلم نوايا ابنة عمتها السيئة.

اعتدل منذر في وقفته ببطء، وتنحنح بصوت خشن.
ولجت نيرمين إلى داخل الغرفة بخطى عصبية صائحة بانفعال:
-في ايه اللي بيحصل هنا؟

أجابها ببرود وهو يدس كفيه في جيبي بنطاله:
-ولا حاجة!

ثم أشــار لها بعينيه متسائلاً بنبرة جافة:
-فين المياه؟

ردت بغيظ:
-وقعت مني لما شوفتكم ....

قاطعها بصرامة قبل أن تكمل عبارتها:
-مش تاخدي بالك أحسن بدل ما تركزي في حاجات هتتعب أعصابك كتير!

شعرت أسيف بثقل في رأسها، فوضعت يدها على جبينها تتحسسه هامسة بصوت واهن:
-أنا .. أنا عاوزة أمشي من هنا

رد عليها منذر بجدية صلبة:
-مش قبل ما نطمن عليكي!

تذكرت ما حدث قبل إغماءتها الأخيرة، إنها تلك المكالمة التي انتزعت أخر ما تبقى من ذكرى والديها.
حرق قلبها بكلماته، وأشعل روحها بشماتته.
توترت أنفاسها، وسيطر الحزن على تعابير وجهها الذابل، بدا صوتها مختنقًا وهي تصر على النهوض قائلة:
-أنا لازم أسافر البلد.. بيتنا.. بـ.. بيتنا مش ....

حاولت إزاحة الغطاء عنها، وإنزال ساقيها لكن وقف منذر قبالتها مهددًا بكف يده:
-مش هتتحركي من هنا!

رفعت عيناها نحوه لترمقه بنظرات معاندة وهي ترد بإصرار كبير:
-هو .. هو بيكدب، أنا عرفاه، أنا لازم أسافر وأشوف بيت بابا!

باتت لهجته ونظراته أكثر تهديدًا وهو يقول:
-مش هايحصل

استشعرت القوة في نبرته، فارتجفت منه.
تنفس منذر بعمق ليحافظ على هدوئه معها، فأي تهور أو تجاوز معها قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
حاول أن يبرر لها رفضه لذهابها قائلاً بإنزعاج:
-إنتي ناسية اللي عمله فيكي قبل كده؟

علقت غصة في حلقها وقد تذكرت قسوته العنيفة معها حينما توفت والدتها. لم يكن بقلبه أي شفقة.
أخفضت رأسها متخاذلة لتهمس بنبرة مختنقة:
-بس ده بيتنا، يعني حياتي كلها، إنت .. إنت مش فاهم حاجة!

نفخت نيرمين بحنق، فقد بغضت استغلال ابنة خالها لقناع البؤس والشفقة لتستعطف الأخرين نحوها وخاصة هو.
فهمست من بين شفتيها بسخط:
-خشي عليه باسطوانة الهم بتاعة كل مرة!

تفاجأت أسيف بيده تلامس طرف ذقنها برفق لترفع وجهها نحوه.
حدقت فيه مدهوشة من تلك الحركة المباغتة، بينما شهقت نيرمين مصدومة من فعلته.

رد عليها منذر بجدية وهو مسلط أنظاره المزعوجة عليها:
-إنتي مش مقدرة الموقف كويس، سفرك لوحدك هناك معناه إنك بتديله فرصة يعمل اللي عاوزه معاكي من غير ما يكون في حماية ليكي! خالك فتحي مش سهل، وألاعيبه كتير، وانتي بنفسك جربتيه بدل المرة اتنين!

تراجعت أسيف برأسها للخلف لتحرر ذقنها من ملمس يده الذي أصابها بالتوتر.
حاولت أن تبدو صلبة وهي ترد بعِند:
-لو بتفكر تمنعني مش هاتعرف، ده مش الدكان عشان تشتريه، ده بيتي، يعني ملكي، فيه ذكرياتي، وعمري كله و....

قاطعها قائلاً بغموض:
-اديني فرصة أشرحلك اللي أنا عاوزه

كانت تقف على فوهة بركان يثور بحممه الملتهبة، هي كمن لا وجود له وسطهما.
يتلامسان بالأصابع، يتبادلان النظرات والعبرات وهي كالمشاهد الصامت.
شعرت بدمائها المغلية تحرق روحها من الداخل، فهتفت بانفعال ثائر:
-ما يولع البيت ولا يتحرق على اللي فيه، احنا مالنا، انتي جاية وجايبة الخراب معاكي، ومش هترتاحي إلا لما تخلصي علينا كلنا بمصايب اللي ما بتخلصش!

عجزت أسيف للحظات عن الرد عليها بسبب طريقها الهجومية والغير مراعية لمشاعرها.
وقبل أن تضيف المزيد، كانت والدتها قد عادت إلى الغرفة، فنظرت إلى ابنتها باستغراب.
كان صوتها صادحًا بالخارج، لكنها لم تفهم سبب ثورتها، وحينما دققت النظر ورأت أسيف في وعيها، انفرجت شفتاها عن بسمة راضية هاتفة بعدم تصديق:
-بنتي، الحمدلله إنك فوقتي وبقيتي أحسن!

مدت ذراعيها بحفيدتها نحو ابنتها، واقتربت من ابنة أخيها لتحتضنها وتقبلها من رأسها.

دلكت ظهرها برفق بكفها، وربتت على كتفها قائلة بود:
-ربنا يبعد عنك أي شر!

ردت عليها أسيف بامتعاض:
-يا رب

تفرست عواطف في وجهها، ومررت أنظارها على أوجه البقية، فلاحظت توتر الأجواء وشحونها من صمتهم المريب.
توجست خيفة أن يكون خطب ما قد حدث أثناء غيابها، لذلك تساءلت بقلق:
-هو .. هو حصل حاجة تانية؟

أجابها منذر بهدوء حذر:
-هيحصل لو ما اتصرفناش صح!

نظرت له بغرابة وهي تسأله بحيرة:
-أنا مش فهماك يا بني؟ انت بتكلم عن ايه؟


شـــــرح لها ببساطة عن إصرار ابنة أخيها على الذهاب بمفردها إلى بلدتها الريفية للتحري عن ذلك النبأ المؤسف الخاص باحتراق منزل والديها الراحلين، ورفضها تصديق خطورة الموقف.
انزعجت عواطف من عنادها، وهتفت معارضة:
-لا يا بنتي، مش هانسيبك تروحي لوحدك!

بكت أسيف بقهر لعجزها عن تفسير مشاعرها عن أهمية ذلك المنزل لها، وضرورة ذهابها المُلح إلى هناك.
أشفقت عليها عواطف هاتفة بتوسل:
-يا بنتي اهدي واسمعيني، قريبك ده راجل شراني، والله ما هيسيبك في حالك، تلاقيه مدبرلك على نية سودة!

ردت عليها بصوتها المنتحب وهي تكفكف عبراتها بكفها:
-ده بيت بابا يا عمتي، انتو مش فاهمين هو بالنسبالي ايه، لازم أروح أشوفه، هو بيكدب عليا، بيكدب!!!

مسحت عواطف وجهها براحتيها قائلة برجاء:
-طيب اهدي يا بنتي، وبطلي عياط!

نفخ منذر مستاءً من عنادها الأحمق. وضع يده على مؤخرة رأسه ليحكها بعصبية، ثم هتف من بين شفتيه بجدية:
-ماشي، وأنا معاكي انه بيكدب، والبيت زي ما هو! وإنه قال بس كده عشان يجر رجلك لهناك!

نظرت له بأعينها الدامعة دون أن تنبس ببنت شفة.
اقترب منها أكثر، ثم أخرج زفيرًا مزعوجًا من صدره وهو يضيف بغموض مقلق:
-طيب مفكرتيش للحظة إنه ممكن يكون فخ عامله ليكي؟

تخبطت أفكارها من كلماته المريبة تلك.
ربما يكون محقًا في أغلبها، لكن رغبتها في الذهاب أقوى من أي خوف.
ظل منذر محدقًا في عينيها دون أن يطرف له جفن، ثم تابع محذرًا بجمود:
-الراجل ده معتبر إن ليه تار عندنا، وصدقيني مش هايعديه بالساهل، فأكيد بيدبرلك حاجة!

تابعت نيرمين ما يدور بينهما بتجهم كبير ظاهر على محياها، وعلى قدر المستطاع جاهدت ألا تثور من جديد كي لا تخسر ما تبقى لها من فرص أمام منذر..
تمتمت مع نفسها بازدراء:
-يا ريته كان طخك عيارين وموتي وريحتينا كلنا!

ظلت أسيف صامتة لبرهة معيدة تفكيرها فيما قاله، لكن مشاعرها لا تزال هي المحرك الأساسي لها، فهتفت بصوتها المبحوح:
-اطمن على بيتنا الأول وبعد كده يحصل اللي يحصل، المهم بيتنا يكون بخير ومش حصله حاجة!

ود لو استطاع خنقها بيديه بسبب حماقتها الهوجاء، هي لا تقدر خطورة الموقف. تتصرف وفق أهوائها حتى وإن كانت مضللة.
رفع كفيه في الهواء هاتفًا بسخط:
-اها.. يعني مش فارق معاكي لو حبسك، ولا حتى خطفك وجوزك لأي كلب يعرفه!

ابتلعت ريقها بتوجس، وأصرت قائلة:
-ده.. ده بيتنا!

أطلق منذر لفظًا نابيًا من بين شفتيه ولكن بصوت خفيض معبرًا عن سخطه الكبير من حمقها.
رمشت بجفنيها ممتعضة من كلمته الفجة، لكنها لم تعقب عليه.

أوشك على فقدان أعصابه أكثر، فهتف باقتضاب:
-أنا طالع برا شوية!

ثم تحرك بخطى متعجلة إلى خارج الغرفة ليضبط انفعالاته.
لم يبتعد كثيرًا، بل استند بظهره على الحائط القريب.

أغمض عيناه، وأخفض رأسه قليلًا هامسًا لنفسه بغيظ محتقن:
-غبية!

استشاطت نيرمين أكثر مما تفعله خاصة في حضور منذر، خاصة لأنها تنجح في الاستحواذ على اهتمامه بطريقتها تلك.
تأججت بداخلها شحنة غاضبة، فقاومت رغبتها في إفراغها فيها، وبتريث أسندت رضيعتها على الأريكة مانعة نفسها من الخروج عن شعورها كي لا يظهر وجهها الحقيقي في وجوده.
هي لا تريد إفساد الأمر على أهون سبب.

أرادت عواطف أن تثني ابنة أخيها عن رأيها، فاقترحت قائلة بهدوء:
-طيب بصي أنا عندي فكرة احنا نطمن على بسمة الأول وبعدها نروح نشوفه!

ردت عليها نيرمين باستخفاف وهي تستدير نحوها:
-يا عالم بسمة هاتقوم من اللي هي فيه امتى!

ثم رمقت أسيف بنظرات احتقارية وهي تضيف بحنق:
-والهانم مش صابرة، إياكش الناس تموت والدنيا تولع من حواليها، بس المهم هي والمخروب بتاعها!

اصطبغ وجــــه الأخيرة بحمرة غاضبة من كلماتها المهينة والمسيئة إليها، ولم تستطع تحمل إهانتها أكثر من هذا، فهدرت فيها بعصبية وهي تشير بيدها:
-ماتتكلميش عن بيتنا كده! محدش نصبك قاضي عليا، كل مصيبة تحصل تقولي أنا اللي وراها، لأ أنا السبب فيها، إنتي مجربتيش تخسري حاجة واحدة من اللي أنا خسرتها

ردت عليها نيرمين بشراسة:
-وانتي معشتيش لحظة من اللي عشتها، كل اللي بتعمليه سهوكة ومحن ودموع تماسيح عشان تتمحكي في غيرك يمكن يحنو عليكي!

التقطت أذناه بالخــــارج صوتها المرتفع، فانتبهت حواسه بالكامل لطريقتها الفجة في الحديث.
حدق أمامه بثبات وهو يصغي إلى باقي هجومها الكلامي العنيف.
التوى ثغر نيرمين للجانب وهي تواصل حديثها بنبرة عدائية:
-جايز تقدري توقعي واحد فيكي بلؤم الفلاحين بتاعك، بس أنا كشفاكي من زمان، وفهمت حركاتك دي من أول يوم جيتي فيه هنا، واللي بترسمي عليه في مخك، وحطاه في دماغك عشان يقع في دباديبك مش هايحصل، سمعاني، مش هايحصل لأني غصب عنك هاخده منك! هو بتاعي وبس!

نظرت أسيف مدهوشة من حديثها الأكثر فحشًا على الإطلاق، هي تطعنها في سمعتها علنًا وبوقاحة شرسة.

وزعت عواطف أنظارها المستنكرة بين الاثنتين هاتفة بعدم تصديق:
-والله عيب اللي بيتقال ده! ميصحش كده! إنتو عاوزين الراجل يقول علينا ايه؟

ردت عليها نيرمين بعدم اكتراث:
-خليه يعرف الأشكال اللي مديها قيمة على حقيقتها، وهي ماتسواش جزمة قديمة في رجلي!

دنت أكثر منها مواصلة حديثها بنبرة مهددة:
-بس انتي متعرفنيش يا يا ..بنت رياض خورشيد، أنا مش بأرحم اللي يفكر بس ياخد حاجة مني، افتكري ده كويس، أنا والطوفان من بعدي!

لم يتخيل منذر مطلقًا أنه يتعامل مع شخصية حقودة مثلها، وتعجب أكثر لجحود قلبها نحو الأقرب إليها.
وجهًا أخرًا كشف إليه منها، فضاقت نظراته بسخط جلي، مُحال أن تربطهما صلة دم وود ومحبة كما تزعم وهي تضمر نوايا سيئة تجاهها.
أسلوبها الهجومي يعكس جزءًا من حقيقتها البشعة.
لم يكن رأيه فيها من فراغ ..
هي لا تصلح له حتى لو كانت أخر النساء على الأرض، ربما والدته مخدوعة في طيبتها الزائفة بسبب رغبتها الغريزية في الحصول على حفيد من صلبه من امرأة قادرة على الإنجاب، لكن بات الأمر محسومًا بل الأصح مقضيًا بالنسبة إليه ...............................!!
............................................


Layla Khalid likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 19-01-18, 02:35 PM   #367

sayowa

? العضوٌ??? » 353029
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 99
?  نُقآطِيْ » sayowa is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

sayowa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-18, 04:15 PM   #368

ام^عزووز

? العضوٌ??? » 125836
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 358
?  نُقآطِيْ » ام^عزووز is on a distinguished road
افتراضي

اللهم لك الخمد على جميع نعمك

ام^عزووز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-01-18, 09:24 PM   #369

Msamo
 
الصورة الرمزية Msamo

? العضوٌ??? » 366128
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,823
?  نُقآطِيْ » Msamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond repute
افتراضي

جميل بس عودتينا على أطول من كدة

Msamo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-01-18, 01:28 AM   #370

rasha shourub

? العضوٌ??? » 267348
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,873
?  نُقآطِيْ » rasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond repute
افتراضي

طيب انتي امتى هتولعي في نيرمين وتريحينا منها فعلا اسيف المصايب وراها المروض منذر يتقدم ويتجوزها علشان يحميها هو مستني ايه انا خايفة على الدكتورة فاطمة من الحيوان مجد ده اامفروض يتعدم تسلم ايديكي

rasha shourub غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.