آخر 10 مشاركات
لو..فقط! *مميزة**مكتملة** (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          صقور تخشى الحب (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة الوطن و الحب (الكاتـب : bella snow - )           »          71 ـ هل تجرؤين؟ ~ جيسكا ستيل (مكتوبة/ كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          غسق الماضي * مكتملة * (الكاتـب : ريما نون - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-01-18, 11:18 PM   #381

Emy Abo-Elghait

نجم روايتي و قلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Emy Abo-Elghait

? العضوٌ??? » 2605
?  التسِجيلٌ » Feb 2008
? مشَارَ?اتْي » 5,170
?  مُ?إني » عروس النيل
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Emy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond reputeEmy Abo-Elghait has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


من أجمل و أروع الروايات ... شكرا يامبدعه

Emy Abo-Elghait غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 12:46 AM   #382

ovis

? العضوٌ??? » 269063
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 370
?  نُقآطِيْ » ovis is on a distinguished road
افتراضي

مافيه بارت هالاسبوع ؟

ovis غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 01:51 AM   #383

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

الفصل التاسع والخمسون:

اعتدل في جلسته بعد أن سجد للمرة الأخيرة ليشرع فيما تبقى من صلاته قبل أن يفرغ منها تمامًا، ارتخى قليلًا وهو يعاود ثني ساقيه أسفله، ثم أمسك بمسبحته يحركها ببطء شديد متمتمًا بأدعية من الذكر.
تنهد الحاج إسماعيل بعمق وظل يهز رأسه بثبات وهو يتضرع للمولى عزوجل أن يتجاوز عن سيئاته، في نفس التوقيت ولج إلى المسجد أحد الشباب وهو يلهث بتوتر شديد، جاب بأنظاره المكان من الداخل باحثًا عن شخص بعينه، شعر بارتياح كبير حينما لمحه بجوار أحد الأعمدة، فأسرع في خطواته قاصدًا إياه.
هتف الشاب بصوت متقطع:
-حـ.. حاج إسماعيل!
رفع الأخير رأسه نحوه متفرسًا في وجهه بنظرات غريبة وهو يرد:
-بلال! خير يا ابني؟
جثى بلال على ركبتيه هاتفًا بصوت خفيض ولكنه حذر للغاية:
-حاج إسماعيل، أنا.. أنا كنت عاوزك في حاجة كده، فاضي شوية؟
أومــأ برأسه قائلاً:
-ايوه، في حاجة حصلت؟
أجابه بارتباك ملحوظ:
-أنا مش عارف إن كنت صح ولا غلط، بس.. بس أنا بقالي يومين محتار
تعقدت تعابير وجه إسماعيل نوعًا ما متسائلاً بجمود:
-ما تتكلم يا بلال على طول، عاوز تقول ايه؟
ازدرد بلال ريقه وهو يجيبه بتلعثم:
-هو يا حـــاج لو.. لو الواحد شاف حاجة و..... وسكت عنها يبقى كده كتم شهادة حق؟!
رد عليه الأخير بحكمة:
-ده يعتمد على اللي شافه، إن كان خير ولا شر، إن كان في مصلحة غيره ولا هيضره، بس في كل الأحوال مش لازم نكتم الشهادة، لأن ممكن يكون فيها نجاة لحد بريء!
آمـــال بلال برأسه للأمام، وهمس بغموض حذر:
-أصل أنا.. ... بصراحة مش عارف إن كان ده ليه علاقة بدار خورشيد ولا لأ!

بدا الاهتمام على تعابير وجه إسماعيل عقب جملته المريبة تلك، فسأله مستفهمًا:
-وضح كلامك أكتر! تقصد ايه؟
أجابه بتريث خافت:
-أنا كنت معدي ناحية الغيط اللي في البر الغربي، وشوفت واحد جاي من ناحية الدار!
عقد الحاج إسماعيل ما بين حاجبيه مرددًا بهدوء:
-ما جايز كان معدي من الطريق اللي هناك!
هتف بلال معترضًا بانزعاج:
-لالالا يا حاج إسماعيل مش كده!
ثم أخففض نبرته ليكمل بتوتر:
-ده زي ما يكون كان خارج من جوا الدار، وطلع يجري وسط الزراعية زي ما يكون هربان من حاجة، وبعدها بشوية عرفنا بالولعة اللي مسكت في الدار!
اتسعت حدقتي الأخير باندهاش كبير وهو يسأله بجدية:
-إنت متأكد من الكلام ده؟
هز رأسه بالإيجاب وهو يرد:
-اه يا حاج، زي ما بأكلمك كده!
صمت الحاج إسماعيل لبرهة ليفكر مليًا فيما قاله، ثم أردف متسائلاً:
-طب الجدع اللي شوفته حد نعرفه، من البلد يعني ولا ...؟
حرك رأسه نافيًا وهو يجيبه:
-لأ يا حاج إسماعيل، أنا مشوفتوش أوي، بس.. بس شكله غريب عن هنا!
توقف الحاج إسماعيل عن تحريك حبات مسبحته، وأشار له بسبابته مضيفًا بهدوء جاد:
-بس ده مش معناه إنه عمل الحكاية دي!
فرك بلال ذقنه هاتفًا بنبرة شبه مقتنعة:
-ايوه، جايز بردك..!
ثم صمت للحظات قبل أن يهتف بتلهف وكأنه قد تذكر شيئًا ما:
-بس أنا لمحت نفس الراجل واقف مع الحاج فتحي!!!
ارتفع حاجبي الحاج إسماعيل بذهول مصدوم وهو يهتف من بين شفتيه بعدم تصديق:
-الحاج فتحي!
أومــأ برأسه قائلاً بتأكيد:
-اه
لم يبدو الأخير مقتنعًا بتورط رفيقه في مسألة إحراق الدار، فهتف مدافعًا عنه بهدوء:
-طب ازاي انت بتقول شكله غريب عن هنا، وواقف مع الحاج فتحي؟!
أجابه دون تردد:
-أنا كنت سايق الماكنة وطالع على الجمعية الزراعية أجيب تقاوي، فشوفت نفس الراجل بنفس الهدوم واقف معاه يكلمه!
أثــــار الموضوع شكوكه بصورة مبالغة، فربما لم ينسَ الحاج فتحي بعد ما حدث مع ابنة ريــاض، وأراد الانتقام منها دون أن يدري أحد بهذا.
همس لنفسه بتوجس كبير:
-شكل الموضوع فيه إن.. وإن كبيرة أوي!
تفرس بلال في وجهه محاولاً تخمين ما يفكر فيه، خاصة بعد أن طــــال صمته.
استطرد الحاج إسماعيل حديثه متسائلاً:
-طيب في حد يعرف بالكلام ده غيري؟
هز رأسه نافيًا بجدية:
-لأ يا حاج!
مط فمه ليقول بهدوء رزين:
-ماشي يا بلال..
تساءل الأخير بحيرة واضحة عليه:
-طب هاعمل ايه يا حاج؟ يعني قولي أتصرف ازاي؟
أشـــار له بسبابته مرددًا بنبرة عقلانية:
-استنى أما أشوف الحاج فتحي الأول وبعد كده هاقولك تعمل ايه، بس لحد ما أعمل ده ماتجبش سيرة باللي قولته لحد!
-ماشي!
تنفس الحاج إسماعيل بإنهاك وهو يضيف لنفسه بقلق:
-ليه كده بس يا فتحي، شكلك ورطت نفسك في بلوى، ومش هتخلص منها أبدًا!
...................................

اكتشف جزءًا دنيئًا من شخصها الحقير، جزءًا لا يعرف إلا القسوة والجحود، هي برعت في ارتداء قناع البراءة وخدعت به من هم على سجيتهم، لكنها لم تتمكن أبدًا من إقناعه بحيلها، لم يرد إظهار معرفته بما يضمره قلبها، فتعمد رفع نبرة صوته ليحذر قاصدًا الإشارة إلى وجوده بالرواق:
-ماشي يا دكتور، ولو في حاجة بلغني!
انتبهت نيرمين لصوته الصادح، فتراجعت نحو للأريكة لتجلس إلى جوار رضيعتها، رسمت على ملامحها تعابير جامدة، وكأنها كالحمل الوديع.
طعنات أخـــرى تلقتها أسيف من الأقرب إليها، وهي التي لم تعامل أي منهم بالسوء، ذنبها الكبير، بل جريمتها الفادحة أنها أرادت فقط أن تحظى بعائلة أكبر، وفي مقابل هذا خسرت ما بقي من كرامتها ناهيك عن الإساءة إلى سمعتها، ابتلعت مرارة الإهانة بقهر عاجز، وكسى الحزن وجهها.
نظرت إليها عواطف بقلة حيلة، فهي لا تستطيع صد ابنتها عن الاستمرار في أسلوبها الفج معها، دومًا تحبطها بكلماتها اللاذعة أو تعنفها بفظاظة موجعة.
ولج منذر إلى داخل الغرفة، وسلط أنظاره على أسيف التي كانت في حالة لا تُحسد عليها، لم يبعد أنظاره عنها، وظل محدقًا بها مطولًا بقصد إغاظة تلك السمجة التي تجلس خلفه، كم ود أن يلقنها درسًا قاسيًا لوقاحتها الشرسة معها، لكن من الكلمات ما يُقتل، ولهذا أراد أن يذيقها من حدته الجافة. استطرد حديثه قائلاً بصلابة:
-عاوز تسمعي كلامي للأخر، و تبقي متأكدة إن الموضوع ده لمصلحتك مش لحاجة تانية!
طالعته أسيف بنظرات حائرة، فقد بدا حديثه غامضًا بالنسبة لها، لكنه كان مقلقًا لنيرمين التي كانت تحترق بغيرتها من خلفه.
تساءلت عواطف بفضول:
-مصلحة ايه دي؟
أضافت أسيف بتوتر:
-أنا مش فهماك
دنا منها لتتقلص المسافات أكثر بينهما، وتشتعل ألسنة الحقد بداخل نيرمين
وقف قبالتها، وأسبل عينيه نحوها وهو يجيبها بنبرة هادئة لا يعكر صفوها شيء:
-انتي عاوزة تشوفي بيت أبوكي، صح؟
أومـــأت برأسها إيجابًا دون أن تلفظ بكلمة واحدة، فتابع بجدية مريبة:
-وعشان تخشي البلد عندكم لازم تبقى راسك مرفوعة، محدش كاسر عينك بحاجة، مظبوط؟
ردت بصوت خفيض يشوبه الارتباك:
-أيوه
زادت نبرته غموضًا وهو يقول:
-وخصوصًا لو قريبك فتحي ده حب يفرد عضلاته عليكي
هزت رأسها بإيماءات متتالية مرددة بقلق:
-أها
صمت لثوانٍ لتُشحن الأجواء أكثر، ثم تابع بجدية تامة دون أن يطرف له جفن
-خلاص يبقى أخطبك رسمي!
فغرت أسيف شفتيها مشدوهة من اقتراحه الغير متوقع، وظلت تنظر له ببلاهة محاولة استيعاب ما قاله توًا، عقدت المفاجأة لسانها وجعلتها تصمت مجبرة، وكأنه في نفس الوقت قد ألقى بقذيفة (أر بي جي) في وجــــه نيرمين ليفتك بها في الحال، فصرخت شاهقة بلا وعي وهي تلطم على صدرها:
-يا نصيبتي! تخطبها!
التفت منذر برأسه نحوها لينظر لها ببرود مستمتعًا بردة فعلها. ثم أجابها بشماتة متعمدًا استفزازها:
-أه، ومن أمك.. الست عواطف! ها عندك مانع؟
اتسعت حدقتيها على الأخير حتى كادتا تخرجان عن محجريهما، فابتسم لها ابتسامة متشفية، هي نالت ما تستحقه عن جدارة. يكفيه رؤية تلك الحسرة في عينيها ليشعرها بقيمتها الحقيقية، للحظات شعرت بارتخاء ساقيها وعجزها عن الوقوف من قوة تأثير الصدمة.
طارت أحلامها الوردية وذهبت في مهب الريح، وتبخرت مخططاتها المستقبلية في ثوانٍ معدودة.
هتفت عواطف متسائلة باندهاش عجيب لتخرجه من شروده السريع:
-بس ايه الفايدة من إنك تخطبها يا ابني، و.....؟
استدار ناحيتها ليجيبها بجدية صلبة:
-لأن اللي زي قريبها وغيره هايتكاتروا عليها، وهي جربت ده قبل كده معاه!

كان محقًا في هذا، فرفعت أسيف عفويًا يدها نحو وجنتها لتتحسسها متذكرة تلك الصفعة العنيفة التي تلقتها منه في أصعب أوقاتها، ألمه رؤيتها تفعل هذا، فقد كان شاهدًا على شراسته معها،
أضــاف بامتعاض محاولاً تمرير تلك الذكرى المزعجة عن باله:
-الحريم عندهم مالهومش قيمة، وهيستفردوا بيها، ومش بعيد يطردوها كمان ويبهدلوها!
حدقت فيه أسيف بوجه خالٍ من التعابير، كلماته كانت كحد السيف، أغلبها صائب.. فهي قد رأت الجانب الأخر من حقيقة الحاج فتحي.
بدت نبرته أكثر خشونة وهو يكمل بنبرة صارمة:
-لكن لما تروح وهي في حماية راجل هما عارفين يقدر يعمل ايه كويس هيفكروا ألف مرة قبل ما يتعرضولها ولا حتى يمسوها بشعرة!
كانت رافضة وبشدة لذلك الاقتراح، هي لا تريد الدفع بنفسها في أمر لا تضمن عواقبه، لذلك اعترضت هاتفة بتوتر:
-بس.. بس أنا مش عاوزة أتخطب ولا أتجوز حد!
أرادت نيرمين إفســــاد الأمر بعد أن استشعرت خطورة الموقف، لقد تخطى أبعاده ما خططت له، لذلك عمدت إلى ذكر مسألة الدكان، لعلها تنجح في إحداث مشاحنة جديدة بينهما، هتفت هي بنبرة مزدرية:
-وماله، وأهوو بالمرة تمسك الدكان كله! برافو يا سي منذر!
استشاطت نظراته نحوها بعد جملتها تلك. لكنه ضبط انفعالاته ليفكر سريعًا في حل لتلك المعضلة قبل أن ترفض أسيف اقتراحه بسبب نزق تلك الحقودة الأهوج.
لوهلة تناست أسيف مسألة دكانها العتيق، فتجمدت نظراتها على نقطة ما بالفراغ، وقبل أن يعبث شيطان رأسها أكثر بأفكارها، أخرجها منذر من شرودها صائحًا بجمود وهو يفرقع بإصبعيه أمام وجهها:
-انتي لسه ما سمعتيش كلامي للأخر!
انتبهت له، وضاقت نظراتها نحوه وهي ترد بحدة خفيفة:
-حاجة غير الدكان؟
أجابها بجدية:
-لو عقلك مصورلك إني بأعمل ده عشان خاطر الدكان تبقي غلطانة، دكانك هرجعهولك لو وافقتي على الخطوبة!
اندهشت من كلماته الأخيرة، وهمست غير مصدقة تطور الأمور معها:
-ايه؟
تابع منذر موضحًا بثبات:
-اعتبريه مهرك، هاعملك تنازل عن حصتي فيه!
شهقت نيرمين مصدومة وهي تتساءل:
-انت بتكلم بجد؟
رمقها بنظرات نارية مجيبًا إياها بقسوة:
-أكيد مش بأهزر، وبعدين ده كلام بيني وبينها، وأمك وبس، فبلاش تتحشري في اللي ملكيش فيه!
لم تتحمل أكثر من هذا، فنهضت من على الأريكة مواصلة صراخها المصدوم:
-بقى إنت يا سي منذر عاوز تخطب دي، لييييه؟ واشمعنى هي بالذات!
تجاهل الرد عليها بعد أن نظر لها باحتقار، ثم استدار برأسه ليحدق في أسيف التي كانت محدقة بنيرمين، فردة فعلها حقًا كانت مبالغة فيها حتى وإن كان احتجاجها الرافض يثير بداخلها تساؤلات كثيرة.
هي مصدومة من تصريحه، لكنها لا تقارن بصراخ نيرمين المتواصل.
هتفت أسيف معترضة:
-يعني عشان أشوف بيتنا أتخطبلك، ده اسمه جنان رسمي، استحالة أوافق على ده!
رد عليها بهدوء جاد:
-بصي على النص التاني من الموضوع، هايرجعلك الدكان!

أصرت على رفضها قائلة بثبات:
-لأ، مش موافقة!
ضغط على شفتيه مغتاظًا من عنادها الأحمق، هو مُصر على الارتباط الرسمي بها ومتمسك بتنفيذه لأبعد الحدود، ولن يتنازل عن هذا الأمر مهما حدث، ليس الأمر بسبب تلك الأسباب الظاهرية التي أعلن عنها، وإنما لأسباب أخرى تخصه لا تدري هي عنها أي شيء. لكن حينما يحين الوقت المناسب ستعرفها ...
تابع قائلاً بنبرة عقلانية متريثة:
-خدي وقتك وفكري كويس!
أوشكت على فتح شفتيها لتقول شيء ما، لكنه وضع سبابته على فمها في حركة جريئة ومفاجئة منه مكملًا بتحذير:
-ويا ريت تنسي أي خلافات بينا، وتبصي لمصلحتك الأول!
جحظت نيرمين بعينيها غير مصدقة ما تراه الآن، هو يتعمد استثارة انفعالاتها أكثر بتصرفاته المتجاوزة معها، احتدت ثروتها المكتومة بداخلها، واصطبغ وجهها بحمرة مبالغة.
سحب منذر إصبعه للخلف مضيفًا بابتسامة عذبة:
-أنا مش مستعجل ردك، بس احسبيها صح يا بنت رياض!
شعرت نيرمين أن الأمر يفوق قدرتها على الاحتمال، فأصاب رأسها دوار كبير، وترنح جسدها على إثر قوته التي كادت تفتك بها.
لاحظت عواطف ما أصاب ابنتها، فهتفت بذعر:
-نيرمين!
تسارعت أنفاسها فخرج صوتها لاهثًا وهي تقول بصعوبة:
-الحقوني، آآه! دماغي هتنفجر!
هوى جسدها المنهك نفسيًا على الأريكة، فأسرعت والدتها نحوها لتتفقدها هاتفة بفزع:
-بنتي، مالك يا نيرمين؟ ايه اللي حصلك؟
تسمر منذر في مكانه غير مكترث بما آلم بها، بينما بقيت أسيف في مكانها جالسة على طرف الفراش شاردة في عالم أخر، التفت بأعينه نحوها، وطالعها بنظرات أكثر عمقًا، تمنى لو تركت مشاحناتهما جانبًا وفكرت بتعقل في اقتراحه، ربما يكون هو أول دربه الصحيح معها لتكتشف بتأنٍ ما يكنه من مشاعر لها.
.............................................

-اللي قالك كده كداب، وابن ستين .....!!
هدر الحاج فتحي بتلك العبارة مستنكرًا اتهام رفيقه الحاج إسماعيل بتدبير حادث إحراق منزل رياض خورشيد.
نظر له الأخير قائلاً بجمود:
-وهو هيفتري عليك بالباطل، أكيد لأ يا فتحي!
رد عليه محتجًا بانفعال:
-وانت صدقته على طول، ده شكله واحد من اللي بيكرهوني وعاوز يلبسني في نصيبة!
اعترض الحاج إسماعيل على هجومه قائلاً بتريث:
-هو مش من دول! أنا واثق فيه!
صاح فيه بغضب:
-لأ يا حاج إسماعيل، أنا عاتب عليك!
دقق الأخير النظر في وجهه، بدا غير مقتنع بعصبيته الزائدة، فبلال مشهود عنه بنيته الطيبة، وصدق أقاويله، هو لا يدعي بالباطل على أي شخص، لكنه كان أمينًا فيما رأه.
أردف الحاج إسماعيل قائلاً بتمهل:
-عمومًا لا عتاب ولا لوم، الحكاية في ايد المركز وهما هيتصرفوا!
رد عليه بتهكم:
-يا ريت، عشان الحق يبان!
تساءل إسماعيل باهتمام:
-على كده بنت المرحوم رياض عرفت باللي حصل في دارهم
التوى ثغره للجانب وهو يرد على مضض:
-أيوه، أنا قولتلها
سأله مهتمًا بمعرفة ردة فعلها:
-أها.. وقالت ايه؟
تهدل كتفيه للأسفل قائلاً بنبرة غير مبالية:
-معرفش، ومايفرقش معايا!
اقتضب الحاج إسماعيل في حديثه معه بعد حصوله على ما يريد، فهتف قائلاً:
-طيب.. فوتك بعافية!
توجس فتحي خيفة أن يكون أمره قد كُشف، فهتفت بتوتر بائن عليه:
-إنت كنت جاي في ايه وماشي على طول؟!
أجابه بهدوء جاد:
-جيت أفهم منك اللي حصل، وطالما إنت ملكش دعوة خلاص هاخلي اللي بلغني يقول اللي يعرفه للمركز، وهما ......
صاح فتحي مقاطعًا بانفعال:
-إنت عاوز تورطني وخلاص يا حاج إسماعيل؟
رفع يده أمام وجهه قائلاً بعبوس:
-لأ، بس مقدرش أسكت عن الحق، ودي كتم شهادة مهمة جايز تفيدهم
ارتبك فتحي أكثر من إصراره على المضي قدمًا في إبلاغ الشرطة بما رأه ذلك الشخص الغامض، فهتف مهددًا بتهور:
-انت كده بتخسرني يا حاج!
تيقن الحاج إسماعيل وجود خطب ما من توتره الزائد عن الحد، فسأله بجدية:
-وإنت خايف من ايه؟
ابتلع ريقه مرددًا بحذر:
-مش خايف، بس هاتعمل شوشرة مالهاش داعي حواليا، وإنت عارف الناس في البلد هنا مابتصدق
رد عليه إسماعيل بجمود:
-صاحب الحق مابيخفش يا حاج فتحي!
ثم ابتسم بثقة قبل أن يودعه قائلاً:
-سلامو عليكم يا حاج فتحي!
لم يبادله السلام، بل ظل محدقًا فيه وهو يبتعد بنظرات قاتمة، لقد حدث خطأ غير مقصود في مخططه سيودي به إلى التهلكة.
همس من بين شفتيه بحنق:
-آآآخ، طلعلي منين الكلب ده؟
كور قبضة يده ضاغطًا على أصابعه بقوة وهو يضيف بنبرة متوعدة:
-بس لو أعرف هو مين .!!
............................................

أصدرت أنينًا خافتًا وهي ترتشف القليل من كوب الماء الذي تمسك به والدتها، وضعت يدها الأخرى على جبينها تتحسسه برفق، ثم حركت رأسها للجانبين ناظرة حولها بأعين زائغة.
وجدت نفسها ممددة على الأريكة بنفس الغرفة.
تأوهت مجددًا، ثم ابتلعت ريقها وهي تتساءل بنبرة ثقيلة واهنة:
-أومال .. أومال سي منذر فين؟
أجابتها عواطف بتنهيدة ارتياح:
-خضتيني عليكي!
ردت عليها نيرمين بإلحاح:
-هو.. هو مشى؟
أسندت عواطف الكوب على الطاولة القريبة، ثم أجابتها بإيماءة مؤكدة برأسها:
-أيوه!
فركت نيرمين جبينها بأصابع يدها متسائلة بفضول:
-طب.. طب ايه اللي حصل؟
ردت عليها أمها ببساطة:
-وقعتي من طولك واحنا بنتكلم!
للحظة ظنت أنه اهتم بها حينما فقدت وعيها، وربما يكون قد حملها مثلما فعل مع البائسة أسيف، فهتفت متسائلة بتلهف:
-وسي منذر عمل ايه؟
ردت عليها عواطف بفتور:
-ولا حاجة!
تشكلت علامات الانزعاج على وجهها، خاب ظنها تماماً، حاولت أن تضبط أعصابها، فسحبت نفسًا عميقًا، ثم زفرته على مهل وهي تضيف متسائلة بتجهم:
-طب.. طب مين شالني؟
هزت عواطف كتفيها قائلة بسجيتها:
-محدش، انتي وقعتي على الكنبة، وأنا فردت جسمك عليها، وفضلت جمبك لحد ما منذر نده للدكتورة تشوفك
كادت تصاب بالشلل من تبخر أبسط ما تمنته، فكزت على أسنانها متابعة بامتعاض جلي:
-كمان، طب وبعدين؟ يعني هو مثلًا اتخض عليا و...
قاطعتها قائلة بجفاء:
-لأ، سابك ومشى يشوف اللي وراه!
عجزت عن الرد عليها من قوة تأثير الصدمة عليها، فكل ما فكرت فيه وهي فاقدة للوعي صار هباءً منثورًا، وكأنه لم يكن من الأساس، لم يهتم بها، ولم يعبأ بإحساس الغيرة بداخلها. بل الأسوأ أنه لم يشعر بوجودها.
سيطرت عليها الحسرة وهي تتمتم بازدراء ساخط:
-ايييه! مشى، يادي أم النحس اللي أنا فيه، حتى في دي فقر .............................. !!!!
......................................

Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 02:17 AM   #384

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9

الفصل الستون:

اعتاد التسلل خلسة دون أن ينتبه لوجوده أحد ليطمئن عليها بعد أن يعطي الممرضة المسئولة عن رعايتها بداخل غرفة العناية الفائقة مبلغًا نقديًا لتسهل مروره للداخل في غير أوقــــات الزيارة الرسمية كي يحظى بفرصته معها دون أي مقاطعة، كان يراقبها لفترات مطولة ممعنًا النظر في تفاصيل وجهها المستكين، لم يأتِ بباله مطلقًا أنه سيحب من جديد بعد الخدعة التي وقع بها، بل وسيتعلق فؤاده بها تحديدًا، تلك التي كانت بعيدة كل البعد عن مخيلته لتتسلل على مهل بطريقة أو بأخرى إليه فتحوز على مكانة خاصة بها في قلبه.
تنهد ديــــاب بعمق مخرجًا ثقلًا كبيرًا مليئًا بالهموم يجثو على صدره. أخفض نظراته ليحدق في ملخص تقريرها الطبي المعلق على حافة الفراش لكنه لم يفهم منه شيئًا. ما أراحه نوعًا ما أنه لم يفوت فرصة للسؤال عن تطور حالتها الصحية من الأطباء المتابعين لها.
دنا من فراشها أكثر، وطالعها بنظرات شغوفة محببة.
حرك يده ناحيتها، ثم تلمس كف يدها الساكن بحذر تام .
انحنى على رأسها ليهمس لها قائلاً:
-طولتي أوي يا بسمة، ارجعيلنا تاني يا "حبيبتي"!
وكأنه كان يعمد لاستخدام أسلوب التحفيز والتحميس علها تستجيب لندائه المشتاق وتخرج من ظلماتها الإجبارية.
انحنى أكثر عليها ليطبع قبلة صغيرة على جبينها ليتراجع بعدها سريعًا للخلف قبل أن يراه أحد.
أخرج زفيرًا مشحونًا من صدره، ثم ودعها هامسًا:
-هارجعلك تاني يا حبيبتي!
تحرك بخطى متعجلة نحو باب غرفتها ليخرج منها قبل أن تلتقطه الأعين.
.........................................

-رايحة فين يا بنتي؟
تساءلت أمها بتلك العبارة بعد أن رأتها تنهض عن الأريكة لتحمل رضيعتها من على الفراش وتتجه بها نحو باب الغرفة.
التفتت نيرمين برأسها نحوها قائلة بسخط:
-مالهاش لازمة الأعدة
ردت عليها عواطف معترضة على تصرفها الأحمق:
-ده انتي لسه قايمة من دوخة، خليكي شوية بدل ما تقعي من طولك ومحدش يلحقك
نظرت لوالدتها شزرًا وهي تهتف بتهكم:
-كان لحقني في الأول، لكن زي قلتها، كله محصل بعضه!
كزت على أسنانها متابعة بحنق واضح:
-وجايز لو أعدت أكتر من كده أتجلط باللي بيحصل هنا!
تنهدت أمها قائلة باستياء:
-ماهو على يدك المصايب ملاحقنا ومش سيبانا في حالنا! هنعمل ايه يعني؟
زاد سخطها وهي تقول:
-كفاية هي تتخطبله وتتهنى!
قطبت عواطف جبينها متسائلة باستغراب:
-وإنتي ايه اللي مزعلك؟ ده حل مؤقت لظروفها، يعني مش عارفة قريبها عمل ايه المرة اللي فاتت؟!
أغاظها دفاع والدتها المستميت عنها مبررة كل موقف يحدث معها، فتمتمت من بين شفتيها بحدة:
-بنت الحرام لعبتها صح وبلفته في عبها، بس لسه الحكاية في أولها ومخلصتش!
لم يبدو صوتها واضحًا، فسألتها عواطف مستفسرة:
-انتي بتكلمي نفسك؟ علي صوتك شوية!
ضمت رضيعتها إلى صدرها قائلة باقتضاب عابس:
-أنا ماشية
ثم تحركت بعدها إلى خـــارج الغرفة وهي تشتعل غيظًا مما حدث، وبالطبع لن تدع الأمر يمر على سلام حتى وإن كان عرضًا زائفًا، هي نوت على تخريبه، وستسعى جاهدة لإفساده.
تنهدت والدتها هامسة بضجر بعد انصرافها:
-هاقول ايه بس غير ربنا يهديكي
.........................................

لم يضمد جروحه أو كدماته البارزة على وجهه، بل توجه مباشرةً إليها بنفس ثيابه الغير مهندمة. هو يشك بدرجة كبيرة أن وراء تواجدها بالمشفى خطب أخر غير الزيارة الاعتيادية للمريض، وخاصة في وجود منذر والذي بادلته بنظرات استجداء وكأنها تطلب منه الحماية.
استدعى مجد عددًا من أتباعه ليأتوا بصحبته.
ســــار بوحشية مهددة في وسط الطريق المؤدي إلى صيدليتها ومن خلفه رجاله الذين على نفس شاكلته.
تجنب من يمر بهم الاحتكاك به أو بأحد من أتباعه الأشداء.
الأجواء توحي بوقوع كارثة وشيكة، لكن لم تتحدد معالمها بعد.
فركت فاطمة جبينها بإصبعيها وهي تقرأ وصفة الطبيب الورقية لتحضر المطلوب منها، ابتسمت قائلة للكهل الواقف أمام طاولتها الزجاجية:
-هما كلهم موجودين ماعدا أخر واحد!
سألها الكهل بصوت متقطع:
-يعني أشتريه من حتة تانية؟
ردت موضحة:
-لأ هو قليل في السوق، بس هاحاول أجيبلك البديل ليه، نفس المفعول تقريبًا. ايه رأيك؟
تهدل كتفيه مرددًا باستسلام:
-ماشي يا بنتي!
أولتها ظهرها لتطالع أرفف الأدوية لتأتي بالمطلوب، وقبل أن تمد يدها للرفع العلوي سمعت صوتًا غليظًا يصيح بشراسة مخيفة:
-بــــــــــــــــــرا يا ولاد الـ ......!!!

التفتت وجسدها ينتفض خوفًا نحو صاحب الصوت فرأته ذلك الخسيس القذر يقتحم عليها صيدليتها وبصحبته أشخاصًا أوجههم غير مريحة بالمرة. لم يتركوا الفرصة للمتواجدين بالمكان للنجاة بأنفسهم، بل دفعوهم دفعًا للخارج ليحتلوه كليًا، أوصــــد مجد الباب عليهم ليحاصروها.
باتت فاطمة بمفردها معهم، فنظرت حولها بهلع، وهابت الموقف كثيرًا، زادت رجفتها فلم تعد تسيطر على ارتعاشة ساقيها، واتسعت حدقتيها برعب حقيقي، كما شحب لون وجهها، وهربت الدماء من عروقها، لم تكن تظن أنه سيهددها علنًا وبكل فجاجة، خشيت أن يتطور الوضع لما تهاب التفكير فيه مصيرها معه.
أظلم وجــــه مجد للغاية حتى بات مفزعًا لمن يحدق فيه، اقترب منها قائلاً من بين أسنانه المضغوطة بعنف:
-خوفتي ليه لما شوفتيني يا ضكترة؟
جف حلقها تمامًا من طريقته المرعبة، وهمست بنبرة مذعورة:
-أنا.. أنا معملتش حاجة!
كانت على وشك البكاء وهي تتوسله بصوت متقطع:
-لو .. لو سمحت امشي من هنا!!
ضحك عاليًا مستخفًا بها وبصورة جعلت قلبها يقفز في قدميها، توقف فجـــأة عن ذلك ليحدجها بنظرات مميتة وهو يتساءل بقسوة جامحة:
-قولتي للبت ايه عني؟
هزت رأسها نافية مجيبة إياه بخوف كبير وهي تتراجع للخلف:
-مــ...... مقولتش حاجة! صدقني.. أنا ماتكلمتش
طالعها بنظرات أكثر إظلامًا عن ذي قبل، وصـــاح قائلاً بصوته المتحشرج:
-ماشي .. وأنا هاعمل نفسي مصدقك!
صمت للحظة قبل أن يتابع بتهديد غامض:
-بس هتاخدي قرصة ودن كده تفكرك بمين مجد أبو النجا!

جحظت بنظراتها مرعوبة مما هي مقلبة عليه، فرقع بأصابعه لأتباعه ليبدأوا في تحطيم الطاولات الزجاجية بكل ما تحمله من مغلفات طبية، وأدوية، ومساحيق التجميل ليشرعوا بعدها في تهشيم الأرفف، صرخت فاطمة مستغيثة بمن ينجدها، ولكن لا حياة لمن تنادي، فلم يجرؤ أي أحد على التدخل، وضعت يديها على أذنيها وهي تواصل تراجعها الفزع للخلف محاولة حماية نفسها من شظايا الزجاج المتناثر في الهواء.
أشـــــار مجد لأتباعه بيده ليتوقفوا هادرًا بصوت مرتفع:
-كفاية كده يا رجالة!
أجهشت فاطمة بالبكاء المرتعد وهي تبحث عن مهرب لها، فرك مجد وجهه بكفه، ثم دنا منها ليحاصرها بالزاوية. انكمشت على نفسها برعب أكبر، وأغمضت عينيها خوفًا منه.
شعرت بأصابعه الغليظة تجذب رأسها بعنف فصرخت شاهقة:
-لالا.. معملتش حاجة!
قرب وجهها عنوة منه، فجاهدت لتخلص نفسها من قبضته، لكن مقاومتها لم تكن تقارن بقوته العنيفة. شعرت بأنفاسه الكريهة تحرق وجهها، فأجهشت ببكاء أشد متوسلة أن يدعها وشأنها.
تلذذ أكثر بإيذائها، وهتف من بين أسنانه بنبرة عدائية صريحة:
-ده تحذير تاني ليكي يا ضكترة، بعد كده هاتعامل بشكل مش هاتحبيه خالص!
هزت رأسها بإيماءات متتالية متفهمة تهديده القاسي، مرر هو أنظاره الجريئة على جسدها متفحصًا إياه بصورة منفرة جعلتها تشعر بالهلع منه. همس لها بكلمات جارحة وجريئة آن واحد في أذنها جعلتها ترتجف أكثر.
دفعها بعنف للخلف ليرتطم جسدها بقوة بالحائط.
صـــاح عاليًا بخشونة قوية:
-بينا يا رجالة، كفاية كده عليها!
تجمع أتباعه حوله، وأنهوا تحطيم ما بقي على حاله من هجومهم الشرس ليخرجوا من المكان واحدًا تلو الأخر..
انهارت قدمي فاطمة، وتراخى جسدها للأسفل وهي تبكي بحرقة كبيرة، نجح بالفعل في إرعابها، ونفذ جزءًا مخيفًا من تهديده، وما أنذرها به أشد قسوة وعنفًا إن لم ترتدع، لم يتوقف جسدها عن الانتفاض، ولم تهدأ شهقاتها المتتابعة، لمملت بصعوبة شتات نفسها لتفر من المكان في حالة مزرية للغاية.
..................................

كانت بحاجة إلى الوقت لتفكر في عرضه المقلق، لم يكن ذهنها صافيًا بالقدر الكافي لتتخذ قرارًا حاسمًا ونهائيًا في ذلك الشـــأن، كل الأجواء حولها متوترة ومشحونة للغاية، فتعوق الوصول إلى حل صائب وعقلاني في الظروف الحالية، أرادت الانفراد بنفسها لتصل إلى قرار أخير بعيدًا عن أي ضغوطات خارجية، لذلك جلست بالاستقبال بالطابق الأرضي بالمشفى مسترجعة في ذاكرتها كل ما مرت به.
رحل والديها، خسرت حبهما وحنانهما فجــأة، فباتت الحياة بالنسبة لها مظلمة وباردة، ثم انتقلت للعيش مع عمتها حيث تتواجد معاملات جافة وقاسية من ابنتيها، وخاصة الكبرى، وإن كانت الصغرى مرنة نسبيًا في بعض الأمور إلا أنها ليست على وفاق كلي معها.
عرفت بوصية أبيها الخاصة بتملك دكانه العتيق بعد وفاته بفترة قصيرة، ففرحت بوجود رابط ملموس يذكرها بالأحباء الراحلين، وأصرت على رؤيته واستعادة ما هو ملكها، لكن فقدت والدتها أثناء مسعاها لتحقيق أمنيتها، تمسكت بأخر بارقة أمل وسط تلك الصعوبات التي مرت بها، واستمتعت برائحته التي جددت ذكراهم في روحها الملتاعة، لكن هدد إحساسها بذلك الدفء مسألة بيعه، أعادت رأسها للخلف وهي تشبك ساعديها معًا أمام صدرها لتواصل تفكيرها المتأني، فتجسد بقوة في مخيلتها مقتحمًا خلايا عقلها ومسيطرًا عليه.. منـــــذر ... إنه هو منذ أول مرة رأته فيها بصلابته وهيبته.
ظنت أنها لحظة عابرة في حياتها ستمضي ولن تراه مجددًا، لكن شاءت الأقدار أن يتلاقيا من جديد، وما تلاه من مصادمات معه وتحديات عنيدة جعلتهما خصمين يمقتان بعضهما البعض. ورغم ذلك كان الوحيد الذي يدعمها، يقف إلى جوارها في أشد المواقف حرجًا فيشعرها بالأمان.

سحبت أسيف نفسًا مطولًا حبسته في صدرها، ثم أغمضت جفنيها للحظات، قبل أن تعاود فتحهما وهي تتنهد بعمق، ربما هو على صواب، هي بحاجة إليه كي لا يتعرض لها الحاج فتحي من جديد، فهو ليس من النوع اللين الذي يصفح بسهولة، ومن المحتمل أن يكون قد نصب لها فخًا لاستدراجها إلى هناك، فهو يعرف أهمية بيتها بالنسبة لها.
أنهكها التفكير المتواصل، وأجهد عقلها صعوبة الوصــول إلى حل أخر بدون اللجوء إلى تلك الخطبة المزعومة، زفرت بتعب، ثم استندت برأسها على مرفقها، راقبها منذر من على بعد مانعًا نفسه بصعوبة من الاقتراب منها واقتحام عزلتها المؤقتة، خشي من تركها بمفردها فيأتي ذلك الوقح من جديد ويفرض نفسه عليها، أو ربما يفعل الأسوأ معها خاصة وأنه يعرف نواياه الخبيثة.
ما أقلقه حقًا هو تفكيرها الطائش في أغلب الأحيان، دومًا تتخذ قرارًا أهوجًا في لحظة متهورة لتستفزه بعنادها الغير منطقي، لم يكن أمامه سوى الضغط عليها وإقناعها بضرورة القبول، ربما هي حجة مؤقتة للتقرب منها والبقاء إلى جوارها، لكن مع الوقت سيبوح لها بما يكنه نحوها من مشاعر صادقة، تحرك صوبها بخطوات ثابتة حتى وقف قبالتها.
شعرت بتلك العتمة القليلة التي حجبت الضوء عنها فجأة، فرفعت رأسها للأعلى لتحدق به فرأته أمامها، حركت شفتاها بحركة عفوية مزعوجة من وجوده حولها.
تنحنح بصوت خفيض وهو يتساءل بنبرة مهذبة:
-ممكن نتكلم؟
أبعدت عيناها عنه مرددة بعبوس:
-أنا عاوزة أقعد مع نفسي شوية، فلو سمحت .....
قاطعها قائلاً بإصرار:
-أسيف، أنا عارف إنك مترددة ومش حابة تقبلي باقتراحي، بس هو ده الأنسب ليكي، إنتي مش هاتضرري من حاجة!
ردت عليه باستنكار وقد احتدت نظراتها:
-انت بتكلم عن خطوبة وارتباط وكأنها حاجة عادية بالنسبالك، أنا صعب أقبل بحاجة زي كده، مستحيل أصلاً أتجوز حد مش عارفاه ولا حتى بأحبه! لأ وبالطريقة دي كمان!
رغم رغبته الشديدة في توطيد الارتباط أكثر وبلوغ أخر مراحله إلا أنه تريث في خطواته، لم يرد التعجل فيه كي لا يفسده برمته، لذا بصعوبة بالغة أجابها دون أن يظهر تغيير في نبرته:
-محدش اتكلم عن جواز، أنا بأقولك خطوبة صورية، حاجة كده وكده يعني!
ردت عليه بتهكم واضح:
-أها.. هزار وكلام فارغ!
ضبط ببراعة هدوئه أمام استهزاءها الساخط، ثم جلس إلى جوارها ليتابع حديثه بجدية جافة:
-شوفي أنا عاوزك متقلقيش، أنا مش هاغصبك على حاجة، بس لو ركزتي في كلامي هتلاقي إن ده فعلاً الحل الوحيد عشان تروحي البلد بحماية ومن غير ما حد يتعرضلك!
ضاقت نظراتها نحوه مرددة باستخفاف:
-وأنا محتاجة لحماية منك انت بالذات؟
أزعجه أسلوبها التهكمي، فحذرها بجمود:
-لاحظي إن كلامك جارح معايا!
رمشت بعينيها بتوتر، وظلت تفرك أصابع يديها بحركة عصبية.
تنهد بعمق متابعًا:
-ومع ذلك أنا من غير حاجة كنت واقف جمبك! بيتهيألي إنتي عارفة ده كويس ومش محتاجة أوضحهولك!
ضغطت أسيف على شفتيها قائلة بحرج قليل:
-أنا مقصدش، بس دي مشاكلي وتخصني لوحدي و...
قاطعها مكملًا بصلابة:
-ورغم كده أنا اتدخلت فيها عشان مرضتش إن حد يجي عليكي أو يظلمك
رفعت رأسها للأعلى هامسة بامتنان:
-وأنا بأشكرك على ده، بس دلوقتي أنا .....
استشعر رفضها، فمنعها من مواصلة حديثها هاتفًا بجدية هادئة:
-أسيف، أنا مش من النوع الزنان ولا اللحوح في طلباتي، اللي بأعوزه بأعمله على طول، مش بأضيع وقتي، بس عشان الموضوع ده يخصك انتي بالذات، فلازم توافقي عليه بنفسك! وإلا ...
صمت لثانية قبل أن يتابع بصلابة تامة:
-وإلا كان زماني خدت فيه قرار من زمــــان!
لم تهتز نبرته وهو يشير بكلماته المتوارية إلى صرامته وتذمته في بعض الأحيان.
نظر مباشرة في عينيها متسائلاً بجدية أشد:
-فيا ريت تقوليلي قرارك دلوقتي، رأيك ايه في موضوع الخطوبة؟
ظلت تطالعه بأعين زائغة حائرة، هو يحاول جاهدًا أن يبث لها الأمان والثقة في حديثه، أن يظهر لها دعمه ومساندته لها، وهي في أمس الحاجة إلى ذلك الآن.
استسلمت أخيرًا أمام إصراره قائلة:
-ماشي .. بس بشروط!
خرجت تلك الكلمة من شفتيها كالمسكن لأعصابه المحترقة من فرط التفكير المتوتر. تنفس الصعداء لموافقتها، شعر بارتياح غير طبيعي لقبولها بعرضه، لم يتخيل أنها ستقبل به في النهاية، فقد وصل معها لمرحلة ميؤوسة منها خاصة بسبب عنادها الكبير، وهي كعادتها فاجئته بقرارها.
انتصب في جلسته، وشعر بدمائه تتدفق بغزارة في جميع عروق جسده لتصيبه انتعاشة رهيبة. وعلى الرغم من كونه موافقتها مشروطة إلا أنه لم يمانع أبدًا، فالأهم أنها ارتضت بالخطوبة، لمعت نظراته بوميض غريب، والتوى ثغره للجانب ليرد عليها مبتسمًا:
-وأنا موافق عليها!
ضاقت نظراتها نحوه إلى حد كبير، وظلت مجمدة عيناها عليه للحظات قبل أن تنطق بغموض:
-مش لما تعرف هما ايه ..........................!!!
...................................

Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 02:25 AM   #385

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الحادي والستون:

تبادل الاثنان نظرات مطولة وكلاهما منتظران بترقب ما سيقال لاحقًا. تعلقت أنظاره بها، فلم يبعد عيناه عنها، وتابع عن كثب تلك الحركات المتوترة الصادرة منها، هو لم يعبأ بما سيحدث فيما بعد، فالأهم حاليًا أنها وافقت على عرضه.
استطردت أسيف حديثها قائلة بارتباك شبه ملحوظ:
-زي ما قولتلك أنا عندي شروط على الخطوبة دي!
شدد منذر من كتفيه هاتفًا بهدوء رزين:
-وأنا سامعك، اتفضلي!
ابتلعت ريقها وهي تتحاشى النظر نحوه، كانت تشعر بأعينه المسلطة عليها، فتوردت وجنتيها خجلًا منه.
تنهدت مرة أخرى وهي تواصل حديثها بحرج قليل:
-مش عاوزة أعمل لا هيصة ولا فرح ولا أي حاجة، يعني مجرد اتفاق كده بيني وبينك وخلاص!
لم تهتز عضلة واحدة من وجهه وهو يصغي إلى حماقاتها، وبدت تعابيره جامدة للغاية لا تعكس أي شيء، صمت للحظات ولم يعقب، فحركت رأسها للجانب لتنظر إليه. رأت نظراته الحادة مثبتة عليها، فعضت على شفتها السفلى متسائلة بارتباك:
-مقولتش ردك ايه؟
أجابها بجمود جاف:
-هو الكلام ده عاوز رد؟
تعقدت تعابير وجهها وهي تسأله باستغراب:
-مش فاهمة!
رد عليها بجدية مقلقة:
-يعني ايه اتفاق بيني وبينك وخلاص؟
أجابته بهدوء حذر وهي ترمش بعينيها:
-يعني كلام عادي وبس، محدش يعرف عنه حاجة إلا احنا وبس!
لم يظهر أي تأثير واضح عليه، وتابع قائلاً بامتعاض:
-طيب هاتي اللي بعده!
سألته بفضول محاولة سبر أغوار عقله وفهم ما يدور في رأسه:
-مش هاتقولي رأيك؟
أجابها بسخط واضح في نبرته رغم ثبات تعابيره:
-لما أسمع كل شروطك!
أومــأت برأسها قائلة بإيجاز:
-ماشي..
أخذت نفسًا عميقًا مرة أخرى، وزفرته على مهل وهي تتابع بحذر:
-أنا.. أنا مش عاوزة لا دبل ولا شبكة ولا أي حاجة، زي ما فهمتك إنها خطوبة كده وكده، فمافيش داعي للمنظرة ولا كل الحاجات اللي مالهاش لازمة دي!
قست تعابير وجهه أكثر، وضاقت نظراته وهو يسألها بجمود:
-ها وايه كمان؟
أجابته بجدية وهي تشير بسبابتها:
-الخطوبة هاتخلص لما أرجع من البلد، كأنها لم تكن يعني!
احتدت نظراته، بل وزاد انعقاد ما بين حاجبيه عقب ما قالته، جاهد ليبدو هادئًا وهو يسألها بصوت ممتعض:
-في حاجة تانية لسه؟
هزت رأسها بالإيجاب مضيفة بتريث:
-اه .. الدكان!
هتف متسائلاً بجفاء:
-ماله؟
توترت أكثر وهي تحاول تفسير ما تريد قوله دون حرج، فبدا صوتها مترددًا وهي تستطرد حديثها قائلة:
-انت قولتلي إنك ... إنك هاتديني نصيبك اللي اشتريته من عمتي على اعتبار إنه مهري، أنا موافقة أخده، بس أنا هادفعلك فلوسه، مش هاخده كده، يعني.. أنا.. أنا هاقسطلك اللي صرفته على كذا ......
قاطعها منذر هاتفًا بنفاذ صبر:
-في حاجة تانية ولا خلاص؟
ضغطت على شفتيها مرددة بخفوت:
-لأ .. دول اللي جوم في دماغي!
اشتدت تعابير وجهه حدة، وتجمدت نظراته المحتقنة نوعًا ما عليها. أردف قائلاً بنبرة جامدة تحمل الصرامة والشدة:
-طيب .. اسمعيني للأخر ومن غير مقاطعة زي ما أنا سمعت الهبل ده ومعلقتش عليه!
فغرت شفتيها مرددة بذهول:
-هبل!
رد عليها بجدية وهو عابس الوجه:
-ايوه..
تلون وجهها بحمرة سريعة، وهتفت محتجة على سخريته من شروطها قائلة بعصبية ملحوظة:
-إنت .....
قاطعها توًا قبل أن تكمل اعتراضها هاتفًا بصوت آمر:
-اهدي واسمعيني كويس.. الأول مافيش حاجة اسمها خطوبة منظر من غير ما حد يعرف، ده اسمه جنان وتخاريف!
ردت عليه بغيظ وقد اشتعلت نظراتها:
-افندم!
أضــــاف قائلاً بسخط:
-ايوه، لأن لو ده كلام عاقلين مش هايكون بالشكل ده!
عبست أسيف بوجهها وهي تطالعه بنظرات محتقنة، وقبل أن تفتح شفتيها لتدافع عما تريد أكمل معاتبًا بتوبيخ صارم:
-إزاي مش عاوزة خطوبة وفي نفس الوقت إنتي ساكنة في حتة شعبية؟ يعني الكل هايتكلم عنك إنتي بالذات، ومش شرط قدامك، من ورا ضهرك وهايقولوا عنك في الخمر يا ليل لمجرد إنهم شايفينك رايحة جاية معايا!
صاحت محتجة بانفعال بائن على تصرفاتها:
-ومين قالك إني هاطلع واجي معاك من الأساس؟!!!
أجابها منذر باستنكار قاسي:
-سيادتك أنا مش هالبس طقية اخفا، ومش هاقبل إن حد يجيب سيرتك بحرف واحد لمجرد إنهم شافوكي مرة ولا اتنين معايا!
عجزت عن الرد عليه، فحديثه كان منطقيًا بدرجة كبيرة، كيف له أن يقبل بمن يسيء إلى سمعتها لمجرد رفضها إعلان تلك الخطبة؟ وهي منذ برهة قد خاضت تجربة لاذعة مع ابنة عمتها، فماذا عن الغرباء؟
أخرجها من تفكيرها المتخبط صوته المردد بجدية:
-ده غير إني لما بأحب أعمل حاجة بأعملها في النور، يعني لازم تكون ليكي قيمتك وكرامتك وأنا بأخطبك، والناس كلها تعرف بده!
كان محقًا في هذا، هو يريد لها الأفضل، أن يحفظ كرامتها ويعطيها أبسط حقوقها.
زادت نبرته قوة وهو يتابع عن قصد:
-أسيف! إنتي مش واحدة لا ليكي أهل ولا عيلة عشان تداري نفسها وتخاف من الفضيحة، إنتي غالية أوي عندنا!
اصطبغ وجهها بحمرة خجلة من كلماته المتوارية رغم أنها عامة لا تتضمن غزلًا صريحًا، لكنها استشعرت أهميتها عنده، تحاشت النظر إليه، وظلت تفرك أصابع كفيها بتوتر.
أخفض نبرته ليبدو صوته رزينًا وهو يضيف:
-وأنا كده بأصونك وبأحفظك وبأمنع أي كلب إنه يتعرضلك لما يعرف إنتي مخطوبة لمين!
ردت عليه بتلعثم قليل:
-بس دي مش خطوبة بجد، دي تمثيلية و....
قاطعها قائلاً بجدية صارمة:
-حتى لو كانت تمثلية، يبقى تتعمل صح!

خجلت منه أكثر، هو يفكر بصورة عقلانية عنها، وهي التي تحكم على الأمور بظواهرها. تعاند فقط لمجرد ألا يفرض أحد رأيه عليها، أو يهمش قراراتها، وليس لأنه يفكر في الصالح العام لها.
تنهد منذر بصوت مسموع وهو يكمل على مضض:
-نيجي للحاجة التانية، مش عاوزة تلبسي دبل، وماله!
نظرت له بجمود قبل أن يضيف ساخرًا:
-طول ما انتي في البيت اعملي زي كل البنات مابتعمل اقلعيها وحطيها في أي درج، لكن لما تخرجي من بيتك البسيها، وطالما يا ستي مش هاتخرجي معايا ولا هاتشوفي الشارع يعني إنتي كده هاتفضلي قلعاها على طول!
بدا حديثه مقنعًا بالنسبة لها، فسألته باقتضاب:
-والشبكة؟
أجابها بفتور رغم ضجره:
-براحتك، دي هدية من العريس للعروسة، فلو مش عاوزاها خلاص!
ردت عليه بإصرار وهي عابسة الوجه:
-لأ مش عاوزة
رغم انزعاجه من رفضها الغير مبرر إلا أنه اضطر أن يوافق على طلبها. تابع مضيفًا بلهجة شديدة الجدية:
-ماشي، أما موضوع الدكان فده اتفاق بينا! إنتي وافقتي على عرضي، وده المقابل!
ازدردت ريقها هاتفة باعتراض:
-بس .....
أشـــار لها بكفه مقاطعًا بصلابة:
-من غير أي بس، وأتمنى تفكري بالعقل شوية، مش مجرد اعتراض والسلام!
أومــأت برأسها مضيفة بعناد:
-طيب، وأنا عاوزاها تخلص لما أرجع من البلد!
أشاح بوجهه للجانب مرددًا بتجهم:
-هانشوف الموضوع ده بعدين، مش هانسبق الأحداث
أصرت على رأيها قائلة:
-لأ، لازم نتفق الأول!
هتف باقتضاب وهو يزفر بانزعاج:
-ربنا يسهل!
سألته أسيف بإلحاح أكبر وهي تنظر له:
-يعني اه ولا لأ؟
انتظر منذر لثوانٍ قبل أن يجيبها بنبرة غامضة:
-سبيها على الله، مش هاننبر فيها من قبل ما نعمل حاجة!
شعرت أسيف بالريبة من رده الغير مريح، كانت تريد أن تحسم كل شيء منذ البداية، حتى لا تضطر للمجادلة معه من جديد، لكنه أنهى الحديث بنهوضه من جوارها، لم يكن أمامها سوى الصمت والقبول مؤقتًا بما اتفقا عليه، فالأهم أنها وصلت إلى مبتغاها في الأخير، حتى وإن كانت شروط ذلك الاتفاق لم تتحقق كليًا.
..................................

أوقفت سائق سيارة الأجرة عند الزاوية القريبة من صيدلية "فاطمة" وهي تلكزه في كتفه صائحة بامتعاض:
-هنا يا أسطا، عند الناصية اللي جاية!
نظر لها السائق من المرآة الأمامية مرددًا بجمود:
-ماشي يا مدام
ناولته أجرته قبل أن تترجل من السيارة وهي تعدل رضيعتها على كتفها، نظرت بتعجب إلى الصيدلية المحطمة، وتساءلت مع نفسها بفضول كبير:
-هو في ايه؟
اقتربت أكثر منها لتدقق النظر فيها، فرأت الزجاج المهشم، والحطام المتناثرة في كل مكان. كانت كمن أصابها اهتزازة أرضية فأتت عليها بالكامل.
لمحت نيرمين أحد المارة – والذي تعرفه نوعًا ما – يتحرك على مقربة منها فسألته باهتمام:
-ايه اللي حصل؟
أجابها بانزعاج وهو يشير بذراعه:
-المعلم مجد ورجالته بهدلوا صيدلية الدكتورة فاطمة!
توهجت عيناها بوميض غريب، وهتفت متسائلة بفضول:
-طب ليه عمل كده؟
هز كتفيه قائلاً:
-محدش عارف!
مطت نيرمين فمها للأمام محدثة نفسها بغرابة:
-مممم.. الظاهر إنه بدأ يتصرف!
تركها الرجل وسار مبتعدًا عنها، فواصلت هي حديث نفسها متسائلة بخبث:
-طب هايعمل ايه لما يعرف بالخطوبة؟!
التوى ثغرها بابتسامة شيطانية وهي تضيف بحماس مريب:
-أحسن حاجة أضرب على الحديد وهو سخن!
.....................................
عــــادت إلى الطابق المتواجد به غرف العناية الفائقة لتجد عمتها مرابطة هناك، وما إن رأتها الأخيرة حتى أسرعت نحوها متسائلة بقلق:
-كنتي فين يا بنتي؟
أجابتها بارتباك قليل وهي تشير بحاجبيها:
-أعدة تحت مع .... مع الأستاذ منذر!
أمسكت عواطف بكف يدها تسحبها ناحيتها، ثم سألتها باهتمام كبير:
-ها واتفقتوا؟
ضغطت على شفتيها قائلة بهدوء:
-يعني.. حاجة زي كده!
رد عليها منذر بابتسامة خفيفة:
-قولي الحمدلله يا ست عواطف!
رفعت الأخيرة رأسها نحوه لتهتف بسعادة:
-يستاهل الحمد، خير يا رب!
ثم أشارت بيدها للخلف متابعة بجدية:
-وأنا كمان لسه جاية من عند بسمة، وهي أحسن شوية!
تنهدت أسيف بارتياح وهي ترد:
-الحمدلله يا عمتي، ربنا يشفيها!
ردت عليها عواطف بتضرع:
-يسمع منك ربنا
أضـــاف منذر قائلاً بجدية:
-تعالوا أوصلكم البيت!

التفتت أسيف نحوه قائلة باعتراض:
-لأ أنا هافضل معاها!
رد عليه بصرامة قليلة وهو يرمقها بنظرات جادة:
-ميعاد الزيارة خلص، ومالهاش لازمة الأعدة، إنتو محتاجين ترتاحوا!
وافقته عواطف الرأي هاتفة بإرهاق:
-اه والله، جسمي هلكان وركبي تعباني على الأخر!
أصــــر منذر على ذهابهما قائلاً بثبات:
-وأنا رأيي ترتاحوا وبعد كده تيجوا تاني، كمان أنا موصي الدكاترة لو في حاجة جت يكلمونا على طول!
ترددت عواطف للحظة وهي تقول بقلق:
-بس أخاف أمشي وبنتي تفوق ومش تلاقينا جمبها!
رد عليها منذر بتأكيد:
-اطمني يا ست عواطف، لو فاقت هتلاقينا كلنا عندها!
تنهدت مضيفة باستسلام:
-طيب! أمري لله
ثم لفت ذراعها حول كتفي أسيف قائلة بود:
-بينا يا أسيف!
لم يكن أمامها بدًا من الاعتراض، فهي الأخرى بحاجة للراحة بعد ذلك الإرهاق المتواصل، لذلك ابتسمت هاتفة باختصار:
-حاضر!
ربتت عواطف على كتفها قائلة بلطف:
-ربنا يسعدك يا بنتي ويفرح قلبك ويرزقك بكل اللي نفسك فيه!
.....................................

وقفت أمامه عند المقهى الشعبي ترمقه بنظرات ساخطة وهي تراه ينفخ دخـــان الأرجيلة في الهواء، دنت أكثر منه وهي تهتف بحماس زائف:
-تسلم على اللي عملته، كل الحتة بتحكي عنك!
انتبه مجد لصوتها فسلط أنظاره القاتمة عليها، رأها تتغنج بجسدها بطريقة مستفزة، ثم زادت من استثارة حنقه بترديدها بابتسامة ماكرة:
-صحيح رجعتنا لأيام زمان يا معلم مجد!
لوح لها بخرطوم أرجيلته قائلاً بنبرة مكفهرة:
-امشي يا حرمة منها، أنا مش ناقص وجع دماغ!
مصمصت شفتيها مرددة باستنكار:
-الحق عليا اني جاية أباركلك!
نفذ صبره من طريقتها المزعجة في فرض نفسها عليه، فصــاح بوقاحة غليظة:
-غوري بأم وشك الفقر ده من هنا خليني أشرب الحجرين على رواقة!
عبست بوجهها بحزن مصطنع، ثم أخفضت نبرة صوتها لتقول بعتاب:
-الحق عليا، كنت جاية أعزمك على خطوبة بنت خالي!
انتبهت حواسه كليًا لجملتها الأخيرة، وتصلبت تعابير وجهه كرد فعل طبيعي لما سمعه توًا.
ابتسمت قائلة بتفاخر متعمدة إثارة غضبه:
-مش سيد الرجالة سي منذر خطبها وإنت.. وإنت أعد كده محلك سر!
هدر بها قائلاً بعصبية مغتاظة:
-جرى ايه يا ......!!
فغرت شفتيها معاتبة إياه لتلفظه بكلمات نابية مسيئة في حقها، وردت قائلة:
-وليه بس تغلط فيا؟ الظاهر إنك مش بتتشطر غير على الحريم وبس!
استشاطت نظراته من أسلوبها المستفز، فتيقنت أنها وصلت إلى ما تريد لذلك عمدت إلى النظر إليه باحتقار أكثر لتؤجج غضبه وهي تواصل استهزائها الساخط منه.
تابعت مضيفة بازدراء مهين:
-لأن الرجالة اللي بجد بتعرف تاخد حقها صح! سلام يا .. يا معلم!
هدر بها بانفعال وهو يضرب بعنف بخرطوم أرجيلته على الطاولة المستديرة الموضوعة أمامه:
-ده انتي ولية حيزبونة بصحيح!
كركرت ضاحكة بسخرية وهي تسير مبتعدة، لم تنظر خلفها لترى ردة فعله، ولم تعبأ بسبه لها، فقد كانت متأكدة أنه يغلي من داخله بعد نجاحها في استفزازه بكلماتها.
ظل مجد يضرب بكفه على فخذه بعصبية وهو يقول بنبرة مغلولة:
-مش مجد أبو النجا اللي يتاخد منه حاجة ويسكت!
زادت نبرته قتامة وهو يضيف بنبرة عدائية مخيفة:
-وخصوصًا لما يكون من ابن الحرام ده! بس لسه الحوار مخلصش، ده ابتدى معاك يا ...........!!
..........................................

بعد مرور عدة أيـــــام،،
صافحه بترحاب كبير براحتي يده وهو يبادله ابتسامة سعيدة قبل أن ينطق بتهذيب معتاد في تلك النوعية من المواقف:
-نورت المدرسة يا أستاذ ناصر، إنت جاي عندنا بتوصية كبيرة، ومن فوق كمان!
برزت أسنان ناصــر الصفراء من خلف ابتسامته العابثة وهو يرد بامتنان:
-الله يكرمك يا فندم، ده شرف ليا إني أكون معاكو هنا في الصرح التعليمي ده!
تابع وكيل المدرسة قائلاً بهدوء:
-أنا هاخدك في جولة في المكان عشان تتعرف عليه!
هز رأســـه قائلاً باختصار:
-تمام
ســــار الاثنان سويًا في أروقة المدرسة ليتفقد ناصر كل جزء فيها عن كثب، فتلفت حوله مبديًا إعجابه بتصاميم المكان وبتلك الانتقالة الفارقة في حياته، لن ينكر أن رجله الهام نفذ طلبه، ووضعه في مكان راقٍ ذو مستوى أفضل بكثير عما كان به من قبل. اتسعت ابتسامته المتباهية وهو يتنهد مستمتعًا بما يراه.
قطع تأمله صوت الوكيل وهو يردد بجدية:
-هاتحب الطلبة عندنا، هما كلهم مجتهدين واهاليهم بتساعدنا نرتقي بالمستوى، ده غير فريق العمل هنا على قدر من الكفاءة!
رد عليه بنبرة متباهية:
-ده واضح فعلاً من شكل المكان يا أستاذ!
تابع وكيل المدرسة قائلاً بتشجيع:
-كل اللي هتحتاجه من معدات وأدوات هتلاقيه، ولو في حاجة ناقصة بلغنا، وحنا هانجيبهالك على طول!
ثم توقف عن الحديث للحظة ليلتقط أنفاسه، ومن ثم أضاف بهدوء:
-أوضة الصيانة هاتكون ورا الجنينة الأمامية، هاوديك عندها!
رفع ناصــــر يده على رأسه ليمررها في خصلات شعره، ولمعت عيناه ببريق غير مريح وهو يحدث نفسه بعبث:
-ماشي .. واضح إني هاشوف حاجات فل هنا ...............................!!
....................................




Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 08:27 AM   #386

nagah elsayed

? العضوٌ??? » 266456
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 922
?  نُقآطِيْ » nagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond repute
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

nagah elsayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 09:56 AM   #387

نور الشفق

? العضوٌ??? » 410809
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 284
?  نُقآطِيْ » نور الشفق is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سلمت يداك الفصول ممتعة موفقة دائما

نور الشفق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-18, 02:19 PM   #388

nemoo
alkap ~
 
الصورة الرمزية nemoo

? العضوٌ??? » 141719
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 861
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » nemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond repute
افتراضي

بالتوفيق والنجاح دائما قلم مميز

nemoo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 12:22 AM   #389

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثاني والستون:

تنفست الصعداء بعد تلقيها ذلك الخبر المفرح عن إفاقتها من غيبوبتها المؤقتة، وبترقب شديد انتظرت انتهاء الطبيب من فحص مؤشراتها الحيوية لتلج إليها،
دنت عواطف من فراشها الطبي، ثم مالت عليها تضمها إلى صدرها هاتفة بنبرة متأثرة:
-حمدلله على سلامتك يا بنتي!
ردت عليها بسمة بنبرة خافتة:
-الله يسلمك يا ماما!
تابعت قائلة بتنهيدة مطولة:
-لو تعرفي اتخضينا عليكي أد ايه!
ابتسمت هامسة:
-قدر ولطف!
لم يستطع الانتظار بالخارج لأكثر من هذا، فقد كان متلهفًا لرؤيتها هو الأخر، شعر بأن روحه ردت إليه بمجرد سماعه بخبر استعادتها للوعي، تحرك بتوتر رهيب دائرًا حول نفسه إلى أن حسم أمره بالدخول.
دق دياب على الباب متنحنحًا بصوت خشن:
-ممكن أدخل؟
التفتت عواطف نحوه قائلة بود وهي تشير بيدها:
-أه يا بني، تعالى!
ثم استدارت برأسها لتحدق في ابنتها وهي تضيف:
-سي دياب ماسبناش للحظة هو وسي منذر، ليل نهار معانا يا بنتي عشان يطمنوا عليكي!
رمشت بسمة بعينيها في حرج واضح من وجوده، لكنها رأت في نظراته المتطلعة إليها شيئًا غريبًا عن كل مرة، تلألأت عيناه بتوهج لامع وهو يدنو منها.
هتفت عواطف قائلة:
-أما أروح أطمن أسيف، هي أعدة في الاستقبال من بدري، وهتفرح أوي لما تعرف
هزت بسمة رأسها بإيماءة خفيفة دافنة نفسها أكثر في الفراش.
تابعها حتى انصرفت من الغرفة، فاقترب أكثر منها متأملًا إياها بأعينه المشتاقة، قطع الصمت السائد بينهما معاتبًا بمرح:
-ينفع القلق ده كله يا أبلة؟
حركت رأسها للجانب متحاشية النظر إليه، ثم ردت قائلة بهدوء:
-أنا اتأخرت على المدرسة، أكيد هايكتبوني غياب!
عقد ما بين حاجبيه مدهوشًا من جملتها الأخيرة، فسألها مستفهمًا:
-مدرسة! انتي بتتكلمي عن ايه؟
أوضحت مقصدها قائلة بتنهيدة متعبة وهي تفرك جبينها:
-المفروض كان عندي إشراف كمان، لازم حد يبلغهم يدوني اذن صباحي عقبال ما أفوق، و...
قاطعها قائلاً باستغراب:
-انتي فقدتي الذاكرة؟ إذن ايه ده؟
التفتت برأسها نحوه هاتفة بتجهم قليل:
-احنا عندنا شغل، صعب نغيب اليومين دول، ومافيش أذونات إلا في الضرورة القصوى، و....
قاطعها دياب مرة أخرى مازحًا:
-يا أبلة السنة خلصت من بدري، صحي النوم!
قطبت جبينها مرددة بتعجب:
-افندم؟

ازدادت ابتسامته اتساعًا وهو يضيف بمرح:
-انتي في غيبوبة بقالك عشر أيام أو أكتر!
ارتفع حاجباها للأعلى وهي تصيح باندهاش كبير:
-نعم! غيبوبة!
رفع إصبعيه أمام عينيها مداعبًا وهو يشير بنظراته نحو عقلها:
-ها دول كام بقى؟ عاوزين نطمن على الحتة الطرية اللي جوا برضوه!
..................................

كانت شاردة أغلب أوقاتها تفكر مليًا في موافقتها على عرضه الأخير. خشيت من تسرعها، لكن لم يكن أمامها بديل، وهو لم يحاول فرض نفسه عليها، تنهدت مرهقة من كثرة التفكير، فاستندت برأسها على مرفقها مغمضة جفنيها للحظات.
أتاها صوتها مهللًا بسعادة:
-فاقت يا أسيف، بسمة فاقت!
هبت من مقعدها واقفة لتلتفت نحوها، ثم ارتسم على ثغرها ابتسامة رضا وهي تقول:
-بجد! الحمدلله، ربنا جبر بخاطرنا!
وضعت عواطف يدها على صدرها متابعة بتنهيدة ارتياح:
-أنا كان هيجرالي حاجة من رقدتها دي، عدت على خير، ربنا ما يعودها تاني
-يارب
أشارت قائلة بيدها:
-أنا هاكلم نيرمين أبشرها!
ردت عليها بهدوء:
-ماشي، وأنا هاطلع عند بسمة أبص عليها
-طيب يا بنتي!
قالتها وهي تفتش في حقيبتها عن هاتفها المحمول لتبلغ ابنتها بذلك الخبر الســار.
....................................
عــــادت بسمة إلى منزلها لتكمل فترة النقاهة به، وتماثلت للشفاء بدرجة كبيرة بعد عدة أيام من بقائها فيه، أولتها أسيف الرعاية الكاملة، ولم تبخل عليها بمجهودها رغم إرهاقها، فشعرت الأخيرة بأنها كانت مخطئة في حقها، وأنها تسرعت في الحكم عليها، وتقاربت الاثنتان إلى حد ما.

اتفق منذر مع عائلة عواطف على إبقاء سر الخطبة بينهم، وكذلك اتفق على تحديد موعد محدد لقراءة الفاتحة، ورغم أنها خطبة زائفة إلا أنه أصر على القيام بها وفق الأصول والأعراف المتبعة.
تأججت نيران الغيرة بداخل نيرمين، لكنها عقدت العزم على إفسادها مهما كلفها الأمر، حتى وإن تحالفت مع الشيطان ذاته، المهم ألا تحظى به غيرها.
..................................

-أبدًا، مش رايحة!
صاحت بها جليلة وهي تهز رأسها رافضة الذهاب مع ابنها البكري للتقدم رسميًا لخطبة تلك الفتاة تحديدًا.
حك منذر رأسه بعصبية وهو يردد بهدوء ممتعض:
-يعني يرضيكي أروح من غيرك يا ست الكل؟!
ردت عليه بعبوس:
-كفاية أبوك وأخوك!
أضاف قائلاً بإلحاح:
-وأنا مش هاعملها من غير ما تكوني راضية وموافقة!
قطبت جبينها معللة سبب رفضها:
-يا بني، يا حبيبي! أنا نفسي أفرح بيك، وأشوف عيالك بيتنططوا حواليا، بس.. بس مش من دي!
سألها بانزعاج:
-واشمعنى هي بالذات؟ يعني لو كنت وافقت على اللي في بالك كنتي هتبقي...
قاطعته قائلة بجدية:
-أنا بأدور على مصلحتك
سحب منذر نفسًا عميقًا، ثم زفره على مهل قبل أن يقول:
-يامه مش كل الرزق فلوس وعيال! الرزق في حاجات تانية، زي الصحة، وراحة البال، والسيرة الطيبة، والستر والرضا!
ردت عليه قائلة بتبرم:
-دي بتاعة أعمال وسحر و...
قاطعها مداعبًا:
-مش جايز سرها يبقى باتع معايا!
نظرت له بحدة وهي تقول:
-انت بتهزر يا منذر!
ابتسم لها مضيفًا بإحباط:
-طب أقولك ايه بس يا ست الكل؟ ما أنا احترت معاكي ومش عارف أخشلك من أي سكة
بالفعل بذل مجهودًا كبيرًا في إقناعها، لكنها كانت متشبثة برأيها رافضة الإنصات إليه، تنهد بتعب، لكنه لم ييأس، فرسم على ثغره ابتسامة راضية، لف ذراعه حول كتفيها، وانحنى ليقبلها من أعلى رأسها قائلاً:
-برضوه الفرحة مش هاتكمل إلا بيكي! ده انتي الخير والبركة!
أشــار لها طه بيده مضيفًا بضيق:
-خلاص بقى يا جليلة متحبكيهاش! عاجبك شحتفة ابنك؟
نظر منذر لأبيه بامتنان لأنه كان يدعمه بقوة في رغبته، لم يتوقف عن إلحاحه عليها حتى استسلمت في الأخير، وضغطت على شفتيها قائلة بتبرم:
-طيب.. خلاص!
تهللت أساريره، وتنفس الصعداء هاتفًا بحماس:
-ألف حمد وشكر ليك يارب!
تابع طه قائلاً بجدية:
-جهزولنا الأكل بقى خلونا نروح بعدها للزيارة دي
ردت عليه زوجته بامتعاض:
-ماشي يا حاج طه، أما نشوف أخرتها ايه!
صـاح دياب مازحًا:
-وأنا ماليش نصيب معاكو؟
اتسعت ابتسامة جليلة قائلة:
-انوي انت بس، وأنا يا حبيبي متأخرش عنك!
أضـــاف منذر بمرح غامزًا لأخيه:
-ايوه يا عم، واخد اللي على وش القفص!
رد عليه دياب بتذمر زائف:
-كفاية إني قاعد في قعره بقالي سنين!
فهمت جليلة إلى ماذا يرمي ابنها، إلى زيجته السابقة التي انعكست بالسلب عليه، فمطت فمها قائلة بضجر:
-بلاش السيرة الفقر دي، انسى يابني!
هز دياب رأسه هاتفًا:
-ماشي، خلينا مركزين مع منذر النهاردة، ده يومه!
كان أخيه محقًا في هذا، فاليوم هو محلق في عنان السماء، ستحقق رغبته حتى ولو كانت مؤقتة، لكنه سينالها.
.................................................. ......
بدت مزعوجة للغاية وهي تنتظر اتصاله الهاتفي لتنزل مع عمتها لانتقاء خاتم الخطبة، فهو يعد من الأمور اﻷساسية التي لا يمكن التغاضي عنها حتى وإن كانت معترضة عليها، وبامتعاضٍ بادٍ على وجهها اضطرت أن تبدل عباءتها وترتدي ثوبًا داكن اللون اختارته بسمة لها.
ورغم عبوسها إلا أنها لا تنكر إعجابها به.في ظروف أخرى ربما كانت ستصبح أسعد الفتيات وأكثرهن فرحة، ولكن ﻷنها تعلم زيف الحقائق ففرحتها تعد مصطنعة.

تأنق منذر على غير عادته، فبدا وسيمًا للغاية بثيابه المنمقة، أرادها أن تنبهر بهيئته، أن يلفت أنظارها، أن يشعرها بأهمية أبسط الأمور من منظوره حتى لو كانت في الملبس فقط.
راقبته نيرمين من الشرفة بأعين نارية، كادت تفترسه نظراتها، تمنت لو كانت هي العروس، أن تتأبط في ذراعيه، أن تسير وسط الجيران بخيلاء ومرفوعة الرأس لأنها مخطوبة لسيد رجال المنطقة، كانت سترقص طربًا، وتقيم الأفراح والليالي الملاح، لكن ذهبت أحلامها أدراج الريح، وباتت تعيسة الحظ، خائبة الرجاء، ولم تكن لتفوت فرصة مثل تلك لتظهر حقدها وغلها، فأصرت على الذهاب معهم.
ترقب على أحر من الجمر نزولها، وظل يتلفت حوله بضيق كبير حتى لمح طيفها، انتصب في وقفته، واتسعت ابتسامته، كما تحولت نظراته للإشراق، دنا منها قائلاً بنبرة متحمسة نسبيًا وهو مسبل عينيه نحوها:
-صباح الخير، أخبارك ايه؟
ضغطت أسيف على شفتيها قائلة بحرج وهي تتحاشى النظر إليه:
-الحمدلله!
وقبل أن يضيف كلمة أخرى، اقتحمت عليه نيرمين الحوار قائلة بعبوس:
-مكانش ليها لازمة النزلة دي يا سي منذر، كنت هات حاجة صيني مضروبة، وأهي تقضي الغرض بردك!
اشتدت تعابير وجهه من طريقتها الفظة، ونظر لها شزرًا قائلاً بتأفف:
-لا مؤاخذة الصيني ده ليه ناسه، لكن أنا بأجيب بقيمتي!
ردت عليه بامتعاض:
-طبعًا قيمتك على عينا وراسنا يا سي منذر، بس الفلوس دي هتترمى في الأرض، فخسارة تضيعها على الفاضي!
رمقها بنظرات ساخطة وهو يرد بصلابة:
-مالكيش فيه!
ثم استدار برأسه ناحية أسيف متابعًا:
-يالا يا عروسة، اتفضلي!
توردت وجنتي أسيف بشدة من تلك الكلمة، وبخطوات متعثرة تحركت صوب سيارته لتجلس في المقعد الخلفي.
بعد لحظات كان الجميع بالسيارة، فانطلق بهم منذر نحو أشهر منطقة تضم أكبر محال الصاغة، أوقفها عند الناصية، ثم التفت برأسه للخلف لينظر مباشرة في عينيها متسائلاً باهتمام:
-تحبي محل ايه؟
احتارت أسيف في الرد عليه، فرأسها كان خاويًا، هي بصعوبة تحاول الاستمرار في تلك التمثلية الزائفة، لذلك ردت باقتضاب:
-أي حاجة، مش هاتفرق!
فرك طرف ذقنه بكفه متابعًا:
-أنا في دماغي محل كويس، بس مش عارف إن كان ذوقي هيعجبكم ولا ....
قاطعته عواطف قائلة بامتنان:
-يا بني كتر خيرك، ده كفاية واقفتك معانا!
رد عليها بإصرار جاد:
-الأصول أصول يا ست عواطف!
احتقنت عيناي نيرمين بشدة، واكتسى وجهها بحمرة مغتاظة.
رمقت أسيف بنظرات حاقدة مشتعلة، وتمتمت مع نفسها بغضب:
-يا بت المحظوظة، موديكي عند أشهر جواهرجي في الحتة كلها! بوز فقر!
...............................................
حدقت بشرود كبير في تلك الأشكال المختلفة للخواتم، وتنوعت نظراتها ما بين الإعجاب والقلق، أرادت شيئًا محددًا، وصممت على البحث عنه.
أخرجها من حيرتها صوت منذر متسائلاً بحماس:
-ها عجبتك حاجة؟
ضغطت أسيف على شفتيها قائلة بتردد:
-يعني.. أنا في دماغي حاجة تكون خفيفة كده، ومش فيها شغل
عقد ما بين حاجبيه متسائلاً باستغراب:
-ليه؟
نظرت له بجدية وهي تقول بغموض:
-أكيد انت فاهم كويس!
انتصب في وقفته، وحدق فيها بنظرات شبه صارمة مرددًا:
-بس إنتي هاتتخطبي لمنذر حرب، مش أي حد، يعني لازم تكون حاجة من قيمتي وقيمتك!
-بس ....
رفع يده في وجهها مقاطعًا باقتضاب:
-متجادليش كتير، هي كلمة!
استدار برأسه ناحية صاحب محل الصاغة موجهًا حديثه له:
-شوفلنا أحسن حاجة عندك!
ابتسم الأخير بتكلف وهو يرد بدبلوماسية معتادة:
-طبعًا يا فندم، حضرتك تؤمر!
أزعجها تصرفه المعاند، فاقتربت منه أكثر، فتقلصت المسافة بينهما إلى خطوة واحدة، وزادت هي من نقصها بميلها عليها برأسها هامسة بضيق:
-لو سمحت يا أستاذ منذر! إنت عارف إني مش موافقة على الموضوع من الأول، فأرجوك ماتضغطش عليا!
تفاجأ من قربها الشديد، وشعر بخفقان شديد في قلبه.
لم يتخيل للحظة أن تؤثر به هكذا، أن تحرك فيه شيئًا وبقوة.
طالعته بنظرات متعجبة من تحديقه بها، فابتسم لها قائلاً بمزاح:
-طب اتفرجي! ده حتى الفرجة ببلاش!
نظرت له بضيق أكبر، فأصر قائلاً:
-اتفرجي بس، متفقين؟
اكتفت بالابتسام، وعاودت التحديق في الخواتم البراقة أمامها.
راقبها بنظرات دقيقة متأملة لكل ردة فعل تصدر عنها، أراد أن يعرف وبشدة إلى أي شكل تميل، فقد دار في رأسه فكرة ما.
استشاطت نظرات نيرمين على الأخير، وأحست بسخونة منبعثة من جسدها المتقد على جمراته الملتهبة.
اقتربت من والدتها، ومالت على كتفها لتقول بصوت خفيض من بين أسنانها المضغوطة:
-شايفة يا ماما الدهب، بصي!
ردت عليها عواطف بإيماءة خفيفة من رأسها:
-ربنا يعوضك بابن الحلال اللي يجيبلك أحسن منه!
همست لها بحقد مسلطة أنظارها على ابنة خالها:
-كفاية الوكسة اللي اتوكستها، وغيري واخد الحلو كله
ربتت أمها على كتفها مرددة:
-صفي قلبك، وربنا هيكرمك!
بعد لحظات، كانت قد انتقت الأقرب إلى رغبتها، خاتمًا بسيطًا رقيقًا، والأهم خفيفًا في وزنه، فلم يكلفه إلا القليل، أزعجه اختيارها، ومع ذلك لم يعترض، وبضجر كبير اشتراه لها.
نظرت لها نيرمين بسخط وهي تبرطم مع نفسها:
-وش فقر طول عمرها، حد يقول للنعمة لأ؟
غص صدرها بغيظها الحقود، فكورت قبضتها، وهمست لوالدتها قائلة بازدراء:
-بأقولك ايه، أنا طالعة أشم شوية هوا برا لأحسن اتخنقت من الوقفة هنا!
هزت عواطف رأسها بالإيجاب قائلة:
-وماله يا بنتي! واحنا لما نخلص هانطلعلك على طول
-طيب
قالتها نيرمين وهي تعلق حقيبتها على كتفها متجهة نحو باب المحل.
كانت تنفس نارًا من أذنيها، أوشكت على الانفجار من شدة غضبها المكتوم، لذلك فضلت الانسحاب مؤقتًا حتى تضبط انفعالاتها الهائجة.
سريعًا ما تأججت مشاعرها المحتقنة حينما لمحتهما عند محل الصائغ المجاور، فضاقت نظراتها، وقست تعابير وجهها للغاية.
انتوت نيرمين أن تفرغ شحنتها الغاضبة فيهما، خاصة أنها فرصة لا تعوض ........................ !!!
.........................................



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 29-01-18, 01:02 AM   #390

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثالث والستون:

بتجهم واضح على تعابيرها المتصلبة دومًا اتجهت صوبهما، خاصة حينما رأت بصحبتهما رجلًا غريبًا وعائلته، لم يكن الأمر بحاجة إلى فطنة أو ذكاء خارق لتخمين السبب، تغنجت بجسدها واضعة يدها على منتصف خصرها، ثم نظرت لهما شزرًا قبل أن تنفرج شفتيها لتصرخ بتهكم:
-أهلا بنسايب الهم والندامة!
ارتفع حاجبي لبني للأعلى حينما رأتها قبالتها، وسريعًا ما حل الوجوم الممزوج بالسخط على نظراتها.
هتفت بصدمة:
-إنتي؟!
رمقتهما نيرمين باحتقار وهي تتابع بوقاحة فظة:
-ها، ده عريس الغفلة الجديد، لأ عرفتوا توقعوا صح المرادي!
صاحت بها "شاهندة" بعصبية:
-جرى ايه يا بت انتي، لمي نفسك يا مصدية بدل ما....
قاطعتها نيرمين صارخة بانفعال متعمد وهي تلوح بذراعها في الهواء بحركات مستفزة:
-مصدية مين يا مقشفة، يا .....، ده احنا دافنينه سوا يا حيلتها!
حدق الرجل بغرابة في أوجه ثلاثتهن، لم يعرف بماذا يرد، فقد كان مدهوشًا بما يحدث حوله.
ردت عليها لبنى مهددة:
-وعزة جلال الله يا بنت الـ...... يا ....... لو ما اطرقتي من هنا، لأجيبك زي زمان تحت رجلي و....
قاطعتها نيرمين صائحة بحدة:
-اللسان الزفت مافيش أسهل منه
تحركت لبنى خطوة نحوها محاولة الاشتباك معها بالأيدي هاتفة بتشنج:
-انتي ناقصة رباية من يومك و....
دفعتها نيرمين من يديها وهي تكركر ضاحكة لتثير أعصابها بطريقة مستفزة، ثم وجهت حديثها للرجل الذي كان يتابع الموقف باندهاش عجيب قائلة:
-انفد بجلد يا أخ، دول عيلة سو، وربنا إنت أمك دعيالك عشان شوفتني النهاردة، العالم دول ولاد تيت، هيسفوا دمك!
انفجرت فيها لبنى بوابل لاذع من السباب النابي، لكن لم يردع نيرمين هذا عن مخططها الانتقامي، فتابعت قائلة بامتعاض:
-شايف البكابورت اللي طالع من بؤها، واسمها حماتك، دي حُمى بعيد عنك!
دنت منه مشيرة بيدها:
-اخلع منهم أحسنلك، خدها مني كلمة، ده أنا كنت معشراهم بقالي سنين
ردت عليها شاهندة بصراخ حاد:
-أخويا كان عنده حق يطلق واحدة زيك مالهاش ظابط ولا رابط، ده انتي تكفري العاقل يا .....!
أضافت لبنى بوعيد شرس:
-ما بقاش أنا أم حاتم يا بنت عواطف إن ما دفعتك تمن ده غالي!
ضحكت نيرمين عاليًا لتزيد من حنقهما، ثم تمايلت بميوعة بجسدها وهي تضيف:
-كان زمان وجبر! احنا نحب نخدم بردك!
أولتهما ظهرها وهي تبتسم بتشفٍ عظيم، شعرت بأن نيرانها المستعرة قد هدأت قليلًا، ردت إليهما جزءًا مما يستحقان، تنفست بعمق وهي تتجه عائدة إلى محل الصائغ.
........................................

رغم اعتراضه عليه إلا أنه اضطر أن يرضخ مجبرًا لرغبتها، لكن هذا لم يمنعه عن التفكير في شيء أخر، هو راقب جيدًا نظراتها المتطلعة للمصوغات الذهبية، وجاهد لمعرفة متى تتلألأ حدقتيها بنظرات مشرقة، ومتى تنظر بفتور لهم حتى يتمكن من اختيار هديته لها، وبجدية هادئة استطرد حديثه قائلاً:
-استنوني في العربية، وأنا هحاسب الأستاذ وأحصلكم
ابتسمت عواطف قائلة بسعادة:
-ماشي يا سي منذر!
ثم ربتت على ظهر ابنة أخيها متابعة بلطف:
-بينا يا أسيف
اكتفت الأخيرة بالإيماء برأسها، وتحركت معها إلى خـــارج محل الصائغ، مـــال منذر على صاحب المحل قائلاً بخفوت جاد:
-دلوقتي عاوزك تجيبلي الحاجات اللي هاشاورلك عليهم، وتلفهم في علبة محترمة عشان العروسة
توهجت عيناي الصائغ بوميض متحمس وهو يرد:
-تمام يا باشا، أحلى حاجة للهانم!
التوى ثغره للجانب قائلاً باقتضاب:
-ماشي!
باهتمام واضح بدأ في اختيار ما انجذبت إليه حبيبته عله يسعدها بطريقة أو بأخرى.
.......................................

لاحقًا، أوصلهن منذر إلى المنزل مؤكدًا على قدومه بصحبة عائلته مساءً للتقدم رسميًا بخطبتها - حتى وإن كانت زائفة - فقد أراد اتباع الأعراف والتقاليد. وبالطبع لم تدخر عواطف وسعها في ترتيب المنزل وتجهيزه لاستقبال ضيوفها اليوم، فالليلة مميزة للغاية، وهي تريد الاحتفال بها فهي فرصة طيبة لتطرق الفرحة باب منزلها، هتفت بنشاط:
-يالا أوام يا نيرمين، عاوزين نمسح الصالة و....
التفتت بوجهها المتجهم نحوها مقاطعة بسخط:
-ارحميني يا أمي، وسطي مقطوم من صباحية ربنا!
تعقد وجه والدتها صائحة بانزعاج:
-هو انتي عملتي حاجة؟ ده أنا اللي بيشيل وبمسح، مجاتش من نص ساعة احتجتلك فيها!
ردت عليها نيرمين بتبرم ملوحة بيدها:
-أنا مش عارفة ليه قلبة البيت دي؟ هي أول واحدة تتنيل تتخطب، ما أكم مليون غيرها ....
قاطعتها عواطف قائلة بحدة:
-خلاص، مش عاوزة منك حاجة، ربنا يديني الصحة! روحي لبنتك شوفيها!
زمت فمها رامقة والدتها بنظرات حادة، ثم أولتها ظهرها متجهة نحو غرفتها مبرطمة بكلمات ناقمة.
..................................
رفضت أسيف ارتداء أي ثياب مبهرجة رغم محاولات بسمة إقناعها بالعكس، حركت رأسها بالنفي قائلة بإصرار:
-لا، مش عاوزة!
ألحت عليها بسمة قائلة:
-دي قراية فاتحة، يعني المفروض تكوني شيك و...
قاطعتها أسيف قائلة بضجر:
-احنا فاهمين إنها أي كلام، يعني مالهاش لازمة التمثيلية دي!
أشارت لها ابنة عمتها بيدها متابعة باهتمام:
-ماشي، بس صدقيني هايبقى شكلك أحلى
اتجهت هي ناحية خزانة الملابس بخطوات شبه عرجاء لتعيرها إحدى ثيابها. دققت النظر فيما تملك، ورغم محدودية الاختيارات، إلا أنها أثرت أن تعطيها أفضلهم، التفتت ناحيتها جاذبة ثوبًا رقيقًا من اللون الزيتي مصنوع من قماش الساتان هاتفة بحماس:
-بصي بقى ده حلو خالص!
رمشت أسيف بعينيها مرددة بحرج:
-هو جميل والله، بس ... أنا...
اقتربت منها قائلة بعبوس مصطنع:
-عشان خاطري، يعني هاتكسفيني، يالا بقى!
ابتسمت مستسلمة وهي تحرك رأسها:
-ماشي! مش هازعلك!
تبدلت سريعًا ملامحها للحماسة والسعادة، وتابعت قائلة:
-أنا هاظبطك، متشليش هم!
..................................
ترجل من سيارته وهو في قمة أناقته، حيث ارتدى حلة جديدة سوداء ناثرًا عليها عطره الهاديء، ومن أسفلها قميصًا أبيض اللون، وتأكد من إكمال وجاهته بوضع رابطة عنق تحمل نفس لون الحلة، بدا كرجــال الأعمال في تلك الهيئة الكلاسيكية الرائعة، سلط أنظاره للأعلى محدقًا في الشرفة العلوية، ومخرجًا من صدره تنهيدة حارة، ها قد اقترب خطوة منها، حتى وإن كانت مؤقتة، لكنها حتمًا السبيل إليها.
استند دياب بمرفقه على سقف السيارة رافعًا حاجبه للأعلى ليبدي إعجابه وهو يقول:
-الشياكة ليها ناسها!
أخفض أخاه نظراته نحوه، وابتسم له قائلاً بصوت رخيم وهو يجذب ياقة سترته للأسفل:
-ها، ايه رأيك؟
مط دياب فمه للجانب هاتفًا:
-مافيش بعد كده!
حدق منذر في باقة الورد التي يحملها أخيه متسائلاً بفضول:
-انت جايب الورد ده لمين؟
ارتبك دياب لوهلة متعللًا:
-ده.. ده من الواد يحيى للأبلة بتاعته
جمد منذر أنظاره عليه قائلاً بعدم اقتناع:
-يحيى!
رد عليه دياب مبتسمًا ببلاهة:
-اه، أصل الواد مِزوِق زي أبوه!
صاح طه بجدية وهو يشير بعكازه:
-يالا يا شباب، مش هنتسامر كتير!
التفت منذر ناحيته مرددًا بابتسامة صغيرة:
-حاضر يا حاج!
تنحنح بعدها بخشونة طفيفة، ثم أشــار له بيده ليتحرك أولًا كنوع من الاحترام الشديد لشخصه، بينما تأبطت جليلة في ذراع ابنها دياب، وتهادت في خطواتها معه، في حين تسابقت أروى مع يحيى في الصعود على الدرج.
..................................

شعرت بدقات قلبها تتلاحق من توترها الواضح، جف حلقها حتى بات ريقها كالعلقم، ولأكثر من مرة ارتوت من المياه المسنودة على الكومود، وضعت بسمة اللمسة الأخيرة على حجاب رأسها الذي فضلت أن يكون من اللون الذهبي ليتلاءم مع ثوبها.
رفعت سبابتها قائلة بانبهار:
-واو، شكلك جميل أوي!
استدارت أسيف برأسها نحو المرآة لتطالع وجهها الذي تحول للإشراق بفضل جهود ابنة عمتها، رمشت بعينيها غير مصدقة أنها نفسها، هي لم تضع من قبل مثل تلك الكمية من مساحيق التجميل، بل على الأرجح لم تضع إلا أحمر الشفاه الرخيص وفي المناسبات الهامة فقط.
وضعت بسمة قبضتيها على كتفيها بعد أن وقفت خلفها، ثم سألتها باهتمام:
-أنفع يا قمر؟
أجابتها قائلة بحياء:
-هو أنا أقدر أتكلم! بجد انتي جميلة أوي! أنا.. مش عارفة أقولك ايه
-متقوليش حاجة، المهم تتبسطي النهاردة حتى لو شوية
-ربنا يقدرني وأردلك جميلك ده
-مافيش جمايل بينا! احنا بقينا اخوات، صح؟
-أيوه طبعًا.
تابعتهما خلسة من فتحة الباب المواربة وهي تتقد غيظًا من استحواذها على أختها، استشاطت نظراتها، وشعرت بغلي الدماء في عروقها، همست نيرمين لنفسها بنبرة مغلولة:
-والله لأعكنن عليكي، إنتي مش هاتخلصي مني بالساهل!
انتبهت لقرع الجرس، فتحركت متسللة متوارية عن الأنظار، هتفت بسمة بابتسامة عريضة:
-الظاهر العريس جه، خليكي هنا شوية لحد ما نناديكي
انزعجت قسمات وجه أسيف هاتفة بضيق:
-بلاش نكبر الموضوع أوي، هو ....
وضعت الأخيرة إصبعها على شفتيها مقاطعة بجدية:
-ششش، هو كبر لوحده، المهم افردي وشك بس عشان الميك آب مش يبوظ!
ثم داعبت طرف أنفها بإصبعها، ونظرت لها بأعين لامعة قبل أن تجذبها نحوها لتحضنها بحنو صـــادق.
.................................
-يا أهلًا وسهلًا بالغاليين، شرفتونا!
قالتها عواطف بنبرة مرحبة للغاية وهي تفتح الباب على مصراعيه سامحة لضيوفها بالولوج للداخل.
رد عليها طه بخشونة هادئة:
-كتر خيرك يا عواطف!
اقتربت من جليلة لتحتضنها متابعة بسعادة:
-نورتيني يا ست جليلة، والله احنا زارنا النبي النهاردة!
ابتسمت لها مجاملة وهي ترد باقتضاب:
-تسلمي!
تساءلت أروى قائلة بمرح:
-مش هاتسلمي عليا أنا ويحيى يا طنط عواطف؟
انحنت بجسدها قليلًا نحوها، واحتضنت وجهها الطفولي براحتيها لتقبلها قائلة بود:
-ده السلام كله ليكي يا غالية يا بنت الغاليين!
ثم ضمت الصغير يحيى إلى صدرها لتقبله من جبينه هو الأخر.
تنحنح منذر بخشونة ليلفت انتباهها مازحًا:
-ومافيش اتفضل للعريس و...
قاطعته قائلة بحرج كبير:
-يا خبر أبيض، هو احنا نقدر، ده بيتك يا سي منذر، اتفضل.. اتفضل!
استقبلتهم في غرفة الصالون مبدية سعادتها الغامرة بقدومهم، وبامتعاض مزعوج ولجت نيرمين إلى الداخل لترحب بهم، بادلتها جليلة نظرات أسفة وشبه حزينة لعدم وقوع الاختيار عليها، كانت تتمنى أن تكون هي العروس المنشودة، لكن خاب رجاؤها، وفي نهاية المطاف القرار الأخير بيد ابنها البكري، خرجت من شرودها المؤقت على هتاف عواطف القائل:
-اتفضلوا الحاجة الساقعة!
ظلت أنظاره معلقة بباب الغرفة مترقبًا ظهورها بين لحظة وأخرى، لم يرغب في إضاعة فرصة أن يكون أول من تقع عليها عينيه.
انتبه لصوت أبيه الأجش وهو يتساءل بجدية:
-أومال العروسة فين؟ تقلانة ولا ...
أخفت عواطف ابتسامتها الحرجة بكف يدها وهي تجيبه:
-ما انت عارف البنات يا حاج طه، بيتكسفوا في المواضيع دي!
هز رأسه بتفهم، ثم ربت على فخذ ابنه متابعًا بنبرته الجادة:
-وماله، بس عريسنا عاوز يقول الكلمتين اللي عنده في وجودها!
ردت عليه عواطف بابتسامة متسعة للغاية:
-ثانية وهاتكون عندكم يا حاج!
رغم إدراكها أنها لا تشغل باله في تلك اللحظة إلا أنها لم تفقد الأمل، جمدت نرمين نظراتها عليه طامعة في التفاتة خاطفة منه نحوها.
كــــادت دقات قلبها تصم أذنيها من فرط الارتباك والتوتر، ازدردت ريقها لأكثر من مرة وهي تقدم خطوة وتؤخر الأخرى، لم تشعر بمثل هذا الاضطراب المنفعل من قبل، دعمتها بسمة في مشيتها، أو بالأحرى استندت عليها أثناء سيرها المتباطيء نحو غرفة الصالون.
استشعر فؤاده وجودها قبل أن يراها، فثبت أنظاره على الباب. خفق بشدة حينما رأها تطل كالبدر في تمامه عليه، لم يشعر بجسده وهو يهب واقفًا مستقبلًا حضرتها الآسرة بتلهف كبير، والتوى ثغر منذر للجانب مُشكلًا ابتسامة متشوقة، كما لمعت نظراته ببريق الحب.
لم يختلف حال أخيه عنه كثيرًا، بل ربما أشد وطــأة منه، هو يحترق شوقًا بداخله، تبدلت تعابير وجهه للإشراق، ولم يكترث بافتضاح أمره، فالمهم الآن أن تشعر هي تحديدًا بما يكنه لها في قلبه.
هتف الحاج طه قائلاً وهو يضرب بعكازه الأرضية:
-تعالي يا عروستنا!
وضعت عواطف يدها على ظهرها لتدفعها نحو الداخل متابعة بنبرة مشجعة:
-خشي يا بنتي، سلمي على عمك الحاج طه، والست جليلة!
أطرقت رأسها في خجل وهي تتجه نحوه أولًا، ثم مدت يدها لمصافحته، وتحركت بحذر نحو جليلة لترحب بها التي رمقتها بنظرات شبه ضائقة، لكن بقي وجهها خاليًا من أي تعبيرات مزعوجة، راقبتها أعين منذر، ومع كل خطوة تخطوها بقربه، كانت أنفاسه تتسارع، وحماسه يزداد.
استقر الجميع في مجلسه، وبدأ طـــه في إتمام مهمته بالتقدم لخطبتها.
سلط أنظاره عليها متسائلاً بصرامة:
-ها يا عروسة، ايه رأيك؟
فركت أسيف أصابعها بارتباك كبير، صمتت للحظات تفكر في الأمر، ورغم إعلانها موافقتها مسبقًا، إلا أن تنفيذ الأمر على أرض الواقع أصعب بكثير. تصارعت الأفكار في رأسها، وتخبطت قرارتها، مازالت تخشى من تلك الإقدام عليها.
كانت أحلامها حول تلك الليلة مختلفة كليًا، فقد تمنت أن يكون والدها جالسًا بزهو في منزلها ومن حوله المعارف والأقرباء، يُبدي شروطه بإباء وثقة، فمن سينال درته المكنونة لابد أن يستحقها، أما والدتها فكانت تحلم بها تزينها، تضع فوق حجاب رأسها تاجًا صغيرًا ليزيدها جمالًا.
لمعت عيناها تأثرًا، وسحبت نفسًا عميقًا لتضبط انفعالاتها قبل أن تبكي بلا تبرير. طــال صمتها، وزاد قلقه، أوشك صبره على النفاذ من سكوتها المريب.
تجمدت عيناه عليها محاولاً سبر أغوار عقلها، دومًا تفاجئه بتهورها، بقرارات عجيبة تصدمه، للحظة ظن أنها ربما سترفض، وستتعمد إحراج عائلته، لكن تبددت أوهامه، حينما همست بنبرة شبه متلعثمة وقد اعتلت الحمرة وجهها:
-أنا.. انا موافقة!
تنفس الصعداء لموافقتها، وهتف غير مصدق:
-يبقى نقرى الفاتحة!
أيده والده قائلاً بابتسامة هادئة:
-وماله، على بركة الله، الفاتحة .. بسم الله الرحمن.....
كانت معظم الأوجه فرحة، أو على الأغلب راضية بتلك الخطبة، إلا وجهها الذي تحول للإظلام، ونظراتها للقتامة، كتمت حقدها في قلبها مجبرة، لكن وعيدها بالانتقام وتعكير الصفو بينهما لن يخبو أبدًا.

أطلقت عواطف زغاريد متعاقبة كتعبير رمزي عن فرحتها، وإعلانًا صريحًا عن وجود مناسبة سارة بأهل هذا المنزل، أعقبها هتاف جليلة:
-لبس عروستك الدبلة يا ابني!
أومــأ برأسه مرددًا:
-حاضر..
نهض من مكانه، ومد يده ليتناول العلبة الصغيرة الحمراء التي تحوي خاتمي الخطبة من والدته، ثم دنا من عروسه.
تنحت بسمة جانبًا مفسحة له المجال ليجلس على مقربة منها، ووقفت على الجانب تتابعهما بسعادة واضحة.
أخرج منذر الخاتم الخاص بها من العلبة، وأسبل عينيه نحوها قائلاً بهدوء:
-ايدك يا عروسة!
مدت يدها المرتجفة نحوه، وزادت رجفتها وهو يتلمس كفها محاولاً وضعه في إصبعها، سحبت يدها للخلف مكملة إرتدائه، وتحاشت النظر نحوه تمامًا، انتظر أن تفعل مثله، لكنها بقيت على جمودها، فمال عليها هامسًا بمرح:
-وأنا مش هالبس دبلتي ولا ايه؟ أنا معاكي في الخطوبة دي!
ابتسمت رغمًا عنها لتصرفها الأخرق، وتناولت منه خاتمه، ثم بإصبعين مرتعشين جاهدت لوضعه في إصبعه الغليظ، ضغطت على شفتيها بقوة وهي تفعل هذا، فبدت كمن يقوم بعملية جراحية حساسة للغاية، نظر لها مدهوشًا، لكنه لم ينكر استمتاعه بالأمر.
.................................
على الجانب الأخر، استغل دياب الفرصة للتودد إلى حبيبته، فاقترب منها بدرجة كبيرة حتى أوشك ذراعه على ملامسة ذراعها. شعرت بسمة بالحرج من جرأته، فنظرت له بقوة، فابتسم لها بسخافة.
رفع فجــأة باقة الورد أمام وجهها دون أن يعلق، فسألته بغرابة:
-ده ليا؟
أجابها مازحًا:
-لأ للفازة، لاقيتها فاضية كده ومكتئبة فقولت أنعنشها!
انعقد ما بين حاجبيها بدرجة كبيرة، وردت عليه بعبوس قليل:
-حضرتك جاي تهزر!
رد عليها معاتبًا:
-هو في حضرتك بعد دش المياه إياه، فاكراه يا أبلة؟
توردت وجنتاها كليًا من تذكيره لها بذلك الموقف المشحون بينهما.
تابع قائلاً بابتسامة لطيفة:
-عمومًا احنا اتصفينا خلاص، والورد ده ليكي يا أبلة!
شعر بانجذاب بنطاله الرمادي للأسفل، فأخفض بصره ليجد صغيره ممسكًا به، داعب دياب خصلات رأسه بكف يده بحنو أبوي واضح.
هتف يحيى ببراءة:
-سلامتك يا مس بسمة!
ردت عليه بنبرة رقيقة:
-الله يسلمك يا حبيبي
أشـــار الصغير نحو ساقها متسائلاً بفضول طبيعي:
-رجعلك بتوجعك يا مس؟
أجابته باقتضاب وهي تعض على شفتها السفلى:
-يعني.. شوية!
تابع الصغير مرددًا ببراءة وهو يوزع أنظاره بينهما:
-خلاص قولي لبابي يشيلك!
ارتفع حاجباها للأعلى في صدمة واضحة، وشهقت بصدمة خافتة:
-نعم
تفاجأ دياب هو الأخر من جملة ابنه، فوضع يده على فمه قائلاً بابتسامة حرجة:
-مسحوب من لسانه العفريت ده!
أبعد الصغير يحيى كف والده عن شفتيه ليوضح مقصده ببراءة:
-أنا لما رجلي بتوجعني بأقول لبابي ده وهو بيشلني على طول فمش بأحس بأي وجع، فانتي قوليله زيي!
رفعت بسمة أنظارها نحو والده لترمقه بحدة وهي ترد بسخرية طفيفة:
-لأ فيه الخير، حنين من يومه!
حك دياب مؤخرة رأسه مضيفًا بسذاجة مرحة:
-احم.. مش عارف الواد ده طالع غلباوي لمين، حاجة غريبة، أنا مش كده خالص!
ضاقت نظراتها نحوه حتى كادت تخترقه وهي تقول بجدية:
-انت هاتقولي!
.......................................
وقبل أن تفيق من حرجها الواضح أمام الجميع، اندهشت من إعلانه الصريح بنبرة ثابتة:
-دي بقى هديتي للعروسة، يا رب بس تعجبك!
حركت أسيف عينيها نحوه لتحدق فيه بعدم تصديق، ابتسم لها منذر وهو يخرج تلك العلبة المغلفة من الحقيبة القماشية ليضعها أمامها، أومــأ لها بعينيه متابعًا بهمس جاد:
-افتحيها يا عروسة!
تجهمت قسمات وجهها إلى حد كبير حينما رأت ما أهداها إياه؛ لقد انتقى لها من المشغولات الذهبية ما يخطف الألباب ويذهب العقول، شعرت بخفقان قوي في قلبها وهي ترى بريق ذلك الذهب الذي تتخطى قيمته الألوف بكثير، وما زاد من توترها هو تعمده اختيار تحديدًا ما أحبته من أشكال رقيقة.
حدقت فيه مرة أخرى بنظرات معاتبة، وقبل أن تحرك شفتيها لتعترض هتف بصرامة جادة:
-النبي قبل الهدية، وهدايا منذر حرب مش بتترد مهما حصل!
رمقها بنظرات أكثر شدة وصرامة ليمنعها من الرفض.
صفعة أخـــرى مهلكة تلقتها نيرمين على وجهها بعد تصرفه المفاجيء. لم يطرأ ببالها أن يقدم لها ذلك الكنز الثمين كهدية متواضعة لمجرد خطبتهما.
صرت على أسنانها بقوة حتى كادت تحطمهم من فرط غيظها المحتقن، فتلك التعيسة المعدمة حازت على الهيبة والمال معًا .....................................!!
...............................................



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:04 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.