آخر 10 مشاركات
98 - امرأة في حصار - بيني جوردان ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : حنا - )           »          251 - زائر الليل - كيم لورنس (الكاتـب : PEPOO - )           »          ديزي والدوق (44) للكاتبة :Janice Maynard .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          1128 - طيف من الحلم - آرلين جايمس - دار النحاس ... ( عدد جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          وأشرقت في القلب بسمة (2) .. سلسلة قلوب مغتربة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          369 - جزيرة الحب الضائع - سارة مورغن (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          203 -حب من أول نظرة / سالى وينت ورث )(كتابة /كاملة **) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-02-18, 09:45 PM   #471

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثامن والسبعون:

انهيارات متعاقبة شهدها معها ووقف فيها إلى جوارها حتى تستعيد ثباتها وتعاود النهوض على قدميها من جديد، أصعبهم كان رحيل أمها، وأقساهم كان الطعن في سمعتها، وأكثرهم وجعًا تمزيق ثوب عرسها، كل تلك العلامات الفارقة في حياتها أعطته هو مكانة خاصة في قلبها، تلك المكانة التي لم ولن يطأها أحد من قبله ولا بعده، تمكن بمواقفه الرجولية المختلفة الاستحواذ على كيانها، تغلغل في خلايا عقلها فتشبعت به حتى بات مسكنها لأي أوجاع محتمل أن تؤذيها، وباتت الشوكة بالنسبة له تشكل عقبة خطيرة عليه إزاحتها قبل أن توخزها مصادفة فتتألم.
حب ولد بين صدامات جدلية وصراعات فكرية، بين عناد مُلح وتحدٍ مستمر، حب اشتعلت جذوته في قلبيهما معًا حتى تحولت إلى شرارة أضاءت درب سعادتهما، فلم تكتمل فرحته إلا بها ومعها.
أبعد رأسها عن صدره ليحدق بعمق في عينيها الدامعتين قائلاً بثبات جاد:
-أنا عارف إن الوقت مش هيسعفنا نخلص فيه كل حاجة، بس كوضع مؤقت أنا هاطلب منك....
صمت متعمدًا ليثير انتباهها أكثر، ثم أكمل بتأنٍ:
-نتجوز في بيت أهلي!
تعقدت ملامح وجهها من طلبه المفاجئ، وحدقت فيه بنظرات جامدة مشدوهة بما تفوه به، لاحظ التغيرات الطارئة عليها، فطمئنها مضيفًا بهدوء:
-أنا مش عاوزك تخافي، وأوعدك خلال شهرين تلاتة بالكتير هايكون بيتك جاهز بكل حاجة نقصاه، ولو عاوزة ضمانات بده معنديش مانع!
أخفضت أعينها بعيدًا عن نظراته المتخللة لها مرددة بارتباك:
-هــاه، مش كده...
أحاط وجهها براحتيه ماسحًا ما تبقى من عبرات مبللة لوجنتيها هاتفًا بنبرة صادقة:
-محدش هيضايقك ولا هيدوسلك على طرف، إنتي هاتفضلي معززة مكرمة عندي، خديها مني كلمة!
ارتعش جسدها من لمساته الحنون على بشرتها، فأغمضت جفنيها هامسة بحرج كبير:
-بس أنا...
رد مقاطعًا بصوت رخيم:
-وافقي انتي بس وأنا هاعمل كل حاجة عشان ماتحسيش بالفرق!
تجمدت أنظارها على أطراف ثوبها الممزق المتدلية من الحقيبة، فحدق فيما شردت فيه، أرخى يده عن صدغها ليمسك به قائلاً بنبرة مزعوجة:
-والفستان ده ارميه
قبضت عليه أكثر، ثم رفعت عينيها في وجهه قائلة باعتراض:
-أنا وعدتك أحافظ عليه، و...
جذبه بقوة من يدها موضحًا بجدية:
-أنا مايهمنيش الفستان على أد ما يهمني سعادتك، واللي يخليكي تنزلي دمعة واحدة من عينك مالوش لازمة عندي!
ظلت أنظارها مثبتة على وجهه، فابتسم لها مضيفًا بتنهيدة تحمل الكثير من الأشواق والرغبة:
-أسيف أنا بأحبك ومش مستحمل حاجة عليكي!
داعب وجنتها بإبهامه بحركة ثابتة ابتسمت بحياء على إثرها، عاد تورد بشرتها من جديد، ولمعت عيناها ببريق مشرق، تنهد بحرارة مقاومًا مشاعره التي تحثه على التودد أكثر معها، وقبل أن يعبث هوى نفسه بعقله انتبه لصوت عواطف الصائح:
-ربنا يسعدك يا ابني!
أبعد يده برفق عن وجهها ملتفتًا نحوها وهي تتابع بامتنان:
-مش عارفة أقولك ايه، الحمدلله إنها قامت واتكلمت معاك!
نهض واقفًا من على طرف الفراش موجهًا حديثه لها بجدية:
-ست عواطف أنا بأطلب منك رسمي وقصاد مراتي إننا نتجوز في أقرب وقت!
اتسعت عيناها مرددة بصدمة:
-تتجوزوا؟!
هز رأسه بالإيجاب وهو يقول موضحًا:
-ايوه، كوضع مؤقت عند أهلي لحد ما شقتنا تخلص، وأنا هاجيبلها أوضة نوم جديدة وهوضبلها المكان، ومستعد أقدم ضمانات عشان تطمن!
استنكرت كلماته الأخيرة التي تشير إلى عدم ثقتها به، فعاتبته قائلة:
-ضمانات ايه، متقولش كده يا سي منذر، ده انت أبو الرجالة والشهامة كلها!
ثم ابتسمت متابعة بنبرة ذات مغزى وهي تشير نحو ابنة أخيها:
-بس القرار في الأول وفي الأخر راجع ليها، فلو وافقت يبقى على بركة الله!
استدار برأسه نحو حبيبته التي كانت تطالعه بنظرات خجلة متسائلاً:
-ها يا أسيف؟ قولتي ايه؟
بقيت شفتاها مطبقتين لا تنبس بأي كلمة، فظن أنها ربما تكون مترددة من القبول والمجازفة بالبقاء مع أهله في بيت مليء بالكثير من الأفراد، فلن تحظى بخصوصيتها كغيرها من الفتيات خاصة أنها عروس جديد ولم يسبق لها الزواج، جمد أنظاره عليها مؤكدًا:
-لو خايفة حد يتعرضلك هناك، فصدقيني هما مش كده، أهلي بيحبوكي، وهيحاولوا يسعدوكي زيي، وانتي دخلتي عندنا أكتر من مرة وشوفتي الدنيا ماشية ازاي هناك
أكدت عواطف على حديثه قائلة:
-دي الست جليلة تتحط على الجرح يطيب، ولا الحاج طه حاجة كده....
لم تلتفت أسيف نحو عمتها، وبقيت عيناها عليه هو فقط وهي تسأله بهدوء مريب:
-انت هاتكون معايا؟
احنى نفسه قليلاً نحوها ليضع أنامله على طرف ذقنها قائلاً بثبات:
-مش هاسيبك للحظة!
لم ترمش بعينيها، وشردت في نظراته المتأملة لخلجاتها، شعرت بصدقه، بيقينها بحفاظه على وعده الذي لن يحنثه أبدًا، فهمست بابتسامة باهتة:
-أنا موافقة!
اضطربت أنفاسه مرددًا بعدم تصديق:
-موافقة؟!!!
أومــأت برأسها إيجابًا ليزداد مع حركتها تلك خفقات قلبه المحب لها، لم يشعر بنفسه وهو يضم رأسها إليه، وحاوطها بذراعيه شاعرًا بتلك السعادة الغامرة التي تحررت أخيرًا من مرقدها لتغلفهما بسحرها الدائم، همس لها باشتياق راغب:
-بأحبك يا بنت رياض!
أطلقت عواطف زغرودة مدوية معبرة عن فرحتها بموافقة ابنة أخيها، فهي ستنعم أخيرًا بما حُرمت منه، ركضت بسمة نحو والدتها بعد سماعها لأصوات الزغاريد المتعاقبة لتقف إلى جوارها متأملة ذلك المشهد العاطفي بابتسامة خجلة، لفت ذراعها حول كتف والدتها ناظرة لها بأعين متوهجة فرحًا لابنة خالها، بينما ظلت نيرمين في الخارج تحترق كمدًا بنيرانها حتى غص صدرها بالبكاء المرير، لم تخفِ عبراتها المنهمرة بغزارة، فقلبها قد انفطر على حب مستحيل بقهر مؤلم.
.................................................

مر يومان فشل خلالهما في الوصول إليها، فلم تجب على اتصالاته المتكررة متعمدة تجاهله، فتأكد من انزعاجها منه بسبب سوء حظه مع أخيه الذي كشف خطته ببساطة، وما ذنبه إن كان يمتلك فراسة حادة؟ بدا شبه متعصب مع أغلب من يتعامل معه خاصة أن الساعات تمر ثقيلة عليه، أراد أن ينهك نفسه في العمل عله يلهي عقله عن التفكير فيها، لكن لا يستمر الأمر طويلاً، فما يلبث أن تقتحم مخيلته بضراوة لتعذبه أكثر.
زفر دياب بإرهاق مرجعًا رأسه للخلف وهو يجلس خلف مكتبه محدثًا نفسه بتبرم:
-امتى تحني عليا بس؟
ولج إليه أحد العمال قائلاً بتردد حرج:
-ريس دياب.. آآ.. في واحدة مصممة تقابلك برا
عقد ما بين حاجبيه متسائلاً باندهاش غريب:
-واحدة! مين دي؟
أجابه العامل وهو يشير بيده بتوتر ظاهر عليه:
-دي الست ....
اعتقد دياب للحظة أنها ربما تكون حبيبته قد جاءت إليه لتعنفه وجههًا لوجه، لم يهمه الأمر على قدر رؤيته لها، المهم أنها متواجدة عنده، لم يدع فرصة للعامل لإتمام جملته فقاطعه قائلاً بحماس:
-أنا طالع أشوفها بنفسي!
توجس العامل خيفة مما سيراه، فحتمًا سيتلاشى ذلك الاهتمام ليحل الوجوم كبديل عنه إن عرف هوية المتواجدة بالخارج.
...........................................

قررت ألا تستسلم وتتودد إليه على طريقتها الخاصة رغم جفائه وغلظته معاها، أرادت أن تثير أعصابه نحوها وتحفزها للتفكير فيها حتى لو في الأمر مجازفة كبيرة، لذلك استقلت ولاء سيارتها وصفتها أمام وكالته متأنقة بثيابها الفاضحة لتحرك فيه حمية الرجال حينما يراها هكذا، لا ترتدي سوى بنطالاً مثيرًا لشهوات الرجال ومن فوقه كنزة قصيرة تكاد تصل إلى خصرها مكشوفة الصدر وبدون حمالات، بالطبع هي وسيلة رخيصة لكنها واثقة من نجاحها معه.
وحدث ما توقعته اختفت بسمته المتسعة من على ثغره ليكسو تعابيره الاكفهرار والنفور، احتدت نظراته وقست تعبيراته بشدة وهو يندفع نحوها بخطوات متعصبة، حافظت على ثباتها أمامه، وتمايلت بجسدها مستندة بمرفقها على جانب سيارتها هاتفة بدلال:
-هاي دياب!
قبض على ذراعها جاذبًا إياها بعنف لتعتدل في وقفتها المائعة مجبرة، وهدر فيها بصوت متشنج وعيناها تطلقان شررًا نحوها:
-انتي اتجنني؟ ازاي تجيلي هنا عند الوكالة، لأ وبالمنظر ده؟!!!!
مرر أنظاره المتقدة سريعًا على ثيابها الضيقة التي كانت تبرز منحنيات جسدها بطريقة فجة مهلكة للأعصاب، وبتأويهة مصطنعة همست له بعتاب:
-آي، بالراحة يا دياب إنت بتوجعني كده!
هزها بعنف صارخًا بها بشراسة من بين أسنانه المضغوطة بقوة:
-اتكلمي عدل، بلاش طريقة الـ....... معايا!
ارتفع حاجباها للأعلى من سبابه الحاد لكنها لم تكترث به، فخطتها لابد أن تكتمل، لذا تجاهلت كلماته النابية المسيئة لها قائلة بنعومة:
-دياب، أنا محتاجة أتكلم معاك لوحدنا!
هدر بها بانفعال مهتاج:
-مافيش كلام بينا نهائي، إنتي مابتفهميش
أسبلت عينيها نحوه مبررة:
-ماهو كله عشان مصلحة يحيى!
أرخى قبضته عن ذراعها مظهرًا تأففًا صريحًا منها، ابتسمت متابعة بعبث:
-أنا أمه ومحتاجاه معايا كام يوم، ولازم نتفاهم على ده ودي من غير ما نلجأ للأقسام، صح ولا أنا غلطانة؟
نظر لها باحتقار وهو يجيبها بازدراء مهين:
-ده منظر أم، طب اتكسفي على دمك والبسي حاجة تسترك بدل ما انتي معرية لحمك لكل الناس!
تنهدت في وجهه بتنهيدة حارة متسائلة بصوت خفيض مثير:
-لسه بتغير عليا؟
زادت نظراته نفورًا من أسلوبها المبتذل معه صائحًا باستنكار مزدري:
-بأغير! انتي شكلك مبلبعة حاجة!
تجرأت أكثر معه فمدت يدها لتضعها على صدره متحسسة إياه برفق وهي تضيف بعبث:
-لأ يا دياب، بس طريقتك بتقول كده، انت لسه بتغير، عينيك فضحاك!

في تلك الأثناء كانت بسمة قد ترجلت من سيارة الأجرة على مقربة من الوكالة، فرفعت عينيها عفويًا نحو مكانها، تجمدت أنظارها على ذلك المشهد الحميمي الملتهب في وضح النهار وأمام الجميع، رمشت بجفنيها غير مصدقة أنه يقف مع طليقته تداعبه وتلامسه بوقاحة وكأن شيئًا لم يكن بينهما، شعرت بدمائها تغلي بداخلها، واستعادت في ذاكرتها مشاهدًا سريعة من حديثه المعسول معها، وغزله المتواري لها، وأخيرًا عرضه بالزواج منها.
ورغم رفضها الصريح للارتباط به إلا أن وخزة قوية عصفت بقلبها جعلتها تصل إلى ذروة غضبها في أقل من ثوانٍ، كونها قد رأته على تلك الوضعية مع غيرها أصابها بالجنون.
وقفت مكتوفة الأيدي، عاجزة عن تحريك قدميها حتى لتبتعد، أجبرتها عيناها على متابعة المشهد للحظات حتى اكتفت مما رأته، رمقت الاثنين بنظرات مشتعلة، واستدارت بظهرها مبتعدة عن المكان برمته، فأي تصرف أهوج في تلك اللحظة سيحسب عليها وليس لها.
تفاجأ من حركتها المتهورة تلك على صدره، ونظراتها الماكرة التي تحاول استدراجه إلى فخها، فامتعض وجهه بشدة، وغرز أظافره في قبضتها نازعًا إياها عنه وهو يصيح بها بسباب قاسٍ:
-حاسبي ايدك الـ..... عني!
شهقت مصدومة من إهانته الجارحة لها، ومن أسلوبه العنيف في التعامل معها، تعمد إيلامها أكثر وهو يضيف باحتقار أشد:
-إياكي تفكري تلمسيني بقذارتك دي!
ظلت على وضعها المشدوه لثوانٍ محاولة استيعاب ذلك الكم الهائل من الإهانات الموجهة لشخصها، بدا أكثر اشمئزازًا منها، متقززًا من أسلوبها الرخيص في جذله نحوها، أكمل بعبوس نافر:
-أنا مايشرفنيش إن ابني أمه تكون بالمنظر ده!
دفعها بقبضته بعنف في كتفها مضيفًا بحدة:
-ربنا ياخدك ونرتاح من فضايحك
ردت مستنكرة قسوته اللامحدودة محاولة استعطافه:
-دياب!
فتح باب سيارتها ليجبرها على الدخول فيها قائلاً بشراسة:
-امشي من هنا بدل ما أسيب عليكي كلاب الحتة، وصدقني مش هايفرق معايا اللي هايتعمل فيكي!
استشعرت قوة تهديده المصحوب بألم قبضته التي اعتصرت ذراعها، فتأوهت صارخة:
-آآآآه، طب ابني؟
أجابها بجمود وهو يصفق باب السيارة عليها:
-هاتشوفيه بس مع أمي!
ترقرقت العبرات في مقلتيها، فأزاحتهم سريعًا بأناملها قائلة بصوت شبه مختنق:
-أعمل اللي انت عاوزه فيا، احنا هنفضل مربوطين ببعض، وجايز في يوم نكون سوا و...
قاطعها بسخرية متهكمة قاصدًا شتمها:
-عشم ابليس في الجنة يا .........!
اختنق صوتها أكثر مرددة بانكسار:
-انت بتشتمني؟
أشار لها بيده هاتفًا باحتقار:
-أقل واجب معاكي، طرأينا من هنا!
ضرب على سقفية سيارتها بقوة بكفه لتدير محركها وتتحرك بها من أمامه بنظرات محبطة خاسرة ذرة أخيرة في كرامتها المهدرة، تابعها بأنظاره المحتقنة حتى وصلت إلى ناصية الطريق فوقعت عيناه مصادفة على طيفها الذي يخفق قلبه معه، هتف مندهشًا:
-بسمة!
تحرك من مكانه بخطى سريعة مقلصًا المسافات ليتأكد من صدق ما رأته عيناه، ارتسم على ثغره ابتسامة عريضة تلاشى معها غضبه المبرر من تلك المعيبة التي أفسدت نهاره، أسرع في خطواته ليلحق بها صائحًا بلهفة مضاعفة:
-أنا حظي حلو إني شوفتك!
لم تنظر نحوه مطلقًا، فهي على وشك الانفجار فيه إن تركت لنفسها العنان لفعل ذلك ردًا لظنها الخاطئ في إساءته لشخصها، صاحت به متسائلة بوجوم صريح دون أن توقف سيرها:
-جاي ورايا ليه؟
استشعر من نبرتها وجود خطب ما بها، فسألها بحذر رغم معرفته إجابتها مسبقًا:
-انتي كنتي هنا؟
تألمت قدمها من كثرة الضغط عليها حتى أنهكها الألم وأوجعها بدرجة ملحوظة، فتوقفت عن السير مجبرة لتلتفت نحوه بوجهها العابس المتشنج، نظرت له باحتقان وهي تجيبه بتهكم يحمل السخرية والاستهزاء:
-اه وشوفتك مع المدام، ربنا يخليكم لبعض!
كور قبضته متفهمًا سبب عصبيتها، هو تعيس الحظ معها، دومًا تضعفه الظروف في مواقف لا تخدمه أبدًا، استشعر تعقد الأمور، فهتف موضحًا بقلق:
-انتي فاهمة غلط، الموضوع فيه سوء فهم و....
رفعت يدها أمام وجهه ليقطم عبارته مضطرًا وهي ترد بجمود:
-مش عاوزة أفهم حاجة، عن إذنك أنا متأخرة!
توسلها أن تبقى قليلاً ليزيل سوء الفهم الحادث، فهمس باسمها بنبرة مؤثرة
-بسمة
أشاحت بوجهها بعيدًا عنه هاتفة ببرود جامد:
-أستاذ دياب عيب كده!
التفتت التفاتة صغيرة لتنظر له بطرف عينها وهي تضيف بتساؤل ذو مغزى:
-ترضاها لأختك إن حد يقف يضايقها كده؟
نكس رأسه حرجًا منها، ووضع يده على شعره عابثًا به وهو يرد بضيق:
-لأ، بس ترضي انك تظلميني؟
تحرك قبالتها محدقًا في عينيها بقوة وهو يقول:
-انتي بنفسك عارفة أنا بأكرهها أد ايه! استحالة أفكر فيها تاني!
أخفض نبرته متابعًا بتنهيدة تحمل الكثير:
-مافيش إلا واحدة بس جوا قلبي ونفسي تحن عليا، وإنتي عارفة هي مين!
تأثرت لثانية بنبرته المتوسلة لها، أكد لها حدسها نظراته المستعطفة لقلبها لكي ترفق به وتعطيه فرصة أخيرة، خشيت من افتضاح أمرها فعمدت إلى تجميد ملامحها، وردت ببرود متأهبة للتحرك:
-أنا متأخرة وتعبانة، فمن فضلك شوية!
يئس من إقناعها، فتنحى جانبًا لكي تمر من جواره زافرًا بصوت مختنق من فساد يومه بالكامل، ركل الأرضية بقدمه قائلاً بحنق:
-ربنا يحرقك يا ولاء! جيتك بالخراب عليا!

تابعت سيرها المتعجل كاتمة كم المشاعر الغاضبة المشحونة بداخلها بصعوبة بالغة، ما أزعجها وجعل همومها تطبق على صدرها تسلله إلى حياتها ليصبح جزءًا من يومها رغمًا عنها، لا تنكر أنها باتت تفكر فيه مؤخرًا، نعم ليس بالقدر الكبير في البداية، لكن مع الوقت نال قدرًا أكبر من اهتماماتها وترسخ وجوده في وجدانها فمنحته ما لا يستحق.
أخرجت من صدرها تنهيدة تحمل الكثير من الأثقال التي تكتم على روحها، ذهلت حينما رأت العبرات تخونها وتنساب برقة على وجنتيها، وضعت يدها على صدغها تتحسسه بصدمة، تساءلت بعدم تصديق:
-هو في ايه؟ أنا بأعيط ليه؟
كفكفت دمعاتها سريعًا قبل أن تراها الأعين الفضولية المدققة بأوجه المارة، تنفست بعمق لتضبط مشاعرها الثائرة، خشيت أن يكون حدث ما لم ترغب فيه، وهو وجود نبتة للحب شقت طريقها في قلبها نحوه، وإلا لما تأثرت هكذا بما رأته وانفعلت أحاسيسها، أصبح غضبها مبررًا مفهومًا بصورة كبيرة رغم إنكارها، هي تكن له شيء ما، وسيظهر مع مرور الأيام.
.................................................. ......

تجنبتها على قدر المستطاع بناءً على طلبه الخاص حتى يحين موعد زفافهما، وانشغلت مع عمتها في شراء ما ينقصها من احتياجات ولوازم العروس، سعدت الأخيرة بتجاوب ابنة أخيها مع مستجدات الأمور بصورة طيبة مطمئنة أراحت قلبها كثيرًا، وعمدت إلى تسخير جهدها بالكامل من أجلها هي فقط علها تعوضها عن غياب أبويها.
أفرغت أسيف على الفراش ما قامت بشرائه من ثياب جديدة لترتبها في حقيبة سفرها، شردت في الحقيبة الأخرى الخاصة بوالدتها الراحلة متذكرة كيف بدأت رحلتها من بلدتها الريفية حتى انتهى بها المطاف عروسًا تستعد ليلة زفافها، أطالت النظر نحوها فلم تشعر بعمتها وهي تلج إلى داخل الغرفة لتتفقدها، رأت ما تنظر إليه، فتفهمت سبب هدوئها الحزين، وضعت يدها برفق على كتفها قائلة بحنو:
-ادعيلها بالرحمة والمغفرة، هي زمانتها مرتاحة عشان انتي مبسوطة!
أدارت رأسها نحوها متسائلة بصوت مرهق:
-تفتكري يا عمتي؟
ردت مؤكدة بابتسامتها الصافية وهي تربت على ظهرها برفق:
-طبعًا، أي أم في الدنيا نفسها تشوف عيالها في أحسن حال، والحمدلله ربنا كرمك بمنذر اللي بيحبك!
تورد وجهها من ذكر اسمه، فحضوره القوي بمواقفه الرجولية المختلفة يؤثر عليها بشكل ملحوظ، ناهيك عن حبه الجارف لها، ضمتها عواطف إلى صدرها متابعة بود:
-انسي الماضي وركزي في اللي جاي يا بنتي!
هزت رأسها بتفهم، فلا حاجة بها للبقاء حبيسة أحزانها، عليها أن تمضي قدمًا في حياتها.
......................................
لاحظت حالة التجاهل المسيطرة على من معها بالمنزل، وفهمت أسبابه ببساطة، باتت كالمنبوذة وهي تعيش بينهن، عقدت حجابها كعصابة لفتها حول رأسها كمحاولة بدائية لوقف ذلك الصداع المهلك الي يكاد يفتك بعقلها، أجلست ابنتها على حجرها تهزها بتوتر وهي تقول:
-تقولش بقيت جربة وسطهم!
حكت طرف ذقنها بخشونة وهي تضيف:
-ده ولا واحدة عاوزة تعبرني ولا تقولي في ايه، وكل شوية ينزلوا مشاوير هنا ومشاوير هناك!
ضربت بيدها على فخذها متابعة:
-ايوه، ما هو أنا بنت البطة السودة المغضوب عليها!
رفعت كفيها للسماء هاتفة بحنق:
-إلهي ليلتك تبوظ عشان أفرح فيكي!
ولجت أختها إلى الداخل واجمة الملامح عابسة النظرات، لم تلقِ عليها التحية، واتجهت مباشرة نحو خزانة الملابس، أمعنت نيرمين النظر فيها متسائلة بفضول:
-خير، مش فرحانة ليه زي الشملولة اللي برا؟!
نظرت لها بحدة وهي تجيبها بانفعال:
-ملكيش دعوة بيا يا نيرمين، أنا جاية أخد هدومي وأطلع، مش ناقصة سين وجيم!
لوحت لها بيدها هاتفة بازدراء:
-طلعي غلبك فيا انتي التانية، ماهو كل هم في البلد يجي عندي ويتسند!
نفخت بسمة صائحة بنفاذ صبر:
-يووه، أنا مش نقصاكي، أديني سيبالك الأوضة وطالعة!
سحبت أول ما التقطه يدها من على الرف صافقة ضلفة الخزانة بعصبية، ثم اندفعت للخارج مبرطمة بكلمات مزعوجة، ردت عليها نيرمين بغل:
-غوري ياختي، بلا هم!
وضعت يديها على رأسها ضاغطة عليه وهي تقول بتبرم:
-آه يا نافوخي، إلهي يجيلك صداع ماتعرفي تقومي منه!
...........................................
تجول في أروقة مدرسته الجديدة بعد أن استقر بها متباهيًا بمآثره، فقد تمكن من ملامسة عدد لا بأس به من ضحاياه من صغار السن عديمي الخبرة في تلك الأمور الشاذة المشينة التي يرتكبها في حقهم، لكنه كان أكثر حرصًا على عدم افتضاح أمره بانتقاء السذج منهم والأصغر عمرًا ليلاطفهم ويداعبهم بعيدًا عن الأعين الكاشفة له.
وقع في يده ضحية أخرى؛ طفلة بريئة من الصف الأول الابتدائي، استدرجها ببراعة محنكة إلى غرفته الخاصة، فلم تنجو منه عجزت عن النطق معتقدة أن ما يفعله بها شيء عابر سيزول مع الوقت، كانت ترتعد بشدة وهي تطالعه بنظراتها الخائفة، ارتعشت من طريقته الغريبة معها، كانت رافضة لكل ما يحدث رغم حداثة سنها، أخرج من جيبه قطعة حلوة مغلفة، ثم ناولها لها متابعًا بلطف:

-خدي البسكوتة دي عشان انتي شاطرة وبتسمعي الكلام

هزت رأسها نافية وهي تقول:

-مش عاوزة

-طب نفسك في ايه؟ أجيبلك كيس شيبسي؟

حركت رأسها بالنفي وهي ترد:

-لأ!

وضعت قبضتها الصغيرة عفويًا على يده لتبعدها عنه متابعة بنبرة مرتجفة:

-أنا عاوزة أروح الكلاس بتاعي

تقوس فمه للجانب مبرزًا ابتسامة شيطانية مهلكة وهو يرد:

-ماشي يا كتكوتة!

توهجت نظراته بوميض جعل الصغيرة ترتعش أكثر منه خاصة حينما تجاوز الأمر مخيلتها الضئيلة



في تلك الأثناء، أراد يحيى الدخول إلى المرحاض لكن تعذر على الصغار المتواجدين بطابق رياض الأطفال استخدامه لوجود صيانة حالية به نتيجة انسداد المواسير، فلجأت العاملات لاستخدام المراحيض المتواجدة بالطابق الأرضي، والقريبة من غرفة تدريس مادة الصيانة والترميمات، توجه بصحبة إحداهن نحو المرحاض، هتفت العاملة متسائلة:
-عاوزين التواليت
ردت عليها أخرى:
-خليه يستنى، في 3 جوا، وبتاع البنات مشغول
-طيب
التفتت العاملة نحو يحيى قائلة بجدية:
-معلش يا حبيبي امسك نفسك شوية لحد ما يفضى واحد
هز رأسه بالإيجاب قائلاً:
-طيب
تلفت حوله متأملاً ذلك المكان الواسع بنظرات شمولية، انشغلت العاملة عنه بمعاونة طفلة أخرى في ارتداء ثيابها الداخلية، فدفعه فضوله لاكتشاف المكان من حوله ريثما يصبح المرحاض شاغرًا، وببراءة الصغار تجول في المكان مشبعًا فضوله البسيط، ضل طريقه ولم يعرف كيف يعود، دار حول نفسه بحيرة، ودلف إلى رواق منزوي مقارب للحديقة معتقدًا أنه طريق العودة، لمح تلك الغرفة البعيدة فاتجه نحوها راكضًا، كان الباب موصدًا فلم يرَ شيئًا ، لكنه استمع إلى أصوات مبهمة تأتي من الداخل، فألصق جسده بالنافذة الزجاجية الداكنة، اشرأب بعنقه للأعلى محاولاً رؤية ما يدور بالداخل من ذلك الشق الزجاجي الصغير.
ارتجفت أطرافه بقوة حينما رأى ما يحدث للصغيرة وتجمد في مكانه مذعورًا حينما شبح الشخص يستدير نحوه، أخرج صرخة مفزوعة من فمه متراجعًا للخلف، لكنه تعثر في خطواته المرتبكة فسقط على ظهره.
فتح ناصر الباب على مصراعيه ليجد ذلك الطفل محدقًا به، اغتاظ من كونه قد أفسد متعته في نهاية المطاف، والأهم من هذا هو احتمالية تشكيله خطرًا عليه، فإن باح بما رأه لأي شخص لانتهى أمره فورًا، بالإضافة إلى كشف المستور عن كل ما قام به، صرف الطفلة بهدوء وهو يبتسم لها:
-يالا يا حلوة على الكلاس!
ركضت الصغيرة مسرعة وهي ترتجف مما مرت به، نظرت إلى ما في كفها الصغير من حلوى بعبوس، ثم ألقتها على الأرضية لتدهسها بقدمها وهي تختفي من المكان برمته، دار في رأسه الشيطاني عشرات وعشرات من النهايات المخيفة له إن فضح ذلك الجرذ الفضولي أمره.
وبلا لحظة تأخير انحنى عليه ليمسك به من ياقة قميصه المدرسي رافعًا إياه نحوه، ركل يحيى بقدميه في الهواء مذعورًا، وفزع من نظراته المهددة بدرجة جعلته يبلل سرواله من شدة خوفه منه، صرخ به ناصر بحنق من بين شفتيه المضغوطتين:
-إنت بتعمل ايه هنا؟
بكى الصغير خائفًا:

-مامي!
كظم غضبه بصعوبة كي لا يلفت الأنظار إليه، ثم أنزله على قدميه دون أن يحرره، تفحص ثيابه المختلفة نسبيًا عن المعتاد واستشف سريعًا أنه من أطفال قسم الرياض الملحق بالمدرسة، تنفس الصعداء لتيقنه من نجاته من كارثة وشيكة، ولكن مازال عليه أن يكون أكثر صرامة كي يضمن صمته الإجباري إن فكر في التفوه بأي حماقات لأحد أبويه كعادة الصغار حينما يسترسلون في حديثهم مع أفراد عائلتهم بالمنزل، قست ملامحه وباتت أكثر تهديدًا عن ذي قبل،جثى على ركبتيه ليصبح وجهه في مواجهة يحيى الذي كان على وشك الصراخ لكن يد ناصر كانت الأسرع في تكميمه، هزه بعنف وهو يهدده بنبرة أقرب لفحيح الأفعى:
-شوف يا وله، انت مش عارف أنا مين، بس أنا العوو اللي هايطلعلك في كل حتة لو فكرت تفتح بؤك وتقول حاجة!
شعر بانتفاضة جسده بين ذراعيه المقيدين له، فتيقن من وصول رسالته إليه، تابع مضيفًا بهمس شرس:
-حتى وانت نايم هاجيلك على سريرك أخد روحك! فأحسنلك تنساني!
هزه بعنف وهو يسأله:
-فهمتني ولا تحب أكل رجلك و....
حرك يحيى رأسه بالإيجاب خوفًا منه، فقد نجح ببراعة في بث الرعب في نفسه حتى كاد يموت من فرط الهلع الذي عاشه خلال تلك الدقائق العصيبة، أزاح يده عن فمه ليمسح على رأسه قائلاً بابتسامة مهددة:
-انت كده شاطر!
دقق ناصر النظر في بطاقة الهوية المعلقة حول عنقه مرددًا بهدوء:
-مممم.. اسمك يحيى دياب!
غمز له بعينه اليسرى متابعًا بتسلية:
-شوفت أنا عرفت اسمك لوحدي ازاي، يعني هاجيبك هاجيبك لو اتكلمت!
رد عليه يحيى بصوت مختنق من بين بكائه:
-أنا عاوز مامي!
قهقه ضاحكًا من براءته التي يستلذها في الصغار، ثم اعتدل في وقفته قابضًا على رسغه ليسحبه خلفه وهو يقول:
-وأنا عاوز اللي زيك!
ظن الصغير أنه سيضربه أو ما شابه خاصة أن أصابعه كانت تعتصره معصمه بشدة، فصرخ عاليًا مستنجدًا بأي أحد:
-مامي، أنا عاوز مــــامي! عاوز أروح، مامي!
جرجره خلفه بسهولة رغم تعمد يحيى إلقاء ثقل جسده للخلف عله يشكل عائقًا أمام قوته، لكن ما يفعله لا يشكل فارقًا معه، لمحتهما العاملة من على بعد، فركضت ناحيتهما مرددة بخوف:
-الحمدلله إنك لاقيته يا أستاذ ناصر، ده أنا دوخت عليه
جذب الصغير إلى حضنه بذراعه قائلاً بضجر زائف:
-أه ماهو تايه وعمال يعيط وأنا مش عارف أفهم منه حاجة!
أشارت بيدها للأعلى مبررة سبب تواجده هنا:
-ده من الحضانة فوق
قطب جبينه مهتمًا، وتساءل بمكر ليبعد أي شبهات عنه:
-وإيه اللي جابه تحت؟
أجابته العاملة بامتعاض مرهق:
-التواليتات بايظة
هز رأسه متفهمًا وهو يضيف محذرًا:
-أها قولتلي، طب خدوا بالكم كويس، مش كل مرة هتعدي على خير، جايز عيل يجري كده ولا كده وتحصل مشكلة!
لوت العاملة ثغرها مرددة بتوجس:
-ربنا يستر، كتر خيرك يا أستاذ ناصر!
مدت يدها لتمسك بالصغير، فرأت سرواله المبتل، زاد تجهم تعبيراتها وهي توبخه بلطف:
-كده بليت هدومك يا يحيى!
انفجر الصغير باكيًا وهو يصرخ بخوف:
-أنا عاوز مامي!
ظنت العاملة أنه يبكي لإفساده ثيابه، ولم يأتِ في مخيلتها مطلقًا أنه لسبب أخر، أمسكت به من قبضة يده مرددة:
-استنى أما نشوف عند المس في غيار زيادة ليك ولا لأ، مش هاتفضل كده مبلول!
تنحى ناصر جانبًا مسلطًا أنظاره الشيطانية عليه، ثم لوح له بأصابعه قائلاً بثبات وقد برزت ابتسامته المخيفة على ثغره:
-باي باي يا يحيى ................................... !!!
.................................................. ....





Layla Khalid likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة rola2065 ; 14-03-18 الساعة 04:04 PM
منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 18-02-18, 09:47 PM   #472

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل التاسع والسبعون:

رغم تبرمها من تعجله في تلك الخطوة تحديدًا لكن فرحته الواضحة عليه جعلتها تتقبل الأمر بعاطفة أمومية صادقة من أجل سعادته هو فقط، راقبت باهتمام تصرفاته المليئة بالحيوية والنشاط لإنجاز ماهو مطلوب في أقل وقت ممكن، نعم مر وقت طويل منذ أن رأته متحمسًا لأمر ما، أدركت عن ظهر قلب أن الحب يفعل المستحيل، تنهدت بعمق مبدية ندمها في نفسها لسعيها الدؤوب على إجباره على زيجة لم تكن لتحقق له الهناء والسرور مثلما تراه اليوم، واجتهدت هي الأخرى في تجهيز ما يلزم لتصبح غرفته جاهزة لاستقبال العروس.
أشرفت بنفسها على ترتيب الأثاث الجديد بالغرفة محذرة بجدية:
-حاسبوا التسريحة مش عاوزين حاجة تتبهدل!
استدار منذر ناحية والدته متسائلاً:
-ها يا أمي ايه رأيك؟
أبدت إعجابها بالأثاث الحديث – ذو اللون البني الداكن – قائلة بابتسامة عريضة:
-ماشاء الله، حاجة حلوة على الأخر!
ربتت على كتف ابنها مضيفة:
-تتهنى فيها يا رب
أمسك بكفها بين راحتيه ليربت عليه برفق كنوع من الامتنان لدعمها له، ثم سألها بقلق طفيف:
-تفتكري ذوقي هايعجبها؟
حرر قبضتها من يديه مكملاً بامتعاض:
-هي مرضتش تنزل معايا تختار، وده مضايقني شوية و...!
قاطعته مبررة بهدوء:
-بكرة تفرشوا بيتكم براحتكم، وتناقوا كل حاجة على ذوقكم!
هز رأسه موافقًا رأيها، فأضافت بجدية:
-المهم إن ربنا يبعد عنكم أي شر
-يا رب أمين
تابعت جليلة وهي تشير بسبابتها:
-أول ما العمال ينزلوا أنا هابخرهالك وهاشغل قرآن في الأوضة عشان الحسد!
اتسعت ابتسامته الودودة قائلاً:
-ماشي يا أمي، اللي يريحك!
ربتت على ظهره مجددًا وهي تدير رأسها في اتجاه العمال لتتابعهم عن كثب، بينما شرد هو في أحلامه المستقبلية مع حبيبته.
..............................................
استندت برأسها على مرفقها شـاردة في ذلك المشهد الحميمي بينهما رغم نفيه لأكثر من مرة عدم وجود أي رابط يجمعهما سوى ابنه، أزعجها تكراره في مخيلتها وكأنه عقاب خاص بها لتعذيبها، تنهدت بمرارة زافرة عن صدرها همًا أخرًا يطبق على روحها، لم تشعر بأسيف التي كانت تحدثها للحظات حتى هتفت باسمها بنبرة شبه مرتفعة:
-بسمة انتي مش معايا خالص!
انتبهت لصوتها فأفاقت من سرحانها المؤقت قائلة بصوت شبه متحشرج:
-معلش!
حاولت أن تبتسم لتبدو أكثر إقناعًا وهي تتابع بتردد:
-تـ.. تلاقيني مصدعة شوية
اقتربت منها أسيف أكثر لتتفرس في ملامح وجهها الذابل، رأت عينيها الملتهبتين بحمرة واضحة فخمنت على الفور سبب حمرتهما، سألتها بنزق:
-انتي كنتي بتعيطي؟
انتفضت في مكانها خيفة من كشف أمرها، وهزت رأسها نافية بقوة هاتفة:
-لأ أبدًا، ده بس..
بدت طريقتها غير منطقية بالمرة ومتنافية مع تعبيراتها المنكسرة، فأصرت على رأيها قائلة بجدية:
-بسمة في ايه مضايقك؟ اتكلمي بصراحة!
انزعجت من تضييق الحصار عليها، فهبت واقفة من مكانها قائلة بخفوت حزين:
-ولا حاجة!
أولتها ظهرها كي لا تفضحها عيناها علنًا، وبدأت في فرك أصابعها بتوتر كبير، استشعرت أسيف وجود خطب ما بها، فلم تقتنع بردها لذا تابعت مضيفة بحذر علها تعلم ما بها:
-بس أنا مش حاسة كده، إنتي....
قطمت عبارتها مجبرة حينما هربت من أمامها فجأة، ارتفع حاجباها للأعلى باندهاش كبير، وركضت ورائها مرددة بصدمة:
-استني رايحة فين!

لم تتحمل المزيد من الضغوطات والأسئلة المحاصرة لها، هي اكتفت من كتم كل ما تشعر به في صدرها حتى اختنق على الأخير، فرت من أمامها كي لا تنهار، لكن لم تتركها بمفردها، حدسها ينبؤها بسوء حالتها النفسية، وقسمات وجهها تؤكد لها الأمر، لذلك تساءلت بتلهف:
-مالك يا بسمة؟ طمنيني؟
وضعت يدها على كتفها وأدارتها نحوها متابعة باهتمام قلق:
-في حاجة حصلت؟ حد ضايقك؟
تشنجت نبرتها وهي تجيبها:
-أنا مخنوقة يا أسيف، مخنوقة ومش قادرة خلاص!
لاحظت عصبيتها الزائدة وحالتها الثائرة فجاهدت لامتصاصهما هاتفة بتوجس:
-طب اهدي، في ايه لكل ده؟
انهارت باكية وهي تجيبها بصوتها المختنق:
-أنا مش عارفة مالي!
تراجعت للخلف لتجلس على طرف الفراش دافنة وجهها بين راحتيها وهي تكمل بصعوبة:
-مضايقة جدًا، حاسة زي ما يكون في حاجة كاتمة على نفسي!
جلست أسيف إلى جوارها محاوطة إياها بذراعها، ظلت تمسح على ظهرها برفق ودود، ثم همست لها:
-احكيلي يا حبيبتي، أنا مستعدة أسمعك
ظلت مخبئة لوجهها متحرجة من كشفه، ردت بلا وعي بنبرة متقطعة:
-أنا.. خايفة أكون ....
لم تسمع بوضوح ما الذي تردده، لكن قطعًا الأمر مزعج بدرجة كبيرة معها، سألتها بتلهف مهتم وهي مستمرة في المسح على ظهرها:
-تكوني ايه؟
أجابتها من بين بكائها المكتوم:
-اتعلقت بيه!
ضاقت عيني أسيف باهتمام كبير من جملتها المقتضبة المثيرة للفضول متسائلة:
-مين ده؟!

راقبت حديثهما العابر دون أن تدخل فيه علها تعرف ما الذي أصاب ابنتها لتبدو على تلك الحالة الشاردة الحزينة، هي أمها وتشعر بها وبحزنها الملموس، ومنذ عودتها من الخارج وهي تراها واجمة يعكس وجهها الكثير، لكنها لم ترغب في إجبارها على الحديث لتيقنها من رفضها الإفصاح لها عما يجيش في صدرها، فتركت تلك المهمة لابنة أخيها التي لم تتأخر عنها، واهتمت بها على الفور.
باحت بسمة بما تكنه في صدرها مزيحة تلك الأثقال عنها، فقد فاض بها الكيل، وامتلأت روحها على الأخير حتى خبت قواها واستسلمت، علمت منها اعتراف دياب بحبه لها، برغبته في الزواج بها، برفضها لتلك الزيجة، وإحساسها بالاختناق والضيق لرؤيته مع غيرها، خشيت أن تعترف لنفسها بحقيقة مشاعرها، بوجود بذرة لشيء ما في قلبها نحوه، شيء أرادت ودأه منذ البداية كي لا يتحول إلى عبء كاسح لها.
أشفقت عليها أسيف كثيرًا، وابتسمت لها محاولة إزالة ذلك التوتر المشحون مرددة بلطف:
-طب ليه مافضفتيش معايا من الأول؟
تهدل كتفيها بانكسار وهي تجيبها:
-مش عارفة، جايز لأني مش عاوزة الموضوع ده!
-محدش هايجبرك على حاجة!
-أنا عارفة، بس.. اللي بيحصلي ده و...
-وايه؟
سردت لها تلك المشادة الكلامية الحامية مع زوجة الجزار أثناء سفرهما للبلدة الريفية، وما تبعها من حضور دياب للمنزل وإصراره على الارتباط، خافت أن يكون إلحاحه نابعًا من كونه مجرد مساعدة منه لإيقاف تلك الألسن التي تطاولت عليها، انزعجت أسيف من تفكيرها المحدود مرددة بعتاب رقيق:
-غلطانة يا بسمة، دياب مش كده، وإنتي أكتر حد شوفتي مواقفه، ده نسخة من منذر!
هزت رأسها بأسف وهي ترد بنبرة محبطة:
-بس للأسف في حاجة هتفضل بينا
قطبت جبينها متسائلة باهتمام:
-ايه هي؟!!
سحبت نفسًا مطولاً لفظته ببطء وهي تجيبها:
-ابنه يحيى وطليقته!
ردت عليها أسيف بحماس طفيف:
-طب والله ابنه بيحبك جدًا، بالعكس أنا بأشوفه متعلق بيكي جدًا، يمكن أكتر من أبوه وأمه!
ارتجفت نبرتها وزاد ترقرق العبرات في مقلتيها حتى بدت على وشك البكاء مرة أخرى وهي تقول:
-أنا بأحبه أوي، بس خايفة من التجربة، خايفة يحصل معايا زي نيرمين!
امتعضت تعبيرات أسيف بانزعاج بائن لم تخفيه، فأختها تثير الأعصاب بتصرفاتها المستفزة، وبالتالي تأثر بسمة بمواقفها لا مفر منه، هي نفسها عانت من قسوتها وجحود قلبها في أحلك الظروف، لذلك ردت بجدية:
-ماتحطيش نفسك دايمًا في مقارنة مع غيرك، وخصوصًا نيرمين!
شعرت عواطف برجفة قوية تضرب جسدها بعد سماعها لتلك الاعترافات المثيرة، ابنتها تحت وطأة ضغوط مهلكة للأعصاب وتجاهد للبقاء قوية صلبة وصلدة أمام الجميع، كذلك كانت الظروف والأوضاع مختلفة تمامًا بين الأختين، فكلتاهما تعاصر وتعايش تجارب لا علاقة لها بالأخرى، لذلك من المجحف المقارنة بينهما وتوقع نفس النتائج.
............................................
لم يتوقف عن البكاء رغم انتهاء اليوم الدراسي حتى أصبحت معلمته مزعوجة من صمته المريب ورفضه الحديث عما أصابه ليبدو على تلك الحالة المقلقة، كان كل شيء طبيعيًا حتى عاد مجددًا إلى الفصل، ظنت في البداية أن للأمر علاقة بثيابه المبتلة، فتحرج الصغير من الموقف بين أقرانه، لكن مع استمرار نحيبه وبحكم خبرتها نشأ عندها اعتقادًا أن المسألة أعمق من هذا، حاولت تهدئته والحنو عليه لكنه رفض الاستجابة لها، وظل ينوح قائلاً:
-عاوز مامي، عاوز أمشي من هنا!
سئمت من عناده المستمر، فأرسلت في طلب المشرفة لتتولى متابعته حتى تتمكن من الانتباه لباقي الأطفال، اصطحبته الأخيرة معها إلى غرفتها محاولة فهم ما حدث له، لكن كانت كلماته مبهمة ومكررة، اضطرت في النهاية إلى الاتصال بوالده للحضور، وبالفعل لم يتأخر عن ابنه فأتى لمدرسته على عجالة، واتجه إلى غرفة الناظرة ليقابلها متسائلاً بانزعاج كبير:
-ماله يحيى؟
أجابته بنبرة رزينة وهي مشبكة لكفيها معًا:
-الطفل مش عاوز يتكلم، ورافض يتجاوب مع أي حد حتى المس بتاعته!
رد دياب متعجبًا وهو يشير بيده:
-ماهو كان كويس طول اليوم
تابعت مضيفة بهدوء:
-جايز في مشكلة في البيت مأثرة عليه
هتف معترضًا بانفعال طفيف:
-مشكلة ايه؟ ما هو نازل معايا كويس!
أوضحت له الناظرة قائلة:
-ابنك مابطلش ينادي على مامته!
عبس وجهه بصورة واضحة من جملته، فلاحظت تجهم تعبيراته وسألته بجدية شديدة:
-هي فين أصلاً؟ احنا طلبناها معاك!
ضغط على شفتيها قائلاً بزفير مزعوج:
-احنا منفصلين!
-ممممم
-بس برضوه مافهمتش ابني ماله؟
أخذت الناظرة شهيقًا عميقًا، ثم حررته بتمهل وهي ترد بتريث عقلاني:
-أستاذ دياب، اعذرني إن كنت هتدخل في أمورك الشخصية، بس أنا كمربية قبل ما أكون مديرة للمكان ده يهمني نفسية الأطفال جدًا
سألها متعجبًا وقد رفع حاجبه للأعلى:
-وده ايه علاقته بيا؟
أجابته بحذر:
-اللي فهمته من كلامك إن يحيى قاعد معاك انت، صح؟
-أيوه
-طب هل بيشوف والدته بانتظام؟
لوى ثغره للجانب وهو يجيبها بامتعاض:
-مش دايمًا
تابعت مبررة تصرفه:
-جايز يكون محتاجلها وخايف يقولك ده لأحسن ترفض
رد معترضًا بعصبية على اتهامها الضمني بكونه يسبب نوع من الهلع لصغيره:
-ماعمروش طلب مني إنه يشوفها وأنا قولتله لأ، بلاش الطريقة دي معايا!
لاحظت انفعاله الظاهر في نبرته وإيماءاته فردت بإصرار:
-ممكن لأنك مش بتديله فرصة يعبر عن اللي جواه!
زفر بصوت مسموع رافضًا تلميحاتها الصريحة فأكملت بجدية:
-أرجوك لازم تراعي نفسية ابنك، لأن أحيانًا تصرفات الكبار بتأثر على الأطفال بدون ما ياخدوا بالهم
هب من مكانه واقفًا معلنًا عن انتهاء مقابلته معها وهو يرد باقتضاب:
-ربنا يسهل
نهضت هي الأخرى من مقعدها متابعة:
-واحنا مع حضرتك في أي مساعدة، في النهاية يحيى ابننا كلنا
-إن شاء الله
كانت نظراتها الموجهة إليه تشير إلى اعتقادها بأنه السبب في حالة ابنه، واستنكر هو تلك الاتهامات لكونه لا يبخل عنه بشيء، أشارت له بكفها نحو باب غرفتها مكملة بنبرة رسمية:
-حضرتك تقدر تستلم الطفل من المشرفة برا
نظر لها بانزعاج وهو يرد بعبوس:
-متشكر!
للحظة طرأ في باله اعتقاد ما، ظن أن طليقته تقف خلف ما حدث لابنه بصورة خفية، ربما جاءت من ورائه لمدرسته الخاصة وقامت بمقابلته وتلقينه تلك العبارات كجزء مكمل لخطتها الدنيئة في التودد إليه من جديد، اشتدت قسماته، واشتعلت نظراته من مجرد التفكير في ذلك الاعتقاد المثير للأعصاب، توقف مضطرًا عن شحن غضبه داخله حينما رأى صغيره يدنو منه مع المشرفة، انحنى ليحمله مقبلاً وجنته بحنو وهو يسأله:
-مالك يا بطل؟
طوق يحيى عنقه بذراعيه مخبئًا وجهه فيه وهو يرد بصوت مبحوح:
-بابي!
أبعد دياب رأسه المختبيء عنه ليحدق في عينيه مرددًا بجدية:
-بطل تعيط بقى، أنا هاخدك البيت!
تعلق يحيى أكثر به، وهمس بصوته المرتجف:
-عاوز مامي!
رد بامتعاض:
-حاضر هاخليك تشوفها!
تحرك به حاملاً إياه إلى خــارج مبنى المدرسة كاظمًا ضيقه في صدره ومداعبًا له بود محبب كي يخفف من حدة بكائه.
.................................................. ....
كاد يفتك بها ألم رأسها رغم تناولها العديد من الوصفات الطبية المسكنة للأوجاع، لكن لا نتيجة طيبة معها، فاضطرت أن ترتدي عباءتها لتذهب إلى أقرب مستوصف طبي وتصحب رضيعتها معها للخارج، سألتها عواطف باهتمام:
-لابسة ورايحة على فين كده؟
ردت بتذمر وهي تنظر لها بامتعاض:
-كويس إن في حد معبرني في البيت ده!
استنكرت أسلوبها التهكمي قائلة:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، مش لازم كل ما نسألك تردي علينا بالطريقة دي!
صاحت بحدة واضحة مشيرة بيدها:
-أنا كده ومش هاتغير، واللي مش عاجبه يشرب من البحر!
-ده سؤال عادي يا نيرمين، لازمتها ايه المندبة دي
-رايحة أطعم البت!
سألتها باهتمام:
-هو ميعاد تطعيمها جه؟
أجابتها نيرمين بإيجاز:
-اه!
أشارت لها بيدها متابعة:
-طيب استني ألبس وأجي معاكي و...
قاطعتها مرددة بوجوم:
-لأ خليكي مرتاحة، كفاية عليكي الهانم اللي واكلة الجو كله!
مطت عواطف شفتيها بضيق بائن على محياها، وتنهدت قائلة:
-روحي يا بنتي ربنا يسهلك طريقك!
اتجهت ناحية باب المنزل صافقة إياه بقوة خلفها، فخرجت بسمة من الغرفة متسائلة بفضول:
-هو مين نزل؟
أجابتها بضجر مشيرة بعينيها:
-دي نيرمين هاتطعم رنا
هزت رأسها بعدم اكتراث وهي تضيف:
-أها، طيب يا ماما في حاجات ناقصة لأسيف و....
لم تكمل جملتها بسبب إحاطة والدتها لها وضمها لصدرها بحنو زائد عن المعهود، تفاجأت مما فعلته متسائلة:
-الله! بتحضنيني ليه؟!
رفعت عواطف يديها على وجه ابنتها، ومسحت عليه برفق وهي تجيبها بعاطفة ظاهرة في نبرتها:
-اوعي يا بنتي تخلي حاجة تقهرك ولا تجبرك تكوني زي أختك، انتي غيرها، وربنا ليه حكمة في اللي بيحصل لكل واحد!
صدمت مما تفوهت به، فرمشت بعينيها باضطراب، وارتبكت لوهلة من كلماتها الموحية، سألتها بتوتر:
-هاه.. ليه بتقولي كده؟
ابتسمت لها مبررة:
-أنا سمعت كل حاجة، وعرفت بموضوع دياب واللي حصل في غيابنا!
نكست بسمة رأسها حرجًا من والدتها، وأخرجت تنهيدة عميقة من صدرها رافضة الحديث، تابعت عواطف هاتفة بتمهل مطمئن:
-أنا مش هعاتبك وأقولك ليه ماحكتيش معايا، بس هانصحك تختاري اللي قلبك يرتاحه!
رفعت عينيها في وجهها محدقة فيها بارتباك، فواصلت أمها مؤكدة:
-اختاري البني آدم اللي تحسي معاه إنه راجلك، سندك في الدنيا، يقدر يحميكي ويصونك، وأوعي تفكري إن كل الرجالة زي بعض، نيرمين نصيبها كان كده، بس انتي أعقل واشتغلتي وشوفتي ناس كتير، واللي شاريكي يا بنتي عمره ما هيفرط فيكي!
لعبت عباراتها المنتقاة بحسن نية دورًا في التأثير على نفسها المضطربة، ربما ليس كبيرًا، لكنها كانت بحاجة إلى مثل ذلك الدعم الإيجابي المشجع لتفكر بذهن صافٍ في اختياراتها المستقبلية.
.................................................. ...
لاحقًا، عاد به إلى المنزل قبل أن يذهب للوكالة، وحاول أن يستشف منه ما حدث له ليبدو عنيدًا بتلك الطريقة الغريبة لكنه رفض التجاوب معه، اعتقد أنه أسلوب جديد يلجأ إليه بإيعاذ من والدته للضغط عليه، فعنفه بعصبية:
-يا ابني انطق مالك!!
صرخ الصغير مفزوعًا منه مستعيدًا في مخيلته نظرات ناصر المهلكة، زادت رجفته من صياح أبيه المخيف، وركض ناحية جده ليحتمي به، أشفق طه على حفيده، وأحاطه بذراعه قائلاً بهدوء رزين:
-بس يا يحيى، مافيش راجل بيعيط!
حاوط الصغير خصر جده بذراعيه مخبئًا رأسه فيه وهو يقول ببكاء مختنق:
-أنا عاوز مامي!
مسح طه على رأسه وظهره برفق عله يهدأ قليلاً خاصة أنه استشعر تلك الرعشة المريبة المسيطرة عليه، وهتف قائلاً بصرامة:
-هنجيبهالك، بس اسكت الأول!
اغتاظ دياب من دلاله الزائد مع والده، وكأنه يستعطفه ببكائه ليرضخ له مستسلمًا، لم يتحمل تماديه في الأمر أكثر من ذلك، لذا هدر به بانفعال واضح:
-شايف طريقته، طبعًا بنت الـ...... قلبت الواد عليا!
ارتجف يحيى من أسلوب والده الهجومي، فالتصق أكثر بجده صائحًا بفزع:
-جدو أنا خايف!
حدج طه ابنه بنظرات نارية مستنكرة انفعاله الغير مبرر على طفله، ورد بصلابة ليطمئنه:
-متخافش، محدش هايعملك حاجة
أشار دياب بسبابته مهددًا:
-قسمًا بالله لو ما سكت لهأقوم أعجنه!
تدخلت جليلة في الحوار على إثر صراخه الهادر قائلة بتحذير:
-بالراحة يا دياب مش كده!
لوح بذراعه في الهواء هاتفًا بنفاذ صبر وقد استشاطت نظراته:
-أنا مش ناقص نكد وقرف!
بررت والدته سبب بكائه قائلة:
-ما تصبر جايز في حاجة تعباه!
رفض تصديق اعتقادها قائلاً باحتجاج قوي:
-بيخيل عليكي الكلام ده، يا أماه هي أكيد قابلته من ورايا، ماهو مش هايتقلب كده من الباب للطاق!
زمت فمها قليلاً، ثم تابعت:
-خلاص أنا هاكلم أمه أخليها تيجي تشوفه هنا
هنا خرج طه عن صمته الهاديء صائحًا بصلابة مهددة وهو يضرب بعكازه الأرضية:
-أنا قايل رجلها ماتعتبش هنا يا جليلة!
التفتت ناحيته قائلة بتوجس:
-حاضر يا حاج، هانشوف حتة نقعد فيها برا!
زفر دياب بصوت مسموع، ثم تحرك صوب باب المنزل هادرًا بزمجرة:
-اصرفوا، بس أنا مش عاوز أشوف خلقة أمها! سيرتها بتحرق الدم!
ردت قائلة باستياء:
-ماشي، الواد معايا، اهدوا بس وهاتصرف!
............................................
جرجرت ساقيها نحو المقعد الشاغر في الزاوية بعد أن حجزت موعدًا مع الطبيب المتواجد بالمستوصف الطبي، مررت أنظارها الحادة على أوجه الجالسين حولها مبدية نفورها من كل شيء، بكت رضيعتها فهدهدتها بعصبية مما جعل المرأة الجالسة بجوارها تهتف محذرة:
-حاسبي البت، مش هاتسكت كده!
ردت نيرمين بضجر وهي ترفعها على كتفها:
-قلبي اتنهى معاها، ومش بتبطل عياط!
أضافت المرأة قائلة:
-جايز بطنها منفوخة!
هزت رأسها مرددة باستياء:
-والله أنا اللي دماغي هتنفجر مني من أم الصداع اللي مش عاوز يسيبه
-بيقولوا الضاكتور هنا شاطر، وكل اللي بيجي عنده بيطيب بفضل الله
-يسمع منك ربنا!
انتبهت لصوت الممرضة الصائح بنبرة عالية:
-اتفضلي يا مدام نيرمين، ده دورك!
نهضت من مقعدها بتثاقل قائلة بفتور:
-شكرًا!

ولجت إلى داخل غرفة الكشف بصحبة ممرضة أخرى، وألقت بثقل جسدها المتعب على المقعد متنهدة بإرهاق واضح، تفرس الطبيب في وجهها متسائلاً بجمود:
-خير، إيه اللي تاعب حضرتك؟
وضعت يدها على رأسها موضحة:
-صداع أديله فترة يروح ويجي، بس بقاله يومين مش سايب دماغي!
سألها الطبيب مستفهمًا:
-هو إنتي عندك جيوب أنفية؟
قطبت جبينها مرددة بتساؤل حائر:
-دي ايه دي؟
أجابها الطبيب مفسرًا:
-نوع من أنواع الحساسية بتسبب التهابات و....
قاطعته متنهدة بتذمر:
-يا دكتور أنا مش عاوزة رغي كتير، أنا عاوزة دوا وعلاج، جبت أخري خلاص وتعبت!
رد عليها معترضًا:
-ماهو ماينفعش اكتبلك دوا من غير ما أشخص صح!
-وايه المطلوب؟
-عاوز إشاعة مقطعية على المخ، في مركز في ضهرنا متخصص في الأشعة، والأسعار معقولة فيه!
-ماشي
أضاف مؤكدًا بشدة:
-وقت ما تطلع يا ريت تجيبهالي أطلع عليها
سألته بإلحاح وهي تربت على ظهر رضيعتها:
-طيب والصداع؟
رد الطبيب بنبرة رسمية وهو يدون شيء ما في الورق الموضوع أمامه:
-هاكتبلك على مسكن مؤقت، بس بأكد عليكي تجيلي وقت ما الأشعة تظهر
-ماشي
-شرفتينا، وألف سلامة
-كتر خيرك!
خرجت بعدها من غرفة كشفه محدقة في الوصفة الطبية التي أعطاها لها، طوتها لتضعها في حافظة نقودها، وهتفت محدثة نفسها:
-أما أشوف بالمرة موضوع الأشعة ده! خليني أخلص!
............................................
بدا متوترًا تلك المرة بشكل كبير رغم اعتياده على تنفيذ تلك المهام الغير قانونية، لكن تلك المرة مختلفة، فالمبلغ المعروض عليه نظير إتمامها مغري للغاية، تسلل بحذر نحو المنفذ الجمركي مترقبًا بأعين كالصقر اللحظة المناسبة للتحرك والخروج منه، تنفس بصوت مسموع ماسحًا حبات العرق الغزيرة من على جبينه.
تأكد حاتم من هدوء الأجواء فاستعد للتحرك بحرص لكنه شعر بألم موجع على كتفه مصحوبًا بصوت آجش خشن:
-على فين؟
التفت برأسه للجانب متسائلاً بنبرة مذعورة:
-انت مين؟
نظر له الضابط بقوة متسائلاً بجمود متهكم:
-معاك ايه بقى؟
خمن هويته سريعًا بعدما جاب بأنظاره ثيابه الرسمية، بالإضافة إلى هؤلاء الرجال المحيطين به، ارتجفت نبرته للغاية وهو يجيبه بتلعثم:
-أنا.. مش معايا حاجة، ده أنا طالع أركب مكروباص و....
قاطعه الضابط ساخرًا:
-علينا يا حاتم
صدم من معرفته لهويته، فسأله بنزق:
-انت عرفت اسمي منين؟
أجابه مبتسمًا ابتسامة انتصار وهو ينظر له بتفاخر:
-ده انت متوصي عليك جامد!
انفرجت شفتاه للأسفل بهلع كبير، فتابع الضابط متسائلاً:
-ورينا مهرب إيه المرادي يا نجم!
اهتز جسده من فرط الخوف، باتت نهايته وشيكة إن اكتشف ما معه، جاهد ليخفي توتره الكبير لكنه فشل كليًا، أكمل الضابط بتشفٍ:
-ماهو كله اتكشف خلاص، واللي مشغلينك اتمسكوا معاك!
هنا أدرك الحقيقة المريرة، مصير مظلم خلف القضبان الموحشة في انتظاره، فتمتم مع نفسه مصدومًا:
-روحت في داهية يا حاتم!
...........................................

رفض الخروج من الغرفة لرؤية والدته بعد ترتيب مقابلة معها في أحد المطاعم القريبة من المنزل، وظل يبكي بصورة هيسترية أصابت جدته بالاستياء، مال تفكيرها نحو اعتقاد ابنها بأنها بالفعل طريقة مفتعلة من ولاء للضغط عليهم لكي تأتي إلى المنزل بنفسها، تنهدت يائسة من إجباره على النهوض وتركته في فراشه بصحبة أروى التي كانت تضمه إليها وتلاعبه بلطف.
سألها دياب مغتاظًا وهي تلج من الغرفة:
-لسه الواد ده بيعيط؟
أجابته بصوت حزين مستاء وهي تضم كفيها إلى صدرها:
-قلبه انفطر يا حبة عيني من العياط!
صاح بعصبية:
-مش بأقولك أمه معبية دماغه!
تساءلت بحيرة وهي تضع إصبعيها على طرف ذقنها:
-بس امتى عملت ده؟ أنا مراقبة يحيى كويس و....
قاطعها قائلاً بحدة:
-جايز قابلته في المدرسة من ورانا واتفقت معاه على كده
اندهشت من تفكيرها قائلة باستغراب كبير:
-بس هو ده ينفع؟
رد بتجهم شرس:
-مين هايمنعها، ماهي أمه ومن حقها تشوفه، وهاتلعب على الحتة دي!
-بنت الإيه!
صاح دياب مهددًا بنبرة شرسة:
-طب يمين على يمين اللي خلفوها ماهتشوف ضافره ولا هتدخل هنا!
توجست جليلة خيفة من تهور ابنها خلال عصبيته الزائدة، فاستعطفته بحذر:
-وطي صوتك، الواد مش مستحمل صريخ!
رد عليها باهتياج جامح ملوحًا بذراعه في الهواء:
-يتنيل على عينه وهو طالع لأمه كده
استنكرت إساءته للصغير الذي لا ذنب له في خلافات والديه، وعنفته بعتاب صريح:
-حرام عليك! ماتقولش كده عنه، ده حتت سكرة، ربنا يحميه ويحافظ عليه!
انزعج من نفسه لتجاوزه في انفعالاته مع ابنه، فانسحب من المكان قبل أن يتمادى ويفعل ما لا يحمد عقباه في لحظة غضب طائشة.
............................................

علقت حقيبة يدها على كتفها وهي تهبط الدرج مشغولة البال في ترتيب أولويات ما تحتاج لشرائه، لم تنتبه لشخصه الذي كان يصعد في نفس الوقت الدرجات ليقابلها، فقد اشتاقت لها عيناه وأراد إشباع شغفه بها ولو بالقليل حتى يحين موعد زفافهما، حدق فيها متعجبًا شرودها الذي جعلها لا تلاحظه معتقدة أنه شخص غريب، سد عليها الطريق متسائلاً بعتاب:
-للدرجادي مش شيفاني!
انتفضت في مكانها مصدومة من رؤيته أمامها، واصبطغ وجهها بحمرة كبيرة متحرجة من نظراته المعاتبة لها، ردت مدافعة بذهول:
-منذر! أنا.. والله ماشوفتك
ارتفع حاجباه للأعلى هامسًا بابتسامة لطيفة:
-قولتي ايه؟
خشيت أن تكون قد أحرجته بعدم انتباهها له، فتابعت معللة بتوتر:
-أنا دماغي فيها حاجات كتير، وملبوخة و...
أمسك بيدها لتتوقف عن الكلام محدقة فيه بخجل، طالعها بنظرات عاشقة متشوقة إليها، داعب أصابعها بأنامله وهو يهمس لها بتوسل متيم :
-أمانة عليكي تقولي اسمي تاني، ده أنا ريقي نشف عقبال ما أخد منك كلمة حلوة!
حاولت سحب يدها منه هامسة بارتباك كبير:
-احنا على السلم!
سألها بتسلية:
-وده يمنع؟
ردت بخجل مشوق:
-الجيران يشوفونا و...
أمسك بيدها الأخرى لتصبح أسيرة كفيه، وسألها بهدوء:
-وده ايه علاقة بالاسم؟ اكسبي فيا ثواب!
توترت من غزله المهلك لأعصابها فهمست بخوف وهي تتلفت حولها:
-منذر!
تنهد بحرارة متابعًا باشتياق:
-هو فاضل أد ايه عشان نتجوز؟
سحبت يديها منه لتضمها معًا وهي ترمش بعينيها، بينما حك هو رأسه ومؤخرة عنقه مضيفًا بتساؤل:
-نازلة لوحدك؟
أجابته ببساطة:
-لأ عمتي جاية ورايا، أنا بس سبقتها!
-طيب استني أوصلك
-مالوش لزوم، احنا مش هنتأخر
تعجب من عدم انتباهها للأمر جيدًا، فقد أتى خصيصًا من أجلها، وهي تتركه هكذا دون أن يرتوي من حبها الذي يتوق إليه، فعاتبها بامتعاض قليل:
-طب ده أنا جايلك على فكرة!
شهقت مصدومة من تصرفها الفظ معترفة بمحدودية تفكيرها، لقد انشغلت بصورة كبيرة لدرجة جعلتها تغفل عن أبسط الأمور، شعرت بخطئها فاعتذرت بتلهف متوسلة السماح منه:
-أسفة والله، مخدتش بالي خالص!
عضت على شفتها السفلى مبدية ندمها الشديد، لكنه لم يتمادى أكثر في عتابه، هو أراد فقط لفت أنظارها لوجوده، لذلك ابتسم لها بود وهو يقول:
-خلاص محصلش حاجة يا حبيبتي، اهدي!
أرادت أن تعوضه عن غفلتها المؤقتة، فدار ببالها شيء متهور، لكنها واثقة من نتائجه الفعالة التي ستمحو أثر أي شيء، وبلا تردد حسمت أمرها وتجرأت أكثر، شعرت أسيف بدقات قلبها تتسابق حتى بات صوتها مسموعًا وهي تنحني برأسها على صدغه لتضع قبلة رقيقة عليه أصابته بالذهول التام، همست له بنعومة مغرية:
-أسفة!
تجمد في مكانه مشدوهًا من حركتها تلك محدقًا فيها بأعينه اللامعة ببريق الحب، بينما انسلت من أمامه سريعًا لتكمل هبوطها على الدرج هاربة منه، هي تركه على أعتاب أبواب الاشتياق المتلهف لها مُضاعفة رغبته أكثر فيها، تعلقت أنظاره بها وتدريجيًا زادت ابتسامته المشوقة من تصرفاتها المحفزة لمشاعره ...........................................
..........................................



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 18-02-18, 09:49 PM   #473

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الثمانون







الفصل الثمانون:

لا تعرف ما الذي أصابها لترتكب مثل ذلك التصرف الجامح معه وتعطيه لمحة سريعة من سعادة مضاعفة سينغمس عما قريب في أنهرها، فهو يستحق ذلك بعد مواقفه الرجولية معها، هبطت الدرج سريعًا لكنها تسمرت في مكانها حينما رأت وجهها المتجهم أمامها وأعينها المحتقنة تطالعها بنظراتٍ محتدة للغاية، ازدردت ريقها بتوتر، حتمًا هي رأتهما معًا، وبالطبع لن تفوت الفرصة لتثير مشكلة ما، وحدث ما كانت تخشاه، هدرت نيرمين بصوت مرتفع يحمل الغل:
-الله الله! ده القوالب نامت والإنصاص قامت!
ضيقت عينيها أكثر لتصبح أكثر شراسة وهي تكمل:
-طب اعملي اعتبار للناس اللي لموكي في بيتهم!
انكمشت أسيف على نفسها خوفًا من الفضائح التي ستنال من سمعتها على يد تلك الحقودة، كانت كلماتها الموحية ونظراتها المظلمة تؤكد نيتها في إحداث كارثة بكافة المقاييس، ندمت على تهورها وتماديها في تصرفاتها في لحظة جنون جامحة فقدمت لها فرصة على طبق من ذهب لتنهش فيها، رغمًا عنها ارتجف جسدها مما سيصير لها، كما بدأت العبرات بالتجمع والتراقص في مقلتيها، وقبل أن تضيف بلسانها اللاذع اتهامات أخرى مسيئة ظهر أمامها منذر الذي هدر بها بقوة متصلبة:
-عنــــدك! كلمة زيادة وهاقص لسانك!
وضع قبضته على ذراع أسيف ليجذبها خلفه ليشكل بجسده المهيب درعًا يحميها من أي إساءة قد تطالها منها، حبست نيرمين كلماتها المغلولة في جوفها مرتعدة من تهديده الصريح ضامة لرضيعتها بذراعيها متخذة إياها وسيلة للذود عنها، استمر هو في الدفاع عن زوجته قائلاً:
-مراتي وأنا حر معاها، وأي حد يفكر بس يجيب سيرتها بكلمة أدبحه!
رمقها بنظرات احتقارية وهو يتابع بازدراء:
-وخصوصًا لو كانت انتي!
استشعرت الإهانة من جملته الأخيرة، فزاد حنقها منه، ردت عليه بغضب:
-بس مش كده، ولا انت نسيت الأصول يا ابن الحاج طه؟!
وقف قبالتها يطالعها بنظرات مشتعلة على الأخير وهو يرد بتشنج:
-أنا عارف حدودي كويس، وكلها كام يوم وأسيف هتبقى في بيتي!
ضغط على جرح قلبها الذي لم يندمل بعد بتكراره تلك الحقيقة المريرة، أنها زوجته، وأنه فضلها عليها، فحاولت أن تلملم كرامتها المبعثرة صائحة بتهكم مسيء:
-ولما ده يحصل يبقى نحفظ أدبنا يا ابن الأصول، بس اللوم مش عليك، ماهو التفاحة المعطوبة بتبوظ القفص كله!
كتمت أسيف شهقاتها الباكية عاجزة عن الرد عليها، هي أعطتها الوسيلة لتفعل بها ما تشاء، رفع منذر كفه عاليًا في الهواء مهددًا بصفعها وهو يقول بانفعال هائج:
-اخرسي بدل ما .....
خشيت أسيف أن يضربها فيعقد الأمور أكثر، فانقبض قلبها بدقات عنيفة واندفعت بلا تردد نحوه ممسكة بكفه المرتفع في الهواء هاتفة بتوسلٍ باكٍ مقاطعة جملته:
-منذر!
تراجعت نيرمين خطوة للخلف مصدومة من ردة فعله، كانت تتخيل أي شيء إلا أن يهددها علنًا بالصفع، أعادت تلك الحركة ذكريات مشاهد مؤلمة في حياتها الماضية، ذكرتها بطليقها ووحشيته معها، انتفضت في مكانها وهي تسأله بذهول:
-هاتمد ايدك عليا يا سي منذر؟
تشبثت أسيف أكثر في ذراعه مانعة إياه من تحريكه بكل ما أوتيت بقوة قبل أن يتهور عليها، بينما حرك هو جسده نحو تلك المقيتة هادرًا بشراسة قاسية:
-وأقطم رقبتك لو غلطتي!
توسلته أسيف باستعطاف راجٍ:
-عشان خاطري بلاش، الناس هتتفرج علينا و...!
قاطعها ساحبًا يده بعنف من قبضتيها صائحًا بصرامة آمرة:
-ماتكلميش يا أسيف، واطلعي فوق!
ظنت نيرمين أنه سيتطاول باليد عليها، فزاد احتماؤها برضيعتها التي انفجرت في البكاء بفعل الصراخ الحاد، ورد إلى ذهنها تصورًا مرعبًا بأنه مثل طليقها سيذيقها ألوانًا من العنف والشراسة المهلكة، فتصرفاته كلها تشير إلى ذلك، نفس الانفعالات، والنظرات، والتهديدات، ارتفعت نسبة الأدرينالين المتدفق في عروقها أضعافًا مضاعفة حتى لم يعد عقلها قادرًا على استيعاب تلك الكمية المندفعة في خلاياه، تأججت حدة صداعها، وتشوشت الرؤية في عينيها، ترنح جسدها من كم الضغط الزائد عليها، وجاهدت لتحافظ على ثباتها رغم حالة الوهن التي غلفت خلاياها بالكامل.
سألته أسيف بتوجس مذعور:
-ناوي تعمل فيها ايه؟
استخدمت كلتا يديها لتدير وجهه ناحيتها لتصرف تركيزه عنها متوسلة بأنين:
-عشان خاطري اهدى، هي ماتقصدش!
رد عليها بعصبية:
-أنا أقسمت بالله و...
لمحت من طرف عينها اختلال توازن نيرمين، وتراخي ذراعيها عن رضيعتها، فانقبض قلبها بقوة كبيرة حتى ظنت أنه سيقتلع من مكانه من شدة رجفتها، صاحت بهلع:
-حاسبي يا نيرمين!
تركت قبضتيها عن منذر مسرعة نحوها كي تمسك بها قبل أن يتهاوى جسدها وتسقط عن الدرج مع الرضيعة، انتفض هو الأخر في مكانه متحركًا صوبها كي يمد لها يد العون ممسكًا بالصغيرة وهو يردد:
-البت هاتقع!
تثاقل جسدها وخارت قواها فمادت بالأرض رغم محاولات أسيف عدم تركها، بينما حمل منذر الرضيعة قائلاً بامتعاض:
-حركة مفقوسة منك، فيلم هابط مفضوح، بس مش هتفلت مني!
أحست بتلك البرودة التي كست بشرتها، وبالشحوب المريب الذي سيطر على وجهها فصاحت بفزع:
-لالالا، ده ايديها متلجة خالص!
ضربت على وجنتها برفق محاولة إفاقتها بعد أن غابت عن الوعي مرددة بخوف كبير:
-ردي عليا يا نيرمين، سمعاني، نيرمين فوقي، محدش هايعملك حاجة!
نظر لها شزرًا غير مقتنع بكل ما تفعله، وتمسك بكونها تمثيلية مصطنعة للهروب من عقابه المحذر لها، أولاها ظهرها محاولاً تهدئة الرضيعة التي لم تتوقف عن الصراخ مطلقًا مبرطمًا بكلمات ساخطة من بين شفتيه، هتفت فيه أسيف بذعر:
-الحقها يا منذر، مش بترد خالص!
في تلك الأثناء هبطت عواطف الدرج بتريث فتفاجأت بتمدد ابنتها على الأرضية فاقدة للوعي، شخصت أبصارها وجزع فؤادها خوفًا عليها لمجرد رؤيتها على تلك الوضعية، أكملت هبوطها هاتفة بنبرة مرتعدة:
-نيرمين بنتي! ايه اللي حصلك؟
أسرعت نحو ابنتها تضمها إلى أحضانها بعد أن جثت أمامها على الأرضية تحدثها بقلب أمومي مذعور، زفر منذر بصوت مسموع، وجمد أنظاره المغتاظة عليها، تيقن أنها لا تدعي ذلك بالباطل، بل هناك خطب ما بها، وبامتعاض واضح عليه صاح بصيغة آمرة:
-خدي البنت، حاسبي يا أسيف!
رفعت رأسها نحوه متسائلة بتخوف:
-هاتعمل ايه؟
أجابها بصلابة وهو يميل نحوها بالرضيعة الباكية:
-هاطلعها لفوق!
نهضت من مكانها محتضنة الصغيرة بذراعيها محاولة تهدئتها برفق، بينما انحنى للأسفل حاملاً نيرمين بين ذراعيه ليتجه بها إلى الطابق العلوي حيث منزلها، تساءلت عواطف بخوف:
-مالها؟ جرالها ايه؟
أجابتها أسيف بتردد:
-وقعت ...على السلم وكنا بنحاول نفوقها
ردت عليها عمتها بتلهف مذعور وهي تربت على صدرها بحركات متكررة:
-استرها يارب، قومها بالسلامة عشان خاطر بنتها!
............................................
-خلاص! غلبت وجبت أخري معاه!
هتفت جليلة بتلك العبارة وهي تضرب فخذيها بانفعال طفيف بعد فشلها في إجبار الصغير على الذهاب معها لرؤية والدته كما كان يلح طوال اليوم، نظر لها زوجها بجمود قائلاً بحيرة:
-الواد ده مش طبيعي!
وضعت إصبعيها على طرف ذقنها متابعة بتوجس:
-أنا خايفة أقول لأبوه يتهبل عليه، ده ممكن يموته في ايده لو...
قاطعها طه هاتفًا بصوته الخشن:
-لأ، مافيش داعي!
سألته بحيرة واضحة على محياها:
-طب والعمل؟ هانخلي المحروسة تجيله هنا؟!
زفر مستاءً من ذكر اسم تلك اللعينة التي أفسدت حياة ابنه، ثم رد بحدة صارمة:
-استغفر الله العظيم يا رب، أنا قولت ايه؟
أشارت بيدها قائلة بقلة حيلة:
-طب ماهو على يدك؟ أنا عمالة أتحايل عليه من صباحية ربنا وهو راكب دماغه وهاري نفسه من العياط لحد ما في الأخر تعب ونام!
أشفق على حاله البائس، ثم استند بكفيه على رأس عكازه متسائلاً باهتمام:
-والبت أروى لسه معاه؟
أجابته بتنهيدة حزينة:
-مش عاوزة تسيبه، وهو متشعبط في رقبتها، أهي تاخد بالها منه!
نهض طه من مكانه واقفًا ثم أومأ بعينيه متابعًا بنبرة رزينة:
-عمومًا أنا هاشوف الموضوع ده مع دياب، أكيد هايكون ليه حل!
زادت نبرته صرامة وهو يكمل محذرًا:
-بس البت دي مش هاتعتب هنا يا جليلة، سمعاني! مش هاتدخل هنا في غيابي!
هزت رأسها ممتثلة لأمره وهي تقول:
-أوامرك يا حاج! هو أنا أقدر أعصيلك كلمة؟!
مط فمه مكملاً بجمود:
-أما أشوف، أنا نازل الوكالة!
نهضت من مكانها بتثاقل لتتبعه بخطى متريثة وهي تردد:
-ربنا معاك ويعينك يا حاج طه!
.........................................

أسندها برفق على الفراش واضعًا رأسها على الوسادة، ورغم انزعاجها من أسلوبها الفظ والفج في الإساءة إليها إلا أنها أرادت الاطمئنان على حالها، خاصة أن إغماءتها كانت مقلقة نوعًا ما، تراجع منذر بحذر للخلف ليترك المجال لأختها لتدثرها بالغطاء كي لا ينكشف جسدها، أبعد عينيه عنها، ووقف بالخلف قائلاً بثبات واثق:
-دلوقتي تفوق وتبقى كويسة!
هدهدت أسيف الرضيعة حتى سكنت تمامًا وغفت في أحضانها، بينما تساءلت بسمة باستغراب كبير وهي توزع أنظارها بينهم:
-هو حصلها ايه؟
أجابها منذر بهدوء حذر:
-غميت على السلم
هتفت عواطف بامتنان وهي تمسح على جبين ابنتها الغافية:
-الحمدلله إنكم كنتم موجودين ولحقتوها!
ثبتت أنظارها على ابنة أخيها متابعة بود حنون:
-الله أعلم كان ممكن يحصل ايه لو محدش شافها، ولا بنتها رنا، مش قادرة أتخيل!
عجزت أسيف عن الرد عليها، شعرت أنها لا تستحق ذلك الشكر والعرفان بالجميل، بل على العكس هي كانت المتسببة في إيذائها بصورة غير مباشرة، نكست رأسها خجلاً منها شاعرة بالخزي لكونها قد لجأت للكذب، وأخفت حقيقة الأمر عنها، حينما طال صمتها ردت بسمة بجدية:
-قدر ولطف يا ماما!

ناولت أسيف الرضيعة لابنة عمتها برفق، ثم أسرعت هاربة من أمام عمتها التي خذلتها شاعرة باختناق كبير في صدرها، استشعر منذر ما بها، فلحق بها بخطوات متمهلة، رأها تلقي بجسدها على أقرب أريكة مخبئة وجهها بين راحتيها، وقف خلفها واضعًا كفه على كتفها متسائلاً بقلق:
-مالك يا حبيبتي؟
أجابته بصوت خفيض لكنه كان مختنقًا بشدة:
-أنا وحشة أوي، أنا اللي عملت فيها كده، أنا لو...
وضع يده الأخرى على كتفها، ثم بدأ في تدليكه برفق كمحاولة منه لتهدئة أعصابها المشدودة، وقاطعها بهدوء:
-ماتكمليش، هي اللي غلطت، ومش من حقها تكلم بالباطل عن حد
شعرت بأنامله القوية تفرقع فقراتها المتيبسة فاسترخى كتفيها إلى حد ما، لكن بقيت أعصابها متوترة، ردت عليه بارتباك:
-بس كان ممكن ....
مال عليها برأسه ليهمس لها بجدية مجبرًا إياها على قطم عبارتها:
-خلاص، اللي حصل حصل!
شعرت بأنفاسه الساخنة تلفح أذنها، فاقشعر بدنها من تأثيره القوي عليها، خاصة أنه لم يتوقف عن تدليك كتفيها، أكمل منذر بهدوء:
-ارمي ورا ضهرك يا حبيبتي وماتفكريش فيها كتير!
أغمضت عينيها مستسلمة لذلك الشعور الرهيب الذي اجتاح خلاياها ليصيبها بالسكينة، وزاد تأثيره مع كلماته المتغزلة بها حينما قال:
-أسيف، إنتي طيبة وحنية، ومش كل الناس تفكيرها زيك، ولا قلبهم حنين، فاهدي وفكري في نفسك شوية!
أخرجت تنهيدة عميقة من صدرها أراحتها قليلاً، يكفيها حاليًا ذلك الإحساس المخدر لتوترها المتشنج، ابتسم لتجاوبها معه ولنجاحه في إزالة حزنها تاركًا أثرًا مشوقًا بداخلها، همس لها بتسلية:
-مافيش تصبيرة كده، أنا تعبت جامد وطالع وشايل و...
فهمت مقصده على الفور فتورد وجهها كليًا بحمرة طاغية، هبت واقفة من مكانها مبتعدة عنه وهي تهز رأسها نافية:
-تاني! لالالا، أنا حرمت!
نظر لها عاقدًا ما بين حاجبيه بعتاب وهو يقول:
-بقى كده؟
هزت رأسها مؤكدة رفضها تكرار ما حدث قائلة باقتضاب عابس:
-ايوه
وضع منذر يده على رأسه يحكه بضيق، ثم هتف ممتعضًا:
-يعني الحكاية وقفت عليا بخسارة!
ابتسمت بخجل وهي تطالعه بأعين لامعة ببريق العشق، ثم أسرعت مبتعدة عنه قبل أن يتهور معها بأفعال أخرى قد تورطها من جديد.
.................................................. ...
أفاقت من إغماءتها لتجد والدتها جالسة إلى جوارها على الفراش تحاول إطعامها ذلك الحساء الساخن لكي تستعيد دمويتها من جديد، ملت نيرمين من ارتشافه، فأزاحت الصحن بعيدًا عنها وهي تقول بصوت شبه متحشرج:
-أنا بقيت كويسة! كفاية!
أصرت عواطف على إنهاء الحساء كي تنعم بفائدته الكلية هاتفة:
-طب كملي الشوربة دي و...
ردت مقاطعة بتذمر:
-يا أمي مش عاوزة خلاص، شبعت!
أسندت الصحن في الصينية جامعة بواقي الطعام فيه، تنهدت بتعب وهي تضيف:
-الحمدلله إنها عدت على خير، ده أنا قلبي كان موجوع عليكي إنتي وبنتك!
لوت نيرمين ثغرها مرددة على مضض:
-أنا بقيت زي الجن أهوو!
أراحت جسدها للجانب متسائلة باهتمام قليل:
-بس مين جابني هنا؟
أجابتها عواطف بحماس واضح وهي تشير بيدها موضحة:
-ربنا يباركله سي منذر، هو اللي شالك وجابك و...
انفرجت شفتاها للأسفل في صدمة، كما اتسعت حدقتيها مذهولة من تصرفه، هي لم تتوقع أن يفعل هذا معها، ورددت بعدم تصديق:
-بتقولي مين!
أكدت على ما قالته مضيفة بامتنان:
-ايوه، مخلصوش تتمرمطي على السلالم قدام اللي طالع واللي نازل! طول عمره شهم وابن أصول!
اكتست عيناها بحزن كبير وهي تهمس باستياء محبط من بين شفتيها العابستين:
-كان فين ده من زمان، بعد ايه بقى!
لم تفهم والدتها كلماتها الخفيضة، فسألتها مهتمة:
-بتقولي ايه يا نيرمين؟
ردت عليها بامتعاض مخرجة تنهيدة ثقيلة من صدرها:
-ولا حاجة! خليني أريح شوية، عاوزة أنام!
-ماشي، وأختك أكلت رنا وغيرتلها وهي نايمة
-طيب
سحبت عواطف الصينية من على الفراش قائلة:

-هاننزل احنا نكمل حاجات أسيف، مش عاوزة حاجة من تحت؟
أجابتها باقتضاب وهي تغمض عينيها بيأس جلي:
-لأ!
شردت في محاولة تخيل كيف كانت بين ذراعيه، كم تمنت تلك اللحظة ألاف المرات وفي كل مرة كانت تتوهم موقفًا مختلفًا يقرب بينهما، لكن لا جدوى الآن من كل ذلك، هو كسر قلبها، وحطم حلمها، وأباد عن عمد ما تبقى من رفات أحلامها، انسابت من طرف عينها عبرة خائنة تحمل الكثير من أحزانها.
..............................................
تجولت ثلاثتهن بذلك السوق الشعبي المليء بالكثير من المنتجات محلية الصنع وأخرى مستوردة من بلدان عدة، لم تعرف أسيف عنه مطلقًا، تفاجأت بكم البضائع المنوعة المتواجدة به، وأبدت إعجابها بأغلب ما رأته، هتفت بسمة بحماس:
-السوق ده بيقولوا في حاجات حلوة وبالجملة كمان؟
زاد انبهارها وهي تسألها بفضول كبير:
-وانتي عرفتيه منين؟
أجابتها بنبرة عادية وهي تهز كتفيها:
-زمايلي في الشغل كانوا بيحكوا عنه!
حدقت أسيف في واجهات المحال التجارية المختلفة محاولة اكتشاف بضائعهم المعروضة، وأغرتها التصميمات الجميلة الموضوعة على "موديلات" العرض، أكملت بسمة باهتمام:
-ده غير إن في محلات فيها بواقي التصدير، وماركات أخر موديل، وحاجات مقولكيش تهبل!
-كل ده!
-طبعًا!
ردت عواطف بابتسامة عريضة:
-يا ماشاء الله! ده أنا أول مرة أجي هنا!

على مسافة قريبة منهن، سارت متتبعة أثرهن وهي تنتوي شرًا، لقد عاهدت نفسها أن ترد الصاع صاعين لطليقة ابنها نظير ما اجترته من أفعال مع ابنتها، لم تبرد نارها بعد، وتأججت أكثر بإلقاء القبض على ابنها، أنبئها حدسها أنها تقف وراء ذلك، فحان وقت الانتقام من عائلتها، لذلك استأجرت عدة نساء ممن عرف عنهن القيام بأعمال البلطجة والعنف للاعتداء عليهن، وأتت فرصتها الثمينة.
تساءلت امرأة ما بصوت خشن مقلق:
-هما دول؟
كزت لبنى على أسنانها بغيظ وهي ترد:
-أيوه، شوفتيهم!
هزت المرأة رأسها كعلامة تأكيدية على جوابها، فتابعت مضيفة بنبرة عدائية:
-عاوزة عضمهم يتكسر، متقوملهومش قومة! خدوا بتارنا منهم!
ردت المرأة قائلة بابتسامة خبيثة:
-عينينا يا أم حاتم، دي شغلتنا!
لوحت بإصبعيها لمن معها لتتبعها وهي تقول بصيغة آمرة:
-يالا يا ولية منك ليها

تحركن سريعًا خلفهن، وسبقتهن إحداهن لترتطم بجسدها عن عمد ببسمة، مما أجبر الأخيرة على التوقف من شدة الألم الذي أصاب كتفها، وقبل أن تعنفها على تصرفها الأهوج، تفاجأت بتلك المرأة تصيح بها بصوت متعصب يحمل الإهانة:
-مش تفتحي وإنتي ماشية، ولا اتعميتي!
اندهشت أسيف من طريقتها الهجومية المتطاولة عليها، في حين فغرت بسمة شفتيها هاتفة باستنكار مزعوج:
-هو أنا جيت جمبك؟ ولا ده جر شكل؟!
لكزتها المرأة من كتفها قائلة بحدة وقد قست نظراتها على الأخير:
-لأ بقى إنتي قاصدة تجري شكلي
تدخلت عواطف بتوجس محاولة تهدئة الأجواء بينهما قبل أن تشتعل بمشادة كلامية، فهي أدرى الناس بابنتها حينما تتهور، لذلك ردت قائلة:
-معلش يا بنتي، الدنيا زحمة، والناس ماشية تخبط في بعض!
نظرت المرأة شزرًا لها هاتفة بسخط:
-يبقى تاخدي بالك بدل ما نقل أدبنا عليكي!
صدمت عواطف من وقاحتها وعدم مراعاتها لفارق السن العمري بينهما، اغتاظت بسمة من طريقة تعاملها مع والدتها فردت بتهكم:
-شكلها تلأيح جتت!

لم تنتبه ثلاثتهن لتلك الدائرة التي تشكلت حولهن من هؤلاء النسوة ليتمكن من التطاول باليد عليهن حينما يتلقين الإشارة المناسبة، هتفت المرأة بصياح جهوري ملوحة بذراعيها في الهواء:
-كمان بتغلطي فيا، أنا مش سيباكي النهاردة!
أعطت إشارة الهجوم لتبدأ النساء في الاعتداء عليهن من كل الاتجاهات، تفاجئن بما يصير معهن، وحاولن الدفاع عن أنفسهن على قدر المستطاع، تأزم الوضع، وزاد الصراخ المصحوب بالضربات الموجعة، استنجدت عواطف بمن حولها عل أحدهم يتدخل ويفض ذلك الاشتباك المفتعل، فصاحت بصوت متألم:
-يالهوي، الحقونا يا ناس!
تلقت أسيف ضربة مؤلمة على رأسها وأخرى عنيفة على ظهرها فتأوهت بألم شديد، وحاولت حماية وجهها من الخدوش الناجمة عن أظافر إحداهن صارخة بفزع:
-ساعدونا، آآه!
صرخت بسمة مستغيثة:
-يا ناس حوشوهم عنا
صاحت المرأة هادرة وهي تجذب حجاب بسمة عن رأسها محاولة كشف شعرها:
-يا بنت الـ .......، أنا هاربيكي يا .......!
قاومتها الأخيرة قدر المستطاع كي لا تظفر بحجابها هاتفة بصوت متألم:
-سيبي طرحتي يا ......!

انتبهت إحداهن لصوت الصراخ الصادر على مقربة من محلها، فاشرأبت بعنقها لترى أطرافه، ارتفع حاجباها للأعلى باندهاش عجيب حينما وقعت أعينها على معلمة ابنها، هتفت مصدومة:
-الله! ست الأبلة!
لم تتردد أم منصور في الركض نحوها لمساعدتها توًا، هي قدمت لها خدمة من قبل وساعدت ابنها، وحان الوقت لرد الجميل أيًا كان سببه، اندفعت وسطهن مقتحمة بجسدها أجسادهن المتكالبة عليهن لتتمكن من الولوج بينهن وهي تصيح بصوتها الرنان:
-عندك يا مَرَة منك ليها، الستات دول تبعي!
رفعت بسمة عينيها للأعلى لتجد أم منصور، نجدتها التي أتت من السماء لتزود عنها بطشهن الظالم، فتوسلتها بصوت مختنق للغاية:
-الحقيني الله يكرمك!
أحاطتها بذراعها مانعة تلك النساء من الاستمرار في اعتدائهن هادرة بثقة جلية:
-ماتخافيش، إنتي في منطقتي هنا!
نجحت في فض الاشتباك بينهن بصياحات قوية مهددة للجميع، وبالطبع امتثلت النساء لها، فهن يعرفن إياها حق المعرفة، هي ذات سطوة في ذلك السوق الشعبي الكبير، والأغلب يعرف قدرها وقوتها، ومن يتجرأ عليها ويتحداها ينل عقابه منها، وقفت في المنتصف مشمرة عن ساعديها ومسلطة أنظارها على هؤلاء النسوة، هتفت المرأة بنبرة حادة:
-لينا عندهم حق يا أم منصور!
هدرت فيها بنبرة قوية لا تحمل إلا الصرامة:
-ولا حق ولا دياوله، بأقولك يا ولية الأبلة دي وجماعتها تبعي! فهمتي ولا مخك تخين؟
فهمت من طريقتها المهددة تلميحًا صريحًا بعد المساس بها، ومخالفة أمرها يعني مشكلة جادة معها، ضغطت المرأة على شفتيها متمتمة بامتعاض:
-ماشي يا أم منصور، مش هنردلك كلمة!
تأوهت عواطف بأنين موجوع متحسسة جسدها الذي تورم بفعل الضربات العنيفة قائلة بخفوت وهي تمرر أنظارها على أوجه تلك النساء المخيفات:
-اه يا عضمي، منهم لله، ورموا جسمي
تحسست أسيف كتفيها الموجوع برفق وهي تتساءل بعدم فهم:
-مين دول أصلاً؟
أجابتها بسمة بحيرة وهي تعيد ضبط حجابها على رأسها بعد أن كان شبه منتزعًا:
-أنا مش عارفة هما مين، دي أول مرة أشوفهم!
التفتت أم منصور نحوها، وردت عليها بجدية شديدة:
-يا ست الأبلة النسوان دول شلأ، ولبش وحاجة تيييت، يعني شكلهم متسلطين عليكم!
قطبت بسمة جبينها باستغراب كبير عقب عبارتها المريبة تلك، هي لم تفتعل أي عداوات مؤخرًا ليتم التدبير لتلك المشاجرة الحادة، حدقت أمامها في الفراغ بنظرات ضائقة متسائلة بحيرة كبيرة:
-بس يا ترى مين وزهم علينا ..................................... ؟!
................................................




Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 18-02-18, 11:11 PM   #474

Velvet Black

? العضوٌ??? » 396475
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 159
?  نُقآطِيْ » Velvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond reputeVelvet Black has a reputation beyond repute
افتراضي

شي جميل ربنا يوفقك

Velvet Black غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-18, 11:42 PM   #475

nemoo
alkap ~
 
الصورة الرمزية nemoo

? العضوٌ??? » 141719
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 861
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » nemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond reputenemoo has a reputation beyond repute
افتراضي

مبرووووووك انتهاء الروايه

nemoo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-18, 09:29 AM   #476

sama2_egypt

? العضوٌ??? » 6396
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 277
?  نُقآطِيْ » sama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond repute
افتراضي

تحفه يا منال
بجد مبدعه ... من حلاوه وصفك بحس نفسي جوا الاحداث اووي
تسلم ايديك 🌷🌷


sama2_egypt غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-18, 04:13 PM   #477

مريم مريم22

? العضوٌ??? » 391882
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 130
?  نُقآطِيْ » مريم مريم22 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله
انا بحب رواياتك جدا ربنا يوفقك ف حياتك يارب


مريم مريم22 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-18, 04:15 PM   #478

bobosty2005

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية bobosty2005

? العضوٌ??? » 345060
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,798
?  نُقآطِيْ » bobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond reputebobosty2005 has a reputation beyond repute
افتراضي

مش عارفه اوصف جمال الأحداث وروعة قلمك وواقعيته و أيضاً لا تتركى أدق التفاصيل والتنوع الموجود بالشخصيات والتطورات مذهله استمتع جدا بالمتابعه 💕💕 وسعيده بالرواية مبدعه عزيزتى 👏👏

bobosty2005 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-18, 05:52 PM   #479

منو6

? العضوٌ??? » 404248
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 508
?  نُقآطِيْ » منو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond reputeمنو6 has a reputation beyond repute
افتراضي

مبدعه يامنال وروايتك من أجمل ماقرأت
منال انتقمي من الخنزير ناصر أشد انتقام لعنة الله على أمثالها من الخنازير ولن اشبهه ببقية الحيوانات لانها تكرم عن أمثاله وأكيد فيه نماذج حقيقيه من أمثاله لذلك المفروض مدارس الاطفال تكون النساء فقط معلمات فيها ماذنب الاطفال حتى تتشوه حياتهم ومستقبلهم بسبب مثل هذا الحثاله حسبنا الله ونعم الوكيل


منو6 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-18, 10:14 PM   #480

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فعلا يامنال انك ابدعتي في الرواية دي انا قريت كل رواياتك بس دي بصراحة حاجة تانية ..ناصر الكلب ربنا ينتقم منه الحيوان بس هو مسنود من مين ..ونيرمين مالها لايكون عندها ورم في المخ انا مش حزعل عليها بس حزعل على بنتها وامها الست عواطف..الست ام حاتم عيلة حقيرة كلهم يخرب بيتهم كلهم واطيين من الام لبناتها وابنها ..اسيف اه فرحانة كثير ليها هي ومنذر واخيرا اعترفوا لبعض ربنا يتمم لهم ع خير بس اوعي تروحي تصحيلنا مجد البلطجي وبسمة بدأت تحس بدياب ..منال ممكن طلب تحطيلنا صور للابطال احنا خمنا شكلهم بس انتي الكاتبه وانتي تقدري توصفيهم اكثر وشكرا لك ودمتي بالف خير حبيبتي

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.