وقعت الهجرة في ربيع الأول، فلماذا يحتفل المسلمون بها في محرم
اعتاد المسلمون في العصور الحديثة، الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة من مكة للمدينة، مع مطلع شهر محرم في كل عام. هذه العادة، خلطت بشكل واضح ما بين ابتداء العام الهجري من جهة، وحادثة الهجرة نفسها من جهة أخرى.
فإذا ما عدنا للمصادر الإسلامية القديمة التي أرّخت لحادثة الهجرة، ومنها على سبيل المثال السيرة النبوية لابن هشام (تـ.218هـ)، والروض الأُنف لأبي القاسم السهيلي (تـ.581هـ)، وجدنا أن هناك اتفاق على أن الرسول الكريم سيدنا محمدﷺ قد خرج من مكة في أواخر شهر صفر، وأنه قد دخل المدينة في النصف الأول من شهر ربيع الأول، ومعنى ذلك أن الهجرة لم يكن لها أي علاقة بشهر محرم، الذي تبتدأ به السنة الهجرية.
الخلط ما بين الهجرة وبداية العام الهجري
ولفهم الكيفية التي ارتبطت بها الهجرة بشهر محرم، يجب أن نرجع للروايات المتعلقة باعتماد حادثة الهجرة كتاريخ رسمي ومعتمد في الدولة الإسلامية.
الرواية الأشهر فيما يخص التقويم الهجري، تُنسب إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ب، فعندما اتسعت الدولة الإسلامية، وأضحت الرسائل تقدم إلى الخليفة من شتى الأمصار، صار من الصعب أن يُعرف توقيت الرسالة من الشهر وحده.
بحسب ما يذكر ابن كثير (تـ.774هـ) في كتابه البداية والنهاية، أنّ رجلاً جاء إلى عمر ومعه رسالة أو صك، وقد تم تأريخه بشهر شعبان، فاحتار الخليفة ولم يعرف إذا كان المقصود شعبان من هذا العام، أو شعبان من العام السابق، فعرض أمره على الصحابة، ولما أشار عليه علي بن أبي طالب بالتأريخ منذ هجرة الرسولﷺ، وافق الخليفة وأقره على رأيه، وبذلك أضحت سنة 622م –وهي التي جرت فيها أحداث الهجرة النبوية- توافق العام الأول من الهجرة.
على الجانب الأخر، فإن بعض الأراء الشيعية، تقول بإن الرسول الكريم ﷺهو أول من أرخ بالهجرة، وأنه قد استخدم ذلك التأريخ منذ وصل إلى المدينة، ويستدلون على ذلك ببعض الروايات المتناثرة في بعض الكتب، مثل التنبيه والإشراف للمسعودي (تـ.346هـ)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (تـ.571هـ)، وصبح الأعشى للقلقشندي (تـ.821هـ).
ولكن ومع ذلك الاختلاف، فإن جميع الأراء تتفق على أن عمر بن الخطاب، هو الذي اختار شهر محرم، ليكون الشهر الأول في العام الهجري؛ ورغم أنه لا توجد معلومات دقيقة عن السبب الذي دفعه لهذا الاختيار، فإنه من الممكن أن نفسره بما ورد في كتاب الأوائل لأبي هلال العسكري (تـ.395هـ)، حيث قال إن عمر أراد أن تكون جميع الأشهر الحرم الأربعة (ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، رجب) في عام واحد، وهو الأمر الذي لن يتأتى في حالة أن ابتدأ العام بشهر ربيع الأول.
مشرفة منتدى الصور وتسالي مصوره وعضو مميز في القسم الطبي والنفسي ونبض متألق في القسم الأدبي وفراشة الروايات المنقولةوبطلة اتقابلنا فين ؟ومشاركة بمسابقة الرد الأول ومشارك في puzzle star ومحررة بالجر