آخر 10 مشاركات
موريس لبلان ، آرسين لوبين .. أسنان النمر (الكاتـب : فرح - )           »          النسيان (الكاتـب : jourouh - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          الطاغية - ساره كرافن - روايات ديانا ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          الى اين الطريق.. (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          لاادري مااكتب (الكاتـب : مريامي - )           »          القلب والروح والنفس تطلبها *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          انا طير .. (الكاتـب : المســــافررر - )           »          311 - لن ينتهي الرحيل - الكسندرا سكوت (الكاتـب : سيرينا - )           »          إن كرهتكـــــــ فلا تلوميني ... (الكاتـب : المســــافررر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree71Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-09-17, 05:53 PM   #21

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هازان محمد مشاهدة المشاركة
موفقه باذن الله وبدايه رائعه واضح حنشوف قصص للثنائيات من النوع الثقيل احلى تحيه مني ليكي يامبدعه
شكرا كتييير الك هذا فخر كبير الي يسلموو


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-09-17, 05:55 PM   #22

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الوفاء مشاهدة المشاركة

سما ما سبب تدهور أوضاعها المادية وبعد أن كانت بذاك الثراء انقلب حالها لتصبح نادلة بمطعم ..
بعد أن كانت سبب بانتهاء علاقتها بسراج ..
بعد إهانتها له وذاك الكلام الجارح الذي أسمعته اياه ..
هي أكيد كانت مجبرة على تصرفها ذاك لأنه واضح أنها تحبه ..
لكن ما سبب ما قامت به ومن أجبرها على ذلك ، ودفعها لتضحي بحبها ..
وبالأخير يضيع كل شيء ..؟
اعتقد هما كانا متزوجان وانفصلا ولا يعلم أنها كانت حامل ..
وعماد هو ابنه ولا يدري عنه..
عماد بعمر 7 سنين نفس المدة اللي رحل بها سراج..
المهم سراج عاد ويبدو أوضاعه المادية تحسنت كثيرا وفوق هالشيء متزوج ولديه ابنة..
ستكون صدمة قوية لسما وهي اللي مازالت مشاعرها له كما هي بل أكثر..
أدهم وأسيل شو سبب الفراق..؟
ويبدو أنه سبب كرهها للرجال ..
نسمة ونادر ماذا يخطط حتى يدفعها لطلب الاستقالة ،وهل سينجح في ذلك..
أم ستكون الكلمة الأخيرة لها وستجبره على على تغيير نظرته تلك..
علا رغم الثراء وكل ما تملكه لكنها تعاني..
وزوجها سبب معاناتها..
كيف سيكون لقاءها الثاني مع علي بعد أن أنقذها من محاولة الانتحار تلك..؟

..
اول شي بسكرك من قلبي على ردودك يلي دايما بتشجعني
اسئلتك كلها منطقية والاكيييييد هتلاقي اجوبتها بالتدريج في الفصول القادمة وعنجد بشكرك من كل قلبي عدعمي


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 12:45 AM   #23

rontii

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية rontii

? العضوٌ??? » 289729
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 20,876
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ﻻ إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتراضي

بداية قوية بحياة ابطالنا
اختلاف واضح في الاسلوب و السرد و طبيعة العلاقات لطبيعة الخياة ببلد شرقي
عجباني شخصية على جدا اخ لسمر و اسيل و سند ليهم
الطيار مسخرة بطريقة كلامه و عنجهيته لقاءه بنسمة ضحكني جدا
اسيل و أدهم واضح ان فيه خاجات غامضة لسه هتبان
ابن سمر هيعمل مشاكل للكل ادهم افتكره ابن اسيل و علا هتفتكره ابن علي و حبيب سمر لما يعرف ان ليها ابن دي صدمة عمره
لسه مش حافظة الاسامي بس هتتحفظ اكيد
بانتظارك و الف مبروك


rontii غير متواجد حالياً  
التوقيع














رد مع اقتباس
قديم 30-09-17, 02:50 AM   #24

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii مشاهدة المشاركة
بداية قوية بحياة ابطالنا
اختلاف واضح في الاسلوب و السرد و طبيعة العلاقات لطبيعة الخياة ببلد شرقي
عجباني شخصية على جدا اخ لسمر و اسيل و سند ليهم
الطيار مسخرة بطريقة كلامه و عنجهيته لقاءه بنسمة ضحكني جدا
اسيل و أدهم واضح ان فيه خاجات غامضة لسه هتبان
ابن سمر هيعمل مشاكل للكل ادهم افتكره ابن اسيل و علا هتفتكره ابن علي و حبيب سمر لما يعرف ان ليها ابن دي صدمة عمره
لسه مش حافظة الاسامي بس هتتحفظ اكيد
بانتظارك و الف مبروك
كتيير سعيدة بمرورك وكلامك واكيد الغموض بعضو عيزيد وبعضو هينحل اما الاسامي فهي هتنحفظ لوحيدها مع مرور القصة ..
اشكرك من قلبي على دعمك


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-17, 02:59 AM   #25

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جدران صمت الهوى (الفصل الثاني / القسم الاول )


جدران_صمت_الهوى
الفصل الثاني ..
القسم 1
( ان كان الكلام من فضة .. فالصمت من ذهب ) .. حقيقة خالدة عبر الاجيال .. ولكن .. عندما تصمت العقول .. فالانسان يجن ومع ذلك يعيش .. اما عندما تصمت القلوب عن النبض فستكون النتيجة الحتمية هي الموت .. الا انه في بعض اللحظات .. فان صمت القلوب اهون مئة مرة من نزيفها وصراخها المتألم .. ليغدو الموت حقيقة اجمل من الحياة ..
جدران صمت الهوى .. الفصل الثاني ..
________
ترجلت اسيل من سيارتها بلهفة وعيناها ترتفعان نحو المبنى الزجاجي بفضول .. تقدمت ببطء مترقب ناظرة الى ساعتها متمتمة ( اذن .. المفترض ان هذا وقت استراحتكما ايها المجنونان .. لنرى كيف ستستقبلان مفاجئتي )
اقتربت من رجال امن المبنى ووقفت امامهم مخرجة هويتها ( اعتذر عن التطفل ولكن هناك ما يجب ان اسلمه لسما العوضي وقد ابلغتكم بمجيئي)
تفحص الرجل هويتها ببطء قبل ان يضعها امامه ويطلب منها ان تمر عبر جهاز كشف المعادن ( اجل لقد اخبرتنا سما عنك سيدتي بانه من المحتمل ان تأتي لزيارتها .. والان هي تتواجد في الطابق الاول .. سنترك هويتك معنا الى حين مغادرتك كما لا يسمح لك بدخول البنك لذا ستقابلينها خارجه هل هذا واضح )
حركت اسيل راسها موافقة بعد ان مرت من خلال جهاز الامن وتحركت باتجاه المصعد حيث اشار لها الحارس ... ما ان وصلت الى باب البنك المقفل حتى دقت الجرس ووقفت تنتظر .. مرت عدة لحظات قبل ان تفتح سما الباب الحديدي الثقيل .. ابتسمت اسيل بمشاكسة ممثلة حركة المفاجئة بيدها ( بوووم .. هل اخفتك .. ما كل هذا الامن يا فتاة للحظة ظننت اني سادخل عند رئيس الوزراء )
ضحكت سما وهي تضرب كتف اسيل بخفة قائلة ( مجنونة .. اتعلمين .. في اول يوم عملت هنا خفت كثيرا وتذكرت تلك الايام البشعة من حياتي ولكن .. خلال هذا الاسبوع اعتدت على الامر حتى غدا ممتعا .. ولكن مالذي جاء بك .. لقد نفذت طلبك المجنون بترك اسمك عند البوابة )
وضعت اسيل يدها على قلبها بتمثيل متالم مجيبة ( اووه .. اه يا قلبي.. هل هذا جزاء اشتياقي لكما ورغبتي في رؤيتكما .. اتعلمين ساذهب لعلي واتركك مع بابك الحديدي )
قهقهت سما ضاحكة وهي تشير لاسيل بتوعد ( اجل .. ستذهبين بقدميك لعلي ليشتعل المبنى بحريق شجاركما .. انتظري ساقفل الباب واتي معك فهذه ساعة استراحتي كما اني قاربت على الانتهاء )
اخرجت اسيل لسانها بمشاكسة( يا غيورة .. انت دائما تلحقينا انا وعلي كي لا تتركينا لوحدنا )
شهقت سما من شدة الضحك قائلة بتبعثر وهي تركب المصعد بجانب اسيل ( اصمتي يا مجنونة ساختنق من الضحك .. انا امنع الحروب فقط )
كشرت اسيل بوجهها ( اي حروب .. انا وعلي تماما مثل السمن مع العسل .. جربي و موتي بحروبك كي اخذ عماد لي وحدي )
ضربتها سما للمرة الثانية على كتفها ( بعينيك اترك لك عماد ..ساتركه لعلي وهكذا لن تاخذيه الا لو تزوجت السمن والعسل )
فتحت اسيل عينيها برعب تمثيلي مشيرة الى صدرها ( انااا اتزوج .. ومن .. علي .. انت تريدين موتي لترثيني .. مالذي تريدينه تحديدا .. الشقة .. ام مبلغ الوديعة الذي يخصني في البنك .. اعترفي .. )
فتح باب المصعد في تلك اللحظة ليفاجأو بوقوف علي مقابله .. ما ان راهما حتى شهق بسعادة ( كنت انوي ان انزل اليك سما ..لم اعلم ان المجنونة قادمة )
ابتسمت اسيل بدلال تمثيلي وقد ضمت اكفها امام وجهها برجاء قائلة ( اوه اشتقت لك يا زوجي المستقبلي ايضا .. اهكذا تقابل زوجتك )
شهق علي بصدمة وسما تغرق في ضحكاتها ( عن اي زواج تتحدثين .. هل ساموت قريبا لذا تعرضين نفسك علي )
حركت اسيل راسها باستسلام ( كلا .. سما ستموت وستترك عماد لنا لنربيه انا وانت كامه وابيه .. ما رايك يا زوجي العزيز )
حرك علي راسه كاتما ضحكته ( اجل لما لا .. يبدو ان سما تود ان نلحقها سريعا ونموت بسبب شجارنا في اقصر مدة ..اسيل .. هذا مكان عمل .. مالذي جاء بك الى هنا لتلقي بلاءك علينا يا زوجتي ؟)
دخل الى المصعد معهما وضغط على زر الطابق الاخير ملتفتا على شهقة اسيل المنصعقة وارتفاع ضحكات سما ( بلااااء .. .. انا اجلب البلاء .. ليسامحك الله .. لقد جلبت لكما عشاءا فاخرا .. اهذا جزاء قلبي الطيب )
انفتح المصعد فاشار علي لهما ليخرجا ولحقهما مخرجا مفتاح باب السطح ( اووه اسيل .. من تكلم عليك .. انت الاجمل .. انت راائعة .. انت ملاك ..اطربيني .. مالذي جلبته لنا لناكله يا ترى .. فبصراحة .. عصافير بطني تزقزق)
كشرت اسيل عن ملامحها مظهرة تقاسيم متالمة وصوت اقرب الى البكاء التمثيلي ( كلا .. لن تاكل بعد ان جرحتني يا زوجي .. انا ساغضب واذهب الى بيت اهلي وانت ستطلقني الان .. اتعلم فلتتزوج تلك الخائنة التي تضحك فقط ) واشارت الى سما التي استندت الى الجدار لتمسح دموع ضحكاتها محركة راسها بتمتمة لاهثة ( لا فائدة ترجى منك .. ستظلين برميل وقود )
غمزتها اسيل مشيرة الى جسدها هي ثم جسد سما وعلي قائلة بايحاء( انا البرميل ام انتي وعلي .. يجب ان اجبركما على عمل نظام غذائي فانتما لا تكفان عن الامتلاء .. ربما يجب ان اعيد شطائر الفلافل واجلب بدل عنها سلطة لكما كي تفقدا وزنيكما سريعا )
زفر علي انفاسه بغضب تمثيلي ( اكل هذه الضجة والجنون والكلمات البراقة والمعايرة وفي النهاية جلبتي فلافل .. ماذا كان سيحدث منك لو جلبت شاورما اذن )
اجابته اسيل باستهزاء وهي تخرج حقيبة بلاستيكية من حقيبة ظهرها وتضعها امامهم بعد ان جلس ثلاثتهم ارضا على حافة ارتفاع وسطي بالسطح ( كنت ساكلها لوحدي .. هل انا مجنونة لاجلب لكم شاورما ..ساخسر ربع مرتبي وقتها )
ضحكت سما وهي تفتح الحقيبة البلاستيكية مخرجة شطيرة ومستنشقة رائحتها بتلذذ ( اعذرينا .. نسينا انك بخيلة وتحسبيها بالورقة والقلم .. ولكن كتعليق بسيط ... وااو انا اعشق الفلافل )
وقضمت اول قضمة مصدرة اصوات تلذذ جعلت اسيل وعلي يضحكان والاولى تقول بمكر ( من يراك وانت تاكلين الفلافل يا سما يظن انك تاكلين الكافيار )
كشرت سما باشمئزاز مجيبة ( اي كفيار .. انه لا طعم له .. مالذي يجلب الفلافل مصدر التلوث العام للكافيار .. يا ابنتي الفلافل توصف كدواء لتنظيف المعدة وتقويتها .. ولكن صدقا سلمت يداك .. انها لذيذة .. ذكريني ان اقبلك بعدما انتهي )
صفقت اسيل بسخرية ضاحكة ( اووه اجل يا ابنت الحسب والنسب .. تترفعين عن الكافيار بالطبع فانت قد تناولته حتى شبعت اما نحن الغلابى فلا نعرف منه سوى اسمه .. ما رايك يا علي .. اووه علي غير متفرغ بالمرة فلقد كاد ينهي شطيرته .. على اساس لم تعجبك علي باشا.. )
سعل علي بقوة عندما حاول التكلم فانفجرت اسيل ضاحكة بينما اخذت سما تضرب ظهره وتناوله الماء وهي تحاول كتم ضحكاتها ( انظر اليها .. تجلبه لنا وتعايرنا به حتى تكاد تقتلنا من عينيها .. ولكن يعني يا علي تناول ببطء فالطعام لن يطير )
نظر علي بصدمة لسما وقد بدا يسترد انفاسه قائلا بصوت مبحوح ( حتى انت يا سما .. هل تتعمدان فعل هذا كي اترك لكما حصتي بالطعام )
ابتسمت اسيل قائلة بصوت مكتوم من اثر الطعام الذي بدات بتناوله ( كلا ولو .. ستنقص كيلو جرام لو استغنيت ونحن نخاف عليك من ان تضعف قليلا ويخف هذا البطن الممتد لمتر للامام )
صرخ علي بتحدي ( انا يا اسيل بطني ممتد لمتر .. حسنا ساريك يا مجنونة .. هذه عضلااات .. او .. ربما تقارنيننا بصاحب الجسد المنحوت الذي لا تستطيعي ان ترفعي عينيك امامه .. الصراحة تقال الرجل عبارة عن كمال متحرك .. عندما رايته البارحة في الاعلان الخاص بالبرنامج صعقت .. لا عجب ان الفتيات قد جنن على وسائل التواصل الاجتماعي .. حتى اسمه رنان .. ادهم رضوان .. يعطيك انطباع بالفخامة .. اليس كذلك يا سما )
امسكت سما ضحكتها وهي ترى ملامح صديقتها التي انقلبت بشكل كامل ووكزت علي قائلة ( بالطبع يا اسيل لو كنت انت لاثرت الدنيا بجمالك .. ولكن انا واثقة بانه في اول ظهور مباشر لك ستثيرين كل الاقاويل .. ثم من ادهم هذا امامك )
تنهدت اسيل بتعب متضايق مجيبة ( انه اكبر وغد عرفه التاريخ .. يعني لاسبوع كامل وهو يصدر اوامره الدكتاتورية دون حتى ان يتلطف ويذكر اسمي او حتى ينظر الي .. فقط .. هي يجب ان تقومي بهذا .. انت .. هل تعتقدين ان هذه المعلومات مهمة .. ايتها المراسلة المحترمة .. هل تسمين ما تقومين به اسلوب استجواب محترف )
كانت تضيف الجمل الاخيرة باسلوب تقليدي له وبنبرة امتلأت غيظا .. تنهدت مرة اخرى بحيرة متالمة ( اتعلمين .. في اول يوم كان مختلفا لذا والله حاولت التعامل معه كشخص عادي اتعلم منه كما انه زميلي في النهاية.. على امل ان ندفن خلافاتنا الماضية فنحن الان ناضجين وواعيين ولكن .. عبثا .. في بعض المرات قاربت ان اخنقه او ارمي عليه اقرب حجارة لعلها تكسر راسه العنيد .. اسلوبه المهين يخنقني .. لا عجب انه جلط زوجته )
عقد علي حاجبه متسائلا ( كيف يعني .. هل زوجته مريضة .. ربما لذلك هو قاسي فمن الصعب ان يرى المرء شريكة حياته مريضه )
اخفضت اسيل عينيها مجيبة بخفوت ( كلا .. ليست كذلك .. انها الان لا تسبب الم لاي شخص فلقد ذهبت عند من يشفي كل الالام )
شهقت سما متمتمة ( ياللهي هل هي ... ) ولم تكمل جملتها مع مظهر اسيل المتالم فاخذت تربت على كتفها مواسية ( حسنا ليرمحها الله .. كيف علمت بالخبر .. ومتى توفيت )
رفعت اسيل وجهها شاخصة الى السماء ( اووه سما .. لا تذكريني بذلك اليوم .. في ثالث يوم عمل لنا .. وقفت امامه لاقدم جدول المواضيع المقترحة من قبلي .. ولما طال الصمت بيننا وهو مشغول بالاوراق حاولت التحدث لتلطيف الجو .. فسالته بمشاكسة كيف حال صديقتي وهل لازالت تحتمل جنونك ولما لا تعمل معنا .. وقتها نظر الي بشكل قتلني وكاني قد ذبحته في تلك اللحظة .. ووقف امامي قائلا بصوت اقسم انه تسبب بانتفاض جسدي من برودته .. لو كنت مهتمة بها كما تدعين لعلمت انها توفيت منذ خمس سنوات بعد ان اصيبت بنوبة قلبية .. اما اظهارك للود الذي نعلم كلانا انه تمثيلي بعد ان اشعرتها بانها اقذر من ان تتحدثي معها وقاطعتها دون ان تسمعي تبريرها لما فعلته فهذا لا يلائمك خاصة وانه من الواضح انك اكملت حياتك بشكل عادي بينما هي ظلت تعيش تحت طائلة الذنب دون ان تتمكن من الشعور بالسعادة للحظة واحدة لذا .. صدقيني سؤالك عنها ليس في محله .. والان لقد وضعت علامة لك على المواضيع التي اوافق عليها فابداي بها ... وهكذا انهى كلامه معي بكل جلافة صلبة وكانه يلقي علي تقرير عن نزهة اخفقت بها .. لو تعلمين مالذي حدث لي من بعدها .. اخذت اتذكر ذلك اليوم مرارا بعد ان كنت قد اقصيته عن تفكيري بصعوبة )
والتفتت على سما التي اقتربت منها محتضنة اياها بمواساة خاصة مع رؤيتها للدموع التي انهمرت على وجه اسيل بحرقة وهي تتمتم بكلمات مبعثرة معترفة ( بعدما علمت بموتها اخذت افكر .. لما كنت قاسية هكذا معها .. يبدو انني اذيتها كثيرا وهي .. صدقيني كانت الضحية لعنادنا انا وادهم .. وقتها شعرت بالخيانة لانها وافقت على من تشعر بانني املك نحوه مشاعر ولكني لا استطيع الافصاح عنها .. ربما لاني ايضا شعرت بالغيرة لانها تمكنت من الزواج من شخص تحبه بينما انا لا يمكنني ان اقوم بهذا الخيار .. ولكني نسيت في خضم كل غضبي ) اية ( الانسانة .. صديقتي التي عاشت في ظلي طويلا تستمع الى شجاراتي ومقالبي مع ادهم .. كنت اجرها الى كل لقاء واحاول اقحامها بيننا كحكم .. دوما ما حاولت ان تتاكد ان كنت احب ادهم ولكني كنت انكر ضاحكة لرفضي اصلا لمبدا الارتباط .. لذا لم يكن من حقي ان احزن عندما حاولت اقتناص فرصتها والزواج من شخص تعشقه طالما اني رفضته .. ومع ذلك اذيتها كثيرا .. نعتها بالخائنة وبانها تشتري مصلحتها وتبيع الصداقة .. اظهرت لها ندمي على كل لحظة قضيتها معها .. وقاطعتها رافضة حتى ان اعطيها فرصة كانت من حقها .. الان .. وانا اتذكر كل هذا .. لقد ماتت قبل ان اطلب منها ان تسامحني .. ماتت وهي .. وهي لازالت .. تحمل ذنب .. ليس ..ليس .. ) وانهارت ببكاء متواصل غير قادرة على الاكمال ..
احتضنتها سما بقوة اكبر مهدهدة اياها بلطف ( لم يكن ذنبك اسيل .. لم يكن ذنبك .. لقد تصرفت بتلقائية ... انه قدرها )
اجابتها اسيل لائمة نفسها ( بل ذنبي .. انا عنيدة ومغرورة .. اردت ان اثبت لهم اني يمكني العيش بدونهم سعيدة .. كانت صديقتي التي وقفت الى جانبي كثيرا بينما انا خذلتها .. خذلتها و .. )
قاطعها علي وهو يقف بغضب جاذب اياها من احضان سما ليوقفها وقد امسك بذراعيها يهزها وعيناه تتحدى عيناها ( كلا ليس ذنبك .. افهمت .. انت تصرفت كانسانة طبيعية فلم ينتظرون منك التصرف كملاك .. كان ردك طبيعيا فمهما انكرت الان كان عليها ان ترفض الزواج ولكنها رات مصلحتها .. لو كنت مكانها انت لفعلت ذلك ورفضت حتى لو كنت تحبينه وسيحترق قلبك ولكنها اثرت ان تحرق قلبك انت على ان تضيع فرصة حبها لذا شعرت بالذنب .. رغم ان الخطا الاكبر هو من ذلك الوغد الذي ترك كل الفتيات امامه وتزوج صديقتك ليحرقك اكثر .. يبدو انه كان واثقا من حبك لذا اراد الانتقام وحرق قلبك ايضا .. كلاهما مذنب فلا يحق له الان ان يعاتبك او حتى يلومك بل على العكس ..المفترض ان يعتذر منك الف مرة ..والان كفي عن البكاء فهو لا يليق بك افهمتي .. صحيح انه يليق بالاغنية التي اخترتها لك ولكن مع ذلك .. لقد مللت من النواح والضعف والحماقة الصرفة بتحميل نفسك لوم انت خالية منه .. لذا لا اريد ان ارى دموعك الحمقاء مرة اخرى خاصة انني واخيرا وجدت ما يليق عليك كلقب مع الاغنية)
كانت كلامته كدلو ماء بارد اسقطه عليها ليغسل غالب جروحها .. لقد ارادت من شخص ان يدعمها ويشعرها ان ما فعلته عاديا وليس حقيرا .. جففت دموعها بيديها بطفولة متسائلة من بين شهقاتها ( اي لقب .. اي اغنية )
ابتسم علي بمشاكسة مجيبا وهو يرفع هاتفه امامها ( الم تتحديني ان اجد اغنية تليق بك كرنة هاتف .. لقد بحثت في غالب الاغاني بجميع اللغات التي تعشقينها وفي النهاية ... اووبا .. وجدتها .. انظري ) واخذ هاتفها ليضع رقم ما ان انتهى حتى رن هاتفه وظهر اسم ( بطلة النكد ) واغنية بطلة العالم بالنكد تنبعث كنغمة ما ان سمعتها اسيل حتى شهقت مصدومة وسما تنفجر بالضحك ...
ابتعد علي قليلا عن اسيل واخذ يغني مع الهاتف ممثلا الكلمات وقدميه تدبك بمرح على الارض ( دي نجمة القفش الاولى .. كل يوم زن زن زن رغي وما بتسكتش .. والخناق فن فن فن حوارات ما بتفصلش .. وفي التمثيل فنانة قديرة .. مبروك كسبتي معانا جايزة احسن تكشيرة )
اقتربت منه اسيل وهي تنوي ضربه الا انه امسك يديها واخذ يحركها في رقصة مضحكة جعلتها تكشر عن ملامحها ما بين ضحكها ودموعها وغضبها التمثيلي .. نفضت نفسها بعيدة عنه قليلا وهي ترفع هاتفها قائلة ( لست وحدك من لديه اغنية خاصة .. انظر لاغنيتك ولقبك )
وخطفت هاتفه منه وهي تطلب رقمها لتنبعث نغمات اغنية سكة السلامة مع اسمه الذي سجلته المزعج .. اخذت هي الاخرى تردد كلمات الاغنية بتحدي وهي تحرك باكتافها ممثلة كلمات الاغنية امام علي الضاحك رغم محاولته تمثيل الغضب ( سكة السلامة شفت انا منك انت ياما .. يلا بالسلامة اتفضل رد الباب وراك .. احسب الغلاوة واوعى لتتقلب عداوة .. هعيشك دراما حبيبي بلاش اعملها معاك .. هو انت محدش قالك على قلبتي .. في العند تعال يامعلم وادي حتتي .. بتلكك اه بتلكك ماشي يا سيدي انا ظلماك .. )
كان الاثنان يتضاحكان ويتقافزان راقصين واصوات موسيقى هاتفيهما تتداخل .. وقفت سما غير قادرة على ايقاف ضحكها .. تفاجأت بهما يجذبانها معهما حيث اخذو يتقافزون بطفولة راقصة واصوات ضحكاتهم تعلو متناسين همومهم .. ظلو فترة على هذه الحالة حتى قطعهم رنين هاتف اسيل بنغمة ست الحبايب فاشارت لهم ليصمتو وعلي يقفل الاغاني .. اجابت بصوت مرح ( امي .. حبيبتي .. اشتقت لك كثييييرا و .. ماذا لما توبخيني .. انا مع علي وسما ولم يتاخر الوقت كثيرا ... اااه الان اطمأنتي فور ان سمعتي اسميهما في مرات كثيرة اشك انهما ابناك ولست انا فانت تثقين بهما اكثر مني ... ماذا .. عماد يرفض ان ينام دون ان يراني .. حبيب خالته العصفور .. خمس دقائق وستجديني .. من انا لارفض طلب روح قلبي عمود .. قبليه عني ريثما اصل واخبريه ان امه تسلم عليه كثيرا جدا.. في رعاية الله يا امي )
ما ان اقفلت اسيل حتى قالت سما بحرج ( اعتقد انني اثقلت كثيرا على الخالة امينة فهي متعبة والان مضطرة ان تعتني بعماد لوحدها .. ولكن مالذي عليه فعله فهذا العمل افضل بكثير من سابقه و .. )
اشارت اليها اسيل لتصمت مقاطعة اياها ( ايتها المجنونة عن اي تعب تتحدثين .. انت تعلمين ان امي مستعدة ان تبيع الكون من اجل عماد فهي تعده حفيدها الذي حرمت منه .. اتعلمين .. حتى عندما اكون هناك فهي تصر ان تخدمه بنفسها .. تعد له الطعام وتلاعبه وتحممه .. عندما يكون موجودا لا يظهر عليها اي مرض وتزين ابتسامتها وجهها .. بل انا من عليه ان يشكرك يا حبيبتي فلقد شاركتينا باغلى هدية قد تمنيحها لنا .. صوت طفل يتردد في الشقة ويعيد الحياة فيها .. والان .. هيا ساغادر فلقد اشتقت لعصفوري )و قبلت سما سريعا ثم ضربت كتف علي بمشاكسة متوعدة اياه ( لم ننتهي بعد من موضوع اللقب ) وركضت باتجاه الباب قبل ان تلتفت اليهما وقد شعرت ان روحها المقاتلة عادت اليها وبانها قادرة على مواجهة الجبال ( اشكركما من قلبي ايها المجنونان ) والتفتت تسابق الريح لتلحق بعماد قبل نومه وصوت سما يتعقبها ( قبلي لي ابني طويلا )
تابعت سما اسيل بعينيها التي التمعت دموعها بلا ارادة منها ..وهي تتمتم بخفوت ( اتعلم .. ان الله قبل ان يبتلي المرء يدبر له الرحمة والحلول .. انتما كنتما نوري طوال الوقت لولا وجودكما لما استطعت ان استمر لدقيقة بعد كل ما حدث معي )
شعرت بيد علي تربت عليها قائلا ( جميعنا كان دواء للاخر فلا تقولي هذا يا سما .. فالله عوضنا ببعضنا .. والان هيا اسبقيني الى عملك ريثما ارتب المكان وألملم اثار العشاء )
تحركت سما متوجهة الى عملها وعقلها يسترجع تلك الايام التي تعرفت بها على اسيل .. من كان يتصور ان تصبح كاختها بعد بداية تعارفهما الكارثية وهجوم اسيل عليها بمواضيعها الصحافية .. دخلت الى البنك وعيناها تدور بارجائه وعقلها يسترجع صدمتها عندما قرات اول تقرير لاسيل عنها .. كانت وقتها تهاجم شركة والدها وتفضح الفساد بها مسمية اياها بالمدللة الذهبية .. يومها كانت المرة الاولى التي تهاجمها الصحافة بشكل مباشر بعد وفاة والدها اثر انهياره مع الاخبار التي وردت له عن هروب زوجها بالاموال السرية في البنوك السويسرية بعدما انكشف الغطاء عن امبراطورية والدها وتم اظهار تهرباتهم الضرائبية مع صفقات مشبوهة عقدتها الشركة في الاونة الاخيرة لتتورط في قضايا تهريب للسلاح وللمواد المخدرة .. ما زاد الامر تعقيدا هو ان كل ذلك كان مسجل باسمها واسم والدها ليهرب المجرم الحقيقي بلا اي عاقبة .. لازالت تذكر تلك اللحظات التي تلقت فيها الصفعات تباعا حتى .. وجدت نفسها في النهاية محبوسة في السجن بحكم يترواح لخمس سنوات مع امكانية الخروج بعد مرور ثلثي المدة .. لم تفهم كيف بلحظة سقطت من العلو الشاهق لتجد نفسها بالدرك الاسفل والجميع ينظر لها بشماتة وكانها هي من اذتهم وسرقت اموالهم .. وفي خضم ماساتها جاءتها اسيل لتنقذها .. كانت الوحيدة صاحبة الضمير التي لما رات مظهرها المستسلم في المحكمة ظلت تبحث في القضية حتى وجدت الاوراق الاساسية لتكتشف انه تم التضحية بسما كاضعف طرف ليحمو الرؤوس الكبيرة المتورطة .. حاولت كشف المستور الا انها فشلت وتم رفض الامر خاصة انها كانت صحافية مبتدئة لازالت خريجة جامعة جديدة فلم تجد امامها لتكفر عن ذنبها سوى الاعتذار لها ومحاولة طلب السماح منها .. ومنذ تلك اللحظة ابتدأت صداقتهما تخط قواعدها وترسخ ليصبحا اكثر من الاخوات وقد وجدت كل منهما نفسها في الاخرى .. لم تبخل سما عليها بشيء بل كانت هي من عين لها محاميا ليخرجها من نصف المدة كما اصبحت تزورها بشكل اسبوعي لتلبي جميع متطلباتها .. اما اهم ما قامت به لاجلها فهو تبنيها لتربية عماد بعدما بلغ الشهور 9 وهو مع امه بالسجن ليصدر قرار بضرورة اخراجه ومنحه لدار للايتام .. وقتها كادت سما ان تجن الا ان اسيل انقذتها وتقدمت بطلب كفالة الصبي لتبقيه عندها طوال مدة حبسها حتى خرجت لتراه وقد تربى باحسن طريقة .. كم كانت ممتنة لها فحتى لو طلبت حياتها لاعطتها اياها .. اعادت النظر في البنك بعد ان تاكدت من الانتهاء من كل شيء لتبعث برسالة لعلي تخبره بانها جاهزة ليغادرا سويا بعدما ينتهي هو الاخر .
تلقى علي رسالة سما وهو يقوم بتنظيف اخر نافذة في طابق الشركة المسؤول منه .. تنهد بتعب ونزل عن السلم المستند على الحائطة ليتمطى فاردا جسده المنهك .. اسبوع مر عليه وهو في عمل متواصل لا ياخذ استراحة سوى لست ساعات قبل ان يعاود العمل مرة اخرى .. كان وكانه في سباق مع الزمن وكل هدفه ان يتمكن من جمع المبلغ المطلوب ليستخرج معادلة لشهادته الجامعية ويثبت اقامته في مصر .. لم يعلم ان كان الامر من سوء حظه ام هو ابتلاء من ربه يختبر فيه صبره ليحدث له كل شيء بعدما بقي له شهرين فقط ليحصل على شهادة الماجستير .. جامعته دمرت وتم توقيف العمل فيها مع الحرب فلم يتمكن من استخراج اي من اوراقه الدراسية ليقدمها هنا .. تنهد رافضا التفكير بهمومه متوكلا على الله وهو يعد نفسه للمغادرة .. اخذ يهبط الدرج ببطء متعب ليمرن عضلاته المتيبسة.. حانت منه التفاتة للطابق الرابع حيث مقر شركة الماسة للمقاولات والهندسة .. تذكر حلمه وحلم والديه ان يروه من اكبر المهندسين وملاك الشركات الناجحة .. تمتم بايمان ( يارب .. فلتهبني من رزقك مدرارا فانت الوهاب ) .. للحظة قفزت امام عينيه صورة تلك الفتاة المنتحرة والتي علم عن طريق الصدفة بان اسمها هو المهندسة علا غنام .. في ذلك اليوم الذي راها فيه صدفة وهي تركب تلك السيارة الفارهة مع ذلك الشاب دون ان تهتم او تنظر لاحد .. وقتها اقترب من المبنى كي يريه لعماد وعندما قابل الحارس الامني ساله بعفوية عن هويتها ليخبره انها مديرة شركة الماسة ومن المع مهندسيها وزوجة رجل الاعمال المعروف اياد غنام .. ابن عمها .. وقتها ضحك باستهزاء من سخافة تفكير اؤلئك الطبقة من المجتمع المخملي وكيف يستهينون بالحياة وكف عن شعوره بالذنب نحوها فمثلها لن ينقصه شيء وستبقى يعاملها الجميع كملكة متوجة .. زفر انفاسه بغيظ من نفسه لاستمراره بتذكرها بشكل غريب .. وصل الى طابق سما ليراها تقف مستعدة ومبتسمة بهدوء .. ان كان يريد مثال للمراة الصبورة القوية المثابرة الرائعة فسما هي تمثال لكل هذه الصفات .. فرغم كل مصائبها لم تنحني للحظة وظلت تحارب الجميع مستعينة بالله وبنفسها دون ان تلجأ لاحد بعد ان تخلى عنها الجميع ومع ذلك تالقت دوما ابتسامتها لتنير وجهها .. ابتسم بهدوء محييا اياها ومشيرا لها لتسبقه بخطواتها ( اهلا بفتاة الصعوبات )
رفعت حاجبيها بمشاكسة مجيبة( ما دمت قد قلت هذا اللقب لي اذن فانت الان قد غرقت بموجة ذكريات مجنونة اليس كذلك )
ضحك علي بتدارك مجيبا ( ااه يا سما .. لا اعلم كيف تعرفيني اكثر من نفسي هكذا ..ولكن بصراحة كل ما في الامر انني كنت اشكر الله على وجودكما واتذكر لقائنا الاول )
شهقت سما بضحك وهي تخرج من الشركة ويتبعها علي ليبدأ بالمشي باتجاه محطة الحافلات ( اووه اتذكر ذلك اليوم .. يوم جاء بي عم محمد الى منزله ليريني المكان الذي اخبرني عنه لاستأجره منه بثمن بسيط كمساعدة منه لي .. لم ارك يومها لاتفاجئ بك في اليوم التالي وانت تخرج امامي بشكل مفاجئ من الشقة وقد رفعت عصا بيدك صارخا ( من انت سلمي نفسك فلا يوجد ما تسريقينه .. وقتها تسببت بوقوعي رعبا على طول الدرج والتواء كاحلي وجرح جبهتي .. اتعلم الى الان كلما رايت اثر هذا الجرح القطعي على جبهتي اضحك واتذكر تلك اللحظات .. صدقني كانت لحظات السعد يوم رايتك )
ضحك علي مجيبا ( فلتسمعك اسيل الان لتقول لك بانه كان يوم اسود يوم رايتموني وباني نحس تسببت بسقوطك )
ضحكت سما لتنتبه على رنين هاتفها معلنا وصول رسالة قراتها بصوت متهدج ضحكا لعلي ( اشعر ان اذاني تطن .. ترى هل تنمان علي .. كفاكما فانا لا استطيع النوم )
ضحك علي وقد ادرك من ارسل الرسالة متمتما ( ابنة حلال .. عند ذكرها تظهر )
حركت سما راسها موافقة وضحكتها تخبو لتتحول لابتسامة متالمة ( هل تعتقد انها ستكون بخير )
ربت علي على كتفها مجيبا ( لا تقلقي انها بعشر رجال .. انا واثق انها ستتسبب بذهاب ادهم الى مشفى المجانين في النهاية ) ضحك كلاهما بهدوء وهما يستمران بالمشي بطريقهما مستمتعين بهواء الليل النقي .
ابتسمت سما بحماس وهي تجد في خطوتها لتلحق العم احمد قبل ذهابه الى بيته .. كانت قد نوت ان تذهب اليه وتشكره وتعتذر منه لاضطرارها على الاستقالة بعد ان بدات الامر باجازة لاسبوع كما نصحها علي لترى ان كانت ستستطيع التنسيق بين عملها الجديد وعملها بالمطعم كما يفعل هو ولكنها اكتشفت انها هكذا ستظلم عماد وستبتعد عنه كثيرا لذا اثرت ان تستقر في مكان واحد .. كانت قد اقتربت من المطعم عندما لاحت لها سيارة بيضاء انيقة وقف امامها شخص جعلها تشهق بصدمة .. انه هو مرة اخرى .. مالذي يفعله في المطعم .. هل يعقل انه يبحث عنها .. اخفت نفسها بشكل فوري عند زاوية احد المباني المطلة على المطعم وقلبها يخفق بعنف .. مازالت غير مستعدة لرؤيته بعد اخر مواجهة بينهما .. لا شعوريا وقفت تتامله باشتياق تاصل بقلبها كادت ان تنساه .. فبالرغم من كل شيء لم يقل حبه في قلبها بل ترسخ مع السنين لتعتبره رجلها الاول والاخير .. راته ينظر حوله وقد بدى عليه نفاذ الصبر قبل ان يعود بعينيه باتجاه المطعم .. ابتسمت سما باستهزاء ساخرة من نفسها .. بالتاكيد هو ليس هنا لاجلها فلقد اظهر لها كم يحقد عليها في اخر مرة راته فيها .. بالتاكيد لديه موعد كما في اول مرة راته فيها .. راته يخفض عينيه باتجاه هاتفه قبل ان ترتسم ابتسامة منيرة على وجهه شعرت سما عندما راتها بتيار كهربائي يكتسح خلايا وهي تتذكر لحظاتهما سويا .. كل سعادتها في الدنيا تلخصت في تلك الثلاثة اشهر التي قضتها معه لتدفع بعدها الثمن غاليا .. ترى .. هل لو عاد الزمن مرة اخرى بها كانت ستتصرف هكذا ؟ ..
نفس السؤال طرحه سراج على نفسه وهو يعيد انظاره فيما حوله ببحث مجنون يعلم نهايته الميؤوسة .. يبدو انه جن ومع ذلك يجد نفسه يعود ليبحث عنها بياس حتى بعدما علم انها باجازة وغالبا ستترك العمل.. لا يعلم مالذي جرى له او لما عاد للتعلق بها .. وكانه نسيها للحظة ..لم يعلم ما يريده منها او ما يشعر به اتجاهها ولكنه مع ذلك يجد نفسه ينجذب كمغناطيس لها .. حتى اعترف لنفسه اخيرا انه اشتاق لرؤيتها كثيرا جدا .. وبان قلبه الاحمق اخذ ينسج الاحلام حولها مرة اخرى .. لا يعلم لما هي تحديدا دونا عن كل النساء من يسقط في فخ جاذبيتها مرارا وتكرارا .. زفر انفاسه بعنف فهو يعلم ان ما يقوم به جنون يحسب عليه خاصة انه متزوج وزوجته تستحق كل خير منه .. تمتم بلا سيطرة (يبدو ان وحدتي هي ما يدفعني اليها .. ) رفع هاتفه ليبعث رسالة لنسمة يسالها عن مكان تواجدها وهو يركب بسيارته باصرار وقد نوى ان يجبر نفسه على النسيان ..
رات نسمة الرسالة وهي تجلس في مقعدها في كابينة الطائرة لتتاكد من سلامة جميع العدادات قبل الاعلان عن بدء رحلة العودة الى القاهرة من امريكا في مهمتها الثانية .. رفعت عينيها ناظرة الى رفيقها بتوتر بسيط .. كان يجلس بهيبة على مقعد القائد وعيناه تتفحصان معها لوحة القيادة .. مرت وهلة وهي مترددة قبل ان تحسم قراراها وتبدا بكتابة رسالة لاخيها تعلمه بها انها ستكون في مصر في اليوم التالي .. ما ان خطت نصف الكلمات حتى شعرت بعيني صقر تقيدانها .. رفعت اعينها لتراه ينظر اليها بنظرة تقيمية لائمة .. ضمت شفتها بتوتر قائلة ( ساقفله الان ولكني اردت ان اطمئن اخي واعلمه بموعد قدومي )
رفع نادر حاجبيه بصمت ساخر استفزها وحرك راسه بشكل مستفز لا مبالي قبل ان يعود لتفقده باهتمام متجاهل وجودها .. ازداد حنقها مما حدث فلقد عانت من بروده ونظراته التقيمية التي تشعرها بانها في امتحان دائم مما جعلها تقع باخطاء غبية من المستحيل ان تقع فيها مع غيره .. زفرت انفاسها بضيق وهي تقفل هاتفها وعادت لتفقدها مع تنهيدة اخرى .. سمعت صوته الرخيم الذي يبعث بجسدها قشعريرة استغربتها واستنكرتها ( كفي عن النفخ والا سنطير بانفاسك بدل قوة دفع الطائرة )
اجابت بالية كما اعتادت دون انتباه ( حسنا سافع.. ) وانقطعت حروفها وهي تدرك معنى الكلمات فالتفتت اليه بحدة منصدمة لتتاكد ان الكلام صدر منه بالفعل .. رات فمه يميل بشبه ابتسامة غائبة ( انت حقا للتو القيت مزحة .. انه انت بالفعل ؟ )
كان سؤالها استنكاريا جعله يلتفت عليها ليغرقها بنظرة عينيه التي استنفرتها منذ عرفته .. فلعينيه بريق لم ترى مثله ابدا .. بريق اثار بنفسها تناقض غريب بين الامان الكامل والاستفزاز التام .. كانت عيناه كبحيرتي غموض تجذب المرء ليكشف اسرارها عبثا مما يجعلها تشعر بالتوثب الكامن والحذر .. كقط بري متوحش .. سمعته يجيبها بثلجيته المعهودة ( وهل فعلت ؟ ) ..
اجابت بشكل فوري (اج.. ) ثم انتبهت لاسلوبه الاستجوابي لها وكانه يثبت سخافتها .. عضت على شفتيها لتسيطر على اعصابها التي ابتدأت بالثورة .. اخذت نفس عميقا محاولة العودة الى برودها المشهور .. راته يشيح عنها وكأن جوابها لا يعينيه .. عادت لتتفقد ما امامها بعقل زاد شروده متذكرة مهمتها الاولى والتي حدث فيها نفس الشيء .. استفزها باسلوبه الثلجي بنفس لحظة اظهار جانبه الانساني وعيناه تطلقان لمعانه الوحشي وكانها بعمق كهف مظلم .. شردت غارقة في تلك اللحظات ..كانا قد اقلعا بسهولة استعجبتها واصابعه الرشيقة المسيطرة تثير فيها احاسيس متمازجة من الاعجاب لم تستطع منعها خاصة وهي تراه يتحكم بالطائرة بسهولة رهيبة وكانه يقود دراجة هوائية .. حاولت ان تكون على قدر مستواه من الهدوء والكفاءة فابقت نفسها بجو مترقب زاد ارتباكها اللحظي الذي اخفته بمهارة ليطفو على السطح بكل سهولة بعدما التفت اليها ليجيب على تساؤل طرحته له عن سرعة الريح واتجاه الدفع .. رات نظرته وقتها ترق لثانية وتنخفض هاربة وهو يقضم طرف شفته بسرعة متوترة لاحظتها للمرة الاولى معه .. لم يتعد الامر اعشار الثانية قبل ان يعود لينظر اليها بحزم مثبتا عينيها للحظة قائلا ( ازرار سترتك ) ولم يكمل وهو يلتفت عنها بشكل كامل موليا انتباهه للطائرة ..
لم تفهم ملاحظته وقتها ونظرت بتلقائية لسترتها لتفاجئ بانحلال زريها الوسطيين مظهرين جزء من التماعة صدرها .. شهقت متداركة نفسها بصعوبة متلعثمة ( اعتذر .. لم اقصد .. انشغلت مع الاجهزة فلم انتبه و .. )
قاطعها نادر برفع يده دون ان يلتفت اليها ( لم اطلب تبريرك فاحتفظي بكلماتك )
كان رده حازم باترا زاد حرجها الا انها تفاجأت به يسالها عدة اسئلة متتالية عن العدادات امامها .. حاولت التركيز معه منحية التفكير بحرجها مع ازدياد اصرارها لان تكون كاملة امامه .. مرت بضع دقائق وقلبها في سباق مرثوني متحدي بنبضاته المتقافزة تمردا على حزمها .. تفاجأت بعدها بوقوفه واستئذانه للذهاب الى الحمام ... عندما اختفى من امامها ادركت وهي تطلق نفس مرتجف انها كانت تحبس انفاسها بشكل غريب .. في تلك اللحظة اختار مسؤول المضيفين الدخول عندها جالبا وجبات الطعام .. لشدة ارتباكها لم تنتبه الى نوعية الطعام واخذت وجبتين متشابهتين في خطا لا يغتفر .. ما ان دخل نادر وجلس امامها ليتناول وجبته حتى اكفهر وجهه بعدما راى الوجبتين ... اقشعر جسدها مرة اخرى وهي تذكر ذلك الاعصار المخيف القابع في عينيه .. ظلام ارعبها سكونه وصوت سحيق يخاطبها ( هل انت بكامل وعيك .. كيف تخطئين باساسيات المهنة ثم تطالبين بثقتي وتحلمين ان تكوني كابتن طائرة )
ابعد وجبة الطعام امام انظارها المذهولة مشيرا الى وجبتها ايضا ( انت تعلمين ان كابتن الطائرة ومساعده لا يتناولان وجبة من نوع واحد مخافة ان يكون بها خلل فتؤثر عليهما .. بل يجب على كل واحد فينا ان يتناول وجبة من نوع اخر )
مثلت تلك الكلمات في ذلك الوقت صفعة لثباتها الذي تتغنى به ولبرودها المصطنع امامه .. رات انهيار كل محاولاتها لتغدو جيدة بنظره اثر غلطة سببها ما فعله بها وطريقته بوضعها اسفل ضغط شد اعصابها .. وقفت بعنفوان حاجزة دموع عينيها بحرقة المتها قائلة بصوت تهدج رغما عنها ( اعذرني .. معك حق .. استمتع بتناول طعامك اما انا فساذهب لتبديل وجبتي .. عن اذنك ساذهب الى المطبخ )
كان هذا اقصى ما استطاعت قوله وهي واثقة من شماتته بها فهربت بعينيها كما اثرت ان تهرب بكينونتها لتتحكم بمشاعرها .. التفتت تنوي المغادرة الا انها تفاجأت بيده تمسك يدها بدفء استهجنته ورحبت به بضعف مع كرهها له بجنون متنافر .. سمعت خفوت همسته الواثقة لها ( ربما ان كففت عن محاولة الظهور بمثالية وتعاملت مع الامر بشغفك الذي دافعت به مسبقا عن مهنتك وحبك لها دون ان تلتفتي لراي احد او تهتمي سيكون ذلك افضل .. لكلينا على الاقل فانا اكره ان اعمل في جو ممتلئ بنيران الارتباك خاصة وان جمال السماء المحيط بك يبعث في النفس الامان والراحة .. ارايت لما لم اقتنع بعمل النساء في هكذا مكان يحتاج للسكينة وحياة عشرات البشر بين ايدينا .. فالرجل لن ينهار من توبيخ قائده حتى ان اخطا فسيتدارك خطاه )
كانت كلماته الاولى بمثابة ترياق تمزق بعنف مع كلماته الثانية عن النساء لتستعين بكل برودها نافضة نفسها عنه مجيبة بثلجية مماثلة استقتها من كيانه ( معك حق لذا انا ذاهبة لتدارك خطأي ولكن يؤسفني ان اخبرك ان التحيز هنا لا مكان له فانا .. لم ولن انهار خاصة انني بفترة تعلم فلا امانع ان اخطئ ومن واجبك ان تصحح لي بما انك مسؤولي ) وغادرت المكان بعنجهية مدركة ثقل كلماتها التي القت فيها باللوم عليه بشكل مباشر حتى على خطائها بما انه المسؤول..
تحركت اسيل بثقل الى المطبخ وقتها لتقابل مسؤول المضيفين كي تحذره من نفس الغلطة .. تذكرت مشاعرها المتفجرة في تلك اللحظة ودموعها تخونها بعدما وقفت امام المضيف قائلة بتخاذل لم تقصده ( لقد اخطأت بقبولي نفس وجبة كابتن الطائرة لذا اريد استبدالها ) كان تحميلها لنفسها هذا الخطا رد فعل متاخر لشعورها بالمسؤولية ..
رفعت عينيها لترى الشاب الذي وقف امامها بطوله الفاره وحاجبيها ينعقدان شاهقا بعد ان تناول الوجبة منها ( اووه ياللهي .. لايعقل .. كيف ذهب من تفكيري هذا الامر.. ولكن الكابتن نادر وترني عندما خرج من الكابينة قبلها ليوبخني لتاخر الطعام وطعم القهوة السيء .. انا .. )
لم يكمل الشاب كلامه وهو يراها تنفجر بدموعها بلا حول مع ابتسامة شملت توترها وهذيانها ( ارايت .. لست لست وحدي من فعل بها هذا .. انت رجل وايضا .. ياللهي .. لقد هزني عميقا ) لم تعلم كيف قالت كل ما يجول بخاطرها امام ذلك الشاب الذي لا تعرف حتى اسمه ولكن وجود من شاركها هذه اللحظة جعلها تشعر بامتنان وروحها تستقر بعد تخبطها برجفة عنيفة ..
لم تفهم نسمة ما حدث في ذلك الوقت وكيف انهارت حصونها امام ذلك الشاب اللطيف الابتسامة والوسيم المظهر والذي عقد حاجبيه بتدارك متسائل بعدما راى حالتها ودموعها (هل انت بخير .. اعتذر بصدق عما حدث مني كان خطا تحملت انت تبعياته على ما يبدو من دموعك )..
عاد شعورها بالمشاركة يتسلل اليها لتفرغ ما بجوفها من توتر كاد يخنقها ( لا عليك انا ايضا مخطئة كان يجب علي تنبيهك عندما سلمتني وجبتي الغذاء المتشابهتين ..ولكن .. ذلك التمثال يوتر المرء ويجعله يخطأ بلا ارادة )
كانت هذه هي المرة الاولى لها والتي تشارك فيها احدهم مشاعرها بصراحة .. رات ابتسامة الشاب اللطيفة تتسع وتنهيدته المستاءة وكان معاناتها كانت انعكاسا لمعاناته ( معك حق ..لقد علمت انها مهمتك الاولى .. واليوم ايضا هو الاول لي وبسببه ارتكبت خطا غريب احمق ..ومع ذلك اشعر بسعادة جمة لان هناك شخص معي يشعرني باننا بشر ولسنا الهة لا نخطئ.. اعذريني لم اعرفك بنفسي .. سامر القدوة ) ...
حركت سما راسها موافقة بدعم اراحها راغبة باكمال حديثها وقد بدات تشعر بالتحسن وبعودتها لطبيعتها المسيطرة الا ان صوت قطعها بكل حزمه المتعالي (هل تريان مطبخ الطائرة مكان مناسب لتتبادلا اطراف الحديث بلا مسؤولية تاركين مهامكما )
وكأن المرء عندما يصطتدم بالحظ يفر منه ليلاحقه بكل سوئه وهذا تحديدا ما شعرت به نسمة وهي ترى سبب كابوسها يقف امامها .. علمت انها ابدا لن تنسى نظرته الثاقبة العميقة المحملة بغموض لم تعرف تفسيره وان شعرت بقعر عمقه بلمحة غضب واضحة كسرت جليد الليل الحالك بلون عيناه .. طنين جهاز الارسال لبرج المراقبة ايقظها من فورة ذكريات عانت منها كلما خطرت لها .. لقد وعدت نفسها ان تلتزم بحلمها وتتجاهله خاصة بعد كل ذلك التناقض الذي يبثه بنفسها فيجعلها تستغرب ردات فعلها البدائية التي تذكرها بانوثة ارادت ان تنساها وتتجاهلها .. جميع من تعاملت معهم سابقا كانو يستغربون ثلجيتها المتحكمة حتى كادو ان يقسمو بان الجانب الالماني لاخوها هو ايضا متوارثا عندها .. كانت تفخر بهذا خاصة انها استطاعت ان تبني حصونها في خضم معاناة لم تسمح لاحد ان يشاركها اياها واكتفت بنفسها لتداويها مستخدمة حلمها كوسيلة لتنسى كل ضعف انثوي قد تتسم به .. نجاحها كان مطلق او هذا ما امنت به قبل ان تلتقي بنادر الذي اعادها بقوة الى لجة عواطف وارتباك تصرفات وتحدي روح استوطنها وكرهته .. اكثر ما اثار حنقها معرفتها بانه يعلم جيدا تاثيره المربك الذي يتناقض مع اعجابها به كطيار اذهلها كما لم تتوقع .. لقد لامت نفسها طويلا قبل يوم عندما تقابلت معه في الاحتفال الذي اقامه فرع شركتهم في امريكا والذي تعمد رئيس الشركة فيه اظهارها امام الجميع كقوة مميزة لشركته .. يومها عادت لنفس المربع المهتم لرايه بها بعدما رات نظرة استخفافه باتجاهها .. وكلما حاولت تجاهله والاندماج مع فريق عملهم المتحفظ الذين يتشاركون نفس الطاولة شعرت بعينيه يقيمانها ببرود يزيد ارتباكها .. حاولت التاقلم مع سامر بعدما شعرت ببعض الراحة معه ومن كلماته اللطيفة ولكن فضول احمق سيطر عليها بعدما رات ابتسامته الفخورة اثناء نظره لهاتفه و التي هزت جزء من روحها متمنية ان ترى هذا الفخر بعينيه عندما تثبت له انها تستحق لقب الكابتن .. وقتها سمعته يرد على احداهن مناديا اياها بسلمى قبل ان يضحك برقة مع اخرى خاطبها باسم سمر مطالبا اياها ان تطهو له الملوخية عندما يصل من مهمته .. اذن فهو انسان يشعر ويتعايش مع النساء بل ويضحك معهم طالما انهم بنظره نساء ..اما هي ... نفضت راسها بعنف اكبر وحنقها يتزايد مع اصرارها على ما نوته .. راته يلتفت اليها متسائلا مع حركتها فاجابته برسمية دبلوماسية ( اعذرني .. ذبابة غليظة .. والان .. لقد ابلغنا البرج بكل الاحداثيات .. علينا التوجه الى الممر رقم اثنان .. خمسة وعشرون مترا الى اليسار .. سيتم بعدها ظهور الممر المضائ امامك .. )
استمرت نسمة باعطائه الاحداثيات بدقة وكلماته لها عن عدم اهتمامها براي احد تزيد من سيطرتها الفولاذية .. حلقت الطائرة بمهارة مذهلة تنهد على اثرها نادر باريحية وهو يفرد ظهره بتعب بعدما اضطر ان يخرج في مهمة فردية مستعجلة في اليومين السابقين تاخر فريقه على اثرها بالطيران والرجوع من امريكا الى مصر .. كانت مهمة خاصة بالشركة شملته لوحده اضطر فيها للطيران لعشرين ساعة متواصلة ذهابا وايابا بين الامريكتين مع احد السياسين المعروفين في طائرته الرئاسية وقد تم الاستعانة به بعدما مرض كابتنهم بشكل مباشر .. للحظة حاول تجاهل مصدر قلقه المتعاظم والجالس بجانبه متمنيا ان تمر هذه الرحلة على خير .. كم اشتاق وقتها لمساعده السابق الذي كانو يتبادلون اطراف الحديث بسخرية مازحة ليكسرو ملل ورتابة الرحلة كما كان سيتاكد من سلامة كل شيء ويسلمه الدفة ريثما يرتاح قليلا وينام لبعض الوقت كي يستعيد نشاطه .. اما بوجود نسمة فرغم كل هدوئها وبرودها بل وبلا شك كفاءتها المذهلة التي اثارت بها اعجابه بلا سيطرة منه الا انه لا يستطيع الاعتماد عليها فلديه هاجس يمنعه من ذلك .. مهما حاول الانكار فتواجدها حوله اعطى نكهة غريبة للقيادة .. يجب ان يعترف انها اثارت كامل فضوله بتحكمها الفولاذي وقناعها الحديدي الذي لم يرى بحياته امراة تملكه .. ثباتها اثار لديه رغبة غريبة لرؤية الى اي مدى هو مستقر ليصتدم بشعلة روحها المستترة خلف جليد عينيها .. قهوة بطعم التحدي هي تحديدا مذاق نظراتها المتوثبة نحوه بشكل استفزه وان اخفى هذا بمهارة ..لقد حاول التعامل معها بحيادية وتقبل لتسير الاجواء في مهمتها الاولى ولكن .. قفزت انوثتها لتهاجمه بلا رحمة عندما التفت اليها ليرى تبعثر ازرار سترتها .. لا ينكر بانه حاول التعامل مع الامر بعملية كي لا يحرجها ومع ذلك اذاها بقسوته ليفجر معاناته معها عندما راى خطأها .. كان يعلم انها كمساعد طيار في مهمته الاولى فقد قدمت اداء مذهلا مهما حاول تقبله كشخص مبعدا فكرة جنسها عادت ردات فعلها لتهاجمه وتثبت صحة تفكيره بعدم جدوى الاعتماد عليها .. ليس لانه يهاجم انوثتها بل هو يعشق المراة بكيانها الرقيق الهش ويراها دوما كفكرة تحتاج منهم ان يفتعلو كل الحروب ليحموها ولا تصاب بخدش .. كجوهرة مكنونة يذوب ويذوي بالدفاع عنها.. نظرته المتعمقة بهذه الطريقة تعود لتربيته المتحفظة وسط اناث كانو يعشقون اظهار جانبهم اللين ليستمتع بحمايتهم مستفزين رجولته ولكن .. نسمة .. اختلفت امامه .. اجل راى هشاشتها ورقتها الا انه تفاجئ بجبروت مشاعرها المستقلة .. احاسيس اظهرت له بوضوح انها لا تنتظر من اي رجل شيء بل انها تتوقع من الرجال ان ينحنو امام كفاءتها وليس امام جمالها كما هو معتاد .. مشكلته اصبحت تكمن بذلك الاساس المبدأي عنده .. مهما حاول التعامل بعملية ملغيا عناده وافكاره وناظرا فقط اليها كشخص عادي سيدربه عادت تلك الحاسة الكامنة بداخله لتثير لديه نزعة الرجولة والرغبة بالحماية والشك بقدرات التحكم الثلجية والسيطرة الحديدة عندها كانثى ليلغي كل تحضره مثيرا بروحه مكامن الوحشية البدائية .. اجل .. انه يعترف انها ايقظت به شعور تحدي رجولته ببرودها كما اثارت نزعة تملكه باستقلالها ورسخت لديه شكه بقدراتها بسبب توثبها الوحشي في تعاملها وان اظهرت طاعتها امامه لكل اوامره العملية .. بطبعه لم يكن ممن يلتفت لامراة او شعر باي احاسيس سابقة لاي واحدة عرفها قبلا .. بل على العكس كان يشعر بالملل اثناء تعامله معهم خاصة وانه بوسط مليء بالمضيفات وتعرض للعديد من حالات التغزل والارتماء امامه نظرا لوسامته ومع ذلك كان دوما ما ينجح بمواجهة الجميع ببرود اعتاده نابع من قلبه بلا تكلف او تمثيل .. معها استغرب نفسه لما تضايق من ملابسها الجريئة في حفل الشركة .. لما تضايق من اسلوبها المبسط مع رئيس المضيفين .. لما تضايق من لمعة دموعها عندما راها بعينيها .. لما تضايق عندما تخيل ان كابتن طيار غيره قد راى ازرار سترتها المحلولة .. لما استثاره مجرد تفكير وجودها بعزلة في كابينة مع طيار اخر .. هذه الذبذبات اقلقت استقراره النفسي الذي يتغنى به ..حتى للتو عندما مازحها استفزه تجاهلها لمزاحه فاثر ان يعود لتباعده مرجعا مشاعره الثائرة لاجهاده.. تثائب بارهاق وشعور بالصداع يكتنفه ..
التفت نادر الى نسمة قائلا بعملية وقد قرر ان ينحي كل مشاعره وتحليلاته الى ان يكون مستيقظا ( استدعي لي سامر ليجلب لي كوب قهوة مكثف مع قرصي اسبرين ) ..
اجابته بسرعة البة ويدها ترفع هاتف الاتصالات الداخلية ( اجل كابتن ) مرت لحظة قضتها صامتة وافكارها تحلل طلب نادر .. يبدو انه متعب وبشدة وهذا واضح من حركة يديه الممسجة لراسه وعيناه ... سمعت صوت سامر يرد عليها فقالت بهدوء لطيف ( استاذ سامر .. بعد اذنك .. نريد كوبي قهوة مركزين مع قرصي مسكن للراس مع بضع قطع من الشوكلاه المركزة وكوب من العصير ) وابتسمت لرد سامر قبل تقفل الهاتف شاكرة امام انظار نادر الفضولية الحانقة .. مرت لحظات قبل سماعهم صوت طرقات مع دخول سامر الى المكان وفي يده ما طلبوه ..
راقب نادر ابتسامة نسمة الغامضة لسامر فتاكد حدسه بان هناك ما يدور في ذهنها في الخفاء .. شكرته بلطف جعله يشكره هو ببرود دون ان يستسيغه .. غادر سامر الكابينة ليتناول نادر اقراص الدواء ويمسك قدح القهوة قائلا لنسمة بهدوء نسبي ( صحة وعافية ) ..
التفت نادر لينظر الى السماء امامه الا انه تفاجئ بنسمة تعيد لفت انتباهه بعدما صفت ما طلبته على الطاولة الخاصة بطعامه .. عقد حاجبيه بتساؤل فاجابته بحزم عملي ( من الواضح انك تعاني من الم راسك ومجرد المسكن لن يجدي لذا تحتاج لبعض السوائل مع بعض السكر المركز وهكذا سيكون عمل المسكن اكثر فاعلية)
تفاعل المه مع شيطانية غريبة عليه جعلته يبتسم بخبث متسائل ( منذ متى تعملين كطبيبة .. ظننت بان حلمك ان تعملي ككابتن طائرة )
ادرك سخافته من لمعة عينيها الحانقة التي اتبعتها بابتسامة هازئة ( الم تعلم اني احاول ان افكر ببديل عن الطيران في حالة فشلي في ارضائك .. وماذا غير الطب سيرضي غروري )
لوهلة شرد بكلماتها يحاول فهمها قبل ان ينفجر ضاحكا بشكل كامل على ظرافة ردها الذي تقصدت فيه الاستخفاف به .. رفع يده باستسلام مجيبا وهو يبدا بتناول الطعام ( انتن النساء لا يسلم المرء من لسانكن وان اردتن شيئا فانتن مستعدات لتحطيم الجبال .. لذا من انا لاخالفك .. اشكرك على اهتمامك وساتناول الموجود بطيب خاطر وبصمت )
اجابته بهدوء متحدي ( ليس هذا فقط .. عليك الاستراحة ومحاولة النوم طالما ان كل شيء تم الاطمئنان عليه والطائرة الان خاضعة لنظام الطيار الالي ولا ينقص سوى المراقبة المكثفة للعدادات والاجواء )
عقد نادر حاجبيه وقد بدا يستشعر بخطا رضوخه لها ( انا بخير .. ساظل مشرفا على الطيران ولا احتاج المساعدة منك )
رفعت نسمة كتفيها بثقة قائلة بصوت ثلجي ( لقد سمعت انك كنت في مهمة طوال يومين لذا انا واثقة بانك مجهد حتى النخاع ولا يوجد ما يستدعي وجودك )
استفزه كلامها فقال بسخرية ( اعذريني فانا لن اسلم روحي وارواح العشرات لك بسهولة خاصة اني لم اثق بك بعد .. انا كابتن هذه الطائرة وانا الوحيد الذي سيشرف عليها )
رفعت نسمة كتفيها بلامبالاة قائلة بحزم ( اتعلم مالذي تفعله الان .. انت ترفض ان تسلمني الاشراف رغم ان هذا عملي .. هل لديك عذر )
للحظة تبادل معها انظاره .. لم يدرك مالذي حدث الا انه شعر بتغيريها الطفيف امامه .. تغير جعله يرغب بتحديها حتى بعد ان قرر تجاهلها .. ضيق عيناه وبنبرة تسلل فيها التحذير ( بصراحة .. انا لا ابحث عن عذر .. ما اعلمه اني الاقدر على تحديد كفاءتك في الطيران ..وانا .. لا اراك مؤهلة للاستلام )
ابتسمت امامه بثقة كادت تفقدها ولكنها استمرت بتظاهرها فيها ( اتظن انك بهذا ستثنيني عن هدفي .. حسنا ايها الكابتن الماهر .. انت فعليا قادم من مهمة طيران بالامس ولم تمنح سوى اربع ساعات كراحة قبل استلامك هذه المهمة بطريقة مستعجلة .. والان فعليا انت تطير بالطائرة بلا راحة لاربع ساعات وهذا يعني بقاءك دون نوم بشكل مستمر ليومين على الاقل .. وكما اعلم ليس الكابتن فقط من يقوم بقياس اهلية المساعد بل ان المساعد قادر على تقديم الشكوى المباشرة عن الطيار عندما يرى انه مقصر او متعب او غير قادر على اتمام الرحلة .. المفترض اننا الان نطير بشكل مستقيم ومن المفترض ان اقوم بمهامك بينما ترتاح .. وانت رافض .. لذا .. يبدو اننا امام معضلة فبنظري كمساعد انت غير قادر على الاستمرار بالطيران لعشر ساعات اخرى دون استراحة .. لذا ..... )
فهم نادر الان سر غموض نظرتها لسامر .. طلبه للدواء وطلبها للعصير والقهوة والشيكولاة وتاكيدها على رؤية سامر له كشاهد كل هذا لتؤكد اجهاده الواضح وكانها تلوي ذراعه .. على الاقل ابتدأت حركات الانثى بالظهور فها هي تستخدم دهائها ومهارتها بالايقاع بمن حولها بلطفها الكاذب .. اخفض راسه مبتسم بسخرية من نفسه .. وهو الذي ظن انها بالفعل خائفة عليه .. تلك المجنونة لو انتظرت قليلا لسلمها المهام لوحده لانه بالفعل مجهد ولكن ان تتحداه وتفرض عليه امرا فهذا سيجعله يعود ليعاملها بما تستحقه .. وقف ببطء مستسلم ظاهري قائلا ( اتعلمين .. معك حق .. لاذهب لارتاح وانت فلتستلمي من هنا .. ربما يجب ان انطق بالشهادتين منذ الان )
اضاف الجملة الاخيرة بايحاء كبير وبتحذير تسلل ليملأ الاجواء .. خرج امام عينيها للحجرة الملحقة للراحة فسمحت لقشعريرة خوفها ان تستولي عليها .. لقد هددها صراحة بانه سيقتلها ببطء لذا عليها نطق الشهادتين استعداد لما هو اتي .. التفتت الى الطائرة محاولة تجاهل كلامه والتركيز على مهامها .. ولكن ظل سؤال يلح في ذهنها .. ترى .. هل استعجلت بتحديها له بهذه الطريقة السافرة .. ازدردت لعابها بتوتر ونظرت الى السماء الظاهرة التي تحيط بها مخاطبة نفسها ( انا اعتمد على نصائحك يا سراج .. فلا احد كما دوما قلت لي سيقدر على ايذائي طالما انني اقوم بواجباتي بشكل مستقيم ) وعادت لتشرد في الاجواء وهي تتاكد من عدادات الطائرة وروحها تدعمها بلهفة مشجعة اياها بقرب لقائها باخيها لتستمد من كيانه القوة كما اعتادت دون ان تشعره باي من مشاكلها فيكفيه مشاكله في نظرها .. مشاكل تعلم بظهورها وان لم يساررها بها .. انه حدسها الانثوي الذي اعلمها بعدم استقرار اخيها رغم ان ظاهر حياته يشير الى الكمال .
يتبع

noor elhuda likes this.

حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-17, 03:04 AM   #26

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جدران صمت الهوى (الفصل الثاني / القسم الثاني )



الفصل الثاني
القسم الثاني

لم يكن حدس نسمة خاطئ ... فسراج نفسه شعر بالحنق يغلي في داخله من ضعفه وتشتت تفكيره .. ترجل من سيارته بغضب امام المبنى الذي يتواجد به البنك ونظر الى ساعته التي تشير الى العاشرة والنصف ليلا .. بسبب انشغال تفكيره بمكان تواجد سما ورغبته الغبية الحارقة لرؤيتها لم يتمكن من التركيز الكامل بعمله والاهم انه نسي بعض الاوراق المهمة في مكتبه والتي يجب ان يجهزها قبل موعد الاجتماع الصباحي لذا نوى ان يعمل عليها ليلا قبل نومه .. اتجه الى المبنى فقابله الحارس الامني بابتسامة قائلا ( اهلا سيد سراج .. لقد ابلغنا الاستاذ عمر مدير البنك بقدومك لنساعدك على الدخول اليه .. ستجد مسؤولة التنظيف هناك كل ما عليك فعله ان تضرب الجرس وهي ستستقبلك فلقد ابلغناها بدورنا بقدومك )
وافقه سراج بحركة من راسه متمتما بالشكر وقد بدا بارتقاء الدرج ليصل الى الطابق الاول حيث يتواجد مكتبه .. وقف امام باب البنك وفكرة حمقاء تسيطر عليه .. ترى هل لو ذهب الان الى المطعم ستكون سما هناك وقد غيرت مواعيد عملها لتتجنبه .. نفض راسه وغضبه يزداد فيبدو واضحا من اختفائها انها لا تريد اي اتصال به ويجب ان يقتنع بهذا ويكف عن ملاحقتها العقيمة .. مرت لحظات قبل ان يسمع مفتاح القفل ليرى الباب الحديدي يفتح .. ما ان راى الشخص الذي امامه حتى شهق بصدمة ( ياللهي.. انه انت .. انت .. هنا )
كانت صدمة سما اضعاف صدمة سراج برؤيته في المكان الذي تعمل فيه .. للحظة غاب تفكيرها المنطقي واستولى عليها خوف راجي وهي تتسائل بشهقة ( سرااج .. مالذي تفعله هنا .. الن تيأس عن البحث عني .. )
صمت ساد في المكان وسراج يفسر كلمات سما المبعثرة محاولا ربط الاحداث .. لوهلة رفع عينيه لينظر خلفها وقد ادرك انها هي مسؤولة التنظيف .. اكتنفه غضب حيرته طوال الفترة الماضية وتفجر بركان عجزه الحانق خاصة مع كلماتها التي ادرك بها انها تعلم ببحثه عنها فانتفض كبرياؤه ليسال بصوت بدا كانه قادم من الحضيض ( انت .. تعملين هنا .. كيف .. من سمح لك .. هل تلحقين بي .. لما .. لما بعد ان انتهيت منك تعودين للظهور بحياتي .. فقط .. ابتعدي عني وعن تفكيري ارجوك فلقد تعبت )
اجل .. اراد ان يحملها ذنب ضعفه وتشوشه .. اراد ان يتهمها بما يتهم به نفسه .. اراد ان يقتنع بانها مثله تلحق به لتهرب منه .. نظراتها التي انقلبت الى برود اصاب قلبه بسهام وهي تجيب بحزم انثى واثقة قوية لا تعاني من اي الم ( ولكني لا اعمل هنا من اجلك فانا انهيتك من حياتي منذ زمن طويل .. انا لم اعلم انك تعمل في هذا المكان ومع ذلك لن اترك عملي لاجلك اما بالنسبة لك فانا عملي ليلي عندما يغادر الجميع لذا لن اراك بالتاكيد بعد ذلك عن اذنك )
راقبها وهي تختفي من امامه ليعلن قلبه تمرده .. لما .. لما لا يستطيع ان يدير ظهره لها كما تفعل معه .. وجد نفسه يلحقها ليراها تلملم حاجيات التنظيف وتضعها في مكانها المخصص .. لم يتمكن من منع نفسه من الحصول على الحقيقة عل روحه تهدأ في محراب فراقها .. وقف امامها مانعا اياها من الحركة وهو يسالها ( فقط اجيبيني .. لقد تركتك لتكوني سعيدة كما كتبت لي في الجواب الذي بعثته مع خاتمك .. والان هذا ) واشار حوله باهانة اسقمتها وهزت كيانها وهو يكمل بلا رحمة ( هل تسمين هذه سعادة وراحة وما كنت تسعين له .. لماذا .. لما فضلت شخص انت تعلمين اخلاقه الفاسدة واخبرتني عنها لتتزوجيه بدل ان تناضلي للبقاء معي .. هل يعجبك حالك الان من التعاسة )
تسارعت انفاسها وهي تتلقى اهانته بكل عنجهية .. اجابته متسلحة بكل قوتها ( انا لست تعيسة .. بل انا سعيدة .. بل اكثر مما تتصور .. فليس المال هو من يشتري السعادة .. انما وجود من تحبه ويخاف عليك ويشاركك هموم الحياة .. لذا .. صدقني رغم كل وضعي المزري الا انني سعيدة ومرتاحة كما لم اكن يوما بحياتي .. ساخرج .فلقد انهيت عملي .. يمكنك ترك المفتاح مع الحارس عندما تنتهي .. وداعا )
وتحركت من امامه متماسكة بصعوبة ورافضة ان تظهر جرحها والم قلبها ودموع عينها .. سمعته يجيبها بنبرة امتلأت حقد وغيظا ( وانا سعيد ايضا .. فانا متزوج من امراة تحبني واحبها .. وتدعمني بكل قوتها ونفوذها حتى وصلت الى اعلى المناصب ولدي منها فتاة اعشق الكون بسببها .. بعكسك .. فحبي وزواجي حقق ذاتي اما انت فاصبحت توهمين نفسك بسعادة سرابية لتتقبلي حقيقة واقع ان زواجك جعل منك خادمة بعد ان كنت ملكة . .كم اشفق عليك )
كلماته كانت الاقسى في كل الاتهامات التي سمعتها من الجميع .. التفتت اليه راسمة ابتسامة لم تعلم من اين وجدتها وحصن دفاعها عن روحها ينتصب بقوة حولها ليخفي انهيارها ( مبارك لك .. انت تستحق كل خير .. ولكن .. هل انت مقتنع بسعادتك ؟ .. فالشخص يتغنى ويفخر بما لا يملك ليخفي ضعفه ..بشكل ما معك حق زواجي جعلني خادمة ومع ذلك فلقد قلت لك .. الاناس هم ما ينيريون حياة المرء .. ويكفي انني الان اعيش مع اشخاص يحبونني بحق واعشقهم بجنون حتى اني مستعدة للتضحية بحياتي لاجلهم .. وهذا بنظري يكفيني حتى لو كنت خادمة .. لا اريد شفقتك .. عن اذنك اتمنى الا اراك في حياتي مرة اخرى ) والتفتت مغادرة امام صدمة سراج التي قتلت روحه وهو يسمع تاكيدها بانها لم تكن معه سعيدة ..
كانت سما تمشي بسرعة وكانها تهرب من الف شيطان .. لم تفكر بل كل ما ارادته الابتعاد .. ركبت اول سيارة اجرة قابلتها ومنحته عنوان اسيل .. فهي تحتاجها وتحتاج ان ترتمي في احضان امها واحضان ابنها عماد لتعود لذاتها بعد كل ما تلقته من صفعات من احب الاشخاص لقلبها ..ترجلت من السيارة وركضت صاعدة الى المبنى محاربة دموعها بكل قوة .. ما ان فتحت اسيل الباب حتى انهارت سما في احضانها باكية بحرقة كل ما عانته .. احتضنتها اسيل بخوف وهي تحاول السيطرة على بكائها قدر استطاعتها .. لم تفهم ما بها فلقد كانت فقد تتمتم ( اكرهه .. لقد ضحيت بنفسي لاجله وهو يتغنى بنجاحه .. اكرهه .. اكرهه )
اخذت اسيل تهدهدها كما خرجت امينة ام اسيل من حجرتها على صوت نحيب سما فاستعاذت بالله واخذتها في احضانها مسمية عليها باسم الله وهي تتلو عليها المعوذات لتهدئها وقد اجلستها في احضانها لتفرغ كل حزنها وهي تقول لها ( ابكي يا بنيتي .. ابكي لعل الله يشرح صدرك وترتاحي ) ..
رن هاتف سما فالتقطته اسيل لترى رقم علي .. اجابته وهي تبتعد عن سما لتساله عما حدث فوجدت انه لا يعلم شيئا سوى ما اخبره به الحارس بانها غادرت المبنى سريعا دون حتى ان تخبره .. طمانته اسيل عليها وبانها عندما تهدأ ستجعلها تكلمه ثم اقفلت الهاتف لتعود الى سما .. وجدتها تشهق انفاسها في احضان امها وقد بدات موجة دموعها تنحسر ..ذهبت الى المطبخ لتجهز لها كوب من العصير عله ينعشها واخرجت قرصي مسكن وعادت اليها .. ربتت عليها بحنان وعيناها تدمعان على حالها فلم تشا ان تجعلها تتكلم لثقتها انها ستقول كل شيء عندما تجد نفسها قادرة .. اعطتها كوب العصير وقرصي المسكن فاخذتهما بلا سؤال لتتناولهما بارهاق .. بعدها مسحت اسيل على وجه سما ورفعت خصلات شعرها عن وجهها بحنان اخت تعشق اختها .. قالت لها بتشجيع ( مارايك ان تغتسلي ثم تذهبي للنوم بجانب عماد .. انا واثقة بانك لو احتضنتيه فكل الامك ستذوي امام رائحته الجميلة (..
اطاعتها سما بلا حول منها وقد انهكتها موجة البكاء حتى النخاع .. بعد مضي ساعة خرجت اسيل من الحجرة بهدوء لتجد امها متجهة الى القبلة وقد فرشت سجادة الصلاة وارتدت ملابسها وتناولت سبحتها وارتفعت يديها بالدعاء .. رفعت راسها الى ابنتها متسائلة بقلق ( هل هدأت .. هل نامت )
حركت اسيل راسها بالموافقة بعدما اقتربت من امها واستلقت على الارض بجانبها مخفية وجهها في احضانها لتخفي دموعها وصوتها المتلعثم ( كلما رايت سما بهذه الحالة .. اشعر بالاختناق .. اود لو احرق الكون لاجلها فلقد ظلمها الكثيرين .. واولهم انا .. ورغم كل شيء لم تطلب من احد شيئا واستمرت بالقتال لوحدها لتعيش وتربي ابنها .. ومع ذلك لا يتركوها لنفسها ويشمتون بها ..لما .. الا لعنة الله عليهم )
ربتت امينة على راس ابنتها مجيبة ( انها فطرة بعض البشر السيئة يا ابنتي .. اما ان التزمنا بديننا فدوما ما اوصانا رسولنا قائلا ( ارحمو عزيز قوما ذل ) لذا لا تقلقي يا ابنتي .. فربك سيجزيها على صبرها اضعاف .. انه يختبر من يحبه من عباده ليصفي ذنوبهم .. فقط قفي الى جانبها وخذي بيدها وساعديها وستنالين عظيم الاجر .. فمن فرج عن مؤمن كربة فرج الله عليه كربة من كرب القيامة لذا .. فلتظلي قوية لتستند عليك واياك ان تضعفي او تشعريها بانك تشفقين عليها .. لانها ستنتفض وتواجهك بعنفوان كبريائها .. كوني لها اخت تكن لك سندا .. هل فهمتي يا اسيل )
تنهدت اسيل مرتخية باحضان امها اكثر وهي تتمتم ( ساكون يا امي .. ساكون ).
زفرت اسيل انفاسها بصبر نافذ وهي تبحث في اورقة ارشيف القناة عن بعض الدلائل التي ستستخدمها كمواد عرضية في الحلقة الاولى للبرنامج .. كان قد كلفها ادهم ان تقوم هي بكل العمل وكانه ينتقم منها .. اخذت تدندن مع لحن الاغنية التي تضعها على هاتفها لتسلي نفسها اثناء البحث بعد ان اندمجت في عملها .. مرت عدة دقائق قبل ان يقاطعها صوت زميلتها المنادي ( اسيل .. اين انت )
خرجت اسيل من بين ممرات الارفف التي تصطف عليها الكتب مشيرة بيدها ( هبة .. انا هنا .. ماذا تريدين )
اقتربت منها هبة قائلة (عندما تاخرت .. بعثني ادهم لارى ان كنت تحتاجين لمساعدة )
حركت اسيل راسها باستهزاء مجيبة (اووه كم هو لطيف ومراعي ويخاف علي ويهتم بي .. صدقيني لقد ابكر ببعثك )
ضحكت هبة ( سامحك الله يا اسيل .. انه حقا يهتم بنا جميعا .. ولكن لقد رايت فالجميع مشغول بشكل جنوني بالتحضيرات النهائية .. وها انا هنا ما ان انهيت ما بيدي حتى بعثني اليك.. ولكن .. ماهذا الذي تسمعينه )
اشارت اليها اسيل لتقترب وتاخذ منها مجموعة من الملفات كي تبدا بالبحث فيها ( انها اغنية كردستانية راقصة .. اليست جميلة )
شهقت هبة ضاحكة ( ياللهي .. هل وصلت الى كردستان ايضا بجنونك .. يا فتاة .. كيف تسمعين لكل هذه اللغات والثقافات ..افهميني .. مالذي تستفيدينه من كلمات لا تفهمينها )
ابتسمت اسيل قائلة بمرح ( الفكرة لا تكمن في الفهم .. انا احب اللغات .. كما احب نغمة الاغنية .. واعشق الاطلاع على ثقافات العالم .. عندما تعجبني اغنية فانا ابحث عن كلماتها ومعانيها واحفظها مما يساعدني بتنمية قاموسي اللغوي الشامل لكل اللغات .. اما حضوري لمسلسلات وافلام متنوعة فبالاضافة للمعلومات التي نقراها عن البلدان فان صناعة السينما لاي دولة تعطيك انطباعا كبيرا عن الكثير من العادات والظروف السائدة بتلك الدولة .. على الاقل تعطيكي انطباعا عن شرائح معينة في مجتماعاتهم وعلى عادات منتشرة .. مثلا .. في المسلسلات الكورية دوما ما يظهرون طريقة احترامهم الكبيرة لكبار السن وكيف يعتبرونهم مصادر حكمة يستمعون اليها .. وهذه حقيقة .. فالكورين والصينون وحتى اليابانيون يحترمون كبارهم بشكل كامل ويعتبرون ان الخطا عليهم جريمة اخلاقية كما ان لهم عادات غريبة باحترام الموتى ويؤمن جزء منهم بالحياة الاخرى وبالانبعاث هذا غير الاساطير التي تصبحين على دراية عنها من خلال مسلسلاتهم كاسطورة الجوميهو وهي امراة تحولت لثعلبة بسبع اذيال وتقوم باكل قلوب الرجال انتقاما منهم .. معرفتك لهذه الامور تسهل عليك طريقة فهم الاحداث ودراسة الشعوب في هذه الدول كما تجعلك تفهمين الكثير من السياسات .. ففي النهاية .. اهم ما في عملنا المعرفة .. ولو لاحظت فهذه الاغنية الكردستانية تستعين بكلمات عربية كما ان لحنها ماخوذ من اغنية عربية قديمة بعد التحوير بالطبع )
امسكت هبة بهاتف اسيل لترى ترجمة كلمات الاغنية وهي تقول موافقة ( اجل .. انها تقول يلا حبيبي .. اتعلمين .. تفكيرك بهذه الطريقة رائع و .. ) انقطعت كلماتها اثر ارتفاع رنين هاتف اسيل بنغمة سكة السلامة مع ظهور اسم المزعج على شاشتها ..
شهقت هبة ضاحكة وهي تعطيها الهاتف ( ياللهي .. من هذا المزعج )
اجابتها اسيل ضاحكة وهي تضغط على زر الاجابة ( انه علي .. لو تعلمين ما يضعه لي كنغمة لفهمتي )
تحركت اسيل مبتعدة قليلا عن هبة لتحصل على بعض الخصوصية بحديثها دون ان تشعر بمن ابتعد هو الاخر ليعيد الاختفاء بين اسطر رفوف الكتب .. حاول ادهم الانصات لما يدور بلا حول منه فما ان سمع كلماتها المناقشة لهبة بعد ان جاء لياخذ بعض الملفات حتى تشنجت قدماه واعجابه يتضاعف بطريقة تفكيرها .. مالذي عليه ان يفعله فلقد اشتاق لها بجنون واشتاق لاسلوب تفكيرها الذي دوما ما اثار جنونه اعجابا حتى وهي طالبة لديه في الجامعة .. طوال اسبوع حاول ان يبتعد عنها قدر استطاعته كي يتمكن من تدارك صدمة زواجها وانجابها .. كلما راها شعر بغصة تخنقه وهو يتخيلها باحضان غيره لذا ضاعف عملها كي تنشغل عنه فلا يراها امامه .. كما تعامل معها برسمية كبيرة غير قادر على النظر اليها مباشرة كي لا يفضح نفسه فمنظر الصبي يدل على انها تزوجت فور تخرجها كما فعل هو .. الى الان لا يعلم لما رفضته في ذلك الوقت مؤثرة مستقبلها المهني رغم انه كان شبه متاكد من حبها .. للتو استغرب الاغنية التي ربطتها بعلي .. ذلك الاسم الذي تكرر امامه للمرة الثانية فجعله يرتبط بصورة الشاب الذي راه معها من دون ان يستوضح ملامحه فلقد كان يوليه ظهره .. سمعها تعود مرة اخرى لتقول لهبة ( علي يطمان على سما من خلالي .. ما رايك بهذا الجنون .. وفي النهاية يسميني انا بطلة العالم للنكد ويضع الاغنية كنفمة لي لذا اخترت له سكة السلامة)
سمع ضحكات هبة وهي تجيبها ( انتم حقا ثلاثي مجنون سيضيع عماد بينكم .. لما لا تحضريه هنا معك في احد الايام فلقد عشقته عندما جاء في ذلك اليوم معك )
كانت تلك المعلومات التي يسمعها ادهم تزيد من تشوشه محاولا فهم طبيعة العلاقة التي تجمع على ما يبدو ثلاثة اشخاص .. ما زاد من حيرته جواب اسيل الضاحك ( اجل .. اجلبه هنا لتقتلني سما فانت تعلمين انها تخاف على ابنها من النسمة وفي المرة الوحيدة التي جاء معي انتهى بالمشفى بعد ان اصابته نوبة ربو بسبب الهواء المكيف لمبنى القناة ووقتها كاد علي هو الاخر ان يقتلني .. اتعلمين .. نحن الثلاثة يمكنك تشبيهنا بمثلث برمودا برؤوسه الثلاث حيث نمثل منطقة غامضة لا يعلم احدا ما بداخلها بينما نتكاثف نحن الثلاثة لمواجهة العالم كله دون ان نسمح لاحد بالدخول بيننا ..و )
قاطعتها هبة بتحدي ( وان تزوج علي .. ففي النهاية بالتاكيد سيدخل احد بينكم الا ان تزوج احداكما )
ضحكت اسيل مجيبة ( لما لا هذا وارد .. ثم حتى وان فعل وتزوج امراة اخرى .. فما بيننا من روابط يفوق اي شخص وبالتاكيد هذا ما سيفهمه لزوجته على اعتبار اننا عائلته )
تنهدت هبة مجيبة ( يا حظك يا اسيل .. من النادر ان يجد المرء اشخاص هكذا .. والان هيا لنخرج الى مكتبك ونصنف ما جمعتيه فالجو هنا خانق ) ..
سمع ادهم كل الحوار واقدامه لا تستطيع تحمل وقوفه فاستند الى الارفف .. اذن .. عماد هو ابن سما .. وعلي على ما يبدو غير متزوج وان استشعر من كلام اسيل انها لا تمانع ارتباطه باحداهما اذا استلزم الامر .. على الاقل .. فليرتبط .. ولكن .. بالتاكيد ليس باسيل .. فهي له .. اتسعت ابتسامته حتى تحولت لضحكة مجلجلة وما سمعه يرفع من معنوياته حتى كادت ان تصل السماء .. كم عانى الاسبوع الماضي وهو يتخيل كل الامور مما احزنه لدرجة كرهه للطعام وللنوم اما الان .. يكاد يقسم انه مستعد للتحليق بسعادة ليمسك اسيل ويحتضنها بعنف شاكرا اياها لانها بالفعل لازالت غير متزوجة .. صعد الى مكتبه وهو يفكر كيف استطاع ان يقضي ثمان سنوات بعيدا عنها وما ان راها حتى عاد لينهار في محراب عشقها بجنون وياس وكانه لم يبتعد ويتزوج غيرها ويقاوم حبها طوال تلك الفترة .. وصل الى مكتبه وقام باستدعائها بشكل فوري فلقد اشتاق للنظر اليها بعد ان حرم نفسه طوال تلك المدة .. ما ان دخلت مكتبه وقد لاحظ تعرقها وتغبر جزء من قميصها بسبب الارشيف حتى وقف واقترب منها ببطء قابله نظرتها الحذرة المتوثبة .. كانت عيناه تتلكان عليها بجوع عاشق ولهان .. وقف امامها ورفع يده ببطء لينفض بعض الغبار عن كتفها فلاحظ تشنجها وانكماشها الفوري مع محاولتها الابتعاد الا انه ثبتها ممسكا بذراعها قائلا ( اهدأي .. هناك بعض الغبار فقط .. ما بك كارنب جبان )
كان يتحداها ليوقظ روحها القتالية القوية فوقفت امامه بعنجهية مجيبة ( بالطبع سيكون هناك غبار طالما انك تبعثني في كل لحظة الى الارشيف )
امسك ضحكته بصعوبة وهو يرسم ملامح تمثيلية متألمة متعمدا تباطئ حركته على كتفها حتى غدت كانه يتلمسها لرقتها وقد لاحظ احمرار وجهها رغم ثبوتها امام تحديه ( اووه معك حق .. اذن يجب ان اجعلك تنظفينه وهكذا سيصبح سهل عليك البحث بين اورقته التي قد تخفي الكثير والكثير والكثير من الاسرار )
رفعت حاجبيها بتوتر هازئ مخفية ارتعاشها بصعوبة رغم شعوره بانتفاضها اسفل يديه التي تثبتها وهي ترى ما حدث لسما امام اعينها ( لما لا .. فمعك لا استبعد ان تجعلني في النهاية اقوم على خدمة المذيعين او تقديم الشاي او القيام باعمال التنظيف طالما ان هذا سيهينني امامك ولكن .. مع الاسف انا لست تافهة لتؤثر علي هذه الحركات فانا لا اجد في اي عمل احراج مهما كان فلكل واحد لنا قدر محفوظ لا علاقة له بالعمل )
رفع ادهم حاجبيه بتدارك وقد استغرب حدة كلماتها وانقلاب مزاجها المازح فاقترب اكثر منحنيا عليها بهمس خطف انفاسها ( صدقيني .. باي عمل ستقومين به ستتركين ضجة ليتذكرك الجميع يا ذات الشعلة الحمراء)
اعادت اسيل محاولتها لتبتعد وقد تسبب اقتراب ادهم منها هكذا باشعال كل خلاياها بطريقة هو وحده من يستطيعها لذلك تخافه الا ان محاولتها باءت بالفشل مرة اخرى لمقاومته لها فتساءلت بحدة وقد ذهب تماسكها ادراج الريح مع ارتفاع نبضات قلبها القارعة بعلو في صدرها حتى خالته سيخرج امامها بتمرد ( ادهم .. كف عن العبث فانا لا اسمح لك بهذا .. ترى مالذي حدث لينقلب مزاجك هكذا وقد كنت لا تطيق حتى النظر الي طوال الفترة السابقة )
اجابها وابتسامته تتسع وقلبه يرقص طربا مع لهجتها العاتبة ( وهل تضايقت يا حلوتي .. حسنا لقد كنت احمقا واردت ان امنحك اجازة لتتقبلي وجودي قبل ان ابدا بهجومي المسلح عليك )
لاحظ انحباس انفاسها واتساع حدقتي عينيها وكلماته تتسلل الى عقلها راسمة اسوء الصور لتتظافر ابتسامته المغوية مع ما استنتجته .. تساءلت بارتجاف متبعثر ( مالذي .. مالذي تقصده .. مالذي تعنينه .. اي هجوم )
اقترب منها اكثر حتى غدت عيناه بمستوى عيناها وهو يقول بكل وضوح وحزم ( اعتقد اني اكتفيت من فراقك فاستعدي )
للحظة نسيت اسيل كيف تتنفس مع تلك الوعود الوحشية التي اطلت من اعين ادهم قبل ان تشعر بابتعاده الفجائي عنها تاركا اياها مترنحة بصعوبة .. نظرت اليه بصدمة لتجده يجلس خلف مكتبه تاركا مساحة كبيرة بينهما وفي يده يقبع هاتفها المتحرك .. لم تفهم ما حدث الا ان عيناه ناجيتاها لتتماسك قائلا ( ان بقيت لحظة واحدة قربك فلست مسؤولا عن النتيجة )
تنحنحنت محاولة التقاط انفاسها وعقلها يعلن تمردا على ما حدث لها من تشوش لم تفهم بعد سببه .. لما الان يفعل معها هذا .. نظرت اليه لتجده يعبث بهاتفها فقالت بارتجاف ( هذا هاتفي .. لما هو بيدك ولما تفتحه فانا لا اسمح لك فهذه خصوصياتي )
ابتسم بلؤم وعيناه تتركزان على الهاتف مجيبا (حاولي التعود على الغاء خصوصياتك معي كما سافعل .. والان )
اعطاها الهاتف مبتسما بمكر وهو يرفع هاتفه ضاربا على ارقام سرعان ما علت على اثرها صوت هاتفها بنغمة اغنية جعلتها تشهق وهي تقرا ما كتب على الشاشة ( مجنوني ) قبل ان تستمع الى نغمات الاغنية وشهقتها ترتفع اكثر متسائلة ( انت .. هل تهددني ام .. هذه الكلمات ...؟)
وقف وانحنى باتجاهها وقد جعل المكتب بينهما وهو يردد الكلمات ( حبيبي في حجات تيجي كده مش فرض .. بتيجي بكلام حلو بتيجي بورد .. تيجي بتكتيك وتيجي بهداوة .. وفين وازاي تقدم عرض .. اصل انا مش سهل .. سماوي والله .. مش سهل .. تحت الساهي دواهي .. مش سهل ..مهو جمالك طبيعي والهي مفيش منو اتنين على الارض .، قصرت السكة انا كده انجزت .. دخلها بتقل واظني لاحظت .. انت يلي عليك .. تبصلي بعنيك .. وانا مستعد اموت فيها لو عزت )
انهى كلماته بعد ان لاحظ انفجار وجهها بكل الالوان .. ابتعد قليلا عنها ليجدها تبتعد بخطوات متعثرة الى الخلف مرددة ( انت .. مجنون .. مجنووون )
رفع اكتافه بلؤم مجيبا ( معك حق فهذا لقبي عندك واياكي ان تغيري شيئا لاني ساعيده في كل مرة مع فرض غرامة عقابية )
حركت راسها برفض محاولة الوصول الى الباب وقد اصابتها افعاله بارتجافات متتالية وفيضان من المشاعر كادت تنساه يكتسح كل خلاياها ولكنها سمعته يقول بتحدي ( الا تريدين ان تسمعي اغنيتك في هاتفي ولقبك عليه .. كي لا تتفاجئي امام الجميع بها )
نظرت اليه ملوحة بتحذير مخيف ( اياك يا ادهم .. اياك ان تحولني لسخرية بسبب اهدافك المجنونة التي لن تنال منها شيئا .. تفهم )
اجابها بهدوء زلزلها قوة ( بل انت التي اياك ان تفكري للحظة انني ذات الادهم الذي رفضتيه فقبل وابتعد .. استعدي اسيل لكل شيء ساقوم به )
عقدت حاجبيها ونطقت بتساؤل مرتجف ( مالذي يعنيه هذا )
رفع هاتفه امامها لتصدح اغنية ( مع انك مصيبة .. مجنونة وعنيدة .. بس بحبك انا من قلب قلبي .. رغم عقلاتك .. وتكبير راسك .. مفي اعيش انا اذا ماكنت حدي .. بحبك بحبك .. وما حدا قدي .. ولا هيعشق متلك بعمرو قلبي )
نظرت اسيل اليه برعب ممزوج بصدمة وهي تحرك راسها رافضة بجنون (انت .. انت ..انا لا اسمح لك .. انا اخبرتك انني لا اريد حبك ولن احب.. انت تريد تدمير سمعتي هنا .. تريد تدميري .. مالذي ت.. )
انقطعت كلماتها اثر ابتسامة ادهم الباردة بتحدي ( مازال الوقت مبكرا لك لتنهاري يا اسيل .. لذا .. اعتبري ما حدث فقط اظهار للنوايا كي لا تتشوشي .. اما عن سمعتك فساكون حريصا عليها هنا فلا تخافي فهذا بيننا .. والان .. لما لا تذهبي لتشربي بعض الماء وتكملي اعداد تقريرك فغدا يوم العرض لذا سيكون دومانا طويلا جدا )
لم تكن اسيل بحاجة لتشجيع كي تغادر مسرعة بعد كل ما سمعته من ادهم .. لقد امتقع وجهها وقلبها يقصف بعنف داخلها .. مالذي يحدث .، وهي التي ظنت انها بامان وانها تحافظ على نفسها وقواعدها .. .، بالتاكيد هو يمزح معها او يحاول مشاكستها او قياس ردات فعلها .. ستوقفه عند حده مهما عنى ذلك له .. حاولت تجاهل التفكير وعيناها تقعان على الاوراق امامها .. كلا لن تفكر به ولن تحلل ولن تسمح لقلبها او عقلها ان يتم احتلالهما منه ومن ذكرياته فهذا ما يريده .. ان يستوطن بحركاته روحها كي يضعف دفاعاتها .. ولكنها ستريه .. فهي ليست دمية يلهو بها وقتما يشاء .
مر اليوم عليها بصعوبة وهي تهرب من امام ادهم كلما استطاعت .. نظرت الى ساعتها لتجد انها تشير الى الثامنة وقد انهت واخيرا كل ما هو مطلوب منها .. وقفت لتتمطى وتبدا بجمع اغراضها الا انها تفاجأت بادهم الواقف امام باب مكتبها وابتسامة رقيقة تزين ثغره .. اعتدلت بوقفتها قائلة بتشدد ( هل تريد شيئا سيد ادهم )
اتسعت ابتسامته مع كلمة سيد ليرفع اكتافه بمشاكسة مجيبا بايحاء (ممم اريد الكثير منك اسيل ولكن ما زال الوقت مبكرا للطلب )
تنهدت اسيل بغضب متفجر قائلة ( سيد ادهم .. صدقا هذا يكفي فانا .. )
قطع كلماتها رنين هاتفها بنغمة ست الحبايب فعلمت انها امها .. رفعت يدها باستئذان لتجيب على امها بشكل فوري ( اجل .. انا في الطريق يا امي لن اتاخر اعتذر عن عدم ابلاغك ولكن العمل اخذني و ... ماذاااا .. كيف يعني عماد في المشفى .. هل .. حسنا يا امي انا قادمة .. سابلغ علي وسما .. لا تقلقي )
كان ادهم يستمع لاسيل ليلاحظ امتقاع وجهها وارتجاف اطرافها .. وقف امامها فاشارت اليه بغضب دافعة اياه ( ادهم ابتعد هذا ليس وقتك ... صدقني .. فقط ابتعد )
اجابها بحزم وهو يمسك يدها ويجرها خلفه قائلا بحزم قوي ( لا تقلقي .. انا فقط ساوصلك بسرعة في سيارتي فانت الان لن تقدري على قيادة سيارتك باعصابك المشدودة) حاولت الاعتراض ولكنها اوقفها فرضخت لانها بالفعل تشعر بارتجاف سيمنعها من التركيز في القيادة كما انه يجب عليها ان تبلغ سما وعلي ..
ما ان استقرت في سيارته حتى اتصلت بعلي كي يكون بجانب سما ويخبرها ولكنه لم يرد لذا اتصلت بسما .. مرت عدة لحظات قبل ان تسمع صوت سما المتوتر بشكل كبير وهي نجيب ( اجل اسيل .. لما تتصلي .. هل عماد بخير )
تنهدت اسيل بحرقة مجيبة ( عماد في المشفى يا سما . لقد عانى من ازمة ربو فاتصلت امي بالاسعاف الذي نقله للمشفى .. امي عنده الان كما انني متوجهة اليه ايضا )
لم تسمع سوى شهقة سما الباكية وكلماتها المبعثرة ( انا قادمة ) ..
كانت هذه الكلمات هي كل ما استطاعت سما قوله بعد سماعها هذا الخبر .. خصوصا وهي تقف امام سراج الذي تفاجأت بحضوره ايضا هذه المرة لمكان عملها ووقوفه امامها .. حاولت ان تهرب منه وتطالبه بان يبتعد عنها وينساها ولكنها تفاجأت باعتذاره اللحوح عن كل كلمة قالها بحقها معللا الامر لحزنه بسبب فراقهم الذي لم يستطع فهمه طوال هذه السنين كما انه حزين على وضعها هي .. ارادت ان تجيبه الا ان هاتف اسيل قطعها .. لملمت حاجياتها بتوتر حاجزة دموعها بصعوبة .. سمعت صوته القلق المتسائل ( سما .. ما بك .. ارجوك اخبريني .. ياللهي انت تكادين تسقطين من الترنح .. انا لن اسمح لك بالمغادرة .. ما بك .. اجيبي )
كان قد امسكها من ذراعيها بقوة مانعا اياها ان تتحرك .. نفضت نفسها بعيدا عنه بكل قوتها صارخة به ( اترركنييي .. فقط اتركنني . ابني في المشفى .. يجب ان اذهب اليه .. ان اردت مساعدتي حقا فقط اخبر علي الذي يعمل في الطابق الخامس عما حدث وهو سيكمل العمل هنا ويغلق المكان .. ارجوك ابتعد ) وغادرت المكان امام انظاره الذاهلة وهو يحاول استيعاب وجود ابن لها .. وبان ما تجاهله سابقا عن وجود ذلك الشاب علي بحياتها يبدو حقيقة .. اذن سما بعد ذاك الرجل تزوجت من علي وانجبت منه .. وفي اليوم السابق اخبرته كم هي سعيدة مع الاشخاص الذين تحبهم وتعيش معهم بهذه الفترة .. ولكنه لم يفهم .. وتسلح بالغباء .. واراد كالمعتاد ان يقترب منها ويحاول ان يستقي كل المعلومات عنها ليروي ظماه لها .. ظماه المتجدد بلهفة لوجودها رغم كل مقاومته .. ردد بلا حول اسم علي وعيناه ترتفع الى الاعلى وقلبه يعلن جرحه الذي اصبح متجددا متقيحا منذ راها بعد كل هذه السنين ..وقف بصعوبة وهو ينوي التوجه الى علي لينفذ طلبها الاخير قبل ابتعاده ..
لم يكن يعلم سراج تلك المصبية التي وقع بها علي هو الاخر .. فلقد كان يقوم بعمل صديقه سالم الذي اعتذر لاسباب شخصية عن العمل فاخذ مكانه بتنظيف الطابق الرابع .. وهناك راها تجلس بضعف امام لوحتها الهندسية وقد غسلت دموعها وجهها رغم تخطي الوقت للساعة الثامنة ليلا .. حاول تجاهلها والابتعاد عنها الا ان روحه لم تسمح له ودموعها تالمه بشكل غريب .. اقترب منها وطرق باب حجرتها المشرع بلطف كي لا يخيفها قائلا ( سيدة علا .. هل انت بخير .. )
في لحظة واحدة ما ان راته حتى انتفضت واقفة وهي تسال بارتجاف ( انت .. مالذي تفعله هنا .. هل تلاحقني .. مالذي تريده مني )
حرك علي راسه بالرفض مشيرا الى بطاقته التعريفية ( كلا سيدتي .. لا احد يلاحقك فانا اعمل هنا كما ترين (..
نظرت علا الى ذلك الشاب الواقف امامها والذي مثل قمة احلامها في تلك اللحظات .. لاسبوع كامل وهي تحلم بسقوطها وهو ياتي لانقاذها كملاك .. لاسبوع تعلقت به كمجنونة تبحث عن قشة .. غضبت من نفسها لاوهامها ولكن .. ان تراه يقف امامها هكذا اغضبها اكثر لانه تسلل الى داخلها وزرع امل غريب في قلبها لتثق بالناس بالرغم من كل غدرهم بها .. تسائلت بحدة ( اين سالم ؟ )
راته يقف بنفاذ صبر مجيبا ( انه في اجازة لاسباب شخصية .. ان كان كل شيء بخير ساتركك لاتم عملي بالشركة ) ا
شارت اليه بيدها فلم تشأ ان يشهد انهيارها للمرة الثانية واولته ظهرها ..لحظات مرت علمت من خلالها انه غادر .. ارادت المغادرة هي الاخرى ولكن .. للمرة الثانية تشعر بهذا الامان الذي يداعب قلبها بوجوده .. امان وتفاؤل تحتاجه لتواجه عالمها .. قطع تأملاتها صوت هاتفها فاجابت بسرعة ( اجل .. مالذي تريده يا اياد .. الا يكفيك ما قمت به حتى الان وكيف اهنتني امام عشيقتك .. كلا لا تحضر .. لا اريد ان اراك .. اتفهم .. لاااريد )
كانت تصرخ بهستيرية وقد ارتجفت اعصابها بجنون .. التفتت لتجد علي يقف امامها وعلى ما يبدو انه سمع كلامها .. وصل حرجها وجنونها للذروة وهي متاكدة انه سيوبخها مرة اخرى ولكنها تفاجات بسؤاله المؤدب (اعذريني ان قاطعتك سيدتي ولكني اردت ان ... )
لم تحتمل ادبه .. لم تحتمل رسميته .. ارادت ان تكسر كل الحواجز ليوبخها ويوقظها على حقيقة هذا العالم الحقير .. لينشلها من ضعفها كما فعل في تلك المرة .. اجل .. انها تريد هذا بقوة .. صفقت بسخرية مجيبة ( ماذا .. هل عندما علمت اني مديرة الشركة تغيرت كلماتك واصبحت تراني انسانة تستحق ان تحادثها بادب )
نظر اليها علي بذهول ممزوج بالغضب وقد احنقه سخريتها المغرورة التي لم يتوقعها فاراد ان يهينها كما فعلت فلم يخلق بعد من يظن نفسه افضل منه فالجميع عباد الله في الارض اجابها بكل عنجهية ( هل تعتقدين ذلك .. اذن اعذريني لاني ساخيب املك فكل ما اردته ان اطمأن انك بخير بعدما صرخت هكذا .. اما ما قلته في ذلك الوقت فتستحقينه اضعافا فيبدو انك متكبرة لم تشكر منقذها على ما فعله .. عن اذنك )
كلماته اشعلتها واشعرتها بالحياة .، بانها انسانة يهتم بمشاعرها غيرها .. انسانة يحاولون التاكد بانها بخير دون ان يكون لهم مصلحة من وراء ظهرها او يشمتون بها بعد ان ينافقوها .. ارادت ان تعبر امامه بصراحة بكل ما يعتمل بداخلها من ضعف والم وعجز .. ارادت ان تنفجر امامه وتريه قوتها .. صرخت (انت .. كيف تجرؤ .. كيف تكلمني هكذا .. انا لا احتاجك ولا احتاج لغيرك و .... ااااه.. مالذي حدث )
صرخة عالية صدرت منها اثر انقطاع الكهرباء تمتم علي اثرها محاولا تهدئتها ( لا تقلقي لن يتأخرو قبل ... مالذي تفعلينه)
تفاجأ بها ترتمي في احضانه مخفية وجهها وجسدها ينتفض بعنف كبير قائلة بلهثات .. ( انا اعاني من رهاب الظلام .. ارجوك .. ارجوك لا تتركني .. ارجوك ) كانت ترجوه بانفاس ممتقعة تسارعت لتحاول التقاطها بعنف من لا يتحكم بجسده .. كانت تردد بهستيريا ووجها يندس اكثر في صدره محاولة ابعاد الظلام عنها والشعور بالامان .. ذكريات غرقت بها منذ طفولتها عندما تم اختطافها وحبسها بمكان مظلم كانو يسمعونها فيه اصوات اناس تتعذب .. اخذت تصرخ بجنون خافت ووعيها يتراجع ببطء ( ارجوك لا تعذبني .. ارجوك اتركني ارحل .. لا تقتلني ) مرت لحظة كادت ان تفقد كل ادراك حولها فترنحت الا ان يد قوية اسندتها ضمتها بقوة امنة وصوت حنون ينبعث في اذنها مهدئا ( ششش لن يلمسك احد .. اعدك .. اهدئي .. اهدئي يا صغيرتي ..اغلقي عينيك فهذا ليس ظلام .. انه الليل فقط .. بقمره الجميل .. موعد النوم )
راحة مجنونة تسللت بغدر اليها وهي تنفذ تعليماته ضامة اياه بقوة اكبر اكبر .. مرت لحظة شعرت انها مست السماء بسكونها الجميل قبل ان ينقطع كل شيء وكل احساس انتابها مع تلك الاضواء التي غشت عينيها .. اضواء جعلت عينيها ترفرف بانزعاج وروحها تعترض مع شعورها بابتعاد مصدر امانها .. بدات تلتقط انفاسها بالتدريج ووعيها يعود اليها ببطء مع صوت علي القلق ( سيدة علا .. علا .. هل انت بخير .. اجيبيني يا علا .. تنفسي .. لقد عاد كل شيء )
مرت لحظات قاومت بها ابتعاده وقد زادت من تشبثها به .. عاد صوته القلق يوقظ خلايا تفكيرها ( ارجوك اجيبيني .. هل اتصل بالمشفى .. علاا .. انظري الي .. افتحي عيناك )
ابتعدت ببطء وقلقه يعيد اتزانها .. رفعت راسها عن صدره وابتدأت بفتح عينيها لتظهر صورة وجهه امامه وتتضح بالتدريج .. كان يسندها من اكتافها وقد استندت اكفها على صدره سامحة لها ان تسمع نبضات قلبه المتقافزة قلقا .. راته يزفر انفاسه بقوة متنهدا ( واخييرا .. هل انت بخيير )
حركت راسها ببطء ولكن قاطعها صفقة ساخرة وصوت تكرهه وتتمنى موت صاحبه (اووه .ياله من مشهد جمييل .. مالامر يا زوجتي .. هل وجدتي لنفسك عشيق يشبع حاجياتك بعد ان حرمتني من لمسك .. لم اكن اعلم انك تستخدمين الشركة كعش غرام .. وانا الذي كنت اتساءل عما تفعلينه بشكل يومي فيها الا منتصف الليل )
انهى كلامه في نفس اللحظة التي ظهر بها شخص اخر طارقا الباب الخارجي وعيناه تحط على الموجودين قبل ان تتثبت على علي لتنقلب الى ازدراء وهو يرى طريقة امساكه لعلا الا انه قال بصوت ثلجي ( اعذرني يا سيد علي .. زوجتك وابنك في المشفى .. فان كنت انهيت لهوك وخيانتك فالافضل ان تذهب اليها )
انتهى ... الفصل الثالث ساقوم بادرتجه باذن الله خلال يومين




حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-17, 09:14 PM   #27

أميرة الوفاء

مشرفة منتدى الصور وpuzzle star ومُحيي عبق روايتي الأصيل ولؤلؤة بحر الورق وحارسة سراديب الحكايات وراوي القلوب وفراشة الروايات المنقولةونجم خباياجنون المطر

 
الصورة الرمزية أميرة الوفاء

? العضوٌ??? » 393922
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 11,306
?  نُقآطِيْ » أميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond repute
افتراضي


إذن هذا ما حدث بالماضي بين أدهم وأسيل ..
هي قست على صديقتها واعتبرتها خائنة لأنها تزوجت الرجل الذي تحبه ..
لم أفهم موقف أسيل من صديقتها وقسوتها وهي من أنكرت حبها له ،وأكدت لها أنها لا تكن له أي مشاعر ..
فلماذا تصرفت معها بتلك الطريقة وقطعت علاقتها بها ..
وتعلم عن رغبته بها ،وتقدم لها ورفضته ..
لذلك تزوج من صديقتها حتى يؤلمها لأسيل لأنه كان يشعر بحبها له ..
المهم صديقتها توفيت ..وأدهم عاد بعد غياب 8 سنوات ومشاعره اتجاهها لم تخبو أبدا بل تأجج شوقه لها أكثر ..
فهل سيحصل على فرصة ليبثها حبه واشتياقه ..؟
أم أن أسيل لها رأي آخر ..

سراج والكلام الجارح كل مرة يلتقيها يذكرها بالحال الذي كانته وما أصبحت عليه الآن ..
ولا يعلم بمعاناتها ..فضائح واتهامات وسجن رغم براءتها ..
لا يعلم أنها ضحت من أجله كما تقول ..
لا يعلم أنها أحبته ومازالت تحبه ..
وصدمة قوية لها بمعرفتها أنه تزوج ولديه ابنة ،يعني عاش حياته بشكل عادي ..
ماذا سيحدث مع علي وعلا بعد أن رأى زوجها (الخائن) مشهدهما ذاك ..
وطبعا فسره على أنها تخونه ..
لهذا تحرمه من حقه بها ..
بانتظار القادم ..
..


أميرة الوفاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-17, 07:53 AM   #28

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الوفاء مشاهدة المشاركة

إذن هذا ما حدث بالماضي بين أدهم وأسيل ..
هي قست على صديقتها واعتبرتها خائنة لأنها تزوجت الرجل الذي تحبه ..
لم أفهم موقف أسيل من صديقتها وقسوتها وهي من أنكرت حبها له ،وأكدت لها أنها لا تكن له أي مشاعر ..
فلماذا تصرفت معها بتلك الطريقة وقطعت علاقتها بها ..
وتعلم عن رغبته بها ،وتقدم لها ورفضته ..
لذلك تزوج من صديقتها حتى يؤلمها لأسيل لأنه كان يشعر بحبها له ..
المهم صديقتها توفيت ..وأدهم عاد بعد غياب 8 سنوات ومشاعره اتجاهها لم تخبو أبدا بل تأجج شوقه لها أكثر ..
فهل سيحصل على فرصة ليبثها حبه واشتياقه ..؟
أم أن أسيل لها رأي آخر ..

سراج والكلام الجارح كل مرة يلتقيها يذكرها بالحال الذي كانته وما أصبحت عليه الآن ..
ولا يعلم بمعاناتها ..فضائح واتهامات وسجن رغم براءتها ..
لا يعلم أنها ضحت من أجله كما تقول ..
لا يعلم أنها أحبته ومازالت تحبه ..
وصدمة قوية لها بمعرفتها أنه تزوج ولديه ابنة ،يعني عاش حياته بشكل عادي ..
ماذا سيحدث مع علي وعلا بعد أن رأى زوجها (الخائن) مشهدهما ذاك ..
وطبعا فسره على أنها تخونه ..
لهذا تحرمه من حقه بها ..
بانتظار القادم ..
..
بالتاكيد كلو هتلاقي اجوبتو ..
بالنسبة لاسيل هتتفهمي طبيعة رفضها بعد ما تعرفي اسبابها بس هي بالفعل ندمت على قسوتها عرفيقتها
سراج وسما قصتهم اعقد من موضوع زواج الاتنين من ناس تانين
علا شي طبيعي زوجها ينكد عليهم بس ياترى هل علي هينجر للعبتو ؟


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-17, 03:53 PM   #29

Hamousa

? العضوٌ??? » 399409
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 16
?  نُقآطِيْ » Hamousa is on a distinguished road
افتراضي

الف مبروك حبيبتي الرواية تحفة و مكتملة من كل الجوانب
برغم من انها تجربتك الاولى بس ما شاء الله كان النجاح حليفك كتير شديتينا و علقتينا بكل الشخصيات
كتير متحمسة لتقدم الاحداث و تطور الشخصيات
اسلوبك لا يقاومك و خيالك بياخدنا على دنيا تاتية
من الجيد انك موجودة حبيبتي و ان شاء الله بالتوفيق و من نجاح لنجاح يا رب


Hamousa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 09:03 AM   #30

سيلاسادن
 
الصورة الرمزية سيلاسادن

? العضوٌ??? » 357258
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » سيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond reputeسيلاسادن has a reputation beyond repute
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

سيلاسادن غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.