آخر 10 مشاركات
260 - غجرية بلا مرفأ - رينيه روزيل ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          روايات بتحبوها كثير وانامعاكم (((دليل الروايات حسب الاحداث))) (الكاتـب : fabiola - )           »          75 - أرياف العذاب - آن ميثر - ع.ق ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          ذكريات سجينة (69) للكاتبة: أبي غرين (الجزء الثاني من سلسلة الشقيقان) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          261 - عروس الوقت الضائع - رينيه روزيل (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          صراع الحب (32) للكاتبة الرائعة: زاهرة *كاملهـ[مميزة]ــ* (الكاتـب : واثقة الخطى - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          215 - لعبة الحب والحياة - بيتانى كامبل - مكتبة مدبولى ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          600 - مع الذكريات ( عدد جديد ) - ق.ع.د.ن*** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree71Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-10-17, 05:50 PM   #41

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جدران صمت الهوى (الفصل الثالث / القسم الاول )



ملاحظة هامة وتنويه ..
اول امراة مصرية استلمت رخصة الطيران هي لطيفة وكانت في عام 1933 وتلتها بعد عدة سنوات الكابتن عزيزة محرم التي اصبحت رئيسة معهد الطيران المصري في الخمسينات كما انه بالفعل يوجد كابن طيار فتاة في مصر ولكن عددهم محدود جدا بحيث يصل من 15 ل 20 كابتن مقابل اكثر من 2000 كابتن ذكر وغالبهم قد وجدو معاناة لاثبات ذاتهم وان لم يكن يوج اي قانون يمنع الدراسة ككالتن طيار للانثى كما ان اول كابتن طيار للرحلات الطويلة عابرة المحيطات كانت الكابتن ماجدة مالك وقادت طائرة 777 بعد 2008
قصة نسمة هي من وحي الخيال احببت ان اطرح من خلالها معاناة اي امراة في اقتحام المهن المخصصة للذكور وكيف يتحكم الحلم بالانسان وهل حقا ستتمكن من تحقيق ما تريد وهل هي على حق باصرارها على هكذا مهنة صعبة ؟

جدران_صمت_الهوى
الفصل الثالث ..
القسم الاول
صمت ساد المكان وانظار تبادلها الجميع اختلفت نوعيتها وتمازجت .. ما بين الصدمة والذهول والخيبة والازدراء والاستنكار والشماتة والخوف .. مشاعر طغت على المكان بذبذبات متفاوتة .. حاجز كثيف من سوء الفهم ترسخ في العقول قطعه تساؤل علي المذهول ( لم افهم .. عن اي زوجة او ابن تتحدث )
كان قد التفت بكليته الى سراج موليا ظهره لعلا ومتجاهلا زوجها ليعطي نفسه مساحة من التدارك بعد ما سمعه .. راى نظرة الازدراء تزداد حدة في عيني سراج بشكل اسقمه وحيره لينفك الغموض مع كلمات سراج المشبعة بالاستنكار ( لا تقل انك تنسى زوجتك في اللحظة التي تريد لتمارس على غيرها من النساء سحرك الفاسد .. اعذرني لاني افسدت مخططاتك ولكن زوجتك سما تحتاجك لان ابنكما بالمشفى )
للحظة غاب معنى كلمات سراج عن ذهن علي حتى انهى كلامه ليشهق متسائلا بلهفة ( ياللهي .. عماد بالمشفى .. مالذي حدث تحديدا )
اخذت يده تبحث عن هاتفه وصوت سراج يعلو بتاكيد ( اذن واخيرا اعترفت بان لك زوجة وابن .. كم هي مسكينة هذه الزوجة التي تتغنى بحبك .. ترى هل تعلم بخياناتك ام انها تظنك تشقى بالعمل مثلما تجعلها تعمل كخادمة ثم تخفيها .. هل تشعر بالخجل منها )
كان سراج يتكلم بلا حساب وشعور بالغضب العارم يكتسحه .. منظر سما وهي تتغنى بحبها للشخص الذي معها ورفضها لحبه مرارا وتكرارا رغم قبولها من لا يقدر ثمنها .. انفجار عاد به لنفس حنقه المشتعل عندما راها تزف الى ذلك الحقير ابن شريك والدها .. للحظة اراد ان يشبع علي ضربا مخرجا كل احباطه ومشاعره المكبوتة ولكن .. نظرة علي الصارمة وكلماته الحازمة القوية اخرسته ورمته في لجة من الحيرة والشك و .. الندم ... ( اعذرني سيد سراج .. فلو كانت سما زوجتي بالفعل وعماد ابني لما وجدت قوة بالارض تمنعني من الفخر بها وتكريمها بل وساكون انا المحظوظ بهذا مئة مرة لان امراة مثل سما تستحق ان يتوجها المرء ملكة على عرش قلبه .. ولكن علاقتي بسما علاقة اشخاص جمعهم الدهر و المصائب فقررو ان يتحدو ليتمكنو من الصمود .. وهي بالمناسبة علاقة لا تعني لك شيء فانت خارج المعادلة كما اصبحت خارج حياة سما لذا .. ارجو ان تريحها من تواجدك وكلامك الذي يؤذيها وتحتفظ بانتقامك بداخلك .. بصراحة .. لا اراك رجلا فيما تفعله معها خاصة انك متزوج .. ولا يقذف الناس احد بالحجارة وبيته من الزجاج .. والان اعتبر ما قلته تحذيرا مني لتبتعد عن سما والا لن يكون مآل حوارنا الاخر بهذا التمدن بل ستتحدث قبضتي التي سازين بها وجهك ان بقيت تتعرض لها .. عن اذنك ساذهب لاقفل البنك .. ) ثم التفت علي بعدما انهى كلامه الى علا التي كانت تقف وقد ارتسم التشوش والحيرة على ملامحها ليرفع يدها ويضع المفتاح الذي اخرجه من جيبه قائلا ( اعتقد انك لن تعترضي على عدم تنظيفي المكان فيبدو انه مزدحم اكثر من اللازم وقد اختنقت .. اتمنى ان تعطي المفتاح للحرس الامني عندما تنهي حوارك مع ضيفك )
التفت ينوي الخروج وقد ازداد اختناقه من كل الاجواء الا ان صوت اياد استوقفه بتساؤل ثلجي محتقر ( من اذن لك ان تغادر وانا لم انتهي من حديثي معك .. اتظن ان ما فعلته مع زوجتي وتجرءك على لمس ما هو ليس لك سيمر بلا حساب )
لحظة واحدة هي فقط ما فصلت ما بين تعقل علي وتحوله الى السخرية التامة والجنون الذي كان يهرب منه .. تنهد بنفاذ صبر قبل ان يلتفت الى اياد الواقف خلفه والذي آثر في البدء عدم التشابك معه كي لا يسمعه مالا تحمد عقباه .. عاد ليقترب ببطء منه مجيبا باستهزاء وقد لوح بيده بشكل انفجار ( بوووم .. اتعلم .. هذا بالتحديد هو ما كنت تبحث عنه .. ان تدلي بتصريح سخيف يجعل من امامك يخاف ويرتبك لتفرض حضورك الاسخف ولكن .. مع الاسف .. هذا لن يصلح معي فانا من الاشخاص الذين لا يخافون بسهولة بعد كل مامرت به من موت ودمار وخسارة كل ما هو قيم بحياتي .. ممم .. اتعلم اعتبرني خفت ان كان هذا سيريحك .. اما بالنسبة للسيدة علا فان فعلت كل هذا لتخيفها وتربكها فانت تحمل الامر فوق طاقته فهي ارق من ان تحتاج كل هذا العنف .. انها كالزجاج المهشم وكل ما عليك فعله هو اطفاء الاضواء لتنهار بالظلام و .. اووه اعذرني لاني فضحت الامر الذي يبدو من ملامحك جيدا انك تعلمه لذا بالتاكيد ادركت ما حدث قبل دخولك فلقد تعرضت زوجتك لنوبة ذعر مع الظلام وهذا سبب تشبثها بي اما ما تفعله بالشركة لوقت متاخر اعذرني فهذا يومي الاول والاخير فانا فقط اعوض عن مكان صديقي الغائب ولكن .. ) وصمت مقتربا اكثر حتى وقف امامه لينفض من على كتفه غبارا وهميا وهو يهمس بصوت جعله مسموعا ومشبعا بالاستهزاء والاحتقار ( لمجرد التعليق البسيط .. لو تواجدت انت بالبيت فاعتقد انها لم تكن لتتاخر ابدا اما وانك تلعب بذيلك في الخارج .. لذا يبدو انك تعتقد بان كل الناس مثلك.. عن اذنك)
تحرك سريعا ليغادر المكان دون ان يألو على شيئ فلقد اصابه المتواجدون بالغثيان .. ربما الوحيدة التي اشفق عليها قليلا هي علا فوجود شخص بهذه القذارة الى جانبها يعلل شعورها الدائم بالاضطهاد والوحدة .. ولكن رغم تعاطفه معها الا انه ايضا لم يستطع ان يشعر بالشفقة نحوها ..لم يعلم لما كان يستفزه ضعفها واستسلامها ... ربما لانه كلما شعر بضعف من حوله تذكر لحظة الضعف التي اصابته في حياته عندما راى عائلته تحت الانقاض .. كان قد خرج ليجلب لهم طعاما فعاد ليجدهم وقد دك المنزل فوق رؤسهم ..دقائق عاشها كالكابوس .. وهو يراهم يخرجونهم الواحد تلو الاخر ليصطفو امامه كجثث محطمة ومشوهة وممتلئة بالدماء ومع ذلك .. تلك الابتسامة التي راها ترتسم على شفاههم ورائحة المسك الذي شمه وهو يحتضنهم بوداعه الاخير لهم جعلته يصبر ويحتسب ويدعو لهم بان يلتحق بهم على خير حتى وارى جثامينهم خلف الثرى .. وهنا.. في تلك اللحظة.. هانت عليه كل مصائب الدنيا .. وشعر بالخواء يملأه وهو يفقد كل من يحبهم ويشاركونه كل لحظات حياته .. فمن بعدهم اذا ضحك فمن سيشاركه فرحته وان حزن من سيواسيه .، من سيخفف المه او من سيسانده امام ابتلاءات القدر .. من سيفخر به ومن سيعانقه بحنان .. اين هي دعوة والده له بالتوفيق وتربيتة امه على كتفه بفخر .. ابتسامة اخته بمشاكسة وضمة اخته الاخرى بحب .. من اين سيجد كل هذا وكيف ستعوضه الدنيا بعد هذا .. شعور اكتسحه جعله يرغب بالموت .. جعله يرى الدنيا زائلة امام عينه وقد انتهت من سجلات حياته .. كان شعوره يتعاظم وقد نوى ان يفجر كل شيء لولا رسالة بعثت اليه اعتبرها هدية من الله لتنير دربه وتعيده لطريقه القويم .. رجل عجوز قابله يود قطع الشارع فساعده .. نظرته التي التحمت بعينيه وتلك الخطوط التي رسمها الزمن على ملامحه مع شيب غزا شعره وهرم هد جسمه .. استند اليه وضمه بلا مقدمات قائلا ( اشكرك يا بني .. لقد فقدت ابني لاراه الان في كل شباب سوريا فياربي احفظك من كل سوء لتعمر هذه البلد التي ستنتهي الحرب فيها يوما وستبحث عن ابناءها وتناجيهم رضاهم ليبنوها مرة اخرى على اكتافهم رافعين راية عزها مرة اخرى ) .. كلماته رسمت له هدف حياته .. كلمات ذكرته بحلم عائلته .. وادرك وقتها طريقه الذي سيسلكه لينال رضاهم ويلتحق بهم .. اجل .. سيتعلم ويعمل ويحارب كل الحواجز وينتظر بصبر بلده الحبيب لتنتفض من الحرب وتبحث عمن يلملم جراحها ويداويها .. لقد قرر في ذلك الوقت ان يعتبر كل العالم موطنه وكل البشر عائلته .. وبالفعل عوضه الله بسما واسيل ليجد فيهم خير ونيس لمصابه وخير سند لايامه فكانتا الاختين اللتان تمناهما في هذه الدنيا وقد جمعهما وحدتهما وحاجتهما واخلاصهما .. لذا كان حنقه مضاعفا من سراج .. كيف يسمح لنفسه ان يتواجد امام سما بعد كل ما قاله لها .. ما فعله حتى الان في نظر علي ينافي الرجولة فبدل تقليبه المواجع عليها كان الافضل ان يحفظ ما كان بينهم من ود فاما ان يبتعد عنها او ان يعتذر لها .. زفر انفاسه بقوة غاضبة وهو يترجل من سيارة الاجرة ليرتقي درجات المشفى الامامية بسرعة .. في غمرة استعجاله الحانق لم ينتبه للرجل الذي كان امامه فصدم كتفه الا انه اعتذر ولم يتوقف ليراه بل اكمل خطواته السريعة .. لم يسمع تمتمة الرجل الحانقة باثره ( انتبه .. الا ترى .. يبدو ... ياللهي انه .. هو )
مرة اخرى كان ظهر علي هو كل ما راه ادهم اثناء مغادرته من المشفى بعد ان اوصل اسيل واطمأن عليها .. حاول البقاء معها الا انها اصرت على رحيله خاصة انهم بصدد الاعدادات النهائية للبرنامج .. عندما راى علي شعر بالغضب يجتاحه وبالرغبة في العودة ليقف بجانب اسيل الا انه تذكر كلامها .. عندما شبهتهم بمثلث برمودا .. فلا احد يعلم ما بداخله الا انهم يتكاثفون ليقفو بوجه العالم باسره .. لذا تراجع .. فمازال مبكرا عليه اختراق هذه الرابطة التي تبدو اواصلها اعمق مما يظهر .. تحرك بخفة الى حيث اوقف سيارته وركبها ليقودها بسرعة معتدلة وعقله يسرح بذكريات لم يتمكن يوما من نسيان ادق تفاصيلها .. لقد كانت معرفته باسيل كمجلد للاحداث ابتدأ منذ خولها الجامعة .. ذلك المساق الذي قام بتدريسه لها كان اول الابواب لتعرفهما وتناحرهما .. لقد غدا وجودها بالمحاضرة كترياق يبعد عنه ملل ورتابة الامر .. نقاشاتها وجدالاتها وقناعاتها جعلتاه دوما ما يحترم رايها و يقتنع بحجتها .. كانت مثالا للمثابرة والدقة والحماس الملتهب الممزوج بالتهور كما كانت تملك فطرة ادارة اي حوار بتمكن يحسدها عليه كبار الصحافيين .. ومع ذلك لم يحاول طوال تلك الفترة ان ينقل علاقتهما خارج نطاق الاستاذ وتلميذته المجتهدة المشاكسة كي لا يخون ضميره ومبادئه
في عامها الثاني لم يحدث اي احتكاك ظاهري بينهما سوى بعض اللقاءات السطحية في باحة الجامعة ..ولكن شهد عامها الثالث ولادة علاقتهما فلقد عملا سويا على مشروع قدماه في المؤتمر الصحفي الاحتفالي في الجامعة والذي اقيم بمناسبة مرور عشرون عاما على افتتاح كلية الصحافة فيها... ومن هنا كانت البداية ... بداية عشق حمله بكل شغف لها حتى هذا اليوم .. عشق حاول التخلص منه كداء ومع ذلك ترسخ بقلبه كدواء حتى بعد زواجه .. عشق اعترف لها به في لحظة ضعفها ... توقف بسيارته عند الساحل وترجل ليقف امام سور النيل .. صدمه الهواء المشبع بعبق ذرات المياه المصاحب لصوت اصطدام مواجات النهر على الساحل الممتد .. اجواء اغرقته اكثر في ذلك اليوم .. كانا قد انهيا تسجيل مقابلة مع فتاة تعرضت للكثير من كل الاشخاص الذين حولها وما جريمتها سوى انها جميلة ... زوجها اهلها لمن يكبرها بثلاثين عاما لتكون ضحية لاستغلاله لها وهي لا تتعدى الخمسة عشر عاما وكل ذلك ليقبضو ثمنها وينسوها كليا .. وهناك عاشت مهانة الجانب مكسورة الطرف مضروبة الجسد كي لا تتمكن من الاعتراض على اغتصاباته المتكررة لها .. وليزيد الامر سوءا ويتجاوز العقل المنطق تقع ضحية ابن زوج سافل وجدها لقمة سائغة لتفريغ شهواته هو الاخر واشباع روحه المريضة من جمال ليس من حقه اصلا .. وليمعن في الاذلال فيعرضها على اخوته كسبية حرب بعد وفاة زوجها لتصبح ملاذ كل من سولت له نفسه اشباع رغبته الحيوانية ممعنين خلال ذلك بضربها وتعذيبها واجبارها على التنازل عن حقها في الارث .. اكتملت الصورة في النهاية مع حملها ممن لا تعرف مما جعلهم يتكالبون عليها لتجهض جنينها بعد ان تم تعذيبها بلا رحمة حتى كادت ان تزهق روحها .. وعندما نجحت اخيرا بالهرب من هذا الجحيم اتهموها بالجنون وحبسوها بمصح نفسي حيث اكملو تعذيبها بالكهرباء حتى اخرجوها وقد غزا السرطان جسدها في مرحلتها النهائية للوفاة .. وقتها كانت المرة الاولى التي يرى فيها ادهم اسيل منهارة .. دوما ما كانت امامه قوية ومعتدة وجريئة الا انه تفاجئ بنوبة بكائها الهستيرية عندما وصلو الى مكتبه .. لم يعلم ما عليه فعله ليحتويها فحاول التربيت على اكتافها.. اذهله تشبثها بتلابيب قميصه ورجاؤها الحار امامه لتلغي كل تعقل يمتلكه .. رجاء يتذكر كل حرف به .. ( ارجوك .. اخبرني ان الدنيا لازالت بخير وان هناك اناس يسعون الى العدل ويحققونه ... اخبرني بان هذه الفتاة ستجد الراحة اخيرا بموتها .. اخبرني ما ذنبها وذنب غيرها من المئات اللذين يتعرضون مثلها للكثير ويضطرون للسكوت من اجل مجتمع تفنن في نسيان مبادئه واخلاقه وامعن بالرذيلة والضياع ... اخبرني بان جناتها سيعاقبون ليكونو عبرة لكل من سولت نفسه له ان يتجرا على حق انثى فينتهكها ويغتصب ابسط حقوقها بالعيش الكريم .. اخبرني باني ساكون امنة وسط تلك الغابة التي نعيش فيها بلا سند .. بلا حماية .. بلا امل بمستقبل مشرق نورثه للجيل القادم .. ارجوووك .. اخبرني ... ارررجوووك )
وقتها .. كل ما استطاعه ليستجيب لصرختها المستنجدة هو القسم امامها .. احتوى وجهها بين يديه ولامس جبهتها بجبهته مقربا وجهه لها حتى غدت شهقاتها اللاهثة بخوف مداد رئيتيه من الهواء .. التحم عسل نظراتها مع زيتونية عينيه وهو يقول بكل عشق الدنيا ( اقسم يا اسيل ان افديك بروحي ولا اسمح للهواء بان يمسك بسوء .. اقسم ان احاول بكل مجهودي ان اجعل العالم افضل وان اكشف كل ما يقابلني من فساد حتى وان عنى ذلك حياتي .. ساحاول بكل مجهودي ان اقدم عالم افضل لابناءنا .. وساكون طوال الدهر سندك يا حبيبتي .. اسيييل .. انا اعشقك لحد الجنون فلا ارى الكون الا بعيناك .. فاسمحي لي ان اشاركك دنياكي واقبلي بي )
لم يتمكن من منع نفسه من مس شفاهها بلا سيطرة منه وقد ذاب كل كيانه في محراب غرامها .. وفي خضم اعصار مشاعره لم يتوقع ردة فعلها المجفلة عليه .. ابتعادها السريع عنه وذعرها المرعوب وهي تتمتم ( كلا يا ادهم.. ارجووك ... انسى كل ما قلته لي ..ارجوك .. دعنا نعود كاصدقاء فقط ) ..
عندها انتفض متسائلا بحرقة وقد المه رفضها لاعترافه ( لم .. لما يااسيل انسى ما يفيض بقلبي .. اعتذر لاني تجاوزت حدودي معك للتو ولكن الله يشهد على نواياي وان اردت فانا مستعد للذهاب اليوم الى اهلك لاطلبك زوجة لي على سنة الله ورسوله .. ولكن .. ارجوكي .. لا تطلبي مني النسيان او العودة لعلاقة الصداقة التي ما كانت الا كستار اخفيت فيه غرامي لك )
ما ان انهى كلامه حتى تفاجئ بالهستريا التي اصابتها وبالغضب الذي انفجر منها وهي تجيب ( ان لم تستطع العودة للصداقة يا ادهم فاعلم ان كل شيء بيننا سينتهي فاخر ما افكر به هو الزواج او الحب وهذا نهائي .. ليس فقط لك بل لكل الرجال .. فان لم تقبل بهذا فاعتبر كلامنا كوداع بيننا ) وغادرت مكتبه امام انظاره الذاهلة وقد حرقت قلبه بكلامتها التي اضطر ان يمتثل لها بشكل مؤقت كي لا يحرم وجودها بجانبه متظاهرا عودته لصداقتها فقط كي يتمكن من فهمها اكثر ليستوعب رفضها الكلي للزواج قبل ان يعيد اصراره على الحصول عليها .. انتشله من الماضي صوت مكابح سيارة مسرعة جعلته يدرك تاخر الوقت .. نفض راسه من بقايا احاسيس عادت لروحه وركب بسيارته وقد امتلأ بعزم اقوى ليفهم اسيل اكثر .
كان اليوم التالي عبارة عن سلسلة من العمل المارثوني ليكون كل شيء على اكمل وجه قبل الانتقال لبث اولى حلقات البرنامج بشكل مباشر حصري .. بعد مرور ساعتين راها تدخل الاستديو بهمة وقد اضاءت شفتيها ابتسامة حماسية .. سمع مزاحها مع مهند فتضايق لانه لم يكن اول من خاطبته بهذا الصباح .. راها تمسح بعينيها المكان وكانها تبحث عن شيء وما ان حطت نظراتها عليه حتى ابتسمت بدورها و بدات بالتقدم باتجاهه .. وقف ليستقبلها ومد يده ليصافحها فلقد اشتاق ملمسها .. كشرت بلطف مستغرب ناظرة الى يده قبل ان تمد يدها مصافحة وهي تقول ( اهلا استاذ ادهم .. واخيرا جاء اليوم الموعود .. اتمنى النجاح للجميع فلقد تعبنا حتى نقدم ما يريح ضمائرنا .. و.. احم اردت ان اشكرك على وقوفك الى جانبي البارحة )
رفع ادهم حاجبيه بمشاكسة وصورة الطفل الجميل ذو الشعر الاشقر والعينان الزرقاوان تداعب مخيلته و ان احزنه بشدة البارحة مظهره المتعب وامتقاع وجهه مع ازرقاق شفتيه اللاتي اختفتا خلف قناع الاكسجين وقد اسبل عيناه بالم ( لقد قمت بكل شيء لاجل عماد فلا تشكريني .. كيف حاله اليوم )
تغضن انفها بضحكة مكتومة مجيبة ( يال قلبك الكبير .. عماد سيكون ممتنا لنبل اخلاقك مع انه لا يعرفك ومع ذلك ساوصل له سلامك الحار .. انه بخير .. لقد تجاوز الازمة على خير واليوم سيخرج من المشفى )
حرك ادهم راسه بالموافقة مجيبا بسرعة وهو يلوح لاحد العاملين الذين جاؤو ليستدعونه ( حسنا هذه اخبار رائعة اتمنى له الشفاء العاجل .. سنتكلم بعدما ننتهي اما الان فلتذهبي لتستعدي لدورك وتقديمك ... اسيل انا اثق بك فحظا موفقا لك )
تركها وابتسامتها تتسع وقد ازدادت حماسا للبرنامج وهي تراقب النشاط حولها .. رغم ارهاقها الناجم عن سهرها في اليوم السابق بالمشفى مع سما حتى تجاوز عماد مرحلة الخطر وعاد لتنفسه الطبيعي .. تنهدت بقلب متالم على حال حبيب قلبها .. لقد اخبرتها امها انه كان قد ابتدأ بالتعب بعد عودته من دورة السباحة عصرا لينهار في النهاية بالليل .. اخذت اسيل تعتذر لسما بالحاح الا ان الاخيرة وبختها لاعتذارها فهي تعلم ان هذا ليس بسببها او بسبب اهمالها انما هي مناعة ابنها الضعيفة بعض الشيء والتي سببها الاحوال السيئة التي ولد فيها بالسجن وقد ادت لاصابته بالتهاب رؤي حاد لم يتم علاجه بشكل كامل فساهم مع الرطوبة المنتشرة بين جدران الزنازين على تاسيس الربو بصدره مما جعل سما تشعر بالذنب المتكرر نحو ابنها .. نفضت اسيل نفسها لتركز بعملها فلقد اقترب موعد البث .
مر الوقت سريعا قبل ان تعلن حالة الاستنفار في الاستديو مع بدء الحلقة .. لم تستطع اسيل رفع عينيها عن ادهم وهو يقف بكامل اناقته مرحبا بالجميع بصوته الجهوري الجميل .. وبلا ارادة منها غرقت مع كلامته وقد ابتدأ بتقديم اسم البرنامج وهدفه ورسالته .. ليست وحدها من خضع لسحره بل الجميع وقف ينظر له وهو يتكلم بكل ثقة ( اعزائي .. اليوم وبعد طول انتظار منا وشوق لمقابلتكم نعلن عن بدء برنامجنا الحواري .. كاريوس .. بالطبع جميعكم استغربتم الاسم ولكن .. اذا علمتم المعنى بطل التساؤل بالفعل .. ) وتوقف للحظة وفضول من حوله يتضاعف قبل اشارته للوحة ظهرت خلفه لرسم مثل نحت رجل يقف منحنيا وقد امسك بخصلة واحدة من شعره هي كل ما يملك في راسه الجرداء من غيرها ..اضاف بهدوء مشوق ( هذا هو كاريوس .. الهة الفرصة الواحدة ... بالطبع نحن لا نؤمن الا بالله رب العباد ولكن .. ما اريد الوصول اليه هو مصطلح الفرصة الواحدة .. فكما نرى هنا تلك الخصلة من الشعر تمثل الفرصة الوحيدة التي يجب ان نتشبث بها لاننا عندما نفقدها لن نجد ابدا ما يعوضنا اياها .. في برنامجنا نسلط الضوء على اؤلئك الذين حرمو حتى من هذه الفرصة الواحدة لنمنحهم اياها علنا نريح ضميرنا قليلا مما تعرضو له من ظلم في دنيا لا ترحم الضعيف وتفترس الهزيل .. واليوم اخترت لكم كبداية موضوع قد يعتبره البعض بسيط ولكني اراه عميقا جدا فضحاياه هم بذرة الجيل القادم التي اما ستبني بلدنا او .. ستهدم العالم فوق رؤوسنا .. انه العنف الموجه لطلاب المدارس .. قد يعتبر البعض ان الموضوع مبهم ولكني ساحاول اختصاره في بضع عناوين .. عنف مسؤولي المدرسة .. عنف طلاب المدرسة .. عنف الاهالي بما يتعلق بالمدرسة .. وكي اكون اكثر وضوحا ساضرب مثالا حيا .. )
عاد للصمت مشيرا بيده ليظلم المكان وتبرز شاشة العرض على اول تقرير بدأ بصوت اسيل مع كاميرا تلاحق طفل لم يتجاوز العاشرة .. ابتدأ الامر بصراخ امه عليه ليستيقظ كي يلحق بالمدرسة ثم جذب اذنه من قبل اباه عندما ذهب اليه ليطلب مبلغا ماليا ليشتري كراسة جديدة تبعها توبيخه المفتعل له بانه مهمل ولا يحافظ على اغراضه الدراسية وبانه لن يجلب له شيئا فهو لا يجلس على تل من النقود .. انتقلت بعدها الكاميرا مع الطفل الذي زاحم رفقاءه كي يدخل الى المدرسة فدفعه احد الطلاب الاكبر عمرا باستهزاء تسبب بسقوطه على قدميه وشق بنطاله من عند ركبته مع تدافع الطلاب امامه مما تسبب بتدحرج حقيبته بين ارجلهم .. في النهاية وقف الطفل بصعوبة واخذ حقيبته الملوثة بالرمال وقد شقت من احد اطرافها شقا صغيرا جعله يشهق بالم وعيناه تدمعان بخوف لينقطع وقوفه مع صوت جرس الحصة مما جعله يركض الى فصله الذي ما ان دخله وراه الاستاذ بهذا المنظر المغبر حتى وبخه بقسوة وانزل عليه عقابه بالمسطرة لعدم اهتمامه بنظافته كما اوقفه باخر الفصل سامحا لزملائه بالسخرية منه خاصة بعدما اخرج المعلم كتب الطفل الممزقة ليزداد في توبيخه واطلاقه لنعوت تتهمه بالبلطجة والفشل والغباء .. وتوقف عندها التقرير مع عودة الاضاءة الى حيث جلس ادهم بوقار مشيرا بالم لملامح الطفل الذي ثبتت عليه الصورة وهو يسمع توبيخ معلمه ونعته اياه بابشع الصفات .. علا صوت ادهم المتعاطف قائلا ( والان .. اعتقد ان هذا يحدث يوميا .. ليس بالضرورة كله .. انما جزء منه .. او حتى كله .. لو نظرنا للحظة لهذا الصبي الذي لم يهتم احد فيهم بالسماع له .. او محاولة رؤية مشاعره وبراءته الطفولية .. بدءا بام لم تحاول ايقاظ ابنها بحنان واشعرته بان المدرسة عقاب وسجن يجب ان يذهب اليه .. انتقال لوالد اثقلته الديون فلم يحاول فهم سبب طلب ابنه لكراسة جديدة ملقيا بذنب فقره على طفل لم يفعل شيئا سوى انه طالب بحقه البديهي من والد المفروض انه مسؤول عنه ماليا .. وبعدها تبعها تزاحم بين طلاب المفترض ان يتواجد معلم ينظم عملية دخولهم خاصة مع وجود اعمار كبيرة وصغيرة مما يسمح بظاهرة التنمر والاستفراد بالظهور واخيرا .. استاذ لم يتحرك قلبه للحظة ليتساءل ما سبب قدوم الطالب بهذه الطريقة المغبرة بل سارع لعقابه واتهامه بالاهمال رغم حاجة الصبي الشديدة في هذا الوقت لمن يحتويه ويقلل خوفه من والده الذي بالتاكيد سيوبخه لفساد حقيبته .. الجميع هنا عامل الصبي كمتهم ناعتينه بابشع الصفات .. جميعهم بلا استثناء تسببو بكبت مخيف في روح بريئة المفترض ان يقابلها الجميع بالحب والفرحة .. والادهى اعادة لقب فاشل وسارق وبلطجي عليه كترسيخ في عقله اللاواعي لحقيقته التي يجب ان يكونها ليحمي نفسه من الظلم والقهر الذي وقع عليه بممارسة من حوله العنف المتدرج .. كل هذا برايكم مالذي سينتجه في النهاية .. يعني وكاننا بدل ان نعلم الطالب كيف يكون ناجحا بعد المدرسة نعلمه كيف يكون مجرما عندما يكبر .. اعلم ان الجميع سيسالني لم اخترت بيئة المدرسة لموضوعي فالعنف ضد الاطفال ظاهرة عامة تشمل العديد من الاماكن كالمنزل والشارع وغيره ... ربما لو اخبرتكم اني حددت المدرسة لان دورها في هذه النقطة انقلب من مكان للتربية والتعلم والاخلاق الى مرتع للعنف والفساد .. برايكم هل انا متحامل على جهة معينة .. دعونا نرى ) توالت بعد ذلك التقارير التي اعدوها كفريق للبرنامج .. لقاءات قامت بها اسيل مع معاونيها مع طلاب في الاحداثية قامو بجرائم مخيفة رغم صغر اعمارهم والسبب العنف الذي مورس عليهم دون احتواء.. كما تناولو اسباب هروب الطلاب وفشلهم ورسوبهم وارتفاع ظاهرة البلطجة.. طوال الوقت كان ادهم يدير البرنامج والحوار بكفاءة مذهلة مستعينا بكل مواهبه الفطرية وطارحا كل ما امكن من حلول للمشاكل التي يذكرها مع استضافته عدد من الاخصائين النفسين والمرشدين الاجتماعين.. لساعتين استمر الجميع بالعمل المكوكي حتى تم الاعلان عن نهاية الحلقة ليقفو جميعهم صارخين بفرح وراحة وقد تعدت نسبة متابعة البرنامج كل الارقام التي وضعت كما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالتغريدات والمشاركات في البرنامج والحديث عنه بايجابية كبيرة .. مرت لحظات من الفرحة العارمة قطعها دخول مدير القناة مهنئا اياهم بفرحة كبيرة وقد خصص لهم مكافئة رمزية متمثلة بدعوة على العشاء في مطعم مشهور وراقي .. ابتعدت اسيل بتعب عن المتقافزين وذهبت الى مكتبها لترتاح قليلا بعد شعورها بالصداع .. جلست على الاريكة الموجودة في مكتبها واخذت تدلك راسها بايديها وباعين مغلقة عل الالم يخف قليلا .. مرت عدة لحظات لتدرك انها لم تعد وحدها .. فتحت عيناها فوجدت مهند ينظر اليها بحنان ضاحك مع لهفة ادركت انها ستجر عليها المشاكل .. اقترب منها قائلا ( هل تسمحين .. فانت تعلمين باني خبير بهذا فلقد قمت به كثيرا لاختي رحمها الله .. بامكانك اعتباره تدليك متخصص من ممرض)
صمت انتشر بعد كلمته عندما استلسلمت ليديه اللتان ابتداتا بتدليك راسها بعد ان وقف خلف الاريكة .. لدقيقة بدأت تشعر بحركاته الرتيبة وهي عاجزة عن الرد مع ازدياد توترها الا انها حسمت قرارها مع قوله لها بلطف ( كفي عن التوتر وقولي ما لديك بشجاعة كما اعتدت دوما )
تنهدت مجيبة ( كيف حال والدتك الان .. هل تقبلت خسارتها بعد مرور هذا الوقت )
سمعت زفرة مهند ويداه تزيد من وتيرة حركاتها على راسها بمهارة بدات ترسل ذبذبات راحة لعضلاتها المتيبسة ( انها بخير بشكل عام .. دوما ما تقول بانها ارتاحت بعد معركتها الطويلة خاصة انه في ايامها الاخيرة زاد الالم والتشنجات فاصبحت تقضي غالب يومها منومة اثر المسكنات القوية .. ربما اكثر ما الم امي هو العودة الثانية )
انتشرت ارتجافة قوية في جسد اسيل وهي تتشبث بذراعي مقعدها متسائلة ( هل كان اكثر ضراوة )
توقفت حركات يدي مهند واستقرتا على كتفي اسيل قائلا ( عندما تم اعلان شفائها المرة الاولى اخذت تخطط لحياتها لتكملها بشكل عادي .. لثلاثة اعوام متتالية كلنا نسينا انها كانت مريضة .. حماسها للحياة وامالها وطموحاتها العريضة واهتمامها المبالغ فيه بصحتها كل ذلك جعلنا نرخي جدار حذرنا ونسمح لنفسنا بان نحلم .. الغدر الصادم الذي هاجمنا فيه المرض مرة واحدة ليحتل كامل جسدها بلا مقدمات تاركا اياها من قمة النشاط الى قمة الهزال كل ذلك جعلنا نسقط في بحيرة من الحيرة .. فتارة نطمئن بانها ستتغلب عليه وتارة نخاف ان يهزمها هذه المرة .. قضت عاما تحارب وتحاول العودة لما كانته .. لتنتصر مرة اخرى .. الا انها في النهاية تعبت واستسلمت فتمكن منها المرض بشكل تدريجي ليقضي على حياتها في نهاية الامر .. لفترة طويلة لم تصدق امي النهاية لذا انهارت عصبيا بشكل كبير ولكن .. ) التفت ليقف امامها منحنيا حتى اصبح بمواجهتها قائلا ( لكل انسان مهما بدا ضعيفا مقدرة على تقبل الواقع وان طال عليه الزمن .. وهكذا .. رضيت امي بالنهاية بموت اختي واصبحت تدعو لها بالجنة )
ابتسمت اسيل وقد التمعت عينيها بدموع الم شديد وتسارعت انفاسها لتجيبه بصوتها المتهدج وهي تحتضن كفه الموضوعة على ذراع الاريكة ( انت قلتها .. لقد ارتاحت واستسلمت بلا ارادة بعد ان غلبها .. في بعض المرات .. انتظار العودة وتوقعها يوقعك بالم يتعدى الم العودة نفسه وانت تحصر نفسك بخيار توقيف حياتك على ما حدث )
ضاقت عينا مهند وهو يسالها ( اذن .. لما تفعلين هذا .. )
انتفضت اسيل واقفة وقد ابعدته عنها بقوة وهي تجيب بتوتر ( مهند .. كفى .. انا لا اسمح لك بهذا القول امامي )
وقف مهند ببطء قائلا ( اذن لنغير السؤال .. لقد وعدتك ان انتظر خمس سنوات قبل ان اعيد الطلب مرة اخرى بعد ان اكون جهزت كل شيء للتقدم لك بشكل رسمي وبعد ان تكون المهلة التي حددتها بنفسك قد انتهت لاتاكد من مشاعري نحوك .. ) وصمت وهو يلاحظ شحوب وجه اسيل وتمتمتها الراجية ( مهند ارجوك .. لا تبدأ و ..) قاطعها قائلا بابتسامة واثقة وهو يتقدم باتجاهها ( اتذكرين اسيل ما قلته قبل خمس سنوات .. ان مشاعري مؤقتة ونابعة من مرارة فقدي لاختي وباني اشفق عليك .. وقتها قلتي بالحرف الواحد انه بعد خمس سنوات سانظر الى تلك اللحظة وساضحك من حبي لك بعد ان تكون مشاعري قد اتضحت وعرفت الحب الحقيقي .. ولكن ) اقترب اكثر بعد ان توقفت اسيل عن التراجع مع اصطدامها بجدار حجرة مكتبها ليضيف بقوة اكبر وحميمية امتلأت بمشاعره العاشقة ( كنت مخطئة يا اسيل .. فلم تزدني السنوات سوى حبا لك ولكل ما تمثلينه .. لاجلك حاولت ان اتعرف على غيرك او ان احب غيرك الا انه لم توجد امراة استطاعت ان تثير في داخلي ربع الاحاسيس التي تثيرينها .. والان قد انقضت المدة التي حددتها بنفسك وقد قلتي انه اذا بقيت على حبي ففي ذلك الوقت ستصدقين مشاعري وستاخذينها على محمل الجد وتحاولين تقبلها .. وها انا ذا امامك اسيل .. بعد خمس سنوات .. اعلن انني لازلت احبك .. وبجنون .. واريدك زوجة لي .. ولا يهمني احد سواك رغم كل شيء )
مرت لحظة صمت كانت اسيل فيها مقطوعة الانفاس بعد مواجهتها لهذا الاعتراف الصريح والواضح من مهند وتذكره لكل كلمة قالتها له سابقا .. ضمت شفتيها بارتجاف تبحث عن جوابها قبل ان يقاطع خلوتهم صوت هدر بعنف في انحاء المكتب ( مالذي .. يحدث هنا .. تحديدا )
كلمات قيلت بكل بطء متلكئ وادهم يدخل المكتب ويقفل الباب خلفه باحكام وعيناه تتنقلان باعصار غاضب بين مهند واسيل التي زاد امتقاعها وقد ثبتت عيناها على ادهم مما جعل مهند يلتفت ببطء عليه مجيبا بكل وضوح حازم ( انه امر خصوصي ادهم .. بيننا انا واسيل .. ولكن يبدو انك سمعت جزءا منه )
ابتسم ادهم بسخرية مريرة وقد ثبت كل تركيزه على مهند مختارا اياه كعدوه في تلك اللحظة ( لقد سمعت اعتراف بائس بحب يائس ممتد من خمس سنوات قد قوبل بالرفض )
ضاقت عينا مهند بتحدي وهو يجيب ( عذرا .. يبدو انك لم تسمع جيدا .. فاعترافي وطلبي لم يواجه بالرفض .. كما انه تنفيذ لوعد قطعته اسيل على نفسها قبل خمس سنوات )
تلاحقت انفاس ادهم بشكل خطير وهو يقترب بتهديد باتجاه مهند متسائلا ( اي وعد .. هل يمكنك ان تتحدث بوضوح وشجاعة اكبر ان استطعت )
رفع مهند كتفيه مجيبا بقوة اكبر ( لا مانع لدي رغم اني ارى ان الموضوع ليس من شانك .. اسيل وعدتني ان بقيت على حبها لخمس سنوات فهي ستقبل بحبي .. وقد مرت هذه الخمس سنوات )
عاد الصمت ليلف المكان وقد كسا وجه ادهم جمود ارعب اسيل وجعلها تنتفض من تشنجها .. ارادت ان توضح وعدها الذي حوره مهند الا ان ادهم سبقها بتصفيقه الساخر مجيبا بصوت بدا كانه قادم من قعر بئر ( راائع .. خمس سنوات اذن .. اعذرني .. فمعنى كلامك انني احق بها .. فانا بقيت على حبها لثمان سنوات .. ومستعد ان ابقى العمر كله )
كان اعلانه الصادم ووقاحة اسلوبه وحزمه .. ومنظر مهند الذي امتقع وجهه بدوره كل هذا جعل اسيل تصرخ منفجرة بكل مشاعر احباطها ( كفى .. انتما الان كفا عن التشاجر كالديكة المنفوشة الريش متناقلين مشاعري ككرة بينكما دون ان ترجعا لي .. لقد مللت .. حقا حقا مللت من تكرار نفس الكلام لكما والذي لم يتغير سواء من خمس سنوات .. او من ثمان سنوات .. انا لن اتزوج .. افهمتما .. لن اتزوج مهما حدث .. لذا .. لا تتشاجرا على شيئا لن يحدث ابدا وكفا عن اختلاق المشاكل والمواقف المحرجة لي .. كلنا زملاء في نفس الفريق ويجب ان نعمل باريحية بعيدا عن العواطف .، وما تقومان به يجعلني اختنق وارغب بالانسحاب والاختفاء .، لذا ارجوكما كفا قبل ان ينفذ صبري .. عن اذنكما .، وساكون شاكرة ان اعتذر احدكما للمدير لعدم مقدرتي على تلبية دعوة العشاء .. (
اتجهت الى باب الحجرة مدركة انظارهما المصوبة بحرقة بالغة على ظهرها .. كانت مشاعرها بحالة من الفوضى يرثى لها فارادت الهرب فقط من كل ما حدث .. ما ان فتحت باب المكتب حتى سمعت قول مهند الراجي ( ولكني اعلم يا اسيل .. اعلم سبب رفضك للزواج عامة ولا اوافق عليه .. لقد حاولت دوما ان اثبت لك عدم اهتمامي بالامر وان كل ما يهمني هو حبك فقط .. يجب ان تتخطي مشاعرك السلبية وتفهمي ذلك الحب الذي يجعلني ارغب بك اكثر واكثر )
كانت كلمات قاتلة جعلتها ترتجف بعنف وهي تدرك ما يحدث .. لقد رات امامها بوضوح كل ما هربت منه لسنوات وسنوات يهدد بالانفجار بوجهها في اية لحظة .. كلمة واحدة قالتها قبل مغادرتها السريعة للمكان ( ايااااااك .. اياااك يا مهند ان تذكر هذا مرة اخرى .. افهمت ) ..
لقد كانت تهدده بقلب ارتعش بضعف خائن .. لم تعلم كيف حافظت على دموعها التي غشيت عيونها كغمامة حتى وصلت الى سيارتها لترفع هاتفها متصلة على سما بيد مرتعشة .. وما ان اجابتها سما حتى سارعت اسيل بسؤالها بلهفة باكية ( اين انت .. )
اجابت سما بحيرة قلقة ( انا اعد عماد لنغادر المشفى بعد ان انهي اجراءات خروجه منها .. حبيبتي .. هل انت بخير )
اجابتها اسيل بعد لحظة صمت متالمة ( كلا سما .. لست بخير .. انا احتاجك .. ساكون عندك بعد ربع ساعة فانتظريني عند باب المشفى لاوصلكما على البيت )
حركت سما راسها بالموافقة ويدها تعتصر الهاتف بقلق ( حسنا حبيبتي .. سانتظرك .. فقط قودي بحذر يا اسيل .. انتبهي على نفسك )
اقفلت الهاتف بالم مستغرب وصوت اسيل يثير فيها كل المخاوف .. مالذي احزنها بهذه الطريقة بعد ان رات نجاحها المدوي في البرنامج الذي تابعته على شاشة تلفاز المشفى .. تنهدت سما بحيرة قبل ان ترفع عينيها لابنها الذي امسك ذراعها متسائلا بطفولة ( ماما .. ما بك .. هل انت بخير )
حركت سما راسها بموافقة لطيفة مجيبة بحنان ( اجل يا قلب ماما انا بخير .. وايضا .. ستاتي خالتك اسيل لتصطحبنا بالسيارة .. ما رايك )
صفق عماد بطفولة مجيبا بحماس ( هييي اجلل ..لقد اشتقت لخالة اسيل .. هكذا ساطلب منها ان تشتري لي الشيكولاته )
ضربت سما مقدمة راس ابنها باصبعها بلطف قائلة ( مشااغب .. انت تستغل خالتك اسيل جيدا اليس كذلك .. تعلم باني لن اقبل ان تاكل الشيكولاته وانت متعب .. ربما يجب ان اشكوك لها واخبرها بانك لم تنهي شطيرة غذائك لذا ستحرم من كل الحاجيات حتى تعود وتاكل جيدا )
رفع عماد يديه وضمهما بتوسل قائلا ( كلا امي .. ارجوك .. اعدك ان اكمل الطعام ولكن لا تشكيني للخالة اسيل فهي تقاطعني وترفض ان تتكلم معي وتلاعبني .. وتاخذ وقتا طويلا قبل ان تقبل باعتذاري ليس مثلك ومثل عمي علي فانتما تسامحاني سريعا )
شهقت سما ضاحكة وهي تتمتم ( تلك المفترية قد عقدت الصبي .. ساقتلها .. يالها من شيطانة حتى الصغير يعاني من مزاجها الصعب )
كانت تحاول ان تلهي نفسها عن التفكير بها وقد استبد قلقها عليها بعنف اكبر وروحها تعد الدقائق التي تفصلها عن لقائها .. امسكت يد ابنها بحب وحملت حقيبة حاجياته وهي تسمعه يجيبها ( خالتي اسيل ليست شيطانة .. اننها ملاكي الحارس (
ابتسمت سما لمدافعة ابنها عن اسيل واجابته بحب ( بالطبع اسيل ملاك .. بل واجمل ملاك .. انا فقط كنت امازحها اما انت فمن الخطا ان تكرر كلامي مرة اخرى .. والان هيا .. تحرك امامي ولا تترك يدي كي لا تضيع في الزحام لنذهب الى الاستقبال ونختم ورقة خروجك من المشفى )
مشت بخطوات متوسطة السرعة كي يلاحقها ابنها في حركتها .. التفتت حولها متنهدة براحة لانها ستغادر اخيرا وبسرعة فمن حسن حظها لم تكن نوبة الربو هذه المرة بالشدة المعتادة التي تضطرها للمبيت في المشفى عدة ليال مع عماد ليعود لطبيعته .. فيبدو ان سببها نزلة البرد الخفيفة التي عانى منها بسبب السباحة .. كانت تسرع بخطواتها لتلحق باسيل بعد ان تنهي الاجراءات التقليدية وقد ملت من الانتظار في هذا المشفى المكتظ والتابع للحكومة .. لم يكن امامها خيارات اخرى فامكاناتها المادية لا تسمح لها الا بالمشفى العام الذي يغطيه تامينها الصحي للعمال .. حتى مع معرفتها بسوء الخدمة والازدحام الا انها كانت دوما تدعو الله ان يحفظ ابنها وتتفاءل خيرا بقدر احساسها بالامومة والمسؤولية .. وقفت امام الممرضة عند مكتب الاستقبال الخاص بقسم الطوارئ لتحصل على الختم الطبي .. وما انتهت والتفتت لتغادر حتى لمحت اخر شخص تود رؤيته في هذه اللحظة .. رات سراج وهو يدخل القسم متوجه الى مكتب الاستقبال فشهقت بخوف وانحنت مخبئة وجهها باتجاه بعيد عنه والرعب يستبد بها .. لماذا جاء الى هنا ومالذي يفعله تحديدا وكيف ستنجو من هذه الورطة كل هذه الاسئلة هاجمتها وهي تتوارى عن عينيه بصعوبة بالغة مستخدمة الزحام لتضيع بين المتواجدين فتمنعه من رؤيتها .. لم تكن تعي كمية التوتر التي اصابتها الا عندما سمعت صوت تألم ابنها ( ماما .. انت تضغطين على يدي بقوة مؤلمة ) ..
كانت قد وصلت الى باب القسم فتجاوزته سريعا قبل ان تنحني لتحتضن ابنها وترفعه مغرقة راسه بثلاث قبل خائفة افرغت فيها توترها وهي تخفي وجه ابنها بين احضان صدرها و تعتذر بندم ( اسفة يا حبيبي لم اقصد .. ولكني كنت مضطرة .. والان هيا لنلحق بخالتك اسيل ) وتحركت سريعا باتجاه باب المشفى خائفة ان تلتفت فيراها سراج وقد زاد حنقها عليه متمنية لو ان علي لم يصحح تفكيره ويجعله يظل معتقدا بانه زوجها وهذا ابنهما ..
لم يكن حال سراج بافضل من حالها وقد اكتسحه التوتر وعيناه تجوبان في كل الموجودين بحثا عنها .. كان قد تردد طويلا قبل ان يقوم بهذه الخطوة الا ان شيطان شوقه الفضولي واعتذار يكنه لها حملاه ليأتي لزيارتها كي يطمأن على ابنها الذي لم يعلم اي شيء عنه بعد ..كونها الان حرة جعل قلبه ينتفض بعنف كبير بلا سيطرة منه او سبب .. تلفت حوله في محاولة اخيرة ليجدها بعد ان لم يتمكن من ايجاد اي معلومات تخصها وابنها في مكتب الاستقبال لجهله اسم ابنها حتى عندما قال اسم زوجها السابق في محاولة للتاكد من الاستنتاج الذي خطر على ذهنه وضايقه لم يجد تطابقا في الاسماء المدخلة وهذا ما اراحه لانه يعني بانها لم تستسلم لذلك النذل وبالطبع لم يستطع ان يصف الصغير او يصف حالته لجهله لكل هذه الامور .. تجول بشكل سريع بين الاسرة على امل ان يراها ومع ذلك خاب رجاؤه ليغادر في نهاية الامر مكللا بخيبة امله التي كادت ان تخنقه .. للحظات شرد في ماض جمعهما كان هو دوما فيه من يلاحقها رغم خوفه من ظن الجميع انه يفعل ذلك بسبب اموالها وثرائها الا انها كانت دوما تضحك عليه مجيبة بانها واثقة بشكل كامل من اهداف تقربه منها وانها تعلم بان اموال والدها ما هي الا لعنة التصقت بها بشكل خانق .. دوما ما كان عطاؤها نحوه بلا حدود وفيضان مشاعرها بلا حواجز .. براءة ترتسم بردات فعلها المندفعة نحوه وجموح هو وحده يعلم مقداره .. كانت حياته التي كسرت كل جموده .. معها شعر بقلبه ينبض بعنف وبرغبته تتاكله وبغيرته تثير جنونه والاهم كان يخضع امام سطوة مشاعرها بفؤاد يتحكم به ملغيا كل تفكير قد ينتابه لذا .. عندما ابتعدت عنه فجاة مطالبة اياه بالفراق ومعلنة عن رغبتها بالزواج من ابن شريك زوجها متعللة بوضعه المالي صعق .. صدمته جعلت عقله يكاد ان يجن وهو يبحث عن تفسير لتصرفاتها .. لقد جعلته يرضخ لرغبتها كما فعلت دوما وانهت بيديها علاقتهما ليرى صور زفافها بعد اسبوعين من فراقهما .. صور جعلته يجن ويشعر بخنجر عميقة غرست في حنايا قلبه الملهوف لها والمكلوم عليها .. لقد حاول كثيرا ان يتحدث معها الا انها حرمته هذا الخيار واكتفت برسالة بعثتها له زادت من حزنه وتشتته وضياعه وهو يرى روحه تغادره معها .. كم تمنى ان يصرخ معلنا بطلان هذا الزواج لان سما ملكه ولكنه تراجع عندما تذكر كلماتها التي طالبته بنسيانها بشكل كامل ان كان لديه كرامة او احبها في يوم كما يدعي ولم يكن الهدف من تقرباته هو اموال والدها .. تنهد بغضب اكبر وروحه تعلن سقمها من عودة تلك الاحداث لمخيلته شاعرا بكل الالم مرة اخرى خاصة مع استمرار هروبها من امامه .. الم تسبب بجرحه لها بلا قصد الا ان وجعه وغيرته كانا المحركان الاساسين خاصة مع رؤيته لتعاستها وما حدث لها .. توقف بالسيارة امام المبنى الذي يحوي منزل اباه القديم حيث تسكن نسمة وقد تذكر المرة الاخيرة التي تواجد فيها هنا قبل سفره هاربا من اخبار سما وزفافها ليلعق جراح الفراق وحده في الغربة .. لقد ظن انه نجح وتجاوزها الا ان مجرد عودته لرؤيتها جعلته يعود كالمراهق الغر الذي يخر صريع امام محراب انثاه التي يحبها .. طرق الباب ليجد نسمة تفتحه له بلهفة مستغربة فرحة .. ابتسم بهدوء فاردا يديه لها ( اذن لقد عاد الطير المهاجر اخيرا الى دياره)
ضمته اليها مجيبة بحب وهي تقبل وجنته ( بل عاد الاسد الى عرينه يا اخي فانت ابعد ما تكون عن كونك طائر )
ابتسم لظرافة مزاح اخته ودخل الى المنزل وقد تزاحمت ذكرياته بعنف اشد لتلك الايام التي قضاها في ذلك المنزل .. سمع اخته من خلفه تقول ( لم اغير به الكثير فانا اشعر بروح والدي بين جنباته .. حتى حجرتك ستجدها كما تركتها وقد سعيت دوما لتنظيفها املا بعودتك ) ال
فت اليها مبتسما بحزن ( جمال المنزل يكمن بقاطنيه وذكرياته .. وهنا قضيت غالب ايام حياتي .. وحتى مع ابتعادي كنت متاكدا انني ساعود يوما لاصلي .. والان .. انا جائع نسمة .. ترى هل اجد عندك بقايا طعام من غذائك )
ضربت على صدرها بلوعة مجيبة ( يا ويلي يا اخي .. تزور المنزل بعد كل هذه المدة واطعمك بقايا .. امهلني ساعة واحدة واجمل مائدة طعام ستجدها امامك .. اذهب الى حجرتك وابدل ملابسك فقد تجد احد اشيائك القديمة التي لازالت صالحة للارتداء .. اعتقد ان حجمك لم يتغير كثيرا وانا سابدا بتحضير الطعام )ابتسم بحب وهو يمتثل لامرها

noor elhuda likes this.

حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-17, 05:50 PM   #42

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

القسم الثاني خلال ساعتين باذن الله

حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-17, 07:45 PM   #43

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جدران صمت الهوى (الفصل الثالث / القسم الثاني )


الفصل الثالث
القسم 2
تنهدت نسمة بقلق على اخوها وهي تتجه الى المطبخ لتبدا بتحضير الطعام .. رغم ما يحاول اظهاره لها من صلابة الا انها شعرت بالالم المرتسم بعيناه .. ربما الشيء الوحيد الذي اسعدها هو انكسار ذلك الجمود الذي كان دوما يكسو ملامحه منذ سافر من مصر الى المانيا .. عندما كانت تقابله هناك وهو وسط زوجته وابنته كانت تشعر بجليديته الهادئة التي تقبع في قعر عيناه الخضراوان .. ربما كانت تحس باهتزازها لابنته فقط الا ان تلك النظرة ترسخت في ملامحه حتى غدت جزءا من طباعه .. الان وهي تنظر اليه وجدتها وقد اختفت تماما ليحل محلها اشتعال غريب لم تدرك معناه .. نظرته الثلجية ذكرتها بنظرة اخرى احرقت كيانها بقسوتها .. انتفضت للحظة ما ان جالت الذكرى براسها فاستندت على طاولة المطبخ و ذكرى كلمات تردد بعنف في خلايا دماغها مرجعة اياها لتلك اللحظات الاخيرة لرحلة عودتها مع الكابتن نادر .. كان كل شيء يسير على ما يرام حتى بعد عودته من الراحة لم يحاول التصادم معها او تذكيرها بما قامت به من اجبار له لتستلم القيادة .. فقط اكتفى بالقيادة والرسمية في التعامل وهي قد ارتاحت لهذا وان شعرت ببعض الالم للجمود الذي ساد الاجواء في الكابينة .. ولولا وجود سامر حولها ليبثها بلطفه بعض من معنوياتها ويشاركها فرحة طيرانها الاولى لصرخت من الاحباط بعد معاناتها من البرود القاتل لنادر .. ولكن بعدما دخلت الطائرة اجواء بلاد المغرب العربي صدرت ضجة من خارج كابينة القيادة مما جعلها تخرج لتستطلع الامر ... تفاجأت بالحركة الدؤبة للمضيفات وبالقلق المرتسم على الوجوه فتقدمت اكثر لتجد سامر يقف امام احدى الراكبات ومعه اثنتان من المضيفات وقد بدأن باسناد احدى الراكبات لتمشي وسطهما بعد ان ظهر على ملامحها الالم الشديد وقد امسكت باحدى يديها بطنها المنتفخ .. شهقت بقلق وقد ادركت ماهية الوضع وقالت بتقرير اكثر منه سؤال ( ياللهي .. انها تلد .. مالذي ستفعلونه )
انتبه سامر على وجودها فاشار اليها لتتبعهم وهم يتجهون لحجرة العناية الطبية في الطائرة قائلا بصوت ارتج من القلق ( انها في شهرها السابع في نهايته .. يبدو انها كانت متعبة منذ صعدت الطائرة الا انها تحاملت على نفسها ... للتو تفاجأنا بصراخها بعدما داهمتها الانقباضات لنجد ان ماء الراس قد اغرق مكانها وبانها تعاني من حالة ولادة مبكرة .. المشكلة تكمن باننا لا نملك الادوات الملائمة لهكذا عملية ولادة خاصة ان هذا طفلها الاول كما انه ليس موعد ولادته .. ثم انه لا يوجد طبيبة بيننا لتتولى الامر ويبدو ان حياة المراة وجنينها في خطر )
هنا علا صراخ المراة مستنجدة بالم ( كلا ارجووك .. لا اريد لابني ان يموت .. لا اريد ان امووت .. ارجووك انقذنا .. ارجوك .. زوجي ينتظرني )
كانت تترجاه بلا وعي بصوت الم قلب نسمة فالتفتت الى سامر تساله بلهفة ( الا يوجد ما نستطيع فعله .. قد يكون هناك احد الاطباء بين الركاب )
حرك سامر راسه بالموافقة مجيبا (كنت انوي القيام باعلان للسؤال عن احد الاطباء كما كنت ساذهب الى الكابتن لاستئذنه ليقوم بعملية هبوط اضطراري في الدولة التي نحلق فوقها لكي نتمكن من اللحاق بها )
تحركت نسمة بشكل فوري باتجاه كابينة القيادة قائلة ( قم بالاعلان وانا ساقوم بابلاغ الكابتن نادر ) .. وبالفعل دخلت الكابينة قائلة بحماس قلق ملهوف وهي تمسك بهاتف الاتصال الخارجي مع كتيب الارقام ( كابتن .. هناك حالة ولادة طارئة لامراة في شهرها السابع وهي بخطر ولن تصمد حتى نصل لذا يجب ان نقوم بعملية هبوط اضطراري الى مطار ليبيا الدولي بما اننا دخلنا اجواءها الان )
ابتدات بالبحث عن ارقام الاتصال بمطار ليبيا الا انها تفاجأت بسؤال نادر الفوري ( مالذي تفعلينه الان .. نحن لن نهبط في ليبيا وسنظل على نفس جدولنا ) هنا التفتت اليه شاهقة بصدمة ( كيف لن نهبط .. اقول لك بانه هناك امراة ستموت مع جنينها ان تاخرنا .. مالذي يمنعك من الهبوط .. الا تهتم بها )
راته يعقد حاجبيه قائلا ببرود اكبر اغضبها ( الموضوع لا يدخل ضمن الاهتمام فانا قائد طائرة ممتلئة بركاب غيرها ولا استطيع المجازفة بالجميع )
انفجرت في تلك اللحظة نسمة قائلة ( انت من اي جليد مصنوع .. اقول لك انها ستموت فتخبرني انك لن تجازف .. ان كانت هذه الفتاة اختك او زوجتك هل كنت لتفعل هذا .. مالخطر الذي سيحدث ان هبطنا في ليبيا ..)
التفت نادر مجيبا بجليدية اخافتها ( مساعد طيار نسمة .. لا يحق لك مراجعتي بقراراتي وهذا نهائي )
انتفضت نسمة ممسكة بالهاتف وصوت المراة المستنجد الراجي يتردد بخلايا عقلها (كلا ليس نهائي .. انا شريكتك في القيادة ولست احدى خادماتك ولي راي ايضا ستطيع ان اواجهك به واخالفك عندما تكون مخطئا .. وانت الان مخطئ وانا ساتصل بمطار ليبيا الان لؤأكد لك جاهزيتهم لاستقبال.. )
لم تنهي كلامها قبل ان تشعر بيد نادر الحديدية التي امسكت بيدها الممسكة بالهاتف وبصوته يقذفها بكلمات وكانها قادمة من قعر الجحيم ( لن اسمح لك بمخالفة قراري .. الم تستوعبي ما يحدث .. اولا الاجواء الليبية الجوية غير مستقرة وقد نتعرض لمطبات هوائية نتيجة وجود امطار فيها مما سيسبب اهتزاز الطائرة وقد يؤذي المراة الحامل اكثر .. ثانيا الاجواء في المطار في دولة لازالت لم تستقر بعد الحرب لا تكون مطمئنة بشكل كامل وقد نتعرض لهجوم او اختطاف او نعرض سلامة الركاب الاخرين لاي من المخاطر هذا دون ذكر الوقت الذي سناخذه قبل ان يرد علينا المطار ويجهز لنا مكان للهبوط والذي قد يصل لنصف ساعة تاخير .. ولو قمت بحسبة بسيطة بعقلك السطحي فان الوقت المتبقي لنا لاعلان الهبوط في مطار القاهرة الدولي هو ساعة ونصف اي ان الفرق بين الهبوطين بشكل فعلي هو نصف ساعة او اقل فهل تعتقدين انه من الافضل ان اعرض سلامة كل هؤلاء الركاب ومن ضمنهم المراءة الحامل للخطر واجازف لاجل نصف ساعة فقط قد نتلافاها بعملية تجهيز المراة التي لازالت تعاني من الام المخاض ومحاولة علاج ما يمكن علاجه على ان يتم التواصل مع مطار القاهرة ليستقبلوها بسيارة اسعاف كاملة التجهيزات )
كان يقذفها بحقائق صدمتها وجعلتها تتجمد دون ان تبدي اي ردة فعل .. ترك يدها بقسوة واعاد انتباهه لقيادة الطائرة قائلا لها بصوت عملي اخافها اكثر ( الان قومي بعملك واعطيني اخر التحديثات لسرعة الرياح مع تحديد مسار الدفع الانسب )
امتثلت لامره وقد صدمها تهورها الذي واجهه نادر بكل حكمة وعلمت انه لن يمرر ما حدث على خير وبالتاكيد سيقدم بها شكوى لتهديدها اياه وتمردها عليه .. توالت الاحداث بشكل ضبابي عليها بعد ذلك عندما اعلن سامر وجود ممرضة خاصة بالتوليد من ضمن الركاب وبانها تقوم ببذل كامل جهدها مع المريضة لتتم عملية الولادة بشكل صحيح .. بالفعل هبطت الطائرة لتستقبل المريضة سيارة الاسعافات التي طلبتها نسمة من برج المراقبة وقد كانت المريضة في مرحلة الولادة النهائية لها الا انها على ما يبدو ستكون بخير .. ما ان وقفت نسمة بوجل لتغادر الكابينة رغبة بالهرب وقد ظنت انها نجت من التوبيخ الا انها تفاجأت بنادر وهو يثب كالاسد محاصرا اياها على جدار الكابينة وقد وقف امامها بضخامة جسده ملوحا بيده بتحذير مرعب وقد ادركت بانه كان يؤخر مواجهتها حتى يهبطا بسلام ليستفرد بها قائلا بنبرة جمدت دمائها (كيف تجرؤين على تحدي في هكذا اوضاع ..انا لست مجبرا على تعليل قرارتي التي اتخذها لك بل انت عليك الثقة بهذه القرارات دون حتى ان تناقشيني فان كانت خاطئة فانا من يتحمل المسؤولية لان هذه الطائرة طائرتي وانا مسؤول عنها .. لا استطيع تصديق كيف احدثت تمردا في كابينتي بكل صفاقة وهددتني .. اجيبيييني )
حاولت نسمة ان تلتقط انفاسها لتجيبه بما اوتيت من قوة وان شعرت بقدماها تكادان تخذلانها في وقوفها ( انا لم اقصد .. عندما علمت ان حياة تلك المراة وجنينها في خطر انفعلت وتوترت وقمت بما رايته صحيحا )
انهت دفاعها لترى ازدياد شعلة اللهب بعيناه المتفجرتين غضبا وكان كلامها لم يعجبه وقد توقع اعتذارها على ما يبدو لتسمعه يتابع بذات النبرة المخيفة ( انت لا يجب ان تري طالما انا موجود بل ان تطيعيني طاعة عمياء .. حياة راكبة مهمة ولكنها ليست اهم من حياة عشرات الركاب الذين ستعرضينهم للخطر بقراراتك العاطفية المتهورة .. اياك .. ثم اياك .. ثم اياك .. ثم اياك .. ان تسمحي لاي شيء بالتشويش على هدوء انفعالاتك والا ...
( وامسك شارة مساعد الكابتن المعلقة على اكتافها هازا اياها بقوة مما جعلها تفقد اتزانها فاقتربت منه لتغدو عيناها محدقة بعيناه النارية وقد لفحتها حرائق انفاسه الغاضبة ) اقسم .. ان اجعلك عبرة لكل النساء اللواتي تظنين انك تفتحين امامهم المجال ليرتادو هذه المهنة الذكورية كونك الاولى هنا في مصر .. ربما هذا يعطيك لمحة لماذا ارفض ان اتركك تنجحين في هذا .. بل وساحرمك من اي رخصة طيران قد تحلمين بالحصول عليها ان كررت تمردك لذاا .. احرصي ان تكوني على قدر هذه الشارة ) وترك الشارة باشمئزاز ... مبتعدا عنها بفجائية تسببت بترنحها ليحرك راسه ببرود مع عودته للتلويح باصبعه بتحذير اخر ( اعتبري ان هذا هو خطأك الاول والاخير الذي ساتغاضى عنه فقط لاني اريد هذا ولكن ثقي باني لا اهدد جزافا فاحذري ان تقفي بوجهي مرة اخرى فما حدث يؤكد قراري بان الانثى تنجر وراء عواطفها الحمقاء متناسية كل منطق ولكن .. الحق يقال .. للحظة ظننتك مختلفة وقادرة على الادارة لتفسدي في النهاية كل شيء ) ثم غادر الكابينة امام انظارها النادمة وقد شعرت بازدياد غصتها التي خنقتها اكثر .
عادت نسمة من ذكرياتها التي غرقت فيها وهي تعد الطعام وتضعه على المائدة .. كانت منذ حدث هذا لا تزال ترتجف وشعورها بالنقص وقلة الكفاءة والتهور يتضاعفان مما احزنها بشكل مضاعف الا انها ابت ان تشعر اخاها باي من مشاكلها فلقد اعتادت على ان تقوم بمواجهة همومها لوحدها منذ تركها مع ابيها وسافر لتصبح هي مسؤولة عن ابيها الذي مرض بعد سفره .. وعن المنزل وعن كافة القرارات التي اتخذتها بحياتها .. راته يقبل نحوها وقد صفر اعجابا برائحة الطعام ومظهره قائلا بلهفة جائعة ( ياالحظي .. معكرونة بالباشامل مرة واحدة .. تعلمين اني اعشقها بجنون .. كيف استطعت اعدادها بهذا الوقت القصير )
ابتسمت بحب مجيبة ( بالهناء والشفاء .. لقد كنت قد جهزتها دون ان اطهوها كغذاء ليوم الغد ووضعتها في الثلاجة ومن نصيبك ان تشاركني بها )
حرك راسه وهو يبدأ بالتناول من الطبق الذي وضعته امامه ( ممم يالروعتها.. تسلم يداك .. هل تطهين دوما في يوم سابق )
حركت راسها رافضة وهي تجيب ( كلا ولكن غدا لدينا يوم رياضي تنزهي تقيمه شركة الطيران في ناديها لموظفيها لتزيد اواصر المحبة بينهم حيث يجتمعو مع عائلاتهم وتتم فيها مسابقات رياضية بين الموظفين .. ما رايك ان تشاركني اليوم وساكون سعيدة)
اجابها سراج بابتسامة اعتذار ( كم اتمنى ولكن غدا لدي ثلاث اجتماعات مهمة جدا ولا استطيع تاجيلها فسامحيني ومع ذلك ساحاول اللحاق بك عندما انتهي ) وافقته بابتسامة هادئة( لا عليك يا اخي فانا اقدر مشاغلك ) .
نظرت نسمة حولها باضطراب وهي تشاهد جموع الاشخاص الذين لا تعرفهم كلهم بعد لحداثة توظيفها .. حاولت مرة اخرى ان ترى احد من فريق طيرانها ولكن محاولتها باءت بالفشل الا ان اصطدمت عيناها باخر شخص رغبت حقا برؤيته وخافت من مقابلته خاصة بعد اخر مقابلة بينهما .. لم تستطع ان تمنع عيناها من رؤية من يصاحبه على نفس طاولته خاصة وانه لم ينتبه الى وجودها .. فتاتان احداهما محجبة والاخرى تضع منديلا مرخي على كتفيها كما يجلس بجانبهما شاب يشبه نادر بهيبته ووسامته وان كانت علامات النضوج تزيد نادر جاذبية .. ووقف امام الطاولة طفلان احدهما ولد بدا في التاسعة من عمره اما الفتاة فكانت وكانها في الخامسة وقد اخذت تتقافز بجانب نادر بطفولة رسمت ابتسامة متسعة على شفتيه جعلت قلبها يخفق بغدر وخوف متذكرة غضبه الثلجي .. اخفضت عينيها هربا بعد ان لاحظت ارتفاع عيناه باتجاهها منتبها على نظراتها نحوه .. مرت دقيقتين قضتهما متوترة مخافة ان ياتي اليها وان استبعدت الامر في قرارة نفسها .. صوت قاطع ارتباكها رحبت به بمبالغة وكانه طوق نجاتها .. كان سامر يقف والى جانبه سيدة تبدو في عقدها الرابع وقد ارتسمت على ملامحها طيبة مريحة كما وقف الى جانبها فتاة مراهقة في الخامسة عشرة تقريبا و تبدو مشاكسة من ضحكتها المتسعة ونظراتها المتوثبة نحو نسمة بفضول مربك اضحكها .. عرفها سامر على امه واخته فطلبت منهم برجاء ان يشاركوها طاولتها لتتسع ابتسامتها مع سؤال ليلى اخت سامر ( حسنا .. اسمك نسمة هذا ما اعرفه ولكن .. كم عمرك ما هواياتك هل انت حقا مساعد طيار وهل تخرجت حقا من المانيا وهل لديك اخ بالفعل نصف اجنبي لذا درست الطيران عنده و .. ااخ اخي لما تضرب قدمي )
انفجرت نسمة بالضحك وهي ترى التوتر المرتسم على ملامح سامر ( اعتذر يا نسمة لم اقصد ان اقول لها كل هذه المعلومات ولكنها من النوع اللحوح والفضولي ولا تتركني الا عندما تقوم باستجواب كامل شامل لا استطيع الهرب منه )
حركت نسمة راسها بالرفض مجيبة ( لا عليك فهذه ليست معلومات سرية بل على العكس انا سعيدة بالتعرف عليها وبحماسها الفضولي .. اما عن عمري فهو 27 عاما وهواياتي كثيرة ولكن اهمها القراءة والسباحة واجل انا مساعد طيار واحلم بان اصير كابتن طائرة عما قريب وبالفعل درست الطيران في المانيا عند اخي النصف الماني .. هل عناك اسئلة اخرى )
صفقت ليلى بجذل مجيبة ( وااو اجل هكذا يكن السيدات الراقيات الواثقات من انفسهن .. ارايت يا سامر هي لم تضايق )
واخرجت لسانها باغاظة لاخيها الذي بعثر شعرها بحنق ضاحك وامه تضحك بدورها عليهما معتذرة منها على مشاغبتهما الطفولية .. عادت ليلى لتسال مرة اخرى بحماس وهي تلتفت حولها ( حسنا واين كابتن الطائرة الخاص بفريقكما )
نظر سامر حوله باحثا بينما ركزت نسمة انظارها على كوب عصيرها بتجاهل تام للتساؤل قبل ان تسمعه يقول (ها هو .. ربما يجب ان نذهب لنحيه يا نسمة .. ما رايك )
رفعت نسمة حاجبيها محاولة اخفاء ارتباكها وهي تحرك راسها موافقة وتتبع سامر الذي وقف واتجه الى حيث نادر وقد لحقته اخته .. حاولت ان تاخذ وقتها في الالتفات والمشي مستاذنة من ام سامر لتتمكن من ارتداء قناع برودها .. رفعت عيناها بتصميم رافضة ان تجعله يخيفها اكثر فقابلت عيني نادر التان تفحصتاها بلامبالاة وقد حرك راسه محييا اياها دون ان يحاول مد يده ليصافحها فتجاهلت الامر هي الاخرى وهي تلتفت على باقي الجالسين وقد اخذ يقدمهم اليهم فالشاب هو اخوه الصغير ويدرس هندسة الطيران في الجامعة ويدعى تامر اما الفتاة المحجبة فهي ابنة عمه سمر الشامسي وتعمل كمحاسبة في احدى شركات المقاولات و الفتاة الاخرى كانت اخته سلمى التي تدرس بدورها كاخصائية للتحاليل الطبية وقد مازحتها قائلة بلطف كسر جمود التعارف الذي خنقها ( يعني ان اردت اي تحليل طبي فانا مستعدة ان اقوم به دون ان اؤلمك ابدا بعملية سحب الدم فالجميع يقول لي بان يدي لطيفة وماهرة )
ابتسمت نسمة كرد فعل على لطفها قبل ان تنحني لتصافح الطفلين ونادر يقول معرفا اياهما ( هذان ابنا اختي الكبيرة .. انها وزوجها يعملان في قطر وقد فضلا ان يبقى ابناهما هنا ليدرسا ويستقرا بما ان طبيعة عملهما تحتم عليهما عدم المقدرة على الاستقرار بمكان واحد)
قبلتهما نسمة بحب وان صافحاها بحذر بريء قبل ان تقف لتسمع ليلى تقول بانبهار لطيف ( انت حقا كابتن الطائرة .. ياللهي لقد صدقو عندما سمعت ما قيل من اشاعات عن مظاهر الطيارين الكاملة )
اتسعت ابتسامة الجميع وان ظهر احمرار طفيف لون وجنتي نادر من اسلوب الفتاة الجريء في مدحه رغم صغر سنها .. حاول تجاهل نسمة قدر استطاعته فلازال غضبه نحوها مستعرا بعد ما دار بينهما وان شعر بتضاعف غضبه بلا سبب عندما راى قوة العلاقة بين سامر ونسمة .. التفت نحو اخيه الذي تساءل في تلك اللحظة عندما انتهت نسمة من تقديم نفسها لهم ( انسة نسمة .. بما ان هذه المهنة غالبها رجال الا في حالات استثنائية .. الا تجدين انها صعبة عليك )
في تلك اللحظة توقع نادر انفجار نسمة باخيه كما فعلت معه خاصة ان سمر تدخلت قائلة بمكر هادئ موحي ( المفترض على الانثى ان تبحث عما لا يعارض انوثتها في العمل لا ان تزاحم الرجال بمناصب لا تليق الا بهم )
لكنه تفاجئ بابتسامتها الثلجية الدبلوماسية التي كانت تعاكس ضحكتها التي راها قبل قليل عندما كانت تجالس سامر وسمعها تجيب بلباقة ( ربما تحديد معنى الانوثة يختلف من شخص لاخر فانا ارى بان عملي لا يتعارض مع مفهومي للانثى ففي النهاية .. الفتاة هي ما ترسم ملامح انوثتها وليس طبيعة عملها وان شك احد بانوثتي فانا اكثر من قادرة على اثباتها له )
كانت اجابتها متحدية اشعلت روح نادر واستفزته بلا ارادة منه .. قفز في تلك اللحظة سؤال طفولي من ابن اخته ( انا اريد ان اكون طيار كعمي ولكن لا اريد من فتاة ان تكون معي فالفتيات سريعات البكاء ومدللات كما انهن لا يستطعن ان يقمن بشيء )
اعقب كلامه شهقة من ابنة اخته وهي تقول بطفولة(ولكن انا ايضا اريد ان اصبح متل عمي كابتن كما هي نسمة ايضا .. ولن ابكي ابدا )
ضحكت سمر بسخرية واخفت سلمى ابتسامتها بيدها كما لف تامر وجهه ليخفي ضحكته عنهم وقد تركو الامر لنادر الذي انحنى نحو ابنة اخته قائلا برقة حازمة ( انت بالذات ستكونين طبيبة وهذا نهائي فلا تحاولي البحث عن مهنة اخرى فانا منذ الان اراك بالروب الابيض تمشين بتفاخر بين اورقة المشفى .. ثم من قال بان الطيران يصلح للفتيات )
كانت كلمته متحدية تعمد فيها استفزاز نسمة ليسقط قناع برودها الا انه تفاجئ بدفاع سامر عنها قائلا ( ولم لا يصلح الطيران للفتيات ان كان في بعض الدول قد نجحن ان يصبحن رائدات فضاء .. شخصيا اعتبر ان الانثى اقوى من الرجل في الكثير من الامور خاصة عندما يتعلق الامر بطموحها وحلمها )
هنا اكملت نسمة كلامه بثقة اكبر ( لذا يا ضغيرتي لا تدعي احدا يحدد لك مستقبلك واحلمي كما تريدين فانت قادرة على كل شيء .. والان عن اذنكم )
التفتت عنهم وقد بدا اختناقها يزداد كما شعرت بليلى وسامراللذان رافقها والاولى تقول بوجل متضايق ( ياللهي .. رغم وسامته الا انني كدت ان اختنق من قسوته وجلافة تلك السمر ونظراتها المغرورة باتجاهك كما ان اخاه كان كمن يستهزئ بك ولكن .. لما هو غاضب منك هكذا فلقد بدا وكانه سيقتلك )
علت صيحة سامر التحذيرية لاخته كي لا تبدا بكلامها الا ان نسمة اجابت بلامبالاة وروحها تعلن تمردا وسقما تزايد حنقا على نادر ( ربما يريد قتلي فهو يراني كالشوكة بخاصرته لذا خير علاج لؤلئك الذين يظنون انهم يحكمون العالم بذكوريتهم السخيفة هي ان تتجاهلينهم وتستمري بتحقيق حلمك غير عابئة برايهم السخيف .. والان .. ما رايك ان ننسى هذا الامر ونستمتع بيومنا دون ذكر الكابتن نادر فيكفيني حقا وجوده معي في العمل وجفافه الاحمق وكل ما اريده هو الاستمتاع باجازتي اليوم فغدا لدي عمل معه ايضا )
وافقتها ليلى ضاحكة على شتيمتها لنادر ورفعت يدها كاشارة قسم بانها لن تتكلم عنه بعد ذلك .. وبالفعل استمر باقي اليوم ونسمة تركز انتباهها مع ليلى وسامر و امهما وتقضي بسعادة اوقاتها متعمدة تجاهل نادر وعائلته رغم شعورها بمراقبته لها بشكل دائم وخاصة عندما كان يفوز باي مسابقة يدخلها حتى في ركوب الخيل وكانه يود لو يثبت لها تفوقه الكامل عليها والفرق الكبير بينهما وقد تعالى تشجيع المضيفات المذهولات به بطريقة مبالغة الا انها لم تهتم له بل استمرت بتشجيع سامر بكل ما اوتيت من قوة متفاعلة مع ليلى الضاحكة والفخورة باخيها وقد اتفق كلتاهما بشكل ضمني دون ان يتكلما حتى بهذا .. لينتهي اليوم بمسابقة لشد الحبل جمعت ليلى وسامر ونسمة بفريق مكون من عشرة اعضاء يقابلهم فريق اخر تواجد به نادر واخوه وسلمى وقد اكتفت سمر بالمراقبة من بعيد بعنجهية رافضة المشاركة كي لا تلوث ملابسها .. كان الفريقين شبه متكافئين وقد تعالت ضحكات ليلى على نسمة التي اخذت تجذب الحبل بكل قوتها لضعف بنيتها وخفة جسدها .. وما هي الا لحظات حتى تحرك الحبل بشكل فجائي تسبب بسقوط نسمة بقوة باتجاه الارض ليلتقطها سامر بسرعة قبل ان تصل اليها جاعلا اياها تسقط عليه مرتكزة في منظر اظهر بوضوح اهتمام سامر بنسمة التي خجلت بدورها واخذت تعتذر للجميع بعد ان تسبب سقوطها بخسارة فريقها الا انهم قابلوها بابتسامات موحية تناقلت بينها وبين سامرالمهتم بكونها بخير ولم تصب .. لم تعلم لما في هذه اللحظة رفعت عيناها لترى نادر .. فضول اكتنفها لتعلم ردة فعله على ما حدث وسامريوقفها ببطء عن الارض .. الا انها ندمت بشكل فوري وعيناها تهرب سريعا من تلك النظرة المتوحشة بعيني نادر وقد زاد مفعولها مع ابتسامته الساخرة مما يحدث وملامحه التي خطت استهزاءه الغاضب الثلجي منها وكانه يهينها ويتهمها بتعمد اغراء سامر والسماح له بالاقتراب منها .. مظهره اكد لها بان ما ينتظرها معه بعد ذلك لن يكون سهلا ابدا وبان ما راته منه شيء وما ارتسم في قعر عيناه من توعد مخيف شيء اخر .جلست نسمة امام سراج على مائدة العشاء بعد عودتها من اليوم الرياضي وقد لاحظت شروده عنها ونظرته المستمرة لهاتفه فسالته بفضول ( هل تنتظر مكالمة من ناتاشا )
رفع سراج عيناه بحدة متفاجئة لاخته مجيبا ( كلا لقد اتصلت بناتاشا اليوم وهي بخير كما ان سمارا ايضا بخير.. ولكن هناك مكالمة عمل ساجريها بعد الانتهاء من تناول العشاء واشعر بالتوتر لعدم معرفتي بما سيجيبني به وان كان سيرحب بمكالمتي ام لا )
اضاف سراج جملته الاخيرة بتردد جعل نسمة تدرك عدم رغبته بالافصاح عن شيء او التحدث امامها فكلاهما اعتاد على وحدته وعدم مشاركته الكاملة للاخر بمشاعره وهمومه فاثرت الصمت تاركة اياه يغرق بقلقه وعيناه لا تغادر هاتفه ..كان سراج قد قضى اليوم في منزل والده بما انه اجازة رسمية من العمل .. لم يستطع ان يمنع نفسه من اجترار كل ذكرياته السابقة مع سما خاصة عندما وجد صندوق كان قد خباه بخزانته يحوي متعلقاتها التي بقيت معه كما يحوي ذلك الجواب الذي بعثته له وخاتمه الذي زين اصبعها لثلاثة اشهر كانت فيه ملكه .. راى ربطة شعر لها ومنديل كما وجد كراسة كانت لمذكراتها كتبت فيها مشاعرها له حيث اعترفت بحبها بهذه الطريقة بعدما اهدتها له في عيد ميلاده .. ووجد ايضا زهرة حمراء مجففة كانت اولى هداياها له .. امور قد تعد سخيفة الا انها اشعلت قلبه بنيران ذكريات حبهما لتتركه لاهثا ومشتاقا بجنون اليها .. استسلم بالنهاية لعواطفه الحمقاء ووجد نفسه يتصل على مدير البنك لياخذ رقم هاتف شركة التنظيف ومنها حصل على رقم هاتفها ورغبته بسماع صوتها ورؤيتها تتضاعف الا انه تردد مخافة ان تصده كعادتها رغم ان كل ما اراده هو ان يتحدث معها ويعرف عنها كل شيء بلا مواربة او هروب واخفاء .. في النهاية تشجع وضرب الارقام منتظرا الرد على الطرف الاخر .نظرت سما الى الرقم الغريب الذي ظهر على هاتفها واثرت تجاهله لانشغالها بتحميم ابنها واطعامه كي تجعله ينام في سريره ليرتاح فما زال تحت تاثير المرض حتى وان ازيح شبح الخطر عنه .. عندما استلقى واخذ دواءه نظر اليها بعينيه البريئتين قائلا برجاء (امي .. ارجوك .. لا تجعليني اترك السباحة فانا اعشقها حقا .. اعتذر لاني لم انتبه ومرضت ولكن .. ارجوك لا تمنعيني من اكمالها )
رق قلب سما على ابنها واخذت يدها تتغلغل في خصلات شعره الذهبية سامحة لعينيها ان تشبعا من جماله وروحها تهفو له بحنان ام يحزنها ويؤلمها مرض ابنها خاصة انها السبب به .. تنهدت بلطف متسائلة بمشاكسة ( حسنا ما رايك .. هل حقا انا ساتركك تكملها بعدما حدث )
اخفض عماد عيناه بحزن الا ان صوت مشاغبا قاطع حديثهما واسيل تدخل الى الحجرة صارخة وهي تمسك بوسادة يتبعها علي الضاحك ( هذا القرار سيحدده الفائز في حرب الوسائد بيننا .. ما رايك يا عماد )
التفتت سما شاهقة وقد جلس عماد على سريره مصفقا بجذل وقد صرخ بطفولة ( اجججل .. حرب الوسائد .. ساشجعك خالة اسيل ان وعدتني بانك ستبقيني في السباحة او حتى انت عم علي )
ضحكت اسيل مشيرة باصبعها لعماد قائلة بغموض مشاكس ( لا تكن واثقا من قراري يا ايها المشاغب فقد ارفض عودتك ولكن مع ذلك لا باس ان شجعتني ) ثم اضافت بلؤم وهي تشير الى سما بعد ان رمتها بوسادة اخرى وضحكات علي تعلو باستمتاع ( هيا يا سما .. امسكي سلاحك فسنبدا فورا .. بلا رحمة بيننا والفوز للاقوى ... ابببداااا )
بالفعل ابتدا الثلاثة بضرب بعضهم بالوسائد واصوات ضحكاتهم تتخالط مع صيحات المهم وتصفيق عماد الضاحك يعلو مشجعا كل واحد على حدا .. كان علي يستغل طوله في ضرب كل من سما واسيل دون ان تتمكنا من اصابة راسه لذا تفاجأ باسيل وهي تضربه بحافة قدمها في قصبة رجله مما تسبب بانحنائه بالم فطالته بشكل سريع منهالة عليه بوسادتها مع سما وقد اتفقتا فحاول تقيد اسيل بذراعه ممسكا اياها من رقبتها الا انها عاجلته بعض ساعده بقوة صرخ على اثرها ليتفاجأ بضربة مزدوجة من اسيل وسما بوسائدهما تسببت باسقاطه وقد انفجر بالضحك بجنون معلنا خسارته مع صراخ اسيل السعيد بانتصارها ولكنها تفاجأت بوسادة سما الغادرة التي اسقطتها بشكل فوري على الارض بجانب علي لتتقافز سما معلنة انتصارها وسط صراخ اسيل المتوعد وضحك علي المتهالك ووقوف عماد ليقفز محتضنا امه المنتصرة بسعادة اتبعتها سما ببعثرة شعره وهي تقول بحماس مضاعف ( اما عن قراري فانت بالتاكيد ستستمر بالسباحة ولكن سناخذ حذرنا اكثر كي لا يتكرر ما حصل مرة اخرى )
هنا اغرقها عماد بالقبلات السعيدة مشددا باحتضانه لها وهو يقول بطفولة ( انت اروع ماما في العالم واقوى ماما واجمل ماما )
سمعا صوت اسيل المعترض بحنق تمثيلي ( اووه عماد باشا .. هل نسيتني بشكل فوري هكذا .. هل هكذا تقابل تعبي وقد خاطرت بانوثتي لاسقط علي كي لا ينتصر على امك ) وهنا علا صوت علي وهو يرفع ساعده امام عيناها مشيرا الى عضتها متسائلا بمشاكسة غاضبة تمثيلية ( هل يوجد انثى تعض رجل هكذا حتى تدمي يده )
. رفعت اسيل كتفيها بلامبالاة ضاحكة مجيبة بتحدي مستفز (وهل يوجد رجل ناضج يخنق انثى ويضربها كما فعلت انت )
اخرج علي لسانه باغاظة جعلت اسيل تضيف ( صدقا هل تعتبر نفسك رجل كبير وانت تفعل هذا .. انت تعلم الولد امور سيئة ووقحة لا تليق بالرجال )
اشار علي على صدره متسائلا بدهشة تمثيلية ( انااا .. انا اعلمه امور وقحة .. انظرو لمن يتكلم .. ثم لما انت مستغربة اصلا .. هل يوجد رجل ناضط يلعب الوسائد مع انثتين ويخسر في البدء )
ضحكت اسيل وسما وعماد والاولى تجيب ( كلا .. لا يوجد رجل هكذا )
وقف علي متنهدا بخسارة ضاحكة ( اذن فلقد اثبتم بالدليل القاطع عدم رجولتي وعدم نضوجي .. ربما يجب علي ان اهرب قبل ان تلتصق بي صفات اخرى .. ولكن اسيل .. هل انت مسعورة .. ياللهي يدي تؤلمني بشدة )
قلدت اسيل صوت هجمة الكلب مكشرة بشراسة ضاحكة جعلت علي يشير الى راسه باشارة الجنون لها قبل ان يهرب من قذيفة وسادتها وهي تصرخ ( ضع عليها ثلج كي لا تموت بسببها يا جبان )
صرخ علي من عند باب الشقة قبل ان يقفله متجها الى شقته ( سمعتك على فكرة .. انا لست جبانا .. فقط لست ناضجا )
انقطع صوته مع ذهابه واشارت سما لابنها لينام قبل ان ترتمي اسيل على اقدامها مستلقية على الارض في حجرة الصالون الصغيرة في شقة سما وقد اغمضت عيناها بتعب ضاحك جعل سما تربت على راسها وتتخلل شعرها باصابعها بنعومة متسائلة ( هل انت بخير اليوم )
حركت اسيل راسها بالموافقة مجيبة (لا تقلقي لقد انتهت موجة الكأبة وتم شحن روحي للعودة لكامل نشاطي .. اعتقد اني ساتجاهل الاثنين واريح راسي منهما فهكذا افضل )
صمتت سما لوهلة قبل ان تجيبها بحذر شديد ( اسيل .. الم تفكري بان من حق ادهم ان يعلم سبب رفضك فلقد اعلن هاتفك تمرده منذ البارجة لكثرة عدد اتصالاته بك حتى اقفلتيه او حتى من حق مهند ان تصدقيه بعد خمس سنوات من تمسكه بحبك وتعطيه فرصة كما وعدته .. الى متى ستظلين منغلقة على نفسك هكذا و.. )
قاطعتها اسيل بتوتر تحذيري ( سما .. لنقفل النقاش فلقد مللت منه ومن تبرير نفسي .. اخر ما اريده هو شفقة رجل علي او امتناني لاي واحد منهما لانه تقبلني هكذا..انا بخير بدونهم كما انني سعيدة ولدي عائلتي فانت وعلي تكفونني وهذا نهائي )
صمتت سما كي لا تضغط على اسيل وان لم تكن قد اقتنعت باسباب رفضها وارجعت الامر لخوفها من الوحدة ومن الاستسلام لمشاعر اصبحت تسبب لها الما وشعور بالنقص .. عاد هاتفها ليرن بنفس الرقم الغريب فاجابت مخافة ان تكون وكالة التنظيف ولكنها تفاجأت بصوت خشن تعرف نبرته جيدا يسالها ( كيف حالك يا سما .. كيف انت )
لم تتمكن من الرد وقلبها تتزايد وتيرة ضرباته بسرعة جنونية حبست على اثرها انفاسها لتعود وتسمع نفس الصوت يسالها ( انا اعتذر على اتصالي بهذا الوقت ولكني .. اردت الاطمئنان عليك وعلى ابنك .. حتى انني ذهبت الى المشفى الذي قلت لي اسمه لاخبره لعلي كي اراك واطمأن على ابنك ومع ذلك لم اعثر عليكما .. اتعلمين .. انا حتى لا اعلم ما اسم ابنك )
سؤال جعلها تنتفض بعنف مبعدة كل تجمدها لتجيبه بحدة مرتجفة ( ربما لانه ليس هناك من داع ان تعرف اسم ابني .. او ان تسال عني .. او ان تحاول التواصل معي .. سراج .. مالذي تريده مني .. ارجوك )
جابه حدتها صمت متالم قبل ان سماعها لهمسته الراجية ( هل من الخطأ ان اطمأن عليك .. انها انتي يا سما .. كيف تطلبين مني تجاهلك بعد كل شيء كان بيننا )
خفقات غادرة كانت جوابه وشهقة صامتة حرقت قلبها مع عنف ذكريات هاجمتها لسعادة عاشتها يوما .. تخالطت انفاسهما في لقاء تاجج بعواطف حرمت عليهما منذ زمن .. ازدردت سما لعابها بصعوبة لتقول بصوت مبحوح بعدما انتبهت لجلوس اسيل ونظرتها المتسائلة لها ( انت قلتها يا سراج .. كنا .. ولقد انتهينا فانت الان متزوج وانا لدي حياتي السعيدة )
تعالت وتيرة لهثات سراج على الهاتف وهو يسالها بحدة ( وهل انت سعيدة .. اصدقيني القول .. هل انت سعيدة سما ..هل ابنك سعيد بوضعك وانت لا تستطيعين تلبية كل طلباته ؟(
ونظر اليها بصمت خائف ممزوج بالالم .. صمت قطعته لتحسم قرارها قائلة ( لا تهتم فانا قادرة على توفير كل ما يحتاجه ابني .. لم اطلب منك شيء طوال الوقت سوى ابتعادك عني .. وهذا ما ساطلبه مرة اخرى بل وسارجووك .. انساني وعش حياتك مع زوجتك وابنك .. فقط اتركني فانت تجرحني وتجعلني اكره حتى ذكرياتنا .. نحن لن نتقابل لان موعد عملي يختلف عن موعدك ولولا حاجتي الماسة للعمل لتركته .. لذا ارجووك .. كن رجلا ولا تخن زوجتك او تجرح امراة احببتها سابقا بعودتك اليها لتذكرها بما كانت بعدما نسيت ذلك )
علمت انها قست عليه من صمت حتى انفاسه عن الهدر في الهاتف .. ادركت جيدا كيف تجرحه كما كانت تدرك دوما نقطة ضعفه التي تؤذيه .. سمعته يقول بصوت متقطع ( كما تريدين .. )
واقفل الهاتف بسرعة مخيفة اجفلتها لتنهار دموعها وسط احضان اسيل التي لم تشا ان تسالها وقد فهمت كل شيء واخذت تردد لها ( لقد فعلت الصواب .. احسنتي .. احسنتي لانك اوقفته ) دقيقة مرت قبل ان تصل لها رسالة تفاجأت بها لتجدها من سراج .. كانت ملف اغنية ما ان اشعلته حتى صدح صوت المغني بكلمات جعلت كل من اسيل وسما يغرقان بذكرياتهما وقد سالت دموعهما كرد فعل على كلمات الاغنية ( قلبي علينا ...كارمن توكمه جي و إياد الريماوي ..
.* قلبي عليك ... من فتنة في يديك ... أخذتني منكَ ... ولم تعدني إليك ...
# قلبي عليّ ... أنا ماملكت شي ... كواني الهوى ... وآخر العشق كيّ ...
* # قلبي ... قلبي علينا ... افترقنا حين التقينا ... وإذ توقّفنا مشينا ... كلٌّ على درب ... كلٌّ بلا قلب ... كأننا ماتعارفنا ... كأننا ماهوينا ... )
كلمات جعلت كل واحدة منهما تعيش بعالم عشقها وفراقها قبل ان يعيد هاتف سما صوت اعلان وصول رسالة اخرى لها فتحتها بلهفة ظنا منها انها من سراج لتتفاجئ انها من وكالة عملها تبلغها فيها بانتقال موعد عملها للفترة الصباحية بسبب حدوث نقص مفاجئ في العاملين .. ما ان انهت القراءة حتى شهقت متسائلة ( ياللهي يا اسيل .. مالذي علي فعله الان عندما اراه في عقر عمله )
تنهدت اسيل بحيرة قبل ان تجيبها وهي ترفع هاتفها طالبة رقم علي ( ربما من الافضل ان تخبري علي عله ياخذ مكانك وانتي اخ.. )
قاطعت كلمتها عندما امسكت سما بيدها محركة راسها بالرفض وهي تقول ( يكفي علي ما اثقلته عليه من مشاكل فهو محتاج لعمله الصباحي مع المسائي .. لقد ان الاوان لاواجه مشاكلي بنفسي ربما عندما يراني كخادمة امام الجميع في بنك زوجته سيشعر بالفرق وينساني اسرع )
ابتلعت اسيل لعابها بالم على صوت رفيقتها المستسلم في نفس اللحظة التي سمعت صوت علي على الهاتف فاجابته باول ما خطر على تفكيرها بعد ان ضمت سما اليها بدعم ضمني ( علي .. غدا صباحا سيكون لدينا انا وسما عمل لذا سنترك عندك عماد حتى يستيقظ وعندها خذه عند امي قبل ذهابك الى عملك الصباحي )
اجابها صوت علي المتسائل ( اي عمل .. لم افهم )
اجابته اسيل منهية الاتصال ( ساخبرك فيما بعد .. تصبح على خير ).
نظر علي الى الهاتف قبل ان يقفله وقد اقلقته مكالمة اسيل الا انه لم يكن امامه شيئا سوى ان ينتظر حتى تخبره اسيل بما يحدث .. تنهد ووضع الهاتف من يده وعيناه تعودان للوحة التي كانت بين يديه لرسم هندسي معقد لمبنى .. شعور غريب من السعادة اكتنفه وهو يعيد حسابات مواد البناء المطلوبة ويقوم بالمعادلات الهندسة التي توضح كم يحتاجون من اعمدة وكم يحتاجون من اساسات لمبنى ضخم كهذا مع حساب مبدأي للتكلفة .. كم كان يعشق الهندسة المدنية ويبدع فيها .. لم يصدق هذه الفرصة التي وقعت بين يديه في اليوم السابق .. كان كعادته يقوم بعمله عندما تفاجأ بسالم وهو يطلب منه ان يقابل السيدة علا التي طلبته بالاسم .. توقع عندها ان توبخه لجرأته في الكلام ولكنه تفاجأ بدعوتها له الى مكتبها بترحاب وتقديمها فنجان للقهوة جلست امامه لتشاركه اياه مبتدأة حديثها معه بلهفة ممتنة ( اولا .. اريد ان اشكرك على انقاذي من الانتحار فانا بالفعل لم اشكرك .. ثم اريد ان اشكرك ايضا على مساندتك لي فانا بالفعل اصبح خرقاء ومجنونة في الظلام بسبب عقدتي وانا صغيرة عندما خطفت .. ثم اريد ان اشكرك بشكل اكبر لايقافك زوجي عند حده فانت الرجل الوحيد الذي رايت فيه الجراة ليفعل ذلك )
عندما انهت كلامها سارع هو لايضاح تصرفه قائلا ( اعذريني سيدتي ان لن اقبل شكرك الاخير فعلى المراة الاصلية الا تقف مع من وبخ زوجها ولكني اقدم اعتذاري لتدخلي بينكما فما كان يحق لي توجيه هذا الكلام الخاص بعلاقتكما له مهما كانت الظروف )
عقدت علا حاجبيها متسائلة ( هل تعتقد انني اظلمه حتى بعد ان سمعت اتهامه لي .. مالا تعرفه بانه قبلها كان يعرفني على عشيقته لذا كنت ابكي وجئت الى الشركة كي .. )
قاطعها علي وهو يقف من مكانه بعد ان وضع فنجان قهوته قائلا ( سيدتي اعذريني ولكني سانسحب الان فانا لست مهتما للدخول بمشاكل بين رجل وزوجته .. اعتقد ان هذه خصوصية ليس من حقي كرجل غريب ان اسمعها .. ان كنت انهيت كلامك معي فاعذريني فورائي العديد من الاعمال )
وقفت علا بدورها وقد ظهر عليها التوتر ملوحة بيدها ( انا لم اقصد ان اشتكي اليك انا فقط كنت احاول شرح نفسي امامك كي لا تظن سوءا بي او تحكم بشكل خاطئ علي )
رفع علي اكتافه بلا مبالاة مجيبا ( صدقيني .. ليس من حقي ان احكم على شخص فلكل انسان ظروفه وانت .. لست استثناء ثم لم تهتمي براي فانا مجرد عامل تنظيف .. ان اردت نصيحة مني بعد كل شي فساقول لك بانه لا يصح ان تظلي تعملين لوقت متاخر بالليل خاصة ان كان هذا العمل هروبا من واقعك وزوجك الذي يخونك فالاصح ان تواجيهه وتكوني شجاعة بدل ان تكوني ضعيفة وتتحججي بالشركة وبالعمل )
ثارت علا عليه مشيرة الى لوحة كانت معلقة على لوح الرسم الخاص بالهندسة ( انا لا اتحجج ولا امثل .. ولا اهرب .. انا بالفعل اعمل .. انظر حتى ان لم تصدقني فانا منذ ثلاثة ايام وانا اعمل على هذه اللوحة بسبب وجود مشاكل هندسية فيها لا اعتقد انك ستفهمها )
كان في كلامها اهانة له ضايقته رغم انه في البدء كان ينوي تجاهلها والابتعاد عنها لشعوره بما ستحمله له من متاعب ان ظل يلاقيها خاصة بعدما راى زوجها لذا كان جلف معها وحاول ان ينهي تعلقها السخيف بفكرة انه انقذها وان يعيد حدود الرسمية في تعاملهما ولكنها ما انفكت تشكي له وتحاول ان تطلب اهتمامه بها والذي على ما يبدو تفتقده من زوجها .. ولقد قاوم .. يشهد الله انه قاوم وحاول الابتعاد الا ان لسانه لم يحتمل ليعود ويوبخها ويظهر ضيقه من ضعفها وسلبيتها .. والان وهي ترد عليه بهذا الشكل مستفزة رجولته وقد ظنت انه مجرد عامل بسيط لذا اقترب من اللوحة ونظر اليها بتمعن متجاهل تساؤلها عم يفعله وقد ركز كل انتباهه ليفهم تفاصيلها قبل ان يلتفت اليها قائلا ويده تشير الى بعض المناطق ( اعتقد ان من قام لك بحساب الكميات ومساحة الاعمدة قد اخطأ هنا وهنا وهنا كما انه زود الاحزمة البنائية بلا تقوية ووزع ثقل الاعمدة بعشوائية ستضر جمالية المبنى )
انهى كلامه ملاحظ صدمتها المذهولة وسؤالها المرتسم على وجهها دون ان تتمكن بنطقه فاجابها ( انا اصلا مهندس مدني وقد درست حتى بقي لي اخر شهر وكنت ساحصل على درجة الماجستير الا ان الحرب تسببت بانهدام جامعتي وضياع كل اوراق شهاداتي الا المبدئية منها .. لذا احاول الان جمع ما يلزم من المال لاتمكن من معادلة شهادتي الجامعية ومناقشة رسالة الماجستير الخاصة بي .. والان .. عن اذنك )
وكاد ان يغادر الا انه توقف مع صرختها له بالانتظار فالتفت ليراها تنزل اللوحة الهندسية من على لوح الرسم وتلفها لتعطيها له قائلة بحماس ( حسنا .. لتكن بقدر كلامك وتصلحها ومعك حتى بعد غدا بما ان الغد اجازة وهكذا ستتمكن من اخذ وقتك فيها .. ما رايك )
كاد بالفعل ان يتراجع غير راغب بالتورط معها وقلبه يعلن التمرد وهو يسالها ( لا اعتقد انه من الحكمة ان تثقي برجل غريب قد يسرب التصميم او يبيعه او يفسده )
اتسعت ابتسامتها المتحدية وهي تجيبه (اولا انت لست غريبا فهذه المرة الثالثة التي نتقابل بها وكما يقولون الثالثة نابتة ثم انني لا استطيع ان اجادل شخصا معه درجة الماجستير في الهندسة المدنية وهذا مخالف لعملي فانا مهندسة معمارية والاهم لا اعتقد ان رجل مثلك يخون فانت اكثر شهامة من ان تقبل ان تتحدث معي في موضوع زواجي وهذا يظهر اي معدن هو اصلك لذا .. ساغامر واسلمك هذا فهل انت على قدرها ام انك كنت تتبجح بالقول بلا فعل )
كان تحديها اكبر من ان يتجاهله لذا .. استسلم بالنهاية واخذ التصميم الذي عمل عليه طوال اليوم بما انه اجازة رسمية له وهذا اعاد له حماسه اضعافا وهو يقوم بما يعشق وقد توعد بداخله علا بان يثير دهشتها وانصعاقها بمهارته كي لا تتجرا وتسخر منه او تتحداه مرة اخرى .
عندما حل الصباح كان ينظر للخطوط النهائية لعمله وابتسامة سعيدة فخورة ترتسم على وجهه .. لقد نجح وحل كل المعضلات .. رفع هاتفه ليتصل بالرقم الذي منحته له .. مرت لحظات قبل ان يسمع صوتها يرد عليه فقال بسرعة ملهوفة ( لقد انتهيت .. اين تحبين ان اضع التصاميم لك )
مرت دقيقة من الوقت بدا فيها انها تتحرك بسرعة قبل ان يسمع ردها المتلهف ( سيكون ذلك في الليل فانا الان بالمطار انتظر قدوم اهلي لاستقبلهن هل لديك مانع )
فهم لما تاخرت بالرد فعلى ما يبدو انها ابتعدت عن الشخص الذي هو معها وقد خمن من هو من ارتباكها اللحظي معه فاجاب بثبات ( سيكون ذلك رائعا )
واقفل الهاتف دون ان ينتظر رد علا عليه والتي ما ان اقفل حتى نظرت الى الهاتف بلهفة ممزوجة بغموض متمتمة ( واخيرا .. وجدنا نقطة التقينا بها بعد كل اتهاماتك )
ثم رفعت عينيها باتجاه زوجها الغارق بمحادثة كانت متاكدة من مظهره بانها مع عشيقته فابتسمت بسخرية غير مهتمة والتفتت لتذهب الى الحمام وعقلها يشرد في مكان اخر .. في ذلك الشاب الاسود الاشعر والعينين .. الحنطي البشرة ..والرجولي الملانمح ...صاحب الجسد الممتلئ بعض الشيء وان توزع امتلائه بسبب طوله .. انه من غزا احلامها طويلا جدا حتى غدا كظلها الآمن .. وزاد شعورها هذا بعدما رات لاول مرة شخص يقف بوجه زوجها مدافعا عنها وموليا اهتمامه لمشاعرها وهو ما كانت تفتقده من الجميع .. لقد استغربت نفسها وانجذابها الغريب نحوه ومع ذلك لم تستطع ان تكف عن التفكير به والاحساس باللهفة للقائه متناسية للحظات بلاءها المتمثل في زوجها الحقير .. دخلت الى حمام المطار لتغسل وجهها كي تنتعش بعد ان جافاها النوم في اليوم السابق وهي تفكر بعلي وبكونه مهندس تستطيع ان تستفيد من خبراته .. اخرجت علبة زينتها لتعيد وضعها على وجهها ولكنها رات في تلك اللحظة فتاة اخرى ترتدي زي طيار تدخل الى الحمام وتقف امام المراة لتعدل هيأتها وتزيل اثار بضع نقاط من القهوة والتي على ما يبدو قد سكبت على سترتها فتساءلت بفضول لم تتمكن من كتمه ( انت .. كابتن طائرة .. هل يعقل ان يتواجد لدينا كابتن طائرة انثى هنا في مصر ؟ )
ابتسمت الفتاة بفخر مجيبة ( انا مساعدة طيار ولكني احلم ان اصير كابتن بالفعل .. وكما قلتي فانا احاول مع غيري من الفتيات النادرات بان نتجرا ونتوظف في هذا المجال في مصر كاسرين القاعدة الذكورية له .. فما رايك يا ترى )
ابتسمت علا بتشجيع مجيبة ( كم هذا رائع .. استمري بالحلم ولا تستسلمي لترسمي الطريق لغيرك كي يتبعه هو الاخر وهكذا حتى ينكسر التسلط الذكوري لهذه المهنة .. سعيدة للتعرف على من هن مثلك ويجعللني افخر باني انثى .. اقدم نفسي .. علا غنام )
ومدت يدها بالمصافحة التي تلقتها الفتاة بلهفة مجيبة ( اشكرك لدعمك وانه لمن الشرف لي التعرف عليك .. انا ادعى نسمة .. المساعد طيار نسمة )
راقبت نسمة علا وهي تغادر الحمام بحماس وقد اسعدها كلامها الذي كانت تشعر بانها تحتاجه قبل ان تواجه نادر لاول مرة بعد اليوم الرياضي .. من شدة توترها سكبت بضع نقاط قهوتها عليها مما زاد من حنقها .. نظرت الى نفسها في المراة لترى انعكاس صورتها وملامحها المرتسمة بقلق فاخذت تتنفس بعمق عدة مرات لتسترخي وتعود لثلجيتها وبرودها فهي ناجحة مهما حاول نادر اشعارها بالعكس .. نجحت بعد عشر دقائق من رفع حصون دفاعاتها التي تحمي بها نفسها من اي اذى قد يطالها .. غادرت الحمام راسمة ابتسامة واثقة حيث التحقت بمكان تجمع الفريق لتلاحظ بشكل فوري نادر الواقف بينهم وقد غطى عينيه بنظاراته الشمسية ووقف بهيبة راسما حدود شخصيته واحترامه على كل من حوله فاقتربت هي الاخرى وقد نوت ان تبقي اي تعامل بينهما يتسم بالبرود والحدودية .. ما ان وصلت حتى حياها الجميع وابتسم سامر لها بحماس فردت ابتسامته بلطف قبل ان تلتفت الى نادر قائلة ببرود ثلجي ( انا جاهزة للمغادرة )
حرك نادر راسه بالموافقة دون ان يبدي اي ردة فعل اخرى سوى اشارته لسامر كي يتقدمه هو وفريق المضيفات قبل ان يلحق به معها .. اختفى من امامها سامر وقد تبعه باقي المضيفات فقررت البدء بالتحرك لتلحقهم ظانة ان نادر سيفعل المثل الا انها تفاجأت بصوته العاصف كجبل جليد مخيف ( مهما كان ما بينكما انت وسامر فانا لا اؤيده لذا اما ان تتوقفن او ساضطر لنقل احدكما .. هل هذا واضح )
وتقدم بالحركة امامها وقد تركها مصعوقة من جراته وتسلطه .. لم تعلم كيف تحركت وتبعته الا انها كانت تبحث في ذهنها عن رد ناري تقذفه في وجهه .. ابتدأ كلاهما باجراءات السفر والتفتت معه وهي تنوي التوجه لمدرج الطائرة الا انها تقاجأت بمن راته يتجه نحوها من احد مخارج ممرات الطائرات وقد شنجتها رؤيته بشكل مخيف لاحظه نادر مستغربا خاصة انها استندت عليه متشبثة بيده بكل قوة ساحقة جعلته يرفع عيناه بدهشة ليرى ما ثبتت عليه انظارها وهنا راى كابتن طيار اجنبي توقع انه الماني من ملامحه المتكاملة مع شعره القمحي وعيناه الزرقاوان وبشرته التي لوحتها الشمس فاستغرب ردة فعلها وكاد يسالها الا ان تحية المانية قاطعته مع شهقة ترحيبية وسؤال ما ان انطلق حتى زاد ضغط يد نسمة وارتجافها المنتفض الذي شعر به من يدها بشكل اخافه وان حاول الا يظهر شيئا مع كلمات ذلك السمج ( اووه .. هل يعقل هذا .. اهذه انت حقا يا نسمة .. انك لم تتغيري ابدا على ما يبدو ) وانهى كلامه مادا يده ليصافحها امام انظار ومسامع نادر المترقب لما يحدث .
انتهى ..


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-17, 11:16 PM   #44

sosomaya

? العضوٌ??? » 331749
?  التسِجيلٌ » Dec 2014
? مشَارَ?اتْي » 612
?  نُقآطِيْ » sosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond reputesosomaya has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ويعطيكي العافية
من التلميح اعتقد انو عماد ابنو لسراج هوة أطلق اسم سمارا على بنتو امتدار لاسم سما
واسيل بشو مريضة أو من شو بتعاني لحتى ترفض الزواج
سلم قلمك الجميل


sosomaya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-17, 09:34 AM   #45

kaj
alkap ~
 
الصورة الرمزية kaj

? العضوٌ??? » 143539
?  التسِجيلٌ » Nov 2010
? مشَارَ?اتْي » 803
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » kaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond reputekaj has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك action
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الروايه رائعه والاسلوب سلس ويجذب القارئ متابعاكي يسلمو لو سمحت فيه روايات سابقه لو فيه ممكن اسمائهم

kaj غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 08-10-17, 01:53 PM   #46

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

يا الهي علي كميه سؤ الفهم الموجوده
يا تري ايه ايلي حصل مع سما وايه ايلي خلاها تسيب حبها ايلي واضح انها لسه منسيتوش
واضح اننا نعيش غموض في الروايه ديه
تسلم ايدك حور بجد


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-17, 07:58 AM   #47

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هازان محمد مشاهدة المشاركة
الفصل رائع كالعاده مبدعه حوريتي
تسلمي غاليتي .. ربنا يخليكي


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-17, 07:59 AM   #48

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجوان مرسي مشاهدة المشاركة
مبروك الرواية
شيقة ورائعة
مع تمنياتي لك بالتوفيق والتقدم
تسلمي غاليتي .. اشكرك من قلبي


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-17, 08:01 AM   #49

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sosomaya مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ويعطيكي العافية
من التلميح اعتقد انو عماد ابنو لسراج هوة أطلق اسم سمارا على بنتو امتدار لاسم سما
واسيل بشو مريضة أو من شو بتعاني لحتى ترفض الزواج
سلم قلمك الجميل
غاليتي .. اشكرك من كل قلبي .. اميد كل اسئلتك هجاوب عليها في الفصول


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-17, 08:03 AM   #50

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة kaj مشاهدة المشاركة
الروايه رائعه والاسلوب سلس ويجذب القارئ متابعاكي يسلمو لو سمحت فيه روايات سابقه لو فيه ممكن اسمائهم
كتييير فرحت بمرورك واجل الي محاولات سابقة هتلاقي نوفيلا بقسم القصص القصيرة باسم لا تلوميني الي وفي كمان اول محاولاتي للكتابة كانت بقصة شيطاني الاسود صاحب القلب الابيض وهاي اكيد فيها اخطاء بس هتلاقيها بقسم الرويات الطويلة


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.