آخر 10 مشاركات
بين قلبين (24) للكاتبة المميزة: ضي الشمس *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          17- غدا يعود الماضي - فيوليت وينسبير (الكاتـب : فرح - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          309- من يحب.. يخسر! - كيم لورنس - (تصوير جديد) (الكاتـب : Gege86 - )           »          زهرة النار -قلوب أحلام زائرة- لدرة القلم: زهرة سوداء (سوسن رضوان) *كاملة* (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : rontii - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-09-17, 01:17 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 130-كلمة السر لا-أحلام قديمة




الرواية رائعة ومنقولة للعلم ولينال كل حقه
شكرا لمن كتبها
130-كلمة السر لا


الملخص
...وقال اليوت آبكوت كلمته: يجيب أن تكوني لي.
وكأن كلمته أصبحت قدرها...فكرت نيفين بجنون:
ياإلهي... لم يسبق أن حدث لي مثل هذا الاستسلام الغامر
للمشاعر... طالما كانت قوية وقادرة، ولكنها الآن تشعر أن
عينيها تخونانها، وقلبها يخونها، فأين المفر؟
ألا يكفي اليوت أن يكون المسؤول عن تحطم زواج أخيها
حتى يسعى إلى تحطيمها هي أيضاً؟
لم يكن سهلا على نيفين أن تتخذ قراراً في مواجهة
جاذبية اليوت المتفوقة، لذلك كان إعلانها لموقفها بمثابة حكم بالإعدام، لكن على من؟







محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:18 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول


1- يجب أن تكوني لي



كان طول قامة الرجل الغريب هو أول ما لفت نظر نيفين.. إضافة إلى الطريقة التي كانت تستقطب فيها الشمس الإنكليزية الباردة ذلك البريق من الرأس الأسمر المرتفع بثقة.
تصاعد الهتاف المفاجئ من الجمع ليجذب اهتمامها بعيدا عن الغريب الطويل القامة.. وعمدت يداها النحيلتان إلى التصفيق، فيما كانت فتاة صغيرة محمرة الوجه تحاول إبعاد جوادها الصغير عن الحلبة بشيء من الوقار.. كانت دايان فارسة محترفة وسيجعلها فشلها في قفزتين متتاليتين متوترة لمدة يومين. لكنها على أي حال لن تكون ممتنة لأية مواساة علنية.
انتقلت عينا نيفين الزرقاوان القاتماتان لتنظرا إلى الجمع وكان معظمه من الأمهات، ما عدا بضع أفراد مثلها يمثلون الأهالي الذين لم يتمكنوا من المجيء إلى هنا.. بدا الجميع متشابهاً أمام عيني نيفين الناقدتين. تنانير جيدة التفصيل، سترات سميكة، مناديل رأس مربوطة في وجه الريح الخفيفة المزعجة، حتى أن الجميع بدا وكأنه يرتدي بزة موحدة.. حتى السيدة هاملتون، والدة دايان، وربة عمل نيفين وهي امرأة أنيقة جداً، كانت منسجمة مع الجميع.

لا حظت عينا نيفين الجوالتان المرأة المسنة التي كانت تحيي بكل سعادة الرجل الغريب، وتبتسم بإشراق في وجهه الأسمر الصارم، بتقدير ظاهر.
اشتدت خطوط فم نيفين وهي تلاحظ الميزات الجسدية التي كانت تصيب كل امرأة ضمن دائرته. كان جسده الرشيق شِركاً للإغواء بحد ذاته وينشر وجهه جاذبية مخيفة بكل قسماته الكلاسيكية المكتملة باستثناء الأنف المقوس المتعجرف والفم المتشدد الذي لا يعرف معنىً للتنازل.. إلى أن ابتسم وتحولت القساوة عندها إلى سحر رجولي ملتهب.
ابتلعت نيفين ريقها، تعي انشداد أعصابها الغريب إذ لا يصل المرء إلى سن الخامسة والعشرين دون تجربة تجاذب. ذلك النداء من جنس آخر الذي يدل على الحيوية. من الغباء أن تصدمها قوة طبيعية عمياء أساسها التجاذب الصرف.. لكن ابتسامة الرجل بدّلت أمور جمة.. وتحولت جاذبيته الباردة إلى حياة نشيطة.
كان لنيفين أسباب هامة حتى لا تثق بمثل هذه الإثارة المفاجئة،
وقوّمت كتفيها لتتغير تعابير وجهها إلى حالة عدم اكتراث ولا مبالاة.
كانت حركتها المفاجئة، أو أشعة الشمس الناعمة على موجات شعرها البرونزي، هي التي لفتت انتباهه.. فتركزت عيناه الغريبتا التركيب بمزيج من اللونين الأخضر والذهبي عليها، لتتفحصاها ببرودة وشمولية.. وعانت نيفين من شراسة العينين. وكادت تنكمش وهما تقيمان وجهها من الحاجبين المجنحين حتى قمة الذقن التي ورثتها هي وأخيها عن والدهما.. وتفحصت نظرة الغريب استدارة ثغرها الرقيق، وشعرها المموج، ونقاط النمش الخفيفة الظاهرة على أنفها المستقيم، وخطوط عنقها الجميل.

لم تعكر صفو جمال وجهه اية مشاعر.. كان يمكن أن يكون مجرد قناع برونزي ملتفت نحوها، مع ذلك ارتجفت خائفة.. حدقا للحظات طويلة ببعظهما عبر الهواء المشحون بطاقة حقل كهربائية ولوّنت شعلة نار ملتهبة خديها.. كشفت البشرة البيضاء تصاعد الدم بسرعة تحتها.. وراقبت بدورها مذهولة انتشار الاحمرار تحت لونه الأسمر، كردّ على احمرارها.
كانت عيناه عبر المسافة المتوترة بينهما ترسلان رسالة بكل تأثيرات وذبذبات اللايزر.
تأثرت مشاعرها وهي تستجمع إرادتها لتستدير عنه،كان ذلك مع معرفتها أنها حين تتذكره ستتذكر فقط قوة الرجل فيه وليس جماله.
ووقعت لحسن الحظ عيناها المرتبكتان على جسد في ثياب الفروسية متجها نحوها عبر الجموع.. فحملت مشدودة وبارتياح صغرى بنات عائلة هاملتون التي كانت تقفز بغير ارتياح في عربتها:
- تعالي حبيبتي، فلنذهب للقاء دايان.
هبطت درجات السلم وهي تحمل أونا كدرع امامها مسرعة إلى دايان.. التي، وككل محبي الجياد، بدأت تخبرها كيف خذلت جوادها الصغير..كانت لا تزال في أوج انطلاقتها في الشرح حين انضمت أليهما أمها بعد دقائق، لتقاطعها بخشونة:
- لقد انتهى هذا الآن. يجد الجميع بعض الصعوبات في البداية..
أليس كذلك نيفين؟
ابتسمت نيفين:
- لا أعرف، فأنا لم أمارس رياضة القفز من قبل. ولكن كالعادة يجب أن نقع في الأخطاء ونتخطاها لنتعلم منها.
هزّت السيدة هاملتون راسها بينما فقد وجه دايان نظرة الحزن.. وقالت:
- نيفين على حق طبعاً.. حتى ولو كانت لا تعرف الركوب. يفترض الناس بطريقة ما أن كل نيوزيلندي هو مولود على سرج جواد.. لكنك فتاة مدينة، ألست هكذا؟
- هذا صحيح.. ومن أكبر مدن نيوزيلندا.

- لا تبدو لي كبيرة جداً لتبقي اليوت آبوكت مشغولاً..
وأشارت السيدة برأسها إلى الغريب الجريء، الواقف الآن مع اللايدي غاردنر وزوجها، مالك القصر المحلي، وأكملت:
- لاحظي.. إنه كالقوى الطبيعية أكثر منه رجلاً.. وهذا ما قد يفسّر سبب وجود مصالح له في جميع انحاء العالم.
- وهل هو من اوكلاند؟
- أجل ، جدّه وجد غاردنر أخوان.
أخفت نيفين دهشتها بابتسامة، مذهولة كالعادة لتشعبات النظام الاجتماعي الذي لم تفهمه يوما، رغم الثلاث سنوات التي أمضتها في المملكة المتحدة.
لاحظت كيرين دهشتها وضحكت:
- أوه.. أنتم أهل المستعمرات؟ تبدون دائماً مندهشين حائرين حين تضبطون عنصريتنا..أرفض تصديق انكم لا تملكون نوعاً من نظام الطباقات في جنتكم الاستوائية.
ردت نيفين بخفة:
- بطبع لدينا.. لكنه ليس نظام متشدداً هكذا.
ارتفعت كتف السيدة هاملتون النحيلة..
- أوه حسن جداً.. ظننت أن اليوت آبكوت معروف لك..إنه مشهور جداً، حتى هنا، وليس فقط بسبب جماله.
- هل هو ممثل؟
ردّت بدهشة:
- أبداً.. أعتقد أنه ما يعرف ((بالمقاول الوسيط))
مرت عينا نيفين بالرأس الأسمر المرتفع بعجرفة فوق كتفين عريضتين:
-حقاً؟
- حقا.. ألا يعجبك المقاولون؟
ردت نيفين:
- لم ألتق يوماً بمقاول وسيط.. اليسوا ممّن يشترون الأعمال ويسلبون أتعاب المستخدمين القدامى فيها؟ سالبي الممتلكات، أو أشياء أخرى كهذه؟
كانت نيفين تتعمد التضليل آملة أن تفهم ربة عملها أنها تكره الرجل بدل أن تكون منجذبة نحوه بشكل لا يطاق.. لكن كيرين قالت:
- أظن أن الأمر أكثر من هذا.. إنه يشبه جمع المال والأفكار والخبرة.. على أي حال نيفين أنه ذكي جداً. خدم نفسه كثيراً.
- أصدقك

- إنه رجل ساحر.. تريده ديليا غاردنر أن يبقى لأكثر من ليلة واحدة، لكنه صدّها. وعلّقت مازحةً على المرأة التي تركها في لندن، التي يبدو أنها إنسانة مذهلة ورائعة الجمال، لكنها لا تحب الريف..على أي حال، ديليا تلقت توبيخاً مهذباً.إنها امرأة سخيفة ولكنها فهمت رسالته.
لم يكن من عادة كيرين الثرثارة، ولم تكن تنتظر رداً.. بل استدارت على الفور لتسأل دايان عن الفارس الذي يجري الآن في الحلبة.. وقررت نيفين وهي تنقل الطفلة أونا من ورك ألى آخر،أن ما تفوهت به السيدة هاملتون كان غريباً. فهي بطريقة ما لاحظت ردة فعلها وأوصلت لها تحذيراً بأن اليوت آبكوت ليس حراً.
حسناً.. لن تراه مجدداً.
لم تندهش مع ذلك أبداً حين قالت لها كيرين بعد الظهر أن ديليا غاردنر اتصلت لتسأل ما إذا كانت نيفين ترغب في أن تأتي معهم إلى حفلتها تلك الليلة والتي تقول أنها حفلة عفوية.
كان الوقت وقت احتساء الشاي للطفلة.. وفتحت أونا فمها لتدس نيفين ملعقة الطعام فيه.. وأحست بالغضب لأن يدها ارتجفت، وقالت باختصار:
- آمل أن تكوني قد اعتذرت لها لأن الطفلة بحاجة إلى من يبقى معها.
-لا .. أظهرت رغبتك في الذهاب.. وستكون السيدة ونتر سعيدة جداً برعايتها ومن الأفضل لك أن تلتقي بشخص من بلادك حتى ولو كنت لا تعرفينه جيداً.
رفعت نيفين رأسها بحدة تقابل نظرة مخدومتها بقلق، وقالت ببطء:
- أنت لطيقة جداً..وعلى الأرجح محقة.
- غالباً ما أكون محقة.. ولن أقلق على تصرفات ديليا لو كنت مكانك.. إنها لا تقصد جرح مشاعر أحد..ارتدي ثوباًجميلا، ذلك الفستان النحاسي اللون سيناسبك كثيراً، وتمتعي بوقتك..تعرفين معظم من سيكون هناك.

أجل إنها تعرفهم، لكن ليس اجتماعياً.. على أي حال أحست نيفين بالفضول وبشيء من الحذر.. فستعطيها حفلة في ((تشايس)) شيئاً
لتكتب عنه في رسالتها القادمة إلى موطنها..وهزت رأسها موافقةً. ثم تحول تفكيرها إلى رسالة أمها التي وصلتها ذلك الصباح.. فلولا معرفتها الأكيدة لأفترضت بأن مسيرة الحياة هناك تدور بطريقة مرضية. لكنها تتذكر رسائل أخرى مماثلة ومرحة ظاهرياً، إنها رسائل كتبتها أمها لتخفي قلبها المحطم... رسائل من امرأة تركها زوجها سعياً وراء امرأة أصغر منها سناً.. فكريستوبل ستيوارت ابتدعت ذلك الأسلوب لتخفي الحقيقة عن ابنتها كي تتمكن من اكمال إمتحانات دخول الجامعة دون ادنى ضغوطات..
تكدّرت كالعادة وهي تفكر بأبيها.. إلى أن اشتكت الصغيرة أونا، التي أجبرتها على إظهار ابتسامة وضمتها إليها.. قائلةً بلطف وكأنها تطمئن نفسها:
- كان هذا منذ زمن بعيد..وانتهى..لكن..أوه..كم أتمنى لو أعرف ماذا يقلق أمي.
لكنها لا تستطيع فعل شيء لها.. الاثنا عشر ألف ميل التي تفصلهما يمكن أن تكون كالأبدية..غضبت فجأة من نفسها لوعدها بالبقاء مع عائلة هاملتون خمسة أشهر أخرى..كانت متأكدة من واقع أن أمها لديها جوفري وتيفاني ليدعماها.
كان جوفري من النوع الذي يعتمد عليه تماماً،كان نعم الأخ الكبير، متحفظاً قليلاً إنما يعتمد عليه تماماً، وكانت زوجته رغم تحفظها لطيفة كذلك. التقتها مرة نيفين حين جاءا إلى لندن لقضاء شهر العسل.. كان يمكن لجوفري أن يختار امرأة أكثر دفئاً وأكثر عفوية، لكنه كان مغرماً جداً بجمالها الفتان، وتعرف نيفين أن مسارات القلب ليست دائماً مفهومة..ثم ضحكت وضمّت أونا قائلةً بحبور:
- لقد ولى كل شيء عصفورتي الصغيرة..لم يبقى شيء.

ابتسمت لها الصغيرة وصفقت قبل أن تمد لها ذراعيها..وفكّت نيفين رباط الكرسي الخاص بالأطفال:
- تعالي حلوتي..آن وقت الاغتسال، ثم اللعب مع مامي، وبعدها الفراش.
فيما بعد.. ناسبها الفستان النحاسي كثيراً..ورشت قليلاً من
عطر(( فيرست)) على عنقها ومعصميها. كان اللون النحاسي يعطي الإشراق لبشرتها الشاحبة..ويلف القماش الحريري كامل قدها الرشيق بإحكام، لكن تصميمه كان بسيطاً بحيث لن تبرز كثيراً..قد تمضي سهرة لطيفة، وتستمتع إذا التقت ضيف الشرف بحث أشياء خاصة بنيوزيلاند، كالخراف، والركبي، وتسلق الجبال..
استقبلتها لسوء حظها، رغم قرارها بالابتعاد وعدم الاختلاط بالموجودين قدر المستطاع، اللايدي غاردنر وكأنها صديقة قديمة طال بعادها عنها، وقدمتها إلى اليوت آبكوت:
- اليوت متلهف جداً للقائك نيفين.. لقد وصفك بدقة حتى أنني عرفت للتو من أنت.
تركزت نظرتها على طول جسم نيفين الرشيق بما يكفي من معنى ليرفع لون الغضب إلى وجه ضحيتها.
رفعت نيفين نظرها إلى وجه اليوت الوسيم، لكنها لم ترى فيه شيئاً سوى التقدير المتحفظ..فمهما كانت وقاحة تقيمه لها، إلاأنه لم يفصح شيئاً الآن، وأتبع كلام مضيفته بإحناء رأسه كياسة مما جعل غضب نيفين يبرد.

خفف الزوجان هاملتون واليوت من حرارة الموقف بلياقة،كان يمكنها أن تجعل اللايدي غاردنر تخجل من تصرفها ..لكن لم يحدث. وبقيت راسخة في ذاكرتها حين تحرك الزوجان مصطحبين نيفين معهما، ابتسامة اللايدي غاردنر الخبيثة وعينيها الحالمتان الزرقاوان.
كان أول الامسية ممتعا..وتكفلت اللباقة نفسها التي لا تتعب بمنع أي دهشة لارتفاع الدرجة الاجتماعية بالنسبة لموظفة آل هاملتون. ووجدت نفسها بعد قليل تحاور زوجين شابين، لهما أقارب في نيو زيلندا ويفكران بالسفر إلى هناك في عطلة، وقد كانا متشوقين للمعلومات.
وقدمت نيفين لهما كل ما يرغبان به، تاركة العنان لشوقها إلى وطنها، واستطاعت المضي في مسعاها بنجاح على أن لاحظت أنها فقدت اهتمام المرأة كلياً..ونظر الزوجان خلفها بعينين متسعتين.
وقع الصوت العميق باللكنة النيوزيلندية بألم في أذني نيفين، حين حياهما اليوت آبكوت بالاسم. وقفت دون أن تنظر إليه، تراقبه وهو يسحر الزوجين.. إنه يحتاج دون شك في مهنته إلى ذاكراة ممتازة ويساعده السحر على ذلك.

لم تندهش حين وجدت نفسها بعد قليل وحيدة معه معزولة عن الآخرين.. واضطرت في الواقع للإعجاب بالطريقة البارعة التي ابتعد فيها وعزلها معه عن الزوجين. وقالت:
- إنجاز رائع.. أراهن أنك لا تواجه أية متاعب في اجتماعات مجالس الإدارة.
ضحك لها مقدراً سخريتها:
- القليل جداً لا أستطيع التعامل معه، والآن من أي جزء من نيوزيلندا أنت؟
السؤال المعتاد.
- من أوكلاند..على اي حال، لم أذهب إلى هناك منذ سنوات.
- تحصلين على خبرتك من الخارج؟
-أجل.
أمضت نصف هذه الأعوام كممرضة في مخيّم لاجيئين في الشرق الأقصى، لكنه لن يهتم بهذا فاللاجئون يحرجون أكثر الناس ويشعرون بالذنب لقلة ما يستطيعون أن يفعلوا لهم، ولا يريدون سماع قصص الأطفال المتضورين جوعاً أو الذين يموتون من الأمراض.
- متى تعودين إلى الوطن؟

قالت بهزة كتف صغيرة، ودون أن تنظر إليه:
- في الخريف المقبل.. فقد وعدت ربة عملي أن ألازمها إلى أن تصبح الطفلة في السنة الأولى من عمرها.
- حين حملتها اليوم ظننتها لك.
شدّ شيء في عمق صوته نظرها إليه، وأحست بأسى فوري للعمق المتوقد الغريب الكامن في عينيه.
- لقد أدهشتني دقة وصفك لي أمام اللايدي غاردنر.. أم أنك لا تهتم ما إذا كانت المرأة متزوجة أم لا؟
- أوه..بل أهتم. لكن وجود طفل لا يعني أبداً الزواج..فهناك دائماً احتمال أنك انفصت عن والده.
سألت بهتمام جاد:
- وهل تفعل هذا دائماً؟ ما فهمته أنك ستبقى هنا ليلة واحدة فقط ، وقيل لي أن لك حبيبة تنتظرك في لندن.. ألا يمكنك قضاء ليلة واحدة بمفردك؟
أصبح غضبه واضحاً في عينيه.. امتلأ الوجه الوسيم فجأة بمظهر التسلط الذي يبعث بالرعب إلى قلب الكثيرين من مدراء الشركات، حسناً، لكن ليس أنا ..وتصلبت نيفين مدافعة.

- كل هذا لأنني وصفتك بدقة.. اناآسف.. فقد قلت لها أيضاً بأنك تملكين شعراً بلون أوراق أشجار المطاط الجديدة، وثغراً رقيقاً مستديراً، ويتناسب طولك تماماً مع رجل طويل مثلي.. وأن نتوء ذقنك يعطيك جواً من العناد الساحر.
رفع بدفء أصبعاً لوحته الشمس، ومرّره بدقة على شق ذقنها يلمسه بحب.
أحست نيفين بضيق في حنجرتها.. وحذرتها أخر ذرة من عقلها أن تتعقل حتى لا تبدو حمقاء تماماً..وتصلبت تحدق مشدوهة في وجهه، بينما كان يبتسم لها بثقة رجل يعرف قدرته على تحطيم القلوب، فتمتمت:
- أراهن أنك لم تقل لها كل هذا.
- قد أكون نسيت سهواً بعض الأوصاف.. فأنا لم أقل لها مثلاً بأن عينيك تلمعان بلون البريق على جناح طائر العسل الأسود، أو أن هناك ثماني نمشات على أنفك المتعجرف الصغير. ولم أقل لها مثلاً أن خصرك نحيل مستدير.. لم أقل لها كذلك أنني اكتشفت للتوّ بنفسي قدرة مذهلة على الخيال، وأنني في اللحظات القصيرة ما بين رؤيتك لأول مرة والآن أجهدت هذه المخيلة. وأستطيع القول أن ديليا كانت ستفهم كل هذا، لكن لها تلك العادة السيئة في البوح بالحقيقة عند أكثر اللحظات إرباكاً. عدا عن أنني فضّلت قول كل هذا لك بنفسي شخصياً.

وتابع يمرر أصبعه على وجنتها ثم على قوس حاجبها المجنح.. فكرت بجنون.. ياألهي.. هذا لم يحدث لي من قبل، كل هذا الاستسلام الغامر للأحاسيس.. لطالما كانت قوية قادرة.
وتساءلت: هل هذه المشاعر المتدفقة هي التي انتزعت والدها من أمها؟ وحل التفهم المرير مكان الاحتقار الذي أحست به بسبب علاقته بامرأة تصغره بعشرين سنة، كان في تلك اللحظة اليوت آبكوت مسيطراً عليها تماماً.. منطقه البارد يسيطر على تفكيرها ويشلّه.
ثم لاحظت بريق االانتصار في عينيه.. فتراجعت بسرعة إلى الوراء لتقول بخشونة:
- جميل جداً سيد آبكوت. لكن لسوء الحظ لست في مزاج لأن تسلبني لبي ببضع كلمات شاعرية لهذه الليلة.
توقعت منه الغضب والتوتر لنبذها له. لكنه ابتسم متفهماً ذعرها، ثم أمسك يدها قائلاً:
- إذن، فلنر إذا كان بإمكاني هذا برقصي.
حاولت التخلص منه لكنه كان مستعداً لها، فاشتدت أصابعه على ذراعها حتى صاحت ألماً فقال:
- آسف.. هل آلمتك؟

لم يكن آسفاً، ويعرف أنه لم يؤلمها كثيراً.. وكانت متوترة أكثر من أن تلحظ النظرات الموجهة أليهما في الغرفة، ثم أدارها بين ذراعيه،واعترفت لنفسها أنها خافت حقاً.. ياإلهي، ماالذي حصل لدماغي.
- متى ستعود إلى الوطن؟
أجل.. هذا هو صوتها..أحنى راسه ليرد عليها همساً:
- بعد أسبوعين.
خيّم صمت متوتر.. ثم أكمل:
- تعالي معي إلى لندن.
إذن، إنه يحاول إغراءها.
- ماذا عن حبيبتك؟
- أوه..ياإلهي..إنها ليست مهمة..لم يعد أي شيء مهم ما عدا هذا.
قادها بطريقة ما إلى زاوية معزولة.. وأدركت فيما بعد، بعد أن استعادت وعيها وعقلها، أن مثل تلك الخبرة في اكتشاف مثل تلك الزوايا تتحدث بنفسها عن خبرة كبيرة.
قال من بين أنفاسه:
- أبقي معي.. لنعد إلى نوزيلندا معاً.
هزت رأسها نفياً فهمس:
- أرجوك.. أرجوك نيفين، أحتاج إليك.
- تعرف أنني لا أستطيع.
لمعت عيناه الذهبيتان الخضراوان أمام عينيها..

- كل ما أعرفه أن هذا لم يحدث لي من قبل.. فمنذ أن نظرت إليك أحسست بأنني خرجت من هذا الزمن، هذا البعد، إلى حيث القيم الرومنسية الثمينة الحقيقية.. الحب من النظرة الأولى..كنت سأحبك حتى لو كنت متزوجة..مع العلم بأنني من الرجال الذين يشعرون بالازدراء الكبير تجاه من يقيم علاقة مع نساء متزوجات.
يجب أن تكوني لي .. لكنك تخيفينني..
تلاشى صوته وهو يصرح عما في نفسه، وكأنه لا يجرؤ على مواجهة ما يقوله.. وقاومت نيفين بشراسة لتسيطر على المشاعر في داخلها.
وتمكنت من أن تهمس:
- إذن.. دعني وشأني..لا أريد كل هذا.. ثم إن لديك مسؤولية نحو المرأة التي تنتظرك في لندن.
تمتم بشيء قصير وحاد من بين أنفاسه، ثم دفعها عنه:
- لن أدعك تهربين مني بسهولة.. لم أعد أستطيع الرقص معك.. لكن هناك أشياء أخرى نستطيع القيام بها لملء الوقت.. أريد أن أتعرف إليك.
سارت معه إلى غرفة لا يرغب فيها الناس بالرقص، إنما يشغلون أنفسهم بالحديث..قال لها:
- استرخي.. تبدين وكأن شخصاً لكمك على معدتك.
تمكنت أن تبتسم رداً وأن ترتاح لأنها قادرة على تركه بين هذا الجمع.. هكذا حيّت مضيفهما وتقبّلت إطراءه ثم انتظرت فرصة للخلاص.
سنحت لها فرص كثيرة لكنها لم تصل إلى نتيجة.. فقد كان اليوت يراقبها بعينين حذرتين ليبقيها إلى جانبه. وحيت الزوجين هاملتون حين وصلا بابتسامة وكأنها تتوسل العون.

قالت كيرين، وعينا الماكرتان متسليتان إنما متعاطفتان بشكل غريب:
- نحن ذاهبان الآن.
مزجت نيفين التعب مع الندم لتقول:
- أنا مستعدة للذهاب.
وتحركت لتبعد نفسها عن اليوت.
لكن ما من أحد يغافل اليوت آبكوت..وجاء إلى السيارة معهم، وامسك، قبل أن يجلس نيفين في المقعد الخلفي، بكلتي يديها.
قال والسخرية تخبئ تياراً من المشاعر:
- إلى اللقاء مرة أخرى..
صاحت نيفين باضطراب شديد:
-وداعاً.
وانطلقت السيارة وجائتها من المقعد الأمامي ضحكة كيرين لتوتر أعصابها وهي تقول:
- ياله من أسلوب..ياإلهي .. يمتلك الرجل كل شيء.
ماعدا الاستقامة.. لذعت المرارة حلق نيفين ودمعت عيناها متحررة أخيراً من سحر تلك الرجولة الغامرة، وتمكنت من الفهم بوضوح اي نوع من القذرين هو..لقد قال ((يجب أن تكوني لي)) وهو مصمم على تحقيق رغباته الأنانية، حتى أه لم يأخذ مشاعرها بعين الاعتبار.

الحمد لله لأنه عائد إلى لندن في اليوم التالي.
أراحها الروتين اليومي.. وأدخل في نفسها ما يكفي من الهدوء لتمحو من ذاكرتها أحداث الليلة الماضية التي لم تتمكن من السيطرة عليها في ساعات الأرق في فراشها. وبدد لسوء الحظ هدوؤها وصول الخادمة اليومية التي بدت مهتمة، وقالت لها مبتسمة:
- هناك رجل على الهاتف يطلبك..تبدو لهجته مشابهة للهجتك.
وضعت نيفين فنجان قهوتها من يدها..وأيقنت بأنه سيتصل بها قبل مغادرته ((تشايس)) التقطت بتعابير عنيدة السماعة:
- نيفين؟ كيف كان نومك؟
- كالأموات.
كانت ضحكته منخفضة ومليئة بالمعرفة..
- كاذبة. لأنني لم أستطع النوم كذلك.. فلم أتوقف عن التفكير فيك، متى أستطيع أن أراك؟
ردت بجرأة:
- لن تستطيع ، وانا أعني ما أقول اليوت..لا أريد أي شيء له علاقة بك.
اختفى المرح من صوته العميق، وبدا قلقاً:
- أمر مؤسف..لماذا؟
- لأنك تخيفني.

- وأنا أخيف نفسي.. وأنت تكادين تخيفينني حتى الموت، لكن أفضل الطرق للشفاء من الخوف هو مواجهته.. متى سأراك ثانية إذن؟ أعرف أن لديك في نهاية هذا الأسبوع...
- لا.. ولا إلى الأبد..أبداً..لا أريد أية صلة معك.. أو مع أمثالك من الرجال.
سألها بوضوح ناعم:
- ومن أي الرجال أنا؟
ارتجفت نيفين لكنها أكملت:
- رجل يخلط ما بين امرأة وأخرى.. ويحاول إقناعي أنها ليست مهمة وهذا لن يساعد في قضيتك معي.
- نيفين..
نطق باسمها مجدداً وبدون عاطفة، ولم تستطيع أن تقفل السماعة..أكمل:
- نيفين.. لن أدع الأمر ينتهي هكذا، ما بيننا كائناً ما يكون شيء لم أعرفه من قبل، وأريد أن أعرفه مهما كان اعتراضك، فلا تجبريني على استعمال القوة.
عضّت على شفتها حتى آلمتها:
- لا تظن أبداً أنك قادر على تهديدي إلى أن أستسلم لك.
- تهديد، قوة، رشوة، ابتزاز، لا يهمني أبداً كيف أفعل هذا، فأنا أريدك...
- لا.
تمكنت هذه المرة من إقفال السماعة في وجهه بقوة. وقالت في المطبخ للسيدة وينتر:
- أرجو أن تنكري وجودي حين يتصل بي أحد إلى المنزل، وسآخذ الطفلة الآن لألقحها عند الطبيب.
- وإذا جاء يزورك؟
- قولي له أنك لا تعرفين مكان وجودي.. أرجوك.
- تعرفين مصلحتك أفضل مني. حسن جداً، سأقول له.
كانت السيدة هاملتون قد سافرت إلى لندن لقضاء يومها تاركة لي نيفين سيارة صغيرة.. كانت تتوقع اليوت في أية لحظة، لذا حملت أونا وحقيبة الضروريات ووضعتهما في السيارة وانطلقت على عجل.. وكأنه غول.. وحاولت بهذه الفكرة العودة إلى روحها المرحة.
بقيت أفكارها تدور حوله طوال وقت انتظارها لتلقيح أونا .. حتى وهي تحاول مواساتها بعد تلقي الحقنة. وهمست لها بنعومة:
- هيا حبيبتي.. اهدائي.. لعبتي.. لقد آن وقت الذهاب إلى المنزل.. توقفي عن البكاء.
كانت الخادمة قد غادرت حين وصلت نيفين إلى المنزل وتركت لها مغلفاً قرب إبريق الماء.. ولم تكن بحاجة لأن تقرأ ما كتب عليه لتعرف من كتبه.. لقد جاء. أنت مجنونة. هذا ما كتبته السيدة وينتر.

صنعت نيفين لنفسها كوباً من الشاي بعد أن ساعدت أونا في تناول طعامها، ووضعتها في الفراش ناعسة.
فتحت الرسالة لتقرأ محتواها..
((نيفين.. لقد عنيت ما قلته لك.. أفضل كثيراً عدم استخدام القوة لكن لو اضطررت فسأجدك ولو كان هذا يعني أن أجوب الدنيا كلها طولاً وعرضاً. توسلت إليك ليلة أمس إنما في المرة القادمة سأستعمل القوة)) وأنهى رسالته مدوّناً عنوانه في فندق ((كوناوث)) مع رقم الهاتف.
سحقت الورقة بين يديها ورمتها في سلة المهملات. إنه لا شيء ، مجرد رجل مغرور عابث عنيد، يطلق تهديدات لا يستطيع بلا شك تنفيذها.. ورفضها له جرح كرامته ولا يعرف كيف سيتعامل مع هذا.. ولم تستطع إلى أن تتذكر اليأس الذي كان يتوسل فيه إليها كي تذهب معه.. بدا مسيطراً على نفسه حتى في تلك اللحظات بكرامة وعجرفة أخافتها. بدا لها من غير المعقول أن يستسلم رجل مثله إلى جاذبية مجنونة..مهما كانت.


قراءة طيبة للجميع

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:18 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني




2 - حكم الإعدام

لم يقل لها أحد من عائلة هاملتون شيئاً عن اليوت آبكوت.. وكانت نيفين شاكرة لهذا، فقد كانت تكابد بمشقة لأبعاده عن تفكيرها دون أية مداخلات خارجية..
لهذا غار قلبها ساعة التقت باللايدي خارج متجر القرية بعد بضعة أيام.. وكان عليها أن تشد عزيمتها لتلتقي بالأبتسامة المتوترة التي حيتها بها، والخبث الذي كان دائم الوجود على تعابير المرأة الأكبر سناً.. وسألت دايان التي كانت ترافق نيفين:
- ماذا كنتما تشتريان دايان؟
- هدية عيد ميلاد نيفين.. ستصبح في الخامسة والعشرين يوم السبت المقبل.
- آه، يالها من مناسبة. وكيف ستحتفل بها؟
- ستسافر إلى لندن.. ستتناول العشاء مع أصدقاء لها لكنهم لم يختاروا المطعم بعد ونيفين لا تعرف الكثير من المطاعم في لندن.
ارتسمت ابتسامة اللايدي غاردنر في عينيها الزرقاوين.
- مطعم ((ادريان)) مكان ممتاز للعشاء.. أسعاره معتدلة والطعام ممتاز فيه.

.
علقت كيرين هاملتون على الحديث بعد أن ذكرته لها ابنتها..
- ((أدريان)).. أجل على الأرجح ستتمتعين به نيفين.. يقوم بصنع الطعام الإنكليزي وبعض الأطباق المحلية الجيدة، والسلمون الرائع، ولحم الطرائد.

اتصلت نيفين بصديقتها صوفيا كرمبتون، التي تنظم لها الاحتفال في لندن، وبادرتها صوفيا بحماس:

- أوه.. أجل. لقد قرأت مقالة تصف طعماهم.. سأحجز طاولة منذ اليوم.
صباح السبت أوصلتها السيدة هاملتون إلى محطة القطار مع تعليمات مشددة بأن تتمتع بعيد ميلادها.. ولوحت لها نيفين حين انطلق القطار، ثم عادت إلى مقعدها.. سعيدة بتوقعات الحرية ليومين.
وصلتها هدية من أمها في نيوزيلاندا، وبطاقة معايدة من جيوفري فيها شيك.. كانت الرسالة محبة بما يكفي، لكن دون أي دليل على أن زوجته تيفاني لها علاقة بها، وهذا أمر غير اعتيادي من جيوفري.. كانت صوفيا تنتظرها، خصلات شعرها تضيء في المحطة المكتظة:
- لقد فقدتي من وزنك أيتها الملعونة. لكن لا تجرؤي على اتباع الحمية في الثماني والإربعين ساعة القادمة.
.
في الشقة التي تتشارك فيها صوفيا مع ثلاث فتيات أخريات، كان هناك اثنتان مسافراتان لقضاء عطلة الأسبوع، وواحدة مبتعدة عن الأخريات في غرفتها، واحتستا القهوة وأخبرتا بعضهما عن أخبار الوطن واستعدتا للسهر،
نادت صوفيا نيفين من الحمام وهي تضع ظلال العيون:
- ظننت أنني رأيت زوجة جيوفري منذ أيام في مخازن هارولد..
لكنني لم أستطيع الاقتراب منها.. فالمحل كان مزدحماً كعادته..
لكن لها نفس الشعر الأحمر الرائع.. وكانت في غرفة مهندس الديكور.
- ليس تيفاني.. فجوفري لم يكسب ثروة بعد.
ملست نيفين فستانها.. إنه رائع. ينسدل القماش الأزراق برقة على قدها.. وهي تصميم آخر لا زمن محدد له، بأكمامه الطويلة، وبياقته المشابهة لياقة القميص، يتناسبان كلاهما مع طول قامتها.. ويزيد الحزام التركيز على خصرها النحيل.. واستخدمت لوناً ليلكياً مائلاً إلى الرمادي كظلال العيون، مع قليل من الأحمر على خديها.
قالت صوفيا وهي مشرقة في فستانها الذهبي والأصفر:
- تسلبين اللب.. أوه لقد وصل الشابان.
والشابان أخوان إنكليزيان، كان الأكبر (( جوزف جاكسون)) صديقاً لصوفيا، أما شقيقه بيتر فقد كان يشبهه، طويل الجسم نحيله، وقد أعجبا نيفين..
.
كان المطعم دافئا ورائعاً .. فيه الخدمة ممتازة.. وأحضروا لهم المقبلات بسرعة قبل أن يتدارسوا لائحة الطعام بهدوء.. وقررت نيفين أن كل ما يحيط بها هو بداية لعشاء ممتع.
استمرت الأمسية جيدة حتى قبل انتهائها بقليل. كانت صوفيا تستمتع بحلوى رائعة إلى أن نظرت من فوق كتف بيتر، وصاحت:
- نيفين. أليست تلك..
رأت نيفين ما شاهدته صوفيا، فشحب وجهها إلى درجة البياض.
صرخت صوفيا مرتعدة،
- نيفين.. لا.. لا يمكنك افتعال فضيحة.
وقفت نيفين ساخطة وعيناها متسعاتان في وجهها، وهي تراقب اليوت آبكوت ومن معه يرافقهما رئيس الخدم إلى طاولتهم .. وتأوهت صوفيا:
- أوه ياإلهي . . أوه، أوقفها.
لكنها تأخرت فقد تحركت نيفين كآلة مسيرة تشق طريقها عبر الغرفة.. كانت مرعبة، جسدها متوتر، في ألم مرير وغضب أشد مرارةً .. ما من شيء بإمكانه إيقافها وهي تسير بين الطاولات.. على بعد قصير من الطاولة شاهدها من كان يجلس عليها.. ووقف اليوت وجهه منحوت كالصخر، لكن نيفين تجاهلته تماماً.
قالت للمرأة الجميلة، صاحبة الشعر الأحمر، التي كانت تنظر إليها وكأنها خارجة لتوها من الجحيم:
- مرحباً تيفاني.. أين جوفري؟
راقبت بعينين باردتين قاسيتين هبوط رموش زوجة أخيها بارتباك.. وقال اليوت بنعومة:
- اجلسي.
وشدها من ساعدها لتجلس.. لكنها كررت بشراسة:
- أين جوفري؟
ونظرت تيفاني بيأس إلى اليوت الذي قال:
- لقد تركته تيفاني يا نيفين..
- لتكون عشيقتك؟ تلك التي قلت لي مرتين بأن لا أهمية لها؟
.
فرفعت صوتها بضحكة الية قائلة لتيفاني:
- كان ذلك حين حاول التغرير بي..
قال اليوت:
- الأفضل أن تتناولي شيئاً تشربينه.
هزت نيفين رأسها لتقول ببرودة:
- لقد أنهيت عشائي لتوّي. كان بإمكاني افتعال فضيحة لكما أكبر من هذه ولست واثقةً من قدرتك رغم حنكتك على التعامل معها.
قال متجهماً: حاولي، وسترين.
فكرت بهذا للحظات.. كان يكمن تحت الهدوء البارز غضب وحشي وحقود ولا يمكنها ترك العنان له، وإلا قتلتهما معاً.
سالت بأدب: متى تركت جوفري؟
نظرت مرة أخرى تيفاني برعب إلى اليوت، فقالت نيفين بحدة:
- ردي علي بنفسك.. أرجوك.
- منذ .. منذ شهر.
هزت نيفين رأسها.
- في نفس الوقت الذي وصلتني فيه رسالة غامضة من أمي. هل تركته إلى الأبد أم أنك ستعودين بعد انتهاء فترة اللهو هذه؟
- نيفين .. لأجل الله ..
- أريد أن أعرف تيفاني؟
تنهدت تيفاني بارتجاف: تركته إلى الأبد.
قالت نيفين دون وخز ضمير:
- أرجو ان تكون قد حصلت على أكبر قدر من المال من عشيقك هذا.. لأنني لا أظن أن ( منصبك) هذا آمن.
- هذا يكفي.
.
لم يرفع اليوت صوته لكنه فرقع كالصوط .. ومد يده مع اتجاف شفتي تيفاني ليغطي يديها المرتجيفتين بطريقة أثرت في نفس نيفين كأمر نوع من الخيانة.
نظر إلى نيفين:
- إذا أردت جرح أحد فجربي جرحي أنا .. لن يكون هذا سهلاً أو مرحاً لأنني أقسى بكثير من تيفاني.. مع ذلك أرحب بك لاستخدامي بديلاً عنها.. شرط أن تكوني مستعدة لتحمل النتائج.
ابتسمت بسخرية مُرّة.
- أيمكن لشيء أن يجرحك؟ مغرور مثلك لديه درع ضدّ أي شيئ .. أليس كذلك؟ لماذا لا تعاني تيفاني من عذاب الضمير قليلاً؟ لا لأظن أن جوفري يحس بالسعادة الآن.. وأضمن لك أنه لا يتناول طعامه في مكان كهذا مع امرأة مجاملة مثلها.
وقفت لتواجه غضب اليوت بابتسامة باردة، وتجاهل كلاهما ترديد تيفاني لاسميهما.. وأكملت نيفين:
- أتمنى أن تتمتع بوقتك كما تمتعت أنا ..
والتفتت لتحي الزوجين اللذين وصلا لجانبهم :
- لايدي غاردنر، لورد غاردنر.
وانطلقت عائدة إلى طاولتها بهدوء.
قالت صوفيا بسرعة:
- نحن مستعدون للذهاب .. ارفعي رأسك عالياً وابتسمي، وخذ ذراعها يابيتر بطريقة طبيعية ودون أن تكون مبالغاً ..
.
كان الشابان لطيفين يحميانها من عيون بقية الموجودين في المطعم .. وكانت نيفين شاكرة لهما بأكثر مما تستطيع التعبير عنه.
صرفت صوفيا في الشقة الرجلين وصنعت لنيفين قهوة وأجبرتها على أن ترتشفها ساخنة .. ثم قالت:
- ستشعرين بانك افضل حالاً لو غسلت وجهك .. وارتدي ثوب نوم .. ألديك صداع؟
- أجل لكنه سيزول ، ولا أحتاج إلى اقراص ضد الألم.
أعدّت لها شاياً معطراً مع قليل من الليمون كما تحبه نيفين تماماً .. واحتستاه معاً بصمت الى أن قالت صوفيا:
- أعتقد أنك كنت ستكتشفين الحقيقة عاجلاً أم آجلاً .. لكن ما هذا الحظ التعيس الذي جعلهما يختاران ذلك المطعم بالذات؟
خف الألم في رأس نيفين كثيراً .. ونظرت إلى صوفيا ضاحكةً:
- لم يكن ذلك حظاً سيئاً.
وشرحت لها باختصار دور اللايدي غاردنر في اختيار مطعم أدريان.
- لكنها لا تعرف تيفاني .. ولا أفهم..
- لقد عملت على أن يكون اليوت آبكوت هناك مع تيفاني، أي عشيقته.
- لكن .. أوه .. أوه. لقد فهمت. بحق الله أين التقيت به؟ هناك؟ فهمت .. لا عجب أن تكوني متوترة هكذا .. صدقاً لقد أخفتني كثيراً ، وكذلك أخفت تيفاني .. لقد بدت فعلاً مذعورة .. لقد بدوتِ كجلاد ينفذ حكم الإعدام..
.
اغرورقت عينا نيفين بالدموع ، وشربت ما تبقى من الشاي ، ثم نفخت أنفها ولفّت يديها حول ركبتيها لتقول بهدوء:
- كانت صدفة تعيسة أن تكون عشيقة اليوت آبكوت هي بالذات زوجة أخي.
وضعت صوفيا فنجناها من يدها:
- اليوت آبكوت .. إنه اسم شهير .. كان موس اليوت قرصاناً شهيراً في البحر الإسباني .. وحسب ما أذكر جيداً أصبح محترماً بعد عمر قضاه في القرصنة واليوت يتمتع بمؤهلات جده .. إلى أي حد وقعت بحبائله يا نيفين؟
- حسن جدا .. لقد رفضت عروضه.
- لماذا بحق الله تريد اللايدي أن تزعجك ؟ أو أن تحرجك ؟ تبدو لي سافلة.
- أظن ، مما سمعته، أنها تحب العبث لمجرد التسلية فقط. وأظن أنها اعتقدت بأن اليوت سيوافقها على لعبها ، وانزعجت لأنه لم يوافق .. وربما وجدت في هذا الموقف عقاباً لنا معاً .. فلو لم أقبل اقتراحها حول ادريان، ما كانت لتعرف أن تيفاني هي زوجة أخي .. وهذا ما أسميه بالحظ القذر .. أنا آسفة جداً لإفساد الأمسية.
قالت صوفيا شيئاً مختصراً ولطيفاً ، حمل الابتسامة إلى شفتي نيفين الشاحبتين .. وقالت:
- ياإلهي .. لقد جعلت من نفسي حمقاء أمام الجميع.
- بالكاد لاحظك أحد .. أنت تعرفين أهل لندن .. لن يهتموا مهما حدث . وهذا ما يعجبني فيهم.
ساد صمت لم يقطعه سوى صوت مرور سيارة عن بعد ، ثم قالت صوفيا:
- نيفين ؟
- نعم؟
- ماالذي حدث بينك وبين اليوت آبكوت؟ إذ ليس من عادتك خسارة برودتك أمام رجل ما.
التوى فم نيفين:
- أظن أنه ما يدعى بالأنجذاب من أول نظرة.. الأمر فظيع ، وأحسست بالعجز.


.

- وهل أحس بنفس الاحساس نحوك؟

- قال هذا .. وأظنه .. أجل. أحس.
مرت فترة صمت أخرى ، قاومت خلالها مشاعر الغيرة التي كانت تتآكلها .. لقد عانت الكثير حين رأت رأس اليوت الأسمر ينحني نحو رأس تيفاني .. وأصابعها الجميلة المزينة بالطلاء الأحمر ترتاح على ذراعه .. ساعتها ، وكما الآن ،صاح كيانها كله باحتجاج مرير.
صبّت صوفيا كوبين آخرين من الشاي .. وقالت نيفين في محاولة لأبعاد تفكيرها المعذب:
- من الأفضل أن أتصل بأمي.. علّها تخبرني عن حال أخي؟
- إنه مشتت ومعذّب كما أعتقد.
- أخشى هذا .. فقد كان مولها بحبها .. السافلة.
قالت صوفيا بتعقل أجش:
- إنه أفضل حالاً دونها .. صحيح أن هذه كلمة تقال ، لكنها الحقيقة.
- لقد مات أبي بتحطم قلبه. عاد حين تركته عشيقته زاحفاً إلى البيت كالكلب المسعور، وأخذ يذبل. كان يحبها لدرجة الهوس .


- وتظنين أن جوفري .. أوه نيفين .. أنا على ثقة بأنك مخطئة.

– ياإلهي . أتمنى هذا .. أقسم فيما لو حدث له مكروه بأنني سأقتل تيفاني .. واليوت آبكوت معها.

- أنت متعبة، ولا تعرفين ما تقولين .. تعالي ، دعينا نذهب إلى الفراش .. ستبدو الأمور أفضل حالاً في الصباح.
.
تمكنت نيفين بالتدريج من ابعاد ذكرياتها ومشاعرها علّها ترتاح قليلاً من التوتر الذي سبّبه لها اليوت وتيفاني.. وساعدها في ذلك الفتاتان من آل هاملتون اللتان أصبحتا عزيزتين جدا على قلبها.
كانت رسالة أمها لها حول جوفري رسالة متفائلة .. حصل على أمر الطلاق، وما عليه الآن سوى الانتظار سنتين قبل أن ينفذ الحكم بشكله النهائي . كان لا يزال يعمل بجهد كبير .. لكنه وجد مؤسسة كبيرة اهتمت بدعم آخر مبتكراته التي ستكون دفعاً كبيراً لمعنوياته . ولقد حصل جوفري على دخل جيد من تسجيل الكثير من اختراعاته الآلية ، آخر اختراع له كان الأعظم.
ودّعت نيفين في منتصف الخريف أونا ودايان .. وودّعت كذلك والديهما ، وأدركت بارتياح أنها لن تضطر بعد الآن لروية اللايدي غاردنر أو أن تتحمل لؤمها وتعليقاتها الشريرة. حاولت المرأة مرات عديدة اجتذاب ردة فعل منها لكن نيفين كانت في كل مرة تحدّق فيها بجرأة ، وتعامل تطفلها بجدية هادئة إلى أن استسلمت.


.

ودّعت ما تبقى من أهل القرية الذين تعرفهم بشيء من الأسى ثم سافرت إلى لندن مع كل شيء تملكه في حقيبة . وأمضت أسبوعاً محموماً تستعد لحفل زواج صوفيا إلى جوزف جاكسون، كانت الوصيفة. ثم انتقلت لتسكن في نزل ، لتحظر لسفرها إلى موطنها وشغلت نفسها بين هذين الموعدين بالتفرج على معالم لندن وتمتعت بأن تكون لوحدها ، فالعزلة كانت تناسب مزاجها.

كانت في اليوم السابق لسفرها في طريقها إلى المعرض الوطني حين بدأت السماء تمطر.. مما دعاها إلى دخول دار ((نيوزيلند)) فقررت الانتظار حتى انتهاء المطر .. والتقت هناك وهي تقرأ صحيفة من ((ويلنغتون)) بفتاة أمضت معها مرة نهاية اسبوع ممطرة تعيسة في نزل للشابات في ((لايك ديستركت)) قالت لها الفتاة بعد التحيات المتعجبة المعتادة:
- أتعرفين أن هناك رسالة لك في النزل .. إنها هناك منذ مدة.
- لا ؟ من الأفضل أن أذهب لأستلمها .. لطيف أن أراك مجدداً.
- وأنا كذلك .. أبلغي حبي للمسؤولة هناك، هل تسمحين؟
وعدت نيفين مبتسمة أن تفعل، ثم اتجهت إلى النزل ووجدت المغلف قد اتسخ قليلاً .. وكانت الرسالة مركزة على نقطة واحدة:
(( نيفين .. أرجوك اتصلي بتيفاني)) ومعها رقم هاتف في لندن.
لزمها جهد كبير لمنع نفسها من تمزيق الرسالة .. واشتد ضغط فكها بألم. طوت الرسالة عدة مرات قبل أن تدسها في جيبها، ثم اتجهت إلى غرفة الهاتف. وطلبت الرقم لتسمع صوت تيفاني.
- نيفين هنا. لقد استلمت رسالتك لتوي. أهناك شيء خاطئ.
- - لا .. كدت أفقد الأمل في اتصالك بي. متى ستعودين إلى الوطن؟
ردت ببرودة:
- بعد الغد .. لماذا؟
- أريد رؤيتك .. الأمر مهم ليس بالنسبة لك .. لكن بالنسبة لي.
- حسن جداً.. متى ألتقيك؟
- أيمكنك المجيء إلى هنا؟
- وهل الأمر ضروري؟
- أنا ألازم المنزل لأنني متوعكة .. ولن تجدي صعوبة في الحصول على تاكسي يوصلك.
قالت ببرودة شديدة:
- التكسيات هي للاشخاص الذين يملكون مالاً كثيراً.. ماهي أقرب محطة أنفاق لك؟
.
كان انتقاد في محله، وبدأت تيفاني تقول شيء ثم غيرت رأيها وأعطتها المعلومات، مقترحة أن تلتقيا عند شباك التذاكر.
التقتا.. وقالت تيفاني:
- كيف حالك نيفين؟
- بخير .. شكراً لك.
- شقتي على بعد دقائق من هنا.
ما أن دخلتا الشقة الصغيرة المؤثثة بلطف، حتى نظرت نيفين بسرعة حولها واعادت نظرها إلى وجه تيفاني التي سالتها:
- أتبحثين عن اليوت ؟ إنه ليس هنا.
- لم أتوقع أن يكون هنا
ابتسمت تيفاني بقسوة.
- اعرف .. لو فكرت أن هناك أي أمل ولو ضئيل في أن يكون هنا لما جئت. اجلسي وساصنع القهوة.
أخذت تتكلم وهي تحضر القهوة عن عملها كاختصاصية تجميل وانهت كلامها:
- ربما يبدو لك عمل تافهاً، لكنني كنت أرغب دائماً ان أقوم به لأنني كرهت عرض الأزياء.. وانا حقاً أتمتع به.. نحن نعمل كثيراً مع مرضى المستشفيات .. ويقول علماء النفس..
قاطعتها نيفين:
- لست بحاجة لأن تبرري نوع عملك لي..
- صحيح؟ إذن لماذا تنظرين إليّ وكأن عينيك تتألمان كلما رأيتني؟ ما رأيك بي نيفين.. حقاً؟
- وهل الأمر مهم؟
- لا .. ليس مهماً
صبت القهوة، وجلست تمعن النظر في عمق السائل السود:
- ما كان يجب أن أتزوج جوفري أبداً.. فأنا لم أحبه أبداً كما يستحق الحب.
- لماذا تزوجته إذن؟
تراقصت عدّة كلمات من رسالة أمها في رأسها ((جوفري يبذل جهداً كبيراً.. لكنه فقد الكثير من وزنه .. ولا يأكل جيداً .. لقد انطوى على نفسه، أصبح معزولاً.. ويبدو وحيدا جداً))
صاحت تيفاني بغضب:
- لأنه كان.. كان .. كان في ذلك الوقت هو ما احتاج إليه.. شخص أستطيع لاعتماد عليه.. ولقد أحبني فاحسست بالمسؤولية نحوه وبعرفان الجميل.. لم يكن يقصد أن يستخدم حبه كسلاح، لكنه كان يشعرني بالذنب لأنني لم أستطيع أن أحبه كما أحبني.. وأعرف أنني كان يجب أن أكون قوية وأرفض الزواج منه.. لكنه أخذ زمام الأمور بيده ولم أضطر حتى للتفكير . كنت أحتاج إلى ذلك الاستقرار العميق الثابت كالصخر، الذي تمتلكه عائلتكم..
.
- لكن هذا الاستقرار شحب أمامك بسرعة.
ردت بحذر:
- لقد حاولت.. ويعرف جوفري أنني كنت أحتاول، وهذا ما كان يؤلمه.. كلكم متشدّدون خلف ذلك الجو الواقعي الذي تكرسون أنفسكم له بكل تمسك بالدين .. حتى أمك . لقد حاول جوفري جاهداً أن يطمس غضبه وألمه. لكن المسألة كانت مسألة وقت قبل أن يتغلب غضبه على ألمه.. كنت أعرف أن هذا سيحدث، وأن كل التشدد ساعتها سينقلب ضدي.. وكنت خائفة.
- لا تقولي هذا لي . جوفري غير قادر على إيذاء..
وضعت تيفاني فنجانها بقوة كادت تكسره:
- أصغي إلي .. لجوفري نفس طباعك .. عاجلاً أم آجلاً ، كان مقدراً لتلك السيطرة على النفس أن تفلت، ولقد عانيت من حريقها.. أقول لك لأنني أعرف . قد أكون من النوع الذي تحتقرينه.. لكن لدي غريزة قوية للحفاظ على الذات. صحيح أن هذه الغريزة ضعفت قليلاً حين سمحت له أن يقنعني بالزواج، لكنها سرعان ما عادت إلى الحياة.. لجوفري نوع من الصلابة الحديدية التي تحطم الأقل منه شأناً، وهو قادر تماماً على تحطيم كل من يفشل أن يكون من مقاييسه. لقد عشت معه وأعرفه.. ولست الأخت الصغيرة التي أحبها دائماً وحاول حمايتها.
قالت نيفين ببرودة، ويداها ترتجفان:
- هذه طريقة غريبة لأيجاد الأعذار لنفسك.
احتست تيفاني قهوتها:
- حسناً، وماذا في محاولتي تبرير نفسي؟ حين رأيتني مع اليوت نظرت إليّ وكأنني شيء كريه، شيء مقرف، ولم تستطيعي تحمل رؤيتي.. أخذت تنظرين من خلالي كأنني غير موجودة.. حتى حين تكلمت معي.
.
- أكان اليوت يعرف أنك متزوجة؟
توقفت أنفاس نيفين وهي تنتظر الرد ّ.. وقابلت تيفاني بمرارة دفاعية الازدراء الذي بدا قاتماً في عيني نيفين:
- بالطبع لا .. ليس بداية. أقنعتني صديقة لي أن أقوم بعرض أزياء في حفل خيري .. وكان هناك ولم أكن أضع خاتم الزواج..وتعلقت به من أول لقاء .. وحذرتني صديقتي من أنه يكره تحطيم أي زواج، لذا لم أقل له إلا بعد أن تركت جوفري.. وغضب حين اكتشف الحقيقة.
استطاعت نيفين أن تتصور مدى تعلقها باليوت.. وقالت متعبة:
- لم يعد الأمر مهماً الآن .. لم يكن لي الحق أن أكون متعجرفة معك هكذا.. فهذا أمر لا يعنيني.
ضحكت تيفاني بخشونة:
- إذا كنت تصدقين هذا فأنت تصدقين أي شيء .. أكنت تعرفين أنه لم يخرج مع امرأة منذ أن غادر لندن؟ بالنسبة لأليوت ، هذا سجل رائع.. إنه ينتظر عودتك إلى نيوزيلند.
أطبقت أسنان نيفين على شفتها السفلى وقالت:
- هذا لا يرضي غروري .. ولا أصدقه.
- أنا أصدقه .. تبعث لي صديقة في أوكلاند ، من نفس وسطه، بكل أخباره. عرفت أنه وجد امرأة أخرى عندما عاد من تشايس فقد كان مشغول الفكر، وأوضح أن كل شيء قد انتهى بيننا .. فأصررت على الذهاب معه إلى المطعم مع أنني أعرف أنه لم يعد يريدني معه.. أردت أن ألتقي بابن عمه علي أعرف من يلاحق.
أكملت تيفاني بصوت أجش:
- لقد استحقيت ما حصل لي .. فقد كاد يأكلك بعينيه، وكرهني لأنني كنت متزوجة من أخيك.. وكان هذا يعني أنك لن ترغبي أن يكون لك أي شأنٍ معه. قالت نيفين وهي تفكر به:
- لقد تصرف .. كوغد تماماً.
.
لم تبدو الكلمات مسلية أو قديمة الطراز.. ليس بالطريقة التي قالتها .. وارتجفت تيفاني للازدراء الكامن في الصوت والوجه.
- تبدين كقاض يلفظ حكم الإعدام.
بدأ المطر في الخارج ينهمر مرة أخرى..وامتد صمت يخلو من التوتر ليشمل الشقة الصغيرة.. ثم قالت تيفاني:
- كان يعرف أنني أنوي التدرب لأكون خبيرة تجميل، ورتَّب الأمر لي .. كان لطيفاً جداً، أعتقد أن هذا سببه لأنه أدرك عدم قدرته على لومي لكوني زوجة اخيك.. إنه منطقي جداً.
- بل إنه خنزير وقذر.
- ألأنه يعبث مع النساء؟ وهكذا كان جوفري.. أتضنين أنه تزوجني وهو بطهارة الثلج؟ تعّقلي نيفين .. الا زلت ساذجة.
احمرّ وجه نيفين وثبتت نظرها على فنجان القهوة أمامها، وقالت:
- لا شأن لقيمي الأخلاقية في كل هذا.
ابتسمت تيفاني، وقالت ما لم تتوقعه نيفين:
- مسكين اليوت.. ومسكينة نيفين.. أنا، على الأقل، كنت أعرف كيف ستبتدئ العلاقة وكيف ستنتهي. لا يقع رجال مثل اليوت آبكوت في الحب.. على الأقل، ليس مع النوع الذي يرغب في الحب والسعادة إلى الأبد. إنهم يتزوجون لأسباب مادية ،ولا يكون الإخلاص جزءاً من الصفقة.. ولا أعتقد أنه أحب عذراء من قبل .. فلديه مبادئه الخاصة.
لم تقل نيفين شيئاً، فما من شيء لتقوله..عرفت منذ أول نظرة لمحته أنه ليس أكثر من صياد صياد مفترس، ناعم، جميل، وخطير.
.
أكملت تيفاني فجأة:
- لقد أنقذني.. كنت أريده، وقلت له كل الأشياء الغبية التي طالما خدعت النساء أنفسهن بها، وستجدين نفسك تفعلين هذا يوماً نيفين.. وستقولين لنفسك أن هذا هو الحب دون شك.. على الأقل، سيكون لك ذكريات.
- لست غبية إلى هذا الحد.. على أي حال .. من غير المحتمل أن أراه مجددا. ابتسمت تيفاني ساخرة:
- أستطيع القول أنه سيعرف الموعد المحدد لعودتك إلى أوكلاند.
ردت نيفين:
- أنت مجنونة.
لكنها قلقت، وضحكت تيفاني ضحكة غريبة:
- أنا أعرف هذا الرجل جيداً، وقد رأيته كيف يتحرك، إنه لا يقبل الهزيمة.. تذكري، حين يقول لك أنه يريدك، كيف سينتهي بك الأمر؟ لا أظنك قادرة على تحمل علاقة عابرة.
- ليس أكثر من تحملك الزواج.
أجفلت تيفاني، لكنها تقبلت الطعنة دون غضب:
- إذا كنت عذراء، فلا تتشبثي باليوت.. فالرجال مميزون عن النساء.. قد يصرف جوفري غضبه في العمل، أو ربما يلجأ إلى فترة ضياع ليبرهن أنه نسيني.. لكن لا أظن أن أية امرأة تعني بهذا القدر لأليوت، كما يعني له عمله.. لا تدعي نفسك أسيرة كلامه المعسول فتصلي إلى علاقة ما .. لماذا تسعين للألم؟
كناتا قد قالتا كل ما خطر ببالهما .. وللحظات تبادلتا النظرات على أمل أن تتوصلا إلى تفاهم غامض، ثم وقفت نيفين:
- يجب أن أذهب.
سارتا معاً نحو محطة المترو تحت سماء قاتمة رمادية وقالت تيفاني بأسى:
- إنه الخريف.. يكاد يحل الصيف في الوطن الآن .هل ستسافرين رأساً إلى هناك؟
- كنت سأتوقف أسبوع في هاواي.. كانت تبدو لي فكرة جيدة.. لكنني الآن لا أريد سوى الوصول إلى الوطن.
- أوه.. ستتمتعين بإقامتك هناك متى وصلتي.. استلقي على الشاطئ وأعيديقل لونك الأسمر البرونزي..
توقفتا عند مدخل المحطة، ومر بهما صمت مربك آخر.. وتأثرت نيفين بالشجاعة المختبئة في نفس المرأة، فمالت فجأة تقبلها:
- وداعاً.. وحظ سعيداً.
كان ذهول تيفاني ظاهراً ومخجلاً:
- وأنت كذلك.. ابقي لو استطعت على اتصال بي ..أخبري جوفري في الوقت المناسب أنني آسفة.. ليس لتركي إياه بل لزواجي به.
راقبتها نيفين وهي تستدير لتسير في الشارع من حيث أتيا، ظهرها مستقيم وشعرها اللماع مختبئ تحت المنديل.. فكرت وهي تدخل المحطة بأن امرأة مثلها قد تذهب هكذا إلى المشنقة.



.

لم تسمح لنفسها بالتفكير جدياً بتحذير تيفاني لها إلا بعد أن عادت إلى غرفة نومها الصغيرة.. وتساءلت وهي مكتئبة دونما ارتياح في المقعد ما إذا كان اليوت آبكوت يريدها حقاً بما يكفي ليلاحقها كما أشارت تيفاني.. وأصابتها الفكرة بنصف إثارة ونصف خوف، واضطرت إلى إعادة الجزء المتعقل من دماغها إلى سكته الأصلية.
كانت الفكرة من وجهة النظر المنطقية لا يصدقها عقل .. فما يريده منها يمكنه الحصول عليه بسهولة في أي مكان ..فالوعد الأسود لجاذبيته ساحرة بما يكفي ليجذب أية امرأة، ماعدا اللواتي يحببن غيره .. تلك الجاذبية الممزوجة مع شخصيته القوية تجعله لا يقاوم أبداً.


إنها تحتقر كل شيء فيه كرجل.. مهوس يملك غريزة الصياد المفترس، وبرودة لا رحمة فيها.. سوف يكون من المستحيل عليها أن تشعر بأي شيء سوى الإحتقار لرجل تسبب بتحطم قلب شقيقها.

.


قراءة طيبة للجميع

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:20 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث

3_من اجل امرأة

ضمت نيفين امها الى صدرها لتجيب عن سؤالها :
_هونولولو كانت رائعه ..كلها زهور عطره وغروب شمس وبعوض !ولقد احببتها .
_لكنك مسروره بعودتك الى الوطن ؟
_بل ارتعش طرباً ..مثلي مثل كل نيوزيلندي انا مقتنعه ان بلادنا هي افضل مكان في الكون كله ..تبدين بصحة جيده امي ..
وركضت نحو اخيها :
_وانت كذلك جوفري .
ابتسم يشير برأسه الى حقيبتها :
_اهذا كل ماتملكين للسنوات التي غبت فيها ؟
_وحقيبة كتف .
ضحكوا جميعا ليحل المرح مكان القلق البارد الذي يسعى كل منهم الى اخفاءه..كانوا يبدون وكأنهم نسخه عن بعضهم البعض ..الثلاثه طوال القامة ,نفس لون البشره ,ماعدا ان لجوفري لون بشرة ابيه الداكنه اكثر ...وللثلاثه عيون زرقاء قاتمه كلون السماء عند الفجر ..القسمات نفسها لكل وجه .
.
قالت نيفين بسرعه لاخفاء اضطرابها :
_شحنت في الواقع صندوقاً من انكلترا في الباخره ,فيه كل ثيابي الشتويه اضافه الى هدايا تذكاريه .
احست فجأة بالحب والسعادة يغمرانها فأبتسمت لهما بأشراق ..سيكون رائعا ان تشبك ذراعها في ذراع امها ,ولكن كريستوبل لم تجد من السهل يوما ان تظهر حبها جسديا ..وهكذا اقنعت نيفين باحتضان سريع اخر قبل القول بلهفه :
_هيا ,فلنخرج من هنا ..لقد شاهدت مايكفيني من مطارات في السنوات العشر الماضيه .
كانت اوكلاند تشع تحت اشعة الشمس الربيعيه الدافئه .تمتعت نيفين وهم في سيارة جوفري القديمه المحبوبه جدا .الجاغوار ,بالتناقض اللوني مابين سطوح المنازل الحمراء في الضواحي .وبين خضرة الاشجار والمروج .كانت الحدائق مليئه بالزهور ,مرصعه بالالوان ,وكأنها عيون ملتمعه في الظل .
.
ارسلت نيفين وهي تتنهد سعيده ,نظرة سريعه الى اخيها ..ولم يبد لها وكأن حياته تشتت ..كان له وجهاً هادئاً ,صعب القراءة ,بل ومستحيل معرفة مايجري في دماغه الذكي السريع ..لكنه الان يبدو متعباً ,وخطوط قسمات وجهه بارزه .
اعربت تلك الليله السيدة ستيوارت عن قلقها لابنتها بعد مغادرة جوفري الى شقته :
_انه يعمل بجهد كبير ..وانا قلقة عليه .
رفعت نيفين رأسها ..لم ترغب يوماً في ان تبحث امور جوفري مع امها ..وهذا دليل قلقها .اخبرت امها عن لقائها بتيفاني .ثم قالت باندفاع :
_وقابلت اليوت آبكوت كذلك .
نظرت كريستوبل بسرعه وحده الى وجه ابنتها المنحني الى الاسفل ..كان خاليا من التعبير مثل وجه اخيها ..وهي تكبح تنهيدة سألت :
_كيف هو شكله ؟
_ملاك اسود ,شرير .
رفعت الام حاجبها ,فضحكت نيفين وغطت زلة لسانها بخفه :
_قرصان ضخم جريء ,على طراز حديث ..ناعم وانيق ,وفائق الحنكه ..جذاب جداً,ويعرف هذا جداً .رجل رائع ..يخفي خلف كل هذا البريق نوعا من السخريه تخيفني جداً.
_اوه ...يا الهي ..رجل خطير ..اعتقد بانه وتيفاني لم يعودا معاً؟
التوى فم نيفين بسخريه متوحشه :
_لا ..لقد انتهى الامر بينهما ..بعد ان امن لها شقه ..انها شقه صغيره لطيفه ..وهي تتدرب لتصبح خبيرة تجميل ..وعرفت انه هو الذي يصرف على تدريبها .
.
_لطالما كانت تهتم بمثل هذا العمل ..
_اتمنى لو ان جوفري لم يلتق بها .
_لسوء الحظ التقاها,واحبها ,وخسرها .
بالرغم من جهدها للسيطرة على نفسها ,بدا صوت نيفين مرهقا .وتثاءبت بحده ..ووقفت كريستوبل على قدميها :
_انت مرهقه عزيزتي ..اذهبي الى النوم ..ستبدو الاشياء افضل في الصباح .
كانت الام نافذة البصيره لكنها لم تتدخل ..فهي تؤمن بترك المجال لكل شخص خاصه اولادها .
مر الليل بلا احلام ..واستيقظت نيفين على سماء صافيه ,ونهار هادئ جميل ,حتى انها امضت ماتبقى من الصباح تتمتع على الشرفه في مؤخرة المنزل .
كانت كريستوبل برغم تحملها مسؤولية وظيفه بائعه في احد مخازن البيع الكبرى في اوكلاند ,تجد الوقت الكافي للعنايه بالحديقه ..لم يكن عند انتقال العائله الى هذا المنزل من مزروعات حوله ,وهذا الجمال الذي يبهج نظر نيفين الان يعود الفضل فيه الى عناية امها وعملها الجاد ومهارتها .
قالت لطائر الغرنوق البرونزي الانيق الواقف قرب النافوره الصغيره :اوه ..هذا كله نعيم كامل ! وهي تملي نظرها من الزهور البيضاء الزهريه والقرمزيه المحيطه بالنافوره بسعاده .
وقالت تنظر الى قطة متكاسله فوق الجدار :اوه ..ما اروع ان اعود ..لم يبق لي الان سوى الحصول على عمل .
.
لم تتوقع ان يكون هذا سهلاً .لكنها تساءلت بعد اسبوعين من الرد على بعض الاعلانات ,ما اذا كان من الافضل لها ان تعود الى مهنة تربية الاطفال او التمريض ..فمعظم المراكز التي عرضت عليها كانت تتطلب عملاً كثيرا ومسؤوليات دون راتب يذكر ..والكثير منها اعمال مريبه .
قالت لجوفري ليلة وهي تصف له رجلاً اجرت معه مقابله لمدبرة منزل ,ولم يخف نواياه حتى في اول مقابله :
_امر ميؤوس منه .
_ليتني كنت معك ..وما هي فرص الحصول على وظيفه محترمه ؟كنت اظن المستشفيات بحاجه ماسه الى ممرضات كفوءات .
تحركت في كرسيها تراقبه وهو يصب لها كوبا من العصير ,بعد ان دعاها الى العشاء لان والدتها ذهبت الى المسرح ..لكنه لم يعد ذلك الاخ الذي اعتادت ان تمازحه وان تكون سخيفه معه ..وتستطيع ان ترى الان مايقلق امها عليه .
قالت:
_لا ادري ..يبدو انني سأعرف قريبا .
_ سيحدث هذا..لاتقلقي ..اسمعي ,هل تمانعين ان ادير جهاز التلفزيون ؟ارتقب برنامجا واريد ان اشاهده الان ..بل رجلا على وجه التحديد ..
.
كان البرنامج جيدا ..وتمتعت نيفين به حتى نصفه ,حين انتقل الى نقاش عام احد المحاورين فيه كان اليوت ابكوت ..واجفلت نيفين ووجهت نظرة سريعه الى وجه اخيها ..كان يجلس كالتمثال .
تمتمت :
_ساطفئه .
_اتركيه ..فانا لم التق من قبل بهذا الرجل ..اريد ان اعرف ماذا يمتلك ..عدا المال .
_لكن ..
_اتركيه نيفين .
كان يتكلم بهدوء لكنها ارتجفت وهي تعود الى مقعدها .
ما تلا كان يقارب التعذيب ..بكل ثقة نفس بدا اليوت وكأنه في منزله ..وبينما فقد الاخرون اعصابهم وحاولوا عبثاً اخفاء الحقيقه او تبرير انفسهم ..كان اليوت يكشف كل زيف في مناقشاتهم ببضع جمل مقتضبه صحيحه ,ثم يراقبهم بسخريه .
نسيت نيفين وجود جوفري ..نسيت كل شيء عدا حاجتها لتركز عينيها على الشاشه ,تتمتع بوسامة قسمات وجه اليوت بسعاده ..دون وعي منها .اخذت تراقبه الى ان وقف جوفري واقفل الجهاز .
_حسنا ..مارأيك به ؟ لزوجتي ذوق رفيع ..اليس كذلك ؟
_جوفري..
_بعد ان تركتني ,جعلت شغلي الشاغل ان اكتشف قدر ما استطيع عن ذلك اللعين اليوت ابكوت ..اردت ان اعرف ما اذا كان هناك طريقة لارد فيها عليه .
-اوه ..جوفري .
.
_سأفعل هذا يوما ..سأجعله يتمنى لو ان عينه لم تقع على زوجتي السافله ..انه اكبر مني بست سنوات ..وهذه السنوات الست هي رصيدي .
_وتيفاني ؟هل ستجعلها تندم كذلك ؟
_لا ..انها لاتستحق العناء ,تلك الخائنه الكاذبه الغشاشه .
عضت نيفين على شفتيها ..بامكانها ان تقول له ان اليوت ليس ملاما كما يظن لكن نظرة واحده الى تعابير وجهه المشتته الكئيبه كشفت لها ان لاجدوى من قولها اي شيء ,فهو الان اسير المه واذلاله ولن يصغي اليها .
رفع رأسه بعد لحظات طويله ,وقال دون تعبير :
_لقد وصلت الى البدايه ..ستدفعني اخر اله اخترعتها الى الامام .كل ماكنت احتاج اليه هو البدايه ..ولقد اعطتني المؤسسه هذه البدايه ..لسوف انطلق الى البعيد وبسرعه ,وسينتهي بي الامر لاصبح اكثر ثراء من اليوت آبكوت ..سأجعله حين امتلك السلطه يجثو على ركبتيه ..فالكراهيه ورغبة الانتقام توفران لي الدافع القوي لتحقيق الطموح ..هل تلومينني على هذا ؟
قالت بثبات :
_الانتقام اسوأ سبب للقيام بشيء .لكنني افهم مشاعرك ,واتمنى ان لاتنتهي مثله ,قاسيا لارحمة في قلبك .
رد دون اكتراث :
_يبدو ان هذا هو السبيل الوحيد ..لقد بدأ من لا شيء وهو الان مليونير ..اذا تمكن من ان يفعل هذا استطيع انا كذلك ان افعل مثله .على اي حال ...يبدو ان معظم النساء لا يحملن نفس وجهة نظرك عن الرجال القساة ..
انتظرت حين عادت الى المنزل عودة امها ..محاوله ان تجد بعض المنطق في الافكار التي تتلاحق في رأسها ..ووصلت كرستوبل بينما كانت نيفين تعد الكاكاو لمحاولة استجلاب النوم ..وسألتها كريستوبل :
_عزيزتي ..ما الذي يقلقك ؟
استدارت نيفين وكوب الكاكاو الساخن في يدها .
_لقد شاهدنا اليوت آبكوت في التلفزيون ..امي ,اتعتقدين ان جوفري غير متزن ؟لقد تكلم بجنون وكان يعني كل كلمه قالها .
تنهدت كريستوبل :
_ضعي المزيد من الحليب في الغلايه ,سأتناول بعض الكاكاو معك ..لا ..لا اظنه غير متزن ..انه فقط يحاول التعامل مع سلسله معقده ومؤلمه من المشاعر ..مشاعره عميقه جدا لذا كان احساسه بالخيانه قويا ..وهو يحتاج وقتا ليصل الى توافق مع نفسه .
.
أملت نيفين ان يكون الوقت فعلا هو مايحتاجه ..فحين وصل بعد ظهر اليوم التالي الى المنزل ,راقبت وجهه بحذر ..بدا متحفظا قليلا وكأنه محرج لانفجار مشاعره ليلة امس ,لكن ماعدا هذا ,كان كعادته دائما متحجر العينين صلباً.
قال لها بعد التحيات :
_هناك رجل اتعامل معه في المؤسسه يعرف امرأة تستعيد عافيتها بعد نوبة قلبيه ..تعيش مع ابنها الذي يسافر كثيرا ,وتحتاج الى من يكون مسؤولا عنها ..كمرافقه اكثر من ممرضه ..والى السكن معها .
_يبدو لي هذا ممتازاً.
_اذا اردت الوظيفه عليك الذهاب لرؤيتها ..اليك اسمها والمستشفى حيث هي الان .تتوقع ان تراك بعد ظهر الغد ..لماذا لا تريدين العوده الى التمريض نيفين ؟
ترددت تنظر مقطبه الى الورقه التي سجل عليها الاسم والعنوان :
_من الصعب ان اشرح لك ..لكنني في الوقت الحاظر ارغب في شيء اقل انتظامياً.
_اتريدين ان تجدي نفسك ؟
-لا ..فانا اعرف نفسي وما انا ,فانا بارعه في مهنتي ,وعلى الارجح سأعود اليها قريبا..لكنني احتاج الى الوقت لألخص كل ماقمت به وانا مسافرة .واحتاج الى القليل من الهدوء .
لامست خده متحببه :
_يجب ان تعرف ما اعني ..انت في اوقات فراغك تطالع كتب السفر .
ضحك ..يضع ذراعه القويه حول خصرها وينقلها من جانب الى جانب :
_معك حق ..انا سعيد بعودتك حبي .لقد كانت سنوات مستوحشه .
.
***
لم تكن السيدة هولاغ امرأة كبيرة الجسم ,لكنها كانت تسيطر على غرفة الاستراحه في المستشفى دون عناء ..وراقبت تقدم نيفين نحوها بعينين ماكرتين حادتين ,وبابتسامه صغيره .
_قال لي ابني انك ستأتين ,اي نوع من الموسيقى تحبين .؟
لامست ابتسامة نيفين المشرقه بعض المكر :
_الكلاسيكيه ماعدا المعزوفات الكمانيه والوتريه ,والاوبرا خاصه الايطاليه .بعض الموسيقى العصريه "البوب"وبعض الموسيقى الريفيه والغربيه .اغنيات العصر الفيكتوري ...
اتسعت ابتسامة السيدة هولاغ :
_موسيقى مختاره من كل الانواع ..وهل لديك روح مرحه ؟
_بكل تأكيد .
_ما رأيك بنكته عن نفسك ؟
ابتسمت نيفين ساخره :
_استطيع عادة رؤية النكته ..واحيانا اضحك لها .مرة او مرتين وجدت بعض النكات مضحكه .
_انسه "صادقه"..متى تستطيعين المباشرة في العمل ؟
_الا ترغبين في القاء نظرة على اوراق اعتمادي ,او النظر الى اوراق التوصيه ,او اي شيء ؟
_عزيزتي ..ان كنت كفؤة او غير صادقه ,او اكتشفت ميلا للقساوة فيك فسأتخلص منك بسرعه .لا تقلقي ..ماذا تعرفين عن هذا العمل ؟
اخبرتها نيفين ,وهزت المرأة رأسها ,لاتفارق عيناها وجه نيفين ابداً.
_هذه هي بالضبط ..ستتقاضين راتب ممرضه ..وستبقين تحت الطلب معظم الوقت الى ان اتمكن من اقناع ابني انني اموت ..وارغب في ان استعيد عافيتي خلال ثلاثة اشهر .
_لاشك عندي بهذا ..كنت اعرف ان العمل مؤقت .
_اذن ايمكنك البدء في الغد ؟لا اريد البقاء يوما اضافيا هنا اكثر من اللازم .
.
ضحكت نيفين :
_حسن جدا ..لكنني سأترك اوراقي هنا ,ويجب ان تعديني بقراءتها قبل ان تتخذي وابنك القرار النهائي .هل انا الشخص الوحيد الذي قابلته لاجل العمل ؟
_لا ..ولا اريد اوراقك ..لطالما اتخذت قراراتي بنفسي طوال حياتي ,ولم يكن عندي سبب للندم .لكن ,اذا كان يسعدك ان تتركيها فافعلي ..لن اقرأها ..نيفين اسم غريب ..اختصار ماذا ؟
_سميت باسم جدتي ,الفرنسية المولد .
_انه اسم طبيعي مثلك .وهو جميل ,لقد احببته ,ساراك في العنوان الذي على الورقه غدا في الثالثه ..وداعا .
نزلت نيفين في الساعه الثانيه والنصف تماما من بعد ظهر اليوم التالي من الباص متجهة حيث تنتظرها سيارة ,كما وعدتها السيده هولاغ ..وخرجت منها مع تقدم نيفين سيدة متوسطه العمر ,تبتسم بدفء :
_نيفين ستيوارت ؟ انا سالي آيمز ..مدبرة منزل السيده هولاغ ..ادخلي السياره .هل كانت رحلتك مريحه ؟
_لم يكن في الطريق الجبليه شاحنات تعوقنا .
وجدت نيفين انها ستحب سالي آيمز .
_اصبحت الامور مع التمديدات الجديده للطريق العام افضل بكثير ..لكن الجزء الاخر من الطريق الموصول الى هنا هو الاسوء ,وهو مع ذلك غير طويل .
قادت السيارة الى الداخل فوق طريق ضيق مفروش بالحصى ..
تتجنب بلباقه الجواجز على جانبي الطريق .. قررت نيفين بعد قليل ان تثق بقيادة سالي وان بمقدورها التمتع بالمناظر حولها ..حولهما تلال منخفضه وفوقها قطعان من الاغنام ,وابقار حمراء تستظل من اشعة الشمس تحت الاشجار ..كان البعض منها يجتر ما تناوله والاخر لايزال يأكل العشب الندي ..بعد ميل انخفضت الطريق او اكثر بقليل الى واد مزدهر ومزروع جيدا ..فيه حواجز من الشجيرات الشائكه ,واشجار توفر سداً ضد الريح ,والجمال معاً.
قالت سالي :
_نكاد نصل ..انظري بأمكانك رؤية المنزل من هنا .
.
نظرة نيفين نحو الاتجاه الذي اشارت اليه سالي ,واحست بقلبها يرقص فرحاً. كان المنزل زهري اللون ,منتشرأ فوق بقعة خضراء ,خلفه بعض الاشجار الضخمه ,وهو بعيد عن الطريق .لقد شاهدت مايكفي من منازل جورجية الطراز في انكلترا لتعرف الطراز فورا.
تركزت عيناها عليه بصدمه :
_لاشك انه قديم .
_هذا صحيح ..حين اشترته السيده هولاغ وزوجها ..زوجها الاول ,كان مهدما تقريبا .اصلحته تماما .وكذلك الحدائق ..يأتي الناس من كل انحاء العالم للتفرج على الحدائق .انها شديدة الدقه حول التفاصيل ..تحب ان يكون كل شيء في المنزل والحدائق دقيقا كذلك .ولا ادري ماذا ستفعل الان بعد ان اكتمل كل شيء فيه .
كان المنحدر تحتهما مليئاً بالخلنج الربيعي ,وهي محميه على كتف التله من اسوء رياح نيوزيلند,بسور بدائي مليء بالخضره على طول السياج .واصبح واضحا لنيفين ان ربة عملها الجديده لاينقصها المال .
اتضح لها ان المبنى الذي استقبل سيارة الفولفو .والذي يحوي عدة مركبات اخرى ,كان يوما ما اسطبلا للخيل.
كان منفصلا عن المنزل الرئيسي بفسحه عريضه فيها ظليله معرشه ,وحديقة مطبخ ..وكان هناك في احدى الجوانب ,ستائر خشبيه مقطعه تتسلق فوقها ورود من الالوان المختلفه ,تحمي بركة السباحه ..وهناك طريق عريضه مرصوفه ببلاط حجر ,يصل امتداده الى المنزل .
اخذت نيفين نفسا عميقا من الهواء الدافئ المعطر بروائح زهر الصعتر ,وقالت ببساطه :
_انه رائع ..اظن انني سأحب العيش هنا .
ردت مدبرة المنزل صادقه :
_اتمنى هذا ..انه مكان معزول قليلا فيما لو كنت معتاده على حياة المدينه .
ارتفع خط حاجبيها وقالت بلطف :
_هل لي ان ارى السيده هولاغ الان ؟
_لقد اعطاها الطبيب منوما ..كانت نائمه حين ذهبت لالقاك ..سآخذك الى غرفتك .
.
قالت نيفين وهي تلحق بالمرأة الاكبر سنا فوق سلم محفور رائع .
_لا اظن ان السيدة هولاغ تحتاج الى ممرضه او مرافقه .
سارتا في ردهة واسعه مضاءه بأشعة الشمس عبر بابين زجاجيين واسعين ..واجابتها سالي :
_يقول الطبيب انها بحاجه لمن يمنعها من ان تعود الى العمل قريبا ..فهي ليست معتاده على الجلوس دون عمل ..وقد كرست حياتها لحديقتها فقط ,الى ان اصيبت باضطراب القلب ,واظن ان الجميع يعتقد انها ستضجر سريعا ..هاك غرفتك انها قرب غرفتها تماما ,وهناك جرس تستطيع استخدامه لاستدعائك اذا احتاجت اليك ..الان سأعد قليلا من الشاي بينما تفرغين حقيبتك ..ام تفضلين القهوه ؟
_سيكون الشاي ممتازا ..شكرا لك .
_سآتيك بصينيه الطعام ,لاشك انك جائعه .
_اوه ..لا ..لا تفعلي هذا .انا لست هنا لأزيد على عملك عملا .سأجد طريقي الى المطبخ بعد ان افرغ ملابسي ,وآخذ دوشا سريعا .
_حسن جدا ..اذا كنت واثقه انك تريدين هذا ..فالحمام هناك ,انه لك وحدك ,لاتشاركيه احدا ,لدينا بئر ماء اضافه الى خزان مليء بماء المطر ..ونحن الان في الربيع ,وامامنا الصيف كاملا ,لذا حاولي الاقصاد في الماء ...
_اوه ...طبعا .
.
بدأت نيفين بعد ان خرجت سالي بوضع ملابسها في الخزانه ..ربما اختارت السيدة هولاغ او مهندس الديكور اللونين الاخضر والاصفر اليانع للغرفه ,التي تدفئها سجادة بلون العنبر ,فارسية الطراز ,تكاد تخفي الارض الخشبيه اللماعه ,وكان الاثاث يحمل سمة القدم والعنايه ,وعكس الزجاج اللماع على النافذه صورة وجه نيفين وهي تنظر من خلاله الى الخارج .
مررت بعد نصف ساعه اصابعها خلال شعرها البرونزي المغسول والمجفف ,ثم ملست تنورة فستانها ,وخرجت عبر الردهه ,تتبع حدسها نحو المطبخ .
كان المنزل صامتا ,وابوابه مفتوحه امام اليوم الربيعي الندي ,وكانت اشعة الشمس تتسرب في الردهة السفلى ,وتنسكب على السجادة القرمزيه والواح خشب الارض اللامعه ,وتنعكس من زهرية فضيه فيها باقه ورد زهريه ,وتوترت نيفين ,تنقل قدميها بحذر ,ففي الجو اجواء ترقب حذرة .
توقفت مذعورة لسماعها صوتا مكتوما عبر اغلاق الباب خلفها ,وانتفض كل جسمها ووقفت ..واشتدت يداها بقبضتين ,فيما قلبها اخذ يخفق في داخلها وكأنها شاهدت لتوها وحش الكوابيس .
_تعالي الى هنا نيفين .
ضربت الحائط بقبضتها عل الالم يحررها من الغضب الذي جعلها اسيرة له .
_نيفين !
كان في صوته هذه المرة رنة قلق .
همست عبر شفتين جفت الدماء منهما :
_اللعنه عليك ..اليوت آبكوت ..كيف تجرؤ على استخدام اخي لتأتي بي الى هنا ؟كيف تستطيع ؟
.
-كنت مستعدا لاستخدم ايا كان حتى امي ..لكن في هذه الحاله بأمكانك ان توجهي الملامه للقدر ..او للصدفه .
لا جدوى من المقاومه ..امسك يدها يفحص بلطف عقد الاصابع البيضاء حيث ضربت الحائط وابقت عينيها منخفضتين ,ومع ذلك لاحظت بأنه فقد من وزنه .بدا متوترا ,مشدود الاعصاب تحرقها عيناه المثقلتان وهما تتفرسان في وجهها بشراسه وتملك .
امرها بهدوء :
_تعالي الى المكتب .
صب لها القهوة في المكتب من ابريق كهربائي ,وجاءها به الى وسط الغرفه بينما كانت تشعر بكيانها كله مشدود في رفض متزمت .
_اشربي.
شربت مخدرة الاحساس ,دون تأثر حين احرق السائل الحار لسانها ..وبقيت صامته ..اللون الازرق القاتم في عينيها متحجر .كل نمشه بارزه فوق الانف المستقيم ,وهي تحدق من فوق كتفه..وقال بكل ادب :
_الان يمكنك الصياح في وجهي .
اضاء الارتياح حين مررت طرف لسانها على شفتيها تعابير وجهه ,لكن نيفين كانت تحترق بنارها الخاصه ولم تنتبه له .
قالت بصوت اجش بعد صمت طويل :
_سأعود الى منزلي .
_لا .
كانت للكلمه الوحيده وقع ثقيل ,فرفعت نظرها الى اللمعان المتملك الذي تخشاه وتخافه ..وكأنما استيقضت من الموت ,قالت :
_لايمكنك منعي .
_بل استطيع .
اخذ منها الفنجان ووضعه على الطاوله ,وضع يديها على قماش قميصه القطني الرقيق ,فوق قلبه تماما ..ووصلت الضربات الثقيله الى راحتي يدها ,سريعه متوتره ,غير متناسقه .
قال بصوت خشن :
_نيفين .
صاحت :
_لا!
.
لكن الوقت كان متأخرا جدا ..فقد سحق صوتها الصغير على صدره ..اخذت الالوان الحمراء والذهبيه تتراقص خلف جفنيها المقفلين وهو يتمتم :
_اوه ..يا الهي ..كم احتاج اليك ...اتدرين كم طال انتظاري ..قرونا كثيره ..عذاب طويل من الانتظار ..
لم تستطع نيفين الرد ..كانت مسحوره وانتشرت مشاعر حيه في داخلها ,وادركت لاول مره ان هذه المشاعر تولد ضياعا كالالم تماما ..
وهمس بثقل :
_لن تستطيعي مقاومتي .
كان صوته يخلو من اية عاطفه ..جمدت ..وتحول الشوق في نفسها الى عذاب ,الى احباط ,قبل ان تجذب نفسها منه بحده ..ووجهها المتوتر ابيض اللون بكراهية ذاتيه بسبب خيانة قلبها وعقلها .
ضغطت بقبضتها على عينيها :
_اوه ..يا الهي !
لكن لاشيء بامكانه ابعاد صورة تعابيره القاسيه .او بريق الانتصار في عينيه .
استعاد سيطرته على نفسه بسرعة وسهوله :
_ولست ادري لماذا انا كذلك على اي حال ,احدى الاشياء الكثيره التي علمتني اياها امي القاسيه المتعقله هي ان لا اضيع وقتي سدى في النواح .احببت هذا ام لا ,نحن واقع ..وبما انك الان هنا ..سترين بانني لست نذلا ..كما تظنينني .
ارخت ببطء يديها ونظرت اليه بكره :
_ولماذا يجب ان اعرفك ؟اعرف من انت ..وهذا يكفيني .
_انت لاتعرفين شيئا عني .
همست :
_اعرف مايكفي لمنعي من التورط مع رجل اغوى زوجة اخي .
ظنت للحظه انها وجدت شرخا في دفاعاته واشتدت عضله في زاوية فمه بقوة وسرعان ما استرخت قبل ان يتكلم .
وقال بهدوء :
_انت منافقه ..فهذا ليس برد فعل عذري احصل عليه منك .
كرهت سخريته ,وكرهت تذكيره لها باستجابتها لعناقه .كرهته ..وكرهته ..ثم قالت :
_ساعود الى منزلي .
_لن تفعلي .
_وكيف ستمنعني ؟
.
_بكل سهوله ..افضل ان لا استخدم القوة لابقائك هنا ..لكن لو اضطررت فسافعل ..فلا تخطئي.
_كيف ؟ لايمكنك وضع القيود في يدي ..
_الى اي مدى تحبين اخاك ؟
تشنجت كل عضله في جسدها انتظارا لضربة ,وهمست :
_لماذا تسأل ؟
لاشك انه يدير اعماله هكذا ,بثقه لا شفقه فيها ..واكملت :
_ما دخل جيوفري ب..اوه!
وصدمتها المعرفه بضربة كانت تتوقعها .
_اجل ..حين احتاج جوفري دعما ماليا لاخر افكاره ,تقدم الى صديق لي ..اهتم به ولم يستطع مساعدته .فاتصل هذا الصديق بي .وهو يعرف مدى اهتمامي بالتجاره ..فاجريت تحرياتي الدقيقه عن جوفري واعجبني .والتقيت في نفس الوقت تيفاني ,لم يكن اسمها يعني لي شيئا ..فهناك الكثيرون يحملون اسم ستيوارت ..وكم تمنيت عدم لقائها ..لكنها بدت حرة ,ويجب ان تعترفي انها جميله .
سألت بصوت حاد بالغضب :
_اهذا كل مايهمك ؟انها جميله ؟
_لا ..لقد اعجبتني ,كانت مسليه وذكيه ..لكنني غضبت حين اكتشفت انها متزوجه ..مع انها كانت قد تركته .لم تتحدث يوما عنه ,لذا احسست بالصدمه لاكتشافي انه مخترعي العبقري .
تردد ,فقالت بلؤم قدر استطاعتها :
_فرص اكتسابك المال اهم بكثير من اية امرأة ,مهما كانت تعجبك ؟
_رد بلطف :
_لا ..فاختراع اخيك له القدرة على انقاذ الارواح نيفين ..ولو طورناه هنا فلسوف يكسب البلاد كميه كبيره من المال ..ما ان اتخذت القرار بدعمه ,حتى اسست المؤسسه كي تخفي اثري عنه ولا يعلم انني وراءه ..يمكنني ببطء سحب دعمي في اي وقت اشاء ..فقد كان جوفري متلهفا للحصول على الدعم ولم يهتم بالشروط ..وسيكون من المستحيل عليه طلب الدعم من احد .
_لماذا ؟
.
قال لها ان جوفري تنازل للمؤسسه عن حق تسويق اختراعه .
_وهذا يعني ان لامصادر ماليه كثيره امامه ..
_وهل فعلت هذا متعمدا ؟
_تردد ,ثم قال :
_انه اجراء الزامي ..شقيقك نابغه ..اما بالنسبه لليوم ..كنت اعرف متى ستعودين .ولكن لم يخطر ببالي انك لن تعودي الى التمريض في المستشفى ..لقد تعمد ممثلي المالي ذكر امي امام جوفري بعد ان قال له كم تجدين من صعوبة في ايجاد عمل .
_لكنك عرفت قبل وصولي اليوم.
_بل عرفت قبل ان تذهبي لرؤية امي .
رفع نظره اليها يفاجئ تفرسها البائس فيه ..اسودت عيناه وتشابكت للحظات عيونهما ,ثم هز رأسه وقال فجأة :
_لم اكن اتوقع ان يكون الاتصال بك بهذه السهوله ,ولكنه حدث ..ولن ادعك تذهبين .
_وكيف ستمنعني ؟
_استطيع سحب الدعم .
شهقت ,فهز رأسه :
_قلت لك انه كان متلهفا للحصول على الدعم ..ولو فعلت هذا .اضافه الى خسارته زوجته لوجد صعوبه كبيره في اكمال الشيء الوحيد الذي يبقيه في كامل عقله في الوقت الحاضر .
صاحت بصوت اجش مرتفع :
_وكيف تعرف هذا .
ابتسم دون مرح في عينيه :
_اعرف .
_كل هذا بسبب امرأة ؟
_كل هذا بسببك انت ..لكن لن اتوقع منك ان تقدمي نفسك كضحيه في سبيل شقيقك ..ولن اصر على طلب شيء ..كل ما اطلبه ان تعطينا الوقت لنتعرف الى بعضنا البعض اكثر .
.
تقدم الى حيث تقف دون حراك ,فوضع يده على كتفها ليديرها نحوه :
_مثلا :الى ان اخبرتني امي بالامس ,كنت سأقول ان الموسيقى والاغاني الفيكتورية العهد ,وانت ..
صمت ورفع رأسها الدامع العينين اليه ,ثم ضمها بدفء :
_نيفين ..لاتبكي حبيبتي ,ارجوك ,لاتبكي ..لا اريد ان تكوني تعيسه ..
_ايمكن ان تتركني اذهب ؟
_لو تركتك فهل تخرجين معي ؟
فتحت عينيها باتساع لتلقي بالسؤال المتجهم في عينه .وهمست :
_لا .
لم يعط نفسه وقتا للتفكير :
_اذن سيبقى ردي كما هو ,لا ,ستبقين هنا .
خلصت نفسها منه بوقار جعلها فجأة تبدو مخيفه ,وربما كان قد لاحظ انها وصلت الى منتهى قدرتها على التحمل ,فتركها دون اعتراض .
_لقد حصلت لنفسك على صفقه .
_حسن جدا ..لا اريد ان يعرف اخاك ,او امي ,بهذا .
عضت شفتها ..يمكنها الموافقه شرط ان لا يعرف جوفري ..وكأنها تفكر بالامر ,قالت ببطء :
_يمكنني ان احاول قليلا من الابتزاز المضاد .
_اتهددينني بكشف غدري لأمي ؟
ابتسم بعد ان بدت عليه التسليه الحقيقيه :
_حبيبتي ..ليس لامي اية اوهام عني ..على اي حال ستجد هذه اعقل طريقه للتصرف ..قلت لك انها قاسيه وعمليه جدا ..وانت لن تستطيعي ان تفعلي هذا ..فانت تدركين تماما واجباتك تجاه مريضتك .
هوت كتفاها بانهزام ,وقالت :
_اظنك تعي انني رقيقة الشعور جدا ..وهذا من حسن حظك .ايمكن ان اذهب ؟لقد وعدت السيدة آيمز بأن اتناول الشاي معها .
.

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:20 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع

4_لو طلبت روحه !
التقيا مجددا في غرفة الاستقبال الصغيره وقبل العشاء مباشرة ..كانت نيفين لاتزال شاحبه ,لكنها تخفي ثورة مشاعرها بوجه هادئ.
كانت تقف قرب نافذه طويله ,تراقب طائر "فاوند "آكل السمك على قمة شجرة مرتفعه تعجب بريشه الازرق والاصفر البراق .كانت قد ارتدت بعنايه للمواجهه تنورة حمراء وقميصا مماثلا ,ووضعت سلسله فضيه حول عنقها ..لم يكن من عادتها التزين بالحلي ,ولكنها حين تفعل كانت تفضل الفضه فالذهب كان يبدو شديد البروز امام لون بشرتها الشفافه .
توترت اعصابها حين انفتح الباب تحذرها من وجود اليوت ,لكنها لم تنظر الى الخلف .
سألها بهدوء :
_كيف وجدت امي ؟
_لايبدو انها تعاني من تأثيرات جانبيه .
_وكيف اقنعتها بملازمة السرير ؟
_قلت لها انها لو ارهقت نفسها اليوم ,فمن المؤكد ان تدفع الثمن غدا ..
_الى ماذا تنظرين هكذا ؟آه ..طائرنا المحلي وهو في افضل مركز للصيد.
_حسبته يأكل السمك .

.
_يدلل نفسه احيانا بأكل السمك ,ولكنه يصطاد فئران الحقول والسحليات كذلك ,كما الحشرات والديدان ..لا شك ان لديه عشاً مليئاً بالصغار الجائعين في مكان قريب ..آه ..ها هو ينطلق .
لمع في لمحة بصر اللون الازرق ,ثم انقض الصياد الصغير ,وارتفع من فوق المرج مثقل المنقار بصيده واختفى بين الاشجار .
قال اليوت بنعومه :
_والان ..اترغبين في شرب شئ قبل العشاء ؟
اتخذت نيفين وهي ترتدي ملابسها ,قرارا صارما بخصوص هذا الرجل ..لن تثق به ابدا ,وستعامله بالكياسه الواجبه عليها كرب عملها ,وكمضيف لها ..سوف تتبنى في تعاملها معه تحفظا سيبقيه بعيدا عنها ..ستكون مؤدبه ,متحفظة ,ترد عليه حين يكلمها ,لكنها لن تتطوع في معلومات او حديث ..ولسوف تتأكد ان لا يحصل على فرصه للتقرب اليها ..
قابلت بارتياح اقتراحه في ان تشرب شيئا قبل العشاء ,فهذا سيبعده عنها بما يكفي لتتمكن من ايقاف ارتجاف اطرافها ..لذا بادرته وصوتها متوتر :
_اجل ..كوب شاي ,ارجوك .
وتقدمت لتجلس على مقعد مغطى بالوسائد .
بقيا للحظات يتبادلان النظر ,ثم انفرج وجهه الوسيم بابتسامه لرؤيته التمرد على وجهها ..وقال بنعومه وهو يمد لها يده .
_لا اريد ان اضطر الى الصراخ عبر الغرفه .
تحدت عيناها الصافيتان كمنتصف ليل ربيعي ,لمعان وبريق الكريستال في عينيه وتشابكت النظرات في معركه صاخبه ..كانت نيفين حين وقفت شبه مهزومه ,تحس بمرارة اكثر ,لانها كانت تحارب وتقاوم غرائزها .
_الدرس الاول :نفذي مايقوله لك الرجل ..
لم يجلس الى جانبها ..فبعد ان اثبت وجهة نظره اختار مقعدا في مواجهتها .واخذ يراقبها .
كان تأثير نظراته يشد كل عصب فيها ,لكنها صرت على اسنانها بخضوع ,تصغي الى تعليقاته والى افكاره ,والقليل عن امه ,والمزيد عن هذا المكان ,الذي سيكون سجنها .
قال :يُعرف المكان فعليا بوادي الصياد .وهو مستوطن مشهور بالصيد هنا ."ديك برايتر "وصل الى هنا مع زوجته التي كانت حاملا منذ مئة عام ويزيد ,معه المعدات الضروريه لحياة اعتاد عليها ,حياة سيد انكليزي ..ولم يكن لسوء الحظ التعقل جزءاً من معتقداته ,ولا القدرة على التكيف ,ولا اي ميل للعمل الجاد ..نظر نظرة رعب الى الوادي ,وكان نصفه مستنقعات والنصف الاخر هشيماً ,وهرب الى اوكلاند حيث خسر كل امواله في مضاربات غير حكيمه .

.
ركزت نيفين محاوله ارخاء عضلاتها قبل ان تؤلمها .
_رجل ارعن ..هل باع الوادي ؟
_لا ..فما من احد اراد شراءه ..انما قرر اخيرا ابنه ,الشاب البعيد النظر والاكثر وعيا ,ان يفعل شيء حول اعادة بناء ثروة العائله .فترك اهله حين بلغ التاسعه عشر في فقرهما البائس في اوكلاند وجاء الى هنا .وبنى لنفسه كوخا من الاخشاب في مكان المنزل الان وبدأ العمل في اخضاع الارض .
بدأت دون اراده منها الاهتمام بهذا الرائد :
_وهل هو من بنى المنزل ؟
_اجل ..لقد بناه نسخه طبق الاصل وقدر ما استطاع عن منزل اسلافه ..لاشك انك شاهدت بعضا من امثاله في بريطانيا .
لقد رأتها واحبتها .
_اجل .
هز رأسه :
_نحن نؤمن بأنها تتناسب مع طبيعة ارضنا كذلك ..طراز يمكن بناءه بسهوله .
_لقد قالت السيده آيمز ان والدتك هي التي اصلحت واعادت ترميم المنزل ,والحدائق كذلك .
_انها هوايتها ..لكن لسوء الحظ لم يعد لديها شيء لتفعله الان ..كان الارض والمنزل حين اشترى والداي المزرعه في حالة سيئه ..واستغرقهما سنوات وكميه كبيره من المال والعمل الشاق لاعادتها الى شكلها الطبيعي ..ولقد مات ابي قبل ان تنتهي .
لماذا يقول لها هذا ؟اعطاها حدسها الجواب ..انه يحاول تأسيس روابط بينهما ويشجعها على تبادل المعلومات .
_كم كان عمرك يومها ؟
ابتسم :
_احدى عشرة سنه ,كبير بما يكفي لاكون مزعجاً ..فارسلتني امي الى مدرسه داخليه .
_يبدو لي هذا خشونه منها .
.
_قلت لك انها واقعيه .الا انني تمتعت بالمدرسه ,وتركتها مصمماً على محاولة كسب معيشتي بطريقه غير الزراعه .واغواني عالم المال والسلطه ..كانت امي قد تزوجت "مايكل هولاغ "..لذا كان من الافضل لي ان ابني مستقبلي في اوكلاند .
_الم تتفق معه؟
_ليس تماماً..كنت مستعداً للاعجاب به ..لكنه كان يشعر بثقل سنواته التي يكبرني فيها ,وكان مركزه كزوج لأمي يعطيه حقوقاً محدده ..حقوقاً لم اكن على استعداد لأقبل بها ,كنت شابا ومندفعا وكان هو من الطراز التقليدي والعنيد ..
_هذا امر محزن .
_اوه ..لم نتشاجر ,ولم نلحق الاذى ببعضنا ..انما لم نشاهد بعضنا كثيراً.
_متى عدت الى هنا ؟
نظر اليها ببروده :
_بعد ان مات .
فهمت من رده الكثير ..لقد كره تلك السنوات التي امضاها منفياً ..وقد ساعدته تلك القساوة التي ورثها عن امه المهيبه على تقبل ماضيه .
_ثم ذهبت الى الجامعه ,وانطلقت بعدها وبكميات ضخمه من الحصص والاسهم التي ورثتها عن المسكين العجوز مايكل ,بمؤسستي الماليه ,وتمتعت بعملي على الفور ,بتجربة شجاعتي امام كل مايأتي خاصه الصفقات غير المعقوله ..كان هذا كمن يركب جواداً غير مروض بعد ..لكن ما ان بلغت الثلاثين حتى قررت العوده محترماً..
لم تستطع نيفين منع ضحكتها التي واجهت ضحكته العريضه ..فمهما حاول ان "يعود محترماً"فلا بد ان يبقى في نفسه شيئاً من القرصنه .
قال لها معلقا :
_تبدين اكثر جمالا وانت تضحكين .تشتعل عيناك وتشحب شفتاك حين تغضبين ..اريد رؤيتك تبتسمين كثيرا وانت هنا .
ردت :
_يمكنني ان اكشر عن اسناني كالقرد المدرب ,وهذا كل ما ستحصل عليه .
تغيرت ابتسامته ,ليحل مكانها بروده وتجهم وجهه الوسيم والذكي ,فقال بهدوء :
_ستفعلين ما اريده ..سنرقص وسنتحدث ونتسامر ..
_وتعانقني ؟
_لا ..لن اعانقك الا اذا طالبت انت بذلك ..لقد وضعت الحواجز في رأسك ..لكنني استطيع الانتظار الى ان تزول ..
_ما الذي تفعله بي؟ انت تجبرني على البقاء هنا ..وان اعترف بك ..
_اهذا مايخيفك ؟انت لاتريدين الاعتراف بي كرجل ,لا اكثر ولا اقل من اي رجل اخر .انا بالنسبة لك الوحش الذي سرق زوجة اخيك ,ويجبرك على البقاء ضمن سيطرته ,ولكنك تتهربين مذعوره لانك قريباُ ستكونين لي ,ستصبحين لي ..انظري الي .
وكأن رموشها شدت الى فوق ..نظرت الى عينيه الضيقتين ورعد التوتر عبر الفضاء الفاصل بينهما ,وكأنه البرق الذي طالما شاهدته وهو يقسم الاشجار نصفين .

.
تمكنت اخيراً من الرد :
_وينطبق نفس الامر عليك ..
رد وصوته غير سوي :
_اجل ..لكنني لا اقاوم هذه المشاعر ..انا اعرف ما اريد ولسوف احصل عليه ..اتعلمين انني لم افكر في امرأة منذ رأيتك ؟وانت ؟
صدمها السؤال كقبضة يد تهشم الزجاج ..هزت بذهول رأسها ,ترى متأخره جداً الانتصار وهو يلتمع في عينيه..واصيبت في تلك اللحظه بصدمة حول قوته وامكانياته كرجل .
وجذبها لتقف وكان صدره يعلو ويهبط وكأنه تسلق قمة جبل ليصل اليها ,واطبقت ذراعاه حولها .دفن وجهه في شعرها وكأنما الدفء والقرب يكفيانه .
تحركت يدا نيفين ببطء تلتفان حوله ..
تمتم :
_اوه ..يا الهي !
لم يكن لديها خبرة فيما يحصل ,ولا مقارنه ,لقد مر بها في الماضي مناسبات عديده وقاومت لتتحرر من عناقٍ كهذا ..لكنها مناسبات سرعان ما نسيتها بسرعه .
لكن هذا ما لا يمكنها ان تنساه ,ولا مجال لنفي المشاعر التي تسري في عروقها .
تركها فجأة ,وامسك بها في الوقت المناسب لئلا تقع ,يلامس كتفيها ,يهزها بعنف ,يدفع برأسها الى الخلف .
_نيفين !
ارتفعت ببطء رموشها ,لتكشف عن عينين براقتين فارغتين ..يحرق الاحمرار خديها .
كان وجه اليوت الداكن تحت القناع الوحشي متوتراً ,حتى بدا منحوتا من خشب .واسنانه البيضاء القويه مشدوده ..ومع عودة الوعي الى نيفين ,كان صدره يعلو ويهبط ..ولم يكن ينظر اليها ,بل وقف متأملاً الى فوق رأسها .
سألته بصوت لم تتعرف عليه :
_هل حدث لك مثل هذا من قبل ؟
-لا ..ابداً.
بدأت ترتجف كأنها ردة فعل عنيفه ,واحتقار للذات ..وقالت هامسه :
_لماذا ؟لماذا انت من بين كل الرجال ؟
ابتسم بمرارة للكراهيه الواهنه الباديه على وجهها :
_ولم لا ؟انها مزحة صغيرة من مزحات القدر ,جميلتي ..ايمكنك الوقوف مستقيمه دون دعم مني ؟
هزت رأسها ايجابا تحاول الاختباء من نظراته ,واوصلتها قدماها فقط حتى المقعد المجاور ,فرمت بنفسها فيه ..وراقبت اليوت وهو يكمل ماتبقى من كوبه ,ويأتيها بكوبها ..ولم يواسها انها رأت اصابعه ترتجف ,ولا ان اللون الاحمر القاتم ظاهر علنا تحت بشرته.
قالت بصراحه :
_لا اصدق هذا !لا اصدق ان لك فيٍ هذا التأثير ! لا اصدق !
_محاولة عدم التصديق لن تنجح ..لقد امضيت شهوراً وانا احاول نسيانك .
بالكاد سمعته ..كان دماغها يحاول تفهم الموقف كله .واتجهت عيناها ببطء نحوه .كان جالساً وعضلات يديه تتحرك ,ثم تسترخي وهو يمدد ساقيه ..
_هذا مستحيل ..

.
_الا تلاحظين اننا نستطيع قراءة افكار بعضنا ,تقريباً؟لا ..بل استطيع ان ارى انك ستحاولين اغلاق تفكيرك على هذا ايضاً..كما رفضت تقبل اي شيء يشد الواحد منا الى الاخر .
ردت بغضب :
_ماذا تريد مني ؟
كان في ضحكته المنخفضه رنة المداعبه ,وترت اعصابها وشدت بشرة وجهها ..وقال بعجرفه بارده :
_اريدك كلك ..كل الذكاء ,والروحانيه ,والشخصيه الثاقبه ,كل الدفء واللطف .كله ..لي فقط .
نظرت اليه مرتعدة ..وبدا النمش على انفها بمثابة علامات استفهام صغيره على بشرتها الشاحبه .
_انت مجنون .
_طموح ربما ,ولست مجنوناً .اترين ,انا لا اريدك فقط ..بل يجب ان احصل عليك .وهذا ضروري لي ..
قاطعته :
_وقد ينتهي بك الامر ان تتمنى لو لم تقابلني ..ماذا لو طلبت ذات الشيء منك؟
وقع اليوت اسير التحدي الذي رمته في وجهه ,فتغيرت اساريره ,وكشف دهشته ,وسرعان ما تبدلت دهشته بالقناع الجامد الذي اخفى مشاعره بنجاح .
_اظنني سأكون خائب الامل لو رضيت بأقل من هذا ..ولك على الرحب والسعه ان تأخذي مني ماشئت.
_كن حذراً..فقد اطلب روحك .
راقبت يده فيما بعد وهما يتناولان ثمرة الفريز في غرفة الطعام , وكانت ثابته دون حراك ,نصف مطويه فوق الخشب الداكن المصقول ,وتساءلت بخجل ما الذي دهاها حتى انها استسلمت لمشاعر دراميه ..
كل هذا يخيفها ويرعبها ,هو يرعبها ..وتعرف تماما كيف يحس المدافعون عن حصن ما بعد حصار شديد وسقوط الاسوار التي طالما وثقوا انها ستنقذهم ..عراة النفس ,محرومين .
كانت اثمار الفريز الحمراء القاتمه دون طعم في فمها ..ومع ذلك كانت تبتلعها ,مجبرة تفكيرها على الابتعاد عن الحاضر المخيف ,الى السيده هولاغ التي استقبلتها بعد ان صعدت لتراها :
_لا تنظري الي وكأنني مريضه ..سأغادر السرير في الغد .
_لا سبب يمنعك ,طالما تتذكرين ان الارهاق الان سوف يصيبك بنكسه في الغد .
وتركزت العينان الماكرتان على وجه نيفين :
_اوه ..لن ابالغ في اي شيء ..فانا لاانوي ان اموت قبل سنوات ,سوف ارى احفادي قبل ان ارحل .
-طموح ممتاز ..ويمكنك تحقيقه اذا نفذت ما يطلب منك الى ان تتجاوزي هذه المرحله .
ضحكت السيدة هولاغ .
.
_لقد آن لأليوت ان يستقر ..لقد حصل على فرصه رائعه ,وآن له ان يفكر باستمرارية العائله ..لقد التقيتما في لندن كما اعتقد ؟
ردت بتردد :
_خارجها تماما ..في تشايس.
_مكان جميل ,اليس كذلك ؟من المؤسف ان ابن عمنا هناك رجل غبي ..وزوجته اكثر غباء منه ..من المفيد لهما معا ان يضطرا للعمل من اجل معيشتهما ..هل سيعجبك المكان هنا ؟
_اجل ..انا متأكده ,انه مكان جميل.
_لا يروق سكانه لك كثيرا .
كان على طرف لسانها ان تخبرها رأيها بأحد السكان هنا ..لكنها تذكرت تهديد اليوت .
_اخشى ان اكون بحاجه الى بعض الوقت لآخذ راحتي مع اشخاص قابلتهم لتوي ..كان الجميع لطفاء معي ..
_بالطبع ..فانا واليوت نرغب بالعيش مع الناس اللطفاء ..ربما السبب اننا لسنا لطفاء بحق انفسنا ..الا تؤمنين بتجاذب الاضداد ؟
تجنبت نيفين نظرة المرأة الماكره :
_اخشى ان لا اكون قد فكرت بهذا كثيرا .
_جربي..التفكير اعني ..فمن المذهل كم ان بعض الناس لديهم قدرة على التفكير ,بدلا من استخدام المنطق لتصرفاتهم ..لأليوت مثلا عقل منفتح ولطالما استخدم المنطق اساساً لتصرفه ..لكنه معرض دائما للخطر ,ولو لم يدرك هذا ,وهو لا يعرف كيف يتعامل مع المشاعر التي تجاوز المنطق..اذهبي الان واستعدي للعشاء ..لا اريد رؤيتك ثانية الليله ..ستأتي سالي لتطلعني على اخر اخبار الوادي .
_سأتفقدك قبل النوم .
واحتست نيفين فنجان قهوتها الممتازه وهي تتساءل عن تعليق السيدة هولاغ عن الاحفاد ,مفترضه انها تعنيها .لكن ربما ان هناك امرأة اخرى اختارتها زوجه لأليوت ,واحست بغيره وحشيه حتى ان مجرد التنفس المها .واضطرت الى وضع فنجان القهوة من يدها .
سألها :
_ما الامر ؟
اجفلها صوته فنظرت اليه ,فضح شيء ما في اساريرها امرها ,فأقترب من مقعدها جاثيا ليأخذ يدها بيده مكرراً:
_ما الامر ؟ اتشعرين بتوعك ؟
حاولت تحرير يدها منه :
_لا ..لا شيء .
يالعينيه الجميلتين وشكلهما الرائع وسط وجهه الجميل ..انهما مثقلتا الجفون برموش كثيفه مقوسه .احست ان حناناً غامراً تملكها ,واختلط مع تأثير قربه منها ..وسمعت صوتها يهمس :
_انت رائع .
لم يبتسم ..كان مثلها مذهولاً,وخائفا من هذه التجربه الجديده ..وتوهج لمعان الذهب في عينيه حتى لم تستطع احتماله ..
قال اخيرا بصوت اجش:
_وانت كامله .
.
وانتزعهما من تلك اللحظه صوت نباح لعدة كلاب ,وتحركت شفتا اليوت وهو يتمتم ليصغي الى اقتراب صوت سيارة قادمه ,ثم الى توقفها .
كان هذا رجلا جاء يقابله في عمل من نوع ما ..امضيا ساعه في مكتبه ثم خرجا بينما كانت نيفين تتصارع مع هاتف قديم ريفي الطراز .
_انتظري ..سأعود بعد لحظات ,استخدمي هاتف مكتبي.
_انا قادره ...
لكنه كان يرافق الزائر المندهش الى الخارج ثم عاد بعد قليل ..فقالت غاضبه وهو يفتح لها باب المكتب :
_اسمع ..لا داعي ان تزعج ..
_مامن ازعاج ..من واجبي كمضيف لك ان اسهل لك الامور قدر استطاعتي .
_انت لست مضيفي ..انت رب عملي .
ابتسم :
_اهذا هو الرقم الذي تريدين الاتصال به ؟
_اجل ,انه هاتف امي ..سوف اسجل المصاريف عليها .
رفع حاجبيه :
_فتاتي العزيزه ..نستطيع تحمل كلفة مخابره الى اوكلاند .
قطبت نيفين حاجبيها ,فمال الى الامام قائلا :
_لقد امضيت وقتا طويلا اتساءل خلال الاشهر الاخيره كيف تبدين وانت مبتسمه .انت لا تفعلين هذا دائما ..لكن الواقع افضل مما استطاعت مخيلتي ان تتصوره .في الواقع ,كنت اعيش في وهم خيالي منذ التقيتك ..
_توقف !
_تضحكين ,تبتسمين تلك الابتسامه الخفيفه التي تبتسمينها حين تحاولين اخفاء شيء سلاّك ..
_اليوت !اصمت !
وتغلب صوته على احتجاجها المصدوم :
_فيما بعد وانت جالسه كنت اتصورك ايضا ..كل تلك السيطره على النفس كدرع يجب ان تختفي ..وستكونين لي .
_انت مغرور جدا لو ظننت ان الامر سيكون سهلا .
قال بصوت جاف وساخر :
_واجهي الوقائع ..استطيع ان احصل عليك ساعة اريد ..انما يجب ان تكوني مستعده ,لاننا متى اصبحنا حبيبن سيكون الوقت قد تأخر كثيرا على تغيير رأيك .
_تأكد فقط ان لا اجعلك تنتظر طويلا .
اجل ..هذه هي الرنه المزدريه الحقيقيه .ابتسم غير متأثر بكلماتها :
_يمكنني ان اكون صبورا حين اريد شيئا مثلما اريدك .
_انا لست شيئا.
رفع كتفيه العريضين قليلا .وراقبته نيفين وهو يستدير خلف مكتبه ..وقال بصوت متعب :
_آنا اسف ..لا..لست شيئا ..انت امرأة كامله ,امرأتي انا ..لكنني احب امتلاك فاكهتي وهي ناضجه ,وليست فجه ..لذا سأنتظر .
.
***
لم يترك المكتب وهي تكلم امها .وجلس على حافة الطاوله الاخرى بتعبير كئيب ..اثار عجبها ووترها معاً.ثم حلت الابتسامه في منتصف المكالمه مكان الاكتئاب ..واضطرت الى مقاومة رغبة متوحشه في صفعه على وجهه ..لكنها خشيت ردة فعله وخجلت من معرفتها انها غير قادره على مقاومته .
لم تشعر من قبل بمثل هذا الغضب الذي كان يعتريها حتى قمة رأسها ..ولم تجد سبباً لمداواة مثل هذا التوتر المرهق ..الشيء الوحيد الذي كان يخفف من ارتباكها ادراكها بأن اليوت يمر بشيء خارج خبرته وارادته .
لقد قال "كلك "ويعني مايقول انه يريد خضوعها ,وان يستولي على حياتها كالغازي المنتصر.
لكن الخضوع امر صعب عليها ..ولو سمحت له بأي نوع من النصر فستخسر نفسها ..تماماً كما فعل والدها وجوفري .كانت خائفه من ان تصبح عاجزه عاطفيا مثلهما ..وصفقت السماعه بعد ان انتهت المخابره وهي تحدق اليه فقال :
_بارده جدا ..هل انت دائما واقعيه حين تكلمين امك ؟
_نحن لسنا بعائله تحب المظاهر .
_لا؟ لكنني اعرف احدا منكم يحب التظاهر ..وبشكل مفرط .
_هذه رغبه ,وليست احساسا .لقد رأيت ما يمكن للاحاسيس ان تفعل .
_بجوفري ؟
_وبآخرين .
استدار حول طاولته .يلف اصابعه على معصمها :
_اذن ,انت خائفه ؟
_وانت .الست خائفا؟
_اجل ..اعرف ان احساس هذا موجود ..لقد كان والدي مخلصين لبعضهما ,ولم اعتقد ابدا ان هذا سيحصل لي .
حررت معصمها منه مصدومه :
_اتلمح الى انك تحبني ؟
_وكيف لي ان اعرف ؟لم اختبر الحب من قبل ..ستكونين سعيده لو احببتك ,اليس كذلك ؟فهذا سيعطيك السلطه علي .ولسوف تهدمين العالم من حولنا وتتمتعين بالمجد لو ظننت ان هذا سيحررك مني .
توقعت في الايام التي تلت ان يلاحقها ,لكن بالرغم من اصراره على مرافقتها كلما كان في المنزل ,الا انه لم يلمسها .
تمتعت بطريقه غريبه بنفسها .فالسيده هولاغ كانت تسير على طريق الشفاء لكن تعلقها الصارم جعلها مسليه .كانت دائما تعرف متى تكون نيفين مع اليوت ..وحين تريد يصبح وجهها جامدا خاليا من التعبير كوجه ابنها .
وجدت نيفين نفسها بعد الايام الاولى تقضي وقتا سعيدا .ولانها معتاده على هدوء امها ,فالصراحه غير العاطفيه بين الام وابنها كانت تسرها بدل ان تصدمها .ولم ترتكب غلطه في فهم نوع المحبه بين الاثنين ..بل كانت تصغي والسيده هولاغ تقول لاليوت مانوع الشجره التي ترغب ان يدفن رمادها تحتها .
قالت السيدة بحزم متجاهله ابتسامة ابنها :
_تحت شجرة المانيوليا تلك التي غرستها قرب بركة الزنبق المائي ..وستكون الشجره قد كبرت الى ان اموت ..يجب ان تجتث قبل ان تسد جذورها مصرف المياه ..ولا ادري ماذا دهاني لاغرسها هناك .مع انني زرعت مثلها قرب ملعب التنس .
اشتكى اليوت بحبور :
_اتمنى ان تقرري جيدا ..فهذه رابع شجرة تختارينها هذه السنه ..وتقعين في كل مرة بغرام شجرة مختلفه !
_اه ..لكنني دائما اعود الى جميلتي المانيوليا ..انها اجمل انواع الاشجار في العالم ..فكر بالامر لانكما ستتمكنان في كل سنه من الخروج اليها والقول لبعضكما كم ازهرت .
.
قالت نيفين كابحه عجبها لانها شملتها مع اليوت بكل جراة :
_او نقول ان هذه سنة ازدهار للامهات .
قوبل كلامها بآهات رضى ,وبتعليقات من الاثنين معا ,كل اسوأ من الذي قبله الى ان اطبقت نيفين يديها على اذنيها وصاحت تطلب الهدوء .
شغلت السيدة هولاغ نفسها بكتيب مصور "كاتالوغ"تسجل لائحة بما يعجبها منه وهي تتصفحه ..كان اليوم يوم سبت ,وتمدد اليوت على كرسي طويل ليقرأ صحيفة بعد ان انهوا لتوهم شاي الصباح وتناولوه قرب بركة السباحه ..كانت الشمس مشرقه تعد بصيف مبكر وجلست المرأتان في ظل عريشة عنب ..ولم يبد اليوت منزعج من حرارة الشمس ولا من لمعان مياه البركه ,حتى انه لم يكن يضع نظارات شمسيه ..لقد دفعه الصباح الجميل الى ارتداء بنطلون قصير "شورت "وكنزه قطنيه واسعه ,لكنه كان يبدو انيقا تماما كما في بذلته الرسميه المكتمله التفصيل .
وقبل ان تستطيع نيفين ابعاد نظرها عنه ارتفعت رموشه ,والتقت عيناه بعينيها ,ورأت الشوق مرسوما في عينيه ..فتلاشى هدوء الصباح ..قال بهدوء شديد :
_تعالي لنسبح .
_انا لا اسبح الا في اوج الصيف حينما تكون المياه دافئه .
_هناك جهاز للتدفئه الشمسيه يبقيها هكذا طوال السنه .
_ليس لدي ثوب سباحه .
تحولت بسمته الى شيء من السخريه :
_نملك دائما الاحتياطي منها ..
وقف وتقدم منها ,وجسدها مشدود رفضا :
_من المؤكد ان نجد لك مايناسبك .
حرقت لمسته ذراعها ,وقالت :
_سيدة هولاغ ..
قالت المرأة المسنه دون ان ترفع نظرها :
_اذهبي واسبحي نيفين .والا سيستمر في ازعاجك الى ان تفعلي .
قال ببرودة :
_هيا اذن .
ردت من بين اسنانها :
_حسن جدا .
سارا كالاطفال ,يدا بيد عبر الغرفه الكبيره التي تستخدم كما قالت سالي للحفلات غير الرسميه .."غرفة تغيير الملابس "كانت بنفس الفخامة..
فتح اليوت خزانة ادراج ,وناداها :
_تعالي ..انظري مايمكن ان تجدي ..عليك ان تجهزي خلال خمس دقائق .
نظرة سريعه الى ساعتها قامت عنها بالقرار ..وهي تهمهم سخطا انتزعت ملابسها ,وانتقت ثوب اصفر اللون كان رائعا عليها .
اتجهت رأسا الى البركه وغطست فورا تتجه الى الطرف الاخر ..كان اليوت قد نزل الى الماء قبلها ,وكان مثلها منكبا على السباحه السريعه .


توق
فت نيفين اخيرا ,لتجلس على الدرجه الاخيره من سلم البركه ,ترجع شعرها الى الوراء ..وكأنها اعطت اشارة الى اليوت ليلحق بها ..ولم يكن يلهث ,لكنها استطاعت رؤية ضربات نبضه السريع والمتوتر في عنقه .
قال بخشونه :
_ترسل هذه البدله بالكثيرين من العجائز الى قبورهم ..سيموتون جميعا من ازمه قلبيه ,او ضغط دم مرتفع ,او من الغم لمجرد انك في عمر احفادهم ..وافكر في الواقع انني قد اصاب بنوبه قلبيه ..لكنني على الاقل لن اقلق حول الغم ,لانك في عمر يناسب عمري .
_وكم عمرك ؟
ابتسم :
_ثلاثة وثلاثون ..وانت في الخامسه والعشرين ..كما قلت عمرك مناسب ..اتشعرين بالبرد ؟
قالت كاذبه :
_اجل .
تصل ثقته بنفسه الى حدود الانانيه ..لكن واقع ان لديه كل مبرر لثقته بنفسه ,جعلها تنكمش ,ولمع في ذهنها صورت اليوت ,وتيفاني ..كان الالم الذي تسببه لجوفري ,يقف بينهما وكأنه سيف مسموم .
كان اليوت حين خرجت الى اشعة الشمس ,مستلقيا على معدته فوق الكرسي الطويل نائما ,كان يبدو مسترخيا كقطه كبيره ,متيقظا في كل عضله من عضلات جسده يقظة لاتنام ابدا .
احست بالسقم ,خاصه بعد ان التقت عيناها بعيني امه ..ولم يفدها ان رأت فيهما الشفقه ..اتظن السيده هولاغ انها واليوت على علاقه ؟
قالت بعد الغداء تتسامر مع السيده هولاغ :
_سيدة هولاغ ..انا لست على علاقه مع اليوت .
ردت السيده بصوت ناعم :
_اعرف هذا ..في الحياة التي امضيتها اتعامل مع الجنس البشري ,تعلمت ان لا اتدخل او اتحيز .
قالت نيفين بحذر :
_لم ارغب في ان تظني ان هناك شيئا بيني وبينه من خلف ظهرك .
_انت فتاة جيدة التربيه ..شكرا لك .على اي حال اليوت لا يخشاني ..فلو اراد ان يأتي بصديقة له الى هنا ,لفعل هذا بصراحه .
_اولن تعترضي ؟
رفعت السيدة كتفيها :
_ولماذا اعترض ؟"هنترزفالي "ملك له ..يمكنه دعوة من يشاء الى هنا ..
_اوه ..ضننت ..انا اسفه ..اعتقدت انه لك .
ابتسمت العجوز :
_لا لقد تركه والده له ..لقد كان نسخه طبق الاصل عنه ,اشترى المزرعه وهي مهجوره ,لا يقربها احد .كان مالكها السابق يكسب معيشته بتقطيع شجر "المانوكا"ويبيعه كحطب للنار ..ولم يعد منذ ان دفعنا ثمن الارض لدينا مال لتطويرها ,لذا اظطررنا الى فعل هذا بأصعب طريقه .

.
احست نيفين بالاهتمام ,حتى انها لم تفكر بقسوة سؤالها :
-وكم كان عمرك يوم اتيت الى هنا ؟
ضحكت السيده :
_سبعة عشر سنه ,خارجه من المدرسه لتوي ..كنت اعرف ما اريد ,ولقد حاول والدي اقناعي بالتروي وبتقديم رحله حول العالم ,لكنني قلت انني سأنتظر الى ان اتزوج بيتر فنذهب معا .
_وهل ذهبتما ؟
_لا ..لقد مات ..رحل حبيبي بيتر الرائع المفعم حيويه بداء السرطان الذي لم يكن يعرف بوجوده ..وانا مسروره لانني لم انتظر حتى الواحده والعشرين كي اتزوج .
ظهر الالم لوقت قصير على وجهها ,لكنه سرعان ماتلاشى ,وتلألأت عيناها :
_كان يكبرني بثمان سنوات ..حاله كحال اليوت ,لا ينتظر ابدا متى صمم على شيء ,كان قاسيا وعدوا لدودا حين يغضب ..لكنه كان افضل زوج في العالم ,ووالد رائع لأليوت ..مع انهما كانا يتصادمان دائما ..ولطالما تساءلت كيف سأتدبر امري حين يكبر اليوت .
نظرت الى نيفين بابتسامه متجهمه ..واكملت :
_لكن بيتر لم يكن موجودا ليرى ابنه كبيرا ..كان سيكون فخورا به ..وجاء بدلا عنه "مايكل هولاغ ",الذي صدمه تصرف اليوت العنيد رغم انه احبه واحترمه .
كانت نيفين ترغب ان تسأل لماذا تزوجت مرة اخرى .لكن المرأة اجابت على السؤال بابتسامه دون ان تسمعه :
_لانني اعجبت به ..ولانني كنت وحيده ,ولانه احبني منذ ان التقاني قبل خمسة عشر عاما ..ولعدة اسباب اخرى ,فكرة ان لايحبني احد مرة اخرى كانت تخيفني .وكان زواجنا ناجحا ,مع انه فشل في تطبيع ابني .
ارجعت نيفين خصله شعر الى الوراء ..وتابعت السيده هولاغ :
_انت تملكين نفس نزعته للحريه .لكنها بالطبع مغطاة جيدا .
ضحكت نيفين :
-حريه ؟
_لقد قلت انها مغطاة جيدا .ويجب ان تتقبلي هذا ,والا ستكونين معرضه للاخطار في اللعبه التي تلعبينها معه ..احدى اهم نقاط قوة اليوت هي قدرته على اكتشاف نقاط الضعف ..ولا يهم اذا كان يتعامل مع شركه ,او رجل ,او حتى امرأة .وهو لا يتوانى عن استخدام نقاط الضعف هذه للحصول على النتيجه التي يريدها .
كادت نيفين ان تفضي بسرها اليها ..لكن حتى قبل ان تلتقي نظرتها ادركت انها لن تستطيع طلب المساعده منها .وقالت السيدة هولاغ بلهجة رضى واكتفاء :
_اجل ..لديك الكثير من الشجاعه ..فاعرفي نقاط قوتك ..ولا تستهيني بضعفك ابدا ..هذه هي النصيحه الوحيده التي ستحصلين عليها مني ..والان هيا اذهبي ..سأرتاح قليلا ..وبأمكانك الخروج اذا كنت تشعرين بضجر من البقاء في البيت ..خذي السيارة الصغيره اذا اردت استكشاف المنطقه ..قالت لي سالي انك سائقه ماهره ..وهي ستبقي عينها علي ,لذا يمكنك اخذ بضع ساعات فرصه ,دون ازعاج ضميرك .
لم تعد نيفين قلقه على مريضتها ,فقد كانت في تقدم رائع ,ولا تستسلم للطيش ..في الواقع ,هي لا تحتاج سالي في المنزل .
كان قضاء اليوت لمعظم اوقاته في اوكلاند امرا جديدا على نيفين .وكان لوجودها هناك اهميه كبرى ,فمنذ وصولها وهو ينام في المنزل ,حتى في الليالي التي يتناول فيها العشاء في اوكلاند ,ولا يصل الى المنزل الا متأخرا ..لم يبد عليه ابدا التجاوب وهو يخرج تلك الليله من مكتبه ,ويلتقيها ماره ببابه ..كان يبدو متعبا وغاضبا ,ولكنه ابتسم لها وجابت عيناه وجهها بأعجاب .
_اوه ..تعجبني طريقة رفعك لذقنك حين تلاحظين وجودي ..
_اوه ..اذهب الى الجحيم !

.
ضحك :
_هذا احتمال وارد ..تعالي نقوم بنزهه في السياره .
_لا ..شكرا لك .
_لكنني اصر .
تبادلت النظرات معه ,ذقنه بارز ,الى ان ابتسم وقال :
_اعدك ان لا اضايقك ..الا اذا طلبت مني .
قالت متردده :
_اين ..ماذا سأرتدي ؟
_تبدين مذهله كما انت ..لقد اهملت اصدقائي كثيرا في المدة الاخيره ,لكنني تلقيت بالامس دعوة لهذا المساء ..سيعجبك الزوجان كرومويل ,انهما يعيشان في "اوريوا".
_لكن امك ..
_تعتقد انها فكرة رائعه ..لقد مر اسبوع ولم تأخذي فيه فرصه ..سنذهب الى هناك للعشاء ,فهما سيقيمان حفل شواء .لذا ,اذا اردت ان تغيري ملابسك فارتدي ماهو عادي .
بدلت ملابسها في غرفتها ,وكانت تمشط شعرها حين انفتح باب غرفتها ودخل عليها اليوت وكأن له كل الحق بالدخول .
فصاحت به معترضه :
_كان من الافضل ان تقرع الباب .
_لقد قرعته ,لكنك كنت مشغوله بالتمتمه لنفسك ولم تسمعيني ..مابالك ؟
_اوه ..انه شعري ,فهو كثيف جدا يكاد يدفعني الى الجنون .
تقدم ليقف خلفها ,يمرر اصابعه في خصلة منه :
_انه يعجبني ..فهو كالحرير ..
كان عليها ان تبتعد عنه ..ولزمها قوة اراده كي تمرر المشط الى الاسفل ,متجهه الى طرف الغرفه لتنتعل حذاءها .
_الن تردي لي المجامله ؟
_لا تحاول تعذيبي يا اليوت .
_ولم لا ؟فأنت وتصرفاتك تعذبانني .
اخافتها الكلمات ,ولم تستطع مع ذلك اخفاء السعاده التي تصاعدت فيها ..فقال وقد ضاقت عيناه:
_اجل ..هذا يعجبك ,اليس كذلك ؟تحت هذا القناع المتحجر انت مزعجه ,حلوتي ..صحيح انني لا امانع ,بل اتمتع بمراقبتك تغزلين شباكك ,لكن تذكري شيئا ..لن تستطيعي التهرب ..وستكونين لي في النهايه .
_ستنتظر طويلا .
_استطيع تحمل الانتظار .

.
***

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:21 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس

5 – لماذا تعذبني ؟


كانت عائلة كروموبل تعيش فوق جرف صخري مرتفع ، يمتد الى الشمال من شاطئ (( أوربوا )) الطويل . تمتد أمامهم فسحة واسعة براقة من خليج (( هاواركي )) المزين بأشرعة متعددة الأشكال والألوان ، ويبدو كذلك جزء من أسطول أوكلاند لليخوت .
كان المنزل عصريا أنيقا يظهر للعيان وكأنه معلق في الفراغ ما بين البحر الواسع والسماء .. يبدو المنظر خلابا ، وجميلا جدا ، انما وجدت نيفين (( هانترزفالي )) أكثر اناقة وارضاء .. على أي حال ، كان آل كروموبل أكثر من سعداء بمنزلهم ، وبرؤية اليوت بكل تأكيد .
.
قدم نيفين على أنها ممرضة لأمه ، ورفيقتها . وهذا ما غير بكل تأكيد النظرة في عيني جوك كروموبل الى نوع من الاجفال ، تشاركها مع زوجته . . لكن التردد لم يدم سوى لحظات تذكرت على أثرها بات كروموبل واجباتها كمضيفة ، فسألت وهي تقودهما الى غرفة مطلة على البحر والسماء :
- كيف حال السيدة هولاغ ؟
رد اليوت بصوت جاف :
- بخير . . تعرفين أمي . .
- انها غير معقولة . . أليس كذلك ؟ والآن نيفين ، أقدم اليك (( غي براندون )) ، وهذا (( ريتش )) . . تعرفان طبعا اليوت . . وهذه نيفين ستيوارت .
- كان الأخوان براندون أشقرين متماثلين ، المرأة أقصر بانش أو اثنين من شقيقها ، وتلقت نيفين من الشاب ابتسامة لطيفة ، وتحية حارة . . بينما تركزت عينا غي على اليوت ، وكان في عينيها نظرة أغضبت نيفين . لكنها أكملت تبادل التحيات مع ريتش براندون ، ولم تعره اهتمامها ولم تعي ما كان يقوله لها الى أن أجلسها الى الصوفا يسألها :
.

- كم مضى عليك في (( هانترزفالي )) ؟
- منذ عودة السيد هولاغ من المستشفى . . وسأغادر حين يقرر طبيبها عدم حاجتها الى . .
كانت ابتسامته تغازلها بوضوح : من أين أنت ؟
- من أوكلاند .
- وأنا كذلك .
كان صوته يوحي بأن كل هذا مصادفة غريبة . وأجابت :
- لا أجد هذا عجيبا بما أنها أكبر مدينة ، والوحيدة هنا .
- لا تتأثري هكذا . . كنت فقط أحاول ايجاد رابط بيننا .
- اعتبره موجودا . . فكلانا من أوكلاند ، وكلانا من البشر ، ونتكلم الانكليزية . . وكل هذه روابط كثيرة اذا فكرت بها .
استخدم جسمه لاخفاء بقية الغرفة عن نظرها وقال متذمرا :
- أنت لا تأخذين هذا على محمل الجد ! اذا كنت ستكونين غير مهتمة فكيف يمكن لي أن أقنعك هذه الليلة بالذات ، وقبل أن تغادري ، أنك تعرفينني بما يكفي لأن تخرجي معي ؟
ابتسمت :
- لن تفعل . . انما تصرف الآن بأدب ، فمن غير الائق أن تدير ظهرك لمن في الغرفة .
- ليس وبقية الغرفة فيها اليوت آبكوت . . أعتقد أنك مثل كل النساء اللواتي أقابلهن ، بما فيهم شقيقتي ، تحبون هذا الرجل بجنون .
جاء صوت أليوت مرحا ومعه كوب عصير لنيفين :
- يا للأسف ، أتمنى لو كانت تحبني . . لأن للسيدة شخصية طاغية .


.


قال ريتش بمرح فظ :
- أوه . . حسنا ، اذا كان سحرك الشهير لم يقنعها فاذهب من هنا ودعني أحاول بدوري معها .
قالت نيفين بلطف مع قليل من الحدة :
- أنا لازلت هنا !
أجفل ريتش :
- هل كنت فظا معك ؟ آسف . .
- كلاكما كان فظا .
لمعت عينا اليوت باعجاب ساخر ، وبادرها ريتش بالقول :
- بدأت تذكرينني بالسيدة التي سبق أن علمتني أول مرة دخلت فيها الى المدرسة . . كانت عيناها حمراوين وطولها خمسون قدما .
- ولها نزعة شريرة في سلخ جلودنا بسرعة فائقة . . أكانت تمت لكِ بصلة ما ؟
- بكل تأكيد . . والآن نيفين ، اتركي هذا المهرج وشأنه وتعالي لنسعد قلب جوك وبات في التمتع بالمنظر المطل على منزلهما . .
وأتت شهقة الاعجاب كما كان يتوقع المضيفان . . وتنفست نيفين الصعداء تستوعب عيناها المنظر :
- أوه . . انه رائع .
كان المنزل مبنيا على بعد قليل من حافة الجرف الصخري الخالي من أي حديقة أمامه . . فهو مجرد غابة صغيرة من الأشجار الاستوائية (( اليوهوتوكاوا )) . . خضراء وفضية تلمع بعد أن يحركها الهواء العليل . . يأتي من خلف الأشجار مياه خليج هاتفيلد وكأنها شاطئ رملي بحد ذاته ، يمتد أمامها مباشرة رأس صخري آخر مليء بأشجار الصنوبر يتآلف مع شاطئ رملي صغير عند أقدامه .

.


همست نيفين :
- وكأن المرء يعيش في مركب (( غندول )) أو في بالون .
هزت بات رأسها حماسة :
- أو على مقدمة سفينة . . يبدو المنظر مذهلا في الليل ونحن نحب العيش هنا .
قالت نيفين :
- يذكرني باليونان . . التلال والصنوبر . . لكن الأشجار هنا أكثر كثافة والتلال أكثر خضرة مما كنت أراها في اليونان . . ويشبه لمعان الزيتون الفضي هناك لمعان (( اليوهوتوكاوا )) والطقس فيه لا يحتمل تماما مثل هنا . لقد توليت آنذاك قيادة سيارة فان عبر طريق للماعز جنوبي (( باروس )) ثم خرجت لأبكي بين الصعتر والمردقوس البري والقصعين لأنني كنت مشتاقة جدا لموطني .
بدا العجب على غي براندون :
- حقا ؟ أنا لم أصل يوما الى باروس ، لكنني أحببت مايكونوس . ولم أرغب في أن أغادرها بتاتا . .
وطفق الجميع يروي شيئا عن عطلته ، الجميع باستثناء اليوت ونيفين . فسرعان ما أحست بالحرج لكشفها . . وحاولت التركيز على ما كان يقال ، لكن انتباهها ذهب سدى فقد كان يأسرها الرجل الماثل أمامها . .
التفتت غي الى اليوت مبتسمة :
- ماذا عنك اليوت ؟ لا شك في أنك سافرت أكثر منا كلنا مجتمعين ، فما هو مكانك المفضل ؟ أهو مكان خفي معزول في جزر السيشل ؟ أم كوخ تزلج في سانت مورينز ؟
قال :
- انها قرية صغيرة لا تبعد كثيرا عن لندن .
أصبحت ابتسامة غي مزيجا من التشجيع واللهفة :
- لا تكن مثيرا للسخرية . . أخبرنا عن السبب .
وكانت نيفين لحظتها مستعدة لدفعها من النافذة المفتوحة ، دون ذرة ندم .
.



- لدي ابن عم يعيش بعيدا هناك ، وهو مكان جميل على الطراز الانكليزي وأفضل ما فيه الحفلات التي يقام فيها سباق للخيول الصغيرة .
حين بدا واضحاأنه لن يكمل حديثه توسلت اليه بات كروموبل ضاحكة :
- أوه . . تابع اليوت . . أنت مزعج في مزاحك . . نحن بلهفة لسماع السبب .
ضحك لمضيفته ثم قال بصراحة مثيرة :
- لقد رأيت حب حياتي لأول مرة هناك طبعا .
كان الضحك الذي استقبل هذا حذرا ، ولم يدرك أي منهم اذا كان يمزح أم لا . . وسألته (( غي )) برقة :
- حقا ؟ ومن هي المرأة المحظوظة ؟
- ستضطرين للانتظار لمعرفة هذه المعلومات كما أخشى . . فأنا ألاقي صعوبة في اقناعها بأنها هي المحظوظة .
بدا واضحا أن أحدا لم يصدقه ، ولا عجب في أنه كان يبدو مغرورا . . وانتقل الجميع الى شرفة اخرى .
اعترفت بات ، بعد أن لاحظت نظرة نيفين الى بركة السباحة والى ينبوع الماء المجاور :
- ان البحر لا يبعد أكثر من عشر دقائق عن الصخور ، لكن الطريق اليه شديدة الانحدار والبحر دائما أكثر برودة من البرك . . ونحن نحب الراحة التي صنعناها بأيدينا .
قال اليوت ساخرا : يا للترف .
ابتسمت بات له :
- أوه . . كلنا نعلم بأنك تسبح في برك البراري الباردة كالثلج . لكن حتى أنت أيها الرجل الفولاذي لديك بركة سباحة مياهها ساخنة . . اجلسي نيفين . . هل شاهدت نيفين بركة سباحتك الخاصة اليوت ؟
انضم الى نيفين ليجلس فوق أريكة براقة المفارش :
- ليس بعد . .
- يجب أن تفعل . . انها جميلة جدا . . بركة فوق أفريز صخري عريض على تلة خلف المنزل يحيط بها دغل كبير ، ولها شلالها الذي يغذيها بالماء .
ابتسم جوك كروموبل لزوجته :
- انها ملساء ، شديدة الانحدار حتى أنني اضطررت الى دفعك صعودا لو كنت أذكر جيدا . . وأذكر أن أليوت رفض مساعدتي يومها .
تبادل الزوجان واليوت الابتسام . وسألت غي :
- أين هي تلك البركة ؟ لماذا لم أرها ؟ أكنت تخفيها عني اليوت ؟
قال ببرودة :
- من الصعب الوصول اليها .
.



غمز جوك نيفين وقال : لقد سبق أن قال اليوت لبات بأنه تعلم السباحة فيها وهذا السبب الذي دفعنا الى الذهاب اليها ، وحين وصلنا اليها أخيرا لا شئ استطاع أن يقنعها بغطس قدمها فيها قالت بات بسخط ضاحك :
- لقد بدت شديدة البرودة ! ثم انني أردت الذهاب لأن اليوت أخبرني عن وجود بعض الزهور المحلية هناك في الدغل . . المكان جميل جدا مع شجرة (( نيتوكي )) الضخمة القائمة فوق ضفة معشوشبة فيها حبل طويل مدلى من أحد أغصانها ، بحيث يمكن لأي شخص شجاع بما يكفي للسباحة فيها ، التأرجح فوق البركة ثم القفز من علو شاهق !
ارتجفت بات . . والتقت عينا نيفين بعيني اليوت . . وأدركت ما يعنيه ذلك الحبل . .
وتحول الحديث الى نقاش عن معرض فني في أوكلاند ، وأصغت نيفين بصمت . . انتقل الحديث من الفن الى الابحار وبعض القيل والقال ، ثم عن الباليه الانكليزي ، وعن أفضل طريقة لطهو السمك المحيطي . . وأخيرا الى صانعة خزف اكتشفتها بات .
- انها رائعة ! لقد اخترعت أشياء خيالية من الخزف . واشتريت منها احدى القصاع التي صنعتها ، وكانت كالسيمفونية بل كالشعر . . انها معجزة مثل غروب الشمس !
مازحتها غي لحماستها ، لكن اليوت سألها عن اسم صانعة الخزف :
- اعتقدت أنك ستهتم . . اسمها كارين غراينجر .
سألت غي باهتمام :
- زوجة ديك غراينجر ؟
- انها هي . . أنت تعرف ديك ، يا اليوت ، أليس كذلك ؟ كنتما في المدرسة معا ؟ كارين هي ابنة زوج أمه ، وكانت ممثلة في اوستراليا قبل أن تعود الى هنا لتتزوجه وايلا شيريدان هي أختها من أبيها .
تمايلت غي الى الأمام :
- زوجة غوركي ؟
وضحكت ضحكة مصطنعة ، ورفعت نظرها الى السماء .
- أوه . . غوركي رجل رائع . . وصدمنا جميعا حين تزوج لأول مرة .
وانطلق الجميع بحديثهم عن أشخاص كانوا بمثابة أسماء مجهولة لنيفين . . مع أنها كانت أحيانا تتعرف الى الأسماء عن طريق الأخبار ، أو في قسم المال .
.



وصل المزيد من الضيوف الى العشاء ، أناس لطفاء ضحكوا وعاتبوا ، وتناولوا ما لذ من طعام . . وتمتعت نيفين بوقتها وحيدة . . لم تكن جميلة مثل غي . . ولا مرحة مثل الفتاة الأخرى الوحيدة التي لا يرافقها أحد ، والتى سرعان ما ارتمت بين ذراعي اليوت ساعة وصولها .
وغابت الشمس بينما كان كل هذا يحدث ، وحطت ببطء في بحر ذهبي وقرمزي . . وهب مع أفولها نسيم بارد .
سألها الرجل المجاور لها فيما كانا يتحدثان :
- أتشعرين بالبرد ؟ سأدفئك .
لم تستطع وهما مختبئان خلف ستار تجنب الذراعين اللتين أحاطتا بها فجأة ، وأدركت بأنه لا يجد صعوبة تذكر في الانتقال من الحديث عن التجارة الى الغزل والعبث .
وردت بلطف :
- لو تركتني وشأني ، لحصلت على شئ ألبسه ووجدت ما يدفئني .
- لكنني سأبقيك دافئة .
- أخشى أن لا أكون راغبة . . في الواقع ، اذا لم تتركني فسأضطر الى رفسك على ساقك ، وسأشرح للجميع عندما تقفز متألما عن سبب اضطراري لما فعلت .
وصل الاشمئزاز في صوتها اليه ، فأرخى ذراعيه عنها وتراجع :
- لا داعي لهذا .
وتراجع مرة أخرى .
تقدم اليوت دون محاولة اخفاء البرودة الفولاذية في صوته وقال :
- توم . . زوجتك تبحث عنك .
نظر اليه توم مجفلا . ثم تمتم شيئا ، وعاد الى المحتفلين . .
وأحست نيفين بالسرور لأنه جاء يبحث عنها .
- شكرا .
- لا داعي للشكر . . لقد تصرفت معه بشكل يثير الاعجاب . .
لكن حاولي أن لا يجرك أحد الى مثل هذا الموقف . . فريتش ينتظر مثل هذه الفرصة .
انه غاضب . . أجفلها غضبه ، لكنها مدت يدها لتلامس ساعده . فارتفعت يده الأخرى لتغطي يدها ، ورفعت لحظتها فقط رأسها لتنظر اليه . انه مخيف ، بشرته مشدودة فوق بنية وجهه بشكل جميل ، وتلمع عيناه ببريق فاتن كالذهب .
قال :
- لا أحب أن يلمسك أحد . هذا يؤلمني . . أنا أعرف توماس منذ سنوات ، انه شاب لطيف . . حتى زوجته تضحك على ميوله الى العبث . . لكنني كدت أقتله . . تعالي ، حان وقت رحيلنا .
تقدمت بات مبتسمة بخبث :
- آه . . ها أنتما . . لو تركت نيفين لي لجعلتها ترى تلك التحفة الخزفية التي صنعتها كارين غراينجر . . أنا أبقيها في غرفة نومي حين أتمتع بها .
.



- هيا . . اذهبي معها نيفين .
كان صوت اليوت ناعما ، وتنفست نيفين بعمق قبل أن تتبع المرأة الى داخل المنزل .
قالت بات معلقة بخفة :
- انه رجل متسلط . . أليس كذلك ؟
- انه غاضب مني . . لقد تصادمت مع توم ، وصل اليوت ليراني أحاول تخليص نفسي .
- أوه يا عزيزتي . . توم مزعج أحيانا ! أنا آسفة . . لكن من السهل جدا ابعاده .
- لم يكن هذا أمر عاقل مني .
- عزيزتي ، كيف لك أن تعرفي ؟ . . اليوت ليس ذلك المتعصب حتى يصدق أنك شجعته ، فهو يعرفه . لكن لا شك أنه غضب منه لتحرشه بك . . هاك . . ما رأيك بقطعتي الخزفية ؟
كانت قطعة رائعة رقيقة كالخزف الصيني ، مكسوة بطلاء ذهبي وأحمر .
قالت بات
- هيا . . المسيها .
راقبتها بابتسامة رضى وهي تداعب الآنية بمحبة . وعادتا بعد دقائق الاعجاب الى التراس . . ووصلتا في الوقت المناسب لتريا الشقراء المثيرة التي عانقت اليوت بشوق ساعة وصولها ، تجلس قربه وتداعب وجهه المبتسم .
وارتفعت الهتافات وتعالي الصفير ترحيبا بهذا العرض ، وعلت يدا اليوت لتمسكا بخصر الفتاة .
مزقت الغيرة البدائية المدمرة أحشاء نيفين ، فتجاهلت تعليق بات الساخر مجبرة نفسها على الانحناء وكأن شيئا علق في حذائها . . وكان اليوت حين استقامت مجددا يبتسم لوجه الشقراء قبل أن يبعدها عنه ، وتمتم بشيء جعل من حولهما ينفجرون ضاحكين .
استدارت الشقراء وهزت قبضتها في وجهه ، لكنها كانت تضحك وتميل عليه بحرية لتثبت بأن العلاقة تتعدى الصداقة .
قالت بات متذكرة واجباتها كمضيفة :
- أوه . . هذه مارجي ! لا تستطيعين سوى أن تعجبي بها . . لا شك أنك تحتاجين الى كوب عصير آخر . . لنرى ماذا يمكن لجوك أن يقدم لنا .
.



تقدم اليوت نحو نيفين وهي نصف مختبئة ، كيانها كله في عزلة تامة . . قال وعيناه الساخرتان لا تفوتان شيئا :
- لا تأكليني بعينيك ! والا بدأ الناس يتساءلون ما اذا كنتِ أكثر من ممرضة لأمي .
- وهذا لا ينفع . . أليس كذلك ؟ يمكن أن أتصور أنهم الآن يتساءلون لماذا ليست ممرضة أمك مع أمك ؟
كانت الكلمات الباردة مثقلة بازدراء النفس . . أجبرها منظر غي التعيس أن تدرك ما ستواجهه لو سمحت بأن يدفعها الى حبه . . الوهم والألم هما بالضبط ما يعاني جوفري منه لجرأته على أن يحب حيث خذلته المحكمة .
قال متعمدا :
- أنت جميلة ، رهيبة ، ومتحجرة القلب . . أصدقائي على صواب ولن يظنوا شيئا غريبا حول ممرضة مخلصة تأخذ قسطا من الراحة .
- وبالطبع . . هم معتادون على رؤيتك مع امرأة في عهدتك . . في الواقع سيظنون أن من الغرابة لو أن اليوت آبكوت الذي لا يقاوم . .
- اذا كنت ترغبين في مشاحنة أو مشاجرة ، فسوف أشبع رغبتك ونكمل جدالنا في السيارة شرط أن تلتزمي الصمت حتى ذلك الوقت . . والا جادلتك الآن وعندئذ سيكون للجميع مادة يتحدثون عنها .
كان التهديد أكثر تأثيرا وهو يقال بصوت بارد غير مهتم . . وابتلعت نيفين ريقها لتريح غصة في حلقها ، قبل ان تطيع اليد التي دفعتها نحو مضيفيهما .
كانا بعد عشر دقائق على طريق العودة الى الوادي . . وحدقت نيفين بتمرد عبر الزجاج الأمامي ، بينما كانت أنوار الفيراري الأمامية تقطع الظلام الشديد أمامهما ، وتشل حركة بعض مخلوقات الليل .
ابتعدا ليتجها الى الداخل عبر طريق ريفية خلفية . ووجدت نفسها رغم ارادتها تعجب بقيادة اليوت . . بدا أنه كان يعرف بالغريزة كيف يدير السيارة الكبيرة دون ضجيج حول الزوايا الضيقة ، وعبر الخطوط الضيقة التي تجعل من الطريق خطيرة؟
قالت بهدوء :
- توليت قيادة السيارة حين كنت في ايطاليا . . مع بعض الأصدقاء عبر الجبال في الشمال . . الى أن وصلنا الى قسم مرتفع جدا في منتصف الطريق واكتشفت أن أجزاءا من الطريق قد انزلقت ، تاركة مسافة للطريق في اتجاه واحد ، دون حافة . . وبدا أن النصف الآخر من الطريق قد ينهار في أية لحظة .
- و . . ؟
.



- و . . كان الفان قديما تماما ، ولم نكن نعرف ما اذا كان سيصل القمة أم لا فيما لو توقفنا . . وما من مكان نستطيع أن نستدير فيه لنعود أدراجنا ، كان المطر ينهمر بشدة وأحسست بالرعب .
تنهدت متذكرة كم كانت خائفة ، وفاقدة الثقة .
- لكنني لم أكن خائفة بقدر الآخرين . . وحاول الشباب اعطائي النصيحة بدون احباطي ، وأغمضت صوفيا عينيها فقد كانت معي . .
قال يقاطعها بصوت حاد .
- أذكرها . . وهل أنت سائقة سيئة الى هذا الحد ؟
- لا . . بل أنا سائقة ماهرة ، لكن الرجلين كانا مقتنعين أن المرأة هي أقل قدرة من الرجل ، خاصة في القيادة . .
- يبدو أنهما صغيران جدا .
- أكبر مني بقليل .
- وكم أمضيتم من الوقت ؟
- ثلاثة أشهر . . كان الوقت قصيرا لا يكفي لأن أرى كل شئ في أوروبا . . لكن على الأقل حفظت مليا الأماكن التي سأعود اليها .
تلاشى التوتر بينهما مع بدء تحدثه عن الأماكن المختلفة التي زارها في أوروبا . . وتعجبت مرة أخرى لسهولة الحديث والتحاور معه . وضحكت نيفين حين تذكرت اليوم الذي عانقها فيه ايطالي ولهان ، في أحد أشهر مقاهي روما . .
وقاطعها اليوت سائلا :
- وما كان رأي صديقك بهذا ؟
أهي لهجة تمرد أم برودة ؟ أهو احتقار ؟ وردت عليه بتصلب :
- لقد ضحك الشابان طبعا . . وماذا تظن أن عليهما أن يفعلا ؟ أيضربانه ؟
- كنت سأفعل هذا .
أرسلت الملاحظة الواضحة رجفة في أوصالها ، فأدارت وجهها لتنظر الى حنايا وجهه . من غير المجدي أن تحاول الشرح له ، لكنها فعلت :
- لقد فعل هذا بخفة . . كان يمازحني . . خفة روح منه . . ولم يكن من حق أي من الشابين أن يعترضا . كنا نسافر سويا ، لا أكثر ولا أقل . . وللحماية المشتركة . . أوه . . ما الفائده !
- لا شئ . . لا شئ أبدا . . أمي تقول لي انني كنت أشعر بالتملك قبل أن أفكر بكلمة (( لي )) . . أنا لا أتشارك مع أحد خاصة في النساء .
- لكنني لست واحدة من نسائك .
- لا . . أنت الوحيدة . . ولا شئ أستطيع أن أفعله .
وضحك . . ولو من غير مرح .
.



- لو تلقيت تحذيرا بأنني سأقع في الحب من أول نظرة ، لسخرت من الجميع . . . ثم حدث لي هذا . . . فبعد نظرة واحدة عرفت أننا لبعضنا وبأنني وجدت أخيرا امرأتي .
سألت بنعومة وقوة :
- حب ؟ . . حب . . اليوت ؟
- سميه ما شئتِ . . فهو موجود .
- أسميه الرغبة ، اللهفة ، الجشع . . هذا ما هو عليه . . الاندفاع الأعمى نحو الغرائز . . هذا اذا كنت تريد أن تكون مهذبا . . ماذا . . . ؟
توقفت السيارة . . ونظرت نيفين لتدرك أنهما توقفا في منطقة واسعة ، نائية عن الطريق خلف كومة من الحصى .
قال اليوت :
- سوف يقومون الطريق ويعيدون تسويتها .
تصاعد صوت انفتاح قفل حزام المقعد في السكون . ورأت نيفين بعد أن اعتاد نظرها على نور ضوء القمر ، النوايا التي ارتسمت على قسمات وجهه ، وسألته متوترة :
- لماذا توقفنا ؟
رد ساخرا ، يفك حزام مقعدها بسرعة :
- أوه . . نيفين .
أمسكت بالحزام وهو يمر قرب جسدها . وقالت :
- أحذرك . . اذا كنت تظن أنك قادر . .
- حبيبتي . . سوف أوضح فقط تفسيرا خاطئا ، أو اثنين . وهذا ما أظن أنه ضروري في علاقة ما ، ألا تعتقدين هذا ؟
احتجت حين فتح بابها ، لكنه أخرجها من مقعدها بلطف ، ووضع ذراعيه حول كتفيها . . قائلا :
- السيارات مكان غير مريح . . على أي حال ، لا يمكن للشحاذ أن يشترط ؟
- لقد وعدت أن لا تلمسني .
رد ساخرا :
- واضح أنني غير أهل للثقة . .
.



قاطع محاولاتها للهرب بأن دخل السيارة ثم جرها خلفه . . وأخفضت رأسها لتتجنب السقف ، وانتهى بها المطاف بين ذراعيه . .
تنفست بصعوبة :
- لن تجرؤ .
ولكن سرعان ما ضاع غضبها في سجن ذراعيه القاسيتين ، وبخضوع لا مثيل له .
همست ، والدموع تملأ عينيها :
- لماذا ؟ لماذا تعذبني هكذا ؟
ضحك ضحكة غريبة :
- لست وحدك من تعانين . . ألا يمكنك الاحساس بألمي ؟ أنا أريدك ، أريدك .
قالت متخدرة الاحساس :
- أنت تطلب المستحيل . . ما كان يجب أصلا أن أكون في منزلك ثم ان جوفري قريب من حافة اليأس والقنوط ولن أفعل شيئا قد يدفعه أكثر . . لن تكون لي علاقة معك . . فهو سيعرف عاجلا أم آجلا ، وقد تحاول اقناعي بالزواج منك . .
تفرس بوجهها الشاحب :
- لا علاقة للزواج بهذا . .
أجفلت لكنها لن تعترف ولو كان الثمن غاليا :
- أعرف . . وهو غير وارد ، مثله مثل أي علاقة .
سأل بهدوء :
- ما هو الوارد اذن ، أهو خوفك من فقدان سيطرتك على نفسك . . لماذا حبيبتي ؟
كان التوتر المجروح قد يصل اليها . . وهي التي تخاف من هذا الضعف الكامن فيها . . فبامكانها التعاطي أكثر مع كلمات الحب المجنونة التي يطلقها أكثر من تعاطيها مع لطفه الخطير .
أطبقت أسنانها على شفتها السفلي ، وشعرت فجأة بالغثيان والغضب والغدر .
تنهدت ، فربما هذا الاحساس هو أفضل من الخوف . . كانت تظن أن خطر اليوت بالنسبة لها جسدي فقط ، وأنها تواجه خطر نيران الرغبة المشتركة . . لكن تعليقه الأخير بعيد النظر جدا . . وبقيت جامدة ، تحس بضربات قلبه المنتظمة ، وتأمل أن يكون قوله رمية من غير مرام .
.



وأثبت تحركه الذي تلا ذلك بأنها مخطئة :
- لقد كنتِ خائفة منذ البداية . . وظننت أنا أن السبب هو أنك لم تشعري من قبل بمثل هذا التجاذب . ولقد سررت لهذا ، لأنني لم أرد امرأة مثلما أردتك . . لكن الأمر لم يكن هكذا تماما . . صحيح ؟ لقد كنت خائفة من الأحاسيس نفسها ، وليس مني فقط . . فما الذي جعلك تقررين بأن الرجال قد يؤلمونك فقط ، نيفين ؟
وتساءلت في قرارة نفسها لماذا لا تقول له ؟ أمن السهل القول بدل الاستمرار في مقاومة الصمت . . قالت في صوت يخلو من الاحساس :
- لا تقع في الحب في عائلتنا . . بل تقع في الهوس . . أصبح والدي حين كنت في السابعة عشرة من عمري مخبولا ومهووسا بحب فتأة أكبر مني بثلاث سنوات . . فتركنا وعاش معها .
- كان هذا أمرا صعبا . . لكنه يحدث . . يحدث طوال الوقت . ويسميه الأميركيون باضطرابات وجهل منتصف العمر .
- هل كان هكذا حقا . . ؟ لقد قتلته . . كانت فاسقة . . عاشت معه سنة ، واستولت فيها على كل قرش يملكه ، حتى أنه باع المنزل ورمى أمي في الشارع . . ليس بالضبط لكن كان عليها أن تجد شقة وعملا ، وكنت أنا في مدرسة داخلية ، لكن لم يعد هناك من مال لأكمل تعليمي ثم تركته بعد أن سلبته كل ماله ورحلت لأحضان رجل آخر أكثر ثراء منه ولم يكن لديه مكان يذهب اليه . فعاد ليجلس دافعا بحياته نحو الموت .
لم يرد . . فرفعت رأسها تنظر الى قسمات وجهه الكاملة . . وتلعثمت بالكلمات التي أنهت فيها كلامها :
- لم يستطع مواجهة الحياة من دونها . . واضطررنا للوقوف متفرجين وهو يقتل نفسه شيئا فشيئا . .
.



قال بلهجة رسمية جافة ، لا تكشف ولا تنم عن معنى :
- وتظنين بأن الحالة سوف تتكرر وتحصل مع جوفري ؟
خافت من ترجمة مخاوفها السرية الى كلمات . . ومررت لسانها متوترة على شفتيها ، وقالت :
- كان يحب تيفاني حتى الجنون . . واستولت على كل ما كان لديه ورمت بحبه في وجهه . . لقد قالت . . قالت . .
ضمها الى صدره وهي تبكي غضبها وخوفها ، دون محاولة التخفيف عنها الى أن أخذت تشهق بصمت من شدة مبالغتها في البكاء . . ثم رفع رأسها ومسح دموعها بمنديله .
قال بلطف :
- يا حبي المسكين الصغير . . كل هذا القلق والخوف ! بقدر ما يستأهل قلقك بقدر ما بالغت في تقدير عمق مشاعر أخيك نحو تيفاني ، ومدى قدرته على استعادة عافيته من تلك المشاعر . . أنا أؤمن أن الحب هو حب حقيقي حين يكون متبادلا . . وتيفاني لم تكن تحب جوفري . . لذا مهما كان يشعر نحوها مع شدته ، لم يكن حبا . . أعرف أنك لن تصدقيني ، لكن تأكدي أنه تغلب على الأسوأ . . أخبرني ممثلي الذي يتعامل معه أنه مرتاح جدا ولم يعد يظهر عليه دلائل من يتجه الى انهيار عصبي . . أما والدك . .
توقف للحظات قبل أن يتابع بهدوء :
- . . أظن ان والدك مات بسبب كرامته .
- كرامته ؟ لم يعد لديه كرامة !
- بالضبط . . لقد جرحته في كرامته ، جعلته يبدو أبلها ولم يستطع تقبل هذا . . ولا تستخفي بقوة جرح الكرامة . . لقد قتلت الكثيرين مثلها مثل الطمع . . لقد مات لأنه لم يكن قويا بما يكفي ليواجه العالم الذي يجده سخيفا . . لكن جوفري ليس سلبيا الى هذا الحد .
نظر الى وجهها المذهول و ابتسم :
.



- أنا أتطلع شوقا لمقابلة أمك . . أظنك وأخاك قد ورثتما الكثير عنها . . فأنت لست ضعيفة نيفين . بل ناعمة كالحرير ، رائعة . . ولا تصنفين في أعماق قلبك جوفري مع والدك . . أستطيع سماع الاشفاق في صوتك حتى حين تتكلمين عن والدك ، لكنني لا أجد شيئا منه حين تذكرين جوفري .
تساءلت نيفين وهما عائدان الى المنزل بصمت ، يحمل في طياته تواصلا هادئا لا كلمات فيه . . فيما لو كان اليوت محقا في تحليله لأبيها . . وتذكرت لطفه معها غير المتوقع ، مع ذلك لم يكن غريبا عن شخصيته . لديه لطف وعذوبة القوي الذي لا ينهار أبدا .
وادركت ببطء . . أن ما تشعر به نحوه يجب أن يكون حبا .
همست لنفسها بغضب :
- أوه . . أيتها البلهاء . . أيتها المغفلة الكبيرة .
لم تكن عملية الاعتراف بحبها سهلة ، كانت الفكرة في البداية مناقضة تماما للطريقة التي أدارت فيها حياتها حتى الآن . لطالما كانت تخشي المشاعر . . ويستحوذ عليها نوع من الرعب للقوة التي يمكنها أن تنطلق من مثل هذه المشاعر . حتى عائلتها لم تسمح لها بالاقتراب هكذا منها . . لقد سبق أن قالت لأليوت انهم عائلة لا تحب المظاهر ولا التفاخر ، وهذا صحيح . انما في حالتها هي ، كان الخوف الأساسي من أن تتألم أو تتأذى هو الذي يزيد من قوة التحفظ الطبيعي فيها .
لكن الألم حصل . . انه ألم سببه غدر قلبها . . وكان عقلها هو من أعطاها الاذن أخيرا .
وأظهر عليها الكفاح في مقاومة مشاعرها قلقا . . ونظرت السيدة هولاغ اليها بحدة وسألتها :
- هل تفكرين بش ما ؟
- لا . . لكنني لم أنم جيدا .
بدا أن السيدة تقبلت الرد ، وقالت :
- أتشعرين بقدرة على قيادة السيارة ؟
- أجل . . بالطبع .

.



وخرجتا مع سالي الى الساحل ، حيث سبق أن اشترت السيدة هولاغ فيلا قديمة خربة ، فيكتورية الطراز ، كان من الواضح أنها لا تستطيع الانتظار الى أن تصلحها وتعيد ترتيبها ، وأعلنت لسالي المتحمسة مثلها أنها المكان المناسب للأحفاد .
لم يعد اليوت ليلتها الى المنزل . . ووجدت نيفين نفسها بعد العشاء تتجول في الحديقة ، غير آبهة للصور الجميلة التي ابتدعتها السيدة هولاغ هناك . . وازداد قلقها فأمسى لا يحتمل . .
عادت الى المنزل لتقابل سالي داخل باب المطبخ تماما وأشارت سالي للدرج الصاعد الى الطابق الثاني :
- نيفين ، أظن من الأفضل أن تلقي نظرة عليها . . انها مهتاجة . .
- سالي . . بيني وبينك ، يمكن أن أقول انني من المحتمل أن أصاب بصدمة جنون أكثر من السيدة هولاغ . . وحدها شحنة ديناميت يمكن أن تميتها . . هل أنت حقا قلقة ؟ أنت تعرفينها حق المعرفة أفضل من أي كان ما عدا اليوت .
- بل أكثر منه . . أجل ، أعرف أنني أنفعل بسرعة ، ولست قلقة حقا . . لكنني سأشعر أفضل حالا لو قمت بفحصها . . انها فوق ترسم الخطط !
- لماذا قررت شراء منزل جديد ؟ اعتقدت أنها تحب الوادي .
قالت سالي بنظرة ذهول أجفلت نيفين :
- حسنا . . سيتزوج اليوت عاجلا أم آجلا والوادي منزله . . الشقة في أوكلاند جميلة وكبيرة ، لكنها ليست المكان المناسب لتربية عائلة . . وهي تعرف تماما أن ما من عروس ستتقبل بلطف السكن مع حماتها . . اضافة الى هذا انها تحب ترتيب الأماكن ، كان يمكن أن تكون مهندسة ديكور ممتازة . . لا شئ هنا لتفعله وسيعطيها المنزل الجديد دافعا جديدا أو حافزا رائعا للحياة . .
ليس هناك أي شك في هذا . . وكانت السيدة هولاغ تضع في غرفة نومها ملاحظاتها على تقرير المراقب . وابتسمت لنيفين حين رفعت رأسها ابتسامة كشفت أنها تعرف بالضبط لماذا جاءت وقالت :
- سالي عجوز ثرثارة . . وأنا لم أشعر هكذا منذ سنوات ؟
- صحيح . . لكن ربما تكون فكرة جيدة لو تمكنت من النوم الليلة أبكر من المعتاد .
.



- وماذا عنك ؟ أتحسين بالقلق ؟ رأيتك تتجولين في الحديقة . لماذا لا تخرجين لتتمشي قليلا ؟
- أوه . . سأبقى هنا . .
- في حال مت من الاهتياج ؟ لا يمكنك تخصيص نفسك لي ليلا ونهارا . . هذا غير منطقي !
- لقد وظفت لـــ . .
- أوه . . كلام هراء ! قولي لي الحقيقة الآن . . هل هناك من سبب يدعوك للظن بأنني قد أصاب الليلة أو في أي ليلة بصدمة قلبية ؟
- بالطبع لا تدركين جيدا أن طبيبك مسرور جدا من تقدم صحتك .
- بالطبع أتقدم . . لست بلهاء . . لكنك أنت من بدأ يتصرف كالبلهاء . قلت لك سابقا بأنني أنتظر أحفادي ، وليس هذا السبب الوحيد الذي يجعلني أعيش . . صدقيني ! اذا كان هذا سيسعدك أكثر يمكن لسالي أن تبقى معي الى أن تعودي . أنت متوترة كريشة في مهب ريح . . ومن السئ لي أن أراك متكدرة وكأن نهاية العالم تكاد تصل . . هيا . . اخرجي في نزهة !
ضحكت نيفين وطبعت قبلة على خد مريضتها .
- حسن جدا . . لكن لا تفعلي شيئا متعبا . . ولا تجعلي قصص سالي عن الفضائح تثيرك !
أخبرتها غريزتها التمريضية أن لا حاجة للقلق . لكن ما أن خرجت من الباب حتى ترددت . . ووضعت يديها على صدرها في محاولة لتخفيف الخفقان السريع لقلبها . . وكانت ردة فعلها زائدة الحساسية أمام الثقل السلبي في الجو .
ربما كان السبب اقتراب عاصفة كهربائية . . رغم أن السماء كانت مغطاة بالغيوم الا أنه لا يوجد أي دليل على الرعد . . كانت أشعة الشمس تميل الى اللون البرتقالي المغشى وهذا يعيد اليها ذكرى حرائق الأدغال في أوستراليا . . ربما يكون هذا دخانها وقد حملته الريح آلاف الأميال فوق البحر (( الشمالي )) الأوسترالي . .
اتجهت بقلق نحو غرفة نومها . . ربما من الأفضل أن تنام .
.



لكنها قررت فجأة عكس ذلك ، فانتعلت حذاء مناسبا للمشي والتقت بسالي في منتصف الدرج وقالت لها انها متجهة نحو البحيرة عبر الوادي . . لم يكن لدى اليوت المتسع من الوقت ليأخذها الى هناك . . لكنه أشار الى مكان وجودها وهي واثقة انها ستجدها .
قالت سالي :
- سوف تشعرين بالحرارة والعرق . . انما لو كان لديك طاقة زائدة لتحرقيها فهذه طريقة ممتازة . . ومن الأفضل لك أن تأخذي معك مصباحا يدويا .
وأحست فعلا بالحرارة والعرق ، وقد أعطى تسلق التل الشديد الانحدار لتوترها طريقا لتصريفه . . الى أن وصلت القمة حين حل الغروب ، وكانت مرهقة وشاهدت من تحت شجرة (( تيتوكي )) غروب شمس غروبا لم تر مثله من قبل . . أتون ملتهب من الألوان القرمزية البرتقالية والحمراء القانية والزهرية كانت تخبو وراء غلالة الليل القاتمة . . وكان القمر خلفها وقبل أن يزول هذا المنظر الرائع ككرة ضخمة منيرة ، بعكس الشمس الغامضة . وأصبح الهواء أبرد بكثير . . ودفعت وطأة الجو المتصلبة التي توشك على الاختفاء بنيفين الى الارتجاف . . كانت البحيرة تتلألأ ، فخلعت حذاءها ، لتتمتع ببرودة العشب تحتها . . وأمست الوهدة الصغيرة تحت شجرة (( التيتوكي )) دائرة ظل ، ووقفت نيفين تنظر حولها ، بينما الدموع تحرق جفنيها .



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:21 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السادس
6 – الحب شئ ممنوع


- نيفين !
شعرت بالصدمة في البدء ولكنها سرعان ما تلاشت عندما تعرفت الى المتكلم . . مع أن كل ما كانت تراه هو انعكاس أسود أمام ضوء القمر ، ظل ضخم يكاد ينذر بالشر . . الا أنها تعرفت عليه ، وجاء مع تراجع الخوف التوتر الآخر الذي نزل كالوباء . . ابتسمت وقالت : اليوت !
ثم ركضت اليه تعانقه ففاجأته بعناقها هذا فقال :
- ما الذي دهاك الليلة ؟
- كنت بانتظارك .
قال لها وقد لاحت على وجهه ملامح التردد :
_ (( لا أفهم تصرفك غريب )) .
- وما الغرابة ان عانقتك ؟ .
- لا شئ فيك ينبع طبيعة الأشياء المعتادة نيفين .
رفع اليوت رأسها بين يديه ، وتفرس بالاستسلام المذهول في عينيها وسأل :
- متى تستطيعين الزواج بي ؟
.
كان عقلها مذهولا تماما ، وفغرت فاها ثم أطبقته وابتلعت ريقها متمنية أن تستطيع الافلات من نظراته الماكرة القاسية .
وقال ببرودة :
- لا . . أنتِ لم تفكري حتى بالزواج . . ماذا في رأسك نيفين ؟ مجرد علاقة ؟ أنا لست مهتما بهذا . . شكرا . . لا أستطيع أن أكتفي بمجرد علاقة لطيفة ، سريعة وسهلة ، وأن نبقى صديقين بعد أن ننتهي دون تحطيم ضلوع . . أحتاج الى أكثر من هذا . . أريدك أن تتزوجيني .
- لا أستطيع الزواج بك فزواجنا خيانة لجوفري .
ساد صمت متوتر ، ونشرت أشعة القمر قناعا جميلا على وجهه ، والعنق القوي ، والكتفين العريضتين . .
- لو لم يكن هناك تيفاني ولا جوفري ، أكنت ستتزوجينني ؟
انه سؤال مشحون ، لكنها واجهته وقالت الحقيقة :
- ربما . . ولو مع بعض الشكوك .
- أي شكوك ؟
- أنت تقول لي عما تريده أنت ، وماذا تحتاج . . دون أن أسمع منك شيئا عما أريده أنا .
رفع رأسه وكأنها ضربته وحدق بها . . ولم تعرف ما اذا كان فهم ما تحاول ايصاله له . . وقال أخيرا بصوت مرتجف :
- أتحداك . . لو قررت أنك لست بحاجة لي ، ولا تريدينني سأواجه واقع أنني سأبقى وحدي وأنني جبان .
همست باسمه ، فقاطعها :
- لا . . فأنا أعني ما أقوله . أنا لم أحتج الى امرأة من قبل . . ولا أعرف كيف اتعامل مع هذا . لقد حاولت دفعك الى نوع من الالتزام ، وأعرف أنك تظنينني أسوأ الأنذال . . وأردتك أن تغيري رأيك ، وكانت الطريقة الوحيدة هي أن أبقيك معي . لذا ابتززتك لتبقي ، تصرفت كالأبله لأنني كنت يائسا . ثم تخلصت من غبائي بمحاولة التأثير عليك لأثبت لك كم أنا محتاج اليك . وظننت أنك قد تخففين من حذرك قليلا . . فأنت تملكين قلبا عطوفا .
.
لم تعرف كيف تستجيب لصراحته التي لا تصدق .
- أوه اليوت ! عزيزي ! أهذا ما تريده مني ؟ العطف ؟
- سآخذ كل ما أستطيعه منك .
لف ذراعيه حولها في عناق حنون مشتت للأعصاب . . فأسندت وجهها على عنقه لتصغي حالمة الى ضربات قلبه المنتظمة .
قال في اذنها :
- تكمن المشكلة معك أنك عاطفيا لا تزالين في السابعة عشرة من عمرك ، أي يوم مات والدك . أليس كذلك ؟
جعلها نوع من الذعر دون حراك ، وكان صوتها حين تكلمت بالكاد يسمع :
_ أجل .
- وبعد سنة أمضاها مع تلك المرأة .
هزت رأسها ، فأكمل :
- أحب طريقة تحرك تجاعيد شعرك . . كيف أحسست نحوه نيفين ؟ ما كانت مشاعرك ساعة نظرت اليه ؟
- في البداية كرهته . . لكنه جلس شاحب الوجه يائسا يموت ببطء . . وكل ما استطعت أن أشعر به هو الشفقة اللامتناهية .
- و . . . ؟
- ونوع من الازدراء .
- ووقتها قررت أن لا تقعي في الحب ؟
دفعته عنها ، لكن قبضته كانت قوية :
- لا تحاول تحليلي نفسيا ! ألا يمكن أن تتقبل بأن لا مستقبل لنا معا ؟
- لا . . لن أتقبل هذا . . لدي احترام لأخيك أكثر من أن أصدق بأنه يفضل أن يراك حبيبتي بدلا من زوجتي .
- سيغضب ويمرض لو عرف أنني أقيم هنا . انه ليس رجلا محنكا يعرف الدنيا كما أنت ، تتبادل النساء مع أصدقائك و . . .
قطاعها ببرود شديد :
- من الأفضل أن تتوقفي هنا .
.
أحست للحظات بالعدوانية الفجة فيه وبالمقاومة التي يمارسها كي يكبح تلك العدوانية . وقالت حين استعاد سيطرته على نفسه :
- أنا آسفة . . كانت هذه ضربة ممنوعة .
- وغير حقيقية . .
قاطعته :
- أعرف هذا .
- حسن جدا اذن . . نيفين أنا أحبك .
كاد الذعر يدمرها . . فهمست تحاول بيأس أن تهدئ صوتها :
- لا أصدقك . . ولن أتزوجك . . فلا تطلب هذا مني .
ضحك ثم تنهد .
- اذا أردت علاقة بيننا ستضطرين الى الزواج مني .
قالت وهي تأمل أن تجرحه :
- لن أتزوجك فهذا سيقتل جوفري .
خطت مبتعدة عنه ، متجهة الى الطريق التي تمر قرب جدول المياه المسرعة . . لكنه لحق بها قبل أن تبتعد بضع خطوات .
قال بمنطق :
- أستطيع أن أفهم كراهيته للأمر في البداية . . لكنه رجل عاقل ، ولا شك يدرك أنني لم أكن أعرف أنها زوجته واذا كان لا يدرك هذا فأنا واثق من قدرتي على اقناعه . . أنت تستخدمينه كمجرد عذر لأنك خائفة من الالتزام .
دفعتها حمايتها الذاتية لتتجاهل اتهامه .
- انه ما يزال يحبها . . اللعنة عليك ! كيف تظن أنه سيتصرف في كل مرة يفكر فيها بي وبك .
- أوه . . لأجل الله نيفين . . لا شك كان يعرف أن زواجه لم يكن ناجحا ! وأحد الأشياء التي قالتها عنه أنه جاءها في وقت كانت تحتاج فيه لمن يحميها . . ورجل لا يعرف متى تشعر امرأته هكذا رجل لا احساس له .
- وماذا سيغير هذا في حبه لها ؟ كيف ستشعر أنت لو ذهبت أنا مع . . ذلك الرجل الذي التقيناه عند عائلة ترومويل ؟ ريتش براندون ؟ كيف ستشعر ؟
- سأقتله ؟
- وأنا ؟ هل ستقتلني أيضا ؟
- أنتِ ؟ أوه . . لا . . لن أقتلك أبدا . . لكنني سأجعلك تتمنين الموت مرات ومرات . . نيفين .
همست مذهولة من قساوة وجهه البدائية :
- أنت مجنون !
- لا . . لا . . ولا تنظري الي هكذا . . آه نيفين . . ماذا تفعلين بي ! أنا آسف حبيبيتي . . يا الهي . . كل هذه التهديدات . .
.
رفع يدها الى فمه ثم وضعها على خده وكأنها طوق نجاة . وبدا معذبا وعيناه مغمضتان . . ثم قال :
- كانت هذه رده فعل متوحشة . . أعرف أنك لن تخونيني كما فعلت تيفاني بأخيك . . فلديك الشجاعة والصدق . . وأنت لي . . يجب أن لا تلعبي مع قوى لا تفهمينها تماما . . هذه ليست لعبة نيفين . .
حررت يدها منه وردت بغضب :
- لقد كانت لعبة بالنسبة لك حتى الآن !
- أنا مسرور لادراكك أن الأمر الآن مختلف بالنسبة لي . . ولا تحاولي تغيير الموضوع حلوتي . تعرفين أن ما بيننا أقوى من القدر وأنه قوة ملزمة ، سحر . . لقد رأينا بعضنا ، وعرفنا بعضنا ، بكل بساطة . ولو أنك لم تعرفي هذا ، لما كنت تجاوبت بذلك العنف يوم رأيتني مع تيفاني . . ولما سمحت لنفسك بالرضوخ الى ابتزازي والبقاء هنا معي . .
انتزعت نفسها منه والتقطت المصباح اليدوي وركضت الى الأسفل عبر الممر ما بين الصخور والأشجار ، واصطدمت يدها الحاملة للمصباح غير المضئ بجذع شجرة قاسية فشهقت ، لكنها لم تتوقف الى أن خرجت من الغابة الصغيرة وأخذت تركض فوق العشب الندي في الحقل الصغير . . وأبطأت سيرها مع تلاشي حدة ذعرها ولحق اليوت بها في خطى ناعمة . . كان قريبا جدا طوال المسافة مع ذلك لم تسمع خطواته .
صاحت وهي تتابع سيرها :
- ماذا تعني أنني ما كنت لأبقى هنا ؟ لقد جعلت من المستحيل علي أن أرحل ، لقد ابتززتني !
- وهل أزعجتِ نفسك بطرح سؤال على أخيك علك تتحققين من صحة تهديداتي !
رفعت بحذر نظرها الى قسماته الخالية من الرحمة . . وعاودها الاحساس بأنها عالقة في الفخ مجددا .
- ألم يكن لابتزازك أي أساس ؟
بدا نادما :
- بلى . . أخشى أن يكون له بعض الدعائم ، فأنا لا أطلق التهديدات التي لا أستطيع تنفيذها . . لكن حين تركتني أنجح في ابتزازي عرفت أنك تقبلت أننا لبعضنا . . فالمرأة العصرية لا تسمح لنفسها أن تبتز هكذا .
- لكنني أحب جوفري .
هز رأسه وحاول أن يتكلم ، لكنه تراجع . .
كان المنزل مظلما حين شاهداه ، وقالت نيفين :
- يا الهي . . قلت لأمك انني لن أتأخر .
وسارعت الخطي .
- لا بأس عليك . . لا يمكنك رؤية نافذتها من هنا . . ربما لا تزال مستيقظة .
.
سارع بالرغم من هذا الى مساعدتها لتصعد الدرج . وكانت سعيدة لدعمه لها . . وقالت بصوت منخفض :
- سأتحقق من نومها .
تركته يتبعها ، ثم همست متمنية له ليلة طيبة خارج غرفتها ، فضحك وحاول معانقتها . . فهمست :
- لا .
- بلى . . والآن اذهبي الى الفراش .
استيقظت في الصباح التالي وهي تفكر به . . ولكن سرعان ما غادرت سريرها .
كانت السماء في وقت ما خلال الليل قد تبلدت بالغيوم ، وأمطرت حوالي الفجر بصورة عنيفة حادة . . الآن ، كان هناك ضباب فوق الحديقة والوادي وكانت الطيور تسعى وراء قوتها في المرعى ، متجاهلة القطتين الكبيرتين المستلقين قرب الكاراج . كان الباب المفتوح دليلا على أن أليوت رحل . . واستدارت نيفين تحارب خيبة الأمل . . كانت تأمل أن يودعها على الأقل .
قالت السيدة هولاغ عند مائدة الفطور ان اليوت لن يعود قبل بضعة أيام .
- انه في طريقه الى طوكيو . . ألم يقل لك هذا ليلة أمس ؟
- أنا . . نحن تكلمنا في أشياء أخرى . . ولابد أنه نسى .
كان يوما مليئا بالاحباط ، وردت نيفين بعد الفطور على مكالمة هاتفية من غي براندون التي سرعان ما سألت عن اليوت . . فقالت نيفين برضى وسرور :
- آسفة ، انه ليس هنا .
- أوه . . من المتكلم أرجوك ؟
- نيفين ستيوارت .
ساد صمت قصير قبل أن يقول الصوت اللطيف :
- اوه . . طبعا ، التقينا عند عائلة كرومويل . كيف حالك ؟ أخشى أن يكون لي ذاكرة سيئة ، لقد أدركت لتوي أن اليوم هو يوم سفره الى اليابان . قال لي هذا منذ أيام لكن يبدو أن الوقت يزحف مسرعا !
أنهت غي مكالمتها مبدية أملها أن تلتقيا مرة أخرى قبل أن ينتهي عملها . . لكن معرفة نيفين أن اليوت كان يرى الفتاة جعلها متوترة غاضبة . . وهاجمت تحت اشراف السيدة هولاغ الأعشاب الضارة في الحديقة بشراسة أدت الى كسر ظفرين من أظافرها والى جرح راحة يدها .
.
قالت لها السيدة هولاغ دون تعاطف :
- ارتدي قفازين ، هذا ما أفعله أنا دائما .
- يداي لا تعملان جيدا في القفازات .
- ستعتادين عليها . . هلا أخذتني الى الطبيب في الغد ؟ على سالي أن تذهب الى طبيبنا المحلي لذا لن تتمكن من أخذي . . يمكنني الاستعانة بسائق اليوت لكن هذا غير ضروري .
- بالطبع سأفعل ، فمن يقود سيارة في روما لا يخاف زحام السير في اوكلاند .
ضحكت السيدة هولاغ :
- أنت سائقة ماهرة . . سأتناول الغداء مع سيغي بعد أن يفحصني ، أتريدين أن أتصل بأمك لأرتب لك موعد غذاء معها ؟
- انها مسافرة . . سأتصل بأخي .
لم يرد هاتف جوفري على الفور . . وكانت على وشك اقفال السماعة حين رفعت السماعة من الجهة المقابلة :
_جوفري ؟
بدا شارد الذهن لكنه عرفها وقال على الفور :
- سنتناول الغداء معا . أيمكن هذا ؟ سآخذك الى . . لا . . ما رأيك بالذهاب الى (( ون تري هيل )) سنتناول طعام النزهة هناك ؟ هناك محل لبيع المأكولات وهو رائع على الطريق الى هناك . .
هكذا رتبا الأمر . وفي اليوم التالي جاء ليأخذها في سيارته الجاغور القديمة اللماعة من خارج عيادة الأخصائي ، وقادها عبر المدينة المكتظة الى أن وصل الى حديقة (( كرونويل بارك )) المفتوحة الجميلة ، مع بركانها الخامد الصغير ، ووجد جوفري مكانه معزولا تحت شجرة استوائية وارفة الظلال ، امامها منظر رائع للجهة الغريبة من أوكلاند . وهي تفرش بساطا أخرج سلة الطعام من صندوق السيارة وأمرها أن تجلس لينظر اليها .
.
تفحصا بعضهما بعضا وقالا معا :
- أنت أكثر نحولا !
وضحكا فهذه كانت احدى ألعاب طفولتهما . . رد الفعل المتماثل ذلك . . وأزاح هذا الارتباك الذي كان يأكل أعصاب نيفين .
قال جوفري وهو يفتح السلة ليفرغها :
- فهمت من أمنا أنك معجبة بالسيدة هولاغ .
- أوه . . انها حبيبة ، جريئة ، عملية ، وعملي معها دون عمل حقا . . فهي ليست مريضة أكثر مني .
أعطاها جناح دجاجة مشوية وقطعة خبز :
- اذن لماذا هذا المظهر المرهق ؟
لم تقل شيئا ، وتشاغلت بالأكل قبل أن تسأل :
- أكنت تعمل جاهدا ؟
ابتسم بسخرية : أجل .
- وكيف الحال ؟
- جيد جدا . . ما بالك حبي ؟ .
كادت تقول له كل شئ ، لكنه بدا لها متعبا حتى أنها لم تستطع أن تزيد من همومه . . وقالت :
- لقد رأيت تيفاني في لندن .
- حقا ؟ وكيف كان حالها ؟
- لقد فقدت من وزنها كذلك .
ابتسم ساخرا ، لكنه قال بلطف :
- عظيم . . آمل أن تهزل تلك الساقطة حتى الموت . . ربما سأحصل عندها على شئ من الراحة .
- جوفري ! أوه . . جوفري .
تلاشى القليل من الأمل الذي كانت ترعاه ، وتحركت كتفاه في عدم اكتراث .
- ماذا تتوقعين ؟ لست من النوع المتسامح . ربما أستطيع أن أقنع نفسي أنها لم تعد تحبني وأنها أحبت ذلك الوغد آبكوت ، لكن من الواضح أنها كانت تراني كمحطة في الطريق نحو الثراء . . أما هو فكان لديه العقل الواعي حتى لا يقع في حبائلها .
ارتجفت نيفين بالرغم من حرارة الشمس :
- يبدو كلامك مريرا .
رفع عينيه المظللتين بالسواد كعينيها ، زرقاوان كعمق البحر ، وقال :
- اما المرارة . . واما طريقة أبي في التعامل مع الأمور . . وأنا أفضل المرارة . . لا تقعي أبدا في الحب نيفين . . فهو لا يستأهل الألم .
- أيجب أن يكون الحب هكذا .
أنهى ما تبقى من خبزه وهي تأكل مربى الكرز ، ثم أجاب :
- بالنسبة لي أجل ، مع من كانت يوم رايتها ؟
- كانت وحدها في شقة صغيرة . .
ضحك ساخرا :
- تخلص منها اذن .
- انها تذهب الى معهد لتتعلم فن التجميل .
.
وضعت يدها على ساعده آملة بيأس لو أنها لم تذكر تيفاني :
- جوفري . . قالت انها آسفة جدا . . وأنا أصدقها . أيجب أن تكرهها ؟
استدارت يده لتمسك يدها بشدة ، اضطرتها الى أن تعض شفتها لمنع نفسها من الصراخ :
- في هذه اللحظات . . أنا مضطر لكراهيتها .
صمتت للبؤس المكتئب على وجهه . . انه بحاجة الى دافع لاستمرار كراهيته . . وهي تجر معها كراهية تمتد الى اليوت . . صحيح أنها غير منطقية لكن الحب المليء بالغيرة والخيانة ليس أمرا منطقيا كذلك .
قالت بصوت منخفض ناعم :
_أنا آسفة .
مال اليها يقبل خدها ، وترك يدها ليضغط على كتفيها .
- هل أخفتك ؟ آسف حبي . . لكنني لا أستطيع أن أكون متعقلا أو محنكا في هذا الموضوع . . انها سافلة وهو خنزير قذر ، والشئ الوحيد الذي يبقيني مستمرا ، هو نواياي بأن أبرهن يوما لكليهما أنني لست الزوج المخدوع الضعيف الذي يؤمنان أنني هو .



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:22 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:23 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 04:37 PM   #10

manal1

? العضوٌ??? » 384554
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 198
?  نُقآطِيْ » manal1 is on a distinguished road
افتراضي

Thanks... It's nice

manal1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.