آخر 10 مشاركات
أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          إنه انت * مكتملة * (الكاتـب : الكاتبة الزرقاء - )           »          121 - خاتم الأنتقام - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة(حصريا)( مكتوبة/كاملة )** (الكاتـب : miya orasini - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          راسين في الحلال .. كوميديا رومانسية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          دميمة لعنها الحب (3) للكاتبة منال سالم "زائرة" *كاملة مع الروابط* (الكاتـب : منال سالم - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-09-17, 01:15 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 366 – عروس الصقر - جين بوتر






الرواية رائعة ومنقولة للعلم ولينال كل حقه
شكرا لمن كتبها


366 – عروس الصقر
جين بوتر
رفضت الأميرة نيكوليت دوكاس أن تدع شقيقتها تتزوج زواجاً مدبراً من رجل لا تعرفه , السلطان مالك نور . فسافرت إلى مملكته البعيدة منتحلة شخصية أختها . لكى تعلن له أن اتفاقهما على الزواج قد أُلغى!
لكن ما لم تتوقعه الأميرة هو أن تجد استعدادات الزفاف قد أُنجزت و أن مالك سلطان فاتن إلى حد مؤلم!
هو أعتبرها عروسه الموعودة و هى تعيش كل يوم صراعاً بين افتتانها به و خوفها من افتضاح أمرها....
فكيف سيثأر السلطان لكرامته عندما يكتشف حقيقتها !



محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

ندى تدى likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:12 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تمهيد
ــ لن تذهبى إلى هناك !
رمت الأميرة نيكوليت المخطوطة الكبيرة الحجم فى سلة المهملات و تابعت تقول :"سوف تلتقطين سماعة الهاتف و تقولين للسلطان إنك لن تقومى بهذا الزواج البريدى المقرف مرة أخرى. بحق السماء شانتال , إنك امرأة...و لست ضحية بشرية "
التوى فم شانتال لكن الابتسامة لم تصل إلى عينيها أو إلى تعابيرها المشدودة بتوتر
ــ أنه ثرى , نيكول . وهنالك فرصة بأن يشترى حرية ليلى و إذا كانت الطريقة ....
ــ إنها لست الطريقة المناسبة! لست كذلك قطعاً. أنت بالكاد تعافيت من ذلك الزواج الجهنمى , فكيف بإمكانك التفكير بقبول آخر؟
ــ لأن بلدنا تحتاج إليه و شعبنا يحتاج إليه .
انخفضت كتفا شانتال النحيلتين , كما انخفض صوتها :"أبنتى تحتاج إليه"
موقف شانتال المستسلم كاد يقتل نيكول . شعرت أن أختها قد فقدت عنفوانها و قوتها و شجاعتها . بدا واضحاً أن السنتين الأخيرتين قد أنهكتا الأميرة الأنيقة , وهى الحفيدة الكبرى للدوق الملك.
أجابتها نيكول بحدة :"وأنت لك حاجاتك أيضاً , تحتاجين إلى معاملة لطيفة كما تحتاجين إلى الحب و الاحترام . زواج آخر مدبر.....و من زير نساء آخر...سوف يحطمك ذلك بالتأكيد"
ظهر الأنفعال بقوة على وجه نيكول. إذا كانت شانتال لا تستطيع القتال , فهى ستقاتل بدلاً منها.
ــ أعرف أنك تريدين مساعدة ليلى , لكن أبنتك بحاجة إلى القدوم إلى المنزل فى ميليو , شانتال . إنها لا تحتاج إلى العيش فى بلد أجنبى آخر , مع ثقافة أخرى .
أجفلت شانتال و قالت :"أنك لا تقدمين لى المساعدة نيكول"
ركعت نيكول على ركبتيها و لفت ذراعيها حول ساقى شانتال مقربة شقيقتها منها أكثر ثم قالت :"دعينى أساعدك إذن . دعينى أقوم بشئ ما من أجل تغيير هذا الوضع!"
تقوس حاجبا شانتال البنيان الدقيقان ثم رفعت بيدها إحدى خصلات شعر نيكول الشقراء الطويلة قائلة بسخرية :"هل ستتزوجين السلطان؟ هيا, نيكول.... أنت لن توافقى على القيام بزواج مدبر . كما لا يبدو عليك أنك تفكرين بالزواج فأنت ما زالت منغمسة فى طيش الشباب"
ضغطت نيكول خدها على ركبتى شانتال و قالت:"أنا لست منغمسة فى طيش الشباب , أنا فقط أواعد...."
ضحكت شقيقتها و شدت خصلة الشعر المجعدة بقوة :"أنت لا تواعدين حبيبتى , أنت تصطادين ثم تدمرين"
ــ تجعليننى أبدو كالجلاد, أنا لا أدمر الرجال . كل ما فى الأمر هو أننى لم أجد الرجل المناسب بعد.
ــ وكيف ستجدين الرجل المناسب و أنت تواعدين النوع السيئ من الرجال ؟
ــ ليس كلهم سيئين.
ــ لكنك غالباً ما تسيئين الاختيار
حدقت نيكول بأختها مفكرة :"آه....أختى الكبرى لا توافق على تصرفاتى !"
ــ أختك الكبرى تخاف عليك من الرجال الأوغاد.
فى الواقع ليس هذا ما تخشاه شانتال , فهى تعرف أن نيكول لا تخرج مع الأوغاد من الرجال , لكنها مع ذلك تخاف على سمعتها.
ــ و هل تشعرين أنت بنوع من المسؤولية تجاهى لتقدمى لى النصح؟
ــ أنت تعلمين أننا جميعاً نحتاج إلى زواج مناسب. هذه كانت خطتنا منذ خمس سنوات.
ذلك أن مملكتهن تتألف من جزيرتين صغيرتين فى البحر المتوسط , ميجيا و ميليو . وسوف يتم تقاسمهما بين فرنسا و إسبانيا فى نهاية العام , فتعود ميجيا إلى فرنسا و ميليو إلى إسبانيا , إذا لم تتمكن أسرة الملك ـ الدوق من تسديد الضرائب و الديون لهما.
شانتال كانت الأولى التى اقترحت أن تتزوج الأميرات زواجاً مدبراً . فإذا تمكنت الأميرات الثلاث من إيجاد أزواج مناسبين يُمكنهن أن ينقذن ميليو و ميجيا و ذلك عن طريق دعم اقتصادهما بأموال جديدة , بحلفاء جدد , بسلطة جديدة .
وهكذا بادرت شانتال إلى الزاوج بالأمير أرماند ثيبوديه لاكروا , وكان زواجها هذا كابوساً منذ بدايته.
ــ أنت تظنين أن سمعتى السيئة ستمنعنى من إيجاد الزوج المناسب , أليس كذلك؟
لو أن شانتال لاحظت لذعة المرارة فى صوت نيكول لما استمرت فى تقديم النصائح إليها قائلة :"أنا لا أقول شيئاً عن سمعتك لكننى أعرف أن علينا أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه ميليو فنجاحها يعتمد علينا . كما أن أمنها و استقرارها يأتيان من خلالنا , إذ إننا نمثل الجيل القادم"
ــ أنا لم أتخل يوماً عن واجباتى . أثناء غيابك توليت مسؤولية المؤسسات الخيرية التى تقع تحت رعايتك بالإضافة إلى تلك التى تدخل ضمن مسؤوليتى .
ــ المؤسسات الخيرية أمر لا بأس به لكن ما تحتاجه هو المال ....ملايين الدولارات . وأنت حظيت بعرضى زواج نيكول.
ــ كان ذلك منذ سنوات.
ــ بالضبط! و لا شئ بعد ذلك . لأن جميع الأمراء فى أوروبا باتوا يعرفون أنك غير مهتم بالزواج , فالصحافة لا يخفاها أى شئ.
دوت نبرة السخرية فى أذنى نيكول وراحت آثارها تعتمل فى صدرها .
ــ هل تقصدين أن ذلك السلطان نور , لا يمكن أن يتقدم بطلب يد امرأة مثلى؟
ــ حسناً , إنه لم يفعل . أليس كذلك؟
حدقت نيكول بـ شانتال للحظات طويلة و هى تفكر أنها لن تسمح لها بالذهاب إلى بَرَكة حتى و لو كان الواجب هو ما يدفعها إلى ذلك . لقد عانت شانتال الأمرين خلال السنوات القليلة السابقة , ولا أحد يعرف مثل نيكول أى جحيم عاشته .
حتى شقيقتهما جويل لا تعلم إلا القليل عن الأذى الذى تعرضت له شانتال على يد زوجها السابق. و قالت نيكول بعد لحظات :"ما من سبب يجبر أياً منا على الزواج من السلطان. يمكننا حمله على مساعدتنا دون أن نخسر حريتنا . وإذا أردت الحقيقة , نعم, أنا أقدر حريتى كثيراً"
و اشتبكت نظراتها بنظرات شانتال :"سوف نحرر ليلى و نعيدها إلى المنزل"
هزت شانتال رأسها:"جداها لن يسمحا لها مطلقاً بالمغادرة"
تأملت نيكول شقيقتها ملياً و قالت :"سوف يفعلان ذلك إذا ما ضغطنا عليهما بصورة جيدة...إذا أصر على ذلك الملك نور . أنت قلت إنه ذو نفوذ واسع"
تمتمت شانتال :"وهو ثرى"
ــ إذن سوف أذهب إلى الملك نور و أطلب مساعدته . لن يرفض مساعدة عروس المستقبل , أليس كذلك؟"
ــ نيكول ....
ــ سوف أذهب مدعية أننى أنت. سوف أجعله يقع فى حبى....
ــ نيكول.....
ــ أنه رجل شانتال . وأنا أعرف كيف أتصرف مع الرجال .
ــ لن ينجح . لن تتمكنى من إقناعه بأنك أنا , فأنت شقراء و أنا سمراء...
ــ سأصبغ شعرى , وبما أننى حنطية البشرة سوف أبدو شبية بك.
وفجأة راحت نيكول تضحك و قد شعرت بقوتها :"سوف أتسلل إلى الداخل ثم إلى الخارج , ولن يعلم مطلقاً ما الذى يجرى"
ــ آه نيكول . ما سيجرى هو عبارة عن كارثة !
علقت نيكول باعتداد واضح:"ليس إذا تصرفت بذكاء , ثقى بى , يمكننى القيام بذلك . سوف أضع خطة محكمة , وأن تعرفيننى شانتال , عندما أصمم على شئ لابد أن أحصل عليه"


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:13 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 ـ فى مواجهة الصقر
وقف الملك مالك رومان نور , سلطان بَرَكة على رصيف المرفأ القديم .ذلك الرصيف الذى بُنى منذ سبعمائة سنة تقريباً فى ظل قلعة يعود بناؤها إلى القرن السادس عشر وراح يراقب اليخت الملكى الذى يقترب من الميناء و الذى ترفرف فوقه الأعلام ذات اللونين الخمرى و الذهبى.
ها هى أميرته قد أتت.....
انخفضت رموشه الكثيفة ما إن سمع الجوقه الملكية تردد أغنية ترحيب. وراح يتساءل عما تفكر به الأميرة الجميلة الآن, والتى تركت بلادها من أجله. إنها تعيش فى عالم غربى و عالمه شرقى ,لابد أنها تشعر ببعض الخوف , فهو يشعربالخوف من أجلها أيضاً . لقد أتت لتعيش فى عالم يختلف تماماً عن عالمها و لن تكون حياتها مماثل لما كانت عليه إطلاقاً . أتراها تعرف ذلك؟
وقفت نيكوليت فوق الأرض الخشبية اللامعة على ظهر (النجم الملكى) و هو يخت الدوقية, وقد أطلقت جدتها هذا الأسم عليه.رفعت رأسها الذى بات الآن يعلوه شعر أسود و أصغت إلى رفرفة الأعلام التى تلعب بها الريح بعد ظهر ذلك اليوم الحار . ومع ذلك شعرت أن جسمها يرتجف لشدة التوتر.
إنها مصممة و مركزة تماماً على هدفها و هى تعلم ما الذى تفعله . لابد أن تنجح خطتها , فما من سبب يجعلها تفشل . لقد أتت إلى بَرَكة مدعية أنها شانتال و أنها مدفوعة بقرار الزواج من السلطان , وما إن تصبح شانتال و ليلى حرتين و تصلان إلى أميركا حتى تتخلص هى من مشروع الزواج هذا. إنها خطة بسيطة و عملية.
حدقت إلى البعيد بعينين ضيقتين فلاح لها السور الحجرى الضخم لمدينة أتيك عاصمة بَرَكة . بدا لها أن هذا السور الحصين الذى يرتفع فى مواجهة البحر يعود إلى عدة قرون خلت. و هو يحمى المدينة من أمواج البحر و عصف الرياح كما يرد عنها غزوات الجيران الطامعين.
جذبت الوشاح الذى يغطى رأسها و قربته من وجهها ليغطى فمها و أنفها . ثم راحت تتأمل المرفأ الذى يلوح لها من بعيد و تلك البقعة الخضراء التى هى عبارة عن أشجار نخيل تظلل أسوار المدينة القديمة ذات اللون الأبيض الساطع . لبرهة من الوقت , تغلب فضولها على ما تشعر به من توتر . أهذا هو المكان الذى ستمكث فيه خلال الأسبوعين القادمين ؟ هل يعيش السلطان فى هذه من مدينة أيتك؟ أم أن قصره يقع فى مكان ما...فى الداخل محاطاً بعدد من الكثبان الرملية المنتشرة فى الصحراء؟
و فيما تركزت نظراتها فى الأفق البعيد و تناهت إلى مسامعها أصوات الموسيقى . فحدقت جيداً إلى الحشد الغفير الذى تجمع فوق الأسوار , مئات من الأشخاص قد احتشدوا فى أنتظارها . وفكرت أن من الصعب التسلل من القصر و إليه بوجود هذا الجمع من الناس.
أمضت نيكول طيلة الأسبوع الماضى و هى تبحث على شبكة الإنترنت فى أرشيف الصحف . وبعد أن قامت بأبحاثها عرفت الكثير عن الملك مالك رومان نور: إنه رجل و سيم منغمس فى الملذات و لا يمكن إصلاحه. بدت و سامته واضحة فى تلك الصور القليلة التى تمكنت من العثور عليها, فهو ذو صلابة رجولية , شعره كثيف و جاذبيته واضحة.
بدا السلطان مالك نور على صفحات المجلات التى تهتم بأخبار المشاهير كازانوفا حقيقى. و بحسب المصادر المقربة منه , فإن السلطان مالك نور هو سيد الإغراء و هو يحتفظ لنفسه بالعديد من العشيقات.
حسناً إنه مستهتر من الطراز الأول و معتاد على اتخاذ العشيقات. أما شانتال و بعد التجربة التى مرت بها مع زوج متسلط و خائن فإنها لا تحتاج بالتأكيد إلى آخر لا يستطيع الوفاء بعهود الزواج و البقاء مخلصاً لها.
صرت نيكول على أسنانها . تحتاج شانتال إلى أمير حقيقى مخلص, لا إلى زوج مغامر قد يخونها كلما سنحت له الفرصة .
ملأت هتافات الجماهير الفضاء من حولها ما جعلها تشعر بالانزعاج أسبوعان , ثلاثة أسابيع....لن تقبل بيوم أكثر من ذلك. هذا ما قالته لنفسها و هى تحاول السيطرة على مزاجها العكر . سوف يسافران إلى الولايات المتحدة الأمريكية فى أقرب وقت ممكن و سوف تقترح أن يتم الزواج فى مدينة والدتها . ستقترح زواجاً مختصراً و شديد الخصوصية و لن تلبث أن تطلب فسخ ذلك الزواج.
إذا أتقنت لعب دورها بشكل جيد فتمكنت من تملق السلطان و لفت انتباهه كما تفعل عادة مع الرجال فلن يتعد الأمر كونه مغامرة قصيرة الأمد . ظهر القبطان إلى جانبها قائلاً :"سمو الأميرة لقد وصلنا"
ــ جيد
ــ سوف نرسو قريباً . هل أنت مستعدة للنزول إلى الأرض؟
ــ نعم
ابتلعت ريقها بصعوبة و هى تنظر إلى وجه القبطان أندرسون الذى اعتاد مواجهة البحر و الرياح و قد بدت الغضون حول عينيه أكثر عمقاً لشدة تحديقه بالشمس سنوات و سنوات.
ــ هل تسمح لى بأن أشكرك على خدماتك الوفية أيها القبطان ؟ لقد كنت حقاً رائعاً
انحنى الرجل قائلاً :"ذلك من دواعى سرورى , يا سمو الأميرة . سوف نترقب عودتك إلى البلاد بفارغ الصبر"
سارت نيكول بهدوء فوق الممر على وقع أصوات الآلات الوترية و الطبول و الدفوف , وما ان وصلت إلى منتصف المسافة حتى تناثرت عليها قصاصات الورق الملونة و أوراق الأزهار المختلفة الألوان . بدا الأمر و كأنها تدخل إلى عالم من الأحلام.. الموسيقى.. الألوان.. روائح العطور العابقة فى الهواء . وساور نيكول إحساس قوى بأن هذا العالم الغريب سوف يبهرها بسحره و أسراره.
ما إن وصلت إلى نهاية الممر حتى راح الوقت يمر ببطء . وجوه مشرقة , أناس يهتفون و يصفقون ترحيباً , لكن كل ذلك كله لا يبدو حقيقياً . شعرت بالحرارة تلسعها و الرطوبة تطبق على أنفاسها , و امتلأت أذناها بهتاف الجماهير المرتفع و المُلحّ . لجزء من الثانية غشى بصرها و لم تعد ترى إلا مزيجاً من اللونين البرتقالى و القرمزى و لم تعد تسمع إلا أصواتاً حادة متنافرة . رمشت بعينيها محاولة إزالة الغشاوة عنهما علها تحظى بصفاء الذهن من جديد . تمسكت بالسياج المحاذى للممر و هى تحاول إخفاء توتر أعصابها , فذلك الأمر لا يليق بفتاة واثقة مثلها . ثم أمرت نفسها : استعيدى تركيزك , حاولى إيجاد وجه محدد فى ذلك الحشد, حافظى على تماسكك و صلابتك ...هذا ما فعلته .
رأت بين الوجوه وجها مميزاً إنه وجه رجل . وحاز هذا الرجل على اهتمامه على الفور , و جعل النبض يتسارع فى شرايينها. أنه رائع!كانت هذه العبارة الأولى التى طرأت على ذهنها . رائع إلى حد رهيب ! أعجبها ذلك الوجه القوى الداكن الذى يبدو خلف نظارتيه الشمسيتين , و ذلك الشعر الكثيف الذى يعلو جبينه العريض . وقد زادت من وسامته بذلته السوداء الأنيقة و القميص البيضاء المفتوحة عند العنق . بدا الرجل مرتاحاً , هادئاً , و مختلفاً عن الآخرين.
تعلقت نظرات نيكول به . كانت نظارتاه تحجبان عينيه ما أضفى عليه جواً من الغموض. حاولت أن تتخيل لون عينيه , داكنتان؟ بنيتان؟ أم ربما ذهبيتان اللون؟ ذلك ليس مهماً حقاً , خاصة مع ذلك الشعر الكثيف المتموج و ذلك الوجه الوسيم. بدا فكه عريضاً كجبينه و أنفه طويلاً قليلاً.
رفع الرجل نظارتيه عن عينيه ما جعل نيكول تشهق قليلاً و قد أذهلتها تعابيره . أنها متغطرسة , فخورة و مليئة بالتحدى . بدا كرجل يشعر بمتعة القتال من أجل تحقيق أهدافه . حسناً هى أيضاً تشعر بمتعة القتال من أجل أهدافها . لا شئ يجعلها تشعر بالسعادة ,كما يجعلها اهتمام أحدهم بها و تقديره لأنوثتها , حتى لو أظهر لها نوعاً من التحدى.
لكنها الآن شانتال , كما ذكرت نفسها منهية بذلك أحلام اليقظة التى راودتها , كما أنها فى بَرَكة لمناقشة موضوع الزواج.
تمنت نيكول لو أن السلطان يتجاوز كل هذه المراسم و يظهر أمامها على الفور . ساد السكون للحظة , ثم تقدم نحوها رجل قصير القامة بدين ذو شاربين أسودين قائلاً :"سمو الأميرة شانتال مارى دوكاس؟"
ــ نعم .
انحنى الرجل قائلاً :"أسمحى لى أن أقدم لك جلالة الملك مالك رومان نور سلطان بَرَكة و أمير أتيك"
تحرك الحشد قليلاً ترقباً لما سيحدث و كأنما توتر الجماهير قد أنتقل إليها فأرسل إلى جسدها أسهما لاذعة . ولجزء من الثانية شعرت بالندم لتورطها فى هذا الأمر بدلاً من البقاء فى منزلها متجاهلة كل ما يجرى . إلا أنها قومت كتفيها , وإذا بالحشد يتحرك ليفسح الطريق لذلك الرجل صاحب البذلة الداكنة اللون كى يتقدم نحوها . إنها هو ! و صرخت فى سرها : كلا ! ليس هو . أى شخص إلا هو !
لكن الرجل راح يتقدم نحوها ببطء وتكاسل , وشعرت نيكول بوهن فى ساقيها . ابتلعت ريقها و هى تحاول تبين قسماته من خلف نظارتيه اللتين عادتا لتحجبا عيناه من جديد.
شعرت بجفاف فى فمها ,و اجتاحتها موجة من الرعب . لقد رأت صوراً للسلطان على شبكة الإنترنت . حاولت أن تستعيد فى ذاكرتها تلك الصور التى تفتقد إلى الوضوح لتقارنها مع الرجل الذى يبدو أمامها لكنها لم تنجح . لقد تخيلته أقصر قامة , أكثر بدانة , ومن السهل التلاعب معه و خداعه . لكن هذا الرجل لا يبدو مطلقاً من النوع الذى يسهل التلاعب معه. انحنى الرجل القصير القامة حتى كاد رأسه يلامس الأرض ثم قال مرنماً :"جلالة السلطان"
تسارعت ضربات قلبها و راحت ساقها ترتجفان فتمتمت :"جلالتك؟"
و سمعت نبرة الشك فى صوتها أما السلطان فخطأ إلى الأمام مقرباً المسافة بينهما و راح يفحصها للحظة طويلة سادهما الصمت . وكانت نيكوليت هى الأولى التى أشاحت ببصرها و راحت تنظر إلى الأرض تحتها كى تخفى ارتباكها . لكن السلطان لم يسمح لها بهذا الهروب , إذ أمسك ذقنها بأصابعه و عاد يحدق إلى وجهها . وعندما شعر بالاكتفاء كما يبدو قال باقتضاب :"السلام عليكم"
جاء صوته عميقاً , حتى أنها بالكاد تمكنت من سماعه. و إذا بالرجل القصير القامة يتولى الترجمة و هو ينحنى من جديد :"جلالته يلقى عليك التحية , وهو يرحب بك فى بلده الحبيب بَرَكة , أرض الأحلام"
أرض الأحلام ! إنه أمر مثير للاهتمام.
ــ هل تسمح بأن تخبر جلالته بأننى متأثرة جداً بسبب الترحيب الحار الذى قابلنى به شعبه؟
أوصل المترجم الرسالة إلى السلطان قبل أن يستدير من جديد نحو نيكوليت قائلاً: " يعتقد جلالته أن من الأفضل اصطحابك بعيداً عن أشعة الشمس فسيارته تنتظر هناك"
و أشار بيده إلى سيارة ليموزين سوداء اللون مركونة خلفهم يحيط بها عدد من الحراس فى ثيابهم الرسمية.
جلس المترجم على أحد المقعدين الطويلين داخل الليموزين فيما جلست نيكوليت والسلطان الصامت على المقعد الآخر . خلال الرحلة القصيرة لم تتبادل مع السلطان نور أى حديث , ومع أنه بالكاد قد نظر إليها إلا أنها لم تشعر فى حياتها بمثل هذا الارتباك بحضور أى رجل من قبل , كما تشعر الآن. كان يتنفس ببطء و عمق كأنه يمتلك الحق فى كل ذرة من الهواء . أما عطره فقد دغدغ خياشيمها بخفته و جعلتها نكهة البهارات فيه أن ترغب فى تنشق المزيد.
و بعد عدة لحظات قال المترجم متطوعاً :"سوف تصل حقائبك لاحقاً , لكن إذا احتجت لأى شئ قبل ذلك ما عليك إلا أن تطلبى"
أومأت نيكول بهزة من رأسها و هى تشعر بالامتنان لوجود ذلك الوشاح الواقى فوق رأسها فهى تدرك أن خديها متوهجان من الحرارة كبقية أنحاء جسمها و قالت :"شكراً لك"
وصلت السيارة إلى البوابات الخارجية للقصر و سرعان ما اكتشفت نيكول أن قصر السلطان هو عبارة عن قلعة تم تجديدها على الطراز الحديث . ما إن أصبحوا خلف البوابة حتى بدت أمام أعينهم مدينة صغيرة مليئة بالحدائق و الأفنية و الأبنية الحجرية البيضاء اللون التى تتميز بأناقتها و فرادتها و التى تحيط بها كلها تقريباً أعمدة رخامية بيضاء . قدم الحراس التحية للملك نورى و هو يقود نيكوليت و المترجم عبر الفناء الرئيسى للمبنى الرئيسى . بدا الحراس متألقين فى ثيابهم الرسمية البيضاء , التى هى عبارة عن بنطلون و قميص أبيض اللون فوقهما رداء من اللون نفسه مع حذاء أسود. كانت الأبواب مطلية بالذهب أما السقف فمرتفع جداً بأرتفاع طابقين على الأقل و قد غطت الجدران بلوحات من المزايك المطلى بالذهب و البرونز .
شعرت نيكوليت بالرهبة و هى تتبع السلطان نور إلى صالة استقبال أنيقة فُرشت أرضها الرخامية بسجاد قرمزى اللون . أشار لها السلطان لكى تجلس على أحد المقاعد المنخفضة وسط الغرفة . جلست نيكوليت و هى تشعر بالامتنان على حافة المقعد الذى تغطيه وسائد حريرية ذات لون ياقوتى . سألها المترجم وقد دخلت إلى الصالة خادمة تحمل صينية :"أتودين تناول القهوة؟"
دغدغت رائحة القهوة الطازجة أنفها و فاض ريقها و هى تفكر أنها الآن بأمس الحاجة إلى هذا الشراب المقوى فأجابت :"نعم , من فضلك"
ظل السلطان نور واقفاً يحدق بـ نيكوليت بتركيز جعلها تشعر بالتوتر . ثم كسر الصمت بكلامه فجاء صوته عميقاً ناعماً . وشرح لها المترجم كلماته :"جلالته يسأل إن كانت رحلتك مريحة و آمنة"
أومأت نيكول مجبرة نفسها على إظهار ابتسامة هادئة:"نعم , شكراً"
و أضاف السلطان :"هل واجهتك مشاكل أثناء الرحلة؟"
أصغت نيكول إلى صوته الذى غزا ذهنها متوقفة ببطء عند كل مقطع رمن مقاطعه . إنه يمتلك صوتاً غير اعتيادى . صوت عميق , خشن,لكنه مخملى الوقع . ومرة أخرى راح نبضها يتسارع , وبدا كأن يواجه صعوبة فى الحفاظ على إيقاع منتظم لضرباته . وأجابت :"مرت الرحلة بهدوء تام"
و أدركت أن من الأفضل لها أن تختفى بسرعة من هذا المكان . فإذا كانت عاجزة عن التحكم فى صوتها حين تجيب على أسئلته كيف ستتمكن من التحكم به شخصياً؟
التوت زاوية فم الملك نور بابتسامة مميزة و قال :"الحمد لله"
أجبرت نيكول نفسها على النظر بعيداً و قالت تذكر نفسها :تذكرى أن لديه العديد من العشيقات , تذكرى سمعته مع النساء . وسألت :"ما الذى تعنيه كلمة (الحمد لله) ؟"
ــ إنها تعنى الشكر للرب.
ثم تكلم السلطان نو رمن جديد و قام المترجم بتفسير كلامه لها :"جرت العادة هنا أن نشكر الله و نعبر عن امتنانا له على ما ينعم به علينا"
رمقت نيكول الملك نور بنظرة سريعة فإذا بشفتيه تلتويان بطريقة مميزة ما جعل غمازتيه تبدوان واضحتين تحت عظمتى خديه ثم سألت :"وهل حضورى هنا هو نعمة؟"
فأجابها المترجم بالنيابة عن السلطان :"بدون شك"
رمقت الملك نور بنظرة أخرى ملؤها الحذر . لقد اعتقدت أنها تحضرت جيداً لهذه الرحلة وظنت أن خطتها لن تخطئ هدفها . أما الآن و الملك نور هنا و هما الأثنان معاً...لم يعد الأمر كما تخيلته على الإطلاق.
جلس السلطان على أحد المقاعد الخفيضة القريبة منها و عندما تطاول ليأخذ فنجان القهوة كادت ذراعه الطويلة تلامس ركبتها , ما جعلها ترتجف فى داخلها , وتشعر بالتوتر من جديد .
عاد السلطان يتحدث بالعربية مرة أخرى و راحت نيكول تنقل نظرها بين الملك نور و المترجم . بدا الوجه السلطان وسيماً من الناحية الجانبية إنه رائع . رجل بكل ما فى الكلمة من معنى
ــ جلالته يبلغك عن سروره لوجودك هنا و يقول لك إنه و شعبه قد انتظروا هذا اليوم بفارغ الصبر
توترت أصابع نيكول و هى تمسك بفنجان القهوة لكنها حاولت أن تحتفظ بهدئها . فى الواقع كان الملك يجلس متكئاً بارتياح و عيناه الباردتان ذات اللون الفضى المتموج باللونين الأخضر و الرمادى تتأملانها و كأنه يجدها مذهلة تماماً .
الحمد لله أن شانتال ليست هنا إذ إن الملك نور سيتمكن من إغوائها بسهولة , فيتزوجها ثم يتخلى عنها فى أقرب فرصة.
قالت بنبرة لبقة لا تخلو من الحذر :"أنا أتطلع قدماً للتعرف على جلالته ومناقشة أفكارى المتعلقة بالزفاف معه"
سألها المترجم :"أفكارك؟"
لم تستطيع نيكول إخفاء عدم صبرها :"نعم , بالطبع . إنه زفافى و لدى أفكار بشأنه"
ساد الصمت للحظة ثم أمال الملك نور رأسه و انخفضت أجفانه و هو يتفحصها .راحت نظراته الباردة تتفحص وجهها متوقفة عند كل قمسة من قسماتها , متأملة انحناء عظامها و شكل شفتيها و نعومتها . فى هذا الوقت قام المترجم بشرح أفكارها للملك نور . ثم تكلم السلطان و نقل إليها المترجم فحوى كلامه :"جلالة الملك يتفهم أنك وصلت لتوّك و كل شئ يبدو جديداً و غريباً بالنسبة إليك . لكنه يطلب منك ان تثقى به بالنسبة لتفاصيل الزفاف إذ ستتم كلها وفقاً للتقاليد و عادات بلادنا"
ــ قل لجلالته من فضلك إننى أود الوثاق به بهذا الشأن . لكن الزواج هو مسألة شخصية جداً و أنا أصر على المشاركة فى التخطيط له"
ــ الملك يشكر اهتمامك و يؤكد لك أن لا حاجة بك إلى القلق أو الاضطراب. وبما أن إجراءات الزفاف قد حُددت لا شئ يمكنك القيام به خلال الأسبوعين القادمين سوى الاسترخاء و التعود على أسلوب الحياة فى بَرَكة.
لا شئ تقوم به خلال الأسبوعين القادمين سوى الاسترخاء ! شعرت نيكول بالارتباك إزاء جواب الملك هذا فسألته :"ما الذى سيحدث بعد أسبوعين ؟"
أحنى المترجم رأسه قائلاً :"سيتم الزفاف يا سمو الأميرة"
هذا لا يمكن ان يحدث! من المؤكد أن هناك مشكلة سببها اختلاف اللغات و هى ناتجة عن سوء الترجمة.
ــ أخشى ان هناك حلقة مفقودة هنا . هل تقول لى إن موعد الزفاف و التفاصيل المتعلقة به قد حُددت و أنتهى الأمر؟
ــ نعم
لم يمض سوى أقل من ساعتين على وجودها فى بَرَكة , مملكة السلطان مالك نور التى تقع فى شمال أفريقيا و ها هى الأمور تخرج عن سيطرتها بشكل كبير . ما الذى حصل لخطتها؟ ماذا عن إجراءات الزفاف الهادئة و الخاصة التى حلمت بإتمامها فى أميركا؟
ــ وكيف حصل ذلك؟
أحنى المترجم رأسه بأدب و هو يقول :"لقد أختار جلالته يوماً مباركاً فى المفكرة الدينية و الثقافية"
نقلت نيكوليت بصرها من المترجم البدين إلى الملك نور الذى يجلس باسترخاء على الأريكة . سوف تكون الأمور أصعب مما تخليت . الملك نور هو من نوع الرجال الذين دأبت عن تجنبهم دوماً, إنه ذكى , بارع و هو أبعد ما يكون عن رجل يسهل التحكم به . استدارت نيكول نحو الملك لتنظر مباشرة فى عينيه و تعبر له عن سخطها , ثم قالت بنبرة صارمة :"لكن الملك لم يأخذ مفكرتى الخاصة بعين الاعتبار . لا يمكنه أن يحدد موعداً للزواج دون أستشارتى"
أومأ المترجم ثانية و غدت تعابيره أكثر جدية , لكنه ظل يتكلم بتهذيب بالغ :"جرت العادة أن يستشير الملك رجال الدين فى مثل هذه الأمور"
ــ إذن فالملك هو شخص متدين!
لم يجبها المترجم على الفور و بدا واضحاً أنه يبحث فى ذاكرته عن الكلمات المناسبة ثم قال :"الملك هو الملك . إنه حاكم بَرَكة...."
و إذا بطبع نيكول يغلبها فقالت :"و أنا الأميرة شانتال من أسرة دوكاس الملكية"
إنها تكره التحدث إلى شخص ما عبر مترجم , لا سيّما إذا كان هذا الشخص ذا صفة ملكية .
ــ ربما من الأفضل أن تذكر ملكك أن أياً من الإجراءات لن تتم إلا بعد موافقتى.
تردد المترجم و بدا أنه لا يرغب فى ترجمة كلماتها هذه. فتصلب فك نيكوليت و قالت:"قل له ذلك من فضلك"
قال المترجم مكرهاً:"جلالة الملك...."
تحركت من مكانها بنفاد صبر ثم وضعت فنجان القهوة على الطاولة الخشبية المنخفضة و هى تقول :"ربما كان قدومى إلى بَرَكة غلطة كبيرة . لقد افترضت أن الملك مالك نور رجل مثقف و متحضر...."
و إذا بالملك يقاطعها :"أتعنين غربى الطباع؟"
ثم قام ببطء عن الأريكة ليعود فيسيطر على المكان بأكمله . ارتخى فك نيكول و شعرت فى الوقت نفسه بتقلص فى معدتها .إنه يتكلم الإنكليزية إذن! بالطبع هو يتكلم الإنكليزية , فحين بحثت على شبكة الإنترنت اكتشفت أنه أنهى دراسته فى جامعة أوكسفورد . ومع ذلك سمح بإتمام تلك المراسم و المقدمات و تلك المحادثة المربكة عبر مترجم . لقد جعل لقاءهما الأول يبدو كمقابلة عمل .
أمالت رأسها قليلاً فسقط الوشاح الذى كان يغطيه إلى الوراء ليكشف عن شعرها الأسود الطويل .و سألته :"لِمَ علينا استخدام مترجم؟"
ظهرت فى عينيه نظرة اعتذار خفيف :"ظننت أن ذلك يجعلك تشعرين بالارتياح أكثر"
هذا ليس صحيحاً فذلك يجعله هو أكثر ارتياحاً . صرت نيكول على أسنانها و ذكرت نفسها و ذكرت نفسها بأن عليها أن تفكر بطريقة شانتال و تكون هى نفسها شانتال . لكن طريقة شانتال فى التصرف جعلتها تصبح أشبه بممسحة للأرجل . ومع ذلك ذكرت نيكول نفسها إنه يريد شانتال لا أنت.
كان السلطان يقف بانتظار كلامها , فراحت عيناها تقدحان شرراً , مع أنها حاولت جاهدة أن تستعيد ابتسامتها الواهية . أومأت برأسها كما تفعل شانتال عادة و قد رأتها عدة مرات تقوم بذلك فى المناست الرسمية . ثم وقفت و قالت من بين أسنانها :"يا لهذه المراعاة! على أن ....أشكرك حقاً"
التوت شفتا الملك نور بابتسامة باهتة :"ذلك من دواعى سرورى"
ثم رفع يده فى إيماءة آمرة و سرعان ما غادر المترجم الغرفة على إثرها . ها قد أصبحا كلاهما واقفين على مسافة قريبة من بعضهما البعض , ما جعل نيكول تشعر بعدم الارتياح . راح السلطان يتفحص تعابير وجهها التى تنم عن الغضب للحظات طويلة قبل أن يشبك يديه خلف ظهره و يدور حولها . ها هو يقوم بتفحص دقيق للبضاعة قبل إتمام الصفقة , كأنه يتفحص جملاً فى البرارى قبل أن يشتريه . هذا ما فكرت به نيكول و لم يكن ذلك سهلاً عليها . وعاد يدور حولها مرة أخرى و يرمقها بنظرات شبيهة بنظرات صقر لا يفوته أى شئ .
قال بصوت مخنوق :"هل حزت على استحسانك أيها الملك نور؟"
لكن سخريتها تلاشت مع تلاشى صوتها . وشعرت بالخوف , إذ إن ما ينتظرها ليس أسبوعان من العطلة . خشيت على نفسها و ليس على شانتال . فالملك نور لديه خطة و خطته هذه سحقت خطتها تماماً . تذكرت ذلك وقلبها يخفق بسرعة جنونية.


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:17 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2 ـ أنا لست طفلة !

أستمر الملك فى تفحصه لها فأكمل دورته الثانية حولها قبل أن يتوقف قابلتها تماماً, و هو لا يبعد عنها سوى بضعة سنتيمترات . حبست نيكول أنفاسها و هى تحاول جاهدة أن تحافظ على توازنها وألا تجفل مبتعدة أو ترمش بعينيها, فعليها أن تخفى تماماً ردات فعلها مع انه يثير أعصابها بشكل جنونى. بعد قليل قطع الملك نور ذلك الصمت الذى يسود بينهما ليقول :"أنت أطول قامة مما توقعت"
لقد ورثت نيكول طول قامتها من والدها , كما ورثت عنه الشعر الأشقر . وطولها هذا كان يسبب مشكلة للعديد من الرجال . وقالت :"و أنت أيضاً"
ضاقت عيناه و قال مفكراً :"كما ان لون بشرتك يبدو أفتح أيضاً"
ثم هز كتفيه متابعاً:"لكن أعتقد أن الناس يبدو مختلفون على شاشة التلفزيون"
ــ هل خاب أملك؟
ارتفع أحد حاجبيه الأسودين :"وهل قلت ذلك؟"
شعرت نيكول بالحنق من جديد . ولم تفهم سبب ذلك . فالرجال لا يسببون لها الارتباك فى العادة , كما أنهم لا يجعلونها تشعر بالسوء . إنها تعرف جيداً كيف تسيطر عليهم من خلال نقاط ضعفهم , لكن السلطان لا يبدو ضعيفاً أو مغروراً ما يجعلها أقل قدرة على التعامل معه.
نظر مالك بهدوء إلى عينيها الزرقاوان الغاضبتين و هو يفكر فى أن أميرته تملك جسماً رائعاً ,كما تملك خدين بارزى العظام . أين أختفى وجه شانتال المنضبط الملكى القسمات؟ هذا الوجه ليس وجه أميرة مطيعة , فالوجه الذى أمامه الآن ملئ بالاحاسيس و الشراسة . لا شك لديه بأن هذه المرأة يمكنها أن تكون قوية, قوية جداً. و سيكون غبياً إذا ما صدق ما تقوله شفتاها الناعمتان الممتلئتان و خصلات شعرها الطويلة الملساء . وسألها قاطعاً الصمت الملئ بالتوتر :"ألم تحضرى أحد معك؟ خادماً أو سكرتيرة أو أى شخص لينظم جدول مواعيدك؟"
هزت نيكول كتفيها :"لم أظن أن ذلك ضرورى , يا صاحب الجلالة . لقد ألغيت أرتباطاتى كلها لأتفرغ لك تماماً"
ــ أرى فى ذلك مراعاة لى.
فقالت برزانة :"هذا ما أحاول القيام به"
ثم أحنت رأسها , ما جعلها تغفل عن تعابير مالك التأملية . أما هو فراح يفكر و هو ينظر إلى رأسها المنحنى أنها تخطط لشئ ما . ليس الأمر أنها لا تتحمل كلفة المساعدين . لكنها تود أن تتخفى عن الأنظار و لم ترغب فى أن يرافقها أى من مساعديها المألوفين للناس . وفكر أن الأميرة تلعب لعبة ما , بدون شك . وقال بنبرة متعاطفة :"بما أنك لم تحضرى معك أحداً ليساعدك يسرنى أن أزودك بالمساعدين بنفسى . أفكر ببعض الأشخاص اللذين تم تدريبهم بصورة جيدة و هم سيشكلون نوعاً من الحماية لك"
ذلك العمق و تلك النبرة المخملية فى صوته أرسلت فى كيانها موجات من الارتعاش.
ــ جلالة الملك لست بحاجة إلى مساعدين , حقاً.
ضرب الملك باحتجاجها عرض الحائط و قال :"لديك جدول أعمال مكتظ أيتها الأميرة . أمامك مهمات كثيرة و نشاطات جمة و من المستحسن أن تحصلى على مساعدة لتنظيم مفكرتك و خزانتك على السواء"
أحمر خد نيكول . فهى لم تكن يوماً مهتمة بشئون الموضة , وقالت :"فى الواقع , لم أحضر معى سوى القليل من الملابس"
و حاولت إخفاء اضطرابها الداخلى بابتسامة مصقولة . إنه ليس من الرجال الذين تسهل مناقشتهم . وتابعت تقول :"ظننت أن هذه الزيارة مجرد زيارة تمهيدية لمجرد التعارف و تحديد موعد الزفاف"
وضع الملك يديه فى جيبى بنطلونه فبدا كرجل خطير ثم قال :"لكن الموعد قد حُدد بالتأكيد . لقد ناقشنا الأمر ....."
ــ جلالة الملك . نحن لم نناقش هذا الأمر مطلقاً.
سرها أن تتمكن من التحدث إليه بهذه النبرة الصارمة فهى لا تسمح لأحد من قبل أن يتعامل معها بإستعلاء و تابعت تقول :"لكنت تذكرت ذلك لو أنه حصل"
أومأ دون اهتمام ثم هز كتفيه قائلاً :"أعتقد أن أسبوعين هما مدة كافية , إذا ما أخذنا بالاعتبار أن كلينا نتوق لأن نسير قدماً فى هذا الزواج . أول شخص من فريق المساعدين سوف تقابلينه هو المسئولة عن تنظيم الزفاف....."
قاطعته نيكول قائلة :"أسبوعان من الخطوبة!"
شعرت أنها ممزقة بين الرغبة فى الضحك و بين الشعور بالسخط . هل فترة أسبوعين من الخطوبة تعد كافية لأميرة؟
ــ من المستحيل أن يتم التحضير للزفاف خلال أربعة عشر يوماً فقط.
ــ فترة أسبوعين تبدأ من يوم السبت ما يعنى أن لدينا ثمانية عشر يوماً .
الهدف ليس أربعة عشر أو ثمانية عشر يوماً , الهدف عدم الارتباط بموعد للزفاف على الإطلاق.
ــ لدى أفكارى الخاصة بشأن الزفاف يا جلالة الملك , كما فكرت ببعض الترتيبات.
ــ أحقاً؟
ــ نعم. بما أن أمى أميركية فكرت بأن نسافر إلى أميركا لإتمام الزفاف هناك. وما إن رأت تعابيره المتشككة سارعت إلى القول :"لقد أملت بأن أتزوج فى كنيسة الرعية التى تنتمى إليها فى باتون روج فى مقاطعة لويزيانا"
تصلب فكاه و قال :"أنا لم أذهب من قبل إلى لويزيانا, وأنت؟"
ــ وأنا أيضاً . لهذا السبب أردت الذهاب الآن . أردت أن تحضر أسرة أمى....
ــ يمكنهما أن يحضروا إلى هنا للمشاركة فى الزفاف.
ــ لكنهم.....
و ابتلعت ريقها بصعوبة و ثم تابعت :"....فقراء يا جلالة الملك . ومعظمهم لم يخرجوا خارج حدود مقاطعتهم فكيف بالسفر فى الطائرة إلى دولة أجنبية!"
ــ إذن سوف نرسل لهم طائرتى الخاصة . لقد حُلت المشكلة.
و سار السلطان باتجاه مكتب موضوع بالقرب من أحد الجدران البعيدة فتناول شيئاً من درجه الأعلى و عاد نحوها و هو يتابع قائلاً :"هذا جدول أعمالك"
و ناولها المفكرة التى يحملها فى يده :"كما ترين سوف تكونين مشغولة جداً فى المساعدة فى تحضيرات الزفاف هنا, هناك أمور ستقومين بها لوحدك و أخرى سنقوم بها معاً...."
قاطعته نيكول و هى تشعر بأن أصابعها تحترق من لمسة يده السريعة لها :"إيها الملك نور اعذرنى لأننى متبلدة الذهن. لكننى لا أفهم لِما لا نستطيع مناقشة ما لدى من أفكار تتعلق بهذا الزفاف"
رفع الملك رأسه لتقابل نظراته الباردة نظراتها . ثم قال بعد لحظة :"بالطبع يمكننا مناقشة ما لديك من أفكار فأنا أظن أن علينا إدخال العديد من التقاليد التى تعتمدها أسرتك فى مراسم الزفاف هنا. و هذا بالضبط ما أود أن تُطلعى منظمة الزفاف عليه. فسوف تلتقين بها فى وقت متأخر من هذا اليوم...."
ــ اليوم؟
ــ الليلة.
و هز كتفيه متابعاً :"كى نطمئن إلى أن جدول أعمالك لن تسبب الإزعاج , يمكنك مناقشته مع مساعدتك و المسئولة عن تنظيم حفل الزفاف . وذلك كى تكونى مرتاحة تماماً فى تادية ما عليك من واجبات , كما أن المرأتين ستجيبان عن أى سؤال تودين طرحة فى ما يتعلق ببرنامج نشاطاتك . أعتقد أنك ستجدينهما مفيدتين جداً لك."
كبحت موجة من الذعر كادت تجتاحها . منظمة حفل الزفاف, ومساعدة شخصية...كم عدد المساعدين الذين ستحتاج إليهم؟
ــ أنا قادرة على الاهتمام بتحضيرات الزفاف بنفسى.
ــ أعرف أن لديك خبرة جيدة فى تنظيم حفلات الاستقبال و ما شابهها لكنك ستصبحين زوجتى و ملكة بَرَكة . ولا حاجة لأن تصرفى جهدك على الاهتمام بمثل هذه التفاصيل , لذا أحضرت أكثر الناس خبرة و احترافاً فى هذا المجال . أعلم أنك ترتاحين أكثر لمساعديك....
ــ لكننى لا أحتاج إلى مساعدين .
ابتسم لها ابتسامة لطيفة قائلاً :"بل تحتاجين.و سوف أساعدك فى التغلب على توترك هذا"
ــ أنا لا أشعر بأى توتر .
ابتسم لها ابتسامة أكثر لطفاً و قال :"بل أنت كذلك"
فى الواقع لقد كذبت نيكول فى ما قالته , فهى تشعر بتوتر كبير فى هذه اللحظة . لكى تخفى القلق الذى تشعر به فتحت المفكرة الجلدية وراحت تقلب صفحاتها حيث طالعها العديد من الأسماء و المواعيد المدونة فيها: لقاء المساعدة الشخصية , الدرس الأول فى اللغة العربية,القياس الأول لعباءة الزفاف, اختيار خاتم الزواج, الدرس الثانى فى اللغة العربية, حفلة الخطوبة الأولى,درس فى الثقافة, الدرس الثالث فى اللغة العربية, جولة برفقة الملك نور, الدرس الرابع فى اللغة العربية....و هكذا دواليك إلى أن يحين موعد الزفاف.
ثمانية عشر يوماً من النشاطات, ثمانية عشر يوماً من الادعاء بأنها شخصية أخرى,ثمانية عشر يوماً من التصرف على أنها ستصبح زوجة الملك نور...
ــ يبدو جدول أعمال مليئاً بالنشاطات و ذلك بصورة يومية
ــ بالضبط.
راح رأسها يدور . لقد فكر الملك بكل شئ, لقد وضع لها برنامج تدريب مكثف تحضيراً ليوم الزفاف . دروس فى اللغة , دروس فى التجميل , ظهور علنى , نشاطات خاصة برفقة خطيبته..
ــ جلالة الملك نور....
صحح لها بتهذيب:"مالك"
عادت تقول و هى تفكر من أين تبدأ بشرح مخاوفها :"مالك, هل كل ذلك ضرورى؟"
ــ سوف تصبحين ملكة البلاد.
ــ نعم , لكن يمكن تأجيل بعض هذه النشاطات إلى ما بعد الزفاف.
ــ من الأفضل أن تبدأى بالتعلم قبل موعد الزفاف....
أعلمتها نبرة صوته أن لا مجال للنقاش فى هذا الموضوع , وتابع قائلاً :"أتوقع أن تحملى بطفل منى فى وقت قريب بعد زواجنا و أنا أعلم أن النساء لا يستطعن القيام بالكثير من النشاطات أثناء الفترة الأولى لحمل . كل ما أتمناه أن أسهل عليك حياتك كى تتمكننى من التفرغ للحياة العائلية بعد الزواج"
هذا بالتأكيد ليس جزءاً من خطتها...فخطتها تقضى بإنقاذ ليلى عبر ذهابها إلى أمريكا , وليس التورط فى البقاء فى بَرَكة مع خاتم زواج فى إصبعها و طفل السلطان فى أحشائها . ومع أنها تحب الأطفال....أطفال الآخرين . إلا أنها ليست من نوع النساء الحاضنات اللواتى يشعرن بتوق إلى الأنجاب . أملت ألا تفضح نبرة صوتها ذلك الخوف الذى تشعر به حين قالت:" هل تفكر فى إنجاب الأطفال مباشرة بعد الزواج؟"
ــ ألا ترغبين أنت بإنجاب المزيد من الأطفال؟
المزيد ! آه , هذا صحيح . إنه يرى فيها أماً لأولاده إذ يعرف أن شانتال لديها أبنة. فما الفرق إن أنجبت له خمسة أو ستة أولاد؟
ــ نعم , بالطبع. لكننا ما زالنا غريبين عن بعضنا البعض....
ــ لن نبقى كذلك فى الأسابيع القليلة المقبلة
ثم أومأ مشيراً إلى المفكرة التى تحملها فى يدها بتراخ , وتابع يقول :"إذا راجعت جدول مواعيدك سوف تلاحظين أننا سنمضى فترة لا بأس بها من الوقت كل يوم. فى بعض الأيام سوف نتناول العشاء بمفردنا و فى أيام أخرى سنكون مدعوان معاً و فى غيرها سنذهب إلى الأسواق لشراء الحاجيات الضرورية كسرير الزوجية على سبيل المثال"
سرير الزوجية! يا له من قدر أسوأ من الموت!
شعرت نيكول أن الدماء تختفى من وجهها . إنها لا تريد سرير زوجية , فهى لا تنوى مشاركة مالك ذلك السرير كزوج و زوجة . الإعجاب به هو شئ و الزواج منه لبقية حياتها هو شئ آخر . لسوء الحظ فإن الملك نور يرغب فى الأسراع بالقيام بإجراءات الزواج وصولاً إلى الاحتفال بالزفاف و هو لا يترك لها أى مجال للخلاص.
أليس هذا ما تنبأ لها به جدها ريمى ؟ألم يردد دائماً أن نيكول سوف تلتقى يوماً برجل يكون ندأ لها ؟ فقد كان يقول :"ليس جميع الرجال من الصنف الذى يرتمى تحت قدميك ما إن تشيرى بأصبعك. . هناك رجال يمكن التحكم بهم و قيادتهم و هناك آخرون لا يقبلون إلا بتسليم زمام القيادة بأنفسهم"
راح مالك يراقبها و هو يرى القلق واضحاً فى عينى أميرته الزرقاوين . لم ير فى حياته عروساً أقل حماسة منها إلى الزواج . إنه متفهم لمخاوفها و قلقها فهو نفسه قد شعر بمثل تلك المخاوف و ذلك القلق حين أدرك أن عليه أن يتزوج , فمسالة الوراثة أصبحت ملحة بعد محاولة الاغتيال التى تعرض لها العام الفائت . كما أن شقيقه الأصغر خالد لا ينوى مغادرة لندن و مع أن مالك لديه شقيقات و هؤلاء لديهن عدد من الصبيان الصغار كما لديه أقرباء عديدين من الذكور إلا إن أياً من هؤلاء لم يبق فى بَرَكة . وهكذا أصبحت مسألة الوراثة متعلقة به وحده و بات بحاجة إلى وريث و ها هو قد أختار الأميرة دوكاس لتمنحه هذا الوريث.
ــ لا أريدك أن تشعرى بالقلق.
ثم أضاف بنبرة مهدئة :"سوف أكون زوجاً مخلصاً و لن أتزوج من امرأة أخرى , وسأكرس نفسى للاضطلاع بمسؤولياتى كزوج و شريك وفى"
كاد رأس نيكول ينفجر , وقد راحت تلك الكلمات ... زوج... شريك...تطفو فى ذهنها المعذب. ثم قالت و أصابعها الطويلة معقودة حول المفكرة :"معظم الملوك يستخدمون غرفتى نوم منفصلين ,أليست هذه هى العادة هنا؟"
ــ اعتاد والدى أن يتشاركا غرفة نوم على الدوام.
ــ آه !
و إذا به يعاجلها بالسؤال :"ألم يكن والديك كذلك؟"
إنها تفقد تركيزها , فالملك نور شديد الذكاء و سريع البديهة و مباشر . إنه يتطرق إلى مواضيع لم تشأ التحدث عنها حقاً
ــ زواج والداى كان زواجاً مبنياً على الحب .
لقد تزوج والداها على الرغم من إرادة جديها لوالدها , وجاء زواج والدها و هو الأمير المدلل من والدتها نجمة البوب الأميركى بمثابة صدمة لهما. و ظن الجميع يومها أن هذا الزواج لن يدوم طويلاً . إلا أنه و خلافاً للتوقعات دام لمدة عشر سنوات . وقد ظل والداها سعيدين معاً حتى قُتلا فى حادثة سير على الطريق البحرى بالقرب من سان تروبيز . ألقت نيكول . ألقت نيكول نظرة سريعة على المفكرة فى يدها , ثم قالت :"يبدو أننى سألتقى بمساعدى بعد ساعة و نصف من الآن"
ــ بعد أن تأخذى قسطاً من الراحة و تنعشى نفسك و سوف يحضرون لك الشاى و السندوتشات إلى غرفتك الخاصة. و سيكون لديك وقت كاف لأخذ قيلولة صغيرة.
فجأة عاودها طبعها المشاكس , فراحت تقلب صفحات المفكرة الجلدية بعصبية :"أحقاً؟ هل أنت متأكد؟ لا أرى ذلك مدوناً فى مفكرتى"
لم يخفض الملك نور بصره لينظر إلى المفكرة بل وقف هناك بكل بساطة وراح يراقبها . وبعد برهة قال :"أيتها الأميرة شانتال , إذا لم تكونى راغبة بهذا الزواج ما عليك إلا أن تقولى ذلك "
نبرة السيطرة الهادئة التى تنبعث من صوته ملأت قاعة الاستقبال الأنيقة .
شعرت نيكول بالخجل لأنها فقدت هدوءها تماماً فأغلقت المفكرة الجلدية ببطء, وضمتها إلى صدرها قائلة :"إنى آسفة"
انتظر مالك إلى أن رفعت بصرها عن السجادة القرمزية اللون التى تمتد تحت قدميها و قال :"أنا لا أصوب مسدساً إلى رأسك أيتها الأميرة و هذا الأمر لا يتم بالإكراه . إذا لم تقتنعى بأننى عريس مناسب لك تكلمى الآن . فهذا هو الوقت المناسب لإلغاء جميع الخطط و ليس قبل أسبوع فقط أو ربما يوم فقط من موعد الاحتفال بالزفاف.لا زال هناك أسبوعان حتى موعد الزفاف و نحن لم نقم بأى احتفالات علنية الآن بعد. إذا كانت لديك أى تحفظات أخبرينى بها , فأنا لن أحاكمك . وأعدك بأننى لن أغضب منك أو أقسو عليك"
راحت كلماته ترن فى أذنيها و أكثر ما تذكرته منه هو قوله: إذا كان لديك أى تحفظات....بالطبع لديها تحفظات , بل هذا كل ما لديها. لاشئ مما يحصل هو حقيقى , لا شئ مما يتناقشان بشأنه سوف يتحقق. إنها منافقة ...تقف هنا و تكذب عليه بل إنها تخدعه عن سابق تصور و تصميم . لكن كيف يمكنها أن تقول له الحقيقة؟ إذا ما أخبرته من هى حقاً و لِما هى بـ بَرَكة سيقوم بفسخ خطوبتهماعلى الفور و يتوقف عن تقديم المساعدة لها . وستذهب كل جهودها لتحرير ليلى و شانتال أدراج الرياح .كلا...لا تستطيع أن تخبره بذلك . لا يمكنها التوقف عما بدأت به قبل أن يصلوا إلى أميركا و تتمكن من إبعاد شانتال و ليلى إلى هناك بأمان,عندها فقط يمكنها أن تستقل طائرة عائدة إلى بلدها.
بدا واضحاً أن مالك بدأ يفقد صبره فقال يحثها بهدوء :"حسنا ماذا ؟"
أغمضت نيكول عينيها و أجبرت نفسها على تجاهل كل شئ باستثناء وجه ليلى الصغير.ليلى...إنها أشبه بفراشة صغيرة ضعيفة و حساسة إلى حد مؤلم. مجرد التفكير بـ ليلى العالقة فى لاكروا جعل نيكول تتميز غضباً . كيف يستطيع الناس...المجتمع...أن يكونوا غير منصفين؟ يجب أن تنشأ الفتيات دون خوف أو تهديد كما يجب أن تتوفر لهن الحماية .
فتحت نيكول عينيها لتقابل نظرات مالك القاتمة و قالت:"تحفظى الوحيد هو أننى لا أرغب بأن أتزوج بعيداً عن أولئك الذين أحبهم"
كذب, كذب , كذب. إنها تود إتمام مراسم الزفاف فى أميركا فقط لأن أميركا بلاد واسعة و الناس فى لويزيانا متعاطفون مع بعضهم البعض ...و لاشك بأن شبكة الأصدقاء القدامى و أقرباءها البعيدين سيوفرون غطاء جيداً لـ شانتال و ليلى ما إن تذهبا إلى هناك متخفين.
ــ سوف أشعر بالارتياح أكثر إذا ما أخذت بالاعتبار أفكارى....و طلبى .
حدق مالك إليها للحظة طويلة , بعثت الحرارة فى كيانها قبل أن يحنى رأسه قائلاً :"إذا كان هذا الأمر يعنى الكثير لك , نعم. سوف آخذ أفكارك بالاعتبار و أفكر أكثر بطلبك هذا "
شعرت نيكول بموجة مربكة من الارتياح تجتاحها , يمكنها القيام بذلك .
هكذا حدثت نفسها مشجعة و قالت :"شكراً لك جلالة الملك "
ــ كونى واثقة بأننى أريدك أن تكونى سعيدة فزواجنا أمر مميز . ويوم الزفاف سيكون يوماً وطنياً فى بَرَكة و سيتم نقل الاحتفال عبر شاشات التلفزيون. و هكذا سيتمكن شعبنا بأكمله من مشاركتنا الاحتفال .
ــ هذا ممتاز.
لن تضغط عليه أكثر من ذلك . مع أن جزءاً من ارتياحها قد تلاشى . إذ إن الوقوف إلى جانب السلطان و المئات بل الآلاف من أفراد شعبه يراقبونهما لن يكون بالأمر السهل بالنسبة إليها.ومع ذلك قالت:"يا لها من فكرة مذهلة!"
ألتمعت نظرات عينيه الفضيتين :"شكراً لك، و الآن دعينى أريك جناحك الخاص ,فأنا واثق أنك تودين قضاء بعض الوقت لوحدك"
ما إن أصبحت فى غرفتها , حتى أخرجت نيكول مفكرتها الخاصة من حقيبتها وراحت تنقب فى صفحاتها بسرعة و هى تتفقد الملاحظات التى دونتها , فنادق , سيارات أجرة , أرقام مصارف أرقام هواتف خرائط وسط المدينة فى باتون روج و المناطق المجاورة لها. كل ما عليها هو أن تعمل على وصول الجميع إلى هناك .
لم يمض الكثير من الوقت حتى سمعت قرعاً على الباب , فاضطرت إلى إغلاق مفكرتها و إعادتها إلى مكانها فى الحقيبة . مررت أصابعها فى شعرها و توجهت لتفتح الباب و سرعان ما وقع بصرها على مجموعة من النساء يقفن فى الباحة أمامها . ها قد أتى فريق مساعداتها . أمضت النسوة ساعتين من الوقت و هن يتحدثن و يقدمن أنفسهن إليها . وكل منهن تشرح لها كيف يمكنها أن تقدم لها المساعدة و جميعهن يتكلمن لغة إنكليزية ممتازة.
المسئولة عن تنظيم الزفاف امرأة شابة و مليئة بالحيوية لكن لم تتح لها فرصة كبيرة للتحدث فى التفاصيل المتعلقة بالزفاف. علياء المساعدة الشخصية لـ نيكوليت هى امرأة جميلة ذات شعر أسود وعينين لطيفتين كما كان هناك عدد من الخادمات المخصصات للأميرة . كاد رأس نيكوليت ينفجر لكثرة ما سمعت من الأسماء و الوجبات ... إنها لم تحصل على هذا العدد من المساعدات.
عند الساعة التاسعة و الربع فُتح باب غرفة نيكول من جديد و دخلت امرأة شابة جذابة ترتدى ملابس أنيقة هى عبارة عن عباءة ذات لون أخضر زمردى أطرافها موشاة بتطريز ذهبى اللون . وما أن دخلت المرأة إلى الغرفة حتى وقفت النساء اللواتى يجلسن حول نيكول ثم انحنين قائلات :"أهلاً سيدتى"
بدت المرأة الشابة فى سن نيكوليت , اقتربت منها و على وجهها ابتسامة باردة ثم قالت :"آسفة على التأخير"
وقفت أمام نيكول مباشرة للحظة و هى تتفحصها من رأسها حتى أخمص قدميها و تابعت تقول :"أنا اللايدى فاطمة قريبة السلطان و أحد أفراد الأسرة المالكة. طلب منى قريبى أن أساعدك للتعرف على عاداتنا و تقاليدنا"
و مع أن كلمات فاطمة بدت مهذبة إلا أن نيكول شعرت أن نبرة من التحفظ تشوب صوتها , اللايدى فاطمة لا نية لديها بأن تصبح صديقتها , لكن ليس عليها أن تشعر بالتهديد فـ نيكول لا تنوى البقاء فى بَرَكة بصورة دائمة . فما أن تصل برفقة السلطان إلى أميركا حتى تنتهى هذه التمثلية .
أخيراً غادرت النساء غرفتها قرابة منتصف الليل. فارتمت نيكول على سريرها و هى تشعر بإنهاك . وفكرت أن العديد من الناس باتوا متورطين فى هذه المسألة. وكثرة الأشخاص قد توقع فى مشاكل.
شدت قبضتها على غطاء السرير الحريرى و هى تعلم أنها إن لم تكن فائقة الحذر فسوف تجد نفسها عالقة فى أتيك إلى الأبد , متزوجة من السلطان و أماً لأبنائه. أما جدها ريمى فسوف يطلق ضحكة عالية و هو يقول : نيكول تزوجت....نيكول أصبحت مليكة بَرَكة و حاضنة لأطفال السلطان .
فى العادة لم تكن نيكول تصحو من النوم و هى فى مزاج سئ , لكن الأحلام التى راوتها هذه الليلة كانت حادة و سيئة . و فى الوقت الذى دخلت فيه إلى الحمام الضخم المجاور إلى غرفتها و الذى يحتوى على يحتوى على مغطس كبير مكسو بالآجر الأبيض ,كان الرعب قد تغلغل فى عضلات جسمها و مسامه كلها .
فركت جسمها بالصابون المعطر ثم غسلته و نشفته بسرعة قبل أن ترتدى ثيابها .
عادة ما يكون ذهنها صافياً عند الصباح أما الآن فلم تكن لديها أية أفكار أو أجوبة و لا أى مجال ممكن للهروب مما هى فيه.وحتى لو أرادت الهرب , فكيف يمكنها الخروج من هنا بحق الجحيم؟
راحت تمشط شعرها الداكن الطويل وتلفه على شكل كعكة أنيقة فوق رقبتها, وإذا بذلك الصوت الصغير فى داخلها يقول لها : حسناً , إذا كنت حقاً تودين الهروب يمكنك أن تعترفى له بالحقيقة . لكن إذا أخبرته بالحقيقة فسوف تبقى ليلى فى لاكروا . إلا إذا ....وقع الملك فى حبك . آه , من المخجل أن تفكرى باستغلال الرجل على هذا النحو . حسناً , لطالما وقع العديد من الرجال فى حبك , ولم تشعرى بالقلق من قبل على مشاعرهم المجروحة....
سمعت طرقاً على باب غرفتها فشعرت بالارتياح لانتشالها من أفكارها تلك.
أخذت أحد دبابيس الشعر التى تضعها فى فمها و شكته مثبتة به الكعكة التى لفتها فوق رقبتها ثم قالت :"أدخل"
دخل مالك إلى الغرفة قائلاً :"هل أقاطع شيئاً؟"
سحبت دبوس شعر آخر من بين أسنانها و غرزته فى شعرها قبل أن تجيب :"أنا فقط أصفف شعرى"
بعد دخوله الغرفة أقفل الباب خلفه :"لديك شعر جميل"
نبرة الصدق فى عبارة المجاملة غير المتوقعة جعلت خديها يتوهجان . وقالت :"شكراً لك"
ــ لطالما أحببت لون الشعر هذا , وقد أعجبنى بالأمس لون شعرك المتموج .
لم تعرف نيكول بما عليها أن تجيب , لقد أحضرت قنينة صبغة شعر بنية اللون و صبغته بنفسها :"أنا أشعر بالإطراء , جلالة الملك"
و تابع يقول :"إنه أمر غريب , لكننى لو أكن يوماً منجذباً إلى الشقراوات"
هزت نيكول رأسها فأنفلتت كومة الشعر التى تشكل الكعكة و التى ثبتتها جيداً بعد فوقعت الدبابيس منها و انسدل شعرها فوق كتفيها ثم قالت :"أنت لا تحب الشقراوات؟ لكن الرجال يحبون الشقراوات..."
ــ لا أريد أن أبدو متحيزاً , لكن....
ــ لكن ماذا؟
ــ حسناً. من خلال تجربتى. وجدت أن معظم الشقراوات...سطحيات منهمكات فى شئونهن الذاتية . كما أنهن أقل ذكاء.
شعرت بالسخط لإطلاقه هذا الحكم السخيف على النساء استناداً إلى لون شعرهن. وإذا به يغير الموضوع قائلاً :"هناك سبب لحضورى الآن. بما أن شقيقتك اتصلت منذ قليل , فكرت أن الأمر لابد أن يكون ملحاً"
ــ أيهما؟
ــ يمكننى أن أقسم أنها قالت أن أسمها شانتال
ــ هذا مستحيل !
لابد أن شانتال ارتكبت خطأ و ذكرت أسمها الحقيقى.
ــ بالضبط.
و التقت نظرته بنظرتها و هو يتابع :"فـ شانتال موجودة هنا"
ــ ربما قالت لك أنها جويل فبدا الاسم شبيهاً بـ شانتال.
ــ ربما
ــ أو نيكول .
و لمحت بريق ابتسامة يلوح فى عينيه كما ظهرت على شفتيه ابتسامة سخرية باردة. ما الذى يفكر به يا ترى ؟ ما الذى يعرفه؟
أجابها و هو يبحث فى جيبه ثم يخرج الهاتف الخليوى:"لم يبدُ الاسم شبيها باسم نيكوليت . بدت شقيقتك هذه متأنقة ,متكلفة. و مما سمعته عن شقيقتك نيكوليت لا أعتقد أنها هى"
سخريته جعلتها تشعر بالتوتر . إنه لا يعرف نيكوليت , ومع ذلك فهو يتكلم عنها و كأنه هو نفسه أحد حكماء عصره . كان يحمل الهاتف فى يده و يمد يده نحوها مستفسراً إن كانت ترغب فى استخدامه :"ألا تودين الاتصال بها ؟ ستجدين الرقم محفوظاً هنا"
و تساءلت نيكوليت من تراه المتصل ؟ جداها لا يعرفان حتى أنها هنا...إذن من الواضح أن أياً منهما لن يتصل بها . جويل تعرف أن نيكول مسافرة لكنها تظن أنها تقوم بزيارة إلى لاكروا برفقة شانتال . لم يبقى إلا شانتال , لابد أنها هى المتصلة . لكن نيكول لا ترغب بالاتصال بها بحضور الملك نور . لذا قالت :"سوف أتصل بها لاحقا"
ــ قد يكون الأمر ملحاً , ما عليك سوى أن تضغى زر إعادة التشغيل .
حاولت نيكول ألا تنظر إليه و هى تأخذ الهاتف من يده , ثم تمر بقربه لتقف بالقرب من النافذة موجهة أنظارها بأتجاه الفناء الداخلى الجميل. ضغطت زر إعادة التشغيل و سمعت رنين الهاتف ثم سرعان ما وجدت نفسها تسمع صوت شانتال :"الحمد لله , إنك أنت"
لم تضيع شانتال وقتها بالمقدمات أو التحية و تابعت :"أنا قلقة جداً عليك"
قالت نيكول كاذبة :"لا داعى للقلق كل شئ على ما يرام"
ــ إذن, كيف تسير الأمور؟
ــ أنا بخير صدقينى.
ــ هل تسبب لك بأية مشكلة؟
ــ كلا
و ألقت نظرة سريعة من فوق كنفها , فالتقت عيناها بعينى مالك .كان يراقبها باهتمام لا يخلو من التسلية .
ــ كيف حال ليلى؟
أخذت شانتال نفساً صغيراً وقالت:" لقد وضعنا خطة. اتصلت بإحدى صديقات أمى , أندريا و وافقت على مد يد المساعدة لنا ما إن نصل إلى باتون روج"
ــ هذا أمر جيد.
ساد الصمت للحظة على الطرف الآخر من الهاتف ثم قالت شانتال بهدوء : "أقدر ما تقومين به من اجلنا .مع أننى لست واثقة بأن هذا الصواب....لازلت أظن أن هناك مخاطر فظيعة بالنسبة إليك...."
قاطعتها نيكول :"لا داعى للأسف أو التفكير بالأمر مرة أخرى. أقوم بذلك من أجل ليلى . أنا أحبها يا عزيزتى و أنت تعلمين ذلك"
ــ نعم , أعلم .
ــ حسناً.
شعرت نيكول بأنقباض فى قلبها . ما زال عليها أن تقوم بالكثير . بمجرد سماعها صوت شقيقتها , أدركت نيكول مرة أخرى مقدار الآمال التى تعلقها عليها. و تابعت تقول :"سوف نتحدث معاً فى وقت قريب"
انتهت المكالمة و أعادت نيكول الهاتف إلى الملك نور قائلة :"شكراً لك . كنت على حق فهذه مكالمة هامة"
ــ سمعتك تذكرين أبنتك , أرجو أن تكون بخير .
تذكرت نيكول عينى ليلى الزرقاوين الواسعتين, و أجابت :"نعم"
ــ متى ستنضم إلينا ؟
دفعت ابتسامة متوترة إلى وجهها و قالت :"قريباً....كما آمل"
أومأ الملك ثم قال متردداً :"لن أراك ثانية حتى وقت متأخر من هذه الليلة و أتخيل أنك أطلعت على مفكرتك اليوم . هل لديك أسئلة بشأنها؟"
ــ أنا ليست طفلة يا جلالة الملك.
ــ لم أظن مطلقاً أنك كذلك.
شعرت بأن طبعها الحاد يكاد ينفجر و قد ملأتها الانفعالات المتناقضة بشحنات من الغضب . فهى لم تشعر من قبل بمثل هذا الانجذاب إلى شخص و هذا الشخص بالذات ليس مناسباً على الإطلاق لإقامة علاقة معه . فانفجرت قائلة :"إذا لِمَ أعدتنى إلى نظام المدرسة دون استشارتى أو حتى سؤالى عن الأمر؟ أو حتى سؤالى عن الأمر ؟ هناك دروس متواصلة بدءاً من الصباح و حتى فترة بعد الظهر , وعلى أن أبدأ بعد خمس عشرة دقيقة بدرس فى اللغة العربية يستمر ساعتين "
ــ لقد قمت بما هو ضرورى فقط....
قاطعته نيكول بحدة :"اعذرنى جلالة الملك لكن هناك قرارات على أن أتخذها بنفسى"


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:49 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3 – الأميرة المنتظرة
توقفت نظرات عينيه الفضيتين الباردتين على وجهها . ثم قال :" من الطبيعى أن يقوم الرجل بما هو أفضل من أجل امرأته"
شعرت نيكول بإرتعاشة فى عمودها الفقرى امرأته ! لكنها ليست امرأته و لا نية لديها بأن تصبح كذلك. قالت :"يصعب على المرأة أن تحترم رجلاً لا يسمح لها باستخدام دماغها "
ــ إنه ليس تدريباً على ممارسة السياسة , أيتها الأميرة . ما أطلبه منك بكل بساطة هو أن تتعلمى لغتنا و تقاليدنا....
ــ طيلة اليوم.
توتر فكاه و قال :"فى الواقع ذلك لا يشبه التعليم فى المدرسة , فأنت ستتعلمين برفقة قريبتى فاطمة . وأنا أتوقع أن تصبحا أنتما الاثنتان صديقتين حميمتين رائعتين "
صديقتين حميمتين رائعتين! عادت نيكول بالذاكرة إلى الليلة السابقة و إلى الترحيب الفاتر الذى قابلتها به فاطمة.أن السلطان يحلم بل شك.
ــ نعم , لقد التقيت باللايدى فاطمة .لكن يا جلالة الملك مشكلتى ليست مع المعلمة بل مع الدروس نفسها. فأنا أشعر بالقلق لأنه لم يمض على قدومى أربع و عشرون ساعة بعد, و ها أنا قد فقدت....
و توقفت عن الكلام قبل أن تتلفظ بكلمة "السيطرة" . لم تكن تشعر بالاستياء لأنها ستتعلم لغة جديدة , بل لأنها فقدت السيطرة على حياتها بسرعة بل على خطة الزواج و ما يحيط بها حتى على استقلاليتها هى نفسها . ها هى فى أقل من أربع و عشرين ساعة على قدومها تشعر بأنها أحد الممتلكات بدلاً من كونها امرأة .
جاهدت نيكول لكى تجد طريقة أكثر دبلوماسية للتعبير عما تشعر به , فقالت :"أسألك يا جلالة الملك أن تمنحنى حرية أكبر فى تنظيم جدول نشاطاتى"
ــ لكن , ماذا يمكنك أن تفعلى خلاف ذلك؟ كل ما اخترته لأجلك جيد و مفيد لك.
ــ هذا بالضبط ما أقصده يا جلالة الملك . ترغب النساء باتخاذ خياراتهن بأنفسهن.
تنهد مالك و ألقى نظرة سريعة على ساعته ثم هز رأسه قائلاً :"مهما يكن هذا الأمر مثير للاهتمام إلا أن لدى زوراً ينتظرون فى مكتبى . وأخشى أننى أمضيت فى هذا النقاش وقتاً أكثر من اللازم. يؤسفنى أن خياراتى لا تجعلك تشعرين بالسعادة لكننى أتوقع أن تتمتعى بالدروس ما إن تبدأى بها"
استدار الملك مبتعداً و سار باتجاه الباب . فيما وقفت نيكول تراقب خروجه و هى تشعر بالذهول . إنه جاد فى ما يقول , لقد أنتهى الأمر . طار صواب نيكول لفكرة أنه ضرب بكلامها عرض الحائط فعاودتها حدة طباعها ثانية, فنادته قائلة :"لن أذهب لتلقى الدروس . سوف أعيد النظر فى ذلك البرنامج و أرى إن كنت أستطيع القيام بنشاطات تناسب احتياجاتى أكثر "
آه لقد أثار ذلك انتباهه .كبحت نيكول ابتسامة الرضى التى كادت تغطى وجهها و هى تراه يقف عند الباب , ثم يستدير ببطء إلى الوراء . غدت نظرات عينيه الرماديتين القاسيتين كما غدت تعابير وجهه عنيدة . ثم قال :"برنامج الدروس نهائى"
ــ لا شئ فى الحياة نهائى.
و رفعت ذقنها بعد ان غدا طبعها ملتهباً و ثارت انفعالاتها . وتابعت تقول :"لا أريد أن يملى على أحد ما أفعله . أنا لم أقطع هذه المسافة الطويلة كى أصبح ممسحة للأرجل هنا"
انتصب رأس الملك ذو الشعر الداكن و تصلب فكه ثم ردد ببطء :"ممسحة للأرجل ؟ أجد هذا الوصف مهينا جداً . أنا أكن الكثير من الاحترام للنساء . و النساء فى حياتى مدللات و مصانات و إذا كان لديك اعتراض على تعلم لغتنا...."
ــ المسألة ليست تعلم اللغة يا جلالة الملك.
قالت ذلك وهى تشير باتجاهه فيما تجمع السخط والإحباط فى داخلها فلم تعد تستطيع السكوت و تابعت :"أنا لا أمانع فى تعلم لغتكم , لكننى لا أستطيع الانغماس فى دروس اللغة مباشرة بعد وصولى إلى هنا . الناس فى بلادك يتكلمون لغتين , فالجميع فى بَرَكة يتكلمون اللغة الفرنسية و كذلك الأمر فى بلادى . فنحن نتكلم الإسبانية و الفرنسية"
شبك مالك ذراعيه فوق صدره قائلاً :"لكن اللغة الفرنسية هى جزء من ماضينا الاستعمارى فيما اللغة العربية هى لغة المستقبل"
وقفت نيكول فى مواجة السلطان و شبكت ذراعيها كما يفعل هو تماماً مقلدة وضعيته بهزء و قالت :"لِمَ ترغب إذن بالزواج من امرأة أوروبية يا جلالة الملك ؟ لابد ان هناك العديد من الأميرات العربيات , طالما هذا هو مستقبلك"
لم يُجيب عن سؤالها إلا أنه انحنى باتجاهها و قد عقد حاجبيه معاً , أما نيكول فحبست أنفاسها بصورة غريزية ما إن اقتربت شفتاه من أذنها و هو يقول :"لم يفت الأوان بعد على وضعك على متن أول طائرة و إعادتك إلى بلادك"
صرت نيكول أسنانها و ضاقت عيناها
ــ ربما يجدر بك أن تفعل ذلك. إذ يبدو أنك لست مستعداً لمواجهة المعنى الحقيقى للزواج يا جلالة الملك فجأة شعرت نيكول بيده تمسك بمؤخرة عنقها و بأصابعه تلتف حول بشرتها الدافئة الحساسة , فسرت فى جسمها ارتجافة . وقال :"لا يمكنك إلقاء اللوم كله على أيتها الأميرة , فأنت تغيرت كثيراً . منذ شهر كنت أكثر حماساً لهذا الارتباط . ومنذ أسبوعين أبديت توقاً و رغبة كبيرين للزواج"
قربها منه إلى أن شعرت نيكول بدفء جسده , بطاقته المكبوتة , بقوته الداخلية . هذه المرة لا يمكنها الهرب منه إلى أن يقرر بنفسه متى سيتركها . وسألها :"ما الذى غيرك بهذا الشكل شانتال ؟ تبدين سيئة الطباع اليوم"
ــ أنا لست سيئة الطباع بل أنا صريحة فقط .
إنه يسيطر عليها برجولته محاولاً التحكم بحياتها كما أن غطرسته تثير سخطها . فلا داعى لتقييدها و حشرها بالقرب من جسمه كما يفعل الآن , جاعلاً إياها ضعيفة و تابعت تقول :"يبدو أنه من غير المسموح لى أن أبدى رأياً"
راحت أصابعه تمسد عنقها . أحبت نيكول لمسته . لكنها كرهت قوة سيطرته عليها .
أجابها بهدوء :"بل من المؤكد أنه يسمح لك بإبداء الرأى , لكن حتى الآن لم تظهر آراؤك سوى التأفف و الانزعاج...."
ــ وهل أنت معتاد على إجبار الآخرين على إطاعتك بالقوة يا جلالة الملك؟ أفهم جيداً أنك السلطان هنا , لكن من المؤكد أن الآخرين ...أفراد أسرتك و من هم حولك , يُسمح لهم بالحد الأدنى من حرية الكلام , أليس كذلك؟
رد الملك و هو يضغط بأصبعه على شفتيها :"ما ترمين إليه يفوق مسألة حرية الكلام , وفى الواقع سمعت كل ما أرغب بسماعه منك"
ــ حسناً ! أنا لن أهدأ!
قالت ذلك بالرغم من إصبعه الذى يسكتها . تكلمت كى تدفعه إلى قول المزيد و لكى تحمى نفسها من الضياع . التوتر الذى ساد بينهما بدا كاسحاً , ولم تشعر نيكوليت فى حياتها بمثل هذا الخوف.
ــ ألن تفعلى؟
أخذت نفساً سريعاً ضحلاً فى محاولة لاستعادة السيطرة على نفسها و قالت :"كلا"
و كأنها سمعت صوت شانتال فى رأسها سمعت عدم موافقتها على موقفها هذا. فـ شانتال لم تقم و لا يمكن أن تقوم بتحدى رجل على هذا النحو , إنها تؤمن باللباقة , و الدبلوماسية , والهدوء . لكن نيكول الآن أبعد ما تكون عن الهدوء .
أنخفض رأس مالك فلفحت أنفاسه خدها و هو يقول :"لا يمكننى القبول بزوجة غير مطيعة"
اخترق صوته العميق كيانها مرسلاً شحنات كهربائية فى داخلها . وشعرت بتوق شديد إليه , إلى صوته , إلى قوته و إلى سطوته . أحست بالاختناق و هى تقول لنفسها : أنت خرقاء , لابد أنك فقدت صوابك إذا كنت تفكرين بالملك نور على هذا النحو.
رفع مالك ذقنها و حدقت عيناه الرماديتان بقوة فى عينيها , فرأى النار و التمرد اللذين لم تستطيع إخفاءهما:"أنت ترفضين الاستسلام"
كاد رأسها ينفجر إثر لمسته فقالت :"و لِمَ على أن أستسلم ؟ إذا كنت جاداً فى رغبتك فى الحصول على زوجة مثقفة و لديها تقدير لذاتها و يجدر بك أن ترحب بأفكارى هذه"
ــ أنا أرحب بها , لكننى لا أتوقع عروساً تتحدى رغباتى كلها.
ــ لم أصبح عروسك بعد , كما أنك لا تبدى رغبات بل تعطى أوامر فقط . هناك فرق كبير بين الأمرين , وكلانا يعرف ذلك.
و أرجعت رأسها إلى الخلف ثم وضعت يديها على صدره و دفعته عنها . لا سبيل لأن تدعه يخضعها لسيطرته.
ــ و إذا كانت رغبتى هى أن تتابع دروساً فى اللغة؟
شعرت بنظراته على جسمها و كأنها لمسات فقالت بصوت أجش :"سآخذ رغباتك بعين الاعتبار"
لابد أنه أدرك تأثيره عليها و أدرك قوة الأحاسيس التى أثارها فى داخلها. "لا ضرورة لأن نتشاجر على كل الأمور بيننا"
جاء صوته أجش كصوتها تقريباً فشعرت بخدر دافئ يحتاج كيانها .
ــ أنت لا تحب أن يناقشك أحد, أليس كذلك؟
سعل مالك و كأنه ينظف حنجرته و قال :"كلا"
و غدت عيناه الرماديتين أكثر دفئاً و ازداد عمق اللون الأخضر فيهما :"هناك أشياء أفضل من الشجار لأقوم بها عندما أكون برفقة امرأة , لاسيما إذا كانت هذه المرأة (امرأتى)"
ها هو يقولها مرة أخرى (امرأته). المزيد من التملك ...و هى لا ترغب بأن تكون إحدى ممتلكاته . ثم تابع بنعومة و فى صوته نبرة الإكراه :"و الآن, لنرى إن كان الأمر سينجح أيتها الأميرة شانتال . آمل منك أن تتكرمى و تتابعى صفوف اللغة و الثقافة التى ستبدأ بعد...."
ألقى نظرة سريعة على ساعته ليتابع :"....ربع ساعة من الآن . إن اعتيادك على ثقافتنا أمر ذو أهمية بالنسبة لى . فهل يمكنك أن تتدبرى أمر إدخال هذه الدروس ضمن جدول نشاطاتك المكتظ؟ "
إنه حقاً لم يترك لها خياراً آخر . اللعنة عليه ! مالك نور هو شخص يصعب التعامل معه حقاً.
أجابت باقتضاب :"سوف أراجع مفكرتى و إذا وجدت أن لدى فراغاً هذا الصباح سأبذل جهدى لأبدأ الدرس الأول"
كلماته , لمسة يديه, ابتسامته الواثقة تجعلها ترتعش بصورة خرقاء . وكأنما تلاشت الحدود بينهما . و قال :"سوف تفعلين . كلانا نعلم أنك سوف تفعلين . أنت الآن فى بَرَكة و قريباً ستغدو رغباتى أوامر بالنسبة إليك"
ثم أخذ يدها فى يده و قبلها :"تمتعى بوقتك برفقة فاطمة . أتطلع شوقاً لسماع تقرير مفصل عن سير دروسك هذا المساء"
راقبته نيكول و هو يغادر الغرفة , شاعرة بكتلة من الهستريا تتجمع فى صدرها . كيف ستتمكن من إقناعه بالذهاب إلى أمريكا ؟ كيف ستتمكن من إقناعه بأى شئ على الإطلاق ؟ إنه يطلب خضوعاً....و لا شئ سوى ذلك. وراحت تقول لنفسها : إنك فى ورطة كبيرة وسوف تغرقين. و السؤال الوحيد هى كم تبقى لها من الوقت قبل أن تغوص إلى القاع!
التقت نيكوليت بـ فاطمة فى غرفة استقبال واسعة جيدة التهوئة . فى تلك الغرفة فتحت المصاريع الخشبية التى تغطى النوافذ المقوسة الشكل على إتساعها , ما سمح لأشعة الشمس الساطعة بالدخول , فانعكست أنوارها على الجدران ذات اللون البرتقالى و على الأرض الرخامية التى يمتزج فيها اللونان الأسود و التبنى فى تآلف رائع.
بدا لـ نيكول أن درس اللغة هذا قد امتد إلى ما لا نهاية . ثم حملت إليهما إحدى الخادمات صينية من الحلوى باللوز و الشاى المعطر بنكهة النعناع . راحت فاطمة تحرك السكر فى الشاى و هى تسترق النظر إلى نيكوليت :"أتعلمين أيتها الأميرة أنه يقال عندنا إن المرء لا يستطيع الهرب من أمرين : الموت و الزواج؟"
وابتسمت فاطمة ثم ناولت نيكول كوباً من الشاى قائلة :"و هذا صحيح كما تعلمين. فمكان المرأة هو المنزل و دورها هو الاهتمام بالأسرة"
هزت نيكول كتفيها و قد شعرت بالنبرة العدائية فى صوت تلك المرأة . وقالت :"ذلك لا يشكل مشكلة بالنسبة لى أيتها اللايدى فاطمة . فلدى أبنة و أنا أشعر بالارتياح للبقاء فى المنزل . لقد فعلت ذلك طيلة سنوات "
راحت فاطمة تنفخ بلباقة فى فنجان الشاى الساخن :"إذن سوف تتزوج أبنتك فى ما بعد رجلاً يتم اختياره لها "
أجفلت نيكول و هى تتصور أبنة أختها و قد أجبرت على الزواج بأحدهم على الرغم من إرادتها . ذلك لن يحصل مطلقاً
ــ لا سبب يدعو ليلى كى تفعل ذلك.
ــ ليس بعد ....لكن إذا ما تزوجت من السلطان...
و ابتسمت فاطمة ابتسامة متصلبة جعلت عينيها الداكنتين اللون تلمعان كالعقيق المصقول قبل أن تتابع قائلة:"....على أولادك الآخرين أن يتبعوا تقاليدنا , وسيكون من الأفضل لـ ليلى أن تفعل ذلك أيضاً"
لم تتمكن نيكوليت من الإجابة و شعرت بتيار بارد يجتاحها من الداخل زارعاً الخوف فى قلبها و قالت معلقة :"لم يتحدث إلىّ قريبك بهذا الشأن مطلقاً"
رشفت فاطمة رشفة من فنجانها و قالت :"ربما لم يفعل بعد . لكن سوف يفعل لاحقاً, بعد أن أعرفك على ثقافتنا . تعلمين أن هذه هى وظيفتى...تعريفك على أسلوب الحياة عندنا "
حدقت نيكول داخل فنجانها الصغير و غدت الانفعالات حارة فى صدرها لتحل محل البرودة التى غلفت قلبها من قبل . هل أخذت شانتال هذه الأمور بعين الاعتبار ؟ الحمد لله إن شانتال ليست هنا ....الحمد لله إنها لا تستطيع سماع هذا الحديث.
أحنت فاطمة رأسها :"بالعودة إلى حديثنا عن ابنتك هل ترين أن من العدل معاملتها كأنها منبوذة ؟ أمن العدل التعامل معها بطريقة مختلفة عن تلك التى سوف يتم التعامل بها مع أبناء السلطان؟ أرجو أن تكونى قد فكرت جيداً بها, بما هو خير لها. برأيك , ما سيكون شعورها حين تدرك أنها مختلفة؟ و كيف ستؤثر خياراتك على مستقبلها"
ضغطت نيكول لسانها إلى سقف حلقها و شعرت بأنها تكاد تختنق ثم قالت :"لايدى فاطمة ابنتى ما تزال فى الرابعة من عمرها ....فى الرابعة من عمرها فقط أى أنها ما زالت طفلة صغيرة . وأظن أن من السابق لآوانه التفكير بهذا النوع من الخيارات بالنسبة إليها"
ــ لكن الوقت يمر بسرعة.
كلا, إنه لا يمر بسرعة كافية ! هكذا فكرت نيكول و هى تشعر بالسخط . إنه بالكاد يتحرك ...لقد أصبحت رفقة فاطمة لا تُحتمل .
بعد أن عادت إلى غرفتها , ألقت نيكول نظرة سريعة على مفكرتها و هى لا تصدق أن بإمكانها أن تقضى كل صباح مع فاطمة كل ذلك الوقت الذى يشبه الجحيم. شعرت بالإهانة لأن القرارات قد اُتخذت عنها فى ما يتعلق بأتفه التفاصيل بما فى ذلك تناول القهوة و الطعام.
سواء شعرت بالإهانة أما لا , ليس لديها سوى وقت قليل يكفى لتنعش نفسها و تبدل ثيابها قبل أن يحين موعد العشاء . وتبعاً للمفكرة نفسها سوف تتناول العشاء الليلة برفقة الملك نور و سيكونان وحدهما . وها هى علياء تنتظرها و قد أحضرت لها ثياباً هى عبارة عن بنطلون ذى لون زهرى باهت مع رداء طويل و ضيق من الحرير. و قالت لنفسها و هى فى طريقها إلى جناح الملك , إن عليها النظر إلى لقائهما معاً فى هذه الليلة كفرصة مناسبة للحديث , إنها فرصة للنجاح و لا مجال فيها للفشل.
تناولا الطعام على الطريقة الغربية , حيث قُدم لهما الطعام على طاولة صغيرة فى إحدى زوايا فناء أنيق . كانت المشاعل و الشموع حولهما مضاءة تعكس أنوارها على الجدران المبلطة فتظهر جوانب قطع الموزاييك بوضوح كبير . أثناء العشاء حاولت جاهدة إيجاد طريقة تبدأ بها الحديث عن مخاوفها فى ما يتعلق بالزفاف و....و اللايدى فاطمة , مع أن الزفاف له الأولوية بين الأمرين , لكن الفرصة لم تسنح لها لذلك. فقالت :"تلقيت الدروس المخصصة لهذا اليوم"
وانكمشت لأنها لم تجد بداية ملائمة للحديث غير هذه و مع ذلك....
ــ يبدو أن اللايدى فاطمة.....واسعة الاطلاع.
ــ إنها كذلك فعلاً
أجبرت نيكول نفسها على القول :"قالت لى أموراً جعلتنى أشعر بالقلق"
ــ حقاً؟
لم يكن رده مشجعاً , لكنها عادت تقول :"على الرغم من ثقافتها الواسعة بدت متحفظة , على الأقل فى ما يتعلق بالأدوار التى تلعبها المرأة فى مجتمعكم"
حرك كتفيه قليلاً فبدا النور متراقصاً فوق تقاسيم وجهه, وبدا متحكماً فى نفسه إلى أبعد الحدود :"لطالما كانت فاطمة مرتاحة لوضعها كامرأة . وهى تتقبل وجود فوارق بين الرجال و النساء"
أتراه يحاول أن يثير حفيظتها؟
ــ إنها تبدو مناسبة تماماً لك . يفاجئنى أنك لم تفكر بالزواج منها.
تصادمت نظراته مع نظراتها و قال :"و هل قلت أنا ذلك؟"
ــ هل اقترحت عليها الأمر إذن؟
ــ كلا أنا أكن لها احتراماً كبيراً إلا أنها بمثابة أخت لى .
ــ هل سبق و طلبت يد إحداهن للزواج ؟
لم تكتشف لها تعابير وجهه عن أى شئ . أما نبرة صوته فبدت فاترة و هو يجيبها:"لقد انتظرت وقتاً طويلاً قبل أن أفكر بالزواج , انتظرتك طويلاً"
ــ لست أنا....
ــ بلى أنت أيتها الأميرة.
لم تعرف نيكول ما عليها أن تقول بعد ذلك . ربما يجدر بها أن تشعر بالسرور لأنه يفسح لها المجال للتحدث عما يساورها من قلق بالزواج .
ــ هل تسنى لك الوقت لتفكر بما اقترحته عليك؟ الأمر يعنى لى الكثير حقاً...فى الأبرشية التى تنتمى إليها أمى .
حاولت إبقاء نبرة صوتها عادية , على الرغم من أن أصابعها راحت تعقد فوطة الكتان خاصتها تحت الطاولة .
ــ أمك كانت أمريكية الجنسية , أليس كذلك؟
ــ أعلم أنك تود أن تتزوج هنا فى أتيك , لكن ربما يمكننا أن نقوم بتسوية . فبدلاً من الاحتفال مرة واحدة بالزفاف يمكننا أن نحتفل مرتين . بحيث نذهب إلى باتون روج لنقيم احتفالاً فى الكنيسة هناك , ثم نعود إلى هنا و نقيم احتفالاً رسمياً وفق تقاليد بَرَكة
ــ أنحتفل مرتين ؟
ــ هذا ليس أمراً غريباً يا جلالة الملك....
ــ مالك, من فضلك . إننا ناقش موضوع زفافنا .
الطريقة التى لفظ بها كلمة (زفافنا) جعلت الدم يندفع إلى خديها , فأومأت بارتباك و قالت بصوت متقطع :"الاحتفال بالزفاف مرتين أصبح شائعاً هذه الأيام إنها طريقة جيدة للتقرب بين الثقافات"
زم مالك شفتيه و قال بعد تردد:"ربما . أنا لم أفكر بذلك من قبل , لكن يمكن القول إنه أمر غير وارد على الإطلاق "
هذا رائع! تنفست نيكول بارتياح إلا أن ارتياحها هذا بدا مشوباً بالتوتر...
شعرت بعاطفة شخصية تجاهه...أمر لا علاقة له بـ شانتال و ليلى إنما يتعلق بانجذابها إليه.
و أضاف مالك و كأنه يفكر بصوت مرتفع :"إذن سوف نتمم مراسم الزفاف هنا أولاً طالما أنك هنا الآن . وهكذا تبقى خطة الزواج على ما هى عليه . وبعد إتمام المراسم فى القصر , يمكننا السفر إلى لويزيانا ودعوة أصدقائك و أفراد أسرتك للانضمام إلينا هناك"
كلماته هذه نسفت أحلامها كلها . يا لسخافتها ! يا لسخافة ذلك الحلم النهارى الذى روادها و هى مستلقية فى السرير بعد ظهر ذلك اليوم ! إنه سلطان و هى أميرة....حتى أنها ليست الأميرة التى يريدها حقاً.
ــ جلالة الملك.
و ما أن لاحظت عبوسه حتى تداركت الأمر و تلفظت باسمه :"مالك , أقدر لك أخذ اقتراحى بالاعتبار . وأنا شاكرة لك موافقتك على السفر إلى أميركا . لكن إذا كنا سنقوم بذلك , فأنا أفضل فى الواقع أن نجرى المراسم فى الكنيسة أولاً ...أود أولاً أن أكون عروساً بالفستان الأبيض"
ردد كلماتها مفكراً:"بالفستان الأبيض !"
و عندما تذكرت نيكول أن من المفترض أنها شانتال فدفعت إلى وجهها بابتسامة مشدودة و قالت :"أعلم أننى فعلت ذلك من قبل لكن ذلك أمر....تقليدى"
ــ وأنت الشقيقة المتمسكة بالتقاليد, أليس كذلك؟
ثم اتكأ إلى الخلف مبتعداً عن الطاولة فيما راحت أنوار الشموع تتراقص مضيفة على الطاولة أمامهما لوناً ذهبياً ممتزجاً بالزهرى.
ــ أشارت هذا الصباح إلى أن الدوكاسيين هم أنصاف فرنسيين . أليس كذلك؟
و فكرت نيكول يا لها من ضربة سريعة لا شك أنه رجل ذكى...إنه يسيطر على أحاسيسها و يتحكم بها و عليها أن تأخذ ذلك الأمر بالاعتبار جيداً . وأجابت :"أنصاف فرنسيين و أنصاف إسبان"
و بعد لحظة من التوقف استجمعت حواسها مدركة أنها تحتاج إليها أكثر من أى لحظة فى حياتها . هذا الرجل لا يفوته أى شئ و هو يتذكر كل كلمة تتفوه بها. و تابعت تقول :"مع أن العديد من الملوك الدوكاسيين اتخذوا زوجات إنكليزيات عبر التاريخ"
ــ إذن فأنت تتقنين تكلم....
ــ الفرنسية و هى لغة أبى , الإنكليزية و هى لغة أمى. أما مربيتنا فكانت من سيفيل فكنا نتكلم معها باللغة الإسبانية.
ــ وهل تتقنين لغات أخرى ؟
هدأت ضربات قلبها و تمكنت من استعادة هدوئها فقالت :"أتقن اللغة اللاتينية بالتأكيد كما أعرف القليل من اللغة اليونانية و القليل من الإيطالية و يمكننى تدبر أمرى فى اللغة الألمانية"
ــ أنت متعددة اللغات إذن !
هزت نيكول كتفيها :"أنا متخصصة فى الرياضيات . لكن يقولون إن القدرات اللغوية و القدرات الرياضية تقع فى الجهة نفسها من الدماغ."
ــ هذا مثير للاهتمام.
وراحت أصابعها تنقر بهدوء على الطاولة فيما تظهر التفكير العميق على تعابير وجهه و قال :"لم أكن أعلم أنكما أنت و نيكوليت قد درستما الرياضيات معاً فى الجامعة.....
جاءت كلماته بمثابة صدمة لعقلها فذكرتها أنها تقوم بدور شانتال ... تصرفى كما تتصرف شانتال ! لكن ذلك كان أصعب مما توقعت نيكول . فهى لم ترغب يوماً بأن تكون شخصاً آخر إلا نفسها . وقالت باستخفاف :"نحمل كلتانا الجينات نفسها "
ــ بمناسبة الحديث عن الجينات , لقد التقيت والدك فى إحدى المرات . قال مالك ذلك مغيراً مجرى الحديث مرة أخرى , ما جعلها تفقد تركيزها للحظة.
ــ كان ذلك منذ سنوات طويلة و أنا فى سن المراهقة. سمعته يلقى خطبة فى أحد اجتماعات القمة الأوروبية كان شخصاً لامعاً.
ــ لقد أحب ميليو من كل قلبه....
و تراءت لها صورة المرفأ القديم فى بلادها , الشوارع الضيقة المحاطة بالأشجار , المزارع الجميلة المنتشرة فوق التلال الصخرية . وأكملت :"...لطالما أراد لها الأفضل . وكان مستعداً لأقصى التضحيات من أجلها..."
قاطعها السلطان قائلاً :"باستثناء التخلى عن والدتك . فوالدتك لم تكن موضوع نقاش أبداً , أليس كذلك؟"
والدتها ....نجمة البوب الأميركية اللامعة....المنحدرة من أصل فقير.
أجابت نيكول بسطحية :"كان ليتخلى عن العرش لو أنه أجبر على التخلى عنها"
استقرت نظرات مالك على وجه نيكول المتوهج :"هل كنتما متفاهمتين معاً"
ـ نعم, كثيراً.
لقد أحبت نيكول والدتها إلى حد كبير , أنهما متشابهتان فى نواح كثيرة . فهما الاثنتان لا تخشان أى شئ و تابعت تقول :"أنا سعيدة لأنها لم تكن أميرة نموذجية و لأنها ذات أصول فقيرة ...أميركية من الطبقة الكادحة . لم تكن تأخذ بأى شئ على أنه مسلم به"
ظهرت إحدى الخادمات تحمل صينية عليها أبريق من القهوة مع فنجانين صغيرين . وفيما كانت الخادمة تسكب القهوة راحت نيكول تتساءل كيف وصل بهما الحديث إلى هذه النقطة . انتظر مالك رحيل الخادمة و قال :"هل تقومين أنت بالدور نفسه مع ليلى ؟ كيف هى علاقتك بابنتك؟"
مرة أخرى شعرت نيكول بالضياع و التشتت و تذكرت أن كل ما يقومان به و كل ما يقولانه ليس سوى كذبة كبيرة . من المفترض أنها تقوم بدور شانتال لكن عوضاً عن ذلك ها قد استمرت تتحدث باندفاع و تجيب على أسئلته بصراحة و انفتاح .
فكرى كما تفكر شانتال ....فكرى كما تفكر شانتال....و كأن نيكول ترى عينى شانتال فى مخيلتها , مدركة أنها أم رائعة بل هى ذروة الأمومة . فقالت بعد برهة :"أعتقد أننى أكثر اهتماماً بحماية أبنتى مما كانت عليه أمى. كما أظن أن ليلى تشعر بالطمأنينة أكثر من معظم الأولاد الآخرين . وهى حساسة و شديدة التأثر"
أخذ مالك رشفة من فنجانه الصغير :"ربما لأنها فقدت والدها فى مرحلة مبكرة من عمرها"
لم تستطيع نيكول منع فكيها من التوتر . أرماند....أرماند ....كم تكره الأمير أرماند ثيبوديت . وافقته بهدوء إلا أن صوتها بدا بارداً :"ربما , وربما لأنها أكثر وعياً ممن هم فى مثل سنها و كأن حدسها ينبؤها بأن الأمور ليست على ما يرام....ليس كما يجب"
حدق مالك بها متفحصاً و بدا الفضول و التأمل على قسماته . وبعد حوالى دقيقة تحرك فى مقعده ليغدو أكثر ارتياحاً فاتكأ إلى الخلف , أما هى فقد جعلتها حدة نظراته تحترق من الداخل إلى الخارج . وقال :"مما فهمته , زواجك الأول لم يكن مبنياً على الحب؟"
شعرت نيكول بانقباض فى معدتها و صعب عليها أن تركز أفكارها فقالت :"إنه أبعد ما يكون عن ذلك"
ــ ومع ذلك ها قد أتيت إلى بَرَكة ...
لأننى لا أملك خياراً آخر . هذا ما أردت أن تقوله له. أنت ضغطت على شانتال , وشانتال لديها ما يكفى من الضغوطات . وأخيراً قالت:"أريد أن أرى ليلى سعيدة"
و بطريقة ما شعرت بثقل العالم يرزح فوق كتفيها . ففى أقل من ثمان و أربعين ساعة التفت الشبكة حولها و هى لم تعد نيكول و لا أصبحت شانتال . لم تعد تعرف من تكون .الشئ الوحيد الذى تعرفه هو أن التفاعل الكيميائى بينهما و بين الملك نور ذو قوة بدائية....إنه مذهل...و هى لم تتجاوب مع أى شخص من قبل على هذا النحو , كما تعرف أن لا مجال....لا مجال على الإطلاق لأن تدع هذه الجاذبية بينهما تؤثر على حواسها و حياتها.


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:50 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4 – نمرة فى المتاهة
بعد عودتها إلى غرفتها فى وقت متأخر من ذلك المساء استبقت نيكول على سريرها وراحت تحدق بالمصاريع الخشبية التى لا تسمح إلا لكمية قليلة من النور بالتسرب خلالها . ولم تستطيع أن تجعل دماغها يهدأ .
موعد الزفاف بعد أقل من أسبوعين و هى لا تعلم بعد كيف ستتخلص من هذه الورطة . ماذا لو لم تتمكن من مغادرة بَرَكة ؟ ماذا لو لم تستطيع فسخ الخطوبة فى الوقت المناسب؟ لا مجال على الإطلاق لأن تمضى قدماً فى هذا الزواج ...حتى لو كان ذلك من أجل إنقاذ ليلى . لكن صغيراً فى رأسها أيقظها فتنهدت و أغمضت عينيها . إنها تدرك أنها سوف سوف تتزوج بطائر اللقلق إذا كان ذلك سينقذ ليلى. لكن ...آه , ليتها تجد سبيلاً آخر ...لابد أن هناك سبيلاً آخر ...
مرة أخرى استيقظت نيكول و هى فى مزاج سئ . إنها تكره الكذب و تمقت النفاق. وها هى ستمضى يوماً آخر مدعية أنها شخص آخر . كانت علياء قد حضرت لها الفطور فى الفناء الخاص بغرفتها . وبعد أن ارتدت أحد الأثواب الحريرية الطويلة من خزانتها خرجت نيكول لموافاتها و قد ربطت شعرها على شكل ذيل حصان فى أعلى رأسها .
جلست علياء معها و هى تتناول فطورها ثم قالت لها و هى تتأمل مفكرتها :"سيكون هذا اليوم مليئاً بالمشاغل, دروس فى اللغة , دروس فى الثقافة , ثم الذهاب من أجل قياس ثوب الزفاف...."
ــ كلا.
رفعت علياء بصرها عن المفكرة فى يدها قائلة :"هل تودين تناول الغداء قبل الذهاب لقياس الثوب؟"
ــ كلا , كلا . لا أريد الذهاب من أجل القياس....
ــ لن يستغرق الأمر سوى ساعة واحدة.
غطت نيكول وجهها بيديها ثم فركت جبينها . كم تكره ذلك الصداع الذى يبدو أنه لن يفارقها هزت رأسها قائلة :"أنا فقط أتمنى....أعنى....لِمَ لا نؤجل ذلك القياس؟"
لا فائدة من التذمر فـ علياء ليست من وضعت جدول مواعيدها و لا يمكنها أن تغيره.
تمكنت نيكوليت من تحمل الدروس الصعبة و شعرت بالسرور عندما تحول موضوع الدرس إلى الجغرافيا . وضعت فاطمة أمامها خريطة بَرَكة و المناطق المجاورة لها و اهتمت نيكوليت بالتعرف على مختلف المعالم الجغرافية الهامة كسلاسل الجبال ,الأنهار , و الصحارى الكبرى. وما لبثت فاطمة أن طوت الخريطة فجأة وسألتها :"ما الذى تعرفينه عن حفلات الزفاف عندنا؟"
فأجابت نيكول :"لا أعرف سوى القليل"
تابعت فاطمة تقول باقتضاب :"يجدر بك أن تعرفى عنها . فهى ذات أهمية كبرى كما أنها باهظة التكاليف"
ثم التوت شفتا فاطمة إلا أنها لم تبتسم . وعادت تقول :"يستمر حفل الزفاف بصورة عامة لمدة أسبوع. بحيث تدوم الاحتفالات لأيام عدة . وحفل زفافك سيدوم على الأرجح لثلاثة أيام , وسوف تتلقين كل يوم المزيد من الهدايا المكونة من الذهب و المجوهرات من قبل مالك . وأخيراً عندما يحين موعد الزفاف سوف تُحملين على هودج وضعت فيه المجوهرات التى أهدك إياها"
شعرت نيكول بالذعر, وما لبثت فاطمة أن قالت بنبرة قوية :"أنت محظوظة. لابد أنك سعيدة بما ستحصلين عليه من ثروة, أليس كذلك؟"
سمعت دمدمة أصوات عند مدخل الغرفة . ونظرت نيكول من فوق كتفها لترى الخادمات ينحنين احتراماً للملك نور الذى دخل الغرفة لتوه , فلم تعد تشعر بالارتياح . وسرعان ما وقفت فاطمة و قالت مرحبة :"صباح الخير"
اقترب الملك منهما و سألهما :"كيف تسير الدروس؟"
كان يرتدى عباءة فضفاضة داكنة اللون مع قميص ذات كمين طويلين بلون نحاسى متألق تناسب بشرته تماماً , وتبرز قسمات وجهه و التماع شعره الأسود .
قالت فاطمة بنبرة رسمية :"بصورة جيدة . نحن نبلى حسناً"
أحنى مالك رأسه ثم أومأ لـ فاطمة بالانصراف قائلاً :"أسمحى لى أذن أن أسرق منك أميرتى "
قوله هذا أنبأ فاطمة بأنها أصبحت حرة فى الذهاب ,أما هو فاستدار نحو نيكوليت قائلاً :"هل أنت واثقة بأن الدروس تسير بشكل جيد؟"
نظرت نيكول إلى وجهه و لاحظت تعابيره المليئة بالحذر . فتساءلت إن كان قد سمع أطراف الحديث الذى كان يدور بينهما فور دخوله إلى الغرفة . ثم قالت :"نعم إنها كذلك, فقريبتك واسعة المعرفة"
وافقها قائلاً :"إنها كذلك. لكنها تتمسك أحياناً بالشكليات"
ثم تردد لحظة قبل أن يقول :"أظن أننى سمعتكما تتحدثان عن عادات الزواج لدينا . أليس كذلك؟"
إذن فقد سمع شيئاً من الحديث!
ــ كانت تشرح لى طريقة الاحتفال بالزفاف.على الاعتراف بأنها تبدو لى... قادمة من العالم الآخر.
ــ أى جزء منها؟
شعرت بالحرارة تندفع إلى خديها , وحاولت أن تهز كتفيها بلا مبالاة :"الجزء الذى تحمل فيه العروس محاطة بالمجوهرات و الذهب"
راح مالك يضحك و بدا صوته عميقاً , خشناً و....مثيراً حين قال :"ذلك لا يشبه فى شئ الوقوف أمام الهيكل بثوب الزفاف الأبيض , أليس كذلك؟"
هذه التمثلية الصغيرة التى تقوم بها تجعله يشعر بالتسلية . إن الأميرة مصممة على متابعة القيام بذلك الدور , مع أنه لا يناسبها على الإطلاق . لقد عرف أنها نيكوليت منذ اللحظة الأولى التى وصلت فيها, ومع ذلك قرر أن يجاريها فى تمثيليتها, متسائلاً إلى أى حد سوف تصل فى ذلك . لطالما سمع أنها مثقفة , جريئة, و مستقلة . ولطالما أثار اندفاعها حيرته, وكان بمثابة تحدٍ له . قد تكون هى لاعبة ماهرة لكنه هو أيضاً كذلك . سوف يجاريها فى لعبتها , بل أنه سيهزمها أيضاً . راح يتأمل وجهها , آملاً فى سره بأن تبادله الإعجاب . لطالما تهاوت النساء تحت قدميه مسحورات بقوة سلطته و شدة ثرائه . فالنساء كن دائماً سهلات المنال بالنسبة إليه , لكن نيكول ليست كذلك و هذا ما أعجبه فيها . إن قدومها إلى بلاده و محاولتها بأن تلعب عليه لعبتها هو ....تحد بحد ذاته.
ــ ألا يجدر بنا الذهاب الآن لكى تقيسى ثوب الزفاف؟
سألها ذلك و هو يشعر ببعض الذنب لأنه يمنح نفسه الكثير من التسلية . لقد مضى وقت طويل لم يعد خلاله يشعر بأى نوع من الحماسة أو التفاؤل حول أى أمر من الأمور . لاحظ أن عبارة "ثوب الزفاف" جعلت فكى نيكوليت يتصلبان و بذل كل ما فى وسعه كى لا يظهر أى تعبير أو انفعال على وجهه.
ــ هل سترافقنى من أجل أخذ القياسات ؟
هز كتفيه قائلً :"لِمَ لا ؟"
لامست نيكول أطراف أسنانها برأس لسانها الوردى اللون بسرعة وقالت :"أهكذا جرت العادة؟"
إلا أنها لم تترك له الفرصة للإجابة على سؤالها بل تابعت على الفور :"لأننى لا أتخيل أن هذا مسموح به هنا. لقد أخبرتنى قريبتك فاطمة أنه لا يُسمح بالاختلاط بين الرجال و النساء هنا . فما إن تصل الفتيات إلى سن البلوغ حتى يتم الفصل بينهن و بين الفتيان....."
و تلاشى صوتها فحاولت من جديد :"ربما أسأت فهمها أو ربما أسأت فهمك أنت"
ــ كلا أنت لم تسيئى الفهم.
انتظرت أن يشرح لها الأمر أكثر إلا أنه لم يفعل .
شعر مالك بالرضى لرؤية ارتباكها . لقد أتت إلى هنا وهى تظن نفسها مسيطرة على الوضع. ظنت أنها ستفعل ما يحلو لها و أن كل شئ سيسير وفق ما خططت له. لكن لا شئ فى الحياة يسير وفق خطة من جانب واحد و ها هى اللعبة مستمرة .
شعر بنظراتها ترمقه بين الحين و الآخر فيما هما يسيران داخل القصر من ممر إلى آخر . أنها تجهد تفكيرها كى تصل إلى استنتاج واضح و نهائى , لكنها لا تنجح فى ذلك....لا تستطيع ذلك . ابتسم مالك فى سره, فهى تعجبه. لقد أعجبته حتى قبل أن يعرفها جيداً , قدر تماماً ما رأته عيناه, كما موقفها الشجاع . أدرك منذ البداية بأنها الأميرة الدوكاسية التى ترفض الزواج فلقد سمع الكثير عن هروبها المتكرر من القصر , و المشاكل التى يخلفها ذلك فى ميليو . كما سمع بالمتاعب التى سببتها لجديها الحبيبين و بأنها لا تكترث على الإطلاق بما تفكر به الآخرون. إنها تحب أسرتها , لكنها مع ذلك, لن تضحى بنفسها من أجل إرضائهما.
إنهما متشابهان فقد أقام علاقات مع الكثير من النساء و لم يشغل باله مطلقاً بمسألة الزواج , عالماً أنه سيتزوج فى أحد الأيام . فهو الابن الأكبر لسلطان بَرَكة العظيم, ومن المفترض أن تكون عروسه محبوبة , وفية , وتتمتع بحس المسؤولية . لطالما أعتقد أنه سيجد هذه الصفات فى امرأة من بلاده لكن بعد ما مر به من تجارب فى الحياة , تغير سلم أولوياته . إنه يريد أكثر من امرأة هادئة , خاضعة, إنه يريد امرأة يمكنها أن تواجه التحديات فى الحياة بشجاعة و ذكاء و لباقة.
وصلا إلى آخر القاعة ففتح مالك الباب ليدخلا إلى غرفة استقبال حديثة التصميم . أثاث الغرفة كان عبارة عن مقاعد منخفضة ذات قماش مخملى من اللونين البرتقالى و البنفسجى , أما الجدران التى طليت باللون الأصفر الباهت فقد غُطيت معظمها بمرايا طويلة و قامت فى وسط الغرفة منصة محاطة بالستائر مخصصة لأخذ المقاسات.
دخلت امرأة أنيقة إلى الغرفة و بعد ان انحنت أمام الملك نور استدارت نحو نيكوليت ثم قالت و هى تبتسم :"سمو الأميرة إنه شرف لى أن ألتقى بك و شرف أكبر أن أقوم بتصميم ثوب زفافك"
استدعت المصممة مساعدتيها لتبدأ بأخذ القياسات و قالت :"ألديك فكرة عن طراز العباءة التى تودين ارتداءها يوم الزفاف؟"
هزت نيكول رأسها نفياً . ذات مرة منذ أربع أو خمس سنوات و فى الليلة التى سبقت زفاف شانتال إلى الأمير أرماند راحت هى و شقيقاتها يخططن لمستقبلهن . و قامت هى و جويل بوضع تصاميم لثوبى زفافهما , وكل منهما وضعت مخططاً لزفافها . يومها قالت نيكول أنها ترغب بزفاف يشبه زفاف الأميرة النائمة حيث كل شئ ملون بالوردى والمرجانى و الأخضر . إذ أنها لن تتزوج مطلقا إن لم يكن ذلك على طريقة الأميرة النائمة , لابد أن تكون مستغرقة فى النوم ثم يأتى الأمير الذى يوقظها بقبلة ثم يحملها إلى المذبح بسرعة قبل أن تدرك ما الذى يحصل معها .
يومها ضحكت منها جويل و شانتال , بالتأكيد . لكن فكرة اصطحابها بسرعة قصوى إلى المذبح تبدو اليوم قريبة بشكل لا يصدق .
ما إن أنهت المرأتان أخذ القياسات حتى طلبت المصممة نماذج من القماش , وقامت المساعدتان بإحضار الثوب تلو الآخر . راحت تعرضها أمام السلطان أولاً ثم تقوم بنشرها على كتفى نيكوليت . بدت الأثواب كلها من الحرير الباهظ الثمن يتخللها الكثير من خيوط الذهب الدقيقة.
كان مالك يراقب كل ما يجرى عن كثب من مكانه على أريكة تشبه اليقطينة.
وإذا به يتحدث فجأة إلى المصممة باللغة العربية . راحت المرأة تصغى إليه بانتباه ثم انحنت و استدارت نحو نيكول مبتسمة و هى تقول :"إنك محظوظة جداً يا سمو الأميرة . فالسلطان يرغب فى أن أصمم لك عباءة من كل ثوب من الأثواب"
تمنت نيكول لو يكف الآخرون عن القول بأنها محظوظة , فهى لا تشعر بأنها كذلك , بل تشعر بأنها واقعة فى الفخ . استدارت لتلقى نظرة على الملك نور الذى يضجع بارتياح على الأريكة . كانت قميصه النحاسية اللون مفتوحة عند الرقبة , ما أظهر بوضوح الجزء الأعلى من صدره الذى بدا صلباً مليئاً بالعضلات .
و قالت :"أنا أقدر كرمك يا جلالة الملك , لكننى لا أحتاج إلى العديد من العباءات الباهظة الثمن"
ظهرت فى عينيه ومضة تنم عن التملك و أجابها بنبرة متكاسلة :"أنه لمن دواعى سرورى أن أقدم لك هذه العباءات"
ابتلعت نيكول ريقها و هى تفكر أن تلك الومضة المتملكة لا تعجبها على الإطلاق.
ما لبثت المصممة أن أنتهت من أخذ المقاسات , هذا ما استنتجته نيكول و هى غارقة فى الصمت . انحنت بقوة أمام السلطان , وراحت تكيل له الشكر. ثم أستأذنت بالخروج تاركة نيكول و الملك نور بمفردهما .
سمعت نيكول صوت البوابة الخشبية الضخمة و هى تنغلق بهدوء خلف الخياطة . ظلت واقفة فى مكانها فوق المنصة شاعرة بالوحدة بشكل غريب , و بالغباء بشكل غير اعتيادى.
ــ أى من تلك العباءات ستكون ثوب الزفاف؟
سألته ذلك وهى تنزل عن المنصة.
رفع السلطان رأسه إلى الأعلى و قال :"وهل لذلك أهمية؟"
كلا لا أهمية لذلك . إنها تحاول فقط إجراء حديث تملأ به ذلك الصمت المربك. فهى لن ترتدى أياً من تلك العباءات على أى حال.
ــ هل أنت غاضب منى ؟
مد يده نحوها قائلاً :"كلا , على الإطلاق . تعالى و أجلسى بقربى بحيث يمكننا التحدث بارتياح"
تحركت لتجلس على الأريكة المقابلة إلا أنه هز رأسه و قال واضعاً يده على الأريكة الناعمة التى يجلس عليها :"هنا"
جلست نيكول إلى جانبه بحذر شديد فسألها :"هل تشعرين بالارتياح؟"
تجاهلت نبرة السخرية التى يتضمنها سؤاله و قالت :"نعم"
طوى ذراعيه خلف رأسه و راح يتأمل وجهها و تعابيره التى تنم على الصفاء و سألها :"هل أعجبتك الأثواب التى ستُصمم منها العباءات؟"
ــ أعتقد اننى أشرت من قبل إلى أننى لست شغوفة بالموضة .
ــ لكن الصحف و المجلات تتحدث دوماً عن اهتمامك الشديد بالأناقة . ألست أنت الأميرة المفضلة لدى مصممى الأزياء؟
شانتال هى كذلك بالتأكيد . أشهر المصممين يتسابقون على تصميم أثواب للأميرة شانتال ثيبوديت ذات الجسم النحيل القوام الرشيق , أرملة لاكروا الجميلة. لطالما كانت شانتال و هى الأبنة الكبرى لأسرة دوكاس محبوبة من الناس , لكن بعد زواجها و ترملها أصبح الظهور فى المناسبات مربكاً لها أكثر فأكثر.
ــ إن الحفاظ المرء على صورته أمام الناس حملا لا يستهان به . ولطالما فكرت أن وسائل الإعلام تعطى أهمية مبالغ بها للمظاهر , يا جلالة الملك و أنا شخصياً أكره فكرة الاهتمام الزائد بالثياب و الأناقة فيما هناك مشكلات عالمية كبرى تفوق هذا الوضع أهمية.
ــ أنك تفاجئيننى دوماً
وابتسم السلطان ابتسامة خالية من الرياء ابتسامة وصلت إلى عينيه و أبرزت عمق الأخاديد حول فمه . إلا أن دفء ابتسامته تلك أصابها بالذعر . جف فم نيكول و هى تراه مرتاحاً فى جلسته و جسمه ينضح بالرجولة و القوة و سألته :"وهل هذا أمر جيد؟"
ــ نعم
تلاشت ابتسامته لكن الدفء لم يفارق عينيه . وتابع يقول :"هل تعلمين لماذا أخترتك أيتها الأميرة ؟"
صعب على نيكول أن تركز أفكارها و هو ينظر إليها على هذا النحو . وقالت :"أعلم انك أردت أن تتزوج أميرة تنتمى إلى إحدى الجزر المتوسطية"
تردد قليلاً قبل أن يتابع متلفظاً كل كلمة من كلماته بعناية تامة :"لقد اخترتك أنت لأننى أحترمك. وأعتقد أنك مثلى تماماً , فأنت تدركين معنى المسؤولية , ومعنى أن تكونى أميرة منتمية إلى أسرة دوكاس المالكة . إن إخلاصك و حس الواجب لديك يجعلان منك شريكة مثالية"
لم تعد نيكول تستطيع التنفس فهى تفتقد لحس الواجب الذى تملكه شانتال , أما إخلاصها فهو لأسرتها فقط , ولهذا فهى هنا الآن. ليس من أجل ميليو بل من أجل شانتال و ليلى .
ــ الزواج الذى لا يقوم على أساس الحب لا يدوم طويلاً.
أتى صوته عميقاً و نبرته متأملة و هو يقول :"كان زواج والدىّ مدبراً إلا أنه دام قرابة خمسين عاماً"
ــ أنهما محظوظان.
ــ زواج جديك مدبر أيضاً و هما لا يزالان معاً حتى اليوم . ولا يمكنك أن تقولى لى إن أحدهما لا يهتم للآخر بصدق و عمق.
جدها ريمى متعلق بجدتها أستريد . أنهما زوجان مثاليان, وقد أمضيا حياتهما معاً حتى إنه يخيل إليك أنه لا وجود لأحدهما دون الآخر.أخيراً قالت بيكول بعد ان استعادت قدرتها على الكلام :"إنهما يحبان بعضهما البعض . إنهما شخصان رائعان أيضاً "
ابتلعت ريقها مذكرة نفسها بأن ليس عليها الإجابة على الأسئلة كأنها نيكوليت . عليها أن تتقمص شخصية شانتال , وأن تفكر مثل شانتال . فقالت :"لهذا السبب قبلت الزواج من الأمير أرماند"
ثم أضافت بخشونة :"إذا كان جداى يعتقدان أننى و أرماند نشكل ثنائياً مناسباً, إذن....."
و هزت كتفيها إلا أنها لم شعر باللامبالاة فـ أرماند كان من أحقر صنف من الرجال . من الصنف الذى يهين المرأة جسدياً و كلامياً . إنه من الرجال الذين لا يشعرون بقوتهم إلا إذا أخضعوا المرأة التى تحبهم و تعتمد عليهم إلى سلطتهم و أستعبدوها
ــ أخبرتينى الليلة الماضية أن ليلى ليست سعيدة . أخبرينى عن حياتها فى لاكروا.
ترددت نيكول غير واثقة إلى أى حد يمكنها أن تتحدث عن ذلك و ماذا عليها أن تقول.
ــ أسرة والدها تتحكم بها بتعسف.
ــ بتعسف؟
ارتفع حاجباه و قال مفكراً :"إنه تعبير أميركى مخيف.لم أظن يوماً أنك تستخدمين مثل هذه التعابير . شقيقتك نيكوليت تتحدث بهذه الطريقة"
هل يمكن أن يكون أكثر غطرسة بعد؟ فجأة ثارت ثائرة نيكول . فهى تعشق القتال فى سبيل ما تؤمن به و ترحب بكل فرصة سانحة للهجوم . و إذا به تقول بنزق:"نعم , إنها كذلك و لسوء الحظ التقطت بعضاً من تعابيرها فقد قضينا معاً لتوناً أسبوعاً كاملاً فى ميليو"
ضاقت عينا مالك قليلاً عند زاويتهما و قال :"آه, هذا يفسر الأمر "
و توقف قليلاً قبل أن يقول :"لأننى كنت أتساءل لِما أنت ثائرة على هذا النحو منذ قدومك . لطالما سمعت أنك شانتال الهادئة التى تتحكم بتصرفاتها و تسيطر على انفعالاتها "
آه , نعم . فـ شانتال هى القطة الفارسية و نيكول هى النمرة , أما جويل فهى القطة الأليفة المدللة.
ــ ربما غيرتك تلك السنوات التى عاشتها فى لاكروا .
التقت نظراته بنظراتها و تشابكت معاً ثم تابع يقول :"لقد جعلتك أقوى , أكثر شراسة و أكثر سخطاً"
ــ أكثر سخطاً"
ــ أكثر سخطاً ؟
ــ نعم, فأنت تبدين غاضبة.
لا فائدة من النقاش فى هذه النقطة. إنها غاضبة جداً , قالت نيكول بعد لحظات صمت طويلة :"أنت على حق , فأنا أشعر بالاستياء"
و عضت على باطن شفتها و عادت تقول :"أشعر باستياء كبير"
فهى تشعر بالحسرة فى قلبها لأنها لم تعرف بمأساة شانتال حتى وقت متأخر, بعد أن تجاوزت هذه الأخيرة جروحها مع أنها لم تنسها.
أخذت نفساً عميقاً لتهدئ نفسها و تكسب بعض الوقت , ثم قالت :"أعتقد أنا الناس يجدون من الأسهل عليهم أن يتجاهلوا أولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتهم . إذ يكفى أن يملؤوا بطونهم بالطعام و يناموا على سرير مريح لكى تنتهى مشاكل العالم بأكملها"
غدت نظرات مالك أكثر حدة و سألها :"ما الذى حصل فى لاكروا؟"
تخيلت أمام عينيها هيئة شانتال الكئيبة , بعينيها الحزينتين اللتين حفر فيهما الألم العميق الذى عانت منه طويلاً , وقالت :"ما الذى لم يحصل فى لاكروا؟"
ــ علمت ان زوجك لم يكن....زوجاً صالحاً, أليس كذلك؟"
جاء صوت مالك عميقاً ملؤه الاهتمام .
غرزت نيكول أظافرها فى راحة كفها. لا بأس من إخبار السلطان بمثل هذه الأمور ففى النهاية إذا كانت تريده أن يساعدها فى إنقاذ ليلى فهى تحتاج إلى تعاطفه معها . والطريقة الوحيدة التى تجعله يتعاطف مع ليلى هى معرفته للحقيقة .
لكن قول الحقيقة أمربالغ الصعوبة كما أنه مؤلم و مخجل . وهى تعرف شانتال ستغضب منها إن علمت إنها تتحدث بذلك إلى أى كان.
راح مالك يطرق بأصابعه الطويلة السمراء على الأريكة و سألها :"هل قام بضربك؟"
امتلأت عينا نيكول بالدموع , اللعنة عليك يا أرماند فلتذهب إلى الجحيم . لم يكن يحق لك أن تضع يدك على شانتال و لا يحق لك أن تسحقها كما فعلت .
ــ نعم .
راحت عينا مالك تبحثان عن عينيها و سألها :"وهل تعرض بالسوء لابنتك؟"
ابتلعت ريقها قائلة :"كان يعاملها بخشونة"
إنها لا تود التحدث عن زواج شقيقتها ولا ترغب بنشر تلك الأسرار الفظيعة. وفكرت أن الأمر مخجل حقاً.
أحست بوخز من عدم الارتياح و بحاجة تدفعها إلى الوقوف , إلى التحرك, إلى الهروب من هذا الشعور المؤلم الذى يملأ قلبها . لقد عانت شانتال بما فيه الكفاية و عليها الآن أن تنقذها , أن توفر لها فرصة للتمتع بالحرية و الاستقلالية .
أجبرت نفسها على التركيز فابتلعت ريقها قائلة :"أريد إخراج ليلى من هناك . أريدها بعيداً عن لاكروا"
ثم أخذت نفساً عميقاً و بطيئاً قبل أن تتابع :"أنت الوحيد الذى يستطيع إخراجها من هناك"
ــ ألا يسمح لها جداها بمغادرة البلاد؟
نظرت نيكول مباشرة إلى عينيه قائلة :"يمكنك إقناعهم بذلك"
أما مالك فلم يتفوه بكلمة. و شعرت نيكول بالغصة تكبر فى حلقها إلا أن ذلك جعلها أكثر تصميماً . يجب إخراج ليلى من لاكروا و يجب تحرير شانتال . نظرت إلى يديها ثم عادت تحدق فى وجهه مضيفة :"هناك وسائل إقناع كثيرة . أعتقد أن جديها سوف يرضيان...بمكافأة مادية....إذا ما رغبت بذلك"
ــ أتعننين أن أقوم برشوتهما؟
ــ ذلك ممكن.
ــ أنه حل يائس
ابتسمت نيكول لكن عينيها بقيتا قاسيتان و بشرتها باردة و قالت:"و أنا امرأة يائسة"
وقف مالك و مد يده لها قائلاً :"تعالى لنتمشى . أصبح الجو خانقاً هنا"
وضع مالك ذراعه بخفة وارتياح حول خصرها فيما هما يسيران من القصر إلى فناء خارجى واسع . دفء جسده بعث فى كيانها موجة من الأحاسيس الدافئة . إنها ترغب بأكثر من ذراعه الملتفة حولها . أنها تتوق إلى الإحساس بجسمه بأكمله , أخذت نفساً عميقاً ثم أخرجت الهواء من رئتيها ببطء.
صوت المياه المتدفقة ساعد نيكول على تهدئة أعصابها فراحت تصغى إلى خرير المياه التى بدت لها باردة منعشة . شعرت بالسلام كما لم تشعر به منذ أيام.
هاهى ليلة أخرى من النوم المضطرب تمر على نيكوليت. وهاهو صباح آخر يأتى و هى لا ترغب بالنهوض من سريرها . كلما زاد إعجابها بـ مالك كلما غدت تمثليتها أكثر صعوبة . لكن علياء لم تسمح لـ نيكوليت بقضاء نهارها فى السرير . قالت لها و هى تربت على الغطاء الذى سحبته نيكوليت إلى ما فوق رأسها :"يجب أن تنهضى , فسوف تتأخرين "
ــ إنه مجرد درس فى اللغة
ـ لكن اللايدى فاطمة بانتظارك . كما أننى أحضرت لك فنجاناً من القهوة الإيطالية . وأنت تحبين القهوة الإيطالية"
هذا صحيح , فـ نيكول تحب قهوتها الصباحية .
سألتها بصوت مكبوت قادم من تحت الغطاء :"ماذا لدى أيضاً فى برنامج اليوم؟"
ترددت علياء و أدركت نيكوليت معنى ذلك . إنه يعنى أن عليها أن تقضى يوماً منهكاً آخر...دروس , تحضيرات ,مأدبات...ترافقها فاطمة خلالها كلها.
حاولت علياء ما فى وسعها لتشجيعها فقالت :"الليلة هى موعد عشاء الولاية. و الملك نور هو من سيصحبك بالتأكيد . كما أن إحدى عباءاتك الجديدة أصبحت جاهزة و يمكنك أن ترتديها هذا المساء حين يعرفك الملك نور إلى مساعديه و مستشاريه"
أنزلت نيكوليت الغطاء ببطء . بقدر ما ترغب فى البقاء فى السرير و تجنب الدروس و التحضيرات كانت تعلم أن ذلك مستحيل .كما أنها تتوق إلى رؤية مالك مساءً . فبطريقة ما غدت رؤيته الشعاع الذى ينير أيامها .
بعد مضى ساعات و بعد انتهاء دروس اللغة , اصطحبتها فاطمة فى جولة فى أنحاء القصر.
خلال قيامهما بجولتهما , قامت فاطمة بفتح النوافذ الخشبية ذات اللون الذهبى الباهت . فتسللت أشعة الشمس إلى الداخل . نظرت نيكوليت من إحدى النوافذ لترى السماء الزرقاء التى تشوبها بعض الغيوم و لاحت لها فى البعيد سلسلة جبال الأطلس و أشجار النخيل المنتشرة فوق مساحات واسعة من الأراضى .للحظة شعرت نيكوليت أنها عادت بالزمن إلى الوراء... مئة عام , ثلاثمائة عام, أو ألف عام.. هنا لا تتغير الأشياء بسرعة, هنا تبقى بعض العناصر ثابتة لا تتغير...الشمس ساطعة , الصحراء الحارة , إيمان الشعب الراسخ .
و فكرت نيكول أن الملك مالك نور هو جزء من هذه العناصر . فعلى الرغم من إرثه الفرنسى و ثقافته الإنكليزية إلا أنه يبقى صلباً كالسماء الممتدة فوق الصحراء.
فى طريق عودتهما إلى جناح نيكول التقت المرأتان بالملك مع اثنين من مستشاريه . حياهما مالك بطريقة رسمية مستخدماً لغة عربية مرحبة , ثم عانق نيكول عناقاً خفيفاً و قدمها إلى مساعديه . ردت نيكول تحيته بتهذيب , هامسة بكلمات ترحيب. إلا أنها لم تعد تذكر ما قالته بالتحديد فقد فاجأتها موجة الدفء التى غمرتها إثر لقائه . لم تدر لِما جعلتها لمسته تفقد تركيزها و شتت أفكارها فجأة لم تعد واثقة ما الذى تفعله هناك , أو لِما هم جميعاً فى ذلك المكان . رفعت بصرها لتنظر إلى وجه مالك فإذا تعابيره ما تزال كما كانت عندما عانقها...ودية, لطيفة, و مرحبة, بالإضافة إلى شئ آخر...أهو حس التملك ؟
هزت نيكول رأسها لتستيقظ من تأملاتها . لا , ليس التملك....فهى ليست ملكه.إنها لا تنتمى إلى هذا المكان , وهى لن تبقى هنا. إلا أن التفكير بالمغادرة , وبتركه جعلها تشعر بألم حقيقى.فهو قد أيقظ فى داخلها مشاعر كانت مدفونة فى أعماق أعماقها , هذه المشاعر لا علاقة لها بالانجذاب الجسدى إليه , بل تتعلق بحياتها برمتها , وربما....بالحب.
أنه يتحدث إليها و يطرح عليها سؤالاً:"كيف كان يومك؟"
بذلت نيكول جهدها لتجد الكلمات المناسبة , وقالت :"جيداً شكراً لك. أدهشنى تاريخ هذه البلاد, كما أدهشنى جمالها. كما أن القصر هو تحفة حقيقية"
ابتسم لها مالك , فظهرت الخطوط حول عينيه على شكل مروحة , وقال :"أنا سعيد لأنك تتمتعين بأوقاتك"
إنها تحب الطريقة التى يبتسم لها بها , كانت تلك ابتسامة صغيرة , بالكاد يمكن تميزيها . لكنها أدركت أنها موجهة لها وحدها.
ثم أومأ برأسه للآخرين ما يعنى أن فاطمة و مساعديه عليهم أن يغادروا هذا المكان . أنتظر مالك إلى أن اختفى الثلاثة عن ناظريهما , وتابع يقول و قد تخلى عن نبرته الرسمية :"إذن يمكنك أن تشعرى بالارتياح هنا , أليس كذلك؟"
ــ كيف لا , وأنت قد فكرت فى كل ما يمكن أن يتخيله المرء لتأمين راحتى؟
امتلأت عيناه بالدفء و التمعتا ببريق فضى :"وأظن أننى أتمتع بخيال واسع"
أدركت نيكول أنه يتكلم الآن عن تأمين وسائل الراحة لها. ومرة أخرى شعرت بأنها تنجرف إلى عام آخر مثير , عالم يضمها و الملك نور فقط. أصبحت محادثتهما حميمة أكثر فأكثر , وشخصية إلى حد بعيد , وغدت تلميحاتها أكثر وضوحاً .
وافقته نيكول بسخرية :"أنا واثقة أنك تملك خيالاً واسعاً . فمعظم الرجال يظنون أنهم كذلك"
ــ ألديك شك فى سعة خيالى؟
ــ كونك رجلاً....لا بأس بما لديك من سعة الخيال.
ــ أتقيسين بمقياسين؟
ــ بالتأكيد
هز مالك رأسه :"أنت تدفعينى للرد على هذا التحدى"
حاولت إبقاء رأسها مرفوعاً و قالت :"أنا لا أتحداك يا جلالة الملك . أنا فقط أقول أمراً واقعاً"
ــ أمر واقع؟
ــ نعم, معظم الرجال يعتقدون أنهم يعرفون ما تريده النساء وما تحتاج إليه..
شبك ذراعيه فوق صدره و قال :"آهـ , عزيزتى . هذا يطرح إشكالية جديدة . لم أكن أعلم أنك متحيزة لبنات جنسك"
ــ أنا لست كذلك
رفع مالك إحدى يديه فى حركة متغطرسة و أكد قائلاً :"بل إنك كذلك . لكننى على العكس منك تماماً لا أدخل فى نقاشات لا نهاية لها , فالكلمات لا توصل إلى شئ . أنا شخصياً أفضل العمل"
تحرك إلى الأمام و أمسك وجهها بين يديه ثم قربها منه . راح يمرر أصابعه على عظمتى خديها ما أرسل ارتعاشه فى جسد نيكول و هى ترى تعابير وجهه القوية . وشعرت بالترقب , والشوق...و أدركت أنه سيعانقها.
ارتعش جسمها تحت لمسة يده , لا سيما بعد أن تنشقت رائحة عطره العابق بروائح الأرز و القرفة تخالطها عذوبة ورائحة بهار. وتجاوبت مع عناقه بصورة تلقائية و كأنها تنتظره منذ زمن بعيد . لك يكن عناقه مسيطراً أو آمراً أم متطلباً....بل عناق لطيفاً , بسيطاً , مستكشفاً...كما أنه بدا مذهلاً.
و تجاوب جسدها معه مرسلاً موجات من الدفء فى كيانها بأكمله . لم تشعر بمثل هذا التوق إلى رجل منذ زمن طويل.
عاد مالك يمرر يده على خدها ,ثم خلف أذنها , فصدرت عنها تنهيدة ارتياح.
راح قلبها يضرب بقوة فتراجعت إلى الخلف مبتعدة و هى تقول بصوت مخنوق :"هذا...ليس سيئاً....كبداية"
بدا وكأن تعابير وجهه تسخر منها,و ألتمعت الحرارة فى عينيه , تخالطها لمحة من الاعتداد بالنفس , وقال :"لقد أعجبك ذلك, أليس كذلك؟"
ــ ليس هذا ما قالته.
ــ لكنه أعجبك.
و فكرت نيكول , يا له من رجل متغطرس ! وله الحق بأن يكون كذلك. فعناقه قد أذاب عظامها و أيقظ فى داخلها أحاسيس متنوعة . إلا أنها قالت :"هذا ما تقوله أنت....."
ابتسم مالك و قال :"سوف نعيد الكرة ف وقت لاحق, لكن لسوء الحظ لدينا التزامات قبل ذلك. هل تذكرين أن لدينا حفل استقبال هذا المساء؟ إنه عشاء رسمى"
أومأت بالإيجاب و رأسها لا يزال يدور إثر عناقه , ثم قالت :"سوف التقى بأعضاء مجلس الوزراء و زوجاتهم"
أخفض رأسه ليهمس فى أذنها :"أنا أود لو أنهم يعجبون بك كما أنا معجب بك تماماً"
بعد عودتها إلى جناحها شعرت نيكوليت بالارتعاش و هى تأخذ حمام بخار. إذ كانت مشاعرها ما تزال مضطربة و ما تزال تشعر بالتوتر فى داخلها . فتلك الكلمات القليلة التى قالها مالك بصوته الأجش المثير بعثت الاضطراب فى نفسها كما فعل عناقه تماماً.
إنها تعجبه . ليس لأنها أميرة أوروبية فحسب و ليس لأنها تؤمن له تحالفاً قوياً , إنها تعجبه من أجل شخصها فقط . وهذا وحده يجعلها تشعر بالسعادة . فمع أنها لا تنوى الزواج من أى كان فى الوقت الحاضر إلا أن الملك نور يثير فضولها .
سمعت همهمت علياء فى غرفة نومها و هى تحضر لها ثيابها من أجل حفل الاستقبال . وتساءلت هل سيعانقها مالك مرة أخرى؟ هل سيتثنى لهما أن يبقيا بمفرهما لبعض الوقت؟
سمعت وقع أقدام علياء فوق الأرض الرخامية و هى تروح و تجئ من غرفة النوم إلى غرفة الثياب , ثم أحست نيكول أنها خرجت من غرفة الثياب حين قالت لها :"أتودين ارتداء العباءة الخضراء , أم الصفراء؟ لقد أحضروا لك ثوبين بعد ظهر هذا اليوم"
تحركت نيكول من مكانها فى المغطس , وتحركت معها بقعة زيت الياسمين العطرى التى تبدو على شكل بركة صغيرة على سطح المياه . وسألت :"أيهما أعجبتك أكثر؟"
ــ الخضراء, كما أظن فلونها يتناسب جداً مع لون شعرك الأسود الجميل.
شعرها الأسود! جلست منتصبة و لامست بيديها شعرها الداكن الذى ينسدل بخصلات ملتفة . أنها تبدو سمراء ذات شعر داكن . لكن ما زال من الصعب عليها أن تفكر أنها كذلك فعلاً , أتراها ستتمكن من العودة إلى شخصية نيكول دوكاس الشقراء؟
بعد مرور أربع ساعات , انتهى حفل العشاء الطويل . لكن بدلاً من أن يقوم الملك نور بتسليتها قام بتشجيع ضيوفه على التعرف على بعضهم البعض و الاختلاط مع بعضهم البعض على الطريقة الغربية , محاولاً بذلك أن يوفر لها الفرصة لتلتقى بالمزيد من أعضاء مجلسه. لكن عندما نظر إليها بعد قليل ورآها محاطة بعدد كبير من النساء بما فيهن قريبته فاطمة , أدرك مالك خطأه التكتيكى . إذ لم تحصل نيكول على فرصة للقاء أى من أولئك الأعضاء , بل وجدت نفسها محاصرة فى إحدى الزوايا تحيط بها مجموعة من النساء .
أومأت نيكوليت ثم انحنت قليلاً معلنة للأخريات أنها سوف تتركهن , إلا أن فاطمة أمسكتها من ذراعها مؤنبة . وبدا له أن فاطمة تتصرف بقسوة معها .
انخفضت رموشه و هو يرى نيكول و قد ابتعدت قليلاً وراحت تركز نظرها على شئ خلف كتفها فأدرك أنها تحاول جاهدة السيطرة على غضبها. ما الذى قالته لها فاطمة لتو؟
فجأة أدارت نيكول رأسها و راته. التقت نظرات عينيها الزرقاوين بنظراته و التوت زاوية فمها فيما نمت تعابير وجهها عن الاستياء , وكأنها تقول له: أنقذنى.
لم تكن تظهر الشكوى بل بدت عليها التسلية من جهة و الاستسلام من جهة أخرى, تماماً كما يجدر بالأميرة المتمدنة أن تبدو.
بدا واضحاً أنها مرت بمثل هذا الموقف من قبل , و لأكثر من مرة . فلطالما لعبت دور الأميرة ضيفة الشرف فى حفلات العشاء و الحفلات الخيرية , فهى على الرغم من كونها الأبنة الثائرة فى الأسرة , وعلى الرغم من تلك الصبغة السوداء التى تغطى شعرها الذهبى الرائع فهى لا تتخلى عن القيام بواجباتها مطلقاً.
سوف تكون مليكة رائعة , لم يخطر ببال نيكول أنها بأخذها مكان شانتال منحت مالك كل ما يتمناه فى عروسه.
شق مالك طريقه عبر الغرفة فأفسحت له السيدات اللواتى يحطن بـ نيكول الطريق و هن ينحنين احتراماً . ثم تركنه وحده مع خطيبته باستثناء فاطمة التى بقيت إلى جانب نيكول.
ــ هل تتمتعين بالسهرة؟
رمقته نيكول بنظرة ملؤها السخط , ثم زمت شفتيها قائلة :"إنها حفلة جيدة , إذا كان المرء فى الثمانين من عمره"
إذن فهى تشعر بالضجر و سألها :"أتشعرين أن الوقت يمر بطيئاً؟"
ــ جلالة الملك , لا أحد يقوم بأى شئ.
ــ وما الذى تريدين القيام به أنت؟
ــ تبادل الأحاديث العادية لن يشكل أى ضرر , كما أن سماع بعض الموسيقى قد يفسح المجال للرقص.
هز مالك رأسه بأسف ثم ابتسم قائلاً :"لا يمكننا أن نرقص معاً رجالاً و نساءً, لكن يمكنك الرقص مع السيدات إذا ما خرجنا نحن الرجال من هنا"
ــ أتريدنى أن أرقص مع النساء؟
و احمر خدا نيكول و أعجبه ذلك . إذ قلما ما رأى خديها يحمران . والليلة بصورة خاصة , مع هذه العباءة الخضراء اللون بدا اللون الوردى فيهما منسجماً مع بشرتها التى اكتسبت بعض اللون الداكن.
ــ بالطبع . فالرقص مع النساء أمر مثير للحماسة.
انفجرت نيكول بالضحك و حاولت أن تخنق ضحكتها بأن وضعت يدها على فمها لكن الأمر لم ينجح . فكلما حاولت التوقف عن الضحك , كلما زاد ضحكها إلى أن امتلأت عيناها بالدموع و كادت تختنق . ثم قالت :"إنه أمر سخيف"
بدا الذعر على وجه فاطمة إلا أن مالك وجد ضحك نيكول مثيراً....ملطفاً للأجواء .فقد كانت تضحك بكل جوارحها و بدا ضحكها معدياً ما جعله يشعر بالارتياح و كأن ضحكها أصاب وتراً حساسً فى داخله , فشفاه من معاناة أصابته منذ عام مضى.
أنه يحتاج إلى الضحك , يحتاج إلى الشعور بالأمل و نيكوليت أعطته هذا الأمل . أوليس الأمل بحد ذاته أمراً رائعاً؟
انحنى قليلاً نحوها و همس فى أذنها متوخياً ألا تسمع قريبته ما يقول :"يمكننا أن نغادر هذا المكان . أنا واثق أن بإمكاننا الحصول على التسلية إذا ما عدنا إلى القصر"



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:51 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:52 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6 – أميرة تائهة
تلاقت نظراتهما و علقت معاً . رأت نيكول الإخلاص فى نظراته الفضية الرقيقة و شعرت بموجة من السعادة تجتاحها . لم يكادا يقومان بمحادثة قصيرة حتى ظهر الانجذاب واضحاً بينهما كما بدا جلياً أن كلاً منهما يمتلك شوقاً كبيراً للآخر.
ــ إذن , ماذا يتضمن برنامج عملك لهذا اليوم؟
سألها مالك ذلك و هو يجلس مستقيماً إلى الوراء ,فيما راحت إحدى الخادمات تضع على الطاولة صحناً مليئاً بقطع من الفواكه المتنوعة و الطازجة...مانغا , بابايا ,كيوى و رومان . بدت ألوان الفاكهة مشرقة, لامعة, ورطبة, كأنها مجوهرات بللها المطر.
ــ إنه ملئ تماماً.
ابتسم مالك , ثم قال :"هل تحتاجين إلى فترة استراحة؟"
تظاهرت بالصدمة :"أتعنى دون كتب؟ أو نشاطات ؟ أو فروض؟ و ما الذى سأفعله عندئذٍ؟
ــ أفترض أنك سوف تتمتعين برفقتى , إذا كان هذا الأمر ممكناً.
و تناول قطعة من الكيوى ليضعها فى فمه , ثم راح يمضغها ببطء , أما نيكول فراحت تراقب فمه الصارم يلتهم الثمرة الغضة , وأدركت أنها تتنفس بصعوبة.
قضاء النهاربمفردها مع مالك ليس فكرة جيدة للاسترخاء , فهى لا تشعر بالارتياح ما دام هو فى الجوار .
ــ أعرف أن لديك العديد من الالتزامات الرسمية.
ــ لكنك تأتين فى المرتبة الأولى بالنسبة إلى , فأنت ستصبحين مليكتى, و زوجتى , وحبيبتى.
اندفعت الحرارة إلى خدى نيكول . حبيبته! أعجبتها رنة هذه الكلمة , وشعرت بنظرات عينيه تدغدغها , تكتسح خديها , ثم تنتقل إلى فمها , فعنقها, فأعلى صدرها....فسارعت تقول :"نعم. حسناً ..لديك , بالطبع, الكثير من الواجبات.لكن إذا كان لديك الآن بالتحديد , مشاغل أكثر أهمية..."
تلاشت الابتسامة من عينيه و قال :""أكون عديم الإحساس إن لم تكونى أنت أهم مشاغلى فأنا اراك حزينة كما أنك تبدين اليوم مستوحشة . أظن انك تحتاجين إلى الصحبة, ويمكنك الاعتماد على فى ذلك"
تعتمد على صحبته...آه, حقاً ؟ لكن ذلك ليس جزءاً من خطتها . فخطتها لا تشمل إقامة علاقة جدية معه...أو الوقوع فى حبه... أو التعلق بهذه البلاد البعيدة عن موطنها
انحنى مالك إلى الأمام ثم لامس شفتيها بإبهامه قائلاً :"اليوم , أنت تحتاجين إلى مغامرة...إلى شئ جديد, شئ مسل . لذا دعى الأمر لى"
شعرت بالحرارة تغزو جسمها , فأغمضت عينيها فيما راحت أصابعه تلامس خدها لتنزلق بعدئذٍ إلى عنقها .
قال مالك وهو يمسد عنقها بإبهامه :"لماذا تتجنبين النظر مباشرة إلى عينى؟"
أجابت هامسة :"لأنك تلمسنى"
و كان ردها صادقاً , فهى لا تستطيع النظر إلى عينيه . إنه يحرك مشاعرها و أحاسيسها , ما يجعلها غير قادرة على التركيز.
ــ ليس عليكى أن تخشى ملامستى لك. فأنت امرأة ذات خبرة و لست فتاة عذراء.
ابتلعت نيكول ريقها و شعرت بالحرارة تغزو جسمها , رفعت بصرها لتلتقى بنظراته الفضية المتفحصة , وقالت :"ما يخيفنى ليس قلة الخبرة, بل...أنت"
قال مالك بنبرة مشككة :"أتخافين منى؟ لكن, لِمَ ؟ فأنا أفديكى بحياتى"
أجفلت نيكول بسبب الألم الذى اعتصر قلبها لسماع كلماته هذه فهى لم تشعر بمثل هذه العاطفة الصادقة منذ سنوات . ثم قالت :"ربما هذا ما أخافه, أنت شديد الثقة بى, مع انك لا تعرفنى جيداً لكى تفدينى بحياتك"
فجأة , انتقلت راحة كفه لتلامس خدها فيما هو يقول:"أنت خطيبتى !"
ــ نحن لم نتبادل العهود بعد,و لم نعلن خطبتنا رسيماً.
بدا التفكير على تعابير وجهه فيما هو يتراجع ليجلس على كرسيه من جديد:" هل تفكرين بالمغادرة؟"
ــ كلا !
ــ لكن , مازال لديك شكوك , أليس كذلك؟
شعرت بالانزعاج من هذا الحديث . الآن بعد أن التقت به , وعرفته عن قرب , لم تعد ترغب بأن تسبب له خيبة أمل.
ــ لقد ولدت متشككة. فبيننا نحن الأميرات الثلاثة , أنا ذات الطبع الأكثر..."
وقطعت حديثها فجأة , مدركة أنها تتكلم مرة أخرى بطريقة نيكوليت .
قال مالك يحثها بنعومة:"الأكثر .... ماذا؟"
ــ لا أظنك ترغب بمعرفة ذلك.
ــ بل أنا كذلك.
هزت كتفيها , كأنها تقول له لقد حذرتك , ثم قالت :"الأكثر حدة"
أطلق مالك سعلاً خفيفاً . فلوت نيكول أصابعها و تجمع التوتر فى داخلها و عادت تقول :"أنا آسفة . عرفت أن الأمر سوف يزعجك"
بدا مالك غاية فى الهدوء و الارتياح و قال :"ما الذى يمكننا القيام به؟ كيف يمكننى أن أساعدك؟ هل هناك ما يمكننى القيام به؟"
أغمضت نيكول عينيها فشعرت بأشعة شمس الصباح تدفئ قمة رأسها و تنشر حرارتها فوق كتفيها . ولم تعد تعرف ماذا عليها أن تفعل , وقد أدركت أنها فقدت السيطرة على مسار الحديث بينهما.
ابتلعت نيكول ريقها و فتحت عينيها و هى تشعر بجفاف فى حلقها , فتناولت كوب من العصير و رشفت منه رشفة, ثم قالت :"أنا لا أريد أن...أسبب لك الإحراج"
ــ أنا مسرور لذلك, فأنا أكره المواقف المحرجة.
إلا أن زاوية فمه ارتفعت قليلاً , فبدا لها أنه محتال بكل ما للكلمة من معنى . لم تصدق نيكول أنه بإمكانه أن يمزح فى مثل هذا الموقف . ومع ذلك , ابتسمت تجاوباً مع مزاحه هذا. إلا أنها شعرت باضطراب فى مشاعرها . وتابع مالك يقول دون تردد:"أنت لم تسببى لى أى إحراج , فأنا أعرفك . أنت مثلى تماماً تدركين معنى الواجب و المسؤولية و تحبين بلدك و شعبك و أسرتك . وسوف تقومين بما هو أفضل من أجلهم جميعاً"
كان يتكلم بجدية و كأنه يقرر أمراً واقعاً . ووجدت نيكول نفسها مشدودة إلى كل كلمة كم كلماته كأنها لا تطيق انتظاراً لسماع الجملة التالية . وإذا به يضيف قائلاً:"إذا أعطيتنى كلمتك الآن يمكننى أن أؤكد أن الزواج سوف يتم . فأنت لن تتراجعى عن كلمتك فى الدقيقة الأخيرة , لأن ذلك سيسبب الإحراج لأسرتينا و لبلدينا"
لم تتفوه نيكول بأى كلمة و بدا لها أن الحياة تجمدت من حولها .
و أضاف مالك بنبرة ملؤها التهذيب :"أنت حرة....حرة فى العودة إلى منزلك الآن. فأنا لن أبقيك هنا على الرغم من إرادتك"
فكرت نيكول أنه حتى لا يعرف من تكون , ما الذى سيحدث لو أنها تتزوجه مدعية إنها شانتال ؟ ماذا سيحصل عندما سيكتشف الحقيقة لاحقاً؟ أتراه سيرضى بالأمر الواقع فيعتبر أن الأميرات دوكاس متشابهات و لا فرق بين واحدة و أخرى؟ أم أنه سيطالب بـ شانتال , الأميرة الطيبة المطيعة ثم يعود فيطلقها بحجة تعرضه للخداع ؟ أو الخيبة؟
وجاء صوتها خشناً حين قالت :"لست ذاهبة إلى أى مكان.سوف أبقى هنا"
ثم نظرت إليه آملة ألا يلاحظ الدموع فى عينيها و تابعت تقول :طأنا اليوم فى إجازة , ألا تذكر ذلك؟و أنت وعدتنى بأن ترينى شيئاً جديداً...شيئاً مسلياً"
ــ نعم , أذكر .
بعد إنهاء وجبة الطعام بذلت نيكول حذاءها بسرعة, و وضعت كريماً واقياً على وجهها و ما لبثت أن عادت إلى الباحة الأمامية . شعرت بثقل فى قلبها ما إن رأت فاطمة فى انتظارها . نظرت إليها فاطمة قائلة بنبرة متصلبة :"أنها ليست فكرتى!"
شعرت نيكول بخيبة الأمل و بالكاد صدرت عنها إيماءة . وفى تلك اللحظة وصلت تالسيارة و السائق كما وصل مالك . وكان هذا الأخير قد استبدل ملابسه بعباءة طويلة و كذلك فعلت فاطمة و كلا العباءتين مصنوعتين من قماش فاخر و قد طرزتا يدوياً برسومات بديعة.
سألت نيكول و هى تشير إلى سترتها الفيروزية اللون:"هل أحتاج إلى تغير ملابسى؟"
أجابها مالك و هو يحيط كتفيها بذراعه :"لدى عباءة يمكنك ارتداءها إذا أحببت , لكنى لا أرى حاجة لكى تبدلى ملابسك. سوف ترين أن معظم الجيل الجديد عندنا يفضلون ارتداء الجينز و القميص القطنى القصير الكمين . كما أنك سوف تجدين وسط المدينة ذا طابع غربى فهو متأثر بالاستعمار الفرنسى السابق يتدفق السياح خلال فصل الشتاء."
سألته و هى تستقر فى المقعد الخلفى للسيارة :"و هل سنذهب إلى هناك؟"
و فجأة راح مالك يتحدث باللغة العربية إلى قريبته التى استقرت لتوها إلى جانب نيكول , فتحركت بتثاقل لتنتقل إلى المقعد المقابل . فيما أخذ مالك مكانه إلى جانب خطيبته . ثم مد ذراعه على ظهر المقعد ,فلامست رؤوس أصابعه كتفها , عندئذٍ همست نيكول فى أذنه مستفسرة :"و هل هذا مسموح به؟"
أخفض بصره نحوها مجيباً :"نحن فى سيارتى"
ــ أعرف , لكن قريبتك...
ــ ....تعرف بأنك ستصبحين زوجتى.
ثم أمسك بيدها و رفعها إلى فمه مقبلاً ظاهرها , قبل أن يقول :"والآن , استرخى ! أريدك أن تُمتعى نفسك . وأمنعك من الشعور بالقلق"
ــ حول أى مسألة كانت؟
ــ بالتأكيد , حتى لو كانت ليلى . لا تقلقى , فكل الأمور تحت السيطرة .
شئ ما فى نبرة صوته أوقف شعر بدنها , إلا أنها لم تجرؤ على السؤال . طلب منها ألا تقلق بشأن أى مسألة كانت . وهذا ما ستحاول القيام به خلال الساعة القادمة أتراها تستطيع ذلك؟
تحرك الليموزين بهم وسط حراسة مجموعة صغيرة من المرافقين الشخصين, وبعد أن قطعت عدداً من الشوارع غدت الطرقات أكثر ضيقاً .
وبعد عدد من الالتفافات وصلوا إلى السوق الرئيسى للمدينة. كان السوق يعج بالباعة المتجولين ,فغدا لوحة تضج بالألوان . كانت المنصات مليئة بكل ما يمكن تخيله من الأصناف والبضائع , سلال مملوءة بالفواكه و المكسرات , أوان نحاسية , أثواب من القماش , مصنوعات جلدية.....
أوقف السائق السيارة و سرعان ما طوقت السيارات المرافقة لهم الليموزين ترجل مالك من السيارة ثم مد يده ليساعد نيكول ثم فاطمة على النزول . ما إن وقفت نيكول على الأرض حتى لاحظت أن معظم النساء اللواتى يرحن و يجئن فى السوق مرتديات عباءات طويلة ملونة . فسألته مشيرة إلى العباءة التى يرتديها:"هل مازالت العباءة معك؟ أظن أننا , أنا و فاطمة لن نثير الانتباه إذا كانت ثيابنا متشابهة"
ساعدتها فاطمة على ارتداء العباءة فوق بذلتها المؤلفة من سترة و بنطلون . وما إن انتهت من ارتدائها سألها مالك :"هل ترغبين بإلقاء نظرة على المكان؟"
بدت نيكول مستعدة لرؤية أكثر ما تستطيع رؤيته من المدينة فمنذ مجيئها وهى تتمنى أن تزور وسط المدينة . وأجابته:"نعم"
ــ سوف ترافقك فاطمة . كنت أود مرافقتك , لكننى أفضل البقاء هنا كى لا نضطر إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة.
تفهمت نيكول ذلك ,لاسيما أن السوق يبدو مزدحماً .و من الصعب أن تتمكن مجموعة من الناس من عبوره , فكيف بالسلطان و مرافقيه و حراسه.
كانت الشمس فى كبد السماء عندما انطلقت فى جولتها برفقة فاطمة . هبت ريح ساخنة حملت معها الغبار عالياً ليحط على مظلات البائعين التى راح قماشها يرفف كالأجنحة . كما راح سعف أشجار النخيل الكثيفة الخضراء تميل يميناً و يساراً.
بدت نيكول مأخوذة بالمشهد الغريب الرائع المحلات المطلية باللونين الأزرق و الأبيض , أوعية الفخار الضخمة التى تحتوى على زيتون أخضر و أسود , السلال المليئة بالتمر و المشمش المجفف , روائح البهارات المنتشرة فى كل مكان . وفى خلفية المشهد بأكمله , كانت الريح الحارة تهز سعف النخيل فتصدر صوت وشوشة لتضفى على المكان سحراً خاصاً
وفكرت نيكول : يا للروعة ! وراحت تملأ عينيها و رئتيها مما حولها
راحت تتبع فاطمة و هى تسير حول السوق المزدحم المربع الشكل , حيث الأبنية القديمة النى تحيط بها مئات المحلات و كل منها يبيع أصنافاً مختلفة . وشيئاً فشيئاً نسيت نيكول عدائية فاطمة نحوها , و غرقت فى متعة التجول فى مكان جديد وغريب تماماً عنها.
كانت أشعة الشمس القوية تكوى رأسها و تخترق عباءتها الداكنة اللون .
و فكرت أن الوقت قد حان للرحيل. نظرت حولها آملة أن تلتقى عينها بعينى فاطمة. لكنها أنها أضاعت فاطمة فى مكان ما فى الطريق . فاجأها ذلك , لكنها لم تشعر بالقلق . بل شعرت فى الواقع...بالارتياح.
فلطالما اعتادت ان تسافر إلى العديد من الدول الأجنبية ولم تشعر يوماً بالخوف لأنها بعيدة عن موطنها . وهكذا لم تشغل ذهنها بأية أفكار مقلقة بل شعرت للحظة من اللحظات بأنها حرة تماماً....
تمنت لو أنها تملك مالاً فى جيبها لتبحث عن مقهى و تتناول قهوة مثلجة وهكذا تتمكن من الجلوس فى الظل و مراقبة الناس بارتياح . لقد أحبت نيكول مدينة أتيك ووجدتها مذهلة . فهى ما زالت تعكس التاريخ الأصلى للبلاد , بشوارعها المرصوفة بالحصى و أبنيتها المطلية باللون الأبيض و شمسها التى تبهر الأبصار.
استدارت عند زاوية أحد المبانى لتعود أدراجها إلا أنها وجدت نفسها فى طريق ضيق . نظرت نيكول حولها . وقد أدركت أنها ليست فى الاتجاه الصحيح.
أين تراها فقدت الاتجاه السليم؟ لم يبدُ لها ما حولها مألوفاًً لكن فى الواقع زحمة السوق و الباعة و المتجولين قد تجعل أياً كان يضل طريقه.وقفت عند الزاوية و هى تضع يدها على وركيها . ولاحظت أنها باتت تسترعى انتباه المارة , من الواضح أنها يبدو غريبة عن البلاد, حتى لو كانت ترتدى الزى المحلى . فمظهرها يبدو مختلفاً . بدأت الشمس بالانحدار , إلا أن الحرارة مازالت مرتفعة, ولم يبق فى السوق إلا قلة من الناس.ضربت بيدها ذبابة كانت تحوم أمام وجهها ثم تنهدت . يجب ألا تصاب بالذعر , فهى لم تبتعد كثيراً . إذ لم يمض سوى عشرون أو ثلاثون دقيقة على الأكثر, منذ أضاعت فاطمة. مررت ظاهر ذراعها فوق جبينها لتتخلص من العرق. وفكرت: من أى طريق أتيت ؟ أين كانت الشمس حينها ؟ و تذكرت أن المحلات التجارية فى بَرَكة هى كالجوامع تماماً مواجهة لجهة الشرق . كل ما عليها أن تفعله هو أن تتوجه إلى الشرق و هكذا سوف تجد طريقها.
كان مالك ينتظر إلى جانب السيارة عندما عادت فاطمة وحدها . سألته و هى تنحنى لتحدق إلى داخل السيارة من خلال الزجاج المعتم :"هل الأميرة هنا؟"
شعر مالك بأن قلبه توقف عن الخفقان و تصلبت عضلاته فغدت كالحجارة و أجاب :"من المفترض أنها برفقتك"
نظرت إليه فاطمة بعينين واسعتين بريئتين :"كنا نسير معاً و نحن نستعرض السلع المعروضة فى السوق...."
ـ أنتِ أضعتها !
قال ذلك بصوت هادر فهزت فاطمة رأسها قائلة :"كلا , لم أفعل . كنت أظنها تسير بقرب ....كنت متأكدة أنها تتبعنى"
فرفع بأصابعه و إذا بسائقه يظهر على الفور وراح يتكلم بسرعة و إلحاح:"الأميرة مفقودة أستدع ضباط الأمن ليبدوا بالبحث عنها . خلال هذا الوقت سوف أتصل بالقصر لطلب المزيد من قوات الشرطة"
انحنى السائق ثم ابتعد مسرعاً . فيما راحت فاطمة تراقب مالك و هو يتصل بالقصر من هاتفه الخيلوى فملأ ت الدموع عينيها و قالت له:"لم أتعمد ذلك, يا قريبى صدقنى , حصل الأمر دون قصد منى"
إلا أن الملك لم يتمكن من النظر إليها , بل قال لها بصوت عميق ذى نبرة ملؤها المرارة :"لقد وثقت بك. لكنك خذلتنى"
صعدت فاطمة إلى السيارة الليموزين و دفنت وجهها بين يديها . أما مالك فراح يذرع الأرض بجانب السيارة بانتظار عودة سائقه و بعد قليل قرر الذهاب للبحث عن نيكوليت بنفسه و فجأة ظهرت الأميرة أمامه متوهجة الوجه , متعبة , وقد أنهكتها حرارة الجو. إلا أن السرور بدا واضحاً على ملامحها لأنها تمكنت من إيجاد طريقها و العودة إليه.
ابتسمت نيكول و قد بدا الارتياح على وجهها و قالت :"أمازالت هنا؟ الحمد لله!"
ــ لن أتركك أبداً
و تفحصتها عيناه بدقة كى يتأكد من سلامتها ثم قال :"ها أنت بخير؟"
ــ أنا بخير , لكننى أشعر ببعض الارتباك . لا أعرف كيف فقدت أثر فاطمة . وتوقفت قليلاً عن الكلام لتنظر حولها متسائلة :"هل عادت إلى هنا؟"
أظلمت ملامح مالك و قال :"إنها بالسيارة"
هزت نيكول رأسها غير مصدقة :"جيد خشيت أن تبقى فى السوق للبحث عنى, لم أشأ أن أعرضها لأى خطر فالحرارة مرتفعة جداً"
وافقها مالك و هو يشاهد سائقه متوجهاً نحوهما برفقة ضباط الأمن فقال لها و هو يشير إليهم:"دعينى أهتم بهذا الأمر أولاً ثم نتوجه عائدين إلى القصر"
عند عودتهم إلى القصر توجهت نيكول إلى جناحها الخاص لتجد علياء فى انتظارها بذراعين مفتوحين و ما أن رأتها هذه الأخيرة حتى هتفت و هى تمسك بذراعها كأنها لا تصدق أنها تراها سالمة :"هل أنت بخير يا سمو الأميرة؟"
بدت تصرفات علياء كوميدية بسبب قلقها عليها . فغضنت نيكول جبينها و هى تقول :"أنا بخير تماماً . لقد تهت فى وسط المدينة و كان الجو شديد الحرارة . لكننى وجدت طريق العودة و الآن كل شئ على ما يرام"
فقالت لها علياء مؤكدة :"حسناً سوف نهتم بك بصورة جيدة . يلزمك أولاً حمام سريع لتتبردى و تغتسلى من الغبار يليه مغطس دافئ بالمياه المعطرة ثم جلسة تدليك تساعدك على الاسترخاء فكل عضلة من...."
ــ هذا ليس ضرورياً علياء . كل ما أحتاج إليه هو أخذ حمام بارد.
إلا أن علياء لم تكن تصغى إليها إذ توجهت على الفور إلى الحمام الفاخر الملحق بجناح نيكوليت و راحت تناديها بعد أن فتحت رشاش المياه:"هيا بنا لنبدأ الحمام!"
أمضت نيكول وقتاً طويلاً فى الحمام تاركة المياه الدافئة تنساب فوق رأسها. لم تعد تذكر متى شعرت بمثل هذا الاسترخاء للمرة الأخيرة . إنها تشعر بالارتياح للغاية حتى إنها لم تفكر بأى سبب يدعوها للقلق ...بأى شأن من الشؤون و بعد ان أنهت حمامها نشفت جسمها , سمحت لـ علياء بأن تفرك لها جسمها بالكريم المرطب المعطر.
بعد أن جففت لها علياء شعرها ارتدت نيكول رداء نظيفاً . إنه واحد من تلك الأثواب الحريرة الرائعة المطرزة باللونين الأخضر و الذهبى . ثم توجهت إلى غرفة الجلوس حيث ينتظرها الشاى الساخن المعطر بالنعناع بالإضافة إلى أقراص الحلوى.
لكن لم يكن الشاى لوحده فى انتظارها هناك بل الملك نور أيضاً.
وقفت نيكول جامدة على لباب ما أن رأته . سرعان ما وضعت يدها على صدرها لتتأكد م ان رداءها لا يكشف عن الكثير من بشرتها ثم قالت :"جلالتك هنا؟"
ــ فكرت بأن أنضم إليك لتناول الشاى.
بدا تأثير مالك عليها كبيراً فهى لم تشعر من قبلها بذاتها كما هى الآن . ولم يكن لأى رجل من قبل مثل هذا التأثير عليها . شعرت بتقلص فى معدتها إلا أنها قالت :"إنه قصرك"
ارتفع حاجبه و هو يقول :"هذا لا يشبه مطلقاً القول : نعم , أنا سعيدة لرؤيتك. أليس كذلك؟"
عضت نيكول باطن شفتها , مدركة انها لا ترتدى سوى ثوباً حريراً رقيقاً فوق جسمها الدافئ و قالت :"بالطبع يسرنى أن تكون لدى رفقة "
أذهلها ما تشعر به من هياج فى أعصابها . لا يجدر بها أن تتجاوب على هذا النحو لمجرد رؤيته...على الأقل عليها ألا تندفع وراء ما تشعر به من أحاسيس نحوه و سألها مالك محاولاً إغاظتها :"أتعنين أى رفقة أم رفقتى بالذات؟"
كان مضجعاً على الأريكة تحيط به الوسائد الوثيرة و قد بدا صدره من خلال ثوبه المفتوح عند العنق و امتدت ساقاه القويتان على طول الأريكة . جالت ببصرها عليه إنه بالغ الوسامة و لابد أنه يعرف ذلك. أجابته بنعومة :"أنت تعلم أن رفقتك تسرنى"
ــ ولمساتى...؟
اضطرت نيكول إلى عض باطن خدها لتمنع نفسها من الضحك و قالت :"هل خطر ببالك يوماً أنك ما تزال أعزب لأنك مغرور و متغطرس؟"
ابتسم قائلاً :"أنا لست مغروراً"
ــ لكنك متغطرس
ــ عزيزتى,لا يمكننى أن أكون سلطاناً حقيقياً إن لم أتحل ببعض الثقة بالنفس.
بدت ابتسامة مالك بطيئة , خطيرة و هو يتحرك لينهض من الأريكة ثم يسير اتجاه الجدار حيث وضعت منضدة تحمل لوحة مفاتيح . وما أن لمس بعض الأزرار حتى صدحت الموسيقى فى الغرفة عبر مكبرات صوت خفيفة.
ــ ذلك المساء قلت إنك ترغبين بالرقص.
لم تستطيع نيكول سلخ نظراتها عن تلك الابتسامة الصغيرة التى تعلو شفتيه.
اندفع الأدرينالين فى شرايينها و هو يتحرك باتجاهها و لم تعد تستطيع الكلام.
وقف أمامها مباشرة و يداه مسترخيتان إلى جانبيه و عضلات صدره القوية تبدو بارزة من فتحة ثوبه و قال :"تعالى"
بدت ذراعاه قويتين مسترخيتين و بدا و كأنه يملك الليل بطوله و يمكنه أن ينتظرها إلى ما لا نهاية و قال محدثاً :"فكرت أنك ستحبين هذه الأغنية"
و هو كذلك! فهى الفرقة المفضلة لديها و قد التقت بأفرادها أثناء جولتهم الأخيرة فى أوروبا و قالت:" أنا أحبها "
ــ تعالى إذن!
لم تدر لما لم تتمكن من التقدم نحوه . لكن رجليها رفضتا التحرك و كان قدميها مثبتتان فى الأرض . وتملكتها الرهبة ما إن تذكرت أنها تدعى شخصية مختلفة عن شخصيتها فهمست:"تعالى أنت إلىّ"
قالت ذلك آملة ألا يفعل بل يستدير عائداً أدراجه . لكن مالك راح يضحك ذلك ان ثقته البالغة بنفسه جعلت غطرستها مسلية فى نظره . وإذا به يقرب المسافة بينهما ثم يشدها إليه ليتلاءم جسدها مع جسده فيما ألتمعت نظراته الفضية بالمرح و هو يسألها :"أهكذا يا أميرتى؟"
شعرت نيكول بالارتعاش بسبب ملامسة جسديهما . ولابد انه شعر بارتعاشها فضمها إليه أكثر . أحست بضعف فى ساقيها و دفنت وجهها فى صدره فيما راحت الموسيقى تصدح حولهما . شعرت بدفء جسده و حيويته و صلابته . ووجدت نفسها تغرق فى صدره أكثر فأكثر فيما ذراعه تشدها إليه بقوة . إنه يعرف كيف يجعل المرأة تشعر بأنوثتها و عندما استقرت يده عند خصرها فكرت نيكول أن باستطاعتها البقاء بهذه الوضعية إلى الأبد...متنشقة عطره شاعرة بدفء جسده و سهولة قربه منها. لم تكن تشعر بالغرابة و لا الارتباك على الإطلاق , إذ لا تكلف و لا أساليب ملكية رسمية بينهما . و إنما فقط مالك و نيكول!
أحست بوخزة من الشعور بالذنب . أجعلى الأمر كأنه مالك و شانتال ! إلا أنها لم تشأ أن تظل شانتال بعد اليوم , بل تريد أن تكون هى نفسها معه...تريده أن يرغب بـ نيكول.
ــ أتفكرين بـ ليلى؟
سألها مالك قاطعاً حبل أفكارها فيما تحركت يده برقة فوق ظهرها , مرسلة ارتعاشات خفيفة فى مختلف أنحاء جسدها . هزت نيكول رأسها وتنهدت بعمق و هى تشعر بالذنب . وتساءلت ما الذى تفعله هنا؟ ما الذى يحصل بينهما ؟ إذا ما استمرا على هذا النحو فسوف ينتهى بهم الأمر إلى كارثة . شعرت بأنها تختنق فتراجعت إلى الوراء واضعة مسافة بينهما كى تتمكن من التفكير بوضوح و قالت :"هل لنا أن نجلس؟"
ــ بالتأكيد.
اتخذ مالك لنفسه مقعداً . أدركت نيكول أنه يتوقع منها أن تنضم إليه لكنها ترددت . لن تشعر بالأمان إذا ما جلست بقربه و هى ترتدى هذا الثوب الحريرى الرقيق , ذلك أن أى لمسة منه ستجعلها تذوب بين يديه.
ــ ربما يجدر أن أبدل ملابسى
ــ لماذا؟
ــ أنت تعلم لماذا.
انتصب رأسه عالياً و راح يتفحصها ثم قال :"لا تقولى إنك خائفة منى"
فى الواقع أنها كذلك ! توهج وجه نيكوليت و قالت :"إذا كان عناقك رائعاً على الدوام قد تكون هناك مشكلة"
ــ أنت صعبة الإرضاء أيتها الأميرة.
ــ نعم أعرف ذلك.
ضغطت على رأسها بكلتى يديها , علها تهدئ من شعورها بالذنب . إلا أن
ذلك الصوت الصغير لم يكن ليدعها تشعر بالارتياح . وقالت :"أظن أن لدى أنفصام فى الشخصية"
بذل مالك جهداً كبيراً كى لا تفضحه أسارير وجهه و قال :"أحقاً؟"
ــ نعم
ــ حدثينى عن شخصيتك تلك .
راحت تسير أمامه ثم قالت بعد أن رمقته بنظرة خاطفة :"هناك شانتال العاقلة و شانتال المندفعة التى تكن لك الإعجاب"
ــ و أين المشكلة فى ذلك؟
توقفت عن السير و قالت :"إذا كنت أنا نفسى لا أعرف أيهما شانتال الحقيقية فكيف يمكنك أنت أن تعرف؟"
أشار إليها كى تجلس قائلاً :"تعالى إلى هنا و سوف أخبرك"
إنه يتلاعب بأعصابها . ومع ذلك تحركت نحوه كأن حبلاً يشدها إليه على الرغم من تعقلها . و ما هى إلا لحظة حتى جرها برفق لتجلس إلى جانبه . قربها منه ليضمها إليه بذراعه فشعرت بأصابعه القوية تتحرك فوق كتفيها بلهفة أرسلت أرتعاشه فى جسمها ثم قال :"انت لى . سواء كنا متزوجين أم لا, سواء كنت مليكة أم صديقة, سمنا ما شئت . فأنت مخلوقة من أجلى و أنا خُلقت من أجلك"
و مر أصابعه على خدها و شفتيها برقة . وأدركت نيكول أنه يريد إثارة عواطفها و شوقها إليه أكثر فأكثر و أنه يفعل ذلك بتمهل . إنه يخطط لاستبقائها لديه لتصبح زوجة شرعية له. و هى تعلم أنه الزواج فى بَرَكة يدوم مدى العمر .
قالت له بصوت ضعيف مخنوق :"أنا معجبة بك"
ــ أعلم .
قال ذلك دون أن يتوقف عن ملامسة خدها مرسلاً فى جسدها أحاسيس لا نهاية لها.
ــ كلا يا مالك . أنت لا تدرك كم أنا معجبة بك , بل مشتاقة إليك , أنت تظن فقط....
وهمس مالك فى أذنها و هو يشدها إليه :"بلى أعرف . أعرف بما تشعرين"
إنها تريده بكل جوارحها , سنوات و سنوات أمضتها بعد دانيال لم تعرف خلالها المشاعر الحقيقية . لم يستطيع أى رجل تحريك عواطفها على هذا النحو . إنه قوى الجسم مع انه لا يحتاج إلى أستخدام قوته كما أنه لا يحتاج إلى التحدث بخشونة أو بنبرة قاسية , لا يحتاج إلى التهديد و الوعيد. فالثقة بالنفس هى جزء من كيانه ,وهى تجعله يبدو دائماً مرتاحاً و طبيعاً . إنه يقوم بكل ما يستطيعه من أجل شعبه يذود ععنه مهم كلفه الأمر و هو سوف يحميها أيضاً .
استدار مالك نحوها و ضمها بكلتى ذراعيه ثم قال :":طها قد وقعت فى الفخ, لقد أصبحت أسيرتى"
استقرت نظراته على فمها و هو يقول :"سأجعلك تتكلمين"
شعرت بشفتيها ترتعشان تحت وقع نظراته :"لم علينا أن نتكلم على الدوام؟"
ــ لأننى أريد ان أعرف بماذا تفكرين. فمن الأفضل أن نواجه الواقع بدلاً من الهروب منه .
راح يداعب أذنها بأصابعه , ما جعل من الصعب عليها أن تركز أفكارها فقالت :"حسناً ! أسألنى ما شئت"
ــ ما هو الأمر الذى لا يعرفه أحد عنك؟
الأمر الذى لا يعرفه عنها أحد ؟ حاولت أن تتجاهل الأحاسيس المدغدغة التى تسيطر عليها , فراحت تحدق إلى السقف المزخرف بأناقة و الموشى بالنقوش ذات اللونين الأزرق و الفيروزى و الذهبى . ما الذى لا يعرفه الناس عنها ؟ ما هو الأمر الذى أخفته عن الجميع طيلة هذه السنوات ؟ إنه دانيال , بالتأكيد . المهندس الميكانيكى الذى كان يعمل فى القصر و الذى وقعت فى حبه منذ سنوات
كان دانيال يعمل فى صيانة سيارات السباق و أرادت نيكول للعلاقة بينهما أن تدوم . فقد كانت ترغب فى البقاء بقدر استطاعتها إلا أن علاقتهما كانت محكومة بالفشل منذ بدايتها . ربما استطاع والدها أن يذهب بعيداً عند زواجه بوالدتها , أما هى فلا سبيل لأن تتابع علاقتها بـ دانيال تيرى على الإطلاق . لا يمكنها أن تعيش معه و تتزوجه لكن ذلك لم يمنعها من الوقوع فى حبه إلى حد الجنون . ولو أن شانتال لم تتزوج من الأمير أرماند لربما فكرت بالهرب بعيداً مع دانيال . لكنها لم تستطيع القيام بذلك بعد ان وافقت شانتال على الزواج من رجل لا تحبه بهدف حماية ميليو و الحرص على مستقبلها .
بعد شهر واحد من زفاف شانتال المترف ,اتخذت نيكول قرارها بإنهاء علاقتها مع دانيال . وكان ذلك أصعب قرار اتخذته منذ بلوغها . وفى الواقع لقد غيرت رأيها مرة فالتقت به خلسة فى إحدى السهرات لكنها أجبرت نفسها فى اليوم التالى على الاتصال به لتبلغه أنها سوف تقطع علاقتها به نهائياً . يومها قالت له :"لا ترد على اتصالاتى و لا تدعنى أغير رأيى"
وقف دانيال مبهوتاً و لم يتفوه بكلمة واحدة أما هى فشعرت بالدموع تحرق عينيها و المسافة بينهما تبعد لحظة بلحظة . لا أحد سواه جعلها تشعر بالرضى عن نفسها كما فعل هو . وها هى تفقده...تهجره...و أدمى ذلك قلبها.
و سارعت تكمل كلامها :"إذا لمحت رقم هاتفى لا ترد على اتصالى"
قال لها دانيال :"حسناً إن كان هذا ما تريدينه"
كانت الانفعالات تختنق فى داخلها...و تخنقها . ليته يعطيها سبباً واحداً يجعلها ترمى بالتزاماتها و مسؤولياتها خلف ظهرها ! لكنه لم يفعل.فـ دانيال مواطن من ميليو عاش فيها طيلة حياته. صحيح أنه تردد إلى المدرسة فى روما و أمضى فترة دراسته وسط أسرة دولوران الشهيرة . إلا أنه عاد بعدها إلى مسقط رأسه إلى جزيرته الحبيبة و أحب أهلها . كما أدرك صعوبة العبء الذى يقع على عاتق أميرات أسرة دوكاس و تفهم أن الأميرات سيرثن العرش ذات يوم . كان يعلم منذ البداية , أن علاقتهما لن تقودهما إلى أى مكان لكنه استسلم إلى رغبات قلبه لفترة قصيرة . ترك الحب يحمله إلى أحضانه إلى حين و عندما أنتهى كل ذلك تصرف كرجل شهم , ما أثار إعجاب نيكول لقد تركها تذهب دون أن ينبس بكلمة احتجاج .
حبست نيكول دموعها و هى تحدق بالسقف المزخرف باللونين الذهبى و الفيروزى.بعد تخليها عن دانيال دفنت عواطفها عميقاً داخلها . وهذه هى المرة الأولى التى تعترف لنفسها فيها كم كلفها قرارها هذا. لقد كان حباً حقيقياً...فرصة حقيقية للسعادة.
و شعرت بنظرات مالك تتفحصها . كان ينتظر جوابها بفارغ الصبر . وأخيراً قالت :"ليس لدى أسرار فحياتى معروفة للجميع"
ــ لكنى أرى دموعاً و حزناً . يبدو أنك فقدت شيئاً و لم تتمكنى من استعادته.
وقفته فى سرها: أنه قلبى . مع أنها حاولت أن تموه شعورها بالمفاجأة لأنه تمكن من قراءة أفكارها ووضع يده على جرحها فقالت :"توفى والداى و أنا فى العاشرة من عمرى"
ــ حزنك هذا ليس بسبب والديك
قرع سريع على الباب أجبره على قطع كلامه . وعلى الفور سمع صوت فتح الباب الخارجى ثم صوت علياء و هى تطلب الإذن بالدخول :"جلالة الملك , اعذرنى لمقاطعتك . لكن هناك ما يستدعى حضورك على الفور"
وقف مالك بسرعة و سألها :"ماذا حصل؟"
ـت إنها اللايدى فاطمة يا جلالة الملك . تم استدعاء سيارة الإسعاف من أجلها فهى مريضة جداً .
انتظرت نيكول عودة مالك لكنه لم يعد و بدلاً من ذلك حملت الخادمات عشاء نيكول إلى غرفتها . وفى وقت لاحق حضرت علياء و هى متجهمة الوجه لتساعدها كى تتحضر للنوم . لم تتطوع علياء بتقديم أى معلومات عن فاطمة و لم تقم نيكول بدورها بسؤالها عنها. لكن ما إن غادرت علياء الغرفة حاملة معها صينية العشاء , حتى راحت نيكول تذرع أرض غرفتها ذهاباً و إياباً . شعرت بالقلق على فاطمة بالرغم من موقف هذه الأخيرة منها . كما أنها أسفتع على مقاطعتهما , هى و مالك و هما فى أعلى درجات انسجامهما . فهى تود قضاء الوقت مع مالك أن تشعر برجولته و قوته لا أن ترتبط بالزواج منه.
جلست نيكول على حافة سريرها و ضمت قبضتيها لتغطى بهما عينيها .
و تخيلته أمامها ... و سيماً فخوراً ذكياً لطيفاً ... يا إلهى كم يبدو لطيفاً ! لم يظهر لها منذ وصولها سوى الاهتمام و الدفء و الرقة فكيف يمكنها أن تجرح مشاعره أو تخيب آماله؟
تغضن جبينها و هى تحدق عبر الغرفة إلى الباب الذى تعلوه قنطرة أنيقة و فكرت أن هناك الكثير لتقلق بشأنه. ليتها تستطيع الهروب من قلقها لبرهة من الزمن ...ليتها فقط تستطيع البقاء مع مالك, فتشعر بذراعيه تضمانها و تريح خدها على صدره ليتها تستطيع أن تغمض عينيها فلا تفكر بأى شئ سوى تلك اللحظة التى تشاركاها معاً وهى بقربه تشعر بدفء جسمه تشم رائحة عطره و تسمع خفقات قلبه بالقرب من أذنها.
عضت على أصابعها شاعرة أنها تفقد سيطرتها على نفسها . لم تشعر فى حياتها أنها بحاجة إلى أحدهم كما تشعر الآن بالنسبة لـ مالك . إنه ملك و من الأفضل أن يعرف حقيقة مشاعرها نحوه إنه يحمل فوق كتفيه مسؤوليات كثيرة و لابد أنه يستطيع أن يقدم لها النصح إذا عرف الحقيقة . او على الأقل قد يساعدها فى نسيان أمره.
أنها تريد ان تكون هى نفسها نيكوليت مجرد امرأة محبوبة و مرغوبة من أجل نفسها فقط ...
استسلمت نيكول إلى النوم و هى تنتظر خبراً من مالك . وعند الصباح الباكر استيقظت و هى تشعر بثقل فى قلبها أكبر من ذى قبل . عليها أن تذهب من هنا. هذا ما عليها أن تقوم به . إنه وقت العودة إلى المنزل . آن الأوان كى تزيل هذا اللون الداكن عن شعرها . تجيب على رسائلها تتفقد بريها الالكترونى و تبدأ بمواعدة رجال آخرين.
بعد قليل جاءت علياء تحمل إليها القهوة مع رسالة من السلطان. فتحت نيكوليت الورقة لتجد أنه كتب بهل ملاحظة صغيرة مفادها أن دروس اللغة الصباحية قد أُلغيت بسبب توعك أصاب فاطمة



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:55 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



7 – صحراء فى عينين

جلس مالك على الكرسى بجانب سرير فاطمة و قد شبك يديه معاً فيما ظهر العبوس على وجهه.راحت أفكاره تتسارع و شعر بالتشوش و الغضب . ثم قال :"لست أفهم"

أدارت فاطمة رأسها بعيداً عنه و قالت :"لا يمكننى التحدث عن الموضوع"

نهرها بصوت جاف حاد :"عليك أن تفعلى"

هز رأسه و قد بدا عليه التعب و الإرهاق بعد أن أمضى الليل ساهراً بالقرب من سريرها و تابع يقول:"هل حياتك سيئة إلى هذا الحد؟"

غطت فاطمة وجهها بيديها إذ لم يعد بإمكانها تحمل ملامته وقالت :"سامحنى"

ــ دعينى أفهم إذن!

راحت فاطمة تبكى بقوة ما زرع الحزن العميق فى قلب مالك . فقال بعد لحظات طويلة :"أرسلت فى طلب والدتك . سوف تاتى من نيويورك برفقة أختك"

ــ لا !

وراحت تمسح وجهها لتجفف دموعها و هى تجاهد كى تتمكن من الجلوس فى السرير ثم عبست ما أن شعرت بالغثيان. فى الكمستشفى أجروا لها غسيلاً للمعدة و من الواضح أنها ما زالت متوعكة.

ــ إذا رأتنى أمى على هذه الحالة سوف تشعر بالقلق و تصاب بالحزن

لم يعرف مالك إن كان عليه أن يهزها بعنف أم يغمرها بعطف و قال لها :" و أنا , ألم أشعر بالقلق فاطمة ؟ لقد أشرفت على الموت"

شعرت فاطمة الارتجاف و قالت:"كانت تلك غلطة فادحة . عرفت ذلك لحظة قيامى بمحاولة الانتحار و لذلك طلبت المساعدة."

لم يستطيع مالك إقفال الموضوع دون معرفة السبب . لا يمكن لشخص أن يبتلع زجاجة دواء بأكملها دون وجود سبب عظيم . فما الذى دفع بـ فاطمة إلى الهاوية؟

ــ لكن لماذا ؟فاطمة كونى صادقة معى . أنا أصر على ذلك.

نظرت إليه قليلاً ثم أبعدت نظراتها عنه و قد غدت خالية من أى تعبير , ثم قالت:"كان يفترض بك أن تتزوج بى"

تجمد مالك فى مكانه و احتبس الهواء فى رئتيه . ماذا؟

حدق إلى وجهها و هى تحاول تجنب النظر إليه فتمكن من رؤية ألمها. كان وجهها ما يزال شاحباً و فمها ذابلاً و عيناها خاليتان من البريق . شعرت بأنها ترتعش من الخوف و الغضب و الألم و الارتباك و بدا ألمها حقيقياً . قال لها بلطف و هو يحاول إظها هدوء لا يشعر به فى الحقيقة:"أشرحى لى الأمر"

حاولت جاهدة تجنب النظر إليه و قالت :"أخبرنى والدى أنك ستصبح زوجى و قال أن على أن أنتظرك"

ــ لم أسمع بذلك من قبل

هزت كتفيها و قد بدا عليها الارهاق و قالت :"أخبرنى والدى أن والدك وافق على زواجنا لأنه سيُبقى الثروة داخل الأسرة و يسهل تقسيم الميراث"

ــ أمن أجل ذلك تناولت جرعة كبيرة من الحبوب المنومة؟

هزت كتفيها مجدداً و انحنى ظهرها ببطء ثم قالت :"لم أفهم لما قررت أن تفتش عن عروس لك فيما أنا لازلت عزباء أنتظرك هنا؟"

و فجاة فهم مالك ما تمر به , إنه ليس الألم فقط و إنما الخجل أيضاً . فى الغرب تعتبر المرأة فى مثل سن فاطمة شابة فهى فى منتصف العشرينات . لكن فى بَرَكة يعتبر هذا سناً متأخراً لامرأة لم تتزوج بعد . فالرجال لا يصدقون أنها ظلت عذراء طيلة تلك السنوات . وعذرية العروس أمر بالغ الأهمية فى بَرَكة كمهرها تماماً . أما الاحتفال بالزواج فمهم للتأكيد على عذرية العروس.

جلس مالك على الكرسى بجانب السرير و أخذ يديها بين يديه . بدت يداها باردتين و أصابتها قشعريرة عند ملامسته لها.

ــ لم أكن أعلم....

لقد جرح مشاعرها و كبرياءها من غير أن يدرك ذلك . لا عجب أنها تشعر بالغضب و الامتعاض من نيكول . شعرت بأنه رفضها و استبدلها بأخرى . لم تستطيع فاطمة النظر فى عينيه و هى تقول :"ما الذى قلته لأسرتى؟"

ــ إنك مريضة جداً و عليهم ان يحضروا إلى هنا بسرعة.

أبعدت فاطمة يديها عن يديه بلباقة تاركة مسافة بينهما و قالت :"آه , متى سيصلون؟"

ــ فى وقت متأخر من هذا اليوم.

ــ و هل ستخبر والدتى ما حاولت أن أفعله بنفسى؟

كان مالك قد طرح هذا السؤاغل على نفسه من قبل . ما الذى يجب أن يفعله فى هذه الحالة ؟

ــ كلا, ولكن عليك أن تعرفى بأن تصرفك هذا ليس مقبولاً أبداً . والخيار الذى أتخذته لم يكن خياراً صحيحاً . فأنت محبوبة من الجميع و حياتك ذات قيمة كبيرة....

قاطعته فاطمة و الدموع تنهمر من عينيها :"أرجوك...أرجوك كفى. لن أقوم بذلك مجدداً. لن أجرب القيام بأمر مماثل مرة أخرى . لقد شعرت..بالخجل... بالكره لما حدث فى السوق بالأمس . لم يكن فى نيتى التسبب بالأذى للأميرة...."

احتضنها مالك بين ذراعيه , إن الألم الذى يصيب أحد أفراد أسرته يؤلمه هو أيضاً.

ــ الأميرة تمكنت من العودة بسلام. لا تقلقى أو تلومى نفسك و الآن عليك أن ترتاحى و تهتمى بنفسك

هزت رأسها ببطء و قد ظهر المزيد من التعب فى عينيها و على فمها,و قالت:"ربما سأذهب مع أمى إلى نيويورك لقضاء فترة من الزمن.ربما تغيير المكان..."

قبل مالك جبينها ثم وقف و هو يقول :"سأقوم بما يلزم من أجل ذلك. لا تقلقى لأى شأن من الشؤون فاطمة . فقط خذى بعض الوقت لترتاحى و سوف تتحسن الأمور قريباً"

أوقفه صوتها عند الباب فاستدار ليواجهها. بدت عيناها كبيرتين فى وجهها الشاحب

ــ أرجوك هل يمكننى أن أطلب منك خدمة؟

أومأ مالك فتابعت تقول :"هل يمكنك اصطحاب الأميرة إلى زفد لبضعة أيام فقط, إلى أن نغادر أنا و أمى البلاد؟ سيكون من الأسهل أن نغادر إى نيويورك دون ان يساورنا القلق بشأن ما ستقوله أمى للأميرة شانتال . أعرف أن أمى ستصاب بخيبة الأمل لأننى لن...."

توقفت عن الكلام قليلاً ثم عبست و أخذت نفساً عميقاً و تابعت تقول :"أمى أيضاً كانت تأمل بأننا , أنا و انت...و هى لا تعلم بعد بشأن خطوبتك من الأميرة شانتال"

هز رأسه قائلاً :"أتفهم ذلك تماماً.كنت أخطط لاصطحاب الأميرة إلى هناك فى الأسبوع القادم أما الآن فسوف أقدم موعد ذهابنا . هل ستشعرين بالارتياح و أنت تشرحين لوالدتك سبب غيابى؟"

ابتسمت فاطمة بضعف. قالت :"نعم. شكراً لك يا أبن العم"

* * *


توقف مالك أمام غرفة نيكوليت ليخبرها بنفسه عن زيارتهما لمنزله الثانى لبضعة أيام. رأت نيكوليت الظلال تحيط بعينيه و شعرت بإرهاقه . فسألته :"كيف حال فاطمة؟"

ــ سوف تستعيد عافيتها قريباً. لا أريدك أن تقلقى بشأنها . فأنت لديك ما يكفيك من مشاكل؟

ــ لكن....

ــ لا !

هذه المرة بدا صوته حاسماً و قوياً و تابع يقول :"لا أريد مناقشة الموضوع أكثر. دعى علياء توضب حقائبك و أخبريها أننا ذاهبان إلى زفد"

بعد ساعات قليلة كان مالك و نيكوليت قد تركا خلفهما ضجيج أتيك و ازدحامها لينتقلا إلى زفد.استقلا سيارة جيب فاخرة ذات مقاعد جلدية و نوافذ من الزجاج الأسود . بين مقعدى الراكبين فى الخلف هناك خزانة تحتوى على براد صغير و ستريو و جهاز صوت حديث.

جلس مالك صامتاً طوال نصف ساعة وهو يحدق من النافذة . علمت نيكول أنه لم يكن غاضباً منها بل يعانى من أزمة داخلية مع ذاته . لكنها لم تتحمل تركه و هو يجلس بصمت على هذا النحو. لقد تركته ساعة كاملة ليتألم بصمت و آسى أما الآن فبات عليه أن يتحدث معها . قالت بصوت يكسر الصمت السائد :

ــ أرجوك أخبرنى عن فاطمة

استمر مالك يحدق فى الخارج من خلال النافذة.

ــ سوف تذهب إلى نيويورك لقضاء فترة مع أسرتها هناك.و هى توافقنى الرأى أنها بحاجة إلى بعض التغيير...

ــ وهل سنتركها لوحدها على ذلك الحين؟

ــ لن تكون وحدها.ستصل والدتها و شقيقتها بعد ظهر هذا اليوم من الولايات المتحدة.

استوعبت نيكول الموقف و أدركت فجأة أنه تعمد أن يبعدها إلى زفد كى لا تلتقى بوالدة فاطمة.

ــ أنت لا تريدنى أن ألتقى بزوجة عمك , أليس كذلك؟

أدار وجهه ليلتقى بنظراتها و قال :"كانت زوجة عمى تتمنى أن أتزوج بـ فاطمة , وفكرت فاطمة بذكاء أن تنقذك و تنقذ نفسها من الحرج"

إذن هذا يبرر موقف فاطمة العدائى تجاهها . أخرجت نيكول أنفاسها بهدوء. وراحت تفكر بالأسابيع الماضية و الوقت الذى أجبرتا فيه هى و فاطمة على البقاء معاً. لابد أن فاطمة شعرت بالإهانة و بجرح مشاعرها . وقالت :"لم أكن اعلم ذلك"

أطلق مالك صوتاً يدل على الغضب و نفاد الصبر :"أنا أيضاً لم أكن على علم بالأمر"

ــ أنا آسفة مالك . أنا حقاً آسفة.

ــ و أنا كذلك

و تساءلت نيكول فى سرها إن كان سببت بمجيئها إلى هنا أشياء أسوأ بعد من مجرد إدعائها لعب دور شانتال . ربما تسببت بتدمير مستقبل بعض الأشخاص أو حياتهم.

ــ هل هناك سبب يمنعكما من الزواج؟

حرك مالك كتفيه القويتين وراح ينظر إلى نيكول نظرات ذات مغزى ثم قال بصراحة:"أنا لم أخترها كعروس لى"

شعرت نيكول بالذعر , فاطمة أُغرمت بـ مالك و أملت أن يشاركها حياتها أما هى فكل ما تحاول القيام به هو لعب دور مؤقت فى حياته لا يدوم إلا لفترة من الزمن ثم تعود هاربة إلى ميليو. كيف سيؤثر اختفاؤها على مالك؟ كيف سيكون تأثيره على فاطمة وعلى أسرة نور بأكملها؟

شعر مالك بالذعر الذى أصاب نيكول فحاول طمأنتها قائلاً :"ستكون بخير. لا تلومى نفسك فأنا الذى أخترتك و أنت لم يكن لك أى دور فى هذه المشكلة"

لم تشعر نيكول بالرضى لأنه يتظاهر بالابتسام من أجلها. بحثت عينيها عن عينيه و سألته :"هل ستكون بخير؟"

انحنى إلى الأمام و قبل جبينها قائلاً :"أنا سعيد لأنك معى عزيزتى"

ــ و أنا سعيدة لوجودى هنا أيضاً

أمضيا ساعتين فى رحلة عبر الجبال الحمراء و الزهرية اللون. يصعدان إلى قمةالجبل ليعودا فيهبطا من الجهة الأخرى ثم يصعدان جبلاً آخر...و هكذا دواليك إلى أن وصلا فى وقت متأخر من بعد الظهر إلى واد فسيح يتخلل أرضه القاحلة عدد من الواحات الصغيرة الخضراء

اقترب بهما السائق إلى قلعة مبنية من الحجارة الرملية الحمراء ذات جدران صلبة مرتفعة و شرفات تعلو بشموخ نحو السماء الزرقاء الصافية . بدت القلعة أعلى بكثير من بقية أجزاء المدينة و مع ذلك بدت كالقزم أمام الجبال الشاهقة المكللة بالثلوج خلفها.

راحت نظرات نيكول الفضولية تتأمل مناظر تلك الجبال المكسوة بالبياض و الأبنية المشيدة فوقها متمتعة بالجو المشمس الرائع و سألته :"أين نحن الآن؟"

ــ هذه زفد . إحدى أقدم مدن بَرَكة من هنا تنحدر أسرة والدى

ما إن اجتاز الجيب أسوار المدينة حتى خرج العشرات من الرجال و النساء و الأطفال إلى الشوارع ليشاهدو السلطان بلهفة.

ــ هل كانوا يعلمون بقدومك؟

بدت تعابير مالك ميالة إلى السخرية حين قال:"لابد أن أحدهم أخبرهم بقدومنا."

ركن السائق الجيب و قبل أن يفتح الباب بهما ظهر حراس القلعة ليشكلوا حاجزاً دفاعياً بين السلطان و الحشود . نزل مالك من الجيب وساعد نيكول على النزول . ما إن رأى الناس الملك حتى ظهر عليهم الابتهاج و راحوا يهتفون بحياته فرفع مالك يده بالتحية لهم . فوجئ حين رأى نيكوليت تتوجه نحو الحشود لتلقى التحية عليهم و مع أنها لم تكن تعرف سوى القليل من الكلمات العربية إلا أن الجمل القليلة التى قالتها جعلت الجميع يفتنون بها.

حافظ مالك على رباطة جأشه و تمالك أحاسيسه و تحرك إلى الأمام أخذاً معه نيكول إلى منزله الصحراوى و قال وهو يريها المنزل :"نحن ندعو هذا المنزل (الحصن) وعلى الرغم من ان الأسرة المالكة سكنته منذ مئتى سنة , وهى ما تزال تتردد إليه من وقت إلى آخر إلا أنه مازال يقوم بدوره كحصن عسكرى هام و هو أحد أقوى مواقعنا الدفاعية"

فتح مالك باباً يؤدى إلى حديقة كبيرة يحيط بها سور مرتفع. بدت الحديقة مليئة بالأشجار معمرة ضخمة ذات أغصان غضة عالية تتشابك مع بعضها البعض فتبدو كأنها تنانين تحارب بعضها . جلسا على مقعد فى ظل إحدىة الشجيرات و أحضر لهما على الفور كوبان من النعناع المثلج المحلى...غدت تعابير مالك تأملية و راح يطرق بأصابعه على الطاولة برفق

ــ يفاجئنى أنك لم تتزوج من قبل

ــ لم يكن الأمر ملحاً قبل اليوم

ــ و هل أصبح كذلك الآن؟

فتح فمه كأنه على وشك التكلم لكنه بدلاً من ذلك أقفله من جديد و اكتفى بهز رأسه.

فى الواقع لم يشعر مالك بالقلق يوماً بشأن مسألة الزواج و الإنجاب فقد كان واثقاً من أنها مسالة وقت فقط. وعاجلاً أو آجلاً سوف يلتقى بالمرأة المناسبة.

ولكن ذلك لم يحصل.ها هو الآن فى أواخر الثلاثنيات من عمره من دون زوجة أو وريث و من دون تمثيل . فهو يريدها أن تكون طبيعية يريد الحصول على قلبها , على ضحكتها....يريدها أن تعاهده على البقاء معه....إلا أنه لا يستطيع دفعها إلى ذلك دفعاً....

وقف مالك و أمسك بيدها لتقف على قدميها و هو يقول :"يبدو انك مازالت تشعرين بالحر . دعينى اخذك إلى غرفتك و سوف تشعرين بالسرور عندما تعرفين أن لديك بركة سباحة خاصة بك"

كان عليها أن تلتقى بـ مالك لتناول العشاء فى أحد الأفنية التى تحيط بها الأسوار . قام طاقم الموظفين بإعداد عشاء مميز للأميرة . أعجبها الحفل الذى أُقيم خارج المنزل لا سيما أن لم يضم سوى مدعوين فقط, هى و مالك . أقيم فى ذلك الفناء موقد كما شيدت خيمة لتحيط السلطان بخصوصية أكبر.

كانت السهرة مختلفة عن كل ما أختبرته نيكول فى أتيك و غدا هذا الجزء من زيارتها هو المفضل لديها.أحبت تناول العشاء فى الخارج . واستمتعت بمشاهدة ألسنة النار و توهجها فى الموقد فشعرت بالسعادة و هى تتأمل جمال المكان و شاعريته . ألقت نيكول رأسها على ركبتيها و أخذت تراقب النيران ترتفع و تتراقص فى الموقد و قالت :"لو كنت من بَرَكة لتمنيت العيش فى هذا المكان.هنا , يبدو كل شئ جميلاً , ساحراً...لا أستطيع شرح الأمر لكنه يجعلنى أشعر و كأننى... فى منزلى"

نظر مالك إليها و قد علت وجهه ابتسامة صغيرة:"تقولين أشياء رائعة عندما لا أتوقع من ذلك"

استدارت عن النار لتلتفت إليه و عى وجهها ابتسامة تنم عن الارتياح و قد ظهر النعاس واضحاً على قسمات وجهها و سألته :"ما الذى قلته؟"

هز رأسه برفق و رسم دوائر وهمية على السجادة الحمراء و هو يقول :"هذا منزلى, منزلى الروحى. حين تتساورنى الشكوك آتى إلى هنا "

ــ شكوك من اى نوع؟

التوت شفتا مالك و تحولت ابتسامته إلى ما يشبه الاستهزاء بنفسه و قال:"بشأن قدرتى على الحكم و كفاحى لتحقيق التوازن بين ما أحتاج أنا إليه وما يحتاج إليه شعبى"

حدقت نيكول به فإذا به عاقد الحاجبين و قد كسا الشحوب وجهه و عينيه . إنه يملك وجها يدل على أصل نبيل و آلمها أن تراه متألماً فشعرت بضيق فى صدرها . فأهتز كيانها لعمق الأحاسيس التى تشعر بها نحوه . لا يجدر بها أن تهتم لمره و أن تعجب به هذا الإعجاب كله . إنها تريده أن يكون لها و هذا ما لم يكن بالحسبان.

لا يمكن لهذا أن يحصل ! لا يمكنها الوقوع فى حب مالك أو فى حب صحراته و مملكته . يجب ألا تسمح لنفسها بالتحدث معه و الجلوس إلى جانبه أو قضاء حياتها بقربه . شبكت ذراعيها فوق صدرها فيما اجتاحها سيل من المشاعر و هى تجلس هنا فى الظلام برفقته.قالت له:"أنا أشعر بالتعب"

ما تحتاج إليه الآن هو قضاء بعض الوقت بمفردها لتهدأ و تتمكن من التفكير بالعودة إلى وطنها . سأورها شعور أنها لم تر ميليو منذ سنوات طويلة. كيف ستتمكن من العودة ؟ و الأهم فى ذلك كيف ستتمكن من النسيان. إذا تركت مالك فسوف تترك قلبها معه فى بَرَكة . وقف مالك و هو يقول :"سأرافقك إلى الداخل"

رافقها عبر الضيقة شبه المظلمة و التى لا تضيئها سوى أنوار الشموع المعلقة فى أعلى الجدران, ما ذكرها بطابع القصور التى تعود إلى القرون الوسطى . بدا لها بلاط الموزاييك ذى اللونين الأسود و الذهبى غريباً أكثر منه مخيفاً.

فتح لها باب الغرفة و ألقى نظرة إلى الداخل . كأنه أراد أن يتأكد أن كل شئ على ما يرام وسألها:"هل تحتاجين شيئاً؟"

ــ كلا.

عندئذٍ تمنى لها ليلة سعيدة و تركها. أغلقت نيكول الباب و أتكأت عليه و هى تتمنى لو انه بقى معها قليلاً. إنها تحتاج لأن تكون بقربه , لأن تشعر بذراعيه تغمرانها بالدفء.....

بدأت تغير ملابسها ببطء و إذا بها تسمع قرعاً على الباب . فتحت نيكول لتجد انه مالك . شعرت بجفاف فى حنجرتها إلا أنها شعرت بالسعادة لرؤيته مع انه لم يمض سوى دقيقتين على تركه لها. وسألته :"هل ضللت طريقك؟"
علت وجهه ابتسامة ماكرة لامست شغاف قلبها , ثم قال :"بل أنى نسيت شيئاً"

ــ ما هو ؟

أمسكها ن ذراعيها بقوة و جذبها إليه . شعرت بجسده القوى الصلب يلامس جسدها ثم أحنى رأسه و عانقها . شعرت نيكول بالدفء يغمر كيانها , فأغمضت عينيها و ما لبث أن تمتم قائلاً :"هذا ما نسيته"

ــ أعدت من اجل هذا العناق؟

ــ و هل من شئ أهم من الحب؟

مرر أطراف أصابعه فوق جبينها ثم فوق أنفها الصغير . لمساته أرسلت الارتعاش فى جسدها و راحت تتساءل عن مغزى كلماته, الحب...من المؤكد انه لا يعنى كلمة الحب بمعناها الحقيقى كما تستعمل فى الثقافة الغربية ليس كما تفهم هى الحب...لابد أنه يعنى الحب لما هو مألوف و سار . إنه بالأحرى الإلفة بين شخصين لا أكثر

قالت كأنها تختبر رباطة جأشه :"و هل تقول ذلك يا صاحب الجلاة لجميع النساء اللواتى تعرفهن؟"

رمقها مالك بنظرة متفحصة ثم قال :"هناك امرأة واحدة فقط تستحوذ على اهتمامى. إنها أنت"

ــ و ما الذى يعجبك فى أكثر من أى شئ؟

ــ عقلك.

لم يقل لها أحد من قبل إنه معجب بعقلها. أتراه يتكلم بجدية؟

لم تستطيع كبح ابتسامتها و قالت :"لماذا؟"

انتصب رأسه عالياً و قال :"إنه حاد , ذكى,و مسل. ورفقتك ممتعة أيضاً. أمضيت فترة من الوقت و أنا أراقبك و كنت أتساءل ما هى الخطوة التالية التى ستقومين بها . أنت جريئة جداً"

ما الذى يقصده من كلامه هذا؟ما الذى يعرفه عنها؟

ــ أتعنى لأننى سأتزوج منك, مع أنك غريب عنى؟

ضحك مالك بنعومة , ما جعل عظامها تذوب . وشعرت بالحرارة تغزو بشرتها .

ــ لن تعترفى بالحقيقة , أليس كذلك؟

ــ أى حقيقة؟

لم يرغب بأن يجيب عن هذا السؤال و قال :"لا عليك , فلا أهمية لذلك. سأتركك الآن كى تنامى"

ثم انحنى ليعانقها عناقاً سريعاً و هو يقول :"تصبحين على خير و أتمنى لك أحلاماً سعيدة"

شعرت نيكول بخيبة الأمل و سألته :"ألن تبقى قليلاً لنتناول شراباً معاً؟"

بد الأسف على وجهه و هو يقول :"إذا بقيت لن أستطيع إبعاد يدى عنك"

عاد مالك إلى الخارج بجانب الموقود.مضت ساعات لم يتمكن خلالها من الخلود إلى النوم. أراد الحراس أن يبقوا معه فى الخارج ,إلا أنه كان يحتاج إلى بعض الخلوة مع نفسه هذه الليلة. فذكرهم أنه محمى خلف جدران القلعة المحصنة , قلعته التى لم تُقهر منذ خمسمئة عام. و قال لهم :"إن لم أكن فى أمان هنا,فأين يمكننى أن أشعر بالأمان؟"

و أخيراً حين أصبح وحيداً أخذا أفكاره تتسارع . ووجد نفسه يفكر بأمور كثيرة مختلفة فى آن واحد. فكر بـ نيكوليت فاتنته و أدرك أنه وجد شريكته الحقيقية . فكر بـ فاطمة و ألمها و عارها . وتمنى لو أنه كان يعرف ما تتوقعه منهو لو انه قام بإيجاد شريك مناسب لها قبل اليوم . أخبرته مراراً أنها تفضل البقاء وحيدة على أن تتزوج بشخص غريب و تترك القصر . فكر بأخيه الأصغر خالد الذى يعيش الآن فى لندن بعد أن اتم دراسته فى أوكسفورد كما فعل هو . لكن خالد على العكس من مالك , اختار الانفاصل عن بَرَكة ليصبح مواطناً حقيقياً للمملكة المتحدة . لم يفهم يوماً مالك قراره هذا إلا أنه تقبله.

لكن خالد باختياره لأن يصبح موطناً بريطانياً فقد كل حق له بالخلافة , بعد أن كان المرشح الثانى لهذا المنصب . شعر مالك بالغضب من شقيقه لأسباب مبدئية فهم عرب موطنهم شمال أفريقيا , و لم يتفهم مالك مخاوف شقيقه إلا حين تعرض لمحاولة الاغتيال منذ سنة خلت.

جثم بجانب الموقد وراح يحدق فى ألسنة اللهب الحمراء المضئية تاركاً الدخان اللاذع يتصاعد حوله فيصيب عينيه بالألم و يتغلغل فى رئتيه. رائحة الدخان و طعمه ذكراه بأيام شبابه.

يومها كان عليه أن يقاتل , وعندما هدأت المعارك تسلم هو زمام الحكم. وها هو يقود بلاده منذ خمسة عشر عاماً , عرفت خلالها بَرَكة التقدم و الازدهار تحت قيادته. إلا أنه يعرف التاريخ جيداً وقد درسه عن ظهر قلب . كل رجل هو جزء من كل, والرجل يذهب بينما يبقى التاريخ و يستمر سواه. ومالك يدرك أنه لن يعيش إلى الأبد , وهو يتقبل هذه الفكرة . إلا أنه بحاجة ماسة إلى ابن يقود شعبه من بعده .

لفت انتباه صوت حفيف قماش , فاستدار ليرى نيكول قادمة نحوه ترتدى أحد الأثواب التقليدية و قد انزلق الوشاح عن رأسها ليظهر شعرها البنى المنسدل على كتفيها . أنضمت إليه بجانب النار وهى تسأله:"ألم تذهب بعد إلى النوم؟"

أجاب بنبرة حازمة:"كلا"

راحت تراقب وجهه للحظات طويلة على ضوء النيران و عادت تسأله :"هل تفكر بـ فاطمة؟"

قال مالك بصوت أجش :"أفكر بأشياء كثيرة"

ألقى راسه إلى الوراء و نظر إلى السماء و هو يفكر إنه لم يبق سوى بضع ساعات تفصلهما عن بزوغ الفجر . بدت السماء واسعة لا نهاية لها , ذات لون أرجوانى و هى تبدو مرصعة بالنجوم . هنا وسط هذه الجبال , بشعر مالك و كأنه جزء من الطبيعة ,جزء من الرياح و الشمس و الرمال الهواء...

هنا ينسى أنه ملك, ويصبح رجلاً عادياً متمتعاً بحياته . أطلق تنهيدة و تخلل شعره بأصابعه قائلاً:"كم أفتقد هذه الحياة, فأنا لا ابتعد عن المدينة بما فيه الكفاية"

لم تعلق نيكول على كلامه ولاحظ مالك نظراتها المترقبة.أدرك أنها تريده أن يتكلم و انها عادت و انضمت إليه لتسمع ما يجول فى خاطره .فتابع يقول مالئاً السكون بصوته :"فى ما مضى , كنت أقضى معظم أيام فُرصى هنا, فلطالما بدت هذه الجبال و الرمال مميزة"

و استدار لينظر إليها . بدت عيناها الزرقاوان أشد زرقة فى منتصف الليل . وشعر بأنها مرتاحة و بأنها تخلت عن حذرها إذ إنها غالباً ما تخفى مشاعرها خلف قناع.و فكر أن جميع أفراد الأسر المالكة يقومون بذلك على الأرجح فالعالم يراقبهم . لذا عليهم أن يتخوا الحذر.لكن من الجيد أن يراها هادئة و مستغرقة فى التأمل. وأضاف قائلاً :"شقيقى و أقربائى جميعهم يستمتعون بالمجئ إلى الجبل فنحن نشعر بالمتعة حين نخيم فى الخارج و نمضى الليل مجتمعين حول النار لكنهم جميعاً غادروا بَرَكة , أما أنا فلم أستطيع ذلك ,لأننى لم أستطيع أن أتخذ بلداً آخر غير بَرَكة"

ــ ليس عليك القيام بذلك , فهذه بلادك وانت نشأت و ترعرت فيها.

ــ وأنت ولدت و ترعرت فى ميليو لكنك مضطرة إلى الرحيل .

تمهملت نيكول قليلاً قبل أن تقول :"أنا لست قديسة. حاولت أن أتمرد مرات و مرات"

راح يراقب وجهها بدقة ثم قال :"لكنك هنا الآن على الرغم من ذلك"

شعرت بالاحتراق فى كل جزء من وجهها, حيث تقع نظراته. إنه رجل استثنائى , وهو يمتلك قوة غير عادية ,إذ ليس فيه أى شئ ضعيف و مستسلم.

عضت شفتها السفلى بشدة بين أسنانها و تحركت مبتعدة عنه. إنه يحتاج إلى زوجة, والآن ظن انه وجد مليكته. وعلى الرعم من ذلك فهى تنوى أن تسافر إلى بلادها خلال أيام.

أمسك مالك كتفيها ليمنعها من التراجع و قال :"أرى الحزن فى عينيك من جديد. بالأمس قطعوا علينا انسجامنا ,ولا أظن ان ذلك سيحصل مجدداً"

كانت أصابعه تمسك بكتفيها بقوة و سألها :"أليس هناك حزن فى داخلك؟ أرى فى عينيك صحراء صامتة ...لا متناهية ...أرى شعور بالوحدة"

ــ لكننى لا أشعر بالوحدة.

كيف يمكنه ان يقرأ أفكارها على هذا النحو؟إنها تحس أحياناً كأنه جزء منه... كانه نصفها الآخر...كيف يمكن لأى كان- لا سيما هذا الرجل- أن يفهمها بهذا الشكل؟

أحنى مالك رأسه و قبل جبينها برقة متناهية , ثم قال :"أنت وحيدة منذ زمن بعيد, وأظن أن هذا هو الثمن الذى تدفعينه لأنك اميرة جميلة. أنا لم أر فى حياتى امرأة فى مثل جمالك...."

ــ مالك

وضه يده على خدها قائلاً :"كنت تعيشين فى برج حجرى مرتفع"

ــ كلا, ليس الأمر كذلك . لم أعش بهذا الشكل . أنا لست....

لم تتمكن نيكول من متابعة كلامها و ابتلعت ريقها بصعوبة.

ــ لست ماذا؟

كيف تخبره بأنها ليست المرأة التى يظنها و بأن جميع افتراضاته خاطئة؟

احتضنت نيكول يده بيدها و ضغطتها فوق وجنتها ثم التقت نظراتهما ورأت الرقة و الحنان يفيضان من عينيه . بدا و كأنه يعرف أنها تخفى أسراراً قد تسبب له الأذى و لكنه يسامحها مسبقاً . لا يعقل أن يكون ذلك صحيحاً ! إنه لا يعرف شيئاً...لا يمكنه أن يعرف....أم أنه يعرف؟

هناك الكثير من الكلام كى يقال . ولكنها لعبت دورها فى هذه التمثيلية لفترة طويلة و لم تعد تعرف كيف تخرج منها . قال مالك بهدوء :"ليس عليك سوى أن تبدأى بالكلام"

ــ هل يمكننا الجلوس؟

بدأت ساقاها ترتجفان من الخوف و التعب , أدركت أن عليها أن تتكلم و أنها قد تشعر بالاختناق إن لم تفعل.

جلس مالك على السجادة القرمزية اللون و المطرزة بالخيوط الذهبية و السوداء و جلست نيكول إلى جانبه. شعرت بالارتياح لأنه لم يبتعد و قالت:"أنا أشعر بالخوف"

و انتظرها لتكمل كلامها....

راحت خفقات قلبها تتسارع و شعرت بالدوار . تعثرت الكلمات فى فمها , إلا أنها قالت أخيراً :"أنا قلقة بشأن المستقبل . قلقة بشأن ميليو و جدى و بشأن ليلى...."

ــ وبشأننا نحن الاثنين . أنت قلقة بشأننا أيضاً.

ــ نعم أنا كذلك.

فجأة بدا فكه ناتئاً و ظهر الاكتئاب على تعابير وجهه و قال :"وأنا أيضاً"

ــ أحقاً؟"

أوما مالك ببطء قائلاً :"انا أيضاً أشعر بالقلق من أجل المستقبل"

شعرت أن الكلمات تخرج من فمه ثقيلة ما جعل صوته محملاً بالحزن . أرجوك يا إلهى , لا تجعلها تسبب له البؤس ! أرجوك دعها لا تزيد من أعبائه و لا تكون هى سبب حزنه!

ــ لماذا؟

ــ أنا لا أؤمن بالطلاق . لا أريد أن أتزوج لأعود فأطلق بعد حين.


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 03:55 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8 – عطر وليل وعناق

إنه يشك بنواياها إذن !

قال :"أنا لست كبعض الملوك الذين يتزوجون لكنهم يحتفظون بحياة منفصلة عن زوجاتهم"

حكت نيكول أصابعها إزاء القماش المخملى و قالت :"إذا ما تزوجنا لن أرغب مطلقاً بأن نعيش منفصلين "

ردد كلماتها :"إذا ما تزوجنا؟ ألم تتخذى قرارك بعد؟"

تطاولت نحوه يائسة فلامست ظاهر يده بأصابعها و هى تقول :"أريد أن أكون معك"

ــ الليلة فقط أم إلى الأبد؟

إذا أجابت بصدق عن سؤاله و قالت :الليلة فقط فمن المحتمل ألا تبقى معه هذه الليلة.و إذا كذبت عليه و قالت : إلى الأبد , فسوف تبقى الليلة لكنها ستخسر إمكانية البقاء إلى الأبد . ما من طريقة تجعلها تكسب الاثنين معاً

رفع مالك يده و ضغط أصابعها بأصابعه تشابكت أصابعهما معاً . ثم قالت نيكول:"أخشى من الزواج , أنه يخيفنى"

ــ و ما هى الخيارات المتبقية لنا؟

أذهلها هدوءه و قالت :"ما أن نتزوج تفقد حريتك فى الاختيار. فلا تستطيع إقامة علاقات جديدة و التعرف إلى شركاء جدد أو طرق جديدة....."

ــ لكن ,كم من الخيارات لديك فى الحقيقة يا عزيزتى؟ فأنت لا تملكين الكثير من الخيارات لأنك أميرة من أسرة دوكاس.

ربما هذا ما يجعلها تشعر بالاحباط. فهى لا تملك الخيارات التى يملكها الآخرون لا يمكنها أن تفعل ما يحلو لها . فالواجب و الالتزام سيف مسلط فوق عنقها على الدوام.

و تابع يقول :"بالاضافة إلى ذلك أنا لا أشعر بأننى مفيد. عندما كنت فتياً تمتعت بعزوبيتى أما الآن و قد أصبحت فى منتصف الثلاثينيات , أصبحت أعرف ما الذى أريده"

ــ لكننى لست أنا من تريدها حقاً.

ـت بلى , أؤكد لك ذلك.

راح قلبها يخفق بسرعة و سألته :"ما الذى يعجبك فىّ؟"

ــ أنت ذكية , مفعمة بالحيوية, ومثيرة للاهتمام.

لم تعرف نيكول بماذ تجيبه كيف عليها أن تفكر....أن تشعر.

ــ لكنك ما كنت لتتزوجنى ما لم أكن من أسرة دوكاس.

ــ وما كنت انت تتزوجينى لو لم أكن ملكاً

لن يصل حديثهما هذا إلى أى مكان . وعادت تقول :"لا أعرف كيف يمكن لزواجنا أن ينجح و كلانا نتمتع بشخصية قوية و آراء مستقلة...."

ــ أتظنين أن الزواج بين شخص قوى و آخر ضعيف هو أفضل؟ أتظنين أن كلاً منا ينجح أكثر مع شريك عديم الشخصية متبلد المشاعر؟

بحثت عيناها عن عينيه . أتراه يعنى ما يقول؟أيمكنه أن يقبل بها كزوجة, حادة الطباع, عنيدة, مندفعة؟ تحركت قليلاً لتسحب يدها من يده , لكنه لم يفلت أصابعها و قال لها :"مِمَ أنت خائفة؟"

نظرت نيكول إلى يديهما ,إلى أصابعهما المتشابكة . إنه أمر جيد .إنها ترتاح إلى ملامسته, لكن دفء و ارتياح اليدين المتشابكتين سرعان ما تحول إلى قيد ثقيل .

ــ الزواج فخ للمرأة.

ــ كلا.

ــ أنت رجل و لن تستطيع أن تفهم الأمر.

ــ أنا رجل , لكننى لا أرضى بأن يمون الزواج فخاً بالنسبة لزوجتى.

غرزت نيكول أظافرها فى كفها و قالت :"هذا ليس خياراً يقوم به الرجل , بل هذا ما يحدث . الزواج...الامومة....الأطفال . كل ذلك يثقل كاهل المرأة فتتغير أولوياتها , بل تضطر إلى تغييرها"

أحرقتها نظرات عينيه الحادة كان ينظر إليها بقوة كادت تصيبها بالدوار. ثم قال :"وهل هذا أمر سئ؟"

ــ إنه كذلك إذا كنت مما يقدرون حريتهم.

ـت وهل حريتك ذات قيمة عالية؟

شعرت نيكول أنه بات يصعب عليها أن تتنفس . شعرت بالهواء ثقيلاً مرصوصاً ضاغطاً عليها . إنه لا يفهمها. إنه لا يستطيع رؤية ما تراه هى... لقد قضى الزواج على مهنة أمها , فحُرم الناس من موهبتها و صوتها الرائع بعد أن كرست طاقتها كلها من أجل زوجها و تحملت معه أعباء الحياة . أما شانتال فوجدت نفسها عالقة بعيداً فى قصر لاكروا فعاشت منسية , مهملة ضحية الكذب و الخداع.

ــ إنها كذلك بالنسبة لى .

أشاحت ببصرها بعيداً عنه و همست قائلة :"أخشى أن تقص جناحى"

شعرت بالدموع تخنقها فابتلعت ريقها و منعت دموعها من التساقط ثم تابعت تقول :"أكره حصول ذلك. و سوف أكرهك من أجل هذا الأمر"

ــ ربما كان زواجك الأول سيئاً , لكن والديك....كانا سعيدين بزواجهما . يعلم الجميع أنهما كانا متقاربين جداً.

لوت نيكول أصابعها بقوة و قالت :"ما كان على أمى أن تتخلى عن مهنتها . ما كان لذلك أن يحصل"

ــ لم يكن بإمكانها أن تعيش مع و الدك و تؤسس أسرة مع استمرارها فى حياتها الفنية.

هزت رأسها موافقة :"بالضبط . و مع أنك لا تدرك ذلك الآن, إلا أننى لن أكون المرأة التى تريدها , او التى تحتاج إليها. سوف تحاول أن تغيرنى و هذا ما يحصل على الدوام ما أن يقع الناس فى الحب. لكن هذا ليس كافياً..."

و توقفت عن الكلام فراح مالك يتفحصها للحظات طويلة قبل أن يهب واقفاً على قدميه و يسحبها معه أيضاً و هو يقول :"تعالى , أظننا نحتاج إلى بعض التغيير"

كانت أبواب القلعة كلها مقوسة الشكل تعلوها قناطر من الحجر يغلف كل منها قوس من الخشب المزخرف الأنيق . وقد بدت كل قنطرة مميزة بنقوشها و زخرفتها . قادها مالك عبر أحد الأبواب إلى غرفة جلوس مفروشة بالأرائك الشرقية المريحة , حيث وزعت الشموع فى زواياها على طاولات صغيرة. وسألته نيكول :"ما هذه الغرفة؟"

و راقبته و هو يغلق الباب خلفهما بهدوء قبل أن يجيبها :"إنها غرفة جلوس خاصة لا يدخل إليها أحد سواى"

ثم استدار نحوها و أمسكت يداه بوجهها قبل أن تنزلق أصابعه بين خصلات شعرها الحريرى و جاء صوته خشناً حين قال :"انا أريدك...يمكنك أن تثقى بى فأنا لن أخذلك أبداً"

ابتلعت نيكول ريقها وهى تمنع دموعها من التساقط على خديها . ولم تستطيع منع نفسها من التأثير ,فقد أحبت ملامسة يديه لوجهها و شعرها, أحبت قوة عضلاته و رائحة عطره. ورغبت بأن تكون له وحده.

لطالما كانت امرأة قوية, منيعة, ومصممة. لكن على الرغم من قوتها , لم تستطع مقاومة سيل المشاعر التى أثارها فيها . إنها تتوق إلى عناقه كما لم تفعل يوماً...و عانقها...أحست نيكول بخدر لذيذ ينسل إلى حواسها كافة.

شعرت بأنفاسه الدافئة و انبعثت الحرارة فى جسمها و فجأة شعرت بالارتجاف عندما راحت أصابعه تدغدغها خلف أذنها و كأنما شعر مالك بارتجافها فانحنى يعانقها مرة أخرى . وساد حولهما سكون رائع و كأن الزمن قد توقف عن المسير , لقد باتت تعرفه جيداً و تعرف ملامحه أنه يتمتع بقربها كما تتمتع هى بقربه. نظرت إلى عينيه اللتين تلتمعان بقوة و فكرت أن ثقته بنفسه لا تعرف حدوداً. راقبته و هو يشغل جهاز صوت القريب منهما و سرعان ما انبعثت منه موسيقى ناعمة دغدغت حواسها .

عاد مالك إليها . ثم أخذها بين ذراعيه و راحا يتمايلان راقصين على وقع الأنغام الساحرة. كانت الأنوار خافتة ما جعل الجو حولهما فى غاية الرومانسية .

آه , كم تحب البقاء بين ذراعيه , الإحساس بصلابة جسمه, كم تحب الطريقة التى يغمرها بها و يضمها إلى صدره و ذراعاه ملتفتين حولها .

راحا يتحركان ببطء شديد و قد بدا مالك متحكماً فى نفسه . و سمعت نفسها تهمس :"لا أريد لهذا أن ينتهى,إنه...."

و سكتت و أغمضت عينيها كأنها تخشى أن تفقد ما تشعر به من نشوة . وتمنت لو أنها تستطيع أن تخبره بمشاعرها الحقيقية نحوه و بأنها لم تعش مثل هذه اللحظات مع أى رجل قبله , لكن بدا من الصعب عليها أن تتكلم و هى غارقة فى هذا الجو الشاعرى الساحر.و ما هى إلا لحظات حتى تغيرت الموسيقى فشدها مالك إليه أكثر. فشعرت بتوتر عضلات كتفيه تحت يديها . فتعلقت به أكثر و كأنها تريد الذةبان فيه . وراح قلبها يخفق بقوة فى أذنيها . وسألها :"هل أنت مستمتعة بالرقص؟"

فهمست:"نعم , وأنت؟"

تنهد مالك و شعرت به يبتسم قبل أن يجيبها :أظن ان هذا رائع, لم أرغب بالرقص مع امرأة على هذا النحو من قبل"

ــ آه .

ماذا لو أدرك حقيقة مشاعرها هى؟ لم تستطيع إيجاد الكلمات التى تعبر عن أحاسيسها فى تلك اللحظات . لامست خده بأصابعها متحسسة لحيته النابتة على أمتداد فكه. ثم همست :"أنت وسيم جداً"

ــ كلا , لست كذلك.

ــ بلى

قال متذمراً :"لدى أنف كبير"

تجاهلت نيكول ارتعاشة سببتها ملامسة يده لخصرها و قالت :"كلا إنه ليس كذلك"

لكنه أصر قائلاً :"كما أن فمى كبير أيضاً"

ــ توقف عن الكلام أرجوك!

ضمها مالك إليه بقوة جعلتها تذوب شوقاً و تحترق بين ذراعيه . وأدركت فى تلك اللحظة أنها وجدت حب حياتها , التقت بنصفها الآخر . لقد أسر مالك لبها , استولى على قلبها و عقلها و جسدها و روحها.

قال لها بصوت عميق أجش :"أنت لى و لن تكونى لأحد سواى"

ووجدت نيكول نفسها تجيب قائلة :"أعرف ذلك"

ــ لا تردد بعد اليوم بشأن زواجنا , أليس كذلك؟

ــ نعم

فى تلك اللحظة , شعرت نيكول كأن صخرة قد أزيحت عن صدرها و كأنها رأت نوراً ساطعاً عند نهاية النفق . لا سبب يمنعها من الزواج بـ مالك , يمكنها أن تفعل ذلك. وسوف يكون هذا زواج لمصلحة الجميع ..بلادها, أسرتها و قلبها ...

اندست به و قالت :"انا سعيدة لأننا نتزوج بعد ستة أيام . إنها ستة أيام فقط, أليس كذلك؟"

ــ أظنها أصبحت الآن خمسة.

رفعت رأسها و التقت بنظراته فقالت :"يبدو ذلك جيداً"

ــ هل أنت واثقة؟

ــ نعم.

و تخيلت مراسم الزفاف فى أتيك ,و تخيلت نفسها ترتدى أحد تلك الأثواب التى صممت خصيصاًَ لها . لابد أن مالك سيبدو وسيماً مهما كان ما يرتديه . بدت لها الصورة رائعة بأكملها.

باستثناء تفصيل صغير إلا أنه أساسى: ليلى !

تشبثت بذراعى مالك و قد شعرت أنها بحاجة إلى الإحساس بقوته و دعمه , ثم قالت:"أريد ليلى هنا , يجب أن تكون بقربى"

ــ هذا ما سيحصل.

ــ قد لا يسمح لها جداها , آل ثيبوديت بذلك و...

ــ بل سيفعلان . لا تقلقى , عزيزتى . سوف أهتم بكل شئ .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:04 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.