آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          90 -حبيب الأمس - جين سامرز -عبير دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          381 - الانتقام الاخير - كيت والكر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          402 - خذ الماضي وأرحل - مارغريت مايو (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree11Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-09-17, 04:38 PM   #11

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



10 ـ
شبح القصـر


شارفت الوجبة على الانتهاء , فرفعت الأطباق وقُدمت القهوة .
وخيم السكون على الحديث , وكأن الجميع أدرك أن الوقت حان .
سأل الكونت : (( هل الجميع مستعد ؟ رائع . لدي إعلان هـام )) .
و التفت إلى ليو وسيلينا .
وفكرت : آه , لا ! سيقول إنه رتب أمر زواجنا في كاتدرائية
القديس ماركو , وعلينا أن نرضخ للأمر الواقع .

وتابع فرانشيسكو : (( كما تعلمون , سنذهب كلنا إلى توسكانا قريباً
لحضور زواج عزيزنا ليو وعزيزتنا سيلينا . إنها مناسبة سعيدة , وقد
ازداد سعادتنا بها بفضل ما سأقوله لكم )) .
وصمت للحظات , وقد بدا غير واثق مما سيقوله , واسترخت
سيلينا , فما سيقوله لا علاقة له بالزواج على الأقل . وأردف
فرانشيسكو : (( أود أن أتكلم عن زواج آخر الليلة . زواج ظننا . . . لقد
بقينا مشوشين لسنوات . . . لكن الأمور صبحت واضحة الآن . . . )) .
والتفت إلى غويدو و قال : (( أخبرهم , إنها قصتك )) .
وقف غويدو بينهم خطيباً ووجه كلامه إلى ليو : (( ما يحاول العم
فرانشيسكو أن يخبركم إياه هو أن اللغط أحاط بزواج والدتك في
السنوات الماضية كلها . لم تكن أمك متزوجة يوماً من قبل . وبالتالي ,
فأن زواجها من والدك قانوني ووضعك قانوني أيضاً )) .
وفي الصمت المشدوه , لاحظت سيلينا أن وجه ليو شحب . لكنه
تمكن أخيراً من الضحك .

ـ مضحك جداً أخي . لطالما كنت بارعاً في المزاح , لكن
هذه النكتة هي أفضل ما أتيت به يوماً .
قال غويدو : (( ليست نكتة , فأنا أملك الإثبات . ذاك الرجل الذي
تبين أن لا يزال حياً , والذي يدعى أن أليسا كانت زوجته . . . فرانكو
فيتللي , لم يتزوج والدتك قط , إذ كان فينللي متزوجاً من قبل , في
أنكلترا . كان منضوياً في فرقة جوالة , وقد تزوج امرأة إنكليزية زواجاً
مدنياً . وعندما انتهت الجولة تركها . يبدو أنه ظن أن زواجاً مدنياً
إنكليزياً لا يحسب له حساب بعد عودته إلى إيطاليا )) .
فقال ليو بحزم : (( كان محقاً , لم يكن ذاك الزواج معترفاً به هنا , في
تلك الأيام )) .

ـ لكنه زواج قانوني . ثمة اتفاقية دولية تنص على أن الزواج
القانوني شرعي في البلد الذي عُقد فيه , هو زواج معترف به في أي
بلد آخر من البلدان الموقع على الإتفاقية , إيطاليا و إنكلترا من الدول
الموقعة , وبالتالي فإن الزواج صالح وشرعي هنا . إذن كان الرجل
متزوجاً في الوقت الذي يدعي فيه أنه متزوج بأليسا , ما يعني أنها كانت
امرأة حرة حين تزوجت من أبيك . وذلك يعني أيضاً أن زواج والديك
قانوني . وهكذا فإن وضعك قانوني أيضاً .
سأله ليو : (( ماذا تعني بأن لديك الإثبات ؟ ما الذي يمكن إثباته بعد
كل هذا الوقت ؟ )) .

ـ يمكن ذلك , مع قليل من البحث .
ـ وأراهن على أنك قمت بهذا البحث .
ـ بالطبع , فأنـا لم أرغب يوماً في هذا كله , ولم أدعِ ذلك أبداً . هذا
كله لك .
نظر ليو من حوله نظرة شخص وقع في الفخ و قال : (( هذا غير
منطقي , عليك أن تنسى ذلك )) .
فصـاح الكونت : (( إنه قانوني , ولا يمكن نسيانه أو تجاهله . أنت
وريثي , وهكذا ينبغي أن تسير الأمور . لطالما كنت الابن البكر . . . )) .
عندئذ , قال ليو بحزم : (( الابن البكر غير الشرعي )) .
ذكره ماركو : (( ليس بعد الآن )) .

فأمره ليو (( إبق خارج الموضوع , أيها . . . المصرفي ! )) .
سكب ماركو لنفسه فنجان قهوة من دون أن يتأثر .
أصر ليو : (( فات الأوان على تغيير أي شيء . أنــا لا أصدق , ولا
أؤمن بهذا الذي تسميه إثباتاً . فهذا الإثبات لن يصمد أمــام أي
محامي . . . )) .
قال غويدو : (( لقد عرضت الأمر على أكثر من محام , كمـا عرضت
عليهم البيانات المصدقة و المسجلة في السجلات الإنكليزية )) .
تحداه ليو : (( و ما رأي فينللي بذلك ؟ أجلبه إلى هنا ليواجهني )) .
ـ توفي فينللي العام الماضي , وليس لدية أسرة , كمـا أن لا أحد في
محيطه على علم بهذا الزواج الإنكليزي .
ـ لا بد من وجود شخص مــا.

ـ هناك السجلات الخطية وحسب .
استشاط ليو غضباً : (( أراهن على أنك فكرت في كـافة التفاصيل )) .
ـ بالطبع فعلت .
سخـر ليو منه : (( أنت تتمتع بهذا , أليس كذلك ؟ )) .
ـ بكل لحظة منه .
ـ هذا يناسبك أنت , لكن مــاذا عن . . . ؟
والتفت ليو إلى سيلينا التي بدت شاحبة و ذاهلة , وهي تراقبه
متضرعة , ثم أنهى كلامه بهدوء بعد أن أمسك بيدها : (( مـاذا عنا نحن ؟ )) .
ونهضت لتقف إلى جانبه . رؤيتهما معاً جنباً إلى جنب أثارت انتباه
الآخرين إلى أن ثمة خطـأ مـا . هذا ليس الإعلان السعيد الذي أراده
الكونت فرانشيسكو .

أخذ الكونت يتململ وينفخ , ثم قال : (( حسناً , على أن أقول إني
توقعت رد فعل أفضل من هذا . توقعت أن يكون هذا اليوم يوماً
عظيماً )) .
فرد ليو بحزم : (( انقلاب حياتك رأسـاً على عقب ليس سبباً ليكون
اليوم عظيماً . والآن , أرجو أن تعذرونـا , أنـا وسيلينا سنصعد إلى
الأعلى , فلدي مـا أقوله لها )) .
خرجا من الغرفة , ويدها في يده , ثم هرولا حتى غابا عن أنظـــار
الآخرين , ولم يتوقفا حتى وصلا إلى غرفته .
ـ ليو , لا يمكنهم أن يفعلوا ذلك بنـا .
ـ لا تقلقي , فلن أدعهم يفعلون .
لكنها لاحظت التردد في صوته ما جعلها ترتجف . لطالما عرفته
كشخص خالٍ من الهموم في مواجهة أي تحد , وكأن لا شيء يخيفه .
لكنها شعرت بأنه ليس واثقاً من قدرته على التغلب على مـا يواجهه
الآن .

قالت بصوت أجش : (( أتعلم ! ثمة أشخــاص يحلمون بذلك ,
وسيقولون إننـا غير منطقيين . ها قد أصبحت فجأة رجلاً مهماً ,
صاحب ميراث عظيم , فِلمَ لسنـا سعيدين ؟ )) .

ـ إنه كابوس . أنـا , كونت ؟ فتى الريف المرتبك هو كل مــا أردته
يوماً . أترغبين في أن تصبحي كونتيسة ؟
ـ أتمزح ؟ أفضــل أن أكون قطعة زبدة .
وتشبثا ببعضهما البعض , بحثا عن الطمأنينة , لكنهما كـانا يعلمان
أنهما يحاربان شيئاً قد يخنقهما .
سمعا طرقاً على الباب , وأطلت دولسي برأسها . فقالت لليو :
(( يريد عمك أن يراك في مكتبه , فلديه أوراق يود أن يريك إياها )) .
ـ تــبــاً !

فقالت بلهجة متعاطفة : (( من الأفضل أن تنتهي من هذه المسألة )) .
انتظر ليو حتى عم السكون في المنزل قبل أن ينسل من غرفته . تباً
للتقاليد ولآداب التصرف , عليه أن يرى سيلينا الليلة .
لكن حين فتح بابها , و جد سريرها خالياً و لم يجد أثراً لها . أضــاء
النور ليتأكد ثم أطفأه مجدداً وتوجه إلى النافذة . كانت القناة الكبرى تمتد
أمام ناظريه , صامتة , غامضة , وكئيبة في جمالها , أكثر من رجل قد
يحسده , هو وريث كل هذا , لكن أراضيه الواسعة هي التي تشده إليها
وتناديه . وكانت غرائزه تشير إليه بأن مشكلة أخرى تنتظره , مشكلة
ستوقع الرهبة في نفسه .
شيء ما لفت نظره وانحنى ليمعن النظر أكثر إلى حيث يشكل القصر
زاوية مستقيمة . استطاع أن يرى عبر النوافذ العريضة شكلاً أبيض
يجول في الغرف الواسعة .

وكأي قصر يحترم نفسه , لهذا القصر أشباحه , لكنها لا تشبه
الشكل الذي رآه . غادر ليو الغرفة على عجل وسارع على الأسفل ,
قاطعاً المبنى , عبر الأرضيات الرخامية التي رددت صدى وقع خطواته
الخفيفة .
وجد الشبح في قاعة الرقص , يسير يائساً قرب النوافذ العريضة
التي تمتد من الأرض إلى السقف . كانت الزخرفة الذهبية من
حولهما , فيما تدلت من السقف ثريات ضخمة من الكريستال , صامتة
في الظلام .
همس اسمها بنعومة فالتفتت تنظر إليه . حتى في هذا الضوء
الخافت , استطاع أن يرى وجهها بما يكفي ليعلم أنه لا يزال مضطرباً
شديد الاضطراب . وفي اللحظة التالية , ارتميا في أحضــان بعضهما
البعض .
صرخت : (( لا يمكنني القيام بذلك . لا يمكنني ذلك وحسب )) .
طمأنها وهو يلمس على شعرها , فيما قلبه مليء بالخوف : (( بل
يمكنك ذلك , يمكنك أن تفعلي أي شيء تصممين عليه . أنـا أعلم ذلك
و إن كنت أنت لا تعلمين )) .

ـ بالطبع , يمكنني أن افعـل كل ما يتطلب جرأة وعناداً , لكــن
هذا . . . قد يحطمني و يسحقني .
هذا ما كان يخشاه , لكنه لم يكن مستعداً للاستسلام بعد .
ـ لن نبقى عالقين هنـا دومـاً . . .
ـ لكننا سنفعل في النهاية .
وابتعدت عنه ثم راحت تذرع الغرفة جيئة وذهاباً قبل أن تضيف :
(( أنظر إلى هذه الغرفة . دولسي ستشعر وكأنها في منزلها هنا لأنها
ترعرعت في مكان مماثل , وهارييت ستكون على ما يرام لأنه مليء
بالقطع الأثرية , لكن أنــا ؟ لقد أمضيت الوقت كله وأنــا أرجو ألا
أصطدم بشيء مـــا )) .
ناشدهــا : (( سيختلف الأمــر مع مرور الوقت , ستتغيرين . . . )) .
فردت بحدة : (( ربما لا أريد أن أتغير , لعلي لا أرى خطباً في مـا أنـا
عليه )) .

ـ لم أقــل . . .
ـ لا , ولن تفعل أبداً . لكن الحقيقة هي الحقيقة , إن نطق بها أحــد
أم لم يفعل . ليو , نحن لا ننتمي إلى عالمين مختلفين فحسب , بل إلى
كوكبين مختلفين , وكونيني مختلفين . وأنت تعرف ذلك .
ـ لقد تغلبنا على هذه الفروقات من قبل .
ـ نعم , بسبب المزرعة , بسبب الأرض و الحيوانات , وكل الأشياء
التي نحبها كلانا . لم يكن المكان الذي جئنا منه مهماً , لأننا كنا
متوجهين في الاتجاه نفسه . لكن الآن . . .
ونظرت من حولها بيأس .
ـ لن يتوجب علينا أن نمضي الكثير من الوقت هنا . . . وستبقى
لدينا المزرعة . . .
ـ أحقــاً ؟ كان من المفترض أن يصبح هذا إرث غويدو وقد فقده
الآن لصالحك . ألن تعطيه ما لديك في المقابل .
هذه الفكرة راودته وعذبت ضميره .

ـ غويدو لا يهتم بالزراعة و تربية الحيوانات . يمكنني أن أعطيه
حصته نقداً . وسأبيع بعض القطع الأثرية من هذا القصر إذا اضطر
الأمـر . كل القطع إذ ما احتجت لذلك .
ـ ونعيش في المزرعة ونترك قصر أجدادك فارغاً ؟
وشدت شعرها القصير بقوة قبل أن تردف : (( لو كان في مكان
آخر , لأمكنك أن تنتقل ببساطة إلى القصر و تشتري بعض الأراضي
الزراعية من حوله , لكن ماذا تستطيع أن تفعل في البندقية ؟ )) .
ـ حبيبتي . أرجــوك . . .
فقالت بسرعة : (( لا تدعُني هكذا )) .
ـ لِمَ أصبحتِ هكذا فجأة . . . والآن ؟
ـ لأن الأمور كلها تغيرت . . . الآن .
ـ إذن , فجــأة لم أعد أستطيع أن أقول لك إني أحبك أكثـــر من
الحياة ؟ لا أستطيع أن أقول إني لا أريد هذا أيضاً , لكنه سيكون محتملاً
إذا ما كنت معي ؟
ـ توقف !

وابتعدت واضعة يديها على أذنيها لئلا تسمع المزيد .
سألهــا بصوت أصبح قاسياً فجــأة : (( لِمَ علي ألا أقول إن حبــك هـــو
كل شيء بالنسبة إلي ؟ لأنك لا تستطيعين أن تقولي الكلام نفسه ؟ )) .
وفي الصمت الطويل الذي تلا كلامه , شعر ليو أن قلبه يكاد
يتوقف عن الخفقان . وأخيراً , همست : (( لا أعلم , آه , ليو , سامحيني ,
لكني لا أعلم , أنــا . . . أنا أحبك . . . )) .
ـ أحقــاً تحبينني ؟

سـألها هذا السؤال بصوت قاسٍ لم تسمعه منه من قبل .
ـ نعم , أحبـك , أحبـك , أحبـك . . .
ومع كل كلمة تكررها , كان اضطرابها يزداد . وتـابعت :
(( أرجـوك , حــاول أن تفهم . . . )) .
ـ أفهم مـاذا . . . أفهم أنك تحبينني حـبــاً مشروطـاً . وفجأة , عندمـا
تصبح الأمور صعبة و شاقة , لا يعود الحب كـافـيــاً .
وضحك ضحكة مرة : (( يا لسخرية الــقـــدر ! إذا مــــــا فقدت كـل قرش
أملكه , فيمكنني أن أعتمد على حبــك . وإذا جبت في الشوارع و أنـــــــا
أتضور جوعاً , فسأكون واثقاً من أنك ستجوعين معي , ولن تتذمري )) .
ـ نعم . . . نعم . . .
ـ وإذا مـــــا اضطررت لبــيــع قميصي فستفعلين مثلي . سنحــارب العـالم
بـأسره معاً وسنكون سعيدين . لكن , إن كنت ثرياً , فهذا يعني المتاعب .
صرخت : (( الأمـر ليس على هذا النحو )) ,
ـ أنــا الرجل نفسه , ســواء أكنت ثرياً أم فقيراً , لـكـنـك لا تستطيعين
أن تحبيني إلا إذا عشنا الحـيــاة التي تريدينها . لكني أريد تلك الحياة
أيضـاً , ولا أريد كل هذا .
ـ إذن , دع كل هذا . قل لهم إنك لا تريد اللقب . لنعـــد إلى المزرعــة
ونعيش بسعادة .

ـ أنتِ لا تفهمين , فــالأمــــور لا تتم بهذه الـــطريقة . أنـــــا أتحمـل الآن
مسؤولية كل هذا , تجاه عائلتي و تجاه الأشخاص الذين يعملون لحسابنا
ويعتمدون علينا . لا يمكنني أن أديـر ظهري لكل ذلك .
و أمسك بها من كتفيها بلطف ثم نظر إلى وجهها , مضيفــاً :
(( عزيزتي , إنها معركة , إنما معركة مختلفة . لِمَ لا تسانديني في هذه , كما
كنت لتفعلي في أي معركـة أخــرى ؟ )) .
ـ لأن كل واحد منـا سيحارب عدواً مختلفاً , وينتهي بنـا الأمـر إلى
مواجهة بعضنا البعض . وهذا ما نفعله الآن , إلى حد ما .
ـ إنه مجرد خلاف بسيط . . .
ـ لكــنــك أطلقت الـــرصــــاصة الأولى في الــــحـرب منـــذ لــــحظـــــات , ألم
تــلاحظ ذلك ؟ قلت (( أنتِ لا تفهمين )) , و أنت مــحق . و مع مـرور الأيام ,
ستـــزداد الأمــــور التي لا أفهــمها , على عكســك . وشيـئاً فشيـئاً , لن تفهم
الأشياء المهمة بالنسبة إلي . وفي النهاية , سنقول لبعضنا البعض (( أنت لا
تفهم , وأنت لا تفهمين )) عشرات المرات في اليوم .

صمتــــا و قــــد تملكهما الخــوف , وكلاهما يرى الشقوق في الأرض
تحت أقدامهما . . . تلك الشقوق التي ستتحول قريباً إلى هوة لا يمكن
للحب أن يردمها . لكن ليس الآن . . لا يـمكنــها مواجهة ذلك حاليـاً .
فقال ليو على عجل : (( دعينا لا نناقش الموضوع أكثر هذه الليـلة .
فكلانـا مصدوم , لندع الأمـر إلى أن نهدأ )) .
ـ نعم , لنفعل ذلك . سنتحدث عندمـا نعود إلى المنزل .
هذا القــــرار أبعــد شبــح المشــاكــل بعض الشيء . وفي هذه الأثـنــاء ,
يمكنهما أن يختـبــئــا ممــــا يحصل . رافقهـا إلى باب غرفتها حيث لامس
خدها بنعومة , وقال : (( حاولي أن تنامي , فسنحتاج إلى قوتنا كلها )) .
ومـا إن أقفلت الباب حتى أبتعد . . . لم يحاول الدخول إلى غرفتها
كما لم تقل له (( ابق معي )) .
أمضى ليو اليوم التالي في اجتماعات مغلقة مع عمه وغويدو
مجموعة من المحامين , فيما جالت سيلينا في البندقية برفقة دولسي
وهارييت . و حــاولت مدة ساعة من الزمن أن تتصرف كما هو متوقع
منها وأن تظهر ابتهاجها , لكن الحقيقة هي أن الأزقة والقنوات الضيقة
كادت تخنقها .

قصدت كاتدرائية القديس مارك حيث تزوج غويدو و دولسي
مؤخراً , وحيث سيتزوج ماركو وهارييت قريباً . وخطر لسيلين بأنها
أشبه بالنملة , وهي تتأمـل المبنى القديم , الذي يردد صدى خطواتهن
وكلامهن , بدا رائعاً , خلاباً , عظيماً لكنه يحول المرء إلى نملة .
فكرت في الكنيسة الصغيرة في مورنزا , وسرها أن قرانها سيعقد
هناك , وليس في هذا المكان الذي يسحقها . وشعرت أن دولسي
تفهمها , فما إن غادرن الكاتدرائية حتى رمقت وجه سيلينا بنظرة ,
و قالت : (( تعالي معي )) .
جرتها إلى منصة رسو قريبة حيث ترسو المراكب التي يستخدمها
سكان البندقية كباصات . وقالت للرجل الذي يبيع التذاكر : (( ثلاث
تذاكر إلى الليدو )) .
ثم وجهت حديثها إلى هارييت وسيلينا : (( سنمضي بقية يومنا على
الشاطئ )) .

ولاحقـاً , قطعن الشاطئ ليسبحن في البحر , وقد أحبت سيلينا
ذلك , فهي لم تعرف في حياتها سوى العمل و الكد , أمـا اللهو تحت
أشعة الشمس و بين الأمواج من دون هدف سوى إمتاع النفس , فهو
تجربة جديدة بالنسبة إليها . وبدأت تفكر في أن العيش في البندقية ليس
سلبياً من كافة الجوانب , بل يجب إعطـاء المدين حقها .
عندما انتهى النهار وحان موعد العودة , بدا لها أن القصر الضخم
يهددها , وينتظر وصولها ليبتلعها . في الواقع , كان القصر مضاء بشكل
جيد , فنوافذه الواسعة تسمح بدخول الضوء إليه لكن بدا لها أنه يرمي
بظلاله عيها ما إن تدخـل .
هناك , وجدت ليو مكتئباً إنما مصمماً . قــال : (( مــا من وسيلة
للخلاص, أمضيت اليوم كله أبحث في مستقبلي مع محامين ومحاسبين
حتى كادت عيناي تصابان بالحول . إنهم يحاولون إيجاد طريقة لكي
أتمكن من لتعويض على غويدو مــادياً , من دون أن أضطـر إلى بيع
المزرعة )) .
ـ وهل يمكن ذلك ؟
ـ إذا ما قمت بتقسيط المبلغ لسنوات .
ـ ومــا رأي غويدو بذلك ؟
ـ اكتـفى بــهز كتــفيــه بــلا مبـــالاة , و قـــــال : (( هـــذا رائــع , مهما
يكن )) . إنه لا يأبه , فهو سعيد لأنه رمة الحمل على كتفي , وكأنه طفل
تمكن من الفــرار من المدرسة . لكن خلف هذا السحـر الصبياني , هناك
رجل أعمال ذكي , فهو يعيش من إيرادات عمله الذي يدر عليه ثروة .
لكن , علي بالطبع أن أقوم بالعمل الصائب بحقه .
ـ وهل سنحتفظ بالمزرعة ؟
ـ نعم , لكن حياتنا ستتغير .
أطرقت برأسها و قالت : (( حياتنا ! ربما كان علي أن أبقى هنا أيضاً
بدلاً من إبعادي )) .

ـ لا أظن أن أحداً سعى لإبعادك , لكننا كنــا نتكلم بالإيطاليـة ,
وما كنت لتفهمي الحديث الدائر بيننا .
كان حري به أن يقطع لسانه قبل أن يتلفظ جملته الأخيرة , لكنها
اكتفت بالابتسام وقالت : (( طبعـاً )) .
ـ أعني أن المحامي و المحاسبين لا يتكلمون الإنكليزية , لذا , كنـا
سنترجم . . .
ـ لا بأس . أنت محق تماماً , فالأمر لا يعنيني فعلاً , أليس كذلك ؟
فقال مشدداً على كلماته : (( كل ما يحصل لي يعنيك . أنا آسف يا
عزيزتي , ربمـا كان عليك أن تحضري الاجتماع , رغم المشاكـل
العملية )).

أومــأت برأسها , وهي لا تزال تبتسم مع أنها بقيت تعامله بفتور .
لكن اليأس و القلق ظهرا جليين على وجهه , فلم تستطع أن تحتمل .
قالت بشكل متقطع وهي تحتضنه : (( أنــا آسفة , ما كان لي أن أتذمر
وأضايقك فيما أنت حزين )) .
فرد وهو يضمها إليه أكثر : (( ابقي معي وحسب , لا تدعيني
أخوض هذه المعركة وحدي )) .
ـ لن أفعل , لن أفعل .
فتنهد : (( لدي اعتراف . لقد أثـار عمي موضوع زفافنا مجدداً .
بالنسبة إليه , لا بد من أن نتزوج في كاتدرائية القديس مارك . فقلت له
إن القرار قرارك أنت ِ )) .
تمكنت من الابتسام , وهي تقول : (( آه , عظيم ! ضع اللوم علي !
كان حري بك أن توافق . لا يمكنك أن تبدأ حياتك الجديدة بمواجهة
عائلتك و محاربتها )) .
ضمها إلى صدره بقوة : (( شكراً لك حبيبتي . سنرحــل من هنا في
الغد )) .

فأصرت : (( ستصبح الأمور على ما يرام عندما نصل إلى البيت )) .
لكن كلماتها بدت فارغة حتى بالنسبة إليها . كان الفزع يتملكها ,
وشعرت بأن فزعه هو يتطابق مع ما يساورها من أحاسيس . وبقيت
تكرر لنفسها بأن كل شيء سيصبح على ما يرام ما إن يخرجا من هنا .
كمـا بذلت جهداً كبيراً لتحــــافظ على تماسكها فيما كــــانـــا يــوضبــان
أغراضهما ليرحلا . بقي أمامهما بضع ســـــاعــات , بضع دقائق . . .
لكنها كانت تعلم أن مـا من مفـر حقيقي . فسيضطران إلى العودة بعـــد
أسابيع ليوقع ليو على بعض الوثائق .
قالت له : (( عد لوحدك )) .
ـ أريدك معي . أنتِ قلت بنفسك إن الأمر يعنيك أيضــاً .
ـ لكن , لا يتوجب علي أن أوقع على أي وثيقة . سأبقى في المنزل
و . . .
فسألها بلهفة : (( وستكونين هنا عندما أعود ؟ هل ستفعلين ؟ )) .
ـ ط . . طبعاً ســأفعل .
ردد بشيء من العنـاد : (( أريدك معي )) .
وفكرت في أنه شعــر بــذلـك أيـــضـــاً . بــدا و كأن شيطانـاً قبيحاً يجلس
على الأرض بينهما , مجبراً كل منهما على الابتعاد , من دون الاعتراف
أبداً بوجوده .

كانت الكونتيسة تسبب لها الاضطراب أكثر من غيره .
فإنكليزيتها ضعيفة بحيث لا يمكنها التــــواصل إلا عبر مترجم , ولم
تكن سيلينا تعرف كيف تفسر عدم لباقتها . لعل السبب هو الخجل أو
الارتباك أو الرفض والاستنكار . وظنت سيلينا أن بإمكانها أن تخمن
السبب .
قبل مغـــادرتها بدقائق , اقتربت الكونتيسة منـــها . لم يكن هنــاك
شخص آخر سواهما , ولاحظت سيلينا أنها تمسك بمعجم في يدها .
قالت بصوت أظهر أنها تعيد كلمات حضرتها وحفظتها : (( أنـــــا
أتكلم . . . معك )) .
حــاولت سيلينا أن تبدو متماسكة : (( نعم ؟ )) .
ـ الأمور . . . مختلفة الآن . . . زواجك . . . علينا أن نتكلم . . .
فقالت سيلينا بــانــفعــــال : (( لكني أعـرف , ليس عليك أن تخبريني ,
فأنـا أعرف كيف لي أن أتزوجه ؟ أنت لا تريدين ذلك وأنت محقة , فأنا
لا أنتمي إلى هذا المكان . أنـا لا أنتمي إلى عالمك . أعلم ذلك )) .
وارتسم على وجــه الكونتيسة تعبير مشــــدود و متـغطـــرس ثـــم أخــذت
نفساً عميقاً . وفي اللحظة التالية تناهى إليها وقع خــطوات على الرخــام
فتراجعت .

ظهــرت بـــقيـــة الأســـرة وأحـــاطت بــهمــــا . وكـــان الـوداع ومحـــاولات
للابتهاج . كان المركب راسيــاً ينتظرهما , فصعدا إليه , وراح مجرى المياه
يبدو أوسع فــأوسع , و كانت هذه بداية المشاكل .


* * *

نهاية الفصل(( العاشر )) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:39 PM   #12

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 04:39 PM   #13

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي







12 ـ
هـل يجعلها الحب . . . كونتيسة ؟


حضرت جينا للفطور تشكيلة متنوعة من الأطباق التي يحبها ليو ,
وراحت تلح عليه لتأكل من كل منها حتى راح يتوسل إليها طالباً
الرحمة . قالت سيلينا : (( سأقوم أنا بالتنظيف يا جينا , أعلم أن أعمالاً
كثيرة تنتظرك )) .
ـ حسناً , سيدتي .
وأومـأت جينا برأسها , ثم مضت في طريقها . قال ليو بعد ذهابها :
(( تقبلتك جينا كسيدة هذا المنزل . لقد قضي الأمر بالنسبة إليها )) .
ـ جينا تسايرني . فأنا لا أعرف كيف أدير منزلاً , وهي أعلم مني
بذلك .

ـ طبعاً , فهذا عملها . وعملك يقضي بأن تتركي كل شيء لها .
لكن , ألم تلاحظي أنها تسألك أنت في هذه الأيام بدلاً مني أنــا ؟
وأراح أصابعه على يدها , قبل أن يهمس : (( سيدة كالـﭭـاني )) .
ـ ليو . . . قلت لك الليلة الفائتة . . .
فتــأوه : (( أملت أن يكون مجرد كابوس , فقد تركتني سريعاً . . . )) .
ـ لا يمكنني أن أتزوجك . لا يمكنني أن أصبح كونتيسة حتى لو
توقفت حياتي على ذلك . لن يعيش عمك إلى الأبد . ماذا سيحدث
عندما حياتي على ذلك . لن يعيش عملك إلى الأبد . ماذا سيحدث
عندما ترث اللقب ؟ ذات يوم , سترغب في أن تحيا حياة كونت بكل ما
للكلمة من معنى , البندقية , القصر , المجتمع , و كل تلك التفاصيل .
ســألهـا مشدوهاً : (( أنــا ؟ سيلينا أرجوك , أنــا رجل ريفي . لا يمكنك
أن تربي الجياد في البندقية , إذ ستغرق )) .
لكن محاولة المزاح لم تأتِ بنتيجة . بدا وجه سيلينا عنيداً كما لم يره
يوماً , فشعر بالقلق , وقال : (( لا أصدق , ظننت أننا اتفقنا على أننا
نحب بعضنا البعض و أننا سنبقى معاً إلى الأبد . فهل فاتني شيء ما ؟ )) .
ـ لا يا عزيزي , فـأنـا أحبك . ليو , ليتك تعلم كم أحبك . سـأبقى
لكن ليس هكذا .

رد بحدة : (( حسناً , هذا من سوء حظنا , لأن (( هكذا )) هو ما أنا
عليه )) .
تكلم بقساوة لم تعهدها فيه من قبل , إلا أن أعصابه كانت مشدودة
للغاية . كان رأسه يؤلمه وقدمه تؤلمه , ومرونته المعتادة في أدنى
مستوياتها . قالت وهي ترفع ذقنها : (( لكن , لا يمكن أن يكون ما أنا
عليه )) .
وفجأة , ظهرت الهوة بينهما مجدداً , وكأنهما لم يتجمعا من جديد .
تجاوزا خلافتهما ثم توجها إلى البندقية لحضور زفاف ماركو
وهارييت . وهناك , ابتسما ولعبا دوريهما بامتياز . كان القصر قد
استعاد لتوه الطبيعية بعد معرض غويدو التجاري , ليعود ويغرق
تحت سيل ضيوف حفل الزفاف .
وفي كاتدرائية القديس مارك المهيبة , راقبت وصول العروس ,
وعلمت أن هارييت في محيطها الطبيعي ههنا . لقد أحاطت بها هالة من
المال و الفخامة وهي تضع يدها على ذراع الرجل الذي تحب و الذي
كان ينظر إليها بعينين مليئتين بالعاطفة . بدا وكأن سعادتهما تـملأ
الكنيسة و تمتد لتشمل الحاضرين كلهم .
التفتت سيلينا , التقت عيناها بعيني ليو . كانت واثقة من أنها
قرأت اللوم فيهما , كما لو أنه يتهمها بحرمانه من السعادة نفسها .
أشاحت بوجهها . لِمَ لا يستطيع أن يفهم أن ما تفعله هو الأفضل
لكليهما ؟
وفي اليوم التالي , تصرف بلطف أثناء وداع العائلة , وغفا طوال
الرحلة إلى المنزل فيما قادت هي السيارة . غادرا متأخرين , وكان الليل
قد أرخى سدوله عندما و صلا إلى المنزل . وكانت سيلينا قد طلبت من
جينا أن تخلد إلى النوم , إلا أنهما وجدا العشاء في انتظارهما .
وفيما كانا يرفعان الأغطية عن الأطباق , سألته : (( لقد أخبرتهم ,
أليس كذلك ؟ )) .

ـ لم أكن بحاجة إلى ذلك , فقد اكتشفوا الحقيقة بأنفسهم . ما انفكوا
يسألونني عن موعد زفافنا , ويمكن للمرء أن يتملص من السؤال مرة ,
لكن إذا تكرر الأمر فسيخمنون الحقيقة .
ـ إذا , أصبحوا يعرفون . لعل هذا أفضل .
ـ سيلينا , ألم يعني لك ما حصل هناك أي شيء ؟ ألم تري ماركو
وهارييت , وكيف التزما تجاه بعضهما البعض ؟ الزواج مهم لهذا
السبب , فمن دونه , ما من التزام . ظننت أننا ملتزمان تجاه بعضنا
البعض , لكنك تقولين لي العكس الآن . ما هو المستقبل الذي ينتظرنا ؟
ـ سنصنع مستقبلنا على طريقتنا . . .
ـ أتعنين على طريقتك ؟ أحبك وأريدك زوجة لي .
قالت بيأس : (( هذا مستحيل )) .
ـ إنه مستحيل إذا ما جعلته كذلك .
ثم أخذ نفساً عميقاً قبل أن يردف : (( المستحيل بالنسبة إلي هو أن
نستمر على هذا الحال )) .
ـ ما الذي تقوله ؟

ـ أقول إني أحبك وإني فخور بك . أريد أن أخرج من الكنيسة
و أنت إلى جانبي , و أن أخبر العالم بأسره أنك المرأة التي اخترتها و التي
اختارتني . أملت أن ترغبي في الشيء نفسه , لكن إذا لم . . .
ـ هيا , أكمل . . .
قـــال , وكأن الكلمات تُنتزع منه رغــماً عنـــه : (( إذا لم ترغبي في
الزواج , فلن يكون لدينا شيء . يمكنك أن تعودي إلى بلادك أيضاً )) .
ـ أتطردني يا ليو ؟
وفجأة , ضرب الطاولة بيده . أثارت هذه الحركة صدمتها , لا
سيما وأنها صادرة عن رجل رقيق ولطيف كليو . ثم صاح بصوت
عالٍ : (( لا , تباً ! أريدك أن تبقي هنا . أريدك أن تحبيني و أن تتزوجيني
وتحملي أطفالي . أريد أن أمضي بقية حياتي معك . لكن , لا بد أن
نتزوج . فهل يبدو هذا و كأني أطردك ؟ )) .
ـ يبدو وكأنك تعطيني إنذاراً .
ـ حسناً , إنه إنذار . إن كنت تحبينني عُشر ما تدعينه فتزوجيني . لا
يمكنني أن أقبل بأي تسوية في هذا الموضوع , فهذا مهم جداً بالنسبة
إلي .

ـ ولكن , ماذا عما هو مهم بالنسبة إلي أنـا .
ـ لم استمع إلا إلى ما هو مهم بالنسبة إليك وحاولت أن أفهم ,
رغم أن تفهمي جعلني أعيش في الجحيم . والآن , حان دوري لأقول
لك ما أريده .
حملقت فيه , في الرجل الذي ظنت أنها تعرفه قلباً و قالباً . لقد فقد
ليو أعصابه أخيراً , ليس بالطريقة شبه الهزلية التي رأتها من قبل حين
راح يصيح غيظاً , بل أظهر غضباً عميقاً و حقيقياً . كانت عيناه لامعتين
وغاضبتين كما لم ترهما يوماً . بدا وكأن القطعة الأخيرة من أحجية
شخصية وجدت مكانها الطبيعي .
وهذا الشعور استمر حتى عندما مرر يده في شعره , وقال : (( أنا
آسف , لم أكن أقصد أن أصرخ بوجهك )) .
فردت بصدق : (( لا مانع لدي في أن تصرخ , فبإمكاني أن أصرخ
بدوري , لأني أجيد ذلك )) .
قال بصوت مرتعش : (( نعم , أعلم ذلك . وأنا لا أمانع أيضاً . ما
لا أتحمله هو الصمت و البعد )) .
وافقته الرأي : (( لقد كثرا في هذه الآونة )) .
وخطت خطوة نحوه , كما تحرك هو في الوقت نفسه , فارتميا في
أحضان بعضهما البعض . كان عناقاً طويلاً ومريحاً , فشعرت أن
مخاوفها ومشاعرها المتوترة خفت . فقالت : (( إياك أن تخيفني هكذا
مجدداً , ظننت أنك تعني ما قلته فعلاً )) .
أطلق سراحها : (( لقد عنيت ذلك )) .

تراجعت خطوة إلى الخلف : (( لا , ليو , أرجوك . . . اسمع . . . )) .
قال بحزم : (( استمعت بقدر ما استطعت , لا يمكنني أن أعيش حياتين )) .
ـ وستدعني أرحل فعلاً ؟
ـ عزيزتي , إذا حاولنا أن نستمر على طريقتك فسننفصل عاجلاً
وليس أجلاً , وسنفترق بائسين . لن يبقى لنا سوى الذكريات المرة .
من الأفضل أن نفترق الآن , فيما لا يزال لدينا الحب لنتذكره .
أجهشت سيلينا بالبكاء و قالت : (( ماذا سنفعل ؟ )) .
ـ أولاً , سنتناول بعض الطعام ثم سنتناقش كشخصين متحضرين .
إلا أنهما لم يتمكنا من التحدث . فقد حدد كل منهما موقفه واعتبر
أن الآخر عديم التأثر . ماذا بقي ليُقال بعد ها ؟
شعرا بالراحة حين لجأ كل منهما إلى غرفته . لكن , وبعد أن
استلقت مستيقظة لساعات , ارتدت سيلينا ملابسها , ونزلت إلى الطابق
السفلي . لم تضئ الأنوار , بل راحت تسير من غرفة إلى أخرى بصمت
وهي تتساءل إن كانت سترحل عن هذا المكان قريباً . من السهل أن
تعود إلى ليو وترتمي في أحضانه وتعده بالزواج , فأي شيء أرحم من
تركه و الرحيل عنه . لكن اقتناعها بأنهما سيدفعان غالياً ثمن سعادتهما
المؤقتة , أثقل كاهلها . يمكنها أن تخاطر بنفسها ولكن ليس به . وأخيراً ,
جلست على الأريكة قرب النافذة , ووضعت يديها خلف رأسها ثم
استغرقت في النوم بعد جهد جهيد .

أيقظتها يد هزت كتفها . قال ليو : (( عزيزتي , استيقظي )) .
سألته بتصلب : (( كم الساعة الآن ؟ )) .
ـ إنها السابعة صباحاً , لدينا زوار , أنظري .
خرجا إلى الفناء للقاء السيارتين اللتين تصعدان المنحدر
و المعروفتين جيداً من قبلهما . قالت : (( إنهم أفراد الأسرة . لكننا
ودعناهم بالأمس فقط . لِمَ تبعونا إلى هنا ؟ )) .
توقفت السيارتان , وخرج غويدو ودولسي أولاً . ومن السيارة
الثانية , ترجل الكونت و الكونتيسة , ما فاجأهما .
أعلن الكونت كالـﭭـاني : (( نحن هنا لحل مسألة هامة جداً . أصرت
زوجتي على أن تتحدث إلى سيلينا . ونحن نسافر كحاشية لها وحسب )) .
قال ليو : (( ادخلوا , فالطقس بارد في الخارج )) .
في ت اكتشاف ما يجري . لِمَ تريد هذه المرأة رؤيتها ؟ لِمَ تنظر إليها بهذا
الإلحاح ؟ .

قالت : (( هلا أخبرني أحدك ما يجري ؟ )) .
فقالت ليزا ببطء : (( جئت إليك لأن ثمة أشياء . . . )) .
ترددت وعبست ثم أضافت : (( . . . أشياء لا يمكن أن يقولها أحد
سواي )) .
قالت دولسي : (( نحن هنا لنساعدها إذا ما تعثرت لغتها . لقد
عملت جاهدة لتعلم من أجلك , وتريد أن تقول ما لديها بنفسها )) .
عندئذ , تدخلت ليزا : (( حاولت من قبل , لكن حينذاك . . . لم
أجد الكلمات . . . و أنت لم تستمعي )) .
قالت دولسي : (( عندما زرت البندقية للمرة الأولى , حاولت ليزا
أن تتحدث إليك , لكنك هربت )) .
فردت سيلينا : (( لم تكن بحاجة لأن تقول لي أني الشخص غير
المناسب لليو , فـأنـا أعرف ذلك )) .
قاطعتها ليزا بحزم : (( لا , لا , لا ! عليك أن تتكلمي أقل وتصغي
أكثر . أفهمت ؟ )) .

رد ليو على الفور : (( نعم )) .
ابتسمت سيلينا على نحو غير متوقع وردت : (( نعم )) .
تكلمت ليزا بعنف : (( حسناً , جئت لأقول . . . إن ما تفعلينه
رهيب . . . كما فعلت أنـا . يجب ألا تفعلي )) .
سألتها سيلينا بحذر : (( ما الأمر الرهيب الذي أفعله ؟ )) .
قال غويدو : (( بعدما أخبرنا به ليو , عقدنا اجتماعاً عائلياً الليلة
الماضية ورأينا أن علينا أن نأتي إلى هنا ونزرع في رأسك بعض التعقل .
لكن ليزا كانت أكثرنا اندفاعاً )) .
أعلنت ليزا بحزم : (( و الآن ستأتين معي )) .
ووضعت فنجان القهوة من يدها ثم توجهت نحو الباب .
سألها ليو : (( هل أستطيع أن أرافقكما ؟ )) .
نظرت إليه ليزا : (( وهل ستبقى هادئاً وساكتاً ؟ )) .
فرد بخنوع : (( نعم )) .

تقدمتهما قائلة : (( يمكنك أن تأتي )) .
سألته سيلينا : (( ما الذي تفعله ؟ )) :
ـ أظن أني أعرف . يمكنك أن تثقي بها .
تبعهما إلى السيارة و ساعد ليزا على الصعود إليها , فيما صعدت
دولسي خلف المقود .
قالت ليزا : (( توجهي إلى مورنزا , ومن ثم . . . أكملي حوالي ميلين
حتى . . . المزرعة )) .
اتبعت دولسي التعليمات , وما لبثوا أن أصبحوا في الريف , تحيط
بهم الحقول التي تتخللها بين الحين والآخر بعض المنازل الصغيرة .
وتبعهم الآخرون في السيارة الثانية .
قالت ليزا وهي تشير إلى إحدى المزارع : (( هناك )) .
استدارت دولسي وقطعت المسافة القصيرة المؤدية إلى مجموعة
الأبنية . رفع رجل في متوسط العمر رأسه و رحب بليزا . لم تسمع سيلينا
الكلمات التي تبادلاها . قادت ليزا المجموعة التي تجاوزت المنزل
واتجهت إلى مجموعة من المباني الخارجية , ومن ثم إلى زريبة للأبقار .
كان البناء كبيراً , مليئاً بالحيوانات , إذ وصلوا في موعد الحلب .
استدارت ليزا وواجهت سيلينا : (( لقد ولدت هنا )) .
عبست سيلينا : (( تعنين . . . في المنزل ؟ )) .

ـ لا , أعني هنا , في هذه الغرفة حيث نقف الآن . كانت والدتي
خادمة وقد عاشت هنا مع الحيوانات . في تلك الأيام . . . كان هذا
يحصل أحياناً . كان الفقراء يعيشون على هذا النحو . وقد كنا فقراء ,
فقراء جداً .
نظرت سيلينا من حولها بعجز : (( ولكن . . . )) .
ـ لم أولد سيدة مجتمع , ألم تكوني على علم بذلك ؟
ـ نعم , علمت أنك لم تولدي وأنت تحملين لقباً , لكن . . .
هذا . . .
أومأت ليزا برأسها : (( نعم , (( هذا )) . في تلك الأيام , كان ثمة . . .
هو سحيقة بين الغني و الفقير . لم تكن أمي متزوجة , لم تقل لي يوماً
اسم والدي , وقد لحق بها العار . حصل هذا منذ سبعين عامـاً ,
أتفهمين ؟ لم تكن الأحوال كما هي الآن . عندما كنت طفلة . . . توفيت
والدتي فوضعوني في المنزل لأعمل . كانوا يقولون لي دوماً . . . إني
محظوظة لأني أحصل على الطعام و العمل , فأنا طفلة غير شرعية , ولا
أتمتع بأي حقوق , ولم أتعلم يوماً .

(( لكن ماريا رينوتشي أنقذتني . فهذه الأراضي . . . كانت مهرها
عندما تزوجت الكونت أنجيلو كالـﭭـاني . لقد رثت لحالي و أشفقت
علي . . . فأخذتني معها إلى البندقية . وهكذا , تعرفت إلى عزيزي
فراتشيسكو )) .
وتورد وجهها فيما التفتت إلى الكونت الذي كان يتأملها مبتسماً .
تابعت وهي تبتسم له بدورها : (( ليتك رأيته حينذاك ! كان شاباً
وسيماً . . . أحبني و أنـا أحببته أيضاً . . . لكن . . . لا فائدة . عليه أن
يتزوج . . . سيدة تليق به . طلب مني الزواج , لكني رفضت . كيف
يمكن له أن يتزوجني ؟ وبقيت أرفض أربعين سنة . ثم . . . فهمت . . أني
أقترف خطأ فظيعاً . والآن , جئت لأقول لك . . . لا ترتكبي الخطأ
نفسه )) .

تمتمت سيلينا : (( لكن ليزا . . . أنت لا تعلمين . . . )) .
فقالت ليزا بصراحة تامة : (( لا تكوني غبية . بالطبع , أعلم . اسمعي
ما سأقوله . الناس يعتقدون أن . . . لعب دور سندريلا أمر رائع .
لكني أقول العكس , فهو أحياناً . . . عبء ثقيل )) .
ارتاحت سيلينا لأنها وجدت أخيراً شخصاً يفهم مشاعرها ,
وقالت : (( نعم , نعم )) .
لكن ليزا قالت بقوة : (( لكن , إن كان هذا قدرك , فعليك أن تتقبلي
العبء . . . وإلا فسوف تفطرين قلب الأمير الساحر )) .
وأمسكت بيد زوجها الذي كان ينظر إليها بعينين تعكسان عالماً من
الحب . ثم تابعت كلامها بحزن : (( الناس ينظرون إلينا فيخطر لهم أن
قصتنا رومانسية لأن نهايتها كانت سعيدة , إلا أنهم لا يرون ما نحمله
هنا . . . )) .
وأشارت إلى صدرها قبل أن تردف : (( . . . ما آسف له هو أن
حبنا لم يكتمل إلا في النهاية . كان بإمكاننا أن نسعد منذ وقت طويل ,
كما كان بإمكاني أن أرزق بأطفال ؟ لكني أضعت تلك السنوات كلها
لأني أعطيت الأهمية لأمور لا تستحق تلك الأهمية التي منحتها إياها )) .
تقدم ليو بهدوء حتى وقف إلى جانب سيلينا , وقد بدأت الآن تجد
كلماتها بسهولة كما لو أنها عثرت على المفتاح .
ـ لم يقدرك أحد في حياتك كلها , ولهذا لم تتعلمي أن تقدري
نفسك . و بالتالي , كيف يمكنك أن تفهمي ليو , الذي يقدرك أكثر من
أي شيء آخر في العالم ؟ كيف يمكنك أن تتقبلي حبه عندما تعتقدين أنك
لا تستحقين الحب ؟
سألت سيلينا مشدوهة : (( هل هذا ما أعتقده ؟ )) .

ـ هل أحبك يوماً أي شخص آخر ؟
هزت سيلينا رأسها : (( لا , أنت محقة . كبرت و أنا أعتقد أنه لا يحق
لي هذا القدر . . . )) .
رأت ليزا تومئ برأسها بتفهم شمل المرأتين فقط : (( . . . وعندما
أحبني ليو , ظللت أفكر في أنه ارتكب غلط وأنه سيسقط سريعاً
ليدرك أن هذا أنا ليس إلا )) .
رددت ليزا : (( أنت ليس إلا . المرأة التي يحب , المرأة الأولى التي
يطلب يدها للزواج . وأظن أنك المرأة الأخيرة . لا تؤذيه كما أذيت
حبيبي فرانشيسكو , بل ثقي به , ثقي بحبه لك , وثقي بحبك له . لا
تقترفي خطئي وترمي سعادتك بعيداً حتى يكاد يفوت الأوان )) .
التفتت سيلينا إلى ليو وجدته ينظر إلى وجهها بقلق . صدمها هول
ما كادت تفعله به , فلم تستطع كبح الدموع التي انهمرت على وجنتيها .
قالت بصوت متقطع : (( أحبك , أحبك كثيراً . . . ولم أفهم يوماً
أي شيء )) .

فقال بحنان : (( ما كنت تعرفين معنى العائلة وحسب . والآن ,
أصبحت تعرفين )) .
الكل يريدها . العائلة كله فتحت ذراعيها وقلبها لها , هي التي لم
تعرف يوماً أنسباء يمكن أن تتذكرهم . . . أو يرغبون فيها .
وأضاف ليو على الفور : (( تزوجيني , دعيني أسمعك توافقين )) .
لم تستطع أن تتلكم , فاكتفت بأن أومأت بقوة فيما أخذها بين
ذراعيه وضمها إليه . أحنى رأسه بحيث أراح ذقنه على رأسها . إنها كنزه
المفقود و الذي عثر عليه من جديد . فقال : (( لن أدعك ترحلين مجدداً )) .
حددا موعد الزفاف في أقرب فرصة ممكنة , قبل انتهاء الشتاء .
وكان الكونت كالـﭭـاني سعيداً جداً بأن يرحب بسيلينا كفرد من الأسرة
بعد أن أذعن أخيراً بالنسبة لكاتدرائية القديس مارك وأقر بسرور بأن
كنيسة القرية في مورنزا هي المكان المناسب لهذا الزفاف . حجزا الموعد
في الكنيسة الصغيرة , وأصابت المنزل حمى النظيف استعداداً لاستقبال
الضيوف .

من جهة العريس , ستحضر أسرة كالـﭭـاني كلها التي أصبحت عائلة
سيلينا أيضاً . كما دعت سيلينا (( بين )) , الصديق الوفي الذي ساعدها
كثيراً في الماضي , وزوجته مارثا , وأرسلت لهما تذكرتي سفر . ويوم
وصولهما , ذهبت مع ليو إلى المطار لاستقبالهما . وما كان العرس
ليكتمل من دون حضور أسرة هانوورث كلها , باستثناء بولي , الذي
وجد ما يشغله . ذهب ليو وحده لاستقبالهم , وترك سيلينا مع بين
ومارثا ليستعيدوا ذكريات الماضي .
ومع انقضاء النهار , تعاظم شعور سيلينا بأن ثمة سر يعرفه الجميع
باستثنائها . كانت الخادمات يقهقهن في الممرات ليختفين عند اقترابها .
كما سألتها جينا عما إذا كان ليو قد قدم لها هدية الزفاف .
أجابت سيلينا بارتباك : (( ليس بعد )) .
فأشارت جينا : (( ربما تحصلين عليها اليوم )) .
ثم ابتعدت مبتسمة . ومرت الساعات , وبدأت تشعر بالتوتر . كان
لا بد أن يصلوا إلى المنزل الآن . وفي أواخر بعد الظهر , جاءت جينا
تبحث عنها .

ـ أظن أن عليك أن تنظري من النافذة يا سيدتي . فثمة شيء في
الخارج عليك أن تريه .
توجهت سيلينا وقد تملكتها الحيرة إلى النافذة لتنظر إلى الطريق
المؤدي إلى القرية , فرأت مجموعة صغيرة تتجه ببطء نحو المنزل . عرفت
بارتون وداليا وبقية أفراد الأسرة . لكنها عرفت أيضاً شكلاً ما كانت
تجرؤ على أن تأمل رؤيته مجدداً .
صرخت : (( أليوت ! )) .
وخرجت مسرعة من المنزل .
كان ليو يسير في الطليعة وقد أمسك بلجام أليوت , فابتسم
ابتسامة عريضة عندما رآها . كان الكل يبتسم حين اقتربت على عجل
ووضعت يديها حول عنق الجواد العجوز .
التفتت نحو أسرة هانوورث : (( أنتم . . . أتيتم به معكم ؟ )) .
فقال بارتون بابتهاج : (( طبعاً , حبكنا أنا وليو الموضوع معاً ,
وأقسم على ألا يدعك تعلمين )) .
وتذكرت سيلينا أصول حسن التصرف , فعانقت داليا وبارتون
ومن ثم الفتاتين . كانت لتعانق جاك أيضاً لكنه أوقفها عند حدها بعد
أن رمقها بنظرة صبيانية . وانهمرت الدموع على خديها وهي تقول :
(( أليوت , أليوت . . . )) .

وقال ليو : (( لهذا السبب تأخرنا . تطلب إنزاله من الطائرة وإنهاء
المعاملات الرسمية وقتاً . لم أرَ في حياتي هذا القدر من الوثائق , لكننا
تمكنا في النهاية من إدخاله . على فكرة , العرض لا يزال سارياً بالنسبة
إلى جيبرز )) .
وافقت سيلينا : (( من الأفضل أن أقبل بالعرض , فهو جواد ممتاز
للسباق . أمـا أليوت . . . )) .
وقبلت أنف الجواد مجدداً قبل أن تضيف : (( . . . فيحتاج إلى
الراحة و الحب فقط )) .
وصل أفراد أسرة كالـﭭـاني في اليوم التالي , وانسجموا على الفور مع
أسرة هانوورث . وفي الحفل الصاخب الذي أقيم بعد وصول الجميع ,
لاحظت سيلينا أن ليزا تبدو متعبة فرافقتها إلى الطابق الأعلى لتستريح
في سريرها .

كان الزفاف مناسبة عائلية حقيقية , لكن العائلة ضمت هذه المرة
أبناء القرية كلهم . بعد أن خرج ليو مع سيلينا من الكنيسة ودارا حول
بركة البط ثلاث مرات , كما تجري العادة في مورنزا , شرعا في صعود
التلة , وقد تبعهما كل من يستطيع السير من أبناء القرية ومن
المستأجرين .
عند بوابة المزرعة , هلل لهم الحشد قبل أن يتوجه أبناء القرية إلى
القاعة العامة حيث أعدت لهم مأدبة .
تساءلت سيلينا عما كان سيحصل لو لم يعدها غويدو بالحيلة إلى
إيطاليا . ومع تراجع صخب الحفلة , أسرت لزوجها تذكره : (( أعتقد
أننا ندين بالكثير لغويدو . لو لم يتمكن من حبك قصة جيدة , لما كان
أي منا هنا )) .
ـ أظنك محقة .

قال غويدو و كان النعاس قد بدأ يداعب أجفانه ويخفض دفاعاته
وإلا لما تلفظ بالكلمات التالية : (( كلنا نتمتع بهذه المؤهلات الصغيرة :
اختراع القصص , التزوير . . . )) .
غويدو . . . سيد الخُدع و السحر , رجل الأقنعة و الأوهام , ابن
البندقية !
صاح ليو : (( آه , لا ! لم تفعل هذا بي ! قل لي إنك لم تفعل )) .
نظر إليه غويدو ببراءة ورقة : (( من ؟ أنـا ؟ )) .
ـ نعم , أنت يا أخي ! أيها المخادع , الجبان , العديم الضمير . . .
ووضع كأس العصير من يده ثم راح يتقدم من غويدو الذي تراجع
حذراً .
ـ ليو , لا تُقدم على شيء ستندم عليه . . .
ـ لن أندم على أي شيء أفعله بك .

لكنه توقف بعد أن سمع صوتاً لم يتوقع أي من الحاضرين سماعه في
تلك اللحظة . فقد انفجرت سيلينا بالضحك , فاسترخى الآخرون
وبدأوا يبتسمون مع تردد صدى قهقهاتها في الغرفة .
ـ سيلينا , حبيبتي . . .
غصت وهي تقول : (( آه , يا إلهي ! أكــاد أموت من الضحك ! لم
أسمع نكتة أفضل من هذه منذ سنوات )) .
ـ حسناً , يسرني أن تجدي الأمر مسلياً . . .
ـ وجدت منظرك مسلياً يا عزيزي .
ووضعت يديها حول وجهه ثم عانقته , وهي لا تزال تضحك .
مرحها كان معدياً , فلم يستطع أن يمنع نفسه من أن يشاركها
الضحك رغم استيائه . وسألها : (( لكن , ألا تدركين ما فعله غويدو بنا ؟
لقد زور الدليل )) .

ـ هل فعل هذا حقاً ؟ هل أنت واثق من ذلك ؟ فهو لم يتعرف
بفعلته .
فأشار ماركو وهو يرمق غويدو بنظرة تقدير : (( ولن يخبرك أبداً ,
بطريقة أو بأخرى . لكني أراهن أنه بريء , علماً أنه يؤلمني أن أجده
بريئاً من أي ذنب )) .
مرر غويدو إصبعه في ياقته . وتابع ماركو كلامه : (( أظن أن ما
حصل كالتالي : لق سمع بزواج فينللي في إنكلترا , فاستخدم جيشاً
من التحريين ليكشف حقيقة الأمر . على أي حال , لدينا تحر خاص في
العائلة )) .
و التفت إلى دولسي بعينين ضاحكتين , ثم أضاف : (( أجرؤ على أن
أقول إنها عرفته ببعض منهم ؟ )) .
أمسك غويدو بيد زوجته وهمس : (( لا تقولي أي شيء )) .
فقال ماركو : (( إنها نصيحة حكيمة للغاية . حسناً , هذه هي نظريتي
في المسألة )) .

سأله ليو : (( أتظن أن الوثيقة حقيقية وشرعية ؟ وليست تزويراً ؟ )) .
ـ أشك في أن يكون قد زور أي شيء , علماً أنه سيدعك تعتقد
ذلك لكي يضايقك ويثير غضبك .
قال ليو : (( ســأحطم كل عظمة من عظام جسده )) .
هب غويدو واقفاً وقال : (( لا تستخدم العنف . تذكر أني سأصبح
أباً )) .
فهمس ماركو في أذن ليو : (( وهنا , يمكنك أن تثأر منه )) .
ـ ماذا تعني ؟
طرح الأخوان السؤال نفسه في آنٍ واحد .
ـ يميل الأولاد إلى سلوك السبيل المعاكس لسبيل أهلهم . وقد يندم
غويدو إذا ما رغب ابنه في كل ما تخلى عنه هو بسهولة . وعندما يحل
هذا اليوم , سيضطر إلى تقديم بعض التفسيرات .

ذكره ليو : (( لكنك قلت للتو . . . إنه لم يزور الدليل )) .
ـ حسناً , لا أظن أن أي شخص حتى غويدو قد يذهب إلى هذا
الحد .
تأوه ليو : (( كيف لنا أن نتأكد ؟ )) .
قال ماركو : (( هذا سهل , راجع السجلات الإنكليزية , وستجد
الجواب هناك )) .
فقالت سيلينا : (( لكن , دعونا لا نفعل ذلك . دعونا لا نعرف ,
وإلا سيصبح الأمر مملاً )) .
ســألها ليو بحنان : (( هل ســأفهمك يوماً ؟ )) .
فردت ببساطة : (( لكنك تفهمني . لطالما فهمتني , حتى حين لم أكن
أفهم نفسي )) .

لمست وجهه وقالت بنعومة : (( لقد حصلت على الجائزة , وكدت
أتخلى عنها , لكني لن أتخلى عنها مجدداً , لن أتخلى عنها لبقية حياتي ,
أبداً , أبـداً )) .

* * *

تمت بحمد الله و فضله


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 29-09-17, 04:36 AM   #14

soso shb

? العضوٌ??? » 407589
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 19
?  نُقآطِيْ » soso shb is on a distinguished road
افتراضي

هودشكر الجزيل على مجموعة رائعه

soso shb غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-17, 02:42 PM   #15

Libra Sky

? العضوٌ??? » 367540
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 3,509
?  نُقآطِيْ » Libra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond reputeLibra Sky has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Libra Sky غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-17, 03:08 PM   #16

رارا84

? العضوٌ??? » 391042
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 434
?  نُقآطِيْ » رارا84 is on a distinguished road
افتراضي

شكررررررررررررررررررررا

رارا84 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-17, 09:22 AM   #17

monytata
alkap ~
 
الصورة الرمزية monytata

? العضوٌ??? » 95752
?  التسِجيلٌ » Jul 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,338
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » monytata is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شكرا كتير يعطيكى الف عافيه على الموضوع الرائع

monytata غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-17, 07:44 PM   #18

Nermin_nano

? العضوٌ??? » 397788
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 136
?  نُقآطِيْ » Nermin_nano is on a distinguished road
افتراضي

شكرااااااا كتييييير ... الرواية فعلا حلوة كتير

Nermin_nano غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-17, 12:32 AM   #19

Dana0099

? العضوٌ??? » 399669
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Dana0099 is on a distinguished road
افتراضي

شكراً على الرواية

Dana0099 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-17, 12:17 PM   #20

تاليآ

? العضوٌ??? » 381345
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 157
?  نُقآطِيْ » تاليآ is on a distinguished road
افتراضي

الله يعطيك الف الف الف عافيه ،،،

تاليآ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.