آخر 10 مشاركات
وكأنها رملة..! (59) -قلوب نوفيلا- للآخاذة: eman nassar [مميزة] *كاملة &الروابط* (الكاتـب : eman nassar - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          [تحميل] تائهون إلى أن يشاء الله ، للكاتبة/ رررمد " مميزة " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          213 - لم أعد طفلة - بيني جوردان (الكاتـب : PEPOO - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          4-عاصفة في عينيه-ليليان بيك-كنوز أحلام (حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          سيمفونية الجليد والنار(117)-ج3 أسرار خلف أسوار القصور - noor1984*الفصل17ج1* *مميزة* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-09-17, 06:32 PM   #11

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:33 PM   #12

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


9 ـ

بين ذراعيك



أمضت هارييت عدة أيام في متحف الفاتيكان روحت فيها قليلاً عن

نفسها . ظنت أن استغراقها في العالم الذي كان دوماً يمنحها القوة ,

سيساعدها على نسيان (( كورزينا )) . لكن التعويذة فشلت هذه المرة . فقد

كانت أفكارها تعود إلى ذلك الباب الذي أوشك أن يتفتح , ثم عاد فانغلق ,

الأمر الذي جرحها في الصميم . فماركو قد جرب الباب فقط ليرى إن كانت

تركته مفتوحاً لأجله , ثم رفضها . أي رسالة أوضح من هذه ! أما في رحلة

العودة , فما كان لحد أن يتبين شيئاً , إذا بدا كل شيء عادياً . ربما لم يكن

هناك شيء بالنسبة له , شعرت بمرارة .

عادت إلى البيت في اليوم الثالث لتجد لوشيا متلهفة إلى رؤيتها : (( اتصل

أبوك وهو متشوق للغاية لرؤيتك . ونحن الثلاثة مدعوون للعشاء غداً

مساء . حاولت أن أستدعيك أنت وماركو لكن هاتفكما كان مقفلاً . ولهذا

قبلت الدعوة بإسمكما , فهل كان عملي صواباً ؟ )) . ـ

ـ طبعاً . إنه أبي . كيف بدا صوته ؟

ـ مبتهجاً لخطبتك , وهو مشتاق إليك . بدا ودوداً جداً . آسفة يا

عزيزتي , ولكن إذا كان جيداً معك فعليك أن تسامحيه .

جاء ماركو ليتناول معهما العشاء فسمع القصة من لوشيا :

ـ وهذا يجعل برنامجنا ضيقاً حيث أن علينا أن تستعد للسفر إلى البندقية

لحضور العرسين . ولكن عندما اقترحت إرجـاء دعوة العشاء إلى ما بعد ـ

رجوعنا , أصر بشدة على أن تكون الدعوة غداً . من الطبيعي أن يكون متلهفاً

بهذا الشكل لكي يراك .

ـ إن برنامجنا أضيق مما تظنين , يا أمي . كنت أنوي أن أنام في المكتب

لأنهي أعمالي قبل السفر إلى البندقية .

ـ أظن بإمكانك أن تطلب من عمك وغويدو أن يؤجلا عرسيها .

قالت هارييت هذا لماركو بلهجة تقريع اعتادت أن تستعملها معه غالباً

فقال وقد بدا أنه يفكر في الأمر جدياً : (( هذا صحيح . لكنهما كانا غير

منطقيين بتحديد موعد عرسيهما من دون استشارتي )) .

وابتسم لها ليريها أنه يشاركها النكتة . وتساءلت هارييت عما إذا كانت

فعلاً تمزح . فهذه هي المرة الأولى التي تراه فيها منذ رحلتهما إلى (( كورزيتا )) ,

وكان قد أخبرها لتوه أنها بعد غد لن تراه مرة أخــرى لــعدة أيام . وتملكها

الذعر وهي تكتشف أنها ارتاحت لهذا , ولكي تصرف ذهنها عن ذلك ,

أخذت تفكر في أبيها فقالت للوشيا ضارعة : (( أخبريني عما قاله )) . ـ

ـ مجدداً ؟ لا بأس يا حبيبتي , فأنا متفهمة . لقد سأل عنك عدة مرات .

هل أنت بخير ؟ هل أنت سعيدة بخطبتك , وهل بإمكانه أن يسلمك إلى

ماركو بضمير مرتاح ؟ كل الأسئلة التي يلقيها أي أب محب .

فقال ماركو ساخراً : (( والتي أمضى وقتاً طويلاً قبل أن يلقيها . أتســاءل

عما يكمن خلف هذا الاهتمام )) .

فهبت هارييت في وجهه : (( وهل اهتمام أبي يحتاج إلى توضيح ؟ )) .

ـ اهتمامه المفاجئ يحتاج إلى ذلك . ـ

ـ لأنني مخطوبة , ألا يكفي هذا ؟

ـ نعم , أظن ذلك . والآن تأخر الوقت ويجب أن أذهب .

في المساء التالي , ارتدت هارييت ثوباً حريرياً أنيقاً أسود اللون محكماً

على جسمها , وملائماً تماماً مع التاج الماسي الذي أهداها إياه ماركو والذي

وضعه لها المزين على شعرها بعد أن رفعه إلى أعلى .

تلمست أحجار الماس بالبرودة نفسها التي حاول بها إفساد سهرتها

سلفاً , من خلال التشكيك بأبيها . قد يكون خشناً , عديم الإحساس , لكنها

شعرت بأن تعمد ذلك رغبة منه بجرح إحساسها .

توجهت هارييت ولوشيا معاً في سيارة خاصة إلى منزل عائلة دستينو ,

في حين كان على ماركو أن يوافيهما بعد عمله مباشرة , كان والد هارييت

يعيش في أكثر مناطق روما حداثة قرب كنيسة القديس بطرس , وعندما

وصلتا رأتا ماركو خارجاً من سيارته , فأخذ يتأمل روعة هارييت وأناقتها

ثم أومأ برأسه : (( كنت أعلم أن التاج يلائمك . لا يمكن لأي امرأة أن تلبسه

سواك )) . ـ

وعندما اقتربوا من الباب الأمامي العريض المشرع الذي تنساب منه

الأنوار على الحدائق , ظهر أبوها فاتحاً ذراعيه وهو ينظر إليها : (( هارييت , يا

ابنتي العزيزة , مضى وقت طويل ! )) .

عانقها بحرارة للمرة الأولى منذ سنوات . وكان يضع عطراً خانقاً

فجاهدت كيلا تجفل . بدا أكبر من عمره وسميناً جداً . وأنبأها حدسها بأن

هناك شيئاً زائفاً ومبالغاً فيه في استقباله لها . لكنه أبوها وقد طال شوقها إلى

هذه اللحظة , لذا ابتسمت وحدثت نفسها عن روعة ذلك . ـ

تدفقت ابتساماته للوشيا , وحيا ماركو وكأنه أخ قد فقده منذ زمن

بعيد . وكان ماركو كعادته , مهذباً دمثاً , لكن تصرفاته كانت تنقصها

الحرارة . فقد أثار اشمئزازه تذلل هذا الرجل وتزلفه , وأحست هارييت

بذلك بالرغم أن أباها لم يحس به , ولا زوجته أيضاً . رأت هارييت أن زوجة

أبيها الشريرة قد حلت مكانها امرأة نحيلة قصيرة , القامة , أصبحت فجأة

متلهفة إلى إعلان نسبها من ابنة زوجها التي كانت سابقاً تحتقرها .

وحدها أولمبيا تصرفت بشكل طبيعي . قبلت ماركو على وجنتيه وكأنها

أخته الصغرى وعانقت لوشيا وهارييت ثم راحت تساير الجميع لتخرجهم

من الشعور بالحرج .

عندما ابتدأ بقية الضيوف يتوافدون , راح غويزيب دستينو يرحب بهم ,

فأخذت هارييت أختها جانباً , مقاومة محاولة أولمبيا الهرب .

ـ عزيزتي . علي أن أستقبل الضيوف , أنا حقاً مشغولة جــداً .

ـ يمكنك أن تقومي بذلك بعد أن تمضي بعض الوقت معي . لماذا

يتصرف أبي وكأنه لم يعرف بخطبتي إلا الآن ؟

ـ لأن هذه هي الحقيقة . الرسالة الهاتفية التي تركتها له عند وصولك لم

تصله قط . أمي ألغتها . ـ

ـ لكنك عرفت ذلك في حفلة مانيللي . ألم تخبريه . . ؟

ـ لا , لم أخبره لأنني خفت أن يزداد جنونه مني كما حدث عندما عرف

بأنني رفضت خطبة ماركو . إنه اللقب . كمـا تعلمين .

ـ لكنه ليس لقب ماركو . ـ

ـ يا عزيزتي إنه إبن أخ (( كونت )) . أبي رجل متكبر , وأمـي أسوأ منه .

حقاً علي أن أذهب . هناك من يناديني . . .

وأسرعت مبتعدة تاركة هارييت تستوعب ما قرأت بين السطور . أراد

أبوها أن يكون ماركو في أسرته بصفته زوج أعز ابنتيه عليه , لكن أولمبيا لم

تتكرم عليه بذلك . فتذكر أن هارييت هي أيضاً ابنته . وقد تقوم بذلك بدلاً

من أولمبيا . حتى أنه رقاها إلى مركز الأبنة المفضلة الآن بعد أن أصبحت نافعة

له . ـ

كانت الحفلة في أوجها . وقد قام والدها بالكثير نحوها , والأكثر نحو

ماركو . أحياناً كان يكرر السؤال نفسه عدة مرات عندما يخونه الوحي . بعد

خيبة الأمل القاسية التي مُنيت بها هارييت في البداية وجدت نفسها تشعر

بالشفقة عليه . كما أن خجلها ازداد عندما راح والدها يقدمها إلى الناس

بصفتها ابنته المخطوبة إلى ابن أخ (( الكونت كالـﭭـاني )) .

ظنت أنه لا يمكن للأمور أن تصبح أسوأ مما هي عليه لكنها مخطئة في

ذلك . فقد أخذ غويزيب يتحدث عن روعة الوقت الذي ستمضيه ابنته

الغالية في العرسين اللذين ستحضرهما في البندقية الأسبوع القادم , مكرراً

قوله إنه سيفكر فيها وعليها أن تذكره عند الكونت كالـﭭـاني ( صديقه القديم

العزيز ) . فشعرت هارييت بالخزي بعد أن خطر لها أن أباها يلمح إلى دعوته

للعرس . ولعله السبب الأساسي الذي حال دون تأجيل هذا اللقاء .

لم تكن تجرؤ على النظر إلى ماركو , لكنها عندما فعلت كان وجهه مجمداً

بقناع من الأدب . عند أول فرصة ممكنة اعتذر وانسحب مبتعداً . وتمنت لو

تنشق الأرض وتبتلعها . ـ

كان خلف المنزل حديقة زجاجية فسيحة مليئة بالنباتات جلس فيها عدد

من الضيوف المسنين يتحدثون . وعندما رأى ماركو أمه , تقدم نحو المدخل

حيث سمع صوتاً أنثوياً متغطرساً : (( إنها شابة غير عادية , وإنكليزية أكثر

منها إيطالية , بالرغم من اسمها , بصراحة يا لوشيا أنا أعجب لاختيارك مثل

هذه الزوجة لابنك , هارييت ينقصها الصقل ولن تكون واحدة منا أبداً )) .

ساد الصمت عندما ظهر ماركو هناك , وراح يتأمل البارونة ألاري ذات

الوجه النحيل والعينين الباردتين , وهي امرأة عوضت بالكبرياء والحقد ما

ينقصها من كل شيء آخر تقريباً . اكتشافها أن ماركو قد سمعها جعلها

تسكت , ولكن من الشعور بالضيق وليس الخزي .

قال : (( أظنه لم يخطر ببالك , سيدتي , أن خطيبتي لا تحاول أن تكون

واحدة منا . إنها امرأة متفردة , شجاعة , واستثنائية ذات تفكير متميز وذكاء

نادر . وباختصار , هي بالضبط ما أتمناها أن تكون )) .

منذ سنوات كثيرة لم يكلم أحد البارونة بهذه الحدة , ولهذا لم تجد جواباً

فورياً ذكياً , فقالت بحدة : (( أظن من الطبيعي أن تدافع عنها , ولكن حذار

من الدفاع عنها بشكل فظ , أيها الشباب . أعتقد أن زوجــي أحد أهم

زبائنكم )) . ـ

فقال غاضباً : (( زبائننا كلهم مهمون , وسامحيني إذا كنت لا أحبذ

الحديث عن ذلك مع أحد غير زوجك . فإذا أراد أن ينقل أعماله إلى مصرف

آخر , فهو سيعلمني بذلك دون شك . عن إذنك )) .

وعندما خرج , نهضت لوشيا وتبعته متأبطة ذراعه : (( خيراً فعلت يا

ولدي , فأنا لا أطيق تلك المرأة . إنها خاتمة سعيدة لسهرة غير سعيدة )) .

فسألها : (( هل ستغادرين السهرة الآن ؟ )) .

ـ نعم فأنا متعبة قليلاً . سيقلني السائق إلى البيت بينما تــأخذ أنت

هارييت فيما بعد . ـ

ـ أظنها بحاجة إلى التحدث معك فأنا واثق أنها رأت الحقيقة بالنسبة إلى

هذه الليلة .

ـ هذا أكيد . لقد أغمضت عينيها عن الحقيقة لأنها كانت تريد أن تشعر

بحنان الأب , لكنها أكثر ذكاء من أن تستمر في إغماض عينيها . رجل فظيع

متكبر ! لا أدري كيف تلد إيتا مثله , لكن الشخص الذي ستحتاج هارييت

إلى التحدث إليه هو أنت . ـ

ـ أمي , ماذا أستطيع أن أقول لها ؟

ـ يا ولدي , إذا كنت لا تعرف كيف تواسيها عندما تكون تعيسة , كل

ما أستطيع قوله إن الوقت حان لكي تتعلم ذلك .

ـ ســأبذل جهدي .

فقالت بقلق : (( ماركو , كيف تسير الأمور بينك وبين هارييت ؟ )) .

فهز كتفيه : (( لست أدري ! إنها أحياناً باردة وأحياناً متحمسة . أظنها

ترفضني )) . ـ

ـ كلام فارغ . وهل يمكنها ذلك ؟

فقال ضاحكاُ بشكل صبياني : (( هذا كلام الأم )) .

وقبل خدها : (( تصبحين على خير يا أمي )) .

شعرت هارييت وكأن السهرة لن تنتهي أبداً . وعندما ودعتهم لوشيا

تمنت لو تذهب معها , لكن الوقت كان لا يزال مبكراً . ثم ظهر ماركو

بجانبها حاملاً فنجان قهوة كانت هي بأشد الحاجة إليه : (( إصبري , وأعدك

بأن أخرجك من هنا بأقرب وقت ممكن )) . ـ

ـ هل تبدو قلة الصبر واضحة علي إلى هذا الحـد ؟

ـ يبدو عليك وكأنك اكتفيت .

ـ آه , أرجو ألا أكون قد جرحت أياً ممن لهم علاقات هامة معكم في

العمل .

ـ لا , بل أنا الذي فعلت ذلك , ولكن لسبب وجيه . سأخربك بالأمر

فيما بعد . ـ

ـ ماركو , يا ولدي العزيز !

وكان هذا أبوها يربت على كتف ماركو : (( لقد ودعت لتوي أمك . إنها

سيدة رائعة . فهمت طبعاً أنها تريد أن توفر طاقتها للسفر إلى البندقية

الأسبوع القادم , فالأعراس مرهقة للغاية , خصوصاً الفخمة .

أراهن على أنهم لا يستطيعون تذكر كل المدعوين . . . )) .

لم تعد هارييت تستطيع التحمل , فابتعدت عنهما تاركة ماركو في قبضة

أبيها . استاءت من نفسها لتصرفها هذا لكنها كانت على وشك الصراخ .

وبعد ساعة وجدت ماركو بجانبها مرة أخرى , وقال : (( لم يكن ذك لائقاً

جداً منك . لكنني لا ألومك . هيا بنا نخرج , إلا إذا أردت البقاء )) .

فقالت بلهفة : (( بل أخرجني من هنا )) .

استغرق التوديع ساعة أخرى , وسار أبوها معهما إلى السيارة وهو

يتحدث دون انقطاع , حتى أصبحا أخيراً في طريقهما . لاذت هارييت

بالصمت في مقعدها إلى أن خرجت السيارة من روما . وأخيراً انتصبت

جالسة : (( كنت تعلم أليس كذلك ؟ أنت علمت حالما سمعت عن الدعوة .

وهذا ما كنت تحاول أن تنبهني إليه الليلة الماضية )) .

ـ تكهنت بأن هناك سبباً جعله يتذكر فجأة أنه أبوك . أنا آسف . كان

ذلك منزعجاً بالنسبة لك . ـ

بدت كلماته رقيقة لكنه لم يمسك بيدها وبقيت عيناه مركزتين على

الطريق . وعندما توقفا خارج الفيلا قال : (( لن أدخل . علي أن أعود لإنجاز

بعض الأعمال . تصبحين على خير )) .

ـ تصبح على خير . ـ

قالت هذا بصوت أجش , وثم ركضت إلى البيت وصعدت السلم .

كانت تريد أن تنفرد بنفسها , وفي الوقت نفسه كانت بحاجة إلى أحد

بجانها . لكنها لم تجد مواساة من ماركو و وكلما أسرعت في التخلص منه

كلما كان ذلك أفضـل .

ألقت بحقيبة يدها جانباً وأعادت تاجها الماسي إلى علبته , ثم وقفت عند

النافذة في ضوء القمر , شاعرة بالوحدة والكآبة , لقد سلب منها هذه الليلة

شيء علمت أنها لن تستعيده أبـداً . ربما كان هذا أملاً واهياً , لكنها تشبثت

به , وقد انتهى كل شيء الآن . مر الوقت من دون أن تدرك المدة التي أمضتها

واقفة عند النافذة , وإذا بها تسمع نقراً على الباب . وفي الخارج رأت ماركو ,

وكان قد خلع سترته وفك ربطة عنقه , وهو يحمل بيده إبريقاً وفنجاناً . قال

ببساطة وهو يدخل الغرفة : (( أحضرت لك شيئاً أنت بحاجة إليه . شاي

إنكليزي )) .

جلس وسكب لها فنجاناً , وكان ممزوجاً بالحليب تماماً كما تحب .

ـ هذه فكرة رائعة . شكــراً . ـ

جلست على الأريكة وجلس بجانبها . نظرت في عينيه فرأتهما قاتمتين

رقيقتين للغاية . فقالت : (( ظننتك ذهبت إلى شقتك )) .

ـ لقد غيرت رأيي . دخلت البيت وانتظرتك أن تعودي إلى الطابق

الأسفل . فكرت في أنك ربما كنت بحاجة إلى أن تتحدثي إلي . وعندما لم

تعودي , حسناً . . . ربما ابتدأت أفهمك الآن . افترض أنك بحاجة إلى من

يصغي إليك . إنني أصلح تماماً لهذا .

فقالت برقة : (( شكراً لحضورك . ولكن ليس هناك ما أقوله . لقد

استوثقت من شيء أظنني دوماً كنت أعرفه . وكان علي أن أواجهه منذ

سنوات , وكنت أظن أنني فعلت ذلك . لكنني كنت مخدوعة )) .

ـ أنت لن تعيري اهتماماً لما قاله أو فعله , أليس كذلك ؟

ـ لا , طبعاً . وعلى كل حال , كان يقول ما ينبغي أن يقوله , ويبالغ

بالاهتمام بي , تماماً كما كنت أحلم دوماً . لكن . . . لكن . . . لم أكن أنا محط

اهتمامه , وإنما أنت . إنه مدع . وحسب رأيه أنا أغريت إبن أخ كونت ,

وفجأة عدت فأصبحت ابنته مرة أخرى . ـ

ـ هارييت , كفى . أنت امرأة ممتازة , جميلة , ذكية , وقوية . وقد بنيت

بمواهبك حياة مستقلة . فأنت لم ولن تحتاجيه أبداً .

ـ أعرف , أعرف . وهذا غباء , أليس كذلك ؟

وانهمرت الدموع من عينيها فجأة , فوضعت الفنجان من يدها بسرعة

وقد فقدت السيطرة على نفسها : (( لماذا أرى للأمر أهمية الآن ؟ لم أعد طفلة )) .

وانتهت بشهقة خشنة وإذا بذراعيه تحيطان بها , تضمانها إليه بعناق

وحنان لم تره من أبيها قط . ـ

ـ أظن أن طفولتك لم تفارقك يوماً في الحقيقة . فأشباحها تسكنك طوال

حياتك . ـ

تشبثت به , عاجزة عن التوقف عن البكاء . لقد تدفقت أحزان السنين

ولم تستطع سوى الاستسلام لها . وقالت بصوت مختنق : (( هو لم يحبني

يوماً )) .

ـ كان يحبك في البداية . أتتذكرين ما أخبرتني به ؟ كنتما تحبان بعضكما

البعض كثيراً .

ـ لا , لم يحبني , وإلا لما طردني .

فتنهد : (( لا أدري . بعض الناس يحبون بذلك الشكل . ويكون حينذاك

حقيقياً تماماً . . . لكنه سطحي . وآخرون يقومون بذلك بشكل مختلف )) .

وعاد يحتضنها قائلاً وقد فاجأته بنوبة بكاء أخرى : (( أنا هنا . . . أنا

هنا )) . ـ

حاولت أن تتكلم لكنها لم تستطع أن تنطق بكلمات مترابطة . فسألها

برقة وهو يحيط وجهها بيديه ويرفعه لكي يراها بشكل أفضل : (( ما هذا ؟

أخبريني )) . ـ

فقالت بصوت مختنق : (( لا شيء . أنا بخير الآن )) .

ـ لا أظن ذلك

وأخرج منديلاً نظيفاً أخذ يمسح به وجهها المبلل بالدموع . وكان

شعرها ينسدل على يديه . سألته بصوت مرتجف : (( كيف أبدو ؟ )) .

ـ كفتاة صغيرة عرفت لتوها أن أباها لا يحبها . لكنك لن تستسلمي

لليأس . أنت تعرفين العالم ما زال يحمل لك الكثير .

فقالت بصوت أجش : (( لا أدري ما الذي يحمل لي العالم لا أظنني الآن

أهتم لهذا )) .

فقال بهدوء : (( إياك أن تتحدثي بهذا الشكل مرة أخرى . فهذه طريقة

الضعفاء , وأنت قوية يا عزيزتي . أنت ممن يصارعون الحياة حتى يهزموها )) .

نظر إلى وجهها لحظة , ثم ضمها إلى صدره ليوقظها على حياة مفعمة

باللهفة والشوق . وأخذت يداها تتحركان على ظهره متجاوبتين لعناقه . لم

يكد يصدق ذلك , فتملكته لحظة شك كافية لأن تجعله يرفع رأسه ليلقي

عليها نظرة مضطربة . لكنها مدت ذراعيها حول عنقه لتعيده إلى أحضناها

مجدداً وقد شعرت أن هذا هو مكانه الطبيعي .

عاد يعانقها برقة ويهون عليها حزنها . فرحبت بعناقه وأنبأتها لمساته أنه

بحاجة إليها بقدر ما هي بحاجة إليه . فهي لم تعرف يوماً عناقاً ساراً إلى هذا

الحد . أخذت هارييت نفساً طويلاً مرتجفاً . وشعرت كأن روحها أصبحت

حرة . هو ذا الرجل الذي تريده . الرجل الذي يهز مشاعرها كالزلزال .

ما كانت لتصدق أبداً أنه بهذه الرقة . لم يبدُ لها أنه الشخص نفسه الذي

يسيطر على عالمه , بل كان أقرب إلى الرجل الذي كانت واثقة من أنه يعيش

في داخله , وبإمكانها أن تقنع ذلك الرجل بالخروج . كانت واثقة من ذلك .

حاولت أن تتلكم , لكن ماركو وضع إصبعه على شفتيها , وذراعيه

حولها وهو يتمتم مطمئناً , وما لبث وهن بالغ أن حل بها حتى سقطت نائمة

بين ذراعيه . ـ

وعندما استيقظت في الصباح الباكر , أدركت أنها نامت من شدة التعب

في الليلة السابقة وأنه وضعها في سريرها من دون أن يوقظها .


* * *

نهاية الفصل (( التاسع )) . . .

: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:33 PM   #13

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

10 ـ

أعراس البندقية


بعد ثلاثة أيـام , سـافر الجميع إلى البندقية . توجهت هارييت ولوشيا من

الفيلا إلى المطار حيث لاقهما ماركو .

ـ هل أنت واثقة من أنك بخير ؟ أنت شاحبة جداً , كما أنك هادئة منذ

يومين .

ـ كل ما في الأمر أنني لا أحب ركوب الطائرة .

بدت هادئة جداً , وذلك من اللحظة التي أدركت فيها أن ماركو تركها

وحيدة وكأنه تخلص منها . لقد برأته من تهمة تعمد القسوة , فهي لن تنسى

أبداً أنه عاد إلى البيت ليواسيها . وكم أبدى من التفهم ! لقد شعر معها كما

لا يشعر بذلك سوى رجل حساس للغاية . وهي دوماً ستحبه لذلك .

لكنه , من ناحية أخرى , تركها وحدها نائمة وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة

ليرحل . ـ

في اليوم التالي أخبرتها لوشيا بحماسة عن مواجهة ماركو مع البارونة

ألاري وكيف أنه جازف بخسارة زبون هام دفاعاً عنها . هذا أيضاً نبه قلبها ,

لكنه عاد فهدأ عندما أدركت أنه لم يخبرها بذلك بنفسه . بإمكانها أن تفهم

الحذر الذي جعله ينكمش عن الناس وهي تشفق عليه لهذا , لكنها لا

تستطيع أن تتحمل المزيد . لذا قررت الرحيل بعد العرسين بأسرع ما يمكن .

ذلك سيحطم قلبها , لكنها سرعان ما ستتعافى . ـ

بعد اتخاذها هذا القرار , تجنبته إلى حين انتهاء العرسين , مصممة على

ألا تفسدهما لأجل أي شخص . في مطار روما حيت ماركو بتحفظ هادئ ,

وبابتسامة لم تكشف أكثر مما كشفت ابتسامته . إنها أول زيارة لها إلى البندقية

وهي تنوي أن تستمتع بها ومن ثم تحزن قدر ما تشاء . وصلوا إلى البندقية

قبل يومين من الزفاف الأول . كان غويدو ودولسي ينتظرانهما في زورقين

ليأخذاهم إلى البحيرة المالحة , وأحد الزورقين كان يقوده غويدو بنفسه .

ـ أنت محظوظة أنه لا يحاول أن يأخذك في زورقه (( الغوندولا )) .

قال دلوسي هذا وضحكت مشيرة إلى بداية تعارفهما عندما ظنته سائق

الزورق وتركها هو تعتقد ذلك , ظناً منه أنه يوقعها , بهذا , في شباكه , بينما

الحقيقة هي أنها هي التي أوقعته في شباكها . ـ

كان قصر آل كالـﭭـاني تحفة تراثية نفيسة للغاية . وسرعان ما شرعت

هارييت في اكتشاف نواحيه . جاء ليو في اليوم التالي , وقد بدا أقل إشراقاً مما

عهدته هارييت . كانت هي و دولسي مولعتين به . وسرعان ما تكهنتا بما

يزعجه . جلسوا معاً على أريكة كبيرة , كل منهما من جهة ثم ابتدأتا

الهجوم : (( لقد وجدتها أخيراً )) . ـ

قالت هارييت هذا , فتصنع الغبــاء : (( وجدتها ؟ )) .

فضربته على كتفه : (( أنت تعرف من أعني . أعنيها هي )) .

وتذكرت أنه كان في أعماقه راعي أبقار , فأضافت : (( المرأة التي أوثقتك

بحبالها )) . ـ

وسألته دولسي (( ما اسمها ؟ )) .

فأجاب : (( سيلينا . لقد عرفتها في تكساس . مكثنا في المزرعة نفسها بعد

أن تعرضت لحادث في عربتها )) .

وسكت . فسألتاه بنفاذ صبر : (( وبعد ذلك )) .

ـ تدربنا معاً للظهور في الحفلة الاستعراضية للفروسية التي يقيمها رعاة

البقـر . ـ

ـ وبعد ذلك ؟

ـ سقطت عن ظهر الحصان , وكذلك أنا . لكنها سقطت أثناء التدريب

بينما سقطت أنـا أمام جمهور يعد بالآلاف . لكن كلينا سقط .

فقالت دولسي برزانة : (( وهكذا اشتعلت نار الحب )) .

فقال ليو : (( كان ذلك رائعاً )) . ـ

وتنهد كرجل يتذكر أيام الهناء . لوت هارييت شفتيها وعيناها تتقابلان

مع عيني دولسي بمرح . وقالت : (( كان عليك أن تحضرها إلى هنا لنتعرف

عليها )) .

ـ هذه هي المشكلة , لا أدري أين أجدها .

فسألته دولسي : (( ولكن ألم تتبادلا الأسماء والعناوين ؟ )) .

ـ نعم , ولكن . . .

وأخذ يسرد المشاكل التي فصلته عن حبه الحقيقي , منهياً بقوله عباساً :

(( وقد لا أراها مرة أخرى أبداً )) . ـ

وإذا بالرجال ينادونه , فوقف مندفعاً ليلحق بهم . لم تنظر دولسي

وهارييت إلى بعضهما البعض . لكنهما انفجرتا معاً بالضحك .

فقالت هارييت وقد أنبها ضميرها : (( آه , ما كان لنا أن نضحك )) .

فقالت دولسي بصوت مختنق : (( أعرف هذا . لكنني لم أستطع أن أمنع

نفسي . هل سمعت من قبل مثل هذه القصة الجنونية ؟)) .

فهزت هارييت رأسها : (( مسكين ليو . هذا لا يمكن أن يحدق إلا له )) .

وفي اليوم التالي احتشد الجميع في كنيسة (( سانت مارك )) لعقد زواج

الكونت كالـﭭـاني على حبيبته ليزا . وكان أبناء أخوة الكونت الثلاثة هم

الشهود . بينما لليزا ثلاث وصيفات . بدت حفلة الاستقبال غريبة , إذ

بالرغم من مركز ليزا الجديد , كانت تقوم بدور ربة المنزل بامتياز . فأمضت

الأشهر الثلاثة الماضية في تنظيم عرس غويدو ودولسي الذي سيلي عرسها

مباشرة . وكانت هذه مناسبة اجتماعية كبرى حضرها من المدعوين ما يكفي

لملء كنيسة (( سانت مارك )) تتبعها حفلة استقبال فخمة في قصر ((كالـﭭـاني ))

أصرت هي عل الاهتمام بكل تفاصيلها . ـ

تباطأت في حفلتها مدة كافية كي يشرب عريسها الحبيب نخبها , ثم

أسرعت إلى المطبخ لتلقي نظرة سريعة . وأخيراً استسلم زوجها الكونت إلى

ما لا مناص منه وتبعها . وقالت دولسي بحيرة : (( لا أظنها تقدر حظها الحسن

على الإطلاق . إنها تعامله بشكل سيء حقاً )) .

فقال غويدو ضاحكاً : (( ربما هذا هو السر . بعد كل تلك النساء اللواتي

عرضن أنفسهن لكي يلفتن انتباهه , المرأة التي أحبها هي التي جعلته

يكافح هو للفت انتباهها )) . ـ

بعد ذلك تفرق المدعوون أزواجاً . أخذ غويدو ودولسي يتمشيان بعيداً ,

ليو ولوشيا جلسا معاً واستغرقا في حديث طويل في الحديقة التي يغمرها

ضوء القمر , بينما قال ماركو لهارييت فجأة : (( هل يمكننا أن نتحدث ؟ )) .

بدت البندقية في الليل مدينة الأزقة المظلمة والأنوار الخافتة . وكانت

أنغام الموسيقى البعيدة تصل إلى آذانهما , ممزوجة بصيحات سائقي زوارق

الغندول التي كان يترجع صداها خلال الأقنية الصغيرة . سارا صامتين ,

متباعدين إلى أن قال ماركو : (( فكرت في أن علينا أن نتحدث )) .

فوافقته : (( حان الوقت لذلك )) .

ـ رؤيتي للعرس اليوم جعلتني أفكر كثيراً . وأنت أيضاً , كما أتوقع .

فقالت متأملة : (( آه , نعم . كثيراً )) .

ـ يقولون عرس واحد يتبعه دوماً آخر . ألا تدركين كيف ينظر إلينا

الناس متوقعين منا تحديد اليوم ؟

ـ لاحظت النظرات الغريبة . ـ

ـ قد يكون غداً يوماً مناسباً .

فسألته بحذر : (( يوماً مناسباً لماذا . . . ؟ )).

ـ لإعلان يوم زواجنا . لقد أمضينا وقتاً كافياً لكي نقرر . أنا اتخذت

قراري . كنت حكيماً في ذهابي إلى لندن لأتعرف إليك . وأنت رومانية أصيلة

كما يمكن للجميع أن يرى , حتى إن زبائنك يزدادون على الدوام , وعندما

تنقلين عملك إلى هنا ستجدين الأساس حاضراً . سنكون ثنائياً مناسباً تماماً .

فقالت متألمة : (( أظن الأمر صحيحاً إذا نظرنا إليه بهذا الشكل )) .

فقال باختصار : (( هل بإمكاني إذن أن أخبر أمي بأن زواجنا قد تقرر ؟ )) .

أهكذا تجري الأمور ؟ أهكذا يكون عرض الزواج في أزقة البندقية ذات

الأضواء الناعمة , بينما النجوم تتألق فوقهما ويحيط بهما هذا الجو

الشاعري ؟ ولم تعرف ما إذا كان عليها أن تضحك أم أن تبكي . وأخيراً

قالت : (( لا أظن أن علينا أن نستعجل في القرار . أنت تقول إنني مناسبة

لأنني رومانية أصيلة ولآن زبائني بدأوا يزدادون . وهذه مؤهلات لا تكفي

لزوجة . كما أن هناك أشياء لم نذكرها قط بيننا , وربما ينبغي علينا ذلك )) .

فقال : (( كنت أنتظر أن تتحدثي عنها . تلك السهرة التي أمضيناها

معاً . . . كانت مفاجأة تماماً )) .

ـ لماذا ؟ ـ

ـ لأنك لا تثقين بالرجال وحسبما أعرف , معظمهم يضجرك .

ـ صحيح . أكثر الرجال يسببون لي الضجر بعد فترة قصيرة , حتى

أولئك الذين ظننت أنهم أعجبوني . كما أنهم ليسوا ممن يلحون على إقناعي

بالبقاء معهم .

ـ هل تلومينهم إذا شعروا باليأس عندما يدركون أنك تقارنينهم

بالإمبراطور أوغسطس .

ـ لا أظن ذلك . ـ

تابعا السير فوجدوا نفسيهما في ساحة (( سانت مارك )) التي راحت تخلو

من الناس بسرعة . خارج المقاهي كانت المقاعد مقلوبة على الطاولات وقد

سكتت الأوركسترا عن العزف , ما عدا عازف كمنجة منفرد كان ما زال

يعزف لراقصين ضائعين في بعضهما البعض .

فقال : (( إننا متلائمان بشكل جيد , ألا تظنين ذلك ؟ )) .

دفء أنفاسه على وجهها , وقربه منها , يثيرانها , والجنون الحار العميق

يتملكها . . . بدا كل ذلك رائعاً . ـ

وكانت المغنية تقول : ( خذني بين ذراعيك وارقص معي تحت النجوم ) ,

على وقع كمنجة منفردة . ـ

فيما قال ماركو : (( أظن الأمور سارت بشكل جيد منذ يوم وصولك .

أفضل يوم للعرس هو أول سبت في أيلول )) .

وسكتت الكمنجة .

ـ هل عينت التاريخ من دون أن تستشيري ؟

ـ لا , لكنني كنت أفكــر في تاريخ مناسب . فلدي أعمال مهمة حالياً .

ـ كل أعمالك مهمة .

قالت هذا متأملة وقد أرادت أن تطيل الوقت .

ـ لكن هذه مختلفة فهي تزيد من مركزي لأنني سأكون شريكاً .

ـ وهل هذا ما تريده حقاً أكثر من أي شيء آخر في العالم .

أطلق ضحكة قصيرة مرتبكة : (( ليس هذا فقط . سأكون أصغر شريك

اتخذه المصرف . ربما هو نوع من الخيلاء , لكنه يسرني . وهذا سيستحوذ على

اهتمامي ووقتي خلال الأسابيع المقبلة . وعندما أتمكن من استعادة أنـفاسي

سيكون شهر أيلول قد حل وانتهى الصيف إلا إذا اتخذنا قرارنا الآن )) .

ـ لا . كفى يا ماركو . لا أريد العجلة . ـ

ـ لكن الأمر منطقي . . .

فقالت بقنوط : (( إسمع , هل تتذكر ما قلته لي في (( بيلا فيغرا )) ؟ قلت ( إن

السيطرة هي أساس كل شيء ) لم أعرف حينذاك كم كان هذا صحيحاً . حتى

بالنسبة إلي )) .

ـ أنت تأخذين لذلك الكلام معنى أكثر مما يعنيه . على أحدنا أن يخطط لما

أمـامنا .

ـ أنت بالغت في التخطيط لأجلي . أنـا آسفة , لكنني لست واثقة بالنسبة

إلى الزواج . ـ

ـ لكنك قلت لتوك . . .

ـ أحياناً يكون مجموع العلاقات غير كاف . . .

ـ حسناً , ما الذي سيكون كافياً ؟

ـ لا أدري , لا أدري ما هي خطط مستقبلي . ـ

راح يحدق في وجهها في الظلمة الخفيفة : (( أتعنين أنك تفكرين في

المغادرة ؟ )) .

ـ لن أغادر روما , بل منزلك فقط . هناك شقة جميلة في شارع . . .

تنفس بحدة : (( هل كنت تبحثين عن شقة ؟ )) .

ـ في الصحف فقط .

فقال بهدوء : (( لقد جهزت كل شيء , أليس كذلك ؟ هل لي أن أسألك

متى كنت ستخبرينني ؟ )) . ـ

ـ ليس قبل رحيلنا من هنا , ثم إنني لم أقرر تماماً بعد .

ـ يفترض بي أذاً أن أنتظر صدور قرارك . ربما هذا لا يعجبني ؟

ـ وربما أنا لا يعجبني أن أقبل القرار الذي وضعته أنت . هناك رأيان

يجب أخذهما بالاعتبار يا ماركو , وليس قرارك فقط . ـ

ابتعد عنها ومضى يسير ذهاباً وإياباً . وأحست هارييت بضيقة لفشل

خطته , فقالت : (( ربما الناس الذين يتشاجرون بقدرنا , يجب ألا يفكروا في

الزواج . فلندع الموضوع هذه الليلة , وإلا ساءت الأمور )) .

ـ لا بأس , فلندع الموضوع الآن . ـ

وعادا من خلال الأزقة التي كانت تعج بآلاف العشاق الذين يتهامسون

بأجمل كلام الحب . لكنهما قطعاها من دون نظرة إلى الخلف . وعندما وصلا

إلى المدخل الجانبي لمقر كالـﭭـاني , دخلا ثم ذهب كل في طريقه .

* * *

كانت الأضواء تنطفئ واحداً بعد الآخر على طول الـﭭنال الكبير . وفي

الحديقة نهض ليو وساعد لوشيا على الوقوف . ثم قال : (( شكراً لإصغائك إلى

حديثي المتشعب . وأخشى أن تكون دولسي وهارييت ظنتا أنني على شيء من

التهريج )) .

ـ حسناً . . . كانت حياتك مليئة بالتعقيدات . ولكن إذا كانت سيلينا

هي المرأة المناسبة , فستجدها مرة أخرى , رغم أنني سأظنها , إذا لم تأت

للبحث عنك , مجنونة تماماً . ـ

فقال عابساً : (( ربما لا تريد أن تجدني )) .

فقالت لوشيا بحدة : (( يكفي تشاؤماً ! إذا ما كتب لحبك أن يبصر

النور , فسوف يبصره . والآن هناك عرس غداً , وسنستمتع جميعنا )) .

* * *

تبادل غويدو ودولسي تحية المساء أمام باب غرفتها , فهمس : (( ألا

يمكنني الدخول ؟ للحـظة فقط ؟ )) .

ـ ليس في الليلة التي تسبق الزفاف . هذا ممنوع . ـ

ـ ممنوع ؟ دعي عنك هذا يا دولسي . لا , لا تضحكي بهذا الشكل , فهذا

يعذبني , وقد أفقد كل سيطرة على نفسي .

فقالت بحنان : (( إذهب إلى سريرك واحلم بي )) .

ـ أنا دوماً أحلم بك . هل تحبينني ؟

ـ أكثر من الحياة . أكثر من كل الدنيا .

ـ ما من كلمات تعبر عن مدى حبي لك . ليلة سعيدة يا حبيبتي . غـداّ

ستكونين لي . ـ

* * *

قال الكونت فرانسيسكو لزوجته الكونتيسة الجديدة عندما ألقت نظرة

أخيرة على المطبخ : (( والآن دعي العمل . حـان الوقت لكي تتوقف عروسي

عن إهمالي )) .

فهمست : (( عروسك ؟ بعد كل ذلك الوقت الطويل ؟ )) .

ـ نعم , بعد هذا الوقت الطويل , يا حبيبتي . ـ

وأمسك بيديها يحدق في وجهها غافلاً عن التجاعيد , متأملاً الصراحة

الرائعة التي نظرت إليه بها منذ خمسة وأربعين عاماً . ـ

بادلته ليزا الابتسام . وكان في نظرها أيضاً ذلك الفتى الذي أغرمت به

ذات يوم في الأيام السالفة عندما كانت طاهية في منزله , حين كان أي تفكير

في الزواج منه واهياً . ولكن خلال السنين الطويلة أحبها بثبات , وإن لم يكن

بإخلاص على الدوام , ومن يلومه على ذلك إذا كانت دائماً ترفض عرضه ؟

أراحت رأسها على صدره : (( آسفة يا حبيبي , ولكن كيف أهمل التجهيز

للغد ؟ إنه العرس الكبير )) . ـ

فقال وهو يجذبها من المطبخ بحزم : (( آه , لا , اليوم كــان هو العرس

الكبير . . . تعالي يا معبودتي . . . )) .

* * *

كانت دولسي عروساً متألقة في الحرير الأبيض المخرم , متحلية لأول مرة

بلالىء أسرة كالـﭭـاني . بدت سعيدة للغاية , بينما بدا غويدو وكأنه , لأول مرة

في حياته , يأخذ الأمور بشكل جاد , حسب قول ماركو . ـ

كان ماركو وليو إشبيني العريس . وكان ماركو في ملابسه الأنيقة

للغاية , بينما كان ليو يحل ربطة عنقه بين الحين والآخر . حفلة الليل الماضية

اقتصرت على أقرب المقربين , حسب رغبة ليزا . أما هذه فهي حفلة فخمة

متألقة , امتدت إلى معظم غرف ذلك القصر الفخم . كـانت الأنوار تشع من

النوافذ والأبواب وتتألق في مجوهرات مئات السيدات . وقد اجتمعت هنـا

نخبة المجتمع الإيطالي . ـ

بالرغم مما قالته هارييت الليلة الماضية , فقد لبست خاتم خطوبتها , إذ

أنها لم تشأ جذب الانتباه إليها اليوم . وأثناء رقصها بين ذراعي ماركو , مثلت

دور الخطيبة السعيدة , وتدريجياً أدركت أن الأمر كان كما قال فقد كان

الناس يبتسمون لهما ابتسامات ذات معنى . ـ

ارتدت ثوباً حريرياً زيتي اللون , بالغ الأناقة والبساطة . قال لها

ماركو : (( إنك تبدين رائعة ! أنا فخور بك )) .

شعرت بالموسيقى تسري في عروقها , فراحت تتمايل وكأن لا مشاكل

لديها على الإطلاق . الحمد الله أن انزعاجه الليلة الماضية لم ينتقل إلى اليوم .

كان قد أدى واجبات العرس نحو المدعوات بظرف بالغ , مبتسماً خلال

الرقصات القليلة الأولى , قبل أن يمد يده إلى هارييت بدعوة صامتة .

كانت دولسي تراقبهما , فأشارت إلى الفرقة الموسيقية بأن تعزف أغنية

شائعة تدعى ( أنظري كيف يحبك ) . وهللت الجموع ظناً منها أنها موجهة إلى

العروسين اللذين كانا يرقصان معاً محتضنين بعضهما البعض , لكن دولسي

أشارت بمكر إلى ماركو و هارييت . ـ

رغم تصميمها على أن تكون متعقلة , وجدت نفسها تتجاوب مع قرب

ماركو منها وهو يحيطها بذراعيه . آخر عناق لهما معاً كان ليلة تبعها إلى

المنزل ليواسيها بعدما خيب والدها آمالها . وكان الرقص أشبه بصدى لتلك

الأمسية . . . في هذه اللحظة , كان من السهل الاعتقاد بأن لا شيء آخر يهم

إذ كان الوجه الوسيم بجانب وجهها , والعينان الداكنتان الرقيقتان اللامعتان

تخبرانها بصمت بأنه هو أيضاً يشعر بها بقوة . . .

عندما انتهى الرقص احتشدت حولهما الجموع .

ـ هيا , قولا لنا . . . ـ

ـ حان الوقت لتحديد موعد . . .

ذراعه كانت ما تزال حول خصرها, فشعرت بها تشتد حولها فجأة . ثم

قال : (( لقد قررنا الموعد وهو أول سبت من شهر أيلول )) .

الشهقة التي صدرت عنها اختنقت بين صياح الفرح والتهليل . تقدم

رجال الأسرة إلى الأمام يصافحون ماركو , بينما ابتسمت لوشيا واحتضنت

دولسي هارييت وهي تهتف : (( كم أنا مسرورة , كم أنأ مسرورة )) .

وصاح غويدو : (( ما أعظم هذا . أنا متشوق لهذا اليوم . أظن أننا

مدعوون )) . ـ

وذهل الجميع عندما رد ماركو عليه صائحاً : (( دولسي مدعوة فقط أما

أنت فلا )) .

تصاعد الضحك لهذه النكتة التي بدت أسبه بدعابة تصدر عن مصدر

غير متوقع . وصرخ أحدهم : (( عانقها . عانق العروس !)) .

شعرت هارييت بالأرض تميل تحت قدميها . منذ لحظة كانت سعيدة بين

ذراعيه وإذا به فجأة يغضبها إلى أقصى حد . . . شعرت وكأن حرارتها قد

انخفضت فجأة إلى درجة التجمد , وأنها أصبحت في عالم جديد , كئيب ,

حقود . تركته يعانقها . لم يكن لديها خيار أمام هذا الحشد . وما أرادت أن

تقوله يجب أن ينتظر . لكن الانتظار يعني تحمل إصرار الكونت على إقامة

العرس في البندقية في منزل الأسرة . ويعني النظر إلى لوشيا وليزا تخططان

للعرس . ولم تعرف كيف مرت عليها الساعة التالية . ـ

أصعب ما واجهها هو فرح لوشيا . أبدت بوضوح أنها تحب هارييت ,

ولا شيء يسعدها أكثر من أن تراها زوجة ابنها , وحاولت هارييت أن تلمح

لها , فقالت بيأس : (( ما كان له أن يفعل هذا . أن يعلن ذلك العالم قبل أن

يخبرك , ولكن ترين أننا لم . . . )) .

ـ آه , يا عزيزتي , أنا متلهفة . لا يمكنك أن تلومي ماركو إذا كانت

مشاعره قد غلبته . ثم لقد اخبرني الليلة الماضية .

ـ أخبرك بماذا ؟

ـ قبل أن تخرجا معاً , قال إنه كان يفكر في يوم السبت ذاك . وسينهي

الأمر معك . ـ

فسألتها هارييت وعيناها تلتهبان : (( وماذا قال حين عاد ؟ )) .

ـ كنت نائمة حينذاك , وطبعاً اليوم لم أجد فرصة لأخبرك فيها بمدى

سروري , والآن كلنا سنكون سعداء . وقبلتها غير واعية إلى أنها ملأت قلب

هارييت بالغضب والذعر .

بعد أن قطع قالب الحلوى , عزفت الفرقة الموسيقية المقطوعة الأخيرة

قال لها ماركو : (( يود عمي أن تلتحقي ببقية الأسرة لكي تودعي الضيوف .

إنه يعتبرك واحدة منا )) . ـ

نظرت إليه بعينين ملتهبتين : (( لن أؤذي مشاعر عمك . ولكن علينا , أنا

وأنت , أن نتحدث )) .

ـ سيكون لدينا وقت لذلك فيما بعد . أنـا أعلم كيف يبدو هذا الأمر ,

ولكن إصبري فقط .

ووضع يده على ذراعها يحثها على السير معه . جعلها الكونت تقف

بجانبه , بينما وقفت زوجته إلى الجانب الآخر . وكان هذا مكان الشرف .

وعندما خرج آخر ضيف , نظرت إلى ماركو بحزم وقالت : (( والآن ! )) .

تركها تقوده إلى غرفة بجانبهما ثم قال : (( دعيني أتكلم أولاً )) .

ـ أنت تكلمت بما يكفي , والآن ستصغي . كيف تجرؤ على ذلك ؟ لقد

أخبرتك الليلة الماضية أنني لست جاهزة لذلك . ألم تسمعني ؟

ـ بلى سمعتك , لكن قولك لم يكن معقولاً . هارييت , أنت تعلمين كمـا

أعلم أنك في النهاية ستقولين نعم . كلانا يعلم ذلك منذ . . . حسناً , منذ

بعض الوقت , فلماذا الخوض فيه ؟ لابأس , إننا نتشاجر أحياناً , لكننا أيضاً

منسجمان معاً . ـ

ـ نحن غير منسجمين , لأنني لن أستطيع أن أنسجم أبداً مع رجل لا

يعتبرني ولا يأخذ برأيي . ـ

ـ لا بأس , أنا آسف للطريقة التي فعلت بها ذلك , ولكن ألا يمكننا أن

ننسى الأمـر ؟

ـ وبعد ذلك ماذا تفعل ؟ نتزوج ؟ ماركو , أنا أبعد عن الزواج بك الآن

مما كنت على الإطلاق . أرجـوك أن تفكر في ذلك قبل أن تقوم بأي خطة

أخرى دون أن تستشيريني .

ثم ابتعدت عنه وصعدت إلى غرفتها . لم تعرف مثل هذا الغضب في

حياتها من قبل .


* * *

نهاية الفصل (( العاشـر )) . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:34 PM   #14

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

11 ـ

لن أعيش بدون حب !



نظرت سكرتيرة ماركو بحذر إلى المرأة الحازمة التي وقفت أمامها : (( هل

السنيور كالـﭭـاني بمفرده ؟ )) .

ـ لا أدري مـا . . .

ـ هل لديه أحـد ؟

ـ لا , ولكن لديه اجتماع مجلس إدارة عند الخامسة . . .

ـ لا تخافي , لن أتأخر إلى ذلك الحين . ـ

قالت لها هذا من فوق كتفها وهي تفتح باب مكتبه .

كان مستغرقاً في شاشة الكمبيوتر , فرفع بصره إليها مجفلاً : (( ماذا

حدث ؟ هل حدث شيء لأمي ؟ )) .

ـ لا , جئت لأراك لأن هذا هو المكان الذي لا يمكنك أن تهرب فيه

مني . إنك تتجنبني منذ عدنا من البندقية .

ـ منذ يومين . أنت تعلمين أن لدي عملاً . . .

ـ وأنت تعرف ما أريد قوله . سـأفعل ذلك بسرعة حتى لا تتأخـر عن

اجتماعك . . .

توترت شفتاه : (( هذا ليس بالوقت . . . )) .

ـ كلمة وداعاً لا تستغرق الكثير من الوقت . ـ

ـ هل يمكننا أن نتحدث عن هذا فيما بعد ؟

ـ لا . لقد خُدعت بهذه الكلمة مرة ولن أعود إليها . ثم ليس هناك ما

نتحدث عنه . الوداع ! هذا يكفي . لا أستطيع أن أتزوجك . وهـذه الخطبة

المزعومة انتهت .

فقال بنفاذ صبر : (( لا تكوني سخيفة . لقد كادت بطاقات الدعوة

تنتهي . . . )) .

ـ وأنا أفسد الآن التنظيم . يا للجريمة الكبرى ! أنا آسفة . ولكن بعض

الأشياء أكثر أهمية من المحافظة على سير الخطة الموضوعة .

خرج ماركو من خلف مكتبه . بدا شاحباً لكنه قال بهدوء : (( إسمعي .

كنت في مزاج غريب مؤخراً , وربما لم أكن متعاطفاً تماماً , وما كان علي أن

أعلن خطبتنا بهذا الشكل . أنا آسف وسـأصلح من تصرفاتي في المستقبل )) .

فصرخت : (( إستمع إلى نفسك . إنك تتكلم كرجل يدق على مفاتيح

الكمبيوتر . الحياة لا تسير بهذا الشكل )) .

أصدر صوتاً يدل على نفاذ صبر : (( هل هذه التفاصيل التافهة هامة ؟ )) .

ـ إنها ليست تافهة . إنها مثلك . كل شيء مرقم ومعلب . لقد أخبرتك

لتوي بأن خطبتنا انتهت . وأنت غاضب لأنني خرجت من علبتي على شكل

شخص لا تعرف كيف ترقمه . ـ

ـ أنا غاضب لأنني لا أفهم كلمة مما تقولين . لا شيء مما تقولينه منطقي .

ـ هل من غير المنطقي أن أتزوج من شخص يهتم بي بشكل لا تفعله

أنت ؟

تنفس بسرعة وبدا على وشك أن يقول شيئاً , لكنه راجع نفسه . وعندما

تكلم كان هادئاً : (( أظننا استطعنا أن نزداد تقارباً . . . )) .

ـ ليس إلى حد كافٍ . أنت متملك وتحاول أن تنظم كل خطواتي , لكن

ذلك ليس حباً .

وتنهدت : (( حسناً , ربما أنت على صواب وأنا كنت غير منطقية . كان

على أن اهتم بالحب قبل الآن بكثير . أليس كذلك ؟ منذ اليوم الذي تعارفنا

فيه . آسفة . لم أكن أعرف نفسي جيداً حينذاك . لكنني أعرفها الآن , وأرى

أن الحب مهم )) .

ـ الحب ؟

ـ نعم يا ماركو . تبدو وكأنك لم تسمع بهذه الكلمة قط . ليس هناك

حب بيننا , أليس كذلك ؟

جمد مكانه الآن تماماً . وتوجه إليها بكل انتباهه وقال بهدوء : (( لا يبدو

هذا . ما أغباني لأنني لم أفهم )) . ـ

ـ إنه ذنبي , فقد ظللتك . جعلتك تظن أن بإمكاني أن أعيش بدون حب

مثلك .

نظر إليها ساخراً : (( ومتى أصبح هذا مهماً فجــأة ؟ )) .

ـ مؤخر فقط . أتتذكر ليلة حفلة أبي ؟

فانفجر بها بشكل غير متوقع : (( وأنت ؟ )) .

ـ أتذكرها بكل وضوح . لكن هذا سيء , أليس كذلك ؟ لا يمكنك أن

تخلق ما هو غير موجود . حاولت أن أتصرف بطريقتك لكنني لا أستطيع

ذلك . ـ

ـ ربما أنت تستسلمين بسهولة .

ـ ظننتك تفخر بنفسك لكونك واقعياً . فأنت لست واقعياً الآن .

الأمور لن تتحسن يا ماركو . لقد فات الأوان على التغيير . ـ

تأملت وجهه , متلهفة إلى رؤية بعض الليونة فيه . بإمكانه أن يبحث في

قلبه ويكتشف أنه لا يريد أن يفقدها . خلف شجاعتها الظاهرة , كانت تعلم

أن كلمة حب واحدة منه كفيلة بأن تلقي بها بين ذراعيه . ولكنه بقي صامتاً .

ووجهه جامد كوجود الموتى . حتى بشرته أصبحت غبراء قليلاً , وبدت في

عينيه نظرة غريبة ذاوية وكأن الحياة استنزفته . وأخيراً قال بلهجة متحجرة :

(( نعم . لقد فات الأوان على التغيير . كنت أظن . . . حسناً , كنت خاطئاً . لا

يمكن للإنسان أن يغير نفسه لمجرد رغبته في ذلك )) .

وفي الصمت الذي تلا ذلك , تملكها شعور غريب بأنه ضائع , وهو

شيء لم تعرفه فيه من قبل قط . ـ

وأخيراً سألها : (( ما الذي سيحدث الآن ؟ )) .

ـ ســأرحل حالما أتحدث إلى أمك . وعندما أعود إلى لندن . . .

ـ لندن ؟ لكنك قلت إنك ستبقين في روما .

تأملته ساخرة : (( أما زلت تتذكر ذلك الحديث ؟ ظننتك تناسيته كما

تفعل دوماً إذا لم يناسبك الموضوع . كنت أنوي البقاء في روما لكنني أرى

الآن أنني لا أستطيع . علي أن أبتعد عنك حالاً . وعندما أصــل إلى وطني

سـأتدبر الأمر بحيث أعيد إليك دينك علي )) . ـ

ـ لا داعي للعجلة , فقد وعدتك بشروط سهلة . . .

ـ لا , أريد أن أسدده كاملاً دفعة واحدة . . .

ـ لا يمكنك أن تدفعي هذا المبلغ جملة واحدة , كلانا يعرف هذا .

ـ سـأتدبر أمري بشكل مـا . الأفضل ألا أكون مدينة لك .

وفجأة زال الجمود عن وجهه , فالتوى بمرارة : (( أنت مستعجلة

للتخلص مني أليس كذلك ؟ )) .

ظلمها له كان كالسكين يغرز في قلبها , وجعلها تجيب بنفس مرارته

لتغطي ألمها : (( ظننتك ستكون مسروراً لرحيلي بعد أن علمت أني أرفض

عرضك . هيا دع عنك حيرتك وارتباكك ولا تضيع وقتاً على اتفاقية ميتة .

تلك هي مبادئك لكنها مفيدة لي أنا أيضــاً )) .

سمعته يأخذ نفساً سريعاً قبل أن يقول : (( يبدو أنني علمتك أكثر مما

أدري . يمكنني أن أتذكر أوقاتاً كنت فيها أكرم نفساً من أن تقولي شيئاً قاسياً

كهذا )) . ـ

ـ ماركو . . .

ـ أنت طبعاً على صواب , مهما كان رأيي في أهمية الحديث عن هذا

الأمر .

ـ لم يعد هناك ما يستحق التحدث عنه بيننا . لقد انتهى كل شيء . لم يعد

هناك ما يقال , والأفضل أن تسرع فلديك اجتماع .

وخرجت من مكتبه شبه راكضة , لا تدري هل تصرخ أن تقذفه بشيء .

كيف يجرؤ على إثارة الاضطراب فيها بذلك الجو من الألم المكبوت الذي يحيط

به ؟ إنها تعرفه جيداً ولا يمكنه أن يخدعها . ليس في الأمر أكثر من أنه يحتال

عليها لكي يجعلها هي المخطئة التي تستحق اللوم . لكنها لا تستطيع مواجهة

ذلك حالياً . ـ

* * *

أصعب ما في الأمر هو إطلاع لوشيا على ما حدث بالرغم من أن الأم

كانت متفهمة . وتنهدت لوشيا : (( لطالما شعرت بأن هناك شيئاً خاطئاً . حتى

في البندقية أحسست بذلك . لكنني افترضت أنني لا أرى سوى ما أريد

رؤيته . ويبدو , مع الأسف , أن ماركو أخذ ذلك عني )) .

واعتصرت يد هارييت : (( ماذا حدث )) .

ـ الأمر بسيط للغاية . أنا وماركو عقدنا اتفاقية عمل , لكنني وجدت

شروطها صعبة التنفيذ . لقد تعقدت كل مشاعري . والشيء الوحيد الذي

اتفقنا عليه لن يحدث . ـ

ـ لكنه يرغب بك كثيراً . . .

ـ نعم , هو يرغب بي . كما يرغب في كل شيء يراه مناسباً له . لكن هذا

لا يكفــي .

ـ أتقولين إنك تحبينه ؟

ـ ليس الأمر بهذه البساطة . ـ

قالت هذا بحذر متذكرة أن لوشيا لا بد ستخبر ابنها بكل هذا : (( كيف

يمكنك أن تحبي رجلاً لا يحتاج إلى من يحبه ؟ )) .

ـ كل رجل يحتاج إلى من يحبه , وربما ماركو أكثر من غيره , لأنه ينكـر

ذلك بشدة .

ـ نعم , لكنني لا أستطيع احتمال ذلك . لا أريد أن أمضي حياتي في

الكفاح .

ـ لا يمكنني أن أقول شيئاً يقنعك ؟

فهزت هارييت رأسها : (( أصعب شيء علي هو أن أتركك . كنت رائعة

معي )) .

فقالت لوشيا بلهفة : (( يجب ألا نخسر هذا . عديني بأنك ستستمرين

بالاتصال بي )) .

وعدتها هارييت بذلك . فعانقتها المرأة والدموع في عينيها تسألها

بحزن : (( متى سترحلين ؟ )) .

ـ ظهر الغد . ـ

ـ سأرافقك إلى المطار .

كانت هارييت تريد أن تترك الملابس التي اشترتها هنا , فقد بدا لها من

غير اللائق أن تأخذ شيئاً من هذه المرأة التي خيبت هي أمالها فيها . لكن

لوشيا أصرت أن تأخذ معها كل شيء دون استثناء , قائلة بجد : (( يا عزيزتي

إيتا , سامحيني لقولي هذا , لكنني لا أستطيع أن أحتمل رؤيتك تعودين إلى

المظهر الذي أتيت به عند وصولك إلى هنا )) .

وأثناء العشاء , حاولت كل منهما أن تسلي الأخرى , من دون أن تعترفا

بأن كليهما تنتظران ماركو . نظرت لوشيا إلى الساعة عدة مرات حتى قالت

هارييت : (( لن يأتي )) . ـ

ـ بل سيأتي . لن يدعك تذهبين من دون كلمة وداع .

ـ ليس بحاجة إلى قول كلمة الوداع . فقد سبق وانتهى مني .

ـ لا تبدأي بمثل هذا القول يا عزيزتي . رؤيته للعالم بذلك الشكل لا

تجعله سعيداً .

فتنهدت هارييت : (( لا أدري ما الذي يجعله سعيداً . ولكن ما يسعده

ليس أنا على كل حال )) . ـ

فسألتها : (( وأنت ؟ هل كان بإمكانك أن تكوني سعيدة معه ؟ )) .

فكان جوابها : (( وهل يمكن لشخص أن يكون سعيداً مع شريك غير

سعيد ؟ )) . ـ

وغمرها ألم قوي وكـأن حجراً أثقل صدرها . وعندما انتصف الليل ,

واجهت حقيقة أن ماركو سيتركها تذهب من دون كلمة وداع .

اتصلت لوشيا بماركو إلى شقته , ثم إلى هاتفه الخليوي , ولكن عبثاً .

فقالت هارييت متوسلة : (( لا تحاولي أكثر من ذك فهكذا أفضـل )) .

ومع ذلك , بقيت مستيقظة معظم الليل علها تستمع إلى صوت

سيارته . وعندما لم يأت , كررت لنفسها أن ذلك أفضل , فهي تعلم أنها

ستضعف أمامه وقد تلقي بنفسها بين ذراعيه وتعده بأي شيء مقابل أن تبقى

معه فقط . وهذا سيكون كارثة , لأنها لن تشعر باحترام لنفسها إذا هي

عاشت مع رجل يعلم أنها تخلت عن كبريائها لتعيش معه , استطاعت أن تنام

ساعتين , استيقظت بعدهما والصداع يتملكها . لم تتناول فطورها , كذلك

لوشيا , وكان عقرباً الساعة يزحفان نحو اللحظة التي تترك فيها هذه الفيلا

إلى الأبد , وتترك ماركو إلى الأبد . فقد سبق وتركته فعلاً .

وجـاء صوت سيارة من الخارج . فقالت لوشيا : (( لا بد أن السائق

أحضر السيارة لتقلنا . آه , إيتا , يا حبيبتي تذكري وعدك لي بأن تبقي على

اتصال )) . ـ

فقالت هارييت بصوت أجش : (( أعدك )) .

وتعانقت المرأتان , ثم شعرت بلوشيا تتصلب بين ذراعيها ثم تصرخ :

(( ماركو ! )) .

وقف عند العتبة وقد بدا شاحباً للغاية إنما متحكم في نفسه . وحبست

هارييت أنفاسها . وقالت لوشيا بفرح : (( الحمد الله أنك جئت ! )) .

ـ طبعاً . وهل ظننتني عديم الأخلاق لكي أترك ضيفتنا ترحل من دون

أن أودعها ؟ سـآخذ هارييت إلى المطار بنفسي .

راح قلبها يخفق . بسرعة منذ لحظة اشتعال الأمل في نفسها , لكنها

أرغمت نفسها على الهدوء . . . انتظر ماركو في السيارة إلى حين انتهت من

وداعها للوشيا , وعندما صعدت على جانبه كانت ما تزال تغالب دموعها .

وتفحص ماركو وجهها بينما وجهه لم يكن ينبئ بشيء . ثم هبطت نظراته

إلى يدها التي كانت خالية من الخاتم , فقالت : (( لم أكن أعرف أنك قادم ,

ولهذا سلمت الخاتم إلى أمك )) .

فقال وهو يستدير بالسيارة : (( لقد آلم هذا أمـي كثيراً )) .

ـ أعرف هذا . لكننا تحدثنا طويلاً , وأظنها تتفهم الأمر .

ـ أكثر مني . ـ

ـ وقد وعدتها بأن أبقى على اتصال بها .

ـ هذا حسن . إذن أرجو أن أسمع بعض أخبارك .

ـ نعم حسناً . . . سأتصل , بالنسبة إلى المال . . .

ـ سبق وأخبرتك أن لا داعي للعجلة في هذا . يمكننا أن نقسط المبلغ .

ـ لا , بل الأفضل أن أدفع المبلغ كاملاً .

شتم بصوت خافت : (( أنت امرأة صلبة عنيدة )) .

فكرت في أنها عنيدة حقاً . ولكن صلبة ؟ ربما هي تحاول أن تحيط نفسها

بجدار يقيها من الألم لفراقه . وهذا سينجح في النهاية , كما حدثت نفسها ,

خصوصاً وهو يريها منه الناحية الأقل مودة ولطفاً . وفي المطار بقي معها إلى

حين وقت التسجيل , فساعدها بأدب على التأكد من وجود التذكرة وجواز

السفر . ـ

قالت : (( سـأدخل مباشرة ولا حاجة بك إلى أن تبقى معي . شكــراً

لإحضارك لي )) .

ـ ما من إزعــاج .

ـ حظــاً سعيداً في مشروع الشراكة .

ـ ماذا ؟ آه , نعم . شكراً . حسناً , لن أضيع الوقت . وداعاً وحظــاً

سعيداً .

صافحها ثم ابتعد بخطوات واسعة من دون النظر خلفه . استقل سيارته

وأشعل المحرك , ثم عاد فأطفأه ووضع رأسه بين ذراعيه على المقود . وبقي

كذلك إلى أن دق شخص ما على زجاج النافذة ليرى إن كان بخير .

* * *

ـ لماذا أردتني أن أحضــر إلى هنا , يا ولدي ؟

وأجالت لوشيا نظراتها في أنحاء الشقة التي كانت تبدو أكثر تحفظــاً

وتقشفاً من أي وقت مضى .

ـ لقد مضى يومان الآن , لماذا لم تأت إلى البيت وتتحدث إلي ؟

فاقل بابتسامة مرهقة : (( أنت تعرفين مدى انشغالي حالياً يا أمي . هذه

الشراكة . . . )) . ـ

ـ لقد جعلت من ذلك عذراً لهارييت , لكنك لن تقنعني أنا .

فسكت , وذهبت هي إلى المطبخ لتحضر القهوة . وعندما عادت كان

ماركو جالساً , شابكاً أصابعه على ركبتيه وهو يحدق إلى الأرض . أخذ منها

الفنجان بابتسامة شكر خفيفة . نظرة واحدة إلى وجهه كانت كافية لإعادتها

إلى المطبخ لتعود أخيراً بطبق كبير من المعكرونة , ثم سـألته وهي تجلس

أمامه : (( متى أكلت آخر مرة ؟ )) . ـ

فهز كتفيه : (( في وقت ما . شكراً يا أمي )) .

نظرت إليه بعطف : (( كنت أحمق للغاية )) .

فأجفـل : (( أنا ؟ أنا الذي أردت أن يستمر زواجنا )) .

ـ نعم , حاولت ذلك بكل مراوغة وإرغام . وماذا كانت النتيجة ؟ لقد

فقدت كنة كنت شغوفة بها بشكل خاص . هذا لن ينفع .

ـ ماذا تتوقعين مني أن أفعل ؟ لا يمكنني أن أرغمها على الزواج بي .

ـ إذن أنت تعلمت هذا , أليس كذلك ؟

ـ من السهل أن تتكلمي يا أمي , ولكن لا يمكنك أن تتحدثي بالمنطق

إلى هارييت , إنها تعيش في عالم الأحلام . ـ

وشخر ساخراً : (( إنها تسمي نفسها سيدة أعمال . لكن سكان القمر

يعرفون عن التجارة أكثر منها . تظن أن إدارة عملها مسألة حب لقطعها

الأثرية والعثور لها على (( بيوت شغوفة )) )) .

فتنهدت لوشيا : (( آه , هذه هي شخصية هارييت )) .

ـ نعم , وكذلك طريقتها في إدارة المتجر . إنها الآن تتحدث عن إعادة

المال الذي أقرضتها إياه , كله دفعة واحدة . كيف تظن بإمكانها أن تفعل

ذلك ؟ إنها ليست بتلك الخبرة التي تظنها .

ـ في الحقيقة , يا ماركو , ماذا تعرف عن مدى خبرتها ؟

قفز واقفاً وسار إلى خزنة سرية , تناول من داخلها القلادة الذهبية

الأثرية : (( أترين هذه ؟؟ أخذتها إلى لندن وأريتها لهارييت في اليوم الأول

لتعارفنا . أتذكرين كم كان أبي مزهواً بها , وكم كان يحكي الحكايات عن

الحفريات التي اكتشفت فيها ؟ أخبرتني هارييت بأنها زائفة )) .

ـ لكنها , يا ولدي العزيز , زائفة فعلاً . ـ

ـ ماذا تعنين ؟ إنها أترورية حقيقية .

ـ لا . القلادة الأصلية كانت أترورية . ولكن منذ سنين , عانى أبوك من

مشاكل ماليه فباعها . وهذه هي نسخة صنعها مزيف خبير كان الأفضل في

مهنته , ومن المهارة إلى حد لم يكتشف زيفها أحد طال السنين الماضية . حتى

كشفته هارييت .

أخــذ ماركو يحدق إليها صامتاً .

* * *

رفعت هارييت القلم للمرة الثانية , ثم عادت فوضعته . وقالت بحزن :

(( الأمر يبدو منتهياً )) . ـ

فأومـأ المحامي السيد بندري : (( البيع نهائي . ولكن سيكون من عدم

الحكمة منك أن ترفضي عرض (( ألوم وجونزي )) )) .

ـ ولكن لمن هذه الشركة ؟

ـ وهل هذا مهم ؟ لقد قبلت هذه الشركة دفع الثمن الذي طلبته من دون

نقاش . بالإضافة إلى أنهم يريدونك أن تبقي لتديري المتجر . وبهذا لا تخسرين

شيــئاً . ـ

ـ ما عدا أنه لن يعود ملكي بعد الآن .

ـ حسناً , إذا كنت حقاً لا تريدين أن تبيعي , يمكنك أن تسألي السنيور

كالـﭭـاني إذا كان بإمكانك أن تدفعي له بالتقسيط . هل أتصل . . .

ـ لا , شكراً .

قالت هارييت هذا بحزم . لقد أقسمت على أن تقضي على كل ارتباط

يجمعها بماركو . فهذه هي الوسيلة الوحيدة لإخراجه من حياتها , إن لم يكن

من قلبها . وهي تفضل أن تموت على أن تطلب منه خدمة بعد الآن .

وبسرعة , وضعت توقيعها ودفعت الورقة على المكتب .

قال السيد بندري : (( والآن , هذه هي اتفاقيتك بصفتك المديرة لستة

أشهر )) .

توقفت هارييت مرة أخرى : (( لا أدري . أليس الانتهاء من هذا كلياً هو

الأفضل ؟ )) . ـ

لكن ليس هناك ما يدعى : (( الانتهاء كلياً )) . ألم تكتشف ذلك في الأيام

الموحشة والليالي المؤلمة ؟

سألها السيد بندري : (( هل لديك خيار آخر ؟ )) .

ـ لا . لا أظن ذلك .

قالت هذا وهي تتناول القلم . ـ

ـ أنت تستمرين في إدارة المتجر فقط , وأظن أنهم سيرسلون شخصاً

ليراك , عاجلاً أو آجـلاً .

بقيت مستيقظة طوال الليل , عالمة بأن توقيعها كان ناجماً عن ضعفها .

لم تستطع أن تواجه إفلاساً آخر بعد الإفلاس الأول بمثل هذه المدة القصيرة .

ستنهي العقد ثم تنفصل عن متجرها شيئاً فشيئاً .

وللمرة الآلف منذ عودتها إلى لندن , أخذت تتساءل عما جعلها تتخذ

مثل هذا الموقف العنيد ضد الرجل الذي لم تكف لحظة عن حبه . والحق يُقال

إنها لطالما اعتبرت نفسها ضعيفة نوعاً ما , فما الذي جعلها تجد الأسلحة التي

في يدها ؟

ماركو هو الذي أراها إياها . لقد أخبرها بأنها قوية وشجاعة ومستقلة ,

وكان ذلك صحيحاً . الإهمال والوحدة اللذان دمغا حياتها علماها كيف

تكون وحدها , لكنها لم تعرف ذلك حتى كشف لها ماركو عن قوتها . لقد

أراها أن بإمكانها أن تعيش من دون أبيها الذي تحن إليه دوماً , والخطوة

التالية هي علمها أن بإمكانها أن تعيش من دون أحد .

والآن , بإمكانها أن تعيش من دون ماركو , لأنه علمها كيف تفعل

ذلك . ـ

* * *

وفي اليوم التالي تأخرت في النوم . وكان هذا اليوم هو عطلة مديرة المتجر

السيدة جيلكرست فأسرعت هارييت إلى المتجر , سائلة الله ألا يدع شركة

(( ألوم وجونزي )) ترسل ممثلها في هذا اليوم بالذات , وعندما وصلت وجدت

الباب الأمامي مفتوحاً , فأدركت أن الله لم يستجب لدعائها . وشعرت

بالهزيمة . لقد تأخرت . . . تماماً مثل ذلك اليوم . بإمكانها أن تتصور

بالضبط ما كان سيقوله ماركو عن هذه المرأة .

وكان ذلك ما قاله بالضبط و هو يخرج من ذلك القسم الخلفي من المتجر

وهو ينظــر إليها ساخراً : (( تباً , يا هارييت ! ألا تأتين أبداً في الوقت

الصحيح ؟ )) . ـ

* * *

نهاية الفصل (( الحادي عشر )) . . .

: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :

:


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:34 PM   #15

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




12 ـ

كلا ! لم أندم


ـ لا أصدق عيني !

قالت هارييت هذا وهي تضع حقيبة يدها جانباً وتواجهه : (( ماذا تفعل

هنا ؟ )) .

ـ ألم تفهمي بعد ؟

ـ (( ألوم وجونزي )) ؟ ؟

ـ شركة صغيرة سر أصحابها أن أستلم أعمالهم .

ـ حتى ولو لم يسرهم ذلك , لاستلمتها على أي حال .

ـ لا . كنت سأجد شركة أخرى . أنا بحاجة إلى واجهة . ما كنت لتبيعين

لو أدركت أن الشاري هو أنا .

ـ بعبارة أخرى , هذا نوع آخـر من ممارساتك للسيطرة . آسفة يا ماركو .

هذا لن ينجح . ســأغير رأيي .

أمسك بالعقد الذي وقعته في اليوم السابق والذي يُلزمها بإدارة المتجر

لستة أشهر : (( وماذا بشأن هذا ؟ )) .

ـ إرفع دعوى ضدي . ـ

ـ سأفعل , إذا جعلتني اضطر إلى ذلك , لكنك لن تفعلي . فأنت امرأة

تفي بوعودك , وهذا المكان بحاجة إليك . ولا يستطيع أحد آخر أن يديره .

سنجعله مربحاً كما ينبغي أن يكون .

ضحكت هارييت غير مصدقة : (( أتريدني ؟ أنا المرأة التي لم تستطع أن

تعرف الزائف من الصحيح ؟ هذا غير ممكن )) . ـ

وشعرت بالشماتة وهي ترى وجهه يحمر : (( ماذا تريدينني أن أقول ؟

إنني كنت مخطئاً ؟ لا بأس , سأقولها . كانت تلك القلادة زائفة . لقد باعت

أمي القلادة الأصلية منذ سنين , وتقول إنك الوحيد التي لاحظت ذلك )) .

فأشرق وجه هارييت : (( كيف حالها ؟ )) .

ـ لدي تعليمات صارمة بأن أرسل إليها أخبارك . وسـأفعل ذلك فيما

بعد . أما الآن , فعلينا أن نتحدث بشكل جاد .

ـ حسناً , لن أحــاول أن أدافع عن حساباتي أمامك . . .

ـ لا , لا تحتاج إلى دفاع . ـ

ـ لأنك سبق وعرفت الأسوأ . أنت مجنون , أتعلم ذلك ؟

فلمعت عيناه : (( أنا لا أفعل شيئاً من دون سبب وجيه )) .

ـ ما من سبب وجيه لوجودك هنا .

ـ هذا أقرره أنا . لدينا اتفاقية , والقرض يُسدد بأقساط سهلة . بدلاً

من ذلك اخترت أن تحرمي نفسك من كل ما تحبينه لكي تسدديه دفعة

واحدة . وهذا يلقي علي مسؤولية معينة .

ـ ليس لديك . . .

ـ هل يمكنك أن تلزمي الهدوء أثناء حديثي؟ عندما أريد أن أسمع ما

تريدين قوله سأسألك لدي مسؤولية تجاهك وعلي أن أواجهها . سأعلمك

أن تكوني سيدة أعمال فطنة حتى ولو كان شبه مستحيل . وفي الوقت

المناسب ستجمعين ما يكفي من المال لكي تسترجعي هذا المتجر بشرائه .

وبعد ذلك لن يكون علي أن ألوم نفسي لأنني أذيتك . ـ

فقالت بحدة : (( هل يمكنني أن أتكلم الآن ؟ )) .

ـ إذا كان ذلك ضرورياً .

ـ ما هذا الضمير الحي ؟

ـ الضمير الحي هو ركن العمل الجيد . والآن , أقترح أن تعدي الشاي

وسنناقش مسألة شراء بضاعتك . بعض المواقع التي زرتها على الإنترنت تبدو

مثيرة للاهتمام .

ـ هل اطلعت على ملفاتي , وكيف ؟

ـ اخترقت رقمك السري طبعاً . ـ

فتمتمت : (( طبعاً ))

ـ لو وصلت في الوقت المحدد إلى عملك لكان ذلك أسهل .

قال هذا باختصار وجعلها تدرك أن هذا الرجل هو الآن رب عملها ,

ومن الآن فصاعداً , عليها أن تتذكر ذلك . لقد استقر ماركو هنا ويبدو أنه

جاء ليمضي فترة طويلة . فقد استأجر غرفة في فندق الريتز , وسيارة يصل بها

إلى المتجر مبكراً ويغادر متأخراً . أعطاها برنامجاً مكثفاً للتدرب على إدارة

المال , من دون اعتبار لما كان قد حصل بينهما . وعندما انتهى من تمزيق

خططها العملية إرباً , راح ينتقد محاسبها : (( كان يهاب علمك الأكاديمي

لدرج أنه تركك تنجين بأخطائك الفادحة في المحاسبة )) .

ـ إنه رجل رائع . ـ

ـ كان علي أن أدرك هذا . أنت لست بحاجة إلى رجل رائع , بل إلى من

يعاملك بحزم . ما هذا ؟

وكان يشير إلى أرقام غريبة .

ـ إنها شيفرتي السرية .

فقال بحدة : (( فسريها )) .

ففعلت وهي تغلي غضباً . فقال : (( حسناً , هذا واضح . ولكن ما كنت

لأعلم معناها لو لم تفسريها لي )) .

ـ أنا دوماً أكتب التفاصيل فيما بعد .

ـ إفعلي ذلك الآن . ـ

ـ لماذا تريد أن تتحكم بمن يعمل معك في كل شيء ؟

ـ أنت عالمة آثار نابغة , إلا أنك فاشلة في المعاملات التجارية .

ـ أنا أعلم هـذا !

ســاد الصمت , وكان ماركو يتنفس بصعوبة , وقال بحدة : (( جميل جداً !

إذن فقد اتفقنا أخيراً على شيء . وهذه بداية جيدة )) .

ـ ولماذا علينا أن نتفق على أي شيء ؟ هذا لم يحدث قط من قبل . لماذا لا

تكلف المحاسب الجديد بمراقبة الأعمال عندما تعود إلى بلادك ؟

ـ لن أعود إلى بلادي قبل أن أعلمك كيف لا تفلسين مرة أخرى .

ـ أنت تعني كيف لا أفلسك أنت ؟ ـ

تردد لحظة , ثم قال : (( نعم . . . نعم . هذا ما عنيته )) .

ـ ولكن ليس بإمكانك أن تبقي هنا . يجب أن تكون في روما في هذه

اللحظة , مكافحاً للحصول على تلك الشراكة . ـ

فهز كتفيه : (( لقد حسمت أمرها قبل أن أغادر )) .

ـ إذاً , نلت ما تريد .

ـ نعم .

وكان يكتب شيئاً .

ـ أنت أصغر الشركاء . . . كما أردت بالضبط . تهاني !

فقال باختصار : (( شكراً )) .

لقد حصل على ما يريد : كل شيء منظم وتحت السيطرة . لقد نظم

مهنته , وها هو الآن يسوي مسألة ضميره الصغيرة ثم يعود إلى بلاده ويتركها

خلفه . ولكن هذا ما كانت تريده أن يفعل . لذا , ليس هناك ما تشكو منه .

وإذا كانت واثقة من شيء فهو هذا .

* * *

سـألها ذات يوم : (( كيف تشترين القطع الأثرية ؟ لا يمكنك أن تستعملي

دوماً (( الإنترنت )) )) . ـ

ـ نادراً ما استعمله . الأفضل هو السفر في أنحاء البلاد .

وفي اليوم التالي انطلقا إلى منزل ريفي في جنوب لندن , كان صاحبه قد

وقع في ضيق فباع البيت إلى مجلس البلدية المحلي . وكان ينقل إلى قاعة قريبة

لمزاد علني ما يستطيع نقله من محتوياته .

قالت هارييت بأسف وهي تفحص تلك المجموعة الكئيبة من القطع

الأثرية : (( لن يحصل على الكثير ثمناً لهذه . يا للرجل المسكين )) .

ونظرت بعطف إلى صاحب القطع , وهو رجل بدين أبيض الشعر

حزين الوجه . ـ

سألها ماركو : (( هل وجدت أي شيء يهمنا ؟ )) .

ـ حسناً , هذا الإناء يبدو . . .

وسكتت وهي تتفحص الإناء الزجاجي . . . ورأى ماركو ومضة

اهتمام سرعان ما كبحتها , بصفتها مهنية محترفة .

سألها : (( ماذا )) .

فقالت بهدوء : (( إنها قطعة أصلية صنعت في البندقية في القرن الثاني

عشر . تستحق حوالي خمسين ألف دولار )) .

ـ لكن السعر الأدنى المطلوب هو ألف دولار فقط .

ـ أعلم هذا ولكن ليس لصاحبه فكرة عن قيمته .

ـ إذن فقد وجدت صفقة حقيقية ؟ هذا جيد . ـ

ضرب المنادي في المزاد العلني بمطرقته : (( سيداتي سادتي , تفضلوا

بالجلوس )) . ـ

حجز ماركو مقعدين في الصف الأمامي , ثم نظر حوله يبحث عن

هارييت . وبعد لحظة رآها تتحدث بجد إلى صاحب الإناء بحضور منادي

المزاد . وفكر ماركو في أنه لا يستطيع أن يصدق هذا . لا , لا يمكنه أن

يصدق حتى ولا منها هي . وعاد منادي المزاد العلني يقرع بمطرقته :

(( سيداتي سادتي , علي أن أعلن الآن أن القطعة رقم ( 43 ) يبلغ حدها الأدنى

المطلوب خمسين ألف دولار . . . )) .

علم ماركو من الاحتجاج الذي انبعث من خلفه , أن الآخرين علموا

الشيء نفسه عن الإناء وبقوا هادئين . لكنهم ليسو هارييت , كما فكر

ماركو بابتسامة خفية . نادت هارييت من عند الباب , مشيرة إلى أن عليهما أن

يذهبا . وعندما انضم إليها قالت له : (( لا يهمنا شيء آخر هنا )) .

ـ كلا ؟

ـ لا . لسنا مهتمين . ـ

ـ أراك أخبرته .

ـ كنت مضطرة لذلك , ذلك الرجل العجوز المسكين , كاد يبكي . قال

إن ذلك سيكون ذا فائدة بالنسبة إلى تقاعده . . . ما الذي تفعله ؟

هتفت محتجة حين رأته يدفعها بعنف .

ـ أدفعك إلى مكان آمن قبل أن يقتلك أحدهم لفعلتك هذه .

ـ أوكنت أنت لتفعل ذلك ؟

لم يجب على ذلك إلا بنظرة . وعندما أصبحا في الخارج , واجهته بمزيج

من الخجل والتمرد : (( لم أستطع أن أفعل غير ذلك ألا ترى ؟ إنه بريء للغاية

فلم استطع أن آخذ المال بينما هو أشد الحاجة إليه . . . )) .

ـ لكن يا عزيزتي المجنونة هارييت , الأعمال لا تسير على هذا النحو .

ـ إذا كنت لا أحسن القيام بعملي . فالأفضل أن تطردني .

فقال بابتسامة غريبة : (( لا , أنا مسرور بأنك أخبرته . لو فعلت أي شيء

آخــر لما كنت هارييت )) . ـ

* * *

عادا إلى لندن في وقت متأخر من بعد الظهر . وقال ماركو : (( والآن نحن

بحاجة إلى طعام . أظن أنه لا يمكنني أن أدعو نفسي إلى منزلك لتناول

الطعام . ما دمت أنا رئيسك فهذا قد يكون (( تحرشاً )) )) .

ـ سـأجازف بذلك . بعد أن تذوق طعامي , لن تستطيع أن تفعل شيئاً

آخـر . ـ

ـ سيدة ذكية . هيا أرشديني إلى الطريق .

كان بيتها عبارة عن شقة صغيرة قائمة في القسم الرخيص من المدينة .

وتساءلت هارييت كيف ستبدو لماركو الذي نشأ في رفاهية فيلا كالـﭭـاني . رأته

ينظر في أنحاء الغرف الضيقة لكنه لم يقل شيئاً .

حضرت هي المعكرونة , وكلفته بتحضير الصلصة . كان الحديث متفرقاً

وممتعاً . ـ

صممت هارييت أن تكون قوية , لكن كيف يمكنها ذلك بينما هو

قريب منها ؟ رفعت بصرها ورأته ينظر إليها وإذا به يشيح عنها بوجهه من

دون كلمة , تاركاً ذكرى تلك النظرة في عينيه . لا بد أن يكون هناك وسيلة

تحمي بها نفسها من ذلك . . . ويا ليتها تعرفها ! ليس من العدل أن يزداد

حبها له أكثر من أي وقت آخر , ولا أن يرحل الآن ويتركها تغالب تعاستها .

بدت متوترة الأعصاب , تتساءل عما سيفعل ؟ وكيف ستكون ردة فعلها ؟

ولماذا هو هنا أصلاً ؟ ـ

وفي النهاية , قام بشيء لم تكن تتوقعه على الإطلاق . فبينما كانت تضع

الأطباق في حوض غسل الصحون , وقف خلفها ووضع يديه على كتفيها .

وبعد أن بقي لحظة دون حراك , وضع ذراعه حول عنقها وجذبها إليه , ثم

أحنى رأسه ووضعه برفق إلى جانب عنقها . شعرت بيديه تلمسان بشرتها

بخفة , لكن حركته لم تكن محمومة ولا حتى عاطفية . بدا عليه الإرهاق

ووهن العزيمة , وتذكرت فجأة ذلك اليوم , عندما وجدته نائماً في الحديقة ,

وكيف وضع ذراعيه حولها وأراح رأسه , وكأنه وجد فيها ملاذاً .

وببطء , رفعت يدها تلمس يده , وبقيا على هذا النحو لحظة طويلة . ثم

تركها وابتعد . وعندما ذهبت تبحث عنه وجدته قرب خزانة كتبها , يقرأ

العناوين . ومن دون أن يبدو عليه التأثر .

أعدت هارييت القهوة . وخلال شربها , تحدثا قليلاً عن العمل قبل أن

يغادر ماركو شقتها , تاركاً إياها في حيرة وارتباك .

* * *

بعد تلك السهرة في منزلها لم يعد ماركو يأتي إلى متجرها يومياً ,

وافترضت أنه يخلص بعض الأعمال العالقة في روما . ذات صباح عندما

كانت وحدها , دخلت خلف متجرها لتحضر الشاي . وعندما خرجت من

مطبخها الصغير , رأت امرأة شابة تقف هناك . كانت ترتدي ملابس ثمينة

وبدت في الثلاثين من عمرها تقريباً , داكنة الشعر والعينين , جميلة وحامل في

الشهر السادس تقريباً . وعلى وجهها ابتسامة امرأة راضية تماماً عن حياتها .

ـ هل أنت السنيوريتا دستينو ؟

كانت لكنتها إيطالية وتتكلم بحذر كشخص يتلمس طريقه في اللغة .

ـ نعم , أنا هارييت دستينو . كيف لي أن أساعدك ؟

ـ آه , لا . أنا لم أحضر لأشتري بل لأتحدث . عن ماركو . . .

ـ لم أفهم . ـ

ـ إسمي هو أليساندرا . جئت لأخبرك أنه من المهم أن تتزوجيه .

حدقت هارييت إليها , والكلمات الوحيدة التي خطرت ببالها هي :

(( فلنشرب كوب شاي )) .

وعندما جلستا , قال هارييت : (( هل لك أن تكرري ما قلته ؟ )) .

ـ عليك أن تتزوجي ماركو , هل تظنينني مجنونة ؟

ـ لا , لا أظنك مجنونة لكنني أعجب لماذا يهمك أمر زواج ماركو ؟

ـ لماذا يجب أن أقلق على شخص عرفته في الماضي ؟ ربما أشعر بشيء من

الذنب . منذ افترقنا سارت حياتي بشكل جيد , خلافاً لحياته . قال لي

أصدقائي إنه تقوقع على نفسه , وابـتدأ يبتعد عن العالم وقد أكون أنا الملامة في

ذلك . ـ

ـ ليس ذنبك أنك غيرت رأيك . ـ

ـ لا , ولكن كان علي أن أكون من الشجاعة بحيث أفسخ خطبتنا بصدق

ونزاهة . ماركو حساس جداً , لكنه الآن يتصرف بشكل مختلف . لم يعد

يشعر بشيء نحو العالم , لكن العالم لا يعرفه .

ونظرت إلى هارييت بدهاء : (( لكنني أظنك تعرفين ذلك )) .

ـ نعم . بعد ذهابي إلى إيطاليا سرعان ما شعرت بأنه يخفي شيئاً . حتى إنه

يخفيه عن نفسه .

ـ آه , هذا سيء للغاية . وهذا أيضاً ذنبي أنا . لم يكن قبلاً يخفي شيئاً .

لقد دمرني بحبه . وتدريجياً أخذت أشعر بأنه أكثر مما أريـد . كان غيوراً ,

ومتملكاً . تملكني الضجر , ومات حبي له , أحببت رجلاً آخر لكنني لم اخبر

ماركو . خفت مما قد يفعله . ثم إن هارفي كان متزوجاً . . .

هزت أليساندرا كتفيها , ولاذت هارييت بصمت دبلوماسي . كانت

على وشك أن تعرف المفتاح إلى قلب ماركو , ولم تشأ أن تجازف بخسارة هذه

الفرصة لكي تظهر رأيها في هذه المرأة الأنانية . ـ

ـ بعد ذلك بدأ ماركو يخطط للزواج . جـادلته لأجل تأجيله ولكن . . .

أنت تعرفين كيف هو .

فـأومأت هارييت .

ـ بدا سعيداً جداً . . . حــاولت أن أخبـره بالحقيقة . . . لكنني أعترف

بأنني كنت خائفة منه , إذ بإمكانه أن يكون رجلاً مخيفاً للغاية إذا ثار غضبه .

كان إحساسه قويـاً , لكنه جاهد لإخفائه , لأن الناس إذا عرفوا بذلك

سيعتبرون هذا ضعفاً منه ويستغلونه ضده . ـ

ـ ماذا حدث بعد ذلك ؟

ـ ذات يوم عاد ماركو باكراً من رحلة عمل , وجــاء إلى شقتي من دون

إنذار . دخـل مستخدماً مفتاحه الخاص . وكان هارفي معي .

وأجفلت هارييت وأغمضت عينيها : (( وماذا قال ؟ )) . ـ

ـ لا شيء . لم يتفوه بكلمة واحدة . بدا مصعوقاً ثم خرج . وكانت هذه

آخر مرة رأيته فيها . ثم أرسل إلي ورقة يقول فيها إنه أخبر الناس أن الزفاف

أبطل بموافقتنا نحن الإثنين . وطبعاً أنا وافقت على ذلك . وحينذاك علمت

زوجة هارفي بالحقيقة فهربنا معاً إلى انكلترا ورُزقنا هناك بطفل . لا أحد في

روما يعرف أني خنت ماركو أثناء خطوبتنا . الجميع يظن أننا فسخنا

الخطوبة بالتراضي , وأنا مسرورة لأجل ماركو . فلو عرفت الحقيقة , لسببت

الحرج لماركو . لقد قيل له إنني فتاة عابثة لكنه رفض أن يصدق . إنه رجل

وفي مخلص . ـ

ـ لم يعد كذلك . أظن أن كل ذلك مات , وهو الآن لا يعرف كيف

يحب .

فقالت اليساندرا : (( لا . ما من رجل يفقد قدرته على الحب , إنما يخفيها

ويحاول أن ينكرها , لكنها موجودة دائماً . ويوماً ما كان سيقع في الحب مرة

أخرى . أنا مسرورة لأنك أنت من أحب )) .

ـ أنت مخطئة . ماركو لا يحبني . ـ

ـ كلام فارغ , إنه يحبك طبعاً . ماذا تظنينه يفعل هنا منذ أسابيع , بينما

عليه أن يكون في روما ليحصل على تلك الشراكة ؟

ـ لكنه حصل على الشراكة قبل أن يغادر . . .

قالت هارييت هذا محتجة , فرفعت أليساندرا حاجبيها ما منحها شعوراً

غريباً , فسألتها: (( أليس كذلك ؟ )) .

ـ لا . أخبرني ابن عمي الذي يعمل هناك أن الشراكة كانت من نصيب

شخص آخـر . وقد أُعلن هذا رسميـاً .

كانت هارييت تسير في المكان , لكنها جلست فجأة وسألتها : (( لماذا

جئت إلى هنا ؟ )) . ـ

ـ لكي أريح ضميري وأصلح الضرر الذي سببته له . أنـا مدينة له

بذلك . لا تتخلى عنه يا هارييت . لن يستطيع أن يتحمل ذلك مرة أخرى .

* * *

مر يومان من دون أن يظهر لماركو أي أثر . وأثناء تلك المدة تملكتها

سلسلة من المشاعر , من السعادة إلى الأمل , إلى عدم التصديق إلى اليأس .

بعد ما أخبرتها به أليساندرا أصبحت متلهفة إلى رؤية ماركو , لكي تنظر في

عينيه وتكتشف إن كان يحبها حقــاً . ـ

وأخيراً سمعت وقع خطوات لا يمكن أن تخطئها , ورفعت رأسها

باسمة , لكن الابتسامة بهتت . كان هذا ماركو بشكله الرسمي الجاد للغاية ,

وقد ارتدى ملابس السفر يغطيها معطف . وبدا عليه وكأنه لم ينم طيلة

الليل . سـألته : (( هل ستسافر ؟ )) .

ـ أنـا عائد إلى روما .

ـ لأيام قليلة ؟

ـ بل نهائياً . لن أعود إلى هنــا .

هوى قلبها وتملكها الدوار : (( هكذا . . . ! )) .

ـ وقبل أن أرحل , يجب أن أعطيك هذا .

واخرج من حقيبة أوراقه مغلفاً , وناولها إيــاه . ـ

فتحت المغلف وأخرجت ورقة وحاولت أن تقرأها . لكن الكلمات

تراقصت أمام عينيها . تملكتها فكرة واحدة . إنه راحل . . . وفي لحظات

قليلة ستنتهي حياتها . لا بد أن هنالك طريقة تمنعه من ذلك , لكن ذهنها

توقف عن التفكير بشكل فظيع . وبدا وكأن خفقان قلبها ملأ العالم .

قال بهدوء : (( إقرئيها )) . ـ

حاولت أن تركز أفكارها على الورقة , وأفلحت هذه المرة في رؤية

الأرقام . كانت الورقة إيصالاً بالمبلغ الذي دفعه ثمناً للمتجر .

ـ هذه الورقة تقول إن المتجر ملكي , ولكن كيف يمكنني . . . ؟

بدت في عينيه نظرة حزن لا تحتمل : (( لقد سددت لي دينك . فقد

أعطيتني أكثر مما تتصورين . أكثر بكثير مما أستحق )) .

ونظر حوله : (( عندما أفكر كيف جئت إلى هنا لأول مرة , بـالغ الثقة

بنفسي وبما يمكنني فعله , أشعر بقشعريرة اشمئزاز إزاء ذلك الرجل الذي

كنته لقد ذهب الآن , الفضل يعود إليك . وهذا بدل قليل لذلك )) .

وأشـار إلى الورقة : (( كنت أرجو أن أعيده إليك . . . حسناً . . . في

ظروف أسعد . لكنني الآن لا أظن أن ذلك سيحدث . وأريدك أن تحصلي

عليه بأي حال )) .

ـ ولكن . . .

تلعثمت محاولة أن تجد الكلمات : (( لا يمكنك أن تترك لي المتجر ,

سيفلس مرة أخرى )) .

ـ ليس بعد كل ما علمتك إياه . ـ

قال هذا بابتسامة باهتة , وهو يرد عن جبينه إلى الخلف خصلة متدلية

من شعره .

ـ لم أكن تلميذة ماهرة جـداً .

ـ بل كنت الأفضل بين التلميذات . تلك التي علمت معلمها أضعاف

ما علمها إياه و وسـأتذكر دروسك مدى الحياة . ـ

فقالت بعنف : (( لكنني لن أتذكر دروسك , بل سـأنسـاها وأفلس . ومن

ناحية أخرى , مـاذا حدث لرجل الأعمال الحاد الذهن ؟ لا يمكنك أن تعطيني

كل هذا المال . فكر في الضريبة المريعة )) .

فقال باستغراب : (( الضريبة ؟ )) .

ـ أنت علمتني ذلك .

بقي لحظة من دون أن يجيب . فهم الآن أنها تتبع وسيلة جديدة من

وســائلها , وحــاول أن يفهم مــا تعنيه . ثم ســألها بهدوء : (( ماذا . . .

تقولين ؟ )) . ـ

ـ أنت تحدثت عن (( ظروف أسعد )) . ولا أدري لماذا أنت واثق بهذا

الشكل من أن تلك الظروف لن تحدث . ربما استعجلت النتائج . لكنني

أظن . . . بصفتها هدية الزفاف , ستكون مقبولة بشكل أفضل بكثير .

نظر إليها لحظة طويلة قبل أن يقول ببطء : (( لكن السيدة التي أحبها لن

تتزوجني , هكذا أخبرتني , وقد تكون على صواب . ليس من حقي حتى أن

أحــاول إقناعها )) .

لم تستطع هارييت أن تتنفس : (( ربما تغير رأيها , على الأقــل لـضمان دفع

الضرائب )) .

هز رأسه ببطء : (( هذا ليس بالسبب الصحيح )) .

ـ كنت أمزح . ـ

ـ أعرف هذا , لكن بعض الأشياء لا تحتمل المزاح . لأنها بالغة الأهمية .

ـ العمـل ؟

ـ الحب . أنا أحبك يا هارييت . وإذا لم تستطيعي أن تقولي الشيء نفسه ,

دعيني أرحــل بسرعة .

ـ يمكنني أن أقول هذا ألف مرة . ـ

قالت هذا وهي تلامس وجنته , فأمسك يدها على الفور بلهفة بالغة .

فقالت ضارعة : (( قل مجدداً إنك تحبني . أريد أن أسمعك تقولها )) .

وأحاطت وجهه بيديها : (( أحبك من كل قلبي وروحي , ولن أكف يوماً

عن حبك )) .

وقبل أن تخرج الكلمات من فمه تماماً , كانت قد أصبحت بين ذراعيه

يسحقها بعناقه . ثم قال بصوت أجش : (( ظننتني فقدتك . طوال الوقت

الذي أمضيته في روما كنت أعلم أنني أفقدك يوماً بعد يوم من دون أن أعرف

كيف أوقف ما يحدث . أحببتك لكني لم أستطع أن أخبرك , لم أكن أملك

الشجاعة . أنا جبان وهذه هي الحقيقة وربما أن تعرفين ذلك أيضاً )) .


ـ ماركو , حبيبي , أرجوك . . .

ـ لا , لا تمنعيني من الكلام . أريد إطلاعك على الحقيقة قبل أن . . .

فلمست شفتيه تسكته بلطف : (( أنا أعرف . تريد أن تحدثني عن

أليساندرا . لقد جــاءت لتراني )) . ـ

ـ هل كانت هنا ؟ في هذا المتجر ؟ متى ؟

ـ منذ أيام قليلة . حدثتني عن الشراكة التي خسرتها أنت . مع أنك قلت

لي إنك حصلت عليها . ـ

ـ اضطررت لذلك . ولو أخبرتك , لخسرت فرصة وجودي معك .

كانت ستصبح أشبه بابتزازك .

ـ لكن الشراكة تعني كل شيء لك . . .

ـ لا . أنت التي تعنين كل شيء لي . . . ستكون هناك (( شراكة )) أخرى ,

لكنني أعلم أن هذه هي آخـر فرصة لي معك . فإذا فشلت في اكتساب حبك ,

فلن تكون هناك فرصة أخرى أبداً . وهذا ما لا أستطيع احتماله .

وتردد قبل أن يقول بارتباك : (( ماذا حدثتك أليساندرا عني غير

ذلك ؟ )) . ـ

ـ كل شيء . هـل لديك مانع ؟

فهز رأسه : (( والآن بعد أن عرفت , أنا مسرور لذلك . كنت جباناً , لم

أشأ أن أمنح امرأة أخرى الفرصة لتنال مني مرة أخرى , ظننت ذلك نوعاً من

القوة , بينما كان في الحقيقة ضعفاً . لكنك جعلت كل شيء مختلفاً . كنت

سعيداً للغاية معك , حاولت أن أطرد السعادة بالتعقل , لكنها تملكتني .

حاولت أن أخبرك فلم أستطع . ثم حاولت أن أفهمك من دون أن أتكلم

لكنني لم أستطع أن أتصرف بشكل مناسب . كنت أعلم أنني لا استطيع أن

أتركك ترحلين , لكنني ظننت أن بإمكاني أن أحصل عليك بشروطي

الخاصة . وتلك الأمسية في البندقية , عندما أخذنا نتمشى , كل كلمة قلتها

أنت , بدت وكأنها تحذير لي بالنهاية . فأنت كنت قد خططت للرحيل ,

وهكذا حاولت أن أحشرك . . . وأرغمك على الزواج مني , وبهذا خسرتك

تماماً . ولم أعرف كيف أستعيدك . كان ذلك أفضل ما استطعت التفكير فيه ,

لكنك بدوت بالغة الحذر مني . فكرت في أن أرحل وأحررك مني . وكان هـذا

هو الشيء الوحيد لإثبات حب ظننت أنك لا تريدينه )) .

ـ أريد حبك دوماً , فلا تتركني أبداً يا حبيبي .

فقال وهو يضمها إلى صدره : (( أنت لا تعلمين ما تفعلين . ستندمين على

ذلك )) .

ـ أبــداً !

فتمتم يقول : (( أنا لا أقبل بأنصـاف الأمور . أريدك كلك , فأنا متملك

جـداً . . . )) . ـ

فهتفت بفرح : (( كلي لك )) .

ـ سيكون عليك أن تحاربيني . . . عديني بأن تفعلي ذلك , وإلا سـتبدأين

بكرهي وأنـا لا أستطيع أن أحتمل ذلك .

فوعدته قائلة : (( سـأحاربك )) .

فقال بجد : (( وسأتعلم منك , فقد علمتني الكثير . داومي على تعليمي

وكوني مستشارتي . أبقيني آمنـاً )) . ـ

وقبل يدها فهمست : (( آمنـاً في قلبي . . . يا حبيبي إلى الأبد )) .


* * *


تمت بحمد الله وشكره





Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 29-09-17, 12:49 AM   #16

blackgirl

? العضوٌ??? » 393672
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » blackgirl is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

blackgirl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-17, 12:55 AM   #17

سايج@
 
الصورة الرمزية سايج@

? العضوٌ??? » 386322
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,442
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سايج@ is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك carton
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
DON'T let the past hold you back you're missing the good stuff
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سايج@ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-17, 12:56 AM   #18

سايج@
 
الصورة الرمزية سايج@

? العضوٌ??? » 386322
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,442
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سايج@ is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك carton
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
DON'T let the past hold you back you're missing the good stuff
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

سايج@ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-17, 03:41 AM   #19

ميرا conan

? العضوٌ??? » 406402
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 158
?  نُقآطِيْ » ميرا conan is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Just Faith مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس
Ghhjjghklohgfdtghioutrr


ميرا conan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-09-17, 10:20 AM   #20

AliZahraa

? العضوٌ??? » 325900
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 541
?  نُقآطِيْ » AliZahraa is on a distinguished road
Elk

شكراً لك على هذا المجهود

AliZahraa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:12 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.