آخر 10 مشاركات
أبواب الجحيم-زائرة-ج1 من سلسلة دموع الشياطين-للآخاذة::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          ودواهم العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : emy33 - )           »          نعم يا حبيب الروح (17) الجزء1س عائلة ريتشي-للآخاذة أميرة الحب*مميزة -حصرية**كاملة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          موعد مع القدر "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : athenadelta - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          فضيحة فتاة المجتمع الراقي (83) لـ:مورين شايلد (الجزء1 من سلسلة فضائح بارك أفينو)كاملة (الكاتـب : * فوفو * - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          لنجعل اليوم يوم الاعتراف .....؟ (الكاتـب : ميكاسا أكرمان - )           »          لوحة ليست للبيع -ج2 من أهلاً بك في جحيمي- للكاتبة الآخاذة: عبير قائد (بيرو) *مكتملة* (الكاتـب : Omima Hisham - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-09-17, 02:16 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 316-رجل الثلج -(الجزء الثاني من سلسلة لوسي غوردون)




الرواية رائعة ومنقولة للعلم ولينال كل حقه
شكرا لمن كتبها

316-رجل الثلج -(الجزء الثاني من سلسلة لوسي غوردون)
المـــلـخص :
كانت هارييت غارقة في الديون , ومتجر التحف الذي تملكه
مهدد بالإقفال النهائي في كل لحظة .
في وسط هذه المحنة جاءها عرض من المليونير الإيطالي
الرائع ماركو كالفاني لإنقاذ متجرها وتسديد ديونها
مقابل أن تصبح زوجته . فهل ستقع ضحية هذا العرض
المغري حتى لو كان ضد مبدئها الأساسي . لا زواج من دون
حب ".
إذا ذهبت مع ماركو إلى روما قد تقتنع بفكرته وتنقذ
متجرها الغالي . لكن هل بإمكانها أن تنقذه هو من ماض
يأسره ويجعله بارداً كالثلج , وهل بإمكانها أن تجد تحت
برودته تلك حبا يدفئ قلبها .
للتذكير فقط السلسلة مكونة من ثلاث روايات رائعة
الجزء الأول بعنوان
الثاني بعنوان
الثالث بعنوان





محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:23 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

عدد الـــفصول :

12

عناوين الـــفصول :

1 ـ خبيرة أم مشاكسة ؟

2 ـ أغسطس قيصر

3 ـ امرأة جديدة

4 ـ رقصة الحب

5 ـ رجل الثلج

6 ـ في عرين الأسد

7 ـ فخور أم غيور ؟

8 ـ منزل العاشقين

9 ـ بين ذراعيك

10 ـ أعراس البندقية

11 ـ لن أعيش بدون حب !

12 ـ كلا ! لم أندم

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:23 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تمهيد

أنا لست بحاجة إلى زوج , هل تفهمين هذا ؟ أنا لست بحاجة إلى

زوج . ولا أريد ذلك بكل تأكيد .

وهزت هاريـيت كتفيها بنعومة لدى تلفظها بالكلمات الأخيرة فصعقت

المرأة الأخرى لذلك وقالت ضارعة : ( إهدئي يا هارييت )).

ـ زوج ؟ يا إلهي , لقد أمضيت سبعة وعشرين عاماً من مري من دون

أن أزعج نفسي بمخلوق يسبب لي الضيق و . . .

ـ إسمعيني فقط . . . ـ

ـ وعندما أرى أختي تتوسط لي لأتزوج . . . رباه ! حتى أنت لم تتورعي

عن هذا , يا أولمبيا ؟

ـ أنا لم أتوسط للزواج . ظننت فقط أنك قد تجدين ماركو نافعاً .

صدر عن هارييت صوت أشبه بشخير ساخر : (( ما من رجل نافع )).

ـ لا بأس , لن أجادلك .

أولمبيا وهارييت أختان غير شقيقتين , إحداهما إنكليزية والأخرى

إيطالية . شعرهما الكث المائل إلى الاحمرار هو القاسم المشترك الوحيد الذي

يجمعهما , رغم أن الأخت الصغرى أولمبيا تسرح شعرها الطويل بشكل

بديع , بينما تشده هارييت إلى الخلف حول وجهها الجاد .

ملابسهما تكشف أيضاً عن تناقض مزاياهما ؛ فأزياء أولمبيا قمة في

الأناقة الإيطالية , أما هارييت فتختار من الملابس ما هو مريح وبسيط . كما

أن قوام أولمبيا رشيق مغري أما قوام هارييت فأقرب إلى النحافة .

نظرت أولمبيا حولها في ذك المتجر الأنيق في (( ويست إند )) لندن , كان

مليئاً باللوحات الفنية الرائعة والتحف الأثرية . ولفت نظرها عدد منها .

وعندما وقع بصرها على تمثال برونزي هتفت : (( ما أروعه )) . ـ

فقالت هارييت : (( إنه القيصر الروماني أغسطس من القرن الأول )) .

ـ إنه جميل حقاً !

وأخذت تتأمل التمثال عن كثب : (( أنفه رائع وتقاسيم وجهه

أرستقراطية , وفمه جميل , أراهن على أنه كان معبود النساء )) .

فقالت هارييت بحدة : (( أنت دوماً تفكرين فيهم بما يكفي , هذا شيء معيب )).

فهزت كتفيها : (( في الحياة ما هو أهم )). ـ

ـ هراء , لا شيء أهم من ذلك , يا ليتك تهتمين بالرجال الأحياء كما

تهتمين بالأموات منهم . ـ

فقالت هارييت بلهجة لاذعة : (( كنت لتوك تتغزلين برجل مات منذ

ألفي سنة . وعلى كل حال , الأموات أفضل من الأحياء . فهم لا يكذبون ولا

يمهلون أصدقاءهم . ويمكنك أن تتحدثي إليهم من دون أن يقاطعوك )).

ـ كم أنت متهكمة ! أحذرك , إن ماركو متهكم أيضاً , ولولا ذلك

لتزوج منذ زمن بعيد . ـ

ـ إنه عجوز إذاً !

ـ ماركو كالـﭭـاني في الخامسة والثلاثين من العمر , مثقل بالمسؤوليات ,

ووسيم للغاية . ـ

قالت أولمبيا هذا بحماسة , فسألتها هارييت : (( لماذا لم تتزوجيه إذن ؟

قلت إنه طلب منك الزواج أولاً )).

ـ فعل ذلك لأن أمه صديقة لجدتي وترغب بتوحيد الأسرتين .

ـ وهو يفعل ما تقوله له أمه ؟ إنه عديم الشخصية إذاً .

ـ أنت مخطئة . ماركو لا يقتنع إلا برأيه الخاص , وهو يفعل هذا لأسبابه

الخاصة أيضاً . ـ

ـ لعله غريب الأطوار !

ـ إنه يعمل في مصرف ويكرس حياته للعمل الجاد . وهو يفكر الآن في

الزواج , بعيداً عن الحب والغزل والعبث .

ـ لعله شاذ ! ـ

ـ حسب قول أصدقائي , هو ليس كذلك . بل على العكس , معروف

عنه أنه يدمر النساء , فما إن يقيم علاقة مع المرأة حتى يتركها . يبدو أن

عواطفه لا تتدخل في علاقاته , فعلاقاته بالنساء عابرة , ينهيها قبل أن تتعمق

الأمور . ـ

ـ بهذا الوصف , تجعلينه يبدو صعب المقاومة .

ـ من واجبي إطلاعك على ماله وما عليه . ماركو لا يهتم بالورود وضوء

القمر , لذا أريدك أن تفهمي الأمور بوضوح . ستكون علاقتك به اتحاداً أكثر

منها زواجاً , بما أنك أنت أيضاً فتاة جادة . . .

ـ هل ظننت أنني سأكون سعيدة بقبول الزواج بأحد الذين ترفضينهم ؟

شكراً يا أولمبيا . ـ

ـ هل لك أن تتوقفي عن هذه الحساسية ؟ لقد تكبدت كل هذا العناء

لكي أنبهك إلى أنه ربما يأتي إلى هنا الأسبوع القادم . . .

ـ وأنا شاكرة جداً لك . في الواقع , كنت أفكر في السفر ويبدو لي

الأسبوع القادم مناسباً تماماً .

بسطت أولمبيا يديها بسخط وهي تهتف : (( رباه , يستحيل مساعدتك .

ستنهين حياتك عانساً )) .

وابتسمت هارييت بخبث فبدا وجهها حلواً : (( هذا إذا حالفني الحظ )) .

* * *

: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:26 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 ـ

خبيرة أممشـاكسة


ـ يا ولدي العزيز , هل فكرت جيداً بالموضوع ؟

كان وجه السنيورا لوشيا كالـﭭـاني مليئاً بالاهتمام وهي تنظر إلى ابنها

الذي كان يقفل حقيبة ثيابه . منحها ابتسامة سريعة حملت من الدفء أكثر مما

تحمل لأي شخص آخر , لكنه لم يتوقف عن العمل : (( وماذا هناك لأفكر

فيه ؟ أنا على أي حال أفعل ما طلبته أنت مني , يا أمي )).

فقالت بتشكك أمومي : (( كلام فارغ , أنت لا تفعل إلا ما يناسبك )).

ـ هذا صحيح , ولكن ما يناسبني كل ما يسرك . أنت تريدين أن أتزوج

حفيدة صديقتك , وأنا رأيت ذلك مناسباً . ـ

ـ إذا كنت تعني أن الفكرة أعجبتك , قل هذا , ولا تخاطب أمك وكأنك

في اجتماع مجلس إدارة . ـ

قالت هذا بحدة فتقدم يقبل خدها : (( آسف ولكن ما دمت أقوم بما

تتمنينه , فلا أدري ما هو سبب قلقك هذا )).

ـ عندما قلت إنني أود أن تتزوج حفيدة إيتا , كنت أعني أولمبيا , كما

تعلم جيداً . إنها أنيقة , رشيقة , محنكة , وتعرف كل الطبقة الراقية في روما ,

ويمكن أن تكون خير زوجة . ـ

ـ لا أوافقك الرأي , فهي فتاة عابثة تفتقر إلى النضوج . أختها أكبر منها

سناً وأكثر رصانة كما فهمت .

ـ لكنها نشأت في إنكلترا , وقد لا تتلكم الإيطالية .

ـ أكدت لي أولمبيا أنها تتحدث الإيطالية . كما أن اهتماماتها ثقافية ,

ويبدو أنها ستناسب متطلباتي .

ـ تناسب متطلباتك ؟

قالت الأم هذا بذعر : (( من تتحدث عنها هي امرأة من لحم ودم وليست

مجموعة أسهم )). ـ

فهز كتفيه : (( إنها مجرد طريقة في الكلام . هل نسيتُ شيئاً لم أضعه في

الحقيبة ؟ )) . ـ

وأخذ ينظر في أرجاء الغرفة السابحة في شمس ذلك الصباح المتألقة التي

كانت تتسرب من نافذة الشرفة . خرج ليتنشق الهواء النقي ويمتع ناظريه

بمشهد (( جادة فيتيتو )) . تطل شقته القائمة في الطابق الخامس من هذه البناية

البديعة على كاتدرائية (( سانت بيتر )) ونهر التيبر . توقف لحظة يتأمل تألق

أشعة الشمس على الماء . كان يفعل هذا كل صباح , مهما كان انشغاله .

ولربما أثار هذا دهشة العديد من الأشخاص الذين يعتبرونه مجرد آلة

حسابية . ـ

أما بيته من الداخل فيعزز تحاملهم هذا عليه . فرغم أن الأثاث كان

غالياً , إلا أنه يدل على البساطة , ويبدو بامتياز بيت رجل مكتفٍ بنفسه .

اختيار السكن في وسط روما يناسب تماماً شخصية ماركو , لأن قلبه

وعقله وكل وجوده كان رومانياً . كما أن طول قامته ومظهره وسماته

المتغطرسة تجعله منحدراً من سلاسة ملوك . وليس مستبعداً أن يكون واحداً

منهم ! أوليس أصحاب المصارف العالمية هم الملوك الجدد ؟ يبلغ ماركو

الخامسة والثلاثين من العمر , وهو يتفوق على كل معاصريه في دنيا المال

والشراء والبيع والمعاملات . . . فذلك بالنسبة إليه أشبه بالهواء الذي

يتنفسه , وليس من باب المصادفة أن يتحدث عن زواجه المترقب بتلك

الطريقة العملية التي بثت الذعر في نفس أمه . ـ

وما لبث أن منحها أكثر ابتساماته سحراً : (( أمي , أعجب لجرأتك على

تعنيفي بينما أنت التي اقترحت علي هذا الزواج )).

ـ حسناً , على أحدهم أن يتدبر أمر تزويج أفراد هذه الأسرة . عندما

أفكر في ذك العجوز الأحمق في البندقية الذي خطب مدبرة منزله . . .

ـ أظنك تعنين (( بالعجوز الأحمق )) عمي فرانسيسكو , كونت كالـﭭـاني

ورأس أسرتنا .

فقالت باتزان : (( كونه (( كونت )) لا يمنعه من أن يكون عجوزاً أحمق ,

وكون غويدو وريثه لا يمنع من أن يكون شاباً أحمق حين يريد أن يتزوج من

فتاة إنكليزية . . . )) . ـ

فقال ماركو يغيظ أممه مداعباً بطريقته الجافة : (( لكن دولسي من أسرة

ذات لقب , وهذا مناسب جداَ )) .

ـ الأسرة ذات اللقب التي خسرت أموالها بسبب استهتارها . لقد

سمعت أشنع القصص عن اللورد مادوكس , ولا أظن ابنته أفضل منه

كثيراً .

ـ لا تدعي أياً منهما يسمعك تنتقدين حبيبتهما , فهما في حالة من

الهيام قد تدفعهما لفعل أي شيء دفاعاً عنهما .

ـ أنا لا أقصد أن أكون عديمة التهذيب . لكن الحقيقة هي الحقيقة . على

شخص ما أن يقوم بزيجة حسنة , ولا أحد يعرف ماذا سيفعل ذلك الخجول

المرتبك في توسكانيا . ـ

هز ماركو كتفيه وقد أدرك أن أمه تعني بكلامها ابن عمه ليو : (( ربما لن

يتزوج ليو مطلقاً . ما من نقص في الفتيات الراغبات به في المنطقة . وربما

لهذا السبب , يقوم بعلاقات قصيرة عابرة . . . )). ـ

فقاطعته بحزم : (( لا حاجة بك لعدم التهذيب في التعبير . إذا لم يشأ أن

يقوم بواجبه , فهذا يمنحك سبباً أكبر لأن تقوم أنت بواجبك )).

ـ حسناً , أنا ذاهب إلى إنكلترا لأفعل هذا , إذا ناسبتني المرأة .

ـ هذا إذا ناسبتها أنت . هي لن ترتمي على قدميك .

ـ سأعود إليك إذن وأخبرك بفشلي . ـ

لم يبد عليه الانزعاج لهذا الاحتمال . سبق له أن عرف بعض النساء

اللواتي لم يتأثرن به . أولمبيا , طبعاً , رفضته . لكنهما كانا كأخٍ وأخته .

قالت أمه وهي تتأمله محاولة أن تتبين ما يفكر فيه : (( أنا قلقة عليك ,

أريد أن أراك في بيت سعيد , بدلاً من تضييع وقتك سدى في علاقات تافهة .

لو تزوجتما أنت وأليساندرا كما كان ينبغي عليكما , لكان لديكما الآن ثلاثة

أولاد )). ـ

ـ لم نكن ملائمين , ولنترك الكلام في هذا الموضوع .

قال هذا بصوت رقيق لكن نبرة التحذير لم تكن خافية . فقالت لوشيا

على الفور : (( طبعاً )).

فعندما يحسم ماركو أمراً ما , تفضل أمه ألا تلح عليه .

ـ حان وقت ذهابي , لا تقلقي يا أمي . كل ما في الأمر أنني سأقابل

هارييت ديستينو , وأكون عنها فكرة . فإذا لم تعجبني لن أذكر لها شيئاً .

ولن تعلم هي شيئاً عن الأمر .

* * *

عندما هبط بطائرته في لندن , لاحظ ماركو أنه يتصرف على غير

طبيعته . فهو أساساً ممن يمعنون التفكير في الأمور , لكنه الآن يتصرف

باندفاع . هو رجل منظم ويعيش حياة منتظمة , وهذا برأيه سر النجاح

والثبات والاستقرار . فالعمل الصحيح يُنجز في الوقت الصحيح . عندما

كان في الثلاثين من عمره , كان سيتزوج فعلاً لو أن اليساندرا لم تغير رأيها .

لكنه سرعان ما أخمد هذا التفكير . فقد انتهى كل ما يتعلق بخطبته

العقيمة , وكونه جعل من نفسه شاعرياً أحمق , أصبح من الماضي . والرجل

الحكيم تعلمه التجارب , لــذا لن يكشف عن مشـــاعره مــرة أخرى أبــداً بذلك

الشكـــل . لقد راقه اقتراح أمه بالزواج , إذ سيــجــد لنفسه أسرة من دون أن

يورط قلبه في ذلك . ـ

وصل إلى لندن عند العصر فنزل في الجناح الذي حجزه في فندق الريتز ,

ثم أمضى بقية النهار أمام الهاتف , يراجع المعاملات التي تحتاج إلى تدخله

الشخصي . ظل يعمل حتى الثالثة صباحاً . ثم ذهب إلى فراشه ونام حوالي

خمس ساعات أفادته كثيراً . ـ

وهكذا أمضى ليلته قبل أن يقابل المرأة التي ينوي أن يتزوجها .

* * *

تناول فطوره قبل أن يتجه سيراً على الأقدام إلى (( غاليري ديستينو )). وإذ

عين الوقت بالضبط , فقد وصل عند التاسعة إلا ربعاً , قبل بدء دوام

العمل , ما سيمنحه فرصة يكون فيها فكرة عن المكان قبل أن يقابل

صاحبته . ـ

وما رآه نال استحسانه , فقد كان المتجر جميلاً . ورغم أنه لم ير سوى

القليل من التحف المعروضة من خلال الشبكه الحديدية على واجهة المحل ,

إلا أن ما رآه بدا له مختاراً بشكل جيد يعكس بشكل واضح صورة هارييت

ديستيتو العاقلة والأنيقة , فابتدأ يشعر نحوها بالدفء .

غير أن ذلك الدفء تبدد قليلاً عندما مرت الساعة التاسعة من دون أن

يطل أحد ليفتح المتجر , يا لانعدام الكفاءة ! واستدار فاصطدم بشخص

صرخ : (( آخ )) .

ـ المعذرة . ـ

والتفت ليرى شابة مرتبكة تقفز على الرصيف ممسكة بقدمها , ثم تقول

مجفلة : (( لا بأس )) .

كانت على وشك أن تفقد توازنها لولا أن أمسك بها .

ـ شكراً . هل كنت تريد الدخول ؟

ـ نعم لكنك تأخرت عن موعد فتح المحل . ـ

ـ آه , نعم . هذا صحيح . انتظر لحظة ! لدي المفتاح .

أخذت تبحث عن المفاتيح , وأخذ هو يتأملها , فلم يعجبه فيها شيء .

كانت ترتدي بنطلون جينز وسترة صوفية عاديين جداً , وعلى رأسها قبعة

صوفية زرقاء تغطي شعرها كلياً , قد تكون شابة , وربما جميلة أيضاً . . .

ولكن من الصعب معرفة ذلك ما دامت تبدو كعامل بناء . لا بد أن هارييت

ديستينو بحاجة ماسة إلى موظفة , لنستخدم هذه المرأة .

وبعد وقت بدا له دهراً , سمحت له بالدخول .

ـ لحظة واحدة , ومن ثم أعود إليك . ـ

قالت هذا وهي تلقي أغراضها جانباً , وتفتح الشبكة الحديدية .

ـ كنت أرجو , في الواقع , أن أقابل صاحبة المتجر .

ـ ألا أنفع أنا ؟

ـ لا مع الآسف .

جمدت الشابة فجأة , ثم رمقته بنظرة متوترة وقد تغير سلوكها بأكمله :

(( طبعاً , كان علي أن أدرك هذا , يا لغبائي ! كل ما في الأمر أنني كنت أرجو

أن تتأخر قليلاً . نعم , كنت أرجو أن تتأخر قليلاً . . . آسفة لأن الآنســة

ديستينو ليست هنا حالياً )).

فسألها بصبر : (( هلا قلت لي متى تكون هنا ؟ )).

ـ ليس في وقت قريب . لكنني أستطيع الاتصال بها . ـ

ـ أيمكنك أن تخبريها بأن ماركو كالـﭭـاني جاء لزيارتها ؟

فقالت متظاهرة بالجهل : (( من ؟ )) .

ـ ماركو كالـﭭـاني , إنها لا تعرفني لكن . . .

ـ أتعني أنك لست مبعوثاً من المحكمة ؟

فأجاب بإيجاز وقد تحولت نظراته غريزياً إلى بذلته الفاخرة : (( لا , لست

من المحكمة )) . ـ

ـ هل أنت واثق ؟

ـ أظنني كنت سأعلم لو أنني كذلك .

فقالت بذهن شارد : (( نعم , طبعاً كنت ستعلم . ثم أنت إيطالي , أليس

كذلك ؟ لكنتك مميزة . لكنها ليست قوية جداً لذا فاتتني في البداية )) .

فقال ببطء ووضوح : (( أنا أفتخر بمهارتي في اللغات الأجنبية . والآن

هلا قلت لي من أنت ؟ )) . ـ

ـ أنا ؟ آه , أنا هارييت ديستينو .

ـ أنت ؟

ولم يستطع أن يخفي نبرة الخيبة التي بدت في صوته .

ـ نعم , ولم لا ؟

ـ لأنك سبق وأخبرتني بأنك لست هنا .

ـ أحقاً ؟ آه , لا بد أنني أخطأت فهمك . ـ

قالت هذا بنبرة غامضة فحدق إليها متسائلاً إن كانت مجنونة أو مجرد

مختلة . خلعت قبعتها الصوفية , تاركة شعرها الطويل ينسدل على كتفيها ,

وعند ذلك أدرك أنها تقول الحقيقة لأن شعرها كان شبيهاً بشعر أولمبيا بكثافته

ولونه . إنها المرأة التي يفكر في اتخاذها زوجة له . تنفس بعمق وحذر ,

وكانت هارييت تراقبه مقطبة الجبين : (( هل تعارفنا من قبل ؟ )) .

ـ لا أعتقد ذلك . ـ

ـ وجهك يبدو لي مألوفــاً .

ـ لم نتعارف قط من قبل .

أكد لها ذلك وهو يفكر في أنه لو رأي هذا الوجه لتذكره حتماً .

ـ سأعد القهوة .

دخلت إلى مؤخرة المتجر ووضعت الإبريق على النار مغتاظة من نفسها

لهذه الفوضى التي أحدثتها بالرغم من تحذير أولمبيا لها . لكنها كانت شبه

مقتنعة بأن ماركو لن يعبأ بالحضور ليراها , ثم أنها كانت منشغلة بدائنيها

بحيث لم تجد وقتاً لتفكر في أشياء أخرى . ـ

لم يكن لهارييت مثيل في خبرتها بالتحف الأثرية , فـــذوقــها رفيع تأخذ به

المؤسسات الإجتماعية المهيبة . لكنها , بشكل ما , لم تستطع أن تحول مهارتها

هذه إلى فوائد تجارية تفي بها الديون المتراكمة . ـ

انتهت القهوة فعــادت إلى الواقع . لم تكن تريد بأي شكل أن تكشف عن

ضائقتها المادية لهذا الرجل . وإذا به يظهر فجأة بجانبها فشرد ذهنها

للتشابه , أين رأته قبل الآن يا ترى ؟ ـ

لقد وعدت أولمبيا بألا تدع ماركو يشتبه في أنها على علم بحضوره , لذا

كان التظاهر بالغباء الطريق الأسلم . فقد اكتشفت مؤخراً أن الناس

يصدقون دائماً من يتظاهر بالغباء .

ـ لماذا تريد أن تراني يا سيد . . . كالـﭭـاني , أليس كذلك ؟

ـ ألا يعني اسمي شيئاً ؟ ـ

ـ آسفة , ولكن هل من المفترض أن يعني شيئاً ؟

ـ أنا صديق أختك أولمبيا . ظننتها قد ذكرت لك اسمي .

ـ نجن أختان غير شقيقتين , ولا نرى بعضنا كثيراً . كيف حالها هذه

الأيام ؟ ـ

قالت هذا بشكل عفوي , فأجاب : (( مازالت اجتماعية ورائعة الجمال ,

أخبرتها بأنني أريد أن أتعرف إليك عندما أحضر إلى لندن . وإذا كنت توافقين

يمكننا أن نمضي هذه السهرة معاً وقد نذهب لحضور مسرحية ما ونتناول

العشاء معاً فيما بعد )) .

ـ هذا جيد .

ـ أي نوع من المسرحيات تحبين ؟

ـ كنت أحاول أن أحصل على تذكرة لمسرحية (( الرقص على الخط )) لكن

المقاعد قد نفذت , والليلة هو العرض الأخير .

ـ أظن أن بإمكاني الحصول على تذكرتين .

فقالت بذعر وقد أنبها ضميرها : (( إذا كنت تفكر في شرائهما من السوق

السوداء , فإن ثمن التذكرة مرتفع جداً )) .

فقال باسماً : (( لن أحتاج إلى اللجوء إلى السوق السوداء )) .

نظرت إليه بما يشبه الرهبة : (( أيمكنك أن تحصل على مقعدين لهذه

المسرحية بظرف دقيقة ؟ )) . ـ

فقال بشي من السخرية : (( لا يمكنني أن أعرض نفسي للفشل الآن ,

لكن دعي الأمر لي , سأمر لاصطحابك عند الساعة السابعة )) .

ـ حسناً . يمكننا أن نذهب إلى مسرحية أخرى . ليس لدي مانع .

فقال بحزم : (( بل سنذهب إلى هذه المسرحية بالذات . أراك الليلة )) .

فقالت بشبه ذهول : (( إلى اللقاء )) .

استدار نحو الباب ثم عاد فتوقف وكأنه تذكر شيئاً : (( بالمناسبة , هل

لك أن تثمني هذه لي )) .

ثم أخرج من جيبه لفافة قماش فتحها أمام عينيها المتشوقتين , كاشفاً

عن قلادة رائعة فريدة من نوعها أخذتها برفق وحملتها إلى مكتبها حيث

أضاءت مصباحاً قوياً . ـ

قال ماركو : (( لدي صديق في روما خبير في هذه الأشياء . برأيه أن هذه

إحدى أفضل القطع الأثرية الإغريقية التي رآها في حياته )) .

فقالت من دون أن ترفع عينيها : (( إغريقية ؟ كلا . إنها (( أترورية )) من

بلاد (( أتروريا )) القديمة غرب إيطاليا )) .

لقد نجحت في اختبارها الأول , لكنه أخفى سروره وعاد يضغط

عليها : (( هل أنت واثقة ؟ صديقي خبير حقيقي )) .

فقالت متنازلة : (( قد يكون التفريق بينهما صعباً , لكنها من صنع صاغة

(( أتروريا )) في العهود القديمة )) . ـ

انطلقت في الحديث إلى حد لم يعد يستطيع إيقافها , وكانت الكلمات

تتفق من فمها كسيل دافئ فأصغى إليها بإعجاب متزايد . قد تكون غريبة

الأطوار نوعاً ما , لكنها السيدة المثقفة التي يتمناها , هذه التحفة الأسطورية

ملك لأسرته منذ مئتي سنة , وهي (( أترورية )) فعلاً , وقد ميزتها هي تماماً .

ثم نسفت إعجابه بقولها بأسف : (( ولكن ليتها كانت أصلية ! )) .

فحدق إليها : (( بل إنها أصلية )) .

ـ لا , مع الأسف , إنها نسخة ممتازة عن الأصل . من أفضل النسخ التي

رأيتها . ويمكنني أن أفهم لماذا انخدع بها صديقك . . .

ـ لكنك لم تخدعي أنت بها . ـ

قال هذا شاعراً بانزعاج غير منطقي لتشويهها سمعة ( صديقه ) الذي لا

وجود له أصلاً .

ـ لطالما تملكني اهتمام غير عادي في صناعات (( اتروريا )) .

قالت هذا مسمية المقاطعة التي أصبحت فيما بعد مدينة روما والأرياف

المحيطة بها : لقد زرت الحفريات هناك منذ سنتين , فكـــانت من

أروع . . . )) . ـ

ـ وهل هذا يؤهلك لإبداء رأيك بهذه القطعة ؟

قاطعها بقوله هذا وقد هزم غيظه تهذيبه .

ـ إسمع , أنا أعلم ما اتحدث عنه وبصراحة , ( خبيرك ) هذا لا يحسن

التفرقة بين (( الإغريقي )) و (( الأتروري )) .

ـ لكنها حسب قولك , زائفة . وهذا غير ممكن . ـ

ـ إنها نسخة . وصانعها نسخها عن قطعة أترورية , وليس إغريقية .

أذهله التحول الذي بدا في عينيها . فقد ذهبت تلك الشابة الغريبة

الأطوار التي اصطدمت به عند الباب , لتحل مكانها امرأة منتقدة فولاذية

واثقة لا تتساهل في آرائها . وكان سيعجب بذلك لو أنها لم تكن تحاول أن

تمحو مليون دولار من ثروته . ـ

ـ أتقولين إن هذه لا تساوي شيئاً ؟

ـ آه , ليس تماماً . لا بد أن الذهب يساوي شيئاً .

كانت تتكلم كأنها راشد يسترضي طفلاً خائب الأمل . فصرف بأسنانه

وقال ببرودة : (( هل لك أن تشرحي رأيك ؟ )) .

ـ يُنبئني حدسي بأن هذه القطعة ليست أصلية .

ـ أتعنين حدس المرأة ؟

ـ كلا طبعاً . لا شيء من ذلك . حدسي مبني على المعرفة والخبرة .

ـ وهذا يبدو لي اسماً آخر لحدس المرأة , لم لا تكونين صادقة وتعترفين

بذلك .

التهبت عيناها بشكل رائع : (( يا سيد . . . مهما كان اسمك , إذا كان

حضورك إلى هنا هو فقط لكي تحرجني , فأنت تضيع وقتك سدى . وزن هذه

القلادة خفيف . والقلادة (( الأترورية )) الحقيقية أثقل منها وزناً و . . . )) .

لقد شردت مرة أخرى وأخذت الحقائق والأرقام تتدفق من فمها بسرعة

وثقة وتحكم في الموضوع . ما عدا أنها كانت مخطئة تماماً , كما أخذ يفكر

عابساً . إذا كان هذا مستوى خبرتها فلا عجب في أن عملها فاشل .

وقـــال محـــاولاً إرضــاءهـــا : (( حسناً , حسناً أنا واثق من أنك على

صواب )) . ـ

ـ أرجوك لا تسايرني .

وعندما هم بالجواب , راجع نفسه , متسائلاً أين ذهب ذكاؤه . لم يكن

في نيته أن يدعها تفقده أعصابه .

الهدوء هو درعه الأفضل , وبه يصل إلى النصر . لقد قام بمعاملاته ,

ونظم حياته تبعاً لمصلحته . وإذا بها تنسف كل ذلك في خمس دقائق .

قال بشيء من الجهد : (( سامحيني . لم أقصد أن أكون غير مهذب )) .

ـ لا بأس فأنا أفهمك نظراً إلى حالة الفقر التي تركتك فيها .

ـ لم تتركيني في حالة فقر ما دمت لم أوافق على تثمينك للتحفة .

مدت إليه القلادة وهي تقول بلطف كاد يثير سخطه : (( أفهم ذلك .

عندما تعود إلى روما , لم لا تسأل صديقك أن يعيد النظر إلى هذه ؟ ولكن إياك

أن تصدق كلمة مما يقول لأنه لا يفرق بين (( بلاد الإغريق )) و (( أتروريا )) )) .

ـ سأمر لاصطحابك من هنا عند السابعة .

قال لها هذا بابتسامة متوترة . ـ

* * *

نهاية الفصل (( الأول )) . . .


: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:27 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



2 ـ

أغسطس قيصر


عند الساعة السابعة , وقفت هارييت تنظر من واجهة متجرها إلى

العاصفة في الخارج . كانت قد ذهبت إلى بيتها وغيرت ملابسها وعادت

بسرعة لئلا تجعله ينتظر طويلاً . ـ

لكن يبدو أنه ليس دقيقاً في مواعيده فقد مضت الساعة السابعة منذ

عشر دقائق ولم يظهر بعد أي أثر له . وعند السابعة والربع تمتمت بشتيمة لا

تتلفظ بها سيدة مهذبة , ثم استعدت لمغادرة المتجر باستياء .

أقفلت المتجر وأخذت تحدق ساخطة إلى المطر المنهمر عندما توقفت

سيارة عند المنعطف وامتدت من بابها يد أمسكت بها , وأطبقت عليها قبضة

جبارة سحبتها إلى الداخل بسرعة .

ـ أعتذر لتأخري . لقد أعاقني المطر . المسرحية , لحسن الحظ , لا تبدأ

قبل الثامنة , لذا أظننا سنصل في الوقت المناسب .

سألته غير مصدقة : (( أنت حتماً لا تعني أنك وجدت تذكرتين ؟ )) .

ـ بلى طبعاً . لمــــاذا تشكين بي ؟

ـ ومن رشوت ؟

فقال ضاحكاً : (( كان الأمر أكثر نزاهة من ذلك بقليل )) .

ـ أعجبني هذا .

وأعجبها أكثر عندما اكتشفت أنه حجز أفضل مقصورة في المسرح . لا

شك في أن لهذا الرجل علاقات جيدة .

قدم ماركو إليها الكرسي الأقرب إلى خشبة المسرح , ما مكنه من النظر

إليها وإلى العرض في الوقت نفسه . لم يجدها رائعة الجمال , فقد كانت أكثر

نحافة مما ينبغي بقليل , لكنها بليونة عارضات الأزياء , كما أنها أنيقة , أو

على الأقل يمكنها أن تكون كذلك إذا اهتمت بمظهرها . ـ

ثوب السهرة الذي ارتدته لم يكن سيئاً جداً , كان طوله يصل إلى

الكاحل , ويظهر رشاقة حركاتها . بدا لونه الأحمر القاتم رائعاً مع أنه لا

يتناسب مع شعرها البني المائل للاحمرار , وكان شعرها منسدلاً على كتفيها .

لو أنها ترفعه لكي يكشف عن وجهها وعنقها الطويل لكان ذلك أفضل ـ

بكثير . أليس هناك من يخبرها بهذه الأشياء ؟

حليها القليلة لم تكن جميلة ولا متلائمة مع بعضها البعض . فقد يلائمها

أن تتزين بالذهب , وأن تختار حلياً كبيرة تتناسب مع شخصيتها القوية

الهادئة .

التفكير بالذهب ذكره بالقلادة , لكن مزاجه الآن جيد ولا يحمل لها أي

نية سيئة . وعلى أي حال محاورتهما الغاضبة كانت مفيدة لكسر الجليد

بينهما .

كان العرض المسرحي عبارة عن موسيقى عصرية بالغة الظرف حلوة

الأنغام . بدا الراقصون سريعي الحركة وبالغي الحيوية , وقد استمتعتا بذلك

معاً , وغادرا المسرح مسرورين . كان المطر قد توقف والسيارة تنتظرهما في

الخارج . ـ

قال ماركو : (( أعرف مطعماً صغيراً يقدم ألذ الأطباق في لندن )) .

ثم أخذها إلى مكان لم تسمع به من قبل رغم أنها من سكان لندن ,

ودهشت قليلاً عن دخولها مطعماً فرنسياً لكنها ما لبثت أن أدركت بالضبط

ما يريه . . . فإذا كان ينوي حقاً أن يعبث معها ويوقعها في شباكه عليه أن

يثير دهشتها في البداية . ـ

ـ ربما كان علي أن أسألك إذا كنت تحبين الطعام الفرنسي .

ألقى عليها هذا السؤال بعد أن جلسا معاً إلى مائدة هادئة .

ـ أحبه بقدر ما أحب الطعام الإيطالي تقريباً .

قالت هذا بالفرنسية . وقد يكون هذا زهواً منها , لكنها شعرت بأن

عرض مواهبها كلها قد يكون فكرة حسنة .

ـ أنت طبعاً غير متعصبة قومياً . عليك أن تكوني كذلك نظراً إلى نوع

عملك . هل تتكلمين الإسبانية ؟

ـ نعم , واليونانية واللاتينية أيضاً .

ـ اليونانية الحديثة أم القديمة ؟

ـ كلاهما .

وتجنبت أن تبدو في صوتها نبرة الاضطراب .

ـ طبعاً .

قال هذا بابتسامة خفيفة وهو يميل برأسه احتراماً .

كان الطعام لذيذاً حقاً . وكان ماركو خير مضيف , إذ بقي يسألها عما

ترغب بع من دون أن يضغط عليها بما يقترحه . وناسبها ذوقه تماماً .

بدا الضوء خافتاً عند مائدتهما , فهو عبارة عن شمعتين يتراقص لهبهما

على وجهيهما . بدا لها وسيماً للغاية وأنيقاً ببذلته الرسمية وقميصه الأبيض

الذي أبرز لون بشرته البرونزي . أما شفتاه الرقيقتان . فكانتا تبرزان ابتسامته

النادرة وتمنحانها مظهراً ساخراً كان يسرها . ـ

لفتت عيناه انتباهها , فهما بنيتان داكنتان إلى حد السواد , تظللهما

جبهة عالية وحاجبان سميكان , ما أضفى على وجهه لمحة من الغموض

أثارت فضولها . من حسن الحظ أن ألومبيا نبهتها إلى ما سيجري , وإلا

لفوجئت تماماً , و لربما وجدته جذاباً إلى حد خطير . انتهزت الفرصة

وقررت أن تربكه قليلاً لمجرد الهزل .

فسألته ببراءة : (( ما الذي جاء بك إلى لندن ؟ العمل ؟ )) .

لعل السؤال فاجأه , لكنه لم يظهر ذلك : (( قليلاً , كما يجب أن أزور

اللايدي دولسي مادوكس التي أصبحت خطيبة ابن عمي غويدو منذ أسابيع

قليلة )) . ـ

ـ هل هي ابنة اللورد مادوكس ؟

ـ نعم , أتعرفينها ؟

ـ جاءت إلى المتجر مرتين .

ـ شارية أم بائعة ؟

ـ بائعة .

وسكتت فجأة وقد أحست بأنها تدوس في حقل ألغام . فقال ماركو :

(( ربما كانت تبيع تحفاً من منزل أسلافها لكي تسدد ديون أبيها . فقد عرفت

أنه مقامر كبير )) .

ـ نعم , لكنني لا أحب أن أتكلم عن الآخرين . ـ

ـ هذا شيء معروف . دلوسي مضطرة للعمل لتعيش . وكانت تعمل

وكيلة لمؤسسة استعلامات خاصة عندما جاءت إلى فينيسيا وتعرفت إلى

غويدو . ما رأيك فيها ؟

فقالت بحسد : (( إنها رائعة الجمال , بشعرها الطويل الأشقر ذاك , هل

مازال على حاله ؟ )) . ـ

ـ نعم هي رائعة الجمال , وستبقي غويدو منضبطاً .

فضحكت : (( هل هو بحاجة إلى ذلك ؟ )) .

ـ بكل تأكيد , فغويدو ليس لديه أي حس بالمسؤولية . هذا قول عمي

فرانسيسكو بالمناسبة , الكونت كالـﭭـاني . كان متلهفاً ليتزوج غويدو وينجب

له وريثاُ .

ـ أليس لديه أبناء ؟

ـ لا . واللقب سيكون من نصيب أحد أبناء إخوته , والمفروض أن

يكون ليو , الأخ الأكبر غير الشقيق لغويدو . ولكن لأسباب قانونية , حُرم

من اللقب . ـ

ـ هذا فظيع !

ـ ليو لا يظن هذا . فهو لا يريد أن يكون كونت , المشكلة أن غويدو

أيضاً لا يريد , لكن ذلك سيصبح قدره , وهكذا حاول عمي أن يجد له

عروساً مناسبة , ثم تخلى عن ذلك بائساً عندما وقع غويدو في غرام دولسي .

وعمي أيضاً , وقع في غرام مدبرة منزله منذ سنوات , وقد استطاع أخيراً

إقناعها بأن تتزوجه . إنه في السبعينات , وهي في الستينات , وهما الآن أشبه

بعصافير الحب .

فهتفت هارييت : (( كم هذا جميل ! )) .

ـ هذا صحيح , لكنه ليس رأي الجميع . فأمي مشمئزة لأنه تزوج

(( خادمة )) , كما تسميها .

ـ هل يهتم الناس بأمور كهذه هذه الأيام ؟

ـ البعض فقط . أمي رقيقة القلب , لكن نظرتها إلى هذا الأمر قديمة

الطراز .

ـ ماذا عنك أنت ؟

ـ أنا لا اتخذ دوماَ الطرق العصرية . أنا أتخذ قراراتي بعد طول تفكير .

ـ مدير أو صاحب مصرف مضطر إلى هذا , بطبيعة الحال .

ـ ليس دوماً , لدي سمعة بأنني أنجرف أحياناً .

فسألته بشكل غير إرادي : (( أنت ؟ )) .

فقال بجد : (( كنت معروفاً بتهوري أحياناً )) .

ـ لما فيه المصلحة طبعاً .

ـ طبعاً . ـ

أخذت تتأمله لترى إن كان جاداً أم لا . وتكهن هو بما تفعل , فنظر

إليها بجفاء رافعاً حاجبيه وكأنه يسألها إن كانت تحققت من الأمر الآن .

طالت اللحظة فازداد شعوراً بالضيق وهو ينتبه إلى أن شيئاً في سلوكها قد

تغير . ـ

سألها ليعيدها إلى الواقع : (( أتريدين مزيداً من العصير ؟ )) .

ـ آسفة , ماذا قلت ؟

ـ العصير ؟

ـ آه , لا . شكراً . سبق وقلت إن وجهك مألوف . يا ليتني أستطيع أن

أتذكـــر . . .

ـ ربما أذكرك حبيب سابق .

ـ آه , لا , منذ دهر وأنا وحيدة .

تمتمت بذلك وما زالت نظراتها شاخصة إليه .

لقد حيرته فهي تارة محنكة , وتارة خرقاء , ومع ذلك أصبح لديه

فكرة جيدة عنها .

سألها أثنــاء تنــاولها الطعــام : (( لِمَ أنت وأولمبيا من جنسيتين

مختلفتين ؟ )) .

فقالت بسرعة : (( لا , بل كلتانا إيطاليتان )) .

ـ نعم , من ناحية . . .

ـ من كل النواحــي . ـ

قاطعته بنبرة متمردة وأكملت : (( وُلدت في إيطاليا وأبي إيطالي واسمي

إيطالي )) .

رأى لمعان الغضب في عينيها الواسعتين : (( أنا آسف , لم أكن أنوي أن

أجرحك )) . ـ

ـ ألم تخبرك أولمبيا بالقصة ؟

ـ ليس تماماً . أنا أعلم أن أباك تزوج مرتين , ولكن , بطبيعة الحال ,

أولمبيا لا تعلم سوى القليل عن زوجته الأولى .

ـ أحبته أمي بشكل هائل , لكنه تخلى عنها عندما كنت في الخامسة من

عمري . أخبرتني أنه طردنا , نحن الاثنتين , من البيت .

سألها بصدمة حقيقية : (( هل أخبرتك أمك بذلك وأنت طفلة ؟ )) .

بدت شاردة الذهن : (( لكنني لم أصدقها . كنت أعبد أبي وكان يحبني

كثيراً . وعندما كان يعود إلى البيت كان ينادي اسمي أولاً . وظننت أن الأمر

سيبقى دوماً بهذا الشكل )) .

وعندما سكتت قال لها برفق : (( تابعي كلامك )) .

ـ لقد أقام علاقة مع امرأة أخرى . أراد طلاقاً سريعاً , فطردنا . قالت

أمي إنه أرغمها على العودة إلى إنكلترا مهدداً إياها بعدم إعطائها فلساً

واحداً , إذا لم تفعل . ـ

فكر ماركو في غويزيب ديستينو , الرجل البدين الأناني ذي العينين

الباردتين . ولم يكن صعباً أن يصدق هذه القصة تماماً .

سألها بعطف : (( لا بد أن حياتك أصبحت حزينة بعد ذلك ؟ )) .

ـ عشت على أمل أن يدعوني لزيارته , لكنه لم يفعل قط , لم أفهم ما

فعلته لكي ينقلب ضدي . لم تنسه أمي يوماً , وبقيت حزينة حتى آخر يوم في

حياتها , لم تعش بعده سوى اثني عشر عاماً , ثم ألم بها المرض وماتت . عند

ذلك ظننته سيرسل إلي ليأخذني , لكنه لم يفعل . كنت على وشك دخول

الكلية يومها وقال إنه لا يريدني أن أقطع دراستي .

تمتم ماركو شيئاً أشبه بالشتيمة , وقالت هارييت بجفاء : (( أظنني

تأخرت في فهم الوضع . كم كنت غبية ! )) . ـ

ـ هذا هو الأمر الوحيد الذي لا يمكن لأحد أن يتهمك به .

واخذ ماركو ينظر إليها باهتمام جديد . فقالت تصرف الأمر من

ذهنها : (( وما الذي تعرفه عني ؟ أنا غبية بالنسبة إلى الناس , لأنني لا أعرف

الكثير عنهم في الواقع )) . ـ

ـ أو ربما تعرفين الكثير من الأشخاص السيئين .

قال هذا وهو يفكر في الأب الذي طردها من بيته بكل أنانية , والأم التي

حـمـلت الطفلة عبء أحزانها : (( هل رفضك أبوك كلياً ؟ )) .

ـ لا . لقد حافظ على شيء من المظاهر عندما لم يستطع تجنب ذلك .

درست في روما لمدة سنة , وقد اخترت ذلك متعمدة لأنه سيكون مرغماً على

أن يوليني بعض الاهتمام . حتى أنني ظننت أنه سيدعوني إلى السكن معه .

ـ لكنه لم يفعل ؟

ـ دعاني إلى العشاء عدة مرات , فكانت زوجته تحدق إلي طوال الوقت .

لكن أولمبيا كانت دوماً لطيفة ودوداً معي . وقد أصبحنا صديقتين . وبعد

ذلك أخد أبي يرسل إلي المال من وقت لآخر .

ـ هل ساعدك في المتجر ؟

ـ لا , لقد فتحته بالمال الذي ورثته من جدي .

ـ كان بإمكان أبيك أن يساعدك , كما كان عليه أن يواجه تلك المرأة .

ـ أتعني زوجته . هل تعرفها ؟

ـ وأكرهها أيضاً , كما يكرهها معظم الناس . طبعاً كانت مصممة على

أن تبقيك بعيدة عن أبيك , يا لك من فتاة مسكينة ! لم يكن لديك حظ في

ذلك . ـ

ـ أظنني أعرف هذا الآن . لكنني حينذاك , ظننت أن بإمكاني أن أستميله

بالعمل الجيد , فأتعلم اللغات , وأنجح في الامتحانات وأكون إيطالية قدر

الإمكان . ـ

كان اهتمام ماركو يزداد بنشأتها الغريبة التي جعلت منها شخصية غير

عادية . فسألها بفضول : (( هل ظننتني حقاً مبعوثاً من الحكمة ؟ )) .

فأطلقت ضحكة صغيرة : (( لوهلة , نعم , ظننتني أصبحت أميزهم

الآن . دوماً أفكر في أن أموري المالية ستتحسن وأسدد ديوني . . . حسناً , إنها

تتحسن أحياناً ولكنها سرعان ما تسوء مرة أخرى )) .

ـ ولكن لماذا ؟ متجرك ذاك يجب أن يكون منجم ذهب . وبضاعتك من

الدرجة الأولى . صحيح أنك أخطأت بالنسبة إلى القلادة الأثرية , ولكن . . .

ـ أنا لم أخطئ . . . لا بأس . أحياناً أكون في القمة وإذا بي أرى قطعة

رائعة حقاً أشعر بأن علي الحصول عليها , فتكون ضربة تعصف بكل ما جمعته

من مال .

ـ لماذا لا تبيعين متجرك ؟

ـ أبيعه ؟ أبداً . إنه حياتي .

ـ هناك أشياء أهم من الآثار .

ـ هذا غير صحيح .

ـ تبدين واثقة من ذلك . ـ

ـ إنها ليست آثاراً فقط , بل هي عوالم أخرى تنفتح أمامي . إنك ترى

فيها آفاقاً فسيحة كانت منذ آلف السنين . . .

وشردت أفكارها مرة أخرى . وإذ أدرك أن من المستحيل أن يوقف هذا

السيل , جلس يصغي إليها ويفكر فيها في آن معاً . راح اهتمامه بها يزداد مع

مرور السهرة , بدت مثيرة للفضول , ذكية مثقفة وسريعة البديهة . ومن ـ

المؤسف أنها لم تكن رائعة الجمال . . . أو هذا رأيه فيها حالياً . . . فقد كان

من الصعب معرفة ذلك وشعرها يغطي معظم وجهها . لكن عينيها

الخضراوين كانتا تنفثان ناراً عندما تتكلم عن (( العوالم الأخرى )) التي أحبتها ,

وفي عينيها هاتين رأى نوعاً من الجمال .

وصلت هارييت بجدالها المحموم إلى نهايته , فسألته بقلق : (( أنت لا

تظنني مجنونة , أليس كذلك ؟ )) . ـ

ـ أنت شغوفة بعملك وذلك ليس جنوناً بل حسن حظ . إن إنقاذ

متجرك شيء يعنيك أنت أكثر من أي شخص آخر في العالم . وربما بإمكاني

أن أساعدك . كم تحتاجين لتتخلصي من ديونك ؟

ذكرت له رقماً كبيراً جعله يشعر بأنها غارقة في هوة عميقة فقال : (( إنه

مبلغ كبير لكن لكل شيء حل . أظننا في وضع نستطيع فيه أن نساعد بعضنا .

يمكنني أن أعطيك قرضاً يحل مشاكلك )) . ـ

ـ ولكن لماذا تفعل ذلك ؟

ـ لأنني أريد شيئاً بالمقابل .

ـ هذا طبيعي , ولكن ما هو ؟

فتردد قليلاً : (( قد ترين اقتراحي هذا غريباً نوعاً ما لكنني فكرت فيه

جيداً , وأؤكد لك أنه مناسب لكلينا . أريد أن تأتي إلى روما معي وتكوني

ضيفة أمي لفترة )) .

ـ هل أنت واثق من قبولها ذلك ؟

ـ ستكون مسرورة . جدتك كانت أعز صديقة لها وجُل ما ترجوه هو أن

تتحد أسرتانا , باختصار , إنها تحاول أن تزوجني !

ـ تزوجك ممن ؟ ـ

سألته ذلك مدعية جهلها بالموضوع .

ـ منك أنت . ـ

كانت تعلم أن هذه اللحظة ستحين عاجلاً أم آجلاً , ومع ذلك تملكها

الحرج . نظرت إليه جالساً في الزاوية وضوء الشمعة يتراقص على وجهه ,

فبدا لها فجأة وسيماً جداً . . . قوياً جداً . . . جذاباً جداً . . . أشبه بعاصفة

لا تقاوم تخترق حياتها جارفة كل شيء أمامها . . .

قالت محاولة كسب الوقت : (( مهلك لحظة . . . ما عادت الأمور تسير

على هذا النحو في أيامنا هذه )) .

ـ الزواج ما زال يجري بهذا الشكل في بعض المجتمعات . يعرفون

الأشخاص المناسبين ببعضهم البعض , آخذين بعين الاعتبار منافع هذا

التحالف . والداي تزوجا هكذا , وكان زواجهما سعيداً جداً . كانا

منسجمين تماماً من دون أن تعميهما مشاعر هي أعنف من أن تدوم .

ـ وأنت تطلب مني . . . ؟ ـ

ـ أن تفكري في ذلك . القرار النهائي نتخذه فيما بعد , بعد أن نعرف

بعضنا بشكل أفضل . وفي الوقت نفسه أحل لك مشاكلك المالية . فإذا

تزوجنا سأمحو الدين , وإلا سنتفرق كصديقين ويمكنك إن تعيدي إلي المال

بشروط سهلة . ـ

ـ أوه , أنت تسرد الأمور بسرعة , لا يمكنني أن أستوعب .

وكان هذا صحيحاً . فقد ظنت أنها مستعدة لهذا جيداً , ولكن كل شيء

بدا لها مختلفاً إلى حد خطف أنفاسها .

ـ لن تخسري شيئاً . في أسوأ الأحوال تكونين قد أخذت قرضاً من دون

فائدة ينقذ متجرك .

سألته بخشونة : (( ولكن ماذا ستستفيد أنت ؟ لا يمكنك أن تتزوج فقط

لترضـي أمــك )) .

بدا لها وكأنه تردد لحظة قبل أن يجيب بقليل من الإرغام : (( بل يمكنني ,

إذا كانت تلك هي رغبتي . لقد حان الوقت لكي أستقر وأؤسس أسرة

ويناسبني أن أرتب ذلك بهذا الشكل , ذلك سيمنحنا وقتاً للتفكير . تعودين

أنت معي وتجربين الحياة في بلادي . . . أعني بلادك . . . وتفكرين في ما إذا

كنت تحبين العيش فيها بصورة دائمة . إذا انسجمتما أنت وأمي , سنتحدث

في أمر الزواج )) . ـ

ـ وماذا عن انسجامنا معاً نحن الاثنين ؟

ـ هذا ما أرجوه , وإلا لن ننجح في زواجنا , أنا واثق من أنك ستكونين

أماً ممتازة لأولادنا , وبعد ذلك لن تجديني غير عقلاني .

سألته وقد ابتدأت عيناها تشردان : (( بالنسبة إلى ماذا ؟ )) .

ـ نحن لسنا مراهقين . لذا لن يتدخل الواحد منا في حرية الآخر .

حاولت أن تتفحص وجهه لكنها لم تستطع لأنه كان في الظل . وأخيراً

سألته : (( أليس لديك مانع في القيام بذلك بهذه الطريقة ؟ ما هو شعورك حيال

ذلك ؟ )) . ـ

فقال بفتور مفاجئ : (( لا حاجة بنا إلى مناقشة المشاعر )) .

ـ لكنك خططت لزواجك وكأنه اتفاقية عمل .

ـ أحياناً تكون النتائج عظيمة .

الإحكام والدقة الفائقة في لهجته أرسلت قشعريرة في كيانها . وحده

الرجل الذي بنى سياجاً حول نفسه يتصرف بهذا الشكل . وتساءلت عن

مدى ارتفاع ذلك السياج , ولماذا يحتاجه .

وماذا عن سياجك أنت حول نفسك ؟ تمتم بذلك صوت في داخلها .

أنت تعلمين أنه موجود , ولطالما فكرت أن العقل أسلم من القلب . ربما

كلاكما من الطينة نفسها فأحس هو بذلك !

رفضت هذه الفكرة بسرعة , لكنها بقيت تزعجها : (( إذا تزوجنا ,

ستتوقع مني أن آتي لأعيش معك , أليس كذلك ؟ )) . ـ

فأجفل قليلاً : (( هذا هو الترتيب المعتاد )) .

ـ لكنني إذا انتقلت إلى روما , سأفقد المتجر الذي أحاول أن أنقذه .

ـ يمكنك أن تسلمي متجرك لمن يديره , أو تنقليه إلى روما . وربما

تجدين من الأفضل أن يكون هناك أنا واثق من أن هناك أشياء كثيرة لم

تكتشفيها بعد .

لمس بهذا وتراً حساساً , فقالت من دون أن تواجه عينيه : (( أظن أن

معارفك كثيرون جداً )) . ـ

ـ ليس إلى هذا الحد . لكنني أعرف كثيراً من الناس يمكن أن ينفعوك .

فكرت أنه لا بد يعرف البارون أورازيو مانيللي . ولربما زار قصره

بمخزنه الفسيح الذي يخفي نفائس لا تعد ولا تحصى . منذ سنوات وهارييت

تراسل البارون , طالبة الترخيص لها بدراسة كهف (( علاء الدين )) ذاك ,

وكان رفض طلبها . ولكن بصفتها خطيبة ماركو . . .

كبحت هذا الإغراء لكنه بقي يهمس في داخلها . . وقالت : (( ستكون

زيارة غير مُلزمة لكلينا )) .

ـ هذا مفهوم .

ـ وبإمكاننا أن نفترق ببساطة إن لم ينجح ذلك .

ـ نفترق كصديقين . ولكن في الوقت نفسه , ستجد أمي السرور في

صحبتك . ـ

ممزقة بين الضمير والإغراء , أخذت تحدق في وجهه وكأنها كانت ترجو

أن تجد الجواب فيه . وفجأة وجدت الجواب , وهتفت بصوت خافت :

(( وجدتها . لقد تذكرت الآن أين رأيت وجهك )) .

فقال بتسلية : (( أنا مسرور . بمن أذكرك يا ترى ؟ )) .

ـ بالإمبرطور قيصر أغسطس .

ـ المعذرة , لم أسمع جيداً .

ـ إنه تمثال برونزي عندي في المتجر . وجهه كوجهك تماماً .

ـ كلام فارغ ومجرد تخيلات . ـ

ـ لا , ليس تخيلات . تعال معي وسأريك إياه .

ـ ماذا ؟

ـ فلنذهب لقد انتهينا من الطعام , أليس كذلك ؟

فقال : (( نعم , لقد انتهينا , هيا بنا )) . ـ

ماركو هو عادة ممن يتولون زمام القيادة , فيتبعهم الآخرون , لكنه

وجدها تكتسحه بحماستها وسرعتها . عادا إلى متجرها وأضاءت النور فوق

التمثال , ثم سألته باختصار : (( والآن , هل هذا أنت أم لا ؟ )) .

فقال مذهولاً : (( لا , ما من شبه على الإطلاق . هل اجتزت كل تلك

المسافة لكي أنظر إلى هذا ؟ )) .

ـ أنا لا أتخيل ذلك , إنه أنت , أنظر مجدداً . أنظر .

لم ينظر , بل أطلق ضحكة رقيقة وكأنما هناك شيء غامض قد سره ,

وتقدم ليقف أمامها واضعاً يداً على كتفها وبيده الأخرى رفع ذقنها ليستطيع

النظر إلى عينيها . شعرت بأنفاسه الدافئة على بشرتها ما أرسل رجفة خفيفة

في كيانها . ثم قال ساخراً : (( الرجل العاقل يبدأ حياته من هذه النقطة )).

ـ وأنت رجل عاقل جداً , أليس كذلك ؟

أزاح عن جبينه خصلة شعر: (( ربما لست عاقلاً كما كنت أظن . وأنا

أعلم أنك مثلي , فأنت مجنونة تماماً )) . ـ

ـ أظنني كذلك . لأن المرأة العاقلة لا ترضى حتى أن تفكر في عرضك .

ـ هذا صحيح وعلي أن أكون شاكراً إذن .

قال هذا وهو ينظر إلى وجهها , ومازال يبتسم محدقاً في عينيها . وفجأة

تبددت ابتسامته , وتراجع إلى الخلف : (( هل يمكنك الاستعداد للسفر خلال

يومين ؟ )) . ـ

ألقى هذا السؤال بتهذيب بارد , ومنعها الذهول من الكلام . فما إن بدأ

قلبها ينبض لقربه منها , حتى ابتعد متعمداً مغلقاً الباب على ما كان يمكن أن

يحدث بينهما , تمالكت أنفاسها وأجابت بصوت يماثل صوته : (( بما أن علي

أن أتحدث كنساء الأعمال , هل سأحصل على المال خلاص هذه المدة ؟ )) .

ـ ستحصلين عليه ظهر الغد .

ـ لكنك لم تر دفاتري .

ـ وهل أنا بحاجة إلى ذلك ؟ أنا واثق من أنها فظيعة .

ـ ربما كان المبلغ أكبر من مقدرتك .

ـ لا تقلقي . ـ

أطلقت ضحكة قصيرة حادة يشوبها التوتر والغضب : (( إذن , ربما علي

أن أتزوجك لأجل أموالك )) .

ـ أظن ذلك . أليس هذا ما كنا نتناقش فيه ؟

شملته بنظرة تمرد وهي تشبك ذراعيها على صدرها : (( لا استطيع أن

أهزمك أليس كذلك ؟ )) . ـ

ـ أحاول أن أضمن ربحي مع الجميع , إنها الطريقة الفضلى لبلوغ . . .

ـ القمة . . .

أكملت له كلماته فأومأ لها باحترام وقال : (( دعيني أقلك إلى بيتك )) .

ـ لا , أشكرك .

تلاشى غضبها عندما اطمأنت إلى مصير عملها الذي تحبه أكثر من أي

شيء في العالم . وبابتسامة مفاجئة عامرة بالبهجة قالت : (( أريد أن أبقى

وحيدة هنا فترة , بعد أن أصبح المكان آمناً )) .

فقال بحزم : (( سأنتظرك في الخارج . لقد حل منتصف الليل ولن أدعك

هنا وحدك مع هذه التحف , فريسة للناهبين وربما أسوأ من ذلك . موتك

لن يناسبني على الإطلاق )) .

فقالت بلطف : (( لا , لأنه سيكون عليك أن تراجع خطتك من جديد )) .

أمسك بيدها : (( يسرني أن أتعامل مع امرأة تفهم ما هو مهم . سأكون

خارج المتجر )) .

أمسك بيدها لحظة , ثم رفعها إلى شفتيه ليطبع عليها قبلة خفيفة قبل أن

يخرج . ـ

عندما أصبحت وحدها , نظرت إلى يدها التي كانت لا تزال تخزها .

راحت ترتجف وقلبها يخفق بشدة , ولكنها لم تعرف ما إذا كان ذلك بسبب

السرور أو بسبب الخشية . لقد هدد تحكمها بنفسها . أخذت تفرك بغضب

قفا يدها حتى أيقنت بأن ذلك التأثير قد تبدد . ثم نظرت حولها فتألقت

عيناها , إنها آمنة . ولو لفترة على الأقل . ـ

عـــــاد إليـــها طبعــها الغـــاضب ففكـــرت أن الخطوبة بإمكانـــها أن تستــمـر فقط

إلى أن تنتهي من دراسة (( قصر مانيللي )) . لم لا ؟ لقد شملها بنظرة وكأنها سلعة

يمكنه أن يستفــيــد منــهـــا , فلمـــاذا لا ينبغي لها أن تفعـــل معه الشيء نفسه ؟

وتملكتها موجة ثانية مــــن الاستياء للطريقة التي اقتـــرب فيها مـنـهـا , ثم عاد

فتراجع , لن يكون من السهل التعامل مع رجل مسيطر عل نفسه إلى هذا

الحـــد , وارتسم وجهه في ذهنــها فسقطت عينــاها على وجه أوغسطس

البرونزي . . . كان الوجهان متشابهين تماماً . . . مهما كان رأي ماركو .

وتذكرت كلمات أولمبيا : ( أنفه رائع , ورأســـه أرستقراطـي , وفمه جميل

صارم ) . وكان ذلك صحيحاً , لكن الغريب أنها الوحيدة التي رأت ذلك في

رجــل حي .


* * *


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:27 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3 ـ

امـــرأة جديدة

خـــلال الـيــومين التـــاليين , لم تـحظ هـــارييت بوقت للتفكير لكثرة

التحضيرات المتوجبة عليها , تفحص ماركو دفاتر المتجر , واستغرب

الطريقة التي تتبعها في تسيير أعمالها . لكنه سدد ديونها , كما ترك لها مبلغاً

إضافياً لمديرة المتجر الممتازة التي استلمت عنها , وبلغت دهشة ماركو مبلغها

عندما جاءها زبون وكان على وشك أن يشتري قطعة ثمينة للغاية , وإذا بها

تتكلم عن القطعة باستخفاف حتى فقد الزبون اهتمامه بها وخرج من دون أن

يشتريها . فقال لها ماركو , الذي كان جالساً ينظر مذعوراً : (( ليس في القطعة

أي عيب )) . ـ

ـ نعم , لكن الزبون لم يعجبني .

ـ ماذا ؟

ـ لم يكن ليمنح القطعة العناية اللازمة . أنت لم تفهمني , أليس كذلك ؟

فأجابها عابساً : (( مطلقاً )) .

ـ هذه ليست مجرد أشياء أشتريها وأبيعها . فأنا أعشقها . هل تبيع كلباً

صغيراً مدللاً لرجل تعرف أنه لن يعتني به ؟

ـ الكلاب كائنات حية يا هارييت , بخلاف هذه .

ـ وهذه أيضاً حية , أنا لا أبيع شيئاً لشخص لا أثق به . ـ

ـ أنت مجنونة , تتصورين أشياء خيالية , فلنذهب من هنا .

سافرا ظهر اليوم التالي إلى روما , حيث كانت بانتظارهما السنيورا لوشيا

كالـﭭانـي , وأشرق وجهها ما إن رأت هارييت . هتفت وهي تتقدم نحوها

فاتحة ذراعيها : (( إيتا , عزيزتي الغالية إيتا )) .

شعرت هارييت بغصة في حلقها لهذا الترحيب غير المنتظر . وسألتها

لوشيا وهي تمسك بكتفيها وتتراجع خطوة : (( أنت تعلمين لماذا دعوتك باسم

إيتا , أليس كذلك ؟ )) .

ـ كان أبي يدعوني بهذا الاسم في طفولتي . وكان يقول إن أمه . . .

ـ نعم , كان تصغير اسمها إيتا , آه , كم تشبهينها .

وعادت تحتضنها مرة أخرى , بدا استقبالها لابنها متحفظاً , لكن

نظراتها لم تدع مجالاً للشك في أنه محور حياتها . ثم عادت , على الفور ,

بانتباهها إلى ضيفتها لتمسك بذراعها وتقودها إلى حيث كانت سيارة الرولز

رويس بالانتظار .

اجتازوا منطقة ريفية إلى أن وصلوا جنوب المدينة , كانت المنازل

الفخمة مبنية بعيداً عن الطريق , مستترة خلف أسوار عالية وبوابات حديدية

مزخرفة , حيث تقطن الأسر التي كانت تدير العالم بهدوء . ولم يكن بإمكان

عائلة كالـﭭانـي أن تعيش في مكان آخر .

بدت السنيورا كالـﭭانـي امرأة رائعة الجمال , بيضاء الشعر , بالغة

الأناقة , وتكهنت هارييت بأنها على الأرجح تناهز السبعين من العمر , لكنها

بقامتها الطويلة النحيفة ومشيتها المرنة تبدو أصغر سناً .

ـ فرحت كثيراً عندما أخبرني ماركو أنك ستزوريننا , فمنزلنا يبدو خالياً

تماماً أحياناً .

قالت لها هذا وهم يجتازون بالسيارة البوابة الحديدية للفيلا . انسابت

السيارة بين الأشجار إلى أن لاحت لهم الفيلا فجأة . بدت بيضاء بالغة

الفخامة والاتساع , تتدلى الأزهار من شرفاتها , وتؤدي إلى بابها الأمامي

درجات عريضة

فتح أحد الخدم الباب , فسارت لوشيا أمامها بمهارة إلى الردهة ومنها

إلى صالون فسيح . جاءت خادمة فأخذت معطف هارييت , وأتت خادمة

أخرى بعربة الشاي . فقالت لوشيا : (( شاي انكليزي , لك خصيصاً )) .

إلى جانب الشاي كان هناك بسكويت وحلوى تناسب كل الأذواق .

تبادلوا الدعابات والمزاح لفترة , رغم أن هارييت أحست بأن انتباه

لوشيا الحقيقي كان في مكان آخر . فقد راحت تتفحص ضيفتها , وبدا

واضحاً أن ما رأته قد سرها . إذ لم تعرف هارييت في حياتها ترحيباً بمثل تلك

الحرارة , وبدا ماركو مسروراً لما رآه . ـ

نهضت لوشيا قائلة : (( والآن , سأريك غرفتك )) .

بدت غرفتها رائعة للغاية بنوافذها المطلة على الريف الإيطالي البديع

وعلى النهر وأشجار الصنوبر الممتدة تحت أشعة الشمس . كان السرير يتسع

لثلاثة وقد صُنع من خشب الجوز المحفور وزُين بالملاءات المطرزة . أما

الأرض فخشبية مصقولة , والأثاث قديم الطراز مصنوع من خشب الجوز

أيضاً . وكانت التحف تقليدية , بعضها ثمين كما لاحظت هارييت بعينها

الخبيرة . لكنها لم تشأ أن تفكر في العمل حالياً . ـ

سألتها لوشيا بلطف : (( أتظنين أنك ستكونين مرتاحة هنا ؟ أتريدين أن

تغيري شيئاً ؟ )) .

ـ كل شيء رائع . وأنا فقط لم . . . ـ

وتملكها الذعر عندما اغرورقت عيناها فجأة بالدموع فأشاحت

بوجهها . فأجفلت لوشيا : (( ماذا حدث ؟ هل كنت فظاً معها يا ماركو ؟ )) .

فأجاب على الفور : (( كلا , بكل تأكيد )) .

فقالت هارييت بصوت أحش : (( على العكس كلاكما . . . لم أعرف

يوماً . . . )) .

فقال ماركو وعدم الارتياح بادٍ على وجهه : (( علي أن أذهب إلى العمل ,

فقد أهملته أكثر مما ينبغي . . . )) . ـ

فسألته أمه باشمئزاز : (( ماذا تعني بقولك ( أكثر مما ينبغي )؟ )) .

ـ أرجو المعذرة منك ومن هارييت لم أقصد أن أكون عديم التهذيب .

ولكن علي حقاً أن أعود إلى مكتبي ومن ثم إلى شقتي لعدة أيام .

ـ ألن تأتي إلى العشاء الليلة ؟ إنه أول مساء لإيتا معنا .

ـ للأسف لن أتمكن من تناول العشاء معكما , لكنني سأزوركما قريباً .

قبل أمه وبع لحظة تردد , قبل خذ هارييت , ثم خرج بسرعة . هتفت

لوشيا : (( يا له من تصرف ! )) . ـ

ـ إنه مدمن على العمل . وأظنه ضيع الكثير من الوقت .

ـ أنا وأنت سنمضي الأيام القليلة المقبلة معاً . كم أنا سعيدة .

وضغطت على يد هارييت .

شعرت هارييت بأنها دخلت الجنة على غير توقع . فلوشيا فعلت ما

بوسعها لترضيها وأمرت بإعداد الطعام الانكليزي خصيصاُ لها .

طبت لك ذلك لأنني أعلم أنك نصف إنكليزية , لكن الإيطالية تسري

في دمك , أليس كذلك ؟

ـ نعم . ـ

وافقتها هارييت وهي تتساءل عما قاله ماركو عنها , فقد كانت عينا

لوشيا تنضحان تفهماً . ومنذ ذلك الحين أصبحت الإيطالية لغتها , وسرعان

ما أصبحتا صديقتين , سألتها لوشيا : (( لماذا لا تتصلين بأبيك لتعلميه بأنك

هنا ؟ )) .

لم تشأ هارييت القيام بذلك . لكنها عملت بنصيحة مضيفتها . أجابها

صوت غير مألوف أخبرها بأن السنيور ديستينو وأسرته في رحلة لعدة أيام ,

لكنه لم يخبرها بمكان وجودهما حتى عندما أخبرته هارييت إنها ابنته , بدا

واضحاً أنه لم يسمع بها قط من قبل . تركت رسالة لأبيها طالبة منه فيها أن

يتصل بها . ثم أقفلت الخط رافضة أن تشعر بالألم . ـ

استيقظت هارييت في الصباح التالي منتعشة , لتجد أن لوشيا قد

وضعت برنامجاً لنهارهما : ((سنتغدى في المدينة , ثم ذهب في جولة )) .

أسعدها أن تجدد معرفتها بروما , هذه العاصمة العظيمة التي عاشت في

أحلامها . لقد كانت ذات يوم عاصمة العالم , فأصبحت الآن تعج بالسياح

وزحمة السير , ومع ذلك ما زالت مليئة بالآثار القديمة الخالدة . بعد الغداء

أخذتا تتمشيان في شارع (( فيا فيتيتو )) الرائع , وأشارت لوشيا إلى شقة ماركو

التي كانت في الطابق الخامس رفعت هارييت نظرها إلى النوافذ , لكنها

كانت مقفلة . ـ

أمضت اليوم التالي وحدها لأن لوشيا كانت عضواً في عدة جمعيات

خيرية وعليها أن تحضر اجتماعاتها . وهكذا انطلقت , سعيدة , تتجول في

شوارع روما المبلطة , مستكشفة الأزقة الضيقة لتصل أخيراً إلى متجر يختص

ببيع تحف إغريقية . وعندما غادرت المتجر كان دينها قد ازداد بشك كبير .

كانت تتطلع بشوق لترى ما اشترته لماركو , لكنها حتى الآن لم تسمع

عنه شيئاً . تناولت المرأتان عشاءهما ذلك المساء وحدهما . وفيما بعد , وهما

تحتسيان القهوة معاً قالت لوشيا فجأة : (( هل يبدو لك فظيعاً أنني أبحث

لابني عن عروس مناسبة ؟ )) . ـ

ـ ربما يبدو ذلك غريباً نوعاً ما . ألا يعترض ماركو على فكرة الــزواج

من غريبة ؟

ـ هذا أسوأ ما في الأمر , فهو لا يمانع أبداً . كان خاطباً مرة لكن الخطبة

فشلت ومنذ ذلك الحين وهو يتصرف وكأن المشاعر لا تعني له شيئاً .

ـ هل كان يحبها ؟

ـ أعتــقــد ذلـك , لكنه لا يـتـحــدث عــــن هذا الموضوع أمــام أحــــد ولا حتى

أمامي . ربما أنــا عــاطفية حمقــاء , لكنني كنت أحب إيتا كثيراً وقــد ماتـت

صغيرة جداً . كل ما أطلبه هو أن أرى عائلتينا متحدتين في الـزواج والأولاد .

ـ أتمنى أن تخبرني عنها .

ـ كنت صديقة لإحدى أخواتها فأخذتني لتعرفني إلى أهلها . كانت إيتا

أكبر مني بعشر سنوات , لكنها أخذتني تحت جناحـها لأن أمي كانت ميتة .

وكنت اشبينتها في عرسها وأول من رأى أبيك حين ولد . لقد رغبتا أن ينشأ

أولادنا معاً , لكنني تزوجت متأخرة . ثم مرت سنوات كثيرة قبل أن يولد

ماركو . لذا لم يحدث ذلك . ثم ماتت عزيزتي إيتا وما زلت أفتقدها كثيراً .

كانت الشخص الوحيد الذي استطعت أن أفضي إليه بما في نفسي .

ـ هل أنا أشبهها حقاً ؟ ـ

جــوابــاً على ذلك فتحت لوشيا خزانة وأخــرجـت مـنهــا ألـبـــوم الصــور .

ناولتها إياه وبدأت تريها الصرة تلو الأخرى : (( هذه هي . . . إنها إيتا عندما

كانت في عمرك )) . ـ

كانت الشابة في الصورة ترتدي ملابس قديمة الطراز , أما وجهها فكان

شبيهاً بوجه هارييت وكأنه انعكاسها في المرآة . وقالت بعجب : (( أنا حقاً

حفيدتها )) .

ـ أكثر من أولمبيا بكثير : فهي لم تكن مناسبة مطلقاً . إنها فتاة ظريفة

حلة لكنها طائشة , ومع ذك فقد فكرت فيها أولاً لأنني عرفتها منذ

سنوات طويلة . يا ليتني عرفتك أكثر . و يا ليت أمك لم تبعدك عنا !

ـ يا ليت . . . ماذا ؟

ـ قال أبوك إنها لم تشأ أن ترى أياً من بعد أن تطلقا . وأصر على العودة

إلى إنكلترا . ونفاها إلى هناك نهائياً )) .

فقالت لوشيا على الفور : (( يا لتلك المرأة ! لم أحب أباك قط . إنه ضعيف

الشخصية وغير جدير بأمه . والآن , أثار اشمئزازي تماماً )) .

فقالت هارييت غاضبة : (( وأنا كذلك . لق أنكر علي تراثي الإيطالي

الثقافي )) . ـ

ـ حسناً , يمكنك أن تستعيديه هنا .

قالت لوشيا هذا بحرارة , فأجابت هارييت متألمة : (( نعم . بالطبع )) .

ـ هل من الفظاظة أن أقترح عليك أن ترتدي أزياء بلادنا ؟

ـ أتعنين أن ملابسي تبدو حقيرة ؟

ـ كلا بالطبع . ولكن بين المواهب الإنكليزية الكثيرة , ربما تفصيل

الملابس ليس . . .

وتركت بقية الجملة ون نهاية . فقالت هارييت بلهجة حاسمة : (( لا ,

معك حق . حان الوقت لكي أبدو بشخصيتي الحقيقية )) . ـ

ثم اهــتـزت ثقتها بنفسهــا وتــابعت مترددة : (( مهما كــانت تلك

الشخصية )) .

ـ لا تقولي شيئاً كهذا مرة أخرى . منذ هذه اللحظة عليك أن تعيشي

مجدداً .

في الصباح التالي ذهبتا إلى (( فيا دي كوندوتي )) أغلى متاجر روما . وهناك

راحت لوشيا تنتقي الأثواب مبعدة هذا بغطرسة , واضعة ذاك جانباً , إلى أن

تكدست الملابس شيئاً فشيئاً . وعندما غيرت هارييت ملابسها كلها شعرت

بأنها شخص آخر . كان شعوراً غريباً لكنه أعجبها .

بعد ذلك عرفتها السنيورا إلى السيدة تالي مصممة الأزياء المتفوقة , التي

أمضت فترة العسر في دراسة وجه هارييت وما يليق به . وكانت هارييت

نادراً ما تعبأ بالماكياج . لكنها الآن أدركت خطأها . ـ

عيناها , بخضرتهما الرائعة , يجب أن تبدوا أوسع وأكثر تألقاً . وأحمر

الشفاء يجب أن يكون متلائماً مع لون العينين , ويبدو أن كل درجات الألوان

تلائمها ما عدا اللون الذي اعتادت استعماله . كانت الشابة التي بادلتها

النظر في المرآة غريبة , ذات عينين كبيرتين مظللتين وفم ممتلئ , لطالما حاولت

تصغير حجمه . ـ

وعندما أمسكت تالي المقص , هتفت هارييت : (( ليس شعري )) .

ـ لا يمكنك أن تخفي وجهك خلف ذلك الستار من الشعر .

قالت لوشيا هذا , لكن هارييت , التي بقيت لينة مرنة حتى الآن ,

تمسكت فجأة بالعناد وقد تملكها رغب غير مفهوم من التفكير في خسارة

شعرها . استسلمت المرأتان أخيراً , لكنهما أصرتا على أن ترفعه عن وجهها .

وبعد لحظات كان شعرها المرفوع ق غير شكل رأسها بأكمله . كاشفاً عن

عنق طويل رائع كادت تنسى أنها تملكه . أخذت تتأمل نفسها , ممزقة بين

الذعر والحماسة , مفكرة رغماً عنها بأن كارلو سيندهش حين يراها .

اختارتا أخيراً ستة أثواب . أبقتا خمسة منها في المتجر حتى اليوم التالي

لك يتم تقصيرها , ولم تأخذا معهما سوى بنطلون زيتي اللون وقميص من

الساتان , وعندما جلست هارييت تتناول العشاء مع لوشيا , كانت معنوياتها

مرتفعة للغاية , وفكرت في أن ماركو سيعجب بها لو جاء الآن . ـ

لكن الأمسية مرت من دون أن يظهر له أثر , اتصلت به لوشيا ولكن

عندما سمعت المجيب الصوتي قالت بحدة : (( لا . لن أترك له رسالة )) .

ـ يبدو أنه مشغول جداً .

حاولت هارييت أن تهدئها بهذه الكلمات وإن كانت في الواقع تشعر

بأنها تريد أن تصرخ مثلها .

ـ مرت عدة أيام وهو . . . مشغول . ألا يمكنه أن يستغني عن بعض

الوقت لأجل . . . لأجل . . .

ـ لكنني لا أعني له شيئاَ . أنا هنا فقط لكي نستطيع , أنا وهو , أن نعرف

بعضنا بعضاً . ـ

ألقت لوشيا عليها نظرة معبرة : (( حسناً , أنت ابتدأت لكل تأكيد

تتعرفين إلى ابني . إنه أناني وغير مبالٍ )) . ـ

بدا لها هذا صحيحاً . هل هذه حقاً نظرة ماركو إلى الغزل والتودد ؟ أن

يتركها هنا لكي تكسب رضى أمه وكأن ذلك هو الشيء الوحيد المهم ؟

وصلت بقية الملابس عصر اليوم التالي فجعلتها لوشيا تستعرض نفسها

بينما أخذت هي تتأملها .

قالت هارييت : (( أنا لست واثقة بالنسبة إلى ثوب السهرة هذا . إنه

ضيق )) .

ـ بل إنه يلائم جسمك . وهو يبرز ثناياك بشكل بديع .

اقتربت هارييت من المرآة : (( ولكن ليس لدي ثنا . . . آه , بل لدي )) .

وأخذت تستجير , محاولة أن ترى الثوب الزعفراني اللون قدر

الإمكان , من دون أن تجفل من الطريقة التي يكشف بها جسمها

ـ همممم . . .

قالت هذا وقد ابتدأ السرور يتملكها .

ـ كان عليك أن تشتري لنفسك ملابس لائقة من قبل , بدلاً من تضييع

وقتك على تاريخ الآثار . الرجال الأموات بأحسن حال في قبورهم , لكنهم

لا يصفرون للنساء . ـ

ـ ربما أنا لا أريد أن يصفر لي الرجال .

ـ هل أنت امرأة أم لا ؟ أنت جميلة وعليك أن تبرزي جمال جسدك .

ـ هذا ما أفعله . ـ

قالت هذا وهي تحاول عبثاً أن تشد فتحة الثوب إلى أعلى : (( هذا الثوب

ضيق لدرجة أنني أبدو كأنني عارية تماماً )) .

ـ إنه ممتاز , ماركو , يا ولدي العزيز .

فاستدارت هارييت مجفلة لتجـــد أن مــاركو قـــد دخــــل إلى الغرفة بهدوء

وهو ينظر إليه مـســروراً . نهضت لوشيا وعانقته , فعانقها بـدوره بعطف

قبــل أن يلقـــي بقبلة على وجنة هارييت . فعبقت خيــاشيمها برائحة عطره

ممزوجة برائحة رجولته الحادة القوية .

سألته أمه : (( ألا تظن أن مظهر هارييت يتحسن ؟ )) .

ـ أظنها رائعة الجمال . ولكن يجب أن ترفع شعرها .

ـ الحق معك . ماذا لم ترفعيه اليوم يا إيتا ؟ كان يبدو جميلاً جداً أمس .

وأمسكت بخصلات شعرها رفعتها فوق رأس هارييت .

فقالت هارييت مجفلة : (( لا )) .

ثم عادت تسدله على كتفيها , ولكن كان هناك سبب آخر يمنعها , لم

تستطيع أن تفهمه ابتدأت تشيح بوجهها مبتعدة , لكن يدي ماركو أمسكتا

بكتفيها تديرانها إليه لتواجهه , ثم شعرت بأصابعه على رقبتها تجذب شعرها

إلى أعلى . وسألها : (( لماذا تريدين أن تخفي وجهك ؟ )) .

ـ ذلك ليس صحيحاً

ـ بل أظنه كذلك . ـ

ونظر إليها لحظة قبل أن يقول برقة : (( وأظن أيضاً أن على أبيك أن يجيب

على أسئلة كثيرة )) .

ـ لا أدري ماذا تعني . . .

وماتت الكلمات على شفيتها , ذلك أنها فهمت تماماً ماذا يعنيه وهو

يقول : (( إذا كنت تظنين بأن أحداً لن يرغب برؤية وجهك , لمجرد أن أبيك لم

يكن يسر برؤيته , فأنت مخطئة )) .

ذهلت لهذا الكشف المفاجئ , فصحيح أن معاملة أبيها تلك , التي

ظنت أنها استطاعت أن تتجاوزها , ما زالت تؤثر فيها حتى الآن . لكنها لم

تتوقع أن يرى تلك الحقيقة رجل بارد عديم المشاعر . قابلت عينيه , ثم

أخذت نفساً حاداً وجمدت وهي ترى فيهما شيئاً ما . . . أم أنها مخطئة ؟ لكن

تبد ذلك بسرعة ظنت معها أنه وهم . قال ماركو فجأة : (( إرفعيه . الشعر

الطويل لا يناسب أبداً هذا الثوب )) .

هذا السبب الواقعي المبتذل أعادها إلى الواقع . أسرعت إلى غرفتها لتجد

الخادمة التي كلفتها لوشيا بمرافقتها , فساعدتها على رفع شعرها كما كان في

اليوم السابق . ـ

وعندئذ نزلت إلى الطابق الأسفل , لم يقل كارلو شيئاً عن مظهرها بل

اكتفى بإيماءة راضية . أما لوشيا فكانت قد استفاقت من فرحتها بحضور

ابنها وتذكرت أنها مستاءة منه .

ـ أظن علينا أن نكون شاكرتين لأنك تنازلت وتذكرتنا أخيراً . هل

سنحصل على خمس دقائق من وقتك الثمين أم عشر ؟

فقال ضاحكاً : (( لا تغضبي مني يا أمي ! لقد جئت لأكفر عن ذلك ,

وأدعو هارييت لتخرج معي الليلة )) .

* * *

نهاية الفصل (( الثالث ))

: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:28 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4 ـ

رقصة حـــب

(( بيلا فيغرا )) مطعم ليلي يقع في شارع (( فيا فيتيتو )) الذي يبعد عدة أمتار

عن شقة ماركو . حال وصولها المكان أحست هارييت بأن الجو عابق بالثقافة

والعلم , وتساءلت كم من النساء أحضرهن ماركو إلى هنا .

قادها إلى مائدة منفردة بعض الشيء . لم يكن البرنامج الترفيهي قد

ابتدأ , و كان النادلون يسرعون ذهاباً وإياباً لتلبية الطلبات . استدعى ماركو

أحدهم بنظره واحدة , ما أغاظ عدداً من الزبائن الذين طال انتظارهم .

جلست هارييت بارتياح حتى أن انزعاجها بسبب ثوبها الضيق بدأ يزول .

ـ آسف لتقصيري هذا . أمي غاضبة جداً مني . هل أنت كذلك أيضاً ؟

فقالت غير صادقة تماماً : (( لا . لا بد أن لديك عملاً كثيراً بعد سفرك )) .

فأومأ : (( لدي سكرتيرة جيدة , لكنني أفضل أن أتابع الأعمال بنفسي .

أنا شاكر لك تفهمك , و آسف لأن أمي لا تتفهم ذلك . إنها تظن أن هذا

يجرحك ويجعلك تسرعين بالعودة إلى انكلترا )) . ـ

فقالت ببشاشة : (( لا , فأنا مسرورة جداً هنا , أنا وأمك منسجمتان

جداً )) .

ـ هذا ما فهمته منها , بالمناسبة , أتراني رأيتك في شارع (( فيا فيتيتو ))

أمس ؟

ـ ربما . فقد استأجرت سيارة من هناك بعد أن اشتريت بعض

الحاجيات . لقد وجدت متجراً على بعد شارعين . . . )) .

أخبرته كل شيء دفعة واحدة . . . زيارتها إلى روما , النفائس الأثرية

التي اكتشفتها , اللحظة التي ساورها فيها شعور بالذنب لإطلاق العنان

لنفسها في الشراء , بهجة التملك . . . أصغى ماركو إليها , أولاً بابتسامة , ثم

بحذر متصاعد . ـ

ـ ماذا اشتريت بحق الله ؟

تلت عليه القائمة .

ـ وكم كلفك هذا ؟

فقالت بلهجة دفاع : (( إنها صفقة . وهي ستبدو رائعة في المتجر )) .

ـ المتجر الغارق بالديون ؟ بحق الله يا امرأة , أليس لديك إحساس بقيمة

المال ؟

ـ إسمع , أنا أعرف أهمية المال , فأنا لا أنكرها .

فقال بلهجة لاذعة : (( هو ذا تنازل منك الآن ! )) .

ـ ولكن المال ليس الأول في قائمة أولوياتي . . .

ـ يهمني أن أعرف مرتبته في قائمة أولوياتك .

جعلها الغيظ تقول بصراحة : (( في أسفل القائمة إذا كان التفاوض هو في

موضوع الجمال )) . ـ

ـ الجمال يكلف مالاً .

ـ هذا , هذا صحيح !

ـ لا بأس . هيا أخبريني بأنني مخطئ .

لم تستطع . خبراء الاثار يعرفون أكثر من غيرهم كم يكلف الجمال ,

واضطرارها للاعتراف بذلك أثار سخطها أكثر من أي شيء آخر .

ـ لا تنسي أنني رأيت حساباتك , وأذكر جيداً كم كانت مثيرة للشفقة .

أظنك تعتبرين القيام بالعمل بشكل جيد ومسألة غير إلزامية .

ـ كلام فارغ . ـ

ـ ماذا قلت ؟

ـ لا بأس . أنا أعترف بأنني أميل إلى ترك هذا النوع من الأشياء يعالج

نفسه بنفسه .

فحدق في عينيها الشاردتين : (( هل هذا حقاً ما تفعلينه ؟ )) .

ـ حسناً , أنت تعلم أنني كذلك ؟

ـ نعم , لكنني لم أعلم أنك ستحافظين على عاداتك في روما أيضاً .

فقال بتمرد : (( أنا هكذا في كل مكان )) . ـ

ـ هذا ما ابتدأت أدركه . ربما كان علي أن أوضح لك أن قرضي لك

مشروط بعدم الوقوع في الدين مجدداً.

ـ لست أقع في الدين , بضاعتي تجلب ربحاً .

ـ دوماً تفترضين أن بإمكانك أن تجدي بيوتاً رفيقة بالقطع التي

تبيعينها . . . إسمعي , أنت بائعة . ألا تعلمين أن من التهور شراء بضاعة من

بائع آخر بثمن كامل لا ربح فيه ؟

ـ طبعاً أعلم ذلك , لكنني لم أستطع أن أمنع نفسي .

ـ لم تستطيعي منع نفسك ؟ دعينا جميعاً نعيش تبعاً لدوافع عاطفية دون

حس بالمسؤولية إذاً .

فقالت ببرودة : (( هذا مختلف )) .

ـ لا أرى أي اختلاف .

ـ لأنك لا تعرف كيف تعيش تبعاً لدوافع عاطفية .

فقال بحماسة : (( الحمد الله )) .

ـ أنا لا أقلل من شأن المسؤولية . أنا أعرف كل هذه الأمور . . .

ـ ليس كافياً أن تعرفيها . عليك أن تعيشي بها .

ـ عندما رأيت تلك القطع الأثرية , أُغرمت بها . أنت لا تفهم مثل هذه

الأمور , أليس كذلك ؟

ـ بل أعرفها جيداً . لقد أحببت تلك التحف , فتخيلت عن كل حس

منطقي وكل تقدير وموضوعية . إياك ثم إياك أن تقرري أمراً و أنت عاشقة .

وسكت عندما لاحظ أنه يتنفس بسرعة . وتملكه السرور لرؤية النادل

قادماً , لم ينظر إليها بينما كان هذا الأخير يبذل لهما الأطباق , وعندما عادا

وحدهما , ابتسم وكأنما شيئاً لم يكن : (( أنا لم أحضرك إلى هنا لأنتقدك . ربما

تجاوزت الحد قليلاً )) .

ـ قليلاً فقط . أظنني أبدو مجنونة بالنسبة إلى شخص يعمل في مجالك .

فقال ضاراً : (( لا تدعينا نبدأ ذلك من جديد . ولكن دعيني ألقي نظرة

على أوراق العمل , يمكنني أن أخبرك كيف . . . أستطيع أن أقترح أشياء قد

تجدينها نافعة ؟ )) .

فقالت بوداعة : (( شكراً )) .

أوشك أن يجيبها ثم رأى لمعان عينيها فآثر الصمت .

ـ ما هو عملك بالضبط .

ـ أنا اعمل في مصرف تجاري وأتعامل بالأسهم والسندات , وأقدم

الاستشارات المالية .

أخذ يشرح لها كل شيء عن عمله , بينما كانت هي تصغي إليه

باهتمام . قال : (( السيطرة سر النجاح . عليك دوماً أن تكوني المسيطرة وأن

تتفوقي بشيء ما على الآخرين . أنت فقدت السيرة على متجرك , وأنا الآن

المسيطر . . . لا , لا تغضبي , أنا لا أريد شيئاً منك . إنني فقط أساعدك لكي

تتجنبي مسيطراً مثلي في المستقبل )) .

ـ لا بأس , تابع حديثك . ـ

كانت مبهورة إلى حد لم تفكر فيه في الدفاع عن نفسها مرة أخرى .

وعندما راجع نفسه قال : (( دعيني أوضح لك ذلك بطريقة أخرى . . )) .

أجابته ساخطة : (( أنت لست بحاجة إلى تبسيط حديثك عن الموضوع ,

فأنا أفهم كل كلمة تقولها )) .

ـ إدراكك إذن يفوق إدراك أختك . ـ

انفجرت هارييت ضاحكة , ثم قالت والضحك يخنقها : (( أتصورك

تتكلم بهذا الشكل إلى أولومبيا , بينما هي تحاول أن تبدو مهتمة )) .

فقال بابتسامة عريضة : (( كانت عيناها ستبدوان جامدتين , وبالمناسبة ,

أكثر النساء يصبحن هكذا بعد أول دقيقة من حديث كهذا )) .

ـ هذا هو رأيي أنا أيضاً , إذا أنت أخذت امرأة في موعد , فهي لا تريد

أن تسمع محاضرة عن الأسواق المالية .

ـ وأنت ليس لديك مانع ؟

ـ هذا مختلف . نحن شريكان في العمل .

فقال بعد لحظة : (( هكذا إذن , ونحن الآن في اجتماع عمل )) .

ـ لكي نفكر في تقدم مشروعنا حتى الآن , ونخطط للمرحلة المقبلة .

ـ حسناً , أولاً , هل يمكننا أن نتفق على أن تكبحي غريزة الشراء لديك

لفترة ؟

ـ أتعني أنك تريدني أن أتوقف عن إنفاق المال ؟

ـ كنت أحاول قول ذلك بشكل مهذب ولكن من الآن فصاعداً أنا من

يحدد المصاريف .

تبدد فجأة ذلك الإعجاب الذي كان قد بدأ ينمو داخلها فسألته بنبرة

تبعث الحذر في النفس : (( ماذا قلت ؟ )) .

ـ لا مزيد من الشراء . هذا يكفي .

ـ من قرر ذلك ؟

ـ أنا , إنني أقوم بإصلاح كامل لنظامك المالي . ولا يجدر بك أن تفعلي

شيئاً حتى أقوم الوضع . ـ

ـ حسناً , حسناً ! وماذا حدث للذوق واللياقة ؟

ـ أي ذوق ولياقة ؟ سيسببان لك الإفلاس ؟

فقال بفروغ صبر : (( كلام فارغ . ليس بإمكانك أن تفلسني )) .

ـ كم هذا ممتع ! حقاً على أن أتزوجك لأجل أموالك . دعنا نعلن

خطوبتنا حالاً .

ـ يا له من عرض لا يمكن مقاومته !

ـ حسناً , لنواجه الأمر , ليس لديك شيء آخر تعرضه . فأنت فظ ,

مستبد , متغطرس ومتكبر . . . ـ

ـ هل يُفترض بي أن أتأثر بهذا الكلام ؟ فكري جيداً . لا عيب في

الغطرسة إذا كان الشخص واثقاً من نفسه .

ـ وأراهن على انك دوماً واثق من نفسك . ـ

ـ تماماً . وهذا يمنعني من أن أخطئ بسبب الناس الذين لا يعرفون ما

يتكلمون عنه .

ـ أتعنيني أنا ؟

ـ أعني أي شخص بهذه الصفة .

ـ تعني بقية العالم بالنسبة إليك . لهذا ستحصل الآن بالضبط على

الزوجة التي تحتاجها . تلك التي رأت أسوأ صفاتك وستتحملك لأجل

أموالك .

قال ساخراً : (( أتظنين أنك رأيت أسوأ صفاتي ؟ )) .

ـ حسناً , أرجو ألا تكون بقية أسوأ منها .

ـ قد تكون كذلك .

ولمعت عيناه : (( قد تكون أسوأ بكثير . فكري جيداً قبل أن تقبليني

زوجاً )) .

ـ جميل ! لقد انتهى كل شيء . هنا تنتهي أقصر خطوبة في التاريخ . بطلا

الرواية لم يستطيعا احتمال بعضهما بعضاً .

خفض صوتها عند آخر كلماتها , وهي تلاحظ أنها تجتذب انتباه

الزبائن . وكذلك نظر ماركو حوله , قبل أن يخفض صوته ويميل نحوها

قائلاً ببرودة : (( لق تصرفت بشكل مسرحي مثير . لا حاجة بك لإظهار كل

هذا الانفعال العاطفي )) .

مالت هي أيضاً نحوه : (( لم أكن منفعلة , بل كنت واقعية هادئة . لم لا ؟

هذا ينجح معك )) .

فقال بحدة : (( أنت لا تعرفين شيئاً عني . كل هذا لأنني أردت أن أنظم

وضعك المالي . . . )) .

ـ أنت لا تريد أن تنظم وضعي المالي , بل تريد أن تتحكم بي وبه , وإذا

أنا سمحت لك بذلك , أين ستتوقف ؟

ـ سمحت لي ؟ أتظنين أنني أطلب إذناً ؟

ـ الأفضل أن تفعل ذلك .

ـ هارييت , أنا أقول لك ألا تشتري المزيد .

ـ وأنا أقول لك إنك منحتني قرضاً ولم تشتري روحاً وجسداً . المتجر هو

ملكي . ـ

ـ إلى متى سيبقى كذلك إذا أنا قررت أن أكون لئيماً ؟

ـ أنت لئيم ؟ لست كذلك بكل تأكيد . إصغ إلى يا ماركو . ذلك المتجر

هو ملكي , وأنا أديره , وأنا وحدي أقرر ما هو بحاجة إليه . إذا رأيت بضاعة

أعجبتني , لن أسألك أولاً , بل سأشتريها أخبرهم بأن يرسلوا إلي

الفاتورة .

ـ وإذا أنا أصريت على إعادتها .

ـ سيكون ذلك صعباً لأنني سأكون قد عدت إلى إنكلترا .

فقال بسخرية بالغة : (( بعد أن تسرقي قلادة (( أترورية )) أو اثنتين تخبئيهما

تحت سترتك , كما أظن ؟

فقالت وهي تصرف بأسنانها : (( كانت زائفة وأنا سأفعل كل ما هو

ضروري )) . ـ

ـ ماركو بُني !

رفع الإثنين نظرهما ليريا رجلاً متوسط السن يقترب من مائدتهما .

نهض ماركو يصافحه , مقدماً هارييت إلى الفريدو أوريس . وهو على

الأرجح صاحب مصرف (( أوريس ناشيونال )) حيث يعمل ماركو .

ـ مقاطعة طيور الحب أمر لا يغتفر .

قال الفريدو هذا بمرح وهو يجر كرسياً مجاوراً ليجلس معهما : (( ما أجمل

رؤية شابين مستغرقين في بعضهما البعض , رأساً لرأس , غافلين عن

العالم ! )) .

لا بد أن هذا ما كانا يبدوان عليه كما أدركت هارييت وهي تبتسم

بصمت . فقال ماركو بلطف ومودة : (( لا تقل شيئاً يا الفريدو . دعنا نحتفظ

بأسرارنا )) .

وضع الفريدو إصبعه على شفتيه وغمز بعينه . لم تبد ثيابه أنيقة , بل بدا

كرجل يحب أن يمضي وقتاً طيباً أكثر منه صاحب مصرف . وأخيراً تركهما

فتنهدا بارتياح . ـ

وقال ماركو وهو يزفر : (( آسف لذلك . لكنه رجل طيب وحــسن

النية )) .

فقالت ساخرة : (( ويحب العبث وأن يمثل دور صاحب المصرف )) .

ـ من أين عرفت ذلك ؟

ـ من اسمه . لكنني أظن أن الاسم هو السبب الوحيد لوجوده هنا .

فضحك : (( نعم , وهو يعلم ذلك , لكنه , والحق يقال , لا يتدخل في

شيء . أنصحك بأن تتزوجيه فهو يملك عشرة أضعاف ما أملكه أنا ,

وسيدعك تبذرين الكثير من أمواله من دون أن يحتج )) .

ـ آه , لكنه بن يتشاجر معي كما تفعل أنت .

ـ يمكنك أن تعتمدي علي بشأن المشاجرات .

ـ لا بأس , سأوافقك على أن الإدارة المالية ليست . . .

ـ ما كنت لأصف تصرفك بالإدارة المالية .

فسألته بعذوبة مصطنعة : (( أتريد أن تتشاجر مرة أخرى ؟ )) .

ـ لا . ما زال الوقت مبكراً لذلك بعد آخر مرة . دعينا نسترد أنفاسنا

أولاً .

ـ هل ستكون هادئاً بينما أقوم بنوع من التنازل ؟

فنظر إليها بانتباه .

ـ أعترف بأنني ارتكبت بعض الأخطاء , وسأهتم بسماع نصيحتك .

فلوى شفتيه : (( تهتمين ؟ )) .

ـ أهتم . ـ

ـ إلى حد قبولها ؟

ـ دعنا نر ما يحمله المستقبل .

ضحك . وغير الهزل وجهه وكأنما أضاء شيء في داخله . رأت أن

بإمكانه أن يكون ساحراً إذا سمح لنفسه بالاسترخاء . كانت قد ابتدأت

تفهم عادته في وصفه كل شيء بعبارات العمل . كانت كلمات يفهمها

بسهولة لكنها تغطي شيئاً عميقاً ف داخله , بدأ الفضول يتملكها معرفة كنه

ذلك الشيء .

قال : (( يكفي لهذه الليلة )) .

عندما قُدمت القهوة , خُفضت الأنوار , واتخذت الفرقة الموسيقية

مكانها على خشبة المسرح . ثم تقدمت امرأة شابة إلى وسط المسرح أخذت

تغني بصوت هامس . كانت أغنية من الفراق والشوق واستمرار الرغبة

عندما يتبدد كل أمل .

كانت فنانة ماهرة , تمكنت من أن تقتص الإحساس من كل كلمة حتى

آخر قطرة . وانتشر في المكان جو شاعري رقيق , غامض .

وشيئاً فشيئاً ابتدأت هارييت تستيقظ شاعرة بالحياة لإحساسها بأنها

تجلس بجانب رجل جذاب لا يفصل بينه وبينها سوى طاولة صغيرة .

اختلست نظرة إلى ماركو لترى إن كان يشعر بها كما تشعر به لكنه كان ينظر

إلى المسرح حيث المغنية . ـ

كان من السخافة أن تشعر بمشاعرها تستجيب لمجرد فكرة , لكنها لم

تستطيع أن تسيطر على السخونة التي تسللت إلى كيانها . أخذت نفساً عميقاً

مرتجفاً وسمرت نظراتها على الأرض .

أما ماركو , فقد كان مواجهاً نظراته إلى كل مكان ما عداها . لقد ذهب

إلى منزل أمه الليلة مستعداً لتناول العشاء ثم الرحيل , وهكذا يكون قد

أدى واجبه . وإذا بنظرة واحدة إلى هارييت تغير رأيه . ها هي ذي مخلوقة

رائعة الجمال , كانت متخفية في ملابس , تكايده بمراوغاتها منذ أول

ليلة .

تصميمه على إخراجها معه كان من وحي اللحظة , وهذا شيء صدمه

لكنه لم يمنعه . عندما دخل بها إلى روما , تساءل كيف ستمر بهما السهرة ,

وما الذي سيتحدثان عنه . اختلس نظرة إليها فرأى وجها متحولاً عن

خشب المسرح نحوه قليلاً , لكنها لم تكن تنظر إيه مباشرة . أدرك أنها تائهة في

عالم داخلي هو ليس مدعواً إليه . كان الشعور بالغيرة شيئاً سخيفاً , وتمنى لو

تنتبه إليه , لكنها لم تفعل . ـ

الضوء الأزرق المنبعث من المسرح أبرز الظلال بحدة , وللحظة لم تبد

كامرأة حية ولكن أشبه بتمثال لملكة قديمة ربما نفرتيتي أو كليوبترا . . .

تمثال امرأة عظيمة مسلطة رائعة . لكنه يعلم أن هذا جزء واحد فقط منها ,

وفي اللحظة التالية ستعود إلى الحياة بضحكة صبية عفريتة , أو تحملق فيه

بشراسة غريم . لا أحد يعلم . كان الفريدو يجذب انتباهه فاضطر إلى أن

يبتسم له . كان الفريدو رجلاً طيباً , ليس فطناً للغاية ولكنه ودود , وسينفعه

في الحصول على شراكة . كان يشير إلى هارييت غامزاً بعينه مشيراً إلى أنهما هما

الإثنين الرجلين الوحيدين في العالم اللذين يعلمان بهذه العلاقة . و فجأة شعر

ماركو بأنه يريد أن يضربه . ـ

توارت المغنية ضمن عاصفة من التصفيق , وعزفت الفرقة موسيقى

راقصة . سألها ماركو بأدب : (( هل تحبين أن ترقصي ؟ )) .

أمسكت بيده فقادها إلى حلبة الرقص التي سرعان ما ازدحمت ليصبح

الرقص عبارة عن حركات ثقيلة . أمسك بها بحزم , يشدها إليه ولكن من

دون مبالغة , ووجدت هي خطواتها تنسجم مع خطواته بسهولة . كان تأثير

الأغنية ما زال يتملكها , طارداً كل الأفكار ما عدا أنها مستمتعة بهذه

اللحظة . وابتسمت . فسألها على الفور : (( ما الأمر ؟ )) .

ـ أنا فقط مستمتعة بوقتي . ـ

ـ لا , بل أكثر من ذلك . أخبريني . هذه الابتسامة تعني شيئاً ما .

أقلقها إلحاحه , فنظرت في عينيه ورأت فيهما شيئاً أكثر حدة بالنسبة إلى

سؤال تافه . ثم اصطدم بها شخص ما فشعرت بيدي ماركو تشتدان

وتثبتانها . فأصبح وجهه قريباً من وجهها . وحلقت مشاعرها عالياً ,

فأغمضت عينيها لتخفي ما قد تكونا قد كشفتا له .

تمتم بقول : (( أنظري إلي )) . ـ

فتحت عينيها فوجدته يراقبها بحدة وأحست بسخونة يده على ظهرها ,

كانت الأفكار والمشاعر التي صدمتها , قد تملكتها . وصدرت عنها شهقة

صغيرة .

ـ ما الأمر ؟

ـ أنا . . . لا شيء . . . لا شيء . إنه الحر .

ـ نعم , أصبح الجو حاراً نوعاً ما . شقتي قريبة من هنا , دعيني أدعوك

إلى فنجان قهوة هناك . ـ

عندما خرجا , كانت الساعة الثانية والنصف , وكانت النجوم تتألق في

السماء , والشارع خالياً إلا من بعض المتسكعين . تأبط ماركو ذراعيها ثم

اجتازا المسافة القصيرة إلى الشقة .

شعرت هارييت بالارتياح بعد أن هداها المشي وهواء الليل . وعندما

استقلا المصعد إلى الطابق الخامس , عادت تسيطر على نفسها مرة أخرى .

كان الفضول يتملكها لرؤية شقة ماركو فقد حاولت أن تتخيلها ولم تستطع .

بدا ماركو متكتماً إلى حد كان من المستحيل معه أن تتصور أي شيء لا يريد

أن يكشفه . وقد رأت الحقيقة الآن . فوجئت بها في البداية , ثم أدركت أنها

بالضب ما توقعته في عقلها الباطن . ـ

لا يمكن أن يكون هناك بيت أكثر تحفظاً وغموضاً وتقشفاً من هذا .

كانت الإثارة خفية , وقد عُلقت على الجدران عدة صور عصرية , وزُينت

الرفوف ببعض التحف الفنية . بدا لها أن البيت ينتمي إلى رجل أخفى نفسه

ربما حتى عن نفسه . ـ

من خلال باب مفتوح يؤدي إلى غرفة نومه رأت هارييت جهاز

كومبيوتر وجهاز فاكس وعدة هواتف وجهازي تلفزيون . هذا الرجل أخذ

عمله إلى سريره . وتذكرت قول أولمبيا : ( معروف عنه أنه يدمر النساء , فما

إن يقيم علاقة مع المرأة حتى يتركها ) .

مهما كان ما حدث في حياة ماركو الخاصة , فقد حدث هنا في هذا المنزل

وربما في تلك الغرفة بالذات .

نادى من المطبخ : (( سأحضر القهوة )) .

كان المطبخ أيضاً بسيطاً متقشفاً , ولكن رائع الجمال , ببياض جدرانه

المزينة باللون الأزرق . وبدا من سهولة تحركه في أنحائه أنه اعتاد أن يطهو

لنفسه , وهذا جعله يصنع القهوة بشكل ممتاز .

قالت وهي ترشفها متلذذة : (( إنها لذيذة , كما أن البيت رائع )) .

ـ شكراً , لكنه لا يعجب الكثيرين .

ـ إنه هادئ ومريح , وأنا أحب ذلك كثيراً . كما أنك تعرف كيف

تتباهى بتحفك مظهراً محاسنها بخلفياتها البسيطة وطريقة تنظيمها وإنارتها .

ـ شكراً , المدح منك هو مدح حقيقي هل لك أن تعطيني رأيك

بمجموعتي ؟

أنهت قهوتها قبل أن تقترب من إناء قائم على قاعدة مربعة . كان يبدو

بزخرفته غريباً جداً بالنسبة إلى خلفيته البسيطة , وكان تقييمها له بأنه فرنسي

من القرن الخامس شر صحيحاً , وأنه أصلي . فقال بحزم : (( كل شيء في

مجموعتي أصلي )) .

ابتسمت وهي تعيد (( الإناء )) إلى قاعدته وتبتعد : (( دعنا لا نتجادل في

ذلك )) . ـ

فقال وهو يقف أمامها : (( أوافقك , فالجدل مضيعة للوقت )) .

ومال إلى الأمام , ووضع يده خلف رأسها وجذبها إليه معانقاً إياها

بحذر , ثم بقوة وكأنه يريد أن يتأكد من ردة فعلها قبل أن يتخذ الخطوة

التالية , كان الإحساس بهيجاً فاستسلمت هارييت له . تصرف وكأن لديهما

كل الوقت الذي في العالم ليكتشفا بعضهما بعضاً , ووجدت هذا مريحاً .

وعندما التفت ذراعه حول خصرها أحاطته بذراعيها تاركة يديها تستمتعان

بالإحساس بقوته التي كانت تتسرب من خلال ملابس سهرته الأنيقة .

كل ما في ماركو بدا منسجماً , رائعاً , وخصوصاً عناقه , بدا خبيراً

رقيقاً في هذا كما هو في كل مهاراته الاجتماعية الأخرى . لكن إحساساً

غريباً أوجعها فتحركت بين ذراعيه بقلق .

شيء ما لم يكن صحيحاً في هذا الأمر . دفعت ماركو بعيداً عنها لكنه

قاوم وبقي يحتضنها , وإذا بالغضب يتملكها , فاشتدت يداها على كتفه

وقالت بحزم : (( هذا يكفي )) .

ثم ابتعدت عنه وهي تتابع قائلة : (( حقاً إنك جريء )) .

فقال ساخطاً : (( ما العيب في العناق ؟ لقد أمضينا معاً سهرة سارة

للغاية , ثم رقصنا معاً واحتضن الواحد منا الآخر , فما الخطب ؟ )) .

قالت بصوت مرتجف : (( أنت لم تعانقني , وإنما كنت تتفحص ما

سيصبح ملكاً لك )) . ـ

ـ ماذا ؟

ـ أنت تعلم ما أعنيه . لم يكن ذلك عناقاً بل نظرة عامة لترى إن كان

التسلم سيكون في مصلحتك .

ـ لا تكوني حمقاء .

فقالت غاضبة : (( أنا واثقة من أنك كنت تحسب الأمر من كافة جوانبه .

أنت لا تريدني أن آخذ أي فكرة قبل أن تقرر ما تريد , كي لا أزعجك فيما

بعد , أيها الحذر البارد الشعور )) .

فقال بحدة : (( لا تكثري الكلام ! لقد وضحت لي الصورة , لكنني فقط

أتمنى لو أعلم ما تريدين )) .

ـ ذلك بسيط جداً . إذا كنت تريد أن تعانقني فافعل ذلك بحرارة ,

وليس . . .

لم تستطع أن تنهي كلامها لأنه انقض عليها بعناق عنيف . لم تتذكر كيف

أصبحت بين ذراعيه , لكنهما كانتا تحيطان بها تجمدانها مكانها , حاولت أن

تحتج لطريقته هذه , لكنه تمتم : (( إخرسي ! أنت قلت إن هذا ما تريدينه ,

وهذا ما ستحصلين عليه )) . ـ

لم تحاول أن تستمر في الجدل . فهذا رجل غاضب للغاية , ولا يمكنها أن

تشكو فهي التي جلبته لنفسها . ولكنها وجدت أنها لا تريد ان تتذكر . سرت

في كيانها مشاعر لم تعرفها من قبل , أشبه بالنار في الهشيم .

كان على هارييت أن تتخذ قرارها بسرعة وتبتعد عنه , إنها تلعب

بالنار . لكن ذلك كان صعباً لأن جسدها كان متوتراً وأحاسيسها مشوشة ,

ما محى كل شيء من ذهنها . كيف يحصل ذلك وهما شبه عدوين ؟

كان رنين الهاتف خافتاً بحيث أنها بالكاد سمعته . حاولت أن تتجاهله

لكن ماركو ابتعد عنها منزعجاً من المكالمة . ـ

أخذت تنظر إليه كالحالمة وهو يرفع السماعة , منتظرة أن ينهي المكالمة .

لكنه , بدلاً من ذلك , توتر منتبهاً . ثم قال بصوت مرتفع : (( نعم , أنا ماركو

كالـﭭـاني )) .

حدقت إليه هارييت ذاهلة لسرعة تحويله انتباهه عنها , وكأن ذلك

العناق لم يكن . لم تستطع أن تصدق ذلك .

وأخيراً رفع ماركو السماعة عن أذنه , لكنه لم يقفل الخط : ((( آسف ,

لكن هذا أمر هام . لن أستطيع أن أوصلك إلى البيت , لكن هناك شركة

تاكسيات ممتازة . تجدين رقم الهاتف في ذلك الدفتر )) .

سألته ورأسها يدور : (( ما . . . ماذا ؟ )) .

ـ إنه على المنضدة بجانبك . . . آلو ؟ نعم , أنا ما زلت هنا .

عاد إلى مكالمته الهامة . ـ

قالت تحدث لوشيا الغاضبة فيما بعد تلك الليلة : (( أتعلمين ما الذي

أفقدني صوابي حقاً ؟ أنه جعلني أنا أستدعي سيارة الأجرة )) .

* * *

نهاية الفصل (( الرابع )) . . .



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:29 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5 ـ

رجــل الثــلج

في اليوم التالي , وصلت إلى الفيلا باقة رائعة من الأزهار مع بطاقة جميلة

للغاية من ماركو يأسف فيها لسوء الحظ الذي قطع عليهما تلك الأمسية

البهيجة . ناولتها هارييت إلى لوشيا التي عبرت عن رأيها بنبرة اشمئزاز ,

لكنها . لحسن الحظ , لم تلق على هارييت أي سؤال .

اتصل ماركو بعد يومين , دعاهما معاً إلى الغداء في المصرف, إذا كان

لمصرف (( أوريس ناشيونال )) مطعم خاص يقصده الموظفون الرفيعو المستوى

ويدعون إليه أصدقاءهم . وعامل ماركو وبعض زملائه المرأتين كملكتين .

كانت لوشيا قد قصدت هذا المكان ثلاث مرات من قبل , لكنها المرأة

الوحيدة التي دعاها ماركو , على الإطلاق , حتى الآن . وقد فهمت هارييت

ما تتضمنه هذه الدعوة من امتياز . كانت تنوي أن تحتج على تصرفه الشهم في

الليلة السابقة , ولكن ذلك كان مستحيلاً في هذه الظروف . ـ

لم يستطع الفريدو أوريس أن يحفظ سراً , وسرعان ما كان الخبر يسري في

روما بأسرها أن ماركو ظهر في النادي الليلي مع فتاة جديدة . لكن هذه الفتاة

مختلفة , فقد كانت تقيم مع أمه وقد تناولت عشاءها في مطعم المصرف .

وبع ذلك هاجت التخمينات لتستقر على الاستنتاج الصحيح تقريباً .

ـ إذاً لم تعد خطوبتك سراً . ـ

قالت لوشيا ذلك راضية بينما كانوا جميعاً يتناولون الفطور بعد عدة

أيام , وكان ماركو قد أمضى الليلة الماضية في الفيلا . نظرت هارييت إليها

بسرعة : (( ليست خطبة بالضبط )) .

ـ ما هي إذن ؟

نظرت إلى ماركو , لكنه لم يساعدها بشيء . فقالت مترددة : (( إنها . . .

نوع غير رسمي من . . . )) . ـ

ـ لم يعد لي صبر على كل هذا التردد والعجز عن التصميم الجميع يرى

أنكما مناسبان لبعضكما البعض . والآن العالم يعلم أنكما مخطوبان .

سألها ماركو ساخراً : (( ألست أنت من أعطاهم هذا الانطباع يا

ترى ؟ )) . ـ

ـ أم أكن بحاجة إلى ذلك . الجميع رآكما ضائعين في بعضكما البعض في

(( بيلا فيغرا )) .

لم يكن بإمكانهما أن يوضحا أنهما كانا يتشاجران حينذاك , لذا لم يجب

أحد منهما . واعتبرت لوشيا ذلك إثباتاً لقولها . فأضافت : (( ثم اصطحابك

لنا إلى المصرف يُعتبر عملياً إعلان خطبة . ولذا علينا أن نقيم حفلة الآن .

الجميع يتوقع منا ذلك . كما أنهم يتوقعون أن يروا الخاتم . اهتم إذن بما يلزم

لذلك )) . ـ

ثم خرجت من الغرفة قبل أن يستطيعا الجواب . سألته هارييت : (( ماذا

سنفعل ؟ )) .

ـ الحفلة , في الواقع , فكرة حسنة . لقد حان الوقت لتقابلي بعض

أصدقاء الأسرة .

ـ ولكن حفلة خطبة . . . وخاتم . . .

ـ ذلك لا يغير شيئاً . سنقيم حفلة , وإذا غيرنا رأينا فسخنا الخطبة .

والحق مع أمي بالنسبة إلى الخاتم .

وكتب عنواناً أعطاها إياه : (( هذا أفضل صائغ في روما . سأخبره بأنك

ستقصدينه )) .

ـ ألن تأتي معـي ؟

فأجاب من دون أن يقابل نظراتها : (( لدي عمل مستعجل . سيعرضون

عليك أروع ما لديهم فاختاري الأفضل )) .

ذهبت هارييت إلى الصائغ في النهار نفسه فعامل خطيبة ماركو

كالـﭭـاني ببالغ الاحترام , وأراها مجموعة من الخواتم الماسية كانت كلها غالية

الثمن إلى درجة مخيفة . وأعجبها واحد منها مؤلف من ماسات صغيرة للغاية

مركبة على ذهب أبيض , وفي الوسط ماسة كبيرة من نوع فاخر . لكنها كانت

تعرف الكثير عن تجار الجواهر وأسعارهم الخيالية , ولا يمكنها أن تقبل هذا

الخاتم بأي شكل , فسألته : (( أليس لديكم شيء . . . أصغر قليلاً )) .

قالت هذا شاعرة بأن كلمة (( أرخص )) أقل لباقة . فأجاب الصائع :

(( هذه هي المجموعة التي اختارها السنيور كالـﭭـاني )) .

إذن , فقد جاء إلى المتجر , ولكن ليس معها , والأسوأ أنه يحاول أن

يتحكم في اختيارها , وهذا لا يوافقها . فقالت بحزم : (( أريد أن أرى شيئاً

آخـر )) .

فذُعر : (( لكن السنيور كالـﭭـاني . . . )) .

ـ لن يلبس هو هذا الخاتم , بل أنا .

ـ ولكن . . .

ـ طبعاً إذا كان هناك مانع , سأذهب إلى مكان آخـر .

عند هذه الهزيمة , أحضر الرجل صينينة عليها خواتم أقل كلفة .

اختارت أخيراً خاتم سوليتير بديعاً للغاية , مقاومة محاولته للعودة بها

إلى الخواتم المترفة تلك , ثم خرجت وهو في إصبعها .

جاء ماركو إلى الفيلا تلك الليلة وهو يحمل صندوق مجوهرات كبير .

لم تتوقع منه هارييت الخضوع بسهولة , لذا لم يكن عليها أن تكون

خارقة الذكاء لتتكهن بأن ذلك الصندوق يحتوي على الخواتم التي رفضتها .

هل هذه الحرب ؟ إنها مستعدة لها . حيا ماركو أمه بحرارة قبل أن يأخذ

هارييت جانباً . رفعت يدا قائلة : (( شكراً لخاتمي الجميل هذا )) .

فأمسك بيدها بحزم وخلع منها الخاتم حتى دون أن ينظر إليه .

ـ هاي . . . ماذا تفعل ؟

ـ هناك خطأ ! لا بد أنه أراك الصينية الخطأ .

ـ لم يخطئ . وهذا هو الخاتم الذي أعجبني . ـ

فقال بحزم : (( خطيبتي لا تلبس خاتماً رخيصاً )) .

ـ رخيص ؟ لا بد أن ثمنه عشرة آلاف دولار .

ـ بالضبط .

قال باختصار . كان واضحاً أنه يكبح غيظه .

ـ فهمت , إذا أخـــذت خطيبتك تتباهى بخــــاتم يســـــاوي فقــط عشـــرة آلاف

دولار , سيبدأ عملاؤك في مراجعة أسعار أسهمهم , لكي يروا ما إذا كنت قد

فقدت قدرتك المالية .

ـ ما دمت تفهمين ذلك , كما هو واضح , لا أدري لما نخوض هــذا

الحديث .

ـ أرجوك أن تعيد إلي ذلك الخاتم .

ـ لا .

ـ إنه الخاتم الذي أريده . ـ

ســاد صمت بدا فيه ماركو محبطاً وعاجزاً ثم التقت أعينهما والتصميم

بادٍ لدى كليهما . ثم فتح ماركو العلبة : (( اختاري واحداً من هذه )) .

قال هذا بحذر فقالت : (( لقد اخترت الخاتم الذي في إصبعي )) .

سألها وهو يصرف بأسنانه : (( لماذا يجب أن يكون كل شيء مثــاراً

للجدل ؟ )) .

ـ لأنك تحاول السيطرة علي في كل شيء وأنا لا أقبل بهذا .

ـ هذا هراء . أنا فقط أطلب منك أن تفعلي ما هو مناسب لوضعنا . منذ

أيام , أنفقت مالاً أكثر من هذا من دون أن يطرف لك جفن . ودعيني أذكرك

بانه مال لم أسمح لك بإنفاقه .

ـ هل عدنا لنبدأ ذلك من جديد ؟

ـ كل ما في الأمر أنني أستغرب كيف تفرغين جيوبي بكل قسوة إذا تعلق

الأمر بحجز أثري , ثم تصبحين فجأة بالغة الرقة بالنسبة إلى ثمن الخاتم .

أين المنطق في هذا ؟

ـ لماذا يجب أن يكون هناك منطق ؟

فقال بعنف : (( هذا يساعد أحياناً )) .

ـ المسألة ليست مسألة ثمن , وإنما تحكمك بي .

ـ ألم تفكري بتأثير ذلك علي ؟

ـ عملاؤك سينسون هذا . ـ

لكنه كان أمهر مما كانت تظن . وفي اللحظة التالية جاء بالشيء الذي لم

تستعد له . لقد تلاشى الغضب من وجهه , ثم نظر إليها بابتساكة آسفة :

(( هارييت . رغم أنك امرأة لامعة إلا أنك غبية للغاية )) .

ـ ماذا يعني هذا ؟

سألته بحذر , شاعرة بأنه بنصب لها فخــاً ما .

ـ أنا لا أخاف من عملائي بل من أمــي .

ـ أحقاً . إذا كنت تريد أن تقنعني بأنك تخاف من أمك . . .

ـ ماذا تظنينها ستقول لي إذا ظنت أنني عاملتك بدناءة بالنسبة إلى

الخاتم ؟

وكا يبتسم لها بطريقة أقلقتها فقالت : (( سـأوضح لها بأن هــذا هو

اختياري أنا . . . )) .

فتنهد : (( هذا ليس جيداً . ستقول إنه كان علي أن أثبت وجـــودي . وهــي

لا تعرف مدى صعوبة هذا معك . إذا أنت لم تساعدني على الخروج من هذه

المشكلة , سوف . . . حسناً , لا أدري ماذا سأفعل )) .

فقالت بحدة , محاولة ألا تستجيب لابتسامته: (( والآن كُف عن هــذا فأنا

أرى ما في نفسك , هل تسمعني ؟ )) .

ـ أنا واثق من ذلك . ـ

ـ أنت غير مهتم . أليس كذلك ؟ ما دمت تحصل على ما تريد .

ـ أنت تفهمينني تماماً .

ـ حسناً , بعد كل هذه الاعترافات , عليك أن تخجل من نفسك .

ـ لماذا ؟ ما الخطأ في حصولي على ما أريد ؟ ألا تحبين أنت أن تفعلي هذا ؟

ـ طبعاً , ولكن يتملكني بعض التردد ووخز الضمير عندما أفعل ذلك .

فقال بجد : (( التردد ووخز الضمير مضيعة للوقت . إذا كان هناك مـا

ينفعك فاسعي للحصول عليه )) .

ـ من دون أن أهتم بالآخرين . . . ؟

ـ من دون أن تهتمي بأي شيء .

ـ ولكن هذا فظيع . ـ

ـ لا , بل هو صواب , والآن لِمَ لا تجربين هذا في إصبعك ؟

كان يتكلم وهو يضع في إصبعها الخاتم الذي جذب انتباهها في المتجر

وكان هو يعلم طبعاً , إذ لا بد أن الصائغ أخبره بأن هذا الخاتم قد أثار

اهتمامها . إنه أمامها في كل لفتة , وعليها أن تقاومه .

لكن السخط تلاشى أمام جمال الخاتم بماساته الرائعة ومدت يدها تنظر

إلى تلك الحجارة المتلألئة كالنجوم , وقد تملكتها الرهبة لجمالها . وقالت

بيأس : (( لا يمكنني أن آخذه . لا أستطيع )) .

لكنها لم تخفض يدها . وهتف ماركو ينادي أمه التي كانت تتسكع عند

الباب بلهفة : (( ماما , تعالي هنئينا بخطوبتنا )) .

قال هذا وهو يرفع يد هارييت يريها الخاتم فأطلقت أمه صوت

إعجاب : (( آه , ما أروعه من خـاتم )) .

ـ نعم , رائع , أليس كذلك ؟

قالت هارييت هذا والسخرية في عينيها . لم يعد من مجال للتراجع الآن .

وهتفت لوشيا : (( سيذهل كل من يراه . والآن يمكننا أن نجلس

ونستمتع بالتخطيط للحفلة )) . ـ

فقال ماركو على الفور : (( سأغيب عن المدينة لعدة أيام )) .

فقالت الأم : (( اذهب إذن , سنقوم بالعمل بشكل أفضل بدونك )) .

وخرجت وهي تهمهم .

وقالت له هارييت : (( لن أقول شيئاص عن عدم إحساسك بوخز الضمير ,

لأننا سبق وتحدثنا عن ذلك . لكنني أريدك أن تفهم جيداً أنني إذا غيرت

رأيي بهذه الخطبة , وحالياً يبدو هذا محتملاً جداً , فأنا أريدك أن تستعيد

الخاتم )) . ـ

فقال مصدوماً : (( هذا طبيعي . وهل تظنين أنني سأتركه لك ؟ سأحتاجه

للمرة التالية )) .

كانت عيناه تداعبانها , وفجأة لم يعد يهمها شيء . كان صعباً ولا يطاق ,

ولكن لا شيء يصلح هذه الحال فيه . كما أن لديه سحراً خفياً يمكنه أن

يتسلل خفية إلى كيانها . ولكن كان هناك شيء آخر لم تجرؤ على الاعتراف به

لنفسها . فقد كانت هارييت العاقلة تتوارى في الظلال لتحل مكانها هارييت

أخرى تريد ان تجازف وتعيش الحياة بقوة . هزها إدراكها ذلك , وكانت

بحاجة إلى وقت لتفكر فيه . ـ

بعد انتهاء العشاء اتفق ماركو وأمه على لائحة الضيوف . و عندما

نظرت هارييت إليها رأت اسماً جعل عينيها تلمعان . وقالت بحماسة :

(( البارون أورازيو مانيللي )) .

فسألها : (( هل تعرفينه ؟ )) .

ـ لا , ب أتمنى لو ادخل بيته , منذ دهور وأنا أحاول ذلك .

ـ أظن لديه بعض القطع الأثرية التي ترغبين فيها .

ـ آلاف القطع , لكنه لا يدع أحداً يراها . أظن الأمر سيكون مختلفاً

الآن . هل تعرفه جيداً ؟

ـ اعرفه بشكل يسمح لك بدخول بيته , هل أفهم أن هذا ما تتوقعين

مني ان أفعله ؟

ـ ذلك ليس مشكلة , أليس كذلك ؟

ـ وإذا كان في ذلك مشكلة , هل يشكل ذلك فرقاً ؟

ـ حسناً . . .

ـ لا تزعجي نفسك بإظهار التهذيب . يسرني أن أكون نافعاً .

تلك عقبة أزيلت , كما فكرت هارييت مسرورة , لأن ماركو لم يبد عليه

سوى التسلية . وقد سنحت لها فرصة سعيدة لرؤية نفائس لم يٌكتشف عنها

بعد . ـ

* * *

غاب ماركو أسبوعاً , فأغمضت لوشيا و هارييت الوقت بنشاط وبسرعة .

جيش الخدم كله في الفيلا كان مشغولاً بتنظيف البيت لفصل الربيع وإظهاره

للحياة بشكل جديد , وأرسلت الدعوات إلى الضيوف ومنها دعوة لى والد

هارييت . ولكن بما أن الجواب لم يصل , كان معنى ذلك أنه ما زال مسافراً .

بعد يوم واحد ابتدأت الأجوبة على الدعوات تصل . المجتمع بأسره بدا

متلهفاً لرؤية المرأة التي ( غزت قلب الغازي ) . وهي جملة أخذت تتكرر في

صالونات المدينة إلى أن وصلت إلى مسامع هارييت .

فقالت لوشيا ساخرة : (( حسناً , إنها روما على كل حال . وهي المكان

المناسب للذهاب إلى عرين الأسد )) .

فقالت لوشيا: (( لا تقلقي . ماركو يعرف كل شيء عن الأسود , وهو

لن يدعك تواجهينهم وحدك )) . ـ

قبل الحفلة بيومين , جاء ماركو إلى الفيلا , وتناول الثلاثة عشاءً ساراً .

وأثناء القهوة , قالت لوشيا : (( غداً سيبدأ أفراد الأسرة بالقدوم , هل أنت

مستعدة للاجتماع بهم ؟ )) .

فقالت هارييت : (( أنا متوترة بعض الشيء )) .

فتنهدت لوشيا : (( أنا نفسي متوترة الأعصاب . فرانسيسكو سيحضر

ليزا . لا أستطيع أن أدعوها خطيبته وهي في الستينات من عمرها )) .

فقال ماركو : (( لقد بقي سنوات يتوسل إليها أن تتزوجه , ولكن كونها

مدبرة منزله , وجدت فكرة الزواج غير مناسبة )) .

فقالت لوشيا : (( كان كلامها صحيحاً )) .

فقال ماركو : (( لقد سبق لهارييت أن قابلت دولسي )) .

ـ لن يدهشني أن أعلم أن دولسي جاءت إلى متجر هارييت لتبيع

فضيات الأسرة .

ـ

قالت لوشيا هذا بشيء من الخشونة , فقالت هارييت من دون تفكير :

(( بل في الواقع رأس حصان من الرخام )) .

لتغطي حماقتها هذه أسرعت تقول : (( أنا متشوقة حقاً لرؤيتها مرة

آخرى , فقد انسجمنا تماماً . بعد أن انتهينا من العمل تناولنا الغداء معاً . إنها

ملسة للغاية )) .

أجفلت لوشيا مذعورة : (( مسلية ؟ هل هذه كل مؤهلاتها لتكون

(( كونتيسا كالـﭭـاني المقبلة ؟ )) .

ـ حسناً , أنـــا . . .

فقال ماركو بهدوء : (( لا تحاولي أن تجيبي على ذلك . أمي , أنت لست

منصفة مع هارييت )) .

ـ لا , طبعاً هذا ليس ذنبك يا عزيزتي . ـ

ربتت على يد هارييت , ومرت اللحظة بسلام . وتابعت لوشيا : (( وليو ,

طبعاً , لن يصل إلا في اللحظة الأخيرة فهو لا يرتاح في المجتمعات الراقية أو

المتحضرة )) .

فقال ماركو ضاحكاً : (( هـــذا صحيــح . وفي الـــواقع مــــا كان سيأتي على

الإطلاق لو أنه لم يكن مسافراً إلى أميركا , ومن مطار روما يمكنه أن يذهب

مباشرة إلى تكساس )) .

فهتفت لوشيا : (( تكساس ؟ سيظنه الجميع راعي أبقار )) .

فقال ماركو بلين : (( هذا بالضبط ما هو عليه , ما دام ذاهباً إلى أسواق

دمغ الماشية هناك )) .

فردت لوشيا : (( أسواق دمغ الماشية ؟ )) .

ـ ليو يربي الخيول في (( توسكانيا )) إنها حيوانات ممتازة ومطلوبة جداً .

فتنهدت لوشيا بأسى : (( راعي أبقار, بينما ينبغي أن يكون وريث

فرانسيسكو ! )) . ـ

في الصباح التالي كانت هارييت و لوشيا في المحطة تنظران قطار البندقية

الذي يقل الكونت فرانسيسكو كالـﭭـاني . ظهر متأبطاً ذراع امرأة نحيفة كبيرة

السن . و كانت هذه ليزا , عروسه المدعوة . وابتسمت هارييت لمنظرهما

معاً . لقد دام حبهما الخفي طوال تلك السنوات , والآن , بعد أن انكشف

حبهما هذا , بدا زهوهما وفرحهما ببعضهما البعض مؤثراً , وتساءلت كم

من الأزواج ستبقى مشاعرهم بهذا الشكل بعد سنوات ؟ من المؤكد أنها

وماركو لن يكونا كذلك فعلاقتهما لم تبدأ حتى بالحب . قد يكون ماركو على

حق قراره ترتيب زواج من ذها النوع . لكنها شعرت بغصة في حلقها

وهي تنظر إلى العاشقين المسنين .

كان غويدو ابن عم ماركو شاباً وسيماً تحمل نظراته دعابة خبيثة . لكن

عينيه كانتا تستقران على دولسي , التي ستصبح عروسه بعد أسابيع .

رأته هارييت عاشقاً مثالياً , وأعجبها ذلك منه . حيتها دولسي بلهفة وعناق :

(( لا أستطيع أن أصدق أنك أنت العروس . تصوري فقط أننا سنكون

قريبتين . كم هذا عظيم ! )) . ـ

ـ نعم .

وافقتها هارييت وهي تتساءل عما إذا كان ذلك اليوم سيأتي حقاً . كان

الخاتم اللامع في إصبعها حقيقياً , ولكن كا شيء آخر كان يحوطه جو من

عدم الواقعية . كانت متشوقة للاستمتاع بالحفلة بالرغم من كل ما تشعر به

من فوضى وتشتت . قد لا تكون لوشيا موافقة على زواج الكونت , لكن

سلوكها نحو ليزا يالارتياح في صحبتها , كما أنها ارتاحت إلى ماركو , كما

لاحظت هارييت . وهي تشعر أن دقته , هو أيضاً , يمكن الاعتماد عليها .

قبل وجنتيها ثم قدم لها ذراعه لتتأبطها وهي تدخل المنزل .

أثناء العشاء أخذ غويدو يخبرهم عن سوء التفاهم الذي ساد في أول

لقاء له مع دولسي في البندقية , عندما ظنته قائد زورق الغندول , ولم يكن

يعلم أنها تخفي سراً خاصاً بها . وكانوا جميعاً يضحكون عندما رفعت هارييت

نظرها لترى شاباً طويلاً البنية واقفاً عند الباب . وقد عرفت من شعره

الخشن ومظهره الصلب أنه (( الريفي الخجول )) .

ـ

صرخ الجميع : ليو ! ونهض غويدو وماركو ليصافحاه ويربتا على

ظهره . ابتسم العملاق الصغير وبادلهما التربيت على الظهر , ثم عانق لوشيا

ودولسي . ووقفت هارييت لتتعرف عليه , فنظر إليها مقيماً بشكل أصبحت

معتادة عليه . كان وسيماً كشقيقيه الآخرين , لكن تأثيره على الناظر كان

طاغياً جسدياً . وفكرت هارييت في أن رجال أسرة كالـﭭـاني جميعهم

وسيمون .

أعجبت غريزياً بليو , الذي صافحها ببساطة الرجل الذي يجد العمل

أسهل من التفكير , محتفظاً بيدها بين يديه . ثم أخذ ينظر إليها من رأسها

حتى أخمص قديمها بابتسامة إعجاب عريضة . وبادلته هي نظراته حتى سعل

ماركو بشكل ذي معنى .

نظرت إليه مذهولة وهي تسأله : (( من أنت ؟ )) .

انفجر الجميع ضاحكين بمن فيهم ماركو . وهو لم يكن بالرجل الذي

يتقبل بسهولة مثل تلك الدعابة , لكن استحسان أفراد أسرته لسرعة بديهتها

سرته . وقال بابتسامة عريضة : (( إبتعد من هنا ليو ريثما أذكر خطيبتي بمن

أكون , ثم انصحك بأن تدعها وشأنها في المستقبل )) .

غمزها ليو , ثم قال بصوت هامس : (( في الشرفة عند منتصف الليل )) .

لكن ذراع ماركو التي التفت حول خصر هارييت بشدة أبعدتها عن ليو

ومنعتها من الجواب . قالت تحتج وهي تضحك بصوت خافت : (( كانا نمزح

فقط )) .

ـ أعرف ذلك لكن إحذري من ليو . فهو (( يمزح )) كثيراً مع الفتيات .

فما أن يحب امرأة حتى يتركهـا .

ـ غريب . لقد سمعت عنك الشيء نفسـه .

فقطب جبينه : (( عجباً , اين سمعت ذلك ؟ )) .

ـ في كل مكــان . ـ

ونظرت إليه متحدية فتراجع (( دعينا ننهي العشاء )) .

حيث أن العشاء كان في منتصفه , كان على ليو أن يعوض ما فات .

فأخذ يلتهم الطعام متلذذاً بينما كان الحديث يدور حوله , وعندما تكلم راح

يسأل هارييت عن نفسها , غير متظاهر بالغزل الآن , ولكن بكل اهتمام

النسيب . قد يكون ذلك مجرد سلوك حسن , لكن هارييت شعرت وكأنها قد

حققت حلماً رغم كل شيء . فق استقبلها أفراد الأسرة كلهم فاتحي الأذرع

لها .

كان صعباً عليها أن تصدق أن رجال كالـﭭـاني هم من الأسرة نفسها , فقد

كانت ملامحهم مختلفة للغاية رغم أنهم جميعاً وسيمون . بدا ليو يشع نشاطاً

وحيوية وطاقة وصحة , بينما بدا غويدو أخف بنية من أخيه , ومظهره

الصبياني متوازن مع ذكائه الثاقب , ولديه طاقة مستترة تبقيه قلقاً إلا إذا

كانت دولسي بقربه .

في عيني هارييت , كان ماركو هو الأكثر تأثيراً وأناقة وتحفظاً , فهو

رجل مستقل بذاته في كل شيء . في قلب أسرته هو رجل مسترخ مستعد

للضحك . ولكن ما زال صعباً تصوره يتصرف مثل ليو البشوش اللامبالي ,

أو ينظر إلى امرأة بمثل الشغف الذي يشع من عيني غويدو . تساءلت عن

الرأة التي أوشك أن يتزوجها في الماضي , والتي يُمنع ذكر اسمها في البيت

مطلقاً . أتراه احبها حقاً , أم أنها هربت منه يائسة من عدم قدرتها على

إخراجه من قوقعته ؟ ولربما الاحتمال الثاني هو الأرجح . و مع ذلك كان

لديه مفاجأة لها عندما انفضت الحفلة فأخذها بيده خارجاً بها إلى الشرفة . ثم

قال يذكرها : (( لديك موعد هنا في منتصف الليل )) . ـ

فقالت تستفزه : (( ولكن ليس معك )) .

فقال بابتسامة زادت من استفزازها : (( الأفضل أن يكون موعدك معي )) .

ولم تكن هي تريد أفضل من هذا , كما أخذت تفكر وهو يدنو منها

ليعانقها . كان في عناقه حلاوة أذابتها وجعلتها تشده أكثر إليها . لكنه تراجع

قليلاً مبتسماً . ورفعت حاجبيها متسائلة لكنه هز رأسه فقط , فشعرت بأن

هذه الاستراحة القصيرة طرحت من الأسئلة أكثر مما قدمت من الأجوبة .

في ليلة الحفلة , كانت هارييت قد انتهت من ارتداء ملابسها عندما

دخلت دولسي غرفتها . بدت أشبه بحلم في ثوبها الحريري الأزرق , وهتفت

وهي تراها : (( آه , تبدين خلابة . لا عجب في أنك أذبت قلب (( رجـــل

الثلج )) . ـ

ـ رجل الثلج ؟

فأجفلت دولسي : (( ما كان ينبغي أن أقول ذلك , لكن غويدو يقول إن

هذا ما اعتادت الأسرة أن تسميه به . ليس أمامه طبعاً فانت تعلمين طباعه .

ولكنك حتماً ترين منه جانباً لا يراه أحد آخر )) .

وأطلقت ضحكة حلوة : (( ها قد جعلتك تحمرين خجلاً )) .

لكن هارييت أنكرت احمرار وجهها رغم شعورها بذلك . كان في ذلك

التضمين ما يعني أنها وماركو عاشقان وذلك أربكها . ولتخفي وجهها

تحولت مبتعدة وأخذت تسوي ثوبها . ـ

كانت إخصائية التجميل قد حضرت إلى الفيلا واهتمت بتزيين هارييت

بدقة بالغة . فبدت رائعة الجمال بعينيها الخضراوين الكبيرتين وشعرها

المرفوع الذي لا يتدلى منه سوى عدة خصلات على خديها وعنقها .

كانت تلبس ثوباً محكماً على جسدها من المخمل العسلي اللون ,

وأدركت أنها تبدو جميلة , ما منحها ثقة بنفسها .

قُرع الباب ففتحته دولسي , وإذا بغويدو وماركو واقفان عنده بملابس

السهرة . كانا وسيمين بشكل لا يصدق

شمل ماركو هارييت بنظرة استحسان : (( هذا حسن , كما كنت أرجــو

بالضبط . هذه ستبدو رائعة عليك )) .

فتح علبة سوداء وأخرج منها سلسلة ذهبية حدقت دولسي إليها بعينين

متسعتين قبل أن تمسك بيد غويدو وتخرج به من الغرفة بسرعة . فقال لها

يعنفها وهما في الممر ( لقد افسدت المشهد . مشهد رجل الثلج وهو يقوم

بدور العاشق . كان ذلك سيبدو مسلياً جداً )) . ـ

ـ ما كنت سترى شيئاً , لأن ماركو ما كان ليتيح لنا فرصــة لذلك . إنما

الآن بعد أن خرجنا , أراهن على أنهما مشتبكان بعناق مشبوب .

ـ ما رأيك بأن نفعل مثلهما ؟

ـ كن حسن السلوك , ثم لدي مفاجأة لك .

فلمعت عيناه : (( آه , أصبح الأمر مختلفاً الآن )) .

وسمح لها بأن تقوده في اتجاه مختلف .

لكن أملهما كان ليخيب لو شاهدا تصرف ماركو الهادئ وهو يرفع

السلسلة المزخرفة ويضعها حول عنق هارييت ثم قال : (( كنت أعلم أن

الذهب يليق بك )) . ـ

حدقت هارييت في صورة المرأة التي واجهتها في المرآة وتملكها الذعر ,

لأنها لم تعرفها . هذه ليست هي , وإنما مخلوقة رائعة ذات سحر خالد .

ـ شكراً لم أحلم قط أن بإمكاني أن أبدو بهذا الشكل .

ـ أعلم هذا . أنت صائبة الرأي بالنسبة إلى الجميع ما عدا نفسك . لقد

أدركت هذا عنك منذ اللحظة الأولى .

نبرة خاصة في صوته نبهتها إلى أن أصابعه ما زالت على رقبتها . نظرت

في المرآة فتقابلت أعينهما . ورأت في عينيه تألقاً لم يواجهها به من قبل . ثم بدا

وكأنه ارتبك , فعاد الجمود إلى عينيه . ـ

سألتهما لوشيا من عند الباب : (( هل أنتما جاهزان ؟ ابتدأ الناس

بالتوافد )) .

كان الخمسة الأخرون ينتظرون في الممر . حتى ليو ارتدى بذلة رسمية .

ونظرت إيهم لوشيا التي بدت رائعة في الياقوت الأحمر , وهي تبتسم

راضية , وتقول : (( شبان أسرة كالـﭭـاني وسيمون للغاية , وهم يجتذبون نساء

جميلات , والآن فلنذهب جميعاً إلى الأسفل ونقتل المدعوين حسداً )) .


نهاية الفصل (( الخامس )) .

: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:29 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6 ـ

في عرين الأســد


فكرت هارييت , وهي تقف في صف المستقبلين , أن تدفق الضيوف لن

ينتهي أبداً . جميعهم من أصحاب المصارف ورجال الأعمال . هذه كونتيسا ,

وذاك دوق , وذلك بارون . . كان الجمع الحاضر كله من خيرة المجتمع

والطبقات الرفيعة .

أحست أنها محاطة من كل جهة بالثراء الفاحش , وتكهنت بــأن أقبية

المصارف لا بد أخرجت ما يجوفها من مجوهرات وتيجان مرصعة وسلاسل

متلالئة , تشير كل منها إلى أن لابسته يمكنها أن تنافس في الغنى أي امرأة

هناك . كما يمكنها هي أيضاً ذلك , كما أدركت . ذلك أن الذهب المتألق

الذي وضعه ماركو حول عنقها كان هو نفسه إعلاناً بذلك , وكذلك الخاتم .

وارتجفت لدي التفكير في نفسها لابسة خاتماً لا يساوي أكثر من عشرة آلاف

دولار بين هؤلاء الحاضرين . الخاتم الذي في إصبعها أخبر العالم كله بأن

العروس التي اختارها ماركو كالـﭭـاني امرأة استحقت احترامه , وبالتالي يجب

أن تستحق احترامهم هم أيضاً . أكثر النساء الحاضرات بدون أصغر سناً مما

هن عليه لأن لديهن الوقت والمال لمحاربة السنوات . كم يلبسن أحدث

الأزياء وأغلاها ثمناً , ليس لمجرد الترتيب والتأنق , إنما للاستعراض وربما

للمعرض . . . عرض أنفسهن بدلاً من ثيابهن . هذا هو الأمر . ـ

شعرت بقشعريرة من الخطر . وفجأة , تذكرت صوت أولمبيا يقول :

( معروف عن ماركو أنه يدمر النساء ) .

كن يراقبنها بأعين متوهجة , أهو فضول , غيرة , أو سخرية ؟ أو كل

هذا وأكثر ؟ شهوة , حسد , ذكريات , توقعات . . . بعض هذه المخلوقات

الوقحات كن عشيقات له , ويردنها أن تعلم ذلك . وكن يحسبن كم سيبقى

أميناً لها . ليس لمدة طويلة , كما يفكر بعضهن من دون شك . وهن يردنها

أن تعلم ذلك أيضاً .

إنها في عرين الأســد . ـ

دفعها غضب مفاجئ إلى أن ترفع رأسها وتعدل كتفيها .

لا يهم لو فُسخـت الخطبة بسرعة . الليلة على الأقل هو لها رسمياً ,

وستدافع عن حقها فيه . سألها ماركو : (( هل أنت بخير ؟ )) .

ـ بأحسـن حال .

ـ وأنا أصدقك . هنا غابة , لكنك قوية .

ـ أنا لست خائفة , ولكن ربما عليهن هن أن يخفن

فقال وهو يمنحها إحدى ابتساماته المشرقة النادرة : (( نعم تعالي )) .

وقادها إلى باحة الرقص : (( دعينا نخبرهن بما يردن أن يعرفنه )) .

وأخبر أولئك النسوة المستاءات ما كن يردن معرفته بالضبط . فرقصا

الواحد في حضن الآخر الخد على الخد يتمايلان وكأن كلا منهما قد ذاب في

الآخــر . ـ

فكرت هارييت أن كل هذا زائف ومجرد عرض على الجموع . لكن

البهجة التي شعرت بها لمجرد قربها منه كانت تشتعل داخلها مجدداً . كان

ثوبها كاشفاً , ولكن بدلاً من أن تشعر بالخجل كالمرة الماضية , بدت مزهوة

الآن . فقد أصبحت تعتقد بأنها تستحق أن يراها الآخرون , وكانت تريد من

هذا الرجل بالذات , أن يعتقد ذلك أيضاً . وقد فعل , إذا صدقت النظرة

التي بدت في عينيه . ـ

قال بنعومة : (( أنت رائعة الجمال . لا أريدك أن ترقصي مع أي شخص

آخــر )) .

فقالت باسمة : (( إذن فلن أرقـــص )) .

ـ لـسـوء الحظ يتوجب عليك ذلك , وكذلك أنا .

ـ نعم وإلا سيخيب أمل كل أولئك النسوة .

ـ إنسي أمرهن .

ضحكت . وكانت قريبة من وجهه بحيث أدفأته أنفاسها , وشعرت به

يرتجف : (( لن يعجبهن ذلك )) .

فقال مرة أخـرى : (( إنسي أمرهن , آمـرك بذلك )) .

ـ أنت تعطي الأوامر بسهولة بالغة , ولكن من غير الحكمة أن تخبرني بما

علي أن أفكـر به . ـ

فضاقت عيناه : (( لماذا ؟ )) .

ـ لا ينبغي عليك قط أن تعطي أوامر لا يمكنك أن تنفذها بالقوة , كيف

ستعرف أنني أفعل ما تريد ؟

ـ سآخــذ عدم قيامك بذلك أمراً مسلمـاً به , وبهذا لا يمكنني أن

أخطئ .

فقالت تغيظه مداعبة : (( أنت تفهمني كما أفهمك تماماً )) .

ـ وماذا أنا برأيك ؟

ـ أنت طاغية .

ـ وأنت سـاحرة .

توقفت الموسيقى الراقصة , فألقى عليها نظرة جامدة قبل أن يفترقا إلى

شركاء آخرين .

رقصت هارييت مع الكونت كالـﭭـاني وغويدو , وليو , حتى وصلت

أخيراً إلى البارون أورازيو مانيللي . ـ

كانت قد قابلته بشك مختصر بداية السهرة . بدا لها أصغر مما

توقعته . ليس شاباً لكنه ليس كبيراً في السن . ذا بنية قوية ووجه سمين

وملامح متغطرسة . كانت قد كتبت إليه مرات كثيرة إلى حد تساءلت معه إن

كان اسمها سيؤثر على استجابته . نظر إليها مقيماً ولكن من الصعب التكهن

بما تعنيه نظراته . تقدم منها الآن طالباً الرقص معها وقد بدا من عينيه أنه

تذكرهــا .

وعندما دخلا الحلبة سألها : (( تساءلت لماذا كان اسمك مألوفاً . لقد

كنت تكتبين إلي )) .

ـ طوال سنوات . فالجميع يعرف أن مجموعة تحفك وتماثيلك أسطورية ,

لكنك تخفيها .

ـ كان أبي وجدي جامعي التحف الفنية . أمــا أنا فأحب أن أمضـي

أوقاتي بين الأحياء وليس الأموات . لماذا تريد شابة رائع الجمال مثلك أن

تدفن نفسها في الماضي ؟

ـ أنا أعشق ذلك . إنه حياتي . ـ

ـ من المؤكد أنه ليس كل حياتك . فزوجك سيرغب في اهتمامك .

فقالت برزانة : (( وسيحصل عليه . إنما في حدود المعقول )) .

قهقه ضاحكاً بصوت مرتفع , فالتفت الجميع نحوهما : (( ماركو لن

يسمح لك بذلك )) .

ـ ومن قال إنني سأسأله ؟ لن أتخلى عن عملي لمجرد أنني زوجة .

فقال ضاحكاً : (( لقد ابتدأت أعجب بك . ربما علينا أن نتحدث أكثر

من هذا )) .

ـ عن مجموعتك ؟ وعن ذهاب إلى بيتك لرؤيتها ؟

ـ وكيف يمكنني أن أرفض طلبك ؟

احتك به شخص ما من الخلف , فقال : (( هل يمكننا الذهاب إلى مكان

أقل ازدحاماً ؟ )) . ـ

لو استطاعت أن تتسلل بعيداً للحظة , لما سبب ذلك أي أذى , كما

أخذت تقنع نفسها . فهما سيذهبان إلى الغرفة المجاورة حيث تجري الحفلة

أيضاً , ولكن الناس فيها أقل . ولكن في الغرفة التالية كان ثمة شخص

يغني , فاستمرا في سيرهما حتى وصلا إلى الحديقة ووجدا مقعداً خشبياً تحت

شجرة تدلت منها أنوار ملونة .

ابتدأ مانيللي يتحدث عن الذهب والمجوهرات باسطاً سجــادة من

الأعاجيب أمامها حتى بهرها . وابتعد عنها العالم الخارجي , ونسيت أين هي

وماذا عليها أن تفعل الآن ؟ سرقها الوقت من دون أن تلاحظ عندما انفتح

أمامها عالم جديد . وأخيراً قالت بحرارة : ((ولكن ما كان لك أن تخفي كل

هذا . عليك أن تدع العالم بأجمعه يدخل بيتك ليرى تلك النفائس )) .

أخذ يدها بين يديه : (( عليك أن تأتي إلى بيتي ذات يوم وسيكون من

دواعي سروري أن أريك كل شيء )) .

ـ سيكون ذلك رائعاً . ـ

قال هذا بصوت خافت وهي تغمض عينيها وكأنها في حلم .

لكن صوتاً بارداً بدد هذا الحلم : (( أنت تهملين ضيوفنا حبيبتي )) .

كان ماركو واقفاً أمامها بابتسامة لم تصل إلى عينيه . كانت نظراته مسمرة

على يدها التي كانت بين يديه .

ـ سامحنا .

قال أورازيو هذا وهو يقف من دون أن يترك يدها : (( في غمرة عجبي

لاكتشاف سيدة مليئة بالحكمة والعلم بقدر ما هي رائعة الجمال , نسيت

حسن السلوك واحتكرتها لنفسي . هل يمكنني القول , يا ماركو , كم أنت

محظوظ في الحصول على حنان هذه الحلوة . . . ؟ )) . ـ

التوت شفتا هارييت . كان هذه عرضاً مشيناً , إنما مسلياً . ثم استرقت

نظرة أخرى إلى وجه ماركو . لم يجد أياً من هذا مسلياً . ثم استرقت

نظرة أخرى إلى وجه ماركو . لم يجد أياً من هذا مسلياً وهو يقول بصوت

فاتر : (( تبلغت التهنئة وأن أشكرك)) .

كانت نظراته القاسية مسمرة على يد هارييت , فسحبتها بسرعة من يد

أوزاريو بسرعة قبل أن يتركها , وهو يقول : (( لا تدعه يغيظك . لأنه

يقول ذلك عمداً . كنه بدلاً من ذلك تأبطت ذراعه وعادت معه إلى البيت .

وقالت تحاول إقناعه : (( لا تغضب )) .

فقال بخشونة : (( لا أغضب ؟ أتدركين أن الليل قد انتصف تقريباً ؟ )) .

ـ آه , رباه , أنا آسفة . ما كان لي أن أتأخر إلى هذا الحد .

فقال بصوت متوتر : (( ربما بإمكاننا أن نناقش ذلك فيما بعد )) .

أدهشها أن تراه يأخذ هذا الأمر جدياً . إنه يعلم أنها لا تهتم إلا بالنفائس

التي في بيت أوزاريو . إنه رجل محنك وبإمكانه أن ينبذ ذلك جانباً . لكن

غضبه الهادئ لم يترك شكاً في أن ذلك لمس منه وتراً حساساً .

ـ ماركو . ـ

ـ فلندع الحديث ند هذا الحد الآن . يجب أن يرانا الضيوف في أحسن

مظهـر .

ـ لكنك تعبس غاضباً في وجهي .

ـ أنا لست كذلك . فهذا أسهل كثيراً .

كان بعض الضيوف قد خرجوا إلى الحديقة وبإمكانهم أن يروا ماركو

وهو يجذب عروسه إلى ذراعيه .

فقالت : (( لا أظن . . . )) .

فقال بعنف : (( إخرسي . . . إخرسي واجعلي المشهد يبدو حسناً )) .

ارتفع الهتاف في الحديقة عندما شد ذراعيه حولها برغبة خشنة بينما

استسلمت هي إلى عناقه . ما كانت لتختار أن يبدو الأمر بهذا الشكل , ولكن

تملكها شعور بالذنب بأنـها عاملته بشكل سيء وعليها أن تساعده في إنقاذ

كرامته .

لو أنه فقط لا يحتضنها بهذه الشدة التي بدت للناظرين أشبه بعاطفة لا

تنضب , بينما هي في الواقع غضب بالغ .

وتمتمت : (( لا يا ماركو . . . هذا يكفي )) .

فقال بصوت مرتجف : (( نعم . هذا يكفي لإقناعهم الآن , ولكن علينا

أن نمثل دور العاشقين لبقية السهرة )) . ـ

وأرخى قبضته فترنحت لحظة ورأسها يدور , واضطرت إلى التمسك

به . بعض الضيوف الذين كانوا قد اجتمعوا على الشرفة قالوا جهاراً ما كان

الباقون يفكرون فيه سراً .

ـ ماركو , لقد جعلت الفتاة المسكينة يغمى عليها . . .

ـ هكذا يكون العناق الرومنسي الحقيقي .

ـ والآن , إنه يريد أن يتخلص منا بسرعة .

وعلا الضحك .

قالت لوشيا تنهر الشبان المشاغبين : (( هذا يكفي )) .

فقال أحدهم : (( كنا نهنئه فقط , والآن , لو أن هارييت كانت لي . . . )) .

فقال ماركو : (( لكنها ليست لك , فهي لي, ومن الأجدر بك أن تتذكر

ذلك )) .

كان صوته مرحاً ودوداً تقريباً , ولكن بعض المستمعين استشفوا النبرة

الفولاذية الخافتة فيه , وأولهم المرأة الواقفة بين ذراعيه التي كانت ما زالت

تشعر به يرتجف مثلها تماماً . وعندما تكلم , اشتدت ذراعه حولها بشكل

غريزي , وأدركت هي أن هذه الرسالة لها هي بقدر ما كانت لهم . إنها

تحذير .

ونادى ماركو : (( هاتوا مزيداً من المرطبات . . . المرطبات للجميع )) .

أسرع الخدم بزجاجات العصير , يملؤون الكؤوس الفارغة , ثم رفع

ماركو يده يسكتهم : (( أنا أوفر الناس حظاً , فأروع امرأة في العالم وعدتني

بأن تكون زوجتي . ولا أظن هناك سعادة أكبر من هذه )) .

عجبت كيف يمكنه أن يقول ذلك , بينما يتهمها بأنها تخدعه ؟ كيف

يمكنها أن تكتشف يوماً حقيقة تفكير هذا الرجل ؟

ـ إرفعوا كؤوسكم واشربوا معي نخب عروسي !

كلهم شربوا نخبها وانتهت السهرة بمرح صاخب . واستغرق

حضور السيارات الفارهة لتأخذ الضيوف ساعة أخرى , بينما كان أفراد

الأسرة بدعوتهم . ـ

عندما توارت آخر سيارة , أغمضت هارييت عينيها إرهاقاً . عليها الآن

أن تصلح الأمور بينها وبين ماركو . لكنها عندما فتحتها لم تجد له أثراً .

رأتها لوشيا تنظر حولها فقالت لها : (( لا تقلقي , ربما يتحدث مع ابني

عمه في مكتبه فلا تنتظريه )) .

وافقت هارييت , فربما من الأفضل أن تدع غضبه يبرد أولاً . قبلت

لوشيا ثم صعدت إلى غرفتها .

كانت تنوي الاستحمام قبل الخلود إلى النوم , لكنها لم تستطع , شيء ما

بالنسبة لهذه السهرة لم ينته بعد . مدت يديها إلى رقبتها محاولة أن تفك العقد

الذهبي الثقيل , وهي تفكر كالعادة . . . ذهب أصلي من القرن السابع عشر ,

مزخرف بطريقة . . . آه , ومن يهتم بذلك ؟

من يهتم لشيء ما عدا النظرة التي رأتها في عيني ماركو عندما عثر عليها

مع البارون ؟ ما هي أهمية أي شيء ما عدا ما كانت تعنيه تلك النظرة ؟

ثم رأتها مرة أخرى . لم تسمعه وهو يدخل الغرفة , وإذا به خلفها يزيح

أصابعها جانباً لكي يفك لها القلادة . بدا وجهه مظلماً إلى حد توقعت معه

أن ينتزع مها العقد انتزاعاً . لكنه رفعه بهدوء رغم أن أصابعه لم تكن ثابتة

تماماً .

قالت بلطف : (( لا أظنك ما زلت غاضباً . لقد كانت سهرة رائعة )) .

فقال متوتراً : (( أنا مسرور لأنك استمتعت بها , ثم نعم , ما زلت

غاضباً , فقد خدعتني )) . ـ

ـ لمجرد أنني انخرطت في حديث مع . . . ؟

ـ لقد اختفيت من حفلة خطوبتنا مع رجل آخر , وبقيت معه قرابة

ساعة , هل لذلك أي مبرر معقول ؟

ـ هل كانت غيبتي طويلة إلى هذا الحد ؟ لم أشعر بمرور الوقت كما أنني

نسيت . . . ـ

فقال بحدة : (( قولك إنك نسيت هو خطأ . شكراً , هذا كل ما كنت

أحتاجه )) .

ـ أنا آسفــة .

أحال الغضب صوته إلى فولاذ : (( أقدر لك أن أفكارك عن السلوك هي

غير تقليدية , ولكن ألم يخبرك أحد أنه يُفترض بالمرأة أن تفضل مرافقة خطيبها

على مرافقة أي رجل آخر ؟ وإذا كانت لا تستطيع ذلك , عليها أن تتظاهر به

من باب اللياقة والتهذيب , فلا يبدو رجلاً مخدوعاً أمام العالم كله . هل

تفهمين ؟ )) .

ـ طبعاً أفهم . آه , إسمع , أنا آسفة يا ماركو , آسفة حقاً , لم اقصد

إهانتك , لقد انجرفت فقط . . .

ورأت وجهه فقالت : (( قولي هذا زاد الأمر سوءاً , أليس كذلك ؟ )) .

ـ ما تفعلينه يثبت أصلك الإنكليزي . أنت تظنين كون إسمك إيطالياً

يجعلك واحدة منا . لكنني أقول لك إن الإسم لا يعني شيئاً . المهم هو القلب

الإيطالي وأنت ليس لديك فكرة عن ذلك )) .

حدقت هارييت إليه , وقد أذهلها أن هذا الرجل البارد المتحفظ الذي

كانت تظن نفسها تعرفه , يقول شيئاً قاسياً كهذا . وهبت في وجهه تقول :

(( كيف تجرؤ على القول إنني لست واحدة منكم ؟ إنه تراثي بقدر ما هو

تراثك )) .

ـ صحيح أن دمك شرق أوسطي حار , لكنه لم يعد له تأثير , وإلا

لعرفت أن معاملة المرأة لزوجها شيء بالغ الأهمية بالنسبة إليه .

ـ أنا لست امرأتك .

ـ بل أن كذلك .

وفكر لحظة ثم عاد يقول : (( أنت كذلك بالنسبة إلى الناس هنا . لكنك

تظنين أننا مجرد صديقين حميمين , كما أننا رجل وامرأة مجردين من

المشاعر . لكن الإنكليز فقط يفكرون بهذا الشكل )) .

كان ينظر إليها وكأنه رجل غريب : (( مــاذا حدث ؟ ألا تحتملين قول

الحقيقة ؟ )) . ـ

فصرخت : (( هذه ليست الحقيقة )) .

ـ بل الحقيقة وأنت تعرفين ذلك . أنت تلجأين إلى العالم الميت لأن

العالم الحي كثير عليك ؟ قلبك مركز على الماضي حيث لا شيء يسبب الألم .

ماذا تعرفين عن الكرامة أو الحب , أو العواطف المشبوبة ؟ إنها مجرد كلمات

بالنسبة إليك .

فصرخت : (( كان ذلك مني مجرد عدم اكتراث ولا علاقة له بالحب أو

المشاعر . . . )) .

ـ لكن علاقته قوية بالكرامة , كرامتي التي ذللتها أمام الجميع . ما الذي

كنتما تتحدثان عنه طوال ذلك الوقت ؟

ـ وما الذي أتحدث عنه دوماً ؟ الآثار . أنت تعلم أنني كنت أريد

الاتصال به لأنني أخبرتك بذلك وقلت إنك ستساعدني على زيارته .

ـ يمكنك أن تنسي ذلك . فقدمك لن تطأ أبداً منزل ذلك الرجل .

ـ أتراك تعطيني مزيداً من الأوامر ؟ ـ

ـ فلنقل إنني أشير إلى ثوابت معينة . لقد خَلَف بيننا . وحيث إنك

تعرفين هذا , من غير المعقول أن تسعي إلى صحبته .

ـ ليست صحبته ما أسع إليها ولكن تحفه الفنية .

ـ أنت لا تفهمين , أليس كذلك ؟ إذن دعيني أتكلم بوضوح . أنا أمنعك

من الذهاب إلى بيته .

ـ تمنعني . . . ؟ أنت تعطي الأوامر وأنا يُفترض بي أن أقول حـاضر . يا

إلهي , أنت جئت إلى الشخص غير المناسب . لا بأس لقد تغيبت عن الحفلة

وقتاً طويلاً . أنا آسفة , كان عدم مراعاة للمشاعر مني . ولكن الجميع

في الحفلة كان يعلم أن خطبتنا مدبرة , وقد كان ادعاؤنا حسناً . ولكن ليس

هنا أسرار في روما , كما قلت لي أنت بنفسك . وإذا كنت ستتحدث عن

الكرامة , ماذا عن كرامتي أنا ؟ لم يكن في الحفلة امرأة الليلة لا . . . كيف

أقولها بشكل مهذب ؟ لا تعرفك أكثر مما أعرفك أنا . ـ

فقال وعيناه تلتهبان بشكل خطر : (( أتريدين أن تقولي إن هذا نوع من

الانتقام ؟ )) .

ـ لا . كلا طبعاً . ولكن لا أحد يظن أننا نعني , في الحقيقة , شيئاً

لبعضنا البعض . . .

فقال ساخراً : (( ( نعني شيئاً لبعضنا البعض ) ؟ ما الذي يزعجك في كلمة

حب )) .

قالت بغضب : (( لا علاقة للحب بهذا . لا يمكنك أن تغير العبارات

كلما ناسبك ذلك )) .

ـ أريد وعداً منك بألا تريه مرة أخرى . سواء كنت أنا هنا أم لا .

فصرخت : (( بل سأراه إذا أنا أردت ذلك . والوعد الوحيد الذي

يمكنني أن أقطعه لك هو أنني لن أعـدك بشيء )) .

ـ أنا أنذرك . . .

ـ لا تنذرني , فهذا لا يؤثر علي . ـ

ـ أنت لن تريه مرة أخرى يا هارييت . وأنا أعني ذلك .

ـ وإلا ماذا ستفعل ؟

ـ ستجدين نفسك على أول طائرة متجهة إلى إنكلترا .

ـ ربنا بإمكانك أن تطردني من هذا المنزل , ولكن هل يمكنك أن تراهن

على أنني لن أنتقل إلى فندق وأرى مانيللي كل يوم ؟

فضاقت عيناه : (( إياك أن تفعلي ذلك . أنا أنذرك )) .

ـ هل تهددني ؟

ـ هذا ليس تهديداً بل إنذاراً . هل أنا واضح ؟

ـ تماماً , والآن دعني أكون واضحة .

وخلعت الخاتم وقدمته له : (( هل هذا واضح بما يكفي ؟ )) .

ـ تباً لك .

وانتزع الخاتم منها بسرعة وألقاه بعيداً من دون أن ينظر أين وقع .

حدقت إليه مصعوقة وهي تدرك انه على وشك فقدان السيطرة على

نفسه : (( ماركو , أريدك أن تخرج الآن )) .

واستدارت مبتعدة لكن يديه كانتا على كتفيها ترغمانها على مواجهته :

(( لم أنته بعد )) . ـ

حاولت أن تنتزع نفسها منه لكنه أبقى يديه في مكانهما حتى أذعنت له

وقالت : (( دعني أذهب )) .

ـ ربما عليك أن تلتزمي بالنصائح التي تسدينها . إياك أن تأمري بشيء

لا يمكنك فرضه إلا إذا كنت تظنين نفسك من القوة بحيث يمكنك

مقــاومتي .

لم تجب , وإنما حملقت فيه بغضب بالغ . فتدلى شعرها على وجنتيها

المتوهجتين . بدا أن مظهرها العنيف المتوحش قد فتنه , لأنه جذبها إليه فجأة

محاولاً معانقتها .

فقالت بصوت خافت : (( إياك أن تجرؤ . لقد انتهت خطوبتنا )) .

فقال وهو يدنو منها أكثر : (( لا . لم تنته )) .

حاولت أن تقاومه بكنه ثبتها بيديه الفولاذيتين , مانعاً إياها من الحركة ,

فأذعنت لعناقه . كانت تعيب عليه مازحة إصراره على تنفيذ ما يريد , لكنه

كان يصر الآن والأمر ليس مضحكاُ . . . لأنه يملك القدرة التي لم يملكها

رجل آخر على إثارة أحاسيسها .

كان يعلم كيف يستعمل مهارته محركاً إياها بمهارة بين ذراعيه مرسلاً

ارتعاشات من العواطف في داخلها , ثم وببطء , يعود فيكبح جماحه ,

وجماحها أيضاً .

قالت بصوت مرتجف : (( كيف تجرؤ )) .

كانت غاضبة للغاية منه لفرضه هذا عليها , والأكثر من ذلك أنه ابتعد

حين بدأت تشعر بالاسترخاء .

لم يجب . ولم تعرف حتى إن كان قد سمعها . كان وجهه مظلماً منزعجــاً

وعيناه مسمرتين عليها وكأنهما تسألانها أسئلة لم تفهمها . ومرر يده على

ذراعها مداعباً إياها بأصابعه . ـ

الآن كانت ذراعاها مطلقتين وبإمكانها أن تدفعه عنها بعيداً غير أن

الإرادة كانت تنقصها . أخذ يلامس وجهها مداعباً إلى أن وصلت أصابعه

خلف أذنها , وكأنه كان يعلم أنها نقطتها الحساسة . أخذت نفساً مرتجفاً

عندما سرى هذا الإحساس العذب في كيانها .

لم يعد بإمكانها الإدعاء الآن , فهو سيشعر بخفقان قلبها الجنوني تحت

أصابعه . لقد تحداها أن تقاومه , لكنها لا تستطيع أن تقاوم الأحاسيس التي

تملكتها وجعلتها ترفع يديها ليس لتدفعه عنها بل لتعقدهما حول رأسه .

اشتعلت الأحاسيس في كيانها بشكل لم تعرفه من قبل . لأنها , ربما للمرة

الأولى في حياتها تشعر بالحياة مشرقة مثيرة . وتأوهت والتصقت به .

شعرت به يتصلب ثم يجمد تماماً . رفع رأسه وهزه قليلاً , وكأنه يتساءل

عما يحدث , ثم سمر نظراته على وجهها . أوشكت أن تصرخ إزاء التعبير

الذي بدا على وجهه . لم ترَ انتصاراً كما توقعت , وإنما طيفاً من العذاب .

ـ ماركو . . .

فقال بصـــــوت أجش : (( لو رأيتك تفعلين هذا مع أي رجل آخر ,

لكنتُ . . . لكنتُ . . . )) . ـ

انتظرته أن ينتهي , وهي تصغـي إلى أنفاسه السريعة وخفـقـات قلبها

المرتفعة . كان هذا شخصاُ جديداً مرتبكاً معذباً بمشاعر عنيفة توشك أن

تدمره . ليس ماركو الذي تعرفه .

وأخيراً همست : (( سوف تفعل مــاذا ؟ )) .

سرت في كيانه رجفة : (( هذا غير مهم )) .

ارتجفت قبضته وتلاشت نظراته اللامعة تاركة عينيه حزينتين بشكل

غريب .

تمسكت بالأثاث , شاعرة بالأرض تهتز تحتها : (( ربما هو مهم )) .

فقال بحدة : (( لا . انتهينا من هذا الـمــــوضوع الآن . وأنا آسف

لتحذيري هذا لك )) .

ـ ماركو . . .

ـ أعدك بألا يحـــدث هذا مجدداً .

ـ ماركو .

* * *


نهاية الفصل (( السادس )) . . .



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 28-09-17, 06:30 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7 ـ

فخـــور أم غيور


استيقظت هارييت فجأة عند الفجر وجلست في سريرها تصغي إلى

الصمت . ثم نهضت وسارت إلى النافذة وفتحتها لتنظر إلى الفناء الهادئ

حيث تنتشر أشجار الصنوبر .

ما زالت ذكرى الليلة الماضية حية في كل جزء منها . لقد رأت ناحية

من ماركو لم تعرفها قط من قبل . كانت تعلم أنه مليء بالتناقضات , وأن

بإمكانه أن يكون تارة ساحراً مغرياً , وطوراً أنانياً حذراً . لكنها لم تكن تعرف

أنه قد يصبح خطيراً . فأثناء اللحظات القليلة التي أمضتها بين ذراعيه , كان

الجو بينهما مشحوناً , لكنها شعرت بأنها حية كما لم تشعر من قبل , كان

ذلك مذهلاً إنما حقيقياً .

حاولت أن تستعين بالمنطق لتحلل ما جرى . فرأت أنه على الرغم من

الاضطراب الذي لاحظته على ماركو , كان يحاول أن يثبت نقطة ما . ظن أنها

خدعته وهو لا يتحمل ذلك . فأصلح الأمر أمام الضيوف , لكن الكرامة

دفعته إلى استعراض سيطرته أمامها عندما كانا بمفردهما , أراد أن يريها أنها

له , سواء شاءت أم أبت . ـ

وقد نجح . إنها تعرف الآن أن أقل لمسة منه يمكن أن تذيبها . لكن

تفكيره كان مختلفاً , كما خمنت و هي تستعيد صورة وجهه , وتحاول أن تقرأ

عينيه . أراد أن يريها أنه , بينما لا يسمح لنفسه بأن يكون لها , ليس لها خيار

سوى أن تكون له .

عندما رفعت عينيها إلى تلال روما البعيدة , استطاعت أن ترى وهج .

الشمس الشارقة . كانت السادسة صباحاً تقريباً . ولا بد أن ماركو قد

استيقظ الآن وهي تريد سماع صوته , لكن هاتفه كان مقفلاً وعندما اتصلت

بشقته لم يجب أحد , لكنها لم تترك له رسالة وكيف بإمكانها ذلك وهي التي لا

تدري ما تقول له ؟

كانت بحاجة إلى الخروج من البيت . ارتدت بسرعة بنطلون جينز وكنزة

ثم خرجت من المنزل وسارت في طريق متعرج .

تلك هي حياتها الآن : طريق متعرج مجهول الوجهة والمصير , صوت من

داخلها نبهها إلى أن تعود إلى الوطن , لكن ألماً حلواً مراً في قلبها أرادها أن

تبقى .

وصلت إلى بحيرة صغيرة ثم ابتدأت تسير على ضفافها , مستمتعة

بجمال النهار . كان ضباب الصباح قد تلاشى , والضياء متوهجاً وقد

ارتفعت أغاريد الطيور في الجو .

أين هي . ـ

ثم رأت ما جعلها تقف حاسبة الأنفاس . كان هناك رجل جالساً على

الأرض مستنداً إلى الشجرة , وما زال في ثياب الليلة الماضية نفسها , ما عدا

سترته التي كان قد ألقى بها جانباً . كان قميصه مفتوحاً إلى منتصفه , ورأسه

مستنداً إلى الخلف مُظهراً عنقه القوي الأسمر . جلست بهدوء بجانبه فرأت

عينيه مغمضتين وكأنه نائم , كان التوتر الآن قد زال عن ملامحه , ورق فمه

وكأنه لم ينطق قط بكلمات خشنة قاسية . بقيت هناك فترة تنظر إلى وجهه غير

الحليق , وشعره المتدلي على جبهته , وشعرت بحنان لم يوح به إليها قط من

قبل . كانت تعلم أنه سيكره فكرة أن يتفحصه أحد بهذا الشكل , لكنها لم

تستطع أن تشيح نظرها . . .

وفتح عينيه . ـ

بدلاً من أن يبدو غاضباً , أدهشها مرة أخرى إذ بقي جالساً , ببساطة ,

دون حراك , يحدق فيها طويلاً إلى حد تساءلت معه عما إذا كان يراها فعلاً .

وأخيراً ذهبت النظرة الذاهلة من عينيه ليحل مكانها ألم عاجز .

ـ هل أمضيت الليل بطوله هنا ؟

ـ نعم , منذ تركتك .

ـ ظننتك ذهبت إلى البيت .

ـ كان علي أن أبتعد عنك , لكنني لم أستطع أن أتركك . إذا كنت تفهمين

قصدي

لقد فهمت قصده تماماً . فعندما خرج كالعاصفة الليلة الماضية , شعرت

بانقباض في صدرها , وكأنها كانت متصلة به بخيط غير مرئي . وأدركت

الآن أنه شعر به , هو أيضاً .

جلست بجانبه , وأمسكت يده الباردة وأخذت تدلكها . تركها تفعل

ذلك , وقد بدا أن الإرهاق يمنعه من أي ردة فعل , لكن عينيه كانتا على يدها

الخالية من الخاتم . ـ

فقالت تفسر له الأمر : (( لم أبحث عنه بعد . قد يكون في مكان ما في

تلك الغرفة الفسيحة . إفرض أننا لم نعثر عليه ؟ )) .

اكتفى بهزة بسيطة من كتفيه . وبعد لحظة تحركت أصابعه لتمسك

بأصابعها , ثم سألها بهدوء : (( هل أنت بخير ؟ )) .

ـ نعم , أنـا بـأحـسـن حــال .

ـ هل أنت واثقة ؟ أنا سيء الطباع , مع الأسف .

ـ لم تكن تحاول أن تؤذيني .

فقال بصوت أجش : (( لا . لا فقط كنت أحاول أن أثير انتباهك )) .

والتوت شفتاه قليلاً : (( في صغري , اعتدت مواجهة الإحباط بالصراخ .

عند ذلك يصغي إلي الناس )) .

فقالت برقة : (( نعم , كان علي أن أتكهن بذلك )) .

ـ حان الوقت لكي أصبح كبيراً على هذه الأشياء , أليس ذلك ؟

ـ الناس لا يغيرون طباعهم . أنت لم تخفني .

ـ الحمد الله , لأن هذا آخر ما كنت أريد . أرجوك يا هارييت إنسي كل

شيء عن الليلة الماضية . ـ

ـ كل شيء ؟ هل تعني . . . ؟

ـ كل شيء . إذهبي إلى بيت مانيللي متى شئت . وأعدك بألا أثير المشاكل

مجدداً . ما مضى قد مضى . وما حصل كان نوعاً من الجنون لا أكثر .

ـ ولكن ماذا حدث لك يا ماركو ؟

ـ لا أستطيع تفسير ذلك , لكن هناك شيئاً مـا لا أجد له تفسيراً منطقياً .

دعينا فقط نقول إنني أغار بسهولة . إنني متملك , وهذا ليس حسناً . آسف .

ـ ليس هناك ما يستوجب غيرتك .

ـ أعلم ذلك , ولكن هناك أشياء لا يمكنني نسيانها .

ـ عن تلك المرأة ؟ تلك التي كنت ستتزوجها ؟

فتململ : (( وماذا تعرفين عنها ؟ )) .

ـ ليس الكثير . كنتما مخطوبين ثم غيرتما رأيكما .

ساد صمت طويل , ثم قال وكأنه ينتشل الكلمات من هوة مخيفة : (( كان

الأمر أكثر تعقيداً بقليل من ذلك )) . ـ

فقالت تستدرجه : (( فسخ الخطوبات لا يتم دائماً للأسباب نفسها )) .

فأومـأ : (( صحيح . على أي حال ! إنه يجعلني أتصرف بشكل غير

منطقي . آسف )) .

ضغطت على يده تطمئنه وهي تفكر أنها لم تر في حياتها رجلاً تـعيساً

هكــذا .

وقال بضعف : (( عندما تعثرين على الخاتم , هل ستلبسينه ؟ )) .

فترددت : (( لا أدري )) .

فانفجر ضاحكاً : (( إذا رحلت بهذه السرعة بعد حفلة الليلة الماضية ,

ستكثر الأقاويل . وكذلك . . . )) .

وعاد هدوئه : (( سيؤذي هذا أمي إلى درجة كبيرة )) .

ـ لن أرحل . . . حالياً .

ـ شكراً .

ومال إلى الأمام فجأة مريحاً رأسه عليها كئيباً يائساً فأحاطته بذراعيها ,

متلهفة إلى مواساته , لكنها كانت تعلم أنها لم تصل إلى أعماقه . أحنت رأسها

وأراحت خدها على شعره الأشعث . حاولت أن تجعله يعلم من خلال قوة

عناقها له بأنها إلى جانبه . وظنت أنها شعرت بذراعيه تشتدان حولها وكأنه

وجد شيئاً هو بحاجة إلى التعلق به . ـ

جلسا دون حراك بينما سرت السخونة في جسدها . كان إحساساً مختلفاً

لم تعهده من قبل . كان أشبه برغبة عنيفة في حمايته . أشبه بالحب ! .

يا للكارثة ! لم تكن تنوي أن تحبه , وهي ليست واثقة أنها تريد ذلك .

لقد وقعت في الشرك قبل أن تعرف بوجوده . لماذا لم يتابع شجاره معها ؟ كان

ذلك سيسهل أمـر فراقهما . . . هذا ليس عدلاً ! ابتعدت عنه , فدفع شعره إلى

الخلف وقد سقط على جبينه : (( أظنني أبدو كالمتشرد )) .

فقالت بحنان : (( قليلاً )) . ـ

ابتدأ ينهض ثم أجفل : (( عضلاتي متصلبة )) .

ـ لا يدهشني ذلك ما دمت أمضيت الليلة هنا . دعني أســاعدك .

وضع ذراعاً حول عنقها ثم وقف متألماً , حاملاً سترته المتسخة بأوراق

الشجر . وقالت : (( الأرض رطبة . كان من الممكن أن تصاب بذات الرئة )) .

ـ اعتدت كثيراً النوم في العراء عندما كنت طفلاً . هناك في الغابة كنت

أنصب خيمة وأتظاهر بأنني من جماعة المتمردين .

فقالت وهي تريد أن تطيل هذه الفترة الحلوة بينهما : (( أرني المكان )) .

ـ حسناً .

قادها خلال الأشجار , بينما كانت ذراعاه لا تزال حول كتفيها . ثم

صعدا مرتفعاً يؤدي إلى فسحة مسطحة من الأرض : (( هنا اعتدت أن أنام

تحت النجوم )) . ـ

ـ إنه مشهد رائع .

ـ نعم , ولا يمكن ( للعدو ) أن يقترب منك على حين غفلة .

فقالت : (( كم كان عددكم ؟ )) .

ـ أنا فقط . كنت أحسد ليو وغويدو لأنهما شقيقين . لقد افترقا في

الواقع عندما كان غويدو في العاشرة وأخذه العم فرانسيسكو ليعيش في

البندقية , تاركاً ليو في توسكانيا لكنني دوماً كنت أفكر فيهما بأنهما

أخوين .

ـ من المؤسف أنك لم تحظَ بأخوة أو أخوات .

ـ مات أبي باكراً , ولم تشأ أمي أن تتزوج بعده .

ـ ولكن لا بد كان لك أصدقاء .

ـ في المدرسة فقط .

يبدو أن طفولته كانت حزينة , كما أخذت تفكر وهي تأسو لوحدة

الصبي الصغير وللحياة التي عاشها بعيداً عن فتيان عائلة كالـﭭـاني وجلبتهم .

ـ يمكنك أن ترى روما بأسرها من هذه البقعة . في الليل كنت أجلس

تحت هذه الشجرة وأنظر إلى الأضواء . هنا بالضبط .

ووضع سترته على الأرض وأشار إليها بأن تجلس عليها بجانبه . فقالت

وهي تفسح له : (( وأنت أيضاً )) .

جلسا معاً ووجدت يده طريقها إلى يديها . ـ

وقالت : (( هذا مكان رائع . افهم رغبتك في مداومة القدوم إلى هنا )) .

لم يجب . وانتبهت إلى ثقل على كتفها فالتفتت لترى رأسه على كتفها ,

وقد أغمض عينيه مرة أخرى .

رأت الآن شيئاً آخر في وجهه . كان منهكاً ولم يكن لذلك صلة بقلة

النوم . لقد انزاح التوتر والاستنزاف ليحل محلهما إرهاق عميق بدا وكأنه قد

تسرب من ماضٍ بعيد أليم . لم يسبق أن فكرت قط في أن تشفق على ماركو ,

لكنها تشعر الآن بالشفقة عليه إلى حد لم تفهمه تماماً . حان الوقت لكي تصل

إلى أعماقه لترى ما هي مشكلته . وبرفق , رفعت شعره عن جبهته .

تحرك وفتح عينيه ونظر مباشرة إلى عينيها الباسمتين .

قالت بحنان : (( لقد نمت مجدداً )) . ـ

ـ عدة دقائق فقط .

ثم رأت النظرة التي كانت قد أخافتها , وكأن ستاراً نزل على عينيه .

تبدد الضوء من عينيه تاركاً فراغاً متعمداً . ثم تركها ونهض واقفاً من دون

أن يسمح لها بمساعدته هذه المرة . قدم لها يده ليساعدها على النهوض ,

فأخذها ونهضت بسرعة كادت معها تفقد توازنها . تأملها ويده الأخرى على

ذراعها , لكنه لم يجذبها إليه كما كان بإمكانه أن يفعل بسهولة .

أدركت بذعر أن كل شيء قد ذهب , الحرارة والصلة التي كانت من

قبل . أصبحت عيناه الآن يقظتين , وربما أصبح أكثر حرصاً عليها لأنه

سمح لها بأن تقترب منه .

سألها وهو ينظر في ساعته : (( كم الساعة ؟ علي أن أذهب الآن . آسف

لتحميلك عبء هذا كله )) . ـ

فقالت محاولة الرجوع إلى داخله : (( أنا مسرورة لأننا تحدثنا فقد أصبحت

أفهمك الآن بشكل أفضــل )) .

فهز كتفيه : (( وماذا هناك لتفهميه ؟ لقد تصرفت بشكل سيء مع أسفي

الشديد , وكنت أنت صبورة جداً معي , ولكنك لست مضطرة لتحمل

طبعي لأنني لن أثور عليك مرة أخرى )) .

كادت تقول : (( حتى ولا عندما نتزوج ؟ لكن لسانها لم يطاوعها . كل ما

كان مؤكداً منذ لحظة , فقد توارى الآن في الوهم . فهي لم تعد تعرفه .

قامت بمحاولة أخيرة : (( الطباع الحادة ليست أسوأ شـيء في العالم . ربما

لا ينبغي أن يكون الناس مهذبين طوال الوقت . أنا لم أكن مهذبة جداً معك

الليلة الماضية وأنت . . . )) . ـ

ـ ردة فعلي كانت عنيفة مع الأسف لكن هذا لن يحدث مجدداً . والآن ,

هل يمكننا أن ننسى الموضوع ؟

ودعك ذقنه غير الحليقة : (( الأفضل أن أعود إلى البيت لأستحم . لا

أريد أن تراني أمي بهذا الشكل . وأرجوك لا تخبريها بشيء )) .

ـ طبعاً لن أخبرها .

عادا صامتين , وعندما بدا أمامها المنزل قال : (( أدخلي أولاً وأشيري إلي

إذا كانت الطريق سالكة , لا , انتظري ! )) .

أمسك بيدها وجذبها عائداً بها إلى داخل الأشجار عندما ظهرت لوشيا

عند الباب الخلفي . ووصل صوتها إليهما : (( من ترك هذا الباب مفتوحاً ؟ من

المؤكد أنه لم يكن كذلك طوال الليل )) .

فقالت هارييت وهي تتقدم نحوها لوشيا : (( أنا من فتحه . لقد خــرجت

باكراً لأتمشى )) . وركضت صاعدة الدرجات لتقبل لوشيا وتسحبها إلى

الداخل وهي تثرثر معها , ولكنها في الحقيقة كانت تقوم بمناورة لتدخلها إلى

المنزل . قاومت رغبة في النظر إلى الخلف , ولكن خيل إليها أنها تسمع

خطوات تصعد الدرجات بخفة . ـ

بعد ذلك بنصف ساعة , انضم ماركو إليهما على مائدة الفطور بعد أن

اغتسل وحلق ذقنه . شكر أمه بظرف بالغ لنجاح الحفلة , ومدح نجـــاح

هارييت في أول ظهور لها في المجتمع . ولم يذكر أي شيء آخــر .

* * *

بعد أيام قليلة جـاءت دعوة إلى حفلة في (( قصر مانيللي )) .

وقالت لوشيا بدهشة : (( لم يسبق أن دُعينا إلى هناك من قبل ! )) .

فقال ماركو : (( إنه في الواقع يريد هارييت يا أمي فهي تريد أن ترى

مجموعته )) . ـ

ومنح هارييت ابتسامة سريعة : (( هذا سيمنحك الشهرة . لم يتحقق هذا

الامتياز لأحد من قبل . طبعاً سنقبل الدعوة )) .

عادت الأمور في الفيلا إلى سابق عهدها , وكانت لوشيا الدائمة

الانشغال بالجمعيات , سعيدة كون ضيفتها تمضي أوقاتها في المتاحف

ومعارض الفنون . كانتا تتلاقيان لتناول العشاء في المنزل أحياناً وأحياناً في

أحد المطاعم قبل الذهاب إلى الأوبرا . وفي المناسبات كان ماركو ينضم

إليهما فقد أدركت هارييت أنه مولع بالأوبرا . ـ

وكانت هارييت قد عثرت على الخاتم فراحت تلبسه في المناسبات قائلة

للوشيا إنها تخاف عليه أن يضيع إذا لبسته دوماً . ولبسته عندما دعاها ماركو

للغداء في المصرف مرة أخرى . كان مسروراً لكنها عرفت بأنه كان يرسل

إليها برسائل صامتة بأن لا سبيل للعودة إلى تلك اللقاءات القصيرة الحميمة

التي عرفاها . ـ

قال لها بنعومة : (( أنت خائفة من أن أثير مشكلة في حفلة مانيللي ,

لكنني وعدتك بألا أفعل ذلك . ولا أحد سيظن شيئاً إذا ذهبت عالمة آثار

مهمة مثلك للتفرج على مجموعته . لا , لا تنظري إلي بارتياب , فأنا أقر الآن

بشهرتك العالمية . ذلك أن عدداً من زملائي هنا عرفوا اسمك وطلبوا

التعرف إليك )) .

ورفع كأسه : (( أنا فخور جــداً بخطيبتي )) .

بخطيبته , وليس بها , كمـا لاحظت .

* * *

يقع قصـر مانيللي في وسط الجزء القديم من روما قرب كنيسة القديس

بطرس . كانت الأنوار تتألق من النوافذ الواسعة والأبواب عندما وصلت

سيارتهم . وكان البارون واقفاً لاستقبالهم .

تملكت البهجة هارييت منذ اللحظة الأولى , إذ كانت تعلم أنها تبدو في

أحسن حالاتها في ثوبها الحريري والعقد الياقوتي الذي أهداها إياه ماركو .

وكانت تعرف معظم المدعوين . ـ

رافقها ماركو في البداية ليقدمها إلى بعض الغرباء , مبدياً زهوه وإعجابه

بها . ثم توارى عنها كما وعدها ووجه انتباهه إلى الضيوف الآخرين . وكان

بإمكان هؤلاء أن يشغلوه طوال السهرة . كل ما كانت تطلبه خطيبته هو نظرة

بين الحين والآخر ليرى إن كانت بحاجة إلى عون منه , لكن يبدو أنها لم تكن

بحاجة إلى أي مساعدة , ذلك أن ثقة هارييت بنفسها قد ازدادت وكذلك

سرعة بديهتها . الأمر الذي أذهل ضيوف مانيللي من دون استثناء . هذا

بالإضافة إلى أن التحول الجسدي الذي أصبحت عليه , جعل منها شخصية

مؤثرة . لم تكن جميلة , لكنها رائعة الشخصية . وبدا وكأنها لفتت انتباه كل

رجل في الحفلة . ـ

قالت أمه تعنفه : (( ماركو , كيف لك أن تهمل هارييت المسكينة ؟ )) .

فأجاب ماركو بهدوء : (( مسكينة ؟ هارييت ناجحة تماماً من دوني . هل

يبدو عليها أنها مهملة ؟ )) .

فردت لوشيا بحدة : (( الرجال حائمون حولها . واحد منهم يبدو وكـــأن

لعابه يسيل وهو ينظر إليها , وآخــر لا ينفك ينظــر إليها بلهفة )) .

ـ ماما , الرجل الذي ينظر إليها بلهفة يملك النسخة الأصلية لتمثال

مايكل أنجلو . ـ

قال ماركو هذا وكأنه يفسر كل شيء : (( لا يمكنني أن أنافس كل هذا .

وكل ذلك بريء للغاية )) .

ـ هه . . . مانيللي ليس بريئاً إنه أحد أسوأ رجال روما .

ـ لكن هارييت بريئة , وهذا هو المهم

ثم أخــذ نفساً حاداً .

ـ ما الأمر , يا ولدي العزيز ؟ لماذا تبدو بهذا الشكل ؟

فأجاب وهو يتمالك نفسه : (( لا شيء . أرجوك ألا تزعجي نفسك بهذا

الأمر , يا أمـي . هل تسمحين لي بلحظة ؟ )) . ـ

وابتعد عنها مسرعاً , شاعراً بأنه إذا لم يستطع أن ينفرد بنفسه حالاً ,

فسيختنق وفي الحقيقة استطاع أن يتجنب الأضواء والضحكات ويجد

الوحدة تحت الأشجار المظلمة . وكان يتصبب عرقاً لما حدث لتوه .

لقد قال : ( هارييت بريئة ) وكلمة ( بريئة ) صدرت كقنبلة هشمت

الجدار الزجاجي الذي أقامه بينه وبين الماضي . ـ

( إنها بريئة . . . بريئة ) هذا ما قاله عندما حاول أصدقـاء أن ينبهوه إلى

المرأة التي منحها قلبه ذات يوم , ورفض أن يصدق ما يقال عنها من

شائعات . كان مجرد حب أعمى . . . أعمى وغبي . . . غلطة لا يمكن أن

تتكرر أبداً لأنها لم تكن بريئة , وقد عرف ذلك بطريقة قاسية كادت تدمره .

لقد عادت الذكريات إليه الآن , فتركته يرتجف كرجل تفترسه الحمى .

لكن هارييت كانت مختلفة . فهي ليست بريئة وحسب , بل صريحة

وهذه علامات الصدق . ـ

بعد فترة , تمالك نفسه , وعندما تأكد أن بإمكانه الظهور بشكل طبيعي ,

عاد إلى الحفلة بابتسامة عريضة دون أن يسمح لعينيه بالبحث عنها .

وكانت هارييت تستمتع بنجاحها . بعد أن دار بها ماركو في أنحاء

المكان في البداية , تركها وابتعد مبتسماً تاركاً إياها لاهتماماتها , وبعد ذلك

أخذ يسلي نفسه مع أكثر النساء جمـالاً , وهذا ما ناسبها تماماً , كما أخذت

تفكر . ناسبها تماماً . ـ

ثم , رأت من أزاح كل تلك الأفكــار من ذهنها .

ـ اولمبيا .

كانت أختها قد وصلت لتوها , فاندفعت نحو هارييت فاتحة ذراعيها

فعانقتها وهي تهمس لها : (( سمعت الكثير عنك . هل خُطبت حقاً

لماركو ؟ )) . ـ

فقال هارييت بجفــاء : (( لست واثقة )) .

تراجعت أولمبيا ونظرت إليها : (( أريد أن أعلم الحقيقة منك )) .

فضحكـت هارييت : (( وإلا لما كنت أولمبيا . أين كنت طوال تلك

المدة ؟ )) .

ـ في أميركا مع والدي . ما زالا هناك . لكنني عدت اليوم , ثم أسرعـت

إلى هنا لأنني سمعت أن ( ماركو وعروسه ) سيكونان في الحفلة . آه , يا أختي

الماهرة . حصلت على شروطك إذن ؟

ـ حســنـاً . . .

ـ طـبـعـاً فعلت هذا . هــذا الخاتم يا عزيزتي . . . لا بد أنه كلف . . .

فضحكت هارييت : (( لا تبدإي . . )) . ـ

ـ مـعـك حـق . مثلي دور الـــهـدوء . دعيه يـتـكهن . هـذا هـو السبيل إلى

ماركو , وإلى الآخرين أيضاً . يقولون إنك جعلت مانيللي يأكــل من يـدك .

ـ سيأخذني في جولة يريني فيها نفـائسه .

ظهر مانيللي في تلك اللحظة ثم أخــذ المرأتين معه في جولة في منزله

الفخم . تكلم جيداً وبشكل مفيد . وسرعان ما بان السأم في عيني أولمبيا ,

فاعتذرت ثم هربت , من دون أن يلحظها أي منهما . وعندما عادت إلى

الحفلة أحــاط بها المعجبون , فشقت طريقها بينهم حتى وجدت ماركو . لم

يرها منذ اليوم الذي عرض فيه الزواج عليها فرفضته في خمس ثوانٍ . وتبادلا

التحية بمودة . قالت مداعبة : (( لم أكن أعلم ماذا فعلت عندما اقترحت عليك

هارييت , أليس كذلك . هل أسأت إليك بذلك ؟ )) .

ـ لا , أبداً . هارييت خيار ممتاز , ما عدا عادتها في الغياب مع رجـــال

آخرين أثناء الحفلات .

ـ آه , مانيللي يريها فقط لوحاته . لا حاجة بك للغيرة .

ـ لا تكوني سخيفة . أنـا طبعاً لا أغــار . ـ

ـ لا بأس . لا تصرخ بي . هارييت شخص مليء بالمفاجآت , كما أظنك

صرت تعلم . علي أن أعترف بأنني نصحتك بها فقط لكي أغيظك .

فقال ببرودة : (( كان علي أن أتوقع منك مثل هذه الدعابات . أنت لم

تكبري منذ طفولتك عندما كنت أنقذك من على الأشجار التي كنت

تتسلقينها . يمكنني أن أعتني بنفسي ولكن هل فكرت أنك بذلك ربما تؤذين

هارييت )) . ـ

ـ أتعني أنها قد تكون قد وقعت في حبك ؟ هذا هراء , يا عزيزتي . مــا

كنت لأفعل هذا لو لم أكن واثقة منه . فأنا أعلم أنك غير قادر على الحب .

وهي أيضاً , ألم تعلم أنت هذا بعد ؟

قالت هذا ضاحكـة , ثم ســارت في طريقها موفرة عليه ضرورة الإجابة .


* * *


نهاية الفصــ ـل (( السابع )) . . .


: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:31 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.