28-09-17, 05:31 PM | #11 | ||||||||||
مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| الفصل العاشر العدو المشترك ظل الطقس السيئ يضرب المدينة. . وفي صباح قاتم استيقظت أدوينا . . وهي تعرف . لم يوقظها الشعور بعدم الراحة أو القلق بل شعور آخر . . شعورها بأنها حامل . لم تكن تحلم . . بل كانت مستيقظة . . لكن للحظات استولت فكرة الحمل على كل تفكيرها . وعندما استولت الفكرة على تفكيرها ، تذكرت الدلائل والاضطراب الغريب الذي أصابها والذي تجاهلته في حينه . . كيف تنسى إغماءها على باب الصالون والدوران الذي لفها عندما رفعت رأسها . وسؤال كاليوس لها ليلة الإغماء : هل هناك ما تريدين إخباري به ؟ سؤال أساءت فهمه ، ولم تتمكن من الرد عليه . . لكن كان يجب أن تفهم مضامينه . عادت بها الذاكرة إلى الوراء . . إلى الليلة التي أخذها فيها إلى الخليج وتشاركا فيها ليلة حب بدون قيود . . وتذكرت آمالها ودعاءها ذلك الصباح . . واليأس الذي عقبه . . لكن الآمال استجيبت . . انها واثقة وكأنها متأكدة طبيا . . انها تحمل طفل كالبوس . ويجب أن يعرف ، فهي على الأقل بهذا ستفي بالدين الذي يدعي أنها تدين له به . بعد الظهر ، حين ذهبت فرانسيسكا لتأخذ قيلولة ردت على الهاتف ،وكان كاليوس هو الذي يتصل من أحد معامله في جزيرة سان باولو . - أدوينا ! أريد منك أن تأتي إلى هنا . . اطلبي من دينو أن يقلك إلى رصيف روما وهناك ستجدين ليو بانتظارك باللانش ، أما دينو فاطلبي منه العودة إلى المنزل لأنني سأعيدك أنا . تمتمت أدوينا بدهشة اذ لم يسبق أن سألها الحضور إلى الجزيرة . وأضاف : - أعرف أن الطقس ردئ ، لكنك ستكونين آمنة مع ليو . . ومن المهم قدومك . . أقفل الخط دون انتظار أي سؤال . مع أنها شعرت بأن هناك نذير شؤم أقبلت على الحركة بشيء من النشاط . . ونادت دينو من غرفته التي هي فوق المرآب ، ثم ارتدت حذاء مرتفع الساقين ومعطفا واقيا من المطر وقبعة مماثلة وتركت رسالة لفرانسيسكا تخبرها بأمر ذهابها إلى الجزيرة . كان ليو بحار كاليوس الخاص ينتظرها على الرصيف ، وقال لها مطمئنا : - الخليج آمن . . سان باولو جزيرة صغيرة منفردة ، تبعد عدة أميال على أرخبيل مورانز الذي فيه معظم مصانع الزجاج الأخرى . . راحت المياه تضرب بغضب مقدمة الزورق وجوانبه ، وعندما وصلا ساعدها ليو على النزول ثم أحكم ربط اللانش قرب إحدى سيارات المدينة المائية . تبادل الرجلان لتحية ثم أخذا يتبادلان الحديث أما أدوينا فاتجهت إلى الباب الرئيسي ، لكن قبل أن تصله خرج كاليوس وجرها إلى تحت سقف الشرفة الواسعة ثم اقتادها إلى الردهة وهناك ساعدها على خلع معطفها ، وراقبها وهي تنزع القبعة وتسوي شعرها ، ثم قال : - ما كان يجب أن أحملك على المجئ في مثل هذا الطقس لولا أهمية الأمر . . على أي حال ، لست الوحيدة . . فلدينا زائر آخر عليك مقابلته . . تعالي . فتح باب مكتبه ، وتراجع . . سبق لسيسو أن رافقها إلى المصنع وهي ما زالت تذكر الغرفة التي تفتقر إلى لمسة الأنثى والأناقة بمنضدتها العملية وأدراج الملفات ، والمقاعد الجلدية العميقة وبضع نباتات مزهرة على الخزائن المنخفضة . اليوم وهي تدخل قبل كاليوس ، أحست بوجود شخص كان يدير ظهره إليها . . ولكنها لم تتعرف الى روزيتا بارنيار إلا بعد أن استدارت . أمر مهم ؟ أن يستدعيها إلى هنا لمقابلة عدوتها ؟ هل أستنبط كاليوس وسيلة أكثر قسوة للاعتراف بواقع علاقته بروزيتا ؟ أحست بالبرد يجتاحها . . وكانت على وشك أن تسأل : ما دمت تريد أن نفترق ، فلماذا لم تستدعني إلى مكتب المحامي ؟ حيث تقدمت روزيتا إلى المنضدة تضربها بسخط : - هذا كثير ! أنا راحلة ! . وبدأت تربط منديلا حول رأسها ومدت يدها لتأخذ معطفا واقيا من المطر . . لكن كاليوس تقدم نحوها لينزع أصابعها عن المعطف الذي رماه فوق الكرسي . قال بصوت بارد كالثلج تعرفه أدوينا خير معرفة : - بل ستبقين ! - سأذهب . . أنت تريد أن تجب العار لي . . ! لقد خدعتني . . ولكنك لا تستطيع استبقائي رغما عني . . رجلي ينتظرني ! - لم يعد بانتظارك . . كما أخشى . - ماذا تعني ؟ قلت له إنني سأحتاجه ليعيدني . . - وأنا عكست الأوامر . - كلام سخيف . . كيف تفعل بعدما أصدرت أوامري له ؟ - عمدت إلى هذا حين جئت بأدوينا . . انظري بنفسك . . لا . . ليس من هذه النافذة . . بل بالأخرى ، وسترين زورقي هناك . صمت قليلا ثم أضاف بهدوء خطير : - لقد دعوت نفسك إلى هنا . . ولم أنته بعد منك . عندما أكون مستعدا لتركك أسمح لك بالذهاب ، وليس قبل هذا . وأعد أن يقلك بحاري آمنة . حاولت آخر دفاعاتها : - لدى عمالك جميعهم مراكب . . فليقلني أحدهم . نظر إليها نظرة شفقة : - يا عزيزتي . . اليوم عيد جميع القديسين . . وهو يوم عطلة . . وكنت محظوظة لأنك وجدتني هنا . . بعد ملاحظتك إياي في كل مكان . وأشك أن يقبل أي شخص هنا الانطلاق في البحر في مثل هذا الطقس العاصف . لذا أنسي أنك ذاهبة إلى أي مكان إلا مع ليو . ولن يكون ذلك إلا بعد فترة غير بعيدة . بين حيرة روزيتا وتجاوب كاليوس الفولاذي ، ظلت أدوينا واقفة وكأنها غير موجودة بالنسبة إليهما ولكن كاليوس ما لبث أن أشار إليها أن تجلس . . فجلست وهي تفترض أنها عاجلا أم آجلا ستعرف ماذا يجري . . تابع كلامه مع روزيتا : - تفهمين بالتأكيد أنني أرسلت بطلب أدوينا لتسمع بنفسها كل ما استغرق عدة أسابيع لأجبرك على الاعتراف به لذا قولي لها . . منذ البداية . . أرجوك . رمت روزيتا بنفسها على مقعد له مسندين : - لقد انتزعت كل شيء مني بالحيلة . . ألا يكفيك هذا ؟ هز رأسه نفيا : - لن ألعب دور المراسل الذي يقدم تقريرا . ستقولين لها بنفسك انك وسيسو كنتما عشيقين . . وانه ظل عشيقك حتى يوم مقتله . . أمضي من هنا . سخرت منه روزيتا : " هه ! إنها تعرف هذا " - ممن ؟ من سيسو ؟ - لا ، بالتأكيد أيها الأحمق ! قلت لها بنفسي ، أو على الأقل تركتها تحزر ذلك . - أجل . . هذا ما قلته لي . . لكن لماذا ؟ - لأضعها في مكانها . نظرت إلى أدوينا بحقد كامل : - حسبت أنها حصلت عليه بالحب . . وما أكثر ما ضحكنا عليها لهذا ! ثم حصلت عليك . . مع أنني لا أعرف لماذا وكيف . - ولم يقل لك أحد . . لكن تابعي . . قولي لأدوينا لماذا كنتما تضحكان ؟ - لأن زواجه بها لم يكن ليشكل فرقا لنا . . لأنه ما كان يريد الزواج بها إلا ليضع يده على سر عمل لوالدها ، لا تعرف عنه شيئا . . الواقع أنه رتب قبل مقتله الأوراق الخاصة بهذا السر وعرضها للبيع ، وكان يتكل عليها للحصول على ثروة . . وقال لي أنه حتى أنت ستكون أعمى إن رفضتها . ارتدت يدا أدوينا وتشابكتا حتى أبيضت عقد أصابعهما ، وانغرزت أظافرها في كفيها . . حتى الآن تفهم كل هذا ، وتعرف القصة . ولكن في الأمر ما لم تفهمه . . فقد تذكرت قول سيسو لرومانو ان اهتمام كاليوس باكتشافه كان فاترا . . ولكنه على ما يبدو غير رأيه . . اذ استخدم الفكرة . . وها هو الكريستال المطلي شاهد على ذلك . ازداد الأمر غموضا حين سمعت كاليوس يقول لروزيتا : . - لأن اكتشافه لم يكن بذي قيمة تجارية لنا ، فكريستوس لا تحتاج لإرضاء الأسواق المتوسطة في الوقت الذي تحرز فيه على هيبتها بالكريستال الممتاز النوعية . . ولم يكن لدي نية في تخفيض مستويات الإنتاج ، وتبني الإنتاج الرخيص في حقل الكريستال . . لكن تابعي ، وقولي لادوينا ماذا حصل لخطط ريكاردو ليتل للزجاج الرخيص التي سرقها سيسو ؟ هزت روزيتا كتفيها : - لقد جعلتني أخبرك . . فأخبرها أنت . ارتد إلى أدوينا : - حسنا . . حين تعاملت مع أوراق سيسو بعد موته لم أجد ما له علاقة بأفكار أبيك لاجتذاب الأسواق الشعبية وهي الأوراق التي قدمها لي ، ورفضتها . قالت أدورينا : - أعرف هذا . . ولكن عندما سألتك عن الأوراق التي أعطيتها لسيسو ، قلت انك لم تجد شيئا يهمني . - بالضبط . واضطررت أن أنتزع من صديقتنا روزيتا ، انه بعدما عجز عن اجتذاب اهتمام فينيسيا به تحت اسم رانسيمو حاول حظه مع السوق الشعبية خلف الستار الحديدي السابق ، وقدمها على أنها له بعد أن تخلص من دليل أصلها العائد لأبيك . أخذت أدوينا تصارع موجة من الارتباك وبدأت تحاول الاستفسار : . - بحيث أنه . . . ؟ - بحيث أنه ماذا ؟ - لا شئ . . لن تعترف أبدا بشكوكها فيه ، خاصة أمام روزيتا فهو لم يسرق منها شيئا ! والكريستال الملون الثوري لا يدين بشئ إلى والدها ! هو الآن يعرف أن سيسو غشها ، ولماذا يعامل روزيتا كعدو مشترك لهما ويقف إلى جانبها مؤيدا ؟ . . كان إدراكها هذا بمثابة الخروج من نفق مظلم إلى النور . . وبإمكانها الآن أن تنتظر لتتخلص من شرك الغموض الذي دفعها إلى عدم الثقة والانتقام لشيء لم يقترفه . كانت روزيتا ترتجف وهي بيضاء شحوبا . - انتزعت ! أهذا وصفك لخداعك إياي حتى تعرف كل شئ عن علاقتي بسيسو ؟ متى بدأت . . كم استمرت ، وهل بقيت إلى ليلة مقتله وهو مسرع لئلا يتأخر عن موعده معي ، وكان بالإمكان أن تستمر بعدما . . ومدت إصبعا حاقدا نحو أدوينا : - . . تتزوج به . . لقد خدعتني وتركتني أعتقد أنك وقعت في حبائلي . . بينما كل ما تريده هو (( انتزاع )) كل شئ مما أعرفه عن خداع سيسو ومناواراته . . وعما إذا كان مخلصا لها أم لا . حسنا لم يكن مخلصا . . وكان سيبقى على عدم إخلاصه وان سبب لها بعض الأرق بسبب علاقتك بي ، فأنا سعيدة . . هل تسمع . . سعيدة ! فهي من النوع الغيور الذي يلزمه الكثير من الإقناع . . وان لم يكن لديها نوايا مريبة بزواجها برأس عائلة رانسيمو الذي لم يهرب منها . . والأنكى . . مدت يدها مجددا لمعطفها وفي هذه المرة لم يمنعها كاليوس . أضافت : " أنت إذن لا تعرف الحقيقة عنها وعن رومانو كالينو . . أليس كذلك ؟ آه ! أجل . . كانت على استعداد لتركه حين حصلت على اهتمامك ، لكن ماذا حدث بعد ذلك ؟ لا شك أنك ستسألها ولا شك أنك ستصدقها . . لذا هل لي أن أتمنى لك السعادة مع أكاذيبها ؟ . قال كاليوس ببرود حاد : - تمني لي السعادة بالطريقة التي تريدين طالما هي المرة الأخيرة التي نرى لك فيها وجها . ردت بحقد : - وتستطيع الاعتماد على هذا . . فأنا لا أستطيع الانتظار للخروج من هذا . . من مجارير المدينة هذه . . - هل ستعودين إلى زوجك ؟ - هذا ما لا شأن لك به ! - هذا صحيح . . وحين يحصل هذا فسيكون من شأن السنيور بارنبار وحده . . هل أفهم من هذا أنك الآن على استعداد أن يقلك ماريو ؟ - طبعا . - إذن . . سأرافقك حتى اللانش وأطلب منه أن يعود ليأخذنا . تقدمت كاليوس الذي أقفل الباب خلفهما . . فبقيت أدورينا بمفردها ضائعة مذعورة . . لن يغيب كاليوس كثيرا . . وعند عودته ماذا تقول له . . وماذا سيقول لها ؟ سيطرحان أسئلة على بعضهما بعضا . . ولقد تركت روزيتا ما يكفي من سم لجعلها تتخوف من ردودها . تقدمت إلى النافذة تراقب ابتعاد اللانش لكنها ارتدت لتواجه الباب حين عاد . وقف هناك لحظات . . ثم فتح لها ذراعيه في دعوة عفوية لم يظهرها لها من قبل . . نظرت إليه متعجبة تبحث في وجهه الحبيب ، ثم . . ثم تحركت بخطوات مترددة ، ثم هرعت إليه مستسلمة . . وأقفلت ذراعاه حولها وقال لرأسها المنحني على صدره : - عليك إيضاح أمور كثيرة . . أليس كذلك ؟ رفعت إليه رأسها : - وعليك أنت توضيح الكثير . . - صحيح . . أمور كثيرة يجب أن نوضحها . اقتادها إلى الأريكة وجلس إلى جانبها ، ممسكا بيديها : . - لكن أحمد الله أن الوقت لم يفت لبعض الأسئلة والأجوبة . . أخبريني . . أكنت تعرفين عن علاقة المرأة وسيسو ؟ ومنذ متى ؟ - منذ الليلة التي حاولت فيها ترك الفيلا ومنعتني ، منذ يوم مقتله عندما كان ذاهبا لمقابلتها . . وعرفت هذا لأنني سمعته يتحدث بهذا هاتفيا مع شخص سماه رومانو . . - رومانو . . ما كنت تعرفينه يومذاك ؟ - لا . . كان مجرد اسم . . عرفت أنهما صديقان لم يلتقيا منذ مدة . . لأن سيسو كان يخبره عني ، وعن السبب الذي جعله يريد الزواج بي . . فقط . . فقط . . آه ، كان الأمر رهيب ! - لكنك تتذكرين كل شئ . . تابعي . وتابعت ، تسرد له البشاعات التي مرت بها . . وراقبت خطوط العبوس في وجهه تزداد عمقا . . وفمه يشتد قبل أن يسأل : - ولماذا لم تقولي لي هذا تلك الليلة ؟ - سحبت يدها من يده . . وضغطت أصابعها على صدغها : - لأنك . . كنت قد حكمت علي سلفا . . وكنت قاسيا عديم المشاعر ، بحيث لم أستطع التوسل إليك لتصدقني . - بالدليل الذي جعلتني أقرأه . . هل تعتقدين أنني كنت سأبقى رحوما ! تنهد وأضاف : - كنت أعرف حقيقة سيسو . . كنت أعرف أنه مهووس بالنساء وأنه خفيف العقل ، ولص إلى درجة ما . . لكنه دفعنا للاعتقاد بأنه يحبك بعمق . . وكدت ألعنك . . أجل . . ألعنك لانفصالك عنه . كنت أعتقد . . مع أنك كنت قد بدأت تجذبينني كالسحر كذلك . احتجت : - لا ! كنت تكرهني ! - رغما عني . . كرهتك وأحببتك في الوقت عينه . . وهذا ممكن الحدوث . . - أعرف . نظر إليها : - وأنت كذلك ؟ - ليس بالضبط . . لقد سيطرت على حياتي وكان تأثيرك في مذهلا ومخيفا . . لكنني كرهت نفسي لأنني . . لأنني كنت . . أذوب بين ذراعيك . . وكنت أريدك . - إذن ، لماذا لم تقولي لي هذا فيما بعد ؟ لماذا لم تتركي المنزل وتعودي إلى انكلترا ؟ - في البداية ، لأنك جعلت من بقائي واجبا من أجل فرانسيسكا . ولم استطع إيلامها بقول الحقيقة عن سيسو . . ثم فيما بعد ، ظننتك مشاركا في مؤامرته لخداعي وخداع والدي . . فرغبت في الانتقام . . بعد ذلك ، حين بدأت أحبك . . أحسست بالغيرة من روزيتا . . ولكن رغم ما فعلته أو ظننت أنك فعلته لم أعد أرغب في الانتقام ، رغبت فيك فقط ! - ولم تتركيني أعرف هذا ؟ - خلتني قادرة . . ظننت أني فعلت . . أتذكر ؟ - الليلة التي أخرجتك فيها في نزهة في الخليج ؟ - أجل . . حسنا . . تلاقت عيونهما وذابتا ، ثم أشاحا بصرهما ، وتابعت أدوينا الكلام : - لكنك فيما بعد أصغيت إلى أكاذيب روزيتا عن لقائي برومانو في شقتها ، وعندما لم أستطع أن أنكر هذا ، تركتني . . تجاهلتني وهجرتني بكل للكلمة من معنى ، وما زال هذا الهجر مستمرا . . ! - لن يبقى هكذا أبدا يا محبوبتي . . لماذا تظنين أنني أرسلت أطلبك اليوم ؟ لأنك تركتني أرى أنك تغارين من روزيتا . . وأردت أن أظهر لك مستوى علاقتي بها . . حقا . - كنت تراها كثيرا . . ورأيتك تعانقها في الكرنفال . . - ولم تكن المرة الوحيدة . . اعترف بذلك . فهناك لغة واحدة تفهمها مثيلات روزيتا في هذا العالم . . ولقد استخدمتها للوصول إلى ما أريد . . وفي النهاية وصلت . سألت :" إلى ما تريد ؟ " - أجل . . سبق أن سمعت أن سمعتها مشينة وأنها تنتظر الطلاق ، إنما ليس قبل أن تجد رجلا أفضل ليعيلها ، ولقد شككت فيها منذ جاءت إلى الفيلا تدعي أنها مجرد صديقة لسيسو . . وتساءلت لماذا لم تنته العلاقة مع موته ، ولماذا لم يصطحبها يوما إلى الفيلا ، ولماذا لم تعرف نفسها لنا في الجنازة . . ولماذا لم تزر فرانسيسكا منذ ذلك الوقت ؟ حين دعت نفسها ، وبدأت ترمي نفسها على . . قررت أن أشجعها في سبيل أن أعرف ماذا كانت لسيسو ، وماذا كان لها . . وعلى وجه الخصوص ، لأعرف ماذا فعل بأوراق أبيك بعدما رفضتها . . تمتمت بصوت أقل انخفاضا من الهمس ، فسأل : - ماذا ؟ - هذا ما أردت معرفته . . كنت أريد أن أعرف ماذا ستقول لي بشأن الأوراق ، كنت أنوي سؤالها عن ذلك في الليلة التي خدعتني فيها وجعلتني التقى برومانو في شقتها بدل أن ألتقيها هي . . وعندما رأيتها أوضحت لي أننا عدوتان . لذا لم أعد أتمادي معها أكثر مما تماديت مع رومانو الذي شجعته للأسباب عينها . ابتسم مرة أخرى : - لكنني نجحت أكثر مع روزيتا . . وعرفت كم لاحقها سيسو (( غاويا )) كما قالت . . وأخبرتني كم تشوقت لي من بعيد . . واستفاضت في الحديث عن خططه لصناعة الكريستال الرخيص ، ومحاولته بيع الطريقة إلى (( التشيك )) ولكنه لم ينجح . - عندما تحدث إلى رومانو عبر الهاتف ، كان يعتقد أنها ستحقق له ثروة . - هذا ممكن . . مع أنني أشك في أن أحدا من بلدان أوروبا الشرقية ، بحاجة لمعرفة شئ عن تخفيض كلفة الإنتاج . . أتعرفين . . كنا أنا وأنت كبغلين عنيدين ، شق كل واحد منا طريقه في اتجاه ، لذا فشلنا في إدراك أننا نسعى وراء أمر واحد ! . وكانا ناجحين ، كما حصل . - لكنني لم أنجح . . حتى قال لي رومانو في المعرض أن هذا مستحيل ، كنت أعتقد أن سيسو سرق الفكرة لطلاء الكريستال يدويا ، وأنك استخدمتها . . خاصة أن الشائعات عن اكتشافكم الجديد دارت حول الفكرة التي تقول أن منشأها انكليزي . - وهذا غير صحيح . . ولكن آخر قطعة في اللغز انكشفت في انكلترا . إنما ليس في مصنع زجاج ، بل في سجلات مصنع قديم كان لرجل وامرأة من القرن السابع عشر يصنعان الزجاج بطريقة بسيطة . . وكانا قد أتقنا العملية لكنهما لم يستمرا بها ، ربما بسبب افتقارهما إلى المال . . ولقد نجحت الطريقة عينها معنا بعد سنوات من التجارب والفشل . . وهذه قصة (( كريستالو فابور )) حتى الآن ، فهل ترضي السنيورا أن تكون سببا لثروتها ؟ - آه ! كاليوس ! هل هذا صحيح ؟ هل سيحدث هذا حقا ؟ هل انتهينا من كل ما كان يشغل بالنا . . ؟ ورميناه في مهب الريح . . ؟ - أجل . . هذا صحيح كارا . . مع أن ما شغل بالك كان واضحا لي منذ زمن بعيد . ردت بحماسة : - وأنت كذلك ، لكن إن كنت تحبني حقا فلماذا تركتني أستمر في الظن أن زواجك مني مجرد عقوبة ؟ - لقد أحببتك . . وأردتك . . وعاقبت هجرك لسيسو حتى انتزعت الحقيقة من روزيتا . . وهذا ما استغرق وقتا طويلا . . - حتى الآن ؟ - ليس تماما . . ما أن حصلت على كل ما أريد منها ، حتى ورميتها . . واليوم لحقت بي إلى هنا بعدما جابت المدينة بحثا عني . . وبدا لي أنها فرصة مناسبة لإجبارها على الاعتراف بكل شئ لك . . ولم يكن الموقف مستساغا . . أليس كذلك ؟ ارتجفت أدوينا : - بل كان فظيعا ! وكنت قاسيا جدا معها . - ليس قاسيا جدا . . فقد استغلت ضعف سيسو أمام النساء والمال ، وشوهت أفكاري عنه لمدة طويلة . جعلتك خاطئة . . ودفعتني الى الشك فيك بالنسبة لرومانو كالينو ، في الوقت الذي بدأت فيه أردك أنني أحبك حبا يجعلني قادرا على غفران ما فعلته بأخي . . - أكان هذا ليلة خروجنا إلى الخليج ؟ هز رأسه : وأعدتك إلى البيت ، لنمضي ليلة ليس فيها احتقار أو كراهية . . كنت في غاية الجمال تلك الليلة . . امرأة كاملة وكنت لي . . لي وحدي . - هذا صحيح . . لكنك لم تقترب مني مرة أخرى . - لم أستطع . . لأنني كنت أحاول إخراج سم تلك الفتاة من نفسي . . ولم أكن أعرف أنك كنت تستغلين رومانو للهدف ذاته . . لكنني الآن . . كان المطر يزداد انهمارا في الظلام . زفي الغرفة المليئة بالظلال لم يكادا يريان بعضهما بعضا . . ولكن الأحاسيس العميقة ليست بحاجة للضوء أو النور . تشابكت أصابعهما ، عقدة عقدة ، في بهجة وحنان . . ولم تكن جذوة الشوق قد تأججت بعد . . كان كل واحد يتوسل إلى الآخر طلبا للحب ! ولكن لم يكونا يجرؤان على تجاوز كل الحواجز التي أبقتهما متباعدين طويلا . . كانا رقيقين وخجولين من المغامرة الموعودة الماثلة أمامها . . . لكن كل شئ كان متوفرا لهما . . المستقبل الذي سيصنعانه معا . . وعرفا أخيرا معا أحاسيسهما ولم يعودا فاقدين الثقة بها . . الليلة . . وهذه الليلة بالذات لن يكون هناك داع للسؤال . . وعندما عاد الهدوء إلى نبضات قلب أدوينا عادت فشعرت به يتسارع من جديد ، فقد تذكرت تلك الليلة التي كانا فيها معا لآخر مرة . . تلك الليلة حين . . قطع صوت كاليوس الصمت بشي بعيد عن أفكارها : - ستسعد مادرينغا . استوعبت ما يقوله بصعوبة . - عنا . . تعني ؟ لكن أليست سعيدة بنا ؟ فنحن لم نتركها تحزر شيئا من مشاكلنا . . أليس كذلك ؟ - لا . . ويجب ألا تعرف شيئا . . سيبقى سيسو بالنسبة لها الحبيب الذي كان دائما . . ولكن . . لا . . لم أكن أفكر في أن طارئا ما سيطرأ على مشاعرها تجاهنا . . كنت أتصور سرورها عندما ستعلم بالشئ الذي طالما أرادته . أتعرفين ما أعني ؟ أم يجب أن أذكرك بالأمسية التي أغمي عليك فيها وأنكرت أن لديك ما تقولينه لي ساعة سألتك ؟ هل هي رمية من غير رام ؟ أن أنه مصيب ؟ إذا كان يقصد بهذه الملاحظة أنه عرف سرها ! قالت : أذكر هذا . . ولكنني لم أكن أكذب حين قلت لا . . لأنني لم أكن أعرف أنني . . - أنك حامل ؟ هذا ما أتكلم عنه حبيبتي ! هزت رأسها بسعادة : " أجل . . لكن كيف عرفت ؟ " كانت رمية في الظلام . . لكن قبل هذا بدوت قلقة كثيرا . . وحين أغمي عليك خطر ببالي أن هذا هو الرد ، وكان هكذا . . أليس كذلك ؟ - صحيح . . ولكنني تأكدت فقط هذا الصباح حين استيقظت . - هذا الصباح ؟ ولم تتصلي بالدكتور باريولي ؟ ضحكت : لا . . لكن لا تقلق . . لقد استيقظت وأنا أعرف . . فكن سعيدا لأجلي بل لأجلنا نحن الثلاثة . رد عليها بأن رفع ذقنها وقبلها بخفة الريشة : - هذه قبلة لفتاة ذكية يجب التعامل معها بعناية فائقة الآن وصاعدا . . حركت أنفها له بخيبة مصطنعة : - يا الهي ! وأنا التي كنت أتطلع شوقا إلى شيء أريده . فهم ما تعنيه : - أولم تحصلي بعد على ما تريدين ؟ غضت طرفها بحياء : - أجل . . في الواقع . . لقد كان السنيور . . مهتما جدا . . لكن . . - أيتها الماكرة العديمة الحياء . . هل تحاولين إغوائي ؟ إذا كان هذا صحيحا . . فبحق السماء سوف . . وتحرك مهددا . . فتراجعت . ضحك بخشونة لصوت صفارة أتت من الخليج . - لقد عاد ليو من أجلنا . . ولكنه أختار التوقيت غير المناسب . . وهذه نهاية التحرش الدرامي سنيورا ! شدها لتلف وضمها إليه هامسا : - أقول بجد انه يجب أن يتوقف كل شيء بيننا حاليا . لكن قريبا يكون لنا ما نريد . . أحضر لها المعطف ، وألبسها إياه ووضع لها القبعة وكأنه يعتني بجوهرة نفيسة . . تأبط يدها وسار إلى المرسى للقاء وعد لهما ، ومدينة توقفت الريح عنها ، ومياه بدأت تهدأ ، وقمر يرتفع . قال كاليوس لليو : - سأتولى القيادة . . وستجلس زوجتي إلى جانبي . زوجتي ! كانت هذه الكلمة العادية بالنسبة لأذني أدوينا ، أجمل صوت سمعته . . تحت قيادة اليدين اللتين أحبتهما ، انطبق اللانش بخفة على الشاطئ في نصف دائرة كبيرة . . تاركا وراءه موجة من المياه الفضية . . تــمـــت بالحمد لله | ||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|