آخر 10 مشاركات
في ظلال الشرق (20) -شرقية- للكاتبة الرائعة: Moor Atia [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          7 - فتاة الأمس - فيوليت وينسير - ع.ج** (الكاتـب : حنا - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          الفرصة الاخيرة للكاتبة blue me *كاملة* المتسابقة الثانية** (الكاتـب : ميرا جابر - )           »          روايه روحي لك وحدك للكاتبه (ريم الحجر) روايه رائعه لا تفوتكم (الكاتـب : nahe24 - )           »          عالقة بشباك الشيطان (105) للكاتبة: Carole Mortimer *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          رفقاً بقلبي (1)*مميزة ومكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          561 - تأثير العرس - صوفي ويستون - ق.ع.د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : عيون المها - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-10-17, 03:41 AM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل التاسع

*أنا ملاذك*

كان عبدالرءوف الكامل يجلس أمام مكتب يوسف الذي جلس خلف مكتبه ويستمع الى عبدالرءوف وهو يشكره: اللي عملته دة يابني يبين أد ايه انت انسان أصيل ويخليني متأكد أكتر ان اختياري كان في محله
فرد يوسف مبتسما: الموضوع ما يستاهلش كل دة يا عمي.
كان عبدالرءوف قد بدأ يعتاد على لقب عمي من يوسف بعد كتب كتابه على مريم فكان هذا هو اللقب الوحيد الذي يتناسب مع الوضع الجديد, فقال عبد الرءوف بنبرة بها بعض الحزن: لا يا بني يستاهل . انت ما تعرفش مدى ارتباط مريم بصاحبتها حياة . هي تقريبا أول واحدة تتعرف عليها من أول ما جات مصر وخصوصا بعد ما فشلت محاولاتي في التقريب بينها وبين عمتها. معرفتها بحياة فرقت معاها كتير أوي وخصوصا ان البنت فعلا كويسة ومحترمة وكان غيابها يوم الفرح ممكن يأثر كتير على مريم.
قال يوسف محاولا تغيير دفة الحديث: المهم. هما خلاص سافروا؟
عبدالرءوف: أه وزمانهم قربوا يوصلوا . انا طلبت من مريم انها تكلمني أول ما توصل.
يوسف: طب وحضرتك؟ هتسافر امتى؟
عبدالرءوف: انا هخرج من عندك وأطلع ع المستشفى هقابل الدكتور جمال وبعدين هسافر على طول.
يوسف بقلق: انت نويت خلاص؟
عبدالرءوف: بعد الفرح على طول ان شاء الله وأول ما اطمن على مريم. أرجوك يا يوسف خلي بالك منها.
فوضع يوسف يده على كف عبدالرءوف ليطمئنه وهو يقول: ما تقلقش . بس انت لسة مصر ع الموضوع دة؟
فهم عبدالرءوف ما يرمي اليه يوسف فقال: دة الحل الوحيد اللي أدامي عشان أبقا مطمن على مريم وكمان على وردة عمتها. انت عارف اني لو سبت الامور زي ما هية عايمة كدة مش بعيد أرجع والاقي كل حاجة خربت . وكمال بقا يعمل ما بداله.
يوسف: اللي تشوفه.
في تلك اللحظة سمع الاثنان طرقا على الباب فقال يوسف: ادخل
دخل وليد وقد ابتسم فور رؤيته لعبدالرءوف: أنا أسف كنت فاكرك لوحدك. ازيك يا عبد الرءوف بيه.هبقا أجيلك بعدين بقا يا يوسف.
وقبل أن يتوجه مرة أخرى ناحية الباب أوقفه صوت يوسف: استنى يا وليد. مفيش حد غريب . تقدر تقول اللي عندك.
فقال عبد الرءوف لوليد باسما: جرى ايه يا باشمهندس؟ مش عاوز تقعد معايا ولا ايه؟
فقال وليد محرجا: يا خبر. ودي معقولة بردو؟ انا قلت انكم ممكن تكونوا بتتكلموا في موضوع مهم ولا حاجة.
عبدالرءوف: لا يا سيدي, أنا خلاص كنت ماشي.
وليد ضاحكا: ليه بس؟ هو زي ما بيقولوا ولا ايه. اذا حضرت الشياطين يعني؟
عبدالرءوف وهو ينهض من كرسيه: ما تقولش كدة يابني. ربنا يبارك فيكم. انا فعلا كنت ماشي دلوقت عشان عندي شوية مشاوير وبعديها سفر للبلد. أستأذن أنا بقا دلوقت واسيبكم تكملوا شغلكم.
ونهض عبدالرءوف من كرسيه وكذلك فعل يوسف الذي كان يستعد لمصافحته وتوديعه وهو يقول: أوك, بس ما تنساش تبقا تتصل بيا وتطمني.
فأوميء عبدالرءوف برأسه موافقا ثم غادر المكان . وعندما اطمأن يوسف أنه أصبح هو وأخوه وليد وحدهما بالمكتب, جلس يوسف على كرسيه ونظر الى أخيه مستفسرا: خير ياسي وليد؟
وليد: انا سمعت انك اديت أجازة اسبوع لاستاذ محمود البدري مدير الحسابات.مع انك عارف كويس احنا اد ايه محتاجينه في الفترة دي.
يوسف: معلش يا وليد خلي مدحت يحل محله الاسبوع دة.
وليد بقلق: ماشي. بس ممكن اعرف ايه السبب؟ يعني هو عنده ظروف للدرجادي تستدعي الاجازة دي؟
يوسف: لا يا سيدي. انا عطيته الاجازة عشان خاطر بنته.
وليد بلهفة: حياة! مالها.
لاحظ يوسف مدى اهتمام أخيه ولهفته وقرر أن يسجل ذلك في ذاكرته, ثم أجاب وليد متعمدا ان يبدي عدم اهتمامه: ملهاش يا سيدي, كل ما في الأمر ان مريم كانت عاوزة حياة تحضر معاها الفرح ولان ابوها عمره ما كان هيرافق انه يسيب بنته تسافر لوحدها فاديتله هو كمان اجازة اسبوع ,ويا سيدي اهي مرة من نفسه.مانت عارف ان اديله كتير مش بياخد اجازات.
وليد بابتسامة ودون ان يدري فلت منه السؤال: يعني حياة دلوقت في البلد؟
فقال يوسف وهو يحاول أن يكتم ضحكته: اه يا سيدي. ليه كنت عاوزها في حاجة؟
أفاق وليد من شروده وعلم مدى الخطأ الذي أوقع نفسه فيه: هه,لالالا. أنا بس كنت بسأل احنا امتى هنسافر؟
يوسف متصنعا جهله بالامر: هنسافر فين وليه؟
وليد: جرى ايه يا عم يوسف؟ البلد طبعا. هو انت مش عندك فرح هتجهزله ولا ايه؟
يوسف: انا مش هروح غير يوم الحنة . واعمامك هيقوموا بالواجب. وانت كمان لو شايف ان مش وراك شغل مهم ممكن تسافر من النهاردة ع الاقل تكون متابع معاهم وانا اكون مطمن.
فهب وليد واقفا: طب عن اذنك بقا.
يوسف: على فين؟
وليد: ع البلد طبعا.هو انت غيرت رأيك ولا ايه؟
يوسف: لا يا كبير. بس يبقا طمني لما توصل وبلغني بالجديد.
وليد وهو يغادر: اوك يا boss سلام
يوسف: سلام.
وبعد مغادرة وليد قال يوسف محدثا نفسه بصوت عال نسبيا وهويبتسم: ربنا يسعدك يا صاحبي.
****************************
في فيلا عبدالرءوف الكامل بالصعيد كانت مريم تقف مع صديقتها حياة في الصالون لاستقبال ضيوفها وهن هادية وزوجتي أخويها وابنتها هدى فقالت مريم وهي تمد يدها لمصافحة هادية : أهلا وسهلا. ازي حضرتك
صافحتهاهادية وهي تدقق النظر اليها من قمة رأسها الى أخمص قدميها وهي تقول لها من بين أسنانها : اهلا بيكي يا بنيتي. نورتي البلد. انا هادية عمة يوسف ودي سعاد مراة أخوي حسين والتانية جميلة مراة أخوي سليمان
صافحت مريم الامرأتان ولم تغادر الابتسامة وجهها ,وعندما وصلت الى هدى بدأت هادية في تقديم ابنتها وهي تقول بتفاخر: ودي بجا بنتي هدى واللي ان شاء الله هتبجا سلفتك.
صافحت مريم الفتاة وقد لمست منها نفس موقف والدتها العدائي وهي تقول بعدم فهم: سلفتي؟!
هادية موضحة: ايوة, اصلها من زمان وهية مكتوبة على اسم ولد خالها وليد, وبعد ما تخلص علامها هنزفهم طوالي.
مريم: اااه. الف مبروك وربنا يتمم بخير.
حاولت جميلة تهدئة الأمور بين الاثنتين فسألت مريم بعد أن عادت من الخارج حيث ذهبت لتطلب لهم بعض المشروبات: الا جوليلي يا بنيتي .هية فين عمتك؟ مش المفروض انها تكون جنبك دلوجيت؟
فردت مريم بتوتر: هية هتوصل ان شاء الله بعد يومين. اصلها مشغولة شوية. وكمان انا معايا حياة مش بتسيبني خالص تقريبا,غير ساعة او اتنين بس عشان تروح تشوف باباها ومامتها.وعمتي بقا ربنا يكون في عونها. أكيد اول ما هتفضي هتيجي.
هادية: صحيح, ع الاجل عمتك مفيش لوم عليها. اللوم كله على الام اللي سايبة بتها اكدة لوحدها يوم فرحها.
ترقرقت الدموع في عيون مريم ولم تستطع الرد,وكالعادة تولت جميلة مهمة تغيير وجهة الحديث فقالت وهي تنظر ناحية حياة: الا جوليلي يا بنيتي ,مش انتي برديك بنت الاستاذ محمود البدري؟
حياة بابتسامة رقيقة: ايوة يا طنط
جميلة: بسم الله ما شاء الله.تبارك الله فيما خلج. والله كبرتي يا حياة وبجيتي عروسة زي الجمر.
حياة باستحياء: متشكرة يا طنط.
لم يعجب هادية طريقة جميلة في تغيير الحديث فأعادت الكرة مرة أخرى في مضايقة مريم وسألتها: وياترى بجا يا مريم انتي طالعة حلوة اكدة لامك.
مريم باحراج: فعلا يا طنط انا فيا شبه كبير أوي من ماما.
هادية بشماتة واضحة: ع العموم يا بنيتي ماهي مش بالحلاوة برديك. انا عرفت ان ابوكي طلج امك بعد جوازهم بتلات سنين. يعني الموضوع ما كنش يستاهل انه يعادي أهله لاجل خاطرها .
مريم بصوت هادىء في محاولة مستميتة لتجنب الشجار معها: ع العموم,دة كان قسمة ونصيب يا طنط, واللي حصل حصل. وما حدش يقدر يغيره.
وقبل ان تبدأ هادية من جديد في محاولة استفزاز مريم قالت سعاد وهي تهم بالوقوف: طب يا بنيتي , نستأذن احنا بجا , ولو احتجتي اي شيء احنا موجودين, انتي خلاص بجيتي مننا وأمرك يهمنا.
هادية بغيظ وهي تنهض بدورها: معلوم, مش هتتجوز زينة شباب عيلة سليم؟
شكرت مريم سعاد وصافحت الجميع وقامت بتوصيلهم حتى البوابة الرئيسية للفيلا, وعندما عادت كانت تغلي من الغضب فلاحظت حياة ذلك ,فحاولت التخفيف عن صديقتها: معلش يا مريم, ما تنسيش بردو ان باباكي الله يرحمه رفض انه يتجوزها وفضل مامتك عليها. فعادي انها تعمل كدة واكتر.
مريم وقد هدأت قليلا: عندك حق. والحمد لله اصلا اني مش هقعد هنا في البلد لاني كل ما بتيجي عيني في عين أي حد هنا بحس فيها بلوم وعتاب صحيح مش ليا بس حتى لو لبابا فأنا مش هقدر أستحملها.
فربتت حياة على كتفها مواسية: ولا يهمك يا قمر . الزمن أكيد هينسي , وخلاص انتي بجوازك من يوسف هتمحي كل اللي فات والناس مش هتفتكر غير انك مراة يوسف جلال اللي صيته في البلد هنا ولا العمدة نفسه.. وبعدين بقولك ايه بقا؟ انا زهقت خلاص من الحبسة دي, واديلي كتير ما شفتش البلد ,فايه رأيك لو نخرج ونتمشى شوية ,صدقيني البلد هتعجبك أوي.
مريم: اوك, وانا موافقة, بس ثواني هستأذن من جدو الاول.
ذهبت مريم الى حجرة المكتب حيث كان جدها يجلس ويقرأ في أحد الكتب سلمت مريم عليه فسألها بقلق: طمنيني يا حبيبتي,عملوا ايه الضيوف معاكي, وبالذات هادية كان ايه رد فعلها لما شافتك, معلش بقا سيبتك تقابليهم لوحدك لان دي عادات وتقاليد احنا مش هنقدر نكسرها.ولو عمتك كانت هنا كانت بقت معاكي في موقف زي دة.
فقالت مريم وقد قررت اخفاء الحقيقة عن جدها حتى لا تزيد من قلقه: ولا يهمك يا جدو, حفيدتك قدها وقدود. والناس بصراحة كانوا كويسين اوي معايا وأنا كمان حبيتهم أوي.
فتنهد عبدالرءوف بارتياح: طب الحمد لله. طمنتيني.
مريم: طب بقا يا سي جدو,أنا كنت جاية عشان استأذنك نخرج أنا وحياة شوية,اهو مننا نغير جو وكمان أتعرف على البلد ,قلت ايه؟
عبدالرءوف بقلق: هتخرجوا لوحدكم؟
مريم: وفيها ايه يا جدو؟ماهي حياة عارفة البلد حتة حتة يعني مش هنتوه.
عبدالرءوف: اوك يا حبيبتي,بس ما تتأخروش.
مريم بسعادة: حاضر يا جدو
وقبلت خد جدها ثم رحلت, وبالفعل خرجت الاثنتان وأخذتا تتجولان في القرية ,وهناك بعض الناس ممن كانوا يتذكرون حياة يحيونهما وبالطبع يبدون مدى اعجابهم بجمال مريم ويندهشون فور علمهم بحقيقتها, ظلتا هكذا لوقت طويل حتى حل المساء وكانتا تتمشيان بمحازاة ترعة محاطة بالاشجار فقالت مريم بتعب: خلااااص يا حياة,انا بجد تعبت وجعت اوي
فقالت حياة موافقة صديقتها: وانا كمان, ياللا بينا نروح.
وهما في طريقهما عائدتين سمعتا صوت منبه سيارة من بجوارهما, فتوجهت أنظار الفتاتين نحوها لتجدا انها سيارة وليد الذي قد أوقفها ونزل منها وبعد ان سلم عليهما, سأل: انتوا رايحين فين؟
فأجابت مريم: حياة كانت بتفرجني ع البلد
توجه نظره الى حياة التي كانت تتجنب نظراته بخجل: بجد؟! وياترى عجبتك؟
مريم بفرحة: اه طبعا,عجبتني جدا, انا اصلا اول مرة ازور الريف وبصراحة عجبتني شكل الخضرة والهدوء وكمان اكتر حاجة عجبتني اد ايه هنا الستات متعاونة جدا مع الرجالة تحس ان فيه نوع خاص من التفاهم بينهم مش موجود في المدينة.
حياة مؤكدة: دة حقيقي يا مريم. اصلا هنا هتلاقي المعنى الحقيقي للتعاون والمساواة بين الرجل والمرأة, كل واحد فيهم عارف واجباته قبل حقوقه وبيقوم بيها على أكمل وجه.
وعندما اختلست النظر الى وليد وجدت عينيه ممتلأة بنظرات الاعجاب مما جعل خداها يحمران خجلا ,في الحقيقة كانت تلك هي المرة الاولى التي يتجاهل فيها أحدهم مريم بجمالها الطاغي لينظر الى فتاة اخرى حتى وان كانت في جمال حياة الشرقي الأخاذ, مما جعل حياة تقول لمريم بضيق: مريم! احنا مش هنمشي بقا؟
فوجهت مريم اعتذارها لوليد: طب معلش بقا يا باشمهندس. عن اذنك عشان مش عاوزين نتأخر.
وليد: طب مانا ممكن أوصلكم بالعربية بدل ما تمشوا كل دة.
فأسرعت حياة بالرفض: لالالالا. مفيش داعي اننا نتعب حضرتك ,وكمان الطريق مش طويل.
وليد: اولا مفيش تعب ولا حاجة. ثانيا ذوقيا انا مش ممكن اسيبكم ترجعوا لوحدكم في الوقت دة. ثالثا بقا ودة الأهم ان مريم هتكون معانا دة لو كنتي يا ستي خايفة مني يعني.
حياة: ارجوك ما تفهمنيش غلط. انا ما كنش قصدي.
وليد: ولا يهمك , حصل خير. ياللا بقا يا ستي عشا ما تتأخروش فعلا.
ركبت الفتاتان في الكرسي الخلفي بالسيارة وتولى وليد بالطبع القيادة ,ظلوا هكذا في صمت الى ان قال وليد ليفتح مجالا للحديث: على فكرة يا مريم. يوسف قالي انه مش هييجي غير يوم الحنة بس انا هنا مكانه, يعني اي حاجة تحتاجيها هتلاقيني في الخدمة.
مريم: متشكرة اوي يا وليد.اكيد طبعا, انت زي اخوية الكبير.
وليد موافقا:طبعا دة شيء يشرفني.وربنا يتمملكم بخير.
مريم: ثانكس. وعقبالك.
نظر وليد الى المرآة أمامه التي كان قد وجهها ناحية حياة منذ ركوبهم السيارة ولكن حياة لم تكن قد لاحظت ذلك ,فقال وليد بسعادة ظاهرة: يارب يا مريم, ادعيلي ترضا عليا.
وقد فهمت مريم ما يرمي اليه ولكنها حاولت الا تبدي ذلك فسألته بابتسامة واسعة بمداعبة: هي مين دي يا عم العاشق؟
وليد بشرود وهو لا يرفع نظره عن المرآة: اللي بالي فيها.
فغمزت مريم لحياة وهي تقول لوليد: طب ما تقولها يا عم مجنون ليلى انت.
بدا على وجه حياة الضيق الشديد حيث بدأت تفهم الحوار بين الاثنين فقال وليد باسلوب جاد بعض الشيء: اكيد هيحصل يا مريم. وفي اسرع وقت ان شاء الله. بس ادعيلي انها توافق.
مريم: ومين المجنونة دي اللي ترفض واحد بيحبها بالشكل دة؟!
وفجأة قالت حياة مقاطعة الحوار في نفاذ صبر وانزعاج: خلاص احنا وصلنا, شكرا يا باشمهندس.
وشكرته مريم هي الاخرى ودعته الى الدخول معهما لمقابلة جدها ولكنه اعتذر وأجل الزيارة لوقت آخر,ثم نزلت هي اولا وخلفها اسرعت حياة الا ان اوقفهما صوت وليد الذي اسرع خلفهما وهو ينادي: آنسة حياة
توقفت الاثنتان وادارتا وجهيهما اليه فقال وليد مترددا وهو ينظر ناحية حياة: ممكن لو سمحتي كلمتين لوحدنا؟
ترددت حياة ولكن مريم أسرعت بالرد نيابة عنها منعا للاحراج: طب , انا هسبقك يا حياة.
ودخلت مريم الفيلا , فبادرت حياة بسؤال وليد وقد بدا الغضب في لهجتها واضحا: نعم؟! ايه الموضوع اللي حضرتك عاوز تكلمني فيه ولوحدنا؟ ومن امتى اصلا وانا بيني وبينك أسرار؟
وليد: طب ممكن تهدي شوية! انا اسف لو كنت سببتلك اي ازعاج بس الحقيقة احنا من اول ما اتقابلنا وانا حاسس انك مش طايقاني ومش عارف ايه السبب. هو انا عملت حاجة تضايقك؟
حياة: حضرتك ما عملتش اي حاجة وانا بتعامل معاك طبيعي جدا , ولو حضرتك شايف غير كدة فيبقا دي مشكلتك انت. وعن اذنك بقا عشان وقفتنا دي ما تنفعش.
ولم تنتظر رده بل أسرعت الى الداخل فقال وليد بتمني: ياريت يا حياة تكون دي الحقيقة فعلا.
********************************
جاءت ليلة الزفاف وسط الاغاني والزغاريد وكعادة الصعايدة كان الفرح منفصل العروسة تجلس وحدها مع النساء يصفقن ويرقصن بسعادة وكانت مريم ترتدي فستانا أبيضا طويلا يمتاز بالبساطة والرقة وتزين رأسها طرحة بيضاء اللون ايضا , ولا تضع على وجهها سوى بعض ادوات الزينة البسيطة زادتها جمالا ورونقا جعلت كل العيون مأخوذة بذلك الجمال الذي لم يروا له مثيلا من قبل, وفي الناحية الاخرى وقف يوسف ببدلته السوداء الأنيقة وبجانبه وليد بالخارج مع الرجال وقد كان يحيي الحفل فرقة المزمار والطبل البلدي وهناك من يرقص على الحصان والجميع يهنىء العريس ويدعو له بالسعادة والذرية الصالحة.
أما عبد الرءوف الكهل كان يجلس مع حسين وسليمان وكبار العائلتين في حجرة الضيوف وقد بدا عليهم الانسجام حيث بدأوا يتناسون الخلاف القديم. وبعد مرور وقت طويل همس وليد في أذن أخيه: جرى ايه يا عريس انت ناوي تقضي الليلة معانا ولا ايه؟ مش هتطلع لعروستك؟
فنظر يوسف في ساعته ثم قال لوليد: معاك حق.
وحيا يوسف الجميع بيديه وسط الهتاف وطلقات النيران,ثم صعد الى حجرته ,فطرق الباب وفتحه قبل أن يتلقى أي رد,وعندما دخل وأغلق الباب خلفه أسرعت مريم اليه وارتمت في حضنه وهي ترتعش وقد أصابها الذعر الشديد وهي تلهث من البكاء: يوسف! الحقني يا يوسف, ابعدهم عني.
نظر يوسف الى الاتجاه الذي تشير اليه ليجد عمته هادية وعمتها وردة وكذلك جميلة وسعاد فسألهم بشك وهو يضم مريم اليه بيده اليمنى مهدئا اياها: هوة ايه اللي بيحصل بالظبط؟
فاقتربت منه هادية مما جعل مريم تختبىء خلفه: ولا حاجة يا ولد أخوي, سلامتك.
يوسف: طب بعد اذنكم ممكن تسيبونا لوحدنا؟
هادية بغضب: كيف دة؟! والناس اللي مستنيين تحت عشان يفرحوا وجدها اللي مستني يطمن على شرف بته هنجله ايه عاد؟
فهم يوسف ما تقصده عمته وما جعل مريم تنتفض رعبا بهذا الشكل, ففكر قليلا في كيفيه التصرف في تلك المشكلة ثم قال بهدوء لعمته: طب معلش يا عمتي, اللي انتم عاوزينه دة مش ممكن يحصل.
هادية: انت بتجول ايه يا ولدي؟ انت نسيت عوايدنا ولا ايه؟ولا تكون مش واثج في عروستك.
وهنا تكلمت وردة لأول مرة فصاحت غاضبة بلهجتها الصعيدية التي تحاول تجاهلها عندما تكون في القاهرة: انتي بتجولي ايه يا هادية؟ احنا بتنا أشرف من الشرف.
هادية: ولما هية أشرف من الشرف خايفين ليه عاد؟
يوسف:عمتي! كفاية لحد كدة. انا مش هقبل أي كلمة تاني عن مراتي اللي سمعتها بقت من سمعتي.
هادية بسخرية: مرتك ! اللي اتولدت وعاشت عمرها كله في بلاد الخواجات واطبعت بطبعهم؟
وردة: وبعدين وياكي يا هادية ؟وايه أخرة كلامك الماسخ دة؟
هادية: ولا جبلين يا خيتي.انتم احرار. بس شوفوا بجا هتجولوا للناس ايه عاد.
يوسف: طب لو سمحتوا تنزلوا معايا دلوقت؟
وقبل ان يتحرك يوسف وجد ان مريم متشبثة به ترفض ان تتركه وهي تنظر برعب الى عيني هادية المخيفة فمسح يوسف بحنان على رأسها وهو لا يدري أيغضب من عمته التي تسببت لها بكل ذلك القلق والخوف؟ أم يشكرها لان بسببها وللمرة الاولى ترتمي مريم في حضنه وبارادتها؟ همس يوسف لمريم وهو يحتضن وجهها بكفيه: مريم. ما تخافيش , خمس دقايق مش أكتر وهتلاقيني عندك.
مريم وقد غسلت الدموع وجهها: لا , أرجوك ما تسبنيش لوحدي.
يوسف: مريم . انا لازم انزل عشان احل المشكلة دي, واقولك على حاجة؟ انا هقفل الباب من برة بالمفتاح وهاخد المفتاح في جيبي ,وبكدة محدش هيقدر يدخلك وانا مش موجود. اوك؟
أومأت مريم موافقة ,فقبل يوسف رأسها ,ثم خرج بعد خروج الجميع من الحجرة وكما وعد مريم أغلق الباب بالمفتاح ووضعه بجيبه, نزل يوسف وتوجه الى المضيفة فتعجب الرجال من رؤيته ,ولكنه لم يبال بنظراتهم فنادى لعبدالرءوف و حسين عمه الكبير , خرج الاثنان فبدأ يوسف الحديث موجها كلامه لعبدالرءوف: يا عمي ,بعد اذنك انا شايف ان مفيش داعي للي هيحصل دة طالما انا وحضرتك واثقين في مريم دة غير ان دي اصلا حاجة ما تهمش حد غيرنا.ولا انت ايه رأيك.
عبدالرءوف: والله معاك حق يابني, انا موافق على اي حاجة هتعملها.
حسين: كيف دة؟ دي عوايدنا وتجاليدنا ولا انتم عيشتكوا في مصر خليتكم تنسوا اللي اتربينا عليه؟
يوسف: لا يا عمي احنا ما نسيناش. لكن مش اي حاجة اتعودنا عليها تبقا صح, فيه حاجات غلط ومحتاجة لتصحيح ودي اولهم.
فقال حسين بغضب: انتم احرار . اعملوا اللي على هواكم.
ثم تركهم وذهب فقال عبدالرءوف بامتنان ليوسف: انا متشكر اوي يابني. انت مش عارف انت اد ايه عليت في نظري. بس هنقول ايه للناس دي كلها؟
يوسف: ما تقلقش يا عمي, انا ووليد هنتصرف
وبعد فترة استطاع وليد ويوسف ان يصرفا معظم المدعوين حيث لم يتبقا الى الاقارب فقط الى ان قال وليد ليوسف: خلاص بقا يا بطل. سيبلي انا الباقي وروح انت لعروستك.
يوسف وقد بدا عليه الارهاق: تسلم يا وليد.نتعبلك في فرحك ان شاء الله.
وليد: ماشي يا عمنا, طب اتفضل بقا من غير مطرود احسن اقول انك بتتهرب من العروسة ولا حاجة.
يوسف: ما تحترم نفسك ياد.
وليد: ماشي يا كبير
يوسف: طب تصبح على خير
وليد: وانت من أهله يا صاحبي. وصباحية مباركة مقدما ان شاء الله.
يوسف: الله يبارك فيك.
وفعلا دخل يوسف المنزل وترك وليد ليتصرف بنفسه , فنظر ذلك الاخير من بعيد ليلمح حياة تقف وحدها , فتخيل انه يحلم ولكنها كانت هي بالفعل,فتوجه اليها,وعندما رأته حياة رسمت ابتسامة على شفتيها وهي تقول: ألف مبروك يا باشمهندس وعقبالك.
وقبل ان ينتبه لكلامه وجد نفسه يقول: انا وانتي في ليلة واحدة ان شاء الله, وعندما وجد التغير في ملامحها حيث عاد مرة اخرى اليها الضيق والحزن,فقرر ان يغير الموضوع فسألها: انتي واقفة كدة ليه؟
حياة: مستنية بابا اصل بعت كريم اخوية عشان يناديله ومش عارفة اتأخروا ليه؟ خلاص دول جايين هناك اهو.
انتظرهما وليد مع حياة وكان بصحبتهما شخصا اخر يرتدي قميصا وبنطلونا وعندما اقترب الثلاثة منهما قال محمود لوليد وهو يمد يده لمصافحة وليد: الف مبروك يا باشمهندس. وعقبالك.
وليد وهو يصافحه: الله يبارك فيك يا استاذ محمود. وعقبال الانسة حياة.
ثم استطرد كلامه وكأنه تذكر شيئا اخر: وطبعا كريم.
ثم تولى محمود مهمة التعريف بذلك الغريب: دة بقا يا باشمهندس علاء ابن اخويا خريج السنادي هو باشمهندس بردو بس تخصص هندسة ماكينات.الحقيقة انا كنت عاوز اتوسطله عند الباشمهندس يوسف عشان يشغله في الشركة.
فسلم وليد على علاء وهو يقول: انت شايف ان يوسف مش هيكون فاضي اليومين دول يبقا قدملي انا الورق وان شاء الله خير.
وهنا نظر علاء الى حياة ومد لها يده وهو يقول مبتسما: مش معقول! حياة! ازيك .وحشاني يابنت عمي.
فمدت له حياة يدها وقد شعرت بنظرات وليد مسلطة عليهما كادت ان تحرقهما معا.
****************************
فتح يوسف الباب بالمفتاح ليجد مريم مختبئة خلف أحد الكراسي كالطفلة التي تهرب من شرب اللبن ,وعندما اطمئنت بدخول يوسف خرجت من مخبئها وكان القلق يعلو ملامحها وهي تنظر ناحية باب الحجرة المغلق فطمئنها يوسف قائلا: ما تخافيش. خلاص الموضوع انتهى.
بدأ الارتياح يتسلل الى ملامحها فقالت له: متشكرة. متشكرة اوي ليك يا يوسف.
فاقترب منها يوسف بخطى ثابتة وهو يقول: متشكرة على ايه؟ انتي خلاص بقيتي مراتي. وحمايتك بقت مسئوليتي. ومفيش حد في الدنيا كلها دي هيقدر يمس شعرة منك طالما انا لسة عى قيد الحياة





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 03:44 AM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل العاشر


*ملاك أم شيطان*

فاقترب منها يوسف بخطى ثابتة وهو يقول: متشكرة على ايه؟ انتي خلاص بقيتي مراتي. وحمايتك بقت مسئوليتي. ومفيش حد في الدنيا دي كلها هيقدر يمس شعرة منك طالما انا لسة على قيد الحياة.
لم تستطع مريم الرد بل اكتفت بالنظر ناحية الأرض أما يوسف فقد وقف لحظات يتأمل مريم بملامحها الطفولية الجميلة والتي تمتاز بالبراءة جعلته يشك في أن مثل هذه الشابة قد قضت ولو يوم واحد في بلاد الغرب. ودون أن يشعر وجد نفسه يقترب منها أكثر حتى لم يعد يفصلهما سوى سنتيمترات قليلة, ثم رفع يده ليلمس خدها الناعم,فأجفلت مريم للمسته وجعلها ذلك تتراجع الى الخلف ينتابها بعض الخوف و التوتر,بدا على يوسف وكأنه متفهما لردة فعلها في البداية ولكن عندما تكرر الموقف جعله ذلك يشك في الأمر, فسألها: فيه ايه يا مريم؟ مالك؟
فسألته مريم بخوف: مالي؟
يوسف موضحا: يعني شايف اني كل ما بقرب منك بتبعدي.
تحولت نبرة مريم من الخوف الى العداء ووجهت نظراتها الى عيني يوسف مباشرة: وانت تقربلي ليه؟ وبصفتك ايه أصلا؟
فاجأه السؤال, ولكن ليس يوسف جلال هو من يقبل أن تشعر أي امرأة بعجزه أو بأنها قد تغلبت عليه فأجابه بثبات وبعيون جامدة: بصفتي اني بقيت جوزك والمفروض ان دي ليلة دخلتنا.
مريم: دة عشم ابليس بالجنة زي ما بتقولوا عندكم.
يوسف مستوضحا: قصدك ايه؟
مريم: يعني انت عمرك ما هتكون جوزي ولا انا عمري هبقا ليك.
بدا يوسف وكأنه قد تلقى منها صفعة قوية, فلم يستطع هذه المرة أن يتمالك أعصابه او ان يتجاهل نوبة الغضب الشديدة التي قد اجتاحته فجذبها بشدة من ذراعها وكادت أن تلتصق به وهي تصرخ من الألم, ثم قال لها وهو يجز على أسنانه: انتي فاهمة كويس معنى كلامك دة ايه؟ اوعي تكوني فاكرة ان حركة الشهامة اللي عملتها معاكي من نص ساعة هتخليني اتساهل معاكي.
لم ترد مريم أن تظهر لها الخوف الذي شعرت به فقالت له متحدية: اوعى انت اللي تكون فاكر ان عشان خاطر اللي عملته معايا اني هخضعلك وهسلملك نفسي بسهولة.
فهزها يوسف بعنف وهو يقول: انتي بتقولي ايه؟ انتي مراتي. فاهمة يعني ايه مراتي؟!
مريم وهي تتجاهل آلامها: انت اللي اظاهر عليك نسيت اني اصلا اتجوزتك غصب عني. والجواز اللي بالاكراه زي جوازنا دة كأن لم يكن.
يوسف صائحا بغضب: والمأذون؟ والشهود؟ وعقد الجواز؟
مريم: باطل. طالما كان غصب عني.
يوسف: مريم! انتي كنتي تقدري تقولي لا.
مريم: انت كنت عارف اني ما كنتش اقدر. لأن حياة جدي تقريبا كانت متوقفة على موافقتي.
فقال يوسف والشرر يتطاير من عينيه وهو ينظر اليها: انا كل اللي أعرفه دلوقت انك مراتي. وان ليا حقوق عليكي .
مريم وقد زاد الخوف بداخلها ولكنها ما زالت تنجح في اخفائه: بالغصب يا يوسف؟ هتاخدني غصب عني؟ دة لا هيحصل ولا هيكون.
فرد يوسف وقد ضاقت عيناه وهدأ صوته على نحو خطير وهو يمسحها من أعلى لأسفل بنظراته الغاضبة: لسة ما اتخلقش لحد دلوقت اللي يقدر يقف بين يوسف جلال وبين حاجة هو عاوزها. لكن للأسف يا مريم انتي طلعتي محظوظة لأن انا اللي دلوقت بقيت مش عاوزك.
ثم رماها فجأة للأمام مما جعل توازنها يختل وكادت ان تسقط على الأرض لولا انها تمسكت بمسند أقرب كرسي لها وقد انهارت عينيها وسقط منهما شلالا من الدموع.
وسمعت مريم صوته وهو يدير لها ظهره ولكنها استطاعت ان تكتشف مدى القوة التي يبذلها للتحكم في نفسه وليخرج صوته هادئا طبيعيا بتلك الطريقة المذهلة: صدقيني يا مريم ,لا انتي ولا ابوكي تستحقوا مني اي شعور بالاحترام أو التقدير, ولولا جدك عبدالرءوف اللي انا مدينله بالكتير كان زماني رميت عليكي يمين الطلاق وطردتك في ساعة زي دي أدام كل الناس, لكن انا كل خوفي على الراجل المريض اللي مش هيقدر يستحمل فضيحة زي دي بعد اللي عمله أبوكي.
وفجأة نظر لها مجددا وكانت مريم تجلس على الكرسي وقد شحب وجهها كثيرا والذي اغتسل بالدموع و بدا ان جسمها ينتفض قليلا ولكن ذلك كله لم يؤثر فيه فاستطرد حديثه وهو ينظر لها بجمود وأخذ يلقي بأوامره وكأنه قائدا بأحد الفرق العسكرية وهي أحد الجنود: اعملي حسابك, احنا أدام الناس اتنين متجوزين وهنتعامل على الأساس دة لحد ما نطمن على صحة جدك وبعد كدة هنطلق وكل واحد فينا يرجع لحياته الطبيعية . و كمان جهزي نفسك لأننا هنرجع القاهرة بكرة. انا كنت عامل حسابي اننا هنسافر اسبوعين لبنان لكن خلاص هلغي السفر لان ما بقاش فيه داعي. اتفضلي قومي اغسلي وشك وغيري هدومك في الحمام عشان تنامي. و كمان مش من مصلحتك ان حد يحس انك كنتي معيطة.
وجدها لم تحرك ساكنا فصاح بها غاضبا: اسمعي الكلام يا مريم و بلاش تستفذيني, ياللا قومي اعملي اللي قلتلك عليه.
اسرعت مريم وأخذت بعض الثياب من خزينة الملابس ثم دخلت الحمام الخاص بالحجرة, وقفت مريم لبعض الوقت تستعيد كل ما حدث بينها وبين يوسف وتتخيل حياتها معه في الفترة القادمة, وترتب كيف ستتحمل ذلك الوقت بقربه وقد أصبح يحمل لها كل هذا القدر من الغضب والكره لها؟
ثم غسلت وجهها ولكنها لم تستطع ان تخفي كل اثار البكاء من عينيها,وغيرت ثياب العرس بمنامة قد اختارتها طويلة وردية اللون وارتدت فوقها روبا حريريا بنفس اللون وقد ترددت قليلا في ان ترتدي الطرحة أم تترك شعرها منسابا هكذا على كتفيها لتكون المرة الأولى التي تجعله يرى شعرها بلونه المتوهج اللامع ولكنها قد حسمت أمرها أخيرا وارتدت الطرحة وخرجت لتجد أنه قد بدل ثيابه هو الأخر وارتدى بيجاما حريرية بنية اللون بها خطوط صفراء رفيعة, وكان يتمدد بجسمه الطويل على الأريكة فعلمت مريم أنه قد قرر أن يترك لها السرير لتنام عليه, نظر لها نظرة سريعة لم تتبين مريم أي تعبير فيها,ثم أعاد عينيه مرة أخرى ناظرا الى السقف. توجهت مريم الى السرير وكانت تتوقع أن يجافيها النوم , ولكن عكس ما توقعت تماما ففور أن وضعت رأسها على الوسادة غاصت في نوم عميق.
***************************
:مريم !مريم !ياللا قومي
في البداية ظنت مريم أنها تحلم , ولكنها أيقنت أنه لم يكن حلما بل كان يوسف نفسه يقف بجوار السرير ويهزها برفق لتستيقظ, فسألته وهي ما تزال بين النوم واليقظة: فيه ايه؟
يوسف: فيه انك لازم تقومي دلوقت عشان تستقبلي الحريم اللي برة وجايين يباركولك.
قال كلمته الأخيرة بنبرة ساخرة أدركتها مريم وقد استيقظت تماما لتسمع صوت طرقات على الباب يصاحبها نداء متكرر: افتح يا عريس
وكذلك أصوات زغاريد تملأ المكان, قالت مريم ليوسف وهي تنهض من السرير: صباح الخير.
تجاهل يوسف التحية وقال لها بلهجة صارمة لا تقبل الجدال: ادخلي الحمام واغسلي وشك عشان تفوقي وانا هفتح الباب.
نفذت مريم ما قاله بصمت وتوجهت ناحية الحمام بينما ذهب هو ليفتح الباب فوجد عمته وعمتها وكذلك سعاد وجميلة اللتان كانتا تحملان صنيتي بهما أنواع مختلفة من الطعام الفلاحي, وفور أن رأته عمته أخذته في حضنها بسعادة وقبلته وهي تقول: مبروك يا ولد أخوي وصباحية مباركة
فرد يوسف والذي استطاع بسهولة أن يرسم معالم الفرح والسرور على وجهه: الله يباركك فيكي يا عمتي
ثم سلم على الأخريات ورد على التهاني بابتسامة واسعة,فسألته وردة: أمال وينها مريم؟
يوسف: مريم في الحمام
ولم ينه يوسف جملته حتى رأوا مريم تخرج من الحمام وعلى وجهها ابتسامة جاهدت كثيرا لتظهرها لهم, ثم سلمت عليهن واحتضنتها كل واحدة على حدة , وبعد أن جلس الجميع في أحد أركان الحجرة وقد كان يشبه حجرة الصالون خاصة بسبب بعده النسبي عن السرير. قال يوسف وقد تعمد أن يجلس بجوار مريم ملاصقا لها: بس ايه يا جماعة كل الأكل دة؟ مين هياكله؟
وردة: مش فطار عرايس يا ولدي؟
وكانت النظرة التي وجه يوسف ناحية مريم تحمل الكثير من السخرية واللوم جعلت مريم تبعد نظرها عنه وتسأل عمتها: وجدو يا عمتي عامل ايه دلوقت؟
وردة: والله يا بنيتي جدك سافر.
مريم: سافر! وبسرعة كدة! وكمان من غير ما يقولي!
وردة: والله يا بنيتي مانا عارفة. هو احواله اليومين دول ما تسرش واصل. و وليد أخو جوزك عدى علينا الصبح بكير فجدك ركب وياه وسافروا اتنيناتهم. وجال انه سابلي السواج عشان يوصلني بعد ما اطمن عليكي وأعاود.
مريم: غريبة أوي
ثم نظرت الى يوسف مستفسرة وهي تسأل: ايه اللي خلى جدو يسافر مع وليد؟ انت تعرف حاجة عن الموضوع دة؟
فرد يوسف وهو يضع ذراعه حول كتف مريم التي حاولت التخلص منها بطريقة لا تلفت نظر الآخرين. ولكنه شدد قبضته على ذراعها بشكل آلمها وجعلها تتوقف عن المحاولة: يمكن يا حبيبتي فيه حاجة مستعجلة في الشركة وبما ان وليد هو اللي مكاني دلوقت فأكيد جدك اتصل بيه واتفقوا انهم يسافروا مع بعض. ما تقلقيش نفسك انتي بس.
ثم وجه نظره ناحية هادية واستطرد حديثه: آه صحيح يا عمتي. انا ومريم هنسافر النهاردة.
هادية باستنكار: كيف يا ولدي؟ انتو ع الاجل لازم تجعدوا ويانا يوم ولا تنين. انا واعمامك ملحجناش نجعد وياك ولا نشبع منيك.
يوسف: معلش بقا يا عمتي . انا كنت دبرت أموري اننا نسافر بكرة لبنان ولازم نكون النهاردة في القاهرة.وبعد ما نرجع ان شاء الله هنحاول نيجي يومين هنا.عشان تشبعوا مننا زي مانتو عاوزين.
هادية دون اقتناع: اللي تشوفوا يا ولد أخوي
فنهضت وردة وهي تقول: طيب. نسيبكم بجا عشان تفطروا وحديكم, ياللا بينا ياهادية.
فنهضت هادية وقد سبقتها كل من جميلة وسعاد واتجهوا ناحية الباب وفي اثرهم يوسف الذي قال: طب ما تقعدوا تفطروا معانا يا جماعة.
هادية: تسلم يا ولد الغالي.
وردة: ودي تيجي يا عريس؟ بس خلي بالك من مريم.
يوسف بنبرة لم تشك وردة في صدقها: مريم في عنيا.
وردة: تسلم عيونك يا حبيبي.
وبالفعل غادر الجميع وعاد يوسف ليجد مريم تقوم بترتيب ثيابهما في الحقائب فقال لها: تعالي افطري الاول ويبقا كملي اللي بتعمليه.
فقالت مريم دون أن تنظر ناحيته: متشكرة, انا مش جعانة.
فأسرع يوسف وانتزع منها الثوب الذي كان في يدها وألقاه على السرير فصدمت مريم وسألته: ايه اللي انت بتعمله دة؟
فأمسكها يوسف من معصمها بقبضة حديديه وسحبها خلفه وهي تئن من الألم محاولة الافلات من قبضته دون فائدة الى أن ألقاها على أحد الكراسي أمام الطعام ثم قال لها آمرا: اتفضلي كلي.
مريم بتحدي: قلتلك مش جعانة. هو بالعافية يا أخي؟
يوسف: أه. بالعافية. ومن هنا ورايح يا مريم وطول مانتي في عصمتي اتعودي ان كلمتي هي اللي هتمشي برضاكي أو غصب عنك., والا أقسم بالله لهوريكي النجوم في عز الضهر ومش بعيد اني أمد ايدي عليكي وهتكون دي أول مرة أمد ايدي على واحدة ست. اتفضلي كلي.
رأت مريم أن لا فائدة من الجدال معه, فيبدو أنه مستعد لتنفيذ كل كلمة قالها مما جعل الخوف يتسلل بداخلها ولتتجنب بطشه بدأت بتناول الطعام, ثم جلس يوسف على الكرسي المقابل ليتناول طعامه هو الآخر.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كان وليد يقف في الفيلا يضع سماعة الهاتف على اذنه ويقول: أه, باسم وليد جلال.......أيوة هو ....أوك, وانا كلها ساعة بالكتير وأبقا عندكم. متشكر.
ثم أعاد السماعة مكانها, ونظر الى ذلك الخادم الذي كان ينزل السلم ويحمل حقيبة ثياب كبيرة, فقال له: بسرعة يا محمد, ويبقا حطها في شنطة العربية.
محمد: حاضر يا سعادة البيه.
ثم فجأة وجد باب الفيلا يُفتح ليدخل كل من مريم ويوسف, وبعد أن استوعب وليد المفاجأة أسرع ناحية يوسف ليحتضنه وهو يهتف بسعادة: معقول! أهلا بالعرسان , أمسية مباركة يا صاحبي, معلش بقا مانا ماحضرتش الصباحية.
يوسف: الله يبارك فيك يا حبيبي عقبالك.
ثم قال وليد لمريم: ألف حمدالله ع السلامة يا عروسة.بس ايه اللي رجعكم بدري كدة؟! اوعى يكون الواد دة زعلك, قوليلي وانا أخدلك حقك على طول انا صحيح أخوه الصغير بس بقيت في نفس الوقت أخوكي الكبير.
فوكزه يوسف بلطف وهو يقول له مداعبا: ما تبطل غلبة بقا يا عم المصلح الاجتماعي, تبسمت مريم وهي تقول ردا على كلام وليد: لا يا سيدي هو مش زعلني ولا حاجة.
وليد: أمال؟
يوسف: ابدا. مانت عارف أخوك ما يقدرش يبعد عن شغله اكتر من يومين.
وليد: اما انت بارد صحيح. طب والغلبانة دي ذنبها ايه. مش ليها حق في شهر عسل زي كل مخاليق ربنا؟!
فأسرعت مريم لتقول: لا. ماهو انا كمان هبقا مشغولة بالانشطة الصيفية اللي هتعملها الأسرة اللي انا عضوة فيها.
فضرب وليد كفا على كف وهو يقول مداعبا: والله انتوا عالم مجانين صحيح. يعني انا معقول اتجوز ومش أقضي شهر عسل ويكون كمان تلاتين يوم بالكمال والتمام وانشالله حتى تنطبق السما على الأرض!
يوسف مازحا: طب لما نشوف يا سيدي. بكرة نقعد جنب الحيط.
فأتم وليد المثل بفكاهة: وهتسمع أحلى زيطة كمان.
ونظر يوسف الى محمد الذي كان يقف بالقرب منهم وبجواره الحقيبة وقال له: ازيك يا محمد. عامل ايه؟
محمد: الله يسلمك يا يوسف بيه. والف حمدالله ع السلامة ومبرك لسعادتك انت والست هانم وربنا يرزقكم بالخلف الصالح ان شاء الله.
يوسف: متشكر يا محمد عقبال أولادك.
وعندما لمح يوسف الحقيبة سأله: شنطة مين دي؟
فتولى وليد الاجابة: دي شنطتي أنا.
يوسف: شنطتك! انت مسافر ولا ايه؟
وليد: لا يا سيدي مسافر ايه.. انا بس هروح اقعدلي يومين في الاوتيل لحد ما شقتي تجهز.
يوسف بعدم فهم: اوتيل؟ وشقتك؟ يعني ايه ؟ مش فاهم, انت هتسيب الفيلا ولا ايه؟
وليد: ايوة يا سيدي.
يوسف: ليه؟
وليد:هو ايه اللي ليه ؟ انت نسيت انك خلاص بقيت راجل متجوز ؟ يعني بقت ليك حياتك الخاصة انت ومراتك اللي ما ينفعش ان أي حد تاني يشارككم فيها.
يوسف: بس ما وصلتش انك تقعد في اوتيل.
وليد: مانا ما هبقاش مقيم فيه على طول يا عم يوسف. انا أصلي أخدت شقة في برج من بتوعنا ومستنيها لحد ما تتفرش وبعدين هنقل فيها.
يوسف بحزم: خلاص يبقا هتفضل معانا في الفيلا لحد ما شقتك تتفرش.
وكان وليد على وشك ان يبدي اعتراضه فأشار له يوسف وهو يقول: خلاص, انا مش هقبل ولا كلمة تاني.
ثم أمر محمد: وانت يا محمد رجع الشنطة دي مكانها.
محمد: أمرك يا يوسف بيه.
وهنا نظرت مريم تجاه الهاتف وقالت: انا هتصل بجدو واطمن عليه.
واتجهت ناحية الهاتف فأوقفها صوت يوسف: استني يا مريم
فأدرات مريم وجهها اليه تسأله : فيه ايه يا يوسف؟ انا هطمن عليه بس, وهو اكيد لسة صاحي.
عندما لم يأتيها رد من يوسف ووجدته يتبادل النظرات مع وليد بدأ القلق يتسلل الى قلبها فسألتهم: هو فيه ايه؟ جدو ماله؟
يوسف: اطمني .جدك بخير بس هو مسافر.
مريم: مسافر! فين؟ وليه؟
يوسف: مسافر ألمانيا عشان يعمل العملية.
قلق, خوف,ضياع, احساس بعدم الأمان ,كل ذلك لا يستطيع أن يصف ما شعرت به مريم فور سماعها ذلك الخبر, ثم توجهت بعينيها المليئة بنظرات الاتهام الى يوسف وهي تشير ناحيته باصبعها: انت كل عارف كل دة . كنت عارف وخبيت عليا. ليه يا يوسف؟ كان من حقي أعرف.
علم يوسف أنها على وشك الانهيار فأسرع لها وأخذها في حضنه يهدئها: مريم! جدك هو اللي كان عاوز كدة, هو اصلا اختار الوقت دة بالذات عشان كان فاكر انك هتبقي مشغولة وممكن ما تلاحظيش غيابه.
بدا ان مريم لم تستوعب ما قاله يوسف بل أخذت تردد: انا عاوزة اروحله. وديني ليه يا يوسف. أبوس ايدك وديني ليه .عشان خاطري.لا بلاش عشان خاطري, طب وغلاوة جدي عندك وديني ليه.
يوسف: اهدي يا مريم , أرجوكي اهدي. هو بخير وكمان معاه فريق كامل من الدكاترة على أعلى مستوى هيهتموا بيه لحد ما يرجع بالسلامة.
مريم: انا مش ههدى غير لما أشوفه بنفسي.وديني ليه. او سيبني انا اروح لوحدي, ارجوك يا يوسف انا مابقاش ليا غيره في الدنيا.
يوسف: هو أكد عليا اني مش اسمحلك تروحيله , بس انا هتصلك بيه وأخليكي تطمني عليه بنفسك.
مريم بلهفة وتوسل وهي لا تستطيع أن توقف دموعها: طب دلوقت ,ارجوك اتصل بيه دلوقت.
يوسف: حاضر, هتصل بيه. وليد!
وعلى الفور أسرع وليد ناحية الهاتف ورفع السماعة ثم بدأ يضغط على بعض أزراره.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في فيلا كمال وهدان تكرر نفس المشهد الحزين ولكن بشكل آخر حيث انهارت وردة على الاريكة وهي تضرب بيدها على صدرها: بابا! يا حبيبي يا بابا
ثم توجهت قائلة لابنها وزوجها اللذان كانا يقفان أمامها: طب ازاي محدش يقولي؟ وانتوا كنتم فين؟
فقال كمال بجمود: احنا نفسنا عرفنا بالصدفة, وهو من امتى اصلا و عبدالرءوف الكامل بيدي سره لحد غير سي يوسف اللي مش عارف طلعلنا منين؟
فنهضت وردة لتقول لماهر: طب ياللا يا ماهر بسرعة وديني لجدك ,انا لازم ابقا معاه في ظرف زي دة.
ماهر: هتروحي بس فين يا ماما؟ هو احنا اصلا نعرف هو في أي مستشفى؟
فصاحت به وردة في غضب: معرفش اتصرف واعرفلي جدك فين؟
ماهر: طب اهدي بس وخلينا نشوف هنتصرف ازاي؟
وردة: انتو لسة هتشوفوا؟
فأحاطها ماهر بذراعيه وهو يحاول تهدئتها: طب اهدي بس . واطلعي اوضتك استريحي شوية. وسيبينا احنا هنتصرف.
لم تستطع أن تجادله وردة ,بل انها أطاعت كلامه على الفور وتوجهت ناحية السلم لتصعد الى غرفتها.
وعندما تأكد من صعودها توجه الى والده وسأله وعينيه مليئة بالشر: قولي بقا يا بوب هنعمل ايه؟
كمال مبتسما بطريقة شيطانية: هنعمل كتير, خلاص الساحة بقت فاضية قدامنا بعد سفر عبدالرءوف ومين عارف مش ممكن ما يرجعش تاني وتبقا كل حاجة بين ادينا ومريم بقا تشرب من البحر.
ماهر: ويوسف يطلع نأبه على شونة . ويشبع بقا بيها.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كانت مريم تجلس على الأريكة تتكلم عبر الهاتف وبجوارها يجلس يوسف ومن الناحية الأخرى يقف وليد.
مريم: يعني انت بجد بخير يا جدو؟....طب وهتعمل العملية امتى؟.....بعد اسبوع؟.....طيب انا عاوزة أجيلك.....يا جدو عروسة ايه بس؟.....انا عاوزة أطمن عليك....خلاص ماشي يا جدو اللي تشوفه بس هبقا اتصل بيك كل يوم.....يوسف؟!
وتوجهت عيناها ناحية يوسف وكعادتها فشلت في قراءة تعابير وجهه وأكملت محدثة جدها: اه يا جدو, الحمد لله سعيدة جدا بس انت يا حبيبي ما تفكرش دلوقت غير في نفسك....جدو! ارجعلي بسرعة انت عارف اني مش هقدر أعيش من غيرك......ماشي يا حبيبي هسلملك عليه......اوك مع السلامة.
أنهت مريم المكالمة فقال لها وليد: خلاص يا ستي اطمنتي بنفسك انه الحمد لله بخير.
مريم بتنهيدة ارتياح: الحمد لله
ثم توجهت الى يوسف لتقول له: جدو بيسلم عليك
لم يجب يوسف بل اكتفى بايماءة صغيرة من رأسه
ثم قال وليد: وانت يا عم يوسف ياللا خد مراتك واطلعوا اوضتكم أكيد بعد السفر الطويل دة والارهاق النفسي اللي عشتوه يبقا لازم تكونوا ميتين من التعب.
يوسف: معاك حق, وكمان انا هيبقا عندي شغل بدري.
وليد مستنكرا: شغل ايه يا عم يوسف اللي هيبقا بدري بس؟ طب خدلك يومين او تلاتة تاني اجازة.
يوسف: ما ينفعش, كفاية كدة.
كان وليد يعلم ان قرارات يوسف غير قابلة التعديل فتوقف عن الجدال ولكنه اكتفى ان قال بمزاح: الله يكون في عونك يا مريم.
نهض يوسف وهو يمد يده لمريم ويقول لها: ياللا بينا يا مريم.
ترددت مريم قليلا ولكنها أمام نظرات وليد اضطرت الى ان تمد له يدها ليساعدها على النهوض وسمحت له بأن يضع يده حول كتفيها وهويقودها ناحية السلم ويقول لوليد: تصبح على خير يا وليد.
وليد: وانتو من أهل الخير.
وفور صعودهما السلم أنزل يوسف ذراعه من عليها بل انه تقدمها بخطوات واسعة ناحية الغرفة التي يفترض ان تكون غرفتهما معا, دخل الغرفة ومن بعده مريم التي استطاعت ولو في سرها ان تشهد لبراعة الشخص الذي ظهر ذوقه الرفيع في اختيار أثاث الغرفة , ولكن عندما وقع نظرها على السرير الوحيد الذي بالحجرة مما جعلها تفكر في المشكلة الجديدة التي سيواجهانها, فمن غير المعقول أن يستمر يوسف في النوم على تلك الأريكة طوال فترة بقائهما معا, أم انه سيجبرها هي على النوم على تلك الأريكة؟ وسيكون له كل الحق لانها سبب تلك المشكلة, أم ماذا سيقرر صاحب الكلمة الأخيرة؟
وكأنه يقرأ أفكارها سمعته يقول من خلفها: اطمني يا انسة مريم مش انا الراجل اللي ممكن يسيب واحدة ست تعاني بسببه حتى لو كان بيتمنى ان دة يحصل من كل قلبه.
مريم مستفهمة: ماهو مش معقول بردو انك هتفضل تنام على الكنبة على طول. اكيد هتتعب.
يوسف ساخرا: ايه؟ خايفة عليا؟
لم تجب مريم مما جعل يوسف يستمر في كلامه وهو يتجه ناحية باب أخر في الغرفة: ع العموم ما تخافيش, دة باب الاوضة اللي جنبنا , انا هنام فيها.
فأسرعت مريم تقول: طب ما ممكن انا........
ولكنها قطعت جملتها فور رؤية نظرته اللاهبة وكأنها تذكرها بأنه لن يقبل منها أي اعتراض على أوامره كما أخبرها سابقا.
مريم باستسلام: خلاص اللي تشوفه.
يوسف وهو يخرج بعض الثياب من خزانة الملابس: ع العموم زي ما قلتلك دي هتبقا اوضتك وخدي راحتك فيها بس المشكلة الوحيدة ان الاوضة التانية مفيهاش حمام عشان كدة هبقا استعمل الحمام اللي هنا.
وقبل ان ينتظر منها اي رد قال لها: تصبحي على خير
ثم دخل الغرفة الثانية وأغلق الباب خلفه تاركا مريم وحدها محاولة تحليل تصرفات ذلك الرجل الغامض الذي لم يستطع عقلها الصغير الوصول لماهيته حتى الان, فأوقات يبدو لها كأنه ملاك أنزل من السماء فقط لحمايتها وتلبية رغباتها , ومن ناحية أخرى تجده شيطانا لا يرغب سوى بايلامها وتعذيبها لسبب تجهله
فياترى من يكون يوسف جلال في تلك الشخصيتين؟




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 03:46 AM   #13

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الحادي عشر


*قصة حياة*

في الصباح الباكر وكعادته دائما نزل وليد درجات السلم بخفة ونشاط ثم توجه الى قاعة الطعام وعندما دخلها تفاجأ بأخيه وقد سبقه اليها يجلس في مقدمه الطاولة التي تحتوي الوانا عديدة من الطعام الذي يتناسب مع وجبة الافطار وقد وجده يحتسي فنجانا من القهوة, فقال له مبديا مدى دهشته وهو يجلس على يمينه: صباح الخير يا boss , ايه يابني اللي قومك بدري كدة؟
فأجاب يوسف بلهجة عملية: مانت عارف انا النهاردة بالذات لازم أكون موجود في شركة الكامل.
وليد: أوباااااا. ربنا يعديها على خير يا صاحبي. يبقا خلي بالك.موضوع زي دة مش هيفوت بالساهل.
يوسف: عارف يا سيدي, لكن ما باليد حيلة.
فقال وليد بدعابة: طبعا بقا لجل الورد ينسقي العليق, الا على ذكر الورد, مريم عاملة ايه دلوقت؟
وقبل أن يجيب يوسف, جاء صوت ناعم من خلفهما يقول: الحمد لله بخير.
نظر وليد ناحية الصوت ليجد مريم أمامه بوجهها المشرق فغلبته روح الفكاهة وقال لها: هو انتي من اللي بيتجاب سيرتهم فبييجوا ينطوا؟
فقامت مريم بتقليد صوت القطط وهي تجلس على يسار يوسف: طب نو نو
وبعد تردد لم يدم للحظات نظرت ناحية يوسف الذي كان يعط كل تركيزه للفنجان الذي بيده: صباح الخير يا يوسف
ولكن بدا ان يوسف كان أبرع منها في التمثيل حيث تحول اهتمامه كله ناحيتها في لمح البصر وأجابها بصوت حنون استطاع أن يخدع به وليد: صباح الخير يا حبيبتي. عاملة ايه دلوقت؟
مريم بصوت ضعيف: الحمد لله.
وليد: احم احم, نحن هنا, جرى ايه يا عم الدون جوان؟ ما تراعي شعورنا شوية.
أرادت مريم أن تجاري يوسف في لعبته فقالت لوليد في دعابة: نعم يا سي وليد. كمان هتستكتر عليا كلمتين حلوين؟
وليد: لا يا ستي, اولع أنا عادي يعني ولا يهمك.
فضحكت مريم وهي تقول: بعد الشر.
وهنا تحدث يوسف بنبرة جادة الى أخيه وهو يهم بالمغادرة: طب بطل غلبة بقا, وخلص فطارك عشان ما تتأخرش ع الشركة.
فأعطى له وليد تعظيم سلام وهو يقول بنبرة حاول إكسابها شكل جاد: تمام يا فندم.
: يوسف!
توجه نظر يوسف إلى مريم صاحبة النداء متسائلا فقالت له: أنا هروح الجامعة.
يوسف بتعجب: النهاردة!
مريم: اه, حياة اتصلت بيا امبارح ولما عرفت اني رجعت كانت عاوزة تشوفني هي وباقي أصحابنا عشان يباركولي. بس هما اتكسفوا ييجوا هنا فاتفقنا اننا نتقابل في الجامعة .
يوسف: أوك, خلصي فطارك وانا هوصلك.
فأسرعت مريم تهز رأسها في اعتراض: لالالا. ما تأخرش نفسك انت. شكلك مستعجل, أنا هاخد تاكسي.
يوسف بنفاذ صبر: اولا أنا مش مستعجل, ثانيا انا مش هقبل ان مراتي تركب تاكسي.
مريم بيأس: بس أنا بجد كدة هأخرك معايا أوي وخصوصا اني لسة كمان هعدي على حياة وأخدها معايا.
جذب اسم حياه انتباه وليد الذي أسرع في إعطاء الحل البديل: خلاص يا يوسف,روح انت عشان ما تتأخرش وأنا هوصل مريم
نظر اليه يوسف بشك للحظة ثم قال له وهو يغادر: أوك .ويبقا اعرف منها هتخلص امتى عشان ترجعها.ياللا سلام.
وليد ومريم: سلام.
تظاهر وليد بانشغاله بالطعام وهو يسأل مريم التي سكبت لنفسها كوبا من الشاي: الا قوليلي يا مريم, انتي تعرفي ايه عن حياة صاحبتك؟
مريم: عادي يعني, اسمها حياة محمود البدري.في سنة تالتة كلية اعلام, باباها بيشتغل محاسب ومامتها مدرسة ........
قاطعها وليد: يا بنتي كل المعلومات دي أنا اعرفها وأكتر كمان.أنا عاوز حاجة جديدة محدش يعرفها غير صديقة قريبة منها زيك.
مريم بمزاح: طب تدفع كام.
وليد: كل اللي انتي تقولي عليه يا ستي. بس خلصي.
مريم: مش قبل ما اعرف الاول انت عاوز المعلومات دي في ايه؟
وليد: أبدا يعني. فضول مش أكتر.
مريم: عليا انا بردو؟
وليد: قصدك ايه يعني؟
مريم بمراوغة: ولا حاجة, هية بنت حلال, وعسولة أوي , وتستاهل كل خير, وانت كمان تستاهل واحدة زيها. ولو اني يعني بكره دور الخاطبة دة, بس معلش كله عشان خاطر عيونكم , ولله في لله من غير أي حاجة.
قالت جملتها الأخيرة وهي تمد له يدها وكأنها تطلب نقودا.
فتبسم وليد, ولكن سرعان ما اختفت ابتسامته وهو يقول بضيق: بس مش عارف ليه حاسس كدة انها مش طايقاني ولا بتحب تتكلم معايا كأني قتلتها قتيل؟
مريم: لا قتيل ولا حاجة يا سيدي, هي بس اللي خجولة شوية, ومش بتتكلم مع شباب خالص,دة غير انها متدينة أوي.
ثم أشارت اليه باصبعها كعلامة تحذيرية: عشان كدة يا وليد لو كنت ناوي انك تتلاعب بيها أو بمشاعرها فياريت تبعد عنها.
وليد: يا بنتي أتلاعب بمين بس؟ والله أنا عاوز اتجوزها بس مش عاوز آخد أي خطوة غير لما اتأكد من مشاعرها الأول. ودي مهمتك انتي بقا يا جميل.
مريم:مممممممم, بس دي مهمة صعبة أوي بصراحة, اصل حياة دي مش من النوع دة اللي ممكن يقول كل اللي جواه كدة بسهولة.بس ولا يهمك, انا هتصرف.
وليد بسعادة: ربنا يخليكي ليا يا أحلى مراة أخ في الدنيا.
ثم نهض من كرسيه على عجل: طب ياللا بينا بقا.
مريم: على فين؟ لسة بدري.
وليد: يا ستي ,ماهو عقبال ما نوصل.
فنهضت مريم وهي تحتسي بعض القطرات من الفنجان الذي بيدها ثم تضعه على الطاولة بعجل: أوك. ياللا بينا.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
دخل يوسف شركة الكامل وهو يرد على تحيات الموظفين بكل ثقة حتى أن وصل الى مكتب عبد الرءوف الكامل فوجد هناء السكرتيرة تجلس خلف مكتبها مشغولة ببعض الأوراق: صباح الخير.
وقفت هناء وهي ترد: صباح النور يا فندم.
فسألها يوسف وهو يلقي نظرة ناحية الباب المغلق: هما جوة؟
فهمت هناء مقصده لذا أجابت: أيوة يا فندم, انا حاولت كتير أمنعهم بس مفيش فايدة, ماهر بيه زعقلي وكان عاوز يطردني.
يوسف: معلش يا هناء, انا هتصرف.المهم ما تدخليش حد علينا لحد ما اطلب منك
هناء: أمرك يا فندم
توجه يوسف ناحية الباب وفتحه, ثم أغلقه خلفه بعنف, ألقى بنظرة شاملة في الحجرة ليجد كمال وهو يجلس خلف مكتب عبد الرءوف الكامل بكل ارتياحية و ماهر ابنه يجلس على كرسي أمامه ولكنه هب واقفا على الفور عندما سمع صوت الباب ورأى يوسف أمامه, فصاح به غاضبا: انت ازاي تدخل علينا بالشكل دة من غير استئذان؟ فين السكرتارية؟ انا أصلا غلطان اني سمعت كلام بابا وصبرت على الزفتة اللي اسمها هناء دي. عن اذنك يا بابا أنا هروح أطردها.
وتوجه ناحية الباب عازما أمره فأوقفه يوسف ممسكا بذراعه بشدة وهو يقول بهدوء: مش لما نخلص كلامنا الأول.
أفلت ماهر ذراعه بعنف وهو يسأله: كلام ايه؟
أجاب يوسف وهو يتوجه ناحية الكرسي الذي كان يحتله ماهر ليجلس عليه, فجلس ماهر أمامه وهو ينظر الى والده وينفخ بغيظ, بادله كمال النظرات ثم سأل يوسف بضيق: لو قصدك على الشراكة اللي بين الشركتين, فكل حاجة هتمشي زي ما هي لحد ما نراجع الأوراق و الحسابات وبعد كدة ممكن نتفق معاك على سياسة جديدة نتعامل بيها.
يوسف: نتفق! هما مين دول اللي هيتفقوا؟
كمال: انا وانت طبعا.
يوسف: بصفتك ايه؟
كمال بكل تفاخر: بصفتي مدير الشركة الحالي, انت عارف طبعا ان عبدالرءوف بيه مسافر في رحلة علاج.
يوسف: معاك ورق بالكلام دة؟
كمال: ورق ايه؟
يوسف: يعني توكيل عام مثلا أو ع الأقل توكيل بإدارة أعماله.
فقال كمال متلجلجا: موضوع سفره جه بسرعة وأكيد ما لحقش يعمل كل دة, بس انا جوز بنته وبما انه ملوش اولاد فطبيعي ان انا اللي امسك كل حاجة في غيابه.
فقال يوسف وهو يضع قدما فوق الأخرى بكل ثقة: بس دة لما أكون أنا مش موجود.
ماهر باندهاش: قصدك ايه يعني؟ وانت ايه دخلك في حاجة زي كدة؟
يوسف بابتسامة مستفزة: أبدا, بس شكلك لسة ما تعرفش ان عبدالرءوف بيه عملي توكيل عام رسمي وموثق في الشهر الxxxxي, يعني أكيد راجل أعمال في خبرة عبدالرءوف الكامل مش ممكن يسيب أمواله وشركاته كدة من غير ما يختار حد يحل محله يكون أد المسئولية
ثم استطرد بلهجة خاصة: والاهم من كل دة انه يكون أهل للثقة.
كمال بغضب جامح: مستحيل! أكيد التوكيل دة مزور.
يوسف: تقدر بنفسك تسأل شريف حمدي المحامي وهو هيأكدلك كلامي.
فقال ماهر الذي عقدت المفاجأة لسانه للحظات وهو ينهض بهجوم حاد: جدي أكيد اتجنن, واحنا هنطعن في التوكيل دة.
فقال يوسف بلا مبالاة وهو ينهض من مكانه ويتجه ناحية الكرسي الذي يجلس عليه كمال: ولحد ما دة يحصل بقا, فالكرسي دة يبقا من حقي.
فاستعد ماهر لقتال يوسف وهو يقول: نجوم السما اقربلك.
ولكن أوقفه صوت كمال الذي كان قد ترك كرسيه: ماهر! بلاش تهور, أنا هيكون ليا تصرف تاني. ياللا بينا.
وعندما وصل الى باب المكتب أعاد نظره الى يوسف الذي كان قد جلس خلف المكتب وشرع في فتح بعض الأوراق: بس لسة الكلام بينا ما خلص.
يوسف بنظرة سريعة: وانا في الانتظار.
وخرج الاثنان فرفع يوسف سماعة الهاتف الذي أمامه وضغط بعض الازرار,ثم قال: اطلبيلي فنجان قهوة يا هناء, بس بسرعة, وبعدين بلغي مديرين الأقسام كلهم ان فيه اجتماع بعد نص ساعة.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
جلست مريم مع صديقاتها في كافيتريا الجامعة وهي تقول متصنعة الحزن بشكل طفولي: بس انتو بجد طلعتو اندال آخر حاجة, بقا كدة يعني مفيش ولا واحدة منكم تحضر فرحي!
هالة: معلش بقا يا مريومة مانتي اكيد مقدرة الظروف.ماهو لو كنتي عملتي الفرح هنا كنا أكيد هنحضر كلنا.
سلمى: بس سيبك من كل دة, انتو ليه مش قضيتوا شهر عسل يعني؟ وازاي كدة تسيبوا البيت من تاني يوم جواز,؟ دة ايه يختي الجواز اللي ع الطريقة الحديثة دي؟
فضربتها نورا على ظهرها بخفة وهي تنهرها: وانتي مالك يا باردة؟
سلمى: الله ,مش صابحتي وعاوزة أطمن عليها؟!
مريم: ماهو يوسف بقا كان عنده شغل ضروري وما كنش ينفع اننا نسافر, دة غير ظروف جدو اللي جات فجأة دي.
هالة: ربنا يرجعهولك بألف سلامة يا حبيبتي.
مريم: يارب.
وسألتها نورا بدلال: الا قوليلي بقا يا مريومة يا حبيبتي, ياترى الجواز حلو أوي كدة زي ما بيقولوا عليه؟ يعني أقول للواد أدهم ابن عمي دة ييجي يتقدم ولا أطفشه؟
فردت هالة بالنيابة مغيظة صديقتها: لا يختي,ما تتعبيش نفسك, هو أكيد بعد ما يغير النضارة هيطفش لوحده.
ضحكت الفتيات جميعا ما عدا حياة التي لاحظتها مريم فسألتها: مالك يا حياة؟ انتي لسة بردو زعلانة مني؟
هالة: زعلانة! ليه انتي عملتي اي يا مريم؟
مريم ببراءة: ولا حاجة والله, كل اللي حصل اننا اتفقنا اني هاخد تاكسي وأعدي عليها, بس اتفاجئت بقا ان وليد أخو يوسف عرض عليا انه يوصلني وطبعا طلبت منه اننا نعدي على حياة فأول ما شافته ما كنتش راضية تركب معانا لحد ما اتحايلت عليه ومن ساعتها ومش عاوزة تكلمني وطبعا مش محتاجة أقولكم انها كانت مصدرة الوش الخشب لوليد طول الطريق.
حياة بغضب مكتوم: كان لازم تقوليلي يا مريم.
مريم: والله كان غصب عني, الموضوع جه فجأة ,وبعدين يا ستي انا اسفة,بكرة العربية بتاعتي هتيجي من البلد ,ومش نحتاج لخدمات وليد تاني,مع اني شايفة يعني انه ما عملش حاجة لكل دة,بالعكس دة كان في منتهى الذوق والأخلاق.
فسألتها سلمى: هو اللي كنتم راكبين معاه دة هو وليد أخو يوسف.
مريم: أيوة يا ستي.
سلمى بمرحها المعتاد:معقول! دة زي القمر, ما تعرفيني عليه يا بت يا مريم. وليكي الأجر والثواب من عند الله بقا.
مريم وهي تنظر الى حياة بنظرة ذات معنى: كان على عيني يا سوسو, بس واضح كدة ان اختار خلاص.
وكذلك توجه نظر سلمى الى حياة وهي تقول: ماشي يا ستي, واحنا نكره يعني! ربنا يهني وليد بحياة, يوه قصدي سعيد بسعيدة.
بدا على حياة الضيق الشديد, وقالت وهي تهم بالنهوض: وبعدين معاكم بقا. والله لو ما سكتوا لاسيبكم وامشي.
فجذبتها هالة من يدها لتعيدها الى كرسيها: استني بس يا حياة. معلش حقك عليا انا, وانتو كمان يا بنات, بلاش الكلام دة ,انتو عارفين ان حياة بتزعل بسرعة.وكمان احنا عارفين انها مش بتاع حب وكلام فاضي من دة.
مريم: بس وليد قصده شريف فعلا, ومستني موافقتها عشان يروح يتقدملها.
وعندما سمعت حياة ذلك أخذت حقيبتها ونهضت في عجل وهي تغالب دموعها: طب عن اذنكم يا بنات.
هالة: رايحة فين بس يا حياة؟ احنا لحقنا نقعد مع بعض؟!
لم تجب حياة التي أسرعت في الابتعاد عنهم, فقالت سلمى: والله مانا عارفة البت دي مالها؟ كل ما تيجي سيرة الجواز تتعصب مرة واحدة وتسيبنا,ما تكونش بتحب والهوا ماجاش سوا؟
فقالت مريم وهي تنهض وتغادرهم في عجل: يا شيخة اتلهي, عن اذنكم انا هروح أشوفها.
استطاعت مريم أن تلحق بحياه فأمسكت ذراعها وهي تتنفس بصعوبة: حياة! انتي يا بت, استني بس.
توقفت حياة فرأت مريم الدموع بعينيها فأخذتها بحضنها وهي تهمس لها: حياة حبيبتي, فيه ايه بس؟ طب قوليلي ممكن أساعدك, والله ما حد هيخاف عليكي أدي.
فقالت حياة وهي تشهق من البكاء: أنا هقولك كل حاجة يا مريم, لاني بجد أنا خلاص تعبت أوي.
مريم: ماشي يا حبيبتي بس تغسلي وشك الاول ,وبعدين نشوف مكان نقعد فيه برة الجامعة عشان نعرف نتكلم براحتنا.
فهزت مريم رأسها باستسلام كمن ليس بيده حيلة, وقد كانت كذلك بالفعل.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في مكتب يوسف بشركة الكامل وبعد انتهائه من الاجتماع الذي عقده مع رؤساء الاقسام وقد ألقى بتعليماته ثم شكر الجميع وأذن لهم بالانصراف, وبعد أن خرجوا جميعا جاءته هناء السكرتيرة لتقول له: يوسف بيه, فيه واحدة برة اسمها علياء هانم طالبة تقابل حضرتك.
فأشار لها يوسف وهو يعود الى كرسيه خلف المكتب: خليها تتفضل.
هناء: حاضر يا فندم.
وخرجت هناء لتدخل بعدها بلحظات تلك المدعوة علياء وقد بدا عليها أنها قاربت على الثلاثين , وقد منحتها الطبيعة قدر وافر من الجمال والأنوثة التي حاولت اظهارها بكافة وسائل الزينة مع االثياب الضيقة والقصيرة.وشعرها الأسود القصير الذي صففته بأحدث التسريحات ,وأضف الى ذلك العطر الفواح الذي تضعه وفور أن رآها يوسف هب واقفا وهو يقول بابتسامته الساحرة: معقول! برنسيس علياء بنفسها تشرفني في مكتبي المتواضع؟
فعقدت علياء ما بين حاجبيها قائلة وهي تجلس على الكرسي أمامه: يعني انت كنت بتسأل؟! لا وايه أقوم مرة واحدة كدة على خبر جوازك.
يوسف: انتي عرفتي؟
علياء: والمفروض اني ما كنتش أعرف, عشان حضرتك تفضل تضحك عليا زي مانت عاوز. انت فاكر ان مفيش رجالة في الدنيا غيرك؟
يوسف بنظرة ثافبة بها بعض الغرور: ما بلاش الكلام دة يا علياء, انتي عارفة كويس ان لو كان غيري دة أحسن ما كنتيش هتبقي في مكتبي دلوقت.
علمت علياء بأن طريقتها لن تجدي نفعا بالنسبة لارادة ذلك الرجل الحديدية, فقررت اتباع وسيلة أخرى, لذا أمالت للامام باتجاه يوسف وهي تقول له بدلال: بقا كدة يا يوسف؟ هو دى جزاءي يعني اني حبيتك ومش قادرة اتصور حياتي من غيرك؟ تقوم تعمل فيا كدة وتتجوز؟ واللي انت اتجوزتها دي تبقا أحلى مني يعني؟
أخذ يوسف نفسا عميقا قبل ان يجيب: علياء .كل اللي انا عاوزك تفهميه كويس ان الجوازة دي كانت جوازة مصلحة, يعني تقدري تسميها صفقة مش اكتر.
علياء بعدم تصديق: صفقة! وعاوزني انا اصدق الكلام دة!
يوسف: تصدقي أو لا دي مشكلتك مش مشكلتي , بس انا اللي عندي قلته.
علياء: بس يا يوسف انا اللي اعرفه بقا ان كل صفقة بيبقا ليها ميعاد محدد تنتهي فيه,يا ترى انت بقا جوازك من النوع دة ولا من نوع الى الابد الى الابد؟!
يوسف: انتي كدة بدأتي تفهميني, انا فعلا ناوي انهي جوازي بعد فترة,بس لما يحصل اللي انا عاوزه الأول.
علياء: واللي هو ايه ؟
يوسف: لا. دي بقا حاجة خاصة بيا انا.
علياء: اوك يا يوسف, بس لازم توعدني اننا نتجوز بعد ما تطلق الست هانم بتاعتك.
يوسف: لا. جواز ايه؟ اللي انا شفته من الجوازة دي كفاية اوي, انا لا بتاع جواز ولا نيلة.
علياء بسخرية: ياااااه. وهي العروسة لحقت تسد نفسك على طول كدة؟ ولا ما تكونش المدام كانت.........
فقاطعها يوسف بصرامة وقد هب واقفا من شدة الغضب: علياء! انا مش هسمحلك تقولي كلمة تانية.
فقالت علياء وهي تتمهل في وقفتها: وكمان بتغير عليها؟!
يوسف: الست اللي انتي بتتكلمي عليها دي لسة على ذمتي وشايلة اسمي يعني أي كلمة هتتقال عليها هتمسني.انتي فاهمة؟
علياء: فاهمة يا حبيبي, المهم ان ما يجيش اليوم اللي أحس فيه اني خسرتك, وانك هتفضل معايا على طول. آه, قبل ما انسى انت معزوم عندي يوم الخميس الجاي.
يوسف: ليه؟
علياء: اولا يا سيدي انت مش محتاج مناسبة عشان تيجي شقتي,ومع ذلك فانا عاملة بارتي عشان عيد ميلادي, ولا دة كمان انت نسيته؟
فقال يوسف وهو يحاول ان يتذكر: وهو انتي بتعملي عيد ميلادك كل اربع شهور؟
علياء: اخص عليك يا يوسف, دة بدل ما تقولي كل سنة وانتي معايا يا حبيبتي؟ المهم بقا اوعى ما تجيش؟
يوسف متبسما: وهو انا اقدر بردو؟! اه الا قوليلي, انتي عرفتي اني هنا ازاي؟
علياء: ابدا, بعد ما تعبت من الاتصال على موبايلك و يديني كل مرة مغلق اتصلت بشركتك فردت عليا السكرتيرة وقالتلي انك مسكت ادارة الشركة هنا لحد ما يرجع عبدالرءوف الكامل, وكانت عاوزة تحولني على اخوك. بس الحقيقة انا مش برتاحله, عايشها جد كدة ومش طالعلك خالص.
يوسف: ما يمكن دي تكون احسن حاجة فيه.
بدا ان علياء لم تفهم جملته الاخيرة, فقالت وهي تهم بالرحيل: اوك يا بيبي همشي انا بقا عشان مش عاوزة اعطلك. بس اوعى تتأخر ع الحفلة؟
يوسف: اكيد.
علياء: ياللا,سلام.
يوسف:سلام.
وبعد ان غادرت علياء ,جلس يوسف مرة اخرى على كرسيه وقد بدا عليه الارهاق الشديد, ومرة أخرى يرفع سماعة الهاتف ويطلب من هناء فنجان قهوة أخر, ثم ضغط على بعض الارقام في الهاتف وانتظر الرد: وعليكم السلام....ما تقلقش كل حاجة مشت تمام....وانت الشغل عندك عامل ايه؟....تمام أوي....قولي وصلت مريم وقالتلك هتخلص امتى؟.....لالالا خلاص ما تشغلش بالك أنا هكلمها.....اوك يا صاحبي سلام.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
جلست مريم وحياة حول طاولة صغيرة بكافيتريا تطل على النيل في مكان بعيد نسبيا عن باقي الطاولات حيث لا يستطيع احد غيرهما سماع ما يقولانه,وعندما رأت مريم صديقتها مترددة,قالت لتستحثها على الكلام: ها, احكيلي بقا يا ستي مالك؟
فقالت حياة وقد هربت الدماء من وجهها فبدت كالأموات: هقولك كل حاجة يا مريم, بس اوعديني ان اللي هقوله دة هيفضل سر بينا.
مريم: اوعدك.
بدأت حياة تسرد قصتها وقد بدا الألم واضحا في كل كلمة تقولها وكأن ذكريات ما حدث لها تمر أمام عينيها الأن كشريط سينمائي: شوفي يا ستي, اولا لازم تعرفي انا كنت ايه زمان؟ ما كنتش اكتر من بنت مستهترة دلوعة امها بقا, بنت جات بعد حرمان سنين من الخلفة, عمرها ما رفضلتي طلب بالرغم من معارضة بابا دايما لان كل دة كان مخالف للعادات والتقاليد اللي اتربى عليها في الصعيد, ولكي أن تتخيلي بقا لبس ضيق جيب قصير ولو استبدلتها فأكيد ببنطلون استرتتش او جينز, وطبعا الحجاب دة كنت بشوفه على زمايلنا من بعيد لبعيد من غير حتى ما افكر اني اتحجب زيهم ولو من باب التقليد زي ما كنت بعمل كدة مع بنات الموضة, لا وكمان كنا بنتنافس على احدث الصيحات. لحد ما دخلت الجامعة وقابلت عماد.
فسألت مريم وكانت في حالة من الذهول لما تسمعه: عماد مين؟
حياة: شاب كان في تالتة كلية تجارة ابن شاكر عزالدين, رجل الاعمال المشهور. بس ايه بقا؟ دة ابنه الوحيد ,يعني كان مقضيها من لبس شيك وعربيات احدث موديل وفسح وخروجات وما كنش فيه بنت تقدر تقوله لا لما يشاورلها, الحقيقة انا من اول ما شفته كنتش مستريحاله, وهو بقا من اول ما شفني وقرر انه يضمني لقايمة المعجبات بتوعه, حاول معايا مرة واتنين وتلاتة بس طبعا ما قدرش ياخد مني لا حق ولا باطل لحد ما اتعرفت على نهال,او بمعنى اصح هي عرفتني عليها,ياللا منها لله بقا.
مريم: ومين نهال دي كمان؟
حياة: دي بقا يا ستي كانت طالبة في سنة تالتة كلية اعلام معايا, ابوها وامها مهندسين بس بيشتغلوا في قطر ,وهية قاعدة هنا لوحدها مع جدتها, وطبعا تعويضا لبعدهم عنها, كل حاجة مجابة ,وفلوس ملهاش عدد,كانت تقريبا اشيك بنت عرفتها, المهم انجذبت ليها جدا وهي كمان كانت بتتعامل معايا بود وتلقائية لحد ما بقينا اصحاب اوي, او بمعنى اصح لحد مانا افتكرت اننا بقينا اصحاب.
مريم لتحسها على الاستمرار وهي ترى صديقتها وقد اختنق صوتها على وشك البكاء:ها وبعدين؟
حياة وقد تركت العنان لدموعها: لحد ما جه اليوم وعزمتني على حفلة عيد ميلادها .والحقيقة ان بابا عمره ما كان بيوافق اني اروح حفلات. بس لانها كانت صاحبتي اوي اتحايلت على ماما لحد ما وافقت من ورا بابا طبعا اللي وقتها كان في البلد لسبب مش فاكراه .
مريم وقد رقت لحال صديقتها ولكنها تريد ان تصل الى حقيقة الامر: ها وروحتي؟
بدا صوت حياة كالنحيب وهي تقول: وياريتي ما روحت.
مريم: ليه؟ ايه اللي حصل.
وجدت حياة بعض الشجاعة والقوة لا تزال لديها لتكمل: روحت شقتها اللي كانت اول مرة في حياتي ادخلها وآخر مرة, ولما مالقتش حد في الشقة غيرها استغربت لكنها قالتلي ان لسة الوقت بدري وان كلها ربع ساعة وباقي اصحابها هييجو اما جدتها بقا فقالتلي انها عند عمها لانها طبعا ست كبيرة ومش هتستحمل جو الحفلات والدوشة, واقترحت عليا تعملنا كوبايتين عصير لحد ما الباقيين ييجو ونبدأ الحفلة فوافقت. وجابت العصير وشربته وبعدها حسيت ان الدنيا بتلف بيا وبعدها, ما حستش بحاجة تاني.
مريم: مخدر؟
حياة: اه ما هو دة اللي عرفته بعدين,بس بعد ما ضعت.
مريم: ايه اللي حصل؟
اغمضت حياة عينيها بشدة وكأنها تريد ان تمحي تلك الذكرى الاليمة منه ذكرياتها: لما صحيت لقيت نفسي كنت نايمة على سرير في اوضة نوم غريبة, والصدمة الحقيقة كانت لما شفت عماد معايا في نفس الاوضة.
فهتفت مريم: في شقتها؟ كانت متفقة معاه ييجي شقتها؟
فابتسمت حياة رغما عنها من براء مريم: شقتها ايه بقا؟ دي كانت شقته هو, تقدري تقولي انهم كانوا متفقين مع بعض عليا.
مريم:طب وبعدين انتي عملتي ايه؟
حياة: العادي اني ثورت وزعقت وهددت ساعات وتوسلت ساعات تانية,لكن الندل هيفضل طول عمره ندل.
مريم: طب وهما راحوا فين دلوقت؟
حياة: اللي سمعته بعد كدة انهم بعد ما خلصوا جامعة هو سافر لبنان عشان يمسك فرع الشركة بتاعتهم هناك وهية سافرت تقعد مع باباها ومامتها.
مريم: طب وانتي يا حياة؟
حياة: انا ايه يعني؟ هفضل زي مانا. عرفتي انا ليه بقا برفض اي عريس يجيلي؟ عرفتي ليه بقا انا بعامل وليد بالطريقة دي؟ عشان مش عاوزاه يتعلق بيا اكتر من كدة يا مريم,لانه ما ينفعش.
مريم: طب وباباكي ومامتك مش عارفين طبعا مش كدة؟!
حياة: وانا مجنونة عشان اقولهم حاجة زي دي؟ انتي نسيتي ان بابا صعيدي؟ والله اعلم بقا ممكن رد فعله يكون ازاي؟
مريم: بس انتي ملكيش اي ذنب في اللي حصل.انتي كنتي ضحية.
حياة باستنكار: مين اللي قالك كدة؟ دة انا اللي سهلتلهم كل اللي عملوه معايا. انا اللي كل تصرفاتي ولبسي كانوا بيقولوا اد ايه انا بنت مستهترة متاحة للجميع, بعدي عن ربنا وعن الحجاب خلاني قريبة اوي من الوحوش اللي بتنهش في الاعراض.تعرفي يا مريم انا بعد اللي حصلي دة اتأكدت اد ايه ان ربنا بيحبنا اوي,يعني لما بيأمرنا بحاجة او ينهينا عن حاجة تانية بيكون عشان دة في صالحنا. يعني لما امرنا بالحجاب ونهانا عن التبرج ما كنش عشان مش عاوزنا نبان حلوين او عشان نكون متخلفين ونبعد عن الموضة,لا بالعكس مع اني شفت بنات محجبة ولبسهم عسول اوي وشيك ,ربنا امرنا بالتستر عشان احنا جواهر ولازم تتصان.
فضغطت مريم على يد صديقتها بحنان: عندك حق.
حياة: مريم! انا ممكن اطلب منك طلب؟
مريم: اكيد يا حبيبتي أؤمري.
حياة برجاء: خلي وليد يبعد عن طريقي, فهميه ان انا مش انسانة مناسبة ليه, بالله عليكي يا مريم خليه ما يفكرش فيا لا بحلو ولا بوحش.
وقبل ان تجيب مريم طلب حياة رن هاتفها, فردت: السلام عليكم...ايوة يا يوسف انا مع حياة...لا احنا خرجنا وروحنا كافيه ع النيل....ليه؟ هو فيه حاجة؟....اوك خد العنوان.........
واخبرته مريم باسم الكافيه وعنوانه.
ثم انهت المكالمة: ماشي مستنياك
حياة: فيه حاجة يا مريم؟
مريم بحيرة: معرفش كان المفروض ان وليد هو اللي هييجي ويرجعني الفيلا بس يوسف اتصل وقال ان هو اللي هييجي. ومش عارفة ايه السبب؟ وربنا يستر بقا.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 03:47 AM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثاني عشر

*حياة على المحك*

كانت مريم تركب في السيارة بجوار يوسف في صمت تام الى ان سألته وهي تدير وجهها اليه فجأة وبعصبية دلت على مدى ما تكتمه من غضب: ممكن بقا اعرف احنا رايحين فين دلوقت؟
فرد يوسف بهدوء ودون ان يحول نظره عن الطريق أمامه: لو صبرتي شوية أكيد هتعرفي.
ثم التوى فمه بسخرية وهو يقول: ما تخافيش, اكيد مش بخطط اني اخطفك. فياريت تهدي.
احمر وجه مريم غضبا من توبيخه المبطن, ولكنها لم تتمكن في هذه اللحظة من ان ترد له الصاع صاعين كما كانت ترغب لأن السيارة توقفت فجأة فنظرت مريم أمامها, ولفرط دهشتها رأت أنهما توقفا أمام أحد معارض السيارات, لم تستطع ان تخمن السبب ولم يترك لها يوسف الفرصة لتستفسر عن حقيقة الأمر حيث كان قد خرج من السيارة ودخل المعرض, اما هي فمن موقعها استطاعت ان ترى مدى ترحيب صاحب المعرض به, بالطبع فيوسف جلال ليس بالزبون الهين لأي تاجر, وما هي الا دقائق معدودة حتى عاد يوسف وطلب منها الترجل من السيارة فوافقت مريم على مضض وفي عقلها العديد من التساؤلات. اتجه بها داخل المعرض وقدمها لصاحب المعرض ذو الابتسامة التي قد حرص على ان لا تفارق وجهه: مريم الكامل, المدام.
صاحب المعرض: اهلا وسهلا يا فندم, احنا عندنا هنا احدث الموديلات اللي اتمنى انها تعجب حضرتك, وان شاء الله مش هتخرجي من هنا الا لما تلاقي طلبك.
كانت مريم تجهل تماما عما يتحدث عنه فلم تعلم بما يمكنها ان تجيب, وبالطبع تولى يوسف ذلك فقال للرجل: ان شاء الله. ممكن بقا انا والمدام ناخد جولة لوحدنا كدة في المعرض.
فأسرع الرجل: طبعا طبعا يا يوسف بيه, المكان مكانك , اتفضل حضرتك ولو احتجتني هتلاقيني في خدمتك.
يوسف: متشكر
وتركهم الرجل ورحل, فجذب يوسف مريم من يدها وكأنها طفلة يسحبها خلفه حتى وصلا الى مجموعة من السيارات الفاخرة باهظة الثمن ,فأفلتت مريم يدها بعنف وهي تقول له بصوت منخفض بحيث لا يستطيع احد العمال سماعهما ولكنه كان يحمل الكثير من الغضب: سيب ايدي. ولازم تفهم اني مش هتحرك خطوة تاني غير لما اعرف احنا بنعمل ايه هنا بالظبط.
يوسف: تفتكري الناس بتروح معرض السيارات ليه؟
تجاهلت مريم السخرية اللاذعة التي يحملها كلامه وسألته: لو كنت عاوز تشتري عربية, افتكر دي حاجة ما تخصنيش. وما كنش لازم تجيبني معاك.
فقال يوسف بنبرة جادة: معاكي حق. فعلا ما كنش لازم اجيبك معايا, بس انا قلت ان يمكن يكون دة حقك في انك تختاري العربية اللي المفروض هتكون بتاعتك.
مريم: بتاعتي انا!,ومين قالك اني عاوزة عربية؟ انا عندي عربيتي.
يوسف مصححا: قصدك عربية جدك اللي خلاها تحت امرك.
مريم بتحدي: جدو اشترى العربية دي مخصوص عشاني وكاتبها باسمي, يعني بقت عربيتي.
يوسف باصرار: ولو. انا مقبلش ان حد يصرف على مراتي طول ما هي شايلة اسمي حتى جدها نفسه.
مريم وقد أصرت على الاستمرار في عناده: بس انا بقا عجباني العربية اللي اشترهالي جدو,وانا مش عاوزة عربية غيرها.
يوسف: اوك, يبقا انتي حكمتي على نفسك يا مريم. وهو انك مش هتخرجي من البيت الا معايا,لان عمري ما هسمحلك انك تركبي العربية دي تاني.
فعلا صوت مريم قليلا: هو انت عاوز تتحداني وخلاص؟
يوسف بحزم: مريم! اولا صوتك ما يعلاش . وثانيا انا أكبر من اني اتحداكي. فاتقي غضبي واعملي اللي بقولك عليه وانتي ساكتة.
لا تعلم ان كان ما شعرت به الآن هو الغضب أم الخوف؟ اهو الغضب من اصراره الدائم على الامتثال لاوامره حتى وان كانت رغم ارادتها؟ أم الخوف من تلك النظرات اللاهبة والمتوعدة التي رأتها في عينيه ان هي خالفت أوامره؟
ولكن ما كانت تعلمه حق العلم ,ان ذلك ليس بالوقت المناسب لعصيان اوامره. وبالفعل تجولت معه بين السيارات مرغمة الى ان وقع اختيارها على احدى السيارات ,أو بمعنى أدق لقد كان اختياره هو.فهو دائما صاحب الكلمة الأخيرة.
توجها بعد ذلك الى مكتب صاحب المعرض وأخبره بقرارهما ثم وقع معه عقد السيارة وكتب له شيكا بالمبلغ المطلوب وقد اتفقا على موعد التسليم. شكر يوسف الرجل, ثم أخذ مريم وغادرا بسيارتهما من جديد ,ولكن تلك المرة كانت مريم على علم بوجهتهما.حيث قرر سجانها ان الوقت قد حان للعودة الى المنزل.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أما وليد الزوج المثالي لأي فتاة تحلم بالاستقرار والبيت السعيد من وجهة نظر مريم بالطبع, فكان يجلس أمام التلفاز يشاهد مباراة لكرة القدم.
يوسف: مساء الخير.
رد وليد بعد أن ألقى عليهما نظرة سريعة ليعود مرة أخرى للتركيز على المبارة التي كانت تحتل كل اهتمامه في تلك اللحظة: مساء النور. اتعشيتوا ولا لسة؟
فرد يوسف وهو يجلس بجوارة لمتابعة المبارة كذلك: انا عن نفسي ماليش نفس.
فقالت مريم: وانا كمان,تصبحوا على خير.
وليد: وانتي من أهله.
وبعد أن صعدت مريم لغرفتها,فسأل وليد دون أن يبعد نظره عن التلفاز: شكلك زعلتها.
يوسف بعدم فهم: هي مين دي؟
وليد: أكيد بتكلم عن مراتك.
يوسف بدون اهتمام: اصلا كدة كدة, مفيش حد يقدر يرضي أي ست, صدقني يا صاحبي واسأل مجرب.
وجد يوسف أخيه قد ترك المباراة ليركز نظره عليه وهو يقول بلهجة مليئة بالازدراء: مجرب مع مين بقا؟ اوعى تكون تقصد الاشكال اللي كنت تعرفها؟ ياريت يا صاحبي تقدر تفرق. واياك في يوم تفكر انك تقارن مراتك بأي واحدة تانية عرفتها قبليها.فاهمني؟
أراح يوسف ظهره الى الخلف وهو يقول بفكر شارد: مراتي!
وليد: اه مراتك يا يوسف, ولا دي نسيتها هي كمان؟
تدارك يوسف خطأه سريعا: لا ,بس لسة الكلمة جديدة على وداني.تصبح على خير.
ثم نهض يوسف وتوجه ناحية السلم,فقال وليد بصوت لا يسمعه غيره: ربنا يهديك يا يوسف وييجي اليوم وتقدر النعمة اللي في ايدك.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي مكان آخر بأحدى الشقق الفاخرة كان ماهر يجلس مع علياء ويحتسيان أحد انواع الخمور, فسألته علياء بخبث: قولي بقا ناوي تعمل ايه تاني؟
ماهر بابتسامة شيطانية: وهو انا كنت لسة عملت اولاني؟!
علياء: طب ما ترسيني ع الحوار وتخليني معاك في الصورة.
فهمس ماهر باذنها وهو يفرك شعرها بيده: هيحصل يا جميل.وهو انا بردو اقدر اعمل حاجة من غيرك؟!
ثم ابتعد عنها قليلا وقد تغيرت ملامحه والتمعت عيناه بالشر وهو يصر على اسنانه: وديني يا يوسف لاقلب حياتك لجحيم.
علياء: وانا معاك.عشان يبقا يشبع بالسنيورة بتاعته. ها قولي بقا.
ادار ماهر وجهه اليها: هقولك. بس ركزي اوي بقا عشان مفيش مجال للغلط.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نعود مرة اخرى الى فيلا يوسف جلال ويتكرر المشهد على طاولة الطعام حيث يجلس وليد يتناول فطاره ,فدخلت عليه مريم تقول: صباح الخير.
وليد: صباح النور يا مريم, اقعدي افطري
وبالفعل جلست مريم: لا,بالهنا والشفا.انا هشرب شاي بس.
وسكبت لنفسها كوبا من الشاي,وترددت قليلا قبل ان تسأل: هو يوسف متعود انه ينزل الشغل بدري كدة؟
وليد:لا. بس الايام دي لها وضع خاص.لانه بقا المسئول عن شركة الكامل بعد التوكيل اللي عمله جدك,وطبعا يوسف لازم يثبت انه اد المسئولية وخصوصا بعد العك اللي كان عمله جوز عمتك وابنه.
بدت الدهشة على وجهها: توكيل! هو جدو عمل ليوسف توكيل؟
وليد: انتي ما كنتيش تعرفي؟
مريم: لا.
وليد: اصل جدك يا ستي خاف ان في غيابه ممكن ان جوز عمتك يضيع كل حاجة,عشان كدة فكر ان يوسف هو الوحيد اللي هيقدر يقف قصاده.
مريم: تمام.
وبعد صمت لم يدم طويلا سألها وليد: مريم! انتي كلمتي حياة؟
تصنعت مريم الجهل فسألته: كلمتها؟ في ايه؟!
وليد: في موضوعي طبعا.
حاولت مريم التهرب: انت مستعجل على ايه؟ هو الجواز هيطير؟
وليد: وما استعجلش ليه بقا؟ انا والحمد لله جاهز من مجاميعه, ومش ناقصني حاجة,وهي والحمد لله في سنة تالتة دلوقت يعني كلها سنة وتخلص, يبقا هنستنا ليه بقا؟
مريم: اصل شكل حياة كدة مش بتفكر في الموضوع دة دلوقت.
وليد باصرار: يبقا جه الوقت اللي تبتدي تفكر فيه.
مريم بقلق: يعني ايه؟
وليد: يعني لو انتي مش هتقدري تخلصي الموضوع دة يا مريم, فاسمحيلي اني اكلم باباها.
مريم: طب افرض هي مش موافقة؟!
وليد بثقة زائدة: ليه بقا؟ وهو انا فيا ايه غلط عشان ترفضني؟ ولا ما يكونش فيه في حياتها حد غيري؟ مريم! صارحيني. هي قالتلك انها بتحب حد تاني؟
تلعثمت مريم وهي تجيب: هه! حد تاني! لا طبعا.
وليد وقدبدأت لهجته تزداد حدة: امال فيه ايه بقا؟ مالك بتقفليها ليه؟
مريم: ابدا والله يا وليد مش بقفلها ولا حاجة. دة انت حتى اخوية وبتمنالك كل سعادة, وحياة كمان اكتر من اختي والله وبتمنالها الخير. بس دي مسألة جواز يعني مش حاجة سهلة وانتم لازم تفكروا كويس قبل ما تاخدوا اي خطوة جادة.
فابتسم وليد وهو يعتذر: انا اسف يا مريم لاني اتعصبت عليكي, بس انتي لازم تفهمي كويس اوي اني مش باخد اي قرار في حياتي غير لما بكون واثق منه تماما. وانا متأكد ان حياة هي انسب واحدة ليا, انتي ما تعرفيش اد ايه انا بفكر فيها, من اول ما شفتها وهي محتلة كل تفكيري, انا فعلا قبل ما اعرفها موضوع الجواز دة ما كنش في دماغي اصلا, لكن بعد ما ظهرت في حياتي وهي صورتها على طول بتطاردني, هي الانسانة الوحيدة اللي عاوز اكمل معاها بقية حياتي واللي ممكن اثق انها هتشيل اسمي وتحافظ على سمعتي كويس اوي.
شعرت مريم بالدموع تملأ عينيها, فلقد هز كلام وليد كل كيانها واحساسها, فمن ناحية شعرت بالأسف تجاه صديقتها ومن ناحية اخرى ارادت ان تبكي لحالها, فلقد كانت تتمنى ان تتزوج رجلا يرغب بها ويحبها بتلك القوة ويسمعها ذلك الكلام الذي يمكنه ان يذيب عناد اي امرأة, ولكنها قررت ان مشكلة حياة هي الأن أهم عندها وأجدر بتفكيرها, فسرحت قليلا باحثة عن حل الى ان قالت لوليد الذي كان قد انهى فطاره ويحتسي الأن كوبا من الشاي على استعداد للرحيل: وليد!
وليد: نعم.
مريم: افرض مثلا انك اكتشفت ان حياة كانت على علاقة بحد غيرك, ساعتها هتعمل ايه؟ هتسيبها وتصرف نظر عن جوازك منها, ولا ممكن تسامحها ع الماضي وتبدأ معاها صفحة جديدة؟
وليد: اولا مفتكرش ان حياة من النوع دة, خجلها وبراءتها بيقولوا ان عمرها ما عرفت شاب قبل كدة, ويمكن دي اكتر حاجة عجباني فيها.
مريم: انا بقول افرض
وليد: ولو على سبيل الافتراض زي ما بتقولي فدة بيرجع لنوع العلاقة دي, يعني لو الحب الافلاطوني اللي بيحصل لكل المراهقين دة فكلنا مرينا بيه وعارفين انه بيبقا مجرد فترة وبينتهي ودي اكيد يعني مش حاجة هحاسبها عليها.
مريم بتردد: لا انا قصدي............
فقاطعها وليد بعد ان القى نظرة سريعة ناحية ساعة يده فنهض على عجل: معلش بقا يا مريم, انا اتأخرت ع الشغل, يبقا نكمل كلامنا بعدين بقا, سلام.
ثم أخذ حقيبة يده ورحل
مريم بصوت منخفض وفكر مشغول: مع السلامة.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في بيت محمود البدري كانت حياة في المطبخ مع والدتها تساعدها في تجهيز الغداء الذي أوشك على الانتهاء, فقالت الأم"مها" لحياة وهي تتذوق الأرز: سيب اللي في ايدك انتي يا حياة,وروحي غيري هدومك عشان ابوكي زمانه جاي وعلاء معاه.
فقالت حياة بتذمر: علاء! وهو كل يوم يا ماما؟
فنهرتها مها بلطف: عيب يا حياة,دة ابن عمك بردو.
حياة: ايوة يا ماما,ابن عمي دة على عيني وعلى راسي,بس يكون كدة وبس.
مها: قصدك ايه يعني؟
حياة: قصدي يا ماما اني بدأت احس ان بابا بيفكر بطريقة تانية
مها: طب وفيها ايه يعني؟ وانتي تطولي اصلا؟ دة باشمهندس اد الدنيا وكمان عنده شقة قريبة مننا يعني مش هتبعدي عندي. وعلاوة على كدة دة ابن عمك واكتر واحد هيخاف عليكي.
حياة: اه يا ماما,بس انا مش بفكر في الموضوع دة دلوقت.
مها: وهتفكري فيه امتى بقا يا روح ماما؟ لما تعجزي واسنانك تقع وشعرك يبيض؟! لا يا حبيبتي انا وابوكي عاوزين نفرح بيكي بقا.
حياة: بس انا عاوزة اكمل تعليمي الأول.
مها: ومين قالك انك مش هتكملي تعليمك؟ دي كلها سنة فتتخطبوا دلوقت عقبال ما تجهزوا نفسكم تكون السنة فاتت وتكونوا كمان قربتوا من بعض اكتر.
لقد استنفذت حياة كل الحيل التي لديها,فتذكرت ان أقرب طريق للوصول هو الخط المستقيم لذا قالت: بس انا بقا يا ماما مش موافقة على علاء ابن عمي ومش هتجوزه.
وقبل ان تجد مها الفرصة للرد عليها سمعا صوت جرس الباب فقالت مها لابنتها: طب ياللا ياللا روحي البسي طرحة عشان تفتحي الباب اكيد دة بابا وعلاء, وبعدين هيبقا لينا كلام تاني.
وأطاعت حياة الامر وهي تشعر بالاستياء وتدعو الله أن يلهمها الصواب في هذا الامر
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
على طاولة الطعام وقد انتهى الجميع من تناول غداءه قامت كل من مها وحياة بافراغ المائدة, اما محمود وعلاء فقد توجها الى حجرة الصالون في انتظار القهوة التي أعدتها مها وقدمتها لهما حياة وكان علاء لا يستطيع ان يرفع عينيه عنها, ولكنها كانت تتجاهل نظراته وهي تشعر بالحرج الشديد وعندما استأذنت لتغادر المكان متحججة انها ستساعد والدتها في غسيل الاطباق وتنظيف المطبخ, قال لها والدها مازحا: ومن امتى النشاط دة يا حياة؟! يا ستي اقعدي معانا شوية وماما لو كانت عاوزاكي معاها هتناديلك.
علاء: سيبها يا عمي على راحتها, شكل كدة حياة مش عاوزة تقعد معايا انا على وجه الخصوص ولا ما تكونش مكسوفة مني؟!
فشعرت حياة بالاحراج وقالت وهي تجلس بجوار والدها: يا خبر, ليه بس تقول كدة يا علاء؟ معقولة هتكسف من اخوية؟!
وقعت الكلمة على كل من محمود وعلاء وقع الصدمة مما أكد شكوك حياة.ولكن استطاع علاء تدارك الموقف سريعا وهو يقول بلهجة مرحة: بس اظاهر كدة ان معلوماتك غلط يا بنت عمي. يعني لا انتي اسمك حياة منصور ولا انا اسمي علاء محمود, دة غير اننا مش راضعين على بعض.
ظهر الارتباك على وجه حياة وهي تقول: ماحنا مش لازم يعني نكون اخوات في الرضاعة وبس. يعني كفاية علاقة القرابة اللي بيننا وخوفك عليا . كل دة يخلينا زي الاخوات.
علاء بمراوغة: مانا ممكن اخاف عليكي بردو بس من غير موضوع اننا زي الاخوات دة.
حياة بخوف: قصدك ايه يعني؟
فاتجه نظره الى عمه وهو ينهض مبتسما: يبقا اسألي عمي بقا, عن اذنك يا عمي.
فنهض محمود في اثره: ما لسة بدري يابني.
علاء: لا . معلش بقا. مانا اكيد هاجي تاني.
ثم نظر الى حياة مودعا: سلام يا حياة.
فردت حياة بنبرة جافة وقد هربت الدماء من وجهها: مع السلامة.
خرج علاء وخلفه محمود الذي قام بتوصيله الى باب الشقة , مما اتاح لحياة فرصة الهروب الى حجرة نومها لترتمي على السرير وهي تردد بعيون باكية: يارب استرها معايا انا عارفة اني عصيتك كتير بس انت غفور رحيم. الهي ان يكن ذنبي عظيم فعفوك يا اله الكون اعظم.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أما في شركة كمال وهدان فقد كان يجلس خلف مكتبه عندما طُرق الباب فقال دون ان يرفع عينيه عن الملف الذي أمامه: ادخل.
دخل ماهر وحيا والده الذي قال له بنظرات متشككة: عملت ايه يا ماهر؟ يا ترى سبع ولا ضبع؟
فأجاب ماهر بابتسامته الخبيثة: عيب يا بوب دة انا ابنك بردو. محمد جمال مستني برة في مكتب السكرتارية.
فقال كمال متلهفا: وسايبه برة ليه؟ ما تخليه يدخل.
ماهر بكل برود: اهدى يا بوب, هو مش لازم يلاحظ لهفتنا دي والا هيغلي تمنه.
فعادت الى كمال رزانته من جديد وهو يقول مؤيدا وجهة نظر ابنه: معاك حق, المهم اتفقت معاه ولا لسة؟
ماهر: لا لسة, انا قلت اتقل ع الرز شوية.
كمال: يعني هو مستعد انه يتعاون معانا اصلا؟
ماهر: امال تفتكر ايه اللي جابه هنا؟ دة من النوع اللي يبيع ابوه عشان القرش.
كمال: طب تمام كدة. دخله بقا.
ماهر: اوامرك يا بوب.
وخرج ماهر وما لبث ان عاد من جديد وبصحبته رجل قد قارب على الاربعين يختلط الشيب برأسه, وما ان رأه كمال حتى قام بالترحيب به: اهلا اهلا استاذ محمد. دة الشركة نورت بزيارتك.
فصافحه محمد بكل احترام: منورة باصحابها يا كمال بيه.
فأشار له كمال: طب اتفضل اقعد
وبالفعل جلس محمد على الكرسي امامه.وسأله كمال بابتسامة: قولي بقا تشرب ايه؟
محمد بلهجة عملية: مفيش لزوم يا كمال بيه, انا بقول ندخل في الموضوع على طول.
فتبادل كمال نظرات سريعة مع ابنه الذي أومأ برأسه موافقا, فقال كمال: وهو كذلك, شوف بقا يا سيدي. احنا سمعنا ان شركة الكامل داخلة في مناقصة جديدة كان بيجهزلها عبدالرءوف الكامل قبل سفره والمفروض ان اللي هيكملها هو يوسف جلال.
محمد: معلومات حضرتك مظبوطة.
كمال: انا بقا عاوز صورة من ملف المناقصة دي.
محمد: ااااه, حضرتك عاوز تخسرهم المناقصة لصالح شركتك ولا يا ترى لصالح حد تاني؟
ماهر بتحذير: لا يا بطل, دي بقا ما ليكش فيها. انت كل اللي يهمك انك تجيبلنا الملف وتقبض حسنتك.
محمد مصححا: قصدك عمولتي يا ماهر بيه.
كمال: مش هنختلف ع المسمى.
محمد: اكيد لا طبعا, بس انا كل خوفي اننا نختلف ع المبلغ.
كمال: ولا دي كمان افتكر اننا هنختلف عليها.
محمد: ماشي يا كمال بيه, يبقا نقول 10%؟
ماهر: انت مش شايف ان كدة كتير اوي.
محمد: ما تنساش يا ماهر بيه ان لو حد كشف ان انا ورا المسألة دي هخسر وظيفتي ومش بعيد ادخل السجن كمان.
كمال: يا سيدي فال الله ولا فالك. بس خليك حنين معانا شوية, و 5% معقولة بردو.
محمد معترضا: بس يا كمال بيه.........
فقاطعه ماهر: مش معقول يا استاذ محمد انك هتكسر كلمة كمال بيه, وبعدين يا سيدي هتتعوض في حاجة تانية, والجايات اكتر. قولت ايه؟
محمد بعد تفكير سريع: خلاص اتفقنا.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نعود مرة اخرى الى فيلا يوسف جلال لنجد وليد كعادته يجلس أمام التلفاز يشاهد فيلما اجنبيا حين دخل يوسف: مساء الخير.
رد وليد: مساء النور.
يوسف: انت سهران لحد دلوقت ليه؟
وليد: ابدا. بما ان بكرة اجازة فقلت اسهر شوية وكمان الفيلم دة عاجبني, انت بقا كنت فين لحد دلوقت؟
فرد يوسف ببساطة: عند علياء.
وقف وليد عند سماعه للاسم وهو يسأل: مش علياء دي.......
لم ينتظره يوسف ان يكمل جملته فقال: ايوة هي, كان عيد ميلادها النهاردة وعزمتني.
فاقترب منه وليد ونظر اليه نظرة شك وهو يسأله: يوسف! انت شارب؟
يوسف بضيق: ايوة يا سيدي, وياريت بلاش تسمعني نفس الاسطوانة اللي بتسمعهالي كل مرة, بلاش تعيش دور الزوجة الغيورة دة بقا لان المفروض اني خلاص بقيت متجوز فعلا.
وليد: كويس انك لسة فاكر, وياترى فاكر بقا ان الزوجة دي ليها حقوق عليك وكان ع الاقل لازم تاخدها معاك في عيد الميلاد دة؟
يوسف: اكيد ما كانتش هتوافق كانت احتمال تدخلي بقا في سكة الحلال والحرام.
وليد ساخرا: وطبعا السكة دي بعيدة عنك تماما.
فهتف يوسف بحزم: وليد! انت عارفني اني مش بحب حد يتدخل في تصرفاتي.
وليد بلطف: يا يوسف انا بجد خايف عليك, اللي انت بتعمله دة هيخليك تخسر مراتك, ودي الحاجة الوحيدة في حياتك اللي لو خسرتها مش هتقدر تعوضها تاني.
شعر يوسف بأن أخيه قد وضع الملح على جراحه ولكنه استطاع ان يخفي ذلك الألم الذي شعر به خلف ابتسامته وهو يتجه ناحية السلم: تصبح على خير يا صاحبي.
وليد: وانت من أهله.
توجه يوسف ناحية غرفة مريم وكان قد اعتاد ان يطرق الباب قبل دخوله, وعلى الرغم من انه كان متأكدا أن مريم ستكون نائمة في تلك الساعة المتأخرة الا انه طرق الباب , ولكنه اندهش عندما سمع صوت مريم الهادىء تقول: ادخل.
ففتح يوسف الباب ثم أغلقه خلفه ليجد مريم تجلس على أحد الكراسي بجوار الهاتف مرتدية روبا للنوم وفوقه الطرحة كما اعتادت ان تكون في وجوده حيث ما زالت تعتبره رجلا غريبا عنها.
يوسف: مساء الخير.
أجابت مريم وقد بدا الارهاق في نبرة صوتها: مساء النور.
يوسف: ايه اللي مصحيكي لحد دلوقت؟
مريم: جدو في العمليات و مستنية أطمن عليه.
فقال يوسف وقد خالطه شعورا بالذنب: اه صحيح, انا كنت ناسي. المهم مفيش اي اخبار؟
بدت مريم في حالة لا تحسد عليها من شدة القلق: المفروض ان جوة من حوالي أربع ساعات, مش عارفة هما اتأخروا كدة ليه؟
فقال يوسف بلهجة واثقة أراد بها ان يطمئنها: عملية زي دي أكيد بتاخد وقت, ما تقلقيش ان شاء الله خير, هو معاه احسن الدكاترة الالمان وكمان المصريين.
مريم: يارب.
يوسف:طيب انا هدخل اخد دش سريع وهجيلك.
مريم: لا مفيش داعي شكلك مرهق, انت روح خد دش ونام على طول وانا اول ما اطمن على جدو هنام انا كمان.
يوسف: على فكرة يا مريم, جدك دة مهم بالنسبالي زي ما هو مهم بالنسبالك, يعني انا خايف عليه زيك بالظبط وكلامي دة مش مجرد مجاملة, ياللا انا مش هتأخر.
فهزت مريم رأسها بالموافقة دون أي رغبة منها للدخول معه في جدال, فكان كل ما يهمها ويشغل تفكيرها في تلك اللحظة هو حياة جدها التي على المحك. فهي لا تشعر بالأمان الا في وجوده, هو دائما بالنسبة لها رمز الحب والأمان والدفىء الأسري الذي فقدته منذ وفاة والدها. وقد شعرت في تلك الساعات الرهيبة من الانتظار ان ليست حياة جدها وحده هي التي على المحك بل أن حياتها هي أيضا أصبحت كذلك.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 03:49 AM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثالث عشر

*ما بين الجاني والضحية*


في شقة محمود البدري, وبعد أن أم أسرته في صلاة الفجر كما كان يفعل دائما, استأذن كريم وهو يتثاءب: طب عن اذنك يا بابا هروح أكمل نوم.
محمود: ماشي يا كريم,بس هبقا أصحيك تنزل معايا لصلاة الجمعة.
كريم: اوك يا بابا.
ووجه محمود ابتسامة صافية لزوجته وهو يقول لها: ما تقومي يا أم كريم تعمليلنا كوبايتين شاي من اديكي الحلوين دول.
فأسرعت حياة: خليكي يا ماما, انا هقوم أعمل الشاي.
فأوقفها صوت والدها قبل أن تنهض من على سجادة الصلاة: خليكي انتي يا حياة, انا عاوزك في كلمتين.
مها بابتسامة هادئة ونظرة ذات معنى لزوجها: خلاص,خليكي انتي يا حياة.
وتركت مها حياة لوحدها مع محمود الذي نهض من على الأرض ليجلس على الاريكة وأشار الى ابنته: تعالي هنا يا حياة اقعدي جنبي.
فأطاعت حياة الأمر على الفور, وبعد أن جلست على الاريكة بجوار والدها قالت له وفي عقلها العديد من علامات الاستفهام: تحت أمرك يا بابا.
محمود ولم تفارق الابتسامة وجه وقد قرر أن يسلك أقصر الطرق للوصول لهدفة: قوليلي بقا ايه رأيك في علاء ابن عمك؟
شعرت حياة بأن الدماء قد هربت من وجهها, ولكنها حاولت أن يبدو صوتها طبيعيا وهي تسأل: رأيي فيه من ناحية ايه يا بابا؟
محمود: من كل النواحي, يعني أخلاقه ,تفكيره, تعليمه, كل حاجة.
لم تعلم حياة بما تجيب, ولكنها حاولت الابتسام: طب وهو انا أعرف علاء أكتر منك بردو يا بابا؟
محمود بمراوغة: والله أنا عن نفسي شايف انه انسان كويس وأخلاقه عالية وأد المسئولية.
حياة باستسلام: خلاص يبقا هو كدة فعلا.
محمود: يعني انتي موافقة!
فسألت حياة بارتباك: موافقة! على ايه يا بابا.
محمود: على انه ييجي يخطبك.
فيما يتعلق بالمثل الشعبي الشهير "وقوع البلاء ولا انتظاره", فهذا المثل لا ينطبق على حالة حياة في تلك اللحظة, فهي كانت تعمل دائما على تأجيل تلك اللحظة وللأبد, ولكن ها هي تأتي ولا تعلم كيف تتصرف؟ فعلاء علاوة على انه ابن عمها الا انه أيضا كما وصفه والدها شاب ممتاز تقريبا في كل شيء, ولا يمكن لأي فتاة متعقلة أن ترفضه لأي سبب أخر غير السبب الذي لا تستطيع حياة الافصاح عنه لوالديها.
رأى والدها أن صمتها قد طال فقال ليستحثها على الكلام: جرى ايه يا حياة؟ ساكتة يعني وما قولتيش رأيك! ولا زي ما بيقولوا السكوت علامة الرضا.
لم تعلم أتظل متمسكة بصمتها وليظن والدها كما يشاء أم انها تفاجئه برفضها لتضع نفسها في دوامة من التحقيقات لن تنتهي؟ ولكنها في النهاية قررت أن المماطلة في هذا الامر ستكسبها بعض الوقت للتفكير السليم في كيفية الوصول الى مخرج مناسب من تلك المشكلة, لذلك تصنعت ابتسامة خفيفة على محياها وهي تجيب: لا يا بابا, بس أنا كنت عاوزة شوية وقت عشان أقدر أفكر في الموضوع دة كويس, وكمان ما تنساش ان انا لسة باقيلي سنة في الكلية عاوزة أخلصها الاول, وبعد كدة ابقا افكر براحتي في موضوع الجواز دة.
محمود: وهو انتي يا بنتي هتكوني أول ولا آخر واحدة تتجوز وهي لسة بتدرس؟ وأقرب مثال صاحبتك مريم الكامل أديها اتجوزت وهي لسة يدوب داخلة تانية كلية, أما انتي فكلها سنة وتخلصي دراستك خالص, وبصراحة ابن عمك مستعجل وأنا مش شايف أي داعي للتأجيل, وهو عاوز يتمم كل حاجة قبل السنة الجديدة ما تبدأ عشان بعد كدة ما تبقاش تتحججي بالدراسة والمحاضرات, فقدامك دلوقت الاجازة كلها تقدري تجهزي فيها نفسك.
شعرت حياة وكأنها كالعصفور الجريح المحبوس في قفص دون أدنى أمل في النجاة, وسألت بصوت يائس: انت بتقول كدة ليه يا بابا وكأني وافقت يعني؟
محمود بصوت وكأنه قد تفاجأ بكلامها: وهو انتي ممكن ترفضي؟
حياة بتردد: يعني أنا لسة هفكر.
محمود بحزم: اسمعي يا حياة انا وان كنت بعاملك بلين ومش بحاول افرض عليكي حاجة غصب عنك فأنا بردو في الاول وفي الاخر راجل صعيدي, وانا كنت بوافقك على رفضك للعرسان اللي قبل كدة لأني كنت مستني اللحظة دي عشان المفروض اصلا انك مكتوبة على اسم ابن عمك علاء من يوم ما اتولدتي.
فظهرت نظرة خوف في عيني حياة: يعني ايه يا بابا؟ هتجوزني غصب عني؟
محمود: ان لزم الامر هعمل كدة. وكمان انا مش شايف اي سبب يخليني أرفض ابن عمك, وأهو قدامك شاب وميسور الحال وكمان باشمهندس اد الدنيا وشغال في الشركة اللي انا شغال فيها, يعني مستقبله مضمون ان شاء الله, تقدري تقوليلي انتي بقا سبب واحد يخليكي ترفضيه؟
لازت حياة مرة أخرى بالصمت وكادت الدموع تتساقط من عينيها في اللحظة التي دخلت فيها مها وهي تحمل الصينية التي عليها أكواب الشاي وتقول بصوت قلق: فيه ايه بس يا ابو كريم؟ صوتكم عالي كدة ليه؟
محمود بغضب: تعالي شوفي بنتك يا هانم؟ قال ايه مش عاجبها ابن عمها؟
حياة بصوت باكِ: يا بابا انا ما قولتش كدة, انا كل اللي قلته محتاجة فترة بس أفكر فيها.
فجلست مها بجوار حياة من الناحية الاخرى وأخذتها في حضنها وربتت على ظهرها وهي تقول لمحمود برفق: طب يا ابو كريم ماهو حقها بردو تفكر.
فنهض محمود وقد اشتد به الغضب: تفكر في ايه؟ هي دي حاجة محتاجة تفكير؟ كفاياكي دلع بقا يا هانم في البنت اللي مش عارف هيودينا لحد فين, واعملوا حسابكم انتم الاتنين انا بكرة ان شاء الله هخلي علاء يتصل بوالده عشان ييجوا يتقدموا رسمي. ومش عاوز أسمع كلمة تانية في الموضوع دة.
وخرج محمود وهو في قمة غضبه, أما حياة فقد تركت العنان لدموعها وأجهشت بالبكاء ومها تحاول أن تهدئها بكل الطرق, فليس أمامها سوى ذلك في تعلم جيدا عندما يصر زوجها على أمر لن يتراجع عنه مهما حصل, ومن ناحية أخرى لا تستطيع أن تقف بجانب ابنتها المبهم.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نعود مرة أخرى الى فيلا يوسف جلال وفي غرفة مريم وقد انتهت من صلاة الفجر خلف زوجها, حيث قد أذن للفجر وهما يجلسان بجوار الهاتف في الانتظار للطمئنان على جدها ,وبعد أن تم لها ذلك طلبت من يوسف أن يؤمها في الصلاة, وقد فعل, وبعد التسليم وقد ارتاح قلبها بدرجة أكبر ابتسمت ليوسف تقول له: تقبل الله.
يوسف: منا ومنكم, ياللا بقا قومي نامي, افتكر كدة خلاص اطمنتي على جدك ولازم تستريحي شوية.تصبحي على خير.
مريم: وانت من اهله.
ونهض الاثنان وعندما توجه يوسف ناحية حجرته سمع صوتها الرقيق يقول له: يوسف! متشكرة اوي.
أدار يوسف وجهه اليها ليسألها بدهشة: على ايه.
مريم ببراءة تخطف القلب: علشان تعبتك معايا, وانت كان باين عليك انك كنت مرهق اوي و مع ذلك أصريت انك تفضل معايا لحد ما اطمنت على جدو.
يوسف باهتمام: سبق وقولتلك ان جدك مش غالي عليكي انتي لوحدك.انا كمان كنت عاوز اطمن عليه, هو صحيح جدك انتي بس انا عاشرته اكتر منك.ومش عاوز اقول اني كمان ممكن اكون بحبه اكتر مانتي بتحبيه.
مريم: صحيح انا عشت معاه فترة قليلة اوي, بس في الفترة دي بقا هو كل حياتي, وما بقتش قادرة اتصور اني ممكن أعيش من غيره.
فاقترب يوسف منها قليلا بحذر وهو يسألها: هو انتي دايما كدة؟
فسألته مريم وهي لم تستوعب سؤاله: كدة ازاي يعني؟!
يوسف: يعني دايما بتوقفي حياتك على شخص واحد, في الاول كان باباكي وبس , ودلوقت جدك وبس, دة حتى ساعة الفرح حسيت انك موقفة فرحتك على وجود صاحبتك اللي اسمها حياة. ليه كدة؟
فردت حياة وقد اعتلت ابتسامة حزينة شفتاها: انت فاكر ان دة بمزاجي. دة قدري. يعني اي انسان بيكون عاوز انه يبقا في وسط ناس كتير بيحبوه وبيخافو عليه ويحس بالأمان في وجودهم, بس انا ظروفي كانت مختلفة, بابا و ماما انفصلوا بعد جوازهم تقريبا بتلات سنين ولان ماما كانت مشغولة بحاجات كتير غيري فبابا هو اللي تولى تربيتي لوحده, بس رباني على اني ازاي اكون مسلمة شرقية وطبعا دة خلاني تقريبا ما يكونش ليا اي أصحاب غير بابا نفسه حتى البنات الشرقيين نفسهم اللي كانوا عايشين في بريطانيا كانوا بيتأقلموا بسرعة على الحياة هناك لدرجة انهم كانوا بيعاملوني انا على اني أجنبية بعكس أصحابهم البريطانيين, حتى بعد ما بابا مات حاولت اشتغل وأفضل عايشة هناك بس للأسف الشغل لبنت مسلمة ومحجبة بالنسبالي ما كنش سهل عشان كدة فكرت اكتب لجدو جواب بس كنت مترردة اوي, كنت خايفة انه غضبه وزعله من بابا هيخليه يتجاهل جوابي, لكن عكس كل توقعاتي لقيت جدو بيرحب بوجودي معاه ولما جيت حسيت انه كان محتاجلي اوي زي مانا كنت محتاجاله ويمكن اكتر, بس مشكلتي فضلت زي ماهي لما حاولت اصاحب بنات من سني هنا لقيتهم بردو بيتجنبوني لسبب معرفوش.
ثم ابتسمت ابتسامة مرحة وهي تقول: حياة مرة قالتلي بالحرف الواحد انهم بيغيروا مني بسبب شكلي الاوروبي دة.
رأته ينظر اليها باهتمام وكأنه لأول مرة يراها ويريد أن يحفر لها صورة في ذاكرته فتابعت وحمرة الخجل تعلو وجهها: فمش لقيت غير حياة وشوية بنات كدة هما اللي قبلوا صداقتي ومن ساعتها بقا جدي وهما اللي بيملوا عليا حياتي هنا. يعني زي ما قلتلك دة كان قدري وانا رضيت بيه.
عاد يوسف من شروده الى أرض الواقع وهو يقول لها بتنهيدة: تصبحي على خير يا مريم.
مريم: وانت من اهله.
وبعد ان ذهب يوسف الى حجرته شعرت مريم بموجة من السعادة تجتاحها لا تعلم لها سببا ولكنها أرجعتها الى أنها قد اطمئنت الى ان حالة جدها أصبحت مستقرة و أنه قد تجاوز مرحلة الخطر,فهكذا حاولت اقناع نفسها.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في حجرة المكتب بفيلا كمال وهدان وقف ماهر يستمع الى والده الذي كان يجلس خلف مكتبه ويتحدث عبر الهاتف: ماشي يا حامد بيه, تمام كدة, بس ما تنساش نصيبي بقا. أوك, جود لاك.
ثم وضع السماعة مكانها وهو يتنهد في ارتياح فسأله ماهر: بس انا نفسي أعرف حاجة يا بوب, هو احنا ليه ما اخدناش المناقصة دي لينا؟
كمال: ما كنش ينفع, اولا لانها اكبر من امكانياتنا, وثانيا احنا مش عاوزين نظهر في الصورة دلوقت, لازم نستنا الاول لحد ما نعرف مصير عبدالرءوف دة ايه, وامتى بقا هيموت ويريحنا؟
ماهر: هي ماما كلمته امبارح؟
كمال: ايوة يا سيدي هي كلمت المستشفى واطمنت على انه خرج من اوضة العمليات و عدى مرحلة الخطر خلاص.
ماهر بتذمر: يوووه بقا. هو هيفضل كاتم على نفسنا كدة لحد امتى؟
كمال: الخوف دلوقت ما بقاش من عبدالرءوف وبس, المشكلة دلوقت بقت اكبر من كدة, المشكلة الاساسية بقت في اللي اسمه يوسف جلال دة اللي ناوي يقفلنا زي اللقمة في الزور وخصوصا بعد جوازه من البنت اللي بيقولوا عليها بنت عمتك دي.
ماهر وقد امتلأت عينيه بنظرات شيطانية: وغلاوتك عندي يا بوب ليكون طلاقهم على ايدي وفي اسرع وقت كمان.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كانت مريم تجلس أمام التلفاز بصحبة وليد الذي كان يمسك في يده أداة التحكم الخاص به"الريموت", فقالت لها مريم بشبه توسل: معلش يا وليد خلي الكرتون, عشان خاطري.
فقال لها وليد بمزاح: يا بنتي كرتون ايه؟ اكبري بقا, احنا هنتفرج على فيلم, اوك؟
فظهر الحزن على وجهها الطفولي الصغير وهي تمط شفتيها بتذمر والحاح: طب نتفرج ع الكرتون الاول وبعدين نقلب على فيلم. عشان خاطري يا وليد,عشان خاطري.
وليد: الله يكون في عونك يا يوسف.
فاتجه نظر مريم ناحية باب المكتب وهي تسأل وقد ظهر الارتباك على ملامحها: هو يوسف هيفضل قاعد في المكتب كدة كتير؟
وليد: اصل المناقصة بتاع بكرة مهمة اوي, ويمكن تنقل شركة الكامل نقلة كبيرة عشان كدة هتلاقيه مشغول بيها لحد ما يضمن انها خلاص بقت في جيبه, وأكيد هو بيراجع ورقها دلوقت.
ثم أكمل بلهجة خاصة وبشكل فكاهي: نصيبك كدة بقا انك تتجوزي راجل أعمال ناجح.
فردت مريم بلهجة مرحة على فكاهته: يبقا الله يكون في عونها بقا اللي هتتجوزك انت كمان.
وليد بلهجة دفاعية: لا يا ستي, انا بحب أدي لكل حاجة حقها, الشغل ليه وقته والبيت ليه وقته.
مريم باعجاب: يبقا بقا نقول الله يسعدها ويهنيها اللي هتكون من حظها.
وليد بشرود واصرار: حياة يا مريم. مش هتجوز غير حياة, ومش هقبل اني أشوفها بتتجوز حد غيري.
فقالت مريم و هي تحاول رسم ابتسامة رقيقة على شفتيها: ربنا يسعدكم.
ثم سمعا صوت الهاتف الخاص بمريم يرن والذي كان أمامها على المنضدة,فأمسكت به مريم وبدأت ترد: السلام عليكم......ايوة يا حياة ازيك......ايه؟مالك؟......طب خليكي معايا.
وتوجهت مريم ناحية الباب الداخلي للفيلا والمؤدي الى الحديقة و تتبعها نظرات وليد القلقة منذ أن سمع اسم حياة. نظرات مريم و حديثها عن تأجيل تقدمه لخطبة حياة قد أدخلا الشك في قلبه.
وفي الناحية الاخرى نجد مريم تتحدث عبر الهاتف وقد ظهر الانفعال في حدة صوتها: ازاي يعني تتجوزي غصب عنك؟..... ياحبيبتي والله انا حاسة بمشكلتك بس مش عارفة أعمل ايه؟........ طيب تحبي آجي لعمو وأكلمه واحاول اقنعه بانه يأجل الموضوع شوية؟......طيب انتي شايفة ايه الحل؟.......يا حياة ارجوك اهدي شوية......طيب شوفي انا طبعا مش هقدر أخرج دلوقت بالليل فهبقا اعدي عليكي بكرة ان شاء الله ويمكن تكون واحدة فينا قدرت تلاقي حل كويس لمشكلتك دي.......ماشي يا حبيبتي......مع ألف سلامة.
وانهت مريم المكالمة وفكرها مشغول محاولة ايجاد اي حل مناسب لمشكلة صديقتها التي بدت وكأن لا حل لها, ثم قررت العودة الى الداخل حتى لا تثير أي شكوك فأدارت وجهها ناحية باب الفيلا ثم صرخت مذعورة.
: اهدي يا مريم, ما تخافيش, دة انا.
كان هذا صوت وليد الذي أشار لها بيديه محاول ان يطمئنها, الى أن هدأت قليلا بعد أن استوعبت المفاجأة وقالت له بصوت لاهث: حرام عليك يا وليد, انت ايه اللي موقفك هنا؟
قرر وليد ألا يبوح لها بالحقيقة التي تتمثل في أنه قد جاء خلفها ليعلم ما الأمر الذي تخفيه عنه: أبدا, انا بس اتخنقت من التليفزيون فقررت اتمشى شوية في الجنينة.
مريم وهي تبتعد عنه متجهة الى الداخل: اوك, تصبح على خير بقا؟
ولكنه وبخفة قد اعترض طريقها: ارجوكي يا مريم استني شوية.
تعجبت مريم من تصرفه ونظرت اليه بتساؤل, بينما كان هو يحاول ان يرتب أفكاره ويختار الكلمات المناسبة التي يمكنه ان يستجوبها بها دون ان تشعر, ولكنه لم يكن يحبذ تلك الطرق الملتوية, فهو دائما يمتاز بصراحته والتزامه فقرر ان يكون سؤاله مباشرا: هو فيه ايه يا مريم؟
مريم: فيه ايه ازاي يعني؟
وليد: فيه ايه بخصوص حياه انتي بتحاولي تخبيه عليا؟ انا من ساعة ما فاتحتك في اني متعلق بيها وعاوز اتقدملها حاسس بانك بتلفي وتدوري عليا وكأنك عاوزة تبعديني عنها, حتى دلوقت سمعت كلام كدة بينكم بيقول ان فيه مشكلة, ومشكلة جامدة كمان, فممكن لو سمحتي اعرف هي ايه؟ مش يمكن اقدر أحلها أو ع الاقل مابقاش زي الاطرش في الزفة.
ترددت مريم قليلا في ان تخبره بالحقيقة أو ان تستمر في خداعه. فتلك هي المرة الاولى التي تجد نفسها في موقف كهذا, ولكن لتتخلص من نظراته الملحة قررت ان تقول له نصف الحقيقة, ذلك الجزء الذي لن يتسبب في جرح أحد, ولكنها لم تكن تعلم ان الذي يتنازل قليلا يمكنه أن يتنازل كثيرا: اصل حياة جالها عريس , وباباها مصر انها تتجوزه.
رأت الصدمة على محياه, فقالت لنفسها: اتصدمت بس لما عرفت كدة, امال لو عرفت كل حاجة هتعمل ايه؟
وليد بنبرة واثقة: علاء ابن عمها, مش كدة؟
مريم: ايوة هو.
وليد: وياترى هي موافقة؟
مريم: وتفتكر انها لو كانت موافقة كان هيبقا فيه مشكلة؟ بس باباها مش قابل اي نقاش في الموضوع دة.
وليد: طب انا مستعد ان اتقدملها من بكرة, لا يا ستي من دلوقت, وأقدر اقنع باباها باني انسب ليها من اي حد تاني بس هي توافق.
مريم بارتباك واضح: مفتكرش انها هتوافق.
وليد بشك: ليه يا مريم؟ هي للدرجادي مش عاوزاني؟ طب يعني لا انا ولا ابن عمها؟ امال هي بتفكر في مين؟
مريم: حياة مش بتفكر في حد.
بدا على وليد نفاذ صبره من محاولات مريم المتكررة لمراوغته فظهر صوته حادا: مريم! مش دي كل الحقيقة. احساسي بيقولي انك مخبية حاجة تانية, وانا مصر اعرف ايه هي؟
فكرت مريم كثيرا في كيفية ايجاد مخرج لتلك الورطة التي قد أوجدت نفسها بها, ولكنها لم تنجح, فكان ان استجمعت شجاعتها لتقول: انا هقولك على كل حاجة, بس اوعدني ان محدش يعرف غيرك مهما كان موقفك من اللي هقوله.
وليد وقد بدأ يشعر بأن الامر خطير بالفعل كما كان يعتقد: أوعدك.
ثم شرعت مريم في سرد كل ما قصته عليها صديقتها وهي تلمح على وجه وليد تعبيرات توحي بالصدمة وعدم التصديق وقد كانت تلتمس له العذر لذلك, الى ان انهت كلامها وظلت تنتظر ردة فعله, ولكنه بدا لها في عالم آخر, ووجدته يقول هامسا وكأنه يحدث نفسه: مش ممكن! طب ازاي؟ حياة!
رأت مريم في عينيه نظرة اتهام فاستعدت للدفاع عن صديقتها: وليد! اللي حصل دة كان غصب عنها. انت لازم تبصلها على انها مجني عليها مش جانية.
وليد باستخفاف: مجني عليها!
مريم: طبعا, انا عارفة انك مصدوم دلوقت. بس من صدمتك دي تقدر تحس هي اد ايه اتجرحت.واد ايه اللي حصل دة كان مصيبة ليها اكتر من أي حد تاني.
وليد بانفعال وقد ظهر الألم في صوته: وانا المفروض مين اللي يحس بيا؟ ازاي تسيبني اتعلق بيها بالشكل دة وتفضل ساكتة؟!
مريم بحذر: وانت كنت عاوزها تعمل ايه؟
شعر وليد بأن السؤال قد ألجم لسانه عن الاجابة, فظل صامتا, فانتهزت مريم الفرصة لتكمل علها تجد منه بعض اللين: وليد! صدقني حياة اتظلمت أوي وبلاش انت كمان تكمل عليها.
وليد بحدة: بس ما تقوليش اتظلمت. بنت كانت ماشية بالشكل اللي حكتيلي عنه دة وتصاحب ناس زي اللي وصفتيهم. تستاهل اي حاجة تجرالها.
مريم: وهي مش بتنكر انها غلطانة. بس مش ممكن يكون دة عقابها. احنا لازم نقف جنبها.
وليد بدهشة: نقف جنبها؟ وعاوزانا نعمل ايه بقا ان شاء الله؟ انتي تقدري تروحي لابن عمها دة وتقنعيه انها مظلومة ومجني عليها؟
مريم: انا بتكلم عنك انت يا وليد مش بتكلم عن ابن عمها. انت الانسان اللي المفروض انه بيحبها.
وليد مصححا بحدة وكأنه ينفي عن نفسه تهمة: كنت. كنت بحبها يا مريم. أيام ما كانت بالنسبالي مثال للعفة والطهارة. أيام ما كانت عالية أوي في نظري.
مريم: وهي سقطت من نظرك دلوقت؟
لجأ وليد الى الصمت مرة أخرى فاستحثته مريم على الرد: مالك يا وليد؟ سكت ليه؟ ما تجاوب.
وليد: للأسف يا مريم.
مريم: ياااااه, بسرعة كدة؟! يا وليد اذا كان ربنا بيسامحنا ويغفرلنا أخطاء بنعملها متعمدين لما بنتوب ونرجعله, انت بقا مش قادر تسامحها على غلطة حصلت غصب عنها؟ وانت بنفسك شهدت لأخلاقها وتدينها.
وليد: وانا أضمن منين ان كل دة مش مجرد ستارة بتداري بيها على عملتها؟ وليه اصلا ما تقوليش ان اللي حصل دة كان بمزاجها وانها اخترعت كل القصة دي عشان تكسب عطف اللي حواليها مش اكتر؟
مريم: ما انت لو كنت في كامل وعيك كنت جاوبت على نفسك. تفتكر لو ظنك دة كان في محله كان ايه اللي خلاها لحد دلوقت تسكت وتخبي على اهلها؟ بلاش دي. طب لو كانت هي زي مانت بتقول ايه اللي يخليها اصلا تكشف سرها ليا وترفض انها تتجوز ابن عمها؟ مع انها كان ممكن تقبل تتجوزه وتضحك عليه بعملية كانت ممكن اي بنت تعملها عشان تضحك بيها بعد كدة ع الانسان اللي هتتجوزه.....تفتكر هي ليه ما عملتش كدة غير لانها مش عاوزة تخدع حد مع انها في ظروف أي بنت غيرها كانت فكرت في نفسها وبس من غير ما تحط في اعتبارها اي حد تاني. ما ترد عليا يا وليد.
لاذ وليد بالصمت مرة أخرى لا يعلم بما يجيب فلقد تضاربت الأفكار في عقله وقد اعتصر قلبه من الالم, وما كان منه الا ان تركها ومشى بخطى سريعة الى الخارج.
فدعت مريم أن يلهمه ربه الصواب, فهي تخشى منه وعليه؛ منه لانها قد أفشت له سر صديقتها التي قد ائتمنتها عليه وهي لاتعلم كيف ستكون ردة فعله أسيبقى على عهده معها ويظل السر بينهما فقط أم ان الصدمة التي تلقاها أكبر عنده من أي عهد؟ وتخشى عليه حيث تراه للمرة الأولى في حالة يرثى لها وكل كلمة ينطق بها محملة بالغضب والالم الذي يملأ كيانه بعد أن كانت قد اعتادت على مرحه ومزاحه المتواصل و ظلت تسأل نفسها أسيبقى وليد كما كانت تعرفه من قبل ذلك الشاب المرح الهادىء الملتزم, أم ان جراح القلب يمكنها أن تغير كثيرا من تصرفات العقل؟!
قررت مريم في النهاية أن تدخل الفيلا وستترك الوضع على ما هو عليه حتى يجد جديد, وعندما توجهت الى مدخل الفيلا وجدت يوسف في انتظارها يقف عند المدخل عاقدا ذراعيه حول صدره وفي عينيه الكثير من التساؤلات فعلمت انها بصدد استجواب جديد ولكن من نوع آخر, ولكنها فضلت ان تتجاهل ذلك وعندما اقتربت منه قالت له بصوت حاولت ان يبدو متزنا: مساء الخير.
تجاهل يوسف تحيتها وسألها وقد بدا عليه الضيق الشديد: هو وليد ماله؟ مش متعود انه يخرج من البيت في وقت زي دة غير لما يبقا فيه حاجة مهمة.
فأجابت مريم ببساطة وهي تتجه ناحية السلم: معرفش. يبقا اسأله.
ثم توقفت في منتصف القاعة مترددة وكان يوسف قد دخل وأغلق باب الفيلا فأدارت وجهها اليه فجأة تسأله: يا يوسف تفتكر رد الفعل لراجل حب واتصدم في البنت اللي بيحبها ممكن يكون ايه؟
يوسف باقتضاب: معرفش لأني ما جربتش.
مريم: يا ترى ايه الي ما جربتوش؟ الحب ولا جراحه؟
يوسف: ما جربتش الحب عشان بيكون نتيجته الجرح. قوليلي بقا, صاحبتك حياة هي السبب؟
كانت مريم تشهد ليوسف بالذكاء الحاد, ولذا فكانت على يقين تام بأنه يعلم بشعور أخيه ناحية صديقتها, ولكنها فكرت في مراوغته: وايه علاقة حياة بوليد؟
بدا ان يوسف ليس في مزاج يسمح له بمجاراتها في لعبتها فقال لها محذرا بصوت ينذر بالخطر: اسمعي يا مريم, ان كنتي انتي في كل مرحلة من عمرك بتوقفي حياتك على شخص معين فأنا بقا حياتي كلها متوقفة على شخص واحد هو وليد أخوية هو بالنسبالي الأخ والابن ويمكن كمان بحس انه الأب لما بيحب ينتقد تصرفاتي, وعشان كدة مش هسمح لأي حد مهما كان انه يفكر ولو لمجرد التفكير انه يدوسله على طرف, ساعتها انا ممكن أمسح الشخص دة سواء كان راجل او ست بأستيكة وما أخليش ولا حتى الدبان الازرق يعرفله طريق جرة, انتي فاهماني؟
شعرت مريم ببعض الخوف من تهديده ولكنها أخفت ذلك خلف غضبها قبل ان تصعد الى غرفتها: وانت بتقولي أنا الكلام دة ليه؟ انا اصلا عمري ما هفكر اني أذي وليد ودة مش عشان هو أخوك ولا عشان الكلام اللي انت قلته دة. لا , عشان هو فعلا انسان ما يستحقش ان حد يأذيه. تصبح على خير.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
على كورنيش النيل كان يقف وليد ينظر الى النيل بميائه الصافية وضوء القمر والنجوء يتلألأ فيها كحبات الالماس, ولكنه لم يكن يشعر بكل ذلك الجمال من حوله حيث كان ينظر اليه بفكر شارد لا يتذكر سوى صورتها التي تتمثل له على صفحات المياه ولا يرى سوى ابتسامتها الخجولة ولا يسمع سوى صوتها الرقيق المملوء بالشجن, وقد كان بداخله صراع رهيب يدور بين عقله الذي يوجه اليها الاتهام مع وجود كل الادلة التي تثبت ذلك وقلبه الذي يرفض ان يسلم بتلك الحقيقة وأخذ يحدث نفسه: معقول بعد ما كنت قافل قلبي ورافض اني لأي واحدة انها تدخله مهما كانت, اجي لما افكر اني افتحه تكون اول واحدة تدخله تبقا........ياااااااااه. ليه كدة يا حياة؟ ليه خلتيني احبك بالشكل دة؟ ليه سبتيني اتعلق بيكي اوي كدة؟ دة انتي الوحيدة اللي كنت حاسس اني هبقا مطمن وانا بسلمها اسمي وسمعتي. قال ايه وانا اللي كنت ناوي ارفض بنت عمتي علشانك. ع الاقل هدى انا عارفها من صغرها وتقريبا متربية قصاد عيني وعمري ما هتخدع فيها بالشكل دة.ااااااااااااااااه , لا انا بقيت عارف أصدق انك فعلا ضحية واتضحك عليكي ولا بقيت عارف أكدب كل الشواهد اللي بتقول انك فعلا تستاهلي كل اللي جرالك وما تستحقيش اني حتى أرجع وأفكر فيكي تاني أو ألتمسلك أي عذر. يا ريتني ما عرفتك, ياااااارب أعمل ايه بس؟
وبعد فترة طويلة من التفكير المشوش سمع وليد صوت المؤذن: الله أكبر......الله أكبر.
وليد: الله أكبر, والعزة لله.
ثم توجه الى الجامع لتأدية الفريضة و قد خطر على باله قول الرسول: "أرحنا بها يا بلال", وقد كان وليد في أمس الحاجة لتلك الراحة, فكان يريد ان يشكي بثه وحزنه الى الله, لعله ينير دربه ويلهمه الصبر والسلوان.
أدى وليد صلاته, وقد شعر بأن كل الهم الذي كان يحمله فوق عاتقه أصبح يتلاشى شيئا فشيئا ,ثم توجه عائدا الى المنزل, وما ان دخل الفيلا,حتى تفاجأ بصوت أخيه يأتيه من حجرة المكتب: وليد! كنت فين لحد دلوقت؟
توجه وليد الى حيث يقف أخوه عند باب المكتب الذي كان يبدو عليه هو الأخر انه لم يذق طعم النوم في تلك الليلة, وقال له وقد ظهرالارهاق واضحا على صوته: كنت بتمشى شوية, وسرقني الوقت لحد ما أذن الفجر عليا فقلت أصليه بالمرة.
يوسف: وليه ما كنتش بترد ع الموبايل؟
وليد: معلش, ما اخدتش بالي انه كان بيرن.
شعر يوسف بالقلق على أخيه فقال له برفق: مالك يا وليد؟ فيه ايه؟ باين عليك انك تعبان.
وليد: لا ابدا, يمكن بس عشان ما نمتش.
يوسف: خلاص, اطلع ناملك شوية, ومش مهم تروح الشركة النهاردة أنا هبلغ السكرتارية انها تلغي مواعيدك بتاع النهاردة. بس ياريت تحاول تصحى على العصر كدة عشان تستقبل عمتك وهدى لانهم اتصلوا وقالوا انهم جايين النهاردة.
وليد بلا ادنى اهتمام: ان شاء الله.
وقبل أن يصعد الى غرفته توقف عند أولى درجات السلم والتفت مرة اخرى نحو يوسف وهو يقول بنبرة جافة لا تحمل أي تعبير: على فكرة يا يوسف, أنا خلاص نويت أسمع كلامكم وقررت اني اتجوز.




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 03:50 AM   #16

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الرابع عشر

*زواج تحت التهديد*


في مكتب عبدالرءوف بشركة الكامل, اجتمع يوسف بكبار موظفي الشركة ليصب عليهم غضبه: دة يبقا اسمه كلام فارغ ولعب عيال. يعني ايه نخسر مناقصة زي دي؟ وازاي اللي اسمه حامد دة يقدم مميزات أفضل مننا وكمان بسعر أقل؟!
فقال محمد جمال بصوت متلجلج وقد كان أحد الموظفين الموجودين بالاجتماع: قصدك ايه يعني يا فندم؟
فرد عليه يوسف بلهجة تنذر باقتراب ثوران بركان الغضب بداخله ومشددا على كل كلمة يقولها: قصدي بالظبط اللي انت فهمته يا فندم, اصل مش معقول يعني واحد زي اللي اسمه حامد مسعود ياخد مننا مناقصة زي دي بسهولة كدة و تحاول تقنعني ان الموضوع عادي والمنافسة كانت شريفة.
تكلم موظف آخر بحدة: يا فندم حضرتك كدة بتشكك في staff العمل كله.
فأشار يوسف باصبعه ناحية الجميع بنظرة اتهام لا يمكن لأحد ان يخطئها ولهجة قوية حازمة: وهتفضلوا كلكم محل شك عندي لحد ما اعرف الحقيقة ولو دة ما حصلش وعد مني انا شخصيا اني هغير ال staff كله. اتفضلوا على مكاتبكم.
وخرج الجميع ماعدا واحدا, فسأله يوسف بنفاذ صبر: خير يا وائل؟ فيه ايه؟
وائل: انا اسف يا فندم, بس كنت عاوز اقول لحضرتك حاجة كدة.
يوسف بعصبية: لخص يا وائل, انا مش ناقص ألغاز.
وائل: انا شاكك في واحد معين هو اللي ممكن يكون ورا خسارتنا للمناقصة دي.
فنظر له يوسف باهتمام, ولكنه قال له بلهجة ثابتة: مفيش حاجة عندي اسمها شاكك, أدامك أد ايه عشان تقدر تجيبلي دليل على اتهامك دة؟
وائل: طب هو حضرتك مش عاوز تعرف الاول مين دة اللي انا شاكك فيه؟
يوسف بكل ثقة: محمد جمال.
صدمه اطلاع يوسف على الأمر, وما صدمه أكثر هي ثقة يوسف وهو ينطق الاسم: طب مادام حضرتك عارف, ليه مش راضي تتخذ معاه اي اجراء لحد دلوقت؟
يوسف: لأني زيك شاكك, وانا مش هحاسب انسان لمجرد الشك, وائل! انا هعتمد عليك انت في الموضوع دة. سواء كان محمد جمال أو غيره, انا عاوز دليل في ايدي قبل ما عبد الرءوف بيه يرجع. فاهم؟
وائل: فاهم يا فندم.
يوسف بلهجة تشجيعية: ربنا يقدرك. ياللا بقا اتفضل دلوقت على مكتبك.
وائل قبل أن يغادر المكتب: أمرك يا فندم.
وخرج وائل لتأتي هناء بعده تقول: اسفة يا فندم, لكن مدام علياء برة أديلها نص ساعة, أدخلها؟
يوسف بتأفف: علياء! مش وقتها خالص.
هناء: لو تحب سيادتك, ممكن أقولها ان حضرتك وراك مواعيد أو اجتماعات تانية.
يوسف: لا, دخليها, ويبقا اطلبيلي فنجان قهوة.
هناء: حاضر يا فندم.
وخرجت هناء, وما هي الا لحظات لتدخل علياء وقد سبقها عطرها الفواح, استطاع يوسف رغم الارهاق الذي يشعر به رسم ابتسامة هادئة على شفتيه وهو يقف لها مرحبا: أهلا يا علياء ايه أخبارك؟
وبعد أن صافحته علياء وجلست على الكرسي قبالته, قالت له معاتبة بدلال: لا يا يوسف, انا مخصماك جامد.
يوسف: طب تشربي ايه الأول؟
علياء: لا يا سيدي انا مش عاوزة أشرب حاجة. بقا أهون عليك كدة لا نتقابل ولا حتى مكالمة تليفون من يوم الحفلة؟ ايه يعني ما وحشتكش ولا انت تقلان علينا؟
يوسف: لا دة ولا دة. بس انتي شايفة بعنيكي, أنا ما بين الشركة هنا وشركتي اللي بتابع أخبارها مع وليد, الشغل مش مخليني أخد نفسي أصلا.
علياء بلؤم: الشغل ولا المدام؟
يوسف بضيق: لو سمحتي يا علياء تخرجي مراتي برة كلامنا.
علياء متصنعة الحزن: ودة بقا أسميه ايه يا سي يوسف؟ يعني للدرجة مش طايق سيرتها؟ ولا ما تكونش بدأت تحبها؟
خرج صوته حادا دون أدنى محاولة منه للسيطرة على نفسه: علياء! انا مش ناقصك. فما تحاوليش تستفذيني النهاردة بالذات.
فقالت علياء التي شعرت بالخوف ولكنها استطاعت أن تحصن وجهها خلف قناع الابتسامة والاهتمام المزيف: مالك بس يا حبيبي؟ شكلك عصبي اوي النهاردة.
فهدأ يوسف قليلا وهو يعتذر لها: معلش يا علياء. عندي مشكلة كدة في الشغل و كمان في البيت ومش قادر أركز في حاجة تانية.
فقالت علياء وهي تهم بالنهوض كارهة: ولا يهك يا حبيبي. انا همشي بقا عشان أسيبك تركز بس هستنا منك تليفون قريب.اوك؟
فأومأ يوسف برأسه موافقا, ثم ودعته علياء وغادرت,ليجلس يوسف وحده محاولا السيطرة على نفسه من جديد وترتيب أفكاره مرة أخرى.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي بيت محمود البدي نجد حياة تجلس على السرير بحجرة نومها والدموع تملأ عينيها تخشى السقوط ووجهها يبدو شاحبا من كثرة البكاء والارهاق وبجانبها مها التي كانت تضع يدها حول كتفها لتهدئتها وكان يقف أمامهما محمود والذي لم يكن قد رق لحالها بعد كما فعلت والدتها ولكنه كان عنيدا لأقصى درجة وهو يرد بجملته الحاسمة: حياة! انا قلت مفيش كلام تاني في الموضوع دة. ثم انا خلاص كلمت ابن عمك وهو قالي انه هيسافر الجمعة الجاية عشان يبلغ أبوه وهييجوا الاسبوع الجاي كلهم عشان يخطبوكي رسمي.
حياة وقد ضعف صوتها كثيرا: بس يا بابا, انت ما يرضيكش اني اتجوز غصب عني..مش كنت بتقولي ان اهم حاجة عندك هي سعادتي انا وكريم, فين سعادتي دي بقا وانت عاوز تجوزني واحد انا مش عاوزاه وما بحبوش!
محمود بغضب: حب ايه وكلام فارغ ايه؟ ابن عمك شاريكي وهيكون اكتر واحد يخاف عليكي, والحب الحقيقي هو اللي بييجي بعد الجواز, وأنا واثق ان علاء بأخلاقه و ذوقه هيعرف يخليكي تحبيه زي مانا واثق بالظبط انك عمرك ما هتلاقي انسان زيه.
حياة: بس يا بابا...........
محمود بشكل قاطع: مفيش بس.
ثم أكمل بنظرة مملوءة بالشك: وبعدين أنا اصلا مش مستريحلك, ورفضك دة مش طبيعي.
حياة بارتباك: قصدك ايه يعني يا بابا؟
محمود:يعني ايه اللي يخليكي ترفضي واحد زي ابن عمك علاء غير انك تكوني مشغولة بحد تاني؟
وهنا تحدثت مها لأول مرة بعتاب رقيق: ايه بس الكلام اللي بتقوله دة يا ابو كريم؟ ازاي بس تقول كدة على بنتك؟ دة احنا مربيينها هي واخوها احسن تربية.
محمود: استني انتي يا مها. انا عاوز اسمع الكلام دة منها هي. ما تردي يا حياة, انتي تعرفي حد تاني؟ ولو دة حقيقي ما جاش اتقدملك ليه لحد دلوقت؟
نظرت حياة الى الأرض متهربة من نظرات والدها المتسائلة ولا تعلم بم يمكنه أن تجيب ولكن قد أعفاها جرس الباب من الرد, فتحرك محمود من مكانه ليفتح الباب ويتفاجأ بشخصية الزائر: باشمهندس وليد!
وليد بابتسامة ودودة: مساء الخير.
محمود وكان لم يستوعب المفاجأة بعد: مساء النور.
وليد بصوت مرح: ممكن أدخل؟
تدارك محمود الأمر سريعا وهو يفسح الطريق أمام وليد ليستطيع الدخول: اه طبعا. أتفضل, أهلا وسهلا بيك.
وبالفعل دخل وليد وأغلق محمود الباب من خلفهما, وأشار الى احدى الغرف: اتفضل في الصالون يا باشمهندس. وبعد أن دخلا وجلس وليد سأله محمود: نجهز عشا بقا ؟
وليد: لا, مفيش داعي.
محمود: يا خبر! ازاي يعني؟ دة انت أول مرة تنورنا في بيتنا, ولا انت شايف اننا بخلا؟
وليد: لا طبعا. انا اسف , بس والله فعلا مش هقدر اكل , ولو ينفع يعني فياريت فنجان قهوة مظبوط.
محمود: عنينا يا باشمهنس. بعد اذنك.
وخرج محمود وهو في حيرة من أمره بسبب زيارة وليد المفاجأة, ولكنه قرر ألا يستعجل الامور, ثم دخل حجرة نوم حياة: ام كريم اعمليلنا اتنين قهوة مظبوط.
مها: هو مين اللي جه يا أبو كريم؟
محمود: دة الباشمهندس وليد جلال.
مها: ودة ايه اللي جابه السعادي؟
محمود: معرفش, قال يا خبر النهاردة بفلوس. ياللا قوموا بسرعة واعملوا القهوة. مش هنقعد نتسامر ونسيب الراجل قاعد لوحده.
مها: حاضر يا ابو كريم. دقايق وتكون القهوة جاهزة.
وخرج محمود لضيفه, وخلفه مها لاعداد القهوة, اما حياة فكانت في عالم آخر منذ أن سمعت اسم وليد وتعود بذاكرتها الى ظهر هذا اليوم حين قابلت مريم في أحد المطاعم وقد هربت الدماء من وجهها وهي تهتف في محاولة أن يكون صوتها منخفضا بقدر ما استطاعت: قولتيله يا مريم؟ قولتيله؟! هي دي الامانة اللي عهدتيني على انك تصونيها؟
مريم وهي تشعر بالذنب: والله يا حياة كان غصب عني, ما كنش قدامي حل تاني. وانا كنت فاكراه هيفهم ويقدر.
حياة بسخرية مريرة: هيفهم؟ ويقدر؟ انت فاكرة نفسك لسة في انجلترا يا مريم؟ فوقي بقا, انتي في مصر, والانسان اللي بتتكلمي عنه دة مش بس مصري وشرقي, لا دة كمان صعيدي. يعني لا هيفهم ولا هيقدر مادام الموضوع وصل للأعراض والشرف. وبالنسبة لواحد زي وليد ولو كان متعلق بيا زي ما كنتي بتقولي وعاوز يتجوزني, أكيد بعد اللي عرفه هيخلي كل حبه دة يتقلب لعداوة وكره, ومش بعيد يكون بيفكر دلوقت ازاي يقدر ينتقم مني عشان يرضي كبرياءه.
مريم بدون اقتناع كامل بما تقول: لا يا حياة. مفتكرش ان وليد يعني ممكن يكون بيفكر بالطريقة دي.
حياة: مش بقولك انتي طيبة أوي..أعمل ايه بس دلوقت انا يا ربي؟
أفاقت حياة من شرودها على صوت أمها وهي تقول لها: حياة . يا حياة. مالك يا بنتي؟
حياة: هه! فيه ايه يا ماما؟
مها: قومي يا بنتي غيري هدومك بسرعة وتعالي معايا.
حياة: أجي معاكي فين يا ماما؟
مها: تقابلي الباشمهندس وليد. هو طلب من أبوكي انك تيجي تقعدي معانا عشان الكلام اللي هيقوله يخصك.
أرادت حياة في تلك اللحظة ان تنشق الأرض وتبلعها وهي تردد بخضة: يخصني!
أما في حجرة الصالون نرى وليد يجلس مع محمود والابتسامة تعلو وجهه ويتحدثون في أمور شتى الى ان سمعا طرقا خفيفا على الباب, فقال محمود: ادخلي يا أم كريم.
ودخلت مها وخلفها حياة بخطى مترددة وقالت: السلام عليكم.
رد كل من وليد ومحمود: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
محمود: اقعدي يا حياة هنا جنبي.
وجلست حياة حيث أمرها والدها وعينيها معلقة على وجه وليد لترى به تعبيرا غريبا لم تستطع تحديده, فهل تلك النظرة التي تراها في عينيه هي لوم وعتاب؟ ام عداء واحتقار؟ أم كل ذلك متجمعا في نظرة واحدة؟
افتتح محمود الحديث قائلا: وأدي حياة جات أهي يا باشمهندس, خير بقا؟
تنحنح وليد قليلا ثم قال والابتسامة تزين حديثه: الحقيقة يا استاذ محمود أنا كنت جاي النهاردة عشان اتقدم واطلب ايد الانسة حياة.
ان قلنا ان المفاجأة قد ألجمت لسان كل من محمود ومها فهي قد شلت جميع حواس حياة بالكامل, وظلت تتساءل هل ما تسمعه حقيقة؟ هلهو بالفعل يطلب أن يتزوجها هي بعد كل ما علمه؟!
وشعر وليد بالصمت يغلف المكان فازدادت ابتسامته وهو يسأل محمود: خير يا أستاذ محمود؟ ما سمعتش ردك يعني!
فقال محمود وهو يشعر ببعض الحرج: والله يا باشمهندس وليد انا مش عارف أقولك ايه؟طبعا طلبك دة يشرفني لكن للأسف بقا جه متأخر لأن حياة اصلا مخطوبة.
لم يبدو على وليد أنه قد تفاجأ او شعر ببعض الاحباط وهو يقول: انا عارف يا استاذ محمود ان علاء ابن عمها اتقدملها بس اللي اعرفه بردو ان حياة مش موافقة.
محمود وهو ينظر بشك الى حياة التي لم ترفع عينيها عن الارض: وياترى بقا عرفت الكلام دة منين؟
وليد: حياة حكت لمريم ومريم هي اللي قالتلي.
محمود: طب ما تأخذنيش بقا يا باشمهندس, انت فعلا لو كنت عاوز بنتي زي ما بتقول فايه اللي يخليك تستنا لحد دلوقت عشان تتقدملها؟
وليد: دي بقا يا استاذ محمود تبقا غلطة حياة.
التفتت اليه حياة عند ذكر اسمها وقد علت الدهشة وجهها.
أما محمود سأله: ازاي يعني؟
وليد: بصراحة أنا أول ما شفت حياة أُعجبت بيها وكنت عاوز اتقدملها لكن عرفت ان حياة كانت بتخطط انها تخلص دراسة الأول عشان كدة قلت مفيش مانع لو أجلت الموضوع دة سنة كمان, لكن أول ما عرفت انها ممكن تكون لحد تاني غيري قلت مش هينفع اني أءجل أكتر من كدة.
محمود: بس دة ما يمنعش ان حضرتك بردو جيت متأحر, لأني خلاص عطيت كلمة لابن عمها ومش هينفع أرجع فيها, وانت أدرى الناس بعاداتنا وتقاليدنا يا باشمهندس.
وليد: حضرتك في دي معاك حق, بس افتكر ان لا الشرع ولا الدين بيقولوا ان البنت تتجوز غصب عنها. وافتكر ان حضرتك أب كل اللي يهمه مصلحة ولاده وسعادتهم. وسعادة حياة مش هتكون مع ابن عمها.
محمود وقد بدأ يضيق بحديث وليد: وانت ايه عرفك بقا يا باشمهندس ان مصلحة بنتي هتكون معاك؟
فألقى وليد بنظرة ثاقبة على حياة حاولت تجنبها: والله يا استاذ محمود كفاية انك تعرف ان فيه بينا نوع من التفاهم اللي ممكن يخلينا نعيش مع بعض في سعادة, وانت ممكن تسأل حياة وأعتقد انها موافقة على كلامي.
ومن نظراته شعرت حياة بأنه يتحداها ان تنكر كلامه, وبالطبع فهي لم يكن بمقدورها أن تفعل ذلك فتحلت بالصمت.
وهنا وقف وليد فجأة وهو يقول: طب استأذن أنا بقا وفي انتظار ردكم.
وقف محمود ليقوم بدوره كمضيف: ما لسة بدري يا باشمهندس
وليد: معلش بقا شكلي أصلا سهرتكم, وانا اسف للمرة التانية ع الازعاج واني جيت من غير ميعاد.
محمود: ما تقولش كدة يا باشمهندس, دة البيت بيتك, وانت تشرفنا في أي وقت.
وليد: ربنا يعزك, وان شاء الله أسمع أخبار كويسة قريب.
محمود: ربنا يقدم اللي فيه الخير.
وليد: يارب,سلام عليكم.
فردو جميعا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وخرج وليد يتبعه محمود, أما مها فانتقلت من مكانها لتجلس بجانب ابنتها التي شعرت بأن رجليها لن تستطيع أن تحملانها, وقالت مها: يعني ما قولتليش يا حياة على موضوع وليد دة؟
فردت حياة شاردة وبلهجة صادقة: أنا نفسي يا ماما ما كنتش متوقعة اللي حصل دة.
كانت حياة بالفعل تقول الحقيقة فلقد كانت تتوقع من وليد رد فعل مختلف تماما عما قام به.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
:كنك اتجنيت عاد
قالتها هادية بغضب وهي تقف أمام وليد بعيون لاهبة يتطاير منها الشرر في حضور ابنتها وكل من يوسف ومريم ,ورد عليها وليد بحدة: عمتي لو سمحتي دي حياتي وانا حر فيها.
هادية: لا يا ولد أخوي ما انتاش حر لما يبجا الموضوع متعلج بسمعة بت عمتك يبجا مانتاش حر واصل.
وليد: يا عمتي الجواز مش بالغصب وهدى طول عمرها زي اختي وأكيد هتلاقي اللي أحسن مني ويقدر يسعدها.
هادية: ومين دة اللي يرضى انه يتجدملها بعد ما يعرف ان ولد خالها سابها واتجوز غيرها؟ ولا هما البنتة بتوع مصر نسوكم عادتنا وتجاليدنا.
وليد: يا عمتي مفيش داعي للكلام دة , واحنا ما نسيناش حاجة.
هادية: لا يا ولد أخوي. طب وأخوك الكبير لما عملها واتجوز بت حمدي الكامل جولنا ماشي و أهي هتبجا وريثة جدها بردك ويحجله انه يفكر فيها.
كانت مريم تستمع الى الحديث في صمت حتى حين جاءت قصة زواجها من يوسف فضلت أن تحتفظ بها لما بعد ذلك, فها هي الان قد علمت بسبب اقبال يوسف على زواجه منها رغم علمه برفضها الشديد له, أما يوسف فكانت ردة فعله عنيفه حيث هتف بصوت حاد صارم ولكن ليس بالشكل الذي كان يرضي مريم: عمتي! خرجي مريم من الموضوع.
تجاهلت هادية كلام يوسف وأكملت: اما انت بجا ايش عجبك في بت البدري؟لا هي أجمل من بت عمتك ولا أغنى.
وليد: يا عمتي المسألة ملهاش دعوة لا بمال ولا جمال, انا وحياة متفاهمين ومن الآخر انا حتى لو مش هتجوز حياة عمري ما كنت هفكر في اني اتجوز هدى.
شعرت هدى بأنه قد داس بكل عنف على كرامتها فانهمرت الدموع من عينيها وصعدت السلالم في خطوات سريعة تقترب من الجري وهي تجهش بالبكاء, أما هادية فقد كان ردها قويا وهي تقول: كدة بجا يبجا انتو جبتوا من الآخر, ومن اليوم لا انا بجيت عمتكم ولا انتو ولاد أخوي.
ثم صعدت هادية خلف ابنتها بخطى ثابتة, لا تفكر الا في كيفية الثأر لكرامة ابنتها المجروحة.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كان يوسف مستلقيا في فراشه يقرأ في أحد الكتب الخاصة بإدارة المال والأعمال حين سمع طرقا خفيفا يأتيه من الباب الذي يفصله عن حجرة مريم,فقال دون أن يرفع عينيه عن الكتاب الذي في يده: ادخل.
ودخلت مريم بخطى مترددة تفرك في يديها ولا تعلم من أين ستبدأ حديثها ,فرفع يوسف عينيه قليلا اليها وعندما لاحظ ترددها, سألها: خير يا مريم؟ فيه حاجة؟
مريم: الحقيقة انا كنت عاوزة اسألك من زمان عن حاجة كدة بس كنت مترددة.
يوسف: حاجة ايه؟
مريم وقد استجمعت كل شجاعتها وهي تقول: يوسف! انت ليه اتجوزتني؟
بدا انه لم يتفاجأ كثير بسؤالها, بل انه أغلق الكتاب ووضعه على المنضدة بجانبه, ثم نهض من السرير واقترب منها بخطوات بطيئة وهو ينظر في عينيها بعمق وكأنه يخترق كيانها ويقول بكل ثبات: عشان فلوسك.
تفاجأت مريم من صراحته الغير متوقعة ولكنها تفاجأت أكثر حين رأته يبتسم ساخرا وهو يستطرد قائلا: مانتي هتبقي وريثة جدك, مش دة بردو اللي قالته عمتي تحت؟!
علمت مريم انه لم يكن يقصد أي كلمة مما قالها بل انه كان قد اتخذ من تهكمه وسيلة مناسبة للرد على اتهامها الغير مباشر, لذا بدأت في الاعتذار: انا اسفة يا يوسف, ما كنتش أقصد, بس انا فعلا الموضوع دة كان محيرني اوي, ولما عمتك اتكلمت فيه واحنا تحت حبيت أعرف الحقيقة منك.
يوسف: حقيقة ايه اللي انتي عاوزة تعرفيها يا مريم؟
فقالت مريم وهي تتمشى في الحجرة على غير هدى فقد كانت تلك احدى عاداتها حين تشعر بالتوتر: كنت عاوزة أعرف انت ليه فعلا اتجوزتني؟ لما كنا في البلد قولتلي انك مش هتطلقني دلوقت عشان خاطر جدو وانك بتحبه لدرجة انك ما تقدرش تتسببله في أي فضيحة, يا ترى جدو عبدالرءوف هو اللي أجبرك انك تتجوزني؟
فرد يوسف بصرامة وثقة عالية بالنفس: اللي عاوزك تفهميه كويس يا مريم ان مفيش حد في الدنيا يقدر يجبرني اني اعمل حاجة انا مش عاوزها.فاهمة؟
أومأت مريم برأسها ثم سألته مغيرة الموضوع: طب انت ايه رأيك في اللي عمله وليد؟ يعني موافق على جوازه من حياة؟
يوسف: وليد شاب عاقل يقدر يقرر بنفسه ايه اللي ينفعه وايه اللي لا, وطالما هو اختار حياة يبقا اكيد واثق ان دي هي الوحيدة اللي هتقدر تسعده.
ثم نظر الى مريم بريبة: بس أنا فيه حاجة مش فاهمها.
مريم: ايه؟
يوسف: وليد امبارح قبل ما يخرج من الفيلا كان في حالة مش طبيعية,كان تقريبا على وشك الانهيار, واول ما رجع فاجأني بانه قرر يتجوز حياة, انتي قولتيله ايه قبل ما يخرج؟
مريم وقد شعرت بالارتباك:هه, ولا حاجة, هو اصلا بيحب حياة من اول ما شافها بس انا قولتله امبارح انها هتتخطب لابن عمها عشان كدة كان متضايق وقرر انه ياخد خطوة سريعة في الموضوع دة لانه كان خايف احسن تضيع من ايده, وبس. تصبح على خير بقا.
واسرعت الخطى نحو غرفتها وكأنها تحتمي بها ضد هجوم يوسف بأسئلة أكثر لا يمكنها الاجابة عنها, اما يوسف فقد وقف مسمرا في مكانه وهو يقول في نفسه ناظرا ناحية الباب الذي أغلقته مريم خلفها: يا ترى يا مريم ممكن ييجي اليوم اللي هتثقي فيا وتقوليلي كل اللي جواكي من غير خوف؟!
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وعبر الهاتف كانت حياة تتحدث بكل ما تمتلك من هدوء ورزانة: ايوة يا باشمهندس عارفاها........ خلاص ان شاء الله هقابلك هناك بعد نص ساعة.......مع السلامة.
ثم انهت المكالمة فسألتها مريم التي كانت تجلس بجوارها على أحد المقاعد في الكلية: انتي لسة مصرة بردو ع اللي في دماغك دة يا حياة.
حياة: لازم يا مريم, انا من ساعة اللي حصل مش عارفة انام, بس ربنا يقدرني بقا و أقدر أواجه.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
و في احدى الحدائق العامة تقابل كل من حياة و وليد وبعد التحية,بدأت حياة الحديث: أولا يا باشمهندس انا اسفة لو كانت مكالمتي اتسببتلك في اي ازعاج بس كان لازم نتقابل بعد اللي حصل.....
وقاطعها وليد بحزم وهو يسألها بعيون جامدة خالية من أي تعبير: ياريت من غير مقدمات ندخل في الموضوع على طول.
شعرت حياة ببعض الاحباط لهجومه الغير متوقع, ولكنها لم تفقد سيطرتها بعد وأكملت بنفس القوة التي بدأت بها كلامها: أكيد حضرتك عارف انا ليه كنت عاوزة أقابلك.
تصنع وليد الدهشة نتيجة لسؤالها: لا. مش عارف.
قررت حياة ان تجاريه في لعبته: انت ليه عاوز تتجوزني؟
ابتسم وليد وهو يقول بتهكم: سؤال غريب بصراحة ما كنتش متوقعه؟ هو ليه الواحد بيفكر في الجواز؟
حياة: انت فاهم قصدي كويس يا باشمهندس, انا اقصد انت ليه عاوز تتجوزني وخصوصا بعد اللي عرفته من مريم؟
فأجاب وليد بنظرات وقحة ضايقت حياة: لأني عاوزك . وأفتكر ان الطريقة الوحيدة اللي ممكن تقربني منك هي الجواز. ولا فيه طريقة تانية؟
شعرت حياة بالدماء تغلي في عروقها واستجمعت كل قوتها لتصفعه على خده ولكن ردة فعله كانت أسرع منها فأمسك بمعصمها, فقررت حياة أن تجرحه بكلماتها الغاضبة: انت انسان سافل ووقح, وانا اللي غلطانة اني فكرت أجي واتكلم معاك.
أفلت وليد يدها بقوة وهو يقول لها بحدة: والله اللي مفروض يتقال عنه انه سافل ووقح هو حد غيري يا حياة, أما انا فلازم تشكريني اني في الاول وفي الاخر فكرت في الحلال.
حياة بتحدي: بس انا بقا مش عاوزاك.
ابتسم وليد بكل ثقة وهو يقول: ما هو يانا يا بن عمك يا حياة, اختاري, ولو ان الموضوع مش محتاج تفكير كتير.
فقالت حياة بشجاعة لم تكن هي نفسها تتوقع انها تتحلى بمثلها: اوعى تكون فاكر ان اللي حصلي دة ممكن يكسرني قدامك واني ممكن أوافق عليك غصب عني , لا فوق يا باشمهندس , انت عمرك ما هتقدر تزلني.انا هروح حالا أقول لبابا اني مش موافقة عليك ويحصل اللي يحصل بقا.
فنظر وليد اليها وهو يقول لها محذرا: لمصلحتك ومصلحة عيلتك كلها يا حياة انك توافقي, الا بقا اذا كنتي فعلا عاوزة تجيبي العار لأهلك وتكسري ابوكي قدام كل الناس.
حياة: انت بتمسكني من ايدي اللي بتوجعني؟ انت فعلا انسان واطي.
وليد بعيون غاضبة: احفظي لسانك يا حياة, وانا بقا هستنا لما تبقي مراتي عشان أعرف أرد عليكي كويس, سلام.
ثم أكمل طريقه مبتعدا عنها تاركا اياها وحدها تندب حظها بصمت.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 03:51 AM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الخامس عشر


*بوادر الغيرة*

في قاعة المسرح بالجامعة, قد اجتمع أعضاء أسرة" ملكة بأخلاقي" وقد كان عددهم يقرب العشرين طالبة. كانوا يعدون للمسرحية التي سيقومون بتأديتها في حفل الاستقبال للعام الدراسي الجديد. قامت سلمى بدور المخرج وكانت رغم مرحها و دعاباتها التي لا تنتهي الا انها تمتاز بالجدية والصرامة في وقت العمل, وبعد أن انتهت من توزيع الادوار بدأت تقول بصوت منهك: بسسسس كدة بقا مش فاضل غير دور البطل والبطة, وانا شايفة ان أحسن واحدة ممكن تقوم بدور البطلة هي حياة.
تفاجأت حياة من ذلك الاختيار الغير مستحب بالنسبة لها وبدأت بالاعتراض:انا؟! لالالا, شوفولكم حد غيري , انا منفعش.
أيدت هالة رأي سلمى وهي تقول محاولة اقناع حياة بالعدول عن رفضها: بالعكس يا حياة, انا مع سلمى في رأيها , وبصراحة الدور دة لايق عليكي جدا, دة غير انك ممثلة موهوبة فعلا, فاكرة أول سنة لما مثلتي في المسرحية اللي عملها فريق الجوالة؟ كنتي فعلا ممتازة بالرغم من ان الدور كان صغير.
قالت حياة في اصرار واضح على رأيها: لا يا جماعة. دة كان زمان, اما دلوقت فانا مش هقدر أقول كلمتين على بعضهم وانا ع ال stage.
وهنا استخدمت سلمى سلطتها وهي تقول بصرامة: مفيش حاجة اسمها زمان ودلوقت.دي موهبة عندك وبتفضل معاكي في أي وقت.وبصراحة بقا أنا مش شايفة أي حد غيرك ينفع للدور دة.
أشارت حياة فجأة ناحية مريم وهي تقول: مريم عندكم أهي. هي اللي تنفع.
أجابت مريم نافية بشكل قاطع: لا يا ستي, انا كفاية عليا الديكور . ومش هعرف أوفق بين الاتنين.
وهنا كانت الكلمة الأخيرة لسلمى التي قالت بحزم: يبقا خلاص يا حياة. انتي اللي هتقومي بدور البطلة, ومفيش كلام تاني.
حياة باستسلام: خلاص بقا أمري لله.
فتنهدت سلمى بارتياح, ثم قالت: ايوة كدة خلينا نفكر بقا في المشكلة الأساسية.
هالة: هي ايه المشكلة دي؟
سلمى: مين اللي هيبقا البطل؟
فقالت حياة بلهجة طفولية: مليش دعوة, انا عاوزة حسين فهمي.
فأشارت لها نورا بغيظ: ياختي اتلهي, دة انتي أخرك سليمان عيد وهنديله فلوس كمان عشان يرضى يقف قصادك.
فقالت مريم بجدية: اسكتوا بقا شوية يا بنات, احنا فعلا في مشكلة حقيقية. احنا ما نعرفش حد من الشباب بيعرف يمثل ويقبل يكون معانا.
وهنا نظرت سلمى الى نورا مؤنبة بتهكم: مش كان المفروض بردو يا عم نجيب محفوظ انك تتم جميلك معانا وتخلي المسرحية كلها بنات بدل الورطة اللي احنا فيها دي؟
فقالت نورا وهي تحاول ان تغيظ سلمى: عليا انا بردو الكلام دة, دة انا أقطع دراعي من لغاليغو ان ما كنتي عاوزة المسرحية كلها شباب.
فضربتها سلمى بخفة على ذراعها وهي تقول متوعدة: بقا كدة؟ طب اصبري عليا يا ست نورا. بكرة أطلع كل دة على عنيكي في البروفات.
وهنا تحدثت زميلة لهم لائمة الجميع: يا جماعة انتو بتهزروا؟ احنا فعلا في مشكلة. لازم نفكر كويس هنجيب البطل دة منين؟
فاقترحت حياة: طب وهو لازم يكون شاب يعني؟ ماحنا ممكن نلبس بنت لبس رجالة وهي اللي تقوم بالدور.
لم تعجب الفكرة سلمى التي قالت: مش هينفع. لانها هتتكشف اوي, والبنت دي هتبقا محل سخرية للجميع وتتقلب مسرحية هزلية.
وهنا هتفت نورا فجأة بانتصار وكأنها عثرت على كنز ثمين: وجدتها.
فوضعت سلمى يدها على أذنيها بهدف الحماية من صوت نورا العال والذي كان يمتاز بحدته: يا بنتي حرام عليكي, هتضيعي طبلة ودني.
فابتسمت حياة رغما عنها وهي تتطلع الى نورا لتسألها: هي ايه اللي وجدتيها دي بقا يا ست نورا؟
فصاحت نورا مرة أخرى متناسية تحذير سلمى منذ قليل: البطل طبعا.
وما كان من سلمى إلا أن ازاحتها بغيظ لتتحرك الى الناحية الأخرى وهي تقول لها متوعدة: امشي من جنبي يا بت, والمرة الجاية ان عليتي صوتك بالشكل دة تاني والنعمة لأضربك.
فنهرتها حياة بلطف: احنا قلنا ايه؟ مش قلنا مفيش حلفان بغير الله؟
فقالت سلمى بأسف سريعا: اه صحيح. استغفر الله العظيم, ثم سألت نورا بسخرية واضحة: قوليلنا بقا يا ست هانم مين هو؟
فقالت نورا بطريقة مستفذة متصنعة البراءة: اه, نسيت,
فتجهم وجه سلمى وهي تستعد للانقضاض على نورا: سيبوني عليها.
فأمسكت كل من حياة ومريم بسلمى لايقافها ووضعت نورا يديها على وجهها بشكل دفاعي وهي تقول: خلاص. هقول هقول. ايه رأيكم في أستاذ خالد صلاح المعيد بتاعنا؟
خيم الصمت قليلا على الجميع الى أن قالت سلمى: استاذ خالد؟ واشمعنا يعني.
أخذت نورا توضح لهم أسباب اختيارها وهي تقول بشكل عملي: أولا المفروض ان فيه أغنيتين في المسرحية واستاذ خالد لما غنى في حفلة السنة اللي فاتت كان صوته رائع وكلنا متفقين على كدة, وثانيا مفتكرش ان فيه أي اختلاف على انه انسان كويس ومحترم ودي المواصفات اللي احنا عاوزينها في الشاب اللي هيشتغل معانا.
فقالت حياة وقد بدا عليها الاقتناع: طب وانتي ايه عرفك انه ممكن يوافق؟ وكمان مش شرط انه عشان صوته حلو وبيغني يبقا كمان بيعرف يمثل.
تولت سلمى الرد على كلام حياة: انا من رأيي اننا نعرض علية الموضوع الاول ونشوف رأيه وبعدين أي حاجة تانية ممكن تتحل.
هالة: ومين بقا اللي هتكلمه؟
فنظرت كل طالبة الى زميلتها في حيرة أما سلمى فأجابت ببساطة: ودي محتاجة سؤال؟ صاحبة الفكرة طبعا. الانسة نورا.
فأسرعت نورا بالاحتجاج: انا؟ لالالالا. مش ممكن طبعا, خلي مريم هي اللي تكلمه.
مريم مستفسرة: واشمعنا انا بقى؟
نورا: عشان انتي يا مريم مفيش أي راجل يقدر يرفضلك طلب سواء كان طالب أو دكتور. دة كفاية العيون الدبلي دول.
مريم: لا يا ستي أنا اصلا معرفوش.
وهنا أرادت حياة أن توقع سلمى في الفخ كما عملت هي منذ قليل وهي تتمثل البراءة: والله انا من رأيي ان دي أصلا مهمة المخرج.
فاتجهت الانظار ناحية سلمى التي تعلقت عيناها بوجه سلمى وكانت تتقد نارا وهي تسمع تأييد الجميع لرأي حياة التي أخرجت لها لسانها لتغيظها أكثر.
وما كان من سلمى الا ان استسلمت لرأي الجميع: ماشي . خلاص, انا هكلمه بكرة ان شاء الله.
وهنا نظرت سلمى الى ساعة يدها, ثم قالت: طب يا جماعة همشي انا بقا عشان اتأخرت.
فقالت مريم هي الأخرى: وانا كمان , نشوفكم بكرة بقا بإذن الله.
وكان لابد للمخرج بأن يلقي بتعليماته الأخيرة لذلك قالت سلمى: اوك يا بنات, يبقا التجمع هيكون بكرة ان شاء الله الساعة تسعة الصبح, ومش عاوزة أي تأخير.
فأجاب الجميع: أوك يا boss.
وذهبت كل منهما الى منزلها, وكالعادة قد ركبت حياة في سيارة مريم لتقوم بتوصيلها, وما ان اقتربت من البناية حتى لمحت سيارة زوجها وسيارة وليد تصطفان بين السيارات, فعلت الدهشة وجهها وهي تتساءل: ايه اللي جاب عربية يوسف و وليد هنا؟ معقول يكونوا عندكم يا حياة؟
فقالت حياة في شك: جايز, تعالي نشوفهم, وأهو بالمرة تسلمي على ماما دي بتسأل عليكي كتير أوي.
فقالت مريم موافقة: وهي كمان وحشتني أوي, ثم قالت للسائق: استناني شوية يا عم توفيق.
فهز توفيق رأسه وهو يقول: اوامرك يا ست هانم.
ثم صعدت حياة الى شقتها وهي بصحبة مريم, و ضغطت حياة على جرس الباب وهي تأبى ان ترفع يدها من على الجرس, فظهرت مها بالداخل وهي تتجه ناحية الباب متضايقة من صوت الجرس الذي يرن دون انقطاع: حاضر حاضر, ما تشيل ايدك عن الجرس ياللي برة.
وما ان فتحت الباب حتى طبعت حياة قبلة سريعة على خدها وهي تقول بمرح: السلام عليكم, ازيك يا ست الكل.
فردت مها بغيظ: والله كان قلبي حاسس انك انتي اللي بترني الجرس, اصل مفيش حد بيعمل امور العيال دي غيرك.
فتصنعت حياة الحزن وهي تقول: بقا كدة يا ست ماما؟ طب الله يسامحك.
مها: يارب ياختي.
وهمت مها ان تغلق الباب خلف حياة التي منعتها سريعا وهي تقول: استني يا ماما, مريم برة.
ثم خرجت سريعا لتسحب مريم من يدها فرحبت بها مها كثيرا , ثم تساءلت حياة وهي تهمس بالقرب من اذن مها وعينيها تتجه ناحية حجرة الصالون المغلقة وتستمع الى اصوات الرجال المنخفضة التي تنبعث منها: الا قوليلي يا ماما هو احنا عندنا ضيوف؟
فردت مها: ايوة يا ستي دة الباشمهندس وليد و أخوه الباشمهندس يوسف جايين يتفقوا مع باباكي على الشبكة والمؤخر والفرح وكل حاجة.
ظهرت مسحة حزن على وجه حياة سريعا ما استطاعت اخفائها وهي تسأل والدتها بابتسامة باهتة: طيب احنا ممكن ندخلهم ولا لا؟
مها: معرفش, بس خبطي ع الباب شوفي باباكي ممكن يسمحلك ولا لا عقبال مانا أعمل القهوة.
حياة: اوك يا ماما.
ثم سحبت مريم من يدها مرة اخرى وطرقت باب الصالون فجاءها صوت والدها من الداخل: ادخلي يا أم كريم.
فتحت حياة الباب وهي تقول بشكل فكاهي: طب ولو أخت كريم؟ تدخل ولا لا؟
فافتر ثغر محمود بابتسامة حانية: تعالي يا حياة.
حياة: السلام عليكم.
فرد الجميع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
محمود: ادخلي يا حياة. عاوزك.
حياة: بس انا معايا ضيفة يا بابا.
محمود: اهلا وسهلا بالضيفة, خلاص خديها وادخلو اوضتك.
حياة وهي تشير الى يوسف: بس هي عاوزة تقابل الباشمهندس.
فنظر لها يوسف مستفهما فابتسمت حياة باستحياء وخرجت سريعا وسرعان ما عادت وهي تدفع مريم أمامها, التي شعرت بالحمرة تغزو وجهها وهي تقول بنبرة منخفضة: السلام عليكم.
الجميع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
محمود: اهلا وسهلا يا بنتي اتفضلي.
وقد وفرت حياة حيرة الاختيار على مريم حيث جلست على الكرسي الوحيد الفارغ بالحجرة مما أرغم مريم على الجلوس بجوار يوسف الذي رمقها بنظرة جانبية وهو يسألها: خير يا مريم؟ فيه حاجة حصلت؟
اضطربت مريم كثير وهي تقول بنبرة دفاعية: لا ابدا, دة انا كنت بوصل حياة فشفت عربيتك وعربية وليد تحت فتوقعنا انكم هنا وحياة اصرت اني اطلع معاها.
فسأل وليد بعد ان القى نظرة سريعة الى ساعة يده ثم رفع عينيه ناحية حياة: وكنتو فين لحد دلوقت؟
ولأنها رأت نظرة اتهام في عينيه آثرت حياة الصمت حتى لا تخرج عن شعورها وترد على اتهامه بكلام جارح سيدخل الشكوك في نفس والدها, لذا تولت مريم الرد بالنيابة عنها: احنا كنا في الجامعة أصلنا بنجهز لمسرحية هنقدمها في حفلة بداية السنة الجديدة ان شاء الله وحياة هتكون البطلة فيها.
وليد بشكل ساخر لم يدركه سوى مريم وحياة: ممثلة؟ اراهن انك هتنجحي و بتفوق كمان.
وهنا سأل يوسف مريم وهو يمسك يدها بحنان: وانتي بقا يا حبيبتي ايه الدور اللي هتعمليه؟
هزتها كلمة حبيبة التي خرجت من فمه وشعرت بقشعريرة خفيفة اثر لمسته ولكنه أخرجت نفسها سريعا من تلك الحالة وعزت تلك الأفعال لوجود أناس معهم بنفس الحجرة وقد كانت تعلم ان يوسف حريص بدرجة كبيرة على الشكل الاجتماعي و تهدج صوتها وهي تجيب وتسحب يدها برفق من يده: لا, انا مش بعرف أمثل انا هتولى مسئولية الديكور اصلي أعرف شوية حاجات كدة خاصة بالموضوع دة اتعلمتها من ماما ماهي مهندسة ديكور.
رأت تقطيبة صغيرة تعلو جبينه وهو يقول: اه ,عارف.
وهنا تحدث محمود أخيرا ليسأل وليد: فيه حاجة تانية كنت عاوز تقولها يا باشمهندس؟
وليد: أيوة, انا كنت عاوز احدد ميعاد الفرح, وكنت حابب أخليه بعد أسبوعين.
وقعت المفاجأة عليها وكأنها صفعة تلقتها على خدها هكذا شعرت حياة جراء طلب وليد المفاجىء, ولكن والدها هو الذي تحدث ليقول وقد بدت عليه الدهشة أيضا من ذلك الاستعجال الذي لا يدري له سببا: بسرعة كدة! بس احنا مش هنلحق نجهز حاجة يا باشمهندس.
وليد: يا عمي انا مش عاوز اي حاجة, انا شقتي كلها اسبوع وهستلمها متشطبة ومفروشة ومش ناقصها أي حاجة, وكدة كدة كنت ناوي انقل فيها بعد ما تخلص وبما اني خلاص خطبت فنفسي اول مرة ادخل الشقة تكون معايا مراتي, قلت ايه بقا؟
و هذه المرة كان الرد من نصيب مها التي دخلت للتو وهي تحمل صينيه عليها المشروبات: ودة يصح بردو يا باشمهندس؟ ازاي بنتنا تدخل من غير ما نجهزها؟
وبعد ان قدمت المشروبات سريعا وقفت لها حياة لتجلس مكانها بينما جلست حياة بجانبها على مسند الكرسي, وردا على سؤالها قال وليد: مانا زي ما قلت لعمي اني شقتي جاهزة وأول ما استلمها هديكم مفتاح ليها تروحوها ولو فيه حاجة مش عجبتكم قولولي وانا أغيرها.
مها: بس يا باشمهندس دي أصول وابو كريم من أول ما حياة اتولدت وهو بيشيل فلوس لجهازها وبنحلم باليوم اللي هنشورها فيه, يبقا ازاي بقا اللي انت بتقوله دة؟
وليد: حضرتك مفيش اي مشكلة خالص, الفلوس اللي انتو كنتو شايلينها للجهاز حطوها في البنك باسمها وهتبقا هي هي وانا عن نفسي هحطلها خمسين ألف جنيه مهر باسمها في البنك وهنشتري بزيهم شبكة. الحقيقة انا عارف انه مبلغ قليل أوي بس انا رغم اصرار يوسف قررت اني أبدأ حياتي بنفسي بعيد عن الميراث اللي سابه بابا الله يرحمه لينا.
محمود: الله يرحمه يابني.
ثم نظر الى حياة: وانتي ايه رأيك يا حياة؟
شعرت حياة بأن وليد يحاول ان يشتريها بأمواله لذلك يرفض أن يساهم أهلها في تجهيزات الزواج. وأخذت تتذكر تلك المواقف التي جمعتهما سويا قبل علمه بحقيقة ماضيها وتذكرت كيف كان يكن لها كل ود واحترام حتى عندما كان ينظر اليها كانت نظراته خجولة وان كانت مملوءة بالشوق, اين تلك النظرات مما تراه الان في عينيه من احتقار و جرأة وعبث؟ فهل هي حقا سقطت من عينيه؟ اذن فلم يصر على زواجه منها وبتلك السرعة؟
نعم لقد تذكرت الأن ما قاله لها منذ يومين في الحديقة فإنه يريدها ولا يبالي بالطريقة التي سيستخدمها للحصول عليها حتى وان كانت الزواج.
أفاقت حياة على صوت أبيها: حياة؟ مالك يا بنتي ساكتة ليه؟ انتي ايه رأيك في الكلام اللي قاله الباشمهندس؟
حياة وقد ظهر على وجهها قلة الحيلة: اللي تشوفو يا بابا.
فقال محمود: اذا كان كدة يبقا ماشي يا باشمهندس.
وليد: كدة يبقا مش فاضل غير حاجة واحدة.
محمود: ايه هي يا ترى؟
وليد: الفرح , انا هعمله في أي قاعة هنا انتو تختاروها, بصراحة كان نفسي يتعمل في البلد لكن نظرا لبعض الخلافات العائلية هنعمله هنا.
فقال محمود موافقا على كلامه: انا بردو كنت هقولك كدة يا باشمهندس, احنا كمان مش عاوزين الفرح يتم في البلد, وخصوصا اننا رفضنا ابن عمها ودة هيخلي العيلة كلها ضدنا.
وليد: يبقا نقرأ الفاتحة دلوقت يا عمي وبكرة ان شاء الله هاخد حياة ومدام مها عشان نشتري الشبكة.
محمود: ماشي يابني اللي تشوفه. نقرأ الفاتحة.
وارتفعت الأيادي لقراءة الفاتحة على خوف وأمل يتصارعان في قلب حياة, خوف من حياتها مع وليد وكيفية معاملته لها بعد الزواج وهو لا يستطيع نسيان ما حدث لها, وأمل في أنه من الممكن أن يأتي الذي ستتغير فيه وجهة نظره ويعلم أنها لم تكن سوى ضحية قد كانت فريسة لوحوش لا تعرف للرحمة معنى.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
جلست مريم على السرير بغرفة نومها وهي تقرأ في أحد الكتب الخاصة بالديكور بجانب سيناريو المسرحية التي من المفترض ان تقوم باعداد الديكور لها, وتدون بعض الملاحظات. وبينما هي على تلك الحال سمعت صوتا عميقا وكأنه يأتي من بعيد: مريم.
فنظرت أماما لتُفاجىء بيوسف أمامها يرتدي بيجاما للنوم, فشهقت مفزوعة حيث كانت تتوقع أنه في تلك الساعة يغط في النوم, فاقترب منها يوسف يحتضنها وهو يقول لها برفق: انا يوسف يا مريم اهدي.
وبعد أن زالت عنها تأثير المفاجأة دفعته بعيدا عنها بعنف وكأن حشرة سامة لدغتها, ثم وضعت الطرحة على شعرها وهي تصيح في وجهه وقد اشتعل وجهها غضبا: انت ازاي تدخل عليا الاوضة كدة من غير استئذان؟
فنهض يوسف من مكانه وهو يجيب على سؤالها عاقدا ذراعيه على صدره ببرودة أعصاب حسدته مريم عليها: اولا انا مش محتاج أخد اذن وانا بدخل اوضة مفيهاش حد غير مراتي, ثانيا انا خبطت الباب اكتر من مرة بس واضح جدا انك كنتي مشغولة لدرجة انك مسمعتيش الباب وهو بيخبط.
مريم: انا فعلا كنت مشغولة شوية, بس انت كنت عاوز ايه؟
يوسف: كنت عاوز أبلغك ان جدك اتصل بيا وقالي انه هييجي بكرة ان شاء الله يكمل علاجه هنا.
شعرت مريم بالسعادة تغمرها وهي تقفز من مكانها بحركات طفولية كان يستمتع يوسف وهو يشاهدها تقوم بها, وتردد: بجد؟ الحمد لله.الحمد لله.
ثم توقفت لتسأله: طب هو قالك هييجي امتى عشان اروح استقبله في المطار؟
يوسف: حوالي الساعة خمسة العصر, فبعد ما تخلصي اللي وراكي في الكلية عدي عليا في الشركة وانا هاخدك معايا. بس اعملي حسابك ان جدك هيزل من الطيارة وهينقلوه للمستشفى في عربية اسعاف مجهزة لانه لسة محتاج راحة وعلاج كتير.
مريم: المهم انه هيبقا معايا وقريب مني.
يوسف: طيب أسيبك انا بقا تكملي اللي بتعمليه ولو هتسمعي نصيحتي فالاحسن انك تنامي دلوقت عشان بكرة اليوم هيبقا طويل عليكي.
بالفعل كانت مريم تشعر ببعض التعب لذا وافقت سريعا على كلامه: معاك حق, تصبح على خير.
وكان يوسف يستعد للمغادرة ولكنه توقف فجأة وكأنه تذكر امر آخر فاقترب من مريم قليلا ليسألها: مريم! هو انتي ليه بتلبسي الحجاب في وجودي؟ هو حرام ان الراجل يشوف شعر مراته؟
فأجابت مريم بحدة لم تكن تقصدها: بس انا مش مراتك يا يوسف ولا نسيت؟
بدا ان كلامها قد أغاظه كثيرا لذا قطع المسافة التي تفصلهما في خطوة واحدة الا ان أصبح ملاصقا له تقريبا وهو يمسكها من كتفيها بعنف ويقول بلهجة غاضبة: لو انتي ما بقتيش مراتي لحد دلوقت يا مريم, فدة لان انا عاوز كدة, وبلاش تستفذيني أحسن أغير رأيي وكمان انا من النهاردة مش عاوز اشوفك لابسة الطرحة طول ما احنا لوحدنا.
ثم نزع الطرحة من فوق شعرها بقوة, وأخذ يبعثر شعرها بيديه وسألها وقد لان صوته كثيرا: مفهوم؟
لم تستطع مريم أن ترد سوى بايماءة بسيطة من رأسها وكما مسكها فجأة فقد تركها فجأة وغادر الحجرة, فشعرت مريم بأنفاسها تتقطع وتتساءل هل ما تشعر به في تلك اللحظة هو الخوف أم الغضب أم احساس غريب لم تختبره من قبل؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نذهب مرة أخرى الى مسرح الجامعة لنجد الفريق يجتمع برفقة الاستاذ خالد صلاح وقد كان شابا في الخامسة والعشرين من عمره وسيما وملابسه أنيقة ويبدو عليه الوقار, كان جميع الطلبة يقدرونه ويكنون له كل احترام لتبسطه دائما في المعاملة معهم, فقال خالد متذمرا بعض الشيء: اوك يا جماعة خلاص موافق بس فين الأغاني بقا اللي هتكون في المسرحية؟
فأشارت سلمى الى هالة وهي تقول: الاغاني بتكتبها هالة دلوقت, وان شاء الله هنستلمها خلال يومين, بس لازم نبدأ بروفات من بكرة وتكون حضرتك قريت السيناريو كويس.
خالد: اتفقنا, بس بلاش حضرتك دي لاني المفروض اني خلاص بقيت واحد من فريق العمل يعني زي زيكم لا دة كمان انتي المخرج يعني لو هيبقا فيه بينا القاب يبقا انا بقا اللي المفروض اقولك حضرتك, ولا ايه؟
فابتسمت سلمى وقد توردت وجنتيها وهي تجيب: لا خلاص , مفيش حضرتك تاني.
وهنا سألت مريم مقاطعة الحوار: طب يا جماعة هو المفروض اننا نخلص امتى النهاردة؟
فأجابت سلمى بغيظ: الساعة ستة يا مريم.
مريم معتذرة: طب معلش بقا انا مضطرة امشي دلوقت عشان جدو هييجي النهاردة.
حياة: حمدالله على سلامته يا مريم.
مريم: الله يسلمك.
سلمى: اوك يا مريم تقدري تمشي بس يبقا طمنينا بالتليفون أول ما يوصل بالسلامة.
مريم: ان شاء الله.
ثم نظرت الى حياة بأسف: معلش بقا يا حياة, مش هقدر أوصلك النهاردة.
حياة: ولا يهمك يا مريم, انا اصلا وليد هيروح البيت يجيب ماما وبابا ويعدوا عليا.
مريم: اوك يا حبيبتي, سلام.
ثم غادرت المسرح واستقلت سيارتها وأمرت السائق بأن يوصلها لشركة الكامل, وحين وصلت السيارة المكان المحدد ترجلت مريم من السيارة وطلبت من السائق أن يرحل وأخبرته أنها ستعود مع يوسف في سيارته كما اتفقت معه في وقت سابق. دخلت مريم الشركة وهي تشعر ببعض الرهبة فكانت تلك هي المرة الأولى التي تأتي فيها الى هذا المكان حيث كانت لا تستهوى هذا المجال بما يمتاز به من صنعة وتكلف ووجوه تبتسم لتغلف قلوبا يملؤها الحقد و العداوة.
وسألت في مكتب الاستقبال عن مكتب جدها الذي أصبح الآن مكتب يوسف جلال فأرشدتها الموظفة للطريق اليه,توجهت مريم ناحية المكتب بخطوات قلقة حتى وصلت الى مكتب السكرتيرة التي وجدته فارغا, فاحتارت في أمرها أتنتظر السكرتيرة أم تدخل مباشرة الى مكتب يوسف؟وقد عقدت العزم أخيرا فبعد طرقة خفيفة لم تنتظر أي رد عليها دفعت الباب لتجد مشهدا لم تتوقعه جعلها قد تسمرت في مكانها للحظات, فهي لم تجد يوسف بمفرده بل كانت برفقته علياء تلك الفاتنة الجميلة وهما الاثنان يقفان أمام مكتبه على مقربة من بعض وكانت علياء تمسك برباطة عنقه بدلال مدعية انها تقوم بتعديلها.
وعندما وقع نظر يوسف على مريم ابتعد قليلا عن علياء و بالرغم من انه من المفترض ان يتوقع تلك الزيارة ولكن قد فاجأه التوقيت على ما يبدو وهو يقول لمريم: مريم! اهلا وسهلا, اتفضلي واقفة عندك ليه؟
فدخلت مريم متجهمة الوجه: انا اسفة لو كنت جيت في وقت مش مناسب.
يوسف: لا ابدا , اسمحيلي اعرفكم ببعض. مدام علياء زبونة عندنا في الشركة وصديقة قديمة, ودي بقا مريم مراتي.
صافحتها علياء ببرود: اهلا مدام مريم, انا سعيدة اني شفتك وتشرفت جدا بمعرفتك.
مريم بتهذيب مصطنع: الشرف ليا يا فندم.
ونظرت علياء ناحية يوسف وهي تقول ل بدلال وإغراء واضح: مراتك حلوة أوي يا يوسف, وشكلنا كدة هنبقا أصحاب بس معلش بقا انا مضطرة امشي دلوقت عشان عندي مواعيد مهمة.
ثم نظرت الى مريم بابتسامة صفراء: بس أكيد هنتقابل تاني.
مريم بابتسامة جاهدت كثيرا لاظهارها: ان شاء الله.
واتجهت علياء ناحية الباب وخلفها يوسف ليقوم بتوديعها الى خارج مكتبه تاركا مريم تغلي من الغيظ. أهي نظرات علياء الوقحة السبب في ذلك الضيق الذي تشعر به الان؟ ام لعلمها بأن تلك الفاتنة قد انزعجت لدى رؤيتها لمريم فكان الشعور متبادل؟ أم أنها........



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 03:55 AM   #18

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السادس عشر

عادة ما تنتهي الابتسامة بدمعة


"أحيانا يغار الرجل على امرأة تحبه حتى لو لم يكن يحبها , وتغار المرأة على رجل يحبها حتى لو لم تكن تحبه"
مقولة قرأتها مريم ذات مرة وهي تتصفح الانترنت, ولكنها الأن وهي تجلس بجوار يوسف في سيارته وهما في الطريق الى المطار لاستقبال جدها تتساءل ما اذا كانت تلك المقولة تنطبق على حالتها الآن .فهي وان كانت على حسب زعمها لم تقع في حب زوجها الا انها قد شعرت بالغيرة حين رأته في ذلك الوضع مع تلك الفاتنة السمراء.
: ما تقلقيش يا مريم, جدك بخير وان شاء الله هيبقا أحسن.
انتبهت مريم من شرودها على كلام يوسف, وقد شعرت بالارتياح حين ظن ان صمتها ذلك يعود الى مجرد تفكيرها في جدها وقلقها على حالته, فقالت وهي تتجنب النظر اليه: ان شاء الله.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
توقفت سيارة وليد جلال أمام محل المجوهرات الذي نصحه يوسف بالذهاب إليه لشراء الشبكة بما انه خبير بتلك الأمور فخاتم أو أسورة من احدى المعادن والأحجار الكريمة هي أقل هدية من الممكن أن يقدمها رجل كيوسف جلال لاحدى صديقاته.خرج وليد من السيارة وبصحبته حياة و والديها ودخلوا المحل فاستقبلهم صاحب المحل وأخذ يعرض عليهم ما تطلبه مها, أما حياة فكانت توافق على كل ما تختاره والدتها بصمت ودون أن تبدي برغبة حقيقية في مشاركتها الاختيار وهي تشعر بنظرات وليد مسلطة عليها ولا تعلم كيف يمكن أن تتجنبها؟
وبعد أن انتهت مها من عملها بدأ الصائغ في وزن ما انتقته وأبلغهم بالثمن فسأله وليد: انتو بتقبلوا credit card؟
فاعتذر منه صاحب المحل بتهذيب: للأسف يا فندم احنا مش بنقبل credit غير من زباين المحل منعا لأي مشاكل.
وليد بضيق: أنا وليد جلال أخو يوسف جلال سليم.
كان لذكر اسم يوسف وقع السحر على اذن صاحب المحل حيث بدأ يقدم أسفه واعتذاراته: أهلا وسهلا يا وليد بيه, انا اسف جدا لاني ما عرفتش حضرتك من الاول. فعلا يوسف بيه بلغني بزيارة حضرتك النهاردة الصبح. شوف حضرتك الطريقة اللي تحب تدفع بيها ايه؟ او خلي الحساب علينا خالص.
وليد: متشكر.
وأخرج وليد بطاقة الائتمان خاصته وأعطاها للصائغ, وبعد انتهاء اجراءات الدفع, سلمه الرجل الشبكة مع كلمات التهاني المعهودة في تلك المناسبات.
وفور خروجهم وحين عادوا الى السيارة قدم العلبة القطيفة لحياة وهو يقول لها بلهجة متهكمة: مبروك يا عروسة.
وعندما رأى علامات التردد على وجهها ونظرات الحذر في عينيها سألها: ايه؟ مش عاوزة تاخدي شبكتك.
وهنا تدخلت مها بابتسامة واسعة وهي تأخذ العلبة من يد وليد: ودة اسمه كلام يا وليد يابني؟ هي بس أكيد مكسوفة حبتين. مبروك عليكم.
أشاح وليد بوجهه بعيدا عن حياة ورد على ابتسامة مها بمثلها: الله يبارك في حضرتك.
محمود وقد امتازت لهجته بروح الفكاهة: ياللا بقا يا باشمهندس, مش هترجعنا البيت ولا ايه؟ ولا نقضيها موتورجل؟
وليد: لا طبعا. ازاي؟ بس بعد اذنك يا عمي انا عاوزكم تقبلوا عزومتي الأول ع العشا.
محمود: وليه بس التكاليف يابني؟ ما احنا نروح البيت وحياة وأمها يجهزولنا لقمة كويسة.
وليد: معلش بقا يا عمي, صحيح الأكل البيتي مفيش أحلى منه, بس المناسبة تستحق الاحتفال, وانا شايف ان مدام مها موافقة على اقتراحي.
ثم غمز الى مها بشكل متآمر جعل مها تضحك وهي تقول لمحمود: خلاص بقا يا أبو كريم خلينا نفرح العرسان.
محمود: بس كريم قاعد لوحده وانتي عارفة انه مش بيعرف يسلق بيضة بنفسه.
وليد: ما تشيلش هم يا عمي. احنا هعدي على شقتكم الاول ناخد كريم وبعدين نطلع على أي مطعم تختاروه.
محمود: خلاص اللي تشوفه يابني.
ففتح وليد باب السيارة الخلفي لخطيبته وحماته: طب اتفضلوا.
دخلت حياة السيارة وهي تفكر في كيفية مرور تلك الساعات الاضافية وهي بصحبة وليد, فحتى بالرغم من وجود باقي أفراد اسرتها معهما الا انه دائما ما يحرص على الا تشعر الا بوجوده هو وحده.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي احدى المستشفيات نجد عبدالرءوف الكامل مستلقيا على السرير ويضع يده على خد مريم التي تجلس بجواره ويقول لها بصوت ضعيف: وانتي عاملة ايه يا مريم؟ طمنيني عليكي.
فقالت مريم وهي تقبل يده وبعيون دامعة: انا الحمد لله بخير يا جدو بس انت وحشتني اوي.
عبدالرءوف: وانتي كمان وحشتيني يا بنتي.
فتدخل يوسف الذي كان يقف على مقربة منهما بلهجة مرحة لم تعتادها مريم: انت عاوز تقنعني انك كنت بتفكر فينا وحواليك كل الممرضات الالمان اللي سمعت عنهم؟ دة كفاية صوتهم يا راجل اللي كنت بسمعه في التليفون وانا بتصل عشان اطمن عليك.
فابتسم عبدالرءوف ابتسامة واهنة: هتفضل زي مانت يا يوسف مش هتتغير ابدا. ازاي تفكر في واحدة تاني وانت معاك القمر دة؟ يعني عيون خضرة وشعر أحمر, انت عاوز ايه تاني؟
فتقدم يوسف منهما, ولدهشة مريم العارمة وجدته يحتضنها من الخلف ويقبل خدها وهو يقول بصوت حنون: عندك حق يا عمي. ربنا يخليهالي.
وبالطبع لم تحاول مريم الابتعاد عنه في وجود جدها, ولكنها انتهزت الفرصة حين قال عبدالرءوف: طب ياللوا بقا روحوا بيتكم وسيبوني ارتاح شوية.
فنهضت مريم ومالت قليلا ناحية جدها لتطبع قبلة رقيقة على جبينه: طب يا حبيبي مش عاوز اي حاجة؟
عبدالرءوف: تسلميلي يا مريم. بس هي عمتك ما تعرفش اني هاجي من المانيا النهاردة؟
مريم: مش عارفة والله يا جدو.
ولكن كانت الاجابة المريحة التي أرادها عبدالرءوف مع يوسف: ما تقلقش يا عمي, ان شاء الله انا هلاقي اي طريقة أوصلها بيها الخبر.
فنظر اليه عبد الرءوف بامتنان: ربنا يبارك فيك يا يوسف.
وعندما كانا في السيارة في طريقهما الى الفيلا كما كانت تتوقع مريم سألته: انت كنت تقصد ايه بالكلام اللي قلته لجدو؟

فوجه اليها يوسف نظرة خاصة: اي كلام بالظبط؟ مانا قلت حاجات كتير.
علمت مريم بالضبط الام يلمح, ولكنها ادعت التجاهل وهي تقول: الكلام الخاص بطنط وردة طبعا. هو ايه اللي ممكن يمنعنا من اننا نعرفها ان جدو رجع؟
يوسف: حاجات كتير يا مريم. بس ما تشغليش بالك انتي.
ارتفعت نبرة صوتها قليلا: يعني ايه ما اشغلش بالي؟ انا لازم أعرف ايه اللي بيحصل بالظبط.
نجح يوسف في الاحتفاظ بهدوءه وهو يقول لها: مشاكل في الشغل يا مريم بينا وبين جوز عمتك وصلت انه يقولي بانه خلاص قطع علاقته هو وابنه ومراته بعيلتنا ومش هيسمح لحد فينا انه يشوف عمتك او يتصل بيها.
فسألت مريم وكان عقلها ما زال يحاول ان يستوعب ذلك الخبر: طب وعمتو؟ تعرف الكلام دة؟
يوسف: ما اعتقدش , بس حتى لو عرفت, مفيش في ايدها حاجة تعملها.
مريم: يعني ايه مفيش في ايدها حاجة؟ يعني هي ممكن تقاطعنا فعلا لو جوزها طلب دة منها؟
يوسف: يعني عاوزاها تقاطع جوزها وابنها عشان خاطرنا؟ يا مريم كمال وهدان لما قال اللي قاله دة كان متأكد مليون في المية ان عمتك مش هتقدر تعارضه.
مريم بنبرة يملؤها الحزن: طب وجدو؟ يعرف الموضوع دة؟
يوسف: أكيد.
مريم: يا عيني يا جدو. وهو في حالته دي؟
فابتسم يوسف قليلا لمواساتها: لا ما تقلقيش. مش جدك اللي ممكن تكسره أي صدمة, عبدالرءوف الكامل طول عمره أسد, والاسد بيفضل أسد حتى لو عجز.
فنظرت مريم الى الطريق أمامها ثم سألته فجأة: احنا رايحين فين؟ مش المفروض اننا نروح؟
يوسف مراوغا: هو انا مش قلتلك امبارح ان النهاردة عندك يوم طويل؟!
مريم: اه, بس انا مش فاهمة قصدك ايه؟
فقال يوسف بغموض: بعد شوية هتفهمي.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
جلس الجميع أمام طاولة كبيرة للطعام في أحد المطاعم الفاخرة وهم يستمتعون بوجبتهم,ماعدا حياة التي أجبرت نفسها على تناول الطعام حتى لا تجذب إليها الأنظار وكانت تلك حجتها أيضا للعزوف عن الدخول في الحوار الدائر بين الباقين, ولكنها كانت تشعر مع كل لقمة تضعها في فمها أنها تكاد تختنق وهي تشعر بنظرات وليد مركزة عليها, لقدا بدا لها وكأنه يتلذذ كثيرا برؤيتها تتعذب.
: السلام عليكم.
كان هذا الصوت المرح هو صوت يوسف الذي تفاجأ الجميع بلا استثناء بحضوره هو وزوجته, وكاد وليد و محمود أن يقفان للترحيب به بعد أن ردا السلام ,الا ان يوسف قد منعهما باشارة من يده وهو يقول: محدش يقوم, كل في مكانه. لا سلام على الطعام.
ثم سحب كرسيا بجوار حياة لتجلس عليه مريم وجلس هو بجانب زوجته من الجانب الآخر, فسلمت مريم سريعا على حياة وهي تقول لها بسعادة تغمرها محتضنة يديها, فكانت تلك هي صديقتها المقربة: ألف ألف مبروك يا حياة.
فظهرت الابتسامة على وجه حياة للمرة الأولى منذ أن وصلت هذا المطعم: الله يبارك فيكي يا مريم, بس مش انتي قلتي ان جدك جاي النهاردة وكنتي هتروحي المطار عشان تقابليه؟
مريم: ايوة يا ستي والحمد لله اطمنت عليه وهو دلوقت في المستشفى.
حياة بلهجة صادقة: حمدالله على سلامته وان شاء الله ربنا يتم شفاه على خير.
مريم: يارب.
وليد وهو لايزال يستوعب المفاجأة محدثا يوسف: بس انت ما قولتليش انك جاي يعني.
فتظاهر يوسف بالاحراج: اه, شكلك بتطردني يا صاحبي, لو عاوزني أمشي قول من غير مقدمات.
وليد لائما: يوسف!
يوسف: يابني انت أناني كدة ليه؟ يعني انت عاوز تفرح لوحدك؟ انا قلت أجيب مريم ونحتفل كلنا.
بدت الحيرة على وجه وليد: نحتفل؟! بإيه؟
يوسف: هتعرف دلوقت.
وأشار يوسف برأسه لأحد العاملين بالمطعم وقد بادله ذلك الشاب الاشارة, وفجأة انطفئت الأنوار, ثم ظهرت أضواء خافتة ,وصوت ذلك الشاب يقول في الميكروفون: النهاردة يوم متميز للمحل, لأننا بنحتفل بخطوبة وكتب كتاب الباشمهندس وليد جلال على كريمة الاستاذ محمود البدري الآنسة حياة.
اختفت ابتسامتها فجأة وهي تسمع لقب آنسة وتنظر الى ناحية وليد, ولكنها حمدت ربها لوجود ذلك الظلام حولهما والذي قد حجب عنها تعابير وجهه التي كانت تخشاها.
وبعد أن أنهى الشاب كلماته المهنئة وصفق الجميع, دخل شيخ وقور الهيئة يرتدي الجبة والقفطان وفي يده دفتر كبير يقول بابتسامة هادئة: السلام عليكم.
فأجاب جميع الحاضرين بالمطعم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وأسرع يوسف لاستقباله وأجلسه بين محمود و وليد, والشيخ يبتسم قائلا: بالرفاق والبنين ان شاء الله.
فنظر وليد الى يوسف والدهشة تعلو وجهه: ايه دة يا يوسف؟ احنا متفقين ان الشبكة وكتب الكتاب والدخلة في يوم واحد.
يوسف مداعبا: لا يا سيدي انت في الموضوع دة بالذات ما تضمنش, أخاف لييجي وقتها وتهرب من الفرح. وبعدين بيقولوا خير البر عاجله احنا نكتب الكتاب دلوقت عشان يبقا كلبشناك والدخلة زي ما تفقنا بعد اسبوعين, وايه رأيك كمان اننا نعمل تصويت؟
ثم وجه كلامه للجميع: انتوا مش موافقين معايا بردوا اننا نكتب الكتاب دلوقت.
فأجاب الجميع بصوت واحد: موافقين.
يوسف وهو ينظر الى وليد مجددا: شفت بقا. موافقة بالاجماع, ياللا يا سيدنا الشيخ انت مش عاوز تشتغل ولا ايه؟ الراجل عاوز يكمل نص دينه, ولا انت عاوزه يتجه الى الرذيلة؟
فضحك الجميع على دعابته وشرع المأذون في القيام باجراءات الزواج: بطاقتك يا عريس, وبطاقتك يا ابو العروسة.
فسلم كل من وليد ومحمود بطاقته الشخصية للمأذون الذي قال: فين الشهود؟
يوسف مازحا: ايه يا سيدنا الشيخ؟ دة انت حتى في مطعم اختار الشاهد اللي يعجبك وانا التاني.
المأذون: طيب على بكرة الله, ايدك يا سيد وليد, ايدك يا سيد محمود.
وبدأ المأذون بكلاماته المحببة لدى الجميع وأخذ وليد ومحمود يرددان ما يمليه عليهما وسط الزغاريد من بعض الزبائن والتهنئة التي تنهال على أهل العروس والعريس.
وبعد أن انتهى كل ذلك ومغادرة المأذون مع الدعاء للزوجين بدوام السعادة وأن يرزقان بالخلف الصالح.
جاء أحد العمال يدفع أمامه طاولة صغيرة عليها تورتة تحمل صورة لكل من وليد وحياة تفاجأ بها البعض ولكنها بالطبع نالت إعجاب كل من بالقاعة.
فنظر وليد الى يوسف بامتنان: بقا عشان كدة, رشحتلي المطعم دة بالذات؟متشكر أوي يا يوسف.
فاحتضن يوسف أخيه بسعادة لم يستطع التعبير عنها بالكلمات, ولكنها اختصرها بقوله: وهو أنا ليا غيرك أفرحله؟ ألف مبروك يا صاحبي.
وكان التصفيق الحار هو التعليق الوحيد على ذلك المشهد الذي قد انهاه يوسف وهو يدفعه بعيدا عنه بخفة دمه التي فاجأت مريم كثيرا: ايه يا عم الجو الأخوي دة؟ ياللا بقا لبس مراتك الشبكة وبعدين قطعولنا التورتة اصلي انا خلاص تقريبا مت من الجوع.
وليد: بعد الشر عليك يا صاحبي.
ثم توجه وليد سريعا نحو حياة التي كانت الى الان مذهولة من تلك الاحداث السريعة التي توالت عليها خلال الساعات الأخيرة, أخذ وليد العلبة القطيفة من يد مها وفتحها, وقد مدت حياة له يدها تلقائيا وهي تتحاشى النظر اليه لتنظر الى الارض, ثم جاء الدور عليها وقد أعطاها دبلته , فرفعت حياة نظرها اليه لترى في عينيه تعبير لم تفهمه ولم تحاول ان تفسره , ولكنها أخذت منه الدبلة ووضعتها في اصبعه في أسرع وقت أمكنها ذلك.
وفور انتهائها من ذلك سمعت صوته الساخر يقول لها: مبروك يا مدام وليد.
فردت بصوت خافت: الله يبارك فيك.
وبعد تقطيع التورتة جلس كل في مكانه يتسامرون , ولكن قطع عليهم الحديث حضور طفلين؛ ولد وبنت, في سن التاسعة تقريبا بدا من كثرة الشبه بينهما أنهما توأمان, وكان كل منهما يمسك بزهرة حمراء في يده, فقدمت البنت الصغيرة زهرتها لحياة وهي تقول بلهجتها الطفولية البريئة: مبروك يا طنط.
فقبلت حياة منها الوردة ثم قبلتها في خدها: الله يبارك فيكي يا حبيبتي عقبالك بقا.
وهنا تذمر وليد بطريقة طفولية محاولا تقليد الطفلة: ومفيش واحدة بقا عشان عمو؟ ماهو انا بردو العريس.
الطفلة: لا, ماهو كل واحد فيكم يمسكها شوية بقا.
وليد مدعيا الحزن: بقا كدة؟ طب انا بقا هاخد الوردة من أخوكي , وأهو راجل زي بردو.
ثم نظر الى الطفل وهو يسأله: مش الوردة دي بردو عشاني؟
فأجاب الطفل وهو يتحرك ناحية مريم: لا, الوردة دي عشان طنط الحلوة دي.
وليد وهو يضع يده على عينيه: يااااادي الكسفة.
أخذت مريم منه الوردة وهي تقول له باسمة: بس انا مش العروسة.
الطفل: مانا عارف, بس انتي جميلة أوي يا طنط, والمس قالتلنا في المدرسة ان الوردة رمز الجمال, يعني انتي شبه الوردة عشان كدة انا اديتهالك.
وبالفعل تورد خدي مريم من الخجل وهي تتمتم: ميرسي يا حبيبي.
وهنا كان دور يوسف في التذمر بعد أن عاد الطفلان الى والديهما: شكلي كدة هبدأ أغير.
فنظرت له مريم بحيرة وعدم فهم, فأكمل يوسف بنبرة ساحرة: انتي مش ملاحظة ان دي تاني مرة النهاردة حد يشهدلك بالجمال؟!
صمتت مريم من شدة الخجل وهي تشعر بكل العيون التي على طاولة مسلطة عليها,وقد زادت حيرتها في أمر يوسف, فإن كان الجميع يرونها جميلة كما يقول فلم لا يرى هو ذلك؟ أم انه من كثرة الجميلات التي مررن في حياته لم يعد يستطيع أن يفرق بين الجمال الحقيقي والمزيف؟!
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
و في السيارة وهما عائدان الى المنزل, تناست مريم كل وقارها وتحفظها وهي تقول وتكاد تطير من الفرح: اليوم النهاردة كان حلو أوي, ميرسي أوي يا يوسف.
يوسف بنبرة رقيقة: بجد انبسطي؟
مريم: طبعا, انت باللي عملته دة , دخلت السعادة لقلوبنا كلنا.
يوسف بنبرة سمعتها مريم بالكاد: مش كلكم.
مريم: ليه بتقول كدة؟
يوسف: أنا أدرى انسان بأخوية يا مريم, وبالرغم من كل محاولاته عشان يخبي اللي جواه قدامنا, بس انا قدرت الاحظ ان سعادته كانت ناقصة.
مريم بارتباك: تفتكر مثلا انه يكون حس انه اتسرع شوية؟
يوسف نافيا: لا.مش دة اللي أقصده, وليد طول عمره واثق من قراراته. دة غير انه فعلا بيحب حياة.
مريم: ودي بقا عرفتها ازاي؟
يوسف: مش بقولك انه أخوية وانا ادرى الناس بيه, ثم كمان الانسان اللي بيحب بتظهر لمعة معينة كدة في عنيه لما بيشوف اللي بيحبه واللمعة دي انا شفتها في عنين وليد وخصوصا النهاردة.
فسألته مريم وهي تحاول ان تظهر عدم مبالاتها بالأمر وهو ما كان عكس الواقع تماما: انت بتتكلم وكأنك جربت الحب دة قبل كدة.
فرد عليها يوسف بابتسامة مريرة: وانتي بتسأليني وكأني انسان ملوش قلب.
أرادت مريم الاحتجاج, ولكن قاطعها صوته الحازم: خلاص وصلنا.
فترجل يوسف من السيارة تاركا إياهاغير مباليا بأمر مريم التي مازالت جالسة بداخلها, وكأنه مرة واحدة قد تناسى كل قواعد الذوق التي كان يتبعها أمام الناس. فنزلت مريم من السيارة واتبعته الى الداخل لتجده على وشك الصعود الى غرفته فأوقفه صوتها: يوسف, انا أسفة.
يوسف وهو ينظر اليها مندهشا: على ايه؟
مريم: يعني شكلي كدة تعديت حدودي في الكلام معاك, وما كنش ينفع اني أتدخل في خصوصياتك وأسألك سؤال زي دة.
فعدل يوسف عن قراره في الصعود الى غرفته, وغير وجهته ناحية مريم: وهو يسألها: مريم! انتي عندك كام سنة؟

عدم توقعها للسؤال ألجم لسانها عن الرد. فظلت تحملق فيه بدهشة, فأعاد يوسف على مسامعها السؤال مرة ثانية: ايه انتي ما سمعتنيش؟ بقولك عندك كام سنة.
مريم بتلقائية: حوالي 19 سنة. ليه؟
يوسف وهو يقترب منها أكثر: يعني تقريبا انا عمري أد عمرك مرتين, عشان كدة بتمنى انك ما تكونيش بتعامليني كأب, لأني يا مريم أنا عمري ما هفكر اني أكون أب ليكي.
مريم وهي تبتلع ريقها بصعوبة: انا عمري ما فكرت فيك كأب.
فأكمل يوسف بنبرة حزينة: ولا حتى كزوج, مش كدة؟ ودة بقا يا مريم اللي مخليني اسأل انا ابقا ايه بالنسبالك؟
لم تعرف مريم بم تجيب؟ فانها لم تتوقف لحظة لتسأل نفسها هذا السؤال, لذلك كانت تحتاج الى أن تنفرد بنفسها قليلا لتحلل علاقتها بيوسف, وعندما طال صمتها, ابتعد يوسف عنها سريعا وهو يستأنف الصعود ناحية حجرة نومه ويقول لها بلهجة جامدة: تصبحي على خير.
وفي تلك اللحظة شعرت مريم بالدموع الحارة التي تتساقط من عينيها بدون أن تعلم لها سبب.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أما في الجهة الأخرى وبعد ان قام وليد بتوصيل أهل عروسه الى شقتهم استأذن من محمود أنه سيأخذ حياة في جولة بسيارته لبعض الوقت, فوافق محمود بشرط ان يعيدها الى المنزل سريعا وألا يبقيها في الخارج لوقت متأخر.
وبعد ان وصلا الى كونيش النيل قرر وليد ان يترجلان من السيارة ويتمشيان قليلا متعللا بأن انتعاش الجو تسمح بذلك, فوافقت حياة بصمت, وبينما وهما يتمشيان جنبا الى جنب دون أن يتفوه أي منهما بكلمة, توقف وليد فجأة وهو يستند على سور الكورنيش بمكان شبه خال ناظرا الى الأفق, ووقفت حياة تراقبه لفترة طويلة ظنت أن لا نهاية لها, الى ان أتاها صوته العميق دون أن ينظر اليها: اسمه ايه يا حياة؟
حياة وهي تحاول ان تتأكد من أنها قد سمعته جيدا: نعم!
فأعاد وليد السؤال بنبرة أقوى: بقولك اسمه ايه؟
فسألته حياة وكانت لم تعرف عمن يتحدث: هو مين دة؟
وليد: اللي...........
ثم توقف للحظات وكأنه يبحث عن التعبير المناسب لما يقصده, الا ان قرر ان يصوغ سؤاله بشكل آخر: مريم لما قالتلي ع الحقيقة تقريبا قالتلي كل حاجة بس ما قالتش اسم الشخص دة ايه؟
أخيرا فهمت حياة مقصده وشعرت بأنها على وشك البكاء وهي تسأله: ودة يهمك في ايه؟
فأدار لها وليد وجهه وكأنه يستغرب سؤالها: والمفروض ان دي حاجة ما تهمنيش؟!
حياة بثبات لم تشعر به داخلها: لا ما تهمكش.
لا تعلم من أين أتتها الشجاعة لتتفوه بتلك الكلمات, وأن تتحداه بذلك الشكل؟ وكما توقعت تماما, فها هو يغلي أمامها من الغضب ونظراته تنذر بالخطر بشكل أرعب حياة ولكنها حاولت أن تتماسك أمامه , فقال لها : اظاهر يا هانم انك نسيتي انك خلاص بقيتي مراتي, وأي حاجة تخصك يبقا تخصني انا كمان.
حياة بيأس: يا وليد محدش أجبرك انك تتجوزني, كنت تقدر ترفض ساعتها, لكن مش كل لحظة تفكرني فيها باللي حصل, انت ليه مش عاوز تصدق ان دة والله العظيم حصل غصب عني؟ وان كان أهون عليا اني أموت ولا اني أسلم نفسي وشرفي لواحد غريب.
وليد مصرا بالحاح: طب قوليلي هو مين؟
حياة: ليه طيب؟ ودة هيفرق معاك في ايه؟
وليد: هيفرق كتير يا حياة. ع الاقل هرتاح.
حياة: انت بتكدب على نفسك يا وليد ولا عليا؟ انت فاكر انك لو عرفت هو مين كدة هترتاح؟ لا يا وليد صدقني دة عمره ما هيريحك.
وليد بحدة: يعني انتي مصرة انك ما تقوليش على اسمه؟
حياة: ايوة يا وليد, مش هقولك, وممكن نرجع بقا عشان انا اتأخرت وبابا ممكن يتضايق.
وليد مكرها: ماشي يا حياة ياللا بينا.
ولكنه قبل أن يتحركا خطوة واحدة قال لها بنبرة مملوءة بالعزيمة والاصرار: بس انا بردو هعرفه يا حياة . منك أو من غيرك. انتي سامعة, هعرفه.
لم ترد حياة ولكنها قد سبقته سائرة باتجاه السيارة وقد سمعته يأتي خلفها الى ان استطاع سريعا وبخطواته العريضة أن يلحق بها ويسير بجانبها ولكنها لم تلتفت اليه.ثم ركبا في السياة و كأن على رؤوسهم الطير. وليد لا يفكر الا في كيفية الوصول الى الحقيقة الكاملة التي تحاول حياة ان تخفيها عنه, اما هي فلم تجد كلاما أخر يمكن ان تقوله في هذا الموقف وكأن كل ما يمكن أن يقال قد اختصراه في ذلك الحديث القصير, ولكنها تتساءل لماذا يصر وليد على معرفة ذلك الشخص؟ ما الذي سيجنيه من وراء ذلك؟ أم ان هذا السؤال لم يكن أكثر من وسيلة من احدى الوسائل التي يستخدمها دائما بهدف اهانتها؟ ظلت تفكر في ذلك الأمر طوال الطريق حتى انها لم تشعر بأنهما قد وصلا الى البناية التي تحتوي على شقتها الى ان توقفت السيارة.
فانتبهت حياة من شرودها وعندما همت بمغادرة السيارة أخرج من جيب سترته منديلا ناولها اياه: خدي امسحي دموعك.
فتحسست حياة خديها لتجد آثار الدموع التي لم تكن تشعر بها أثناء الطريق, فأخذت منه المنديل وشرعت بتجفيف خديها من الدموع, لتسمعه يقول وكأنه يكمل جملته التي بدأها: وياريت كمان تبتسمي عشان ما ينفعش أهلك يشوفوكي معيطة كدة .لان ساعتها الله أعلم ممكن يفكروا فيا ازاي؟ وانا مش عاوز حد يتهمني بجريمة عملها حد غيري.
من ضمن كل الاهانات التي تلقتها منه حياة كانت هذه هي الأكثر ايلاما, والتي لم تستطع تحملها على عكس غيرها, فاندفعت خارج السيارة وهي تجهش بالبكاء مسرعة ناحية بنايتها وهي تتحسر على تلك اللحظات التي قضتها بصحبته في المطعم والابتسامات التي كانت تتسلل الى فمها أحيانا والتي تتبدل الأن بالدموع.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 03:57 AM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السابع عشر

حيرة العشاق

يقال دائما " لا ينام الا خالي البال", أقر أبطالنا الأربعة بصدق تلك المقولة هذه الليلة حيث لم يغمض لأي منهم جفن أبدا حتى آذان الفجر ولكن كما يقولون "فكل يغني على ليلاه", ففيما يتعلق بمريم فقد جافاها النوم وهي تفكر في مدى تطور علاقتها بالنسبة ليوسف؟ على الأقل بالنسبة لشعورها هي, فلقد بدأت تشتاق لكلماته, تترقب ابتسامته, بل انها أصبحت تحن لسخريته مهما كانت لاذعة. ولكنها تساءلت هل هي بالفعل على استعداد لتتقبله كزوج لها؟ وماذا عنه هو؟ انها تعرف تمام المعرفة ان رجلا كيوسف جلال من الصعب عليه أن يكشف عن شعوره الحقيقي , بل فلنقل أنهم يمكنه أن يعتقد أن تلك الأحاسيس والمشاعر نقاط ضعف يجب ألا يعلمها أحد غيره, ولكن خطر في ذهنها صورة تلك المدعوة علياء وهي تتمايل وتتدلل أمام زوجها دون أن يبدي أي نفور منها وهذا ما جعلها تتخيله ذلك الدون جوان الذي سمعت عنه قبل الزواج والذي يبدو انه لا يشعر بالنفور الا منها هي وحدها "زوجته".
أما عن يوسف جلال الذي كان يجلس في سريره يقرأ في أحد الكتب كعادته الا ان هذه المرة لم يستوعب عقله كلمة مما قرأ, فلماذا تحتل تفكيره بتلك الطريقة التي لم يعتادها مع أي امرأة؟ انه بالفعل قد عرف الكثير من النساء, ولكن لم تستطع أي منهن أن تحتل تفكيره كما تفعل هي الأن ويمكننا القول انه قد أدمن كل حركاتها الطفولية, و قد أصبح يرغبها بشدة على قدر رفضها له, ولكنه يجهل الطريق للوصول إليها. فبالرغم من انها زوجته الا انه لم يعتد ان يلاحق امرأة مهما كان تعلقه بها وخصوصا وهو متأكد من أنها لن تستجيب له.اذن فالحل الوحيد أمامه الأن هو ان يتناسى وجودها بالقرب منه ويستكمل حياته كما كانت قبل ظهورها.
وإذا ذهبنا الى وليد نجد انه ليس بأفضل حالا منهما, فبعد أن خاصم النوم عينيه قد هجر فراشه وخرج الى الشرفة لعل نسيم الليل يسكره فيغلبه النوم, ولكن حينما وقعت عيناه على ضوء القمر الذي كان في طور البدر في تلك الليلة, ليرى وجهها وقد ارتسم على صفحته ولكنه كان وجها حزينا بعينين تملؤهما الدموع تنظر اليه بألم وكأنها تعاتبه, نعم تعاتبه! وهو يعلم ان لها الحق لذلك, فلقد كان قاسيا معها لأبعد الحدود, ولكنه لا يستطيع أن يتراجع عن القرار الذي قد اتخذه, لذا أصر أن يستمع إلى أحكام العقل وسيلغي دور القلب إلى أن يأتي حينه.
أما هي فلم تجد سواه معين على شدائدها, لذا فبعد أن قامت ليلها ظلت جالسة على سجادة الصلاة تناجي ربها ودموعها تسبقها بدون توقف وهي تتذكر كل كلمة جارحة خرجت في حقها من بين شفتيه: إلهي إن يكن ذنبي عظيم فعفوك يا إله الكون أعظم. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. يارب أنا عارفة اني عصيتك كتير وإن كان دة عقابك ليا على معصيتي فأنا راضية بيه و أنا لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه. ربي اني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي ظهيرة اليوم التالي يدخل يوسف غرفة سكرتيرة مكتبه وفور رؤيتها له وقفت احتراما وهي تقول بلهجة ترحيبية: أهلا وسهلا يا يوسف بيه, حمدالله على سلامة حضرتك.
يوسف: الله يسلمك يا مي. هو وليد جوة.
مي: ايوة يا فندم, وليد بيه في مكتبه.
يوسف: لوحده ولا معاه حد؟
مي: لا يا فندم. وليد بيه لوحده.
يوسف: طيب انا هدخله دلوقت بس مش عاوز حد يقاطعنا.
مي: امرك يا فندم.
وتوجه يوسف ناحية باب المكتب ليدخل وقد أغلق الباب خلفه: السلام عليكم.
فرد وليد وهو ينهض سريعا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يوسف بيه! يا مرحبا يا مرحبا.
وابتعد عن كرسيه قليلا وهو يشير إلى أخيه:اتفضل يا كبير, أخيرا المكتب هينور بصاحبه.
فوضع يوسف يده على كتفه وهو يبتعد به عن المكتب: سيبك من الكلام دة بس عشان أنا عاوز أتكلم معاك في موضوع مهم.
ثم جلس الاثنان في أحد أركان المكتب وقد كان يشبه بأثاثه الفاخر الاستراحة حين يقرر صاحب المكتب الابتعاد قليلا عن جو العمل, فسأل وليد وقد بدا عليه القلق: خير يا يوسف؟ موضوع ايه اللي انت عاوز تكلمني فيه؟ قلقتني.
يوسف: الحقيقة الموضوع خاص بمسألة جوازك من حياة.
وليد: ماله؟
يوسف: انت مقتنع بالجوازة دي؟
فتبسم وليد قليلا وهو يحاول أن يسبر أغوار أخيه: مش فاهم. وأنا لو مش مقتنع تفتكر كنت هستنا لحد ما نكتب الكتاب؟
يوسف: يعني انت مش حاسس انك اتسرعت شوية؟ أو اني ورطتك امبارح؟ صحيح انا كنت بتمنى اللحظة دي من زمان وكان نفسي أفرح بيك, بس مش عارف فيه حاجة كدة مش مطمناني.
وليد : حاجة؟! حاجة ايه؟ و منين وصلك الاحساس دة.
يوسف: منك انت وحياة, مش عارف ليه ما كنتش حاسس بالفرحة اللي المفروض أشوفها في عيون اتنين على أبواب حياة جديدة.
ثم سأل وليد فجأة وعينيه مليئة بالشك: وليد! هو انت حصل بينك وبين حياة حاجة؟
وليد: مش فاهم قصدك, حاجة ايه؟
يوسف:يعني حاجة تكون هية اللي أجبرتك انك تتجوز حياة. فلو كان دة حصل فعلا, فانت مش مضطر انك تتمم الجوازة وكفاية أوي انك كتبت الكتاب.
فانتفض وليد فور سماعه لاتهام أخيه , ونهض وهو يشعر بالغضب: ايه اللي انت بتقوله دة يا يوسف ؟ انت ازاي تفكر بالشكل دة؟ معقول تكون بتشك ان انا أغلط غلطة زي دي؟
ثم أكمل بجمود: حياة كمان أشرف من انك تفكر فيها كدة, وبتهيئلي ان كفاية اوي انها بقت مراة أخوك عشان تستاهل احترامك.
فنهض يوسف هو الأخر ليربت على كتف أخيه مهدئا اياه باعتذار: أنا اسف يا وليد. ما كنتش أقصد. وألف مبروك يا صاحبي , وربنا يسعدك.
وليد: ع العموم حصل خير. وعلى فكرة انت قاعد هنا لحد امتى؟
يوسف وهو يقبل تغيير أخيه للموضوع بصدر رحب: لا انا مش هقعد, انا بس كنت جاي عشان أقولك اني خلاص اتفقت مع منسقة حفلات كويسة عشان تبدأ شغلها في التجهيز ليوم الفرح, ولا انت غيرت رأيك وناوي تعمله في قاعة أو فندق معين؟ وكمان عاوز اعرف انتو ناويين تقضوا شهر العسل فين؟
وليد: لا يا يوسف, انا خلاص موافق انه يتعمل في الفيلا, وكمان اتفقت مع استاذ محمود على كدة.
يوسف: طب على بركة الله, وشهر العسل بقا, هتعملوا فيه ايه؟

وليد بارتباك: لا احنا مش هنعمل شهر عسل.
فنظر اليه يوسف متعجبا: مش هتعملوا شهر عسل! ازاي يعني؟
وليد: زي الناس, انا اتفقت مع حياة على كدة.
يوسف: وهي وافقت؟
وليد: طبعا, انت نسيت المسرحية اللي بيحضرولها في الجامعة؟ فاحنا لو سافرنا هي مش هتعرف تكمل البروفات, وانا كمان عندي شغل كتير مش عاوزة يتعطل.
يوسف مازحا: امال فين نصايحك ليا زمان؟ وشهر العسل اللي تلاتين يوم؟ وتأنيبك ليا عشان ما سافرتش انا ومريم؟
وليد بمرح وهو يحاول ان يداري الحزن بداخله: ابدا يا سيدي, كل دة لسة موجود. بس مش وقته وانت شايف ان كل حاجة جات بسرعة واحنا ما كناش مستعدين يعني, بس بعد ما نخلص اللي ورانا ان شاء الله هنقضي شهر عسل من اول وجديد.
يوسف بغير اقتناع: اللي تشوفوه.المهم بقا انت كنت بتسأل ليه اذا كنت هقعد في الشركة ولا لا؟
وليد: اصل أنا كلها ساعة وهمشي.
يوسف متعجبا: هتمشي تروح فين؟
وليد: كنت هاخد حياة وننزل نشتري فستان الفرح وبعدين نروح الشقة عشان نشوف اذا كان ناقصها حاجة ولا لا؟ بس للأسف قبل مانت ما تدخل بخمس دقايق تقريبا كلمني الباشمهندس معتز وكان بيقول ان فيه مشكلة عنده في المشروع وقالي انه لازم ييجي يكلمني فيها دلوقت وكلها نص ساعة ويوصل, بس ممكن كلامي معاه ياخد وقت.
يوسف: طب خلاص, روح انت مشوارك وانا هستناه وهشوف ايه الموضوع وهبقا اتابع الشغل في شركة الكامل بالتليفون.
وليد: اوك, شكرا يا كبير.
يوسف مداعبا: طب ياللا ياد امشي من هنا عشان الستات دول ما يكرهوش اد ان الراجل يخليهم يستنوا.
وليد: طبعا بقا. مانت خبير في الأمور العاطفية دي. ياللا سلام.
وقبل أن يغادر التفت مرة أخرى ناحية يوسف يسأله: يوسف! هو احنا مش المفروض بردو نعزم اعمامك على الفرح؟
يوسف: هو دة المفروض فعلا عشان كدة انا هروحلهم بنفسي بكرة.
وليد: وانا هاجي معاك.
يوسف: لا لا, بلاش انت, احنا عاوزين نهديها مش نشعللها, وعمتك طبعا مش هتسكت وممكن وجودك يزود المشكلة.
وليد: طب وان مقدرتش تقنعهم. هيحصل ايه؟
يوسف بعد تفكير قليل: ساعتها بقا يبقا هما حرين. ويبقا احنا كمان عملنا اللي علينا.
وليد مندهشا: هو انا ليه مش حاسس انك زعلان؟
فاقترب منه يوسف و احتضن وجهه بكفيه وهو ينظر اليه بعمق ويقول بنبرة صادقة: عشان لما يكون الموضوع متعلق بمصلحتك وسعادتك يبقا كل الدنيا بالنسبالي تهون.
وليد بامتنان: ربنا ما يحرمني منك يا صاحبي.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي سيارة وليد نجده يجلس خلف مقود السيارة وبجواره حياة وقد بدا ان الاثنان لا يرغبان في الدخول في أي حديث, فبادرت مريم وقد كانت تجلس وحدها في المقعد الخلفي: ميرسي أوي يا وليد , واسفة لاني أخرتكم. معلش بقا ماهي طنط مها هي اللي اصرت اني اروح معاكم عشان هي ما كانتش فاضية, وانا ما كنش ينفع ان النهاردة يعدي من غير ما اطمن على جدو.
وليد: ما تقوليش كدة يا مريم, عبدالرءوف بيه عزيز علينا كلنا, وانا كمان كنت عاوز اطمن عليه, والحمد لله انه بخير.
مريم: بس انا مستغربة اوي من الحراسة اللي برة اوضته دي, هو مين اللي جابها وليه؟
وليد: دي اللي جابها يوسف. ومدربين في أحسن شركة حراسة.
مريم: طب ليه؟ هو فيه خطر على حياة جدو؟
وليد بابتسامة مرحة: لا طبعا, كل الموضوع ان عبدالرءوف الكامل رجل أعمال ليه وضعه واسمه وموضوع الحراسة دة مش أكتر من مجرد prestige منظر يعني زي كل رجال الأعمال.
مريم وكانت لاتزال تشعر ببعض القلق: انت متأكد ان مفيش أكتر من كدة؟
وليد مطمئنا: طبعا يا مريم. أكيد متأكد, اطمني انتي بس ومتشغليش بالك كتير.
مريم: اوك. طب هنروح فين دلوقت بقا؟
وليد: زي ما تحبوا. شوفوا انتو عاوزين تبدأوا بايه ؟ تحبوا نروح نشوف الفستان الاول ولا تشوفوا الشقة الاول؟
مريم بمرواغة وهي تنظر ناحية حياة: والله الرأي رأي العروسة, في الفترة دي يابني المفروض ان لا رأي يعلو على رأيها. وأهي عندك أهي اسألها.
فسأل وليد حياة ببرود وقد زال عنه مرحه: تحبي تروحي فين يا حياة؟
فأجابت حياة وهي تنظر من نافذة السيارة بجوارها منذ أن ركبت بجواره: اللي تشوفوه.
وبعد أن تم الاتفاق بين وليد ومريم على ان يشتروا فستان الفرح أولا ثم يتوجهون الى شقته مباشرة, توقف وليد أمام احدى محلات الازياء التي أشارت عليه مريم به,وكان نفس المحل الذي أشترت منه فستان الخطوبة ثم فستان الزفاف بصحبة حياة, وعندما دخل ثلاثتهم المحل ورأتهم صاحبته تعرفت على مريم مباشرة وتوجهت اليهم مرحبة: اهلا اهلا مريم هانم, نورتي المحل.
مريم بتهذذيب: منور بصاحبته يا مدام ناهد
ناهد: طب تعرفي انا كان قلبي حاسس انك هتيجي تاني وقريب كمان, قوليلي بقا مناسبة ايه المرادي؟
فقالت مريم وهي تشير باتجاه حياة: لا المرادي احنا جايين عشان حياة مش عشاني. فرحها بعد أقل من اسبوعين, وعاوزينلها فستان فرح كويس.
فتحولت ناهد الى حياة وقد زادت ابتسامتها: ألف ألف مبروك.وربنا يتمم بخير, وان شاء الله تلاقي عندنا حاجة تعجبك يا انسة حياة.
فردت حياة بابتسامة هادئة: الله يبارك فيكي.
ثم نظرت ناهد الى وليد بحيرة: وحضرتك بقا العريس مش كدة.
فاكتفى وليد بهز رأسه قليلا مؤكدا على كلامها. فاستأنفت ناهد وقد زادت حيرتها: بس مش عارفة الحقيقة انا شفت حضرتك فين قبل كدة؟
وتولت مريم الرد وهي تعرفها بشكل أوضح على وليد: ماهو دة الباشمهندس وليد جلال أخو يوسف جلال جوزي.
ناهد: ااااه. عشان كدة فيه شبه كبير ما بينكم. أهلا وسهلا بحضرتك.مبروك يا فندم وان شاء الله بالرفاق والبنين. وحقيقي انت عرفت تختار. فعلا عروسة زي القمر
فرد وليد بكلمة واحدة عبرت عن عدم رغبته في المزيد من الحديث: متشكر.
فتداركت مريم الامر سريعا حرصا منها على مشاعر تلك السيدة التي بدا عليها الاستياء من جفاء معاملة وليد: جرى ايه بقا يا مدام ناهد؟ انتي مش هتورينا الفساتين ولا ايه؟ ولا انتي مش عندك حاجات جديدة؟
وبالطبع كان حرصها على عملها كفيلا بنسيانها أي أهانة قد تتعرض لها من أي عميل وخصوصا ان كان في مكانة وليد جلال, فعادت اليها ابتسامتها من جديد وهي تقول: بالعكس مانتي عارفة بقا يا مدام مريم احنا الجديد كله عندنا, واتفضلوا وانتو تشوفوا بنفسكم.
مريم: طب تعالى معانا يا وليد.
وليد: لا انا هستناكم هنا لحد ما تخلصوا.
لم تلح مريم كثيرا في هذا الطلب حتى لا تتسبب في احراج أحد: اوك, واحنا كمان مش هنتأخر.
وبعد ان ابتعدوا عنه قليلا قالت ناهد هامسة: هو الباشمهندس ماله؟ انا شايفة انه متضايق.
مريم: لا ابدا. بس انتي عارفة بقا ان الرجالة مش بيحبوا المشاوير دي.
وبعد انتظار دام ما يقرب من النصف ساعة, عادت مريم لتجد وليد جالسا على أحد الكراسي وهو يغطي وجهه بين كفيه.مما جعل مريم تشعر بالألم من أجله: وليد!.
فنظر اليها وليد وقد رأت الحزن بعينيه وهو يسألها بصوت مهموم: ايوة يا مريم! خلصتوا؟
مريم: تقريبا, فيه فستان عجب حياة وهي بتقيسه دلوقت. مش هتيجي عشان تشوفه؟
كان لصمته أبلغ المعاني, فجلست مريم بجواره وقد رقت لحاله فحاولت التخفيف عنه: وليد! انا عارفة انك مجروح اوي, بس هي والله مجروحة اكتر منك. لكن انتو الاتنين لازم تحافظوا ع الشكليات. وكفاية اني أقولك ان مدام ناهد شكت في موضوعكم, يبقا ليه بس نخلي نفسنا عرضة للقيل والقال؟
وليد: يعني عاوزاني أعمل ايه يا مريم؟
مريم: ع الاقل تيجي معايا دلوقت واحنا بنختار الفستان.
وليد وهو ينهض معها: حاضر.
وأخذته مريم الى حجرة تبديل الثياب , وعندما رآها خالية تساءل: امال هما فين؟
مدام ناهد راحت مع واحدة جات نادتلها عشان تقريبا عندها مشكلة مع واحد من الزباين, اما حياة جوة في البروفة.
وبينما كانت تشير الى أحد الأبواب المغلقة تفاجأ وليد بأنه يفتح لتخرج منه حياة وهي تردي الفستان الأبيض الجميل المطرز بأكمامه الطويلة وتنورته الواسعة التي جعلتها تبدو كالفراشة بحجمها الصغير وخفة حركاتها التي توشك أن تجعلها تطير من فوق الأرض. خرجت وهي تبدو في قمة السعادة وتقول ممتدحة نفسها: ايه رأيك بقا يا مريم؟ انا طول عمري بليق في اللون................
لم تكن جملتها هي الوحيدة التي انقطعت لدى رؤيته, بل أيضا لقد ماتت الابتسامة على شفتيها. وكعادته معها أراد ألا يفوت الفرصة ليصفعها من جديد بكلماته الجارحة وسخريته اللاذعة ليكمل عوضا عنها: الأبيض؟!
شعرت حياة بغصة تكاد تخنقها والدموع تتجمع في مقلتيها فانسحبت بشكل تلقائي الى الوراء لتعود من جديد الى الغرفة التي خرجت منها للتو وتغلق الباب خلفها وكأنها تحتمي به.
مريم وهي تعاتبه: ليه كدة بس يا وليد؟
وليد بانفعال قليلا: انا ما قولتش حاجة غلط. وبعدين هي مش كل كلمة هقولها تفسرها على مزاجها,دي بتدلع يا مريم. ولما تخص دلعها بقا. يبقا بلغوني عشان نمشي.
ثم غادر الحجرة وقلبه يعتصر ألما, لا يعلم لم يقول دائما هذا الكلام الذي يتسبب في جرحه هو قبل أن يجرحها به؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
ومر بقية اليوم دون أحداث تذكر وفي اليوم التالي نرى هدى مستلقية في فراشها تحتضن الوسادة وهي تجهش بالبكاء, فدخلت عليها هادية لتجلس بجانبها تمسح على شعرها : معلش يا بنيتي, بكرة تتجوزي سيد سيده.
فقالت هدى من بين دموعها : يعني هما مش مكفيهم اللي عملوه, لا وكمان جايين يعزمونا على فرحه؟ دة على اساس يعني اننا هنروح نهني ونبارك؟
هادية بنظرة شيطانية: ومين جال اننا مش هنروح يا بنيتي؟
هدى بصدمة: ايه, انتي بتجوليه دة يا اماي. بجا عاوزاني أروح أباركله عشان سابني وفضل بت البدري عليا؟
هادية: انا جولت اكدة بردك؟ احنا صحيح هنروح. بس عشان نتشفا مش نبارك ونهني.
هدى بعدم فهم: نتشفا! ازاي يعني؟
هادية بايضاح: هجولك يا بنيتي. بس لاول لازم نتأكد من ان عيلة البدري لسة مجاطعين ولدهم محمود.
هدى بتأكيد: ماهما فعلا لسة مجاطعينه, وهو اللي عمله دة يتنسي اكدة ببساطة اياك؟ دة حتى الباشمهندس علاء بيجولوا انه جه وجعد اهنا , وبيدور على شغل جريب من البلد بعد ما ساب شغله حدا يوسف ولد خالي لما عرف ان بت عمه هتتجوز اخوه. ما جولتليش بجا. ناوية على ايه؟
هادية: هتعرفي, بس روحي جيبي ورجة و جلم واكتبي اللي راح أجولك عليه.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وجاءت ليلة الزفاف, وفي حجرة نوم وليد نجده مع أخيه يوسف الذي وقف يعدل له البدلة ورباطة العنق الخاصة به. فقال له وليد مازحا وهو يحاول ان يدفعه عنه برفق: يا عم اوعى بقا, مانا طول عمري بربطها لوحدي وانت ولا بتعبر أهلي.
يوسف: يا سيدي الليلة تختلف. انت عرييييييس.
وليد: وايه يعني؟!
يوسف بضيق: بس ياد, انت ايه فهمك انت في الكلام دة؟ بس المهم انك تشرفنا بقا الليلة وانت شكلك قفل كدة.
فرفع وليد كتفيه قليلا بثقة: اخوك طول عمره راجل يابني, ودايما مشرفك.
فدفعه يوسف بلطف وهو يقول له بغيظ: طب ياللا خلص بسرعة. وانا هتصل بمريم واشوف هما خلصوا ولا لسة؟
وليد: والله مريم دي خسارة في جتتك.
فقال يوسف وهو يميل على السرير ليلتقط هاتفه: يابني يعني انت اللي تستاهل واحدة زي حياة؟
وليد: سيبك سيبك, احنا اصلا اتنين ملهمش زي, ويا بخت مدامتنا بينا.
يوسف: مدامتنا! انت بتجيب الكلام دة منين؟
وليد وهو ينظر في المرآة ليتأكد من هندامه: التليفزيون يا ابيه يدق كل الأبواب.
يوسف وهو يضغط على بعض ازرار هاتفه: الله يخربيت التليفزيون اللي مضيعكم.
فتبسم وليد وهو ينظر الى صورة أخيه في المرآة وقد وضع الهاتف على أذنه ويقول: وعليكم السلام, ايوة يا مريم........اه احنا خلاص خلصنا.........وانتو كمان قربتوا تخلصوا؟....... اوك ع العموم احنا كلها نص ساعة ونكون عندكم.......ماشي سلام.
وأنهى يوسف المكالمة ليقول لأخيه: ياللا يا عم بقا.
وليد متذمرا: يا بني انت مش بتقول انهم لسة ما خلصوش؟ يبقا ليه الاستعجال؟
فقال يوسف وهو يضرب كفا بكف: والله لسة غشيم زي مانا قلت من الاول. يا بني انت اللي المفروض تكون مستعجل, وكمان انت نسيت نصيحتي ليك؟ مش قولتلك الستات ما بيحبوش يستنوا؟ كدة هتخليها تاخد عنك فكرة وحشة من أول يوم. افهموها بقا.
فضحك وليد وهو يضع ذراعه على كتف أخيه: طب ياللا بينا يا عم الدون جوان.
وخرج الأخوان من الحجرة لا يعلمان ما تخبئه لهما تلك الليلة
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي احدى الغرف بمركز التجميل نجد أخصائية التجميل تضع اللمسات الأخيرة من الزينة للعروسة التي حرصت على أن تبدو في غاية البساطة بتعليمات من حياة نفسها فأعطاها ذلك وجها ملائكيا يخطف الأنظار, فقالت سلمى وهي ترفع يدها الى السماء حين انتهت الاخصائية من عملها: عقباااالنا يا رب.
فنهرتها هالة بضربة خفيفة على ظهرها: انتي يا بت انتي هتفضلي متسربعة كدة ع الجواز لحد امتى, اهي سربعتك دي هي اللي بتطفش منك العرسان.
سلمى بغيظ: طب بس انتي يا ام حميدة, طبعا مانتي خلاص ضامنة حبيب القلب ومكلبشاه بالدبلة, الرك والباقي بقا ع الغلابة اللي زينا.
هالة: انتي غلابة انتي؟ دة انتي يتفاتلك بلاد يا شيخة, الله يكون في عونه اللي هيتهف في عقله ويتقدملك. اكيد امه دعت عليه في يوم مطرة.
سلمى وهي تدعي الحزن: طب الله يسامحك. دة انا حتى جوهرة بس مش لاقية اللي يكتشفني.
فضحك الجميع , وبينما وهن على تلك الحالة جاءت نورا مسرعة وهي تصيح بصوتها الحاد: العريس جه, العريس جه, العريس جه.
الى أن اقتربت من سلمى وهي تردد جملتها, مما جعل سلمى تغتاظ كثيرا وهي تقول لها: يابنتي ارحمي أهلي بقا. هتجوز انا ازاي دلوقت وانا ودني ضاعت بسببك؟
ثم توجهت الى حياة التي قد خلى وجهها من الحياة وهي تتشبث بيد مريم وترفض أن تتركها: ياللا بقا يا جميل, العروسة للعريس وانا هجري مع المتاعيس دول.
شعرت مريم بيد حياة التي أصبحت كالثلج فانحنت اليها لتهمس في اذنيها لعلها تستطيع أن تزيل عنها ذلك الخوف والقلق: اهدي يا حياة, مفيش داعي للقلق دة كله, وليد مش ممكن يأذيكي.
في الحقيقة لم تعلم حياة ان كان كلام مريم قد طمأنها أم انها ازدادت قلقا؟ ولكن ما كانت على يقين منه أن قدميها لن يحملانها حتى تقف لاستقباله, وبدا ان مريم قد قرأت أفكارة ودون أن يفطن أحد لذلك قد استطاعت أن تساعدها على الوقوف وحياة تنظر اليها بامتنان. الى أن دخل وليد بصحبة يوسف, وما ان رآها بالفستان الأبيض والحجاب الذي من نفس اللون حتى توقف في مكانه يتأملها بتمهل من رأسها الذي يعلوه تاجا جعلها تبدو كالأميرة مرورا بباقة الورد البيضاء التي قد أعطتها لها مريم وقد بدا انها هي التي تضفي مزيدا من الجمال على الزهور وليس العكس وكانت تمسك الباقة بيد وتتشبث بمريم باليد الأخرى وكأنها درع الأمان بالنسبة لها ,وقد بدأ صراع يدور بداخله بين القلب والعقل لا يعلم الى من سيستسلم فيهما؟
وقد ايقظه صوت أخيه وهو يميل عليه قليلا ويقول له هامسا وهو يصر على أسنانه: ما تتحرك يا لوح, الله يخرب بيتك هتكسفنا.
فاقترب منها بخطى ثابتة, و في كل خطوة كان يخطوها نحوها تشعر هي بأنها تبعده عنها لأميال حتى لم يعد يفصلهما شيء وفي ترقب من الجميع, لم يرض وليد أن يخيب ظن الحاضرين: فأخذ وجهها بين كفيه ومال نحوها ليطبع قبلة رقيقة على جبينها ويقول لها بنبرة رقيقة كانت قد افتقدتها معه منذ مدة طويلة: مبروك.
شعرت بأنه قد تم تخديرها كليا فلم تستطع الرد سوى بهزة خفيفة من رأسها, وتعالت الزغاريد من صديقاتها مصاحبة بالتهاني والتصفيق, وعندما جاءت اللحظة ليضع يدها في ذراعه. حاولت مريم سحب يدها برفق الا ان حياة زادت من تمسكها بها,وقد لاحظ وليد ذلك فأراد معالجة الأمر بفكاهة: جرى ايه يا ست مريم؟ ما تسيب عروستي. وانت يا عم يوسف, ما تيجي تاخد مراتك وتحلوا عن سمايا بقا.
فاستجاب يوسف لفكاهته ورد عليه وهو يقترب من مريم ويحتضنها بذراعه: انت ياللا ما ليكش دعوة بمدامتي, انت بقا ليك مدامتك وانت حر معاها بقا, اما انا بقا فهاخد مراتي ونروح مشوار كدة ع السريع وهنبقا نحصلكم بعدين.
وأخيرا استطاعت مريم ان تخلص يدها ليأخذ وليد مكانها ويضع يد حياة في ذراعه, فسألت مريم بدهشة: هو احنا مش هنروح معاهم؟
يوسف وقد بدا انه قد نسى العهد الذي كان قد قطعه على نفسه بأن يتجاهل وجودها معه: لا يا قمر, احنا هنروح مشوار سريع كدة الأول, وبعدين يبقا نحصلهم هناك.
مريم: مشوار ايه في الوقت دة؟
يوسف بنظرة غامضة: هتعرفي بعدين.


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 02-10-17, 06:59 AM   #20

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثامن عشر

وحين يندلع الحب

أقيم حفل الزفاف في حديقة الفيلا كما كان متفق عليه وقد كان بالطبع على قدر كبير من الاستعدادات والفخامة ومسرح العروسين هو أيضا يمتاز رغم بساطته بالجمال والزينة عالية الأناقة والبهاء, كما حضره كبار الشخصيات بالدولة وكبار رجال الأعمال الى جانب أسرة حياة وصديقاتها. ويحيي الحفل بعض الفرق والمطربين المشاهير .
وفي مكان ما بالحديقة وقفت مها بجوار زوجها تتأمل في كل شيء حولها بانبهار و ذهول وهي تقول لمحمود: شايف يا أبو كريم العز والأبهة.
محمود برزانة: قولي ما شاء الله يا أم كريم.
ام كريم بتبرم: اخص عليك يا يا ابو كريم. انت فاكرني بحسد ولا ايه؟ ربنا يزيدهم ويباركلهم. ماهو في الاول وفي الاخر بنتنا هتتمتع في العز دة معاهم .مش هتبقا واحدة منهم؟
محمود: ادعيلها ربنا يسعدها مع جوزها. احنا مش عاوزين أكتر من كدة انشالله حتى تعيش معاه في كوخ وكمان ما تنسيش ان وليد مقرر انه يبدأ حياته بنفسه بعيد عن أخوه.
فقالت مها بامتعاض: يا خوية انا مش عارفة هو بيعمل كدة ليه؟ ماهو المفروض انه بردو ليه في المال دة زي اخوه يعني معقول برضه هيسيب حقه بالشكل دة؟
محمود بايضاح: يا ستي هو مش هيسيب حقه ولا حاجة وكمان الباشمهندس يوسف مش ممكن ياكل حق أخوه اللي هو اصلا أعز انسان على قلبه. بس وليد عاوز يثبت نفسه وشخصيته حاسس ان كل اللي حواليه دة من تعب يوسف وكفاحه ودة حقيقي لان أبوهم الله يرحمه مات وكانو لسة صغيرين والشركة كمان كانت لسة في بدايتها فالباشمهندس يوسف بقا بمساعدة عبدالرءوف الكامل ليه هو اللي وصلها للمكانة اللي هي فيها دلوقت. ووليد بقا عاوز يبدأ من الصفر زي ما اخوه تقريبا عمل عشان كدة حتى في الشركة مصر انه يقبض مرتب عادي زي كل الموظفين.
مها: ربنا يوفقه يا خوية عشان يقدر يسعد البنت ويهنيها.
محمود: يا ام كريم من امتى والسعادة في الفلوس يعني؟ سعادة بنتنا الحقيقية هتكون في حب جوزها ليها ودة اللي انا شايفة في عينيه عشان كدة انا مطمن على حياة.
وفي الناحية الأخرى نجد صديقات حياة تقفن معا جنبا الى جنب يتحدثون بمرح, فقالت هالة وهي تنظر الى الدبلة في يدها اليمنى: وانتي بقا امتى هتتنقلي للايد التانية؟ انا خلاص حسيت اني خللت في الخطوبة دي حتى مريم وحياة اللي اتخطبوا بعدي اتجوزوا قبلي.
نورا: طب ما تقولي لحبيب القلب يشد حيله شوية؟
هالة: لسة ياختي الشقة مش هتخلص الا بعد سنة تقريبا.
فقالت سلمى بغيظ: صحيح الناس دي لا حمد ولا شكرانية. احمدي ربنا يا هبلة انك عرفتي تكلبشي واحد وخلاص. اما الجواز دة بقا ييجي في وقته. الرك والباقي عليا انا والغلبانة دي.
فتصنعت نورا البكاء: اهىء اهىء اهىء. ما تفكرنيش ياختي, و خلينا نحزن في صمت.
ثم نظرت الى سلمى بتآمر: بقولك ايه يا بنت يا سلمى ما تيجي يا ختي ندورلنا على عريسين وسط الناس النضيفة دي.
سلمى: وانتي بقا فاكرة ان الناس النضيفة دي هتبص ليكي يا معفنة انتي؟
نورا بتذمر: انتي كدة يا سلمى دايما بتحبطيني.
سلمى: أحبطك! طب اتفرجي ياختي وانتي ساكتة.
أما عند مسرح العروس نجد البسمة المزيفة القناع الذي يخفي وراءه الكثير من الألام والقلوب الدامية, فكان كل من وليد وحياة في عالم منفصل عن الاخر؛ حياة لا تفكر الا في كيفية العلاقة التي ستكون بينها وبين زوجها والى الحد الذي سيصل اليه انتقامه منها والى متى يمكنها ان ان تتحمل اهاناته وجرحه لها؟ وهل يمكنها أن تأمل بأن الأوضاع بينهما ستتحسن في أحد الأيام؟ أو في حالة استحالة ذلك هل سيطلق سراحها أم انه سيظل يتلذذ بتعذيبها وإيلامها إلى مالا نهاية؟
وبجوارها يجلس وليد, وخلف تلك الابتسامة الجامدة يمكننا أن نرى الصراع المحتد بداخله, فمن ناحية عقله يصر على إن يكمل خطته التي بدأ بتنفيذها بالفعل مهما كان الألم الناتج عن ذلك, ومن ناحية أخرى فقلبه يتعذب كلما رآها تتألم و عندما يرى دموعها التي تنهمر كالشلال من بين جفونها يشعر بأنها كالسكين البارد الذي يمزق فؤاده قطعا صغيرة دون رحمة. ولكن لا مفر من ذلك.
جاء أعمام وليد لتهنئته, حسين ثم سليمان الى أن جاء دور هادية وكانت ابنتها هدى تقف بجوارها ونظراتها تقيم مريم باحتقار لا يخفى على أحد, اما هادية فكانت أبرع من ابنتها في التمثيل, حيث استطاعت أن ترسم ابتسامة كبيرة على وجهها وهي تصافح وليد الذي كان قد وقف احتراما وتقدير لأعمامه: ألف مبروك يا ولدي, وربنا يسعدك ويهنيك, ويرزجك بالخلف الصالح ان شاء الله.
يمكننا ان نقول أن وليد قد خُدع أيضا بتلك الابتسامة المزيفة, فأجابها وقد شعت الفرحة من عينيه: الله يبارك فيكي يا عمتي, وعقبال هدى.
وكانت هدى أسرع من أمها في الرد باقتضاب: لا. انا هكمل تعليمي الاول.
وليد: اكيد طبعا ربنا يوفقك.
ثم تقدمت هادية من حياة وهي تبذل جهدا كبيرا لضبط أعصابها, فصافحتها وهي تقول بتأني وتشدد على كل كلمة تتفوه بها: مبروك يا عروسة.
تجاهلت حياة اللهجة الساخرة التي تحدثت بها هادية, وردت بابتسامة مهذبة: الله يبارك في حضرتك.
وفور ابتعادهما, نظرت حياة إلى وليد لأول مرة منذ أن وصلا الى الفيلا لتقول بلهجة طبيعية وتلقائية: عمتك مش بتحبني ولا كمان بنتها. وطبعا ليهم حق.
وليد: مش فاهم.
حياة: انا عرفت انك كنت المفروض تتجوز هدى, عمتك قالتلي دة في فرح مريم ويوسف, وطبعا انا في نظرها دلوقت واحدة خطفت عريس بنتها.
ثم سألته فجأة, وكأنها تذكرت أمر هام: هو انت صحيح ليه ما اتجوزتهاش؟
فابتسم وليد وامتلأت عيناه بنظرات استطاع ان يجعلها مليئة برغبة جامحة تلتهمها التهاما: لاني زي ما قلتلك قبل كدة. انا عاوزك انتي. وبصراحة انا مش من نوع الرجالة اللي ممكن يتجوزوا اتنين لارضاء رغباتهم, انا ست واحدة بس تكفيني. وانتي الست دي.
أخجلها رده الصريح, بل الوقح وهذا أقل وصف استطاعت أن تجده حياة مناسبا لكلامه, فقررت أن تعود لصمتها من جديد فيبدو أن هذا هو الدرع الوحيد الذي سيجنبها اهاناته المتكررة.
ونعود مرة اخرى الى محمود و مها التي قالت باستياء: شايف يا ابو محمود. شايف عيلة سليم جايين يباركو لابنهم ازاي؟ يعني حتى الزعل اللي بينهم ما قدرش يمنعهم انهم يقفوا جنب ابنهم في ليلة زي دي. اما احنا فحسرة علينا مفيش حد من عيلة العروسة غيرنا احنا. واهلك مفيش حد منهم رضي يعبرنا.
محمود محاولا اخفاء حزنه بقدر استطاعته: خلاص بقا يا ام كريم, واللي حصل حصل.
مها: بس انا صعبان عليا اوي البنت شايف فرحتها ناقصة ازاي؟ كأنها يا عيني حاسة ان هي السبب في اللي بيحصل دة. عشان كدة تلاقيها بتتقهر جواها.
محمود بانفعال بسيط: ان شاء الله كل حاجة تتحل قريب. وكل اللي حصل دة يتنسي وترجع المية لمجاريها. المهم دلوقت سعادة بنتنا وليلتها اللي بندعي ربنا انها تتم على خير.
مها: يارب يا خوية يارب.
وفجأة التفتت مها الى البوابة الرئيسية, فهتفت وهي توجه زوجها الى حيث تنظر: بص, بص يا ابو كريم مين جه دلوقت؟
فتطلع محمود الى حيث اشارت, وكانت المفاجأة الكبرى بالنسبة له حيث رأى أخاه منصور وبرفقته ابنه علاء وبعض رجال العائلة منهم من يرتدي الزي القاهري من قميص وبنطلون وأغلبهم يرتدي الزي الصعيدي المعروف من الجلباب والعباءة والعمة. وكأن الحياة عادت له من جديد حيث ظهرت السعادة على ملامحه وهو يقول لزوجته: مش قولتلك يا ام كريم؟ كل هيتنسي في أقرب وقت.
ثم ذهب لاستقبال رجال العائلة بخطى سريعة الى أن اقترب منهم وهو يفتح يديه على مصراعيهما لاحتضان أخيه الذي استسلم لعناقه دون أي استجابة من ناحيته: اهلا اهلا يا خوي. انا كنت خابر بردك انك مش ممكن تسيب أخوك لصغير في ظرف زي دة, ايوة طبعا امال ايه, ماهي حياة بردك بتكم ويهمكم سعادتها ولازم تفرحولها اكتر مني كمان. تعالى يا خوي وانتو يا رجالة باركوا لبتكم و جوزها.
تعقبه الرجال في صمت ينذر بالشر, ولكن جعلته فرحته العارمة يغفل عن ذلك. فاتجه بهم الى حيث يجلس وليد وحياة, فوقف وليد لتحية الضيوف بابتسامته الالية التي ارتسمت على وجهه فور رؤيتهم. وقام محمود بدوره في تعريف كل منهما للأخر مبتدءا بوليد: الباشمهندس وليد عريس بنتي.
ثم أشار بيده الى منصور وهو يكمل: ودة منصور أخوي الكبير وعم حياة.
فمد وليد يده ناحية منصور بغرض مصافحته وهو يقول بكل تهذيب: اهلا اهلا يا عمي. شرفتنا.
فتجاهل منصور اليد الممدودة اليه وهو يرد ببرود قاتل يخفي وراءه غضب جامح: وانت فضحتنا يا ياشمهندس.
اصابت الدهشة كل من محمود ووليد وكذلك حياة, وكان وليد هو أول من استطاع الرد: فضحتكم؟! يعني ايه؟ مش فاهم.
وبدا محمود منفعلا وهو يسأل بصوت متقطع من فرط الدهشة: ايه الكلام الي انت بتجوله دة يا منصور؟
منصور: اسأل الباشمهندس ولا اسأل بتك.
وليد وهو يحاول الا يفقد اعصابه: يسألنا عن ايه؟
منصور بعينين تقدحان الشرر: يسألكم ع السبب اللي يخلي بته تسيب ولد عمها وتتجوز غيره. وعن السبب اللي يخليكم تعجلوا بجوازكم, لا وكمان تعملوه اهنا بعيد عن البلد, خايفين من ايه يا باشمهندس؟ خايفين لسركم ينكشف؟
بدأ محمود بالفعل يفقد أعصابه: منصور! ما تجولنا جصدك ايه عاد من غير لف ودوران؟
فأشار منصور اللي ابنه الذي يقف بجواره: جولهم يا علاء يا ولدي, الناس في البلد كلاتها بتجول ايه عن بت عمك وولد سليم؟ جولهم انهم بيجولوا ان بتنا غلطت مع ولد سليم وعشان اكدة عجلوا بجوازهم عشان يتجنبوا الفضيحة.
وصل محمود الى قمة غضبه لدرجه انه أمسك أخيه من كتفيه وهزه بعنف وهو يصرخ في وجهه: جطع لسان اللي يجيب سيرة بتي بحاجة عفشة. حتى لو كنت انت يا ولد ابوي.
وهنا تحدث علاء بنبرة حاقدة وعدوانية: خلاص يا عمي. تعالى اجطع لسان كل الناس اللي في البلد حدانا, يمكن تجدر تخرسهم.
فقال محمود بحدة وثقة تامة: ايوة هخرسهم كلاتهم, وهثبتلهم ان بتي, بت محمود البدري أشرف من بت أي حد منيهم.
علاء ساخرا: يعني هتعمل ايه مثلا يا عمي؟
فنظر محمود بعيون جامدة الى وليد: معلش يا وليد يا ولدي, احنا لازم نأجل الفرح و نعمل الدخلة في البلد عندنا.
شعر وليد بالخوف الذي استولى على حياة حتى دون أن ينظر اليها, ولكنه لم يجد أمامه ما يستطيع أن يطمئنها به, فقرر أن يخوض التحدي وهو على علم مسبق بخسارته, ولكنه لم ييأس من المحاولة: ايه الكلام اللي انت بتقوله دة يا عمي؟ احنا خلاص عملنا الفرح هنا واللي كان كان, وحياة بقت مراتي ومحدش ليه عندنا اي حاجة.
محمود: لا يا بني دة شرف بنتي. وانا لازم اردلها كرامتها أدام كل البلد.
منصور: يبجا تسافروا الليلة معانا, والدخلة تتعمل بكرة.
وليد محتجا بقوة: وانا مش موافق, وهاخد مراتي دلوقت ونروح على شقتنا.
وأمسك بيد حياة وساعدها على النهوض ولكن قبل ان يتحركا, اعترض علاء طريقهما وبصحبته رجلان أخران ذات أجسام ممتلئة وكل منهما يمسك بيده عصا ضخمة, وهو يقول ببغض و تهديد صريح: مش بالبساطة دي يا باشمهندس, دة كلام رجالة ولازم يتنفذ, واللي اتفجنا عليه هيحصل, دة شرف ولازم يتصان.
فتسمر وليد في مكانه وهو يشعر بأصابع حياة تكاد تنغرس في ذراعه من شدة خوفها وقلقها مما يمكن أن يحدث. اما هو فحاول ان يركز تفكيره في هذا الوضع الذي وجد نفسه فيه باحثا عن أي تسوية مرضية يمكن ان تخرجه من تلك الورطة بأقل الخسائر.
وعلى مقربة منهما نجد ابتسامة هادية الكريهة تعلو وجهها وهي تقول لابنتها التي كانت تراقب الموقف بصمت: شفتي بجا مش جولتلك ان الفرح راح يتجلب جنازة؟
هدى باستخفاف: وايه يعني؟ ماهم برديك هيعملوا الدخلة في البلد ويكتشفوا انها بت بنوت, وكأنك يا ابو زيد ما غزيت.
هادية بنظرة خبيثة: يبجا ما انتيش شايفة خضة ولد خالك هو وعروسته اول ما عرفوا انهم هيسافروا البلد وكنهم خايفين ليتكشف سترهم.
هدى بدهشة وعدم تصديق: جصدك انهم..........
فوضعت هادية اصبعها على فمها وهي تقول لابنتها بهمس: هسسس, ما تكمليش لحد يوعالنا وخلينا نتفرج من بعيد.
وفي مكان بعيد نسبيا عن كل المدعوين الذين يراقبون ما يحدث في صمت , وقفت هالة ونورا تنظران الى سلمى التي كانت تضغط بعض الازرار في هاتفها الجوال بيد مرتعشة, وهما يستحثانها على الاسراع, فقالت نورا باستنكار: معقول اللي بيحصل دة, مش العادات دي المفروض انها خلصت من زمان.
هالة: خلصت عندنا احنا بس وكمان مش في كل المناطق, اما الصعيد بقا فمتمسكين بيها الى أقصى حد, ما تيللا يا سالمى بقا.
سلمى بحنق: بيديني غير متاح شكل الشبكة مش حلوة.
هالة: حاولي مرة واتنين وتلاتة, بسرعة قبل ما تحصل كارثة.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
جلست مريم بجوار يوسف في سيارته في الكرسي الأمامي, حيث كان الكرسي الخلفي يحتله كل من عبدالرءوف الكامل وابنته وردة التي كانت تمسك بيد أبيها اليمنى وهي تقبلها بحنان: ألف حمدالله على سلامتك يا بابا. معقول تكون وصلت البلد من أكتر من اسبوعين وانا معرفش غير النهاردة؟
فربت عبدالرءوف على كتفها برقة واشفاق: معلش يا بنتي, للظروف أحكام.
وردة: أحكام دي ايه بس اللي تبعدني عنك بالشكل دة؟ بس اللوم مش عليك, اللوم والحق على يوسف ومريم, كان لازم يبلغوني اول ما وصلت بالسلامة.
عبدالرءوف: لا يا بنتي, هما ما لهومش ذنب, جوزك وعمايله هما السبب, كان مانع اي حد من انه يتصل بيكي. فأول ما يوسف عرف انه مسافر رتب كل حاجة عشان يجيبك المستشفى.
وردة: طب و كمال يعمل كدة ليه؟
عبدالرءوف: هييجي الوقت وتعرفي كل حاجة, عشان ساعتها ما تلومنيش على اللي هعمله فيه.
وردة وهي تقبل يده مرة اخرى برجاء: ابوس ايدك يا بابا, ابوس ايدك. لو كان كمال غلط في اي حاجة يبقا بلاش تاخد ابني بذنبه.
فمسح عبدالرءوف على رأسها بحنان: ربنا يقدم اللي فيه الخير يا بنتي.
فأدارت مريم وجهها اليهما وهي تسأل جدها بعتاب رقيق: بس انت يا جدو كان لازم تقولي بميعاد خروجك من المستشفى عشان كنت أبقا معاك من اول اليوم.
فظهرت ابتسامة رقيقة على محياه وهو يقول: فكرت انا ويوسف اننا نعملهالك مفاجأة.
مريم بسعادة: أجمل مفاجأة بالدنيا يا جدو, ربنا يخليك لينا وما يحرمنا منك ابدا.
عبدالرءوف: ولا يحرمني انا كمان منكم.
ثم سمعت مريم صوت جرس هاتفها الضعيف يتصاعد من حقيبتها, ففتحت الحقيبة وأخرجت الهاتف وما ان رأت اسم المتصل زادت ابتسامتها وهي تقول ليوسف: شكلنا كدة اتأخرنا, وصاحباتي بيرنوا عليا.
يوسف: طب ردي على صاحبتك وقوليلها ان كلها ربع ساعة ونكون عندهم.
ففتحت مريم المكالمة وهي تقول مازحة: السلام عليكم, ايه يا سلمى يا رخمة؟ انتو دايما كدة لايصين من غيري؟
ثم تجهم وجهها وهي تقول بانزعاج وقلق: ايه؟ بتقولي ايه؟......طب يا بنتي اهدي شوية وفهميني بالراحة..........يوووووووه ما تهدي بقا. مش فاهمة منك حاجة.
فنظر اليها يوسف بقلق: فيه ايه؟
مريم وهي لا تزال تضع الهاتف على اذنها: مش عارفة, مش قادرة افهم منها حاجة, كل اللي سمعته انهم عاوزين ياخدوا حياة ووليد...........
وفور سماع اسم أخيه تبدلت ملامحه من الارتياح الى القلق والانزعاج ومد يده الى مريم آمرا: هاتي الموبايل.
فأطاعته مريم على الفور دون نقاش وبدأ هو يتحدث عبر الهاتف: ايوة يا انسة سلمى, ياريت بالراحة كدة وفهميني ايه اللي بيحصل عندك بالظبط؟
ثم أخذ يستمع اليها بصمت ووجهه لا ينم عن أي تعبير حقيقي يكشف ما بداخله, الى ان قال أخيرا بلهجة متزنة: طب خلاص, انا كدة فهمت, اوك كلها ربع ساعة ونبقا عندكم ان شاء الله, مع السلامة.
وبعد ان أنهى المكالمة بدأ يضغط بعض أزرار الهاتف لاجراء مكالمة أخرى فسألته مريم في قلق: فيه ايه يا يوسف.
يوسف بهدوء: ثواني لو سمحتي يا مريم.
ثم وضع الهاتف على أذنه في انتظار ردا من الجانب الأخر, وبعد لحظات قليلة بدأ يتحدث: ايوة يا مدحت انا يوسف جلال. بقولك عندك كام جارد فري في الشركة؟.............طب تمام, ياريت تبعتهملي كلهم ع الفيلا خلال ربع ساعة,............هقولك بعدين يا سيدي..........لا انا برة بس عاوز اوصل الفيلا الاقيهم هناك........تمام اوي........مع السلامة.
شعرت مريم بأن هناك أمر خطير فكررت سؤالها: هو فيه ايه يا يوسف؟
يوسف دون أن يفقد هدوئه: خير ان شاء الله.
لم تطمئن مريم للهجته وكانت تشعر بداخلها أن الأمر ليس هين كما يحاول يوسف تصويره لها, كما ان قلبها كان يحدثها بأن صديقتها في خطر.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
ونعود مرة أخرى لنجد أن الوضع تأزم كثيرا, وتعالت الأصوات, ومن بينهم صوت منصور: ماهو بمزاجكم أو غصب عنيكم اللي اتفجنا عليه هو اللي هيحصل برضاك او من غيره.
وليد بغضب وكانت حياة لا تزال تتشبث بذراعه: ازاي يعني؟ هي سايبة؟ اللي هيقرب من مراتي مش هيكفيني فيه عمره.
علاء بتحدي: اكدة؟ طب يا ولد سليم احنا هناخدها ودلوجيت , وأعلى ما في خيلك اركبه.
وتقدم علاء منهما ينوي الشر ولكن قبل أن يصل اليهما سمع الجميع صوت طلقة نارية ينبعث من الخلف. فجمد كل في مكانه , ثم ظهر يوسف وهو يشق الصفوف وصولا اليهم وفي يده سلاح صغير, وعندما وصل اليهم سألهم بنظرة ثابتة: ممكن حد يفهمني ايه اللي بيحصل هنا بالظبط ؟
وكان علاء هو الذي تولى الرد عليه بصوت حانق: احنا هناخد حياة وجوزها ونتم فرحهم في البلد عندينا.
نظر اليه يوسف باحتقار: انا بكلم الرجالة مش العيال.
فاحمر وجه علاء غضبا وهو يستعد للانقضاض على يوسف: انت بتجول ايه؟ انت مش عارف بتكلم مين؟
فتجاهل يوسف كلامه ونظر الى منصور يسأله: فيه ايه يا حج منصور؟
منصور: فيه ان بجا راسنا في الطين خلاص يا باشمهندس, ومش هنعرف نرفع راسنا جدام الناس غير لما الباشمهندس وليد ينفذ طلبنا.
فألقى يوسف نظرة سريعة الى وليد فرأى في عينيه نظرات الاعتراض. فعلم أن الأمر خطير بالفعل, ففكر سريعا ثم قال للجميع: طيب ممكن لو سمحتوا ندخل جوة عشان نتكلم براحتنا.
علاء بانفعال: مفيش كلام غير عندينا في البلد يا باشمهندس.
وأكد منصور على كلام ابنه: ولدي عنديه حج. نسافر لاول ونتفاهم هناك في بلدنا.
يوسف بحزم: مادام كدة بقا؟ يبقا معلش, لا انا ولا أخوية ولا مراته هنتحرك من هنا خطوة واحدة.
علاء: هية بالعافية اياك؟
يوسف: سميها زي ما تسميها.
فأمر علاء باقي الرجال: بجا اكدة؟ طب ياللا يا رجالة هاتوهم وياللابينا نعاود ع البلد.
وقبل ان يتحرك أحد من مكانه تعالت صوت طلقات النيران من كل جانب, فاتجهت الانظار لمصدر الصوت ليجدوا مجموعة من الحراس ذات الأجسام الضخمة وكل منهم يمسك سلاحا ناريا بيده ويحيطون بكل الموجودين, فنظر يوسف الى علاء ومنصور بابتسامة ساخرة وهو يقول بلهجة تهديد مبطن: انا بقول نتفاهم هنا الاول وبعدين يبقا نشوف هنعمل ايه
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
جلس يوسف مع محمود في حجرة الصالون برفقة منصور و علاء وبعض الرجال الاخرين , وكان الجدال قد احتد كثيرا, فقال يوسف ولم يتخل عن هدوئه بعد: مين اللي طلع الاشاعة دي؟
علاء بانفعال: هو دة كل اللي هامك يا باشمهندس؟ ومش همك كل اللي اتجال؟
يوسف مؤنبا: ودة كان المفروض هو اللي يهمكم بردو باعتبار ان حياة بنتكم وانتو اولى الناس للدفاع عنها وعن سمعتها. واي حد يقول كلمة في حقها كان لازم تقطعوله لسانه وما تسمحوش ان الكلام دة يوصل لغيره.
منصور: وادي الكلام وصل للبلد كلاتها والحل الوحيد دلوجيت انهم ييجوا معانا والدخلة تتم في البلد عشان تتجطع كل الالسنة من نفسيها.و الا بعد اكدة سيرتها هتكون لبانة في وسط الخلج من كبيرهم لصغيرهم. جولت ايه يا باشمهندس؟
فقال يوسف بجدية وصرامة: طيب اسمعوا أخر الكلام اللي عندي بقا.الفرح خلاص هيتم هنا زي ما اتفقنا من الاول و من اللحظة اللي فيها وليد كتب كتابه على حياة وهي خلاص بقت مراته يعني بقت واحدة مننا, من عيلة سليم واللي هيقول كلمة واحدة في حقها كأنه اتعدى عليا أنا شخصيا وساعتها بقا مش هيكفيني دمه هو لوحده, لا دة هيبقا بحر دم هيغرق هو وكل عيلته فيه.
ثم جال بعينيه في وجوه جميع الحاضرين ليرى تأثير كلماته عليهم, وبعدها استأنف حديثه بنظرة محذرة: فيه حد عنده كلمة تاني عاوز يقولها؟
وعندما لم يتلق ردا من أحد, نهض قائلا وهو يهم بالرحيل: طب عن اذنكم بقا لان ورايا معازيم معرفتش ارحب بيهم كويس, وطبعا لو حابين تحضروا معانا الفرح فدة أكيد شيء يشرفنا. ياللا بينا يا استاذ محمود عشان تحضر زفة بنتك.
ثم تركهم وخلفه محمود وهم ينظرون بعضهم لبعض في ذهول وقد ألجمتهم كلماته.
فور خروجهما توجهت اليهما كل من مها و مريم وقد أسرعت مها بالسؤال: خير يا جماعة؟ وصلتوا لايه؟
يوسف: اطمني حضرتك, كل شيء خلاص انتهى وياريت تخليكي مع بنتك تطمنيها.
فنقلت مها نظرها الى محمود في تساؤل فهز لها رأسه موافقا وهو يضع ذراعه حول كتفها: ياللا بينا ام كريم نطمن على بنتنا.
ثم توجها الى مسرح العروس تاركين يوسف ومريم وحدهما ينظران لبعضهما في صمت, وكانت نظرات يوسف محبة وهو يتأملها بشغف, مما جعل خدي مريم تتوردان من الخجل وهي تسأله: انت بتبصلي كدة ليه؟ هو انا فيا حاجة غريبة؟
يوسف بصوت حالم قد اخترق كل دفاعات مريم: انتي جميلة أوي يا مريم.
وقبل أن تقوم مريم بالرد وقد ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيها سمعا الاثنان صوت انثوي ناعم يقول بدلال: أخيرا لقيتك يا يوسف؟ على فكرة بقا انا مخصماك, ازاي يا وحش ما تعزمنيش على فرح أخوك.
وجد الاثنان علياء تقترب منهما بخطوات متمايلة بها بعض الاغراء ثم وضعت يدها في ذراع يوسف بتملك وهي تكمل: بس ولا يهمك, انا قلت انك اكيد نسيت, عشان كدة جيت لوحدي, ماهو البيت بيتي بردو.
وقفت مريم واجمة وقد ماتت الابتسامة على وجهها.



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:19 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.