شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   149 _ الراية البيضاء _ مارجرى لوتى ##مكتوبة// كاملة## (https://www.rewity.com/forum/t392611.html)

SHELL 09-10-17 09:19 PM

149 _ الراية البيضاء _ مارجرى لوتى ##مكتوبة// كاملة##
 
https://3.bp.blogspot.com/-KEpJ_kQFN...5D9%2585-3.gif

حبيت اليوم اعرض لكم رواية قديمة من روايات عبير


الراية البيضاء

مارجرى لوتى



الملخص:

كثيرا ما يظهر الانسان عكس حقيقته سارة وضعت نفسها في قفص الاتهام ووصفت بانها لصة تخطط للاستيلاء على ثروة زوجها الذي توفي يوم زفافه في حادث قطار.
شقيقه الاكبر جايسون شك بامرها وامر عمها رالف وبدا يلاحق تصرفاتها ويحاول بشتى الوسائل القضاء على افكارها لمنعها من الوصول الى هدفها.
نار وهواء في مواجهة شتاء الحقد والشك والكراهية جايسون طوقها بزنار من هواجسه الكاشفة وراح يزيد الجدران حولها حتى اصبحت سجينة رحمته وشفقة نظراته وما اثار غضب عمها......استسلامها للقيود وعدم مقاومتها حربها الطاحنة مع الرجل الشرس ولكن لكل حرب نهاية.....وعلى احدى الجهات ان ترفع العلم الابيض وتعلن انكسارها ...........فمن منهما يستسلم اولا ويسلم اموره للحب؟؟

رابط التحميل
txt
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
word
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

SHELL 09-10-17 09:25 PM

1_ بداية الحب ... صفعة


من المكان الظليل الذي كانا جالسين فيه قرب المسبح التابع للفندق، امكنهما ان يشاهدا منظر خليج اكابولكو الرائع المنتشر على امتداد البصر تحتهما، تعلوه سماء زرقاء سماء زرقاء خالية الا من غيمة واحدة .
وكانت الشمس المكسيكية تنهمر بنورها كما لو انها لم تتوقف من قبل ولن تتوقف من بعد ، والمدى الرملي الذي على شكل تلال ، يرى من خلال سقف النخيل سهلا متواصلا لا تقطعه ، هنا و هناك سوى اكوام من الصخور السوداء. وكان البحر،فيما وراء ذلك المدى الرملي،بلون الياقوت الازرق وقد نقطته اشرعة المراكب بألوانها الزاهرة.
كان كل شيئ يفوح برائحة الحر و البحر وعبير الطيوب التي كانت تهب مع نسيم المساء، من احد اشهر المنتجات الراقية في العالم كله .
وكانت القيلولة في غرف الفندق المبردة قد انتهت ،وبدأ النزلاء يخرجون وهم يسترون اجسامهم البرونزية استعدادا للسباحة او التزلج على الماء او الغطس او ما الى ذلك من انواع الرياضة، او لمجرد الاستلقاء في حر الشمس للتفكير في ما يليق ارتداؤه على العشاء، و لقضاء ساعات الليل الاولى.

واستند الشاب الاسمر ذو الملامح الفتية الى مرفقه ليحدق في الفتاة المضطجعة بجانبه و يقول لها:
هذه هي الجنة........ولا يعوزها الملائكة! وانا اطلب الا ان يكون لي ملاك واحد...............هو سارة.
قالقال ذلك مداعبا، ولكن عينيه الزرقاوين في وجهه الواضح المشرق حملتا كلامه على محمل الجد.
وادارت الفتاة رأسها نحوه و اجابت:
لا اظن اني ملاك، ثم......ولكن شكرا في كل حال.
وتناولت قبعتها التي سقطت من على قمة رأسها ووضعتها جانبا على العشب المحيط بالمسبح.
وكانت سارة، في ذلك المكان الذي يغص بالفتيات الجميلات ذات جمال غير عادي فجسمها وهي ترتدي لباس السباحة ابرز بشرتها الملونة بحرارة الشمس و قامتها الفارعة الهيفاء وكان شعرها المنكفئ عن وجهها الغض الصغير ذا بريق اصفر كالذهب غير ان عينيها الواسعتين البنفسجيتي الون وراء رموشها الكثيفة هما مستودع سحرها وعنوان فتنتها ولم تكن سارة جاوزت الثمنة عشر من عمرها.
وقال لها رفيقها الشاب:
ليتني شاعر، فأقول فيك اجمل الكلام
وتناول احدى يديها وراح يداعب اناملها واحدة واحدة وسحبت يدها بعد لحظة وتطلعت الى الفندق من فوق كتفها
فقال لها تيم:
لا تقلقي يا سارة......فزوج امك ليس هنا....رأيته مع ذلك الرجل الثري ومرافقيه وانا خارج من الفندق منذ قليل
فقطبت جبينها لانها تذكرت ان رالف فرنسيس زوج امها اخذ منذ بضعة ايام يقامر مع ذلك الرجل الثري الذي يدعى سورانو ويبدو انه كان يخسر ولكن لا احد بمقدوره ان يعلم مبلغ الخسارة ولا قدرته على تحملها ولكنها شعرت بتبدل تصرفاته فاصبح اقل مرحا وبشاشة برغم احتفاظه بما اعجبها من حلاوة في المعشر ورصانة في التفكير.
وعاد تيم الى الكلام يقول لها:
اشعر يا سارة ان رالف لا ينظر بعين الرضا الى علاقتنا فهل تعرفين لماذا؟ انا لم اسئ اليه في شيء.
فاجابته على الفور:
لا ارى سببا يحمله على معاداتك يا تيم.....وهو فوق ذلك لا يعرفك!
فقال لها:
عندما رآنا خارجين من المسبح لاحظت على وجهه امارات الغيظ الشديد.....
فاجابت قائلة:
لا وجود لهذا الامر لا في مخيلتك يا تيم.
قالت ذلك وهي تعلم انه كان على حق في ما لاحظه فزوج امها لم يشجع ايا من الشبان الذينحامو حولها
منذ ذلك اليوم الذي اخرجها من المدرسة الداخلية لتكون رفيقته في حله و ترحاله ومن اؤلئك الشبان طوبي بارنز في موناكو وذلك المحامي الذي صادقته في غراند باهاما وكثيرون سواهم من الذين لم تطل علاقتها بهم ذلك لان رالف ما ان يلاحظ ان العلاقة اصبحت جدية حتى يسارع الى انذارهم بقطعها ولم تكن تدري ماذا كان يقول لهم ولا كيف يقنعهم.
وكان يفعل ذلك مع سارة ايضاغير ان ذلك لم يكن يزعجها لاعتقادها بانه انما كان يفعل ذلك حرصا منه على الاحتفاظ بها.

فكان يقول لها بابتسامته الناعسة:
لا اظنك تبالين بذلك الشاي يا عزيزتي الا توافقين معي انه مراهق؟ انا لا انوي ان ادع احدا ياخذك مني بعد........ الا تسرك رفقتي؟
وكانت سارة تقنع نفسها بان ما يقوله صحيح فهي في رفقته على احسن حال وان كان لم يهتم بامرها طوال تلك السنين التي تلت وفاة والدتها وهي في السابعة من العمر فقد يكون له عذره هكذا شاءت ان تعتقد ثم انه كان يعشق الحياة الصاخبة التي لا تتناسب مع وجود اولاد غير انه عوض عن ذلك من حين عندما اخرجها من المدرسة الداخلية لتعيش معه وعادت الذاكرة الى اليوم الذي زارها فيه وهي بعد في المدرسة وكانت في السابعة عشر وقال لها :
آه يا الهي.... كم تغيرت اصبحت فتاة رائعة الجمال !
هيا بنا نخرج من هذا المكان لانه لم يعد يليق بك.....
وحين دخلت رئيسة المدرسة اعلن لها انه سيخرجها من المدرسة في نهاية الفصل الدراسي لتبني مستقبلها معه.
وسر ذلك رفيقاتها وهنأنها قائلات:
ليت لنا زوج ام مثله يا سارة....ولكن الدنيا حظ و نصيب.........اخبرينا ماذا يشتغل في الحياة وكيف اصبح غنيا الى هذا الحد؟
وقهقهن ضاحكات كان ذلك من سنة وهي اليوم لا تزال تجهل الجواب عن ذلك السؤال كل ما تعرفه هو انهما ينتقلان من فندق الى اخر في موناكو وايطاليا و الريفييرا الفرنسية وجزر الباهاما..... والان في مكسيكو.
وكان رالف يستقبل بترحاب حيثما حل فله اصدقاء كثيرون وهم من علية القوم وكان يغدق الهدايا على سارة و يكثر من تعريفها على الاصحاب و الاصدقاء وكان ذلك يفرحها بعد سنوات من العيش في المدرسة الداخلية كيف لا وهي التي تنعم بكل ما في الحياة من حرية و رخاء و رفاهية.

SHELL 09-10-17 09:26 PM

وكان رالف لا يدعها تستقرعلى حال في اي مكان خصوصا اذا راقت لها عشرة احد الشبان فكان يقول لها: سنغادر اليوم يا عزيزتي فهذا المكان اصبح مضجرا.....
يحزمان حقائبهما في الحال ويطيران الى منتجع اخر حيث يكون على سارة ان تبدأ حياتها من جديد وغالبا ما كان الرجال الذين تتعرف عليهم من عمر رالف اي في الاربعين او الخمسين ولكن حالما يبدي احد الشبان اهتماما بها كان رالف ينذره بطريقته الخاصة فيبتعد عنها
ولم تهتم بذلك لانها لم تكن تقع في غرام اي واحد منهم ثم انه كان يطيب لها ان ترى رالف حريصا كل ذلك الحرص على ان لا يدعها تبتعد عنه في مستقبل قريب.
غير ان تيم لم يكن في نظرها مثل سائر اولئك الشبان الذين عاشرتهم..... كانت تشعر نحوه بعاطفة شديدة ولذلك صعب عليها ان تتحمل فراقه في آخر الاسبوع.
ولم يسرها على الاطلاق قول رالف لها على الغداء ذلك النهار:
الا تعتقدين انك تكثرين من ملازمة ذلك الفتى يا عزيزتي سارة؟
قال ذلك بابتسامته المعهودة التي تنضح بالكبرياء و الثقة بالنفس كما لو لو انه متاكدا من موافقتها على كلامه غير انها هذه المرة قالت له:
اميل الى تيم وانا متاكدة انك تميل اليه ايضا اذا تعرفت عليه جيدا فهل توافق على دعوته الى العشاء اليوم مع اخيه الذي سيغادر المكان غدا بينما يبقى هو الى ما بعد نهاية الاسبوع؟
فاجاب رالف مظهرا اسفه:
لا يمكنك ذلك يا عزيزتي لاني وعدت كارلوس سورانو والبيرتوس و زوجته بتناول طعام العشاء معهم.
كارلوس سورانو؟
لماذا لا؟ فانت على ما اعلم تميلين اليه.
فهزت كتفيها واجابت بدون ان تنكر ذلك:
لا اميل اليه كثيرا........... وانا لا احب الطريقة التي ينظر بها الي.
فقهقه رالف ضاحكا وقال:
هذه عادة الاسبانيين يا عزيزتي فهم يظهرون اعجابهم بصراحة تامة اذا رأو فتاة جميلة وانت فتاة جميلة بل اجمل فتاة في هذا المنتجع.....
يا لك من مداح عظيم!
قالت ذلك ضاحكة ولكن الغم ملأ قلبها لانها ستقضي ليلة اخرى في صحبة ذلك الرجل الثري ذي الشفتين الحمراوين المبللتين و الشعر القليل.
فقال لها رالف:
هذا ليس مديحا يا صغيرتي بل الحقيقة....... وكارلوس معجب بك جدا......
وبدت على وجه رالف امارات الرضى مما ادهش سارة وجعلها تتساءل في نفسها:لماذا يرضيه ان يكون كارلوس معجبا بها؟ ولم تجد تفسيرا لذلك سوى ان رالف قد يكون طامعا في عقد صفقة مع الرجل.....
عاد ذلك كله الى ذاكرتها وهي مضطجعة بجانب تيم تحت حر الشمس اللاهب كان تيم يحدق فيها طوال الوقت ثم تناول يدها وقال:
لي ما اقوله لك يا سارة.....
وتوقف قليلا ثم تمتم قائلا:
ما اريد قوله ليس سهلا كما ظننت........ ما اريد قوله يا حبيبتي سارة هو انني مغرم بك الى اقصى حد!
فلم يرق ذلك لسارة فهي لم تريد ان تسبب له اي اذى لانهما لا بد سيفترقان قريبا فقالت له:
ولكنك تعلم يا تيم اننا لم نتعارف لا منذ بضعة ايام!
فاجابه قائلا:
ايام اسابيع سنين لا يهم ما يهم اني وقعت في غرام فتيات كثيرات من قبل او حسبت اني وقعت في غرامهن اما في شانك فالامر مختلف كل الاختلاف وما ذلك لانك فقط جميلة وحلوة وخفيفة الظل بل لاني احسك هنا في قلبي و في اعماق كياني........
فصاحت به به متوسلة:
لكن يا تيم..........
ولكنه لم يتوقف عن الكلام بل تابع قائلا:
يجب ان تصدقيني يا سارة انا اعلم اني اسرح وامرح و اتظاهر باني لا ابالي بشيء كما هي الحال مع كل واحد هنا اما في الواقع فانني تعس في داخلي لانني سافارقك بعد يومين وقد لا القاك ثانية.....
فاجابته قائلة:
آسفة يا تيم ولكني لا اعلم كيف....
فقاطعها بقوله:
اعلم ما تريدين ان تقوليه يا سارة...... بل عديني انك لن تقطعي صلتك بي بعد ان اعود الى دورسه.

دورسه لم تقل لي بانك تسكن في دورسه انا اعرف هذا المكان جيدا نشات وترعرعت هناك في المدرسة القريبة من بورغوث.
يا الهي اصحيح هذا؟ يا لها من مصادفة سعيدة
ورقت عيناه الزرقاوان من شدة الحماسة وتابع مستدركا:
لا ليس في الامر مصادفة بل انه القدر كما يقولون.
وعوض ان تخمد سارة النار زادت في ايقادها حتى بلغت الحماسة بتيم حد القول لها:
سارة حبيبتي ما رايك في ان نعلن خطوبتنا؟
ومال بنظره عن وجهها الذي غمرته الدهشة وتابع قائلا:
ان نعلنها في الحال اذا شئت لئلا يقال اننا بعد صغار السن بل نعقدها سرا فيما بيننا.
فقالت له وهي تكاد تنفجر ضاحكة:
كفى يا تيم كفاك حماسة اشكر لك كلامك الحلو ولكن ما تقترحه هذا مستحيل الا ترى اني لست مغرمة بك.....
ولا حظت سارة ما اصابه من ذهول عند سماع كلامها فسارعت الى الاستدراك:
لم اقع في غرام احد بعد......بالمعنى العميق لهذه العبارة ولعل السبب اني لم احظ في حياتي بعد بمعاشرة الشبان الذين من جيلي....... فلم اترعرع في بيت عائلي حقا لان والدتي ماتت وانا صغيرة فعشت في مدرسة داخلية الى السنة الناضية نعم كنت اقضي العطلة احيانا عند بعض صديقاتي ولكن اخوتهن كن اصغر مني سنا...... وابتسمت مازحة وهي تضيف:
وهكذا ترى اني عشت حياة كلها امان و اطمئنان!
ولكن تيم لم يبتسم لانه كان على ما يبدو يفكر بحجة لاقناعها بوجهة نظره.
وقال وقد ظهرت عليه امارات القلق:
ولكنك على الاقل تشعرين نحوي ببعض الحب يا سارة..... قولي لي ذلك بصراحة ولا تبتعدي عني حين الامسك!
فشدت على يده واجابت:
انا اميل اليك يا تيم...
وهل تسرك رفقتي؟
نعم وكيف لا؟
فاقترب منها وحاول معاتقتها ثم ابتعد قليلا وحدق في عينيها قائلا:
آه ما اجملك يا سارة وما احلاك.
وتطلع الى وجهها مليا ثم انتصب جالسا وقال:
سنقضي حياتنا معا يا حبيبتي وسنكون سعداء.
ثم ادار وجهه فرأى اخاه فقال:
يالسوء الطالع.........هاهو اخي ولابد انه جاء كعادته ليكلفني بمهمة ما.

SHELL 09-10-17 09:28 PM

واجالت سارة بنظرها فشاهدت جايسون نايت يقترب من الضفة المقابلة للمسبح ولم تكن شاهدته سوى مرتين من قبل فلاحظت انه كان متعجرفا ولا يشبه اخاه تيم في شيء وكان تيم اخبرها بانهما كانا في ذلك المنتجع لقضاء مهمة تجارية الى جانب رغبتهما في قضاء العطلة السبوعية واخبرها كذلك بانه انهى منذ حين دراسته في كامبريدج وهو الن يتدرب على القيام بالعمل التجلري الذي توارثته العائلة....وهو عمل له علاقة بالسفن ولم يخف عنها انه كان يضيق ذرعا بمثل ذلك العمل ولكنه لم يكن يعتقد انه كان بامكانه ان يتهرب من المشاركة فيه.
وسار جايسون نحوهما الى ان وصل اليهما وفي حين كان جميع الرجال هناك في لباس السباحة اصر جايسون على ان يلبس بنطالا قصيرا وقميصا من الكتان على كتفيه العريضتين.
وشعرت سارة بالامتعاض من ذلك الرجل الطويل القامة المعتد بنفسه المقطب الجبين......وشعرت بذلك حتى قبل ان ينطق بكلمة وهي التي لم يكن من عاداتها ان تتسرع في اصدار حكمها على الاخرين.
وتجاهلها جايسون وخاطب اخاه مباشرة بقوله:
انهيت القسم الموكل الي من المهمة يا تيم وبقي عليك انت ان تدرس اوراق الطلبات وهي موضوعة على الطاولة في غرفة النوم.
وخير لك ان تبادر الى ذلك في الحال لانني احب ان اضطلع عليها انا ايضا قبل ان اغادر هذا المكان في الصباح الباكر.
والتفت تيم نحو سارة مبتسما ثم نهض واقفا على قدميه وقال:
الواجب يدعو وعلي ان اطيع.
ثم انحنى ولامس شعرها بشفتيه وقال لها:
لا تنسي ما قلت لك يا حبيبتي.
واتجه بخطوات ثابتة نحو الفندق.
وتوقعت سارة ان يلحق به اخوه ولكنه لم يفعل بل جلس في المكان الذي اخلاه وقال لها بصوت اجش:
لي ما قوله لك يا انسة تيلدسلي.
ثم جال نظره فوق جسمها على نحو جعل الدم يسري حارا في عروقها فلم يكن في اكابولكو كلها فتاة تلبس اي شي سوى لباس البحر في ذلك النهار الخانق. غير ان هذا الرجل سمح لنفسه ان يجعل من ذلك سببا يخول له اهانتها بنظراته.

ومدت سارة يدها وتناولت قبعتها القش الكبيرة وامسكتها امامها وكانت تؤثر ان تجلس منتصبة وقدماها على الارض لمواجهة ذلك الرجل غيرانها اذا فعلت فلا بد لها لضيق المكان ان تلامس ساقيه وهو امر ارادت ان تتجنبه على الرغم من كل شيء فما كان منها الا ان ابقت القبعة امامها بمثابة حجاب بينها وبينه وراحت تحدق اليه ببرودة وتهيئ نفسها لسماع ما اراد ان يكلمها به وقال لها:
اظنك تعلمين ما اريد ان اكلمك به.
وكيف لي ان اعلم؟
الا تعلمين؟ اذن اسمعي اريدك ان تتركي اخي وشانه!
ماذا؟ انت......تريدني......ان.........
واعياها الكلام غير مصدقة لما يقوله لها وفيما هي كذلك سمعته يقول:
انظري.......لا تضيعي الوقت فوقتي ضيق ولدي عمل يجب ان انجزه الليلة.
فصاحت به سارة غاضبة:
اذن فما عليك الا ان تذهب في الحال وتنجزه واعتقد ان هذا الحديث طال اكثر مما يجب!
وحاولت البتعاد عنه ولكنه امسك بمعصمها بقساوة فصرخت في وجهه:
دعني.......دعني وشأني!
فرفع حاجبيه الاسودين الكثيفين وقال متهكما:
لا تصرخي..........والا حسبوا ان صراخك صرعة جديدة في اكابولكو!
فتمالكت سارة نفسها وقالت له بصوت هادئ:
حسنا ارخ يدك عن معصمي فاستمع الى ما تريد ان تقول لي.
فنظر اليها مليا قبل ان يفلت يدها وادركت ان صدرها كان يعلو ويهبط من شدة الغيظ حتى كاد يزيح عنه قطعة القماش الصغيرة التي كانت تستره.
وقال لها:
لا تقلقي ولا تنفعلي يا انسة تيلدسلي فانا لا احمل لك اية ضغينة شخصية بل لو كنت في ظروف اخرى لتصرفت نحوك ترف المعجب بك لكن القضية الان تتعلق باخي الاصغر الذي اعماه على ما يبدو سحرك الآخاذ واخشى ان تبدر منه اعمال طائشة لا تليق بك وبه.
فحملقت فيه وقد استولت عليها الدهشة وقالت له بصعوبة:
انت رجل وقح يا سيد نايت........فابتعد عني!
فلم يرق له هذا الكلام ولكنه تمالك نفسه ونظر اليها بعينيه الباردتين وقال:
يبدو لي انك فتاة عنيدة وتحاولين ان تتصرفي كمن اهينت كرامتها!
فاوكد لك يا انسة تيلدسلي ان هذا لا يوثر علي.......قد يؤثر على اخي الاصغر تيم لانه لا يزال ساذجا اما انا فاتيح لي اكثر منه ان ارى مساوئ هذا العالم الشرير ولذلك اشعر بمسؤوليتي عنه.
فقالت بحدة:
مسؤوليتك عنه؟ هذا كلام هراء فتيم بلغ سن الرشد وهو يجب ان يكون مسؤولا عن نفسه......
قلت يجب ان اكون مسؤولا عنه واكرر هذا القول جئت به الى هنا الى هذا المكان البعيد عن محل سكنانا وانا الذي رباه منذ الطفولة ولا اريد ان اقول اني اشعر نحوه بعاطفة الابوة ولكني اتحاشى ما امكن ان ارى تعبي في تربيته يذهب سدى في سبيل شي لا معنى له..........مثلك يا عزيزتي!
ولم تعد سارة قادرة على الصبر فما كان منها الا ان صرخت في وجهه:
لن اقول لك اكراما لتيم كل ما اريد قوله فاكتفي بالقول انك رجل سخيف تثير القرف!

واتسعت حدقتا عينيها من شدة التاثر فيما نهض جايسون ووقف الى جانبها بقامته الفارعة فاحست بقشعريرة خوف تسري في جسمها كانت ذراعاه وساقاه مجدولتين مكتنزتين كمن قضى معظم ايامه يصارع الطبيعة ومع ذلك بدا قوامه ممشوقا لا يعوزه شيء من كمال العافية والرجولة.
وتراجعت سارة قليلا ونظرت الى الامام غير متلفته يمنة او يسرة فلم تقع عيناها الا على صدره العاري المليء بالشعر وحين حاولت ان تسير نحو الفندق وقف في طريقها فقالت له:
دعني اذهب ارجوك اريد ان اخبر زوج امي ماذا جرى بيني وبينك
فاجابها قائلا:
عبثا تخبرينه فالامر لا يهمه بل لعله يشكرني على قطع صلتك بتيم فقد يكون عندي الانطباع بانه يطمح الى بعيد.......
وكان الارهاق قد بلغ من سارة حدا منعها من ان تستوعب تماما ما نطق به جايسون ولكنها قالت:
كيف.......كيف تتجرا على هذا الكلام؟
وتراجع جايسون خطوة الى الوراء وتناول من جيب بنطاله القصير قصاصة من الورق وقال لها مبتسما بسخرية:
جئت بهذة الورقة لعلك تقراينها فتساعدك على التعقل.
ووضع الورقة في يدها ففتحتها ونظرت اليها فاذا بها تحتوي على شيك بخمسين دولارا.
وهنا ثارت فمزقت الشيك ورمته في وجهه وهي تصيح: انت...........انت..........
فامسك بها يهدئ من روعها ويقول بتهكم لاذع:
مهلا......مهلا.........دعك من هذا المشهد المسرحي!
فرفعت سارة يدها ولطمته على وجهه بكل ما لديها من قوة ثم دفعته عن طريقها واتجهت نحو الفندق بخطى سريعة ثم دخلت غرفتها في الطابق الثالث وارتمت على سريرها تشهق بالبكاء.
ومضى عليها وقت طويل وهي تبكي وترتجف من الغيظ ولم تستطع ان تنسى جايسون وهو ماثل امامها ويهددها ويوجه الاتهام الى رالف ثم يتوج اهانته لها بذلك الشيك الذي اعطاها اياه كاجرة لها على الوقت الذي صرفته في عشرة اخيه كما قال لها بكل وقاحة وكم آلمها ذلك خصوصا ان صداقتها لتيم كانت هنيئة بريئة لا سافلة دنسة كما حاول اخوه ان يعتبرها.
ونهضت عن الفراش وراحت تذرع الغرفة ذهابا وايابا وهي في غضب شديد وشق عليها انها لم تكن تقدر ان تفعل شيئا لرد تلك الاهانة وليس من الحكمة ان تخبر تيم بالامر لئلا توقع بينه وبين اخيه.
وشيئا فشيئا عاد اليها هدوؤها وذهبت الى غرفة الحمام وغسلت يديها ووجهها ثم شربت ماء باردا وعزمت بينها وبين نفسها ان لا تدع رجلا كجايسون نايت ينغص عليها عيشها وما قاله لها لن يؤثر على الصداقة التي كانت بينها وبين تيم.

وتسائلت في نفسها: ماذا يا ترى قال جايسون لاخيه بشان علاقته معها؟ واي روايات اختلق عنها؟ ولكنها كانت على يقين بان تيم لن يسمح لاخيه بان يسيطر عليه ويوجهه حيث يشاء وغدا حين يغادر جايسون الفندق ستعامل تيم برفق و عطف مع الحرص على ان لا تجعله يتوقع ما لا تستطيع ان تعده به.
وفكرت ايضا انها يجب ان تعامل رالف معاملة حسنة خاصة فهو يستحقها لما ابداه نحوها من الكرم و الرعاية ثم انها لن تدع رجلا كجايسون نايت ينال من سمعته ويكيل له التهم مهما يكن القصد الذي يرمي اليه من وراء ذلك فلن يكون قصده سوى القدح والذم وهي لن تعير هذا الامر اي اهتمام ولن تخبر رالف عنه بل على العكس سترتدي الثوب الذي يحبه عند تناول طعام العشاء معه تلك الليلة وستحاول ان تساير صديقه كارلوس سورانو اذا كان ذلك يرضيه ولكنها في هذه الاثناء ستلزم غرفتها الى ان يحين وقت العشاء لانها لم تشأ ان ترى وجه جايسون مرة اخرى ذلك النهار.
وبعد مرور ساعة من الزمن كانت سارة جالسة اما المرآة تضع اللمسات الاخيرة على وجهها استعدادا للسهرة حين طرق الباب ودخل الى الغرفة رالف بنفسه.
فالتفتت نحوه بابتسامة ترحيب و قالت :
اهلا ظننتك لا تزال تلعب الورق.
فمشى الى الداخل واستند الى الشباك ونظر اليها باعجاب وقال:
احب ظلا الكحل هذا عل جفنيك..... وهو جديد على ما ارى!
وكانت فتشت في حقيبتها على هذا النوع من الكحل الذي تعرف انه يحبه وهو ذو لون ازرق مائل الى الارجوان ظنت انه يجعلها تبدو على شيء كثير من الترف ورهافة الذوق.

وقال لها :
بدأنا بلعب الورق ولكن كارلوس تلقى خبرا جعله جعله يضطر الى التوقف عن اللعب .......والن هل انت مستعدة لتناول طعام العشاء؟
مستعدة؟بيننا وبين موعد تناول طعام العشاء ساعة واكثر فلماذا العجلة؟
وبعد ان نظرت الى ساعة يدها ثم اليه قالت بتدلل:
تبدو في غاية الاناقة هذه الليلة يا سيد فرنسيس!
وكان رالف يبدو كذلك بالفعل حتى كاد يشبه احد الممثلين السينمائيين الذائعي الصيت ثم اضافت الى ذلك قولها:
لماذا كل هذه الاناقة؟
ذلك لان رالف كان على غير عادته في مثل تلك الظروف يرتدي سترة سوداء وربطة عنق.
فقال لها:
تغيرت الخطة يا عزيزتي......فكارلوس غادر الفندق الى منزله مضطرا ودعانا الى تناول طعام العشاء معه فهل بامكانك انت تكوني مستعدة بعد ربع ساعة؟ فستأتي سيارة تقلنا الى هناك.............
سيارة؟
نعم يا عزيزتي فعندي لك مفاجاة وهي ان كارلوس دعانا لا الى تناول طعام العشاء في منزله فحسب بل الى قضاء الليل كله هناك ايضا.
في منزله؟ ولكني سمعتك تقول انه يسكن في المكسيك اي على مسافة مئتي ميل على الاقل...........
نعم ولا يستغرق الوصول الى هناك اكثر من ابعين دقيقة في طائرة كارلوس الخاصة..........
ولاحظت انه كان مسرورا جدا بهذه الدعوة من رجل ثري رفيع المكانة الاجتماعية ككارلوس.
وكانت ردة فعل سارة لاول وهلة انها لا تريد ان تذهب ذلك لانها لا تزال تشعر بالاضطراب والامتعاض مما جرى في ذلك النهار.
ثم ان مجرد التفكير بقضاء السهرة والليل في منزل قوم في سن الكهولة ملأ قلبها الكآبة وكانت تؤثر الف مرة ان تتناول طعام العشاء في غرفتها ثم تنام باكرا بحجة انها تشعر بالصداع وفي الصباح تنهض بعد ان تتأكد ان جايسون غادر الفندق لمقابلة تيم عند المسبح.
ولكي تربح الوقت قالت لرالف:
من سوانا سيكون في منزل كارلوس؟وهل كارلوس متزوج؟
كلا انه ارمل فقد زوجته منذ سنة.... ومهما يكن فهذه فرصة سانخة لتري من الداخل بيت رجل ثري جدا.
ومتى نعود؟
غدا كما توقع واذا لم يعد كارلوس فسنستقل طائرة ما.
والان ماذا ستلبسين ياا سارة؟ليتك تلبسين ذلك القفطان الذي اشتريته لك في ناسو فهو يليق بك ويزيدك جمالا على جمال واكثري من لبس الحلي لان جو بيت كارلوس سيكون على ما عتقد جوا رسميا اكثر من جو الفندق هنا. وبعد ان داعبها بكلامه رجاها ان تسرع في تهيئة نفسها ثم نزل الى بهو الفندق لانتظارها هناك
ونظرت اليه وهو يغادر الغرفة ثم تبتعه لتقول له شيئا ولكن المصعد نزل قبل ان تلحق به وكانت تريد ان تسأله:هل البس ثياب السهرة الان ام ثياب السفر؟
فهي تعودت ان تاخذ برايه في مثل هذه الامور لاتها على الرغم من قضاء نحو سنة في المنتجعات التي يتردد اليها ابناء الطبقة الثرية المخملية لم تكتسب بعد كل الثقة بانها تعرف آداب السلوك والتصرف في مثل هذه التجمعات والمثل على ذلك تصرفها مع جايسون نايت وكيف كان عليها ان تحسن الرد عليه اكثر مما فعلت.

واخذت تلملم ادوات الزينة وتضعها في الحقيبة الخاصة بها ثم اغلقت باب خزانة الثياب التي تحتوي على فساتين في غاية الروعة ذلك ان رالف لم يبخل عليها بشيء لكي يجعلها تتالق جمالا وسحرا وقال لها مرة:
ما الفائدة من ان يكون للرجل ابنة حسناء اذا كان لا يعرض جمالها على الناس؟
ومنذ البداية اعتاد ان يختار لها ما تلبسه في مختلف المناسابات الاجتماعية وفي مرة او مرتين انتقدت بائعة الثياب ذوقه فقالت له:
الا تظن يا سيدي ان هذا الثوب او ذاك لا يليق بصبية حسناء؟
ولكن رالف لم يكن على العموم ياخذ براي احد وكانت سارة تشعر بالرضى لاعتزازه بها وتعريفها على اصحابه ومعارفه في الفنادق التي كانا ينزلان فيها.
ووجدت سارة القفطان الذي اشار عليها رالف ان تلبسه تلك الليلة فلبسته وتحلت بما يلائمه من الاساور و العقود و الاقراط ثم اخذت تتمرى وتبدي اعجابه بالوان القفطان الصاخبة وفتحة صدره الواطئة التي تظهر محاسن صدرها وفجاة استولت عليها الرغبة في ان تنزع عنها ذلك القفطان وتستعيض عنه برداء صيفي بسيط من الكتان وتسرع الى المسبح حيث تمسك بيد تيم وتجري معه ضاحكة لاهية.
غير انها رات ان مثل هذه الرغبة تنم عن نكران الجميل الذي طالما اسداه اليها رالف فمن حقه عليها ان ترافقه تلك الليلة لانه على ما بدا لها يعلق اهمية كبرى على تلبية الدعوة التي وجهها اليه صديقه كارلوس وعلى كل حال فبامكانها ان تلقى تيم عند عودتها غدا الى الفندق .
ودهمها الوقت فسارعت الى وضع ما تحتاج اليه في حقيبة السفر ثم القت نظرة اخيرة على شكلها في المرآة وغادرت الغرفة الى المصعد.
وفي البهو استقبلها رالف بابتسامة رضى وكذلك فعل كارلوس حين امسك يدها ورفعها الى شفتيه وقال:
يا الهي ما هذا الجمال!
ووضع يده تحت مرفقها وقادها نحو الباب الخارجي فيما مشى رالف الى جانبه ولا حت على شفتي سارة ابتسامة القبول و الرضى حتى وصلت الى حيث كانت السيارة بالنتظار رأت تيم مقبلا في الممر الذي يؤدي الى شرفات الفندق يرافقه جايسون ورآها هو ايضا فاندفع نحوها وهو ينادي قائلا :
سارة.......اني ابحث عنك!
ثم توقف مرتبكا حين ادرك الوضع الذي كانت فيه
ولم يكن بوسع سارة ان تفعل شيئا او تقول له كلمة كل ما كان بوسعها ان تفعله هو ان تبتسم له لعله يدرك ان ذهابها برفقة ذلك الرجل الكهل لم يكن باختيارها وجمد تيم في مكانه يحدق الى سارة وهي تسلم ذراعها الى ذلك المكسيكي الذي مال اليها كانها ملك له.
وفيما ظهرت الدهشة على وجه تيم والحيرة ايضا مما كان يشاهد امامه وجد جايسون ان الامر طبيعيا وهنأ نفسه لان ما توقعه صار على ما يبدو حقيقة واقعة.
وامسك جايسون بذراع اخيه ومشى به الى الامام فيما كانت سارة ورفيقاها يدخلون السيارة التي ستقلهم الى المطار.
وهمس كارلوس في اذن سارة:
ارجو ان تكوني مرتاحة يا عزيزتي سارة.
فادارت وجهها نحوه واجابت:
ماذا تقول؟ اوه نعم.......شكرا.
ولكنها علمت انها لن ترتاح ابدا كل الارتياح حتى تتاكد ان جايسون نايت غادر الفندق ولن ترى عينيه الغريبتين التين تثيران الاضطراب و القلق.

انتهى الفصل الاول

قراءة ممتعة

https://www.picgifs.com/glitter-graph...ses-183624.gif

SHELL 09-10-17 09:45 PM

2_ أعطته القمر والنجوم

كان منزل كارلوس سورانو في الغابة المرتفعة التي تحيط بمدينة مكسيكو قصرا سحريا في نظر سارة لا يعوزه غول ولا عفريت.
صحيح ان كارلوس لم يكن ذلك الغول او العفريت بل مجرد رجل ضخم الجثة متقدم في السن صنع نفسه بنفسه.
وكانت سارة سمعت بما يتحلى به المكسيكيون من حلاوة المعشر الا ان كارلوس اسرف وغالى في التحلي بهذه الصفة وادركت سارة ذلك حين جلس بينها وبين رالف في السيارة الكبيرة التي اقلتهم الى المطار وتعمد ان يميل الى جهتها ليشير الى الاماكن المثيرة للاهتمام التي كانوا يمرون بها.
ولم يرفع كارلوس يده عن مرفقها وهي جالسة الى جانبه تشعر بالحرج وتحدق من النافذة الى الحوانيت والمطاعم وناطحات السحاب والجنائن و المنازل القديمة التي كانت على جانبي الشوارع المليئة بالسيارات الفخمة والعبرين من المشاة.
وقال كارلوس لسارة:
هاهي الحديقة العامة وهي من اعظم حدائق العالم وفيها كل شيء متاحف ومعارض ومسارح وملاعب وبحيرات وحديقة حيوانات وما الى ذلك.
واحست سارة انها تكاد تفقد صوابها.......فكل شيء في المكسيك في نظر هذا الرجل لا مثيل له في العالم كله وكان يتكلم عن كل شيء كانه هو الذي يملكه!
وكان منزله بين الاشجار فوق المدينة مثيرا للدهشة والاعجاب حقا حتى ان رالف ذاته لم يتمالك من الشعور بان قلبه يكاد يقفز من بين ضلوعه وهم يلجون الى الداخل وتراءى لسارة ان صفقة تجارية ما قد تكون وراء هذة الزيارة وتذكرت ما قاله جايسون نايت عن ان
((رالف يذهب في طموحه الى البعيد))
فظنت ان ذلك يشير الى نوع من الشراكة بين رالف وبين ذلك المكسيكي الثري ولذلك عزمت على ان تلاطف كارلوس ما امكنرغبة منها في تقديم المساعدة لرالف جزاء ما كان يغدق عليها من الكرم و العناية.
وبدا لسارة ان المنزل يخلو من النساء لا كارلوس قادها بنفسه الى الطابق العلوي حاملا حقيبة سفرها وفتح باب غرفة واسعة يتوسطها سرير مربع ضخم وعليه غطاء حريري موشى بمختلف الالوان وقال لها:
ساتركك ترتاحين الان يا انستي ارجوك ان تقرعي الجرس اذا احتجت الى شيء سنتناول طعام العشاء في الثامنة وفي هذه الاثناء ساتحدث الى رالف في بعض الامور..........فالى اللقاء.....
وجال بنظره في ارجاء الغرفة قبل ان يخرج فخطر ببال سارة ان ضخامة جثته لا تناسب مناخ ذلك المكان خصوصا حين رات حبات العرق بوجهه الاسمر الداكن وتردد في الخروج وقال لها وهو يمسح حبات العرق:
سترتاحين هنا جدا يا انستي سارة!
فاجالت نظرها في الغرفة مليا وهي تجيب:
لا شك في ذلك.
هذه غرفة زوجتي التي كانت في منتهى الجمال.
والتفت بنظره الى صورة موضوعة على صندوق خشبي تمثل امراة ناصعة البشرة شقراء الشعر ثم قال متاوها:
لكن الحياة تسير الى الامام وعلى الانسان ان يع7وض دائما ما يفقده.......... ولا تنسي ان الانسان مبني على النسيان.
نعم نعم بالطبع
وتاوه كارلوس ثانية ورمقها بنظرة و ابتسامة ثم خرج واغلق الباب وراءه.
وشعرت سارة بالضيق وهي واقفة في وسط الغرفة وخطر لها ان من اللياقة ان تظهر الحزن على ما حل بالرجل من خسارة تركته وحيدا في ذلك القصر المنيف ولكنها احست ان فيه ما يجعلها تنفر منه وهكذا تطلعت بكثير من الشوق الى انتهاء تلك الزيارة.
وتناولوا طعام العشاء في غرفة رحبة تنفتح على الحديقة بباب زجاجي عريض مما جعل صعب على الانسان ان يتبين اين تنتهي الغرفة لتبدا الحديقة كان العشب يغطي الممرات وانواع النبات تعرض على الجدران البيضاء

SHELL 09-10-17 09:48 PM

وكانت تماثيل النحاس ترتفع على قواعد من الحجر الرخامي هنا وهناك في ارجاء الحديقة اما الغرفة فكان اثاثها الفاخر يفوق الوصف كان على المائدة معها ثلاثة رجال والثالث رجل قصير القامة اسمر اللون اسود الشعر عرفه كارلوس باسم جوزي غوميز وكان هذا الرجل معظم الوقت يتحدث الى رالف الذي كان بقربه عند الجانب الاخر من الطاولة فيما جلس كارلوس على راس الطاولة وسارة الى يمينه وكان الطعام غير مالوف حتى ان سارة لم تكن تعرف ماذا كانت تاكل وقال لها كارلوس:انا شخصيا يا انستي سارة افضل المآكل المكسيكية ولكني رايت ان هذه المآكل تحتوي على قدر كبير من البهار و الفلفل بحيث خفت ان تؤذي شفتيك الناعمتين ولذلك امرت باعداد هذه المآكل التي لا خطر منها
قال ذلك و رمقها بنظرة فيها شيء من الدعابة فبادلته النظرة بابتسامة كلها لياقة و ادب.
وعندما انتهت وجبة العشاء دعا كارلوس سارة الى الجلوس الى مقعد مريح ثم جلس بقربه وقال:
ارجو ان تكوني على ما يرام يا انستي!
فاصلحت من جلستها واجابت:
نعم شكرا........... ولكن الطقس حار قليلا!
مع الاسف طقسنا في هذه الايام مزعج خصوصا لمن لم يعتد عليه....... اتريدين ان تخرجي الى الحديقة حيث الهواء عليل قي مثل هذا الوقت؟ وهناك ايضا اريك ما فيها من تماثيل فنية رائعة.
ونهض واقفا فتبعته وهي تنظر الى حيث جلس رالف يدخن سيكارا ضخما وقد تركه المدعو غوميز لوحده واختفى من الجانب الاخر من القصر.
فقالت له سارة:
الا تريد ان ترى الحيقة يا رالف؟
ولكني مرتاح جدا هنا.
وابتسم لها من خلال دخان السيكار وقال لكارلوس:
اعذرني يا كارلوس خذ سارة وحدك الى الحديقةوسامتع نظري بمراى حديقتك الغناء في وقت اخر.
وتبادلا الرجلان النظرة فقال كارلوس وهو يعير ذراعه لسارة:
لا تزعج نفسك يا صديقي ونظرت سارة الى رالف مستنجدة ولكنه اغمض عينيه علامة السرور و الارتياح فما كان امامها الا ان استسلمت لرفقة كارلوس وحاولت ان تتحمله بصبر.
كان الطقس في الحديقة اكثر برودة ولم يكن الليل مقمرا فبدتى الحديقة تحت الظلال الكثيفة التي عكستها ضياء النجوم وفيما هما يسيران في الممرات المرصوفة بالحجارة كان العبير يفوح بالارجاء فيبعث النشوة في النفس قال لها كارلوس وهو يميل نحوها:
الا تشعرين بمزيد من الراحة الان!
نعم شكرا.
قالت ذلك بصوت خافت وهي تفكر كيف تدعوه الى العودة الى الداخل بدون ان تخل بقواعد اللياقة.
وقال لها:
ساريك الان شيئا خاصا جدا.
وشد على ذراعها تحت ابطه فاحست بحرارة جسده تحت السترة الرقيقة التي يرتديها.
وفي نهاية ممر طويل وتحت احدى القناطر وصلا الى مكان تكثر فيه اغصان الاشجار الباسقة فتمكنت سارة من رؤية منزل قائم على مسافة قريبة من هناك وبدا لها المنزل الرمادي المعتم محاطا بالسحر و الغموض.
هذا المنزل هيكلي الخاص بنيته كما اريد لاجد فيه كل ما ارتاح اليه في اقامتي هنا فانا كما تعلمين من مريدا واحسب نفسي من توكاتيكو قبل ان اكون من المكسيك وفي احدى الاهرامات هناك حيث اتوا بي عندما كنت طفلا رايت منزلا سريا فيه نمر عيناه من ياقوت فاثر في تاثيرا بالغا وهذا المنزل ليس نسخة عن الذي رايته بل شيئا يذكرني به........
وسارا نحو المنزل وحينما وصلا اليه انحنى كارلوس وضغط على زر هناك فتدفق النور خارج المنزل وفي داخله وفي الممر الى المنزل انتصب حيوان رهيب فاغر الفم ذو عينين زجاجيتين خضراوين.
فقال كارلوس وهو يداعب راس الحيوان:
هذا نمري الصغير......انه جميل جدا الا ترينه كذلك؟
فاجابت وهي ترتجف:
انه مخيف حقا!
لا ....لا انه لا يوذي احدا نحن اليوم اقل قساوة مما كنا عليه في ذلك الزمن ففي ذلك الزمن كان في الاهرامات بئر عميقة وكان الناس يزينون بناتهم الجميلات بالحلي ويلقونهن فيها كهدية لشاك رمز المطر........
وبعد ان ربت على يدها قال مقهقها:
اما في هذه الايام فلا نقدم بناتنا الجميلات هدية لاحد......
فنحن نحتاج اليهن في مهمة افضل!
وكم كانت دهشتها عظيمة حين ازاح القفطان عن كتفها وحاول معانقتها فصرخت قائلة:
لا.....لا..........ماذا تفعل؟
فضحك قائلا:
انت خجولة يا انستي..........وانا احب الفتاة الخجولة.....احبها كثيرا......والان دعينا نعود الى رالف اتوافقين؟
فاجابت بصوت مكبوت:
نعم ارجوك........فانا احس بالغثيان ومن الخير لي ان اوي الى الفراش في الحال اذا لم يكن ذلك مخالفا لقواعد اللياقة.
قالت ذلك برغم انها تذكرت بانها جاءت الى هنا لتساعد رالف في نجاح صفقته التجارية مع كارلوس وحاولت ان تقنع نفسها ان ما فعله كارلوس لم يكن يستحق الاهتمام بل على العكس يبعث فيها الشفقة عليه غير ان هذا لا يعني انها تطيق ان يلمسها او يقترب منها.
فقال لها كارلوس ملبيا طلبها:
لك ما تشائين واسف اشد الاسف لانزعاجك فهل يمكنني ان اساعدك في شيء؟
هل استدعي لك الطبيب مثلا؟
فسارعت الى القولك:
لا لا .....لا حاجة الى ذلك البتة انه الحر فقط لا غير ولا شك ان حالي ستتحسن في الصباح.
ومشت بخطى سريعة نحو المنزل وكان رالف لا يزال جالسا يدخن فوقفت سارة امامه وقالت له:
لست على ما يرام واريد الذهاب الى الفراش.
فنهض رالف واقفا على قدميه ونظر اليها مرة والى كارلوس مرة اخرى وكان كارلوس لحق بسارة ووقف وراءها وقال لرالف:
الانسة سارة تشعر بالانزعاج من الطقس وهذا امر غالبا ما يحدث للذين استضفتهم هنا لاول مرة فالافضل لها ان تخلد الى الراحة!
فزال العبوس عن جبين رالف وقال مظهرا اهتمامه:
نعم نعم.......انا اسف يا عزيزتي! هل تحتاجين الى شيء استطيع ان افعله لك؟
كلا ...........شكرا.

SHELL 09-10-17 09:52 PM

كان كل ما ارادته في تلك اللحظة ان يتركاها وشانها ولما ودعتهما حاول كارلوس ان يرافقها الى غرفتها فاصرت على الذهاب وحدها لعدم حاجتها الى رفيق وما ان دخلت الغرفة حتى خلعت عنها القفطان وارتمت على الفراش وهي تتنفس بسرعة.
ومضى وقت طويل قبل ان تهدا اعصابها واعترفت بينها وبين نفسها انه من السخف ان تشعر بانها مهددة فلا شيء حدث يبرر هذا الشعور فهي لم تسئ الى السيد سورانو ولا خانت رالف ولكنها تكون شاكرة اذا تمكنت من العودة غدا صباحا فهناك في اكابولكو لا تكون مضطرة الى لقاء ذلك الثري المكسيكي.
وكانت العودة اسهل مما توقعت ففي الصباح اخبرها رالف ان كارلوس دعي الى حضور اجتماع في تكساس فغادر القصر باكرا وكلفه ان ينقل اليها اعتذاره.
واخبرها رالف ايضا ان سيارة ستقلهما بعد الغداء الى المطار حيث يركبان الطائرة عائدين الى اكابولكو.
فتنفست سارة الصعداء عند سماعها هذا الخبر ولم تكتم سرورها به.
ورمقها رالف بنظرة سريعة بدون ان ينطق بكلمة وفي طريق العودة كان هادئا ولكنه عندما رافقها الى غرفتها في الفندق حاملا لها حقيبتها اسمعها كلاما حول مجرى حياتها.
قال لها وقد جلس على كرسي مريح بقرب النافذة:
كانت رحلتنا البارحة ناجحة الا توافقينني؟
كارلوس رجل عظيم وهو يملك ثروة لا تحصى وله قصر لا يفيه حقه كما رايت اي وصف.
ثم نظر الى سارة التي كانت غارقة في التفكير وتتسائل اين ستجد تيم ومتى ستتصل به فبعد خبرتها لكارلوس شعرت انها بحاجة الى تيم لتعود الى الاحساس بالشباب و زهوه.
وتابع رالف كلامه فقال:
بعد ان ذهبت الى فراشك ليلة البارحة تحدثت حديثا طويلا مع كارلوس وهو كما تعلمين رجل ناجح في عملهويملك مصنعا لصنع تلك الالات الخاصة باستخراج النفط.......
فقاطعته سارة مظهرة اهتمامها:
ولكن ما لك ولمثل تلك الصناعة يا عزيزي؟
انا؟ كيف لا ......يا الهي!
كنت اظن انك تشارك كارلوس في بعض الاعمال التجارية ولهذا السبب دعانا الى زيارة قصره!
وساد الصمت قليلا ونظر رالف الى حذائه المصنوع من الجلد الطبيعي الفاخر ثم رفع عينيه الى سارة وقال:
دعيني اخبرك شيئا يا سارة عندما رايتك في المدرسة قلت في نفسي: هذه الفتاة رائعة الجمال وفوق ذلك فهي ذكية ومليئة بالحيوية فلماذا لا اصطحبها معي في اسفاري وكنت اتوقع اننا سنرى الاشياء بمنظار واحد ونعيش معا بانسجام تام فصح توقعي الا توافقيني؟
فاجابت بحماسة مفتعلة:
نعم نعم .......هذا صحيح.
وقلت لنفسي ايضا انك فتاة لا بد ان تخلص لرجل مثلي وتكافئه على ما احاطها به من عناية اذا ما حل به مكروه او نزلت به الخسائر واعلم الان ما توقعته فيما يتعلق باخلاصك لي كان في محله.......
فجالت بنظرها في تلك الغرفة الواسعة الفاخرة و قالت:
ولكن............
فقاطعها قائلا بتاوه:
جلبت لي حسن الحظ بادئ الامر يا سارة اما فيما بعد فالحقيقة اني مفلس يا عزيزتي مفلس وفي منتهى الافلاس....... وانا بين يديك الان واحتاج معونتك!
فاجابت على الفور:
سافعل كل ما استطيعه ليتنا نعود الى انكلترا وهناك اتدرب على العمل في وظيفة ما...........
فتجهم وجهه وصاح:
على العمل؟ لم اكن اقصد هذا ابدا!
اذن ماذا تقصد؟
فابتسم بصبر واجاب:
الا تعلمين لماذا دعانا كارلوس الى قصره؟لا تخبريني انك غبية الى هذا الحد........
غبية؟ ماذا تعني بغبية؟
يا عزيزتي دعيني اصارحك........الدعوة كانت موجهة اليك!
الي؟
نعم اليك
وانتظر قليلا لعلها تستوعب كلامه وتابع قائلا:
كارلوس يريد ان يتزوجك يا عزيزتي وهذ يحل كل مشاكلنا.
فحدقت اليه غير مصدقة ثم قالت وهي تحس بجفاف حلقها:
يتزوجني؟اه يا الهي! هذا شيء فظيع! وماذا عساني اقول له؟
فاجابها قائلا :
ما تقوله كل فتاة عاقلة وهو نعم يا سيدي!
فصاحت به :
انت لست جادا فيما تقول.......
وكيف لا اكون جادا؟
وبدات شفتا سارة ترتجفان وهي تتمتم:
لا استطيع........لا استطيع ان افعل ذلك ابدا....... هذا مستحيل.........هذا غير اخلاقي!
فابتسم ابتسامته التي تنطوي على الخبث و الدهاء وقال:
هدئي روعك يا عزيزتي ........ليس الامر على مثل هذا السوء كما تعتقدين......فكارلوس مثال الرجل الرجل!
فدبت في جسمها القشعريرة وقالت:
انه سمين وقبيح ولا اطيق اقترابه مني....وهو متقدم في السن!
قالت ذلك ونهضت واقفة ولكنها شعرت بوهن في ركبتيها فعادت الى الجلوس وسمعته يقول لها:
اخبرني انه في الثانية و الستين..........فهو في الواقع ليس متقدما في السن!
ولكني في الثامنة عشر لا لا اظنك الا مازحا في هذا الامر كله! وفي كل حال لن تجبرني على الزواج بمن لا اريده....نحن لسنا في القرون الوسطى!
وبدا صوتها يرتفع واحست بالدماء تسيل حارة في عروقها و حاولت ان تضبط اعصابها لاقناعه بالجدل و النقاش و ان الفكرة التي يطرحها عليها فكرة سخيفة تافهة الا ان شدة الصدمة لم تمكنها من ذلك.
ونهض رالف و اقترب من السرير ووضع يده على راس سارة وقال:
طبعا لا استطيع ان اجبرك على الزواج يا عزيزتي كل ما استطيع ان افعله هو ان ابين لك الفائدة منه وخصوصا الفائدة السريعة ..........فانا لا اكاد املك اجرة الفندق واصحابه يمتنعون عن تاجيل استيفائها ما لم اخبرهم بانك مخطوبة للسيد كارلوس سورانو....... وجلس بقربها على السرير وتابع كلامه قائلا بهدوء :
هذا هو الواقع يا عزيزتي ...........والان اتركك تفكرين ولكن يجب ان تعلمي اني لم اعد قادرا على ان اصطحبك معي فيكون عليك ان تدبري امرك بنفسك طبعا يمكنك ان تجدي عملا ما ولكنك تجهلين لغة البلاد فلن يكون الامر سهلا .........وفي هذه الاثناء لا استطيع ان انفق عليك لاني لا املك المال حتى لانفاقه على نفسي........ وامام هذا الواقع الا ترين ان المسالة من الصعوبة بمكان؟
وبدات الدموع تتساقط على خدي سارة فلم تستطع ان تتفوه بكلمة
وتابع رالف كلامه قائلا:
والان ساتركك لوحدك كما قلت.......لا شك اني فاجاتك بكلامي هذا ولكن اذا امعنت النظر مليا ادركت ان لا خيار لك الا القبول باقتراحي تعقلي يا عزيزتي وارتدي اجمل ثيابك واستعدي لاستقبال كرلوس بابتسامه ساحرة عند رجوعه لتناول طعام الغداء معنا.
واتجه نحو الباب وهو يقول:
ساعود اليك بعد نحو ساعة فتكونين اخذت الوقت الكافي لاتخاذ قرارك.
ووضع يده على مسكة الباب وقال مقهقها:
ستكونين ولا شك ارملة صبية و غنية يا عزيزتي !
وجلست سارة تحدق في الاشياء حولها وقد استولى عليها الذعر الذي اخذ يحول الدم الذي في عروقها الى ماء.
وفكرت انه عليها ان تهرب.......ان تترك الفندق في الحال وتركن الى الفرار فتمالكت نفسها وسارت نحو الباب فوجدته مقفلا واتجهت نحو النافذة ونظرت الى الاسفل فرات رجلين يشقان طريقهما بين السيارات المتوقفة هناك فترددت في مناداتهما لانهما لا يسمعان صوتها الا اذا صرخت وهي لم تشا ان تصرخ لئلا تثير الرعب في الفندق فتجعل الحال اسوا مما هي عليه.

SHELL 09-10-17 09:55 PM

واخذت اسنانها تصطك من شدة القشعريرة التي سرت في جسمها وتسائلت كيف يمكن ان تكون بمثل ذلك الغباء طوال الاشهر الماضية فلم تتبين اي نوع من الرجال كان رالف في الحقيقة كان مرتزقا لا شان له ولكن كيف كان لها ان تتبين ذلك وهو الخبير في الدجل و النفاق وهي الفتاة اليافعة التي لا تزال تنظر الى الحياة ببراءة وطيبة قلب.
وشعرت بالغثيان حين وضعت يدها على جهاز التلفون رن فجاة وكان المتكلم تيم نفسه:
سارة حبيبتي......كيف حالك؟ رايتك تعودين مع رالف فانتظرت خروجه من الفندق لاراك.....هل انت قادمة للسباحة الان؟
فانهارت لهول المفاجاة ولم تستطع ان تتفوه الا بكلمة:
تيم تيم انا......
ما بالك تشهقين بالبكاء يا حبيبتي......ماذا جرى لك؟
فامتلكت اعصابها وقالت له:
تيم.......اسمع ! لا تسالني عن شيء الان انا سجينة في غرفتي ولا استطيع ان اخرج منها حاول ان تجد مفتاحا اخر للغرفة وتعال افتح لي......اسرع ..........اسرع!
فبادرها قائلا:
ساتيك بعد لحظة!
ووقفت سارة قرب الباب تتنفس بصعوبة وخشيت ان يعود رالف ويلتقي بتيم فيحدث ما يورطه في هذا المشهد المهين وحين سمعت المصعد يتوقف احست بالدوار.
وكان تيم هو الذي فتح الباب وما ان القى نظرة واحدة عليها حتى تغير وجهه فاغلق الباب و احاطها بذراعه وقادها الى السرير حيث اجلسها وقال لها:
والان اخبريني ماذا جرى لك!
فهوت راسها وعضت شفتها واجابت:
من الخطا ان اورطك في هذا الامر.......اما وقد فتح الباب فبامكاني.......
فقاطعها تيم قائلا:
اخبريني.......وسنبقى جالسين هنا الى ان تخبريني بكل شيء فنظرت اليه مترددة وحين رات امارات العزيمة على وجهه المشرق الفتي قالت له بصوت خافت:
انه رالف زوج امي...........اكتشفته فجاة على حقيقته....يريد ان يزوجني كارلوس سورانو!
فصاح بصوت يملاه الرعب:
سورانو؟ ذلك الرجل السمين القبيح؟
فوضعت يدها على ذراعه وتلفتت كانما للغرفة اذان ثم قالت:
بربك لا ترفع صوتك!
فتابع كلامه بصوت منخفض محاولا ان يطمئنها ويهدئ من روعها ويؤكد لها ان لا احد يستطيع ان يرغمها على الزواج من ذلك الرجل خصوصا انها بلغت سن الرشد.
فاجابت بهدوء:
نعم يستطيع وهو يعلم ذلك!

SHELL 09-10-17 09:57 PM

وادركت الان ان تيم هو سبيلها الوحيد الى البقاء على قيد الحياة وبما انها اخبرته بهذا الامر فعليها ان تروي له الحكاية من اولها فروت له بالتفصيل ما فعله رالف وما قاله لها وعندما انتهت شدها اليه وقال:
ياله من رجل ذميم! ولكني استغرب كيف انطلت عليك حقيقة امره!
فاجابته قائلة:
لم اعرفه الا من بضعة اشهرحين جاء الى المدرسة اخرجني منها ليسكنني في بيت وكان لطيفا وساحرا فاعتنى بي عناية فائقة واشترى لي افخر الثياب و اثمن الحلي واخذني الى ارقى اماكن اللهو.......ولكنه كان في كل هذا يعتبرني نوعا من بوليصة تامين وقال لي مرة انني غبية وكان على حق في قوله هذا............
وتوقفت عن الكلام لحظة ثم تابعت قائلة:
لكن هذا الامر لا شان لك به يا عزيزي تيم كل ما اطلبه منك الان هو ان تعيرني بعض المال لاتمكن من الهرب الى مكان ما بامكاني ربما ان اذهب الى مدينة مكسيكو فهي مدينة كبيرة ويصعب عليه ان يجدني فيها واذا تمكنت ان اصبح بمنجى منه يتسنى لي عندئذ ان.......
فقاطعها تيم وقال ساخرا:
نعم....... وماذا يتسنى لك ان تفعلي يا حبيبتي!
شيئا ما .......ولا بد ان يساعدني القنصل البريطاني..........او السفير
ولكن الا تظنين ان ذلك هو المكان الذي سيبحث فيه رالف عنك؟ واذا وجدك فهل تستطيعين ان تتصوري التهم التي سيختلقها ليوهم الناس انك فتاة ضالة شاردة تثار لفشلها في غرام ذهبت ضحيته؟ وبذلك يستطيع اعادتك الى حيث كنت
ووضع يده على فمها لمنعها من الكلام وقال:
دعيني اخبرك يا عزيزتي ماذا سيحدث وقبل كل شيء يجب ان انقذك من ذلك الرجل الدنيء.......هل بطاقة هويتك معك؟ او جواز سفرك؟
نعم هنا في حقيبتي كان رالف حريصا على ان تكون بطاقة هويتي معي كتدبير احترازي في حال اضطرارنا الى الافتراق........فهو على ما اظن لم يخرج من حسابه امكانية التخلي عني والسفر الى مكان ما في حالة فشله فيما كان يطمح اليه!

وهنا نهض ثم اوقف سارة على قدميها قائلا:
هاتي حقيبة يدك وضعي فيها ثوب نومك وادوات زينتك وما الى ذلك فهي لا تسترعي انتباه احد.
وبعدما فعلت ذلك قالت:
الا اترك خبرا عند مغادرتي الفندق بملء ارادتي لئلا يظن رالف ان احا اختطفني فيشكو الامر الى الشرطة!
ففكر تيم مليا ثم تناول ورقة وكتب عليها بتوقيعه :
اخذت سارة الى مكان ما.........لا تحاول البحث عنا لانك لو وجدتنا لا تستفيد منها شيئا.......فهي ستتزوجني.
فنظرت سارة اليه وقالت:
ولكني اخبرتك يا تيم انني ...........
فقاطعها قائلا :
كان ذلك بالمس اما اليوم فتغير كل شيء
واحاطها بذراعه الفتية وهو يقول:
هيا يا حبيبتي ...لا وقت نضيعه.....ستتزوجيني الا توافقين؟
فترددت في الاجابة فكرر عليها السؤال فقالت:
اوه يا تيم ساكافئك على هذا الذي تفعله لاجلي ........نعم اقسم لك اني ساكافئك.
هذه طريقة غريبة لقبول طلب زواج وكانت سارة تتمنى لو انها تستطيع ان ان تصرح بحبها الشديد له غير ان الوقوع في الحب لم يكن لها عهد به ولكن اذا حدث لها فليته يكون مع تيم دون سواه
وامسك بيدها وقال:
والان هيا بنا يجب ان نسرع في الخروج من هنا من الافضل ان تنتظري في غرفتي ريثما احزم امتعتي وادفع ما علي للفندق واتاكد ان رالف ليس في طريقنا عند خروجنا واحست سارة كانها محمولة على موجة عارمة ونظرت اليه بابتسامة اعجاب حارة وقالت:
انت تفكر في كل شيء يا تيم!
وبعد ذلك باربع وعشرين ساعة حين نزلا في فندق اخر اقل ضخامة واكثر تواضعا كررت سارة في اذن تيم ذلك الكلام ولكن بصيغة اخرى فقالت:
كنت رائعا حقا فيما قمت به يا تيم اكاد لا اصدق ما حدث!
فابتسم بحياء و اجاب:
حالفنا الحظ يا حبيبتي اذ وجدنا مقعدين في الطائرة وغرفة شاغرة في هذا الفندق ثم سهولة الزواج في المكسيك خصوصا للسياح اه يا سارة لا استطيع انا ايضا ان اصدق كل ما جرى!
ووقفا يدا بيد اما نافذة ذلك الفندق الصغير في مدينة مكسيكو ونظرا الى الشارع المزدحم تحتهما ولم تكن سارة تريد الرجوع الى تلك المدينة مخافة ان يكون كارلوس كامنا في مكان ما ولكنتيم استخف بشعورها هذا وقال:
في هذه المدينة ثمانية ملايين نسمة وانت فيها كابرة في كومة من الرمل!
ومع ذلك فعندما غادرا مكتب الزواج اصرت سارة على العودة الى الفندق وتناولا غداء خفيف ثم وافقت على كل ما اقترحه تيم من خطط للمستقبل.
وقال لها:
لدي يومين بعد من عطلتي فدعينا نجعل منهما شهر عسل.....لا اريد ان استعجل الامور فانا اعلم انك لست مغرمة بي ولكن......
فقاطعته قائلة:
كفى يا تيم!
وكادت تغرورق عيناها بالدموع مرة ثانية وهي تتابع كلامها قائلة:
تيم حبيبي.......لا تظن اني احاول ان اصدك عني فانا اتوق جدا الى قضاء شهر عسل معك.
فنظر اليها بشغف كانها ناولته القمر و النجوم على طبق من فضة ثم نهض وخرج للقيام ببعض الترتيبات و التدابير وبعد نحو ساعة عاد الى الفندق واخبر سارة انه حجز غرفة نوم في القطار الذي سيسافر الى فيراكوز فهذه المدينة كما قيل له في مكتب السياحة تقع على الجانب الاخر من بلاد المكسيك وبامكانهما ان يقضيا هناك يومين وبعد ذلك يعودان الى مدينة مكسيكو حيث يكون جايسون وصل اليها فيلتقيان به فهو في يوكاتان الان ليتولى تصريف بعض الاعمال وهنا ضحك وقال :
يا الهي كم سيفاجئه زواجنا!
يفاجئه ؟لا بل اكثر من ذلك بكثير اذا اخذنا بعين الاعتبار ماعيرني به ولم تكن سارة تتشوق ابدا الى لقاء جايسون ولكنها عزت نفسها بان الظروف تغيرت كثيرابعد لقائها الاول به قرب المسبح فهي اولا زوجة اخيه تيم وثانيا اصبحت تدرك انه كان محقا في بعض ما حدثها به فيبدو انه كان يعرف عن رالف اكثر بكثير مما كانت تعرف ولكنه اخطا في شيء واحد وهو انه ظنها متواطئة مع رالف في ما كان يقوم به من اعمال مشينة.
ولكن على الرغم من هذه المبررات كلها فهي لم تستطع ان تنسى تهجمه عليها وتعجرفه واعتداده بنفسه وتمنت ان يقوم الدليل فيما بعدعلى خطاها في الحكم عليه .
وقالت لتيم:
اخشى ان يكون لاخيك انطباع سيء عني..........

SHELL 09-10-17 09:58 PM

فاجابها :
اذا كان الامر كذلك فعليه ان يزيل هذا الانطباع وساصارحه بذلك ولكني لم اكن اعلم انه تحدث اليك او انكما تعارفتما
وبدا تيم قلقا بحيث مالت سارة الى الاعتقاد ان الاخوين تخاصما بسببها
وقال لها:
ماذا قال لك اخي؟
لا شيء يستحق الذكر كل ما في الامر اته لم يكن ينظر على ما ظننت بعين الرضا الى صلتك بي ولكن ارجو ان اكون على خطا في ظني هذا
وجمع تيم قبضة يده غضبا وقال:
لا يحق له ان يكلمك بهذا الشان فهو في كل الامور يريد ان يكون الامر الناهي ويعتقد انه يستطيع ان يوجه لي حياتي....ولكنه سيرى عاجلا انني سيد نفسي ورجل متزوج ايضا وهو امر لم يستطع ان يحظى هو به.
فسالته سارة قائلة:
اليس جايسون متزوجا؟
فاجابها:
كلا ...........فهو حريص على الاحتفاظ بحريته وطبعا كل الفتيات يتهافتن عليه وعلى كل حال فكوني الاخ الاصغر امر لا احسد عليه ابدا خصوصا و قد مات والداي فاصبح علي ان انظر الى اخي الاكبر كانه والدي واصبح عليه هو ان يعملني كذلك.... ولكن من الان فصاعدا ساقلب هذه الصفحة من حياتي و احتل المكان الذي هو من حقي كشريك في مؤسسة نايت لبناء السفن في دروسه بانكلترا......وقبل ذلك يجب ان اعود بك الى هناك يا حبيبتي و اعرفك على عمتي فيرا التي تدير شؤون البيت لنا ثم نجد لنا بيتا صغيرا خاصا بنا بجانب البحر ونقضي ايامنا هناك
وظلت سارة تتذكر الى زمن بعيد كيف نظر اليها وهو يقول هذا الكلام وكيف اشرق وجهه سرورا و ابتهاجا.
فقالت له:
شيء رائع!
وكانت تعني ما تقول فهي في تلك اللحظة لم تكن تستبدل جمال الطبيعة في دروسه بكل منتجعات الدنيا
كانا جالسين في غرفة سارة ثم نهض تيم ومشى الى حيث جهاز التلفون على طاولة بجانب السرير وقال:
لست متحمسا ان افعل هذا ولكن قد يكون من الخير لي ان اتمرن على دوري الجديد ساتصل باخي جايسون واخبره بما طرا علي........
وابتسم ابتسامة الثقة بالنفس ورفع السماعة وطلب رقم اخيه في مدينة مريدا وفرحت سارة بما بدر منه فقامت وجلست بجانبه على السرير كانما ارادت ان تحيطه بالعناية
وقال لها مبتسما :
لقد اخذت بعض الدروس في الاسبانية قبل مجيئي الى المكسيك فكيف رايتني؟
فاجابت وهي تبادله الابتسامة:
انك تثير اعجابي... فانا لا اعرف من هذه اللغة اكثر من كلمتين او ثلاث
وساد الصمت برهة ثم تكلم تيم طالبا التحدث الى اخيه ولما وجده جرى بينهم الحديث الاتي:
جايسون؟
نعم كيف الحال معك؟
عندي مفاجاة لك......تزوجت! لا اتمكن من سرد التفاصيل الان ........سافعل ذلك عندما نلتقي يوم الثلاثاء المقبل نحن الان في مدينة مكسيكو في فندق صغير ....سنسافر الى فراكوز بع قليل......سارة تيلدسلي......طبعا .....هي بجانبي الان....... هل تريد التحدث اليها؟ جايسون.........جايسون........الا تزال على الخط؟
والتفت الى سارة قائلا:
انقطع الخط..........
واعاد السماعة الى مكانها و قال:
لا باس لديه وقت طويل ليمنحنا بركته حين نلتقي يوم الثلاثاء!
وماذا قال لك؟
لا شيء يستحق الذكر..........
وظهر عليه الارتباك لحظة ثم اشرق وجهه وقال لها:
تعالي يا حبيبتي .......دعينا نسرع الى المحطة قبل ان يفوتنا القطار!


الساعة الآن 11:00 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.