02-12-17, 06:37 PM
| #291 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة  
|  شكرا للغالية خلود على التصميم والاهداء الجميل تسلم الايادي .gif "Eh S(7)") الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 4 والزوار 1) دنيازادة, زهوري الحلوة, sareta jwad, samam1 | |||||||
|  |
|
02-12-17, 07:44 PM
| #294 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| الفصل التاسع تساءلت زويا بحيرة :- لا أعرف لماذا البشه جانتي ما زال يثير فضولي بقوة!!.. جده ألا تحكي لنا المزيد عنه أم أنه انمحى بالنسيان؟!! ردت الجدة توجان وقد أشاحت ببصرها ساهمة بالماضي البعيد:- قد يمتد الزمن شهورا وسنوات لكنه لا يختفي تماما، الأحداث تبق نابضة عالقة وان كانت خافته واهنة لكنها لا تتلاشى في اللاوعي لأنها أنحفرت عميقا بالذاكرة.. *********************************** أم جانتي مرضت بشدة وكانت ياميه ستناي تصر بإلحاح على زيارتها رغم ان صحتها هي الأخرى ليست بأفضل حال... كنتُ أترك سعدالدين ونيازي بشقاوتهما يلاحقان الدجاجات المتقافزات الهاربات بضجيج أصوات صياحهن الحاد وتتبعهن البطات زاعقات في حوش بيت أهلي المحاط بالأشجار المثمرة.. أبي جلس على العتبة ممسكا بيديه عكازه مستندا بذقنه فوقها يراقبهما بعينية عن كثب مسرورا ضاحكا على تصرفاتهم الطفولية.. أحمل زينب الرضيعة فوق كتفي واخذ أمي إلى منزل جواشه ناف.. كنتُ أستأذن من زوجي مستافه بالسماح لي لمرافقتها فأنا لم أكن أخرج لأي مكان دونما علمه ورضاه رغم أنه إعطاني حرية التحرك بزيارة أهلي وأقاربي لكني مع ذلك أبلغه ليعلم مسبقا عن كل تحركاتي.. جواشة ناف دخلت في إغمائه ثقيلة ولم تعد قادرة على تناول أي شيء من الطعام سوى القليل من الماء المقروء عليه بالآيات القرآنية والأدعية في طاس (أية الكرسي).. أمي رفضت مفارقتها بتاتا، مكثت قربها ونامت في بيتها قائلة بشجن:- جواشة ناف رفيقتي وأخر من تبق لي من الوطن الأم.. اغتربنا معا في الحياة ولا أريدها أن تغترب في الموت أيضا. أحيانا كنتُ اضطر للبقاء معهما ليلا لرعايتهما وخدمتهما فالاثنتان عجوزتان لا حول لهما ولا قوة.. في الليل لاحظتُ حدوث بعض الأمور الغريبة !!.. استيقظ على وقع قوائم حصان يهرول جيئة وذهابا، يدور ويحوم حول المنزل ويصهل بندائه المتواصل.. يحمحم كمن يطلق شوقا غامضا معبرا عن الفارس الملثم الذي يمتطيه!!.. لم يكن يهدأ ولا يستكين.. ولفترة طويلة يبق يجول حول الدار وألمح ظله!!.. سكنني الفزع واستعذتُ بالله من الشيطان الرجيم .. ذات مره نهضتُ من الفراش وذهبتُ إلى الشباك، أزحت الستائر مستطلعة بحذر.. أبصرتُ الحصان يدور وفوقه الفارس الملثم يتجلل بالسواد.. ندهت بارتياب :- من هناك ؟!! صهل الحصان بشدة وهو يشب على قائمتيه الخلفيتين.. ثم انطلق يسابق الريح والتحم بالظلام مبتعدا.. بقيتُ أنصت إلى وقع حوافره على الأرض اليابسة قويا منغما حتى أخذ الإيقاع يبتعد ويخفت. تنازعتني الهواجس .. حدس إحساسي الذي لم يكن يخطأ أنبأني أن الفارس الملثم يأتي متعمدا متخفيا متلصصا ليسترق النظر من أجل جواشه ناف.. ولولا أن الأموات لا يعودون للحياة من جديد لأقسمتُ برب السموات السبع أن الفارس الملثم هو البشه جانتي ينادي يصهل بشوق عارم أمه. كنتُ كثيرا ما أسمع تخاريف العجائز عن الجن وأرواح الأموات المسكونة وظهورهم بهيئات مختلفة!!.. الجدات الكبار كن يتحدثن عن قدرتهن على رؤية أشكال وأشياء عجيبة!!.. لكني ما زلتُ بعز شبابي وما تحدثن عنه لا يحدث ألا مع المسنين!! قلتُ لنفسي ذاهلة:- هل يكون هذا طيف جانتي هائم الروح؟!.. لكن لو كان كذلك فلما أراه وكأنه حقيقة ؟!! قصدتُ البقاء في بيت جواشة ناف لليلة ثانية على التوالي بعد أن طلبت من مستافه السماح لي بالمبيت ووافق دونما اعتراض.. ليلتها تركتُ الفانوس نائصا لينير ضوءا خافتا في الغرفة.. وكعادتي نومي خفيف أغمض عينا وأفتح الأخرى فلا يفوتني أدنى صوت، حتى ولو استغرقتُ في سابع طبقة من النوم أصحو عند أقل حركة.. في منتصف الليل سمعتُ صوت الحصان.. قمتُ على عجل وتسللتُ من الغرفة بينما ياميه ستناي وجواشة ناف نائمتان.. اندفعتُ مسرعة نحو باب البيت فتحته وخرجتُ للحوش، رغم خوفي لكني قلتُ أخاطب الفارس الملثم بحزم:- اذا كنت مشتاق لها لا تقف بعيدا.. تعال .. اقترب.. أدخل إلى غرفتها واحتضنها لمرة أخيرة على الأقل.. أنها في حالة احتضار وروحها تتعذب لا تريد مغادرة الأرض.. كأنها تنتظر عودة الغائب من موت مزعوم.. أكملتُ: - قلب الأم لا يخطئ أبدا.. قلبها يشعر بابنها وقادرة على مسامحته مهما كانت خطاياه كبيرة.. فإذا كنت أنت الذي تنتظره تعال ودعها ترتاح لتسلم الروح بسلام.. ضل يصغي لكلامي واقفا بصمت دون أي حركة، بدا كأنه تحنط كتمثال صخري فوق الحصان الذي ثبت بمكانه كما الفارس. استطردتُ :- من يتجرأ أن يجوب في ظلام الليل ولا يخاف من مصارعة الوحوش بالبراري ولا يهاب الضواري والأشباح في القفار القاحلة يجب أن لا يخشى مواجهة أي شيء.. كن رجلا حقيقيا اديغيي. يبدو ان كلماتي الحادة أثرت به بقوة شديدة إلى حد جعله يرد عليي.. سمعتُه يتمتم :- لكِ كل الحق أن تقولي ذلك.. وحق الله لكِ كل الحق. فجأة أرعدت السماء وأبرقت وهطلت الأمطار غزيرة.. ومضى الفارس الملثم في سبيله ليمر الوقت بطيئا.. ومع انبلاج فجر نهار جديد يلقي بأضوائه الخافتة بالأفق الممتد.. استيقظ حي المهاجرين الشركس على مفاجئة من العيار الثقيل.. وقفوا مصعوقين يراقبون بالطرقات وأمام البيوت مشدوهين وكأن على رؤوسهم الطير.. وعندما استطاعوا الكلام سرت الهمسات والهمهمات بينهم :- قيل أنه مات غرقا!!..سبحان الحي القيوم .. وكما اختفى عاد جانتي راكبا الحصان ويحمل بارودته على كتفه بكامل أناقته بوجهه المليح الذي أصبح أكثر خشونة ورجولة.. كل الذين شاهدوه ساروا ورائه يتبعونه بصمت بالطريق الترابي المتجه إلى منزل أهله.. كنتُ قد تركتُ باب الدار مفتوحا له.. دخل فلمحني في وسط الردهة الواسعة وأنا أحمل أبنتي زينب أهدهدها لتغفو.. أشرتُ له دون كلام باتجاه غرفة أم جانتي فاندفع مسرعا بلهفة إلى حضن أمه.. كان اللقاء مشحونا بالعواطف والشهقات والدموع.. بكت جواشة ناف وبكى جانتي وأبكيانا معهما جميعا.. يتبع >>>>>>>> | |||||||
|
| |
|
02-12-17, 07:45 PM
| #295 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| جانتي لم يمت بالسفينة التي غرقت بالبحر المتوسط كما قيل حينذاك لأنه كان يجيد السباحة بمهارة، أخذ يسبح في العاصفة الهوجاء بين الأمواج العاتية.. ولأيام لا يعرف عددها قضاها بالبحر بلا طعام أو شراب المياه المالحة تلسعه وتأكل جسده وبرودة صقيع الليل تجمد أوصاله.. وفي النهار يكون تحت لهيب الشمس الحارقة التي لذعته مرسلة حممها مباشرة عليه لتصهر شرايين دماغه ولا من ظل يقيه غليان الدماء في رأسه.. كان يرى حيتان ضخمة بشكل هائل بعيون مستديرة جاحظة فاغرة أفواهها فتبان له من بعيد أسنانها المنشارية القاتلة فيملئه الفزع ولا شيء حوله ألا الأمواج بحجم الجبال تتقلب وتفتح أشداقها المظلمة لتغمره فيشهق الأنفاس ويظن أن تلك نهايته حتما.. الأمواج المتلاطمة صارت تدفعه بقوة واستطاع الوصول لأقرب جزيرة.. انتشله الصيادين لمركبهم وهو مصابا متعبا خائرا القوى بحالة يرثى لها مشوش الذهن والذاكرة.. أقام في كوخ صغير من القصب على الشاطئ استأجره من أحد الصيادين مقابل مساعدته له بصيادة الأسماك.. بفترة وجيزة أجاد وأتقن مهنة الصيد ثم تعلم الغواص ليستكشف بفضول عالم البحر الشاسع.. أصبح بارعا يستطيع النزول إلى الأعماق ورغم ما يترتب على ذلك من مخاطر لكنه أستمر ومضى لمغامراته بالبحار التي عشقها.. يخوض في المياه المضيئة محاذرا الاقتراب من السلطعونات الشوكية المتربصة.. يسبح بين الأسماك الفضية مستمتعا لدغدغتها برؤوسها وذيولها، يعوم باليم ثم ينزلق إلى الأعماق حيثُ الكنوز بين الطحالب والأعشاب الخضراء.. يلتقط نجوم الشعاب المرجانية الأرجوانية المشعة، ويجمع أصداف اللؤلؤ الطبيعي الثمين التي يبيعها بالسوق لتجار بأسعار باهظة.. ذلك در عليه المال الوفير وانتعش وضعه المادي فاشترى قطعة أرض صغيره بنى عليها بيت متواضع بسيط. وفي مرة عند الغروب حينما صعد عائدا لسطح البحر بعد رحلة غطس شاهد فتاة قرب الشاطئ منهمكة بإصلاح شبكة صيد ممزقة قديمة بأنامل يديها الرقيقة، جدائلها تتطاير مع الهواء وحولها تنتشر الفراشات الملونة تحوم متراقصة كنجوم صغيرة تلمع.. ثوبها الأبيض ينفرش على الرمال بمحاذاة البلورات المائية لزبد البحر وأطرافه تتراقص مع أمواج حركة المد والجزر.. بدت كحورية غاية بالجمال بجاذبيتها وأحس بقلبه ينبض في صدره بطريقة غير اعتيادية.. علم أنها ابنة صياد عجوز فاخذ يتردد عليهم ويساعدهم، الفتاة بادلته الغرام وتزوجها بعد مدة قصيرة.. وذات يوم جاء للجزيرة تاجر عربي يرغب بشراء اللؤلؤ فدلوه عليه فما أن رآه فوق القارب على الشاطئ ناداه باسم جانتي الجوال.. أستغرب الأسم الذي يجهله لكن العربي أكد له أنه يعرفه جيدا وكانا صديقان يجلسان معا في مقهى ميناء حيفا بفلسطين.. أخذ يذكره بأمور غابت تماما عن رأسه لكنها بدأت تعود كخيالات متماوجه غير واضحة.. ميناء حيفا أخبره العربي أنه من اديغيين شرق الأردن وكان يحب التجول والترحال لهذا أراد الذهاب برحلة أخيرة لتوديع العزوبية قبل العودة إلى عمان ليتزوج خطيبته الشركسية ويستقر بين أهله ويهتم بشؤون المزروعات وقطعان المواشي.. بعد مقابلته لذلك العربي فكرة السفر إلى عمان باحثا عن أصله وجذوره راودته كثيرا حتى بدأت ذاكرته تستعيد صور أكثر وضوح لكل ما جرى بالماضي.. لكن ظروفه منعته من السفر لأن زوجته كانت حامل بالشهور الأخيرة.. وبعد ولادتها وقيامها بالسلامة واطمئنانه على صحتها وكذلك ابنته المولودة قرر السفر.. ركب سفينة عائدا لفلسطين ثم إلى إمارة شرق الأردن. عندما وصل عمان أخذ يتحرى الأخبار والمستجدات في حي المهاجرين الشركس.. ولم يخفى عليه ما حدث فالناس كانت تثرثر كثيرا بما أشاعته أمه جواشه ناف حولي من نحس بفضيحة مجلجلة ازدادت بعد أن أطلقت النار عليي.. قلبه تفتت حزنا وألما على أمه وما وصلت له أحوالنا من وضع مؤسف.. لكنه علم أيضا أن عالي مقام في الجيش السوري من شركس الجولان طلب ودي وتقدم لخطبتي .. حينها فضل أن يتمهل كي لا تتعرقل الأمور وتؤدي لفسخ خطوبتي من الشهم نارت ويضطر تحت وطأة ضغط أمه الشديد التي يعرف جيدا أنها قد تجبره بإصرارها وعنادها وتهديدها باستعمال أديغتنا الخابزة طريقة لإتمام زواجه بي كما فعلت سابقا حينما فرضت عليه خطوبتي، ربما كانت محقه آنذاك بأن حياة التنقل والتشرد بالبلاد تملأ الأحاسيس بالمتعة ألا أنها ليست حياة ملائمة لحاجات الأسرة واستقرارها فالمعيشة تتطلب أكثر من الكلام والمغامرات المثيرة .. لكن الوضع تغيير حقا لأن جانتي استقر وهو متزوج ويحب زوجته التي له منها طفلة رضيعة.. وما لا يريده بتاتا أن يقهرها بوجود زوجة ثانية على ذمته. فكر كثيرا وعميقا ووجد أن الحل الأمثل بقاء الحال على ما هو عليه.. لنستمر بظننا أنه مات غرقا بالسفينة.. ربما أختار الحل الأسهل كجبان هارب لكن ذلك كان مناسبا له لضمان استقرار حياته الزوجية.. وهكذا سافر إلى عائلته الصغيرة بعد ان اطمئن على والديه من بعيد مكتويا بنيران فراقهما.. حينما عاد بعد مدة عازما على مصارحتهم بالحقيقة اكتشف أني عدتُ أرملة مع طفل مكسورة موشومة أكثر بالنحس!!.. فقرر تأجيل موعد ظهوره حرصا منه على كل الأطراف.. حتى بعد زواجي من مستافه العربي كان قد مر الوقت وفقد الجرأة والشجاعة بالاعتراف عن تفاصيل ما يخفيه. يتبع >>>>>>> | |||||||
|
| |
|
02-12-17, 07:46 PM
| #296 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| في مجتمع صغير كعمان تتداخل الأمور بصورة قوية بحيث كل الأحداث والأخبار تنتشر بسرعة رهيبة.. وبعد أن تجاوز القوم صدمة أن جانتي حي يرزق لم يمت.. الناس ضجوا بسيرتي من جديد، وعدتُ لأكون في صدارة ثرثرتهم ونميمتهم:- توجان متزوجة اثنان!!!.. توجان على ذمة رجلان.. البشه جانتي وشهبندر التجار مستافه !!! أيهما أحق بها الشركسي الذي كان قد كتب كتابه عليها قبل سفره أم العربي الذي أنجبت منه طفلة عمرها أشهر؟!! وهكذا علقتُ في شبكة معقدة شائكة من الأقاويل بفضائح نحسي المأساوية. كان موقفي مربكا جدا ، الناس سخرت بحالي أكثر من ذاك الجار الثري الذي يسكن بالحي قربنا في عمارة ذات طابقين، وفي كل طابق تسكن واحدة من زوجتيه.. ورغم ان الاثنتان تتسابقان لتلبية رغباته وتدليله ومع ذلك عيناه ضيقتين تنزلقان نحو كل أنثى بالحي، لهذا كانتا تخشيان من لجوئه لطلاق أحداهن ويجلب لتجديد مكانها عروسا جديدة.. ولتنالان رضاه منحتاه سلطة غير محدودة عليهن.. وهو لم يتوان عن استغلال ذلك لصالحه ممسكا بلجامهما مقيدهما بسطوته وتهديداته.. نساء الحي كله كن يعرفن لمن دورها من الضرتان في مبيت الزوج ويتندرون ضاحكات ساخرات عليهن .. فالزوجة التي يكون دورها بالمبيت تتزيين وتتبرج مرتديه فستانا مكشوفا وتقطف وردة حمراء تضعها على شعرها.. كانت الزوجة الكبرى وهي كبيرة في السن يبدو منظرها مؤلما بأسى لا يرحم إذا ما أطلت من شق الباب تنادي أولادها الذين يلعبون طوال النهار في الحارة أو فتحت الشباك لأمر ما، نرى مزيج من ألوان الأخضر والأحمر الفاقع التي لطت بها على وجهها.. قناع مساحيق الألوان المريع الذي تلطخت به يقوم بفعل عكسي فتظهر التجاعيد أكثر وتبدو بارزه متراكمة حول خدودها وعنقها، والملابس الحريرية التي تبرق وتشف تعلن أن جسدها ذابل مترهل.. أما الوردة الحمراء الكبيرة المثبتة بين ثنايا شعرها المصبوغ بالحناء البرتقالي جعلتها متصابية بفظاعة مثيرة لشفقة.. كل ذلك التبهرج البهلواني لإرضاء زوج لا يرضى أبدا.. وأحيانا نسمعها تتقبل شتائمه البذيئة المهينة ضاحكة بدلال مصطنع كأنها هدايا!!.. الأمر كله مخزي ومقرف لأن كل ما تفعله ليس من نفسها ولرغبتها بل خوفا من زوج عيناه تسقط ملتصقة برداء كل امرأة خارج حدود بيته.. كان يفتعل الخلاف مع الزوجة الأولى الكبرى ليوبخها ويخرج غاضبا مزمجرا ليقضي ليلته عند الزوجة الثانية العروس الصغرى الأثيرة التي يلاطفها ويحابيها أكثر.. كانتا الضرتان تظهران كدميات مزينة ويتقاتلن بأصوات مرتفعة تهز أرجاء الحي كله، صوتهما يصل لكل بيت وهن يزعقن متشاجرات على حق كل منهما بمبيت الزوج عندها والتزامهن بالدور المحدد.. الزوجة الكبرى تحتد معتبره أنها الأكثر ظلما.. أحد الأولاد الصغار أسرع لدكان أبيه يخبره بالخناقة فهرع الزوج بقمبازه الذي رفعه بكلتا يديه لأعلى مهرولا بأنفاس متقطعة متعثرا ويكاد يتدحرج بالطريق الترابي وحوله الأطفال يركضون ورائه ضاحكين على منظره فاقدا الوقار والهيبة.. يهمهم ويكيل مغلظا القول مهددا الزوجة الكبرى بتطليقها.. وما أن دخل بيته قام بضربها على الفور بكل ما يملك من قوة ليتباهى بقدراته الفحولية أمام الزوجة الصغرى.. كانت الثانية صغيرة حسناء ويتيمة أجبرها عمها على تزويجها من أول رجل يتقدم لها كي لا تكون عقبة عاثرة بجمالها فتوقف زواج بناته اللواتي كن أقل جمالا.. أحيانا الجمال المبهر يجلب الحظ العاثر ليتحول من نعمة إلى لعنة. لكن دفاع الزوج عنها وضرب الزوجة الأولى أمامها لم يرق لزوجه الثانية.. وان كانت تلك العجوز تضطر لتصابي لكنها كانت تعتبرها بسن أمها ان لم تكن أكبر، لهذا انحازت بموقفها مع ضرتها الكبرى فتصدت له بالرد بقسوة، استدار إليها ليصفعها مؤدبا هي الأخرى فصاحت بقوة وهجمت عليه وهي الصبية بطول وامتلأ تستطيع ان تلفه تحت ذراعها ببنيته الضعيفة وكهولته. أوسعته ضربا وانضمت لها الكبرى لتنهال عليه أيديهما بمعركة حامية.. هرب الزوج خارج البيت متقافزا فلحقتاه وقد اضمرن له السوء لشدة ما عانتاه من إذلال وقهر.. تجمع الأولاد والمارة حولهم وخرج الشباب من البيوت فيما تلصصت النساء تبحلقن بالمشهد من الأبواب والشبابيك معتبرات أنه يستحق العقاب بتلك العلقة الساخنة.. أهالي الحي بأكمله وقفوا يراقبوهم وقد سالت الضحكات المكتومة تختبئ تحت شوارب ولحى الرجال في نشوة مرح ألا أنهم تدخلوا لانتزاع الزوج من أيدي زوجتيه خشية أن تقضيان عليه بفورة ثورتهما.. مشكلتي كانت عويصة جدا أكثر من هذا الكهل مع زوجتيه لأن بالشريعة الإسلامية له حق الزواج مثنى وثلاث ورباع.. كدتُ أجن كلما فكرتُ بحالي وأنني امرأة على عصمة زوجان.. بالماضي تم عقد قراني على البشه جانتي ليتبين أنه لم يمت ولستُ أرملته.. لكني متزوجة الآن من الشهبندر مستافه.. ارحمني يا رحمان .. مستافه برزانته وحكمة رؤيته الثاقبة قال أنه سيعرض الأمر على دار الإفتاء وما يصدر من فتوى شرعية لشيخ الأمام يتوجب علينا الالتزام بتطبيقه. سالت دمعتان كبيرتان من مقلتاي على وجنتاي فغمرني يحتويني بأمان وحنو بين ذراعيه :- امسحي دموعك يا غالية .. دموعك ألماسات بلورية لا أريدها أن تنزل من عيناكِ أبدا .. أغسلي وجهك ولن يكون ألا ماشاء الله.. لنتوكل عليه ونسلم إليه أمرنا. - ونعم بالله العظيم التواب الرحيم .. أعنا يا معين. نفذتُ ما طلبه وقبل أن يخرج متوجها لدار الإفتاء سمعنا طرقا على الباب ولم نكن بانتظار مجيء أحد.. سعدالدين أقبل علينا يعلمنا أن ضيوف غرباء جاؤوا لزيارتنا رجل وامرأة أجنبية معهما طفلتان.. سريعا ارتديتُ العباءة فوق فستاني ووضعتُ الغطاء على رأسي، مشيتُ بجانب مستافة لاستقبال الزوار الذين وقفوا في الحوش وما كانوا ألا جانتي ومعه زوجته وابنتاه اللواتي تحركن إلى تحت الدالية حيثُ كنتُ وضعتُ زينب بالمهد ليداعبنها ويتضاحكن معها. كان جانتي محرجا لقدومه وعائلته بدون موعد، مستافه تدارك الأمر قائلا:- حياكما الله .. الضيف ضيف الله .. ما أن جلسنا في الديوان دخل جانتي بالموضوع مباشرة كمن يتعجل التخلص من هم يرزخ ثقيلا فوق ظهره قائلا :- عندما عدتُ لعمان بعد غياب أمتد أربع سنوات مشوش الذاكرة.. كنتُ خلال هذه المدة قد أسست حياة جديدة، تزوجت وأصبحتُ أبا لأسرة كل غايتي حمايتها وسعادتها.. زوجته ظلت مستريبة مخفضه رأسها لكنها تبتسم بهدوء ناعم كلما عانقت بعينيها وجه زوجها جانتي الذي يبادلها نظرات تعبر عن حبه الشديد لها.. أخرج من جيب سترته ورقة واستطرد:- لهذا أول ما كنتُ فعلته توجهت إلى شيخ الجامع الحسيني وأمام شهود حاضرين من العرب قمتُ بتطليق توجان لتتحرر من عقد زواجنا.. وهذه الورقة وثيقة موثقة تثبت ذلك بالتاريخ وأختام التواقيع. قام من مكانه ووضع الورقة بهدوء فوق منضدة كبيرة بوسط الديوان.. أكمل :- أعتذر ان سببتُ أي أساءه.. ربما كنتُ أنانيا لكني فكرتُ بنفسي لضمان الأمان لعائلتي.. الله عليم أني ما قصدتُ يوما الأذية.. نعم كان يجب أن أكشف الحقيقة في حينها دونما تأخير لكن خشيتُ من تبعات الموقف لأن أديغتنا الخابزة صعبة بشأن قرارات الطلاق ونادرا جدا ما تسمح بحدوث ذلك.. والرجل الذي يلجأ لطلاق التعسفي يفقد احترامه ويعاب كثيرا في مجتمعنا الشركسي. يتبع >>>>>>>> | |||||||
|
| |
|
02-12-17, 07:47 PM
| #297 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| عمان / وادي السير 2011م وقفت دينا قرب الشباك ترنو لغرفة نارت المضيئة في منزل عائلته القريب من بيت الجدة، النجوم معلقات في سماء صافية وقد ارتحلت الغيمات مع النسيم الرقيق، أخذت تتمتم بوله باسمه الحميم مراقبة بإمعان ظل خياله وحركاته من نافذته المشرعة .. منذُ طفولتها كانت دوما عواطفها اتجاه نارت غريبة تتعلق به دونما أي تفسير، ومع مرور الأعوام لم تخف بل ازدادت أحاسيسها أعجابا وانبهارا به كلما تفوق وتألق بنجاحاته في مسيرة حياته.. ذات نهار تعبت الجدة توجان فجاء الطبيب نارت مسرعا من عياداته وبعد أن جس نبضها وحرارتها وقام بقياس ضغط دمها بالجهاز أقترح نقلها للمشفى لتنام فيه أيام ويقوم بأجراء الفحوصات والعلاجات اللازمة.. دينا أعلنت فورا عن استعدادها لمرافقة الجدة للمشفى.. قامت تركض إلى غرفتها بلمح البصر.. على عجل فتحت الخزانة وتناولت حقيبة من أسفلها، أخذت تملئها بالفساتين والأحذية والعطور.. في معمعة انشغالها بتجهيز نفسها لم تشعر بدخول أحد للغرفة، انتفضت حينما ربتت زويا بكفها فوق ظهرها:- أود تذكيرك أنكِ لستِ مسافرة لرحلة استجمام بل ذاهبة للمشفى.. فلما كل هذه الأشياء؟!!. هزت كتفيها مجيبه:- لا أعرف لكن ربما احتاجها وتلزمني. أطلقت زويا ضحكة متهكمة وقالت مداعبة :- الطبيب نارت سلب قلبك وعقلك وكل كيانك. ردت دينا بتنهده حارة وهي تدفن وجهها في كتف زويا تكتم أهات عشقها:- حتى لو سلب روحي فهي فداه. دينا أصبحت أشبه بوردة متوهجة من نار، جميلة بهيجة متقدة بالنشاط تتحرك بخفة الجنيات حول الطبيب نارت الذي راح يبادلها الابتسامات وتغمره سعادة مبهمة كلما لمح طيفها، يراقب لفتاتها السريعة المترقبة نحوه، يحس بدفء كفيها عند السلام والتقاء الأعين الخاطفة.. بدا متوجسا من الآتي، لا يجب أن يغرق في لجة تلك المشاعر التي تسبب خفقات متتالية مزعجه لعقلة.. يعرف أن أي عاطفة بينهما لن تكتمل.. دينا صغيرة كبرعم زهر اللوز بالكاد تتفتح.. لكن الحب يملك سطوة تجعله يداهم القلوب بقوة .. نامت الجدة بهدوء بعد أن حقنها الطبيب نارت بمادة منومة، ولم يكن يسمع ألا سكون الليل بأروقة المشفى الخاص.. لا حدود لتلك السعادة التي تغمرها وهي ترمقه بمعطفه الأبيض وسماعته الطبية المتدلية حول عنقه وهو يتجول بين غرف المرضى ثم يأتي للاطمئنان على الجدة توجان ليمكث عندها أطول فترة ممكنة.. تكاد دقات قلبها تعلو وتعلو كسيمفونية حتى تظن أنه يسمعها، يلتفت رافعا رأسه نحوها فتفر بنظراتها عنه.. لعبة العيون والنظرات تدور لتنشأ بينهما لغة لا يفهمها غيرهما.. توافد الكثير من الزائرين الشركس والعرب إلى المشفى للاطمئنان على صحة الجدة توجان.. غرفة الاستقبال ازدحمت على أخرها بشخصيات لها مكانتها المرموقة.. أخذوا يتناوبوا بالدخول لغرفة الجدة ضمن مجموعات قليلة كي لا يتسببوا بالإزعاج لكن الجدة توجان كانت منطلقة منشرحة مفعمة بالحيوية لقدومهم وتطلب منهم إحضار أطفالهن لتراهم وتبدأ بتفقد ملامحهم عن كثب قائلة:- هذا الصغير له لون عينان سعدالدين وتلك الفتاة ناعمة خجولة تشبه زينب بطفولتها. تسللت دينا خارج الغرفة في غفلة دون أن يلاحظها أحد، هبطت الدرجات متقافزة كما لو أنها تكاد تطير، اتجهت إلى قسم مكاتب الأطباء، توقفت أمام باب وضع عليه لافته (الطبيب نارت) الذي اهتز لرؤيتها في وجهه حين فتح الباب يودع لتوه زميل له من الأطباء.. بحركة مهذبة من يده دعاها للدخول، تنبهت لحظتها لوجودها!.. لم تعرف لماذا جاءت؟ وماذا ستقول له!!.. تقدمت وجلست في الكرسي الذي أشار أليه. أطال الطبيب نارت النظر لوجهها فلم تملك الجرأة لرفع نظرها، ابتسمت بخفر وقد علت محياها الحمرة ارتباكا، شعرت أنها مفضوحة له باندفاعها نحوه رغم محاولتها الفاشلة بمدارة عواطفها.. حينما لم تتكلم بادرها يسأل:- كيف الجدة؟ أجابت بتلقائية :- تبدو بخير أمام الزوار لكن أشعر أنها تتظاهر بذلك لتخفي ألامها عنهم. رد بلهجة الطبيب: هذا أمر الله.. المهم أن نحاول التخفيف عنها في آخر أيام حياتها. شهقت بفزع: - هل ستموت الجدة توجان!؟ - كلنا سنموت يوما ما. رفعت عينيها اللتان أغرورقتا بالدموع تقول وبصوتها نشيج :- قلبي لن يحتمل موت من أحبهم. م لامحها البريئة بجاذبية ودموعها جعلت نارت يقفز عن كرسيه من وراء مكتبه يقترب منها، أنحنى بركبتيه ليوازيها في مقعدها ممسكا يداها وكلماته تهدئ روعها:- لا تبكي.. الموت حق علينا... لم تكن كلماته تصل لعقلها ولكن لهفة عينيه تصل.. نبضات كفيه الحارة في كفيها الدافئتين تصل بقوة مرسله رعشات لذيذة لقلبها أكثر وقعا من أي كلمات قد تقال. رفع رأسها يحتضنه بكفيه وإبهاميه يتحسسان وجنتيها المبللة يزيل دموعها برقة بأنفاسه المحمومة وقلبه المشتعل بعواطف متقدة.. صوت خطوات الممرضات في الممر ذكرت نارت أنه في المشفى، عاود الوقوف والصحو في حين ظلت دينا على مقعدها هائمة بعذوبة الأحاسيس. طوى نارت يديه تحت ذراعية وسار بعيدا عنها يلم شتات نفسه التي فقدها قبل ثوانِ.. أستعاد اتزانه وجديته قائلا: - لا تحملي هموم الإحزان أنتٍ ما زلتِ صغيرة. اعترضت: - لستُ صغيرة .. في أيلول الشهر القادم سأحتفل ببلوغي الثامنة عشرة. - أعرف .. أقصد صغيرة على الهم والحزن. شعرت وكأنه يقصد أن يقول " صغيرة على الحب ووجعه." نهضت بحنق فأردف :- دائما بابي مفتوح في أي وقت.. يمكنك أن تعتبريني بمثابة أخيـ .. صديق. كاد يقول أخيكِ ولكن قلبه لم يطاوعه وهذا ما لم يعجبه أبدا. لكن من قادر على أن يغلب الحب أذا أصاب القلب بسهامه .. __________________________________ استنكرت الجدة توجان متأففة: - ما بكم تحتجزوني هنا؟!.. إن شهقت تلتفون حولي، إن عطست تجسون نبضي وترصدون حركة جفني.. أني أقوى منكم جميعا. ضغطت الجدة توجان على يد نارت لتشعره بقوتها فربت على كفها ضاحكا فشعرت دينا أن الدنيا بأكملها تضحك.. تابعت الجدة :- سأحيا بإذن الله حتى أرى أولادكما.. لماذا تضحكان وتشيحان بوجهكما عني!!.. هل تظنون أني عجوز تخرف ولا تصدقاني؟.. حسنا أريد أن أرقص هأ.. هأ .. هيا قم أيها الطبيب نارت ورافق النسه (العروس) دينا .. أنهضا وارقصا "الزافاكؤه" مع عجوز ترفض ترككم لتعبر النفق المظلم إلى الحياة الأخرى.. نهاية الفصل التاسع التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 04-02-18 الساعة 06:42 PM | |||||||
|
| |
|
02-12-17, 07:49 PM
| #298 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| يسعد مساكم اعزائي اتمنى لكم قراءة ممتعة وارجو ان لا تحرموني من تفاعلكم وتعليقاتكم فأنا أنتظرها بشوق لأكمل معكم فصول روايتي توجان الشركسية  | |||||||
|
| |
|
02-12-17, 08:33 PM
| #299 | ||||
 
| ناخد نفس عميييييييييييق ....لانه الفصل صدقا حابس للانفاس ...... جانتي الملثم طلع حي ويرزق ....... مش قادرة احدد صراحة شعوري تجاه جانتي ...مش اخلاق رجال صدقا انه يترك اهله مفكرينه متوفي و هو حي ويرزق بس عشان ختيف يواجه اهله برفضه لتوجان....انا بعتبرها انانية صدقا ....و جبن ....و عجبني جدا كلام توجان اله لما واجهته ليلا...... بس حركة الطلاق لتوجان هي الوحيدة الي ممكن تشفعله انه عمل شي جيد ..... مستافه يا عمي خالزلمة كل فصل بحترمه اكتر واكتر ....احتوائه لهوف وقلق توجان....مساعدتها على بر اهلها ...كلها تثبت قديه هو يستحق لقب شهبندر ... سخرية حزينة انتابتني وانا اقرأ عن زوج الثنتين ..يارب لمتى حنضل على مبدأ ضل زلمة ولا ضل حيط....شي بوجع القلب والله ......بدل مالوحدة تتعزز و تتكرم على اخر عمرها يجي واحد ما بسوى قرش بسوق الرجال يتجبر عليها ......لاحول ولاقوة الا بالله ...... نيجي لطيور الكناري نارت و دينا .....طيب نارن خايف عليه لانها صغيرة وانه مشاعرها ممكن تكون غير ناضجة .... بس توجان مش هينة ابداااااااا رمت السنارة وان شاء تغمز بينهم سلمت يداك دنيازادة....الاحداث بتصاعد جميييل و تناغم الماضي والحاضر بجنن | ||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
9Likes
.png)
العرض العادي
