23-12-17, 04:53 PM
| #423 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة  
|  اقتباس:
تسلمي عزيزتي غزيلة نورتِ وشرفتِ أسعدني حضورك وكلماتك الراقية😍😍 بهمني رأيك بالاحداث قراءة ممتعة 💞 | ||||||||
|  |
|
23-12-17, 08:02 PM
| #425 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| الفصل الثاني عشر انكبت دينا على كتب الدراسة تكاد تلتهم السطور لشدة تركيزها لتنال أعلى العلامات وتصبح متفوقة ناجحة كما حبيب قلبها الطبيب نارت.. تأملت دفاترها الممتلئة بالبراهين وحلول المسائل والملاحظات الهامة، شعرت بالرضا عن ما أنجزته من مذاكرة فأخذت تلملم إغراضها المنتشرة فوق طاولة السفرة.. رفعت رأسها تنظر لزويا المنشغلة بتمارين الرياضة في ركن بالصالون الواسع . ساعتين كاملتين أمضتهما في تدريبات شاقة مكثفة لتطور قدراتها البدنية وتقوية عضلاتها الجسدية لترفع كفاءتها وتعزز أدائها بفنون القتال.. لم تصغي للعمة تيتيان عندما قالت لها: - لا تنهكِ نفسكِ سيصيبك الإعياء. تصببت عرقا غزيرا لكنها لم تتوقف واستمرت لتكمل جولتها في حركات الملاكمة لاكتساب قوة التحمل وتتحسن لديها دقة التصويب.. أخذت تسدد الركلات برجليها إلى كيس اللكم ثم انهالت بضربات متتالية بقبضتيها التي لفتهما بالشرائط لسلامة يديها ومنع الاحتكاك أو التعرض للحروق نتيجة اللكمات الحامية المتنوعة التي توجها لتحصل على أقصى إفادة.. انتبهت أنها تجاورت الوقت المحدد لانتهاء الجولة.. زفرت أنفاسها المجهدة وفكت الأربطة عن يديها المحمرتين وهي تكابر أحساس نخزات الوجع بهما.. الاغتسال بالماء الدافئ أزال تشنجها وأرخى عضلاتها المشدودة، أحست بالانتعاش وقوة الطاقة فازدادت ثقة بقدراتها وإمكانياتها بمنازلات القتال.. اتجهت مع ابنة عمها إلى غرفة الجدة توجان، أسرعت لتجلس عند حافة السرير ترجوها:- جدتنا الجواشة اخبرينا عن ملاحم وأساطير أجدادنا النارتيين. ابتسمت توجان :- يا الله كم تحبين البطولات يا حياة!!.. ألا يفيض هذا البئر في جوفك من كثرة حكايا الأبطال؟!. رفعت حاجبيها تهزهما: – لا .. كلها أخزنها في خلايا أعماقي بشكل جيد لاستحضرها وأستعيدها في عمل روائي أكتبه ذات يوم. وقفت دينا كعادتها قرب النافذة تراقب الشارع من وراء الستائر، التفت قائلة: - الأساطير الشركسية هي الذاكرة الشفوية لأجدادنا، أنها قصصهم التي سجلوا فيها تجاربهم وخصالهم، ميزاتهم وبطولاتهم وغيرها من الأمور التي رافقتهم منذُ البدايات وكونت مع الزمن صفات الشخصية الشركسية النارتيتيه.. سألت زويا بفضول:- جدة أحكي لنا عن " وزرمس " وكيف أصبح نارتياً كاملاً؟. تكلمت الجدة بصوت يتصادى في أبعاد مجهولة: - النارتيين هم رجال الأديغيين الشركس الذين يمتازون بالشهامة والشجاعة والحكمة.. وزرمس البطل المقدام هو ابن غوازه بزغش أكبر النارتين مقاما.. كان منذ طفولته متفوقا على أقرانه وكلما رآه القوم يرددون أنه سيصبح نارتيا كاملا.. ذات يوم رأى سكان القرى النارتية بالقفقاس يتجهون إلى الجبل وهم يحملون أصناف الطعام، فهذا يسوق خروفا سمينا وذاك يحمل لحما مجففا.. دهش أكثر من أي شيء أخر لحال امرأة فقيرة تحمل الحساء في وعاء ووراءها يجري أطفالها وهم يتضرعون باكين يرجونها:- أمي نحن جياع أطعمينا شيئا من الحساء. ورغم عويل ونشيج صراخ وبكاء الصغار وتوسلهم فإن المرأة تابعت سيرها دون ان تقدم لهم شيئا.. فتعجب وزرمس كثيرا!!.. انخرط في الجمع الكثيف وسألهم: - إلى أين تأخذون كل هذا ؟.. قالوا بصوت واحد : - نقدم الهبات إلى " بَـقُـوهْ " لدرء غضبه ولعناته. استغرب بدهشة وقد حطمت الكلمات قلب وزرمس، اخذ يتجول صامتا حزينا لكون شعب النارتيين الإبطال الشجعان يقدمون القرابين لـ بَقُوهْ ذي لحية التيس الذي يعيش بعيدا بمغارة في أعلى قمة الجبل ويمارس هناك شعوذته.. اعتاد النارتيين ان يقيموا الاحتفالات بعد عودتهم من جلب غنائم قطعان المواشي والخيول البرية.. يجتمعون في الغابة ويتبارون أبنائهم الصغار في الجري والمصارعة ولعب رمي الكرة الحديدية.. ولما كان وزرمس الفائز دائما في مثل هذه المباريات فقد افتقده القوم وتساءلوا قلقين:- لعل غيابه بسبب مرض أصابه؟.. أرسلوا من يتحرى عنه فأجابهم مستنكرا باستهجان:- أنا لا أعاني من أي مرض جسمي ولكني حزين لأنكم تقدمون الطاعة ل بَقُوهْ الدجال وتمنحونه الهبات التي تجلب العار.. وفي صباح اليوم التالي شاهد رجل فقير نحيل هزيل بملابس ممزقه رثة يقيد يدي أبنته الحسناء بحبل وهي تنفجر بالبكاء والصراخ تحاول الآفلات.. لكن أبيها أخذ يجرها خلفه صاعدا بها الجبل ليقدمها كقربان بشري!.. وزرمس استشاط غضبا ولهذا قرر الإطاحة بي بَـقُـوهْ متعهدا: - لن يهدأ لي بال حتى أحرر قوم النارتيين من هذا الذل والخزي.. لن أكون شابا نارتيا إذا لم أقطع رأس ذلك الدجال. ودون أن يتردد أو يبالي لتحذيرات الذين حاولوا نهيه مبررين:- بَـقُـوهْ يملك قوى سحرية خارقة شيطانية سيلعنك ولن يتركك تعيش فوق الأرض بسلام، سوف يسلط عليك أشرار عوالمه السفلية. صمم وزرمس على قراره وبدأ بتنفيذ ما استقر عزمه علية، ذهب إلى أمه الحورية الجميلة مغزش وقال لها:- يا أمنا الغالية قدمي لي مشورتك حول الطريقة التي استطيع بها القضاء على بَـقُـوهْ ذي لحية التيس بدلا من ان تحاولي ثني عن قتاله. أجابته أمه :- يا بني إذا كنت تصر على تخليص شعب النارتيين من استبداد بَـقُـوهْ المشعوذ الخبيث فإن حصان أبيك الأبيض الطائر الذي لا مثيل له موجود في سرداق تحت البيت وسرجه معلق هناك بأحزمته الفضية، وستجد سيفه الذهبي البتار الذي لا يخطئ بتاتا مخبأ في صندوق اسود.. أسرع روزمس يهبط الدرجات أسفل البيت إلى داخل السرداق.. أخرج من الصندوق السيف وعلقه في وسطه على عجل.. ذهل عندما رأى روعة جمال حصان أبيه الأبيض، له قرنان مرصعان بالأحجار الكريمة تتوهج بالنور المشع وفي جبينه ماسة كبيرة على شكل نجمة تشتعل بالضياء.. صعد روزمس على ظهر الحصان بعد أن أسرجه، نكزه في خاصرته ففرد أجنحته الضخمة وارتفع ليطير إلى السماء، تمكن من السيطرة على حركات الحصان وقيادته ثم اتجه بعد ذلك لطريق التي سار فيها شعب النارتيين ووقف بمنتصفه لا يسمح لأحد بالمرور ليصعدوا الجبل.. أتجه إلى الفتاة المقيدة بالحبال فحررها من مصير الشقاء والألم الذي كانت تجر إليه.. ثم اخذ الهبات التي كانوا يحملونها ليقدموها لبَـقُـوهْ وأعادها إلى القرى النائية ليوزعها على الأطفال الجياع والفقراء المساكين.. انتظر شعب النارييين وجلين ما سيفعله " بَـقُـوهْ " ذو القدرة العجيبة بروزمس وكيف سيقتله!، لكن لدهشتهم الشديدة لم يفعل شيئا!!.. لهذا روزمس قرر مواجهته ومحاربته فصعد لوكره بالجبل، صاح عند باب المغارة: - أيها الجبان اخرج لمنازلتي بالسيف. سمع بقوة صوت البطل فقفز خائفا، عرف أنه لن يجد مكانا في الأرض يختبئ فيه فأتجه عبر الطرقات الملتوية صوب قمة الجبل هاربا ليتوارى بين ضباب الغيوم، وهناك بسحره الملعون بنى حول نفسه شبكة ضخمة من الحبال تشبه عش العنكبوت وأطلق شتائمه ولعناته:- فلتجد الشر والمخاطر في طريقك يا روزمس. لحقه روزمس يطارده بحصانة الأبيض الطائر ممزقا الحبال بسيفه لكنة علق بداخلها متخبطا، أخذ يمعن التفكير ويشحن طاقته وقدراته ليتخلص من الفخ والمأزق الذي وقع فيه حتى اهتدى قائلا يخاطبه بذكاء:- لا تصب عليّ لعناتك يا بَـقُـوهْ.. أنما جئتُ لأخبرك بالبلاء الذي حل بأرضنا.. شعب النارتيين يعيشون بمجاعة.. سامحني إذا أخطأت مرة واحدة ولا تهلك النارتيين بسببي.. انظر إلى الأسفل هناك على الأرض، أترى كيف يتوجهون الناس بأنظارهم إليك؟.. شيوخا وشبابا ، نساءا وأطفالا جميعهم يحيونك ويلوحون لك بأيديهم، ألا تريد رؤيتهم؟! لم يحرك بَـقُـوهْ ساكنا، أردف وزرمس بحنكه وفطنة:- لقد احضروا لك طعامهم والهبات مد يدك وخذها. الشجع والطمع اعمي بَـقُـوهْ فلم يفطن ان في الكلام خدعة فخرج ومد رأسه لينظر إلى الأسفل وكان هذا ما يريده روزمس الذي رفع سيفه وضرب رقبة بَـقُـوهْ قاطعا رأسه مخلصا شعب النارتيين من ظلمه.. هطل المطر بعد ذلك فعاد الخصب إلى الأرض ونبتت الحبوب وحملت الأشجار والنساء.. أحب الجميع وزرمس لشجاعته وادخلوه "مجلس النارتيين الأبطال". ما ان أنهت الجدة توجان أسطورة وزرمس حتى انتفضت زويا قائلة: - المشعوذ الساحر الشرير بَـقُـوهْ ما كان سيتجبر ويفرض سطوته عليهم ويعاملهم كالعبيد لو وجد من يصده ويمنعه ويواجهه. استفسرت دينا باشمئزاز وتقزز: - هل حقا كانوا يقدموا الفتيات قربان!! أومأت الجدة توجان برأسها إيجابا واستطردت :- في العهد القديم كانوا يقدمون القرابين البشرية من التابع للمتبوع .. الحمدلله على نعمة الإسلام الذي أعلن رفضه الصارم للأضحية البشرية حين أخذ مبدأ عتق الرقاب تكفيرا عن الذنوب، وأوضح ذلك من موقف إبراهيم عليه السلام عندما أراد أن يضحي بابنه إسماعيل عليه السلام فأنزل الخالق عز وجل كبش سمين لاستبداله كأضحية. علقت زويا بصوت حاد:- لكن بني إسرائيل لم يتعلموا الدرس واستمروا في تقديم القرابين البشرية بعد تحريفهم التوراة.. كانوا ومازالوا يتبعون طقوس السحر والكهانة ويعتبرون الدماء جزءا من عباداتهم التي لا تمت بصله إلى رسول الله موسى عليه السلام.. حاخاماتهم يقومون بالاتفاق مع مجرمين محترفين من التابعيين بذبح الفلسطينيين الأبرياء ليستنزفوا دمائهم ويعبئونها في قارورات زجاجية ثم يأخذوها ويسلموها للحاخام الأكبر كي يعجنها في فطير ليلتهموها بشراهة في أعياد مسخرتهم.. ما يفعلونه الحاخامات جرائم خطيرة ضد البشرية تقزز النفوس ويجب محاكمتهم أينما وجدوا لأنهم أشبه برؤساء عصابات إجرامية يمارسون سفك الدماء ويطبقون كافة الانحرافات بأفكارهم الخبيثة ومكرهم وحقدهم. يتبع >>>>>>>> | |||||||
|
| |
|
23-12-17, 08:05 PM
| #426 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| زويا منذُ عرفها قبل أعوام لم تتغير أبدا.. لم ينطفئ في عينيها ذلك البريق من التحدي وإقبالها على الحياة.. مازالت تبهره كما أول لقاء.. بذاكرته يحتفظ بصورتها عندما رآها في بيت الجدة توجان، يومها رافق والده الشريف طلال لزيارتها وتوديعها قبل سفره إلى بريطانيا من أجل الدراسة في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية.. كانت زويا صغيرة بعمر لم يتجاوز التسع سنوات وقفت تتشاجر متحديه تراهن الأولاد بأنها قادرة على منافستهم وتستطيع أن تتسلق لأعلى شجرة التوت الضخمة.. راقبها من الشرفة المطلة على الحديقة حيث تجمع الصغار حول الشجرة الباسقة، تراجعت زويا للوراء بخطواتها ثم اندفعت سريعا بوثبة مرتفعة لتمسك بيديها أحد الأغصان، تعلقت بالغصن المتمايل متشبثة بقوة متأرجحة بجسدها النحيل قبل أن تقفز بحركة جانبية من أرجلها لتقف فوقه وتسير بتأني نحو الجذع تتعربش وتتشعبط دون النظر إلى الوراء.. سقطت على الأرض أكثر من مره وتمزق سروالها الجينز عند الركبة لكنها لم تكف عن المحاولة من جديد في كل مرة.. توقفت الأحاديث في دائرة الجالسين على الشرفة بعدما استرعى انتباههم أصوات تشجيع الصغار.. العمة تيتيان اعتصرت يديها يتوتر وقلق قائلة بامتعاض :- زويا العفريتة الشقية.. أكملت بعدما اتجهت أنظار الجميع نحو الحديقة:- لا تعرف حدودها وتصر على المجازفة والتهور. الشريف طلال بأناقة هيئته صرح :- لتنال ما تصبو إليه عليها أن تتعلم الصمود ومواجهة التحديات. العمة تيتيان ارتبكت، ابتلعت ريقها وقالت كمن ترد عنها تهمه :- أحيانا لا فائدة من التحدي. أجابها باقتضاب في صوت جاف:- هذا انهزام وتخاذل .. أخذ يرمق العمة تيتيان بنظره ذات مغزى، أنها ما زالت تستطيع أن تغزو كيانه وتخترق كل حصون الدفاع التي وضعها حول قلبه منذ سنوات، وفي الحقيقة هو لم ينقطع عن التفكير فيها يوما واحدا.. أضاف الشريف طلال محذرا:- لا تحاولوا ترويض تلك المهرة الجامحة.. اتركوها لتواجه مصيرها الذي تختاره بنفسها.. لحظتها انطلق صوت زويا تصيح بابتهاج وقد أشرق وجهها وتلألأت ضحكاتها بصخب من أعلى الشجرة تعلن انتصارها. أبتسم الشريف طلال فبدا شديد الجاذبية وقد ازداد وسامه مع تقدمه بالسن: - تلك الطفلة الصغيرة رغم هيكلها الجسدي الضئيل تعطي درسا بعزيمتها وإصرارها.. استطاعت تحويل نقاط ضعفها لقوة.. استفادت من صغر حجمها وخفة وزنها لتتحرك بين الأغصان المتشابكة بليونة وتحقق هدفها. ارتسمت على ملامح الجدة توجان الرضا: - من يصدق ان هذه الصغيرة كادت تموت يوم ولدتها أمها!!.. سميتها حياة كي لا تستسلم وتعيش بأذن الحي القيوم.. ولهذا لا أظنها ستعرف اليأس بل سوف تستمر بمثابرة لتصل إلى غايتها مهما لاقت صعوبات. ذلك المشهد لطالما استعاده.. ما زال يسمع صدى ضحكاتها الطفولية الصاخبة بزهو فرح انتصارها من فوق شجرة التوت.. وحتى الآن في ساحة الجامعة ضحكاتها لم تتغير، تملأ وجهها وتمنحها بسخاء عندما تكون بمزاجها الرائق في أجمل أحوالها.. لطالما تساءل شهاب كيف لضحكة أن تمنح كل هذه الطاقة الرائعة؟!.. ضحكة تجعله يفيض بأحاسيس لم يختبر مثيلا لها.. زويا تجد دوما مبررا لضحك بطريقة ما وسط كل التخبط والمعمعة خاصة إذا ما زل لسانها السليط بكلام انتقاد يتخطى الخطوط الحمراء تقول بفطنة " هل سمعتم آخر نكتة؟.." طرائفها الساخرة تحفزه على الابتسام بدل أن يعتريه الغضب حتى حين يكون مهموم لكثرة المسؤوليات والأعباء الواقعة على كتفيه ويرزخ تحت ثقلها.. شهاب بعد تخرجه من الكلية العسكرية عاد لينظم إلى الجيش والقوات المسلحة، حصل على الرتب والترفيعات من القيادة العامة نتيجة ذكائه وتفانيه والتزامه بإتمام كافة العمليات والمهمات الموكلة إليه، سجل انجازات مهنية في امن الدولة وظل يحرز النجاح تلو الآخر متنقلا لأكثر من موقع لتستفيد الأجهزة الأمنية من نبوغه بمجالات جديدة.. في مبنى المخابرات العامة صارت مهماته متابعة شبكات التجسس واتجاهات الرأي العام والسيطرة على عملاء الجهاز من أساتذة جامعين وإعلاميين صحفيين ومسؤولين في الأحزاب لتكليفهم بتعليمات وأوامر محددة.. وعندما اشتدت وتصاعدت تحركات نشاطات الطلبة بالجامعة وبوجود شبكة من الأطراف الخارجية المشبوهة التي تحاول اختراق حراكهم الشبابي لتتصيد وتستغل ما يجري من حالة عدم الثقة بين الشباب المتظاهرين والجهات الحكومية لتبث سمومها وتنحرف بهم لاديولوجية تطرف وكراهية لزعزعت الأمن الوطني.. حينها طلب شهاب من رئيس الجهاز أن يطلق يده في العملية ميدانيا ليتأكد من تنفيذ المهمات ويتابع بنفسه مسارات وتداعيات المواقف فأذن له.. بذل مجهودا مضني ليتغلغل بين التجمعات الطلابية ويكسب ثقة الناشطين. وقف شهاب عابسا متجهما يشعر بغضب مكبوت ملاحظا ذلك التقارب العميق بالعلاقة بين زويا ويعرب.. في الآونة الأخيرة ازدادت همسات أحاديثهما الجانبية سويا.. صداقتهما أصبحت وطيدة بل لا يكاد يفترقان عن بعضهما.. يراهما معا بكل مكان بالجامعة، في المدرجات والأروقة والقاعات، وكثيرا ما يجلسا بالساحة فوق المقاعد الرخامية يتحاوران بشغف.. يتبع >>>>>>>>> | |||||||
|
| |
|
23-12-17, 08:06 PM
| #427 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| - قريبا ستقام الأفراح. هذا ما قاله تامبر عندما ولج من الباب.. سحب كرسي وأنضم أليهم في جلستهم حول المائدة ليتناولوا طعام الغداء، استفهمت الجدة توجان:- عرس من أن شاء الله !. - قبل مجيئي التقيتُ بالصدفة في الشارع أبن مالقت الطبيب نارت قادما من المطار بسيارة أجرة. تساءلت تيتيان:- ولماذا لم يتصل أو يرسل رسالة هاتفية يعلمنا فيها بموعد الطائرة لنستقبله بالمطار؟. أجابت الجدة توجان:- لهذا لم يفعل.. لا يريد ان يكون في سفراته سببا لانزعاج أو مضايقة أحد فيلهيكم عن أعمالكم وأشغالكم.. أعلن تامبر باقتضاب:- أخبرني أنه خطب بدمشق زميله له طبيبة. مجرد كلمات قيلت رفضت دينا أن تستوعبها.. مجرد كلمات شلت تفكيرها تماما.. انقلبت أساريرها وبهت وجهها.. بالنسبة لها نارت مازال ينحني أمامها يحتضن كفيها ويلعبان سويا مطاردة العيون والنظرات.. خطبته إشاعة لن تصدقها بتاتا.. استفسرت زويا باستغراب وكأنها تشك بما سمعت: - خطوبة من ؟.. رد تامبر بتلقائية وهو يسكب الارز والمرق في الصحن أمامه دون أن ينتبه للملامح المتجهمة حوله: - خطوبة الطبيب نارت. شعرت دينا بالطلقة تصيبها في أعماق أعماقها، اجتاحتها رغبة عارمة بالبكاء الشديد لكن دموعها تجمدت في مقلتيها وبقيت ثابتة لا تتحرك وقد تصلبت أطرافها لثوانِ مصدومة بالخبر القاسي.. أزاحت كرسيها للوراء بعنف وقامت نافرة فسقط كوب الماء عن الطاولة.. ركضت مبتعدة دون اعتذار فسألها تامبر:- ما بكِ يا أبنتي ؟ علقت العمة تيتيان عاقدة حاجبيها :- في أخر مدة أصبحت لا تطاق بمزاجها الحاد المتقلب. حاولت زويا الدفاع عن دينا وهي تنهض لتتبعها إلى المطبخ:- عصبية قليلا لأنها تنتظر نتائج القبول الموحد بالجامعة. التفت تامبر مقطبا جبينه: - لا داعي لقلقها .. دينا من الأوائل.. حصلت على علامات مرتفعه بشهادة الثانوية العامة تمكنها من اختيار التخصص الذي تشاء. لحقت زويا ابنة عمها مدركة السبب الحقيقي لتعاستها رأتها تعدو من باب المطبخ الجانبي المفتوح لتعبر إلى الحديقة، رفعت السلم الخشبي الثقيل لتسنده على السور الخلفي، صعدت الدرجات متعثرة ثم قفزت عن الحائط متسللة إلى الشارع العام.. لم تصدق زويا عينيها وهي تراقب دينا الرقيقة الناعمة بفستانها الأنيق تقلدها في طريقتها المعتادة للهروب خارج البيت دون معرفة الكبار، كانت تلجأ لهذه الحيلة اذا ما حاصروها ومنعوها من المغادرة للمشاركة بالمظاهرات. - إلى أين ؟ نفثت دينا أنفاسها بسخط جامح وصل لذروته كعاشقة مجروحة.. تسارعت خطواتها وهي تجيب لاهثة : - سأكلمه. زجرتها زويا بصوت مكبوت :- ليس بينكما اتفاق أو وعد .. الفتاة الشركسية تفتخر بكبريائها وتعتز بكرامتها.. لا تهينِ نفسكِ من أجل أي أحد. لأول مره دينا لا تتذكر عادات وتقاليد الأديغة الخابزة.. لا تأبه لتحذيرات ولا تحسب أصول المحافظة على الحياء.. أردفت زويا: - ماذا لو شاهدكِ الجيران وذاع صيتكِ؟.. لا تكوني مجنونة متهورة!! رددت وهي تضرب الأرض بقدميها وتكز على أسنانها بغيظ:- لا يهم .. لن تتردد من لقاء حبيبها في بيت يسكنه لوحده!.. حتى وان تسبب ذلك بفضيحة لها في أرض المعمورة وعلمت بسلوكها المشين بلاد الشام.. بل العالم كله.. واصلت بإصرار واندفاع سيرها في الشارع.. من يوقف الحب أذا انجرف سيلا واغرق كل شيء. __________________________________________________ _____________________________ بدت ملامح الطبيب نارت متعبا حينما رآها، سألها بقلق:- هل الجدة مريضة؟ هزت رأسها تنفي:- لا أبدا . تابعت بأوتار صوتيه مرتعشة :- أنا أريد التحدث معك. دخلت قبل أن يأذن لها، كانت مصره على ما أتت من أجله.. وقف قرب الباب محتارا لثوانِ ثم أغلقه بهدوء .. تهيأ لها أنه يتجنب النظر إليها مباشرة حين قال ببرود: - كنتُ سأزوركم عند المساء. هتفت دينا:- حقا !. أجاب ومازال يحيد بنظراته عنها يرنو بعيدا:- نعم . تنحنح يجلو صوته واستدار ليكون بمواجهتها مضيفا:- نعم .. من أجل دعوتكم إلى حفل خطبتي بدمشق. أجفلت وقد شحب وجهها، وقفت للحظات متصلبة بمكانها كعود خشبي جاف.. طال الصمت، صمت محطم للأعصاب.. أنتفض قلبه بعطف لمنظرها المريع.. وضع يديه على شعره بارتباك وتحرك خطوة للوراء ثم عاد للأمام حين لمحها ترتجف وتهتز كورقة في مهب الرياح العاتية، ترنحت بعنف وأوشكت أن تفقد اتزانها في الدوار الذي أصابها لتغرق بدوامة اللاوعي.. بسرعة وخفه تلقفتها يداه قبل سقوطها وانهيارها بالأرض.. ارتمت في أحضانه متشبثة.. همست بصوت متهدج:- نارت أنا أحـبك. تدافعت أنفاسه الحارة انفعالا لكنه ابتعد عنها بحزم مقاطعا ومحذرا إياها:- أرجوكِ لا تقولي شيئا قد تندمين عليه كثيرا بالمستقبل. أحس بلهيبها الذي يغلي في قلبها لكنة مضى قدما في الألم: - أنتِ صغيرة والحياة أمامك. احتبست شهقاتها في صدرها المنتفض بقوة:- لا أريد من الحياة الا أنت.. معك سأمضي إلى آخر الدنيا. انطلقت بقلب متيم في رجاء ذليل:- لماذا فعلت ذلك؟.. أنت تحبني مثلما أحبك. انهارت بالبكاء وسالت دموعها كالأنهار.. سحب نفسا عميقا من الهواء ليتمالك أعصابه، أبتلع ريقه هامسا:- لا تبكي .. اهدئي.. أنتِ صغيرة بالسابعة عشرة. ردت بلهجة امتزجت بتذمر وتحدي: - لكني بالقريب سأبلغ الثامنة عشرة. قال بنبرة جدية: - بكل الأحوال الفرق بيننا كبير.. أنا تجاوزت الثانية والثلاثين .. نحن غير مناسبين لبعضنا. هزت رأسها بعنف يمينا ويسارا ودموعها تتطاير تبلل شعرها المنثور حولها:- ليس صحيح .. لا أصدق.. أنت نفسك غير مقتنع بما تقول. وسط نجيشها وعبرات الدموع فقد سيطرته على نفسه وضمها إلى صدره:- حاولِ أن تقدري وضعي وتفهمي. أرادت استمالته فقالت بنعومتها: - ستترك خطيبتك من أجل حبنا.. صدها بيده يوقفها بقسوة، نظر لها بألم مجيبا بحزم شديد: - لا . شعرت بأهانه في محاولتها الذليلة المتسربلة بالخزي لتستعطفه.. ارتدت عنه مشحونة بغضب الوجع وخرجت راكضة من الباب تكاد تتقيأ لشدة العذاب ومرارة الواقع. سارت عائدة في الطريق ضائعة "أنتِ صغيرة .. غير مناسبين لبعضنا" كيف أستطاع نطق تلك الكلمات بصوت بارد وعينان لا تنبضان؟!!.. كيف أمكنه أن يكون إلى ذلك الحد من الفظاعة والقسوة؟.. من أين جاء بكل هذا البرود والكذب.. نعم هو يكذب.. عندما ضمها لصدره سمعت دقات قلبه تعزف لحنا مع إيقاع لهفة كفاه اللتان ضغطتا فوق كتفيها.. ************************************* - أين اختفيتِ فجأة ؟! تجاوزت دينا العمة تيتيان دون حتى ان تكلف نفسها بالرد عليها، انزعجت العمة من سلوكها فصفقت بيديها:- بشاشة أخر زمان.. ما في احترام بمخاطبة الكبار.. رحمتك يا الله .. أطرقت دينا برأسها وأنسلت سريعا تبتعد قبل أن تفضحها دموعها التي تفيض دون توقف وتحرق مقلتيها.. مرت من أمام غرفة الجدة توجان فنادتها بصوتها الضعيف.. كادت تتجاهلها لكنها تراجعت والتفتت نحوها، رأتها تبتسم بحنان وتشير لها أن تقترب.. أسرعت دينا بخطواتها لترتمي قربها وتمتمات خافته تصدر منها بشهقات ملتاعة.. سمعتها تقول:- لا تحزني أيتها الحلوة.. لن يفهمك أحد مثلي. اندست دينا في حضنها الدافئ فوق سريرها تبكي وترتعش، أخذت الجدة تهدهدها وتواسيها: - هل تظنين أني لم ألاحظ مابكِ؟.. ربما أصبحتُ عجوز ولا أتذكر من تكونين من أبناء أحفادي.. لكني أعرف الوجوه وأستطيع تمييز ما يحدث حولي وأشعر بما يعتمل في القلوب من أشجان الحب. قالت دينا مرتبكة:- هو يحبني لكنه يقول أننا غير مناسبين لبعضنا ولا يوجد بيننا تكافؤ. ربتت الجدة بكفها الطرية فوق ظهرها: - ربما معه حق. شهقت دينا متسائلة :- أنتِ من تقولين ذلك؟!.. كنتِ بمثل سني وبنفس فارق العمر عندما تزوجتِ الجد نارت. هزت الجدة توجان رأسها بحركة خفيفة مفصحة:- الزمن كان مختلف تماما آنذاك.. لم تكن للفتيات مدارس لتتعلم بها وتتثقف.. قمة طموحها أيجاد عريس قبل أن يفوتها قطار الزواج ويقال عنها عانس.. لهذا كانت أغلبية البنات لا يتطلبن بشروطهن ويقبلن الارتباط برجال أكبر منهن بالعمر بكثير وأحيانا يتنازلن إلى حد القبول برجل متزوج.. أما الآن تغيرت الأحوال بل بالعكس أصبح الرجل يفضل الزواج من فتاة تقاربه بالعمر والمستوى الفكري والثقافي لتفهمه وتستوعبه وتدرك طبيعة الضغوطات التي يتعرض لها فتكون عونا له لتسنده وليتحمل كليهما المسؤوليات. هزت دينا رأسها بشدة :- الحب أقوى من أي شيء.. بالحب يمكننا ان نتجاوز العقبات التي تعترضنا.. فارق العمر لن يؤثر كما أنني سأتابع تحصيلي الجامعي وأصل لمستواه العلمي. أكملت بنشيج انهيار:- لن أحتمل رؤيته وهو يتزوج غيري .. سأموت قهرا.. قسما بالله سأموت قهرا. نهاية الفصل الثاني عشر | |||||||
|
| |
|
23-12-17, 08:08 PM
| #428 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| يسعد مساكم اعزائي بتمنى الفصل ينال اعجابكم قراءة ممتعة  بانتظار تعليقاتكم وارائكم وتوقعاتكم للاحداث  | |||||||
|
| |
|
23-12-17, 10:02 PM
| #430 | ||||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
مساكم خير وبركة غالياتي أسعدني جدا حضوركم الله لا يحرمني من دعمكم وتشجيعكم 💞😍😍😍 | ||||||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
9Likes
.png)
العرض العادي
