توجان الشركسية (1)*مميزة ومكتملة*... سلسلة أحباب الروح

[دنيازادة]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعد مساكم اعزائي منورين 😍😍😍😍😍
سأقوم حالا بتنزيل الفصل اتمنى ان ينال اعجابكم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 5 والزوار 2)
‏دنيازادة, ‏تالا الاموره, ‏Esra-moon, ‏جياان, ‏adma
أدوات الموضوع

[دنيازادة]

الفصل الخامس عشر

في ذروة تبادل الأنخاب أخذ الشراب يدور والجدران تدور وكل ما حول زويا يدور..
قررت الانسحاب حانقة باشمئزاز من السهرة.. خرجت إلى الحديقة تستنشق الهواء النقي.. لم تنتبه للعينان التي تتبعت ولاحقت تحركاتها عن كثب ..

سارت فوق الممرات المرصوفة تتأمل الأشجار الخضراء المزدانة بالأضواء والبهرجة.. لم تعي مدى ابتعادها بجولتها حتى وصلت لمنطقة خلت من أحواض النباتات والمزروعات.. رأت بناء حجري مكون من طابقين وأمامه ساحة متسعة تتوسط المكان طائرة هليكوبتر..

اقتربت تتلمس المعدن الصلب لهيكلها، تلفتت حول الأجنحة تستكشف، تملكها فضول عارم جعلها تصعد لمتنها، مدت يدها تجرب فتح الباب فوجدته موصد، تسلقت الدعمات ووقفت على الحافة جانبيا وهي تنظر عبر النافذة تستطلع الداخل وما تحتويه مقطورة القيادة..

- كم من مرة يجب ان أنبهك فيها يا حياة بعدم المشاغبة والمجازفة بالانحراف في غمار أمور تجهلينها ولا شأن لكِ بها .

أجفلت زويا بفزع وقد فوجئت.. حانت منها التفاته ترنو للأسفل نحو مصدر الصوت الذي أربكها بلهجة التأنيب، زلت قدمها وفقدت توازنها.. ترنحت قليلا وكادت تسقط لكنها استطاعت ان تتماسك وتعاود صلب طولها متشبثة بقوة بهيكل الطائرة، تحركت بحذر لتهبط بتؤدة ثم قفزت بخفة على الأرض تواجه غضب شهاب الذي نهرها بتوبيخ مؤنبا: - كدتِ تقعي وتكسري رقبتك .

ردت بنزق بطريقة غير لائقة :- بسببك لو لم تفاجئني بصراخك..

قاطعها بحدة :- ياالله كم تحبي المشاكسة والتهور!!.. عنادك سيجلب لكِ المصائب والأذية يا فتاة.

شهقت بانفعال قائلة: - هل تظن لأني فتاة غير قادرة على حماية نفسي؟!!..

ازداد احتقانها وغليانها عندما تطلع إليها ولم يجيبها كأن سؤالها لا يستحق حتى عناء الرد المفروغ منه.. أولاها ظهره ومشى مبتعدا بقامته المديدة وكتفيه العريضتين:- لستُ بلهاء ولا احتاج لوصاية رجل أو أي أحد ليدافع عني بذريعة أنني ضعيفة البنية.

استدار وقال بابتسامة استهزاء وهو يضع يديه في جيبي سرواله:- حقا..!!

صاحت قهرا متحدية :- نعم.. لا شيء يخيفني ..

أخذ يتأملها مطولا بإمعان ثم قال:- طبعك سيوقعك بالمتاعب والمخاطر.. الأفضل أن تحاولي الاقتناع بطبيعة قدراتك وإمكانياتك التي خلقتي بها.

انتفضت زويا وقد التقطت بعقلها أشارته لجسمها النحيل الضئيل.. شعرت وكأنه يستخف بها ويعتبرها خلقت فقط من أجل التسلية والإمتاع..

تابع يسألها:- ماذا لو تبعك أحدهم وحاول الاعتداء عليكِ؟

ردت بإصرار :- استطيع التعامل مع المواقف.


- ما كان يجب أن تتركي القصر والتوغل في الحديقة وحيدة ليلا.. تعالي سأعيدكِ إلى القصر.
تأجج غضبها وطفح من طريقته المتغطرسة المتعالية بغرور.. وصلت بعصبيتها لمرحلة مهلكة من الانفجار غيظا.. تمنت ان تراه مهانا مطعونا في صميم رجولته وعلى الفور بأنفاس ثائرة باغتته توجه له بكفها صفعة قوية استطاع ان يتجنبها.. دون تأخير بقبضتها اليمنى المكورة صوبت ضربة أخرى لكتفه.. ارتد للوراء بسرعة لياقته ونباهته مذهولا..


بفعلتها تطورت المشادة الكلامية والمشاحنات بينهما إلى شجار وعراك ضرب.. قال شهاب باستنفار في انفعال واضح مكبوت:- تريدين القتال يا زويا!!...

وقفت متحفزة متأهبة بحركة استعداد لمجابهته فأضاف وهو يفك عقدة ربطة عنقه ويرميها فوق العشب :- لم أقاتل فتاة من قبل لكن لا بأس .. تذكري أنكِ أنتِ من سعيتِ لذلك بطيشكِ.


قبل ان ينهي كلامه صوبت نحوه لكمة أقوى لكنها أيضا لم تمسه فاتبعتها بركلة بالهواء..
تفرس بها وعيناه تتقد بالنيران.. حثها بصوت جهور:– هيا هاتِ كل ما عندكِ ..

خلع جاكيته وقذفه بعيدا وهو يضيف بشيء من الاستهزاء بغطرسة المهيمن:- أم أن هذا أقوى ما تستطيعين القيام به؟..

كل محاولاتها بالهجوم وضرباتها باءت بالفشل الذريع ولم تستطع حتى ان تمسه بظفرها..

قيمها من منطلق الخبير:- مهارتكِ بالقتال تحسنت قليلا .

أكمل مصرحا: – لكن ليس إلى الحد الذي يجعلك قادرة على منازلة رجل والدفاع عن ذاتك.

لهثت بصوت مسموع مقطوعة الأنفاس مغتاظة، أبت الاعتراف بهزيمتها النكراء.. هجمت عليه بشراسة هستيرية تود لو تقطعه لكنه بلمح البصر أحاطها بذراعه مكبلا يديها بقبضته وفي حركة سريعة محكمة خاطفة أوقعها على ظهرها أرضا وانحنى فوقها بثقله قائلا :- تصالحي مع كونك فتاة يا حياة.

مرت لحظات مضطربة وهي تحاول التملص والإفلات، دفعته من أكتافه بيديها وركلته بقدميها بضربات عشوائية.. لكنه نجح بتطويقها بذراعيه وتثبيتها بقوة عضلاته مانعا تحركها.

افترت شفته عن ابتسامة ساخرة وقال بتهكم ظاهر :- والآن ؟..

رغم خوفها الشديد الذي شعر به بتشنج جسدها وكأنه قطعة صلب لكنه استطرد بصوت مبحوح:- كيف يمكنك التعامل مع هذا الموقف وصد الاعتداء؟.. هل ستتوسلين لأترككِ أم تصرخي لتطلبين النجدة؟

اخذ يعتصر خاصرتها بيده.. مال برأسه هامسا بشفتيه قرب أذنها اليسرى: - كبريائك تمنعك من الاعتراف بهزيمتك.

تمتمت بنبرة مرتعشة خافته لا تخلو من التحدي:- أنت لن تفعل شيئا.

تحركت يده تحت سترتها ببطء يضغط عليها متماديا بلمسات جريئة وهو يقول بأنفاس لاهثة حارة وقد عصف به التوق:- الأنوثة لا تنقصكِ وان كنتِ تخفينها.

راحت تستعير بشرايينه النيران فأندفع مغموسا برغبة محمومة اجتاحته ليلتصق بها أكثر لإشباع نشوة تأجج مشاعره.. انتفضت زويا تحت عضلات صدره ترتعد أوصالها كمن مسها تيارا كهربائيا.. لسعتها حرارته الملتهبة واهتياجه فأصابها خوف وفزع شديد، اتسعت عينيها على وسعهما تكاد تنخلعان من محجريهما ذعرا بألم موجع غزا كيانها.. احترقت مقلتيها بالدموع الا أنها لم تدع أية دمعة تنهمر..

ازدادت خفقات قلبها وتخبطه بقوة جنونية جعلت صدرها يعلو وينخفض بأنفاس متلاحقة تتسارع بشكل غير طبيعي.. فجأة خارت قواها وهمدت مقاومتها بوهن.. تجمدت بإنهاك تام.. استكانت بركود فأفلتها شهاب مبتعدا عنها وهو يلجم عواطفه المتدفقة بداخله.. رفع يده يتحسس بأصابعه عنقها ليجس نبضها بعد ان رقدت بين ذراعيه بأطراف مرتخية بلا حركة..


يتبع >>>>>>>

[دنيازادة]

طرفت جفنيها تفتح عينيها لضوء بعد ان تسلل إليها صوت متهدج ينتشلها من دوامة غشاوة الدوار.. بدا أسمها غريبا على مسمعها عندما نطق به شهاب بدفء..

تمتمت بإعياء :- ماذا حدث؟..

صوته خرج مبحوحا متلعثما :- فقدتِ وعيكِ.. جهازك العصبي لم يحتمل ضغوطات ما جرى.

كانت بشرتها شاحبة بها أثر كدمات طفيفة نتاج قوة شغفه التي تملكته في لحظات عاطفة جياشة فقد خلالها التحكم والسيطرة على نفسه.

فجأة هبت زويا كالملسوعة.. فزت ترفع رأسها عن الأريكة الوثيرة الممددة فوقها، بيديها المرتعشتين تفقدت جسدها ووضع ثيابها، تأكدت ان سحاب سترتها مقفل تماما..

أوضح باقتضاب بصوت أجش :- لم يحصل شيء فعلي بيننا.

الحرارة اندفعت بقوة لوجنتيها فبرغم جرأتها التي تصل إلى حد الوقاحة في كثير من الأحيان لكن لم يغب عن شهاب خجلها وخفرها الفطري.

نهضت تستوي بجلستها مرسلة اتجاهه سهام نظرات مهينة باشمئزاز.

قال مشددا على كل كلمة:- تذكري أنكِ من بدأتِ هجوم التفاخر بقدرتكِ على القتال والدفاع عن نفسكِ.. تهوركِ كثيرا يعني ان عليكِ تحمل عواقب إثارتي.

اتجه إلى النافذة الواسعة المجللة بالستائر الثقيلة ليزيحها بعنف ويفتحها يستنشق الهواء محاولا كبح جماح استفزازها المتواصل له لتخرجه عن صوابه..

رفع يده يمررها على شعره بتوتر يتبادر لذهنه سيناريوهات ما قد يحدث لو لم يغمى عليها:- كان بإمكاني ببساطة يا حياة إيذائكِ بهدر شرفكِ وهتك عرضكِ والتسبب لكِ بعاهة مستديمة أو مشكلة عصيبة تستلزم العلاج النفسي والعصبي.


تنحنح بحشرجة أنفاسه مضيفا بضيق:- ما كان عليكِ الخروج من القصر.

صرخت بصوت عالِ بنرفزه محتده:- لم أطيق البقاء بحفل الاستقبال الذي تحول إلى حفل مظاهر استعراض الترف والنفاق وصخب القهقهات الخليعة للعهر مع أولئك السياسيين الكاذبين والمتنفذين المختلسين الفاسدين أنهم ليسوا نخبة المجتمع الراقي بل عصابات تسترت خلف تزييف الألقاب الرنانة.. هم يحتلون كراسي دوارة لأنهم الأفضل في اتفاقيات توزيع ترشيحات المناصب بينهم على مبدأ المصالح والمحسوبيات والتسويات..


قاطعها يأمرها بخشونة:- أخفضي صوتك أمامي.. تكلمي بأدب دون صراخ ..

حاول حشر الحوار في دائرة الهدوء دون الخوض في تصعيد المشاحنات، لكنها رفعت ذقنها بشموخ في حنق:- لن أنخرس وأغلق فمي.. لن أقبل العيش بمنطق العبيد لقد أخذتُ عهد على نفسي بألا أستسلم واستمر.. لن يستطيع أحد ان ينال من عزيمة نشاطي المعارض لطغيان وسياسة انتهاك وتجويع المواطنين.. حقنا ان نعبر عن مواقفنا وآرائنا حتى وان كانت كمية الهواء التي تسمحون لنا باستنشاقها ضئيلة.


بدا كمن شعر بالسأم من كلام تردد على مسامعه كثيرا وقتله ملل التكرار.. أخذ ينزغ أزرار كمي قميصه وثناهما فظهرت عضلات ساعديه القويتان وقد كساهما الشعر الأسود..

حدجها بنظرات نفاذ صبر :- استهتار لسانك السليط بالكلام وإصرارك على مناورات العداء والتحدي لا تفيدك فلا تتمادي،

استدرك متنبها لتعبها ومكابرتها:- يكفيكِ ما تعرضتِ له الليلة.

ردت بعصبية:- اعترف اني خسرتُ معك في أكثر من جولة وأنك قادر على تعذيبي بأشد الطرق الهمجية والوحشية.. مع ذلك أبدا لن تستطيع تحطيمي، وأي نصر تحرزه يعتبر فارغا.. هل تعرف لماذا؟.. لأنني لا أحمل بذرة اليأس بداخلي..


أضافت بسخط تفرغ شحنة قهر:- مهما حاولت قمعي بأساليبك لن انضم إلى حظيرة قطيع المدجنين بالخنوع، حتى وان قررت استدعائي لاحتجازي في مكتب تحقيقاتك أو هددت في زجي بمعتقلات سجون الصحراء..


ضل يتأملها بتركيز دون ان يقول شيئا.. زويا تملك الإرادة والمثابرة.. في كل مرة تنهزم تعاود تجديد طاقتها التي لا تنضب لتصبح اقوي من أي وقت مضى.. لا شيء يكسر شوكتها المتقدة حماسا.

استرسلت وهي تشير بسبابتها إلى سلاح لمحته قربه فوق الطاولة :- يمكنك حتى اذا أردت قتلي بمسدسك المزود بكاتم صوت أو إزهاق روحي بخنقي وادعاء أني متُ قضاء وقدر.. تقدر ان تلقي بي من برج قيد الإنشاء أو جسر عالِ ليعتبروني انتحرت.. الطريقة ليست مهمة فبكل الأحوال لا أحد يستطيع أثبات أنك غير صادق يا سيادة البيك.

استدار بحدة وقد أتقدت عيناه نارا، صاح بغيظ مكبوت : - أي نوع من الرجال تعتقدينِ؟!

تقدم نحوها بخطوة ثم قاوم بجهد ورباطة جأش انفعالاته كاتما غضب انزعاجه واستياءه.. أردف بصوت يمتزج بالخيبة والتعاسة :- أتظنين حقا يا حياة أني مسخا خسيسا بلا أخلاق ولا مبادئ!!!..


لم تجبه .. أشاحت بصرها عنه ورفعت ذقنها بكل ما فيها من اعتداد وعناد تحس بالسخف من فكرة أن شهاب رجل أمن المخابرات والمهمات والتحقيقات له قلب مرهف الحساسية بعاطفة يمكن ان تُخدش وتتأذى..


قالت بجفاء :- أنتم الذين تستخدمون طائرات خاصة بتنقلاتكم وتنعموا في ثراء الرخاء وحفلات البذخ لا يمكنكم الشعور مع الكادحين الفقراء وهم يمشون بالشوارع حفاة دون أحذية ليبحثوا في حاويات القمامة عن رغيف خبز جاف كي لا يموتوا وأطفالهم من الجوع.


بملامح حزن وعيناه مركزه على تعابير وجهها باغتها يسألها:- تحبي الوطن يا حياة ؟..
حدقت به لبرهة مستغربة.. رفعت رأسها بعنفوان :- طبعا.. لا كرامة ولا شرف لنا أذا لم نحبه.
أومأ إيجابا وبسط كفيه:- إذن نتفق انه مهما تعددت منابت أصولنا وانتماءاتنا واختلافات توجهاتنا وآرائنا فإن الوطن لنا كلنا يجمعنا ويوحدنا.

ردت بثقة تؤيده : - نعم .. بالتأكيد.


- دعينا أذن نقلل هذر الجدال ونعمل أكثر من أجل وطن نحبه نحن الاثنان بصدق وإخلاص.


ابهرها بقدرته على التأثير والإقناع، أستطاع بحنكته الداهية امتصاص غضبها وسحب غل احتقانها.. فجأة خمدت حدة عدائها منه ووقفت في منتهى قمة الذهول وقد صعقها وعقد لسانها فلم تهتدي إلى كلمة تنطقها..

صوت رنين هاتف نقال شرخ هدوء الصمت، عقد شهاب حاجبيه وكأنه تذكر ان ثمة أولويات تنتظره ولا وقت لديه ليضيعه..

بلباقة استأذن منها فأومأت له بإشارة خفيفة من رأسها.. أيقنت ان الاتصال سري وهام عندما رأته يبتعد إلى الشرفة ليجيب وهو يتحرك ذهابا وإيابا لا يستكين في موضع..

جالت بعينيها تتأمل أرجاء المكان المجهول.. وصلها صوت إيقاعات خطوات إقدامه عائدا فسألته :- أين أنا؟..

- في بيتي.

- تقصد القصر!!

- لا .. هذا بيتي المستقل.

أضاف بحزم :- بيتي وما يحيطه يعتبر منطقة محظورة.

ازدردت ريقها وبررت:- لم أشاهد أي لافته تحذيرية.. ولم يقل لي أحد أنه يمنع التجول هنا.

رد بلهجة صارمة :- حسنا ها أنا بنفسي أبلغكِ.

نظر شهاب إلى ساعة معصمه، بدا وكأن وقته ضيق ولديه موعد غاية بالأهمية.. خمنت في نفسها متسائلة ان كان لقاء أخر الليل هذا الذي سيذهب له سيكون بمصاحبة الفنانة الهيفاء الفاتنة ..

تنبهت زويا أن الوقت تأخر كثيرا وقد تجاوز الثانية عشرة ، صاحت:- الجدة توجان ..

اعتراها شعور تأنيب الضمير بذنب وهي تتابع :- لا بد وأن غيابي أصابها بالقلق.

طمئنها :- تعرف أنكِ معي.. عندما رأتكِ الجدة توجان تخرجي طلبت مني أن أتبعكِ كي أتأكد من سلامتكِ.

حدقت به ولبرهة أحست بالخيبة لحقيقة ان شهاب لم يلحق بها من ذات نفسه بل بتكليف من الجدة توجان.. لم تجد تفسير مقنع لخيبتها الغريبة.. هزت كتفيها وقالت: - يجب أن أعود حالا للقصر لأعطيها الدواء وأساعدها بتبديل ثيابها لتنام بارتياح.

أسرعت مستعجلة إلى الباب فعلق قائلا:- دون شك الخدم فعلوا كل ذلك.

ثبتت مكانها واستدارت تهتف باستنكار :- ماذا؟؟.. الخدم!!.. لو علمت العمة تيتيان ستعاقبني بشدة بسبب إهمالي وتقصيري الشنيع.. بالتأكيد ستختار أقسى طريقة أمقتها.

أردفت بتلقائية تقلد صوت العمة تيتيان الجاد :- ستقول لي بشاشه زويا لقد أوكلت لكِ مهمة مرافقة الجدة توجان بزيارتها لتهتمي بها وأنتِ لم تؤدي واجباتك بشكل تام لهذا ستقومي بكل الأعمال المنزلية من تنظيف وطهي.."

وقف شهاب يصغي وقد ارتسمت على وجهه ابتسامه .. كانت هذه المرة الأولى التي تتحدث بها زويا معه ببساطة وعفوية لتشكو همها:- ستجبرني على البقاء في المطبخ وصنع مربى السفرجل.. سأمضي النهار بتقشير وتقطيع حبات السفرجل ووضعها في طنجرة مع السكر وبعد ذلك يبدأ كابوس تحريك المزيج بملعقة ضخمة بشكل متواصل دون توقف كي لا يحترق، سأحرك وأحرك وأحرك..

لم يستطع شهاب منع ضحكه أفلتت منه وهو يتخيل منظرها.. تأملته زويا باستغراب بريق المرح في عينيه بدا حيويا ودودا دون تكلف قال:- لا تشغلي بالك.. الجدة توجان طيبة متسامحة جدا.

حثت خطاها للخارج موضحه:- في قوانين اديغتنا الخابزة ترك كبارنا المسنين والمرضى تحت رعاية الآخرين كالخدم تعتبر أهانه فظيعة لا تغتفر.. حقهم كبير ويحتم علينا خدمتهم بأنفسنا.


- أليس متناقضا قوة تمسكك بقانون الاديغة الخابزة في حين أنكِ غير ملتزمة بقانون الدستور؟!!


هزت رأسها بشدة نافيه :- هذا غير صحيح.. أعترض على بعض عاداتنا وتقاليدنا الحازمة المتزمتة التي فيها مفاهيم لا تتيح حق الاختيار.. أنا ممن يطالبون بتغييرها لأنها لم تعد تناسب حاضر واقعنا الحالي.. لكني أتمسك بكل ما أجده مقنعا وصوابا ويحفظ الكرامة بعدل.. كذلك بالنسبة لدستور أنا أكثر من يلتزم بالقوانين، لم أدخل يوما على أي دائرة حكومية أو أي مكان لأقول أنني ابنة دبلوماسي ليعاملوني بطريقة خاصة، لم استعمل واسطة نفوذ المقربين كي أتجاوز القوانين بل أصر وأمتثل بالتعليمات بكامل حذافيرها.. لكني أثور ضد كل ما يكبت ويحاصر ويقيد الحرية..


سارا معا متقاربان يعبران الفسحة الواسعة فاستفهمت:- طائرة الهليكوبتر لك؟؟..

أومأ إيجابا. فسألته :- وهل تحتوي بداخلها وثائق ملفات هامة غاية بالسرية؟

قطب حاجبيه بتكشيرة فتابعت :- هذا تفسير غضبك الهادر عندما شاهدتني فوق طائرتك أختلس النظر.. صدق أو لا تصدق لي عقل يفكر.


صرح :- أنتِ استثناء لا مثيل له.

زفر بتنهيدة :- مؤسف أهدار نباهتك وطاقة حماسك دون استغلالها بالعمل الجاد الفعال والانجازات الحقيقية.


- كلامك هذا يعني اعتراف غير صريح أنك لم تنجح معي بأساليب الترهيب فتحاول مراوغتي باستعمال الترغيب.


فتح فمه ليقول شيئاً لكنه قرر استيعاب واحتواء الموقف بدون مناكفات:- المهم يا حياة ان نفعل ما فيه مصلحة عامة، سوف تفهمي أكثر ما أقصد بعد أن تتكلم معكِ عمتي الشريفة إيمان.


قطبت حاجبيها من حديثه المستتر المبهم، علقت بسخرية: - يبدو ان سيرتي محط ومحور مناقشات كل أفراد العائلة!! ألهذا الحد يزعجكم انضمامي لجهة صفوف أحزاب المعارضة!!


تنفس بعمق :- أبدا نحن مع تكتلات وأحزاب المعارضة التي تعمل ضمن خطط واستراتيجيات مدروسة متكاملة واضحة الجوانب من أجل الوطن.. نمر بوقت عصيب.. بل أننا نواجهه أزمات خطيرة جدا.

- كيف يمكننا استيعاب وأدراك مدى خطورة المرحلة وانتم لا تتكلموا بشفافية ووضوح بل تصرون على إقصاءنا لتمارسوا معنا لعبة الغميضة والألغاز؟!!.... ألا يحق لشعب أن يعرف ما يحدث!!..


- نخبركم بما تحتاجون لمعرفته .


شهاب كمحقق بارع له قدرة رهيبة على التلاعب بصياغة الكلمات ليقود دفة مسار الحوار بالاتجاه الذي يريده، لكن زويا لا تقل عنه مهارة وفصاحة فردت بفظاظة: - تخبرونا بما أنتم تريدون أن نعرفه وهذا أمر مختلف كليا.

لمعت عيناي شهاب ببريق الإعجاب.. قال بصراحة:- معرفتكم لن يشكل فارق لتخفيف الأعباء. فنحن ادري بعملنا وأجهزتنا وخططنا.. هناك تنظيمات إرهابيه تحيك مؤامرات دنيئة في المنطقة، وجودهم يشكل خطر لأنهم يحرضون للقيام بعمليات غير مشروعة من شأنها المساس بأمن المواطنين.. علينا توخي الحذر ومراقبة كل صغيرة وكبيرة لدواعي أمنية لتكون كل تحركاتهم مكشوفة لنا ونحبط محاولات دسائسهم دون وقوع ضحايا..


استطرد :- نتنقل بالطائرات لكننا لسنا بعيدين أبدا.. نحن اقرب أليكم مما تتصورون لحمايتكم.
وضع يده برقه تحت مرفقها لكي يوجهها عبر الردهة ويرشدها إلى الطريق، لمسته الخفيفة كانت كافيه لتشعر بدفء غريب ينفذ ويسرى إلى شرايينها..

يتبع >>>>>>>

[دنيازادة]

ما كادت تمر ربع ساعة أنهت زويا خلالها الاستحمام وارتداء ثياب النوم حتى تناهى لمسامعها صوت هدير الطائرة المروحية.. أبعدت الأغطية وانسلت مندفعة إلى النافذة تراقب أقلاع طائرة شهاب نحو السماء وابتعادها حتى أصبحت كنجمة تلمع بأضوائها في الأفق المظلم بالليل..

سارت لتطمئن على الجدة توجان فوجدتها مستيقظة تبتسم لها برقة:- تعالي يا حياة ..

اقتربت لتجلس على حافة السرير تعتذر :- أسفه لأنني خرجتُ من الحفل وتركتكِ.. لم احتمل البقاء.
ربتت بكفها الطرية على كتفها:- لا بأس .. أفهمكِ فدتك عيوني.. لكن يا حبيبتي الأمور لا تسير وفق ما نريده ويحلو لنا وحدنا، أحيانا الحياة تضعنا في أماكن لا ننتمي لها، وبين أشخاص لا يمتوا لنا بأي صله ولا تربطنا بهم أي علاقة لا شكلا ولا مضمونا.. وقد لا نحبذ أهوائهم وتصرفاتهم لأنهم مختلفين بطبائعهم وسلوكهم وتوجهاتهم..

علقت زويا بتعنت :- لستُ مجبره على الاختلاط بهم .

تكلمت الجدة بلطف شارحه :- الاختلاف والخلاف جزء أساسي من الحياة.. ما دمنا نعيش في نفس البيئة والمجتمع ونشترك بالوطن والإنسانية لابد وان نختلط مع الجميع.. رسول البشرية الحبيب محمد عليه أفضل الصلاة والسلام عاش مع الكفار وعاملهم بطيب أخلاقه وتسامحه حتى أنهم شهدوا له بصدقه وأمانته ونزهاته.. كان يدعوا العلي الرحيم ان يهديهم ويرشدهم إلى سبيل دين التقوى.. وبالنهاية لكل منا عمله الذي سيحاسب عليه يوم الدين العظيم حيث لا ينفع لا مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم.. القلب السليم.. القلب السليم يا حياة.

استطردت الجدة ولم تغفل زويا عن تلميحاتها :- الإسراف والإفراط بالكراهية والبغض والعداء يؤذي ويتلف القلب.. وكما قيل بالسلف الصالح أحبب حبيبك هونا ما، عسى ان يكون بغيظك يوما ما، وأبغض بغيظك هونا ما، عسى ان يكون حبيبك يوما ما.


************************************************** ************************************************** ******************************


في اليوم التالي عند الظهر جاءت الشريفة أيمان إلى جناح إقامة الجدة توجان، جلسوا في الشرفة الخارجية المطلة على الحديقة الخلابة..
اخذوا يتجاذبوا أطراف الحديث وهم يحتسون القهوة..
- منذُ فتره بدأتُ العمل على فكرة مشروع مبادرة تتعلق بدعم طلبة الجامعة المتفوقين الذين لا يستطيعون دفع تكاليف رسوم دراستهم.

رفعت زويا عينيها عن شاشة هاتفها النقال ووضعته جانبا، عدلت جلستها وأصغت باهتمام متابعة ما تقوله الشريفة ايمان:- في حفل ليلة الأمس جمعتُ مبلغ مالي ضخم في صندوق التبرعات المالية لمعونة المحتاجين.. وهكذا يمكننا أطلاق المبادرة مع بداية الفصل الدراسي القادم..

استرسلت توجه كلامها لزويا :- علمتُ أنكِ من أهم الناشطين في مجلس الطلبة.. لهذا حبيبتي حياة أريد طلب مساعدتك لنشكل فريق متكامل نعمل به معا من أجل التنسيق مع أدارة الجامعة وشؤون الطلبة..

هزت زويا رأسها تقبل بحماس وقد أشرق وجهها وانشرحت أساريرها:- طبعا .. بالتأكيد موافقة ومعي الكثير من الرفاق الذين يسعدهم التطوع بالمبادرة وسنعمل على لائحة بأسماء وكشوفات الطلبة الذين يستحقون الدعم المادي ليواصلوا تفوقهم وإكمال تحصيلهم العلمي.

أومأت الشريفة رأسها بانحناءة :- تمام .. طبعا العدد سيكون محدود بالبداية لكننا ان شاء الله سنقوم على زيادة عدد المستفيدين من خلال إقامة نشاطات البازارات بالجمعيات الخيرية.


صمتت الشريفة ايمان ترهف السمع .. كانت كلما عبرت طائرة في السماء ترفع عينيها تراقبها بلهفه فما ان تبتعد تخفض رأسها وتنظر إلى شاشة هاتفها النقال تتفقد الرسائل باهتمام ثم تقوم بإجراء مكالمة تنزعج عندما يأتيها رد ان الرقم المطلوب خارج التغطية..

مع مرور الوقت تصاعد توجسها وقلقها:- تأخر شهاب ولا من خبر حتى الآن ..

مسحت الجدة توجان وجهها بكفيها:- خير ان شاء الله.. هدئي من روعك ..

أطلقت بارتباك زفرة حارة وقالت ساهمة بالأفق : - رغم انشغاله التام بالمهمات الثقيلة الشاقة الملقاة على عاتقه لكنه جاء لوقت وجيز بالأمس خصيصا ليكون متواجدا ضمن الحضور في الحفل من أجلك يا جدة توجان.. ثم غادر فورا عائدا لعمله العسكري بالقيادة ليشارك فجرا في تنفيذ عملية مداهمة لأوكار عناصر خلايا تخريبية إرهابية يخططوا لتفجيرات تستهدف أمن الوطن.


تشنجت زويا في المقعد مصدومة.. ثبتت جامدة دون حراك تشعر بالذنب لسوء ظنها، هي التي توقعت ان شهاب مستعجل ليكمل سهرته بأحضان عشيقه، لكنه في الحقيقة يمضي وقته في معترك العمل باذلا كل جهد وطاقة جبارة ليدافع عن الوطن.

بصوتها المثخن بالعبرات كما لو أنها تتذكر الماضي دعت الجدة توجان:- حما الله وطننا الغالي من كيد الماكرين وخبث الحاقدين.. وحما شهاب ونشامى أبطال قواتنا المسلحة ليعودوا سالمين مكللين بالنصر، بهمتهم وشجاعتهم ننعم بالحماية والأمن والاستقرار..


كان بإمكان شهاب ان يعيش حياته المرفهة بعيدا عن الخطر .. بمقدوره ان يختار الوظيفة ويترأس أي منصب مرموق مصدرا الأوامر وهو مرتاحا ومسترخيا بالكرسي الوثير لكنه تخلى عن الرخاء مفضلا العمل بالميدان والتضحية بنفسه فداء لأرواح الأبرياء.


نهاية الفصل الخامس عشر

[دنيازادة]

شكرا لحضوركم اتمنى لكم قراءة ممتعة
أرجو ان لا تنسوا كتابة تعليقاتكم وارائكم فأنا بانتظار تفاعلكم على الاحدات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 7 والزوار 2)
‏دنيازادة, ‏نوال11, ‏تالا الاموره, ‏Esra-moon, ‏7oda174, ‏جياان, ‏adma

[Mrs.hamdallah]

تسجيل حضور 😍😍😍😍😍

[Mrs.hamdallah]

يسلمو ايديك على الفصل عزيزتي دنيازادة .......

زويا بطلتي المفضلة بلا نزاع ..قوة لا تنضب فعلا ...حبيت فيها وضوحها و اصرارها على الحق ...بس بنفس الوقت الند لها شهاب محنك داهية يلعب بالكلمات لعب


المواجهة القتالية اليوم كانت شديدة على الطرفين ..شهاب مان هدفه اثبات انه مهما كانت قوتها مش حتقدر تهزم رجل ..
لكن الظاهر الامور فلتت منه اخر شيء ... وهون كانت صدمتي به
...المفروض الي بوضع شهاب يكون متمكن اكثر بضبط اعصابه و ما ينساق ورا عواطف ورغبات و ما يتحرش و يزيد العيار مع زويا

ايضا سيادة شهاب بيك انت نافيت ابسط قواعد الضيافة باعتداء على ضيفة عندك
.يا زلمة امسك حالك 😂😂😂😂😂

شفثت على زويا لما اغمي عليها ما تحملت كل هالضغط ...


الموقف بينهم في الغرفة و تباسط زويا اخر شي من خوفها من العمة اعطى دفء للمشهد كتير حلو



شو بالنسبة لبوادر الغيرة و الاعجاب زويا خانم ...

حبيت الكلام و الحوار الي دار بينهم في بيت شهاب ...الطرفين مقنعين....شهاب بتبريراته و زويا بمعارضتها .....


الجدة و تلميحاتها ممكن حاسة انه شهاب اقدر واحد على لجم اندفاع زويا و تهذيبه ....

تسلمي على وقتك و جهدك و منتظرين القادم بكل شوق ....

[تالا الاموره]

فصل جمييييييل وممممتع للغاية
سلمت اناملك ياقمر
تمنيته مايخلص من جماله
زويا مجنونه بتهورها وتحديها رجل في مكان منعزل كانت ستؤذي نفسها لابعد حد ، وشهاب رجل استفزت رجولته من قبلها، لكن ماعذرتله فعلته صحيح هي استفزته جدا وتحدته بالاضافة الى حبه الواضح لها، لكن هو بنفسه صرح انه ممكن كان يهتك شرفها 💔💔 خفت منه صراحه،
زويا لازم تاخذ حذرها اكثر واكثر ، كلامه لها جدا مقنع وفي الصميم

فصل اليوم سوالي انفصام، اوقات يعجبني شهاب كثير دفاعه عن الوطن، مع انه يستطيع العيش في الترف ويريح باله، كما لاحظت زويا ومع ذلك اختار الوطن ودافع عنه ، لكن موقفه مع زويا زعزع اعجابي به قليلا😉

تسلمي كثييير ع الفصل الرائع والجميل انه خاص بابطالي المفضلين 🌹🌹

[Khawla s]

تسلمي ياقمر الفصل رهييب كتير معجبة بزويا عندها مبدأ وهاد زاد اعجاب شهاب فيها لكن هو اقنعها بكلامو ولعب بالكلام لعب شاطر شهووبي
البنت اخمى عليها ماتحملت الصدمة وشكلها بلشت تعجب فية
الجدة بعثت شهاب يبحث عنها لانها بتعرف جرأءة زويا وعارفة انو شهاب يقدر يساعدها اندهشت من شهاب لما حكالها اقدر اخسرك شرفك خفت منو
دمتي مبدعة ياقلب القلب على قلمك المبدع ❤❤❤

[م ام زياد]

صراحه انا كنت متوقعه أشوف دينا وايلي هيحصل معاها ومنها
لكن لقيت معركه حاميه الوطيس بين العنيده والقوي
بس واضح انها بتجذب شهاب بعندها وشخصيتها المستقله في التفكير ورفض الخضوع للأوامر
لكن المشكله أنه كلامه صح تدهورها هيوقعها في مصائب
ربنا يستر من ايلي جاي