03-02-18, 12:20 PM
| #641 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة  
|  كل الشكر والتقدير لصديقة الغالية 💜 انثى الهوى 💜 على التعقيب المبهر والتحليلات المميزة 😍😍😍
| ||||||||
|  |
|
03-02-18, 08:24 PM
| #646 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| الفصل السابع عشر زويا التي لم تطيق يوما بهرجة السهرات تهيأت على غير العادة بمرح واضح.. هامت بفيض الأحاسيس التي لم تختبر مثيلاً لها، فكت عقدة ربطة شعرها المشدود للوراء وفردته، أمسكت الفرشاة وسرحت خصلات شعرها لتتركه متحررا حول كتفيها بتموجات خفيفة أعطتها نعومة ورونقا ساحرا.. أخذت تتنقل متمايلة بعفوية بحركات راقصة بأرجاء المكان دون ان تعي مدى حيوية انفعالها.. الجدة توجان ابتسمت عندما سمعتها تدندن بصوتها أغنية ياستي يا ختيارة يا زينة كل الحارة، حبيبي يلي بحبه ناطرني بالسيارة، بلبس فستاني الأخضر ولا فستاني الأحمر عازمني عالسهريه دلينا وين بنسهر.. غمرتها السعادة وهي تمرر على شفتيها الرقيقتين قلم أحمر شفاه وردي فاتح وجدته في أحد أدراج تسريحة المرآة.. ارتدت حذاء كعب عالي وسارت به بالغرفة ذهابا وإيابا لتعتاده ثم التقطت على عجل حقيبة يد صغيرة.. قبلت جبين الجدة توجان وطارت لتخرج مسرعة بابتهاج.. لم يكن هناك أحد قادر على النيل من قلبها كما فعل شهاب الذي أربك عالمها واتجاهاتها التي كانت قد حددتها لمسار حياتها.. حين أطلت من أعلى الدرج شاهدته واقفا بالصالون ينتظرها بلهفة في هيبة الواثق بملامحه المتناسقة الجذابة ببدلته الداكنة.. راقبها بانبهار تهبط الدرجات تتهادى بخفة في فستان بنفسجي لامع لف جسدها مبرزا أنوثتها باحتشام.. شعرت زويا بالخجل من نظرات شهاب الممعنة بها بذهول كمن يراها لأول مرة.. كادت ترفع كفيها بحياء لوجنتيها لشدة احمرارهما عندما راح يمدحها بجرأة بعبارات غزل وإطراء تكفي غرورها الأنثوي دهرا.. اخرج من جيب جاكيت بدلته الرسمية علبة صغيرة قال وهو يضعها بكفها:- هدية بسيطة أرجو ان تقبليها. تأملت زويا العلبة باستغراب، حثها على فتحها فوجدت نفسها تمتثل دون جدال.. كان داخل ثنايا المخمل الخمري سنسال ذهبي به قلب مرصع بحبات ألماسية تلمع وتتلألأ بانعكاسات متوهجة تخطف الأبصار.. قالت ذاهلة: - السنسال غاية بالجمال.. يبدو غالي باهض الثمن. كادت تعيده له وتعتذر عن قبوله، لاحظ حركتها فأسرع يرفع السنسال بأصابعه قائلا:- لا شيء يضاهي جمالك ونقاء روحك يا حياة. اقترب شهاب منها وقبل ان تعترض شعرت بدفء لمسته وأنفاسه وهو يضع السنسال حول عنقها هامسا:- لا تنزعيه أبدا. أضاف برقة :- هل تعديني؟. تلاقت نظراتهما ووجدت زويا نفسها تستجيب له كالمسحورة بطواعية، أومأت برأسها إيجابا:- أعدك لن أنزعه أبدا. تأملها بشغف ورغبة غامرة لا تفسير لها تسيطر وتستحوذ عليه بشوق مستمر إليها، لعطر جسدها المنعش، لكل شيء فيها.. معها يحس بالنعيم ويولد مرة تلو مرة أخرى كما لو أنه بُعث من جديد.. عذوبة إنسانيتها لامست بداخله وترا حساسا أحيت قلبه فما عاد ينبض الا بحبها وحب ما تحبه.. لقد نصبها ملكة على مشاعره كلها واعتبر ان أعمق تعريف لسعادة وجودها في حياته.. __________________________________________________ _________________________________________________ كان الجو لطيفا والقمر منيرا يتوسط السماء رغم تراكم الغيمات.. اكتشفت زويا ان السهرة تقام في قصر مجاور.. مشوار الطريق بالسيارة بالكاد أستغرق عشر دقائق فلم يكن هناك مجال لأي أحاديث.. ما ان دخلا لسهره حتى هرعت من بين الجموع المكتظة نحو شهاب شابة فائقة الأنوثة أقل ما يقال عنها ملكة جمال توجت للتو بملامحها الأجنبية.. شعرها الذهبي مرفوع للأعلى بتسريحة معقدة بالغة الإتقان على يد مصفف خبير.. قامتها الممشوقة وبريق ثيابها الأنيقة في تنورتها القصيرة جدا بدت كلعبة الباربي الشهيرة.. فوجئت زويا عندما أبصرت الفتاة تلقي بنفسها في أحضان شهاب بعاطفة فياضة غير عابئة لمن حولهما.. جرب أبعادها عنه لكنها أبت ان تتركه وضلت تطوقه متشبثة به ملتصقة بقوة، رفعت رأسها ترفرف برموشها الطويلة وهمست بغنج ودلال:- رغم ان أبي الباشا أكد لي حضورك سهرة الليلة لكني خشيتُ أن لا تأتي مثلما فعلت من قبل. تأملت زويا المشهد أمامها باستهجان واستنكار، حبست أنفاسها وتقلصت عينيها بضيق وهي تبصر اليدان الناعمة المسترخية على كتفي شهاب تتحركان ببطء شديد فوق عضلات صدره.. بأصابعها الرقيقة وأطراف أظافرها المشعة بطلائها ألامع أخذت تداعب ربطة عنقه.. اقتربت منهم امرأة أكبر سنا بالعمر لكنها لا تقل جمالا عن الفتاة التي تنحت جانبا لتفسح المجال لوالدتها بالترحيب بشهاب باحتفاء كبير.. شعرت زويا بذراع شهاب تلتف حول خصرها ويجذبها ليقربها منه بشدة بحركة تملك.. حينها فقط انتبهت الأم وابنتها لوجودها فبدتا مصدومتان لوهلة، أخذتا تحدقان بها بنظراتهما المتعالية من قمة رأسها حتى أخمص قدميها كمن تقيمانها وتحددان مدى قدرتها وإمكانياتها.. قال شهاب وهو يقدمها:- الآنسة حياة شابسوغ .. قريبتي من طرف جدتي الكبرى توجان. كلتاهما بتكلف تصنعتا الابتسام وامتنعتا عن مد أيديهما للمصافحة مكتفيات بإيماءة خفيفة من رأسيهما.. مع مرور الوقت فهمت زويا بنباهتها السبب وراء دعوة شهاب لها لمرافقته، أراد ان يعرفها على طبيعة حياته ومحيطه لتكتشف واقعه وعالمه، بدا كمن يحضرها مسبقا لأمر ما.. كان صريحا واضحا بصدق حين قال بصوت خافت:- لا يغركِ أجواء الصحبة فهنا لا من صداقات شخصية حقيقية، العلاقات تتوقف حول مناصب ومراكز ونفوذ أصحابها والدور الذي عليهم تأديته. استطرد حينما أدرك اضطرابها :- لا أحبذ هكذا علاقات وسهرات لكن لضرورة أحكام تحتم عليي المشاركة أحيانا. أضاف بحزم:- ليكن بعلمك ليس مطلوب منكِ التعامل مع المدعوين، أنا أصلا لن أسمح لكِ بالاختلاط معهم ولا بأي شكل.. ما يتوجب ان تفعليه في المستقبل يقتصر فقط على وجودك قربي بالمناسبات الرسمية كالمؤتمرات والأفراح والجنازات. كادت ترد بكبرياء: ( ومن تكون لتسمح أو لا تسمح لي؟!! وعلى أي أساس سأتواجد بقربك؟) لكنها ابتلعت ريقها وركزت على ما يخبرها به بنبرة منخفضة:- غالبا كثيرين ممن ترينهم يتمازحون وكأنهم أعز الأصدقاء هم أعداء ويتربصون لبعضهم بالخفاء، ولهم عيون مأجورة يعملون على موجتين وأكثر. زوجة سياسي هام لا تغيب مع زوجها عن أي عشاء أو احتفال علقت على الاهتمام البالغ الذي منحها إياه شهاب وحرصه الشديد على ان يكون قربها طول الوقت يحادثها دون ان يأبه لغيرها:- يبدو أننا نشهد قصة حب ملتهب سيكتبها التاريخ. الباربي أبنة الباشا الكبير سمعتها فالتفتت إلى والدتها مغتاظة، وكمن وجدت في الموقف طريقة لتنتقم أكملت زوجة السياسي الهام تخاطب زويا:- واضحا ان كل الفتيات لا تعنيه ووحدكِ فقط تأسرين عيناه. كلماتها وصلت وأصابت الهدف مباشرة.. وجه الباربي البراقة اشتعل وانتفخ حنقا، كادت تطلق صرخة لكنها كزت على أسنانها بشدة واستدارت تهتز من فرط الغضب تغادر القاعة وأمها تلحقها متعثرة بذيل فستانها الطويل المتأرجح بين قدميها.. سرت الضحكات خافتة تحت أكف النساء متسليات بما حدث.. كل ما استطاعت زويا فعله الهمس لشهاب بإحراج:- يبدو أن الجميع يراقبوننا!. ابتسم لها كأنه يشعر بالرضا التام .. يتبع >>>>>>>> | |||||||
|
| |
|
03-02-18, 08:26 PM
| #647 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| بعد تناول العشاء الفاخر توجه جميع المدعوين إلى قاعة جانبية فخمة بدت وكأنها خاصة بالاجتماعات.. أخذوا يدخنون السيجار ويحتسون أجود أنواع الشراب الفرنسي وهم يتبادلون الهمسات.. في اوج السهرة انتقل الرجال ومعهم شهاب للجلوس على الكراسي الدوارة حول طاولة بيضاوية واسعة.. انسحبت النساء ورافقتهم زويا إلى غرفة مخصصه لإصلاح زينتهن.. الفضول العارم تملك زويا فعادت سريعا لقاعة الاجتماعات واختارت مقعد جانبي لتجلس به بجسدها الضئيل متوارية عن الأنظار لتراقب الباشاوات والبكاوات وهم ينشرون الملفات والوثائق على سطح الطاولة الأملس حيثُ بدأت تجري المخططات والحسابات.. لاحظت أنهم يمررون بشكل جانبي فيما بينهم من تحت أحد المستندات أوراق بيضاء مكتوب فوقها أرقام بقلم أحمر كالدم.. تبادلوا النظرات والإشارات المبهمة ثم أخرجوا دفاتر شيكات الصفقات والاتفاقيات.. وجوه كثيرة اختلطت واكتظت وتناوبت لتتحلق حول تلك الطاولة من جنرالات ووزراء.. أعيان ونواب.. زعماء أحزاب ومحامين لامعين أغلبهم قام بالدفاع عن المسؤولين المتهمين بالفساد ليخرجوهم كالقشة من العجين.. إعلاميين وفنانين أيضاً لهم أدور بدا أنهم يلعبونها بإتقان.. بين الوجوه المنافقة والعيون الزائفة والأنفاس المقززة في القاعة التزمت زويا السكوت دون أي حركة وراحت تتأمل بصمت، تنصت لأحاديثهم وقهقهاتهم المستفزة.. وقعوا ثم شربوا نخب ما استطاعوا بيعه.. ما تراه بعينها لا يروقها بتاتا بل يثير غثيانها، زفرة خفيفة أطلقتها وقد تاهت نظراتها ناقمة.. غمرتها رغبة في تحطيم رؤوسهم الخبيثة لكنها ما لبثت أن تسلحت بالحكمة.. تناهى لزويا صوت الباشا الكبير المسترخي في مقعدة الوثير يقول بسخرية: - نسبة المعارضين الشباب بازدياد.. يجب أن نجد مساحه مشتركة لنتفاهم مع أولئك الذين يسمون نفسهم مثقفين أحرار.. أوضح أحد المستشارين :- سيدي .. ان سمحت لهم بمناقشتنا قد نتمكن من استمالت أكبر عدد منهم ليكونوا لجانبنا بدلا من انضمامهم إلى جهات تخطط لإلحاق الضرر والإساءة لنظام السلطة. تجهم الباشا الكبير :- حسنا .. ليأخذوا ما يشاءوا من مكاسب صغيرة.. لا بأس من منح الشباب المعارض بعض الحرية كتنفيس. أستطرد بغير اكتراث:- بكل الأحوال لسنا مجبرين على الاهتمام بكلامهم بجدية يكفينا أن نضفي طابع الانفتاح بالحوار على الرأي الأخر بشأن القرارات والإجراءات. عادت النساء بثرثرتهن المستهلكة، الدعابات التي تندرن بها لم تفلح في إزالة عبوس زويا لترسم ابتسامة المجاملات.. بقيت ملامحها متجهمة فهي لم تعد قادرة على مواصلة التظاهر والمجاملة بأجواء مخنوقة.. أوشكت على الانفجار قهراً فنهضت واقفة وهي تفور بأعماقها بغليان بالغ.. من بعيد راقبها شهاب وبعينه الثاقبة رصد رد فعلها وقد أيقن أنها أصغت بانتباه شديد لما يدور حول الطاولة البيضاوية.. أجفلت عندما سمعت الباشا الكبير يقول:- شهاب بيك حضرتك تمتلك من المؤهلات والمهارات ما لا يمتلكه غيرك، نجاحك الباهر بالمهمات العسكرية جعلتك منفتح على كافة الأطياف والجهات سياسيا.. مثقفو شباب المعارضة يعتبرونك معتدل بدبلوماسيتك وأسلوبك لهذا سأكلفك بمهمة محاورتهم، لدينا ثقة بكفاءتك.. رد شهاب باقتضاب : - باشا نحن مع الإصلاح والديمقراطية لحفظ أمن الوطن. نهض الباشا الكبير من على كرسيه، استدار وتقدم ليقف وراء شهاب واضعا كف يده على كتفه الأيسر كمن يعلن للجميع انه يحظى بمكانه خاصة ويمنحه امتيازات دون غيره.. الباربي البراقة أسرعت لتقف إلى جانب أبيها لتكتمل الصورة في مغريات لا تقاوم حين استطرد الباشا الكبير :- لن نبالغ إذا قُلنا أنك بنبوغك سترتقي لمناصب مرموقة كعسكري سياسي، وستكون من أبرز المرشحين لحمل حقيبة وزارية بالمستقبل. شهاب التزم الصمت بملامحه المحايدة لا يعبر .. وصلت زويا لقمة احتقانها، كانت تعلم كما الكل ان هنالك عوامل كثيرة تدخل في تعينات المراكز العليا.. دهاليز السياسة شائكة وبها ممرات سرية.. منحدراتها وتياراتها خطيرة والمراحل تفرض أحيانا تقديم الكثير من التنازلات لمن يريد ان يعتلي المناصب.. شعرت وكأنها سقطت في هوة سحيقة مظلمة.. تغابت وتعامت أكثر مما تتحمله.. ما يحدث يفوق قدرتها الاستيعابية.. لم تستطع تمالك أعصابها، فجأة أطلقت ضحكة خفيفة التقطتها سريعا أذني شهاب فالتفت نحوها.. وتبعتها ضحكات متتالية دونما توقف.. حملق الحضور بها لثوانِ وعندما واصلت ضحكاتها المتعالية انتقلت لهم عدوى الضحك واحدا بعد الأخر فضحكوا بخفوت.. ضحكوا ولكل منهم أسبابه.. حتى الباشا الكبير ضحك بصوت مرتفع فاهتز كرسيه الدوار.. الكل انفجروا ضحكا في صخب باستثناء شهاب الذي ضل جامدا كمثال للهدوء والسيطرة على انفعالاته.. وسط حمى الضحكات وصراخ القهقهات التي ازدادت بهياج في أرجاء القاعة.. اقترب منها شهاب وأحاطها بذراعيه.. همست توشوشه:- أوامر فخامة الباشا الكبير حد سيف قاطع وعليك ان تطيع يا بيك. سحبها شهاب ليغادرا السهرة، ضلت زويا تضحك وتضحك وهو يجذبها ويسير بها إلى سيارته السوداء الفارهة.. أجلسها في المقعد الأمامي صافقا الباب ثم دار ليستقر خلف مقود القيادة.. انطلق سريعا وهي مازالت غائبة الصواب بالضحك.. ضحكت كما لم تبكِ يوما.. ضحكت بهستيريا كمن تناولت زجاجة كحول مع جرعة مخدرات.. سألته بصوت متقطع وهي مستمرة بالضحك :- لماذا لا تضحك؟؟.. أضحك.. أضحك فأنت لن تجد حمقاء غبية أكثر مني. فجاه ضاقت أنفاسها في رئتها بشلل مباغت.. أصبحت مجهدة لكثرة ما ضحكت بتوتر واضطراب.. شهقت بقوة وكأن روحها تنزع منها.. أوقف شهاب محرك السيارة ملتفتا أليها، رعشة قلبية أصابته بهلع ، لم يسبق أن أحس بهكذا خوف.. خشي فقدان أرق إنسانة في الوجود كله.. فتح النوافذ فهبت نسمات هواء باردة أنعشتها وأعادت انتظام أنفاسها.. سحب من الدرج قنينة مياه معدنية قربها من فمها فشربت بضع قطرات وبللت شفتيها الجافتين.. سألها بقلق واضح:- الأفضل أن نذهب للمشفى. رفضت مبرره بصوت منهك :- لن يفيدوني بشيء. أرجعت ظهرها للوراء ومالت مبتعدة عنه لتستند بكتفها ورأسها على حافة النافذة، بدت سارحة في عالم أخر.. غارقة في تفكير عميق وكأنها تجري عمليات حسابية شديدة التعقيد شائكة لا أول لها ولا أخر.. شغل شهاب المحرك وتابع القيادة ببطء.. راقبها بنظرات جانبية من عينية وموجه من الحنان تغمره نحوها.. لم ينفك عن تأنيب نفسه، مدركا انه ارتكب خطأ فادحا فمن المبكر دعوتها لسهراته المشؤومه.. كان يجب ان يتمهل ويتروى قليلا لكنه اندفع بتصرفه محكوما لعواطفه مستعجلا اجتياز مراحل تطور علاقتهما لشعوره بأنه في سباق مع الزمن.. زويا لن تعيش ألا بضع سنوات.. يود ان يمضي معها كل دقيقة مما تبقى بعمرها.. يريد بأقرب وقت أن يجري لها عملية زراعة الخلايا الجذعية.. فكرة الارتباط والزواج بها تحتل قلبه وعقله. تيار حبه الجارف بحممه الملتهبة يغزو كيانه بإلحاح.. يحلم بها ليل نهار، يحلم أن يعيشان في بيت واحد كزوجين.. يحلم ان ينمو جزء منه بداخلها، روحا نصفها له والنصف الأخر منها ليكون لهما طفل بحب مكتمل. يتبع >>>>>>>> | |||||||
|
| |
|
03-02-18, 08:27 PM
| #648 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| عندما وصلا مدخل القصر باغتت تسأله بصوت جاف:- هل ما فهمته صحيح؟!!.. - لنؤجل الكلام.. الوقت تأخر وغير مناسب لأجراء أي نقاش أو حوار. أعادت تكرار سؤالها فأجابها وهو يرمق وجهها الشاحب: - حياة أنتِ متعبة ومرهقة . - لا تحاول المراوغة معي. رد وهو يوقف السيارة :- لا أشك بفطنتك ونباهتك. - اذن الأمر كما توقعت سهرة الليلة أقيمت بمناسبة بيع إحدى الشركات الوطنية لمستثمرين رأسماليين. أضافت ساخرة: - تصرون أن تبيعوا ؟.. حقا الشعب ممنون لكل ما تفعلونه ومعجب بشدة بذكائكم الخارق. فتحت الباب وخرجت تصفقه ورائها، لحقها فصرخت بحنق في وجهه:- قمتم ببيع مؤسسة أخرى!!.. قال بأعصاب مشدودة :- مصلحة الوطن تقتضي ذلك. أجابته متهكمة:- ألا تجدون مصطلح مزيف أخر؟!.. ألا تتوقفوا عن التبرير بحجتكم المشروخة؟!.. يا لوقاحتكم وقدرتكم. أضافت بانفعال شديد:- ما تفعلونه ليس لمصلحة الوطن بل انتم تقومون بانتهاك الوطن. كتم ضيقه وأوضح لها بهدوء محاولا احتواء غضبها :- المؤسسة خاسرة وترزح تحت حمل ثقيل من الديون المالية منذُ سنوات.. لكي يتم إنقاذها تحتاج إلى مبالغ طائلة من السيولة وتقييم جذري للطريقة التي تدار بها هيكلة التنظيم. قاطعته بفظاظة: - ما دام بنظركم هذا الحل الأمثل لماذا لم تفكروا مثلا في سياسة البيع الإجمالي لكافة المؤسسات الوطنية!.. أرخى عقدة ربطة عنقه زافرا بنزق.. تابعت منفجرة غيظاً وكمداً: - لما لا تأخذوها مقاولة كلها مرة واحدة بلا تقسيم؟.. أوليس ذلك سيكون عمليا ومجديا ومربحا أكثر لمصلحة الوطن!!. - الوضع الاقتصادي ينهار من سيئ لأسوء. - ينهار بسبب اختلاسات المتنفذين والمتغولين والفاسدين الذين يسرحون ويمرحون بمناصبهم وجشعهم وأطماعهم معتبرين ان البلد مكتوب بأسمائهم ليبيعوا أملاك الوطن.. بينما المواطنين المنتهكين المقموعين المغلوبين على أمرهم يقضون حياتهم يعانون تحت خط الفقر والإذلال ولا يجدوا وسيلة ليثوروا بها ألا النزول لشوارع وحرق أجسادهم.. الجوع كافر.. كافر. ازدردت ريقها ثم أردفت بتنهيدة غصة:- أكثر ما يؤلمني أنك احد المشاركين في ترتيب كل ذلك!.. أرادت الانهيال عليه ضربا بلكمات وتصب سيل كلمات نابية بأهانات بذيئة جارحة، لكنها أبت الانحدار لذلك المستوى الوضيع.. زفرت نفساً مخنوقاً بأسى, اندفعت تصعد الدرجات سريعا، لحقها وأمسكها من كتفها يوقفها عند الباب. جذبت نفسها تتحرر من قبضة ذراعية دون جدوى, بصوت ذاوي مختنق بحشرجة غصة قالت :- أتركني .. أحست أن الأرض تهتز تحتها حينما استجاب مبعدا يديه قائلاً: - في الموقف سوء تفاهم والتباس. قاطعته زاعقة : - أي ذريعة تقولها ستكون واهية بلا معنى أمام ما شاهدته من دليل قاطع يدينك.. لقد رأيتُ بعيني وسمعتُ بأذني كل شيء. أمسك معصمها يستوقفها معترضا:- لا تهربي .. امنحيني فرصة ولا تلقي بكل ما بيننا بعيدا من أجل لا شيء.. لقد تطورت معرفتنا ووصلنا إلى درجة كبيرة من التقارب.. بيننا تفاهم وتلاؤم، اندماج عقليين وارتياح روحيين.. ألا تدرككِ عمق المشاعر التي أكنها في قلبي لكِ.. أنا أحبك يا حياة.. أحبك. مد ذراعه نحوها وقبل أن يلمسها انتفضت مبتعدة عنه بتقزز ترميه بسهام نظرات ازدراء: - لن أدعك تخدرني عاطفيا لتصبح وصيا على عقلي وقلبي. - اسمعيني فقط . - لا .. أنت تتقن بكلامك وأفعالك أساليب فنون مهارات وحيل التلاعب على مشاعري لهذا لا أريد سماعك. كانت تتراجع للوراء بخطوات مرتعشة متأرجحة كمن تخشى تأثيره على أحاسيسها الدفينة.. خاف عليها من الانزلاق بحذاء الكعب العالي فتتعثر فوق الدرجات الرخامية وتقع متأذية.. قفز نحوها سريعا يمسكها ويبعدها عن الدرج فصرخت بذعر:- لا تلمسني. - كدتِ تسقطي. تملصت منه بنفور:- لا تلمسني بتاتا حتى لو رأيتني أموت. بذلت كل ذرة من قوتها لمواجهة الموقف، تماسكت مجبرة نفسها على الصمود لإنهاء ما لم يكاد يبدأ بينهما:- أنا لا أريد أن أعرفك أو تكون لي صله بك بعد الآن.. يؤسفني أني وضعت ثقتي العمياء بك. صراخها وكلماتها شق قلبه وشرخه ليتفتت ألما.. - لا أريد أن أكون جزءا من حياة طبقة سياسيين السلطة . رفعت ذقنها بحركة عنفوان تضيف بنبرة تملؤها المكابرة: - لن امسح ذاكرتي متجاهلة ما حدث أمامي بعملية تجميل فكرية أرغاميه من أجل أي عواطف أحملها لك في قلبي. كانت تعلم أنها لاحقا حين تنفرد لوحدها سيكون لديها الكثير من العذابات والخيبات.. أما الآن ستواجه الواقع بصلابتها المعهودة.. لطالما افتخرت بقدرتها على مجابهة أي صعاب بأعصاب متينة :- حتى لو كانت روحي بين يديك يا شهاب لا أريدها. كلماتها كانت كرصاصات أصابت قلبه ونخزته بألم فظيع.. بقي جامدا دون حراك لا يستوعب كمية الكراهية والاستحقار.. أدارت ظهرها له.. لم تهرول هاربة لشعورها أن هذا فعل جبان، بكل هدوء شديد مرت من قربه وسارت بثقة رأسها شامخة كما اعتادت دوما.. سمعت صوته يناديني بشجن :- حياة . بذلت جهداً كي لا تلتفت.. فتحت الباب وأغلقته ورائها بتأني شديد.. لم تبكِ، دموعها أبت أن تتساقط، زويا لا تبكِ أبدا مهما كانت حزينة، لا تعترف بالضعف لأن دور الضحية لا يناسبها.. انقلب الجو وانفتحت أبواب السماء ليهطل المطر بقصف رعدي.. اقتربت زويا من النافذة تتأمل زخات سهام المطر على الزجاج.. تحت المطر الغزير كان شهاب ما زال واقفا متصلبا في مكانه حيث تركته.. منظره بدا حزينا مكسور القلب واضعا يديه في جيبي سرواله غير مكترث بابتلاله.. يدها تحركت بتلقائية إلى قلبها المنتفض بقوة، همست:- ستمرض وتصاب بنزلة برد أذا بقيت هكذا.. أذهب.. أرجوك أذهب. لحظتها رفع شهاب عينية للأعلى وكأن بينهما تخاطر بالروح .. شاهدته يستدير ويسير باتجاه بيته بالحديقة.. وجدت نفسها تتسلل إلى الشرفة لتتتبع خياله المتواري بين الأشجار.. وقفت دون حراك يصلها رذاذ المطر، رفعت وجهها الشاحب لسماء وحينها سقط قناع قوتها وسمحت لدمعاتها الحبيسة بالانهمار لتجري سيولا على خديها تختلط بالمطر.... يتبع >>>>>>>> | |||||||
|
| |
|
03-02-18, 08:31 PM
| #649 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| في اليوم التالي لاحظت الجدة توجان انتفاخ جفون زويا لكثرة ما بكت بنشيج ليلا.. تنبهت ان شهاب لم يأتي لجناحها ليلقي عليها تحيته الصباحية.. أدركت ان أمرا جللا أعاد أحفادها إلى نقطة الصفر.. الجدة كعادتها لم تقل شيئا ولم تعلق ولم تتدخل فهي تؤمن ان الخير فيما يختاره الله عز وجل. رغم محاولات الشريفة إيمان والشريف طلال بإقناع الجدة توجان لتطيل من أمد زيارتها لهم موفرين لها كل سبل الراحة لكنها اعتذرت بلباقتها متعللة بأنها اشتاقت لبيتها.. بعد اعتراض وجدال، شد وجذب أذعنت بخيبة الشريفة إيمان فيما الشريف طلال أمر معاونه بإلغاء مواعيده وأصر على مرافقتهم بنفسه.. عندما وصلا للبيت وأوقف الشريف طلال سيارته كانت تيتيان تجلس وحيدة في الحديقة الأمامية تحيك بسنارتها الصوف وقربها راديو قديم ينبعث منه صوت فيروز تغني " لا أنت حبيبي ولا أربينا سوا قصتنا الغريبة شلعها الهوا.. " نهضت مسرعة ما ان لمحتهم لتفتح الباب الخارجي ترحب بحرارة في عودة الجدة توجان وزويا قائلة ان البيت كان لا يطاق بغيابهما، عانقتهما بشوق عارم وانهالت تطمئن عليهم بوابل من الأسئلة وكأنهما غائبتان منذ دهر:- عميمة نحن لم نسافر خارج الوطن. - وان يكن أنا لا أحتمل ابتعاد الجدة توجان. - اين دينا؟ - ما زالت في غرفتها على حالها مكتئبة كما تركتيها لا تأكل ولا تشرب. الجدة توجان لم تغفل عن عدم الاهتمام المتعمد الذي تتبعه تيتيان لوجود الشريف طلال.. بصوتها الخافت وهي تستند على عكازها سألت:- هل أذن الظهر يا حياة. - نعم يا جدة. استأذنت لصلاة فساعدتها زويا ودخلتا للبيت. عادت تيتيان لتجلس حيث كانت تحيك بسنارتها بهدوء تام.. لم تأبه لشريف طلال كأنها لم تراه. - الى متى ستبقي يا تيتيان تتجاهليني؟ . سؤال الشريف طلال لم يلقى أي استجابة .. استمرت تيتيان بالحياكة ووحده صوت فيروز يجيب" فايق يا هوى كيف كنا سوا.. الهوى جمعنا وفرقنا الهوى" - أكثر من ثلاثين عاما وأنتِ تتجاهليني متحاشية رؤيتي ومحادثتي؟!!! إلى متى هذا النكران؟!!. أطفئت تيتيان الراديو وهمت بالمغادرة فاستوقفها الشريف طلال :- لا لاتتهربي.. أردف بنبرة شغف تائق أضناه عذاب الشوق:- أنا طلال الذي أحبك كما لم يحبك أحد. كان يلهث من فرط الانفعال كمن أمضى عمرا كاملا يركض ولا يدرك الا وهم السراب: - خسرتك يا تيتيان وخسرتُ حياتي.. برغم السن ما زال صوته محتفظا بحرارته القديمة وهو يبوح:- أكثر من ثلاثين عاما عشتها ضائعا بعيدا عنكِ.. اشتقتُ لكِ ثلاثين ألف مرة.. وحاولتُ نسيانكِ ثلاثين ألف مرة .. حاولت أن امحيكِ من ذاكرتي حاولت وحاولت وفشلت.. أضاف بسخط :- أحيانا يتملكني الغضب نحوكِ لأنكِ تسببتِ في افتراقنا. رفعت تيتيان حاجبيها باستعجاب وهتفت باستنكار واستياء: - أنا !!!! أضافت ببرود: - أنت الذي خاصمتني. - لأنكِ رفضتِ حبي ورغبتي بارتباطنا. أردف بغصة بصوت خشن:- رفضك آلمني. ساد صمت عميق ثم ما لبثت ان قالت تيتيان:- آسفة لأني آلمتك. تنهدت وأفصحت:- أنا لم أرفضك أنت بل خشيتُ من عدم قدرتي على التأقلم مع واقع حياتك وطبيعة التغيير الهائل بالتصرفات والسلوكيات بالعادات والتقاليد.. لم أكن قادرة على تحدي قوانين أديغة عشيرتي وتقبل نمط اختلاف البيئة .. لما لم تتفهم توجسي وتحتوي خوفي؟.. كان بوسعك ان تتمهل قليلا وتأتي لإقناعي لاحقا.. - حاولت كثيرا لكنكِ عنيدة بمواقفك.. لم تثقي بي حين قُلتُ لكِ أنني لن أرغمك على فعل مالا تريدينه ومالا ترتاحين له وسنجد بالتأكيد الطريقة التي نقنع فيها أهلنا وتناسبنا لنعيش معا.. لكننا بدلا من ان نتكلم ونتفاهم كنا في كل مرة نلتقي نتشاجر.. عاتبها بحزن:- لو كنتِ تحبيني يا تيتيان لما ترددتِ. همست بلوعة:- لو كنت تحبني يا طلال لما تزوجت. أردفت بحرقة قلب : زواجك آلمني.. هم ليقول شيئا لكنها قاطعته تضيف:- الحديث لا فائدة منه.. من العبث ان نختلف الآن حول ما حدث قبل أكثر من ثلاثين عاما.. لماذا تصر على اجترار تاريخنا السيئ؟! - لأنني لستُ مثلكِ.. لا أستطع منع نفسي من التفكير فيكِ ويعز عليي عداءنا. كان وقع كلماته ثقيلا مما دفع تيتيان لتبوح بانفعال:- هل تظن انه كان من السهل عليي فراقنا بعداء؟!.. أتعلم كم رجلا رفضت طوال الثلاثين عاما لأني لم استطيع تجاوزك.. رغم أنك كسرت قلبي بزواجك لكني لم افعل مثلك وأتزوج نكاية بك. قال بوجع:- زواجي كان مدعاة لسخرية وأشد عقاب.. لم استطع تأدية واجباتي كزوج وكأب لأسرة سعيدة متحابة.. ما أتقنت فعله أني أدمنتُ العمل لكي أتناسى خيبتي وشقائي.. أكمل يهز رأسه:- لم يبق في العمر شيئا لمزيد من العتب والمشاحنات. سألها :- ألن تندمي اذا متُ دون ان نتصالح؟. بتلقائية شهقت تيتيان بارتياع.. استفسرت بصوت متهدج بقلق:- هل أنت مريض ياطلال؟!. رفعت بصرها نحوه ولأول مرة منذُ أكثر من ثلاثين عاما تسمح بأن تتلاقى نظراتهما مباشرة.. عينيها في قلب عينيه.. نهاية الفصل السابع عشر | |||||||
|
| |
|
03-02-18, 08:33 PM
| #650 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| مساء الخير اعزائي شكرا لمتابعتكم اتمنى الفصل ينال اعجابكم  بانتظار ارائكم وتعليقاتكم بشغف  قراءة ممتعة الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 7 والزوار 0) دنيازادة, عهد العمر, ebti+, dodoalbdol, تالا الاموره, zozonabeel1, moujah Alhumaidi | |||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
9Likes
.png)
العرض العادي
