آخر 10 مشاركات
رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دانبو ...بقايا مشاعر (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          وأذاب الندى صقيع أوتاري *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          و آن أوان قطافك * مميزة **مكتملة* (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          العشيقة البريئة(82)للكاتبة كارول موتيمور(الجزء الثالث من سلسلة لعنة جامبرلي) كاملـــه (الكاتـب : *ايمي* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-02-18, 08:47 PM   #731

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعد مساكم وشكرا لكل من سأل عني
ترقبوا نزول الفصل الأخير



دنيازادة غير متواجد حالياً  
التوقيع


❤ مواويل الوجد ❤ https://www.rewity.com/forum/t486242.html

هيمنة الصولجان ج٢سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t436486.html
توجان الشركسيةج١سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t393647.html
كوابيس قلب وإرهاب حب مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/forum/t285859.html
هلوســات مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/vb/t214816.html
زمــن الفــرح مميزة https://www.rewity.com/vb/t293352.html
رد مع اقتباس
قديم 26-02-18, 11:34 PM   #732

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



الفصل العشرون والأخير


في جوف الليل استيقظت دينا على ألحان موسيقية، تململت بانزعاج من الصوت المنبعث والمتصاعد بعلو شيئا فشيئا، لم يكن مصدر النغمات ألا هاتف زويا الذي تركته فوق المنضدة بين سريريهما، رفعت رأسها قليلا وألقت نظرة عابرة بعينيها الناعستان لشاشة المضيئة، رفرفت رموشها متفاجئة حين أبصرت الاسم المخزن بالجهاز..

تساءلت عن السر الذي تخبئة وتخفيه زويا في قلبها لتختار وتخصص لشريف شهاب على هاتفها نغمة أغنية فيروز (شايف البحر شو كبير كبر البحر بحبك.. شايف السما شو بعيده بعد السما بحبك).

كانت الساعة تشير إلى الثالثة والنصف فجرا فاستغربت دينا السبب الذي قد يجعل الشريف الضابط شهاب يتصل بإلحاح بهذا التوقيت!!..

ما استرعى دهشتها أكثر ان زويا لم تكن يوما ثقيلة بالنوم!!.. هي كالجدة توجان تتميز بكونها تغفو بعين نصف مفتوحة وتنتبه لأقل حركة وصوت مهما كان خافتا..
- زويا .. الشريف شهاب يتصل بكِ.

نادت عليها لكنها لم تستجيب وضلت متكورة تحت الأغطية دون ان تصدر عنها أي حركة أو أشارة!!..

فزت دينا سريعا بالعتمة وقد زحف التوتر لحنايا نفسها.. كررت النداء متوجسة:- حياة.. حياة .. الشريف شهاب يتصل..

هبت في فزع عن السرير، ضغطت فوق مفتاح الإنارة:- حياة بالتأكيد الشريف يريد التكلم معكِ لأمر ضروري غاية بالأهمية وألا لما يرن بشكل مستمر بلا توقف على هاتفك!!..


مشت حافية القدمين تقترب منها وصدى صوت الخوف بقلبها يتردد بجزع، مدت ذراعها وبيد مرتعشة أزاحت الغطاء وهالها ما رأته.. وجه زويا بدا باهتا باصفرار شديد، لم تكن هنالك قطرة دم في وجنتيها الشاحبتين..

أطلقت دينا صرخة هلع امتزجت مع صوت فيروز التي واصلت غنائها الشجي ( ما أصغر الدمعة أنا دمعة بدربك).. بتلقائية دينا أمسكت الهاتف النقال ترد بارتباك بحالة ارتياع:- حياة ..


انقطع صوتها بنشيج الغصات ولم تستطع التكلم.. انفجرت منابع الدمع من عينيها وأجهشت بالبكاء، سقط الهاتف أرضا من قوة ارتجاف يديها اللتان اندفعت تهز جسد زويا المتشنج وهي تنتحب بصرخات هستيرية..

على طرف الخط الأخر كان شهاب قد تقاذفته الهواجس بجنون..


استدعت العمة تيتيان الطبيب نارت الذي جاء على عجل من بيته راكضا تحت الثلوج المتساقطة بغزارة.. ما ان دلف إلى الغرفة خلع معطفه الثقيل القاتم الذي تراكمت فوق أكتافه ندف الثلج الأبيض، علقه فوق مشجب خشبي بمحاذاة الباب وأسرع يحمل حقيبته ليضعها فوق المنضدة الجانبية يفتحها متناولا منها السماعة الطبية..
كانت دينا ملتصقة بجانب زويا بالفراش تحتضنها بود وحنو وتضع على جبينها الكمادات الباردة لكن الحمى ضلت تستعير وتلهب الجسم الضعيف..

ما ان اقترب الطبيب نارت من حافة السرير لفحص المريضة حتى استوت دينا بجلستها وقامت في الحال.. أثناء مرورها التقطت بيديها معطفه الشتوي قائلة:- سأقوم بتنظيفه وتجفيفه.
التفت نارت نحوها معترضا :- لا أريد أن أتعبك.

رآها تنفي أي تعب بهز رأسها يمينا ويسارا فأضاف وهو يرمقها بلطف بعينيه الساحرة:- شكرا .
تمتمت بصوت خافت بالكاد يسمع:- العفو.

استدار محاولا ان يركز اهتمامه على عمله عندما انبرت العمة تيتيان قائلة :- ضغطها هابط وأنفاسها بطيئة جدا.

بسرعة غادرت دينا الغرفة بقلب منتفض، أقفلت الباب ورائها واستندت عليه تضم المعطف لصدرها تعتصره بيديها متنشقه بعمق وهيام عطر نارت الأخاذ.


***************************


تحت الأضواء الخافتة في ركن منعزل بالصالون استلقت دينا فوق الأريكة شاردة بتأملاتها الحزينة.. أجفلت باضطراب عندما شاهدت الطبيب نارت يخرج من الغرفة، ثبت واقفا للحظات ثم تحرك بخطواته متجها أليها..
انتشلت نفسها لتصلح جلستها وترتب بجامتها الشتوية.. حين اقترب منها همت بالنهوض فبادرها يسألها:- هل قررتِ عدم محادثتي ومقاطعتي للأبد بجفاء مقيت؟..


تأملته من زاوية عينيها دون ان تنبس بحرف.. تابع وهو يدنو ليجلس بجوارها دون دعوة :- لماذا تفعلين هذا ؟..

من بين رموشها الكثيفة خطفت نظرات نحوه حين علق قائلا:- بتِ تهوين تعذيبي.

رفعت حاجبيها تعجبا وسألته: - ولماذا تتعذب؟!! أنت من أراد هذا.. أليس كذلك؟.


سحب نفسا عميقا وزفر بحرقة.. قال بحنق مكبوت:- دينا أنتِ تعرفيني جيدا.

نظرات عيناه تحولت تدريجياً إلى لوم وعتب، رفعت بصرها نحوه وأجابت على مضض: - نعم أعرفك أكثر مما تظن .

- فعلت الصواب وما فيه مصلحتك.

استنكرت :- ما زلت تصر على موقفك.

تأملها بسكون راصدا ملامحها:- لم يتغير شيئا.

همست بنعومة:- قد أكون صغيرة لكني حقا أحببتك بصدق.

عيناه تركزتا بعمق بعينيها لا تحيد وقد ارتسم فوق وجهه خليط غريب. قال: - امنحي نفسك الوقت لتتأكدي من حقيقة وثبات عواطفك.. قد تتغير مشاعرك مستقبلا، ربما تقابلي شابا بعمرك ومن جيلك يجعلك تكتشفي أن حبك لي كان مجرد وهم لمراهقة وما هو ألا أعجاب عابر.

استشاطت غضبا بانفعال واندفعت واقفة فالتقط يدها يستمهلها:- حديثنا لم يكتمل.


رنين جرس الباب والطرق المستمر بلا انقطاع بإلحاح شديد دفع العمة تيتيان بالمجيء سريعا من غرفة زويا متسائلة باستغراب عمن يكون الضيف المجهول الآتي لزيارتهم فجرا ويكاد يخلع الباب ليقتحم البيت..

افلت الطبيب نارت يد دينا التي هرولت باتجاه الباب لتفتحه شارحه:- بالتأكيد الشريف شهاب.. كان يتصل على هاتف زويا وهذا ما جعلني أصحو من نومي وانتبه لحالتها، حتما جاء ليطمئن عليها.


الجدة توجان سمعت وأصغت بصمت، خرجت من غرفتها تتكئ بثقل على عكازها في تلك اللحظة التي ولج بها الشريف شهاب إلى البيت بعاصفة قلق اجتاحت كيانه.. انهال عليهم بالأسئلة المبعثرة فيما راحت عيناه تشمل أنحاء المكان.. اخذ يدور بتخبط باحثا عنها..

وقف الجميع مسمرين يتبادلون النظرات مشدوهين.. وحدها الجدة توجان انبسطت قسماتها بارتياح.. رفعت عكازها وأشارت لشهاب لغرفة زويا فتركهم مندفعا أليها غير عابئ بافتضاح مشاعر فؤاده على الملأ.



يتبع >>>>>




دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-02-18, 11:36 PM   #733

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



زويا حالتها ازدادت سوءا بعد أصابتها بفيروس الأنفلونزا.. سقطت صريعة بوهن مرضها المناعي الذي ظهرت عوارضه واضحة أكثر يوما بعد يوم..

صوتها الذي كان يعلو ويصدح أصبح خافتا ضعيفا ألا أذا اشتدت عليها نوبات الألم فتصرخ كما لو أنها مطعونة للتو.. تتلوى وتتقلب فيهرع الطبيب نارت حاملا حقنته مغلقا الباب خلفه.. العيون ترقب بجزع وتميد قلوبهم بعويل ونحيب وهم يتصوروا أي ألم تشعر به زويا..
أدوية المضادات الحيوية والعقاقير الكثيفة لم تعد تأتي بأي فاعلية، أصبحت نحيلة جدا حد الهزل، حساسية طفح البقع الحمراء التي بانت جلية كما لو أنها حروق ملتهبة فوق جلدها تتضاعف وتتسع..

كان جسمها كله يتألم، ولم يعد أحد قادر على احتمال عذابها حين يلمحونها تعض شفتيها وتنقلب فوق الوسادة لتكتم صرخاتها وقد تصببت عرقا ودمعا وأهات، تحاول التغلب على الألم دون جدوى ..

بين ليل ونهار كانت تعي في صحوة خاطفة من إغماءة طويلة دون أن تنتبه لما يحدث لها بالضبط، لكنها كلما فتحت عينيها وجدت شهاب ماكثاً قربها يلمس جبينها ويجس حرارتها، يرتب الوسادة تحت رأسها ويحكم الأغطية من حولها، يربت على كتفها بلطف ويغمرها بالحنان لتشعر بالاطمئنان، يطعمها رغماً عنها بيديه.. يناجيها بوجع يمزق القلب :- حبيبتي أنا هنا معك.. لن أترككِ لوحدك.


__________________________________________________ __________________________


ساد صمت عميق أخذ امتداده، وجوه المتجمعين في غرفة الجدة توجان مغلقة بعد ما قاله شهاب لهم.. وحده صوت ساعة الحائط يتدفق لتعلن الثانية عشر ظهرا..

كرر شهاب بإصرار:- وجودها هنا خطير.

تيتيان اعتصرت يديها بتوتر:- حاولنا إقناعها بشتى الطرق لكنها ترفض السفر للخارج لأجراء العملية وإكمال العلاج بالمستشفى.

- الأمر ليس على خاطرها.. سأنقلها عنوة.

شهقت دينا وتيتيان معا مصدومتان :- عنوة !!!

رد بخشونة :- نعم عنوة .. للأسف يجب أن أتصرف معها بقسوة حتى تشفى .. يصعب عليي أن أراها في هذه الحالة تذوب وتتهاوى أمامي ولا أفعل شيئا من أجلها.


قالت دينا بغصة متحشرجة:- زويا ستكرهك إلى الأبد إذا فعلت شيئا غصبا عنها.


مسح بكفيه وجهه المهموم بكآبة:- حتى وان كرهتني بالطريقة التي سأتبعها.. الأمر يستوجب ذلك.. لا بأس فلتكرهني المهم أن تحيا وتعيش.

أردف بعد لحظات :- سأقوم باختطافها.

هتفوا مصعوقين بملامحهم الممتقعة المشدودة :- اختطافها!!! .

قال بحزم :- لا يمكن ان أتخلى عن حياة واتركها وحيدة في صراعها مع المرض.. أخشى أن أفقدها، سأموت بدونها..


كور قبضة يديه بانفعال وأضاف بصلابة مشددا بلفظه الكلمات: - سأخطفها للخارج دون معرفتها وسأدخلها عنوة للمستشفى لأجراء العملية غصبا عنها.. وليس هناك قوة على الأرض تستطيع إعاقتي عن تنفيذ ما أريده.


جلست تيتيان متهالكة فوق المقعد، نكست رأسها تضعه بين يديها..

استندت دينا ظهرها على الحائط وانسلت دموعها باكية بصمت.

همس لها نارت بنبرة مواسية:- لا تبكي .. اطمئني ستكون على ما يرام إذا سافرت واستكملت العلاج.

أردف بصوت مرتفع:- الشريف شهاب محق بما يقوله.. حياة عليها أجراء عملية زرع الخلايا الجذعية بأقرب وقت وألا...

ترك جملته معلقة بالمجهول الغامض..

أطبق صمت بليغ من جديد.. بعد حين طرقت الجدة توجان عكازها أرضا تسترعي الانتباه..
نطقت بحسم وقد تراكمت تجاعيد السنون حول فمها:-إذا كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لمساعدتها فليس أمامنا اختيار..


زفر شهاب بعمق متنفسا الصعداء مستبشرا بعد حصوله على موافقة الجدة التي تملك بالأديغة الخابزة الكلمة العليا.. دب فيه الحماس وهو يصرح قائلا:- نقلها للخارج ليس صعبا بالنسبة لي فأنا امتلك صلاحيات تمكني من تجاوز أي عراقيل أو تأخير.. سأقوم حالا بكافة اتصالاتي الخاصة لتجهيز وترتيب إجراءات السفر على متن أول طائرة تقلع إلى الولايات المتحدة..


استرسل :- سأسعى لإقناع حياة لمرة أخيرة طالبا منها الموافقة على السفر معي للعلاج لكن إذا ظلت متشبثة بعنادها مستمرة بالرفض في تعنت سأكون مضطر لتنفيذ الخطة البديلة باختطافها.
استدار مخاطبا الطبيب نارت:- لأتمكن من أخذها للمطار أحتاج الاستعانة بك طبيا حتى تعطيها حقنة منومة.. عندما تستعيد وعيها سنكون محلقين بالطائرة في السماء.


أومأ الطبيب نارت إيجابا وبهذا تم وضع المخططات والتدابير اللازمة.. هم شهاب بالبدء في التنفيذ ألا أن صوت طرقات عكاز الجدة توجان نبهتهم جميعا ليلتفتوا نحوها.. ولأول مره في حياتها التي ناهزت المئة عام قررت الجدة توجان استعمال حق المسنين مع أحفادها :- شريف شهاب أمنحك فعل ما تجده صوابا شرط ان يتم كل شيء ضمن الشريعة الإسلامية وأصول أديغتنا الخابزة.


بحلقت العيون بالجدة، أسهبت بهدوء:- أنا أثق بك أيها النشمي لكن ليطمئن قلبي أكثر عليك عقد قرانك على حياة قبل ان تخطفها وتسافر معك.. لم أكن سأطلب منك ذلك ألا لأني أعرف ما يعتمل بقلبيكما، أنت تحبها وكما علمت من أبيها قمت بزيارتهم وطلبتها رسميا أي أنك تريدها زوجة لك.. زويا أيضا وان تمنعت وأنكرت هي تميل لك وتبادلك المشاعر.

تنهدت بعمق تستفيض:- أخشى ان يحصل في لحظة غفلة دون ان تنتبها تواصل بينكما على غير الحق الشرعي وترتكبا المعصية وتقعان بالآثام وهذا والله لبلاء فيه عذاب في الدنيا والآخرة.. أفضل طريقة لدفع الفتنة والفاحشة ان تتزوجا بالحلال على سنة الله ورسوله.



************************************************** ************************************************** ************


بعيناها الغائرتان المتعبتان حدقت به بنظرات شك، بدا شهاب بلحيته التي طالت بالغ الحزن والتعاسة، همست بصوت مبحوح بإجهاد:- لماذا تريد الارتباط بإنسانة مثلي بأنوثة ناقصة وشبه ميتة؟!

- أنتِ بالنسبة لي كاملة مكتملة ولا اشعر بالنقص.

ببطء رفعت يداها المرتعشتان أمامه متمتمة بأنفاس متقطعة :- أنظر جيدا ألا ترى مابي من مرض وبشاعة!!..


- أنتِ بعيوني الأجمل والأحلى .. قابلتُ الكثيرات لكني لم أحس معهن بالارتياح أو بأي مشاعر كتلك التي تنتابني عندما أكون معكِ.

ابتلعت ريقها بصعوبة ومرارة :- طفر البقع الحمراء الملتهبة تمتد وتتسع بكامل أنحاء جسدي.

أجابها بروية:- كما شرح لي الطبيب نارت أنها اضطرابات حساسية نتيجة انخفاض إنتاج كريات الدم البيضاء بجسمك بسبب الخلل بالخلايا الذي أدى لتلف في نخاع العظم.. هذه آثار مؤقتة ستتعافي منها وتزول مع مرور الوقت.

أضاف : - مفهوم الزواج عندي ليس ضيق لأحصره شكلا فقط.. أنوثتك بعطفك ورقة إنسانيتك.. وحدك يا حياة تثيريني وتجذبيني بعفويتك بحضورك بقناعاتك بمناقشاتك بصدقك باعتزازك وكبرياء بنفسك.


بصوت ناعس تمتمت:- أنا لن استطيع منحك شيئا؟!!

مال ناحيتها معبرا :- يكفيني أن تقبلي بي زوجا وتمنحيني نعمة البقاء قربك.

أربكها بإلحاحه: - أنت أمامك كل الحياة.

جذبها صوته العميق الدافئ الذي أنساب ليبوح بأنفاس متلاحقة: - أنتِ الحياة.. أنتِ الأكسجين الذي أتنفسه.. أنتِ قلبي.. أنتِ الحلم الذي أتمناه.. حياة هل تسمعيني؟.. أنا أحبك .. حبك بالنسبة لي السعادة الوحيدة التي عرفتها وعشتها.

سرقتها الرقة واللهفة الواضحة التي غمرت اعترافات قلبه.. أحست زويا بشعور دافق بلهفة الحب تتملكها وبلا أرادة مدت أصابعها تمسك بيده تلمسها بألفة وتستمد منه القوة.




يتبع >>>>>>>




دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-02-18, 11:39 PM   #734

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



الشمس انحدرت بسرعة نحو المغيب.. الغيوم غطت السماء بكثافة منذرة بهطول أمطار الخير..
عند المساء حضر الشريف طلال ومعه وفد جاهة رجال من وجهاء الكبار يرافقهم كاتب العدل إلى بيت الجدة توجان وكان في استقبالهم المختار والعم تامبر وبعض من أفراد العائلة.. قاموا بصب القهوة وتوزيعها على الضيوف ليتم كل شيء ببساطة وسلاسة بلا تعقيدات وبهدوء تام بدون أي مظاهر للبهرجة..


في غرفة زويا تجمعن النسوة بصمت.. وحدها زوجة أبيها لدينا بعيناها الصفراء الضيقة بحلقت بما حولها بازدراء واشمئزاز.. ارتعدت قرفا لمنظر الطفح الجلدي الملتهب كالحروق في وجه زويا التي جلست في سريرها متدثرة بالأغطية حتى عنقها وقد أغمضت جفنيها بإعياء متكئة برأسها فوق كتف العمة تيتيان.

زمت شفتيها وعلقت باستهزاء ولؤم ساخرة كعادتها:- نحن في فرح أم مأتم؟..

تضايقت ممتعضة عندما لم يعيروها اهتماما ولم يجيبها أحد، واصلت استفزازها الخبيث تزيد من جرعة الإيذاء علها تصل لنتيجة ترضي روح سوداويتها الحقودة لتتسلى بتلفيق أحاديث ثرثرة الشائعات.. لوت فمها وأردفت :- من دون حسناوات البلد كلهن أبن البشاوات الأشراف يختار هذه العليلة الهزيلة لتصبح زوجته!!.. هل سحرته فأصابه العمى ولم تقشع عيناه؟..

أكملت بصوت خافت:- حظ .. يعطي الحلق لمن ليس له أذان.

كل الحاضرات كظموا غيظهن وتصرفوا كأنهن لم يسمعن التعليقات الساخرة الكيدية لتلك اللئيمة كي لا تنال مرادها فيدخلوا معها بمشادات كلامية تعلو فيها أصواتهن بصخب يصل لمجلس الرجال ويفسدن كتب الكتاب..


طرقت الجدة توجان عكازها فوق الأرض ثلاث مرات متتالية:- استغفر الله العظيم.



**************************************


دينا تسمرت بالممر دون أي حركة مختبئة وراء شجرة الزينة تتلصص على مجلس الرجال تتابع الحدث عن كثب.. بين فينة وأخرى تنحني لتختلس النظر لطبيب نارت، شاهدته قرب شهاب يوقع على العقد، أطلقت تنهيدة وتمنت لو يتحقق حلم قلبها..

زويا رغم شحوبها وذبولها لكن عينيها تألقت والتمعت عندما هرعت دينا مسرعة لتطل من الباب ببشاشة مصفقة بيديها بحماس وهي تزف لهم الخبر اليقين وتنشره بفرح صوتها الناعم الرقيق:- تم عقد القران.. كتبوا الكتاب..

اندفعت بسعادة نحو زويا تغمرها بلطف تبارك لها ثم أخذت تدندن بأنشودة أديغييه بصوتها الصافي النقي، حملت بيديها منديلان راحت تلوح بهما وتتمايل بليونة وخفة فائقة في وسط الغرفة.. بخطواتها الراقصة الجميلة وحركاتها الرشيقة الرائعة بعثت البهجة بالنفوس الحزينة الكئيبة فاستطاعت ان ترسم الابتسامة على محيا الوجوه ليشاركنها النشيد والتصفيق..


حين أتى شهاب للقائها كانت زويا مستلقية فوق السرير ممددة تطلق العنان لضحكاتها العذبة.. وقف بقيافته الفاخرة بأناقة عند الباب مبتسما يتأمل روعة تلك الضحكات التي لا مثيل لجمالها.. بدت مرهقة لكثرة ما أضحكتها دينا التي ما ان لمحته غمزت لها بعينها ثم استدارت لتتركهما ينفردا معا لوحدهما وانصرفت مغلقة الباب ورائها.

أسرع شهاب ليندس قرب زويا. سألها بحرص واهتمام بالغ:- هل تعبتِ؟

أجابت وهي ترفع وجهها نحوه : - لا .

همس بلهجة مفعمة بالشغف:- عندما تنظرين لي يكون بعينيك شعاع مضيء أعشقه.

ترك أصابع يده اليمنى تتخلل شعراتها يداعب خصلاتها ويستنشقها بعمق قائلا:- عندما تتماثلين لشفاء سنقيم حفل زواج ضخم أسطوري ونقضي شهر العسل في ايطاليا وباريس، هناك سنحضر عروض الأزياء ونتجول بالأسواق لتشتري كل ما ترغبين.

عبست زويا :- ألا تظن أن كل هذا إسراف بالبذخ ويعتبر هدر لمبالغ طائلة من الأموال!!

– أريدك أن تكوني سعيدة.

- سأكون أكثر سعادة إذا ساهمنا بالمال للمساعدات الإنسانية.. لندعم منظمة أطباء بلا حدود، هم بحاجة للمعونات المادية لعمل عيادات جراحية متنقلة للحالات الطارئة توفر الرعاية والخدمات الطبية للمرضى في الأماكن المنكوبة بويلات الحروب.

أومأ إيجابا:- دائما تفكري بغيرك.. ما أروع قلبك يا حياة.

علت ابتسامة عريضة على وجهه ومد أصابع يده اليسرى يتلمس عنقها ليمسك بالسنسال الذي أهداها إياه، ضغط فوق القلب الذهبي فإذا به فجأة ينفتح وينكشف ما يحتوي بداخله..

شهقت زويا ذاهلة لا تصدق ما تراه عيناها.. كانت ترتدي سنسال القلب دوما كما وعدت شهاب لكن أبدا لم تتوقع ولم يخطر ببالها أنه خبأ به خاتما ناعما بديعا مرصع بحجر ياقوت، التقطه قائلا:- حلمتُ كثيرا بهذه اللحظة.

بحنو رفع يدها وألبسها الخاتم ببطء شديد:- يا ألهي كم أعشقك.. لا من أنثى غيرك احتلت قلبي.

أرخت زويا رموشها بحياء حين سألها:- ألن تعترفي بحبك لي؟

شعر بها تحاول إخفاء وجهها بخجل فأضاف :- إذا كنتِ لا تحبيني كما أحبك الآن فستحبينني لاحقا مثلما أحبك ويكون بيننا أحاسيس جياشة متبادلة ومشتركة.


ازدردت ريقها الجاف وبللت شفتيها تهمس برقة:- لو لم أحبك ما كنتُ قبلت الزواج.. أنت تعلم أن لا قوة تقدر على أرغامي بفعل ما لا أريده.

تصلب شهاب لبرهة، تجهم بملامح مرتبكة.. ألقى نظره خاطفة على ساعة معصمه، الوقت يمر ويقترب من موعد أقلاع الطائرة.. تنحنح وحاول أقناعها: - حياة يجب ان تكملي رحلة العلاج.

- أنت تعرف أني اتخذتُ قراري.

- تمسكك بقرار خاطئ اكبر ظلم توقعيه بحق نفسك.

بأنفاس مضطربة وبنبرة صوت منخفضة قالت بتعب : - فكرة أيلام إنسان بإخضاعه لعملية سحب دمائه وانتزاع خلاياه الجذعية من أجل زرعها بجسمي تلك قسوة بالغة ليس بمقدوري تحملها بتاتا.


سألها لمرة أخيرة: - ألن تقتنعي؟..

ببطء أشاحت زويا وجهها تشعر بالإنهاك واستنزاف طاقتها، مفعول أدوية المسكنات زالت وقد بدأت تداهمها نوبة وجع كطعنات حادة من سكاكين الألم..


تقلصت عضلات وجه شهاب، زفر بعمق مدركا أنه لم يبقى أمامه ألا الخطة البديلة لقد رتب كل شيء كما يلزم بدقه وإتقان.

بقسمات ملامحه الجادة أنحنى ليحتويها بذراعية قائلا بصوت أجش:- حياة هناك أمر يجب ان أفعله وكل ما أطلبه منكِ ان تثقي بي.

ابتعد عنها مرغما، نهض عن السرير واتجه إلى الباب يفتحه..

دخلت دينا وتبعها كل من العمة تيتيان والطبيب نارت ليتحلقوا حول سرير زويا التي رغم ما تكابده من أوجاع تنبهت بفطنتها وحدسها ان شيئا غريبا يحاك من حولها..

عندما رأت الجدة توجان تلج الغرفة تطرق الأرض بعكازها سألتهم متوجسة بعلامات استفهام:- لماذا أشعر وكأنكم تخططون لمؤامرة؟!.


كان الطبيب نارت يحقنها بإبرة المنوم بذراعها عندما أجابتها الجدة توجان:- فدتكِ روحي يا حياة.. كوني مطيعة لزوجك ولا تعاندي كثيرا.


أبصرت بغبش عينيها شهاب يقترب منها هامسا بدفء ورقة بأذنها:- تذكري ان كل ما يحصل ويحدث أفعله لأجلك ولأنني أحبك.

أحسست زويا بثقل في لسانها.. شعرت به يحملها بخفة بين ذراعية القويتين، أسندت رأسها الدائخ فوق صدره العريض.. ارتخت أجفانها تغمض عينيها وهامت تطفو في قلب غيمة لا حدود لها..
همست العمة تيتيان لشهاب:- ليكن الله في عونك عندما تصحو.


نقلها إلى السيارة ووضعها برفق في المقعد الأمامي ثم استدار ليجلس وراء المقود قائلا:- سأتصل بكم وأطمئنكم.

ردت الجدة توجان:- ليحفظكما الله برعايته.

بقيت تيتيان تراقب السيارة حتى غابت بعتمة ليل الطريق:- لا أتخيل ما قد تكون رد فعل زويا حين تستيقظ لتكتشف أن شهاب اختطفها بالطائرة وسيخضعها للعلاج عنوة.


وافقتها دينا:- نعم شهاب يفعل ذلك لمصلحتها لينقذ حياتها لكنه هكذا جازف بحبهما كثيرا.. أنا أعرف جيدا طريقة تفكير زويا، مهما كانت نواياه حسنة لأجلها ستعتبر أنه استغفلها وخدعها، كذب مستغلا ثقتها به وفرض عليها ما لا تريده.. أبدا لن تسامحه وتغفر له.. ستكرهه إلى الأبد.



يتبع >>>>>>>





دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-02-18, 11:41 PM   #735

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي





كانت تصعد الطريق المتعرج عندما صادفته يغادر بيته، ناداها الطبيب نارت فلم تجيبه لكن عاد وكرر النداء بأسمها وكأن صوته يأتي من قلبه : - دينا.

ثبتت واقفة تشعر بابتهاج غريب يتغلغل في مسامها بلذة لطريقة نطقه حروف أسمها ..تنهدت برقة.. لم تكن تدرك أن أسمها بهذا الجمال والروعة.. كم تمنت لو ردت عليه:- يا روح قلب دينا.

لكنها بدلا من ذلك حاولت أن تسكب بصوتها كل برود ظاهري وهي تقول باقتضاب: - اسفة.. اعذرني مستعجلة.

- يجب أن نتحدث.

استغربت بحيرة إصراره الغريب ألا أنها أجابت تخاطبه في أسلوب رسمي جاف:- طبيب نارت لا أملك الوقت مشغولة جدا.

استأذنت بالانصراف بطريقة لا تخلو من التعالي.. لمحت الخيبة في تعابيره وكأن كلماتها الباردة شديدة اللهجة وعنجهيتها أوجعته كثيرا.. أكملت توضح بحدة أقل ولطف أكثر:- لدي محاضرات بالجامعة ولقد تأخرت بما فيه الكفاية.

- حسنا.. أنا أيضا ذاهب إلى مستشفى الجامعة، سأوصلك بطريقي إلى كلية الطب.

لم تستطع الاعتراض.. أومأت موافقة فتوجه بكل رقي وتهذيب ليفتح باب السيارة الأمامي لتصعد وتجلس قربه.

انطلق نارت يقود السيارة في الشوارع المزدحمة وأزمة السير الخانقة.. التزما الصمت، انتابها الفضول بشدة لمعرفة ما يود التحدث به معها لكنها لم تسأل..

عندما توقفا أمام أشارة المرور فاجئها مصرحا:- أردتُ توديعك.

كشرت ملامحها وتمتمت شفتيها دون صوت:- تودعني!!

أستطرد بحزن :- لا أريد السفر وأنتِ مستاءة.. قد تمر سنوات قبل أن نلتقي من جديد.. وربما لا نلتقي الا في عالم آخر..

هبت تلتفت إليه بانفعال تسأله بفزع:- لما تقول ذلك ؟!

أجابها مقطبا حاجبيه:- كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أن أحداث الأزمة تتفاقم .

ردت ببساطه دون وعي:- أنت لست مضطر الذهاب إلى دمشق.

قاطعها بحزم :- مهمتي كطبيب يحتم علي أن أكون هناك في خدمة الجرحى والمصابين.. هذا واجبي الإنساني.

التف بالسيارة باتجاه اليمين يعبر بوابة الجامعة .. كان الحرم الجامعي يعج بالطلبة الناشطين وأصواتهم الهادرة عاليا تطالب الزملاء بالتجمع من أجل الاعتصام السلمي أمام برج الساعة قرب البوابة الرئيسية..

عندما اقتربت السيارة من حشود المتظاهرين قالت دينا:- لو زويا هنا لشاهدناها تقف في مقدمة المنظمين المشاركين ضمن حملة رفع الحصار عن قطاع غزة، لكانت حملت يافطة كبيرة وهتفت بقوة تطالب بطرد سفير الكيان الصهيوني الغاصب .

أكمل نارت قيادة السيارة متجاوزا المسار ليتوقف أمام مبنى كلية الطب.. نفس المكان الذي تخرج منه قبل عشر سنوات.. نظر إليها مطولا كمن يشبع عيناه منها ثم همس: - أرجو ان تسامحيني على ما سببته لك من أذى لمشاعرك المرهفة لكن صدقيني في المستقبل ستعرفين أنني فعلت الصواب من أجلك.. إذا ما حدث لي شيء أتمنى أن تذكريني بالخير.


التزمت دينا الصمت تتمالك أعصابها كي لا تنفجر كعادتها بالبكاء، عليها ان تتماسك وتتصرف بنضوج أمام معترك الصدمات..

فتحت باب السيارة ونزلت بهدوء.. قبل أن يغادر نارت انحنت بوجهها نحو النافذة وقالت بسرعة: - تلك ليست النهاية يا نارت.. أنا لا أقبل بها.. لا أزال أشعر بان قصتنا لم تكتمل والقدر يخبئ لنا مفاجآت.. قلبي يقول لي أننا سنكون على موعد ونلتقي من جديد.. أن لم تستطع المجيء إلى عمان سآتي أليك لنجتمع هناك في شامة الدنيا دمشق.



__________________________________________________ ______________________________


عمان في ربيع 2012م


منذُ الصباح الباكر الفضائيات والقنوات الأخبارية تعرض تقارير مباشرة من مخيمات اللجوء الحدودية.. أعلنوا عن وصول قافلة نازحين جديدة ينتظرون في العراء بحثا عن مأوى.

على شاشه التلفاز أجرت المذيعة حوار مع أم ثكلى وهي تحكي كيف احتلت العصابات المسلحة قريتهم، استطاعت الهرب مع أبنائها الصغار عبر الجبال والوديان.. تابعت تروي محنتها لا مبالية بأن يستمع لها أحد أو لا يستمع، بدت وكأنها تحارب الموت في معركة شرسة تدور أمام عينيها حيث النيران تلتهم الأجساد وتنتشر رائحة لحم الإنسان المشوي.. أنها حرب جنونية لصراع البقاء للأقوى، لهذا قررت الفرار في درب الخطر بذعرها المتوقد أملاُ بالنجاة.. وصلت الحدود عند الفجر مع أطفالها بأقدام متورمة بشكل مريع وثياب مهلهلة.. النازحة تركت المذيعة واتجهت سريعا مع العشرات نحو حافلة أتت محملة بمؤن الطعام والشراب، اختفت المرأة في خضم بشري متلاطم تدب في كيانه رعشة الجوع، عشرات الأيادي المتزاحمة ارتفعت للأعلى لتلتقط رغيف خبز..


أغلقت العمة تيتيان هاتفها وقد ارتسمت على محياها معالم الفزع الحاد، سألتها الجدة توجان :- كيف حال أهلنا وأقاربنا في سوريا؟..

ردت بأسى وحزن: - المعلومات الواردة غير مطمئنة.. الأوضاع تزداد خطورة.. مرج السلطان في غوطة دمشق تتعرض وتشهد الآن قصف طيراني عنيف لا يرحم بأسلحة ثقيلة.. المنطقة كلها تحولت إلى ساحة اشتباكات وحرب شرسة بين النظام والإرهابيين المسلحين والكتائب الثورية، كل الأطراف يتنافسون من أجل السيطرة .


دينا ارتخت ساقيها ولم تعد تحملانها، انهارت جالسة بضعف تتخيل نارت ضمن طاقم الأطباء المتوجهين بسيارات الإسعاف إلى المناطق المنكوبة لعملية إغاثة وإنفاذ المصابين والجرحى وأولئك العالقين تحت أنقاض الركام .. تمنت لو كانت معه بقربه لتشاركه تقديم العون والمساعدة .. لسانها لهج بالدعاء:- اللهم أني استودعتك كل من في قلبي.


تحركت تيتيان بتوتر :- أهلنا وأقربائنا هناك مضطرين لنزوح وعلينا أن نعمل معا لنؤمن لهم أماكن ليقيموا بها في حال قرروا اللجوء إلى عمان.

هتفت دينا تقترح: - إذا اضطررنا نتقاسم معهم بيوتنا.

الجدة توجان أطلقت آهات ممطوطة وانبرت بلوعة : - تاريخ أجدادنا يعاد بالحاضر.. بؤس وشقاء ونزف أوجاع لا تنتهي.. دمار ونزوح وشتات.. حرب وموت وخراب ديار.. وطن مشرد في حقائب.. رحمتك يا الله..



نهاية الفصل العشرون والأخير

الخاتمة قريبا ان شاء الله
أرجو ان لا تبخلوا بآرائكم وتعليقاتكم وتفاعلكم ..









دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-02-18, 11:47 PM   #736

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي



شكرا لحضوركم غمرتوني بلطفكم 😍💞
اتمنى الفصل والاحداث تنال اعجابكم قراءة ممتعة
لا تنسوا كتابة تعليقاتكم فأنا بانتظارها وعليها أقرر تنزيل الخاتمة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 6 والزوار 2)
‏دنيازادة, ‏وردة شقى, ‏أسـتـر, ‏حنان الرزقي, ‏تالا الاموره, ‏كلمات لك




دنيازادة غير متواجد حالياً  
التوقيع


❤ مواويل الوجد ❤ https://www.rewity.com/forum/t486242.html

هيمنة الصولجان ج٢سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t436486.html
توجان الشركسيةج١سلسلة أحباب الروح مكتملةومميزة https://www.rewity.com/forum/t393647.html
كوابيس قلب وإرهاب حب مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/forum/t285859.html
هلوســات مكتملة ومميزة https://www.rewity.com/vb/t214816.html
زمــن الفــرح مميزة https://www.rewity.com/vb/t293352.html
رد مع اقتباس
قديم 27-02-18, 01:26 AM   #737

تالا الاموره

? العضوٌ??? » 320247
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,197
?  نُقآطِيْ » تالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond repute
افتراضي

سلمت اناملك يامبدعه
اولا: الحمد لله ع سلامتك ياسكر، قلقت على تاخرك، خاصة وانا اعتدنا ع التزامك

ثانيا: شهاب اثبت بجداره حبه الصادق لزويا، لكن هل ستغفر له اختطافها، ارى انه فعل الصواب، خاصة ان المتبرع هو شهاب نفسه اي انه راض تمام الرضا، اتمنى انها ماتبعد عن شهاب عند تماثلها للشفاء.

نارت مازال مصر ع موقفه، لكن كلامه لها عن اختبار مشاعرها عين الصواب، لانه ناصج ، ويخاف ان تكون مشاعرها مشاعر مراهقه تتغير مع الزمن

سلمت اناملك يامبدعه في انتظار الخاتمه بفارغ الصبر ❤❤❤


تالا الاموره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-18, 01:38 AM   #738

moujah Alhumaidi

? العضوٌ??? » 382829
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 622
?  نُقآطِيْ » moujah Alhumaidi is on a distinguished road
افتراضي

روعه شكرا، منتظرين الخاتمه شكرا: الأيائل:: الأيائل:: الأيائل:: الأيائل:: الأيائل:: الأيائل:: الأيائل:

moujah Alhumaidi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-18, 01:39 AM   #739

moujah Alhumaidi

? العضوٌ??? » 382829
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 622
?  نُقآطِيْ » moujah Alhumaidi is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته روعه شكرا، منتظرين الخاتنمة شكرا

moujah Alhumaidi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-18, 01:58 AM   #740

حنان الرزقي

? العضوٌ??? » 315226
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 754
?  نُقآطِيْ » حنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond repute
افتراضي

صحيح أنني لااحب الاحداث المرتبطة بالحروب لكنّي تحملت في سبيل رغبتي في معرفة عالم الشركس من خلال الرواية ككل نحن الان بانتظار ماسيحصل لزويا لكن شهاب سيتحمل منها كل شيء مادامت ستظل على قيد الحياة اما نارت انتظر لقاءه بدينا قريبا
شكرا لك بانتظارك


حنان الرزقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:11 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.