آخر 10 مشاركات
246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          رواية أسمعُ عواء الهوى (الكاتـب : روز علي - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جواهــــــــر(1) *مميزة و مكتملة * .. سلسلة البَتلَاتْ الموءوُدة (الكاتـب : البَتلَاتْ الموءوُدة - )           »          رواية ****أبعد من الشمس *** (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-17, 12:29 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 480- أسيرته مدى الحياة -شانيتل شاو -(كتابة /كاملة )







روايات احلام
480- اسيرته مدى الحياة - شانتيل شاو
الملخص
إنه يريد استرجاعها لصالح طفلهما.
أجبرت أميلي فيلون على ترك زوجها منذ عام، كان الشغف الوجود بينهما صاعقاً،
لكنها لم تعد قادرة على البقاء مع رجل لا يحبها ، خصوصاً حين اكتشف انها حامل.
اما الآن فقد عاد لوك ليطالب برؤية ابنه، ستعود أميلي الى قصره حتى تلعب دور الأم
والزوجة.
إنها محتجزة في القصر ، وعليها ان تتأقلم مع وجودها الى جانب زوجها الوسيم، بالرغم
من تصاعد التوتر وفي نفس الوقت الانجذاب بينهما ، إلا أن شكوكها حيال سكرتيريته
الخاصة وحيال ماضيه تزداد يوماً بعد يوم ، على إميلي أن تكتشف سر لوك الحقيقي ،
إن أرادت ان تعرف الحقيقة فعلاً، وتستعيد. ثقته لأجل نفسها ولأجل ابنها



:qatarw_com_52228917

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


الرواية منقولة شكرا لمن كتبها

ندى تدى likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:24 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

التمهيد
شهر آب.
قالت ساره داير بهشاشة :
- بالطبع ، نحن لم نقم برشوة جان لوك لكي يتزوجك! مع انني أقر بأننا قدمنا له بعض
الحوافز المادية.
- آه ، ياإلهي!.
استدارت إميلي مبتعدة عن والدتها ، بينما غمرتها موجة من الغثيان.
اعتادت ساره قضاء بضعة اسابيع خلال الصيف مع اصدقائها في هامبستيد، وبالرغم من
ان الأم وابنتها ليستا مقريبتين تماماً من بعضهما ، إلا أن ساره هي أول شخص تلجأ إليه
إميلي عند الحاجة، لكن عوضاً عن التعاطف معها، قامت سارة عن غير قصد بدق
المسمار الأخير في نعش زواج إميلي.
- حبيبتي ! عليك ان تفهمي ان جان لوك فايلون ليس كبقية الرجال.
لايمكن للمرء ان يجمع ثروة تقدر بعدة ملايين من الجنيهات من دون ان يكون لديه أثر
من القساوة في القلب، زوجك هو قبل كل شيء رجل اعمال.
غمغمت إميلي بكآبة:
- أعلم.
هي ليست بحاجة الى من يذكرها بتكريس لوك نفسه لعمله، لكنها مستعدة لتحمل
رحلات العمل المضنية والساعات الطويلة التي يمضيها وحده في مكتبه، لو شعرت ان
هنالك أي أمل بأن يحبها.
تابعت سارة كلامها بعد ان القت نظرة اخرى الى وجه ابنتها الشاحب، قائلة:
- المشكلة ياإميلي هي أنك رومنسية، لعل جان لوك يقيم علاقة غرامية عابرة مع
مساعدته الشخصية ، وهذا أمر عادي ،لكنك زوجة، فترة الحمل تشكل ضغطاً هائلاً
على الزوجين.
--------------------------------
أضافت سارة جملتها الأخيرة ، وهي تنظر الى بطن إميلي المنتفخ ، ثم تابعت:
- بصراحة اتصور ان زوجك رجل عفيف جداً، حالما يولد الطفل سوف يعود كل شيء
الى طبيعته، سترين!.
لكن ماالذي يمكن ان يعتبر امراً عادياً؟ تساءلت إميلي بوهن، فيما مشت متعبة عبر
المتنزه، بعدما طمأنت والدتها بأنها لن تقدم على أي خطوة متسرعة.
ادركت إميلي بعد زواجها مباشرة ان دورها في حياة لوك ينحصر بغرفة النوم فقط،
الشكل الوحيد للتواصل بينهما كان من خلال الجاذبية الحادة التي تولدت بينهما منذ
اللحظة الأولى للقائهما، جعلهما شغفهما متقاربين، لكهنما من دونه لا يمتلكان أي شيء
مشترك.
كان المنتزه مكتظاً بالناس، والهواء يطن بضحكات الأطفال ، حيث استغلت العائلات
اشعة شمس أواخر الصيف، راقبت إميلي رجلاً يلعب بطائرة ورقية مع صبي صغير ،
فطرأ شيء ماعلى ذهنها ، اطلقت انيناً خافتاَ ،وبسرعة غطت فمها بيديها ، لا
يمكنها ان اتنهار الآن...ليس هنا.. لكن رجليها استسلمتا فتهاوت على احد المقاعد،
فيما واجهت حقيقة ان ابنها لن تتاح له الفرصة ابداً لقضاء وقت ممتع مع والده كهذا
الصبي.
فكرت إميلي بائسة ان بمقدروها البقاء من اجل الطفل الذي تحمله في احشائها، يمكنها
ان تتغافل عن حقيقة ان زوجها كاذب وغير وفي، لكن جان لوك لم يرغب بطفلهما تماماً
كما لم ترغب هي به، نظرات الرعب التي ارتسمت على وجهه عندما علم بحملها
مازالت تطاردها، اما برودته تجاهها منذ ذلك الحين، فدعمت اعتقادها بأنه يعتبر
زواجهما مجرد غلطة ارتكبها.
تساءلت ببؤس منذ متى بدأت علاقته الغرامية مع مساعدته تلك؟ عملت روبين بلايك
عنده لسنوات ومنذ البداية، لم تفوت أية فرصة كي تؤكد على العلاقة المميزة التي
تتشارك فيها مع لوك، المشكلة هي أنها أرملة شقيقه، وليست مجرد فرد من طاقم
الموظفين لديه، حاولت إميلي كبت مشاعر الغيرة، لكنها الآن حصلت على برهان قاطع
بأن روبين هي عشيقة لوك، لذا فإن إحساسها بالخيانة لم يعد يطاق.
جادلها صوت داخلي: ماذا بشأن طفلها؟
عندما أجرت اميلي الصورة الصوتية ، واكتشفت انها تحمل طفلاً، ظلل حماسها بؤس
كبير لعدم وجود لوك معها، لم يزعج نفسه حتى بالمجيء الى المستشفى من أجل رؤية
الصورة السحرية الصغيرة لطفلهما، اما هي فاضطرت الى مواجهة الحقيقة المعذبة انه
بكل بساطة لا يأبه، حتى لو اخبرته إميلي بأنها ستنجب صبياً، فذلك لن يحدث فرقاً
كبيراً في موقفه، راح يبتعد عنها اكثر فأكثر مع مرور الأيام ، أما لا مبالاته اللبقة
فعذبتها كثيراً، ربما من الافضل ان تتركه الآن، قبل ان يولد ابنها، وأن تغمر صغيرها
بحبها، بدلاً من تركه يعاني من الألم لدى إداركه بأن والده يمتلك كتلة من الجليد مكان
قلبه، تقبلت إميلي بوهن ان هجرها للوك سوف يفطر قلبها، لكن لو بقيت معه الان
فذلك سيقتلها، توجهت متعثرة نحو الطريق وهي تكبت نشيجها.
سألها سائق سيارة الأجرة بمرح:
- إلى أين ايتها الجميلة؟
احست إميلي أنها ممزقة بعدم قدرتها على اتخاذ القرار، فيما حام فوق شفتيها عنوان شقة
لوك في شيلسيا، لعل هنالك تفسيراً منطقياً لقضائه تلك الليلة مع روبين بعد عودته من
استراليا، بدلاً من العودة الى المزل .. إليها؟ لم تقو على صرف الصور التي عذبت ذهنها
بتخيلها للوك مع مساعدته الجميلة.
قالت لنفسها بوحشية إنه يجدر بها مواجهة الأمر، لقد انتهى زواجهما! فكرت ان لوك لم
يحبها قط، ولكي تكون منصفة، عليها الاعتراف بأنه لم يدع ذلك يوماً، اما اعتراف
والدتها لها بأن عرض لوك بالزواج منها كان جزءاً من صفقة مالية ذكية، فيؤكد حقيقة
انه لا يحبها.
اما هي فتحبه كثيراً... ربما اكثر من اللازم، إنه حياتها ودافعها للحياة، في تلك اللحظة،
احست بركلة صغيرة عازمة تدفع بطنها ، ذكرت إميلي نفسها بقسوة ان هنالك دافعاً
جديداً الآن ، لذا رفعت ذقنها، وأعطت السائق المنتظر عنوان شقة صديقتها لورا.
----------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:26 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1- أين المفر؟
بعد مرور عام: سان انطوانيا.
- هل انت واثقة من ان كل شيء بحوزتك؟ جوازات السفر، التذاكر، مفاتيح
الشقة...
ودعت إميلي صديقتها بمرح، وقالت :
- كل شيء على مايرام ، كفي عن القلق، لديكما يكفي لتقلقي بشأنه ، آه هاقد
وصلت العربة.
ضحكت إميلي وهي تتبع لورا الى الخارج نحو الباحة، كان المنزل الريفي في سان انطونيا
في مامضى ملجأ هادئاً لصديق لورا الحميم جو.
اقنع جو لورا بالانضمام اليه في اسبانيا ، حيث افتتحت مدرستها الخاصة لتعليم فن
الطهو، لاقى عملها نجاحاً فورياً ، فراحت تعد الطعام للسياح المتشوقين الى أخذ دروس
من طاهية مبتكرة حصلت على خبرتها من خلال عملها في مطعم لندني بارز.
شعرت إميلي بالسرور من اجل لورا، وأسعدها ان تتمكن من مساعدتها في تنظيم غرفة
الجلوس الخاصة بالضيوف، وترتيب خدمات الهامة، لكن الوقت حان كي تعود الى
إنكلترا.
- آمل ان تتدبري امرك جيداً.
غمغمت إميلي بذلك وهي تنضم الى صديقتها على الدرج الأمامي للمنزل ، وتراقب
اقتراب العربة، تابعت :
- قد اتغيب لبضعة شهور، ريثما يهتم المحامون بأمر الطلاق.
ردت لورا بعبوس:
- بحسب ماتعلمته من تجربتي المريرة، لعل من الأفضل ان احذرك بأن الأمر قد يستغرق
وقتاً طويلاً ، استغرقت قضية طلاقي مايزيد عن السنة، وكلفتني ثروة صغيرة من المال.
-------------------------------
قالت إميلي وهي تهز كتفيها:
- أنا لا اتوقع أية مشاكل، فلوك ليس أقل حماسة مني حتى ينهي زواجنا.
فكرت بكآبة ان هذا هو الواقع ، لاسيما إذا اخذت بعين الاعتبار الصورة الفوتوغرافية
الأخيرة التي نُشرت له في إحدى الصحف البريطانية التي تنشر الإشاعات، عندما رأت
مجدداً ملامحه السمراء الوسيمة، كاد قلبها يتوقف عن الخفقان ، شعرت إميلي بالصدمة
عندما اكتشفت التأثير الذي مازال لوك يتركه عليها، حتى بعد مرور عام على
انفصالهما، لكن رؤيتها لرفيقته روبين بلايك المذهلة الجمال، ساعدتها على اتخاذ قرارها
بإنهاء زواجهما المزيف، فكرت إميلي ان الوقت حان كي تضع الماضي خلفها، فهي ام
لطفل، وتمتلك عملاً جديداً خاصاً بها، كما ان لديها الحرية بأن تعيش حياتها بالشكل
الذي تختاره.
ذكرت نفسها بحدة انها تستمتع باستقلاليتها ، وأنها قاومت بشدة كي تعيد بناء ثقتها
بنفسها، والآن حان الوقت كي تقطع الروابط القانونية التي مازالت تعلقها بجان لوك
فايلون.
سألتها لورا:
- برأيك ، ماالذي ستشعرين به عندما ترين زوجك مجدداً؟.
- إذا حالفني الحظ، لن اضطر الى ذلك، انا لا اريد أي شيء منه لا سيما المال.
أضافت عبارتها الأخيرة بحدة، فعلقت لورا:
- يحق لك ان تطالبي بنفقة ملائمة لجان كلود، فلوك والده مهما يكن، ولن يضره
التمتع بجزء من ملايين آل فايلون.
صدت إميلي الاقتراح على الفور قائلة:
- لا! انا المسؤولية عن ابني، وسوف أوفر له كل مايحتاج اليه، لوك لم يرغب ابداً
بإنجاب طفل، حملي بجان كلود كان حدثاً عرضياً ، وأنا ارفض استخدامه كوسيلة
للكسب المادي، سوف أتدبر امري.
وعندما عبست لورا بقلق، اكدت لها:
- لن آخذ أي شيء من لوك.
بدا لها الأمر بأسره بسيطاً جداً، سوف تتصل بلوك من خلال فريق ثالث ، وإن عبر عن
أي اهتمام برؤية ابنه ، يمكن للمحامين ان يبلغوه بترتيبات التواصل معه بالإضافة الى
إجراءات الطلاق، لم تتوقع إميلي أية تعقيدات، لكن عندما نظرت الى حيث ينام جان
كلود في عربته، وهو محمي بمظلة تقيه من الشمس، غمرها إحساس بالتشاؤم، لاشيء
يتعلق بجان لوك فايلون يعتبر أمراً بسيطاً ، إنه رجل مليء بالاسرار، بالرغم من بقائهما
متزوجين لمدة سنتين، إلا انها لم تكن تعرفه حق المعرفة.
- وصل احدهم بوسيلة نقل فخمة.
قاطع صوت لورا افكار إميلي، فنظرت عبر الباحة الخارجية نحو سيارة الليموزين
السوداء التي مرت خلف العربة، تابعت لورا:
- آمل ان يفهموا بأن هذه الإجازة يتخللها بعض العمل، ليس لدي متسع من الوقت
كي ألاحق زوجة مليونير مدللة، لا تعرف كيفية سلق البيضة، حسناً ! سائق العربة جاهز
كي يقللك الى المطار.
أضافت لورا ذلك، فيما خطت الى الأمام لترحب بضيوفها، طبعت قبلة سريعة على خذ
إميلي قبل أن تقول:
- انتهى من تغريغ الأغراض الآن، لذلك يمكنك ان تعطيه امتعتك قبل ان تضطري الى
إزعاج جان كلود، اعتني بنفسك! سوف نحتفل بحياتك الجديدة كامرأة عزباء عندما
تعودين.
ألقت إميلي نظرة وجيزة نحو عربة الطفل، فوجدت ان جان كلود مايزال نائماً، لذا
قررت ان تدعه لبضع دقائق إضافية ، فيما توقم بتحميل خقائبها.
- كيف حالك إينزو؟
حيت إميلي سائق عربة الخيل الذي يقوم برحلات منتظمة بين سان انطونيا والمطار.
- مرحباً، سيدتي! تبدين جميلة اليوم.
استغرق الحديث حول عائلة إينزو خمس دقائق إضافية، وعندما عادت إميلي ونظرت الى
الوراء نحو عربة طفلها وجدتها فارغة.
-------------------------------
فكرت لابد ان لورا اخذت جان كلود الى داخل المنزل، واحست بوخزة من عدم
الارتياح، شيء ماجعلها تدير رأسها نحو السيارة المركونة في الناحية البعيدة من الباحة.
ظنت إميلي لبضع لحظات ان ماتراه خدعة بصرية سببها الضوء، او سراب سببه حر
منتصف النهار، لكن عندما رمشت عينيها ادركت ان ما تراه ليس وهماً، هذا الرجل
مذهل! فقوة كتفيه العريضتين البارزتين تبدو واضحة تحت سترته المتقنة التفصيل، حتى
إن ارتعاشة سرت في اعماقها.
بدا الهواء في الباحة الخارجية ساكناً، والجو حاراً ورطباً، لكنها لم تقو على كبت ارتعادة
في داخلها، بينما انتقلت نظراتها صعوداً نحو وجه الزائر، فتلاقت مع نظراته الرمادية
الباردة، بدت عيناه محجوبتين غامضتي التعابير، لكن القساوة المنبثقة من طبيعته المتعجرفة
صعقتها، فأطلقت صرخة، وهي تشعر بأن العالم يدور من حولها .
- لوك!.
جعلها الارتباك تغمض عينيها، كما لو انها بذلك تستطيع ان تتخلص من الرؤية غير
المرحب بها، لكن عندما فتحتهما مجدداً، وجدت انه مايزال واقفاً هناك، وكأنه اكبر من
الحياة نفسها، اتجهت يداها بسرعة نحو فمها لتكتم صرختها .
- ماالذي تفعله هنا؟ ماالذي تريده؟.
طالبته إميلي مرتعشة، فيما كادت الصدمة تسلبها صوتها ، ابتسم لوك كاشفاً عن اسنانه
، فذكرها بمنظر الذئب الذي يستعد لالتهام فريسته.
وبخها ساخراً بنعومة:
- حصلت للتو على ماجئت من اجله حبيبتي ، الخيار يعود اليك إن رغبت في الانضمام
إلينا أم لا.
حدقت اليه بارتباك، ثم سألته:
- إلينا ...؟ انا لا افهم.
راح ذهنها يتحرك ببلادة، احست ان انفاسها متقطعة وبأنها مرتبكة، بدأ قلبها يخبط
بقوة،وتطلب الأمر كل ذرة تمتلكها من الشجاعة كي ترفع نظرها الى وجهه، أقل مايمكن
ان يقال عنه، إنه يبدواكثر وسامة مما تتذكر، كما بدا اكثر صلابة ورشاقة من الرجل
الذي طاردها في احلامها بانتظام، النظر اليه أثار شعوراً غريباً في داخلها، اشبه بطعنة
سكين بين ضلوعها، اشاحت بنظرها بعيداً عنه ورمشت عينيها تحت وهج الشمس
المشعة بقوة.
وصول لوك الى المنزل الريفي امر لم تتوقعه إطلاقاً ، فلم تدر ما الذي عساها تفعله او
تقوله ، اخيراً قالت :
- كيف وجدتني؟.
ذكرها لوك ببرودة:
- انت راسلت مستشارك القانوني، وطلبت منه ان يباشر إجراءات الطلاق، لابد ان
اثني على السرعة التي اتصل فيها بمكتب المحاماة الخاص بي كي يحرك عجلة الامور.
تلعثمت إميلي وهي تقول :
- السيد كارمايكل تولى المسائل القانونية الخاصة بعائلة دابر لسنوات، وانا طلبت منه
ان يتكتم على مكان وجودي، لا اصدق انه اطلعك على تلك المعلومات.
غمغم لوك بصوت حريري:
- لا، لكن سكرتيرته الجميلة بدت اكثر مرونة، فدعواتي المتكررة لها الى العشاء اثمرت
فوائد جمة.
أضاف لوك عبارته الأخيرة بعذوبة ، اما اللمعان المفاجئ في عينيه فسبب لإميلي
الغثيان.
ردت إميلي بكلمات لاذعة، بينما راح الألم يتأكلها من الداخل:
- انا فعلاً لا اود معرفة التفاصيل القذرة لحياتك العاطفية، لكنني مازلت لا افهم لما انت
هنا.
تناهت الى انفها رائحة عطر مابعد الحلاقة المألموف الذي يفضله لوك، ما استدعى لديها
فيضاً الذكريات التي تمنت لو انها تبقى مدفونة، تابعت تقول بصلابة:
- افترض انك قرأت رسالتي التي تفسر للسيد كارمايكل بأنني سوف اعود الى لندن
كي اهتم بأمور الطلاق ، لِم لم تنتظرني هناك؟
استنشق لوك أنفاسه بحدة، وهو يحاول التحكم بالسخط الذي يجيش في داخله ، ثم قال
:
- امضيت حوالي السنة من الزمن وانا اتوق الى رؤية ولدي.
---------------------------------------
ضغط على اسنانه بوحشية، اما عيناه فبدتا باردتين وصلبتين، لذا ارتعدت إميلي حين
أدركت مدى غضبه، تصلب فك لوك بسبب التوتر حين قال:
- هل تتوقعين مني حقاً ان انتظر بلا مبالاة ، على امل ان تظهري؟ ألديك اية فكرة عن
شعوري حين علمت بواسطة رسالة ارسلها محاميك انني اصبحت اباً لطفل؟ قمت بإبلاغ
السيد كارمايكل، لكنك لم تتحلى باللباقة الكافية حتى تخبريني ان ابني قد ولد، لايمكنني
ان اغفر لك مطلقاً.
دافعت إميلي عن نفسها وقد حيرها غضبه ، فقالت :
- ماالذي كان يجدر بي ان افعله؟ لِم سأهرع اليك حتى اخبرك أنني ولدت ابننا ، في
حين انك كنت تعارض حملي به بشدة؟ اوضحت لي أنك لا تريد اياً منا لوك، فكيف
يمكنك ان تلومني على رغبتي بتربية جان كلود بين اشخاص يهتمون لأمره؟.
زمجر لوك باهتياج:
- إن كنت تظننين سأسمح لولدي ان يمضي سنواته الأولى في مجتمع للهيبيين فأنت واهمة
اكثر مما ظننت.حرمت من متابعة نمو ابني اثناء الشهور الأولى من حياته،وانا احملك
المسؤولية كاملة عن ذلك.. أنت ونظرياتك التافهة حول علاقتي الغرامية مع مساعدتي
الشخصية ، وأضع اللوم عليك وحدك، الغيرة ليست عاطفة جذابة حبيبتي.
راحت عيناه ترمقانها باحتقار، ثم تابع:
- سمحت لرغباتك الطفولية وتوقك الى نيل الاهتمام ان يطغيا على احكامك، لكن
الشخص الذي سوف يعاني من جراء ذلك هو ابننا، بأي حق تحرمينه من علاقته بي؟ من
الآن فصاعداً سوف يعرف بالضبط من هو والده.
قال لها لوك ذلك بحدة، فيما كانت نظراته تفيض بالمرارة.
- انا لن امنعك ابداً من رؤية جان كلود، إذا كان هذا ماتريده.
غمغمت إميلي بذلك فيما حاولت ان تتقبل الإدارك المذهل بأن لوك يريد ابنه حقاً،
فكرت بمرارة ان رؤيته لجسدها اثناء الحمل ولدت لديه نفوراً، اما الآن فيبدو انه بدل
رأيه بالأمر ، قالت:
- افترضت أنك لن ترغب بأن تكون لك أي علاقة به، لكنني مستعدة لأن اكون مرنة
حيال تدابير الحضانة، إذا كنت حقاً قد تخليت عن كراهيتك للأبوة.
- ياله من كرم من قبلك!.
جاءها صوت لوك مشبعاً بالسخرية والهزء، فاحمر وجه إميلي ، لطالما تمتع لوك بالمهارة
في جعلها تشعر وكأنها حقيرة ذليلة، لذا كانت إميلي تتراجع على الفور لدي إحساسها
بأقل تلميح للمواجهة، اما الان فرفعت ذقنها وحدقت به، فيما لعنت ردة فعل جسدها
اللاإرادية تجاهه، كيف يعقل انه مايزال يحدث تأثيراً كبيراً عليها، خصوصاً بعد كل ما
جعلها تمر به، وبعد الإذلال الذي أنزله بها؟ أقرت بكآبة ان حضوره غمرها وسيطر
عليها، منذ اللحظة الأولى التي وقعت فيها عيناها عليه .
هنالك شيء ما في وجهه وعظمتي خديه الجادتين وأنفه المعكوف قليلاً، يمنحه مظهراً
شبيهاً بالنسر، اما عيناه فتلتمعان تحت حاجبيه الاسودين الكثيفين، متيقظتين محاسبتين ،
من الصعب ان تصدق ان هاتين العيني تصبحان رقيقتين بلون الدخان مايجعلها تضعف
من فرط التوق اثناء اوقاتهما الحميمة.
عضت إميلي على شفتيها، كبتت شهقة كادت تخرج منها، إذ حل في عمق معدتها ألم
يدعو الى التساؤل ، أما هي فغرقت في مستنقع من مقت الذات، إذ ثارت في مخيلتها
صور لم ترغب في تذكرها الآن.
تساءلت لماذا تطل مشاعرها برأسها البشع في وقت كهذا، بينما ينظر لوك اليها بتفحص
مهين؟ بسرعة شبكت إميلي ذراعيها فوق صدرها فيما غمرها الشعور بالغثيان عندما
استقرت نظرات لوك عليها ولاحظت التواء شفته في استمتاع تهكمي.
تشدق قائلاً:
- لكن.. لطالما كنت كريمة معي في السرير، أليس كذلك إميلي؟.
أجابته إميلي بكلمات لاذعة بينما وخزت دموع الخيبة جفنيها .كيف يجرؤ على النظر
اليها بهذا الشكل كما لو أنها فتاة رخيصة؟
--------------------------------
- يفاجئني انك تتذكر ذلك، مضت فترة طويلة منذ ان شاركتني السرير، لكنك لم تكن
مضطراً الى ذلك، أليس كذلك لوك؟ كنت منشغلاً في مكان آخر.
توقفت إميلي عن الكلام فجأة ، فيما تلونت وجنتاها ببقعتين من اللون الاحمر، الآن
ليس الوقت المناسب لتكشف اعماق الغيرة التي اختبرتها طيلة تلك الليالي الطويلة التي
احست فيها بالوحدة، وهي تنتظره سدى كي يعود الى المنزل.
- حالما اصل الى لندن ، سوف اطلب من محيمي ان يتصل بمحاميك كي يرتباً تواصلاً
ملائماً لك مع جان كلود.
اخبرته إميلي ذلك بإيجاز، بينما نظرت نحو المنزل الريفي ، لاشك ان لورا تجاهد
لاصطحاب زوراها في جولة إرشادية في ارجاء المطابخ، فيما جان كلود معلق على
وركها، كلما اسرعت بحمل ابنها بين ذراعيها كلما احست بسعادة اكبر،غممت بغرابة:
- اعذرني! أنا بحاجة الى الذهاب كي ابحث عنه.
افترضت انه يتوجب عليها ان تدعو لوك الى داخل المنزل الريفي كي يقابل ابنه، بينما
تابع لوك التحديق اليها بتينك العينين الشبيهتين بأشعة اللايزر الى درجة جعلتها تظن ان
بمقدروه قراءة افكارها.
في الواقع، لم ترغب بدعوته الى الداخل، سان انطونيا هي ارضها، ولسبب ماهي تفضل
ان يحصل اول لقاء للوك مع ابنه في الأرض المحايدة الخاصة بمكتب محاميها، اردكت بعد
إلقاء نظرة الى ساعة يدها، ان الوقت ينقصني، بدا سائس العربة نافذ الصبر، وهي سوف
تفوت رحلتها إن لم تكن حذرة.
- هل من عادتك ان تفقدي ابني؟
استفسر لوك وقد ارتفع حاجباه تهكماً ، فاحمر وجه إميلي.
- بالطبع لا، أنا لم افقده ، انا فقط وضعته في غير مكانه.
لم تلق أي رد من قبله، فأضافت :
-إذاً ، سأراك في لندن.
إنها بحاجة الى الابتعاد عن لوك، لكن بدا لها كما لو انها قدميها عالقتان في الرمال
المتحركة، لذا لم تقو على الحراك، بينما تسمرت عيناها بنهم تفاصيل وجهه، تسارع الى
ذهنها ان السبب ليس حبها له، بل لأن لوك يتمتع بجاذبية ماتزال قادرة حتى الآن على
أسر حواسها.
- كما تشائين.
نبرة لوك الجافة المقتضبة كسرت لعنة السحر، بينما ابعد الى الوراء كم سترته لينظر الى
ساعة يده، بدأت معدة إميلي بالانقباض، فاستنشقت انفاسها بحدة ، اما لوك فتابع
كلامه:
- نحن بحاجة الى التحرك في حال.
أربكتها كلمات لوك ، فأطلقت إميلي ضحكة خشنة، وأضافت ساخرة:
- دعني احزر، روبين تنتظرك في السيارة، لاشك عندي أنها تكرس نفسها بتفانٍ من
اجل واجبات العمل.
سار لوك مبتعداً عنها، ثم توقف لفترة وجيزة كي ينظر من فوق كتفه:
-نعم، تصرفات روبين وموافقتها مثالية ، لكنها ليست برفقتي هذه المرة ، جان كلود
هو في السيارة، ولاشك انه بدأ يتململ ، الى اللقاء حبيبتي.
ما إن ادخل لوك رأسه الى داخل السيارة حتى بدا كما لو ان قدمي إميلي صار لهما
جناحان فجأة، قالت:
- لوك.. مهلاً! ماالذي تقصده بقولك إنه في السيارة؟ جان كلود هو في المنزل مع لورا،
أليس كذلك؟.
أنهت كلامها غير واثقة، اما هدوء تعابيره فلم يسهم إلا في مضايقة خوفها.
- وضعت ابني بأمان داخل السيارة، بينما كان اهتمامك...
توقف لوك للحظة، ثم تابع:
- ...في مكان آخر، اخبريني عزيزتي ! هل أنت دوماً غير مبالية حيال تركه بإهمال تحت
وهج أشعة الشمس؟.
دافعت إميلي عن نفسها بحدة:
- كان ينام بأمان محمياًَ بالمظلة، وأنا لم اتركه بإهمال ، كان نائماً ، وأنا كنت...
-----------------------------------
أرادت ان تفسر له كيف استغلت وقت قيلولة جان كلود الوجيز كي تضع حقائبها
داخل العربة، لكن المقت الساخر في عيني لوك جعلها ترغب بالهرب بعيداً.
- كنت شديدة الانشغال، فلم تتفرغي لمراقبته، كان بمقدور أي شخص أن يأخذه.
أثبت لوك وجه نظره بالنظر نحو السيارة، فاحمر وجه إميلي، صحيح ان اهتمامها كان
منصباً على رحلة العودة الى لندن ، لكنها تفقدت الطفل بانتظام، فضلاً عن ذلك، المنزل
الريفي على بعد اميال من أي مكان آخر.
كانت إميلي قد وصلت الى السيارة،وسرعان ماكشفت لها نظراتها المصدومة ان جان
كلود هو فعلاً في الداخل، وهومربوط بحزام على كرسي مخصص للأطفال، فيما هو
مستغرق في اللعب بسرور بالألعاب ذات الألوان المشرقة الموضوع امامه، مالبثت
الصدمة ان افسحت المجال للسخط التام كي يحل محلها، فقال متلعثمة:
- لكنك... لا تستطيع ان .. تأخذه بهذه البساطة، كيف تجرؤ على اخذه مني؟
أطلقت إميلي كلامها نحو لوك ،بدا السخط والهيجان واضحين في نبرة صوتها ، فيما
تلاعبت اناملها بمقبض باب السيارة.
أطبقت يد لوك على الفور على يد إميلي، فآلمتها ، فيما راح يراقبها بثبات، قال لها:
- وأنا والده ، ومع ذلك لم تظني ان من الخطأ ان تبعديه عني، تعمدت الاختفاء عن
الانظار، ولولا جشعك لما استطعت ان اجدك، او اجد ابني.. وهو الأهم لدي.
رددت إميلي بوهن :
- جشعي؟!
لاحظ لوك بنظراته المزدرية ذاك المنزل الريفي القديم المتداعي، فقال بنبرة ملؤها
الاستهزاء:
- افترض انك املت في الحصول على تسوية طلاق كريمة،تساعدك في متابعة اسلوب
الحياة الذي تعودت عليه، بالرغم من هذا، لست واثقاً ماهو سبب حاجتك الى المال في
هذه البقعة المنسية من الأرض، لعلك تريدين المال لأسباب اخرى لا علاقة لها بتوفير بيئة
آمنة لجان كلود؟.
حملقت إميلي بلوك، ووضعت إحدى يديها على وركها، فيما كانت الأخرى ماتزال
عالقة تحت يده، وسألته:
- مثل ماذا؟.
هز لوك كتفيه بلا مبالاة، وقال مخمناً:
- ربما.. المخدرات؟ من يعلم ماالذي يدور داخل مجتمعك الهيبي هذا؟ جل مايهمني هو
انه مكان غير ملائم لتربية طفل صغير، لاسيما ابني.
بالكاد استطاعت إميلي ان تتكلم، إذا احست ان الغضب يكاد يخنقها، فقالت:
- آه! يالك من أب شديد الاهتمام! سان انطونيا ليست نوعاً من البؤر التي تتحدث
عنها، إنها مجتمع نام ناجح، حيث يعمل الجميع متعاونين، وحيث تدير صديقتي لورا
مدرسة تعلم فن الطهو للسيدات اللواتي هن في منتصف اعمارهن، الأدوية الوحيدة التي
تجدها هنا هي أدوية لمعالجة داء المفاصل، او أدوية لمعالجة انقطاع الدورة الشهرية!.
رد لوك بكلمات لاذعة:
- أنا لم امنح ابداً فرصة لأبرهن كفاءتي كوالد، لكن هذا الحال على وشك ان يتغير،
ابني سوف يأتي معي.
- اللعنة! إنه لن يذهب!
لاحظت إميلي بطرف عينها ان سائس العربة ينحني مطلاً من نافدته.
- سنيوريتا! علينا أن نذهب.
- نعم، لن يطول بي الأمر اكثر من دقيقة.
حاولت إميلي ان تفتح باب السيارة، لكن يد لوك احكمت قبضتها حول اناملها ، الى
حد جعلها تخشى ان تنكسر، استجلب ذلك دموعاً الى عينيها هي مزيج من الألم ولخوف
معاً، قالت :
- بحق السماء، لوك! لا يمكنك ان تأخذه.
أجابها لوك بنبرة قاسية:
- على العكس، حبيبتي انا اخذته للتو والأمر يعود إليك إذا مارغبت بالمجيء ام لا،
بالنسبة لي تسرني رؤيتك تحترقين في نيران الجحيم الى الأبد، لكنني لصالح الطفل أقترح
عليك ان تصعدي الى السيارة.
-----------------------------
فجأة وبدون مقدمات أفلت لوك قبضته وفتح الباب، وبينما حدقت إميلي بجموح في
ارجاء الباحة بحثاً عن شخص ما ليساعدها.
- لا مجال ابداً بأن اسمح لك بأخذه من دوني.
اكدت إميلي ذلك بحدة، ثم اطلقت صرخة يائسة عندما بدأت عربة الخيل تتحرك،
صاحت :
- حقائبي على متن العربة، إينزو ، انتظر!.
لابد أن اينزو لاحظ تلويحها المذعور في مرآته الخلفية، فأوقف العربة، لكن الأمر تطلب
من إميلي دقائق ثمينة كي تجرجر حقائبها من المكان المخصص للأمتعة، عندما ونظرت الى
الوراء لاحظت ان سيارة الليموزين بدأت تتحرك قدماً.
- أيها اللعين ! كنت تعلم أنني قادمة.
أمسكت الباب الخلفي ،وفتحته بالقوة، ثم رمت حقائبها داخل المكان، بينما لم يقم لوك
بأية محاولة في الطلب من سائقه التوقف، راحت إميلي تلهث بقوة وهي تندفع الى داخل
السيارة.
أخيراً سحبت الباب وأغلقته خلفها، ثم قالت له بكلمات لاذعة:
- سوف أتهمك بالاختطاف.
إلا ان الابتسامة لوك الساخرة اعلمتها انه يدرك كما تدرك هي تماماً ، بأنها لن تحظى بأية
فرصة لتنفيذ تهديدها، لقد وقعت في المزق، وصارت تحت رحمة لوك المطلقة، ادركت
إميلي ذلك فتملكها الذعر، بعدئذتم تشغيل القفل الآلي الخاص للباب.
غمغم لوك ببرودة، بينما استقرت نظراته على وجهها المحمر:
- هذا ليس اختطافاً، أنا افضل استخدام كلمة استعادة ممتلكات ، واعدك عزيزتي أنك
هذه المرة لن تتمكني من الإفلات !.
------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:27 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


2-
أهلاً بعودتك
كادت الأجواء داخل السيارة تنفجر من شدة التوتر، فجأة فقد جان كلود اهتمامه
بالألعاب، وحدق إلى إميلي، فيما راحت شفته السفلى ترتجف.
- لابأس .. ماما هنا، لن يؤذيك احد.
طمأنته إميلي برقة وهي تداعب خده، فأدار جان كلود عينيه الرماديتين الواسعتين
نحوها، وسرعان ماجفت دموعه وأطلق ابتسامة كشفت عن سنه الوحيدة في مقدمة فمه
.
كان لوك يجلس الى الجانب الآخر من كرسي الطفل، فتصلب لدى سماعه كلماتها ،
واجتاحه الغضب المرير ، زمجر غير غافل عن ضرورة إبقاء صوته منخفضاً كي لا يخيف
جان كلود:
- بالطبع ، أنا لن أؤذيه، أي نوع من البرابرة تظنينني بإشارتك الى انني قد أؤدي ابني
؟.
ارتسمت على وجه إميلي ابتسامة من اجل جان كلود وحده، فيما ردت:
- انت لن ترغب بمعرفة رأيي فيك، حاولت ان تنطلق بالسيارة من دوني، ألا تظن ان
انتزاع الطفل بالقوة من بين ذراعي والدته قد يؤذيه؟.
رد لوك مظهراً نفاذ صبره:
- لا تكوني دارماتيكية الى هذا الحد، فأنت لم تكوني معه، حتى إنك تخليت عنه، أي نوع
من الوالدت انتِ؟.
مررت إميلي يدها المرتعشة فوق وجهها، ثم قالت : أنا والدة جيدة، كماانني لم أتخل
عنه، عمره لا يتجاوز الأحد عشر شهراً، بحق السماء! كيف تظنه سيتأقلم من دوني؟ إنه
يحتاج إليّ.
--------------------------------
راقبها لوك بصمت مجيلاً نظراته على جسدها النحيل، فانكمشت إميلي وتمنت لو انها لم
تكن ترتجي تنورتها الغجرية ذات اللون البرتقالي المشرق مع قميص قطنية صفراء من
دون كمين، كذلك فهي عقدت شعرها الى الخلف، واحكمت ربطه بشريط اصفر
باهت، كما وضعت قرطين طويلين مع عقد، مصنوعة كلها الخرز، كان قد صنعها لها
احد الفنانين، بدت عصرية وجذابة، أي النقيض المعاكس تماماً لأولئك النسوة الأنيقات
المتميزات اللواتي يعجب بهن لوك، نساء امثال مساعدته الشخصية روبين بلايك.
قال لوك بنبرة صوت جليدية:
- أنت لست شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه الى هذا الحد الذي تعتقديه، سوف ينساك
جان كلود فوراً، وعوضاً عن والدته سوف يحظى بأب.
تابع متجاهلاً شهقتها الخائفة:
- على أية حال، أنا اتقبل ان من مصلحة جان كلود ان تلعبي دوراً في حياته، على
الأقل الآن.
- ماالذي يعنيه هذا بالتحديد؟
- يعني ان من المحتمل ان يتبدل الموقف مع نمو جان كلود ، لكنه في الوقت الراهن مجرد
طفل، ومن الطبيعي ان يعتمد عليك، لهذا السبب وحده قررت ان استعيدك أنت ايضاً.
اعلمها لوك بذلك بنبرته الباردة الموجزة، ماجعل إميلي تفتح عينيها بذهول حتى صارتا
بحجم صحنين صغيرين.
- حسناً! اعذرني لأنني لا اقفز فرحاً ، لكنني لا ارغب بأن تستعيدني، انا راضية تماماً
وقانعة بحياتي كما هي .. من دونك.
ثم تشدقت متابعة:
- في الواقع ، أنا لم أكن اسعد حالاً مما أنا عليه يوماً.
ارتكبت إميلي وهي تتكلم خطأ النظر نحو لوك، فالتهب وجهها، إذ احست بردة فعل
جسدها اللاإرادية تجاه جاذبيته الطاغية، إنها لا ترغب بأن تشعر على هذا النحو، ولا
ترغب بأن تخترقها هذه الجاذبية الغامرة، اما أسوأ مافي الأمر، فهو إدارك لوك لمدى تأثيره
عليها.
تشدق لوك فيما ارتسمت على وجهه ابتسامة متعجرفة، جعلت إميلي ترغب بالصراخ
أو بأن تضربه:
- أنا واثق انه يمكنني ان ابتدع بعض الأفكار لجعلك راضية، لا أتذكر انني واجهت أية
مشاكل في إرضائك عندما تزوجنا، في الواقع عزيزتي ، بعد أن امضيت ليلة واحدة في
سريري اصبحت تذكرينني يقظة تلتهم الكريما بشراهة.
آه! إن آخر ماتريده إميلي هو ان يتم تذكيرها بضعفها الكامل والتام امامه، مجرد نظرة
واحدة من عينيه الرماديتين الوامضتين كانت كافية لأن تجعلها طبيعية بين يديه.
فكرت بيأس أن لوك يمارس معها لعبة فظة، ياله من أسلوب حقير في تذكيرها بضعفها
الكبير تجاهه! لكنها تغيرت خلال هذا العام الذي أمضياه منفصلين ، لقد نضجت،وباتت
اكثر قدرة على السيطرة على مشاعرها، إنه رجل يتمتع بوسامة خارقة وبجاذبية قوية،
لذا ليس من الغرابة أنه كان في مامضى يسيطر عليها بقوة، لكنها تحررت الآن من تأثير
سحره ولعنته، وهي ترفض الخضوع لهما مجدداً.
ظل جان كلود يراقبها ، فاخترقت قلبها ابتسامته الجميلة، إنه ببراءته لا يدرك مدى
المرارة الموجودة بين والديه، إنه اليوم مجرد طفل ، لكنه سيلاحظ اثناء نموه إشارات تدل
على ان والديه يكرهان بعضهما البعض، ولابد ان هذه الكراهية ستدمره.
همست:
- هذاسخيف! ألا يمكننا ان نعلن هدنة ونهدف سوياً لطلاق ودي من اجل مصلحة ابننا
بدلاً من ان نتقاتل للحصول عليه؟ أليس الأهم هو ان نمنح جان كلود أفضل تربية
ممكنة؟.
رد لوك وقد تشابكت نظراته مع تظراتها:
- أنا موافق، ولهذا السبب لم يكون هنالك طلاق، ابننا يستحق ان يربيه والدان يحبانه،
حتى لو لم يحبا بعضهما البعض.
تابع كلامه متجاهلاً شهقة الصدمة التي أطلقتها إميلي، فقال:
- سوف تبقين زوجتي عزيزتي في السراء والضراء.
--------------------------------
حذرها لوك بنبرة دلت على تصميمه، متابعاً:
- سوف يكون زواجاً حقيقياً ، بكل ماللكلمة من معنى.
- لا يمكنك فعلاً ان تتوقع مني انا.. انام معك.
غمغمت إميلي بذلك بغير وضوح، فيما جعلها السخط غير قادرة على متابعة الكلام.
- لِم لا؟ لعل زواجنا واجه بعض المشاكل، لكن علاقتنا الحميمة كانت جيدة، لطالما كنا
منسجمين تماماً في السرير.
- حسناً! انت عرفت الكثيرات، لذلك اصدق كلامك بهذا الخصوص، لكنني أخشى
أنها ليست بتجربة أود تكرارها .
- هل هذا صحيح ، ياصغيرتي؟
الاستمتاع المفاجئ الذي ظهر في صوته غذى غضب إميلي، فلفت أناملها في قبضتين
متصلبتين ماجعل أظافرها تنغرز في كفيها.
تابع لوك:
- الوقت سيظهر لنا الحقيقة، ما انني آمل ألا يستغرق ذلك الكثير من الوقت.
- أفضل أن أقتل نفسي بدلاً من ان احتمل لمساتك مجدداً.
استنشق لوك انفاسه بحدة، بينما انتفض عصب في خده وهو يحدق بها.
- لا تمزحي بخصوص هذا الأمر ، لاسيما ان كلينا نعلم انك تكذبين.
فانتفضت إميلي وادارت رأسها، فوجئت بالمرارة المطلة من عينيه وهو يتابع:
- لعلك! اخترت ان تلقي نفسك بعباءة من الخجل العذري كالراهبات، لكنك كنت
تستمتعين تماماً في غرفة النوم.
حين أدارت اميلي عينيها المصعوقتين المملوءتين بالألم ، تابع لوك بصوت حريري قائلاً:
- قد أكون مستعداً لتحمل وجودك في حياتي من اجل جان كلود، لكن أظن انه يحق لي
ببعض التعويضات!.
استدار بعدئذ ليحدق الى الخارج من النافذة، في ذاك الصمت الذي تلا تصريحه
الصاعق، لم تقو إميلي سوى على التحديق بمنظره الجانبي القاسي، ادركت انه يكرهها
فعلاً، فغمرها شعور هو مزيج من الألم والهلع، خلال الأشهر التي امضياها سوياً بعد
زواجهما، كانت إميلي قد رأت لمحات من مزاجه خلال إجرائه لعقود العمل، فخلف
شخصيته ذات الكاريزما الساحرة يتوارى استخفاف عديم الرحمة بأي شخص يجرؤ على
تخطيه، بالرغم من إصراره على استمرار زواجهما، فهو ينظر إليها باعتبارها
عدوته،لوهلة! احست بالجبن، لكن من مكان ما عادت عزة نفسها تنقذها ، فرفعت
ذقنها.
- أنا أنوي المضي قدماً في قضية الطلاق لوك، أنت لا ترغب فعلاً باستعادتي، كما أنك
لا ترغب بأن تلعب دور العائلة السعيدة مع جان كلود، أنت لم ترغب به قط، ويمكنني
ان ابرهن انك كنت منشغلاً جداً بعلاقتك مع سكرتيرتك اللعينة اثناء حملي به، فلم تأبه
البتة بي أو بالجنين الذي احمله، ماتفعله الآن ليس له علاقة ابداً برغبتك في الحصول على
جان كلود، أليس كذلك؟
تابعت إميلي كلامها بلاتوقف، متجاهلة توتر فكيه.
- الأمر يتعلق بهوسك في السيطرة، أنت لم تكن تريدني أنا ، وربما كنت ستطلقني عندما
تصبح جاهزاً ومستعداً لذلك، لكنك لم تقو على تحمل فكرة انني انا التي هجرتك
وغادرت ، انا تحديتك، لذا تريد ان تعاقبني بمطالبتك بالطفل الذي لم تشأ ان يولد
اصلاً.
- كفى!
بدا صوت لوك واخزاً كلسعة السوط، بينما ادار رأسه ليواجه إميلي، فأجفلت بشكل
واضح، مع ذلك رفضت ان تخفض بصرها، في ما مضى كان افتقارها المؤلم للثقة بالنفس
يمنعها من مجاراة توقد ذهن لوك الذكي اللامع، اما الآن فلديها جان كلود لتحارب من
اجله، لذا حملقت به بقوة عازمة على ألا ترتعب منه.
- يا إلهي! صار لسانك لاذعاً كلسان الأفعى، انا احاول جاهداً ان اكون منصفاً معك
وهذا اكثر مما تستحقينه، في حين انك لم تمنحيني الاعتبار نفسه، سرقت ابني، وقمت
بإخفائه عني، دعيني اوضح لك أمراً مرة واحدة وإلى الأبد إميلي..!
-----------------------------------
زمجر لوك متابعاً:
-.............أنا رغبت بابني من ذو البداية ، تقت الى حمله بين ذراعي ، لكنك طيلة
الشهور الماضية حرمتني حتى من المعرفة بوجوده في العالم ، اما الآن وقد وجدته فلا شيء
في هذا العالم سوف يحعلني اتخلى عنه، إذا كنت تصرين على طلب الطلاق لا يمكنني ان
امنعك، لكنني سوف احارب من اجل جان كلود بكل وسيلة متوفرة لدي، إذا كنت
ترغبين بشن الحرب بيننا بدلاً من السلام فقومي بذلك، لكنني آمل ان تكوني قادرة على
تحمل العواقب، لأنني أنا من سيربح.
كانت السيارة تسير مسرعة طوال الطريق، فيما حالت الأبواب الموصودة تماماً دون
هروبها، فمعنها من القفز خارجاً،لوك قادر على تحمل نفقات افضل المحامين في البلد وإن
قرر أن ينال حضانة جان كلود، فهي لن تحظى بأية فرصة في مواجهته، ادركت إميلي
بأسى أن الخيارات نفذت منها في الوقت الراهن على الاقل ، وهاهو لوك يفوزكعادته،
أخذت إميلي تغلي بصمت من الغضب، إلى ان انفجرت قائلة بضغينة:
- أنا اكرهك!.
اما لوك فهز كتفيه بلا مبالاة.
- حسناً! أنا لن اجبرك على تحمل رفقتي، إذا كنت حقاً لا تعتبرين مصلحة جان كلود
اولوية بالنسبة اليك من الأفضل ان تخرجي من السيارة، قولي ذلك وسوف اطلب من
سائقي ان يتوقف وينزلك.
أشاحت إميلي بنظرها عنه نحو المنظر الطبيعي كالصحراء، المحيط بالطريق المقفر، فقبض
الخوف عليها مجدداً.
همست قائلة:
- حتماً أنت لن تتركنا هنا وسط المجهول، على بعد أميال من أي مكان.
- بالطبع لا، أخبرك أن جان كلود سيبقى معي من الآن فصاعداً، لكنك حرة بالذهاب
إلى حيث تشائين وساعة تشائين ياحبيبتي.
- لا تناديني هكذا.
قالت إميلي ذلك بحدة، فيما تقلص جسدها كردة فعل على ذاك التودد اللامبالي، هي لم
تكن يوماً حبيبته، لذا همست:
- قسوتك تتخطى الحدود.
أطلق لوك ضحكة خشنة:
- أتتهمينني أنا بالقسوة، في حين أنت من سرقت ابني؟ هذا أمر يتخطى الحدود، لكن
صدقيني إميلي .. أنا لا اسامح بسهولة ، ولن انسى ابداً.
ارتعشت إميلي لدى سماعها المرارة التي بالكاد تمكن لوك من إخفائها ، فاستنشقت نفساً
عميقاً بينما ركزت على المناظر الطبيعية العابرة بسرعة امام ناظريها ..
تلاشى هلعها ببطء عندما شاهدت المطار امامها ، على الارجح ان لوك ينوي العودة
بالطائرة الى لندن، حسناً ! لن يتمكن من إسكاتها وإجبارها وجان كلود على الصعود
على متن طائرة ما ، فكرت إميلي أنها حافظت على ذهنها متيقظاً،فقد نجد فرصة سانحة
لأن تختطف ابنها خلسة، فنستعيده وتنسل هاربة.
اجبرت نفسها على الاسترخاء مترقبة الوقت المناسب، في ذاك الصمت المشدود توجهت
نظراتها بصورة لا إرادية نحو الرجل الذي طغى وجوده على السيارة، ليس من المنصف
ان يبدو رائعاً الى هذه الدرجة .
فكرت بذلك بوهن فيما احست بألم في قلبها وهي تتأمل هئيته الجانبية المتجهمة العابسة،
وبنيته الرائعة، اما بشرته الذهبية السمراء فبدت مشدودة فوق وجهه الصلب، وعلى
الرغم من كونه في أواخر الثلاثنيات من عمره ، لم تظهر أية لمحات فضية مطلقاً في شعره
الأسود الكثيف.
أغمضت إميلي عينيها لتصد موجة من الألم اجتاحتها وهي تتذكر ملمس شعره تحت
أناملها، اما فكه المنحوت بدقة فيمنحه هيبة وسطوة تمازجهما قوة رجولية لا يستهان بها
، لطالما استمتعت ملامسة بشرته أثنا الساعات الطويلة التي كانا يمضيانها في السرير...
ذكرت إميلي نفسها بسرعة ان ذلك حدث منذ وقت طويل جداً...خلال الأسابيع
الأولى لزواجهما، حين كادت تقنع نفسها بأنها فعلت الأمر الصائب بالزواج من الرجل
الفرنسي الغامض الذي املت ان يحبها يوماً كما تحبه، لكن سرعان ماتشتت ذاك الوهم،
كانا قد أمضيا عطلة نهاية الأسبوع التي تلت زواجهما في باريس، وكانا منغمسين جداً
في شغفهما المتبادل تجاه بعضهما البعض، لدى وصولهما عائدين الى لندن حملها لوك بين
ذراعيه حتى وهما يستقلان المصعد نحو شقته التي تقع في الطابق العلوي من المبنى، لكن
عوضاً عن التوجه مباشرة نحو غرفة النوم، تردد عندما وصل الى المدخل، إذ خرجت
متوجهة نحوهما أجمل امرأة رأتها إميلي في حياتها ، لكي تحييهما.
--------------------------------------
روبين بلايك كانت في مامضى عارضة أزياء مشهورة ، وهي أرملة اخيه المتوفى كما أنها
مساعدته الشخصية، بدت تلك المرأة استثنائية مميزة، في الواقع ، ليس هنالك من وصف
آخر يناسبها أكثر ، احست إميلي على الفور أنها أقل من عادية.
في البداية اخذت إميلي بمودة روبين ولطفها الظاهريين، فقد امضت طفولتها في ظلال
شقيقاتها، لذلك ابتليت بافتقارها الساحق للثقة بالنفس، ماأدى بها الى اللحاق بروبين في
أرجاء المكان كالجرو الصغير الذي يحاول يائساً إرضاء سيده، اخذت إميلي بنصائح
المرأة وصولاً الى المشاكل الزوجية التي برزت بينها وبين لوك.
استغرقها الأمر وقتاً طويلاً حتى تدرك ان روبين هي السبب في العديد من تلك المشاكل،
أقرت إميلي بتعاسة أنها لا تستطيع إلقاء اللوم بأكمله على روبين.
إن عدم شعورها بالأمان بالإضافة الى افتقارها الى الثقة بالنفس لم يساعداها تماماً كما لم
يساعدها إدراكها المتزايد بأن جان لوك فايلون غير قادر على حب أي شخص ، تعامل
لوك مع شكوكها حيال طبيعة علاقته مع مساعدته الشخصية بتصرف ساخر فقط.
قال لها إن الوقت حان كي تنضج وتكف عن التصرف كطفلة سخيفة، يومها تقبلت بأن
لوك لم يشعر بأكثر من عاطفة خفيفة تجاهها، اما الآن فلم يعد لديها أي شك بأن دوافعه
للزواج منها لم تتضمن الحب قط.
استدارت إميلي متنهدة، فوجدت جان كلود ، بدا مستغرقاً تماماً ، كما لو انه غير قادر
على إبعاد نظراته عن ابنه، لابد أنه احس بتفحصها له ، فأحمرت وجنتاها عندما رفع
لوك رأسه وخضعها لتحديقه القاسي، امرتها عزة نفسها أن تشيح بنظرها بعيداً ، لكنها
أُسرت بالجاذبية الغامرة التي انبعثت منه، فارتكزت نظراتها على وجهه، فجأة بدا لها ان
الجو داخل السيارة اصبح خانقاً بالرغم من الهواء المنبعث من جهاز التكييف.
ضاقت عينا لوك وهو يراقبها فعلمت إميلي ان لوك يدرك ماهية افكارها، ماخطبها؟
سألت نفسها بنفاذ صبر، إنه يمقتها ، وكراهيته لها واضحة تماماً في نظراته الرمادية
الباردة التي أطلقها نحوها كالسهام، إنه يحتمل وجودها فقط من اجل ابنه، فلماذا تراها
تستهلك نفسها بهذا التوق الجامح اليه؟ إنها تكرهه، اما ذهنها فيرفض تماماً قوته العديمة
الرحمة، لكن يبدو ان جسدها يعرف مراده جيداً.
سلخت إميلي نظراتها بعيداً عن لوك ، وهي تطلق شهقة بالكاد تمكنت من إخفائها،
عضت بقوة على شفتيها حتى احست بطعم الدم في فمها، لوك رجل كاذب ومخادع،
كما انه فطر قلبها، عليها أن تتذكر هذا الواقع كي تتمكن من الحفاظ على ذاتها، طالبته
قائلة:
- لا تنظر إلي هكذا، أنت فقدت حق النظر إلي كما لو كنت ملكك، حين رفعت
مستوى الخدمات التي تقدمها لك مساعدتك الشخصية.
- أرى ان قلة ثقتك السخيفة بنفسك ماتزال تعميك.
غمغم لوك بذلك ببرودة، وسرعان ماتلونت وجنتاها باللون الحمر إذا اصاب بكلامه
النقطة الحساسة.
لطالما كانت غير واثقة من نفسها، خصوصاً في مايتعلق بلوك، كرهت إميلي حقيقة
إدراكه لحساسيتها وضعفها في هذا المجال، ادارت رأسها بعيداً عنه بكل عزم، اما عيناه
فاستقرتا على خدها وعلى أذنها الصغيرة الزهرية اللون ، فيما ابرز قرط اذنها الطويل
المتدلي عنقها الطويل النحيل.
بدت إميلي فتية شابة بشكل يفطر الفؤاد ، بسبب شعرها المرفوع والمربوط عند قمة
رأسها ، وقد افلتت منه بضع خصلات لتلتف حول خدها ، فقاوم لوك رغبته بأن يمد
يده ويضعها خلف أذنها، ويقبض على ذقنها بيده فيدير وجهها نحوه.
----------------------------
وبخ لوك نفسه بسخط، ماالذي يفكر به؟ هذه المرأة هجرته من دون ان تنظر الى
الوراء، ليس هذا فقط ، بل إنها اختفت بشكل نهائي حازم، مفسحة المجال للثرثرة
والشكوك بأن تدور حولهما في ارجاء مجتمع لندن بقوة.
أثناء تلك الفترة كان لوك مرتعباً خوفاً على سلامتها، وهو لا يدري إن كانت حية ام
ميتة، اما هي فكانت طيلة هذه الشهور تعيش بسكون وراحة تامة في مخبئها الإسباني، اما
اتهاماتها له بأنه لم يرغب بابنهما فهي مضحكة وسخيفة، لقد هزه توقه الى طفلهما بحدة،
لكن المخاوف رافقت هذا الأمل خشية ان يعيد الماضي نفسه ، إلا أن قلة اهتمامه
الظاهرية كلفته غالياً!.
استنشق لوك نفسه بحدة، فأجبر نفسه على إسقاط نظراته نحو الطفل الجالس بهدوء في
كرسيه، جان كلود هو ابنه! مازال غير قادر على التصديق بأن هذا الطفل الجميل
الواسع العينين هو من لحمه ودمه، مع ذلك لم يكن هنالك مجال للشك ابدا بمدى الشبه
بينه وبين الطفل.
لامس لوك خصلات شعر الطفل الحريري الناعمة بتعجب وإعجاب، ملاحظاً انها ذات
لون اسود كشعره تماماً، وحين رفع جان كلود اهدابه الطويلة السوداء، ليراقبه بوقار
بعينيه الرماديتين الكبيرتين، بدا ذلك اشبه بالنظر في المرآة، هذا هو ابنه! الطفل الذي
خشي ألا يراه ابداً، احبه لوك على الفور، فأقسم أن لا شيء سوف يفصله عن ابنه
مجدداً على الإطلاق.
- إنه يشبهك.
قالت إميلي ذلك بنبرة حاقدة، وهي تراقب جان كلود الذي يبتسم لوالده، منذ اللحظة
الاولى التي فتح فيها ابنها عينيه ذهلت إميلي بمدى شبهه بلوك، بدا لها كأنما القدر نفسه
يقف الى جانب لوك، وكأنه عازم على عدم السماح لها بتناسيه، والآن عندما رأتهما معاً
ادركت ان الطفل ينتمي فعلاً الى آل فايلون، إنه حقاً ابن ابيه!.
راقب جان كلود الذي يبلغ الآن من العمر قرابة العام هذا الرجل الغريب بوقار، وكأنه
يعرف مايريده ، ويعرف من عليه ان يحب او لا يحب، فأحست إميلي
بطعنة حادة من الغيرة عندما مد الطفل ذراعيه المكتنزتين نحو لوك، هل سيخونها كل
الرجال فايلون؟ تساءلت عن ذلك بمرارة، إنها ترغب بأن تكون لجان كلود علاقة جيدة
مع والده، وبدا لها الآن ان لوك يشاركها هذه الرغبة نفسها ، لعلها تتمكن من فتح
موضوع الطلاق مجدداً بعد أن يهدأ، إنها واثقة تماماً بأن لوك لا يريدها فعلاً زوجة له،
إذا ماطمأنته ، وأكدت له رغبتها في الحضانة المشتركة لجان كلود، فعلى الأقل ستكون
ابوتهما له ودية، غمغمت قائلة :
- جان كلود وأنا لدينا حجز على متن الرحلة المسائية المتجهة الى لندن، من السخف أن
نهدر ثمن التذكرتين ، لكنني سوف أوافيك بأسرع مايمكن.. غداً إذا كنت مصراً.
أضافت إميلي جملتها الأخيرة لأن لوك لم يبد أي رد ، بل راقبها ببساطة، قال بعد فترة
من الصمت:
- أنا لن آخذه الى لندن.
حدقت به إميلي مرتبكة.
- إلى أين انت ذاهب إذاً؟.
لطالما كرهت إميلي شقة لوك في شيلسيا، فهي تمتاز بالفتنة نفسها التي تتميز بها غرفة
الانتظار لدى طبيب الاسنان ، لم تشعر إميلي قط أنها في منزلها ، لكن لوك بدا مرتاحاً
تماماً هناك، وافترضت هي أن هذا مايزال مركزه في لندن، اعلمها لوك وقد رفع حاجبيه
متفاجئاً من أي شك لديها:
- إلى فرنسا، بالطبع ، جان كلود هو من آل فايلون،إنه ابني ووريثي، من الطبيعي أن
تتم تربيته في أرضه الأم.
ردت إميلي بكلمات لاذعة:
- من الطبيعي...؟ لكن ماذا عن أرضي الأم؟ ألم يطرأ ببالك بأنني قد أود أن اربيه في
إنكلترا؟.
أشار لوك بصوت حريري قائلاً:
- ليس هذا ماكنت تفعلينه، أليس كذلك؟ فأنت - وليسبب غريب- قررت أن مجتمعاً
خاصاً بالفنانين في وسط البرية الإسبانية، هو أفضل مكان ليعيش فيه ابننا، لكن ليس بعد
الآن، من الآن فصاعداً سوف يستمتع جام كلود بكل حسنات ومزايا ميراثه في قصري
الذي يقع في وادي اللوار،آل فايلون عائلة فرنسية قديمة العهد، وأنت حتماً لن تحرميه
من حقه بالولادة!.
-------------------------------------
- أنا لم أكن اعلم حتى انك تمتلك قصراً ، هذا شيء آخر لم تذكره لي ، لكن ماذا بشأن
ميراث جان كلود البريطاني؟
هاجمها الهلع مرة جديدة لدى رؤيتها تعابير وجه لوك الثابتة العزم، ثم تابعت:
- آل داير هم عائلة قديمة العهد ايضاً، كان هيستون غرانج مقرهم لما يزيد عن الأربع
مئة سنة، إلى أن اشتريته أنت !.
أنهت إميلي كلامها بوهن، لكنها عادت وقالت:
- اخبرني! هل كنت تعرف منذ البداية ان والديّ كانا يأملان ان تتزوج إحدى بناتهن،
لكي يستعيدآل دابر بعض التواصل مع ميراث عائلتهم؟ هل عرضوا عليك هيستون
غرانج بسعر زهيد شرط ان تتزوج بإحدانا؟ إذا كان هذا صحيحاً لوك، فلماذا بحق
السماء اخترتني أنا ، الشقيقة العادية المملة، فتاة داير السمراء اللون،
الشبيهة بالأحصنة أكثر من شبهها بالناس؟ شقيقاتي جميلات ، ذكيات ومتميزات، وأية
واحدة منهن كانت لتصبح زوجة مناسبة لك اكثر مني.، افترض انك ظننتتني السهل
مراساً بينهن لتتحكم بي، الشقيقة التي لن تحدث جلية عندما تستأنف علاقتك مع
عشيقتك.
كانت إميلي في العشرين من عمرها، فتاة خجولة تفتقر بشدة الى الثقة بالنفس ، فلم تقو
على إخفاء إعجابها الهائل بالرجل الفرنسي الوسيم الغامض، الذي قلب حياتهم رأساً
على عقب، لكن لابد أنها بدت بالنسبة اليه سهلة المنال، فكانت بمثابة ضمانة في لعبة.
تمتم لوك بنبرة جافة:
- أنت .. لطالما قللت من قيمة نفسك.
تفحصت عيناه وجهها المحمر وعينيها الزرقاوين ، ثم تابع:
- أقر ان هنالك عدداً من الاسباب التي جعلتك ملائمة...
أنهت إميلي الكلام عنه قائلة:
-.. وكلها اسباب تتعلق بالمال والمركز ، ولا علاقة لها ابداً بالحب.
لم ترغب إميلي بسماع كل تفصيل لسبب قراره بالزواج منها ، فهي تعلم مسبقاً أن
السبب هو ان والديها عرضا عليه هيستون غرانج بسعر منخفض جداً إن تزوج بإحدى
فتيات آل داير، وهكذا يستمر اتصال افراد العائلة مع ميراثهم، احست كما لو انها
مهرة معدة للاستيلاد ، بيعت مقابل مهر ملائم، لكن لوك لم يرغب بالأطفال اصلاً،
ماجعل تصميمه المفاجئ على استعادة حضانة ابنه امراً مفاجئاً بالنسبة إليها.
كرر لوك بعناد:
- جان كلود هو احد افراد عائلة فايلون، ومن الآن فصاعداً سوف يصير قصر
مونتيراد منزله لا ذلك المكان القذر.
- سان انطونيا ليس مكاناً قذراً، إنه منزل ريفي جميل، وجان كلود احب المكان.
ارتفع حاجبا لوك فيما غمغم متهكماً:
- احقاً؟ لابد أنه أعجوبة بين الاطفال حتى يكون قادراً على التعبير عن رأيه وهو لم يبلغ
السنة بعد ، اخبريني عزيزتي! ماالذي كنت ستفعلينه لو انه مرض؟ إن اقرب مستشفى
يقع على بعد أميال من سان انطونيا، يبدو أنك لا تهتمين كثيراً بمصلحته.
ردت إميلي بكلمات لاذعة ساخطة:
- بينما أنت بالطبع خبير في مسألة رعاية الأطفال ، جان كلود كان يتلقى عناية ممتازة
تماماً ، لكن ليس من السهل ان اكون اماً وحيدة، لذا شعرت بالامتنان للمساعدة التي
قدمها لي افراد تلك الجماعة.
أشار لوك بقوة:
- أنت كنت أماً وحيدة باختيارك، لكنك لم تمنحني جان كلود خياراً على الاطلاق،
اجبرته على ان يحيا مع احد والديه فقط، كما حرمتني من أية علاقة معه، الآن جاء دورك
أنت كي تعاني وتتعذبي.
ارتجفت إميلي لدى رؤيتها للوقت في نظراته ، صرخت:
- بحق السماء! ألا تستطيع أن تتصرف كالراشدين بخصوص هذه المسألة؟.
أطلق لوك ضحكة خشنة، ثم قال:
- من المؤكد أنها ستكون المرة الأولى بالنسبة إليك حبيبتي، لكنني أخشى القول إنك
دفعتني إلى حد جعلني أتخطى حدود التصرف بشكل عقلاني ، الآن بما أنني حصلت على
ابني ، فلا نية لدي على الاطلاق بأن اتخلى عنه.
-------------------------------------
بدأت السيارة تبطئ في المسير، فنظرت إميلي خارج النافذة، راحت تبحث شيئاً فيما
اصابها الرعب عن أية إشارات تدل على المطار، لكنها لم تجد شيئاً، عوضاً عن ذلك
اتجهت السيارة عبر بوابات تؤدي الى ما يبدو انه مدرج للطائرات الخاصة، فقبض عليها
الخوف المسبب للغثيان، كيف تراها استطاعت ان تنسى ان لوك يمتلك طائرته الخاصة؟
لم يكن هنالك ضوضاء أو طوابير عند مكتب حجز التذاكر، حيث املت ان تحظى
بفرصة لحمل جان كلود والهرب به خلسة، فقط طائرة لوك كانت جاهزة تنتظرهما على
المدرج، حسناً ! صرح لها لوك بأنه مستعد لأن يأخذها الى قصره من اجل مصلحة ابنه،
لكنه لا يستطيع إجبارها على استئناف دورها كزوجة له، أتراه يقدر على ذلك ؟
فجأة بدا لإميلي ان عزة نفسها سلعة يمكنها الاستغناء عنها مقابل الحصول على طفلها،
حدقت نحو لوك متضرعة عندما توقفت السيارة، فتوسلته قائلة:
- ارجوك ! لا تفعل هذا، لا يمكنني ان اعيش من دون جان كلود، لكنني ايضاً لا
استطيع أن اعيش معك.
رد لوك ببرود:
- حتماً ، إذا كنت تتمتعين بأي ذرة إحساس بالإنصاف ، لابد أن ترى أنه حان دوري
كي احصل عليه الآن، جان كلود سوف يأتي معي إلى منزلي ، معك أومن دونك.
صاحت إميلي وقد ارتفع صوتها من فرط الاحباط:
- لكنك لم تكن تريده! منذ اللحظة التي علمت فيها بحملي ، اوضحت لي تماماً انك غير
مهتم..بأي منا.
تابعت تذكره:
- صرت تنام في غرفة أخرى ، عندما تزعج نفسك بالقدوم الى الشقة اصلاً، ولم تتدخل
البتة بأمر حملي او تبدي أي اهتمام، حتى إنك لم تحضر الى المستشفى عندما اجريت
الصورة الصوتية الأولى له.
صدمتها موجة من الذكريات:
- ألديك أية فكرة على الإطلاق عن كيفية شعوري صباح ذلك اليوم؟ إن حقيقة
كونك قد امضيت الليل مع روبين هو أمر لا يغتفر، لكنني كنت ما أزال أظن... بل
أملت أنك تهتم بمافيه الكفاية بطفلنا ، ماقد يجعلك ترغب برؤية أول الصور له، جلست
في غرفة الانتظار تلك وحيدة، محاطة بأزواج متحمسين سعداء وصليت كي تحضر
أنت.
همست إيلي بذلك بانكسار ، ثم تابعت:
- كل مرة كانوا ينادون فيها اسمي كنت اسمح لامرأة غيري أن تدخل قبلي إلى ان ذهب
الجميع ولم يبق سواي، بقيت فقط أنا بمفردي مع ممرضتي التي اصبحت شديدة التعاطف
معي، والتي حاولت ان تلقي مزحة عن الرجال لكونهم غير نافعين على لإطلاق في
الالتزام بالوقت.
فركت إميلي عينيها بسخط، إذ كرهت أن يراها لوك وهي تبكي ، ثم قالت:
- لكنك لست من الذين لا يلتزمون بالوقت ، أليس كذلك لوك؟ إنك بكل بساطة لم
تأبه بالطفل ولا بي، لهذا السبب رحلت ، علمت أنني أطلت فترة البقاء اكثر مما هو
مرحب بي.
- هذا غير صحيح.
بدأ لوك يقول هذا، أما وجهه فأظهر مشاعر رفضت إميلي ان تحاول حل لغزها الآن ،
صرخت:
- بل هذا صحيح، أنا لم أكن بحاجة الى دليل أكبر على عدم مبالاتك، كيف يمكنك أن
تلومني الآن؟.
تمهل لوك وهو يفتح الباب.. لطالما مرت لحظات خلال السنة الماضية اقنع فيها نفسه أنه
يكرهها..أما الآن وهي تراقبه بعينيها الزرقاوين المعبرتين، فقد بدت إميلي شابة برئية تماماً
مثل ذلك اليوم الأول، حين حين نظرت الى الأعلى تحدق به ، فأحس كأن سهماً اخترقه
، ادرك لوك حساسيتها وسرعة عطبها، فأحس أن شيئاً مايجذب قلبه.
أقر لنفسه انه لم يكن دوماً بارعاً في التعبير عن مشاعره، فوخزه ضميره عندما تذكر
كيف جعلته مخاوفه المكبوتة يبدو متوتراً وغير متواصل معها، طفولته تركت ندوباً عليه،
وولدت لديه حذراً من الكشف عن مشاعره.
----------------------------------
في الواقع ، هو لم ينس موعد الصورة الصوتية ، يا إلهي! كان ليعطي أي شيء مقابل أن
يكون موجوداً معها، لكن روبين شتت أفكاره ، مزقه ذلك الأمر ، وعندما تمكن من
الاتصال بإميلي ليفسر الموقف ، كانت قد غادرت للتو متجهة الى المستشفى، ادرك أنه
تأخر كثيراً ، لكنه في تلك المرحلة لم يدرك مدى الأذى الذي سببه لها، كما أنها لم تمنحه
أية فرصة ليقوم بالتعويض.
زمجر لوك وهو يخرج من السيارة قائلاً:
- انتظري هنا ريثما أرى إذا كانوا مستعدين، وظفت مربية كي تهتم بجان كلود، من
الأفضل ان يتعرف إليها قبل أن نصعد على متن الطائرة.
اشارت إميلي بحدة:
- إنه لا يحتاج الى مربية ، يمكنني أن اعتني به بشكل ممتاز تماماً بمفردي.
- ياإلهي! هل يجب ان تجادليني بخصوص كل شيء؟
كان لوك للتو قد بدأ يسير بخطوات واسعة عبر المدرج، فراقبته إميلي يرحل، راح
الأدرينالين يجول في جسدها عندما قرعت بأناملها على الفاصل الزجاجي في السيارة كي
تستحوذ على انتباه السائق، هذه على الأرجح سيارة بنبرة واثقة لا تقارن بالخوف الذي
يتلوى في قعر معدتها، إذ قالت له:
- انطلق بالسيارة ، ارجوك!.
الأشهر التي أمضتها في اسبانيا جعلتها تتحدث اللغة الإسبانية بطلاقة، ابتسمت للسائق ،
ثم تابعت :
- حصل تغيير في المخطط، السنيور فايلون يود منك أن تعود وتقلني الى المطار الدولي.
التمعت عينا السائق اليافع السوداون بإعجاب لم يقم بأي مجهود لإخفائه وهو يرد لها
الابتسامة قائلاً:
- حاضر سيدتي.
تحركت عجلات السيارة الى الأمام ، فاستنشقت إميلي نفساً حاداً وقالت:
- بأسرع مايمكنك ، ارجوك!.
لكن الأوان فات، لابد أن لوك تحرك بسرعة تفوق سرعة الضوء، إذ عاد ليفتح الباب
بقوة .
- ايتها العاهرة الصغيرة!.
شتمها بوحشية ، فيما أظهر وجهه السخط الشديد والهيجان ، صرخ بالسائق كي يطفئ
المحرك ، وبسرعة حل حزام الأمان الخاص بجان كلود ، فحمله بين ذراعيه بينما التفت
انامله حول ذراع إميلي وزمجر قائلاً:
- كنت مستعداً لأكون منصفاً، وأعاملك باحترام من الواضح أنك لا تستحقينه، لكن
ليس بعد الآن.
- هل كل شيء على مايرام سيد فايلون؟.
بدت المرأة الواقفة عند اسفل درج الطائرة هادئة وعملية في بذلتها الرمادية، افترضت
إميلي أنها المربية التي استخدمها لوك.
- هلا أخذت الطفل؟.
نقل لوك الطفل الى ذراعي المرأة ، ومالبثت أن أعاد انتباهه نحو إميلي تتدحرج نزولاً
على وجه هذه الأخيرة.
- لا يمكنك أن تفعل هذا.
همست إميلي بذلك حين شدها لوك ذراعيه وبخها قائلاً:
- راقبيني!.
وقبل أن تدرك نواياه، كان رأسه قد حجب عنها نور الشمس ، لم يكن ذلك عناقاً
بمقدار ماهو وصمة عار علنية، بدا عناق لوك وحشياً قاسياً، شعرت إميلي بالصدمة الى
درجة أنها استندت إلى صدره بكل بساطة إذ خشيت أن تخذلها رجلاها تحتها، بدا إذلالها
تاماً عندما أجبرت على التعلق به طلباً للدعم، بدا ذلك العناق سريعاً بمقدار ماهو
وحشي، إذ افلتها لوك وهو يطلق شتيمة فظة بينما حدقت إميلي الى الأعلى نحوه.
غطت وجهها بكفيها لبضع ثوان وجيزة ،إذ تجاوب جسدها على الفور مع جاذبيته
الفطرية، اما خداها فاحترقا خزياً وخجلاً، إنه يعلم مدى التأثير الذي يتركه عليها!
خلال هذه الثواني القليلة جعلها تنسى كل شيء حتى ابنها.
- ارفع يديك عني.
طالبته بذلك فيما بدا صوتها مرتعشاً، فرمى لوك رأسه الى الخلف ضاحكاً.
- إنك ممثلة بارعة ، أقر لك بذلك ، لكن لا يمكنك خداعي ، عزيزتي، أنا اعرفك حق
المعرفة، وأتذكر بوضوح تام ماالذي يرضيك، أهلاً بعودتك يازوجتي الحلوة.
وضع يده خلف ظهرها ، ودفعها صعودا على الدرج نحو الطائرة المنتظرة.
---------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:29 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:29 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4- سجينة البرج
تمتاز منطقة اللوار في فرنسا بالنضارة والاخضرار، وهذا تناقص تام مع المنظر الطبيعي
الصخري الذي اصبحت إميلي معتادة عليه في سان أنطونيا، تتبعت السيارة مسار النهر
قبل ان تبدأ الطريق بالصعود، فاستنشقت إميلي نفساً حاداً عندما برزت امامها جدران
رمادية مهيبة.
دخلت بهما السيارة عبر البوابة المحفورة في الجدار الخارجي نحو الباحة الخارجية الواسعة،
استفسرت إميلي بوهن:
- أتريد أن يتربى جان كلود هنا؟.إنه مكان ينتمى الى القرون الوسطى!.
- إنه كذلك، قصر مونتيراد شيد في القرن الخامس عشر، وبالرغم من أن الجدران
الخارجية و الأبراج وأقبية النبيذ ماتزال باقية من البناء الأساسي الأصلى ،كذلك
السجن...
أضاف لوك عبارته الأخيرة فقذفته إميلي بنظرة مذهولة ، باحثة عن آثار للفكاهة عنده ،
لكنها لم تجد أياً منها، فيما تابع:
-.. فإن المقر الرئيسي أعيد تصميمه بشكل عصري على يد أخصائيين ، وأنا صممت
غرفة حضانة جان كلود بنفسي، لن ينقصه أي شيء.
قال لوك ذلك متعمداً، فتساءلت إميلي إذا كان يتوقع منها ان تنام في غرفة الغسيل.
- القصر مايزال في حوزة آل فايلون منذ أن حصلوا عليه عام 1506، إنه حق جان
كلود بالولادة وميراثه، هذا أمر يجدر بك أن تفهميه، بما أن لعائلتك روابط قوية جداً مع
هيوستون غرانج.
سألت إميلي بفضول قائلة:
- كيف حصل آل فايلون على القصر؟
هز لوك كتفيه قائلاً:
- أتصور أنها القوة، فاسلافي كانوا قطاع طرق بالرغم من هذا يذكر التاريخ أن رينيه
فايلون كان يمسك زلة المالك الأصلي للقصر، فابتزه كي يسمح له بالزواج من ابنته،
تقول القصة إن الفتاة اصبحت مشتتة الفكر لأنها أجبرت على الزواج من رينيه الفظ،
فرفضت أن تنام معه ، قام رينيه باحتجازها في أعلى برج في القصر كي يعاقبها ، لكنها
عوضاً عن منح نفسها له فضلت ان ترمي بنفسها من القمة، من حسن حظك أنك لا
تعانين من موانع مماثلة في مايخص إقامة علاقة حيمية معي عزيزتي.
--------------------------------
غمغمت إميلي ببرودة متجاهلة سخريته:
- ياللفتاة المسكينة! مامن امرأة قد ترغب بالزواج من بربري لا تكن له الاحترام.
انتظرت إميلي ان ينفجر مزاجه الغاضب، لكن عوضاً عن ذلك التوى فمه في ابتسامة
حاقدة وقال:
- من المؤسف ياصغيرتي أنك اصبحت تملكين لساناً حاداً، لكن لعله يجدر بي أن اذكرك
ان موقعك هنا ضعيف جداً، لن ينفعك ان تزعجيني.
- لا سمح الله ! فأنا أدرك أنك تتوقع ان تكون زوجتك مطيعة ولينة.
- إذاً سوف نتفق بشكل جيد.
آه! بكل بساطة عليه أن يقول هو الكلمة الأخيرة ، فكرت إميلي بذلك بجموح، بينما
راقبت لوك وهو يسير عبر الباحة الخارجية كي يلقي التحية على حشد من الموظفين
الذين يرتدون بذلات رسمية، وقد تجمعوا على الدرجات المؤدية نحو الممر الرئيسي .
كانت المربية والسكرتيرات اللواتي يعملن لديه قد تبعتهم في سيارة اخرى، حين حررت
إميلي إبنها جان كلود من المقعد المخصص للأطفال في السيارة ، ظهرت ليز كراوفورد،
ومدت ذراعيها نحوها كي تتولى الاهتمام بالطفل.
- السيد فايلون طلب مني أن آخذ الطفل مباشرة الى غرفة الحضانة الخاصة به، بينما
يقدمك هو الى موظفي منزله .
فغاص قلب إميلي، كانت اميلي قد توددت الى ليز خلال المحادثة الوجيزة التي جرت
بينمها على متن الرحلة القادمة بهم من إسبانيا، أخبرتها ليز أنها عادت الى العمل في رعاية
الأطفال بعد أن توفي زوجها، أما بناتها فمنشغلات بحياتهن الخاصة، غمغمت ليز متعاطفة:
- أدرك أن لا أحد قادر على أن يحل محلك بالنسبة الى لجان كلود، وبالطبع أنت
تريدين ان تقومي بكل شيء بنفسك، لكن زوجك فسر لي أنك كنت مريضة، أنا هنا
كي امنحك فرصة للراحة عندما تحتاجينها.
بدا الكلام منطقياً في ظاهره، لكن ذلك لم يخلص إميلي من شكوكها، ليز لطيفة وتتمتع
بحس الأمومة، لكنها في نهاية الأمر مسؤولة امام لوك، وسوف تتبع أوامره حتى لو جعلها
ذلك تفصل مابين جان كلود وأمه راحت إميلي ترتعد في إعماقها، فيما عبرت الباحة
الخارجية الى حيث كان موظفو لوك ينتظرونهما، تمنت لو انها استجابت لأوامره
فغيرت ملابسها الى ثياب أقل زهواً وألواناً، رأت فك لوك يتصلب بشكل منذر بالسوء
عندما انضمت اليه على الدرج.
من جهته فكر لوك ان اميلي تبدو أجمل حتى مما كانت عليه في المرة الأولى التي تعرف
فيها إليها، لاحظ كيف جعلت أشعة الشمس تنورتها تبدو شفافة .
أدرك انه لم يكن الوحيد الذي لاحظ ذلك، بينما رمق أحد سائسي الخيل اليافعين بحملقة
منفجرة، لعل سلفه رينيه كان على حق في احتجاز عروسه الشابة في ذاك البرج، بعيداً
عن المعجبين.
تلك الفكرة لم تحسن مزاجه، إذ عاد وتصلب عندما قامت هبة نسيم مفاجئة بنفخ شعر
إميلي ، فتطاير فوق وجهه، بدت رائحة شعرهاكرائحة الليمون، نضرة ومغرية فقاوم
لوك رغبته بأن يلف خصلات ذلك الشعر حول أنامله، وأن يحني رأسها ليأخذها في
عناق وحشي .
دفعت إميلي شعرها من فوق كتفيها وهي تدرك أن موظفي منزل لوك يحدقون إليها
بفضول، لاشك أنهم توقعوا أن تكون زوجته أنيقة ومتميزة ، غدت أعصابها متوترة، حتى
إنها لم تقو إلا على استجماع ابتسامة خجولة عندما قدم لها لوك رئيس الخدم فيليب
الذي ينظم إدارة القصر مع زوجته سيلفي وابنتهما سيمون.
------------------------------------
تذمر لوك عندما تبعته الى البهو الداخلي الواسع قائلاً:
- يمكنك على الأقل ان تحاولي التصرف بلطافة، عائلة فيليب عملت في هذا القصر منذ
عهود، أتوقع منك أن تعاملهم باللباقة التي يستحقونها ، لا ان تتصرفي بتعجرف.
دافعت إميلي عن نفسها قائلة:
- أنا لا اتصرف بتعجرف لكنني لست معتادة على العيش مع عشرات الموظفين،إذ دارة
هيوستون غرانج كانت تتطلب الكثير من الاهتمام ، لكن والدي لم يقدرا على تحمل
نفقات توظيف احد سوى مدبرة المنزل العجوز اللطيفة، بيتي ، لست أدري كيف تتوقع
مني أن اتصرف، او حتى ماسيكون دوري في القصر، أنت تقدمني إليهم على انني
زوجتك، لكنني مازلت لا اصدق انك تتوقع أن نستأنف علاقتنا كما لو ان شيئاً لم
يحصل.
- صدقي ، صغيرتي!
اقترح لوك ذلك بكآبة ، أما تعابير وجهه فلم يدرك كنهها ، لذا تنهدت إميلي ، ونظرت
في أرجاء البهو العريض.
على الرغم من أن القصر بدا مهيباً من الخارج، لكنه يتمتع في الداخل بإنارة وتهوئة
جيدتين، وبحيث تسلل أشعة الشمس من خلال النوافذ الطويلة.
إن القصر أبعد مايكون عن أن يكون بارداً وصارماً، فقد أوليت عناية كبيرة لجعله مقراً
عائلياً مريحاً، تأثرت إميلي بسحره وأحست على الفور أنها في منزلها، وهذا أمر غريب،
إذ لطالما احست بعدم الارتياح في هيوستن.
ذكرت إميلي نفسها أن ليس هنالك من جدوى بأن تصبح متعلقة بالقصر، فهي لن تبقى
هنا طويلاً، تحركت عيناها لتنظرا نحو الصور التي تزين الجدران، من الواضح ان بعضها
قديم جداً، ولا شك أنها لا تقدر بثمن.
قال لوك فيما تتبع نظرات إميلي:
- تعرفي الى العائلة هنالك صور تمثل كل واحد من اسلافي، أما الرسم الأكثر حداثة
فيمثل والدي.
جان لويس فايلون وزوجته سيلين حدّقا نزولاً من صورتهما نحو إميلي بازدراء، فارتعد
مفاصلها، هل يعود السبب إلى اسلوب الرسم ، أم انهما كانا باردين وغير ودودين كما
يبدوان؟ لوك يتمتع بشبه قوي مع والده، لكن عيني جان لويس بدتا مسطحتين
وخاليتين من أية مشاعر، بينما تتقد عينا لوك بالنار ، عادة مايكون سبب ذلك الغضب
منها ، أقرت إميلي بذلك بحزن.
- هل يقيم والداك هنا في القصر؟
سألته إميلي بقلق، لكن لوك هز رأسه نفياً:
- كلاهما متوفيان، ولربما حزرت من الصورة الزيتية ان زواجهما لم يكن زواجاً سعيداً،
بل أقرب الى ترتيب عمل بين عائلتين ثريتين، عائلة أمي كانت تمتلك كروم العنب التي
اصبحت الآن جزءاً من ملكية فايلون.
- ألم يحبا بعضهما البعض ؟
غمغمت إميل يذلك ، فأطلق لوط ضحكة خشنة:
- حتماً لا! والدي كان رجلاً بارداً جافاً، أما والدتي فكانت حساسة ، وأمضت غالبية
الوقت وهي تشعر بالتعاسة إلى درجة أحست معها أنها مجبرة على جعل التاريخ يعيد
نفسه.
تأثرت إميلي بقصة رينيه وزوجته المأساوية، ثم عبست واستفسرت غير قادرة على إخفاء
الصدمة في صوتها:
- أتعني أن والدتك قفزت من أحد الأبراج لتقتل نفسها؟ كم هذا مريع! كم كنت تبلغ
من العمر حينها؟
رد لوك وهو يهز كتفيه:
- في الخامسة عشرة من عمري أو مايقاربها ، لست أذكر بالتحديد.
لكن الكآبة المرتسمة في عينيه اخبرتها قصة مختلفة ، فخمنت إميلي ان كل تفصيل من
تفاصيل الحدث المأساوي مايزال محفوراً في ذهنه.
همست قائلة:
- هذا شنيع! لا يمكنني أن اصدق ان أماً يمكنها ترك ولدها بهذا الشكل.
في الخامسة عشرة من عمره! لابد ان لوك كان بحاجة الى حب والديه وحمايتهما ، تأوه
قلب إميلي لأجله، آه! هي أيضاً بإبعاد ابنه عنه، هل مأساة والديه هي السبب الذي
يدفعه إلى التردد بإظهار عواطفه؟ أضافت قائلة:
- لابد انه كان مشهداً بشعاً لمن اكتشفها.
--------------------------------------
حدق بها لوك، فيما قفز عصب ما في وجهه، وهو يقول:
- نعم، لم يكن منظراً حميلاً.
- أتعني أنك ..آه ...لوك!
لم تهتم في تلك اللحظة لكونهما عدوين لدودين، فجل مااستطاعت إميلي تخيله هو ان
لوك كان مراهقاً ، بل صبياً على حافة البلوغ ، ومشاعره مشتتة بالكامل، لابد أن
انتحار والدته المروع انطبع في ذاكراته مدى الحياة، وبحسب مايبدو من منظر والده
الصارم، لابد انه تلقى القليل جداً من التفهم، غمغمت قائلة:
- لمِ لم تخبرني بذلك من قبل؟
مدت يدها نحوه بحركة لا إرادية ، راغبة في مواساته ، وتابعت:
- طيلة أشهر زواجاً لم تذكر والديك قط.
نظر لوك نزولاً نحو اليد التي أمسكت ذراعه، فيما بدت تعابير وجهه باردة متعجرفة،
ماجعل إميلي تسحب يدها بسرعة ، لوك لا يتوقع منها تعاطفاً ولا يرغب به، تجمدت
الدماء في عروقها وهي تفكر أنها كانت غريبة عنه دخيلة عندما تزوجها، والآن لم يتغير
أي شيء، سوف تبذل جهدها لأن تتذكر هذا الواقع.
- التحدث عن لعنة زوجات آل فايلون بالكاد بدا لي موضوعاً مناسباً ليوم زفافنا
عزيزتي ، يبدو أن الزيجات في عائلتي تنتهي بصورة مأساوية، لكن من اجل جان كلود
دعينا نأمل أن زواجنا لن يعاني من القدر نفسه.
أشارت إميلي قائلة :
- بدأ للتو يعاني من ذلك القدر ، والآن زواجنا مفكك بشكل لا يمكن إصلاحه.
أطلقت تنهيدة تنم عن الإحباط عندما لم يبد لوك أي جواب،بل حدق فيها ببساطة كما
لو أنه عازم على قراءة ذهنها.
- هذا لن ينجح، لوك فهنالك الكثير من المرارة وانعدام الثقة بيننا، مايمنعنا من محاولة
إكمال زواجنا بالقوة من جديد، لعله يجدر بي أن أبدأ البحث عن منزل في القرية لجان
كلود ولي، مكان ماقريب بمايكفي حتى تزوره بسهولة.
أجابها لوك بفظاظة، بينما راقبته إميلي بعجز وهو يمشي نحو مطلع الدرج العريض:
- انسي الأمر! يمكنك أن تبحثي عن منزل ما في القرية لك، لكن ابني سيبقى هنا، وهو
حتماً لن يكون وحيداً ، أنا أنوي أن اجعل القصر مقراً دائماً لي، للعمل والسكن على
السواء، صدقيني ! من الآن فصاعداً سينال جان كلود اهتمامي الكامل.
شابت صوتها لمحة من الهلع :
- لكن... ماذا بشأن أسفارك والتزاماتك اللامتناهية ولقاءات العمل في كل زوايا الكرة
الأرضية؟ بالكاد يمكنك ان تصطحبه معك الى اجتماعات مجلس الإدارة.
- سوف اختصر اسفاري، أقر أنني لا اجد مسألة تفويض اشخاص من قبلي امراً سهلاً،
لكنها تضحية صغيرة مقابل وجود ابني معي.
اتهمته إميلي بمرارة:
- هذه تضحية رفضت ان تقوم بها لأجلي، أتدرك كم شعرت بالوحدة أثناء زواجنا؟
ألقيت بي وسط مدينة كبرى حيث لم يكن لدي أي اصدقاء، أما الفترة الوحيدة التي
كنت أراك فيها فكانت في السرير.
ثم تابعت قائلة ببوس:
- نحن لم نتكلم قط ، لوك ، لم نقم بكل تلك الأمور التي يفعلها غالبية الزواج سوياً،
كأن ... لست أدري... نذهب الى المتجر سوياً.
رد لوك بكلمات لاذعة:
- وظفت مدبرة منزل ممتازة اتهتم بإدارة امور الشقة كي لا تضطري انت الى القيام
بذلك ، ثم ..أين الرومنسية في القيام بالتسوق لشراء البقالة؟.
- أليس ذلك أفضل من حفلات العشاء المعذبة تلك التي كانت تنظمها روبين.
تذمر لوك قائلاً:
- ظننتك ستسرين بالفرصة المتاحة أمامك للقيام بنشاطات اجتماعية ، من جهة اخرى
كنت تتمتعين بصلاحية غير محدودة لاستخدام بطاقات الاعتماد الخاصة بي، لكي تذهبي
لشراء ثياب جديدة، غالبية النساء يحببن التأنق.
---------------------------------------
أضاف ذلك بنبرة تنطق بإحباطه لأنه غير قادر على فهمها فكرت إميلي بحزن ، ان
جذور العديد من مشاكلهما تكمن هناك:إنها لا تشبه البتة عشيقات لوك السابقات، لماذا
تراه تزوجها؟ إن تصميمه على أن يبقيها زوجته هو أمر محير ومربك أيضاً، إنه لغز لا
يمكنها حله.
- لا يمكنك أن تجبرني على البقاء هنا.
هز لوك كتفيه كما لو أنه سئم من الموضوع بأسره.
- لا، لكنني أستطيع أن أؤكد بأنك لن تطئي بقدمك خارج القصر وأنت تحملين ابني
معك.
التهديد المضمر في صوته جعل ارتعادة تنسل نزولاً على عمودها الفقري، هو يعلم أنها
لن تترك طفلها.
تابع لوك سيره صعوداً على الدرج، حتى اختفى عن الأنظار ، تعثرت إميلي وهي تلحق
به، ومالبثت أن توقفت امام لوحة زيتية ضخمة احتلت جدار مصطبة، إنها صورة امرأة
، نمط الرسم وملابس المرأة تدل على انها إضافة حديثة إلى أرشيف آل فايلون، لكن
شيئاً ما بخصوص وجهها أسر اهتمام إميلي، إنها أكثر النساء اللواتي رأتهن إميلي جمالاً
على الإطلاق الى شعر أسود كثيف يتوهج كالحرير الخام، أهي واحدة من زوجات آل
فايلون الملعونات، أم تراها قريبة للوك؟ بدت عيناها السوداوان باردتين، تفتقران الى
العاطفة، تماماً كما بدا والد لوك.
بالنسبة إلى إميلي ، تلخص هذه المرأة كل ماليست هي عليه، فهي تبدو أنيقة ومتميزة
وكأنها تنتمي الى القصر، ماذكرها بأنها هي نفسها، بملابسها الزاهية الزهيدة الثمن
ليست سوى دخيلة لا مكان لها هنا ، إن العيش في قصر فرنسي معزول قد يكون أسوأ
حتى من الإقامة في شقة شيلسيا العلوية، لن تحظى إميلي بأية فرصة لتكوين اصدقاء، أو
حتى لتكون لها حياة خاصة بها، وستكون معتمدة كلياً على لوك، هذه الفكرة الأخيرة
أرعبتها.
أسرعت تصعد الدرج الذي قطعه لوك منذ دقائق قليلة، فوصلت الى شرفة داخلية
مستطيلة، يليها رواق حيث سمحت النافذة الموجودة عند أحد طرفيه بتسلل أشعة
الشمس، بدا المشهد أشبه بقصة ( أليس في بلاد العجائب).
فكرت إميلي بذلك، بينما ركضت على طول الرواق، فوجدت ان الأبواب الموجودة
على كلا الجانبين مقفلة بإحكام.
لاحظت ان الباب الأخير ترك مشقوقاً قليلاً، فدفعته لتفتحه، علقت الأنفاس في حلقها
عندما نظرت في أرجاء الغرفة الهائلة الاتساع.
قد يتوقع المرء أن تبدو الغرفة مظلمة بسبب أرضيتها الخشبية الغامقة، والسقف ذي
اللون الغامق، لكن جداراً بأكمله احتوى على نوافذ هائلة ضخمة، اما على الجدار
المقابل فهناك موقد ضخم رائع فوقه قماش مزركش، خمنت إميلي أنه قطعة أثرية متوراثة
في القصر، ليس الديكور أو الاعمال الفنية هي التي أذهلت إميلي، بل السرير الضخم
ذو النقوش والأعمدة الاربعة الذي وضع في وسط الغرفة هو مالفت انتباهها، تساءلت
إميلي بارتعادة مفاجئة، هل أجبر رينيه النذل عروسه على مشاركته هذا السرير؟
هل نامت والدة لوك التعيسة في هذه الغرفة، إلى ان قررت إنهاء حياتها؟
- لوك! يجدر بنا أن نتكلم.
بدا لإميلي كأن أشباح تتربص بكل زاوية من الغرفة، صرخت وهي تستدير حول
نفسها، عندما سمعت صوت تدقق المياه في الحمام العصري.
بدا الحمام الملاصق لغرفة النوم مزيجاً بين الماضي التاريخي للقصر وبين المتطلبات
العصرية، على الرغم من أن حوض الاستحمام الهائل سيطر على الغرفة، إلا أن حجيرة
الاستحمام الموجودة في الطرف الآخر لم تبدُ في غير موقعها.
وجهت إميلي كلامها إلى الشكل المظلل من خلال الزجاج المغطى بالضباب قائلة:
- هل أنت مصغ؟ بما أنك حريص جداً على أن تشير إلي بوضوح على أنني زوجتك،
فإن لدي حقوقاً أيضاً، ولت تلك الأيام التي كانت النساء فيها يعاملن كما لو أنهن لسن
أفضل من الماشية،وكن يعتبرن كإحدى ممتلكات أزواجهن، أنا لست تلك الفتاة الضعيفة
الخانقة التي كانت زوجة رينيه عليها، ولن أسمح لك أن تستقوي علي.
-----------------------------
- أستقوي عليك؟!
سمع صوت أشبه بالانفجار من داخل حجرة الاستحمام، فتراجعت إميلي خطوة الى
الوراء بتسرع بعيداً عن الباب، لكن الأوان كان قد فات، انشقت الابواب الزجاجية،
وتسللت يد بوك المبللة التي يغطيها الشعر الى الخارج فسحب منشفة وركيه.
انشدت نظراتها نحو صدره الرائع، فراقبت كيف تجمعت قطرات المياه وسط الشعيرات
التي تغطيه، إنه رائعاً جداً، لابد أن أفكارها الآثمة ظهرت في عينيها الواسعتين
المصدومتين.
- ياإلهي! توقفي عن النظر إلي بهذا الشكل عزيزتي إلا إذا كنت مستعدة لتحمل
العواقب.
غمغم لوك بذلك، فانتقلت نظرات إميلي المذهولة الى وجهه، لاحظت موجة من اللون
تلطخ عظمتي خديه.
بدت يائسة لتخفي حماسها، فردت بكلمات مفحمة وسريعة:
- أنا اردت فقط التحدث إليك، أنت من خرج الى هنا، لا يمكنني أن أنتظر ريثما...
قاطعها لوك قائلاً:
- هل أنت يائسة لإنهاء مابدأناه على متن الطائرة؟ ألهذا السبب أنت هنا إميلي؟ هل
جعلك العناق تائقة لإتمام العلاقة بيننا؟ لا داعي لأن تقلقي.
طمأنها لوك، بينما تقدم نحوها وتابع:
- أنا أكثر من مستعد لمساعدتك على تخطي ترددك باستئناف دورك كزوجة لي.
أطلق ضحكة خشنة، مدركاً أنه يسخر من نفسه لا منها، ثم تابع:
- لطالما أفقدتني سيطرتي على نفسي عزيزتي، فأنا لم أشعر بالحاجة إلى أية امرأة كما
أحتاج إليك أنتِ.
- لوك، لا!
قاومت إميلي ذلك التفاعل الكيميائي المسيطر عليهما، فيما جذبها لوك لتلتصق بصدره،
بعد أن أقفل صنابير المياه، تذمرت وقد ارتكزت نظراتها على لوك وهو يخفض رأسه
نحوها:
- جئت الى هنا كي نتحدث بشأن جان كلود، أنا لا اريد هذا.
لكن لوك رد بفظاظة وعدم إحساس:
- عزيزتي! أنت تتحرقين شوقاً لهذا.
ارتعدت إميلي بسبب فظاظة كلماته، فكرت بهلع أين هي عزة نفسها؟ على الفور ضمها
لوك اليه في عناق سلب منها سلامة عقلها ، وطرد كل فكرة أخرى خارج ذهنها
باستثناء توقها الجامح الملح إليه .
يجدر بها أن توقفه ، كل غريزة من غرائزها حذرتها بأنها تتبع درباً سوف تندم عليه
لاحقاً، لكن النار المشتعلة في عينيه جعلتها تتوق اليه اكثر.
اختفى رجل الاعمال البارد المتغطرس الذي أحسست بالألم بسببه، وحل مكانه العاشق
الفرنسي الشغوف الذي لم يقو على إبعاد يديه عنها خلال الأسابيع والأشهر الأولى
لزواجهما ، ادركت إميلي ان سيطرته على ذاته تتأرجح على الحافة ، جعلها ذلك
الاحساس تشعر بالأنوثة وبأنها محبوبة وجذابة، كما جعلها تشعر بتلك الأشياء التي لم
تشعر بها منذ ان حملت بجان كلود.
- أنت تريدين كل جزء من هذا بمقدار ماأريده أنا.
تنفس لوك بذلك بالقرب من أذنها، أرادت إميلي أن تنكر توبيخه الساخر، لكنها بدت
عديمة الحيلة، وقد جرفتها دوامة من الأحاسيس الاستثنائية الى درجة أنها تعلقت بكتفي
لوك كي تمسك به جيداً، حملها بين ذراعيه ، فأجبرت إميلي على التمسك به أكثر ،
وأحست بصلابة جسده وتوتره، خرج لوك من غرفة الحمام ، ومشى بخطوات واسعة
نحو غرفة النوم، ثم توقف بالقرب من السرير الضخم.
----------------------------------
- هذا هو المكان الذي كان يجدر بي أن أحضرك أليه ليلة زفافنا، حيث قامت كل
زوجات آل فايلون بمنح أنفسهن تماماً وبالكامل لأزواجهن.
أخبرها لوك بذلك، وعيناه تلتمعان، فأدركت إميلي أنهما يقتربان بسرعة من نقطة
اللاعودة، حذرها قائلاً:
- سوف تكونين ملكي إلى الأبد ، امامك حوالي الثلاثين ثانية لتمنعيني صغيرتي .
أحست إميلي بالضياع، هذا هو لوك الرجل الذي احبته يوماً ، إذا ماتحلت بالشجاعة
لتنظر داخل قلبها، ستدرك أنها ماتزال تحبه، تلوت إميلي فيما ظلت يداها ملتفتين بحزم
حوله ، ولم تسيطر أية فكرة أخرى على ذهنها سوى أنها ترغب به وتريده.
أنزلها على السرير، وسرعان ما انضم اليها ليثبت لها شوقه إليها، مستعيداً علاقتهما
كزوجين بسرعة قصوى.
الأحاسيس التي أثارها داخل إميلي بدت حادة وقوية، فقد اختفى لوك العاشق الماهر
المتحكم بذاته، وحل مكانه رجل عازم على إثبات تملكه لهذه المرأة بطريقة لا تحتمل
الشك ، طريقة تصرف لوك جعلت إميلي ترتعد، مع هذا لم يكن ذلك بسبب الخوف،
بل التجاوب مع شغف لم تعد قادرة على نكرانه.
ليس هنالك من رابح في هذه المعركة، بل هناك خاسرين! فكرت إميلي بذلك وهي
ترمش كي تردع تسارع الدموع الى عينيها، إنه لا يقرن العلاقة الزوجية مع الحب، اما
بالنسبة لها، فهما مرتبطان بشكل معقد لا يمكن الخروج منه، وعلى الرغم من أن
جسدها تجاوب تماماً معه، إلا أن قلبها ظل متألماً ويكاد يفيض بالكلمات التي لا يرغب
لوك بسماعها.
- أظن أن هذا يبرهن أن بإمكاننا نسيان فكرة الطلاق نهائياً.
قال لوك ذلك، فدمرت آثار الاكتفاء والرضى البادية في صوته بقايا احترام إميلي
لذاتها،لذا لفت ذراعيها حول جسدها بحركة دفاعية.
- لست آبه مطلقاً بما تظنه.
بدا صوتها ثخيناً بسبب الدموع التي حاولت يائسة أن تخفيها عنه، لوهلة تجمد لوك
فأحست بنظراته عليها، لكنها مع ذلك رفضت أن تدير رأسها وتنظر إليه.
- إميلي...!
حمل صوت لوك نبرة مثيرة للفضول، لكن إميلي دفعت نفسها كي تتجاهلها ، إن لوك
مصقول كتلك الحجارة الصلبة في قصره الذي يعود تاريخه الى العصور الوسطى، وأية
لمحة رقة تظنها لديه مردها إلى مخيلتها فقط، قالت بإيجاز:
- اذهب الى الجحيم! لقد نلت مبتغاك، دعنا نترك الأمر عند هذا الحد فقط، هلا فعلنا؟
صلت إميلي بصمت أن يدعها بمفردها قبل أن تنهمر دموعها ، لا يمكنها أن تحتمل رؤيته
لها وهي تبكي.
- كما تشائين، عزيزتي ، اقترح عليك أن تبقي هنا وتستريحي، فأنت تبدين ...مشتتة.
علق لوك بصوت حريري بينما مشى بخطوات واسعة نحو الحمام المتصل بغرفة النوم، ثم
قال:
- روبين نظمت حفل استقبال صغير هذه الليلة ، إنها فرصة كي تتعرفي الى بعض
أصدقائي الذين يعيشون على مقربة من هنا، الجميع يشعرون بالفضول كي يروا السيدة
الجديدة لقصر مونتيراد.
أضاف عبارته الأخيرة، بينما حدقت به إميلي وهي غير قادرة على إخفاء ذعرها.
- أتعني أن روبين هنا؟
رد لوك وهو يهز كتفيه بشكل يدل على عدم مبالاته برد فعلها:
- بالطبع! أين تراها ستكون إذاً؟.
- بالفعل، أين ستكون إذاً؟
شعرت بالصدمة من إعلانه هذا لها ومن كشفه الواضح لفظاظته.
روبين هي إحدى أجمل النساء وأكثرهن جاذبية في جيلها، ولا ريب أبداً أنها عشيقة
لوك، وهي موجودة هنا في القصر! سرعان ماتبخرت أية آمال علقتها إميلي على إصلاح
علاقتها مع زوجها.
-------------------------------
توقف لوك في مدخل الباب المؤدي الى الحمام ، ثم أطلق تنهيدة تدل على نفاذ الصبر
قائلاً:
- أخبرتك ان مقر عملي اصبح هنا في القصر، وروبين هي مساعدتي الشخصية، أنا
اعتمد كثيراً على مهاراتها التنظيمية، لذا حاولي ألا تدعي مخيلتك تأخذك بعيداً.
ارتفع حاجبا إميلي على الفور، ثم قالت:
- أنا واثقة أن مهاراتها التنظيمية هي أقل شيء في سحرها، لكن ليكن ماتريده، بالرغم
من ذلك ، لدي سؤال واحد: من منا سوق تقدمها لأصدقائك على أنها سيدة القصر؟
أقترح عليك أن تفكر بالموضوع قبل أن تسبب الإحراج لأصدقائك.
غمغمت إميلي بذلك، وأجفلت عندما صفق لوك باب الحمام بقوة حتى اهتزت
مفصلاته، حينها فقط دفنت رأسها في الوسائد، فبكت الى أن جفت دموعها، في مرحلة
ما غمرها الإرهاق فنامت، ولم تدرك أن لوك عاد ، فوقف يحدق بوجهها الملطخ
بالدموع، قبل أن يغطيها باللحاف ، أخيراً تركها لتنام بسلام وهدوء.
-----------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:29 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5- سيدة القصر
- يجدر بهذا اليوم أن يبقى محفوراً في ذهني الى الأبد، تماماً مثل اليوم الذي حملت فيه
ابني.
غمغم لوك بذلك لنفسه، لكن عوضاً عن ذلك ، شخص واحد فقط ظل مسيطراً على
أفكاره .
إميلي!..........
راح اسمها يدور في رأسه كالدوامة، فيغيظه ويعذبه، تماماً كما تفعل إميلي دوماً، أطلق
لوك شتيمة ساخطة، وهو يمشي بخطوات واسعة نحو غرفة الطعام متذكراً بوضوح تام
كيف تجاوبت إميلي معه منذ بضع ساعات فقط، والآن قبل أقل من ساعة من موعد
الذهاب الى حفلة العشاء الملعونة التي نظمتها روبين ، أحس أن جسده يتجاوب مع هذه
الذكريات بحماسة جعله يتأوه، كيف بحق الجحيم يمكنه تحمل فترة العشاء على هذا
الشكل، في حين أن جل مايرغب بفعله حقاً، هو أن يصعد الى الطابق العلوي ، فيأخذ
زوجته بين ذراعيه حتى يعوض تلك الأشهر التي أمضايها بعيدين عن بعضهما؟
أقر لوك بكآبة أنها لن ترحب به ، فقد تصرف معها كذاك البربري الذي اتهمته إميلي
بأنه عليه، اندفع جداً إلى درجة أنه عاملها بخشونة، وربما سبب لها الألم، لم تبدُ تلك فكرة
مريحة ، مشى نحو النافذة، وحدق خارجاً نحو المنظر المذهل عبر وادي اللوار، إلحاق
الأذى بإميلي ليس جزءاً من مخططه، ولو اراد أن يكون صريحاً مع نفسه المطالبة بما هو
حق له، ياله من إقرار مخيف بالنسبة الى رجل يفرض تحكماً مطلقاً بكل ناحية من نواحي
حياته! انه لا يستطيع أن يتذكر مرة واحدة تصرف فيها بعشوائية ، إنه لا يحب المفاجآت
، ولهذا السبب وجد ردة فعله مذهلة تجاه الابنة الصغرى للورد أنطوني داير.
-------------------------------------
هيستون غرانج هي إحدى اروع القطع الهندسية في إنكلترا، وسوف يكون كاذباً لو
أنكر ان اهتمامه الاساسي كان فقط الحصول على المنازل الريفية المذهلة التي يمكن
تحديثها، لأن ذلك يمثل إنجازاً كبيراً في تطوير شركته، لكنه أحس ببعض التعاطف تجاه
آل داير الذين امتلكوا هذا المنزل لأجيال، استشعر لوك منذ البداية النوايا الخفية لدى
العائلة ، لا سيما لدى سارة زوجة انطوني المندفعة اللجوجة، في الواقع شعر باستمتاع ما
لدى سماعه التلميح الى ان زواجه بإحدى بنات آل داير قد يؤدى الى تخفيض السعر
المطلوب مقابل الملكية.
بدت ساره يائسة لكي تبقي لهم موطئ قدم داخل هيستون غرانج ، كما أن بناتها الثلاث
الكبر سناً بدون جذابات جميلات، لكن في مايخص لوك، لم يكن الزواج على مفكرته.
ثم تعرف إلى إميلي...
الآن، وحتى بعد مرور عامين على ذلك، مازال لوك غير قادر على كبت ابتسامته حين
يتذكر منظرها حين رآها للمرة الأولى ، ذكرته إميلي حينها بأميرة الغابة ، إذ بد خداها
متوردين وشعرها مشبوكاً مشعثاً، فبدا جمالها طبيعياً تماماً ومغرياً الى حد لا يتحمله
العقل، أما الحقيقة كونها خجولة وغريبة الطباع كالمهر الصغير، فزادت من درجة
سحرها وجاذبيتها ، أمضى لوك الأمسية الأولى وهو غير قادر على رفع نظره عنها،
وعلى الرغم من قبوله لدعوة أنطوني داير بالبقاء في هيستون غرانج لمناقشة أهم صفقة
عمل في حياته، إلا أنه وجد نفسه مشدوداً نحو إسطبلات الخيول.
تذكر لوك انه احتاج الى كل ذرة من صبره وهو يحاول اختراق تحفظ إميلي ، لكنها
كانت تستحق الانتظار ، عندما عانقها للمرة الأولى، اصيب كلاهما بالصدمة بسبب
الشغف الذي يسيطر عليهما، لم يكن قد وضع أي مخطط في ذهنه ، إذ لم يكن لديه قرار
ناتج عن سابق تفكير وتصميم بأن يطلب منها الزواج، تصرف لوك وفقاً للغريزة
الفطرية الصرفة، كما لو أن روحه تعرفت على شريكتها ، فلم يعد يحتمل أن
يدعها ترحل، لكنه يفترض أنها لم تشعر على النحو نفسه تجاهه، ولهذا السبب هجرته.
- هل هنالك أي طلب ، سيد فايلون؟
قاطع صوت سيمون أفكار لوك ، فاستدار حول نفسه، واستجمع ابتسامة ليوجهها الى
الخادمة التي انتهت من وضع اللمسات الأخيرة على الطاولة.
- كل شيء يبدو جيداً.
قال لوك مجاملته بلغته الأم، فاحمرت وجنتا سيمون بسبب شعورها بالرضى، إنه واثق
تماماً بأن حفل العشاء سوف يسير بشكل تام من دون أية تعقيدات بفضل أطباق سيلفي
الممتازة واهتمام فيليب الرصين بكل التفاصيل، لكن شكره الأساسي يجب ان يوجه الى
مساعدته الشخصية.
فقط لو ان روبين استشارته اولاً قبل أن تنظم حدثاً اجتماعياً لأجل إميلي في الليلة
الأولى لوصولها الى القصر! فكر لوك بذلك بكآبة، هو لم يتوقع حتى أن تكون هنا،
وافترض انها ستبقى في شقتها الباريسية، حيث اتصل بها واخبرها أنه سوف يصلان كلاً
من جان كلود وإميلي الى القصر.
تساءل لماذا قادت روبين سيارتها الى هنا على الفور؟ إنه واثق من أن الملفات الضرورية
التي يجب إنجازها ليست عذراً كافياً.
تعاملت روبين من قبل مع مسائل أكثر تعقيداً من دون مساعدته، وهي أكثر من أي
شخص آخر تدرك التوترات الموجودة في زواجه مع إميلي .
لوك يأتمن روبين على اسراره ومخاوفه الخفية ، لأنه ليس قادراً على كشفها بمفرده مع
زوجته وابنه.
فكر لوك أن وجودها لربما يكون شيئاً جيداً، إنها طريقة يبرهن بها لإميلي بأن ليست
هنالك أية علاقة بينه وبين مساعدته الشخصية.
--------------------------------
الماضي واحداثه هي فقط مايربطه بروبين، التي لزمهاوقت طويل كي تتقبل موت شقيقه،
فباتت تعتمد على لوك كدعامة عاطفية، لكنه فجأة تمنى لو ان روبين تستجمع شتات
حياتها مجدداً فتمنحه حريته كي يتابع حياته.
ما إن همت سيمون بالذهاب ، حتى ناداها لوك قائلاً:
- أريدك أن تأخذي هذا الى الطابق العلوي للسيد فايلون.
ناولها علبة مسطحة حفر عليها اسم متجر مميز، ثم تابع:
- إنها هدية... شيء ما لترتديه زوجتي هذه الليلة، أحضرته مساعدتي للتو.
أومأت سيمون ، فيما التمعت عيناها حماسة.
- سيدتي! آن الأوان كي تستيقظي .
فتحت إميلي عينيها ، وحدقت إلى وجه خادمة لوك ذات الوجه المتلهف القلق.
- اقترب موعد العشاء.
فسرت سيمون مرتبكة بلغتها الإنكليزية المتعثرة، فجلست إميلي مستقيمة ببطء، إنها
مستلقية على السريرالضخم الواسع في غرفة النوم الرئيسية في قصر لوك، لحسن الحظ
أن احدهم غطاها باللحاف السميك المصنوع من الحرير، تساءلت أين هو لوك، أتراه
أرسل سيمون كي تتفقدها خشية أن تشعر بالإغواء لأن ترمي بنفسها من النافذة، مثلما
فعلت نساء آل فايلون من قبل؟ أنّت إميلي، ولفت غطاء السرير حول جسدها ، ثم
تحركت ببطء محو حافة السرير.
فسرت إميلي للخادمة بمزيج من الإشارات مستخدمة لغتها الفرنسية البدائية:
- سوف استحم، وأرتدي ملابسي بسرعة.
قالت سيمون بمرح:
- طلب مني السيد فايلون أن أعطيك هذا، مساعدته الشخصية أحضرته لك.
اتسعت عيناها عندما فتحت إميلي العلبة، فكشفت عن فستان أزلاق غامق مصنوع من
الحرير ، ذي ربائط رفيعة وقصة منخفضة على الصدر.
- إنه جميل جيداً!
فاضطرت إميلي الى موافقتها بتودد، مدركة أن روبين تتمتع بذوق مثالي.
- إنه جميل جداً، لكنني أمتلك ملابسي الخاصة.
أعادت إميلي الفستان الى العلبة بين طيات الورق ، عبست عندما رأت حقائبها الفارغة
على الكرسي.
اكتشفت بعد مزيد من التحقيق أن ملابسها علقت في إحدى خزائن الملابس، بدت
بذلاتها القليلة الزاهية الألوان ضائعة وهي غير مكانها المناسب،وهي موضوعة في الخزانة
الأثرية الضخمة، قالت متحدية:
- أظنني سوف أرتدي هذا.
اختارت فستانها الوحيد الذي يدنو قليلاً من أن يكون رسمياً، إنه فستان زهري غامق ذو
قبة ضيقة حول العنق ،وتنورة طويلة تكشف عن شق يصل حتى أعلى ساقها، أقرت
إميلي أنه ليس بالفستان الانيق، لكنه فستان مشرق زاهي اللون وعصري، والأهم من
ذلك أنه ملكها، فهي ترفض أن ترتدي فستاناً اختارته عشيقة مارك.
- لكن السيد فايلون...
أنهت إميلي الكلام بدلاً من سيمون:
-.....لا يملي علي ماأرتديه، أهو من طلب منك أن تعلقي ملابسي؟.
أومأت الخادمة بالإيجاب، وغدا ارتباكها ملموساً عندما أعطتها إميلي تعليمات بأن تنقل
الاغراض الموضوعة في الخزانة الى الغرفة الفارغة عبر الرواق، تذمرت سيمون قائلة:
- السيد فايلون لن يكون مسروراً بذلك.
أجبرت إميلي على ان ترافقها ، لكن غضب لوك سوف ينصب بأكمله عليها وليس على
سيمون.
استحمت إميلي وغيرت ملابسها في وقت قياسي، ثم كومت شعرها الكستنائي الطويل
في عقدة، وأضافت لمسة من التبرج على وجهها، أبرزت أهدابها الطويلة مستخدمة
فرشاة الكحل ، ثم حددت شفتيها بأحمر الشفاء اللماع الشفاف، لاقاها جان كلود في
غرفته بحماسة ، فحملته بين ذراعيها وهي تطلق تنهيدة استمتاع وراحت تفرك خدها
بخصلات شعره الحريرية.
----------------------------------
حذرتها ليز قائلة:
- شرب للتو القليل من اللبن، قد يكون فمه دبقاً، وأنت متأنقة للعشاء.
لكن إميلي قالت بمرح:
- لست آبه.
أردفت قائلة:
- تأخر الوقت الآن على تناوله الشاي.
فأومأت ليز موافقة:
- نام طيلة فترة بعد الظهر، أما الآن فهو متحمس للعب، سوف ألعب معه أثناء
انشغالك مع ضيوفك.
قالت إميلي بعزم:
- أفضل أن آخذه الى الطابق السفلي لملاقاتهم والتعرف عليهم ، هل يمكنك أن تمنحيه
أسرع حمام في وقت قياسي ريثما أختار ملابسه؟.
حتى لو تفاجأت ليز، فهي لم تقل أي شيء، ابتسمت إميلي لابنها، وفاض قلبها حباً
عندما تلقت تكشيرة جريئة من جان كلود في المقابل.
رفضت أن تنظر عن كثب الى الأسباب التي تجعلها ترغب بأخذ ابنها الى الأسفل لحضور
حفل العشاء، لعل السبب هو التأكيد على دورها في حياة جان كلود بالنسبة الى لوك ،
أو لعل السبب هو رغبتها بأن تتباهى بالطفل...
- أنت أروع رجل صغير في العالم!
قالت إميلي ذلك لابنها بعد فترة وجيزة، فبعد أن أخذ جان كلود حماماً ، ألبسته بذلة
بحار أنيقة.
- شكرا لك عزيزتي ، لكنني لست صغيراً ، كما آمل أنني برهنت لك منذ قليل.
سمعت إميلي صوت لوك العميق، فاشتعلت وجنتاها، استدارت حول نفسها لتجده على
مقربة منها ، تصلبت للحظة في مكانها، ثم ارتعشت شفتاها، تظللت عيناها بمجموعة من
المشاعر التي لم تقو على إخفائها، أما الوميض المتجاوب في عيني لوك الرماديتين فأعلمها
أنه يدرك ماهية أفكارها الجامحة.
أدارت ظهرها له وهي تقاوم كي تسيطر على هرموناتها ، بدا لوك بهياً ومتألقاً في بذلة
العشاء السوداء مع القميص الحريرية البيضاء.
اللحظات الحميمة التي أمضياها معاً منذ قليل أثارت مشاعرها بعد مرور أكثر من عام
على فراقهما، لكن لا يمكن أن يحصل هذا مجدداً، قالت إميلي ذلك لنفسها بحزم، على
لوك أن يفهم أنها امرأة مستقلة.
- لابد أننا نتشارك الافكار نفسها.
غمغم لوك بذلك، فتحولت وجنتا إميلي الى لون قرمزي، أضاف ببرود:
- أنا ايضاً جنت لآخذ جان كلود .
رفع الطفل بين ذراعيه، أما إميلي فتنهدت عندما رأت نظرة الابتهاج على وجه جان
كلود، وهو يضع رأسه على كتف لوك.
غمغمت بوهن :
- إنك ذو حظوة لديه، فجان كلود عادة لا يتألف مع الغرباء.
أشار لوك بهدوء:
- لكنني لست شخصاً غريباً..أنا والده، لعله تعرف علي من هنا ..في قلبه، كما تعرفت
عليه أنا بتأكيد مطلق ما إن رأيته ، فعرفت أنه ابني.
ذهلت إميلي لسماعها الأحاسيس الصادقة في صوت لوك، ومضة الألم التي ظهرت في
عينيه وهو ينظر نزولاً نحو جان كلود بدت حقيقة.
لا يعقل أن يمثل أي شخص بشكل مقنع الى هذه الدرجة، مرة جديدة غمرها الشعور
بالذنب لأنها أساءت الحكم عليه، لكن ...إن كان هذا صحيحاً ، فلماذا تراه ضيع
فرصة رؤية جان كلود بعد ولادته؟ تنهدت إميلي غير مدركة أنه لاحظ البؤس في
عينيها.
- هل هنالك ما يزعجك؟
استفسر لوك بالباقة، كما لو انه يخاطب احد موظفيه لا المرأة التي عانقها بشغف عميق ،
منذ ساعات فقط، ضحكت إميلي بمرارة ، وقالت:
- أتعني أي شيء آخر عدا أنني اخطفت واحتجزت في قصرك ضد إرادتي؟.
فزم لوك فكه:
- إذا كنت تصرين على الرحيل، سوف أطلب من فيليب أن يقلك الى حيث تريدين
الذهاب.
------------------------------------------
- لكن ليس مع جان كلود؟
- لا!
جاء جواب لوك بارداً، فأطلقت إميلي تنهيدة محبطة.
- أنت تعلم أنني لن أتركه أبداً.
- إذاً هو سجن من صنعك أنت، لأنني لن أدعك أبداً تأخذينه مجدداً..أبداً، وإن
حاولت....
قاطع لوك كلامه، فنظر نزولاً نحو الطفل بين ذراعيه، ثم أكمل كلامه متوعداً:
- .....سوف تندمين.
ارتعشت إميلي لدى سماعها التهديد المبطن، كيف تراهما وصلا الى هذا الموقف؟ فكرت
بذلك ببؤس بينما وخزت الدموع عينيها.
- ألا تتمنى لو أن بمقدورنا أن نعيد xxxxب الساعة الى الوراء؟
همست إميلي بذلك، فهزت ضحكة لوك اعصابها التوترة.
- أتمنى ذلك كل يوم من حياتي،عزيزتي ...لأسباب عديدة جداً.
قال لوك ذلك، لكنها كانت واثقة من أنه يشير إلى زواجهما، وهي متأكدة من أنه نادم
على اليوم الذي جعلها فيه زوجته.
أضاف بنبرة ملؤها المرارة:
- لكننا لسوء الحظ غير قادرين على تغيير الماضي ، فاتني الكثير جداً من طفولة جان
كلود ، وهو وقت ثمين لا يمكن تعويضه، ولأجل ماذا؟ يإلهي..إميلي ! أنا احاول جاهداً
أن افهم أين أسأت التصرف، لكن...أحقاً انني استحقيت عقاباً فظاً الى هذا الحد؟ او
انك لم تطلبي الطلاق، لبقيت حتى الآن جاهلاً بمكان تواجد ابني، لعلني يجب أن أعتبر
نفسي محظوظاً لأنك حكمت علي بسنة فقط، كان بإمكانك أن تبعديه عني إلى الابد.
دافعت إميلي عن نفسها قائلة:
- أخبرتك انني أردت العودة الى إنكلترا، كي نتشارك في حضانة جان كلود.
- فقط لأن المال بدا ينفذ منك.
تذمرت قائلة:
- هذا غيرصحيح، أنا لست بحاجة الى المال، أنا لا أحتاج إلي أي شيء منك، جل ما
اردته يوماً هو القليل من وقتك، اردتنا ان نبني علاقة تربطنا خارج غرفة النوم، لكنك
جعلتني أشعر كما لو أن أن عملي الوحيد هو توفير العلاقة الحسية المرضية لك.
- هذه العلاقة التي كرهتها، كما افترض؟
سخر لن تتواصل الى جعله يفهم مبتغاها ، ثم قالت:
- أنا لم أكرها، لكنني لست مسرورة لأنها سبيل التواصل الوحيد بيننا، لايمكن للزواج
أن يدوم بذلك فقط، وذلك حسبما اكتشفنا حالما اصبحت حاملاً، إذ رفضت أن
تقترب مني، لم يكن هنالك الكثير من التواصل بيننا حينها، أليس كذلك لوك؟.
- تبدين كما لو انك طفلة مدللة تنتحب طلباً للاهتمام.
قاوم لوك وخزات ضميره الحادة، التي ذكرته بأنه لم لم يمض مايكفي من الوقت مع إميلي
، أقر متجهماً انه لم يكن معتاداً على المشاركة.
اعتاد على تقسيم حياته الى أقسام مستقلة ، وحين كان يعود من عمله الى المنزل، لم يكن
يرغب بأن يضجر إميلي بتفاصيل نهاره، أراد أن يحميها ويوفر لها
ماتحتاجه، وكان عازماً على القيام بذلك، بكل ما أوتي من قوة، لكن عوضاً عن تقدير
جهوده .ظلت إميلي تعيسة جداً الى درجة أنها هجرته.
قرر بمرارة أنه غير قادر على الفوز معها مهما فعل، لكن ابنه مسألة مختلفة ، مشاعره تجاه
جان كلود غير معقدة، فهو يحبه من دون اية تحفظات ، وهو عازم التي على ألا يرتكب
الأخطاء ارتكبها والده نفسها، وربما هو زوج غير نافع بالنسبة إميلي ، لكنه سوف
يكون افضل والد على الإطلاق لابنه.
استدار حول نفسه ، وتوجه الى الباب المؤدى الى البهو، ثم توقف للحظة لينظر الى
إميلي بنفاد صبر، قائلاً :
-ألم تعطك سيمون الفستان الذي اشتريته لك؟
- بل فعلت، لكنني قلت لك إنني لا اريد أي شيء منك.
إنها حتماً لا تريد فستاناً كان لوك قد طلب من مساعدته الشخصية أن تختاره لها، لكنني
لا اعتقد أن فستاني البسيط يتوافق مع مقاييسك المتطلبة الصارمة.
------------------------------
- كلا، فأنت تبدين كامرأة رخيصة.
قال لها لوك ذلك ببرود، وعلى الفور رد لو انه قطع لسانه عندما شحب لون وجهها،
لماذا بحق الجحيم يتعمد إيذاءها؟ هل السبب فعلاً هو أن الفستان يكشف اكثر مما يسره
أن يراه الآخرون؟ إميلي هي امرأته إنها زوجته، وهو يود لو أن بإمكانه ان يحتجزها بعيداً
عن عيون الآخرين.
- يبدو أن ضيوفنا وصلوا.
تذمر لوك وهو ينزع نظراته عن كتفيها الهابطتتين المثبطي العزيمة.
رفعت إميلي رأسها،وقالت له بقسوة:
- جيد! لأن الملابس الوحيدة المتبقية التي أمتلكتها هي أقصر وأكثر تحرراً، ورخيصة
بشكل عام، هي بالطبع لا تشبه البتة مااعتادت عليه صديقاتك اللواتي يرتدين أزياء من
تصميم مصممين معروفين.
ما إن انطلقت إميلي مسرعة تتخطاه، حتى قبض لوك على ذراعها قال محذراً بنعومة:
- انتظر اصدقاؤنا فترة طويلة كي يتعرفوا اليك ولديهم الانطباع أننا أنا وأنت وجان
كلود، نشكل عائلة واحدة سعيدة، فدعينا لا نخيب ظنونهم .
سألته إميلي بغير لباقة:
- ماالذي يعنيه ذلك؟
تنهل لوك عند قمة الدرج، ثم حدق نزولاً نحوها وقال:
- يعني أنك الليلة سوف تعلبين دور زوجتي الوفية، وتظهرين أنك سعيدة لأننا عدنا
واجتمعنا.
لماذا تراه متلهف كي يبرهن أن علاقتهما سعيدة؟ إنه رجل فخور جداً بنفسه، وعلى
الأرجح أنه لا يقوى على احتمال فكرة أن يعلم اصدقاؤه أنها هجرته، أعلمته ببرود وهي
تمر من أمامه لتنزل الدرج بسرعة:
- اخشى ان قدراتي التمثيلية ليس جيدة جداً.
ابتسم لوك بتهكم، وقال:
- ارتجلي إذا عزيزتي تماماً كما فعلت بعد ظهر هذا اليوم ، بدوت مصرة جداً على أنك
لا ترغبين بإقامة علاقة حميمة معي ، لكنني لم ألحظ أي شيء من ذلك في تجاوبك الجامح
معي ، أنت تتمتعين بموهبة أكبر مما تظنين.
كانت إميلي ماتزال تبحث عن جواب مفحم ملائم عندما وصلا الى باب قاعة
الاستقبال، فتقدمت امرأة طويلة شقراء أنيقة الى الامام لتلقي عليهما التحية:
- إميلي! مضت فترة طويلة على آخر لقاء لنا.
غمغمت روبين بنبرتها الباردة التي تذكرها إميلي جيداً ، فغاص قلب هذه الأخيرة بين
ضلوعها .
روبين تبدو مذهلة- كما كانت دائماً- في فستانها المخملي الأسود الثمين، الذي بدا
ملتصقاً بجسدها كما لو انه جلدها الآخر ، في الحال احست إميلي بالخجل من فستانها
الرخيص الصارخ اللون.
كان يجدر بها ان ترتدي الفستان الذي اشتراه لها لوك، لكن فات الأوان الآن لتبدل
ملابسها ، بدا ذلك التوتر المألوف المثير للغثيان يربط معدتها مجدداً، فأستجمعت قواها
كي تتعرف بضيوف لوك.
- الجميع يتوقون للتعرف بالسيدة فايلون الغامضة، دعينا نأمل ألا نخيب ظنونهم.
غمغمت روبين بذلك بنعومة فائقة، بحيث لم تسمعها سوى إميلي .
تجمع أصدقاء لوك حوله، فأحست إميلي كما لو انها غير مرئية، بينما قام لوك بكل فخر
بتعريفهم على ابنه ، بالطبع! بدا جان كلود لطيفاً ومحبباً جداً، أقرت إميلي بذلك بأسى،
كما أنه لم يبد مطلقاً أي شعور بالضيق بسبب الاعتمام المغدق عليه، ما إن حاولت إميلي
ان تنسل خلسة الى إحدى زوايا الغرفة، حتى استدار لوك ومد يده نحوها:
- أود أن أقدم لكم زوجتي إميلي .
قال ذلك بينما لفحتها نظراته الحارقة، حين استقرت عيناه على وجهها ، رفع يدها نحو
شفتيه وتابع قائلاً:
- كما تلاحظون، حظيت بنعمة مضاعفة بحصولي على زوجة جميلة جداً.
لوك مؤهل حتماً لأن يربح جائزة أوسكار! فكرت إميلي بهلع أنها لا تأبه بقدراته
التمثيلية، فيما راح خداها يخترقان عندما ضغط بفمه على يدها، بالرغم من معرفتها أن
الأمر برمته مجرد إدعاء، فذلك لم يمنع قلبها من التخبط بقوة، خصوصاً عندما وجدت
شفتا لوك النبض الذي كان يقفز بشكل جنوني في رسغها. كانت تصدق أن وهج
الدفء في عينيه حقيقي، لن يبقى لدي اصدقاء لوك أي شك بخصوص تكريس نفسه لها،
لكن هي وحدها تعرف أن الأمر غير حقيقي.
---------------------------
بدا وجود جان كلود دافئاً يكسر الجليد ، وترك تأثيراً رائعاً على الحاضرين ، بدا
واضحاً لإميلي ان الاشخاص الموجودين هنا هم اصدقاء الذين قابلتهم في
شيلسيا، والذين يحاولون صعود سلم الطبقة الاجتماعية الراقية، بدأت إميلي تسترخي
تدريجياً، مدركة أنها الآن تتعامل مع الأشخاص الذين امضى معهم لوك طفولته،
واصبحت لديهم عائلات خاصة بهم.
- تعجبني جداٍ بذلة كلود ، إنه يبدو كالبحار.
علقت بهذا الكلام امرأة جميلة مرحة من المجموعة التي تجمعت حولها لابداء اعجابها
بالطفل، نادين تروفيير هي زوجة مارك الصديق المقرب الى لوك، إنها أم لفتاتين صغيرتين،
وتمتلك متجراً ناجحاً متخصصاً بملابس الاطفال في مدينة أورلينز، استتفسرت المرأة
باهتمام:
- من أين اشتريته؟ إنه مصنوع بشكل مميز، خصوصاً التطريز اليدوي على صدره ، لا
اريد أن أبدو فظة، لكن لابد أنه باهظ الثمن، كل ماهو أفضل لابنك ، أليس كذلك
لوك؟.
أجاب لوك ببرود:
- هذا طبيعي .
لكن إميلي علمت من الطريقة التي ضاقت بها عيناه أنه يتساءل عن الطريقة التي تمكنت
فيها من تحمل نفقات شراء ثياب الأطفال الغالية الثمن، في حين أنها لم تكن تمتلك سوى
القليل من المال ، أعلمت إميلي تلك المرأة بابتهاج قائلة:
- في الواقع انا صنعته بنفسي ، عشت ...في إسبانيا لفترة من الزمن...
أحست إميلي ان لوك تصلب ، لكنها تابعت كلامها على أي حال قائلة:
- ... ووقعت في حب ملابس الاطفال الرائعة التي تباع في الأسواق ، لكنني اكتشفت
، أنه بالرغم من كونها تبدو جميلة، لكنها غير عملية ، فالقماش يبدو غالباً قاسياً
وغير مريح، بحثت عن اقمشة أفضل، ثم اعدت تصميم ملابس الأطفال الرسمية جداً التي
يحبها الإسبان ، بحيث صارت مريحة أكثر للطفل ، أترين؟.
أظهرت إميلي ذلك لنادين متابعة كلامها:
- يمكن إزالة قبة بذلة جان كلود، كما أنها تقفل من الأسفل بحيث تصير عملية إلباسه
أسهل، إنه لا يتمتع بالكثير من الصبرليبقى هادئاً ريثما ألبسه ثيابه.
أضافت ذلك وهي تبتسم، أما نادين فأومأت لها بتلهف، ثم علقت:
- عانيت من المشكلة نفسها مع ابنتي ايضاً ، إميلي ، هذا رائع! ألديك تصماميم
اخرى؟ هل فكرت يوماً أن تصنيعها كي تبيعيها ؟ أنا مهتمة جداً بأن أعرض هذا النوع
من الملابس في متاجري.
أقرت إميلي وهي ترفض ملاقاة نظرات لوك قائلة:
- حسناً! أنشأت عملاً تجارياً صغيراً في اسبانيا، صديقتي تدير مدرسة لتعليم الطهو،
حيث معظم النساء متقدمات في السن، وقد رغبن بشراء ثيابي لأحفادهن، لاقت هذه
الملابس رواجاً كبيراً، وبدأت تصلني طلبات من مختلف أرجاء العالم، لذا وظفت بضع
فتيات من القرية كي يساعدنني في الخياطة، والآن صار عملاً صغيراً ناجحاً، لحسن الحظ
أن لورا تشرف على الامور لبعض الوقت ريثما...
ترددت إميلي لأنها رغبت بالافصاح عن سبب مغادرتها لإسبانيا، لكن غموض تعابير
لوك جعلها تغير رأيها بشأن قول الحقيقة، فتابعت:
- استمتعت بقدرتي على جني المال من خلال قيامي بشيء استمتع به، فيما أظل قادرة
على رعاية جان كلود في الوقت نفسه، فن الخياطة هو الشيء الوحيد الذي برعت فيه
على الاطلاق.
- بالإضافة الى ركوب الخيل!
قاطع لوك حديثها، فيما تمشى عبر الغرفة ليطرق خصرها بذراعه، ثم اخبر الضيوف
بفخر قائلاً:
- زوجتي سائسة خيل ممتازة، إنها لا تخاف البتة، ألست كذلك عزيزتي؟.
----------------------------------
بدا الجميع مأخوذين باهتمامه بها، ولاشك أنهم اعتقدوا ان زواجهما مثالي، فكرت إميلي
بذلك بكآبة،إذا إنها هي وحدها تعرف الحقيقة، وتدرك أن نظرات لوك المحببة هي تدبير
معد فقط لصرف الحديث عن حياتها في اسبانيا، حيث عاشت من دونه، لسبب ما أراد
لوك أن يبرز صورة الزوجين السعيدين اللذين ينعمان بالهناء ، لكنها لا تعرف هذا
السبب.
ناولت إميلي ابنها الى مربيته، فيما تهيأ الضيوف للدخول الى غرفة الطعام، أما نادين
فقالت لها:
- عليك أن تقنعي زوجك بأن ينشئ لك معملاً في القصر، هنالك سوق جاهز لاستقبال
الملايس المصنوعة يدوياً ذات النوعية الرائعة، الأمهات الباريسيات سوف يحببن هذه
الملابس، وأنا سعيدة لأن اقدم لك عرضاً ممتازاً إذا كنت توافقين على عرضها في
متاجري، سوف نكمل حديثنا في وقت لاحق.
أضافت نادين جملتها الأخيرة بهدوء عندما حدقت روبين بهما،ولم تقو على إخفاء
انزعاجها لبضع لحظات ، قبل ان تعود ابتسامتها المشدودة المصطنعة الى مكانها ،
ابتسمت إميلي بامتنان للمرأة الفرنسية ،وسرها ان تجد حليفة لها.
كان الوقت قد اصبح متأخراً عندما قاد آخر اصدقاء لوك سياراتهم خارج أبواب
القصر، أما الألم الباهت الذي احست به إميلي في صدغيها فتحول الى شرخ من الألم
النابض، بالطبع روبين هي الوحيدة التي بقيت ، لأنها تقيم في القصر.
انضمت الى إميلي ولوك على الدرج الأمامي كي تلوح للضيوف مودعة، إنه ثلاثي
صغير حجم..الى حد بعيد.
تأملت إميلي في ذلك بسوداوية، فيما تتبعت خطى زوجها لتعبر البهو، بالكاد تحدثت
روبين مع إميلي طيلة الأمسية ، ولاءم ذلك إميلي ، لم يكن لدى أي منهما ماتقوله
لأخرى، لاحظت إميلي النظرات التي وجهتها روبين للوك خلال العشاء، فهي ليست
عمياء، لكن الأمر المثير للفضول هو عدم تجاوب لوك معها، إذ بدا متغافلاً عن محاولات
مساعدته الشخصية لنيل اهتمامه.
إن إميلي مستعدة كي تصدق أنه قال الحقيقة عندما أنكر وجود أية علاقة مع روبين،
وهي مستعدة أيضاً كي تصدق بأن روبين كذبت عليها، لكن هذا لا يغير شيئاً فهو لا
يعني ان لوك يحبها ، فكرت بذلك بحزن.
- أنا ذاهبة الى النوم.
أعلنت إميلي ذلك بفظاظة عندما وصلت إلى آخر البهو، بدا لها فجأة أن صعود الدرج
صعب جداً ، وشعرت بالصدمة لمدى شعورها بالارهاق والاستنزاف.
- إميلي، هل أنت على مايرام، صغيرتي؟ تبدين شاحبة جداً.
غمغم لوك بذلك، فتخيلت إميلي للحظة وجيزة جنونية أنه سيحملها بسرعة بين ذراعيه
،ويأخذها الى الأعلى على ذلك الدرج الطويل نحو ذاك السرير الواسع.
- دعيني أساعدك عزيزتي .
اخترق صوت لوك ذاك الضباب الخيالي الذي غلف إميلي، للحظة نسيت ان لعبة تمثيل
دور العائلة السعيدة كان فقط من اجل ضيوفه.
ابتسمت له ،وظهرت احاسيسها في عينيها بوضوح، فسمعت لوك سستنشق انفاسه
بحدة، لكن نبرة روبين الحادة كسرت اللحظة، تذمرت روبين قائلة:
- إذا كان مقدورك أن توفر لي خمس دقائق لكي تطلع على هذا التقرير ، إنه طارئ، أنا
واثقة أن إميلي تتفهم أهمية ترؤسك لشركة تقدر بعدة ملايين من الجنيهات.
رد لوك باختصار:
- ألا يستطيع الأمر ان ينتظر حتى الصباح؟
اقتربت روبين قليلاً منه، واستقرت يدها على كم سترته بخفة.
فكرت إميلي بوحشية، أنها لن تتقاتل مع روبين على زوجها ، كما لو انهما كلبتان
تتقاتلان للحصول على عظمة، ابتعدت فجأة عن لوك،وغمغمت قائلة:
- يمكنك ان تحصلي عليه قدر ماتشائين، أنا لا اريده.
بعد ذلك مشت بخطوات ثابتة على الدرج، فيما نظرات لوك الساخطة تحرقها كأشعة
اللايزر بين كتفيها ، قالت لنفسها بصرامة إن روبين حرة في أن تحصل عليه، يكفيها ان
لديها جان كلود، والآن يبدو أن امامها فرصة لتبنى مهنة قد تمنحها الاستقلال المادي
والشعور بقيمة نفسها.
------------------------------------
كانت إميلي على وشك ان تخطو على الدرجة التالية، حين احست كما لو ان الدرجة
اختفت من تحت قدمها ، ومالبثت ان وجدت نفسها محمولة ومشدودة الى صدر لوك
الصلب، تنفس لوك بالقرب من أذنها قائلاً:
- إنك قريبة جداً الى حد الخطر من ان تبرهني لي هنا والآن انك لا تريدينني حقاً
عزيزتي.
عضلات ذراعيه الملتفة حولها انباتها بغضبه الذي يغلي على مهل، لكن إميلي استشعرت
اموراً اخرى اكثر رقة ، فالدفء المنبعث من جسده بالإضافة الى رائحة المسك لعطر ما
بعد الحلاقة احدثا اموراً غريبة بداخلها ، قاومت توقها لأن تضغط بوجهها على عنقه
الطويل الأسمر.
شعرت أن احاسيسها تخدرت وهي محمولة على هذا النحو الى صدر لوك.
تذمرت إميلي ببرود يخفي اضطرابها الداخلي:
- إنها فكرة مثيرة للاهتمام ، لكن روبين قد لا توافق.
- اللعنة على روبين!
- لمرة واحدة اوافقك الرأي تماماً.
اتجه لوك نحو غرفة النوم الرئيسية، فأغارت على إميلي موجة من الهلع، بحيث صارت
تتلوى بجموح، إلى أن أن اجبر لوك على انزالها.
- أريد ان اتفقد جان كلود.
اصطدمت بلوك وهي تعبر من امامه ذاهبة الى غرفة الطفل السرير الهزاز، فيما تبعها
لوك، حدقت نزولاً نحو ابنها البريء النائم، فتصلب عزمها، همست بحدة:
- أريد أن أكون حرة لأعيش حياتي ، لا يمكنني أن أبقى هنا سجينة لديك بانتظار اليوم
الذي لن يعود فيه جان كلود بحاجة الي، هنالك أشياء أرغب بفعلها.
- كإنشاء عملك الخاص مثلاً؟.
اقترح لوك ذلك متهكماً، فارتدت عليه إميلي غاضبة تقول :
- نعم، اللعنة! مالسوء في ذلك؟.
ارتفع صوت إميلي بالتساوى مع غضبها، فتحرك جان كلود في سريره، قبض لوك على
ذراعها، وقادها من خلال الباب الموصل الى غرفة النوم الرئيسية، اخبرها وهو يديرها
حول نفسها لتواجهه:
- عملك هو ان تكوني اماً لجان كلود وزوجة لي ، ألا يكفيك ذلك؟ ياإلهي! وكأننا
بحاجة الى المال.
بدا إحباطها ملموساً إذ قالت:
- لا يتعلق الأمر بالمال ، أنا اخيراً وجدت شيئاً ابرع فيه بعد عمر امضيته بكوني الابنة
غير الموهوبة والزوجة غير الملائمة، وأرغب باستغلال الفرصة كي اترك اثراً في هذا العالم
، علامة صغيرة، أعرف ذلك....
ثم اضافت :
-....لكن مع نمو جان كلود ، اريده ان يشعر بالفخر بي.
- أوتظنين ذلك سيحصل لو كنت منغمسة تماماً في مهنتك؟
- من الطبيعي ان يحل ابني في المرتبة الأولى دائماً .
لكن العزم والتصميم الباديين على تعابير وجه لوك انذراها بأن هذا الحديث لن يصل الى
أي مكان، فتابعت قائلة:
- كان يجدر بي ان اعلم انك لن توافق، انت لم تردني يوماً ان اعمل او ان احظى بفرصة
التعرف الى اشخاص في مثل سني، حتى قبل ان اصير حاملاً، مازلت اذكر ماحدث عندما
حصلت على وظيفة في أوسكارز.
انفجر لوك قائلاً:
- كنت تقومين بخدمة الطاولات.
- في احد افخم مطاعم لندن، إنه بعيد الشبه جداً عن مطاعم الوجبات السريعة التي
تبيع الهامبرغر.
- مع ذلك لم تكن تلك وظيفة ملائمة لزوجتي.
تذمرت إميلي بنكد وكآبة:
- مازلت لا اصدق أنك دخلت الى هناك فيما كنت اعمل، فحملتني فوق كتفك الى
خارج المطعم، يومها اذليتني تماماً.
--------------------------------
أضافت ذلك وهي تتذكر المشادة الساخطة التي تبعت توليه للأمور بهذا الشكل، أما
جدالهما الحاد فانتهى مثلما كان ينتهى دوماً، باستسلامها المطلق في السرير، انّت إميلي
داخلياً وهي تسترجع الذكرى المخزية لضعفها تجاه لوك، ثم قالت له بمرارة:
- لورا قالت إنك مهووس بالسيطرة.
ارتفع حاجبا لوك باستغراب، ثم تشدق متهكماً:
- لورا تلك هي نفسها التي أقنعتك بالاختباء في اسبانيا، كما افترض، لابد ان تذكريني
بأن أشكرها إذا قابلتها يوماً ما.
كان هذا اطول نهار في حياتها ،وهي ترغب بالذهاب الى النوم، لكن بمفردها.
- بعد بضعة اسابيع من إجبارك لي على ترك وظيفتي، اكتشفت انني حامل ، اما البقية،
كما يقال، فأصبحت من الماضي.
مرر لوك يده من خلال شعره، فيما اخذ يخطو عبر أرض الغرفة.
- أقر انني لم اكن موجوداً لأجلك بقدر ماكان يفترض بي ان اكون خلال فترة حملك.
فأطلقت ضحكة مريرة.
- بالفعل، أنت لم تكن موجوداً لأجلي، لكن هذه نقطة واحدة فقط، إذ فجأة بدت
الأعمال الخاصة بك في نيويورك وروما وكل ناحية اخرى من الأرض اكثر اهمية من
تمضية وقتك معي.
- كانت هنالك اسباب...
- .... كما ظهر جلياً اشمئزازك من جسدي مع تطور حملي.
قال:
- بحق السماء! ذلك ليس صحيحاً على الاطلاق ، لست ادري كيف يمكنك ان تقولي
امراً مماثلاً.
أصرت إميلي بائسة:
- بل هو صحيح ،والدتي فسرت لي ان بعض الرجال يجدون فترة حمل المرأة شيئاً منفراً،
طلبت مني ألا اقلق، وطمأنتني الى ان الامور سوف تعود الى حالتها الطبيعية بعد ولادة
الطفل، لكنها لم تكن تدرك ان زواجنا لم يكن طبيعياً منذ البداية.
اقترح لوك غاضباً:
- لماذا؟ ألأنني كنت منشغلاً في العمل ، فلم امنحك مايكفي من الاهتمام؟ بدا كما لو
ان العالم دخل الى مرحلة من الجنون خلال تلك الاشهر قبل رحيلك .
قال لها لوك ذلك بكآبة، ثم تابع:
- كانت هنالك مشاكل داخل الشركة، كما شككنا بالاختلاس، مايعني انه لم يكن
بمقدوري تفويض الأعمال الى أي شخص باستثناء موظفين جديرين بالثقة، كان التوقيت
في أسوأ فترة ممكنة.
وتابع:
- شعرت بالقلق عليك، فقد كنت يافعة جداً حتى تواجهي قساوة الولادة، كما ان
شعورك المستمر بالغثيان جعلك منهكة القوى، كنت أنظر اليك في بعض الاحيان فأحس
يشعور غامر بالذنب، ماكان يجدر بي أن اتزوجك ابداً.
انهى لوك كلامه بصوت أبح قائلاً:
- كان يجدر بي أن تركك بريئة وخالية من الهموم برفقة احصنتك.
لوهلة اعتقدت إميلي ان قلبها تقطع الى آلاف القطع، إذ مزقها الشعور بالألم ، أخيراً أقر
لوك أنه يعتقد أن زواجهما كان غلطة، قالت:
- حسناً! من المخزي بالنسبة لكلينا انك لم تفعل ذلك، لكن حتى ولو كان زواجنا شيئاً
تندم عليه كلانا، فأنا لا يمكنني ابداً ان اندم على إنجاب جان كلود، وهو أمر فعلته أنت
، لا يمكنك ان تلومني على اعتقادي بأنك لم تكن تريده عندما رفضت فكرة حملي.
ألقى وميض الشموع الخافت ظلالاً في أرجاء الغرفة ، فبدا وجه لوك كما لو انه
منحوت من الرخام.
- متى منحتني فرصة على الاطلاق؟
- يوم احضرت جان كلود ليراك.
ضاقت عينا لوك، واصبح توتره ملموساً إذ قال :
- أنت تكذبين!
أجابت إميلي برد لاذع سريع قائلة:
- لِم سأفعل ذلك؟ حصل ذلك في شهر كانون الأول، كان البرد قاسياً ، وكان عمر
جان كلود ستة أسابيع فقط ، لزمني وقت طويل كي أتعافى من ولادته.
----------------------------
حدق بها لوك فيما تابعت كلامها متلعثمة:
- ذهبت الى شقتك... فكرت انني حتى لو لم اجدك هناك، فسأعرف مدبرة منزلك عليه
، السيدة باتيرسون، لكن روبين هي التي فتحت الباب.
قاطعت إميلي كلامها وهي تتذكر نبرة الانتصار في صوت روبين عندما فسرت لها بأن
لوك شديد الانشغال ، ولا يستطيع مقابلتها في ذلك الوقت ولا في أي وقت من
المستقبل المنظور ، يومها وقفت روبين في مدخل الباب بطولها وأناقتها التي لا تحتمل،
قصدت دخول إميلي الى المكان الذي كان في مامضى منزلها ، من دون أن تبالي
بأن الحرارة المتدنية في الخارج غير مناسبة للطفل.
- يومها أخبرتني روبين بما أقريت به أنت للتو:أن زواجنا هو غلطة، كما أنه لم تكن
لديك رغبة بأن ترتبط بطفل يعيقك.
مشى لوك عبر الغرفة بخطوات واسعة في لمح البصر، فأمسك بإميلي عند أعلى ذراعيها ،
أما هي فأجفلت عندما اشتدت قبضة اصابعه ، وهو يقول بوحشية:
- لا يعقل ان يكون هذا صحيحاً! ظننت انني اعرفك جيداً.. لم تصور انك قد تنحطين
الى هذا المستوى السافل، فتتهمين مساعدتي الأكثر ثقة لدي، وزوجة شقيقي بأنها
تعمدت هندسة هذا الشرخ بيننا، هذا أمر لا يمكن غفرانه، إنك تسبيبن لي الاشمئزاز،
روبين كانت قلقة جداً بخصوص اختفائك مثلي تماماً.
تذمرت إميلي وقد أجفلت عندما قرصت أنامله جلدها:
- بالطبع كانت كذلك لوك ، ذراعي... إنك تؤلمني.
أفلتها لوك، فغرقت جالسة على حافة السرير، طالبها لوك:
-لِم عساها تفعل امراً مماثلاً؟ هي تعلم كم كنت يائساً لأرى ابني، لِم تراها تحاول إبقاءه
بعيداً عني؟
قالت إميلي بحذر:
- لأنها أرادتك لنفسها، وماتزال كذلك، أفترض أنها خشيت ان تكون مستعداً لتمنح
علاقتنا فرصة جديدة.
تابعت إميلي بكلمات لاذعة وسريعة:
- حقاًّ ماكان يجدر بها ان تتكبد هذا العناء ، فمن السهل ان ترفع سفينة التايتنيك من
اسفل المحيط ، بدلاً من إعادة إحياء زواجنا.
- أنا لا اصدقك .
قال لوك ذلك، لكن هذه المرة حمل صوته نبرة شك ، أما اليد التي مررها من خلال
شعره فلم تكن ثابتة تماماً ، قذفته إميلي بكلامها متحدية:
- اسألها إذاً ! لأنني اقسم لك إنني أقول الحقيقة.
-----------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:31 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6- إعلان الهدنة!
إنه ليس مهووساً بالسيطرة!
تردد في ذهن لوك اتهام إميلي له وهو ينطلق مندفعاً الى مكتبه.
صحيح انه منعها من العمل في ذلك المطعم، لكن أي زوج يسعد برؤية زوجته تعمل
وترهق قدميها بالوقوف حتى وقت متأخر من الليل؟ الذنب يقع على رئيس الطهاة في
مطعم أوسكارز الذي جمعها بلورا برينت، فتوطدت بينهما صداقة متينة لأسباب لم
يفهمها لوك.
هل كانت إميلي تعيسة جداً في لندن مثلما كشفت له الليلة؟ أنبه ضميره لأنه فعلاً كان
منشغلاً جداً بأعماله الى حد غير معقول، مرت فترة ضاغطة في العمل، لذا فهما لم
يمضيا الكثير من الوقت سوياً بعيداً عن حفلات العشاء اللامتناهية التي كانت تنظنها
روبين ، لعل إميلي شعرت بالوحدة ، فهي شابة فتية في المدينة الكبرى، لكن لوك طمأن
نفسه الى انه حاول الاهتمام بها، كم من المرات رفض الراحة التي قد ينعم بها في فندق ما
لكي يتمكن من تمضية بضع ساعات ثمينة مع زوجته؟ اما هي فكانت تسر برؤيته،
بالرغم من أنه كان يبذل أفضل جهوده كي ينسل داخل السرير من دون أن يوقظها ،
لكن إميلي كانت تتحرك وتقترب منه كي تدفأ بالقرب منه.
كيف بحق الجحيم ساءت الأمور بينهما على هذا النحو؟ لطالما شعر بالانزعاج من غيرة
إميلي من روبين ، لكنه أمل ان تمنحهما الإجازة فرصة للاسترخاء ولإعادة اكتشاف
المتعة التي تشاركا فيها خلال أولى أيام زواجهما، لكن عوضاً عن ذلك وقعت كارثة
مطلقة.
مازالت الذكرى تطارده حتى اليوم، مازال يتذكر منظر وجه إميلي الأبيض الشاحب
عندما انزلقت لتتحول الى كتلة متجمعة عند قدميه .
ليس خبر حملها ماأثار غضبه ، لكنه شعر بخوف أفقده صوابه عندما فكر باحتمال
خسارتها ، ومع انها اجتازت الأشهر الأولى بأمان، لكنه لم يكن قادراً على الاسترخاء، مع
اقتراب موعد وضعها ، كان قد ابعد نفسه عاطفياً وجسدياً عنها، إذ اتبع استراتيجية
دفاع عن النفس تعلمها في طفولته.
لا ذنب لإميلي في ذاك الألم العاطفي الذي يحمله من طفولته، أقر لوك بذلك بكآبة،
خصوصاً أنه لم يسر لها بمخاوفه ولا بأسبابها ايضاً، الذنب ذنبه لأنه فشل في إرضائها،
والآن هو لا يتصرف افضل من والده ، إنه لا يستطيع فعلياً وواقعياً أن يبقيها سجينة في
القصر، لكن معرفته أنها لا تريد ان تعيش معه سبب له ألماً لا يقاس، ويكاد يقارب الألم
الذي سببته باتهامها له انه رفض رؤية جان كلود بعد فترة قصيرة من ولادته.
قرر لوك بحذر أن إميلي تكذب، لأن الخيار البديل يعني ان المرأة التي أعتاد أن يأتمنها
على اسراره خلال السنوات الخيرة القليلة الماضية تعمدت خداعه.
وقفت إميلي تراقب ابنها النائم لفترة طويلة بعد ان اندفع لوك مسرعاً خارج غرفة
الحضانة، فكرت بحزن جان كلود مسكين بريء، فهو عالق في مرمى النيران المتبادلة بين
والديه، فيما عو أغلى من لديهما في هذا العالم.ليلاي
لوك يحب ابنه حقاً! لاحظت إميلي بوضوح رابط الحب المتبادل بينهما منذ اللحظة
الأولى التي رفع فيها لوك ابنه بين ذراعيه.
هل كذبت روبين عندما اصرت منذ سنة على أن لوك لا يريد أية علاقة تربطه بزوجته
وابنه؟ لو كانت السيدة باتيرسون موجودة هناك، لبذلت إميلي جهداً أكبر كي تدخل
الشقة التي كانت عملياً منزلها، لكن لم يكن هنالك أي أثر لمدبرة المنزل ولا للوك نفسه،
يومها ظهرت روبين واثقة جداً من نفسها ، وصاعقة الجمال جداً بالمقارنة مع إميلي
الشاحبة الوجه، لذلك صدقت إميلي ببساطة ان زوجها فضل عارضة الازياء السابقة
تلك عليها.
-------------------------------
انسلت إميلي خارج الغرفة متنهدة، فألم الرأس الذي اصابها خلال العشاء استقر الآن
على شكل ألم مزعج فوق عينيها ، إنها عادة تكره تناول مسكنات الآلام ، لكنها الليلة
تحتاج الى شيء يخفف الألم المحيط بقلبها ، لاحظت في وقت سابق خزانة العقاقير الموجودة
في الحمام الملاصق لغرفة النوم الرئيسية، فبحثت عن حبوب مسكنة قبل أن يجدها لوك.
ابتلعت حبة الدواء، مسحت تبرجها عن وجهها، وأفلتت شعرها المعقود فسقط نزولاً
على ظهرها ، ثم خرجت بسرعة ، الغرفة التي نقلت اليها سيمون ملابسها تقع في آخر
الرواق، وهي أصغر من غرفة النوم الرئيسية، لكنها جيدة .
ضغطت على مفتاح النور بحذر ، لكن الغرفة بقيت معتمة باستثناء ضوء القمر الفضي
المتسلل من بين شقوق الستائر، أطلقت شتيمة عندما اصطدمت قدمها بشيء ما، فكرت
ان الأوان فات الآن على تغيير المصباح، أغلقت إميلي الباب ، ثم سحبت خزانة ادراج
الملابس الثقيلة، فوضعتها خلف الباب، ثم سحبت خزانة أدراج الملايس الثقيلة فوضعتها
خلف الباب لصده، لابد ان لوك يفترض انه سيجد زوجته المطيعة نائمة في غرفة نومه،
إن كان يعتقد انه حر في التنقل بينها وبين عشيقته، فهو على وشك ان يصاب بصدمة.
- لا بأس عزيزتي! أنا اسير مطيع ، لست بحاجة لأن تحتجزيني هنا في الداخل!
أجفلت إميلي وأطلقات صرخة ،فيما أخذ قلبها يدق بقوة في صدرها، وهي تحدق نحو
صاحب القامة الطويلة المهددة في مدخل الباب المؤدي الى الحمام المتصل بغرفة النوم.
- كيف دخلت الى هنا؟
تحول عدم تصديقها الى مزيج من الحنق والاحراج، عندما ادركت ان لوك كان يراقبها ،
أضافت بحلاوة:
- لابد انك اضعت سبيلك؟؟؟ غرفتك تقع في الجهة الأخر من الرواق.
جاهدت إميلي لتظهر التهكم نفسه الذي استخدمه لوك، ثم تابعت:
- هل تعرف أين يمكنني أن اجد مصباحاً جديداً؟.
لم يجبها لوك، بل تمشى بخطوات واسعة عبر الغرفة، فأضاء النور المجاور للسرير بحيث
غمر الغرفة وهج خافت، ابتسامة الهادئة ارسلت ارتعادة على طول عمودها الفقري،
عندما رأته يحمل بيده المصباح الذي ازاله من مكانه في السقف.
أغضبها صمته، مع ذلك لم تقدر على سلخ نظراتها عنه، بدا لها كأنما إرهاقها قد اختفى،
فأحست بحيوية غريبة ، إذ اخذت تخزها خلاياها العصبية بإحساس من الانتظار.
- أنا واثقة ان لديك اسباباً تجعلك تتطفل في الظلام، لكنني مرهقة ولست في مزاج
يسمح بممارسة الألاعيب.
قالت إميلي ذلك باختصار، فزم لوك فمه.
- لست أنا من يمارس الألاعيب، أنت من جاء الى الغرفة غير الصحيحة، بما أنك
زوجتي لديك واجبات محددة عليك أن تؤديها.
- أنا سوف أنام باكراً، لكنني واثقة من انك لن تواجه أية مشكلة في ملء الفراغ
الشاغر في غرفة نومك، أنا بالنسبة الى تأدية واجباتي ، فقد فعلت ذلك بعد ظهر هذا
اليوم، أنت حقاً لاتظنني استمتعت بالأمر ، أليس كذلك؟
اشتعل وجه إميلي عندما تشدق لوك قائلاً:
- لا، عزيزتي ! ماكنت لأحزر أبداً من تجاوبك بين ذراعي ، أنك كرهت كل دقيقة من
علاقتنا الحيمية.
- حسناً ! كرهت ذلك، ولست أخطط للمزيد.
شعرت إميلي أنها في موقف حرج بما أن خزانة الأدراج تصد الباب، ولوك يسد طريقها
نحو الحمام، أطلقت تنهيدة ساخطة،وقالت:
- سأكون ممتنة لو تركتني بسلام ،كان يوماً عصيباً جداً.
تساءل لوك بوحشية ، كيف يمكنها ان تبدو سريعة العطب وحساسة الى درجة مؤلمة ؟
إن طبيعتها الحساسة جداً لا تتوقف ابداً عن التأثير فيه.
-----------------------------
كانت عينا إميلي قد اسودتا فصارتا شبيهتين بلون سماء منتصف الليل،وبدتا كبيرتين
جداً على وجهها الذي يشبه شكل القلب ، أما شعرها فانسدل على كتفيها، وكاد يصل
الى خصرها ، قاوم لوك رغبته الملحة بأن يشبك أنامله في خصلاته الكستنائية فيجذبها
نحوه، اللعنة! إنها زوجته، وهو يرغب بها بنهم لكنها تحاول وضع نفسها خارج متناوله،
أتراها تخاف منه؟ تلك الفكرة جعلت لوك يتمهل للحظة، لكن كل غريزة من غرائزه
اخبرته ان مايجعلها تنكمش منه ليس الخوف، إنه يعرفها حق المعرفة، ويعرف التوق الحاد
الذي يفيض عليها ، إنها تريده بشدة كبرى ، وهو يريدها ايضاً ، لكن إقناعها بهذه
الحقيقة يتطلب منه صبراً لا يقدر عليه حالياً.
- أنا زوجك...الرجل الذي وافقت على ان تحبيه وتكرميه وتطعيه الى الابد، هذا إذا
ماكنت اذكر جيداً كلام المراسم القديمة التي اخترتها بنفسك عزيزتي، إلى ان يفرقنا
الموت...أليس هذا هو العهد الذي قطعناه يوماً؟
- نحن أيضاً تعهدنا بأن نقف الى جانب بعضنا البعض في المرض وفي الصحة، لكنك
خرقت ذلك العهد لحظة علمت بأمر حملي.
قالت إميلي ذلك بإيجاز.
غمغم لوك:
- متى قصرت في منحك مايكفي من الاهتمام؟ اطمئني! أنا لن ارتكب الخطأ نفسه مرة
ثانية، عزيزتي ، لن تكون هنالك غرفتان منفصلتان لنا، ولن نفعل شيئاً يجعل الإشاعات
تسري بين الموظفين، سيمون للتو امضت نصف النهار وهي تنقل اغراضك بين
الغرفتين.
عندما سمعت إميلي ذلك اندفعت لتفتح باب الخزانة، وكاد مزاجها يفور غلياناً عندما
وجدتها فارغة.
صرح لها لوك قائلاً:
- أنت زوجتي، وسوف تشاركينني سريري.
العزم في نظراته اخبر إميلي ان لا خيار آخر امامها :
- يالي من محظوظة!.
قالت ملاحظتها الساخرة تلك وهي تجاهد لإخفاء ذعرها ، فيما أزاح لوك خزانة الدراج
بعيداً عن الباب، ثم اتجه نحوها.
- هل سألت روبين لما تكتمت على زيارتي الى شقتك؟
طالبته إميلي بذلك وهي غير قادرة على إخفاء لمحة اليأس في صوتها ، فيما قام لوك فجأة
بحملها بين ذراعيه متجاهلاً الضربات التي وجهتها الى صدره بتصميم وإصرار.
- لا داعي لذلك فأنا أعلم أنك تكذبين.
جاء صوت لوك واثقاً جداً، لدرجة جمدت يديها، فحدقت بوجهه الذي كان على بعد
إنشات فقط من وجهها ، فسّر لها لوك ببرودة:
- تحققت من مفكرتي ، اثناء ذلك الوقت الذي تقولين إنك اصطحبت فيه جان كلود
الى شقتي كنت مسافراً في أفريقيا الجنوبية، جزئياً لأجل العمل، ولأمضي فترة عيد الميلاد
مع اصدقاء لي تفهموا مدى يأسي لأنني لا اعرف شيئاً عن مكان وجود ابني.
اشتدت قبضة انامل لوك حولها،فأجفلت إميلي عندما ركل باب غرفة نومه، وعبر
بخطوات واسعة نحو السرير الضخم ، تابع لوك بجرأة :
- شقة شيلسيا بقيت مقفلة طيلة شهر كانون الاول ، مدبرة منزلي ذهبت الى يوركشاير
لتزور عائلتها، أما روبين فاستقلت الطائرة من حيث كنا في دوربان لإجراء لقاءات
العمل، وقصدت والديها في الولايات المتحدة الأميريكية، هنالك احتمال بأن تكوني قد
ذهبت الى هناك ، لكن لم عساك تبتكرين الهراء المتعلق بمقابلتك لروبين؟ لماذا تُراك
تصرين على جعلها تبدو كاذبة؟
- لم تراني قد ابتدع القصة اصلاً؟
دافعت إميلي عن نفسها عندما رماها لوك على السرير بقوة، هز لوك كتفيه ، فيما
حذرتها لا مبالاته بأنه بدأ يمل من هذا الحديث.
- إذا كنت تصرين على هجري، فسيتوجب عليك ان تخوضي معركة لنيل حضانة جان
كلود، ربما ظننت أنك ستعززين موقفك إذا ماقلت إنك حاولت ان تتواصلي معي
لتسمحي لي برؤية ابني!
صرخت إميلي قائلة:
- ذهبت فعلاً الى الشقة ، وقابلت روبين حقاً!.
-------------------------------
تلوى في اعماقها الفزع بسبب رفضه لأن يصدقها، كانت الغرفة مضاءة بأنوار علوية
مخفية، بالإضافة الى عشرات الشموع، وضعت في مجموعات على الموقد، والقت ظلالها
على الجدران، بدت الغرفة رومنسية جداً، وكأنها صممت للعشاق، لكن لم يكن هنالك
أي شيء محبب بخصوص قساوة تعابير وجه لوك، فالتوهج البادي في عينيه حذر إميلي
بعزمه وتصميمه على الحصول على حقوقه الزوجية.
قالت إميلي:
- أنا لست كاذبة.
كرهت نفسها لأن صوتها اصبح كذلك ، ولأن عينيها تركزتا بإرادتها الخاصة على صدر
لوك.
غمغم لوك بنعومة:
- ألست ترغبين بأن نستعيد لحظاتنا الحميمة معاً الليلة ، عزيزتي؟.
- أفضل أن تقلع أسناني كلها على أن افعل ذلك.
- أنت كاذبة!
أطبقت إميلي أسنانها بحدة، بعد أن ضاقت ذرعاً بغروره وبابتسامته التي تدل على ثقة
بالغة بالنفس.
فكرا بحذر، كم هو رائع! عندما عانقها قبل ساعات بدت إميلي مأسورة بأحاسيسها،
فلم تحظ بالوقت الكافي تتمعن بلوك جيداً.
أما الآن وفيما هو واقف امامها بتراخ تمكنت من تأمل رشاقة جسمه وقوة عضلاته،
ارتعد جسدها الخائن مظهراً مشاعرها البدائية، لم تتدخل غريزة إميلي في الحفاظ على
نفسها إلا عندما مد لوك يده ومررها من خلال شعرها.
- ألم تكتفِ بماحصل بيننا بعد ظهر هذا اليوم؟
تذمرت إميلي ، فيما أصبح الكلام أكثر صعوبة عليها مع اقتراب لوك منها.
- أريد زوجتي دوماً الى جانبي.
رسم لوك خط فك إميلي بنعومة مستخدماً إبهامه، ثم حركه الى الأعلى باتجاه خدها.
- لكن ، لم أنا؟
أفلتت الكلمات من فمها كانتحاب يائس، ظهرت لمحة من الألم في صوتها وهي تتابع :
- أنت لست معجباً بي حتى ، كما أنك حتماً لا تثق بي، ألا تكفيك روبين؟
كان لوك قد أنكر بعنف وجود اية علاقة غرامية مع مساعدته الشخصية، لكن شكوك
إميلي السابقة عادت وظهرت لدى معرفتها انه يصدق روبين ولا يصدقها ، تجاهلها
لوك، لكن ذراعيه استقرتا على كتفيها في عناق لطيف صعقها بمدى رقته.
كانت إميلي قد جهزت نفسها لعناق وحشي ، لكن نعومة عناقه شتت سيطرتها الواهية
على احاسيسها. هذا هو لوك ، حب حياتها والرجل الوحيد الذي رغبت به يوماً ،
كيف يمكنها ان تنكر ذلك في حين ان كيانها كله يهتف توقاً اليه؟
اجابها لوك:
- لأنك استثنائية، أنا لم انس يوماً عبيرك وملمس بشرتك التي تبدو كالحرير تحت
اناملي، أنت موجودة هنا...
همس لوك بذلك فيما بدا إحباطه واضحاً في نبرته بسبب ضعفه وهو يمسك يدي إميلي
بملاصقة قلبه .ثم تابع:
- ..........ويبدو انني لست قادراً على إخراجك من هنا، مهما حاولت جاهداً.
إنه لا يثق بها، ويرفض ان يصدق روايتها بخصوص ذهابها الى شقته مع الطفل ، كما انه
حتماً لا يحبها، لكن الآن بالذات لم تكن إميلي تأبه لأي من ذلك، اجتاح لوك
احاسيسها، فداس على عزة نفسها، بحيث لم يبق لديها أي شيء سوى التوق الشديد
اليه.
استنشقت إميلي نفساً حاداً عندما انزلقت يدا لوك نزولاً فوق ظهرها، ثم جذبها بقوة
ليعانقها ، ، أرادت ان تقول شيئاً ما ، وأن تخبره مرة ثانية انها لم تكذب بخصوص اخذ
جان كلود اليه ليراه، لكن كلماتها ضاعت نحت وطأة عناقه الذي خدر احاسيسها ،
وطرد كل شيء آخر من ذهنها باستثناء هذا الرجل وهذه اللحظة.
بعد لحظات غابا معاً في غمامة رائعة من الأحاسيس الصاخبة.
- أترين ؟ لم يكن ذلك سيئاً جداً ، أليس كذلك ، صغيرتي؟.
----------------------------
كانت إميلي على حافة الاغفاء، لكن شدت انتباهها نبرة الانتصار البادية في صوت لوك
، ففتحت عينيها فيما غمرها الشعور بالاذلال المسبب للغثيان، بالطبع! هو يشعر
بالانتصار، لأنها سهلت الأمر عليه جداً ، فقد انهارت دفاعاتها بعد أول لمسة من يديه
على بشرتها.
تراجعت بعيداً عن دفء لوك الذي مازال حتى الآن قادراً على التأثير فيها.
- هل تأمل ان امنحك علامة على عشرة من اجل قدراتك التقنية، أم أنك تنتظر
التصفيق؟
طالبته إميلي ببرود بينما جلست في السرير ثم قالت:
- لم يكن الأمر سيئاً جداً، لكنني أفضل عدم تكرار التجربة.
بعد ذلك الكلام غاصت إميلي تحت أغطية السرير، وخبأت وجهها الأحمر الحامي ، فيما
صلت كي لا يلمسها لوك من جديد ، لأنها حتماً ستنهار، اما لوك فحذرها بنعومة
قائلاً:
- فكري ملياً ياعزيزتي قبل ان تضعي حاجزاً بيننا ، لأنني اعدك أنني لست أنا من
سيزيحه.
- ممتاز! إذاً سوف أحظى بليلة جيدة من النوم من دون ان اخشى بأن تشتّ يداك الى
جهتي من السرير ، عمت مساء.
أطلق لوك ضحكة مكتومة خافتة قائلاً:
- تصبحين على خير يا ملاكي ، نامي جيداً!.
* * *
لفحت أشعة الشمس وجه اميلي فجعلتها تفتح عينيها، عبست وهي تحدق بأرجاء
محيطها غير المألوف، ادارت رأسها بحدة، فإذا المساحة على الجانب الآخر من الوسادة
الحريرية خالية ، اتجهت نظراتها نحو ساعة الحائط ، فشعرت بالصدمة، تعثرت وهي
تنهض بسرعة من السرير لتركض نحو الحمام المتصل بغرفة النوم.
كيف بحق السماء تراها نامت حتى الساعة العاشرة صباحاً؟ ولِم لم يوقظها أي شخص ؟
انتقلت افكارها على الفور نحو جان كلود ، فصلت بأن يكون سعيداً مع ليز.
أخذت إميلي حماماً في وقت قياسي ، ثم اطلقت نظرة سريعة على خزانة ملابسها،
فاكتشفت انها لا تمتلك ثياباً مناسبة ترتديها كي تلعب دور سيدة القصر، لكن عفريتاً
شيطانياً ماجعلها ترتدي سروالاً من الجينز الباهت اللون الضيق جداً ، مع قميص قطنية
زهرية فاقعة اللون، كتب عليها شعار يقول ( الآنسة الصغيرة الشقية).
أقرت إميلي بتكشيرة ان ملايسها ليست أنيقة ، فيما عقدت شعرها الى الخلف على
شكل ذيل الفرس ، توجهت بعد ذلك نحو الدرج!.
عندما دخلت إميلي الى غرفة الطعام ولم تجد أي أثر لابنها أو لعربته، سألت بتردد ، فيما
تهاوت شجاعتها تحت نظرات لوك المحدقة اليها ببرودة:
- أين هو جان كلود؟
- أخذته مربيته في نزهة الى الحديقة ، فقد بدأ يتململ وينفذ صبره.
- لايمكنني أن اصدق بأنني غفوت لوقت متأخر كهذا، أستيقظ عادة عند الفجر.
- آه!.
بدا من نبرة لوك أنه لم يصدق انه استيقظت يوماً قبل موعد الغداء، فظهر العبوس على
وجه إميلي ، لقد امضت الشهور الستة الأولى من عمر ابنها وهي تستيقظ كل اربع
ساعات لتطعمه، لأنه كان طفلاً متطلباً جداً ، لم تفلح إلا في الأسابيع القليلة الماضية في
إقناع جان كلود بأن ينام طيلة الليل ، اجابته إميلي بكلمات لاذعة:
- من الواضح انك لم تعرف قط مامعنى ان تمضي الليل وأنت تتمشى جيئة وذهاباً عبر
أرض غرفة النوم عند الساعة الثالثة صباحاً في محاولة لتهدئة الطقل.
إلا ان لوك راقبها بثبات من فوق جريدته :
- لا! لم اُمنح الفرصة ابداً.
أدركت إميلي ان التصرفات العدائية استؤنفت مجدداً بينهما، بينما جلست في مكانها الى
الطاولة، وابتسمت لسيمون بامتنان حين وضعت امامها كوباً من القهوة الساخنة.
--------------------------
- هنالك خبز وفطائر طازجة، ام انك تفضلين ان تطهو لك سيلفي شيئاً ما؟
غمغم لوك بذلك، اما إميلي فهزت رأسها نفياً بسرعة.
- القهوة جيدة.
- يجدر بك أن تأكلي.
جادلها لوك بذلك، ثم توقف وقال:
- على الرغم من ذلك ، ربما لا يجدر بك أن تكثري الأكل و إلا سوف تنفجرين فعلاً
خارج ملابسك، فهي الآن لا تترك الكثير للمخيلة.
انتفضت شفتا لوك، فيما استقرت نظراته على الشعار المدون فوق صدرها، وارتعبت
إميلي عندما تجاوب جسدها مع نظراته بوضوح.
- أما مخيلتي فهي تعمل بجموح.
علق لوك بذلك بعذوبة، لكن إميلي لم تجد أي رد يمكنها ان تنطق به، امتد الصمت
بينهما، وبدا حاداً جداً.
- حسناً ! هل هنالك سيارة احتياطية متوفرة يمكنني ان استخدمها ؟
سألت إميلي ذلك اخيراً ، فنظر لوك اليها مشككاً.
- أخشى انه ليس هناك من واحدة.
لكنها لم تثق بابتسامته، ذكرها لوك بالتمساح ، فهذا الأخير يبدو هادئاً متربصاً في
اللحظات التي تسبق إطباق فكه الضخم حول فريسته.
- الى أين تريدين الذهاب؟كل ماتحتاجينه انت أو جان كلود موجود هنا في القصر.
أجابته إميلي قائلة:
- مازلت أرغب في الذهاب الى القرية، او ربما زيارة البلدة الأقرب الى هنا من حين الى
آخر، سوف أترك جان كلود مع مربيته ، لكن لا يمكنك أن تبقيني اسيرة في القصر الى
مالا نهاية.
غمغم لوك قائلاً:
- انا أشعر بالفضول لأفهم لِم أنت متحمسة جداً لتغادري ، إلا إذا كان لذلك علاقة
بفكرتك المجنونة المتعلقة بتأسيس عمل خاص بك.
وخزتها كلمات لوك ، فشعرت إميلي ان مزاجها يلتهب ، إنه لا يعتقد انها قادرة على ان
تفعل ذلك، لكنها عازمة على ان تبرهن له العكس.
- أنا حتماً أود أن أبدأ بالبحث عن مكان للعمل أو نوع من المسكن حيث يمكنني أن
أعمل ، لا داعي لأن يكون مكاناً مميزاً.
عبس لوك فيما تابعت إميلي كلامها قائلة :
- لكن اريده ان يكون واسعاً بما يكفي حتى يتسع لبضع طاولات مخصصة للتفصيل
والقص، ولماكينات الخياطة.
قال لوك باختصار:
- أنت إذاً تفكرين في السير قدماً بالمشروع، دعينا نأمل ألا يشعر جان كلود بعدم
الاستقرار عندما تهجرينه.
- لا نية لدي على الاطلاق بأن اهجره!
قفزت إميلي وقد شعرت بالسخط، استدارت الى جهته من الطاولة لتقول :
- إن أي شيء سأبدأ به حتماً سوف يتلاءم مع جان كلود ، اخبرتك انه سيحل دوماً في
المرتبة الأولى بالنسبة إلي.
- في هذه الحالة، ألا يجدر بك ان تركزي مجهودك على الاستقرار في القصر بحيث يمكننا
نحن الثلاثة ان نمضي وقتنا سوياً كعائلة واحدة؟.
صار صوته فجأة ناعماً مخملياً، فابتلعت إيملي ريقها عندما رأت الدفء في عينيه، بدا
لوك وسيماً في سروال الجينز الباهت الذي يرتديه مع الكنزة المحاكة من الصوف السود .
- ألن تذهب الى العمل؟ لابد ان هنالك شيئاً طارئاً في الناحية الأخرى من العالم يحتاج
الى اهتمامك.
رد لوك بتكاسل قائلاً:
- اخبرتك انني أتعلم توكيل الأعمال الى موفدين من قبلي، بما انني اجتمعت حديثاً مع
ابني ، فأنا لا ارغب بتركه..أو ترك أمه.
أضاف لوك عبارته الأخيرة بنعومة، فتقلصت معدة إميلي ، غمغمت باستغراب:
- أنت فقط تقول هذا لكي... لكي تجعلني أغير رأيي.
لكنها لم تقو على المقاومة عندما قبض لوك على يدها ، فجذبها لتجلس على ركبته.
- أنت محقة تماماً، أنا أنوي أن أبذل قصاري جهدي كي اجعلك سعيدة هنا.
-------------------------------
حامت نظرات لوك فوق وجهها، فأغمضت عينيها فيما حاول دماغها استيعاب تصريحه
المذهل، إنها لا تستطيع ان تسمح له بالتقرب منها في حين انها بحاجة لأن تكون حذرة
منه، لكن بشكل ماتسلل لوك متخطياً دفاعاتها، فأطلقت إميلي شهقة صغيرة عندما
احتك ذقنه برفق بجبينها، رفعت أهدابها لتجده يحدق نحوها بتعابير مثيرة للفضول في
عينيه الرماديتين.
سألته :
- لماذا...؟ لماذا ترغب بجعلي سعيدة؟ فنحن نمقت بعضنا البعض ، كما اننا لا نثق
ببعضنا، لماذا تحكم علينا بالبقاء في زواج خال من الحب؟
- أنا لا اصف زواجنا بأنه خال من الحب عزيزتي.
قال لوك ذلك بهدوء ، فطاف قلب إميلي للحظة وجيزة رائعة، ما الذي يقوله؟ أتراه
يحبها؟ مالبث ان تابع :
- كلانا نحب جان كلود ولصالح ابننا أظن انه يجدر بنا ان نحاول وضع الماضي خلفنا،
وإصلاح الصدوع التي ألمت بزواجنا، إنه يستحق طفولة مستقرة وسعيدة حيث يحبه
ويرعاه كلا والديه.
اصابها الاحباط الشديد، بالطبع هو لا يحبها ، هو فقط تكبد عناء البحث عنها لأنه اراد
ان يجد ابنه.
- من الطبيعي ان يكون جان كلود هو السبب الوحيد الذي يدفعنا للبقاء سوياً، لكنني
لست مقتنعة بأن ذلك سيفلح.
- لكن يمكننا ان نحاول ، ارجوك عزيزتي!.
علمت إميلي أنه يجدر بها أن تبتعد كي تتجنب عناقه ، لكنها عوضاً عن ذلك لم تقو إلا
ان تنحني الى الامام كي تغلق الفجوة الموجودة بينهما ، وقد افلتت منها أنّة خافتة عندما
أسره لوك في إطار ذراعيه.
أخذ لوك الأمر بروية، كما لو انه اراد ان يستمتع باللحظة، اما هي فصارت عاجزة عن
المقاومة، لفت ذراعيها حول عنقه، وجذبته ليدنو منها اكثر ، احست إميلي بيده تنسل
خلف شعرها ، فألقت رأسها على كتفه باستسلام فيما ازداد عناقه عمقاً.
عندما رفع لوك رأسها أخيراً همس قائلاً بالقرب من أذنها:
- أترين ياصغيرتي؟ لم ينته الأمر بيننا ، لا يمكنه ان ينتهي ابداً، نحن ندين بهذا لنفسنا
،وليس فقط لجان كلود، فلنعلن الهدنة.
أومأت إميلي برأسها ، فيما شعرت أن قلبها ممتلئ بحبه مايمنعها من الكلام، لوك لا
يريدها في القصر فقط لأجل مصلحة جان كلود، يبدو انه حقاً يريد لزواجهما ان ينجح،
وملأها الأمل من جديد.
جعلت كلمات لوك أجراس التنبيه تقرع في رأس إميلي قال :
- إذاً! لا مزيد من الكلام بخصوص تأسيس عمل ، همم؟ نحن بحاجة إلى تكريس وقتنا
بالكامل لبعضنا البعض، وبالطبع لابننا.
- لوك...!
ابتلعت إميلي إحباطها عندما دخلت ليز وهي تحمل جان كلود من الحديقة ، أشرق وجه
الطفل عندما لاحظ والده.
- بابا!
صرخ الطفل رقد بدا فخوراً بسبب الكلمة الثانية التي صار يتقنها ، اما إميلي فأدارت
رأسها بعيداً بسبب الفزع، قال لوك أنه يرغب بمنح زواجهما فرصة اخرى، وليس فقط
من اجل ابنهما ، يجدر بهذا الخبر ان يغمرها بالسعادة، لكن يبدو ان لوك لا يريد علاقة
متساوية، إنه يريد ان يمتلك جسدها وروحها، هل هي قادرة على القيام بذلك؟ هل
يمكنها ان تنتاسى احلامها بدمج المهنة مع الأمومة، فتجعل من دورها كزوجة للوك أهم
شيء في حياتها ؟ هي لا تستطيع ان تنكر الحقيقة ،لوك بالنسبة اليها اهم من أية
مهنة،وهي قد تضحى بسرور بأي شيء فقط لو أنه يهتم فعلاً لأمرها ، حسناً ! سوف
تجعله يحبها، أقسمت إميلي بذلك بوحشية ، بينما انسلت خارجة من الغرفة.
لوك ليس محصناً تجاهها، سوف تفوز بثقته، وبذلك سوف تربح قلبه.
-------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:31 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7- هدنة مؤقتة
- سابين كانت خارقة، أليس كذلك؟
تردد صوت روبين البارد عبر البهو، فغرق قلب إميلي عندما جرجرت عينيها بعيداً عن
الصورة المعلقة فوق الدرج ، وقفت روبين على مصطبة الدرج العلوية ، فيما بدت أنيقة
في قميصها البيضاء مع السروال الكتاني الملائم ، فكرت إميلي أن روبين ليست أكثر
نقاء من الثلج ، إنها كاذبة، ومن المعذب المؤلم ان لوك يثق بها.
- إنها ...بل كانت...
عدلت إميلي كلامها بتسرع، ثم تابعت قائلة :
- جميلة الى حد غير معقول، لكن ...من هي؟.
تقوس حاجبا روبين المرسومان بدقة، دلالة على تفاجئها، وقالت :
- أتعنين انك لا تعلمين؟ سابين كانت زوجة لوك...السيدة فايلون الأولى، افترضت انه
اخبرك.
تابعت إميلي التحديق بها بصمت وذهول، وهي غير قادرة على إخفاء صدمتها الحادة.
- لم يذكر لي أبداً انه كان متزوجاً من قبل.
احست كما لو قلبها انتزع من صدرها، لماذا لم يخبرها لوك قط؟ كانت زوجته جميلة
تسلب الانفاس، اماهيئتها المتعالية فتؤكد ملاءمتها لدور سيدة القصر ، ادركت إميلي
ان أية مقارنة بينهما ستجعلها تبدو مفتقدة لكل ماكانت تمتلكه زوجته السابقة.
- كيف ماتت؟
همست إميلي وهي تقاوم موجة الغثيان التي اكتسحتها.
اخبرتها روبين قائلة:
- سابين بريان كانت عارضة أزياء ملهمة احد المصممين المشاهير لدى احدى اولى دور
الأزياء الفرنسية ، تابعت طريقها كي تحظى بمهنة ناجحة كممثلة، لوك وقع في غرامها
منذ اللحظة الأولى ، أحبها حباً جماً، وصارا الزوجين الفرنسيين المتألقين الشهيرين،
ماجعل موتها اكثر مأساوية.
- ماالذى حصل...؟
اسرت لها روبين قائلة:
- عانت من حمل خارجي ، لست واثقة حتى إذا ماكانت سابين تعلم بحملها، الى ان
انهارت متألمة، فيما كانت ولوك في إجازة على جزيرة نائية بالقرب من تايلندا، كان
الأوان قد فات عندما وصل الفريق الطبي ، إذ توفيت سابين على الفور، اما لوك فبدا
مشتت التفكير بالكامل، لا اظنه تخطى الأمر فعلاً ابداً، احبها كثيراً، وأقسم انه لن
يتزوج مجدداً على الاطلاق.
أشارت إميلي بصوت أبح:
- لكنه تزوجني أنا.
رمتها روبين بنظرة ازدراء:
- نعم، لكن ذلك أمر مختلف كانت له اسبابه...
توقفت روبين للحظة قبل ان تغمغم بنبرة متعاطفة:
- آه، عزيزتي! اخشى انني قلت اكثر مما يفترض بي أن اقوله، أقر انني فوجئت عندما
ظهرت من جديد، ظننت انك استوعبت الرسالة قبل الآن .
- أية رسالة؟ لوك احضرني الى هنا، أنا لم اطلب القدوم، هو يريدنا ان نمنح زواجنا
فرصة ثانية.
رنّمت روبين بنعومة تقول:
- حسناً! يمكنه ان يقول هذا أليس كذلك؟ عليه أن يأخذ ابنه بعين الاعتبار، إنه مستعد
لأن يفعل أي شيء من اجل جان كلود ، بما في ذلك إبقاؤك الى جانبه، حتى يجمع ما
يكفي من الإثباتات على عدم كفاءتك كوالدة له، وهذا من شأنه ان يحسم الحكم بحضانة
الطفل لصالحه.
- أتساءل أي نوع من الأدلة كان يجمع ليلة امس؟
اخفى مزاجها الذي راح يغلي على مهل السقم الذي احست به.
-----------------------------
- ماكنت لأتكل على العلاقة الجسدية حتى اتعلق بلوك، جربت الامر من قبل، ولم
ينجح ، لوك رجل متطلب، وأفترض أنه يحتاج الى التغيير من حين الى آخر.
- وهل هذا هو الوقت الذي يفترض به أن يتحول اليك أنتِ؟
بالرغم من شعورها بعذاب مرير في داخلها، رفضت إميلي أن تستلم من دون مقاومة.
- أنت التزمت الصمت عمداً حيال زيارتي الى شقة لوك في شيلسيا ، أليس كذلك؟
ماالذي ستكون عليه ردة فعل لوك برأيك لو اكتشف أن مساعدته البالغة الفعالة منعته
فعلياً من من التلاقي بابنه؟
تلاعبت ابتسامة خفيفة على شفتي روبين وهي تقول ببرود:
- أظنك ستواجهين صعوبة بالغة لتبرهني ذلك، تعود علاقتنا انا ولوك الى زمن بعيد، إنه
يثق بي، هل أنت قادرة على قول الأمر نفسه إميلي؟.
لم تستطع إميلي الرد ببساطة على ذلك السؤال، ولم يكن امامها سوى الاعتراف المذل
بأن لوك لا يثق بها، فاتسعت ابتسامة روبين :
- أنا في طريقي الآن للبحث عن لوك، عليك ان تعذرينا فلدينا ساعات من العمل معاً ،
الى أين أنتِ ذاهبة؟.
استفسرت روبين فيما جالت نظراتها كالأفعى فوق قميص إميلي القطنية العصرية، قالت
متابعة:
- يبدو أنك ذاهبة الى غرفة الحضانة!.
احست إميلي ان عليها ان تتحرك قبل ان تستسلم لرغبتها بأن تدفع تلك الشقراء
الساقطة عن الدرج ، فحثت خطاها صعوداً.
حقيقة كونه كان متزوجاً من قبل هو السر الكثر تشتيتاً لها، فكرت بذلك بينما تكورت
كالطابة وسط السرير، أهذا هو السبب الذي دفعه الى الإقامة في لندن بعد زواجهما ،
بدلاً من القصر الذي كان منزله مع الشقراء المذهلة سابين؟ لابد انه يقارنها مع زوجته
الأولى الرائعة الجمال في كل مرة ينظر اليها ، أتراه يتمنى لو كانت سابين هناك الآن
أو..آه...ياإلهي ! أتراه يغمض عينيه عندما يقيم علاقة حميمة معها، متخيلاً أنها زوجته
الأولى؟
جعلتها هذه الفكرة تشعر بالسقم ، فضغطت اصابعها على فمها.
فجأة بدا لها موقف لوك المتغطرس منطقياً ، كذلك حقيقة انه لم يصرح قط عن حبه لها،
كيف يمكنه ان يحبها في حين أنه مايزال في حداد على المرأة التي أحبها حباً جماً؟ أقرت
إميلي بيأس ان سابين هي شخص يستحيل تقليده، اما هي ، فعلى الأرجح ان لوك
يتحملها فقط لأنها انجبت له ابناً ، لم تدرك ان لوك لحق بها الى غرفة
النوم إذ كانت قد طمرت وجهها بين ذراعيها إلى ان احست بالفراش يغوص، فنفضت
رأسها وأدارته الى الناحية الأخرى حيث وجدت لوك جالساً بالقرب منها.
- ياإلهي ، إميلي! ماالخطب صغيرتي؟ هل انتِ مريضة؟
- نعم، أنا مريضة، أشعر بالسقم حتى الموت.
قذفته إميلي بهذا الكلام بينما فركت عينيها بيدها ، فلاحظت آثار الكحل على أناملها ،
لاعجب ان لوك يحدق فيها بارتعاب.
- ابتعد عني!
زمجرت إميلي بذلك، فيما تراجعت بعيداً عن لوك ، وبدا مرتبكاً:
- ما الذي حدث للمرأة المبتسمة التي وافقت منذ نصف ساعة بأن تمنح زواجنا فرصة
ثانية ؟!.
صرخت إميلي في وجهه قائلة:
- سابين! سابين هي الخطب، روبين استمتعت كثيراً في تقديمها الشرح لي بخصوص
زوجتك السابقة ، هل يمكنك ان تتصور كم شعرت انني غبية؟ انا زوجتك... اللعنة!
لكن موظفوك يعرفون عنك أكثر مني.
شحب لون بشرة لوك لدى ذكر اسم زوجته الأولى، فوقف ومرر يده من خلال شعره،
قائلاً ببرود:
- حسناً! كنت متزوجاً من قبل، هذا ليس بالأمر الهام.
----------------------------------
حدقت به إميلي بذهول غير قادرة على وقف الدموع المنسابة على خديها.
- ليس بالأمر الهام؟ هذا يغير كل شيء، ظننتني مميزة لديك...ظننت ان زواجك مني
يعني انني شخص هام بالنسبة اليك.
نشجت إميلي بذلك، كل الذكريات التي تعلقت بها منذ يوم زفافهما مروراً بشهر
عسلهما الوجيز في باريس، بدت الآن عديمة القيمة، فعل لوك ذلك مرة من قبل، همست
بانكسار:
- شعاع الأمل الوحيد الذي كان لدي في مايخص علاقتنا هو أنك اخترتني انا كزوجة
لك، لكن تبين انني آتي بالدرجة الثانية، أشعر كما لو انني الغرض غير المفيد الذي لا
يريده أي شخص.
بدت عيناه الرماديتان خاليتين من المشاعر الى درجة أن إميلي احست بقلبها يتمزق وهو
يقول:
- لا تكوني سخيفة! بالطبع أنا اريدك.
- نعم، لأجل علاقة زوجية مناسبة عندما تكون موجوداً،وليس هناك من شيء أفضل
تقوم به.
- تلك كذبة.
- لماذا إذاً لم تخبرني عنها؟لاتقل لي إنك نسيت الأمر سهواً.
أضافت بمرارة:
- اللعنة! روبين اخبرتني كم احببتها ، ألهذا السبب التزمت الصمت؟ هل ظننت انني
سأشعر بالغيرة منها؟
- إن كان هذا هو السبب، فأنا محق ، أليس كذلك؟
وبخها لوك ساخراً، وقد التمعت عيناه وهو يحدق بوجه إميلي الملطخ بالدموع، إنه
المسؤول عن هذا الدمار، إنه لم يتعمد إيذاءها مطلقاً، أراد ان يحميها، لكن إميلي أساءت
تفسير نواياه الحسنة كالعادة، قال لها بهدوء:
- سابين توفيت في ظروف مريعة، إنه امر لا اجد من السهل التكلم عنه، وبالكاد يمكنني
ان ابوح بأن حملها كان سبب موتها ، في حين انك كنت قد اكتشفتِ للتو بأنك حامل.
قالت إميلي بعناد:
- كان يجدر بك ان تخبرني.
رفضت ان تهدأ فتابعت:
- لِم لا تكون صادقاً بكل بساطة، فتعترف انك لا تعتبرني هامة بمافيه الكفاية لكي
تشاركني بالأشياء المتعلقة بك؟ مضت سنتان على زواجنا ، لكنني بالكاد اعرفك.
- أمضينا نصف ذلك الوقت منفصلين وذنب من ذلك؟.
- ذنبك أنت ، موقفك تجاهي هو الذي دفعني الى الابتعاد ، ولم يتغير أي شيء الآن
،أليس كذلك؟ مازلت لا تنظر الى زواجنا باعتباره شراكة، من وجهة نظرك، المكان
الوحيد الذي تجدني فيه مفيدة بالنسبة اليك هو غرفة النوم.
- إذا كان هذا ماتظنينه، فحريّ بك ان تبدأي بكسب بقاءك هنا.
زمجر بذلك بوحشية، فيما حذرها اللمعان الحاد في عينيه، احبط لوك محاولة إميلي
بالنهوض عن السرير فوراً.
- لوك، لا! لاتجرؤ على لمسي.
صرخت إميلي بذلك وقد تحول غضبها للتو الى حماس حاد، فيما قبض لوك على كتفيها
بقوة، حاولت ان تتصدى له، لكنه أطبق ذراعيه حولها، وشدها الى صدره في عناق لا
يخلو من القسوة إن لم تقل الوحشية.
لم تقو إميلي على منعه حتى وهي تشعر بالسقم بسبب كونها آخر من عملت بأمر سابين،
يبدو انها تسامحه على أي شيء عندما يلامسها ويعانقها، لكن الثمن هو احترامها لذاتها ،
وهذا يفوق ما يمكنها تحمله ، انسابت الدموع من زوايتي عينيها، لابد ان لوك احس
بدموعها على بشرته، فرفع رأسها اخيراً.
ابتعد قليلاً عنها وهو يقول:
- سابين تنتمي الى الماضي ، أنت زوجتي الآن ، وأقترح أن تبدأي بلعب هذا الدور
لصالح جان كلود، إن لم يكن لأي سبب آخر.
* * *
تسللت أشعة الشمس الباهتة من خلال الستائر فأعلنت بدء فجر جديد، لذا فتحت
إميلي عينها،إن فصل الخريف يقترب بسرعة، كادت لا تصدق انها
أقامت في القصر لفترة تقارب الشهر الآن ، احياناً تحس كما لو انها موجودة هنا منذ
الأزل، اقرت إميلي انه لم يكن شهراً سهلاً ، إذ كانت الأجواء خلال الايام التي تلت
معرفتها بأمر سابين مشحونة بالتوتر، عاملها لوك بازدراء وتعجرف، اما هي فرفضت ان
تتراجع وتهدأ، هو المخطئّ ذكرت نفسها بذلك كل ليلة، وهي تخفي وجهها بين الوسائد
وتبكي حتى تنام، هو من أبقى الكثير من الأمور المتعلقة بماضيه سراً عنها، ولا امل
لزواجهما بالنجاح إلى ان تشعر إميلي بأن لوك يثق بها.
--------------------------------
بصيص الأمل الوحيد كان مغادرة روبين للقصر على الفور بعد الغضب المتعلق بسابين،
هل شعر لوك بالغضب لأن مساعدته الشخصية كشفت لها هوية سابين.؟ تساءلت إميلي
عن ذلك ، أما لوك فلم يشر بأي كلام الى زوجته الأولى او الى روبين، لكن خلال
الأسبوع الماضي لاحظت إميلي ليونة في موقفه تجاهها، لعل حفلة عيد الميلاد الصغيرة
التي اقاماها لجان كلود ساعدت على ذلك، امضيا يوماً سعيداً فيما احتفلا بأول سنة له،
لم يقو لوك على إخفاء افتخاره بابنه، وهو يحمله امام اصدقائه.
أحست إميلي بطعنة حادة من الذنب في داخلها لأنها ابعدتهما عن بعضهما، فيما راقبتهما
مسرورين سوياً، لوك يحب جان كلود أكثر مما ظنته ممكناً، إنها صدقاً لم تعرف مطلقاً بأن
لوك قد يهتم لأمر طفلهما بهذا العمق، فلم تقو إميلي على كبح الوخزة الصغيرة من
الغيرة لأن موقع جان كلود في قلب لوك آمن وثابت جداً على خلافها.
أطلقت تنهيدة عميقة ، فيما حدقت الى الأعلى، علقت الانفاس في صدرها عندما سمعت
من الجنب الآخر الصوت المؤثر المألوف:
- لِم هذه التنهيدة الحزينة عزيزتي؟ الست سعيدة في القصر؟.
- لا!
بعد صمت مطول لاحظت خلاله حقيقة ان لوك لم يذهب لامتطاء الخيل كعادته كل
صباح، وانه مازال يستلقي على بعد سنتيمترات فقط منها، أقرت بصدق:
-انا فقط مرتبكة.
- نعم.
التفهم اللطيف البادي في نبرة لوك بدا مغرياً بالنسبة اليها، عضت إميلي بقوة على
شفتها السفلى.
كان يتسلق كل ليلة جهته الخاصة من السرير، فيلقي عليها تحية المساء ، بعد ذلك يطفئ
النور ويبدو كأنه يستغرق في نوم عميق خلال لحظات فقط.
بدا صدقاً انه لا يتعذب بسبب المشاعر المؤلمة التي تجعل إميلي تنقلب وتستدير بتململ
حتى ساعات الصباح الأولى، حتى في ذلك الحين فإن نومها ينكسر بسبب استرجاعها
لذكريات يديه وهما تلامسانها .
فكرت إميلي بصرامة ان ذلك لا يساعد على تحسين الأمور، إن دفاعها الوحيد ضد
احاسيسها المنهارة هي معرفتها انه يريدها ان تكون زوجته فقط لصالح ابنهما.
تساءلت اي سبب آخر يعقل ان يكون، في حين ان وجه سابين ذا الجمال المميز يسخر
منها كلما مرت بالقرب من صورتها التي تحتل مركزاً مميزاً فوق الدرج؟
سألته وهي يائسة لكسر الصمت بينهما :
- لِم لم تذهب لركوب الخيل هذا الصباح؟.
- قررت ان انتظرك ، فكرت انك قد ترغبين في الانضمام الي.
ذكرها منظر لوك بالقرصان، بفكه الذي نمت عليه شعيرات سوداء خلال الليل ،
وبشعره المشعث بسبب النوم.
اجابته يتكلف:
- ربما في مرة اخرى ، بالرغم منذ لك، لطف منك ان تسألني.
على الفور جعلتها ضحكته المكتومة الخافتة مغمورة بالتوق، إنها تحب صوت
ضحكاته...إنها تحبه...لكن لطفه المفاجئ مجرد وهم وخدعة، روبين اكدت لها ان لوك
يهدئها بتصرفاته، فيما يخطط هو للفوز بحضانة جان كلود.
قال لوك ممازحاً ليغيظها:
- قد يفاجئك مدى اللطف الذي قد اكون عليه صغيرتي، في مامضى كنت تحبين ركوب
الخيل، في الواقع كنت تمضين غالبية وقتك على صهوة قاسم.
- حصل ذلك منذ وقت طويل جداً.
---------------------------------
همست إميلي ، فيما كورت جسمها على شكل طابة تحت اغطية السرير، من الغباء ان
تبكي على ذكرى حصان! قالت ذلك لنفسها، فيما عاد ذهنها فعاش احداث ذاك اليوم
الذي بيع فيه قاسم، بالإضافة الى الاحصنة الأخرى الموجودة في الحظيرة في هيستون
غرانج، يومها فسر لها والدها ان هذا تدبير لتقليص المصاريف الإضافية ، لكن إميلي لم
تقو على التأقلم مع بؤسها عندما صعقها بهذا الخبر.
يومها فرت إميلي الى الاسطبلات وهي مشتتة الفكر تماماً،وهنالك وجدها لوك لاحقاً،
فجذبها بحزم بين ذراعيه، ذراعاه القويتان قدمتا لها الراحة، بينما تعلقت إميلي بكتفيه
العريضتين، خمدت دموعها تدريجياً وهي تفسر له بين الشهقة والأخرى بأن العقد اصبح
نهائياً، وان قاسم سوف يتم شحنه الى خارج البلاد ، مسح لوك عن وجهها دمعة شاردة
بإبهامه، قبل ان يخفض رأسه ويضمها الى صدره من جديد.
لم تقدر إميلي على تذكر اللحظة التي تغير فيها اتجاه احتضانه لها، اذ كشف عن شغف
مشتعل كان يغلي على نار خافتة تحت السطح .
لاحظ لوك خجلها، فإميلي حظيت بالقليل من الاصدقاء الحميمين من قبل، اما خبرتها
فتكاد تكون معدومة، مع ذلك تجاوبت مع عناقه بتلقائية، فجأة طار كل أثر للقدرة على
كبح الذات عندما شدها لوك لتلتصق به.
- إنك مميزة جداً، ياجميلتي.
داعب صوت لوك بشرتها تماماً كما فعلت يداه ، سمعته إميلي يستنشق انفاسه بحدة، من
يعلم ماالذي كان ليحدث لو لم تتطفل على عالمهما تلك الاصوات المسموعة من الباحة
الخارجية؟
فكرت إميلي بتشاؤم انها بدت كالعجينة بين يديه، ضاعت منذ الحظة الأولى التي عانقها
فيها لوك، إذا بدت كعبدة مطيعة لرغباته إلا انها ارتكبت الخطأ المميت بالخلط مابين
الانجذاب الحسي والحب، فالحب لم يدخل عالم لوك ولا قلبه قط، على الرغم من شعوره
بالانجذاب اليها.
- تعالي معي هذا الصباح.
اخترق صوت لوك افكار إميلي، بدت تلك مقاطعة مرحب بها لتخرجها من الذكريات
التي ماتزال تطاردها.
- سوف نأخذ جان كلود ليرى الاحصنة،وهنالك فرس صغيرة قد تكون مناسبة لك.
* * *
في وقت لاحق من ذلك الصباح ، وقفا في الباحة الخارجية يداعبان الفرس الكستنائية
الجميلة التي كان سائس الخيول قد اخرجها من الإصطبلات، سألها لها لوك:
- مارأيك بميمي ؟ أقرّ أنها مازالت صغيرة، لكنها لطيفة وآمنة لكي تمتطيها.
جادلته إميلي قائلة:
- لِم لا تطلب لي كرسياً ذا عجلات وتنتهي من الأمر؟ أنا لست ضعيفة، ولا اريد ان
اكون بأمان.
لم تشأ ان تبدو غير ممتنة، لكنها ايضاً لا تريد ان تكدح في السير كالحلزون، تابعت
تقول:
- امتطاء الخيل عملية تتعلق بالتشويق والحماس، هذا ماكنت أشعر به عندما كنت أنظر
الى قاسم في سباق عبر الريف، كان ذلك رائعاً.
نظر اليها لوك وقد ارتسمت تعابير تدل على الفضول على وجهه.
اشار قائلاً بحزم:
- أعلم انك فارسة ممتازة عزيزتي ، لكن لا يمكنني ان افهم ابداً لِم سمح لك والدك
بامتطاء حيوان قوي كهذا.
كشفت إميلي للوك بابتهاج قائلة:
- لطالما كان أبي منغمساً جداً في إدارة الملكية، فلم يهتم بما أفعله، أنا كنت خيبة امل
دائمة بالنسبة الى والديّ، كان يجدر بي ان اكون صبياً، لكنني ولدت الابنة الرابعة، ولم
اكن حتى جميلة او موهوبة كشقيقاتي الثلاث الاخريات ، لم يأبه أي شخص فعلاً بما
افعله، طالما بقيت بعيدة عن دربهم، اما انا فكنت مسرورة جداً بقضاء وقتي مع قاسم.
--------------------
فكر لوك بكآبة وهو يحدق نحوها، ياإلهي! لا عجب ان إميلي تعاني من افتقار ساحق الى
الثقة بالنفس، امضت حياتها وهي تشعر أنها ليست بذات اهمية، وكانت بحاجة الى
شخص يضعها في مركز اهتمامه وعالمه، لا الى شخص يحملها الى وسط المدينة الضخمة،
فيهجرها لأسابيع متواصلة، فجأة اتضح للوك سبب غيرتها من روبين ،
إميلي احست بالتهديد من تميز وأناقة المرأة الاخرى، وهي على الارجح قارنت نفسها
بها، تماماً مثلما فعلت سابقاً مع شقيقاتها، اما هو فلم يأخذ وقته كي يطمئنها بأن براءتها
وجمالها الرقيق هما السبب الذي جعله يقع في حبها.
أخذ لوك كل شيء قدمته له إميلي بحرية تامة، ولم يمنحها أي شيء بالمقابل ، ولعل الأمر
الأكثر تدميراً كان عدم منحها ثقته، هو لم يجد الجرأة قط كي يشاركها بمشاعره، أمن
العجب إذاً ان تعتقد انه لا يهتم لها؟
غمغم لوك، فيما اصبح حلقه جافاً بسبب مزيج من الشعور بالذنب والارتباك:
- حسناً! يمكنني ان ارى بأن ميمي لا تعجبك، هنالك حصان آخر قد يهمك.
اخبرها بذلك بينما بدأت إميلي تدفع عربة جان كلود خارج الباحة، ثم تابع:
- سائس الخيل سوف يحضره الى هنا من الحظيرة.
تقلصت معدة إميلي ، وتصلبت هي بدورها عندما لاحظت من بعيد ذاك الحصان يحرك
رأسه بسرعة وفخر أثناء سيره.
- لوك! لا يعقل ان يكون .... قاسم.
همست إميلي بصوت خافت بينما اقترب الحصان اكث فأكثر، وحوافره تطرق ارض
الباحة الخارجية وهو يحذب اللجام، بحيث استلزم الأمر قوة من سائس الخيل حتي
يسيطر عليه.
- آه..ياإلهي!.
تعثرت إميلي وهي تخطو الى الأمام ، فيما تركزت عيناها على قاسم ، سألت إميلي
متعجبة:
- قاسم! أهذا حقاً أنت؟.
في تلك اللحظة توقف الحصان عن الجذب واخفض رأسه بحيث اصبحت عيناه البنيتان
على مستوى عينيها، لوهلة ظنت إميلي ان قلبها سينفجر، كانت قد نسيت كم يعنى
قاسم بالنسبة اليها، او بالأحرى هي لم تنس ، لكنها ببساطة دفنت ذكراه في اعماق لا
وعيها، لأن فقدانه آلمها كثيراً، اما الان فدفعت بوجهها على عنقه وهي تحاول من دون
جدوى ان تكبح دموعها ، فيما مرغ قاسم انفه بها.
- ياحصاني الحبيب!.
تصدع صوت إميلي بسبب الأحاسيس التي لم تقو على إخفائها، اما لوك فاستدار مبتعداً
عن المشهد شاعراً كما لو انه يتطفل عليهما، اراد ان تكون إميلي سعيدة،إنها تستحق
اكثر مما منحها يوماً ، لكنه خيب ظنها لفترة طويلة جداً، ردة فعلها عندما اكتشفت امر
سابين جعلته يفهم كم كان غير مكترث بمشاعرها.
- آه..لوك! أكاد لا اصدق انه حقيقي.
همست إميلي بذلك، فطرف لوك بعينيه بحدة قبل ان يستدير ليواجهها، لم يبك على هذا
النحو مذ كان صبياً..منذ ان نظر الى جسد والدته الميتة، ادرك لوك انه لم يبذل من قبل
مجهوداً كافياً لإسعاد إميلي ، علق بخجل:
- لابد انه يتذكرك، لم اره بمثل هذا الهدوء منذ ان وصل الى هنا، هل استنتج ان
دموعك تنم عن السعادة؟
- نعم، هي كذلك، كيف وجدته؟ ظننته في بلد آخر.
قالت إميلي ذلك وهي تفرك عينيها بأصابعها ، اما ابتسامتها فسببت ألماً تمكنت من
إقناعه بالبيع.
لم يضف لوك بأن الأمر تطلب منه كل مهاراته في الإقناع، بالإضافة الى سعر يفوق بثلاثة
اضعاف قيمة هذا الحصان الاصيل، في الواقع، السرور الذي رآه على وجه إميلي
استحق كل قرش دفعه.
- لكن... لايعقل أنك أشتريته لأجلي؟
- حسناً! لا احد غيرك يمكنه امتطاؤه ، فهو عنيد لعين ، لم عساي لا أشتريه لأجلك
صغيرتي؟
سألها لوك ذلك بلطف، ثم اضاف :
- أنا اعلم كم تحبينه.
- آه ، لوك!
-----------------------
شعرت إميلي ان قلبها على وشك ان ينفجر ، فأطلقت صرخة ، واسرعت عبر الباحة
لترتمي على صدر لوك قائلة:
-أنا احبك ، أعني...
قطعت إميلي كلامها فجأة، فيما طاف اللون الحمر فوق وجنتيها، ثم تابعت تقول:
-.........ماعنيته هو انني احببت مافعلته..إنها مبادرة لطيفة.
تراجعت إميلي مبتعدة عنه، فيما بدا احراجها واضحاً للعيان، فانقبض قلب لوك ، غمغم
بهدوء:
- لطالما قلت لي إنك تحبينني.
رفضت إميلي ان تلاقي نظراته ، فيما قالت :
- لا تذكرني بذلك، لابد انك وجدت تلهفي ..متعباً جداً.
رد لوك بصراحة:
-لا! وجدته امراً محبباً جداً، احببت سماعك تقولين ذلك.
- لكنك غير قادر على قول شيء مماثل.
تراجعت إميلي الى الوراء مبتعدة عنه وهي ترمش عينيها بقوة، إذ بدت يائسة كي تمحو
دموعها، جعلت من نفسها غبية بمافيه الكفاية طمأنته عندما مد يده نحوها:
- لابأس! انا اعرف السبب، أتفهم ذلك.
إنه لا يستطيع ان يقول لها إنه يحبها في حين ان قلبه مازال مع سابين.
تابعت:
- إن شراءك قاسم هو اروع شيء فعلته من اجلي على الإطلاق ، ولست أدري كيف
يمكنني ان اشكرك.
اقترح لوك برقة:
- حاولي!.
دفء نظراته اذهلها قبل ان يقترب منها ويعانقها، بدا عناقه عذباً بحيث اضطرت إميلي
إلى حبس الدموع التي كادت تنهمر من عينيها .
أغمضت عينيها وهي تشعر أنه يخترق دفاعاتها بسهولة كبرى. أقرت بصدق أنها تفتقد
إليه . خلال الشهر المنصرم تاقت لأن يكسر الحواجز التي رفعتها في وجهه , أما الآن
وهي بين ذراعيه فإنها لا ترغب أبداً في الابتعاد ..شدها لوك إلى صدره الصلب كالجدار
, وبدا مستعداً لسحق أية إشارات تدل على المقاومة . لكن ما كان يجدر به أن يقلق .
- عدة امتطاء الخيل الخاصة بك موجودة في غرفة المستلزمات .
غمغم لوك بذلك أخيراً عندما دفع رأسه ليحدق نزولاً نحوها , وقد انقبض جسده وهو
يتمعن في ملامح وجهها . لكنه تجاهل مشاعره البدائية الملحة التي سببت الألم في أحشائه
. لقد ابتزتها لتدخل سريره مرة , وعلى الرغم من أن مقاومتها بدت متدنية , فهو
يريدها أن تأتي إليه في المرة المقبلة برغبة وإرادة أكبر . يريدها أن تأتي إليه من دون إكراه
, وليس لأنها تشعر بأنها تدين له مقابل حصائها الملعون .
- هل أنت جاهزة لتجربي قاسم؟
- جان كلود!
نظرت إميلي حولها , هاجمها الشعور بالذنب إذ تذكرت ابنها متأخرة . لحسن الحظ,
كان الصبي يجلس في عربته وقد بدا مسروراً بقاسم, في التوقيت المناسب تماماً, عبرت
ليز الباحه.
وضعت اميلي السرج فوق صهر قاسم , ونضمت إلى لوك الذي امتطى حصانه القوي.
الحّ لوك على ان يأخذا الأمر برويه, حذرها بأن قاسم ما يزال غير مستقر في محيطه
الجديد, أما اميلي ففوجئت في سرها بقوة حصانها هذا, وأست نفسها بأنها لم تكن قد
امتطت الخيل لما يقارب السنتين, أما قاسم فلطالما تمتع بأراده خاصه به, ذلك هو احد
الاسباب التي جعلتها تحبه, مع ذلك شعرت بالالم في ذراعيها حين عادا الى الاصطبلات .
ً- اريدك ان تعديني بأنك لن تخرجي معه بمفردك.
طلب منها لوك ذلك، وهو يساعدها في الترجل عن الحصان، كانت إميلي تشعر بالحر،
وقد انقطعت انفاسها بسبب ركوب الخيل، اما لوك فلم يبدُ انه شعر بالارهاق.
- بصراحة قاسم كبير جداً وقوي، ولولا يقيني انك تحبينه كثيراً لاشتريت لك حصاناً
آخر.
-------------------------------
امضى لوك الساعة الأخيرة وهو وهو يشعر بالقلق خشية ان يرمي الحصان بإميلي أرضاً
، راح يتخيلها مستلقية على الأرض مضرجة بالدماء، لذا شعر بشيء من الندم على
شرائه هذا الحصان لها، كيف تراه سيتمكن من العيش مع نفسه إذا ما تعرضت للأذى؟
- لن ألبث ان اعتاد عليه من جديد.
بدأت إميلي بهذا الكلام، وعلى الفور رمقها لوك بنظرة قاسية لا تحتمل الجدال.
- أنا أعني مااقوله ، إميلي! لن تمتطيه إلا حين يستطيع سائس الخيل أو أنا ان نرافقك
إذا رفضت ان تطيعيني لن يبق امامي خيار آخر سوى ان ابيعه ، لن اقف مكتوف
اليدين، فأسمح لك بأن تعرضي حياتك للخطر.
- ما الذي يجدر بي ان افعله كي ابرهن لك انني لست طفلة في السادسة من العمر؟
ردت إميلي بكلمات لاذعة وهي تشعر بالسخط، فيما وضعت يديها على وركيها وهي
تحملق به.
انتقضت شفتا لوك ، ثم غمغم بعذوبة:
- فعلت ذلك للتو بشكل يثير الإعجاب عزيزتي ، لكنني لن أتذمر ان اردت تنبيه
ذاكرتي!.
استمر انسجامهما طوال رحلة عودتهما سيراً على الأقدام الى القصر، تمشيا ممسكين
بيدي بعضهما طوال الطريق، فجأة بدا الريف اكثر نضارة واكثر إشراقاً في اخضراره،
بدا لإميلي كما لو ان احاسيسها تتسارع ،وبدا صوت زقزقة العصافير عذباً جداً
لأذنيها، اما قلبها فامتلأ بالسعادة .
لوك وجد قاسم لأجلها ، ذلك ليس تصرفاً يفعله رجل يمقتها لعله بدأ يغفر لها انها ابقت
جان كلود بعيداً عنه، وربما بدأ يثق بها، ربما لن يحبها لوك كما احب زوجته الأولى،
لكن فجأة بدا المستقبل زهرياً اكثر مما بدا عليه منذ فترة طويلة.
ان للحياة اسلوباً مثيراً للدهشة في رفضها السير وفقاً للخطة المتوقعة، قررت إميلي ذلك
بعد مرور لحظات ، عندما تسلقا درج القصر فلاقاهما فيليب، غمغم هذا الاخير قائلاً:
- السيد لاروش موجود هنا لمقابلاتك سيدتي.
أضاف عندما حدقت إميلي به بارتباك واضح:
- إنه مدير المصرف طلبت منه ان ينتظرك في غرفة الاستقبال.
- أمر مثير للفضول! اتظنين انها زيارة اجتماعية ام زيارة عمل؟
غمغم لوك في أذن إميلي بذلك، فيما بدت تعابير وجهه فجأة غامضة لايدرك كنهها، مع
ذلك اختفت ابتسامته الرائعة.
- أتخيل انها زيارة عمل.
ردت إميلي وهي تدرك بارتعاب ان خديها يلتهبان، ويعلنان عن شعورها بالذنب، كيف
امكنها ان تنسى الموعد الذي طلبت من فيليب ان يدبره لها مع مدير المصرف لكي
يناقشا مشاريعها في تأسيس عمل خاص بها؟ لم يكن امامها سبيل
للحصول على سيارة لتذهب الى المصرف لذا اضطرت الى الطلب من السيد لاروش ان
يزور القصر، وصلت كي يكون لوك منشغلاً في غرفة الحضانة مع جان كلود، لكن فرط
حماستها لدى لقائها بقاسم جعلتها تنسى تماماً موعدها مع الرجل ، القت إميلي نظرة
سريعة الى وجه لوك الساخط ، ثم خطت الى غرفة الاستقبال كي تقابل الرجل الفرنسي
الانيق.
- آمل انك لم تنتظر وقتاً طويلاً.
غمغمت إميلي بذلك وهي تدرك وجود لوك بالقرب من الموقد، فيما دعت السيد
لاروش الى الجلوس، بدا من الواضح ان لوك ليست لديه أية نية إطلاقاً بأن يمنحها
الخصوصية في لقائها مع الرجل.
- لا، على الإطلاق! اخشى انني ابكرت قليلاً بالقدوم .
رد مدير المصرف ثم تابع كلامه وهو يحاول ان يتجاهل التوتر الذي يغلي على مهل في
الغرفة ، ثم اردف:
- فهمت انك ترغبين بمناقشة مسألة الحصول على قرض مالي لتأسيس عمل خاص،
سيدة فايلون ، في الواقع تأثرت بمخطط العمل الذى ارسلته لي.
- شكراً لك.
----------------------------
غمغمت إميلي بذلك ، فيما استقرت عيناها على لوك الذي تمشى نحوهما لينضم اليهما ،
انحنى وامسك بالملف الذي وضعت فيه افكارها المتعلقة بصناعة ملابس الاطفال.
- انا حتماً افكر في تأسيس عمل خاص بي...
-.......لكن ليس في الوقت الراهن.
انهى لوك الكلام عنها، متجاهلاً شهقة إميلي ، مالبثت ان مد يده الى مدير المصرف
بحركة تدل بوضوح على ان الاجتماع انتهى.
- مازال امام زوجتي العديد من الامور لنأخذها بعين الاعتبار قبل ان تسير قدماً بهذا
المشروع.
حالما صارت إميلي ولوك بمفردهما استدارت نحوه وقالت:
- لا يمكنني ان اصدق انك صرفت الرجل المسكين على هذا النحو ، ذلك تصرف فظ
جداً خصوصاً انه قطع هذه المسافة الطويلة الى هنا.
استقسر لوك بإيجاز:
- وذنب من هذا؟.
اشتعل مزاج إميلي واجابت:
- حتماً ليس ذنبي انا ، لم استطع التوجه الى البلدة لأنك لم تؤمن لي سيارة.
قال لوك بعبوس:
- إنه قرار له مايبرره ، بما انك تتسللين من وراء ظهري عند اول فرصة تسنح لك ،
ناقشنا هذا الموضوع ، وعرفت انني لا اريدك ان تعملي.
صرخت إميلي بيأس قائلة:
- بالضبط، وهذا هو السبب في عدم رغبتي بأن تكتشف انت الأمر، انا احارب
للحصول على استقلاليتي هنا لوك، ولست اقصد الناحية المالية بل انا بحاجة لأن اكون
شخصاً مستقلاً بذاتي ، انا ارفض ان اعيش حياتي كتقليد سيء لزوجتك التي خسرتها.
صرخت إميلي بذلك في وجه لوك، ثم شهقت وغطت فمها بيديها لكن الأوان قد فات.
- لماذا تصرين على جرجرة النساء الاخريات وإقحامهن في كل شيء؟ زوجتي الاولى لا
علاقة لها ابداً بحياتنا الآن.
زمجر لوك بذلك، فهزت إميلي رأسها ، ثم اقرت:
- بل لها كل العلاقة بالأمر ، إنها تطاردني باستمرار ، سابين كانت رائعة الجمال ، لابد
انها كانت الزوجة المثالية، وأنا حقاً لا يمكنني ان تنافس معها ، لايمكنني ان افهم كيف
يمكنك ان تحمل نفسك على النوم معي حتى ، لابد انك وجدتني بديلاً بائساً.
- انت لا تفهمين شيئاً!
قذفها لوك بكلامه بوحشية، بينما اندفع مسرعاً غاضباً نحو الباب.
----------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 01:32 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8- احلام يقظة
كان الوقت قد تخطى منتصف الليل عندما دخل لوك الى غرفة النوم، واختفى على الفور
داخل الحمام المتصل بالغرفة.
ربذت إميلي تحت الأغطية وهي تستمع الى الأصوات التي تدل على انه يستحم خرج
لوك وقد لفت منشفة حول خصره، اما شعره فبدا مبللاً تماماً.
تموجت عضلاته معدته الصلبة وهو يتحرك ليجلس على حافة السرير.
اعتصرت إميلي عيناها فأغمضتهما وهي تحاول من دون جدوى ان تجعل تنفسها ثابتاً
لكي يفترض لوك انها نائمة..
- أنت ممثلة غير بارعة ياصغيرتي.
احست إميلي به ينزلق تحت الأغطية، مع انه التزم بناحيته من السرير، تابع يقول:
- أعلم انك مستيقظة، كما اعرف انك لا تحظين بسوى القليل من النوم كل ليلة.
- لست أدري كيف تعرف ذلك، في حين انك تغفو خلال دقائق بعد ان يلامس رأسك
الوسادة.
شعرت بالامتنان لأنه أطفأ النور، بحيث صارت وجنتاها المشعلتان مخفيتين عن نظراته.
علق لوك بنعومة:
- أنا أيضاً أبقى مستيقظاً، فالاحباط مؤلم كالجحيم ،أليس كذلك عزيزتي.
- كيف لي أن أعلم.
انقلبت على الجانب الآخر فسمعت لوك بتنهد من الجانب الآخر.
- أنا أدين لك باعتذار، ذلك الشجار الأخير الذي حصل في قاعة الاستقبال منذ قليل لم
يكن ضرورياً.
قالت إميلي ببؤس:
- لكن ماقلته صحيح، فروبين أخبرتني كم تحب زوجتك الأولى، وكم شعرت بالأسى
حين توفيت.
- أحقاً؟
حدق لوك الى الأعلى ، ثم اطلق أنّة هادئة، استطاع ان يسمع الألم في صوت إميلي ،
بإضافة الى التشكيك بذاتها ، أتراها ستشعر بالتحسن لو كشف لها انه فقد حبه لسابين
قبل فترة طويلة من موتها المأساوي؟ هو في الواقع يخشى ان يخبر إميلي عن زواجه الأول
فتلك المرحلة ليست من اكثر الفصول المثيرة من حياته، أقر لوك بذلك بعبوس، فهو لم
يفشل فقط في ان يكون زوجاً جيداً ، لكنه فشل ايضاً في إنقاذ سابين، إميلي اعجبت به
في بداية علاقتهما كما يعجب المرء بأحد الابطال المثاليين، اما هو فأعجب بالأسلوب
الذي كانت تنظر فيه إليه بسمو، جعله ذلك الأمر يحس بشعور جيد حيال نفسه، اما
الآن فهي تنظر اليه كما لو انها لن تثق ابداً بأية كلمة يقولها ، قال بتثاقل:
- أنا لم اخبرك عن سابين لأنها تنتمي الى الماضي، وليس لها أية علاقة بمستقبلنا سوياً، من
الواضح انني كنت مخطئاً، واتمنى لو انك لم تعرفي بشأنها بتلك الطريقة.
- لطالما تعمدت روبين ان تسبب المشاكل بيننا.
قالت إميلي ذلك بحذر، لكن لدهشتها ، لوك لم يقفز ليدافع عن مساعدته الشخصية:
- يبدو الأمر كذلك.
أقر لوك بذلك بهدوء، فحبست إميلي أنفاسها.
- اطلب منها إذاً ان تغادر، لابد ان هنالك العديد من الموظفين المؤهلين الذين يمكنك
ان تعينهم في منصب المساعد الشخصي.
- الأمر ليس بهذه البساطة.
رد لوك بتثاقل، فجلست إميلي مستقيمة في السرير، ونظرت إليه من فوق الوسادة
الكبيرة.
- لماذا؟ ألانها كانت في مامضى زوجة شقيقك؟ أنت اخبرتني بأن إيف مات منذ اربع
سنوات ، ألم يحن الوقت لها للمضي قدماً بحياتها؟
----------------------------------
امتد الصمت بينهما ، فتنهدت إميلي قائلة:
- انت قلت إنك تريد ان تمنح زواجنا فرصة اخرى لكنك من جهة اخرى تحكم عليه
بالفشل مادامت روبين موجودة بيننا ، خصوصاً انك تصدق كلامها هي لا كلامي انا
كلما تجادلنا.
لايمكنه ان يطلب من إميلي ان تتفهم حالة روبين العقلية الحساسة، فهذه الاخيرة احبت
إيف حباً جماً، وموته جعلها ميالة الى الانتحار، فأصبح لوك سندها العاطفي، ولأول مرة
أدرك ان روبين حتماً كرهت خسارتها لاهتمامه بها عندما تزوج إميلي.
- كيف تتوقع مني أن ابقى هنا مع جان كلود في حين ان هناك العديد من الامور التي
لا افهمها؟
اكملت تطالبه بغضب:
- أمن المستغرب انني أرغب في تأسيس عملي الخاص لكي أنال بعض الاستقلالية عوضاً
عن ان تتم جرجرتي الى العالم السفلي الذي يبدو انك تقيم فيه؟.
جلس لوك مستقيماً ، فأضاء النور بحيث رمشت إميلي عينيها، ثم زمجر قائلاً:
- قصر مونتيراد ليس عالماً سفلياً معتماً ، ظننت ان المكان هنا يعجبك.
- إنه يعجبني.
استسلمت إميلي وانقلبت على الوسائد، كانت تتكلم ، وهو كان مصغياً، لكن بشكل
ما اختلطت الرسائل.
- أدرك أنك تشعرين بالوحدة هنا، لكن المدينة لا تبعد كثيراً .
- إنها بعيدة حين لا تسمح لي باستخدام السيارة، ولاتظنني لم احزر ماهي اسبابك، أنت
تخشى بأن اختفي مع جان كلود.
قال لوك بخشونة:
- عليك ان تكتسبي الثقة عزيزتي، اما ان تحاولي مناقشة مخططاتك في العمل مع مدير
المصرف خفية عني فذاك لا يعتبر اسلوباً مؤثراً يساعدك على نيل ثقتي.
- فسرت لك انني اردت ان ابحث كل الاحتمالات قبل ان اناقشها معك، لكنني
افترض انك ماكنت لتصغي الي حتى لو فعلت.
- لست ادري.
أجفلت عندما أطلق تنهيدة إحباط مفاجئة، اتسعت عيناها وهي تراقبه يمرر يده من
خلال شعره، لم تره قط منزعجاً وقلقاً الى هذا الحد من قبل، بالرغم من كل شيء
تعاطف قلبها معه، قالت :
- أنا آسف! اعلم انك لا تفهم مقصدي، وانك ربما تظنني غير ممتنة، أنت لا ترى أي
سبب يدفعني الى العمل، في حين أنك وفرت لي هذا المكان الرائع لأقيم فيه، لكنه شيء
أود أن افعله لوك..لأجلي أنا، أنا لم أبرع في أي شيء عندما كنت أصغر سناً.
أقرت له إميلي بذلك، ثم تابعت:
- شقيقاتي كن ينعمن بالذكاء والدهاء فضلاً عن الجمال، ماجعلني دوماً أشعر انني
فاشلة، بدا تصميم الملابس لجان كلود بمثابة المنقذ بالنسبة الي، اخيراً وجدت شيئاً
يمكنني أن ابرع فيه جيداً ، ثم تطور الأمر الى مهنة صغيرة ناجحة في اسبانيا، أعلم انني
بمساعدة نادين تروفيير يمكنني أن أبدا من جديد هنا.
فسرت إميلي ذلك للوك وهي تستند الى الوسادة من فرط حماستها لتشاركه في مخططاتها
، تابعت تقول :
- هنالك مجال متوفر في السوق لبيع ملابس الأطفال التي تمت خياطتها يدوياً.
- أيعني لك الكثير؟
حملت نبرة لوك رقة جديدة، اما عيناه فالتمعتا بإحساس مثير للفضول لم تقو إميلي على
تحديده، عضت على شفتها وهي تقول:
- نعم، تماماً مثلما عنت لي رؤية قاسم مجدداً، أنت لا تدري كم هو رائع ان اراه مجدداً،
كنت ... عاجزة عن الكلام.
غمغم لوك بنبرة جافة:
- لاحظت ذلك بالفعل.
- بعد لك تجادلنا ، فلم اشكرك بشكل لائق.
بدا من الصعب على إميلي ان تفكر بشكل سيلم، فيما لوك ينظر اليها على هذا النحو،
هي لم تشك للحظة بان لوك يدرك شرارات الكهرباء التي تتفاعل عملياً عبر جهتي
السرير، إن ملاءمتهما لبعضهما لم تكن يوماً مدعاة للشك، لكنها في مامضى كانت
تكتفي بجزء صغير من اهتمام لوك، غير انها الآن اكتفت من ذلك، لقد نضجت خلال
الفترة التي أمضياها منفصلين، وعلى الرغم من ان حبها له لم يتضاءل مطلقاً ، لكن
احترامها لذاتها ازداد بضع درجات، وهي ترفض ان تدعه يدمر ذلك.
---------------------------------
لعل لوك ادرك ان المعركة تدور في داخلها، إذ بدا كأنه يريد تسهيل الأمر عليها، امسك
وجهها بين يديه، وهمس:
- أهو حقاً امر خاطئ ان نرغب باستعادة ماكان لدينا ذات يوم؟.
استطاعت ان تشعر بدفء انفاسه على بشرتها:
- هل الثقة بيننا صعبة الى هذه الدرجة؟
بدا عرضه هذا مغرياً جداً اكثر مما يمكن تخيله ، عانقها لوك بنهم الرجل المتلهف
المكبوت ، فتلقى منها تجاوباً تاماً ، بدا عناقه نعمة، ولم تقو إميلي على التحمل حين
توقف، من السهل جداً ان تجذب لوك نحوها لتلف ذراعيها حوله وتبقيه اسيراً، لكن
شيئاً ماجعلها تتوقف.
لولم تكن والدة طفله ، اتراها كانت ستتواجد هنا الآن؟ هل كان سيحاول جاهداً ان
يجدها لو ان جان كلود ليس موجوداً؟ ارادت إميلي ان يريدها أجل ذاتها، وليس لأن
الاستمرار بهذا الزواج هو لصالح ابنهما ، ثم ...ماذا بشأن سابين؟ روبين؟ فكرت إميلي
يائسة انها تقبلت حقيقة عدم خيانته لها، لكنها مازالت لا تثق بارتباطه العاطفي بمساعدته
الشخصية.
- سوف اثق بك يوم تعين مساعدة شخصية اخرى.
قالت إميلي ذلك يثبات، فتصلب لوك ، وبدا كما لو ان السخط والرغبة يخوضان
معركتهما الخاصة لديه، اجاب بكلمات مفحمة ولاذعة:
- لا يمكنك ان تتوقعي مني أن اطرد امرأة احبها واحترمها في آن معاً يسبب نزوة
لديك ، فهي كانت زوجة اخي!.
- وبصفتي زوجتك اتوقع منك ان تضع رغباتي فوق رغبات أي فرد من موظفيك.
- ليس من المنصف ان نجعل من روبين كبش محرقة لمشاكل زواجنا.
حذرته إميلي قائلة:
- من دون روبين ماكنا سنواجه اية مشاكل، عليك ان تختار بيني وبينها لوك، هذا
الخيار سيحدد ان كان زواجنا سيحيا ام سيموت.
فتلقت من لوك حملقة تدل على الغضب العارم المرير، ماجعلها تنسحب الى ابعد ناحية
من السرير ، وتتقوقع تحت الأغطية ، بينما أطلق لوك شتيمة قاسية.
انتقضى اسبوع آخر، ولم يقم لوك بأي تلميح آخر الى طلب إميلي بأن يصرف روبين،
لكن التوتر كان يغلي على نار هادئة بينهما، الضحك والصداقة اللذان نشآ بينمها
اختفيا، اما شبح سابين فاستمر في مطاردة إميلي ، ولولا وجود جان كلود لأصبحت
الأجواء في القصر لا تحتمل.
بدا كأن الطقس يتعاطف ايضاً مع مزاجها ، إذ تحول الى أيام رمادية طويلة، تتساقط
فيها الامطار باستمرار، بدا القصر مظلماً وكئيباً مع اقتراب فصل الشتاء ، كما ان
وجود لوك المتكرر في غرفة الطفل لم يساعدها ، على الرغم من انها لاحظت ان الوقت
الوحيد الذي يضحك فيه هو حين يلعب مع جان كلود ، وذلك دعّم اعتقاد إميلي بانه
يحتمل وجودها في القصر فقط لصالح ابنه.
فكرت إميلي بوهن ، لعله يشعر بالاحباط، إذ تذكرت ملاحظته الساخرة المتعلقة
بالاحباط الذي يشبه الجحيم، فلوك يتمتع باندفاع هائل لمشاعره البدائية.
تكاد إميلي لا تصدق انه امضى سنة انفصالهما متبتلاً، بالرغم من ان ذلك يفسر مزاجه
السيء، أقرت بذلك بعبوس، قبل ان تفكر ان لديها مشاكل اخرى الآن خاصة بها.
طمأنت نفسها وهي تلاحظ تاريخ اليوم على صحيفة لوك،إذ إن دورتها الشهرية لم تتأخر
سوى بضعة ايام فقط ، خمسة ايام على الأكثر.
مامن داع لأن تشعر بالهلع، لكنها مع ذلك طلبت من ليز ان تحضر لها جهازاً لفحص
الحمل من القرية.
---------------------------------------
- ما الأمر؟
اخفض لوك صحيفته جزئياً، ملقياً عليها نظرة متسائلة، وهو يلاحظ وجهها الشاحب،
استفسر وهو يقلب الصفحة الأمامية كي يتفحص العناوين،قائلاً:
- هل ازعجك شيء مافي الاخبار ؟ لابد ان لغتك الفرنسية تتحسن عزيزتي، إذا كان
بمقدورك تتبع مقال يتعلق بالاختلاس الحكومي.
- ليس ذلك هو السبب، إنه ...لا شيء ، اشعر انني لست على مايرام هذا الصباح،
على الأرجح انني التقطت جرثومة ما.
غمغمت إميلي بذلك محاولة ان تهدئ شعورها بالغثيان عندما وضعت سيمون كوباً من
القهوة القرية الرائحة امامها.
- هممممم!
بد لوك بكل بساطة غير مقتنع بكلامها، فتحركت إميلي بغير ارتياح تحت نظراته
الحارقة، احياناً تحس كما لو انه قادر على قراءة افكارها، اما الآن بالذات فهذا ليس
بالأمر الجيد، إذا كانت حاملا فهي لا ترغب بمشاركته الخبر حتى تصبح قادرة على نقله
هي نفسها، كيف تراها تصرفت بمثل هذا الغباء؟ أنّبت إميلي نفسها ، لم يكن الذنب
ذنبها على الاقل عندما صارت حاملاً بجان كلود ، اما هذه المرة فهو يعود حتماً الى عدم
الانتباه.
اثارت ابتسامة صغيرة وجهها وهي تراقب جان كلود يسكب اللبن على صينيته فوق
كرسيه المرتفع، ثم يلعب به، إنه افضل ما حصل لها في حياتها، ووجود شقيق او شقيقة
اخرى له سوف يضاعف سعادتها، لكنها تشك ان بإمكانها قول الأمر نفسه عن لوك،
لطالما أصرّ لوك على انه لا يريد الاطفال، وعلى الرغم من حبه الكبير لابنه، ارتعدت
إميلي عندما فكرت بما ستكون عليه ردة فعله لو اخبرته انه سيصبح والداً للمرة الثانية.
- هنالك شيء اريد ان اريك اياها.
قاطع صوت لوك احلام يقظة إميلي، كان لوك مسافراً خلال اليومين الماضيين، واخبرها
فيليب انه في اجتماع عمل ملح ، لكن بالرغم من التوتر الذي يغلي ببطء بينهما حين
يكونان في الغرفة نفسها، فإن إميلي افتقدت له، من المؤسف ان الرحلة لم تحسن مزاجه ،
بالطبع هي لم تدرك ان لوك عاد الى لندن ، واجرى محادثة مع مدبرة منزله ، هي السبب
في نظرته المتفكرة.
- يمكنني ان انتظر حتى يوم الغد، إذا كنت تشعرين انك لست على مايرام.
أضاف لوك ذلك، فهزت إميلي رأسها نفياً، إذ كنت ترغب بفعل أي شيء حتى تطيل
فترة مكوثه، قبل ان ينصرف منسحباً الى مكتبه حتى آخر النهار.
ردت بمرح، وهي تدفع كوب القهوة من امامها:
- أنا بخير.
سلك لوك الدرج المؤدي الى البرج الغربي من القصر، فصعد كل درجتين دفعة واحدة،
إذ كان بحاجة الى إيجاد طريقة يطلق فيها عدائيته المكبوتة، ماالذي تراه سيقوله لإميلي
بحق الجحيم؟ كيف عساه يقر بأنه كان مخطئاً بشأنها، وبأنه أساء الحكم عليها، وقد فعل
ذلك بناء على كلام المرأة التي لطالما شكت إميلي بأنها تحاول تدمير علاقتهما؟ .
أقر بمرارة أنه وثق بكلام روبين ، فصدقه على كلام إميلي ، صحيح ان الشكوك بدأت
تنتابه بخصوص دوافع روبين، اما الآن فصار لديه إثبات قاطع جازم بأنها تنتابه بخصوص
دوافع روبين ، اما الآن فصار لديه إثبات قاطع جازم بأنها كذبت عليه، لم يعلم كيف
يمكنه ان يصلح الألم الذي سببه.
نظر لوك الى الوراء فوجد إميلي تجاهد كي تجاريه في الصعود، تداعت عواطفه عندما
رأى وجهها المحمر الشديد العزم.
- لماذا احضرتني الى قمة البرج؟
طالبته إميلي فيما انضمت اليه على مصطبة الدرج الضيق ، ثم نظرت خارجاً من النافذة
نحو المنظر الرائع لوادي اللوار الممتد تحتهما ، قالت ملاحظة ساخرة ، وهي تطلق
ضحكة متوترة:
- آمل انك لا تخطط لأن تدفع بي الى الاسفل.
- لماذا تظنينني قد ارغب بأن افعل ذلك ، عزيزتي؟
-----------------------------
رفعت إميلي رأسها عندما سمعت النبرة المثيرة للفضول في صوت لوك ، فحدقت به،
ولاحظت لأول مرة خطوط التوتر حول عينيه، إنه مطلق الروعة والوسامة! مع ذلك بدا
متعباً جداً وعلى حافة الإرهاق إلى درجة انها تاقت الى الاقتراب منه وملامسته ،عوضاً
عن ذلك حشرت يديها خلف ظهرها.
قالت بهدوء:
- لم نكن نتفق يشكل جيد مؤخراً، يخالجني شعور بأنك مازلت غاضباً مني.
أقر لوك بخشونة قائلاً:
- أنا غاضب...نعم، لكن ليس منك أنت صغيرتي ، غضبي موجه فقط الى ذاتي.
من دون ان يمنحها الوقت الكافي لتعلق فتح لوك الباب وقادها الى داخل الغرفة الدائرية
الواسعة التي تحيط النوافذ بكل جوانبها.
- ياله من منظر رائع! ماهو هذا المكان لوك؟
غمغمت إميلي بذلك وهي تقترب الى الامام كي تبدي إعجابها بمنظر الوادي المذهل في
الاسفل.
- إنه مشغلك، إلا اذا كنت تفضلين مكاناً آخر من القصر.
أضاف لوك بعد ان امتد الصمت بينهما:
- ظننت ان المكان هنا سيعجبك، فالمنظر كما تقولين مذهل ، أما الإنارة فجيدة لك
لكي تعملي ، قولي شيئاً.
طالبها لوك بذلك، وقد بدأت سيطرته على نفسه تنزلق من بين يديه .
مرر يده بتوتر من خلال شعره ما إن لاحظ دموعها ، ثم قال:
- لماذا تبكين؟ ظننتك ستسرين.
- أنا مسرورة ، أنا...مذهولة.
أقرت إميلي بذلك ،وهي تفرك عينيها بقفا يدها ، حركتها تلك جعلته يرغب بأن يجرها
من ذراعها ويتوسلها لتسامحه،لكنه أقر بكآبة أن الأوان فات على ذلك ، استدار حول
نفسه، وحشر يديه في جيبي سرواله، هنالك امور عليه ان ينجزها اولاً، واحداث عليه
ان يحركها قبل ان يبدأ بالتوسل للمصالحة.
- أظنك ستجدين كل ماتحتاجين اليه هنا.
أخبرها لوك بذلك مثبتاً نظره بحزم على المنظر عوضاً عن وجهها، ثم تابع:
- رسوماتك موجودة، بالإضافة الى عينات الأقمشة التي أحضرتها معك من اسبانيا، أظن
ان الطاولة كبيرة بمافيه الكفاية كي تستخدميها للتفصيل والقص، اما ماكينة الخياطة
فهي على المنصة تحت النافذة.
دبرت لك فتاتين من القرية كي يحضرا لمقابلتك، كلاهما درستا تصميم الأزياء
والتفصيل، ويمكنهما ان تصبحا مساعدتيك ، لكن القرار النهائي يعود إليك بالطبع.
أجالت إميلي بصرها في أرجاء الغرفة فيما اغرورقت عيناها بالدموع مجدداً، التغيير غير
المتوقع في رأي لوك صدمها.
أخيراً غمغمت قائلة:
- لست أفهم، كنت معارضاً جداً لفكرة إنشاء عملي الخاص بي.
تكلم لوك ببطء، وهو يستدير ليواجه إميلي قائلاً:
- الآن أدرك كم كنت أنانياً، هذا الأمر هام بالنسبة اليك ، وعلى الرغم مما تعتقدينه،
أنا اريدك ان تكوني سعيدة هنا في القصر ، فهمت ان نادين تروفيير دعتك لزيارة
متجرها المخصص لثياب الأطفال في باريس، وأنا مستعد لأن اسمح لك بالذهاب.
تساءلت إميلي بذهول ، أهذا يعني أنه أخيراً صار يثق بها ؟ أم تراه يفترض انها سوف
تترك جان كلود في القصر دن دون ان تهتم سواء عادت ام لا؟
تكلمت بارتعاش، فيما جلست على كرسي:
- الأمر برمته مفاجئ، كلفت نفسك الكثير من العناء، ومع ذلك قد لا تنجح فكرتي،
لعلني أخدع نفسي فقط باعتقادي انني بارعة، وهنالك احتمال بألايرغب احد في شراء
تصاميمي.
- ماكانت نادين لتقترح بأن تسوق إنتاجك في متاجرها ، مالم تعتقد انها ستباع.
---------------------------------
تمهل لوك قليلاً ، ثم غمغم قائلاً:
- أظن انه يجدر بك ان تذهبي الى باريس مع جان كلود، سوف ينفعكما ان تمضيا بضعة
ايام في المدينة.
- لكنني ظننتك لا تثق بي؟ ألا تخشى ان اختفى معه؟
تلعثمت إميلي وهي تتكلم، فيما ظهر الارتباك في عينيها وهي تحدق به ، اجابها لوك
بثبات :
- لا!
هو لم يقدم لها الكثير من الحوافز كي ترغب في البقاء معه ، لكن لعل المشغل يعمل على
تضميد الجراح التي انزلها بعلاقتهما.
- لا اصدق انك قد تتعمدين إيذائي، كما انك لن تقومي بتصرف يؤذي طفلنا.
- حسناً ! يبدو انك غيرت نبرة كلامك، أيمكنك ان تفسر لي سبب هذا التغيير
المفاجئ؟.
تلاشت لمحة المرارة من صوت إميلي ، فيما غمرها الشعور بالأمل.
- آمل ان افعل ذلك قريباً ياصغيرتي.
طمأنها لوك بذلك، اما اللمحة الغامضة التي سيطرت على صوته ، فجعلت نبضات قلب
إيملي تتسارع بشكل منذر بالخطر، لوك يثق بها بما فيه الكفاية لكي يقدم لها حريتها ،
احست إميلي كما لو ان ثقلاً كبيراً أزيح عن كتفيها ، أهذا يعني انه اخيراً صدق قصتها
المتعلقة بزيارتها الى شقته مع جان كلود؟
اقترحت بخفة :
- ربما يمكننا جميعاً ان نذهب الى باريس، فلدي ذكريات رائعة عن المرة الأخيرة التي
ذهبنا فيها الى هناك.
مشت إميلي نحو لوك فمررت يدها بخفة فوق صدره، بدا من الواضح ان لوك جهز لها
غرفة العمل كمبادرة سلام،وهي متشوقة لقبولها ، إنه مستعد لأن ينظر الى زواجهما
باعتباره شراكة، اما هي فتجاهد لأن تبرهن له انه وجان كلود يحلان في المرتبة الأولى في
حياتها.
- أنا آسف عزيزتي ، لدي اجتماع طارئ في أورلينز، فيليب سوف يقلك بالسيارة الى
باريس.
غمغم لوك بذلك ، فأسقطت إميلي يدها بسرعة، فيما شعرت بوجهها يحترق حنقاً.
- فيليب؟ لكنني ظننت...
قطعت إميلي كلامها عندما صدمتها حقيقة انه لايثق بها كما اعتقدت في بادئ الأمر،
تابعت:
- يمكنني ان اقود السيارة بنفسي، أنا قادرة تماماً على ذلك.
- أنت لست معتادة على القيادة في فرنسا، كما ان الشوراع مكتظة في باريس، سوف
تكونين بمأمن اكثر مع فيليب.
اتهمته إميلي قائلة:
- ليست سلامتي مايقلقك، أليس كذلك؟ همك الوحيد هو جان كلود.
- من الطبيعي ان اقلق بشأنه ، بما أنني وجدته للتو، انا مستعد لأن اهب أي شيء حتى
حياتي لكي اضمن سلامته.
بدا صوته وحشياً، حدقت به إميلي فيما تابع يسألها:
- هل تلومينني على ذلك؟
- بالطبع لا!.
ابتلعت إميلي ريقها لتصد الدموع المفاجئة التي سدت حلقها ، إن سلامة جان كلود تأتي
بالدرجة الأولى بالنسبة اليها ايضاً، لكن لوك وجه لها رسالة واضحة جداً بأنه غير مهتم
بسوى ابنه، لاشيء تغير! .
على الرغم من انها حتماً لم تتضايق من حقيقة ان جان كلود يأتي بالمرتبة الأولى في قائمة
أولوياته، لكن آلمها بشكل لا يصدق علمها انها تحل في المرتبة الأخيرة .
فكرت إميلي ببؤس ان هذا يعزز الفكرة التي بدأت منذ طفولتها، لطالما شعرت كما لو
انها مجرد قطعة إضافية احتياطية، ألا تستحق ان يحبها احدهم بجلاء لنفسها فقط؟ أحنت
رأسها وهي تحاول يائسة إخفاء بؤسها، لكن لوك قبض على ذقنها ، ورفع وجهها نحوه.
- ماالأمر صغيرتي؟ ألم تحبي مشغلك؟
اجابت إميلي بصدق:
- إنه رائع، لكنه لا يغير أي شيء.
------------------------------------
إنها لاتستطيع ان تعيش حياتها وهي تحبه الى درجة تثير السقم في داخلها، بينما يقوم لوك
بمعاملتها كما لو انها نسيبته المفضلة، لا يمكنها لومه لأنه لا يحبها، تقبلت إميلي ذلك
بحزن، لكن من اجل حفاظها على نفسها، هي لا تستطيع البقاء معه.
- لن ينجح الأمر.
قالت لها ذلك بفظاظة، فضاقت عينا لوك.
- أتعنين المشغل؟
- أعني نحن...أنت وأنا، لا يمكنني أن أبقى معك وأنا أعلم أنك لا تثق بي.
قال لوك بتثاقل:
- إنها ليست مسألة ثقة.
تنهدت إميلي معبرة عن إحباطها:
- إنها مسألة مشاعر ، أو بالأحرى افتقارك اليها.
- أنا لاشك بذلك؟
خف غضب إميلي بنفس السرعة التي جاء فيها .
- لن اسمح لك أن ترمي مالدينا، أنا أعطيك وعدي بأن زواجنا سيحظى بالتزامي التام.
تذمرت إميلي قائلة:
- مادمت أعيش في القصر ، ولا اصطحب جان كلود معي إلا اذا رافقني سجانك،
بينما نبقى أنا وأنت بعيدين جداً عن بعضنا كما كنا دوماً، فلا نجتمع سوياً إلا في
السرير، هذا لا يبدو لي حياة مثيرة جداً ، لوك.
جرش لوك على أسنانه قائلاً:
- إنها الحياة الوحيدة التي ستحظين بها ، لن اسمح لك بالذهاب إميلي.
تبعها عبر أرجاء الغرفة بينما حاولت إميلي ان تضع مسافة بينهما.قال لها بصوت أبح:
- إذا كانت علاقتنا الزوجية هي الطريقة الوحيدة لأربطك بي فليكن، أنا لم أسألك قط
إذا ماكنت تنتاولين حبوباً لمنع الحمل في تلك اللحظات، كما انني لم استخدم أية وقاية
بدوري ، لذا قد تكونين حاملاً ، هل فكرت بذلك.
إنها لم تفكر بأي شيء آخر خلال الأيام القليلة الماضية، لكن الآن ليس الوقت المناسب
لتقر بشكوكها، لوك قريب جداً منها وشديد السيطرة عليها ، شهقت إميلي عندما
حملها فجأة فوضعها على الطاولة.
- أنت لا ترغب بالمزيد من الأطفال، إنك لم ترغب بطفلنا الأول.
قالت إميلي ذلك بتوتر، فيما انطلق لسانها ليرطب شفتيها ، أخبرها ببرودة:
- لطالما أردته، ولولم اكن ارغب بالمزيد من الاطفال لحرصت على ألا تحملي ثانية، أنا
أود كثيراً ان اراك حاملاً بطفلنا الثاني.
لم تقو إميلي على كبت ارتعاشة خجولة مرت خلال جسدها.
استشعرت برائحة عطر مابعد الحلاقة المسكي الرجولي ، متمازجة مع رائحة رجولية
خفية اخرى يتمتع بها لوك بشكل اساسي، تحركت يد لوك لتقبض على مؤخرة عنقها ،
وقربها اليه ليعانقها عناقاً متوحشاً.
توسلته قائلة:
- أرجوك، لوك!.
إنها لا تستطيع ان تسمح لها بأن يسيطر عليها ، كل مايتطلبه الأمر هو لمسة واحدة منه
كي يشعلها.
- ارجوك، لاتفعل هذا!.
همست إميلي بانكسار، فتصلب لوك وبدت عيناه مغشيتين وهو يحدق بها، تحداها قائلاً:
- ألانك لا تريدينني ان افعل هذا، ام لأنك تريدين الحصول على حريتك؟ أنت زوجتي
، عزيزتي، وأقترح عليك ان تتقبلي هذا الواقع لصالحنا جميعاً.
انتفض مبتعداً عنها ، فمشى بخطوات واسعة نحو الباب ، بينما حاولت إميلي أن تسيطر
على جسدها ، صرخت :
- الى أين انت ذاهب؟.
- الى الجحيم! أنت تودين ان ترسليني الى هناك ،أليس كذلك؟.
جاء رد لوك الفظ قبل ان يختفي ، وما أن سمعت إميلي وقع قدميه على الدرج، حتى
دفنت وجهها بين يديها وأجهشت بالبكاء.
----------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.