آخر 10 مشاركات
تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          الشيـطان حــولك .. *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : smile rania - )           »          24 - خياط السيدات - اليزابيث آشتون - روايات ديانا** (الكاتـب : angel08 - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الطائرة - سوزانا فيرث - روايات ديانا** (الكاتـب : angel08 - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          [تحميل] سأخبرك سراً أفنى بدونك / للكاتبة انجل ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-12-17, 12:03 PM   #21

AliZahraa

? العضوٌ??? » 325900
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 541
?  نُقآطِيْ » AliZahraa is on a distinguished road
افتراضي


رواية جميل جداً 👍🏻👍🏻👍🏻

AliZahraa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-17, 07:46 PM   #22

zahraa98y

? العضوٌ??? » 407231
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 66
?  نُقآطِيْ » zahraa98y is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

zahraa98y غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-17, 11:16 AM   #23

ميمو 2010

? العضوٌ??? » 349229
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » ميمو 2010 is on a distinguished road
افتراضي

روايه جميله ومممتعه

ميمو 2010 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-12-17, 07:13 PM   #24

semsema.blue2

? العضوٌ??? » 404916
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 224
?  نُقآطِيْ » semsema.blue2 is on a distinguished road
افتراضي

مشووقة جدا الراوية

semsema.blue2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-12-17, 01:26 AM   #25

sawako

? العضوٌ??? » 404392
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,310
?  نُقآطِيْ » sawako is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

sawako غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-18, 02:18 PM   #26

أمل الحمادي

? العضوٌ??? » 356312
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » أمل الحمادي is on a distinguished road
افتراضي

شكراااااا🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡🧡

أمل الحمادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-18, 06:02 AM   #27

amany jamal

? العضوٌ??? » 413485
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 61
?  نُقآطِيْ » amany jamal is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Just Faith مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس
رووووعه جميييل خطيييير


amany jamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 12:52 AM   #28

Souma5

? العضوٌ??? » 399479
?  التسِجيلٌ » May 2017
? مشَارَ?اتْي » 476
?  نُقآطِيْ » Souma5 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Just Faith مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس
شكرااااا على الرواية


Souma5 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-18, 08:21 PM   #29

شمس عمر

? العضوٌ??? » 351635
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 516
?  نُقآطِيْ » شمس عمر is on a distinguished road
افتراضي

سبحان الله وبحمده

شمس عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-01-18, 12:34 AM   #30

محجوبة ابراهيم1

? العضوٌ??? » 249729
?  التسِجيلٌ » Jun 2012
? مشَارَ?اتْي » 312
?  نُقآطِيْ » محجوبة ابراهيم1 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة just faith مشاهدة المشاركة
الفصل السابع
فلورنسا... أنا قادمة
استيقظت جيسي باكراً، ووجدت نفسها في الغرفة بمفردها. بددا واضحاً أن ريكو لم يمض أي جزء من الليل في السرير معها. سيطر عليها إحساس بخيبة الأمل، وهي تحاول أن تفكر بمنطق لتتمكن من مواجهة الحقائق المستجدة.
ما الذي توقعته؟ على الرغم من عناقهما الحار في السيارة ليلة البارحة، من الواضح أن ريكو لا يشعر بالانجذاب إليها، فلماذا يزعج نفسه بمشاركتها السرير؟
هي لا تتوقع منه أن يحبها، لكن حقيقة أنه لا يراها جذابة هي القشة الأخيرة. كيف يمكن لزواجهما أن يستمر تحت هذه الظروف؟ كل منهما يتوقع أموراً مختلفة من الزواج، ومن الواضح أيضاً أنه لن يبدل رأيه بالنسبة إليها. لاشك أن الخطوة التالية التي سيقدم عليها، هي إرسالها إلى صقلية، ليبقيها بعيدة عنه، لكنها لن تغادر بهدوء. ارتدت ثيابها لعادية، وهي عبارة عن سروال فضفاض وقميص قصير الكمين، ثم رفعت ذقنها، وذهبت لتبحث عن رئيس الحرس لدى ريكو.
إنها في فلورنسا، وهي ترغب في ابلاستفادة بقدر ما تستطيع من ذلك!
حقيقة أن زواجها فاشل، لا يعني أنها لا تستطيع الاستمتاع بما يحيط بها والاستفادة من ذلك حتى الثمالة.
من وراء أبواب قاعة الدخول الرخامية المفتوحة رأت باحة واسعةظن فتجولت جيسي في أرجائها، منذهلة بجمال الأقواس والأعمدة. إنها واحة من السلام، مصانة من ضجيج فلورنسا بجدران عالية. في وسط الباحة نافورة ماء جميلة، حيث يتدفق الماء باستمرار،فيعطي يرودة منعشة لهذا الجو الحار. في زوايا الباحة وضعت قدور ضخمة من الطين، زرعت فيها أشجار البرتقال الأنيقة، وهي مثقلة بالفواكه الناضجة. بدا المكان هادئاً مريحاً. فجأة قررت جيسي أنه مكان رائع لتمضية صباح هادئ. وربما تستطيع تأجيل جولتها في لورنسا إلى وقت لاحق.
أخرجت من حقيبتها قلم الرصاص ودفترها. اللذين تحملهما دائماً معها، وبدأت الرسم. راحت يدها ترسم خطوطاً واضحة على الصفحة، لتظهر الرسم الهندسي الرائع للباحة. امتدت الدقائق لساعات، ولولا وقع خطوات حازمة أزعجتها، لأمضت النهار كله ضائعة في الرسم. سمعت صوت ريكو غاضباً تماماً كملامح وجهه: " ما الذي تفعلينه هنا في الخارج؟ ألديك أي فكرة عن المشاكل التي سببتها؟ ".
" أي مشاكل؟ ".
صدمتها رؤيته، فسقط القلم من يدها. انحنت لتلتقطه، وقد تورد وجهها من الغضب، وهي تقول: " كيف يمكن أن أسبب مشكلة وأنا جالسة هنا في الباحة؟ ".
أجاب ريكو من بين أسنانه: " لا أحد يعلم أنك جالسة هنا في الحديقة، وكل شخص في البالازو يبحث عنك الآن ".
" آه، يا إلهي! ألم يفكر أحدهم بالبحث في الخارج؟ ".
" يبدو بوضوح أن لا أحد فكر بذلك ".
تنهد بعمق، ثم سحب هاتفه النقال من جيبه. ضغط على زر فيه بأصابعه، وتحدث باللغة الإيطاليةبسرعة، ثم أعاد الهاتف إلى جيبه، وتابع قائلاً: " لقد أخفتنا، تسورو! ".
" لماذا؟ ".
" لأننا لم نكن نعلم أين أنت؟ ".
" هل أنت بحاجة إلى مراقبتي، ريكو؟ ".
أغلقت دفترها، وتابعت: " ها أنت تتصرف بتملك من جديد، ألست راضياً باحتجازي، بل أنت بحاجة أيضاً لأن تراقبني في كل دقيقة من النهار؟ ربما من الأفضل أن تضع علي بطاقة الكترونية، وتنتهي من الأمر، أو تربطني بعمود مع سلسلة طويلة ".
زفر ريكو بقوة، وقال: لست متملكاً، لكنني أرغب بحمايتك. لا يتعلق الأمر بحجزك أو تعقب تحركاتك. كل ما في الأمر هو الاهتمام بسلامتك ".
شعرت بقلبها يضطرب في صدرها. قالت: " ما الذي تقوله؟ ".
لمعت عيناه، وقال:آ " أنا رجل ثري، ومن الطبيعي أن تكوني هدفاً لأولئك الذين يريدون الإساءة إلي ".
لم تفكر جيسي بذلك للحظة واحدة: " كنت أستمتع بالجلوس في الحديقة ".
حدق بها بغموض، وكانه لا يصدق ما يسمعه: " وماذا كنت تفعلين هنا في الخارج؟ ".
" لم أكن أفعل شيئاً ".
حاولت أن تخفي الدفتر وراءها، لكن ريكو سار نحوها، وهو يمد يده إليها: " دعيني أرى! ".
أخرجت الدفتر من وراءها على مضض، وأدارت رأسها، فهي تشعر بالحرج من رسوماتها، ولن تتمكن من تحمل ردة فعله. قالت: " هذا فندق جميل حقاً، لكنه هادئ بشكل مثير للدهشة. لم أر أي ضيف فيه طوال النهار ".
" ليس هناك من ضيوف فيه، لأنه ليس فندقاً. هذا منزلي ".
حدق ريكو بالصور بتفكير وإمعان، ثم قال: " منذ متى ترسمين، جيسي؟ ".
لم الكذب؟ قالت: " طوال حياتي. وقبل أن تقول أي شيء، أدرك تماماً أنني لا أملك موهبة ".
ضمت ذراعيها على صدرها تحسباً لأي تعليق مهين، وقالت لنفسها إن رأيه لا يهمها أبداً.
" أفعل ذلك لأنني أستمتع بالرسم. إنها مجرد وسيلة للهرب من الواقع المؤلم ".
بدت ملامح وجهه متأثرة وهادئة، وهو يقول: " أعتقد أن لديك موهبة نادرة ".
تابع بنبرة واثقة: " من الذي جعلك تعتقدين أنك عديمة الموهبة؟ أفترض أنه الشخص نفسه الذي جعلك تعتقدين أنك سمينة وغير جذابة؟ إنه والدك أليس كذلك؟ ".
لماذا يتصرف بلطف معها؟ هل يحاول أن يسترضيها بسبب شجارهما ليلة البارحة؟
" أهذا هو العمل الذي تريدينه؟ اتريدين أن ترسمي؟ ".
حدقت به بذهول، وتساءلت، أيعقل أنه ذكي لهذه الدرجة؟ قالت: " لماذا فكرت بذلك؟ ".
" في حين أنني عديم الإحساس في أمور اخرى، أهذا ما تقصدينه؟ ".
حملت نبرة صوته سخرية واضحة، ولمعت عيناه بالمرح وهو يتابع: " إنني ماهر بملاحظة المواهب في الأخرين. شركتي تنمو وتزدهر بسبب قدرتي على اكتشاف المواهب وتنميتها. اجيبيني عن سؤالي. هل طموحك هو أن ترسمي بطريقة مهنية خاصة بك؟ ".
رفعت جيسي كتفيها، وهي تقول: " لا أعرف، لا املك مهارات كافية، ولا تجارب سابقة لدي. كل ما أعرفه هو أنني لا أستطيع ان امضي نهاراً بدون أن أرسم، فالرسم جزء مني ".
" كان يجدر بك دراسة الفنون في الجامعة ".
" لم تتسن لي الفرصة لذلك ".
وقفت جيسي، ورفعت رأسها لتنظر إليه، ثم تمنت لو أنها لم تفعل، إذ شعرت باضطرىاب في معدتها بسبب اقترابها منه. ما زال شعره رطباً بعد الاستحمام، كما أنه حلق ذقنه للتو، ورائحة عطر ما بعد الحلاقة تفوح منه. إنه وسيم بشكل مذهل! أبعدت نظرها عنه. وقالت: " هل قلت أن هذا المكان منزلك، وإنك فعلاً تعيش هنا؟ ".
حدق ريكو في وجهها باهتمام واضح، وقال: " لدي عدة منازل. اعتقدت أنك تعرفين ذلك ".
" لكنني لم أعرف أن لديك منزلاً في فلورنسا ".
نظرت حولها، وتابعت: " إنه حقاً مذهل، وكأنه قصر ".
" لإنه بالفعل كذلك. بنى في القرن السادس عشر، ثم تنازعت على ملكيته عائلة كبيرة وتركته ينهار. كان مجرد جدران قديمة مهدمة عندما اشتريته منذ عشر سنوات. كلفت فريق عمل كامل لبنائه وإعادة ترميمه، وها قد أصبح رائعا كما ترين ".
تنفست جيسي بصوت عالٍ، وأرجعت رأسها إلى الوراء لتنظر إلى ارتفاع الأعمدة في الحديقة: " هل أستطيع التجول فيه قدر ما أشاء؟ ".
" في وقت لاحق، عندما نعود من رحلتنا ".
" أي رحلة؟ ".
أعادت نظرها إليه، وهي تتابع: " ألا تريد أن تعمل اليوم ".
قال ريكو بنبرة ناعمة كالحرير: " يبدو أنك كنت منشغلة برسوماتك لدرجة أنك لم تلاحظي أننا تقريباً أصبحنا في فترة ما بعد الظهر. عملت معظم الليل وطوال فترة الصباح، وزوجتي تتذمر لأنني أتجاهلها، لذا أرغب في تصحيح ذلك ".
" آه! افترضت أنك ستعيدني إلى صقلية ".
تورد وجهها عندما رأت عيناه تلمعان بسخرية، فأكملت: " حسنا! إلى أين ستأخذني؟ ".
" للتسوق. إن كنتتريدين شراء ثياب جديدة، فأنا مستعد لشراء خزانة ثياب لك، لكن اخشى القول إنه علي أن أقرر ما هو مناسب لك. لن أسمح لك بشراء ثياب كتلك التي ارتديتها البارحة ".
لم تدر جيسي بما تجيبه. هل يحاول أن يقول لها أنه أعجب بمظهرها؟ لا! من الواضح أنه لم يعجب به، ما دام يرغب في شراء ثياب مختلفة تماماً.
" لست بحاجة إلى ثياب جديدة. فأنا لا أذهب إلى أي مكان يحتاج إلى ثياب أنيقة ".
مررت جيسي أصابعها بخصلات شعرها الذي قصته البارحةن فتساقطت خصل منه على كتفيها بدلال وسحر.
ضاقت نظرة ريكو، وقال: قاموا بعمل رائع لشعرك، إذ يبدو جميلاً جداً. كما أنك ستذهبين إلى مكان يحتاج إلى ثياب جديدة، لأنني أرغب في اصطحابك لتناول الغداء ".
" لماذا؟ ".
التمعت عيناه بالمرح وهو يمد يده ليمسك يدها: " اليوم سنخرج معاً، فهناك بعض الأسئلة التي أريد أجوبة عنها. أسئلة، من المحتمل أنه كان علي طرحها منذ زمن بعيد ".
وهناك بعض الأسئلة التي تريد طرحها هي أيضاً، منها: لماذا يزعج نفسه من أجلها؟ لكن ريكو راح يسير بخطى واسعة نحو القصر. حاولت جيسي جاهدة أن تلحق به، وهي تشعر بالارتياح، لأن حذاءها لا يشبه ذلك الذي انتعلته مساء أمس.
* * * * * * *
أخذها ريكو إلى متجر صغير، يقع في شارع خلفي هادئ بعيداً عن حشود السائحين والزوار، بدا المتجر أنيقاً ومحترماً. ساورها شعور غريب وهي تقلب الثياب على المشاجبز قالت بنبرة خافتة: " ليس هناك أسعار عليها ".
ابتسم ريكو، وعلق: " لن تكوني قادرة على الشراء إن عرفت الأسعار عزيزتي! اختاري ما يعجبك ".
تمتمت جيسي: " أتقصد ما يعجبك أنت؟ ".
اتسعت ابتسامته قبل أن يقول بدون أي أثر للندم: " في الواقع، هذا ما أقصده بالضبط. وما الخطأ بذلك؟ ".
حسناً! على الأقل، وافق على أنها بحاجة إلى ثياب، وهذه بداية جيدة، كما أنه سيأخذها إلى مكان ما.
" إلى أين ستأخذني؟ ".
" سوف نتناول الغداء في مكان ما ".
" أهو مكان مميز؟ ".
ابتسم ريكو بمرح، وقال: "بالطبع! ".
" إذا أنا بحاجة إلى فستان صيفي أنيق ".
على الفور لفت انتباهها فستان صيفي من اللون الأحمر عليه بقع بيضاء. قالت: " هذا جميل. أهو محتشم بما فيه الكفاية بالنسبة لك؟ ".
لم يبدُ أن سخريتها أزعجته، إذ قال: " جربيه أولاً، ثم سأخبرك برأيي ".
رفعه ريكو على المشجب وقدمه إلى الموظفة التي وقفت بقربهما بانتظار ما سيختارانه. بعد مرور خمس دقائق، وقفت جيسي تحدق بصورتها في المرآة. الفستان رائع بل فاتن، والأهم من ذلك، أنه يصل إلى ما دون الركبة وأنه مقفول الصدر قد يناسب راهبة، لذا لا يمكن لريكو أن يعترض عليه.
" هل ارتديت الفستان؟ ".
سمعت صوت ريكو العميق من خارج الحجرة، فشعرت بتسارع نبضها. لا يمكن ألا يعجبه. أكدت ذلك لنفسها قبل أن تفتح الباب، وتقف أمامه.
" ما رأيك؟ ".
ضغط على أسنانه، وأظلمت عيناه، قبل أن يقول: " لن تغادري المتجر وانت ترتدينه ".
ماذا؟ لم تستطع جيسي التفوه بأي كلمة بسبب شعورها بالارتباك. نظرت إلى صورتها في المرآة، علها ترى ما لم تره من قبل. هل الفستان مكشوف الظهر، أم أنه شفاف يظهر جسدها بوضوح؟ الجواب بالتأكيد لا للسؤالين. استدارت لتنظر إلى ريكو وهي تمتم بغضب: " لا أفهم ماذا تقصد. ما السوء في هذا الثوب؟ ".
" إنه يظهر تفاصيل جسدك. هذا هو السوء فيه ".
شعرت بالغضب والاحباط يغليان في أعماقهلا. بذلت مجهوداً كبيراً لتحافظ على نبرة صوتها هادئة، وهي تقول: " ريكو! هذا الفستان يبدو عادياً في مدرسة داخلية ".
استدار ريكو ليتحدث إلى الموظفة بوجه حازم، أعطاها ملاحظات مختصرة عما يريده: " لا شيء مكشوف الصدر، لاشيء قصير ولا شيء فاضح ".
أسرعت المرأة بالرحيل، وعادت بعد قليل وهي تحمل بين ذراعيها مجموعة من الثياب. عملت جيسي على تجربتها كلها. ازداد إحساسها بالغضب لأن ريكو رفضها كلها، باعتبار أنه غير مناسبة لها، وعيناه السوداوان تعكسان الغضب المتنامي في صدره.
ما إن غرضت جيسي أمامه الطراز الحادي عشر، وهز رأسه بالرفض كالعادة، حتى شعرت كأنها على وشك الانفجار. قالت: " ريكو! هذا تصرف سخيف. علي أن أرتدي شيئاً ما. وهذه الثياب رائعة. إنها حقاً جميلة وأنيقة. ما الغاية من إحضاري إلى هنا إن كنت لا تريدني أن أشتري أي شيء؟ أنت اقترحت هذا المكان، وأنت من قلت إن الثياب فيه مناسبة جداً لذوقك ".
تنهد ريكو بصوت عالٍ، ومرر أصابعه في شعره، وهو يقول: " اعتقدت أنه مناسب، لكنه ليس كذلكن فالثياب هنا فاضحة ".
" فاضحة؟! ".
أمسكت جيسي بسروالين، كان قد رفضهما، ودفعتهما بقوة إلى تحت أنفه وهي تتابع: " ماذا عن هذين؟ من الصعب وصفهما بتلك الكلمة ".
تصلب كتفاه، وقال: " إنها تلتصق بجسدك ".
" لا. لا تلتصق بل تحدد جسدي. كلها محتشمة ومصنوعة بدقة وعناية ".
قال من دون أن يظهر أي أثر للمرح في نظرته: " هذه ليست المشكلة. المشكلة هي أنني لا أريد أن أعرض جسدك في العلن. كل رجل يراك سينظر إليك ".
بدا ريكو اكثر انزعاجاً، أما جيسي فشعرت أنها أفضل حالاً: " إذا، سبب انزعاجك ليس أنك تراني منفرة، بل لأنك لا تريد أن يعجب بي الآخرون ".
أعطت السروالين إلى الموظفة التي كانت تحوم حولهما، وتابعت: " هل تشعر بالغيرة؟ هذا أجمل خبر سمعته منذ زمن طويل، ريكو ".
" أنا لا أشعر بالغيرة، ولا أدري لماذا تعطين هذين السروالين لها، فأنت لن تحصلي عليهما. أما حقيقة أنني أكاد أخنقك بيدي الاثنتين، فلا أراه خبراً جيداً لكلينا ".
ابتسمت له جيسي بدلال، ما استتبع نظرة غاضبة منه. قالت تخفف عنه، وهي تعطي الموظفة فستانين وقميصاً من الدانتيل مع سترتين: " لا تقلق، ريكو! اعتقد أنك بدأت تستوعب حقيقة أن الرجل قادر على النظر إلى زوجته ليس فقط كأم لأولاده او كآلة لإنجاب الأطفال. أنت تجدني جذابة أليس كذلك؟ أنت لا تريد ذلك، لكن هذه هي الحقيقة. كن صادقاً واعترف بالأمر. اعترف بذلك ريكو! ".
زفر بقوة وقال: " فرانسيسكا! ".
أخفضت صوتها، حتى بالكاد تمكن من سماعه وهي تهمس بأذنه: " عناقنا البارحة في السيارة خير دليل على ذلك ".
جمد ريكو مكانه وبدا التوتر واضحاً على وجهه وهو يقول: " لا أصدق أننا نتبادل هذا الحديث في متجر للثياب ".
قالت جيسي وهي تشعر فجأة أنها سعيدة: " هذا متجر صغير. توقف عن الإحساس بالضيق، فانا سعيدة لأنك تراني جذابة. هذا ما أريده ".
قال: " لكنك رحت تبكين في غرفتك ليلة البارحة بسبب ذلك ".
" لا، بل بكيت لأنك غادرت وابتعدت عني، ريكو! والآن ستأخذني إلى متجر للثياب الداخلية النسائية ".
" ثياب داخلية نسائية؟! ".
تلفظ بالكلمات وكأنها علقت في حلقه، فاتسعت ابتسامة جيسي، وشعرت بالرضى.
مرر ريكو إصبعه داخل ياقة قميصه، وتلفظ بشتيمة، ثم قال: " جيسي...!".
أحبت جيسي حقيقة أنه فقد القدرة على التفوه بأي كلمة. وقفت على أطراف أصابع قدميها، ثم ابتسمت وهي تهمس في أذنه: " هل ستعطيني محفظتك، أم تفضل أن أبحث عنها بنفسي؟ ".
أخرج ريكو بطاقته المالية، وسلمها إلى الموظفة.
" لا تفكري بارتداء هذه الثياب خارج البالازو ".
قال بنبرة قاسية، لكن جيسي ابتسمت ببساطة وهي تمر أمامه لتلتقط الكومة الصغيرة من الحقائب والأكياس. إنه يجدها جذابة... ريكو فعلاً يجدها جذابة!
هو لا يرغب بذلك، بل يرغب في التفكير بأن الزوجة موجودة فقط لإنجاب الأطفال. لكن هذا لا يغير حقيقة أنه يعتقد أنها جميلة بهذ الثياب. بل جميلة جداً. كل ما عليها أن تفعله الآن هو أن تخفف من شدة تزمته، وان تقنعه أن شعوره بالانجذاب نحوها أمر مقبول جداً.
" كم يبعد ذلك المطعم؟ ".
" إنه فوق التلة، المناظر هناك رائعة ".
بعد أن اختارت جيسي مجموعة من الثياب الداخلية، بدلت ثيابها في المتجرن فارتدت الفستان الأحمر المليء بالبقع البيضاء.
استبدلا سيارة الليموزين بسيارة رياضية من نوع ماسرتي. عمل ريكو على قيادتها بمهارة فائقة وانطلق بها عبرطريق فرعي بعيداً عن المدينة.
جلست جيسي على المقعد بارتياح، ثم ابتسمت وهي تشعر بالرياح تتلاعب بشعرها المتطاير على وجههاز
" ما أجمل هذا الشعور! عشت حياتي مقموعة، لكنني أعمل على تخطي ذلك الآن ".
قالت ذلك بمرح، ثم حدقت به بدلال وهي تضع يدها على كتفه
"
لاحظت ذلك ".
" هذا أمر رائع جداً، لأنني أستطيع القيام بأمور جديدة ".
توترت عضلات كتفه القوية تحت أصابعها وهو يقول: " أي أمور جديدة بالتحديد؟ ".
" لا فكرى لدي، فأنا لم أكن حرة يوماً لأفعل ما أحب القيام به ".
ذكرها بنبرة قاسية كالفولاذ: " أنت لست حرة لتقومي بما تريدينه الآن، ربما هذا وقت جيد لأذكرك بذلك. مهما كان ما ترغبين في تجربته، فسأكون واقفاً قربك ".
أغمضت جيسي عينيها مستمتعة بالإحساس بالحرية، قالت: " هذا يناسبني. لا تقلق! بالمناسبة، أحببت هذه السيارة ".
"
أنا لا أفهمك أبداً ".
لاحظت السخط في نبرة صوته، فابتسمت له بتعاطف: " أشك أن تكون قد فهمت أي امرأة من قبل، لكن هناك دائماً المرة الأولى وانا مليئة بالتفاؤل ".
إنها تريده أن يفهمها! ما من أمل بذلك مطلقاً. فكر ريكو بذلك باستياء وهو يقودها نحو شرفة المطعم، فهي كومة من التناقضات.
سارت جيسي أمامه، فنسى على الفور ماذا يفترض به أن بفهم، لأنه وجد نفسه منشغلاً بالنظر إليها وهي تتمايل أمامه. إنها تسير برشاقة، كما أنها تجذب الانتباه بشكل يسبب له الألم. احتاج إلى نظرة واحدة ليتاكد أن عيون الرجال في المطعم أصبحت مركزة على زوجته. مررريكو يده على مؤخرة عنقه، وتساءل ما الذي تملكه، وجعله يأخذها للتسوق. كان عليه أن يتركها بتلك الثياب الباهتة الداكنة. التغير الذي طرأ عليها مذهل، والمر لا يتعلق بالثياب فقط. المر هو أنها اكتشفت فجأة ما معنى كلمة الثقة بالنفس. عندما تزوج من جيسي أعجبته طبيعتها الهادئة وجبنها. أما الآن فالحقيقة أنه غير قادر على النظر إليها كما كان يفعل من قبل. بدا له أن الوسيلة الوحيدة للاحتفاظ بصفاء ذهنه هي التركيز على قائمة الطعام أمامه. حاول بشدة أن يستعيد سيطرته المعتادة على نفسه، لكنه فشل بذلك.
ما إن جلسا إلى أفضل طاولة في المطعم، حتى شهقت جيسي من الفرح، غير مدركة لحقيقة أنها مركز انتباه الجميع في الغرفة.
" أستطيع أن أرى كل فلورنسا من هنا. آه، ريكو... كم هذا رائع! ".
فكر ريكو أنها لطيفة جداً. هي لا تختار كلماتها لتؤثر به كأي امرأة أخرى عرفها سابقاً. جيسي تقول فقط ما تفكر به، وهي لا تخفي أي شيء. مجرد التفكير بذلك غمره بعاطفة قوية، أدرك فجأة أن الرجل الجالس إلى الطاولة القريبة منهما يحدق بهما، وقد فتح فمه من شدة إعجابه بجيسي. حدق به ريكو بغضب محذراً، وتساءل إن كان عليه ان يطلي طائرته المروحية ليعيدها إلى صقلية على الفور.
قالت جيسي باهتمام: " ما الأمر؟ تبدو متوتراً ".
فكر بحزن أنها لم تلاحظ ما يجري، فهي بريئة جداً، لدرجة أنها لا تعرف بماذا يفكر الرجال عندما ينظرون إليها.
" أتساءل إن كان علينا المغادرة والذهاب إلى مكان آخر ".
بدت متفاجئة وهي تقول: " لماذا؟ هذا مكان رائع، وأنا أحبه ".
معظم النساء اللواتي عرفهن يعتبرن أن من غير اللائق إظهار مثل هذه الحماسة. أجبر ريكو نفسه على التحلي بالهدوء ومراقبة تصرفاته. لطالما اعتاد الخروج برفقة نساء يلفتن أنظار رجال آخرين، لذا من الصعب القول أنها تجربة جديدة عليه. لكنه لم يشعر يوماً برغبة قوية في أن بحجز واحدة منهن بعيداً عن كل العيون. قبل هذا اليوم لم يفكر للحظة في حياته أنه متملك بالفعل. لكنها زوجته! قال ذلك لنفسه، وهو يفتح قبضتي يديه. من الطبيعي جداً أن يكون الرجل متملكاً حيال زوجته. وهذا لا يعني أنه يكرر أخطاء الماضي.
قال باقتضاب: " حسناً! سنبقى. السمك في هذا المطعم شهي جداً ".
أدارت جيسي رأسها صارفة النظر عما يحيط بها، وحدقت به قائلة: " تبدو غاضباً ".
" لا، لست غاضباً ".
لابأس إن كان يشعر بالانجذاب إليها، ليس هناك أي خطأ بذلك، كما أنه ليس هناك من سبب يدفعه إلى الإحساس بعدم الارتياح والضيق.
قطبت جيسي جبينها وهي تحدق به. قالت: " هل أنت قلق لأنك ضيعت يوماً من العمل؟ ".
" لا! ليس الأمر كذلك ".
علم من خلال نظرة جانبية أن الرجل ما زال يحدق بجيسي. كاد يقف ويتصرف بعنفن وفي تلك اللحظة مالت جيسي إلى الأمامـ ولمست يده بأصابعها.بدت قلقة وهي تقول بنعومة: " أعلم أن ليس هذا ما خططت للقيام به في يومك، لكن شكراً لك ".
" علام تشكرينني؟ ".
" على إحضاري إلى هنا، وعلى الخروج برفقتي ".
ابتسمت بتردد وهي تنظر نحو المدينة الممتدة تحتهما. وتابعت: " إنه مكان رائع. لا يمكن أن تختار مكاناً أفضل لأول مطعم أذهب إليه. لا أستطيع أن اخبرك عن شعوري في هذه اللحظة، وانا جالسة هنا وهذه المناظر ممتدة أمامي، والشمس تلفح وجهي، وأنت معي! ".
أثرت به كلماتها لدرجة أنه نسى على الفور الرجل الجالس قربهما. قال: " المطعم الأول الذي تذهبين إليه؟ أتقولين إنك لم تدخلي إلى مطعم من قبل؟ هذا أمر مستحيل ".
ابتسمت له قائلة: " ومتى كان ليتسنى لي الذهاب؟ أنت لم تأخذني أبداً ".
" لكنني عرفتك منذ تسعة أشهر فقط. ماذا عن حياتك قبل ذلك؟ كما أنك بقيت بمفردك طوال الأشهر الستة الماضية ".
حدقت بالطبق أمامها، ثم رفعت نظرها إليه، وقالت: " أعتقد أن ليس هناك من سبب يدفعني كي لا أخبرك بالحقيقة. أقمت في مزرعة قرب نابولي، مع عائلة التقيت بها في السفينة. عرضوا علي عملاً ومكاناً لأقيم فيه. وحتى تلك الليلة التي سافرت فيها إلى صقلية، لم أغادر المزرعة أبداً ".
" لهذا السبب فشل فريق الحراسة لدي بإيجادك ".
قدم ريكو لها بعض الخبز، وهو يتابع: " وهل كانت تلك العائلة لطيفة؟ ".
" بل رائعة، ومختلفةجداً عن عائلتي ".
سمع شيئاً من الحسد في نبرة صوتها، وهي تتابع: " الوالدان لديهما ستة أطفال، وهما يعملان على تشجيع كل واحد منهما ليكون مستقلاً. إنهما يهتمان لكل ما يقوله أولادهما، أما الأولاد فيحبون فكرة أنهم مستقلون. احتجت إلي بعض الوقت لأتمكن من الانسجام معهم ".
ابتسمت قبل أن تتابع بصوت ناعم:" اعتادوا على طرح الأسئلة علي فيسألون عن رأيي بكل الأمور. جعلوني أفكر بأنني قوية بما فيه الكفاية لأفعل أي شيء. تعلمت معهم أن أعبر عن نفسي".
هز ريكو رأسه قائلاً: " يبدو بوضوح أن حياتك في منزل والديك كانت مقيدة جداًز لم تكن لدي فكرة عن ذلك مطلقاً. ألم تخرجي يوماً برفقة والدك ووالدتك إلى مناسبات عائلية، إلى احتفالات ومهرجانات؟ ".
وضع النادل أمامهما المقبلات، فأمسكت جيسي شوكتها، وقالت: " والدي كان يعتقد أنه ليس هناك شيء يستحق الاحتفال ".
عبرت جيسي عن رأيها بصراحة. راقبها ريكو وهو يتساءل لماذا لم يلاحظ أيا من الإشارات الكثيرة التي كانت واضحة أمامه.
" لدي عدة أسئلة عن علاقتك بوالدك ".
" هذا الموضوع يسبب لي عسر هضم ".
حدقت بالطعام في طبقها، وتابعت: " هل يمكننا التحدث عن أمور أكثر أهمية؟ مثلاً، ما الذي يجعلك تعمل بمثل هذا الجهد؟ ".
قطب ريكو جبينه، وقال: " توقفي عن تبديل الموضوع، وأخبريني عن والدك ".
" لماذا علي أن اخبرك؟ ".
" لأنك تريدينني أن أفهمك ".
شعر بالرضى عندما تورد وجهها من الخجل. رفعت جيسي كتفيها قليلاً، وقالت: صحيح. حسناً! ماذا تريد أن تعرف بالتحديد؟ ".
" أخبريني أولاً لما لم يأخذك مرة إلى أماكن ترفيهية، ثم لماذا تعتقدين أنك رسامة فاشلة، في حين أنك تملكين موهبة مميزة. أريد معرفة الوسائل المختلفة التي كان يستعملها ليدمر ثقتك بنفسك ".
راقبها وهي تشعر بالتردد، ثم وضعت جيسي شوكتها جانباً، وقالت بهدوء، وهي تمد يدها لتمسك بكوب الماء: " لنقل فقط إنني ووالدي لم نكن قريبين. لابد أنك أصبحت تعرف ذلك الآن. لم يكن يرغب في تمضية أي وقت برفقتي، وكانت لديه وجهات نظر حازمة في تربيتي... كان حازماً جداً. بعيداً عن المدرسة وفترة قطف الزيتون، لم يكن يسمح لي بالخروج من المنزل ".
تذكر ريكو القليل الذي يعرفه عن برونو ماندوزو، وعلم أن ما قالته منطقي وصحيح.
" ماذا عن سنوات المراهقة؟ لابد أنك ذهبت إلى أماكن كثيرة مع أصدقائك ".
رفعت جيسي شوكتها وبدأت بتناول الطعام. قالت: " لم يسمح لي بذلك. ذهبت إلى المدرسة فقط، كنت مجتهدة جداً. لكنه لم يهتم للأمر، لأنه يعتقد أن التعليم غير ضروري للمرأة. أراد فقط أن أساعده في قطاف الزيتون وفي أعماله المكتبية، لكن بشكل خفي ".
ضاقت نظرته وهو يسألها: " هل تحاولين إقناعي بأنك قبلت بتلك القيود التي فرضها عليك والدك؟ بصراحة، بعد أن رأيت كيف تواجهين الصعاب، أجد من الصعوبة أن أصدق أنك لم تواجهيه ".
رفعت جيسي نظرها إليه. بدت عيناها الزرقاوان واسعتين، وقد ظهرت فيهما ظلال من الحزن والغضب وهي تقول: " بل فعلت مرة واحدة فقط، ولم أفعل ذلك ثانية ".
سمع شيئاً ما في نبرة صوتها جعله يشعر برجفة في عموده الفقري. سألها وهو يحدق بها بقة: " ما الذي فعله؟ ".
نظرت جيسي إلى البعيد، ولم تجب، بل قالت: " بدا لي أنها لم تكن فكرة جيدة، هذا كل شيء. هذا السمك شهي جداً ".
أدرك ريكو أن المطعم ليس المكان المناسب للتحدث بأمور عميقة حدثت في طفولتها، لذا قرر التحدث بأمور أخرى.
" ما دمت لم تذهبي إلى أي مكان، كيف كنت تمضين أوقاتك؟ ".
" كنت أرسم وأقرأ ".
نظرت إلى قطعة السمك على شوكتها، ثم ادخلتها إلى فمها، وتابعت: " كنت مهووسة بالقراءة. لم أسافر إلى أي مكان، لكنني زرت كل الماكن في مخيلتي. خذ فلورنسا مثلاً، زرت الرومو والبابتستري، ومشيت فوق جسر بونتي فينشو، ورأيت تمثال دايفيد. أنا ماهرة جداً في تصور الأشياء في مخيلتي ".
وجد ريكو نفسه يراقب كل حركة في وجهها. لاحظ تكور فمها والتماع عينيها بالحماس. قال: " هل قرأت عن فلورنسا؟ ".
" بأدق التفاصيل. كنت أستلقي في سريري، وأتخيل كيف يمكن للمرء ان يعيش في فلورنسا أثناء عصر النهضة، ثم قرأت عن روما..".
خفت صوتها وهي تصف له بانبهار الأشياء والأماكن التي أثارت اهتمامها. فقط عندما توقفت عن الكلام وهي متوردة الوجه، أدرك ريكو أنه نسى تماماً وجود الناس في المطعم، وأنه تناول وجبة الطعام من دون أن يتذوق ما فيها. نظر حوله، واكتشف أن الطاولات حولهما أصبحت فارغة.
" تحدثت كثيراً، لكنني أحببت هذا المكان. الجمال في الألوان هنا نادر، على ما أعتقد، وهذا ما يجعله مميزاً. السطوح حمراء والبيوت كلها بيضاء اللون، وكان شخصاً ما وقف هنا، وقرر كيف يحب أن تكون المدينة بشكلها الكامل والنهائي ".
تبع ريكو نظراتها، لامحاولاً أن يرى المدينة من خلال عينيها. قال بنعومة: " فلورنسا هي إحدى المدن التي أمكث فيها منذ زمن طويل. ربما لم أعد أراها بالشكل المناسب فعلاً، لكن حان الوقت لأفعل ذلك مجدداً ".
نقل نظره إلى النادل الذي هز رأسه بتفهم، وأحضر له الفاتورة. تابع قائلاً: " لنذهب. هناك أشياء أريدك أن تريها ".
اصطحبها ريكو في نزهة سيراً على الأقدام إلى تلك الأماكن التي لطالما حلمت أن تزورها. تجولا عبر الشوارع الضيقة، والمظللة بالسقوف المطلة عليها، وكان عليهما في بعض الأحيان القفز تجنباً للارتطام بأولئك الذين ينتقلون مستخدمين ألواح التزحلق، والذين يصدرون أصواتاً متزايدة في المدينة. أمسك بذراعها مشيراً إلى الأعلى، وهو يقول: " انظري هناك!هذا هو الجزء الأقدم في المدينة، وهذا برج حقيقي. في العصور الوسطى كانت هذه الأبراج تؤمن الحماية للسكان، فيتمكنون من الدفاع عن أنفسهم أمام أي هجوم مفاجئ ".
" ومن يهاجمهم؟ ".
" الجيران في معظم الأحيان. في العصور الوسطى كانت المدن تتصارع مع بعضها ".
قال ريكو ذلك باستياء، وشدها إليه بقوة ليبعدها عن متزحلق يتحرك على الرصيفن كاد يصيبها بضربة قاتلة.
ضحكت جيسي وعلقت: " الدماء الحارة لم تتغير كثيراً عبر العصور. أليس كذلك؟ ".
استمرا في السير، وبدا لجيسي أنها كلما انعطفت نحو زاوية جديدة، حصلت على مناظر مختلفة من القرميد الأحمر والرخام الأبيض الذي يشكل جزءاً من كاتدرائية سانتا ماريا دوبل فيور.
تنهدت بتعجب، وهما يسيران اخيراً في بيزا ديل دوموز تجنبت مجموعة من السائحينـ، ووقفت على جانب من الطريق، لتتمكن من الوقوف ورفع رأسها لتعاين بإعجاب الارتفاع الضخم للمبنى. ابتسم ريكو، ولمعت عيناه من إحساسها بالافتنان. قال لها: " أعتقد أن سكان فلورنسا تأثروا أيضاً بهذا البناء. هل تريدين الدخول إليه؟ ".
" بالطبع! ".
نظرت إليه بحيرة، وتابعت: " إن كان ذلك يناسبك. لا اعتقد أن هذه الزيارة هامة لك، ما دمت تأتي إلى هنا دائماً. هل تشعر بالسأم؟ ".
نظر إليها، وظهرت تعابير غريبة على ملامح وجهه الوسيم. أكد لها بنعومة: " لا! لا أشعر بالسأم مطلقاً ".
شعرت جيسي بالحرارة تجتاح وجهها، وعلمت أن لا علاقة أبداً للشمس بذلك. قالت لنفسها بحزم، لا! لن تقدم على ارتكاب تلك الغلطة بالاعتقاد أنه يهتم بها.
استمتعا بالهدوء داخل الكاتدرائية، ثم سارا عبر الشوارع للوصول إلى مستشفى فوندلنغ.
قال لها ريكو وهو يقودها إلى الداخل: " هذا المبنى كان داراً للأيتام في ما مضى. هناك لوحة أريدك أن تريها ".
مرا بساحة هادئة، ثم صعدا عدة درجات، ودخلا إلى معرض ضيق يطل على ساحة أخرى.
رأت اللوحة المعلقة في نهاية الغرفة، ومع ذلك بدت كأنها تحتل المكان من خلال قوة اللوان فيها.
قال ريكو وهو يسير معها نحو اللوحة: " فكرت أنك ستعجبين بها ".
" إنها جميلة حقاً! ".
أضغت إليه وهو يخبرها عن اللوحة. بعد ذلك تجولا في المعرض، وتوقفت جيسي عند لوحة أصغر حجماً شدت انتباهها.
" كيف تعرف هذه المعلومات عن فنون عصر النهضة؟ ".
أبعدت نظرها عن اللوحة، وفكرت أن فناني ذلك العصر كانوا ليتمنوا أن يحصلوا على فرصة لرسم الملامح الرجولية التي يتمتع بها ريكو.
" هل ذهبت إلى الجامعة؟ ".
ابتسم بلطف قبل أن يجيب: " لدي شهادة جامعية من كامبردج وشهادة دكتوراه من هارفرد، لكنني لم ادرس أي نوع من الفنون. طموحي في ذلك الوقت كان يتعلق بجمع ما يكفي من المال لأتمكن من شراء القطع الفنية. لدي مجموعة من اللوحات في البالازو قد تثير اهتمامك، على ما أعتقد ".
سمي لها بعض تلك اللوحات، فاتسعت عيناها من الدهشة.
" لكن تلك اللوحات هي ضمن مجموعة خاصة، قرأت عنها ".
أجاب ونبرة من المرح تظهر بوضوح في صوته: " صحيح. إنها مجموعتي الخاصة ".
" آه! ".
بقيت جيسي صامتة لعدة لحظات. ثم قالت أخيراً: " لم أفهم من قبل مطلقاً ما الغاية من تجميع الثروات، لكن أن تتمكن من اقتناء أشياء جميلة كهذه، وتتمكن من رؤيتها كل يوم وفي أي ساعة تشاء أمر يستحق العناء. أنت محظوظ بشكل لا يصدق ".
ضحك ريكو قبل أن يقول: " هل أحتاج إلى تذكيرك أنك تملكينها أنت أيضاً. لكن لا تلمسيها، وإلا ستأتي شرطة فلورنسا بكاملها إلى القصر لمقاضاتنا ".
أردف بعد قليل: " كان يجب أن تذهبي إلى الجامعة، لتدرسي الفنون فيها ".
" ذلك يتطلب درجة من الحرية لم أحصل عليها يوماً ".
نزلت الدرج لتدخل البيزا، وتجولت قرب النافورة، ثم تابعت: " دخلت إلى مدرسة الراهبات في القرية. كان ذلك آخر حدود صبره وتحمله، مع ذلك كان يعترض على الأمر في بعض الأحيان ".
" لا أستطيع أن أصدق أنك عشت حياة مقيدة هكذا ".
وضع ذراعه حول خصره، وقادها عبر مجموعة من السائحين، وهو يقول: " ماذا عن أصدقائك؟ ".
" لم يكن لدي أصدقاء. كنت طويلة وخرقاء، ذات جسم مختلف عن أجسام الأخريات، كما أنني كنت خجولة بشكل مرعب. من المحتمل أنني لم أكن أثير اهتمام أي فتاة لتصبح صديقتي ".
غادرا البيزا، وسارا عبر شارع ضيق. علق ريكو: " أنت صريحة وصادقة، لذا أجد من الصعب تصديق ما تقولينه ".
" حسنا! هذه هي الحقيقة. ماذا عنك؟ أخبرني عن طفولتك ".
لاحظت على الفور تبدلاً في مزاجه، وأحست بالتوتر الذي سيطر على جسده، كما رأت ملامح وجهه تتغلف بالقسوة وهو يقول: " ليس هناك من شيء يمكن قوله ".
" لابد أن هناك أموراً ترغب في التحدث عنها ".
توقفت لتمسك ذراعه منزعجة من عدم استجابته لرغبتها في معرفته كما فعلت هي. تابعت قائلة: " حسب ما كتبته الصحف، أحرزت أول مليون دولار عندما كنت في التاسعة عشرة من عمرك ".
" بل في السابعة عشرة، وجنيت أربعة ملايين ".
رفعت جيسي كتفيها قليلاً، ثم ابتسمت: " لماذا فعلت ذلك؟ ".
نظر ريكو إلى وجهها، وضحك ضحكة قصيرة: " أليس هذا أمراً نموذجياً منك؟ كل شخص آخر أعرفه كان يسألني كيف فعلت هذا، محاولاً أن يدرك إم كان يملك المؤهلات لتحقيق ذلك أيضاً. أنت الوحيدة التي تسأل لماذا فعلت ذلك ".
علقت جيسي، غير متأثرة بالسخرية في نبرة صوته: " إذاً، لماذا؟ ".
" ألا يرغب كل شخص في الدنيا باقتناء المال؟ ".
" ما يكفي من المال ليعيش بارتياح، بالطبع! لكن لابد ان هناك سبباً كان يقودك للحصول على المال وأنت في السابعة عشرة من عمرك. أنت ما زلت تعيش بالإحساس ذاته حتى اليوم. أحب أن أعرف وأفهم السبب ".
" حسناً! ها قد وضعت إصبعك على أمر هو غاية في الأهمية لإظهار الاختلاف بيننا. أنت تريدين أن أفهمك، أما أنا فلا أرغب أبداً في أن تفهميني ".
قالت وهي مقطوعة الأنفاس، لأنها تحاول أن تسير بمحاذاته مع تلك الخطوات الواسعة التي يخطوها: " لكنني أريد أن أفهمك ".
رفع ريكو كتفيه بدون أي اهتمام، وقال: " أحب العمل، ولهذا السبب أنا مندفع بقوة نحوه. هذه نهاية القصة ".
قطبت جيسي جبينها. تلك ليست نهاية القصة، لكن يبدو بوضوح أن هذا هو كل ما هو مستعد لإخبارها به. حسناً! هناك وقت كافٍ لذلك. فما زالت علاقتهما في بدايتها وربما سيخبرها كل شيء عنه مع الوقت.
" لطالما أردت أن أرى دير سان ماركو. هل يمكننا الذهاب إلى هناك؟ ".
نظر ريكو إلى ساعته، وقال: " سنذهب غداً. التجول في فلورنسا قد يكون متعباً، كما أنك بحاجة إلى أخذ قسط من الراحة قبل حلول الليل ".
" لماذا؟ ما الذي سيحدث الليلة؟ قلت لي إنك لن تاخذني أبداً إلى نادِ ليلي ".
" كان ذلك قبل أن اكتشف أنك لم تذهبي إلى هناك من قبل ".
حدق بها بغضب، وتابع: " لا داعي لإظهار هذا السرور. فأنت لن ترقصي مع أحد غيري ".
" أنا لا أريد غير ذلك ".
ضمت جيسي يديها إلى بعضهما، ثم وقفت على أطراف أصابع قدميها لتطبع قبلة على خده، وتتابع: " شكراً لك. هذا أكثر عمل رومنسي قمت به ".
" هل اصطحابك إلى نادٍ ليلي عمل رومنسي؟ ".
رفع حاجبيه بتعجب، وتابع: " ملت غرفة نومك بالأزهار. ذاك كان عملاً رومنسياً ".
قالت بلطف وهي تمرر ذراعها في ذراعه: " لا! مساعدتك ملأت غرفة نومنا بالأزهار، لذا لكم يكن هناك أي رومنسية، أما اصطحابي إلى ملهى ليلي لأنني لم اذهب إلى هناك من قبل، فيما أنت لا تريد أن تفعل ذلك، فهذه هي الرومنسية ".
نظر ريكو إليها بتأمل للحظة، ثم ضاقت نظرته وهو يقول: " أنت مليئة بالتناقضات ".
" لا! بل أنا صريحة جداً ".
ترددت جيسي للحظة، ثم تابعت: " هل تساعدني كي أجد عملاً، ريكو؟ ".
شعرت به ينسحب، وهو يقول بحزم: " لست بحاجة إلى أي عمل. لدينا الكثير من المال ".
" لا علاقة للمال بالمر، ريكو. أريد أن أخرج إلى الحياة، أريد ان ألتقي بالناس ".
" يمكنك أن ترسمي بكل الوسائل المتاحة. قررت أن أحول إحدى الغرف في الطابق العلوي إلى محترف لك. إنها غرفة مواجهة للناحية الشمالية، وهكذا تبقى مضاءة بالنور معظم النهار. ولهذا ليس هناك من سبب يدعوك للعمل ".
حاولت جيسي أن تجعله يفهمها: " ما عدا أنني أريد أن أعمل، أريد أن اكون مستقلة ".
نظر إليها بغضب متناهٍ، وقال: " الملايين من الناس يحلمون بالحصول على جائزة يناصيب لكي يتوقفوا عن العمل، وها أنت تقولين لي بانك تريدين عملاً، مع أنك أكثر ثراء مما يمكن أن يتخيله المرء ".
" هذا صحيح! لا يتعلق الأمر بالمال، بل باستقلاليتي. أريد أن أقبض مالاً من عملي، وأن التقي بالناس ".
كلامها البريء ضاعف توتره، تنهد ريكو، ومرر أصابعه بضيق في شعره.
" بدأت أفهم كم كانت حياتك مكبلة ومقيدة قبل الآن، وأنا مستعد لجعلك تقومين بالكثير من الأمور. لكن الحصول على عمل ليس واحداً منها. فهناك أشخاص سيئون في الدنيا، وبفضل والدك لم تكن لك تجربة أو احتكاك معهم ".
" هل ستبقيني محتجزة لديك؟ ".
" لا تتفوهي بمثل هذا الكلام ثانية ".
ذكرها متابعاً: " سآخذك الليلة إلى نادٍ ليلي، لذا من الصعب اتهامي بأنني أحتجزك ".
" كم عدد الحراس الذي سيذهبون معنا؟ ".
" لن يكون هناك أحد غيري، وإن كان هناك من يفكر بالنظر إليك فسيجد نفسه في المستشفى ".
قال لها ذلك بحزم، فحدقت جيسي بالخطوط القاسية في وجهه الوسيم، وشعرت بإحساس رائع يدغدغ أعماقها.

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


محجوبة ابراهيم1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.