آخر 10 مشاركات
[تحميل] ومالي بدجئ العاشقين ملاذ! بقلم/غسق آلليلh "مميزة " (Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          كتاب الف ليلة وليلة النسخة الكاملة (الكاتـب : بندر - )           »          234 - ستيفاني - ديبي ماكومبر (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          واقعة تحت سحره (126) للكاتبة: Lynne Graham (الجزء 3 من سلسلة العرائس الحوامل) *كاملة* (الكاتـب : princess star - )           »          منحوسة (125) للكاتبة: Day Leclaire (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          من خلف الأقنعة (100) للكاتبة: Annie West *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          اللقاء العاصف (23) للكاتبة: Jennie Lucas *كاملة+روابط* (الكاتـب : Dalyia - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree10Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-09-17, 01:28 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 151-العروس الحمراء - أحلام قديمة




الرواية رائعة ومنقولة للعلم ولينال كل حقه
شكرا لمن كتبها
151-العروس الحمراء - أحلام قديمة

المقدمة :
- هل تشعرين بالبرد ؟
فتحت عينيها متأوهة ... إنها تشعر بالبرد كثيراً ...
وأطبقت عينيها مجدداً .
- اذهب دعني أنام !
- ما اسمك ؟
- اسمي الدجاجة الصغيرة الحمراء ... هل لي أن أعود
إلى النوم الآن ؟
قاومت لتفتح عينيها, ولكنها كانت متعبة ... تشعر ببرد
شديد ...
لو عرفت المفاجأة التي تنتظرها , لما استعجلت كاندرة
على الاستيقاظ ... ولكن لماذا يحدث لها هذا من بين جميع
الناس؟ في المرة الوحيدة التي تتصرف فيها بدون تعقل ,
تجد نفسها معزولة وسط الثلوج مع رجل غريب , يبدو أنه
مجنون ... لكنه جذاب جداً !






محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


ندى تدى and Nana.k like this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:38 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 – دجاجة حمراء في سريره
تصاعد المرح في نفس كاندرة وهي تنظر إلى مرآة سيارتها .. قالت
بصوت ميلودرامي ساخر موجهة كلامها إلى كلبها براوني :
- إنها ليلة مظلمة عاصفة !
بدا براوني وكأنه من البشر مع تعبير قرف على وجهه لملاحظتها العابثة ,
لكن استياءه الواضح لا يمكنه أن يثبط من عزمها أكثر من الطقس الذي
دفعها إلى تلك الملاحظة :
- أنا حرة براوني ! حرة ! أتعرف منذ متى لم يكن أمامي لائحة بأعمال
عديدة يجب أن أنجزها ولم أفعل ؟ حسن جداً .. لا تزال تلك اللائحة
موجودة في البيت على طاولة المطبخ مع الدهان وورق الجدران, وأنا هنا ..
في كولورادو , لا شيء يشغل تفكيري أكثر من أن أمضي عطلة رائعة سعيدة.
تصور .. ثلاث وجبات في اليوم يطهوها شخص آخر .. بينما أمضي أوقاتي
في التزلج على سفوح (( آسبن )) المغطاة بالثلج .
أصدر الكلب أنيناً خافتاً .
- أوه .. أنت تعرف أنني لا أستطيع تحمل كلفة المصاعد .. لا تكن
مفسداً للمتعة هكذا .. سيكون مأوى الكلاب مأواك في المرة القادمة التي
أذهب فيها إلى أي مكــــان .
تكدر الكلب البني المحمر اللون الإيرلندي الضخم على المقعد الخلفي
وأصدر أنيناً يدل على شعوره بالانزعاج , فمدت كاندرة يدها تربت على
رأسه الأحمر :
- مهلك يا صاحبي .. أعرف أنك لا تحب الثلج .. لن تطول بنا
الطريق .. حسب الخارطة , لا تبعد ( آسبن) سوى ثمانية وثلاثين ميلاً عن
( توين لايكس ) التي مررنا بها منذ دقائق ...
كانت لمخاوف براوني تبريراتها , فقد أمضى حياته كلها في أريزونا
ويبدو هذا الطقس مخيفــاً له ... رفرفت كاندرة عينيها وفتحتهما ... وراحت
تنظر إلى رقع الثلج المتساقط أمام أنوار السيارة , التي أصبح لها تأثير المنوم
عليها , وإن لم تكن حذرة فسينتهي بها الأمر في الهاوية , وهذا ما لا يروق لها
في الساعة السابعة خاصة أنها لم تشاهد نافذة مضاءة منذ مغادرتها بلدة
( توين لايكس ) الصغيرة .. للمرة الأولى بدأ القلق يساورها وتساءلت عما
إذا كان الأجدر بها أن تعود إلى ( توين لايكس ) لتمضي ليلتها في الفندق ,
فإكمال رحلتها في الصباح هو التعقل عينه .
قالت بصوت مرتفع ساخر:
- و كاندرة فولكنر دائماً متعقلة .
وهذا ما ألغى على الفور مسألة العودة إلى الفندق .. ألم تقرر ترك
كاندرة المتعقلة في بيتها مع ورق الجدران والدهان ؟ هيا إلى آسبن إذن !
تجاهلت الأنين المتلهف وراءها ورفعت سرعة المساحات إلى أعلى درجة
لها ... ولكن المساحات خاضت معركة رهيبة أمام الثلج وهذا ما دفعها إلى
الإبطاء كثيراً . قادت ببطء في منتصف الطريق وكم امتنت لعدم وجود أي
أثر للسيارات , وكادت أضواء السيارة الأمامية تخترق العاصفة, لتظهر لها
الطريق الضيق الملتوي و أشباح شجر السرو الباسق على جانبي الطريق
و الجبال الشاهقة المطلة عليها وسط سواد مقبض للصدر ..
قبل قليل , كان الثلج المتساقط يذوب فور ملامسته الإسفلت تحت
إطارات السيارة الصغيرة , لكن الرطوبة الآن تتحول بسرعة إلى جليد ..
هزت هبة ريح مجنونة فجائية السيارة فراح براوني يذرع المقعد الخلفي مصدراً
أنيناً مرتفعاً.. وأحست كاندرة ببرودة قاسية لم يخفف من حدتها حرارة
السيارة , وبدأت هذه البرودة تستقر في أسفل معدتها .
لمع إلى يمينها وميض نور باهت لوقت قصير عبر الأشجار , فأحست
براحة كبيرة .. إنه برهان على أن ثمة إنساناً آخر يسكن هذه الغابة
السوداء .. ولسبب ما , نسيت قلقها وهي تفكر بعائلة صغيرة يجلس أفرادها
بدفء حول موقد نار مشتعلة يسردون القصص الممتعة . أدجر وأصدقاءه ,
دون شك , في وضع مماثل .. وتستطيع تصور الدهشة التي سترتسم على
وجوههم حين تقرع باب شقتهم المستأجرة .
تحول أنين الكلب إلى نباح خفيف ملح مألوف ..
- أوه لا براوني ... ليس الآن .. عليك الانتظار ريثما نصل إلى آسبن ..
لن أجرؤ على التوقف الآن لتخرج .
استدارت قليلاً في مقعدها وراحت تربت على رأس الكلب الذي نبح
بطريقة حادة محذرة .
- لن يطول الأمر .
عدلت كاندرة جلستها لتفاجأ بوجود حواجز على الطريق أمامها وكان
الوقت قد فات .. داست بقوة على المكابح وسمعت صوت ضربة قوية
خلف مقودها أعلمتها أن براوني قد طار من مكانه, واستدارت بالسيارة
جانبياً وبدأت تنزلق ببطء نحو الحاجز الخشبي, ثم استقرت في كومة ثلج
ضخمة بحيث أصبح من المستحيل تحريكها إلى مكان آخر .. وعلى الرغم من
الظلام الدامس, استطاعت كاندرة أن ترى أن الطريق وراء الحواجز لم تكن
سالكة لشدة تراكم الثلوج عليها, فلا يمكن توقع المساعدة من هذا الاتجاه
ولا من الاتجاه الذي أتت منه لو فكرت بهذا ! ولمَ بحق الله الطريق مقفلة ؟
ويبدو أنها مقفلة بشكل دائم... إنها طريق عامة في الولاية فلم لم يوضع عليها
لافتات تحذير ؟
لعنت كاندرة موجة التمرد التي سيطرت عليها وحملتها إلى الجبال في
كولورادو .. الكثير من سوات الكبت, العديد من السنوات في حمل الأعباء
الكبيرة و المسؤوليات.. كانت تثقل كاهلها إلى أن جاءت عملية دهان المطبخ
المتعبة بينما العالم كله يلهو , لتكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ,
وتفجر شيء في داخلها ليدفعها دون قدرة على المقاومة إلى التصرف بشكل
مغاير تماماً بتصرفاتها المتعقلة العادية . ويبدو أنها الآن عليها أن تدفع ثمن
تلك اللحظة الطائشة .
اندس أنف مبلل في عنقها فذكرها أنها ليست الوحيدة التي تدفع
الثمن , وقالت مرتجفة :
- حسناً يا صديقي .. قلت إنك تريد أن تتوقف .
وهي ترتجف داخل السيارة التي تبرد بسرعة, دست ذراعيها في كمي
سترتها ووضعت القيد في عنق براوني .. وكانت الريح قد بدأت تهب بقوة
فاحتاجت كاندرة إلى جهد كبير لتفتح الباب. أخيراً نجحت, وتفاجأت
بسماكة طبقة الثلج التي تغطي الأرض , ولم يُعجب براوني بالثلج غير
المألوف ورفض مغادرة السيارة بالرغم من شدها العنيف على قيده ..
وتوسلت :
- هيا براوني .. رحلة صغيرة حول السيارة ثم نعود إلى الداخل .
في حركة مفاجئة أدهشت كاندرة , قفز الإيرلندي من السيارة بنشاط
كبير , فرماها رأساً على عقب في الثلج, وانتزع قيده من يدها وركض مختفياً
في الظلام .
تعثرت كاندرة وهي تقف , وراحت تنفض دون جدوى الثلج الذي
علق في ثيابها ثم صاحت بأعلى صوتها كي يعود الكلب .. لكن الريح بدت
وكأنها تنتزع الصوت من حنجرتها وتبتلع صيحاتها .. أصغت لتستمع إلى
نباح براوني لكنها لم تسمع سوى صفير الريح .. وتملكها خوف رهيب ..
ماذا لو أن براوني لم يعد ؟
نظرت إلى الثلج ... كانت آثار أقدام براوني تقود إلى الغابة مباشرة ..
فأي نوع من المخلوقات المتوحشة ينتظره فيها؟ لقد قرأت كاندرة عن
الأفخاخ التي يضعها الصيادون للدببة والقندس , وارتعبت من فكرة وقوع
براوني في فخ كهذا , فدفعت بقوة مضافة إلى صوتها .. لكن الكلب لم
يظهر , وبدأ وقع أقدامه يختفي تدريجياً تحت الثلج المتراكم..وقفت كاندرة
محتارة ترتجف برداً وخوفاً , فسرعان ما ستمحو العاصفة كل آثره وكأنها لم
تكن . يعتمد براوني عليها في معيشته ولو حدث له شيء فلن تلوم سوى
نفسها .. لماذا لم تلف قيده جيداً حول معصمها ؟
أصبحت آثار براوني أقل بروزاً .. بعد وقت قصير سيصبح من
المستحيل ملاحقتها. نظرت بقلق إلى السيارة التي تمثل الأمان, وعلى الأقل
القليل من الدفء . أما الغابة.. هناك قصص عن أشخاص ضاعوا فيها إلى
أن تجمدوا وماتوا ... وقفت إلى جانب السيارة , ثم ترددت ويدها على مقبض
الباب .. لا يمكنها التخلي عن براوني .. بإمكانها تقفي آثار أقدامه ولو إلى
مسافة قصيرة في الغابة, و إن لم يسمع نداءها ويظهر فستتبع آثار قدميها
وتعود إلى السيارة .
خطت خطوتين إلى الأمام قبل أن تتذكر المزلاجين المثبتين على ظهر
السيارة .. أكد لها المدرس الذي أعارها إياهما أن التزلج لمسافات طويلة هو
بسهولة السير على القدمين .. وقال يعطيها التعليمات: (( ارفعي قدماً إلى
الأمام ثم الأخرى متوازنة على العكازين )) وبدا لها الأمر في سهلاً في غرفة
جلوسها .. نظرت كاندرة إلى الثلج المتساقط بسرعة وقررت أن بإمكانها
قطع مسافة أطول إن ارتدت المزلاجين . أمضت دقائق طويلة قبل أن تتمكن
يداها الباردتين من تثبيت الحذاء الخاص بالزلاجتين الطويلتين الدقيقتين ..
وانزلقت مرتبكة نحو الغابة .
بعد ساعة من هذا عرفت أن ارتداء الزلاجتين لم يفدها بشيء ..
أصبحت ثيابها مبللة تماماً من الثلج المتساقط وبدأ جسمها يرتجف بشدة دون
أن تستطيع السيطرة عليه , ولم تعد تهتم بمسح البلل عن عينيها وأنفها . لقد
ثبت لها استحالة تقفي أثر براوني عبر الغابة السوداء بأشجارها الكثيفة التي
كانت تهاجمها بأغصانها كالسياط .
حين اعترضت طريقها كومة ثلج سمكية اعترفت كاندرة بالهزيمة
واستدارت لتعود إلى سيارتها, لكن بضع خطوات إلى الوراء جعلتها تدرك
بلاهة العمل الذي قامت به .. فقد محى الثلج المتساقط , إضافة إلى بطء
تحركها , آثار خطواتها تماماً , ولم يعد لديها أدنى فكرة عن الاتجاه الذي تقف
سيارتها فيه . استندت إلى عكازي التزلج, وبدأت تشهق بقوة لتتنفس برئتين
لم تعودا قادرتين على تحمل قلة الأوكسجين في ارتفاع غير مألوف لهما . كان
رأسها يؤلمها بشكل لا يحتمل .. وكانت متعبة جداً .. ليت براوني لم
يهجرها .. واخترق صوت أمها الخفيف المازح أفكارها ... كانت تقول :
- أيتها الإوزة السخيفة , لمَ تقفين هكذا في البرد ؟ ادخلي ! لقد صنعت
لك بعض البوب كورن ووالدك على استعداد لقراءة الفصل التالي من قصة
(( نداء البراري )) .
- أكره هذه القصة فجميع من فيها يموت .
قال والدها :
- يجب أن يموت المرء في وقت ما وتعرفين هذا كاندرة .
صاحت بعد أن أغمضت عينيها بشدة وغطت أذنيها بيديها :
- لا ... لا أريد سماعها !
ولم تسمع الرد, ففتحت عينيها لترى أن الباب اختفى وأبواها معه :
ماما .. أبي .. عودا .. لا تتركاني أرجوكما .. وبدأت بالبكاء .
قالت (( تاتا )) بصوت أجش :
- ليس لديك وقت للأسى على نفسك .. بوجود الأولاد لتعتني بهم .
رفعت كاندرة رأسها بدهشة .. كانت (( تاتا )) تقف هناك .. كتلة أمان
بمريلتها البيضاء كالثلج , حتى أن كاندرة استطاعت أن تشم رائحة
البسكويت في فرن المطبخ خلف جدتها : تاتا !
ورمت نفسها إلى الأمام بشكل أخرق .. لكن جدتها اختفت تاركة
مكانها شجرة سرو صغيرة مكسوة بالثلج :
- تاتا ... لا تتركيني أنت أيضاً .. أرجوك .. أنا أشعر بالبرد .
وتلاحقت الدموع على وجهها .
- لماذا تبكين كاندرة ؟ أنت لا تبكين أبداً ! هل آذيت نفسك ؟
تناهى إليها صوت كاتيا الهامس رغم صفير الريح وعويلها .
- لا .. أنا أشعر بالبرد فقط وبالتعب أيضاً .
- لم لا تستلقين قليلاً وتأخذين غفوة ؟
وربتت كاتبا على فراش مرتفع مليء بالوسائد البيضاء .
أدارت كاندرة المزلاجين نحو أختها , وضحكت كاتيا .. مبتعدة عن
الفـــــــراش .
صاحت كاندرة : لا ! وقاومت لتمسك بأختها قبل أن تختفي .. فعلق
المزلاجين في الثلج وجمدت ساقاها ككتلتي جليد .. وما إن وصلت إلى
الفراش الذي يلوح أمام ناظريها حتى تحول شكله إلى صخر ضخم مليء
بالثلج . وقبل أن تدرك خيبة الأمل الأخيرة هذه انزلق مزلاجها في حفرة
قريبة من الصخرة, ووقعت إلى الأرض فاصطدم المزلاج بقوة بتلك
الصخرة.. وأصبحت ساقها اليمنى مع المزلاج تحت الساق اليسرى .. ولم
يكن لديها القوة لإصلاح وضعها المزعج .. لذا سترتاح قليلاً وبعدها ..
فتحت كاندرة عينيها .. كانت كاتيا تقف على الفراش تنظر إليها :
- تشعرين بالبرد ؟
ولم تعد تستطيع فتح عينيها أكثر من هذا .
أنف حاد , ساعة المنبه .. حان وقت النهوض والاستعداد للعمل ..
لكنها متعبة جداً .. فتحت عينيها متأوهة , كان بروني يقف قربها وينبح
بحــــــدة .
- براوني .. لا تحتاج إلى الخروج الآن.. لا زال الوقت ليلاً .. انتظر
حتى الصباح .
إنها تشعر بالبرد كثيراً .. وأطبقت عينيها مجدداً. سيهتم أدجر بإخراج
براوني .. وستنام هي بضع دقائق أخرى .
- أي شيء مكسور ؟
لمَ يصيح أدجر ؟ لقد أيقظه براوني بلا ريب .. إنها لا تتأخر في النوم كل
يوم !
- أيمكنك الوقــوف ؟
.اذهب عني أدجر .. دعني أنام-
- ماذا تفعلين هنـــــا ؟
ضحكت كاندرة :
- لا تكن سخيفاً .. أين يمكن أن أنــام غــير هنا ؟
- ما اسمك ؟
لمَ يتغابى أدجر هكذا ؟ أهو غاضب لأنها بقيت في البيت لتدهن المطبخ ؟
ضحكت ثانية :
.اسمي الدجاجة الحمراء الصغيرة ... سأفعل هذا بنفسي-
.مهما تقولين يا حمراء ... لا أظن أن شيئاً كُســر-
لماذا يستمر أدجر في الكلام عن الكسر؟ آه .. طبعاً .. شجارهما !
- كنت على حق , هاك, لقد اعترفت لك . هل لي أن أعود إلى النوم
الآن ؟
.بعد دقيقة حمراء-
حمراء ؟ لن تدهن المطبخ باللون الأحمر ! قاومت لتفتح عينيها , كان
أدجر يدير ظهره لها يحرك ناراً متأججة .. كانت تعرف أنه سيوقد ناراً , ما
الذي فكر به ساعة دقت الباب عليه ؟ قالت ناعســة :
.أراهن أنك دهشت لرؤيتي-
ستشرح له في الصباح .. أما الآن فهي متعبة .. وبردانة جداً .
***
الدفء .. الدفء نعيم ! فتحت كاندرة جفنين مترددين ونظرت حولها
لتجد غرفة معتمة غير مألوفة .. ولاح لها نور خفيف يتسلل عبر شق في
نافذة مغطاة بالستائر .. وتحركت الستائر ثم سمعت الريح .. ريح مخيفة
معولة بدت وكأنها تهز أساس الغرفة , واضح أن العاصفة اشتدت كثيراً
وأصبحت عاصفة ثلج عابثة .. ما من أحد يتوقع منها أن تتزلج في عاصفة
ثلجية ... وبإمكانها النوم طوال النهار.
دست كاندرة نفسها في الأغطية الدافئة بعد أن وصلت رائحة احتراق
الحطب إلى أنفها البارد .. وأملت أن يكون أدجر قد تذكر إغلاق صمام
السحب فوق الموقد .. كانت تسمع صوتاً مصفراً قريباً من أذنها .. لا بد أن
الريح تحاول غزو الغرفة عن طريق المدخنة .
وكيف لها أن تتذكر ما إذا كان أدجر قد دهش لرؤيتها ليلة أمس ..
فبعد شجارهما , كانت آخر شخص يتوقع أن يراه .. من المضحك كيف أنه
ظنها ستدهن المطبخ باللون الأحمر؟ ربما لا ... لقد كان غاضباً لرفضها
المجيء معه إلى كولورادو .. دائماً الشهيدة .. كما صاح ساخراً . لم يفهم أن
على شخص ما أن يدس أنفه باستمرار في سير الأمور .. ولو لم تفعل هي ما
كان سيحل به وبـ كاتيا ؟ لا .. لن تبدأ بالتفكير بمثل هذه الأفكار المشفقة على
النفس .. إنها هنا لتمرح .. أدجر على حق . إنها تأخذ كل شيء على محمل
الجد كثــــيراً .
إنها لنعمة من السماء أن تبقى مستلقية في السرير .. دون ساعة منبه ,
دون وخز ضمير يحثها على النهوض ويدفعها إلى المطبخ لتحضير الفطور..
تمددت في الفراش الدافئ وحاولت التمطي .. لكن منعتها عن الحركة كتلة
صلبة جاثمة على معدتها .. ولأول مرة سمعت صوت تنفس إلى جانبها .. لم
يكن الصوت المصفر صادراً عن الريح.. بل عن كائن حي يشخر قرب
أذنها .
إنه براوني .. لقد استغل إرهاقها ليلة أمس ونام في فراشها .. لا شك
أن أرض الشقة أبرد مما هو معتاد عليه .. ولم تستطع حمل فراشه الخاص حين
غادرت السيارة . تجعد جبينها بتقطيبة حيرة من فكرة مزعجة راودتها ...
يجب أن تتذكر شيئاً ما بخصوص سيارتها .. وتحرك براوني رامياً بثقله أكثر
على سيقانها فطارت الفكرة ليحل السخط محلها .. يعرف براوني جيداً أنه لا
يسمح له بصعود الأثاث خاصة فراشها .
دفعته عنها بوركها :
ابتعد عن السرير .-
لكن براوني تابع التنفس الثقيل دون انزعاج :
- انزل عن السرير ! أيها الأبله الكبيــــر.
- صباح الخير لك أيضاً .. أيتها الحمراء .
كان الصوت المنخفض المتسلي في أذنها كالصدمة الكهربائية.. أدارت
رأسها بحدة غير مصدقة , ونظرت برعب إلى وجه غير مألوف يشاركها
الوسادة .. شعر مشعث أسود يتدلى حتى حاجبين سوداوين كثيفين فوق
عينين زرقاوين ناعستين تسببتا بارتفاع حرارة كاندرة لمجرد النظر فيهما ..
ولاحظت الشعر المتنامي على ذقنه .. فقالت :
- أنت بحاجة إلى حلاقة .
رد والتسلية في عينيه :
- أرجو ألا يكون هذا مانعاً جدياً .
سألت وهي مسحورة بالوجه الذي لا يبعد عنها سوى إنشات قليلة
فوق الوسادة :
- مانع ماذا ؟
- لهذا .
ثم لم يعد بينهما أي جزء من الإنش ..
كانت كاندرة مصدومة ولا تعي سبب وجودها بأطراف متصلبة هناك .
ثم تراجع إلى الوراء متنهداً :
- يفترض بك أن تتجاوبي .. حمراء .
- لماذا تستمر بمناداتي بالحمراء ؟
نظر إلى شعرها وابتسم :
- هذا واضح بالتأكيد .. ثم إنك ليلة أمس قلت لي إن هذا هو اسمك .
- ليلة أمس ؟ من أنت ؟
- ألا تعرفين ؟
هزت رأسها دون كلام .. عاجزة عن كسر جاذبية عينيه الزرقاوين
الساحرتين .. وبدا لها أنه يقرأ أفكارها إذ علت وجهه نظرة رضى ماكر
فهمت كاندرة منها انه معتاد أن يكون له مثل هذا التأثير على النساء .
لو لم تكن تحلم لضربته على وجهه .. لكن بما أنها .. أغمضت
عينيها .. أمر لا يصدق كيف أن حلماً يمكن أن يبدو حقيقياً هكذا . لم يكن
قلبها فقط يخفق بشدة , بل إنها تستطيع تصور الإحساس بحرارة جسده
ورائحة بشرته والاضطراب الذي يثير فيها قربه منها ..
تذكرت أنها رأت والديها وجدتها ليلة أمس خلال العاصفة الثلجية ,
وأبقت عينيها مغمضتين بقوة لا تريد أن تعرف أين هي .. إنه يحاول خداعها
لتعتقد أنها في السماء .. لكنها أذكى من هذا .. إنها في مكان آخر .. ولهذا
يرافقها إحساس غريب غير مألوف ... ودافئ .. دافئ جداً ..
- أنا ميتة .. أليس كذلك ؟
ضحك عالياً, ففتحت عينيها بدهشة .. هل يضحكون هنا ؟ وتلاشت
الضحكة عن وجهه ليحل مكانها نظرة قلق :
- كان هذا قريباً جداً منك .. ماذا كنت تفعلين بالتجول في الثلج في مثل
ذلك الوقت من الليل في وسط اللامكان ؟
مدت يداً مرتجفة لتتلمس وجهه فخدش الشعر المتنامي على ذقنه
أصابعها :
- أتعني أنني لا أحلم ؟ وأنك حقيقي .
أضاءت ابتسامة ساخرة تقاسيــــــم وجهه :
- كنت حقيقياً في آخر مرة تفحصت فيها نفسي .
اجتاحت الصدمة جسد كاندرة .. ماذا تفعل في فراش رجل غريب ؟
رجل تركته يعانقها .. والأسوأ .. رجل ردت له عناقه .. جلست بسرعة
ونفضت عنها الغطاء و أحست بموجة الاحمرار القرمزي تجتاح جسدها كله .
قال متكاسلاً :
- آسف .. لأنك وجدت نفسك معي في فراش .
- لماذا نحن.. نحن.. أنت تعرف.. من أنت ؟
رد عليها سؤالها المرتجف الهامس :
- ريكس أونسلو .
إنه يكذب .. عرفت كاندرة هذا .. من هو ؟ لماذا يكذب عليها ؟
مد يده ولف خصلة شعر أحمر على إصبعه :
- أعتقد أنك لا تتذكرين شيئاً من ليلة أمس ... حمراء ؟
- لا تناديني حمراء .
ثم فكرت بمعنى كلماته .. فابتلعت ريقها بقوة أمام الارتياب الرهيب
الذي تصاعد في حلقها وأجبرت نفسها على السؤال :
- ما الذي حدث ليلة أمس بالضبط ؟
استلقى على الوسادة , ذراعاه متقاطعتان تحت رأسه .. وفشلت
ابتسامته المتجلدة في الوصول إلى عينيه .
- واضح ما هو الاستنتاج الذي وصلت إليه .
صدمتها كلماته فهرعت تخرج من الغرفة , تلحقها ضحكة عميقة
مجلجلة .
نظرت كاندرة من زجاج النافذة إلى الأرض البيضاء المغطاة بالثلج
ووجدت أن لا مجال للهرب في أي اتجاه .. تفحصت محتويات الغرفة حولها
عليها أن تبقى هادئة , لا بد أن هناك تفسيراً منطقياً لكل هذا .. جلست
بارتباك على كرسي خشبي مستقيم الظهر , تنظر بتوتر إلى باب غرفة النوم
المفتوح . كان الضحك قد توقف .. تقريباً . هل كان يضحك لأنه يعرف إنها
تحت سيطرته ؟ هزت هبة ريح أخرى المنزل فابتلعت كاندرة شهقة خوف ..
هل ستكون آمنه وهي تواجه العاصفة الباردة ؟
كان براوني ينام بصمت على البساط القاتم أمام الموقد البارد وهمست له
بغضب قائلة :
- يا لك من حارس رائع !
ووكزته بإصبع قدمها :
- أعتقد أن هذا هو سبب القول بأن الكلب أفضل صديق للرجل .
تصلبت عند خروج الرجل من غرفة النوم .. نظرت إليه ووجدت أنه
أطول بكثير مما تصورت .. التوت شفتاه ما إن شاهدها جالسة على حافة
الكرسي . مازال يضحك منها . و تلاشى خوفها أما الغضب :
- ليس الأمر مضحكاً ..
أحس بغضبها , فحاول ابتلاع ضحكته .
- ليتك تستطيعين رؤية النظرة التي ترتسم على وجهك .
صاحت بحـــدة :
- كان الأمر مضحكاً جداً .. أنا واثقة !
- اسمعي .. أنا آسف .. فلنبدأ من جديد .. اسمي ريكس أونسلو ..
وما اسمك .. ؟
وقفت كاندرة مذعورة .
ضحك ضحكة مكتومة وتوقف ليستعيد هدوءه . والتفت إليها .
- إذا أردت أن تبدلي ملابسك فهناك كنزة وسروال من الجينز على
السرير .
ابتعدت قليلاً عنه . وكشرت ألماً لاصطدام وركها بحافة طاولة صغيرة :
- أنا مسرورة لأن أحدنا يجد الموقف مسلياً .
قفز نحوها : انتبهي !
تراجعت أكثــر لتفادي يده الممدودة , فاصطدمت بالصوفا ووقعت رأساً
على عقب فوقها .
ضحك مرة أخرى وهو يكافح للوقوف . اقترب منها وجلس
بتكاسل على حافة الصوفا , واستسلم لموجة ضحك.. نظرت كاندرة إليه
بارتياب ... أيمكن لمجنون مهووس أن يضحك هكذا ؟ وتنبه لنظرتها فحاول
بجهد واضح السيطرة على ضحكه :
- أنا آسف.. أعتقد أن الموقف ليس مضحكاً بالنسبة لك .
ردت بحدة رافعة أنفها في الهواء :
- ليس كثيراً أظن أنني سأرتدي غير هذه الثياب .
ومرت به نحو غرفة النوم . لسوء الحظ لم تلاحظ أن براوني استيقظ
ومدد جسمه كما يفعل كل صباح.. وعوى الكلب ألماً حين داســت على
إحدى قوائمه.. فتخلت عن كل وقارها وركضت إلى غرفة النوم صافقة
الباب وراءها لتصد أصوات العواء والضحك التي سمعتها تلحق بها .
وهي تشتم من بين أنفاسها, ربطت شعرها عند مؤخرة عنقها برباط
حذاء انتزعته من حذائه .. ارتدت ملابسه وحاولت تجاهل ألف سؤال كان
يصيح طلباً للرد .. مثل : أين هي ؟ كيف وصلت إلى هنا ؟ أين أدجر ؟
من هو الرجل الذي يدعو نفسه ريكس أونسلو ؟ ولماذا كانا معاً في فراش
واحـــد و ...؟
عرفت أن الكنزة له فقد تدلت عليها, ولكنها لن تعترض على شيء
يغطيها من عنقها إلى ما بعد ركبتيها .. لكن الجينز كان مناسباً تماماً , إنه
ليس له بل هو جينز نسائي .. ربما لصديقته دون شك . قطبت في صورتها
المنعكسة في المرآة. لماذا هي واثقة بأن لا وجود للسيدة أونسلو ؟ نظرت حولها
في غرفة النوم التي يدل كل ما فيها على لمسة رجل : من قصب الصيد, إلى
الشباك, إلى القميص الأحمر المربع الذي مرت عليه سنوات وهو يرتديه ..
مجموعة كؤوس للبايسبول, وقبعات رعاة بقر معلقة على مشجب نحاسي في إحدى الزوايا .
وضعت كاندرة فرشاة شعره من يدها.. يجب أن تخرج لمواجهته ولمعرفة
ما الذي حدث.. ألا يجب عليها هذا؟ ابتعدت عن المرآة مسرعة مما تسبب
بألم في عضلاتها.. لمَ هي متألمة هكذا؟ أم لعله سؤال آخر لا تريد فعلاً الرد
علــــــــيه ؟
قفز قلبها إلى حنجرتها حين سماعها طرقاً مرتفعاً على باب الغرفة,
واضطرت لابتلاع ريقها مرتين قبل أن ترد بصوت متحشرج :
- ماذا .. ماذا هناك ؟
- الفطور .
متى تناولت طعاماً آخر مرة ؟ الهامبرغر في سانتافي ؟ فجأة , رغم
مخاوفها , أحست بالجوع .. انفتح الباب ليطل برأسه :
- هل أنت على ما يرام ؟
هزت رأسها , وتوقف قلبها عن الخفقان.. من هو ؟
قطب وهو ينظر إلى شعرها .
- لم أجد ما أربطه فيه .
ولامست رباط الحذاء بارتباك .
تجاهل تفسيرها وتقدم إلى خزانة قديمة من خشب الصنوبر, وفتح فيها
درجاً أخرج منه جورباً من الصوف الرمادي .
- لن تتمكني من ارتداء أي من أحذيتي , لكن ستكفيك هذه .
تناولتها بخجل من يده الممدودة : شكراً لك .
رقصت عيناه ابتهاجاً :
- نحن نتحسن .. أنت لم تجفلي مني . أوه .. أنسى دائماً لون شعرك ..
حمـــــــراء .
- اسمي كاندرة .. وليس حمراء .
غضن الضحك زوايا عينيه :
- لكنني أحب مناداتك بـ (( حمراء )) .
- لم يفكر والداي لسوء الحظ باستشارتك حين ولدت .
لا علاقة لهذه الحركات الغريبة في معدتها بعينيه الضاحكتين .. إنها
وخزات الجوع . هذا كل شيء .
- كاندرة ماذا ؟
- سأطلعك عليه حين تخبرني عن اسمك .
- لقد قلته لك: ريكس أونسلو .
- قد أكون غبية بما يكفي لأمضي الليل معك سيد (( أونسلو )) .. لكن
لدي خبرة كافية تخولني معرفة متى يكذب أحد علي .
مسحت كلماتها الضحكة من وجهه .. وتفرس في وجهها بعينين
ضيقتين فتسابقت قشعريرة خوف باردة على ظهرها للإحساس المفاجئ
بالعدائية الموجهة ضدها .. إنه لمن الغباء تحدي هذا الرجل .
سألها بصوت متزمت :
- هل أنت معلمة ؟
- لا .. بل .. أعمل أمينة مكتبـــة .
ضحك :
- هذا جنون .. كدت أصدقك .
وسار خارجاً من الغرفة .
سألت ساخطة وهي تلحق به إلى المطبخ :
- ولمَ لا تصدقني؟ .. هذا صحيح .
وضع طبقاً من العجة باللحم على الطاولة و أشار إليها لتجلس .
- وأعتقد أن الصحافة وحدها هي التي أوصلتك إلى فراشي ؟
قطبت :
- أنا لا أعرف كيف وصلت إلى هنا .
- هيا الآن حمراء .. منذ صدور ذلك المقال , وأنا ملاحق حتى الموت ..
وعلي الاعتراف بأن محاولتك كانت الأذكى حتى الآن .
- محاولتي ؟
- لمقابلة واحد من أشهر العازبين في كولورادو .. تعابير وجهك البريئة .
مقنعة جداً .. لكن إن لم تأتِ مترنحة في العاصفة ليلة أمس عمداً كي تعلقي
في الثلج معي , فأنا إذن لا أفهم شيـــئاً .
كادت تختنق بلقمتها :
- يكفي هذا .. أنت مجنون .. في الخارج عاصفة ثلجية هوجاء.. ولا
فكرة لدي عن مكاني أبداً .. وفوق كل هذا أنا عالقة مع مجنون يهذي .
كبتت خوفها وتظاهرت بشجاعة مزيفة أمامه.. و أضافت بطريقة
أملت أن تكون مقنعة :
- أنا أحمل الحزام الأسود في الجيدو .. أتعرف هذا ؟
ولم يكن لقولها التأثير المطلوب .. كان يشرب قهوته, وكاد يختنق
لسماعه كلماتها :
- خبيرة في الجيدو , وأمينة مكتبة .. مزيج مثير للاهتمام .
ومسح القهوة المنسكبة :
- ألا يمكن أن تكوني مراسلة صحافية كذلك ؟
- قلت لك إني أمينة مكتبة .
- ولقد خرجت للنزهة ليلاً على مزلاجين , ومررت بمنزلي صدفة
وصادفتك المتاعب على بعد مئة ياردة منه .
- لقد حصلت لي حادثة وأنا في طريقي إلى آسبن .
- قولي لي قصة أخرى حمراء .. كنت أظن أن على أمينة المكتبة أن تجيد
القراءة .
- وماذا يفترض بهذا أن يعني ؟
- هناك لوحات على طول الطريق (( الاندبتدس باس )) تقول إنه مقفل
للشــتاء . وأعتقد أنك ستتذرعين بعدم رؤيتها .
- بالطبع رأيتها .. وماذا في هذا ؟
- ماذا في هذا ؟ يجب أن تمري باندبتدس باس لتصلي إلى آسبن من هنا .
نظرت إليه مذعورة :
- ظننت أن تلك اللوحات تشير إلى بعض أماكن التزلج . من سمع من
قبل بإقفال طريق عام بسبب بعض الثلوج ؟
- هذه أكثر من بعض الثلوج كما اكتشفت بنفسك ليلة أمس .. أي نوع
من الحوادث تعرضت لها ؟
هزت كتفيها :
- لا شيء خطير .. لقد انزلقت سيارتي عن الطريق قرب الحواجز .
- من أين أنت ؟
- أريزونـــا .
- هذا مفهوم, مجرد سائحة لعينة .. أنتم أهل الشمال لا تظهرون
الاحترام المطلوب لشتاء كولورادو .. أراهن أنك لم تحضري معك سلاسل
للجليد حتى .
رفضت الاعتراف بخطأهــا :
- لا لزوم لها في منطقتي .
- وماذا كنت تفعلين بالتزلج في مثل تلك الساعة ليلة أمس ؟
ركزت على قطع العجة بشوكتها مترددة في كشف مدى رغبتها :
- كنت أبحث عن كــلبي .
قال ساخراً :
- يبدو الأمر مثيراً للاهتمام .. وكيف فقدت كلبك ؟
- حين أخرجته من السيارة كي .. يقوم بما يريد .. قفز هارباً ..
وأنا .. قلقت عليه .
عبثت بطعامها قليلاً قبل أن تسأل :
- كيف وجدتني ؟ ما أذكره هو أنني علقت تحت صخرة كبيرة وفكرت
أن أرتاح قليلاً .
رد ساخراً :
- كان الكلب أذكى منك .. فقد جاء إلي . في البداية ظننته ضائعاً ..
لكنه رفض الدخول وبدا مهتماً بأن أخرج أنا إليه .. أخيراً خرجت فقادني
فوراً إليك .. وفي الوقت المناسب كذلك . كنت على وشك التجمد من
البرد , ولولا أن هاتفي مقطوع لاتصلت بسيارة إسعاف .. لكنني اضطررت
لفعل ما بوسعي لـــوحدي .
- التجمد ؟ وما هو ؟
- كان جسدك يفقد حرارته بسرعة لا يستطيع التعويض عنها لذا قررت
أن أحتضنك ليعطيك جسمي الحرارة التي تحتاجين إليها .
أحست بالحرارة تتسارع لتلون خديها .. وتجاهل احمرارها :
- حين وجدتك .. كنت مشوشة تهذين وبالكاد تستطيعين الوقوف ..
لقد ظننت أنني شخص اسمه أدجــــر .
- إنه أخي .. كنت سأقابله في آسبن .. وهل يتضمن علاج التجلد
النوم مع الضحــية ؟
- لا .. ولم يكن هذا ضرورياً في حالتك .
كان ارتياحها غامراً لكنها سارعت لتسأل قبل أن تفقد شجاعتها :
- أعتقد أن لديك تفسيراً لواقع أنني حين استيقظت هذا الصباح كنت
أنت في فراشـــي .
- أنت كنت في فراشـــــــي .
ارتفع رأسها :
- هل تقول إنني اندسست في الفراش معك ؟
وضع كوب القهوة على الطاولة بحدة :
- اسمعي حمراء .. لقد تحملت منك ما يكفي . لقد أنقذت حياتك ليلة
أمس .. وأنا لست ذلك القذر المنحرف الذي يستغل امرأة فاقدة للوعي ..
ما حدث أن أفضل طريقة لإنقاذ جسم متجلد كما كانت حالتك هي بتدفئته
في أسرع وقت ممكن .. وليس لدي دثارات دافئة أو بطانيات كهربائية ..
فكان الحل الوحيد أن أحضنك لتشعري بـالدفء .
وبدأ يصيح عالياً :
- ... أتظنين أنني استمتعت باحتضان لوح ثلج ؟
- إن كان هذا صحيحاً فلمَ عانقتني هذا الصباح ؟
ابتسم لها :
- لأنني حين استيقظت لم أكن أحتضن لوح ثلج , بل اكتشفت أن
ذراعي ناعمة بدفء نابض ورأس أحمر الشعر .
أحست أن المطبخ أصبح دافئاً بشكل لا يطاق :
- أوه ..
- لا أعتقد أنني رأيت أحداً يحمر مثلك أبداً .
ردت بغضب :
- إنها لعنة كل حمراء شعر . يتوقع الكثيرون أن يكون لي طبع حاد , ولقد
أطلقوا على أسماء مستعارة مثل رأس الجزرة , الحمراء , ولطالما أردت أن
أكون شقــــراء .
هز رأسه :
- لا أستطيع تصورك شقراء .
- ولمَ لا ؟ ألأنني لا أبدو من النوع الذي يمرح كثيراً ؟
- بدأت أصدق جزءاً من الأسطورة ..
نظرت إليه بارتياب, كان وجهه متجهماً إنما لا يخلو من الضحــك
البادي في عمق عينيه الزرقاوين .. وقالت :
- سوف أسألك ولو كرهت نفسي ..؟
- عما إذا كان لحمراوات الشعر طبع مماثل لشعرهن .
وضعت مرفقيها على الطاولة وأراحت ذقنها بين ذراعيها .. وسألت
باهتمـــــام :
- هل كنت مضطراً للدفع إلى المجلــة ؟
قطب :
- كي تعلن أنك أشهر العزاب وما إلى ذلك , أنا لا أرى هذا بنفسي , ولا
شك أنك ثري جداً كي تحاول التعويض عن شخصيتك غير اللطيفة بهكذا
طــريقــــة .
ولدهشتها , أعجبته الفكرة بدلاً من أن تغضبه كما قصدت منها :
- يعتمد هذا على مقدار الثراء الذي تقصدينه.. أنا لا أملك اليخوت
و لا القصور في اسبانيا .. لكنني أستطيع شراء ماسة بين حين وآخر .
لوحت بيدها صارفة النظر عن ثروته الهزيلة .
- هذا شيء تافه ... ! لقد كنت أريد قصراً في إسبانيا .
- آسف .. لقد وصلت إلى عتبة البيت الخاطئة .
- أوه .. لا أعتقد هذا.. هناك دائماً طريقة للابتزاز .
- والمعنى ؟
- من يعرف كم يساوي صمتي عن نشاطاتك هذا الصباح بالنسبة لك ؟
- آسف لخيبة أملك , فلا زوجة لي ولا حبيبة تغار .
مالت إلى الوراء وفتحت ذراعيها واسعاً :
- كنت أفكر بالصحف.. لقد أعطيتني الفكرة حين اتهمتني بأنني
مراسلة صحفية .. أستطيع أن أرى الخبر الآن .. وبخطوط عريضة : (( لقد
استيقظت في الفراش مع أشهر عازب في كولورادو ! ))
وابتسمت له ابتسامة انتصار ماكــرة .
فكــر بكلامها قبل أن يقول :
- شخصياً , أفضل أن يكون العنوان: (( أمينة مكتبة تتسلل تحت
الأغطــية )) .
- وما رأيك بهذا: (( الحقيقة العارمة حول أشهر أعزب في كولورادو ! ))
- بل الأفضل : أمينة مكتبة كتاب مفتوح لي .
كشرت :
- هذا حقاً فظيع .. ما رأيك (( الأعزب الذي خبأ أمينة المكتبة )) .
- تعجبني أكثر لو ذكرت أن شعرها أحمــر .
- الأعزب مع .. أرأيت سيكون العنوان أفضل لو كنت شقـــراء .
- أتعنين أن يكون (( الأعزب مع الشقراء الممتلئة الجــسم ؟ ))
أحست بالاحمرار مجدداً وهي تفكــر بجسدها النحيل .. ربما لم يلاحظ
جيداً جسمها ليلة أمس أثناء انشغاله بتدفئتها.. أبعدت النظرة التي في عينيه
هذه الفكرة عنها تماماً .. فهو لا يعرف فقط القياس الصحيح لجسدها
وأبعاده, بل إنه يدرك كذلك الأفكــار التي تدور في رأسها في هذه اللحظات .
وسعت لتبعد تفكيره عنها .
- أنا لم أشكرك بعد على إنقاذك حياتي .. كان هذا لطفاً كبيراً منك
سيد .. أوه هذا سخيف . ما هو اسمك على أي حال ؟ لا أستطيع الاستمرار
في مناداتك سيد أونسلو وأنا أعرف جيداً أنه ليس اسمــك .
- نادني إذن ريكس .. فهذا اسمـــي .
لاحظت انه لم يصر على اسم أونسلو كاسم عائلته , فقالت :
- حسن جداً .. سنكــون فقط ريــكس و كاندرة .
***
(( نهاية الفصل الأول ))
***

Nana.k likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:39 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2- من يقتــل الآخــر ؟
سألها المزيد عن نفسها وهي تساعده في تنظيف المطبخ , فأخبرته أن
والديها قتلا في حادثة نتيجة لاصطدام سائق سكير بسيارتهما , فانتقلت
جدتها لتعيش مع الأولاد الثلاثة, وكانت كاندرة أكبرهم سناً وتتابع
دراستها الثانوية حينها.. وذكرت لـ ريكس أن جدتها ماتت مؤخراً , منهية
بذا صراعاً مزمناً مع المرض وأن كفاحها للعناية بالجدة أُضيف إليه عناء زيارة
الممرضات المستمر , والخوف من موتها المحتمل وإرسال المحكمة لـ كاتيا إلى
منزل بديل , ثم الارتياح عندما تمسكت الجدة بالحياة بضعة أشهر حتى أتمت
كـــاتيا عيد ميلادها الثامن عشر .
لم تتذكر كاندرة متى لم تكن الحياة لها مجرد كفاح مستمر.. كان والدها
معلماً لذا لم يستطع أن يوفر كثيراً قبل أن يموت.. وتوفيرات جدتها الضئيلة
صُرفت على علاج مرضها الطويل .. لحسن الحظ, تولت شركة التأمين
العناية بالبيت الصغير الذي يعيشون فيه. إنما بالرغم من هذا, كان على
كاندرة خدمة الطــــاولات , السير مع الكــلاب , طبع أوراق الفصول
الدراسية, مجالسة الأطفال , وأي عمل غريب آخر وقع في يدها.. بالتوفير
والاقتصاد في المصاريف قدر المستطـــاع , تمكنت من دخول الجامعة .
لم تكن الفرد الوحيد من العائلة الذي قام بالتضحية .. فرغم مرضها
كانت الجدة تساعدها كثيراً , تقتصد في ميزانية الطعام إلى مدى غير
معقول .. وعمل أخواها منذ صغرهما لأجل كل بنس من مصروفهما وقاما
بحصتهما في أعمال المنزل والعناية بجدتهم المحبوبة .. نادراً ما كان أحد
منهم يتذمر , لكن كاندرة تعرف أن أدجر كان يكره العمل في مطبخ الجمعية
الأخوية ليسدد رسوم المدرسة التي لا تغطيها المنحة الدراسية .. وأن كاتيا
كانت تتشوق إلى ثياب تشتريها من محل , بدلاً من تلك التي تخيطها لها
كاندرة . وكان إذعانها للنظام المتقشف الذي تفرضه عليهما الظروف يمزق
قلب كاندرة حين تشاهد طريقة الصرف الحر لأصدقائهما , وبذلت جهدها
لتحميهما من حقائق الحياة الخشنة بألا تريهما الفواتير المتراكمة التي تتطلبها
العناية بالجدة, وبإخفاء مخاوفها من أنهم قد يضطرون إلى رهن منزلهم ,
والمخاطرة بخسارته في النهاية .
سأل ريكس :
- لم تقولي لي في أي جزء من أريزونا تعيشين .
راوغت في الرد :
- سأجفف بدلاً من أن أغسل .
وسارعت إلى إبعاد المقلاة التي كانت تنقط فوق أرض المطبخ .. لم يغب
عن انتباهها أن ريكس لم يخبرها شيئاً عن نفسه .. وهي بدورها حذرت من
ذكر اسمها الأخير ومكان إقامتها في (( توسكون )) .. سوف تثق به بقدر ما يثق
بها فقط .. و قبل أن يكرر سؤاله غيرت الموضوع بسرعة :
- إن كنت تكره فكرة تصنيفك بالأعزب الشهير هكذا فلمَ وافقت على
المقـــــال ؟
- ومن قال إنني وافقت ؟ لم يزعج أصحاب المجلة أنفسهم بسؤالي ..
لقد اختاروا عشرة شبان ثم كتبوا حفنة أكاذيب حولنا في الصحيفة , كلها
إشاعات واختلاقات .. خاصة بالنسبة لي .
علقت كاندرة المنشفة عند انتهاء تنشيف آخـــر الصحون :
- ألا يمكنك مقاضاتهم أو ما شابه ؟
- لم يسببوا لي الفضيحة أو نشروا أكاذيب .. ما فعلوه هو جمع معلومات
عن عاداتي الشخصية وإذاعتها إلى العالم .. ولقد أوضح المقال أن أياً من
المواضيع لم يخترعها المؤلف, وأن كل ما نشر حول تفتيشي عن زوجة هو مجرد
رأي .. ولسوء الحظ كان رأياً صدقته معظم الشابات العازبات في
كولورادو .. أو هذا ما بدا لي .
علقت بصوت منخفض :
- يا لها من دفعة لغرورك .
ولحقت به إلى غرفة الجلوس حيث رد :
- بالعكس .. إحصاء عدد النساء اللواتي لا ينظرن إلي سوى كتذكرة
طعام مجاني , أمر محبط جداً .
- أنت تقسو على الجنس الآخر .. أليس كذلك ؟
- أتظنين هذا ؟ كنت ألتقي بالكثيرات ممن يتعثرن أمامي أو يدعين أنهن
ظنن سيارتي سيارتهن , وتدفقت طلبات العمل على متجر .. واغتاظ
جيراني من عدد النساء اللواتي كن يقدن سياراتهن ببطء من أمامي , هذا دون
ذكر الآلاف ممن كن يسرن بصحبة كلابهن في شارعنا .. وكنت أضطر إلى
تسوق حاجاتي عبر الهاتف وأتعرض لمضايقة أكثر من واحدة في السينما ,
وأصبح مطعمي المفضل محجوزاً بأكمله بالنساء العازبات بحيث لا أستطيع
الحصول على طاولة .. وغزت النساء حياتي كلها وهدف واحد في رأسهن ..
أن تصبح إحداهن السيدة واردن .. أعني أونسلو .
نظرت إليه متسائلة وهو يتلعثم باسمه .. وقالت :
- حسناً .. هذا يوم سعدك كاندرة .. أونسلو ليس له الرنين الذي
أرغب في أن يكون لاسمي بعد الزواج .
- أجد صعوبة في أن أصدق أن شرطك المسبق على أي زوج هو الرنين
المناسب لاسمه .
- بما أنك كما يبدو , الخبير بهذا الموضوع, فأخبرني ما الذي يجب أن
أبحث عنه .
استند إلى الخلف مهتماً بجدية بملاحظتها العابثة :
- لو كنت امرأة أولاً , سأريد رجلاً يعاملني جيداً .. كل المال في العالم
لا يعوض عن رجل يضرب زوجته أو يعاملها بازدراء .. سأريد رجلاً
يضحك معي , يناقشني ويحترم رأيي .. صديق ورفيق , شخص أكبر معه في
السن وأكون مطمئنة .
- ماذا عن الحب ؟
هز كتفيه :
- الحب شعور سريع الزوال . إذا كان جزءاً من صفقة كاملة , فلا
بأس .. لكن الصداقة والاحترام أكثر أهمية .. وبإمكان المرء أن يعتمد
عليهمــــا .
أجفلت كاندرة لعمق الإحساس في صوته , فقالت بلهجة أكثر خفة :
- لم أكن أدري أنني عالقة في الثلج مع (( مستشار القلوب الحائرة )) في مجلة
ما.
ابتسم لهــا :
- لا أستطيع تصور أن امرأة مثلك تحتاج إلى مثل هذا الإرشاد .. ولا
شك أن لديك مئة رجل ينتظرون في الصف .
ابتلعت كاندرة ريقها وهي تبتسم للإطراء المهين .
- براوني وحده.. حبي الأوحــــــد .
- أخبريني المزيد عن براوني هذا.. ماذا يعمل ليعيش ؟
- في الواقع يعمل أقل ما يمكنه.. أنا أعيله .. وهو يعيش معي .
عند سماع اسمه , رفع براوني رأسه ونبح بحدة.. وضحك ريكس .
- تعال براوني .
- أيها الخائن .
وتقدم براوني إلى حيث يجلس ريكس على الصوفا وألقى رأسه على
ركبته . فراح ريكس يملس وبر رأس الكلب .
- أنتما اثنان متناسبان .. لقد سمعت عن كلاب تماثل أصحابها .
- هل تعني أن لي أنفاً طويلاً ؟
- وهل تعنين إن الشعر الأحمر لكليكما هو صدفة ؟
- لا .. لقد أهدتني جدتي براوني بمناسبة ميلادي يوم بلغت السادسة
عشرة .. كانت كذلك حمراء الشعر, وتعرف كم أكره شعري الأحمر ..
وكان براوني وسيلتها لتقول لي إن الشعر الأحمر ليس سيئاً .
- تبدو لي سيدة لطيفــة .
- أجل , وأنا أفتقد إليها كثيراً . لقد مضى على موتها ستة أشهر ..
لكنني لازلت ..
واختنق صوتها لتذكرها معاناة جدتها الشديدة في أواخر أيامها, بحيث
أن حزن كاندرة عليها خففه معرفتها أنها لم تعد تتألم . لقد شاركت الجدة
الحنونة في رعاية الولدين رغم مرضها , ودعمت كاندرة بالحب
والتضحية .. وكما كانت كاندرة الأساس الذي يعتمد عليه أدجر و كاتيا ,
كذلك كانت جدتها الصخرة التي تستند إليها كاندرة .
قال ريكس :
- إذن لم يكن هناك سواك والصغيرين.. لكنني لا أفهم لِمَ خلطت بيني
وبين أخيك الصغير حين وجدتك .
ردت ببطء :
- الحقيقة .. أدجر أصغر مني بسبعة عشر شهراً وأميل إلى نسيان
هذا.. وربما هذا ما تسبب بالشجار الذي بدوره تسبب بكل هذه الورطة .
- شجــــــار ؟
تقدمت كاندرة إلى النافذة ونظرت إلى الخارج , إلى عالم أبيض برمته .
- أدجر و كاتيا , وهي في الثامنة عشرة , اتهماني بأنني متسلطة .. ودار
شجــار كبير حول هذا , وكانا لا يزالان غاضبين حين سافرا .
انضم إليها قرب النافذة :
- مع ذلك, سوف يقلقان إن لم تصلي إلى آسبن.. فلا مجال لمعرفة متى
ينجلي هذا الطقس لتتمكني من الذهاب .
هزت كاندرة رأسهــا :
- أدجر وحده في آسبن , وهو لا يتوقع قدومي, و كاتيا ذهبت مع
صديقتها في المدرسة إلى كاليفورنيا لزيارة أهلها وستغيب أسبوعاً .
لاحظت الشك في عينيه فأردفت :
- ليس الأمر ما تفكر به .. لقد دعاني أدجر للانضمام إليه وأصدقائه .
- ولماذا لم تذهبي معهم ؟
- السبب واحد من تلك الأشياء السخيفة, كان أدجر و كاتيا يقولان إن
منزلنا يبدو مهلهلاً مقارنة مع بيوت أصدقائهم لذا نويت أن أفاجئهما ..
فاشتريت ورق جدران ودهان , ظناً مني أن بإمكانهما ترتيب البيت خلال
العطلة.. لكن المفاجأة كانت لي, لقد أتيا إلى المنزل تلك الليلة وهما
متحمسان ومتلهفان لإخباري عن خططهما .. ولقد جُرحت مشاعري
لأنهما يريدان قضاء العطلة وحدهما بدلاً من قضائها كعائلة .. وخاب أملي
من نظرتهما إلى فكرتي كمهمة مرهقة أخرى .. وحاول أدجر إقناعي
بالذهاب للتزلج . لكنني عاندت وأصريت على أن شخصاً يجب أن يبقى في
المنزل لــيعمل .
قال ريكس :
- لقد بدأت أفهم سبب إشارتك إلى الدجاجة الحمراء في وقت سابق .
- أجل .. أردت معاقبتهما وعقدت العزم على القيام بكل العمل بنفسي
لأجعلهما يعانيان وخز ضمير رهيب . كان أدجر غاضباً مني حين غادر
المنــــزل .
- إذن كيف حدث وتوجهت إلى آسبن ؟
- بدأت أدهن المطبخ يرافقني إحساس بالأسى على نفسي .. مع كل
ضربة فرشاة , كنت أفكــر بسبب آخر يدعو أدجر ليكون ألطف معي ,
ولتكون كاتيا أكثر امتناناً . فجأة, رأيت نفسي كما يريانني بلا ريب ..
نقاقة , مفسدة للمرح . متعبة .. أوه .. أجل, لقد دعياني بكل هذه
النعوت.. وكانا على حق.. ما كان يجب أن أضع خططاً لهما دون
مشاورتهما .. إذا كانت إعادة تأهيل المنزل شأناً عائلياً , فمن حقهما المساهمة
في اختيار اللون وأوراق الجدران.. ولم يكن دهن المطبخ ضرورياً في هذه
العطلة بالذات .. لقد كان يلزمه دهان جديد منذ سنوات.. وأسبوع آخر
لن يضر أحداً .
- أهذا ما جعلك تعودين إلى صوابك وتقررين الانتظار ليساعداك ,
بدلاً من القيام بالمهمة لوحدك ؟
- بل أكثر من هذا.. لقد اتهماني بأنني نسيت كيف يكون المرء شاباً
ويتمتع بالحياة .. ورأيت نفسي أكبر سناً واكتشفت أنني لم أعش حياتي حقاً .
- هكذا أنهيت دهان المطبخ ثم قررت الاتجاه إلى آسبن .
- ليس بالضبط.. لحظة اتخذت قراري, أعدت الغطاء على علبة الدهان
ووضبت حقيبتي . اقترضت زلاجتين , وركبت السيارة مبتعدة .. حتى أنني
لم أتوقف لتنظيف الفرشاة بل رميتها في صندوق القمامة .
رمى ريكس رأسه إلى الوراء مجلجلاً بضحكة عالية لاعترافها, وقال
ممازحـــاً :
- حين تتمردين تذهبين إلى أقصى مدى , أليس كذلك ؟ ما أفهمه من
كلامك هو أنك هربت من البيت , وانظري ماذا حدث. ها أنت عالقة في
الغابة مع شخص غريب ولا أحد يعرف أنك مفقودة .
نظرت إليه خائفة .. هذا بالضبط ما كانت تفكر به .. حاولت إخفاء
الذعر الذي قبض على خناقها . فابتعدت عن النافذة .. لمجرد أن هذا الرجل
طويل وسيم ويتمتع بنعمة الفتنة, لا يعني أبداً أنه لا يمكن أن يكون
مهووساً جنسياً أو قاتلاً.. ألا يُعرف هؤلاء عادة بفتنتهم ؟ ثم ما الذي تعرفه
عن حالات التجمد ؟ ومن يعرف ما هي الأشياء السيئة التي فعلها بها وهي
فاقدة للوعي ؟ ضمت ذراعيها أمامها .. وارتجفت .
ســأل :
- أتشعرين بالبرد ؟ سأزيد حرارة التدفئة المركزية .
عبرت الغرفة باتجاه المطبخ .
- لا.. لا .. أنا بخير .. حقــاً .
قد يقترح تالياً أن يأويا معاً إلى الفراش طلباً للدفء . وابتسم
لتقهقرها .. لماذا بدت ابتسامته جذابة منذ لحظات بينما تظهر الآن شيطانية ؟
قال :
- لا يبدو أن هذه العاصفة ستتوقف قبل وقت طويل .. وسيكون
الموقف غير مريح هنا إن استمـريت في التفكير بأنني سأقطع عنقك وألتهم
جسدك .
رفرفت عينيها ارتباكاً وسألت :
- ما الذي يعطيك مثل هذه الفكـرة ؟
- هذا واضح تماماً .. ولحسن حظك أنا لا أقتل سوى امرأتين في الشهر
الواحد .. ولقد أنهيت حصة شهر كانون الأول .
نظرت كاندرة إلية باضطراب :
- لو أن هذه الفكرة بعيدة الاحتمال.. فلماذا عرفت فوراً بما أفكـر ؟
- كانت نظرة الذعر في عينيك أول الدلائل . والثانية ساعة ارتددت
فجأة عني .. أما الثالثة ..
تنهد بصوت مرتفع :
- ... لا .. لقد أخطأت الدرج .. سكاكين الجزار في الدرج الأيسر .
انتزعت كاندرة يدها إلى الوراء وكأنما لذعت بالنار .. ربما كان
هناك تيار خفي من المشاعر المحذرة .. ربما أحس بمخاوف كاندرة . على
أي حال قفز الكلب واقفاً على قوائمه وهمهم بصوت منخفض .. ثم تقدم
إلى ريكس ودس أنفه في يده , فقالت كاندرة مرتجفة :
- يريد الخــروج .
مد ريكس يده ليهرش ما بين أذني الكلب , وهو ينظر إلى كاندرة
بعـجـب :
- على الأقل يثق براوني بي .. ويبدو لي كلب حراسة ممتاز .
- وهذا ما يثبت أنك لا تعرف شيئاً على الكلاب , إذ يمكن لـ براوني أن
يسلم مفتاح الخزانة لأي لص إذا هرش له بين أذنيه .. أو ربما تعرف أشياء
أكثر مما تصورت عن الكلاب .
- لماذا أعتقد أن هذا الاكتشاف علامة سوداء في سجلي ؟ فمعظم الناس
يعتبرون الولع بالكلاب ميزة إيجابية .
لحق بـ براوني إلى الغرفة , ثم ربطه إلى حبل طويل قبل أن يتركه يخرج .
دخلت هبة ريح عاتية إلى الغرفة , حاملة البرد إلى أوصال كاندرة .. إنه
على حق في شيء واحد.. كائناً من يكون وما يكون فقدرها أن تبقى هنا معه
في هذا المنزل الريفي إلى أن تتوقف العاصفة ويزول خطرها .. أخذت نفساً
عميقاً .. وقالت :
- لم تخبرني عما تفعله حين لا تكون هارباً من النساء .
رفع حاجباً ساخراً :
- وهل اقتنعت بأنني لست قاتلاً ؟
- سأعطيك حق البراءة لوجود الشك .. على أي حال أنت محق في أننا
عالقان هنا معاً .. ومن الأفضل لنا أن نستفيد قدر المستطاع من الموقف .
فهمت من التواء فمه كيف يمكن إساءة تفسير قولها, فسارعت
لتضيف :
- عنيت أن نكون لطفاء مع بعضنا ..
وتلاشى صوتها أمام نظرة الخبث على وجهه وسألها :
- إلى أي مدى من اللطف تفكرين ؟
ردت بحــدة :
- عنيت أن نكون مهذبين.. وتعرف هذا .
- الأفضل أن تحذري حمراء , فأطباع شعرك الأحمر تظهر مجدداً .
صاحت :
- شعري الأحمر ظاهر دائماً .. وواضح أن عجرفتك وفظاظتك من
الصعب إخفاؤها مثل شعري الأحمر تماماً .
نظر إليها موافقاً بإعجاب :
- أنت مقاتلة ! ويعجبني هذا.. لا يروقني الأشخاص الذين لا قدرة
لهم على مواجهة الأزمات.. وأكره أن يحجزني الثلج مع جبانة تقضي الوقت
وهي ترتجف خوفاً أو تطلب أن أفعل شيئاً لأعيدها إلى المدينة.. وأقدر لك
تقبلك العاقل للظروف .
قالت بصوت مرير ووعي بأن وجودها في هذه الورطة هو من صنعها
هي فقط :
- لم كنت متعقلة لما كنت هنا الآن .
ضحك ريكس :
- ثمة شيء من الحقيقة في قولك هذا .
سمع صوت الكلب خارج الباب فسارع إلى المطبخ وأخذ منشفة ثم فتح
الباب لـ براوني . مرة أخرى دلف الهواء البارد إلى داخل الغرفة مصفراً
مزمجراً , و أمسك ريكس الكلب من طوقه بيده وأغلق الباب بقدمه ثم راح
يجففه بشدة .
- براوني معجب بك .. لكن بالطبع (( السيتر )) الإيرلندي مشهور
بالغبــــاء .
لمعت عيناه :
- هذا مشهور جداً .. وقيل لي إن السبب هو الشعر الأحمر الذي يحرق له
دماغه .. فمــا رأيك ؟
- رأيي .. إن كان مقدراً لشخص منا أن يقتل في هذا الكوخ قبل انتهاء
العاصفة .. فسيكـــون أنت .
مد يـــده :
- ما رأيك بأن نعلن وقف إطلاق النـــار ؟
وضعت يدها ببطء في يــده :
- حسن جداً .. هدنة .
- للوقت الحاضر فقط .. بالطبع .
- ماذا تعني ؟
- ما إن يجلو الطقس حتى أكون حراً في أن أخنقك أو أقطع عنقك , أو
أفعل أي عمل شيطاني اعتدت أن أفعله بضحاياي .
رفضت كاندرة أن يخيفها أو يرهبها .. وقالت :
- اتفقنا .. وبالطبع يجري هذا علينا معاً .. وسأكون حرة في إيقاعك في
شباكي وفخ الزوجيـــة .
ظل ممسكاً يدهـــــا :
- يمكنك أن تجربــــي ..
وشدها إليه يضمها فلم تقاومه مقنعة نفسها أنها لا تريد تكدير هدنتهما
الهشـــة !
رغم أن كاندرة تبلغ من العمر أربعة وعشرين عاماً . إلا أنها لا زالت
بريئة كفتاة صغيرة في مسائل الحب والغزل .. وربما أحس ريكس بسذاجتها
البريئة ولذلك أمسك بها في عناق لطيف , تاركاً لها مجال الاطمئنان إلى أنها
تستطيع الإفلات منه ساعة تشاء .
لكن ما إن طال العناق حتى أدركت إلى أين سيقودها فضولــها ..
فتراجعــت :
- أنا .. أنا .. آسفة .
- لمــاذا ؟
ردت بجنون :
- لماذا ؟ إذا كنا نفعل هذا بعد الفطور مباشرة فماذا سنفعل بعد
العشاء ؟
قال, وأنفاسه الدافئة الرطبة تدغدغ أذنها :
- سنفعل الشيء عينه إن كنت تنوين إيقاعي في شراكك .
ارتجفت كاندرة وأرجعت رأسها إلى الخلف .
- كفى , لا تفعل هذا. إنه أسوا من لعق براوني لأذني ليوقظني ..
وحركت أذنها لإبعاد أنفاسه عنها .
نظر ريكس إليها قليلاً ثم أبعد يديه عنهــا .
- لا أستطيع أن أفهم حقيقتك .. لحظة أنت البريئة الساذجة , ولحظة
أخرى كأتون مشتعل .. بعدها مباشرة تبدين كمراهقة خرقاء .. ما هي
حقيقتك كاندرة ؟
هزت كتفيها, مبتعدة عنه :
- كل هذا معاً.. كما أعتقد .. ودون شك أنت معتاد على نساء أكثر
حنكة .
- دون شك.. ومغازلة أمينة مكتبة تجربة جديدة لي . أنت لا تتناسبين
مع صورة العانس الكبيرة في السن بإصبع تضعه بصرامة على شفتيها .
وضحك بصوت منخفض سبب لها سعادة غريبة .. وأكمل :
- وهكذا أفضل .. فهاتين الشفتين لا تصلحان للاختباء وراء إصبع .
رفعت شعرها إلى الوراء متجاهلة ملاحظته :
- أنت إذن لم تزر مكتبة منذ زمن طويل . إذا كنت تظن أن أمينة المكتبة
ليس لها عمل سوى التجوال و طلب الصمت من الجميع .
أمسك خصلة حمراء شاردة , وهو يقول :
- هذه غلطتي .. لم أكن أعرف ماذا يفوتني .
واشتدت يده عل شعرها ترجع لها رأسها إلى الوراء , ونظر للحظات
في عينيها الأمر الذي أثار اضطرابها مجدداً.. أخيراً تركها فحاولت إعادة
السيطرة على مشاعرها وسألت :
- ما الـــذي حدث للمعاهدة ؟
رفع حاجباً متسائلاً :
- لا أعتقد أن شيئاً حصل لها .
- لقد أخليت بها لحظة عانقتني .
- لم نتفق على عدم العناق .. لقد وعدت فقط ألا أقتلك .
- لقد وعدت ألا تفعل أي شيء شيطاني .
نظر أليها مفكراً :
- أرجو أن تستمر العاصفة طويلاً .. أظن أنني سأحتاج إلى وقت طويل
لأقرر .
وقف ليسير في الغرفة :
- ثمة أعمال كثيرة على مكتبي يجب أن أقوم بها, وكتب كثيرة في الخزانة
إذا كنت تهتمين بالقراءة .
فتح حقيبة أوراق وأخرج قلماً ثم بدأ في تقليبها .
ساد الصمت حوالي الخمس دقائق لا يقطعه سوى طقطقة قلمه ..
وانشغلت كاندرة في التفكير بملاحظته الغامضة إلى أن أخذ الفضول منها كل
مأخذ وسألت :
- تتخذ قراراً بخصوص ماذا ؟
قطب ريكس في وجهها , واتضح أن أفكاره كانت مركزة على الأوراق
أمامــه : ماذا ؟
- قلت إنك بحاجة إلى وقت طويل لتتخذ قراراً.. بخصوص ماذا ؟
التوت زاوية واحدة من فمه .
- كنت أتساءل كم سيمضي من وقت قبل أن تسألي .
- حــسناً .
مال إلى الخلف وراح يتفحصها بعينين زرقاوين باردتين وهو يربت على
شفته بقلمــه :
- بخصوص الطريقة.. الطريقة للخلاص من أمينة مكتبة , جامدة ,
سيئة الطبــــــاع , حمراء الشعر .
- للخــ ... للخلاص منها ؟
همس بشكل دراماتيكي : القتل كريــه !
قالت بارتياب قلق : أنت تمزح .
- حقـــاً .
لن تسمح لمخيلتها بأن تتغلب على تعقلها .. بالطبع هو يمازحها ..
وتقدمت متصلبة تفتش عن مجموعة الكتب الحديثة المنتقاة إلى أن وجدت كتاباً
قديمــاً مفضلاً لديها , فتكورت في المقعد الكبير في الـزاوية .. لكنها ظلت
تتجه بانتباهها من حين لآخر إلى الرجل الغامض الجالس قبالتها عبر
الغرفة .. يدل رفضه العنيد للكشف عن اسمه الحقيقي على أنه رجل لديه ما
يخفيه .. لكنها كانت تعي أنه أنقذ حياتها بمعاملته لها ليلة أمس , ولم يبدُ لها
صاحب النفوذ.. ما الذي يجعلها تظنه هكذا ؟ لم يقل هذا أبداً . في الواقع لم
يقل سوى القليل عن نفسه.. وأعجبتها فكرة مفاجئة : لو أنه حقاً يُعتبر
واحداً من أشهر عازبي كولورادو , فبعض النساء قد يعتبرون احتجاز الثلج
لهن معه فرصة ثمينة ولن يتأثرن بإغفاله لهن وانشغاله بأوراقه , وهذا ما
يقنعها بأنه ليس مهووساً جنسياً أو قاتلاً مجنوناً .. إنه فقط يحاول إزعاجها
بمزاحه.. وهي حتماً تتخيل تلك الأفكار المخيفة نظراً لإدمانها على قراءة
القصص الغامضة إذ بسببها يبدأ المرء بابتداع معانٍ شريرة من أبسط حركة
بريئة .
نظرت حولها في المنزل الكبير.. ألواح خشبية ضخمة , جدران من
ألواح ناعمة , مدفأة حجرية كبيرة.. الكثير من المقاعد الكبيرة وصوفا
متسعة.. فوق رف المدفأة لوحة كلب بلون الصدأ ينظر بتشوق إلى سرب من
الإوز البري على شكل رأس رمح.. وكان الكلب يشبه براوني كثيراً
فتقدمت كاندرة لتتفحص اللوحة .
قال ريكس :
- هذا (( رستي )) هو وجدي كانا أفضل صيادي الطيور في المنطقة.. هذا
حسب قول جدي .
- وهل تصطاد أنت ؟
- لا .. لم أهتم يوماً لهذا .. أفضل صيد السمك, فهو وهذا ( الكابين ))
ملجآن للهروب من العالم الخـــارجي .
- الهروب ... ! يا لها من كلمة معبرة . لو أنك تعرف كم مرة تشوقت
للهروب من وضعــي الممل .
- إلى قصر في إسبانيا ؟
- أو إلى كوخ برمودا .. الريتز في باريس وفي الربيع إلى جزيرة
استوائية .. بما أن الهروب من أي شيء مستحيل , فلماذا لا تحلم بمكان
غريب جداَ ؟ أتعرف .. هذا أول مرة أبتعد فيها عن الكو .. عن المنزل , منذ
سنوات .. لابد أنه رائع أن يبتعد المرء عن بقية العالم .
- رائع .. لكنه مستحيل تقريبـــاً .
- أعتقد أن هذا تذكير لي بأنني متطفلة ؟
ضحك ريكس :
- أبداً .. لقد عنيت فقط أن مسؤولياتي نادراً ما تسمح لي بالسفر بعيداً .
في الواقع أحس بالارتياح لوجودك معـــي .
سألت متعمدة :
- كيف تتمكن من الهروب إلى هنا دون أن تلحق بك قطعان النساء
المهووسات بالزواج ؟
- أنت مصممة على جعلي أبدو أبلهاً مغروراً لمجرد أنني استنتجت خطأ
كيفية وصولك إلى هنــا .. أليس كذلك ؟
ردت بسرعــة :
- لا أستطيع جعلك تبدو أبلهاً مغروراً .. فأنت الذي ادعيت أن
ملاحقة النساء لك سجنك في دارك .
- لا أظن أنني ادعيت هذا حقاً .. على أي حال سأرد على سؤالك
بخصوص (( الكابين )) لحسن الحظ فشلت المجلة في اكتشاف وجوده.. لدى
العائلة منزل كبير قرب (( استس بارك )) تملكه منذ سنوات .. ولا أزال أذهب
إليه أحياناً .. لكنني أعطيته لأختي حين اشتريت هذا المكان منذ سنتين ولا
يعرف بمكانه سوى عدد صغير جداً من الأصدقاء المقربين .. صدقي أو لا
تصدقي أنت أول امرأة تدخله خارج محيط العائلة .
أمسكت كاندرة الجينز الذي ترتديه :
- وماذا عمن تملك هذا ؟
- إنه لأختي .. نسيته حين كانت هنا مع زوجها الشهر الفائت .
- أخبرني المزيد عن عائلتك.. واضح أنك مولود بملعقة فضة في
فمك .
- لا تكوني لاذعة هكذا .. كان هناك طقم طعام كامل من الفضة إنما
لاثني عشر شخصاً .
- أوه .. فهمت .. لابد أن اسم عائلتك روكفلر أو مورغان , أو .. ؟
اللمعان المتسلي في عينيه اعتراف بأنه فهم محاولتها كسب المعلومات ..
- في الواقع, كان جدي الأكبر مهاجراً فقيراً مع زوجة وطفل , سمع
كلمة (( ذهب )) فاتجه غرباً ليجني ثروته .
- ومن الواضح أنه نجح .
- ليس من حقول الذهب الذي كان التنقيب عنه عملاً متعباً , وسرعان
ما أدرك أن زوجته كانت تجني مالاً أكثر منه في البلدة من صنع الخبز وقص
الشعر .. فعاد إلى البلدة وأسس متجراً عاماً صغيراً يمون الباحثين عن
الذهب لقاء نسبة مئوية من أرباحهم .. وكان قراراً حكيماً مريحاً .. وأنا
الآن ممتن جــداً له .
- وهل ورثت مالك ؟
- لا داعي للاستهجان هكذا .. الواقع أنني ورثت عملاً .. حين اضطر
والدي للتقاعد باكراً لأسباب صحية , توليت إدارة أعماله .
قالت ساخـــرة :
- رائع جداً أن يبدأ المرء من القمة !
ضحك :
- ليس من القمة بالضبط .. فقد علمني والدي كيفية إدارة العمل منذ
كنت صغيراً.. لقد ابتدأت كحاجب وغضبت لهذا لأنني كنت أريد بيع
الألعاب .
اتسعت بسمته :
- كنت في السابعة من عمري , وكان والدي يدفع لي خمسة وعشرين سنتاً
في الساعة.. كان يقول إنه ابتدأ هكذا.. وكان جدي لا زال حياً يومها
وأذكر أنه تذمر قائلاً إن والدي كان مرتبه كبيراً هكذا .
ضحكت معه قبل أن تقــول :
- حتى ولو بدأت من الأسفل , فأنت كنت تعرف دائماً أن المتجر
سيصبح لك في يوم ما .. ولا بد أنك أحسست دائماً بأنك .. أوه .. لست
أدري .. مؤمَّن ..
- أنت تبالغين في تقدير قيمة المال .
- هذا إحساس طبيعي لرجل اعترف لتوه أنه لم يحتج يوماً لشيء
- ماذا تشترين لو كان لديك المال الذي تريدينه ؟
كانت يداه مطبقتين خلف رأسه وساقاه ممددتين أمامه .. وأجابته :
- هذا سهل .. سأشتري لـ كاتيا كل الثياب التي ترغب فيها وأتركها
تصفف شعرها وتقصه في ( صالون ) فخم . أما أدجر , فسأشتري له سيارة
سبور بدلاً من تلك المهترئة التي يصلحها سنة بعد سنة .. أما لي , فأثاث
جديد وورق جدران ليس في التصفية ..
ابتسمت مرتبكـــة :
- يبدو وكأنني أمضيت وقتاً طويلاً وأنا أفكر بهذا, ولكنني في الواقع لم
أفعل. فإمكانية حصولنا على مثل هذا المال بعيدة جداً,, مع أنني أحياناً
أشعر أنني قد أفعل أي شيء لأجل المــال .
- لا تقولي لي إنك ساذجة بما يكفي لتصدقي أن المال يشتري السعادة ؟
- لا .. ليس حقاً.. إنما بوجود المال سيكون لدي مشاكل أقل .. كان
يمكنني مثلاً أن أدفع أجرة من يأتي لدهان المطبخ ولصق ورق الجدران ,
فيحررني بذلك من تلك الأعمال ويمكُنني من الذهاب إلى آسبن مع أدجر .
- لكنك حاولت الهرب إلى آسبن .
- هذا صحيح , وانظر إلى الورطة التي أوقعت نفسي فيها. (( مجرد
قصاص )) كمــا كانت ستقول جدتي لي .
- أنا لست واثقاً من أنني أحب أن أقارن بالآيس كريم .
- ولا حتى بالشوكولا مع الكريما المخفوقة ؟
غاص قلب كاندرة بشكل خطير , فطريقة ريكس في الضحك والمزاح
فاتنة مثل ابتسامة . أحست بتحرك مشاعر غير مألوفة لها , فتطلعت بسرعة
من النافذة حـيث كانت هبات ريح تضرب زجاجها بينما تحجب ستارة
بيضاء الأرض عن النظــر .. و قالت دون وعي :
- متى سيتوقف كل هذا ؟
- إن تخمين ذلك صعب .. أنا لا أتذمر .. (( كابين )) خشبي دافئ , الكثير
من الطعام, وحمراء شعر جميلة تدفئني .. ماذا يتمنى الرجل أكــثر من هذا ؟
نظر إليها باهتمام قبل أن يضيف بصوت مرح :
- أنت تحمرين مجدداً .
لحسن حظ كاندرة وتوازنها , نبح براوني مطالباً بالخروج في وقت
مناسب ومرحـــب به .
(( نهــاية الفصل الثـاني )) ..

Nana.k likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:42 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3 – أخطر من العاصفة

بحلول وقت الغداء كانت كاندرة قد سيطرت على مشاعرها مرة
أخرى. ما من شك أن ريكس واحد من أولئك الرجال الذين يجدون العبث
سهلاً مثل التنفس. لقد كانت بلهاء في أخذها ملاحظاته بجدية .. وهما
يتناولان السندوشات تمكنت من العودة بالحديث إلى عائلته, وروى لها
قصصاً عن أسلافه الذين سافروا غرباً فور سماعهم عن اكتشاف الذهب في
كولورادو , وعن نمو أعمال العائلة وازدهارها مع كل ابن يلحق بخطى
أبيه . وأنهى روايته قائلاً :
- وهكذا ترين أنني كبرت مع العمل.. كان اسمنا قد أصبح يعني شيئاً
كبيراً هنا وأستطيع الاعتماد على أمجاده , لكن هذا الاتكال قد يضعنا بسرعة
خارج العمل, فجدي الأكبر لم يثبت قدميه جاهداً ليصنع النجاح لوريث
كسول.. كان علي أن أتأكد من أن الزبون سيحب التبضع من متجرنا وهذا
هو التحدي الحــقيقي وسط المنافسة الشديدة اليوم .. أن نحافظ على مركزنا
ونـجـذب الزبائن الجدد دون خسارة القدامى .
ابتسم لها بسخرية :
- ما كان يجب أن تتركيني أبدأ بهذا الموضوع .. فـلسوف أضجرك
كثيراً .
أنكرت صادقة :
- لم أضجر من هذا الحديث .
كانت مذهولة بحديثه وبإمكانها القول إن حياته كانت مكرسة ومحملة
بالمسؤولية مثل حياتها , إنما على مستوى مختلف بالتأكيد .
بعد الغداء عاد ريكس إلى عمله في أوراقه تاركاً كاندرة تسلي نفسها ,
أخذت كتابها وذهبت إلى غرفة النوم ثم استلقت على الفراش لتقرأ.. لكن لم
يمض وقت طويل قبل أن تتحول مسار أفكارها عن الصفحات المطبوعة .
كانت كاندرة منذ مولدها الفتــاة المعتمد عليها .. كاندرة الثابتة ,
كاندرة الـ ... المضجرة .. كل من عرفها كان يسارع للقول إنها لم تخاطر
يوماً ولا فعلت شيئاً غير متوقع .. ولأول مرة في حياتها تصرفت بتهور ..
ونتيجة لهذا كانت ستحدث مأساة .. ماذا كان سيفعل أدجر و كاتيا لو لم
يجدها ريكس ؟ كيف كان بإمكانهما تدبر أمور حياتهما ؟
الكتاب الذي أهملته وقع دون انتباه منها على الفراش , وجلست
مستوية متذكرة قول ريكس لها إنها جميلة .. نظرت إلى مرآة أمامها
فانعكست لها صورتها .. بشرة شاحبة اللون بخدين ملطخين باللون
الزهري .. الأنف جميل الشكل .. لكن جميلة ؟ ليست هكذا لكل هذا النمش
المتناثر على وجهها وجسمها . ثم هناك شعرها .. عدة مرات اقترحت أمها
و كاتيا أن تقصه قصيراً فيصبح بذلك أقل بروزاً للعيان لكنها لم تقبل .. كان
لجدتها شعر أحمر مثلها , إنه دم (( ماكروغر )) كما كانت تقول بكل فخر وتدعي
أمام كاندرة أنها تحب كثيراً شعرها الملتهب اللون .
تحملت وهي طفلة عادة الناس في التربيت على رأس طفل أحمر الشعر ,
وما من أحد كان يربت على رأس كاتيا .. حين كل الناس ينظرون إلى أختها
الصغرى كانوا يقولون (( يا لها من طفلة لطيفة )) أما حين ينظرون إلى كاندرة
فكانوا يقولون: (( أمك تقول إنك عون كبير لها )) وكانت تفهم أنهم بطريقة
لطيفة يقولون إنها لن تكون جميلة أبداً .. لذا من الأفضل لها أن تكبر لتكون
نشيطة لا تعرف الكلل .
فكت كاندرة رباط الحذاء ببطء لتحرر شعرها السميك الذي توقفت
منذ زمن بعيد عن محاولة تمليس خصلاته المنفلتة بجنون , فأحاط الآن برأسها
وكأنه ضبابة نارية وبحركة بطيئة متكاسلة استدارت نصف استدارة وراحت
تعبث بشعرها ثم نظرت من فوق كتفها إلى المرآة ثانية بطريقة أملت أن تكون
مثـــيرة .
حملها شكلها المختلف الآن على الابتسام . لو أن أصدقاءها والتلاميذ
يرونها الآن .. الآنسة فولكنر المتزمتة دون النظارات كبيرة الإطار وكعكه شعر
عند مؤخرة الرأس .. وشعرت بالمرح وبإرضاء لغرورها لكون أكثر الرجال
الذين التقت بهم جاذبية , يعتقد أنها مغامرة حمراء الشعر , وأغمضت
عينيها لتضيع في عالم خيالها .. كاندرة فولكنر , القنبلة الحمراء الشعر
تقتحم المجتمع وهدفها الوحيد اصطياد ألطف رجل في المدينة , ريكس
أونسلو, للزواج.. الملازم كاندرة فولكنر من شرطة نيويورك تعمل في
الخفاء لكشف زعيم عالم الجريمة , ريكس أونسلو .. الجاسوسة الروسية
كاندرة فولكنروفا تحاول إقناع عميل الاستخبارات , ريكس أونسلو بأن
يكشف سر الخطــة لهـا ..
- هل تنوين النوم طوال بعد الظهــر ؟
ردت ناعسة :
- لن أنام معك قبل أن تكشف لي أين هم .
- إنها اتفاقية جيدة .. لكن من (( هم )) ؟
كورت كاندرة فمها بخيبة أمل .. أي نوع من العملاء السريين هو إذا لم
يكن يعرف أن من المفروض عليه ملاحقتها ؟
- أنت تعرف .
هكذا أفضل .. أفضل بكثير .. وأحســت بيـــديه الدافئتين على
جسمها .. ففتحت عينيها بحدة وقالت بقلق :
- أنا .. لا بد أنني كنت أحلم .
مرت أصابعه عبر الشعر المجعد :
- بالأمير الـذي أيقـظ الجمــال النائم ؟
- أوه .. ليس بالضبط .
رفع حاجبه متسائلاً فأكملت بسرعة :
- كنت أحلم أن .. أنك .. كنت عميلاً سرياً .
رمى رأسه إلى الوراء وضحك.. وكانت ضحكة رائعة تخلو من أي هم
ودون أي تردد .. وهذا ما تفتقد إليه. جلس على السرير إلى جنبها ووضع
ذراعيه على جانبيها ليحتجزها بينهما, وكان يجب أن تشعر بالخطر, لكن هذا
لم يحصل .
فتحت عينيها , ثم أغمضتهما بسرعة أمام النيران المتراقصة في عينيه
نصف المفتوحتين.. وأدارت وجهها من تفرسه فيها, لتدفن رأسها في كتفه
فدغدغت أنفها رائحة عطر ما بعد الحلاقة الذي يضعه. ربما يجب أن تخاف ,
لكنها لا تشعر بالخوف.. حتى ولو أمضت بقية حياتها عانساً, فلسوف
تبقى لها ذكريات عناقه تسليها وتعود إليها كيوم تركت كاندرة فولكنر
شعرها مستـــرسلاً .
اتكأ على مرفقه وقال :
- لمَ هذه الابتسامة ؟
- للسعادة المطلقة .. فهذا أروع إيقاظ من النوم حصلت عليه في حياتي .
فهمت من نظرته التي وجهها إليها أنه لاحظ تراجعها .
- لسبب ما, كنت أتوقع أن تصفعي وجهي .
أمسك وسادة طواها نصفين ودسها تحت رأسها ثم فعل الشيء عينه
لنفســــه .
سألته بجرأة:
- أهذا ما يحصل لك عادة ؟
- لا .. لكنني لم أغازل أمينة مكتبة من قبل .
- ألهذا توقفت ؟
- توقفت لأن لدي انطباعاً غريباً جداً بأنني أنا المعلم وأنت التلميذة .
ردت بلذاعة :
- هذا لأنك أكبر سنــاً مني .
- ثلاث وثلاثون.. هذا ليس بالعمر الكبير.. وأنت .. ؟
- أربعة وعشرون .
- ما خطب الرجال في أريزونا ليتركوا امرأة مثلك تضيع من بين أيديهم ؟
ردت, تفسر بحذر :
- إن تربية أخوي وكل الأعمال الباقية لم تترك لي الكثير من الوقت
للتخالط الاجتماعي و المواعيد .
لم تكن تريده أن يظن أن نقص خبرتها مرده إلى أن الرجال لا يجدونها
جــذابة .
- كانت الحياة خشنة معك , أليس كذلك ؟
تجاهلت شفقته .
- هناك آخرون كانت حياتهم أسوأ بكثير. على أي حال أصبحت الأيام
الصعبة خلفنا.. لأدجر الآن عمل جيد , وستنهي كاتيا الكلية في الخريف
المقبل .. أنت لم تخبرني لماذا أيقظتني ؟
ابتسم للاحمرار الذي علا خديها :
- لقد ألهيتني .. اسمعي .
- لا أسمع شيئاً .
- بالضبط .
قفزت من السرير واتجهت إلى النافذة الكبيرة في غرفة الجلوس .. كان
أمامها أرض مفروشة بسجادة بيضاء لامعة وترتفع عبر الوادي جبال عظيمة
تلونت قممها بلون خوخي من الشمس عينها التي تلون السماء الزرقاء ..
وعلقت أنفاسها في حلقها .
- إنه جمال كامل ..
كان خراج النافذة مقعد خشبي طويل مليء بــالثلج وضعت عليه قصعة
طعام, وقفز سنجاب رمادي صغير من شجرة صنوبر, ينفض عنه غبار
ثلجي ويقطع المسافة إلى المقعد حيث يوجد الطعام .. أخذ منه عدة حفنات
قبل أن يجفله طائر رمادي كبير حط مع صيحة مرتفعة .
قالت بصوت منخفض :
- يا لك من متسلط .. تجفل سنجاباً صغيراً .
- ليس صغيراً. إنه سنجاب من نوع (( تشيكادي )) أصغر سنجاب شجر
يعيش هنا. وسيعود , فكلهم يعرف من أين تأتي المساعدة .. هل تسمعين هذا
الصوت المتأتئ ؟ إنه هو يشتم اللص .
- اللص ؟
- الغراب الرمادي .. إنه وقح جداً , يصل إلى مائدتك ويسرق الطعام
منها .. انظري كم هو سمين.. إحدى أجمل الصفات في ملكيتي لهذا
الكوخ هو كونه يوفر لي دراسة الحياة البرية.. الزوجان اللذان يعتنيان بهذا
المنزل يبقيان الطعام في الخارج دائماً حين لا أكون هنـا .
أشار إلى عصفور صغير أسود الرأس أحمر الصدر , يتعلق فوق كيس
شبك ويلتقط من محتوياته .
- هذا واحد من الزائرين المفضلين لدي .
- أنه محبوب جداَ.. تشيكادي ؟
- إنه كاسر البندق.. الأحمر الصدر ..
- ماذا يأكل ؟
- شحم بقــر .
- آوغ.. ليست فكرتي عن الطعام المستساغ . انظر ! هناك واحد آخر .
ضحــك :
- هذا هو تشيكادي .
ذهب إلى خزانة الكتب وعاد بكتاب صغير .
- هاك كتاب عن الـطيور .. لمَ لا تفتشين عمن يمكنك التعرف إليه بينما
أقوم بتحضـير العشاء .
- أرجو أن يكون شيئاً أفضل من الشحــم .
وهزت أنفها معـبرة عن فكرتها .
مع غوص الشمس نحو المغيب , أخذت الطيور تقل وتقل إلى أن لم يعد
هناك سوى طيرين من الجنكو الرمادي.. فطوت كتاب الطيور متنهدة
بأسف وقالت لـ براوني الواقف قربها يراقب باهتمام :
- حسناً .. أعتقد أن هذا كل شيء .
قال ريكس من خلفها :
- حتى الآن فقط , فزائرو الليل سيحضرون فيما بعد .
تنهدت بسعادة :
- لا عجب إذن أنك اشتريت هذا المكان حيث تشعر بأنك معزول عن
بقية العالم.. لا ضجيج موسيقى , لا صياح أطفال, لا هدير سيارات, لا
رنين هاتف.. مجرد هدوء وسلام.. وهذه فكرتـي عن الجنة .
- دون تلفزيون .
- بالطبع! لو ترى كيف يتشاجر أدجر و كاتيا حول البرامج التي يريدان
مشاهدتها. لو سألتني ماذا سأفعل بالمال, لقلت لك إنني سأشتري جهاز
تلفزيون آخر لهمــا .
ضحك ريكس .
- لكن المكان هنا ليس هادئاً هكذا في الصيف إذ تكون الطريق مفتوحة
وقتئذ ويمر الكثير من السياح في (( اندبتدنس باس )) إلى آسبن.. ولحسن
الحظ , معظمهم لا يعرج إلى هنـــا للزيارة .
ونظر إليها بخبث .. فاحتجت :
- هذا غير عادل .. لقد اعترفت أنني تصرفت بغباء , واعتذرت
لإزعاجي لك وشكرتك تكراراً على مجيئك لإنقاذي .. فماذا تريد أكثر من
هــذا ؟
لاحظت اللمعان الخبيث في عينيه , وسارعت إلى تغيير الموضوع .
- أتساءل ماذا يفعل أدجر وأصدقاؤه .. هل يعانون من العاصفة ذاتها ؟
- صعب القول .. أحياناً تعمل الجبال كحاجز.. وأتمنى ألا تكون
العاصفة قد قطعت خطوط الهاتف كي تتمكني من إبلاغه أنك بخيـر .
وأخذ يضع الأطباق على المائــدة .
- لـن يفكر بي أبداً . ثم إنه ...
وصمتت , فسأل : ثم .. ماذا ؟
- لست واثقة أنه سيتفهم سبب وجودي في كوخ رجل غريب .
زم شفتيه قليلاً ثم سأل :
- أكنت تفضلين أن أتركك لتتجمدي حتى الموت ؟
- لا .. بالطبع لا .. لكن الأمر فقط ..
كان يدير ظهره لها وهو يحرك محتويات وعاء طبخ فوق النار .
- أنت محرجــة .
- طبعاً أنا محرجة , لأنني تصرف بتهور ثم بحماقة .. ومن يمكن ألا
يحرج؟ لكنني أفضل قليلاً من الحرج على الموت متجمدة.. أما أدجر و كاتيا
فقط لا يريان المسألة هكذا .. فهما يؤمنان بالموت ولا العار , وأشياء كهذه .
قال ببرود, ملتفتاً لينظر إليها نظرة باردة .
- لا أذكر أنني سببت لك العــار !
قالت بســرعة :
- لا .. لم تفعل.. أنا لا أعبــر جيداً . أنا أختهما الكبيرة, ولديهما
توقعـات مثالية عن كيفية تصــرفي .
لانت أسـارير وجهه :
- مثلما يوم كنت في الثانوية وكانت أمي ترتدي ملابس مثيرة لحـضور
الحفلات, كن أحس بالرعب .
هزت رأسها بامتنان لتفهمه :
- أعتقد أنك تستطيع القول إنني كنت لهم الأم البديلة .
مــازحهـا :
- إذن لا يمكن أن يوافقوا على عناقـي ؟
ترددت :
- أو على استجابتي لك.. وأنا مسرورة لأنهـما لن يعرفا.. فسخطهما
قد يفسد علي الذكرى . لقد استمتعت بعناقك لي.. وأعتـقد أن على المرأة ألا
تعترف بهذا لرجـل غريب.. لكن بطريقة مجنونة أشعر إن من السخف
التلاعب . ثم ما إن أغادر هذا المكان حتى نفقد أي اتصال, لذا إن أردت
أن تسخر مني لاعترافي بأنني أحببت عناقك , فهيا .. لكن توقف عن
التعــليق.
جمد ريكس وهو يقف قرب الطباخ قبل أن يرد بهـدوء :
- لا يمكن أن أفكر بالسخرية منك.. تشرفني ثقتك بي لقول الحقيقة .
ناولها قصعة مليئة بالحساء الساخن, و أضــاف متجهماً :
- لقد استمتعت بعناقك كذلك ...
قاطعته بسرعة :
- دعك من هذا. الآن وقد توقف الثلج, فهل تساعدني على إيجاد
سيارتي ؟
- لا داعي للعجلة .. لن تذهبي إلى أي مكان قبل أن تنظف الجرافات
الطريق حتى الحاجز .. في الصباح سننطلق باكراً لنجدها .
نظرت إليه بإحباط :
- في الصباح ؟ ولمَ ليس الليلة ؟ أتظن أن تعبيري عن إعجابي بعناقك هو
بمثابة دعوة مفتوحة لك .
- إننا عالقان معاً منذ أربع وعشرين ساعة تقريباً , وأنت تحت رحمتـي
تماماً ولم أحـاول الاعتداء عليك .. فما الذي يجعلك تظنين أن غياب الشمس
سيجعلني أفعـل ؟
ابتسمت معتذرة :
- أعتقد أن لأمينات المكتبات مخيلة واسعة لأننا نقرأ كثــيراً .
- إذا كان هذا اعتذاراً , فقد قبلته .. سأتطوع بالنوم على الأريــكة
الليلة .
العشــاء الذي حضره ريكــس من طعام معلب ومن الثلاجة الصغيرة قد
لا يكون من أفخم الطعام , إنما طعمه لذيذ جداً.. تشاركا عملية تنظيف
المائدة وأعطيا براوني بقايا الطعام الذي اختاراه له ثم جلساً معاً أمام نار
هادرة ليلعبا الورق.. كان ريكس شخصاً مثقفاً ويعرف الكــثير من المواضيع
المختلفة, وسرت كاندرة لاكتشافها أنهما يتشاركان في قراءة العديد من
الكتب للمؤلفين أنفسهم .. صحيح أنهما لا يتفقان على الرأي ذاته, إلا أن
جدالهما كان سلساً .
قال ريكس :
- لقد تحملت عبئـاً كبيراً ..
تغاضت عن تعليقه :
- على المرء أن يفعل ما يتوجب عليه. على أي حال لقد كبر الولدان الآن
ولسوف يكون لدي وقت فراغ كبير.. ولن أعرف ماذا أفعل به .
- يمكنك أن تتزوجـي .
- يوه.. ! وأبدل مركز عمل بآخر ؟ لا.. أنا أتطلع إلى حرية رائعــة ..
استمتاع طويل بماء مغطس معطر, السفر, بل الكــثير من السفر ! قد أجد
الوقت لأكسب ثروة لنفســي .
- يمكنك أن تتزوجـي ثروة. أوليست هذه هـي الطريقة القديمة قدم
الزمـــان ؟
- قول سهل.. لكنني لا أتواجد في الأماكن التي يرتادها أصحاب المال
الكــثير .
- الأثرياء يقرأون .. كذلك .
- لا أستطيع أن أطلب منهم بطاقات مصارفهم إضافة إلى بطاقة
الاشتراك في المكتبــة .. أيمكن ؟
هزت كتفيها :
- أضف إلى هذا أن الجميع يعرف أن الأثرياء لا يتزوجون سوى الثريات
أو على الأقل الجميلات. أنت تعرف نوع النساء اللواتـي أعنيهن .. شعر
أسود مجعــد , أو أشقــر بلون البلاتيــن, وجوه نموذجيــة, كتفان رائعتان ,
وخــاصة أعناق مثل عنق الإوزة ..
ورفعت رأسها عالياً :
- .. أترى .. عنقي ليس كعنق الإوزة .. ولا تنسى شعري الأحمـر .
- ليس من المحتمل أن أنساه .. لكنني لا أرى أهمية لعنق الإوزة .
- لعرض المجوهرات والألماس طبعاً.. ستة إنشات من طوق الماسي
كطوق الكلاب حول العنق وياردان من ذات النوع تتدلى من الأذنين .
- يبدو لي هذا زينة رخيصة .. أهذا ما تحبين ؟ ياردان من الألماس ؟
قالت بقرف :
- لا تكن سخيفاً ! أنا حمراء شعر .. أحلم بالياقوت الأحمـر ليتناسب
مع شعري أو الفيروز الأخضر ليناسب لون عيني .
- إنهما تركوازيتان أكثـر منهما خضراوان .
- يا لك من مفسد للأحلام .. لو تمكنت من الإدعاء أنني ثرية ,
فسأتمكن من الإدعاء بأن لي عينين خضراوان .. ألا يمكن هذا ؟ إنه خيالي
أنــا .
- إذا كنت تدعين , فلِمَ لا تدعين أنك شقراء بما أنك تظنين أن اللون
الأشقــر جميل ؟
- أتعني مثل كاتي .. لها أجمل شعر أشقر كشعــر أمي .
اخذ براوني يئن مطالباً بالخروج فوقف ريكس استجابة له وهو يسأل
بدهــشة :
- أختك شقراء ؟ لسبب ما كنت أعتقدها عكس ذلك .
تنهدت :
- لا أحد يبدو كاللعبة مثل كـاتيا .. صدقني إنها تنوي بالفعل أن تتزوج
شاباً ثــرياً وربما ستنجــح .
- أفهم من هذا أن لها عنق الإوزة المطلوب .
عاد ليُدخل براوني ويجففه , فوقفت قــائــلـة :
- أيمكن أن أساعد في تحضير الصوفا لك ؟
رمى لها أغطية من الخزانة , وانفتحت الصوفا بسهولة لتصبح فراشاً ..
اختفى قليلاً في غرفة النوم وعاد وهو يحمل ثياباً .
- أتريدين البيجاما أم قميص النوم ؟
- أي منهما لا تُريده أنت .
أعطاها القميـص .
- نامي جديداً .
ليتها تستطيع النوم ! ما كان يجب أن تغفو بعد الظهر فلولا ذلك لكانت
الآن متعبة بدل الاستلقاء في الفراش مستيقظة, تعي كل حركة يقوم بها
ريكس وهو يتجول في غرفة الجلوس .. سمعته يكلم براوني بهدوء , ثم
سمعت طقطقة الرفاصات وهو يستقر على الصوفا .
استدارت إلى جانبها وراحت تسوى الوسادة بيدها , لكن النوم استمر
في مجافاتها .. وعادت أفكارها إلى طعم عناقه .. لقد اختبرت اليوم الكثير
من الأحاسيس الجديدة التي لم تستطع تحديد البعض منها .
تقلبت كاندرة وتلوت بقلق... ليتها فقط ليست كاندرة فولكنر المتعقلة
الحذرة التي لم تتصرف يوماً بشكل خــاطئ ..
- كاندرة هل أنت نائمة ؟
كان يقف بعتمة الباب طيف ضخم .
دفعت بالبطانية إلى تحت ذقنها: لا .
- أظن أن لدينا زائراً ليلياً .. تعالي إلى الخارج إن كنت مهتمة .
لفت البطانية حولها لرد صقيع الليل وسارت نحو غرفة الجلوس ثم
وقفت مسمرة عند بابها , كان ريكس يرتدي بنطلون البيجاما وقميصاً قطنياً
فقط .. أشار إليها بنفاذ صبر أن تتقدم , وتحركت إلى الداخل وهو يطفئ
النور , ثم قادها إلى النافذة وأزاح الستارة بهدوء .
كان في الخارج قمر يغمر الأرض المكسوة بالثلج بنوره اللطيف
الخفيف .. بينما يداعب هواء لطيف أشجار الصنوبر, ليخلق لها ظلالاً
متراقصـة فوق البساط الأبيض .
قالت بصوت منخفض:
- لا أرى شيئــاً .
- انتظري قليلاً. كانت هنا منذ دقيقة. لقد سمعتها ستعود .
وقفت كاندرة قرب النافذة وأحست بالصقيع يتسلل عبر الزجاج
الواسع, وفكرت بـ ريكس وبقربه منها.. فقالت متلعثمة :
- أتحب أن تشاركني البطانية ؟
رد مداعباً وهو يأخذ الطرف ويلفه حوله :
- ظننتك لن تسألني أبداً .
أحست بقلبه يخفق على ظهرها. أراح ذقنه على رأسها , فراحت أنفاسه
تحرك شعرها.. و هي مضمومة إليه , سمحت لنفسها بأن تتخيل أنهما أكثر
من اثنين يلتقيان صدفة, وأنهما في عالم رائع, لن تضطر فيه إلى قيادة سيارتها
في الصباح أو عدم رؤيته مجدداً .
إنه رفيق ساحر مثير للاهتمام .. أحست بالدفء والتوهج, كانت
إحدى يديه تضغط على خصرها, وأخذ إصبعه يدور بدوائر بطيئة مثيرة فوق
القماش القطني لقميص النوم.. تسارعت أنفاس كاندرة , بينما بدأ توتر
غير مألوف يعتمر في داخلها لدفء يده .
تصلب ريكس واشتد ضغط يده عليها: هناك .
نظرت كاندرة إلى حيث أشار فرأت أربعة أزواج عيون كبيرة لماعة تبدو
وكأنها تحدق فيــها .
- إنها غزلان .
راقبتها كاندرة بذهول وهي تأكل الحبوب التي وضعت على المقعد
الخشبي , بينما آذانها الطويلة تنتفض . ثم همست :
- إنها فاتنة .
قال برضى وفمه قريب من أذنها :
- عرفت أنك ستستمتعين برؤيتها , أنــا ..
فجأة عكر الصفو عطسة قوية, وفي لمح البصر أصبح المكان أمامهما
فارغـــاً .. وقال ريكس معتذراً :
- آسف .. كان شعرك يدغدغ أنفـــي .
ضحكت بصوت منخفض :
- أرجو ألا تكون هذه الغزلان الصغيرة قد ماتت خوفاً .
ترك ريكس الستائر تعود إلى مكانها على النافذة .
- سيداتي سادتي هذا يكفي لهذه الليلة .
سألت بخيبة أمل, كارهة أن تبتعد عنه .
- ألن تعــود ؟
- أنا واثق أنها ستعود .. هذا الطعام المجاني أكثر جودة من أن تتخلى
عــنــه .
لم يتحرك ليفتح البطانية التي تلفهما معاً .. ثم قال ممازحاً بصوت مغرٍ
ومنخفض : كاندرة .
بالكاد تنفست :
- مــاذا ؟
- لدي اندفاع مريع للمزاح حول أمينة مكتبة تدخل بين الأغطيــة .
- أكبت نفسك .
- لا تعرفين كم من الصعب كبت نفسي وأنت بين ذراعـي .
ردت مقطوعة الأنفاس :
- بلى .. أعرف .
إنها تعرف تلك الصعوبة منذ اللحظة التي عرضت فيها عليه مشاركتها
البطانية وطوال الوقت الذي كانا فيه واقفين أمام النافذة ..
أدارها ببطء لتواجهه , ومد يده ليبعد خصلة شعر شاردة عن خدها ,
ثم راح يتلمس بشرتها الدافئة :
- كان من الصعب بما يكفي النوم ليلة أمس. لكن الليلة تبدو لي
أصعب بكثيــر .
بالكاد فهمت معنى همساته. ترنحت ضعيفة في أحضانه مع ازدياد
ضغط عناقه ولم يعد جسدها يقوى على حملها ..
كانت حرارة (( الكابين )) لاذعة , والبطانية الساخنة الملتفة حولهما
خانقة, فأبعدتها عنها بتململ نافذ الصبر.. وانفلتت خصلة شعر إلى
الأمام. فتلمسها بأصابعه ثم أعادها إلى الخلف .
بدأ قلبها يخفق بشدة ولم تعد تستطيع التفكير وقد تغلبت عليها أشواق
غريبة ملحة أثارها ريكس فيها.. أمامها مفترق طرق أحدها آمن ,
مألوف .. والآخر يقود إلى أماكن مجهولة المعالم بالنسبة لها, ولطالما اختارت
كاندرة الآمن, والمعروف .
قال ريكس بصوت أجش :
- أنت غير حقيقية .. أنت حمراء الشعر التي سحرتني .. لكن الدعابة
ستنقلب عليك لأنني لا أنوي أبداً أن أدعك تهربين منـي .. أبداً.. لقد قلت
إن أخاك وأختك لم يعودا بحاجة إليك .. لكننـي أنا أحتاجك .
كتلة الجليد التي تشكلت فوراً في أعماق كاندرة , لم يكن لها دخل بالجو
حولها.. فكلامه انتزع الغمامة عن دماغها .. ما الذي تفعله ؟ أتتخلى عن
احترامها لنفسها ؟ انتزعت نفسها منه وهي تدفع صدره وقالت مختنقة :
- أنا .. لا أستطيع .. هذه غلطة رهيبة .. أنا .. لا أريد أن ..
أرتكب .. أن أفعل هذا . أنا آسفـــة ..
علقت الكلمات في حلقها لإحساسها بتصلبه وباشتداد ضغط يديه على
خصرها. وجمدت في مكانها خائفة أن تنظر إليه أو تتحرك لئلا تدفعه إلى
أعمال قد يندمان عليها .
قال ساخراً :
- لقد دعوتك بالساحرة المعذبة .. لكنني كنت مخطئاً, أليس كذلك ؟
أنت لست ساحرة أبداً .. وهناك اسم لامرأة مثلك ...
مد يده بغضب وأمسك البطانية عن الأرض ثم رماها إليها .. وقال
آمــراً وصوته متهدج بالمشـــاعر :
- ادفئي نفسك .
أطاعته بصمت , وأطرافها الباردة ترتجف لنقص الدفء في جسدها ..
بالكاد يمكنها لومه لغضبه.. وتمتمت مجدداً :
- أنا .. آسفة .
لكنها كانت تعرف أن اعتذارها لا معنى له أمام تصرفها المغيظ .
- اذهبي إلى النوم .
- لم أقصد أن ..
صاح راعــداً :
- إلى الفراش ! إلا ..
أمسك بذراعها بقبضة مؤلمة :
- ربما أنت راغبة في إغوائك .. فمثل هذا الحماس الذي تظهرينه لا
يمكن إطفاؤه بكبســة زر .
اعتراها رعب مثير للغثيان فهزت رأسها مخدرة الأحاسيس ..
وكررت :
- أنــا .. آسفة .
رمى ذراعها بعيداً وكأنه لا يطيق لمسها وأجبر نفسه على القول من بين
أسنانه :
- اذهبي إلى النوم وإلا فلن أكون مسؤولاً عن تصرفاتي .
ذهبت كاندرة .. وتهديده بأنهما سيتكلمان عن هذا في الصباح يرن في
أذنها .
كانت الوسادة قاسية كالحجارة تحت رأسها . كيف تستطيع مواجهته في
الصباح ؟ هذه الليلة عادت إلى وعيها في اللحظة المناسبة. لكن هل سيلازمها
هذا التعقل في الصباح ؟ لو أنه قرر أنها تمثل دور صعبة المنال فهل ستتمكن
من مقاومته ؟
ارتجفت.. سيأتي الصباح بالكلام الموعود .. لا .. بل المهدد به ..
ووجدت كاندرة العاقلة العملية نفسها فجأة في مياه أعمق بكثير من قدرتها
على خوضها.. لاشيء مما مر في حياتها حضرها لرجل مثل ريكس .. وإن
كانت فعلاً المرأة المتعقلة التي يعرفها الجميع, فيجب أن تهرب منه بأسرع
وقت ممكن وإلى أبعد مسافة ممكنة ..
لحظة بـزوغ أول ضوء , كانت كاندرة قد نهضت من السرير وخرجت
من المنزل تاركة ريكس نائماً على الصوفــــــا .
(( نهاية الفصل الثالث ))..


Nana.k likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:43 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4- سجينة إلى الأبــد
كنت الطريق الداخلية لمنزل كاندرة منظراً مرحباً به بعد قيادتها المتعبة
وسط زحام السير الكثيف .. لقد وفرت لها ريح شهر أيار الآتية من
الصحراء قليلاً من الاطمئنان. كانت حمى الربيع تسري بين الأولاد في
المدرسة وكان هذا اليوم يوماً مميزاً في المكتبة. أطفأت محرك السيارة وبقيت
جالسة في داخلها تفكر .. الأولاد لم يتغيروا , هي التي تغيرت.حمى الربيع
لم تكن سوى وصف للحنين الذي يتحرك داخلها .. لقد رافقها قلق متململ
ساخط منذ عطلة الميلاد فهي لم تتمكن من الرضى بأي شيء , ولا يلزمها كثير
من العبقرية لمعرفة السبب.. لقد عرفها ريكس على عالم جديد المشاعر,
وعلى أمل كبت شيء من تململها قبلت بضعة مواعيد من بعض الشبان ,
لكنها رفضت تحرشاتهم , ولم يكن هذا سهلاً بالنسبة لها لأنها لم تكن تفتقد ما
علمها ريكس إياه , بل ريكس ذاته .
كانت آخر رؤية له محفورة في ذاكرتها. اندفاعها لرفع البطانية عن كتفيه
ومعانقته ثم تمتمته بشيء ما, وقولها إنها ستخرج براوني إلى الخارج .. لقد
قال يومها أن تسرع في العودة, وأسرعت على أي حال لكن بعيداً عنه ..
بعيداً عن السحر الذي أوقعها فيه .
قادت سيارتها عائدة رأساً إلى توسكون.. عندما عاد أدجر و كاتيا من
عطلتهما. كان المطبخ مدهوناً وغرفة الطعام ملصقة الجدران بالورق .
ولم تنطق كاندرة بكلمة واحدة عن قرارها المتسرع بالذهاب إلى آسبن..
كيف تصرفت بغير مسؤولية هكذا ؟ كانت تريد إبعاد الحادثة عن
ذاكرتها.. لكن لسوء الحظ رؤية رأس أسود الشعر من مسافة بعيدة ..
وصوت الريح .. وحتى صوت ضحك رجل , كانت كلها ترسل أفكارها
رأساً إلى ريكس .
تساءلت بماذا فكر ساعة استيقظ ووجد أنها رحلت.. وتولاها
الإحساس بالذنب لأخذها المال .. كانت مذعورة لاكتشافها أن محفظتها
مفقودة من جيبها, ولا شك أنها فقدتها ساعة وقعت فوق الثلج.. ولم يكن
لديها وقت لتبحث عنها. فاضطرت إلى أخذ بعض الأوراق النقدية من
محفظة ريكس, وتركت له ورقة إيضاح آملة أن يفهم.. لكن إعادة المال إليه
كــان مستحيــلاً .
مررت كاندرة يداً على جبينها المبلل بالعرق. كان رائعاً لو أن سيارتها
تحتوي على مكيف هواء في مثل هذا الطقس الحار, وهذه رفاهية أخرى لا
تستطيع تحملها. كان فستانها يلتصق بظهرها والشعر المنفلت من الرباط
ملتصق بوجهها . أحست بالسرور لأن العمل في المطبخ من نصيب
أدجـــر الليلة .
لحظة دخول كاندرة غرفة الجلوس , عرفت أن شيئاً خاطئاً قد حدث.
كان أدجر و كاتيا جالسين جنباً إلى جنب على الصوفا وتعلو وجهيهما تعابير
الألم واليأس.. رفع كلاهما عينيه لدخولها. والأمل المؤقت يجتاح قنوطهما .
عينا كاتيا المبللتان كانتا حمراوين , ورموشها مبللة بالدموع .
رمت كاندرة حقيبة أوراقها على مقعد قريب وسألت بحدة :
- ماذا هناك ؟ ما الذي حدث ؟
صاحت كاتيا :
- لم يستطع منع نفسه كاندرة .. سيعيد دفع كل شيء .
التفتت كاندرة إلى أخيها بحدة.. أرسلت النظرة المختلطة ما بين
الرجاء و الهزيمة على وجهه , البرودة على ظهرها: أدجر .. ؟
- أنا آسف كاندرة .. كان الأمر سهلاً جداً .. ولم أفكـــر .
- ما هو الذي كان سهلاً ؟
- سرقت بعض المال من المحــل .
تهاوت كاندرة على أقرب مقعد رافضة التصديق :
- هذا مستحيل . لا يمكن أن تفعل .
نظر أدجر إليها بعينين مليئتين بؤســاً :
- لقد اكتشفت منفذاً في نظام المحاسبة.. وكانت في البداية مجرد
تجربة .. ووجت أنها تجربة سهلة جداً .. ففعلتها مرة أخرى.. ولم أفكر
بالعواقب .
هزت كاندرة رأسها مخدرة الإحساس , لابد أنها في كابوس, وقالت
بذهــــول : تسرق ..
عندما حصل أدجر على العمل في مكتب الأعمال لدى واردن, اغتبط
ثلاثتهم للأمر .. واردن في توكسون هو واحد من سلسلة واسعة من المخازن
التجارية الموزعة في كل الغرب الأمريكي .. ومع ذكاء أدجر , كانت كاندرة
واثقة أنه سوف يمضي قدماً إلى البعيد.. لكن .. الآن .. سرقة ..
وضعت كاندرة غضبها جانباً . على الغضب أن ينتظر إلى ما بعد ..
المهم الآن أن تصل إلى لب ما حدث .
- أفهم من هذا أنه تم افتضاح أمرك .
هز رأسه :
- كنت أنوي إرجاع ما أخذته عند إقرار الزيادة على المرتب بعد
أسابيع .. لكنني فكرت بشراء سيارة جديدة قبل كل شيء ..
وتلاشى صوته أمام نظرة الرعب في عيني كاندرة وتنحنح.. ثم بدأ
يقص ما جرى معه في العمل هذا اليوم .. حين اكتُشف أمر السرقة كان
صاحب الشركة الكبير السيد واردن ذاته موجوداً في البلدة, وجاء إلى مكتب
أدجر مع رئيسه المباشر . في البداية كان السيد واردن قانعاً بترك الرئيس
المحلي يلقي الأسئلة .. ثم شاهد صورة كاتيا على طاولته .. ومن لحظتها
تغيرت لهجة التحقيق وصرف الرئيس المحلي للمتجر ثم قدم السيد واردن
خياراً مذهلاً .. سوف ينسى كل شيء إن أرسل أدجر له أختــه .
قالت كاتيا :
- قلت لأدجر إنني سأذهب .. ربما أستطيع إقناعه بترك أدجر بعيد دفع
المال ونسيان الأمر كله .
صاحت كاندرة على الفور : لا !
جعلها مجرد التفكير بهكذا أمر تحس بالغثيان . قد يكون السيد واردن
غلف عرضه بكلمات جميلة , لكن الحقيقة المُرة هي أن أخت أدجر مقابل
الرحمـــة .
ردد أدجر ردة فعلها :
- لقد قلت له (( لا )) اليوم .. لكنه قال إن علي العودة إلى البيت لأبحث
الموضوع مع أختي .. وما كان يجب أن أخبرها بالأمر .. لكن حين وصلتُ
أدركت أن شيئاً خاطئاً قد حدث , وتعرفين كيف تتصرف .. وانتزعت
الحقيقة مني قبل أن أفكــر .
تعرف كاندرة هذا جيداً , فلطالما كانت كاتيا الأقوى شخصية بين
الاثنين .. وقالت دون وعـي :
- المسألة هذه خارج الموضوع .
لكن كاتيا لم تقتنع بسهولة .. وطوال المساء دارت معركة طويلة بينها
وبين أدجر , كانت فيها مصممة على لعب دور الضحية لتنقذ أخيها، بينما
كان هو أكثر تصميماً على إبعادها عن الموضوع .. ولم تتمكن كاندرة من
الامتناع عن القول لو أن أدجر كان يهتم فعلاً بألا تُذل أخته, لما ارتكب
جريمته التي قد توصله إلى السجن , وبهذا يجلب العار إلى العائلة كلها.
استلقت كاندرة في فراشها وقررت بعد تفكير طويل ما ستفعله ..
سوف تذهب لرؤية السيد واردن هذا بنفسها .. وبدأت تفكر بما ستقول له
في الصباح التالي .. يجب أن تقنع صاحب المتجر بأن استعادة أمواله أفضل
من ملاحقة أدجر .. وما إن يفهموا أن أدجر قد أدرك غلطه واعترف ببشاعة
ما فعل, فبالتأكيد سيتساهلون معه. لكن إن كان السيد واردن ذلك العجوز
المتمسك بعرضه . فلسوف تخبره و بوضوح ماذا يمكنه أن يفعل بعرضه
ذاك .. ليس لأنها تعذر أدجر على عمله, إنما مهما كانت غاضبة منه , مهما
كان مخطئاً , فهو لا زال أخاها وستحارب لأجله ..
في الصباح التالي , كانت كاندرة تحس بانقباض في معدتها وهي تجلس في
مكتب حديث بانتظار أن تدخل لمقابلة السيد واردن .. كان من غير الجدوى
الاستمرار في مساءلة نفسها لماذا فعل أدجر ما فعل .. لو أنها رأت فقط كم
يعني له المال والأشياء التي يشتريها, ربما لو كانت أكثر تفهماً وأقل تحكماً
في كيفية إنفاقه لمرتبه, لكان جاء إليها ولتمكنا من تدبير مبلغ لشراء سيارة
جديدة له .. أيمكن أن يتذكر السيد واردن هذا كيف يتصرف الشاب وهو
في الثالثة والعشرين حين يريد يائساً أن يؤثر على الفتيات ؟
فتحت السكرتيرة الباب :
- سيقابلك السيد واردن الآن .
أغمضت كاندرة عينيها وأخذت نفساً عميقاً , لا مجال الآن للتراجع ..
ودخلت إلى عرين الأسد .
نظر الرجل الذي كان يميل فوق الطاولة الكبيرة إليها ببرود .
- ومن يفترض بك أن تكوني ؟
- أنت ! ماذا تفعل هنا ؟ كنت أتوقع أن أرى السيد واردن .
بدا لها بصحة جيدة حتى إن رغبة مجنونة كادت تدفعها إلى أن تركض
وتلف ذراعيها حولــه .
حرك ريكس رأسه قائلاً: أنا واردن .
قالت بضعف :
- هذه أنا .. كاندرة .. ألم تعرفني ؟
- يجب أن أعرفك .. أليس كذلك حمراء.. تشابهك مع أخيك
مذهل .. هذا عدا ذكر عادة السرقة ذاتها .
صاحت :
- ألم تجد رسالتي ؟ لقد حاولت إعادة المال لك واتصلت بالاستعلامات
في دنفر لأحصل على رقم هاتفك .. لكن اسم ريكس أونسلو لم يكن
موجوداً .. وأرى الآن السبب .
وراحت تعبث بحقيبتها :
- ما إن وصلت إلى المنزل حتى وضعت المال هنا في حال وجدت طريقة
لأوصله إلــيك .
مدت المال إليه بيد مرتجفة : هــاك .
نظر إلى المال بازدراء رافضاً لمسه, فرمته أرضاً .
- ألم تفكري أبداً بالانتظار ريثما أستيقظ قبل أن ترحلي ؟ لماذا لم توقظيني
وتطلبي مني مالاً .. ؟
تمتمت :
- أنــا .. كان لدي أسبـــابي .
- اخلعي هذه النظارة اللعينة .
أجفلت ونظرت إليه بعجب قبل أن تطيع .. لقد نسيت ما كانت
ترتديه .. عندما بدأت العمل في مكتبة المدرسة, جعلها شبابها وقلة خبرتها
عرضة لمداعبات الأولاد الأكبر سناً . واعتادت أن تضع نظارة كبيرة الإطار
بعدسات بيضاء وأن ترجع شعرها إلى الوراء في دائرة كي تبدو أكبر سناً ..
بالتدريج نسي الشبان ما هو مخبأ خلف هذا التنكر ورأوها كأمينة مكتبة
فقــط .
أكمل بصوت لا يقبل الجدال :
- والآن الشعر .
كانت يداها ترتجفان بشدة بحيث لم تجد دبوس الشعر .. تقدم إليها
وانتزع الدبابيس من شعرها بسخط .. وتصاعدت الدموع إلى عينيها لمعاملته
الجافلة لكنها لم تجرؤ على الاعتراض خوفاً من أن يشد شعرها, فقد كانت
تحس بالغضب يحترق في داخله.. ولو أنه أظهر لها هذه الجهة من شخصيته
وهما معاً لكان أرعبها .. ولقد بدأ فعلاً يرعبها الآن .
- قلت لدانيال رئيس أخيك المباشر , إن لي اهتماماً خاصاً بهذه المسألة
مع أخيك .. وسيكون متكتماً .. لم تخرج المسألة بعد من مكتبه ..
وخروجها متوقف عليك .
عاد ليجلس خلف طاولته, وتركها واقفة مرتبكة أمامه .. أحست
وكأنا طفلة مذنبة في مكتب مدير المدرسة .. وأحست كذلك أنه يريد أن
يشعرها بأنها أقل شأناً .. فارتفع ذقنها إلى فوق متحدية :
- لقد خططنا لأن نعيد لك .. الدين .
سخر بصوت منخفض , والشر في صوته :
- أراهن على هذا .
فتشت في حقيبتها مجدداً :
- نحن .. اتفقنا على خطة للدفع .. إذا كان يرضيك .
ومدت الأوراق المالية إليه .
تجاهلها وراح يقلب قلماً بين أصابعه, فتصاعد التوتر المرعب في داخلها
للصمت الثقيل حولها , وبدأت عيناه تطوفان بشكل مهين على طول
جسدها .
- كنت تبدين بمظهر أروع في قميص نومي مما تبدين الآن في هذه
الأسمال .
دون أن يسمح لها بالتعليق على ملاحظته غير المتوقعة , أدار المقعد
الدوار نحو الطاولة ووضع يدين منبسطتين على سطحها الخشبي .
- هاك الاتفاق : أنت مقابل أخيــك .. دون مواربة .
شهقت كاندرة.. لم يخطئ أدجر في فهمه .. لكن هذا جنون ..
ليس من ريكس .. ونظرت إليه بخيبة أمل , تسأل بكلمات لا تكاد تُسمع :
- ماذا تعني ؟
- أحصل عليك, يحصل على حريته .
- لا يمكن أن تكون جاداً .
هــز كتفيه :
- فكري بالبدائل .. شاب جميل مثله في السجن.. سيكون ناجحاً
وسط المحكومين بالمؤبد .
تملك الرعب البارد بها .. فغاصت على أقرب مقعد وسألت بصوت
مرتجف :
- لماذا.. تفعل.. تفعل هذا .. لماذا ؟
- ولك الجرأة في أن تسأليني ؟ لقد سرق أخوك اللعين مالي .. وهذا أمر
غير قانوني.. حمراء. وطبعاً بما أنك أنت أيضاً سارقة, ربما لا ترين في ما
فعله شيئاً يخالف الأخلاق .
- أعترف أن ما فعله غلط.. لكن ..
- أتظنين أنه يجب أن ينجو بفعلته ؟
- لا .. لكن ..
- دون لكن.. أنت أو هو .. أيهما تختارين ؟
همست :
- ماذا تريد منــي ؟
ضحك بخبث :
- كنت أفكر مرات ومرات منذ دخلت هذا المكتب .. ما الذي تكرهينه
أكثــر ؟ وأظنني خرجت بالرد الأمثل .
تخبطت معدة كاندرة وهي تنظر إلى القناع الشيطاني الساخر على وجهه :
- ما .. ما هو ؟
ضاقت عيناه :
- طالما حلمت باليوم الذي تقعين فيه تحت سلطتي .. لن تجدي من
السهل التخلص مني هذه المرة .
لمعت عيناه لرؤيتها تجفل , وأكمل :
- ساحرة حمراء الشعر تظاهرت بأنها سوف تشاركني سحرها . إلى أن
اختفت في سحابة دخان .
تفرس فيها متفحصاً بصمت قبل أن يكمل :
- هذه المرة لن تختفي , حمراء .. هذه المرة قبضت عليك ولا أنوي أبداً
تركك تهربـــين .
انتظرت باضطراب وهو يتفحصها ببرود بينما يهدد النبض المتسارع
الضربات في عنقها بأن يخنقها .
مال إلى الوراء في المقعد الجلدي الكبير وعاد إلى تقليب قلم في يده دون
أن ينزع عينيه عنها ثم قال بهدوء :
- سنتزوج .
- نتزوج ؟ لكن الزواج دائم إلى الأبد .
- بالضبط .
- لا .. لا أستطيع .. ولن أفعل !
تابع تقليب القلم وقال :
- ربما تريدين بحث المسألة مع أخيك قبل أن تتخذي القرار .
كان المعنى واضحاً تماماَ في صوته البارد . فأغمضت كاندرة عينيها
واجتاحتها موجات من البؤس .. لم تترك تهديداته لأجــر أي خيار لها..
ولا مجال للتساهل مع ذنبه . ومع أن هذه أول جنحة له , فإن ريكس ذو
سلطة وستكون محاربته عقيمة .. لا يمكن أن تخاطر بإرساله إلى السجن ..
فتحت عينيها وكان ريكس قد ابتعد عن الطاولة ووقف أمامها .. فتنحنحت
تجلو حنجرتها :
- حسن جداً .. سأتزوجك .
أحست بثقل يديه على كتفيها وهما تجبرانها على الوقوف , وقال ساخراً :
- إذن دعيني أعانق العروس الخجولــة .
وقفت كاندرة ذليلة خاضعة تتقبل أن من الآن وصاعداً سيسيطر على
حياتها .. كان عناقه قاسياً عنيفاً , ولكن إن كان يأمل أن تقاومه أو تتوسل
إليه ليرحمها , فإنه مخطئ لأنها لن ترضيه بهذا. ثم حصل شيء غريب..
بدأ جسدها يتذكر العناق الحميم الذي تشاركاه .. وذابت بين ذراعيه
مستسلمة لعناقه.. كان يتحدث بشكل محموم عن الوحدة والليالي الطويلة
التي كانت تتشوق فيها إليه . وأخذت يداها تجريان بجنون عبر شعره الأسود
الحريري.. وفجأة تعالى صوت رنين غاضب قرب أذنيها , فأبعدها ريكس
عنه قائلاً بصوت أجش : الهـاتف .
كانت محرجة وترتجف بشدة لردة فعلها , فاستدارت عنه و تمتم ريكس
من خلفها بضع كلمات في الهاتف ثم صفق السماعة مكانها.. التفتت إليه
لتواجهه لحظة سمعت اسمها , فوجدته خلف طاولته مجدداً و تعابير وجهه
غيــر مقروءة .
- اتركي رقم هاتفك وعنوانك مع السكرتيرة .. سأمر الليلة للاتفـــاق
على الترتيبـــات .
- هزت رأسها جافة العينين , فالألم أشد من أن تبكــي .
- ماذا سأقول للأولاد ؟
- أخوك لم يعد ولداً .. إنه رجل ناضج.. قولي له الحقيقة .
- لا .. لا أريد أن يعرف .. إنه.. إنه لن يتركنـــي أضحي بنفسي من
أجــله .
قال بلهجة صارفة وهو يبحث في كومة أوراق أمــامه :
- قولي ما تشائين .
سارت كاندرة نحو الباب ومدت يدها إلى مقبضه لكن صوته البارد
أوقفـها :
- لمجرد الفضول.. حمراء : كيف أخرجت سيارتك من الثلج ؟
رفضت مواجهته :
- وجدت جرافة الثلج هناك , كان الرجل ينظف الطريق ووصل لتوه
إلى الحاجز .. فقام بجرها بواسطة السلاسل .
انتظرت لحظة .. لكن حين لم تسمع رداً , خرجت تقفل الباب بحذر
وراءها .. على الأقل لم يسأل عن كـاتيا .
مهما كانت أسبابه فهو في حمى غضبه لرؤية كاندرة نسي تماماً طلبه
الأساسي بأن يرى كاتيا .. ماذا سيقول حين يأتي الليلة إلى البيت ويراها ؟
الجميلة كاتيا .. وكاد قلب كاندرة يتوقف عن الخفقان . ماذا لو طالب
ريكس بها بدلاً من كاندرة ؟ يجب ألا تضحـي بها لقاء جريمة أدجـر .
الآن, على كاندرة أن تفهم شقيقها أنها لن تنقذه بعد الآن من أي عاقبة
لتصرفاته الشخصية , ولا ستفعل كاتيا. . فإنقاذ أدجر بنفسها شيء
والسماح لكاتيا بأن تضحي بنفسها شيء آخر .. مررت كاندرة يدها في
شعرها المسترسل آملة أن تخفف الصداع الذي يضج برأسها .. كانت
أفكارها تصطدم الواحدة بالأخرى وكأنها سناجب مذعورة في قفص .. إنها
في الرابعة والعشرين من عمرها فقط, وهي صغيرة جداً على تحمل مسؤولية
عائلة كبيرة ناضجة.. اللعنة على أدجر , كيف تمكن من أن يفعل هذا بهم ؟
حين رن جرس الباب ذلك المساء , كان ألم رأسها قد تعاظم تعاظماً
كادت معه لا تعرف ماذا تفعل .. والأسوأ , أنها لم تقل كلمة لأدجـر و كاتيا
عن موضوع زواجها بـ ريكس , كل ما قالته هو أنها أقنعت صاحب المتجر بألا
يرفع الدعوة إذا قبل بالتسوية, وحين أراد أدجر معرفة التفاصيل , انفجرت
أعصابها في عرض غاضب لطبيعتها النارية جعله يتراجع بسرعة من طاولة
العشاء وتبعه خروج كاتيا العاصف بعد أن أخطأت في اتهام كاندرة بالأنانية,
لولا ألم رأسها الشديد لرحبت بالمشهد المثير للشفقة الذي استقبل
ريكس حين أدخلته إلى غرفة الجلوس , وحده براوني كان سعيداً بوجوده ..
أما كاتيا التي كانت تلعب دور الأخت التي عانت كثيراً , فكادت لا ترفع
رأسها , وأما أدجر فاضطرب لظهور ريكس المفاجئ .. عرفت كاندرة أن
مظهرها رهيب بسبب البذلة القبيحة التي لا زالت ترتديها , و بسبب شعرها
الذي عاد إلى رباطه المعتاد و بسبب وجهها الشاحب الخالي من الزينة .
انحنى ريكس إلى الكلب يهدئ ثورته وقال لها :
- تبدين مريضة .
ردت بعدوانية ورقة :
- شكراً لك . هذا على شرفك بالطبع .
ضحك بحدة : نسيت أن تستقبليني بعناق .. حمراء .
استقام من مداعبة الكلب ليشدها بين ذراعيه ويعانقها بشدة تسببت
بارتجافها, وكان لمعان النصر في عينيه وهو يتركها دليلاً على أن عناقه لها كان
رداً على إهانتها له . وقبل أن تحتج ابتعد عنها واتجه نحو كاتيا .
- أرى أن الحمراء لم تكذب حين قالت إن أختها الصغيرة جميلة خلابة ..
أمسك يد كاتيا بين يديه الكبيرتين .
- أنا ريكس واردن .. صهرك العتيد .
إذا كان بالإمكان أن تقفز العيون من محاجرها فعينا أدجر و كاتيا كانت
تظهران بالضبط شكل هذا القفز .. وأحست كاندرة برغبة في أن ترمي
نفسها على الأرض وتغرق في ضحك هستيري , لكن عيني ريكس سمرتاها
في مكانها قبل أن يلتفت مجدداً إلى كاتيا :
- أعتقد أن الحمراء لم تخبركما حتى الآن .
نظرت كاتيا إليه ثم إلى كاندرة بارتباك وحيرة .. ثم قالت بصوت
منخفض ناعم :
- تكره كاندرة أن تسمى حمراء .
التوت شفتا ريكس بابتسامة قصيرة : أعرف
سألت كاتيا :
- هل ستتزوج كاندرة حقــاً ؟
- ولِمَ لا ؟ ألديك فكرة أفضل ؟
أخيراً وجدت كاندرة صوتها : لا .
أرجوك ربي .. لا تدع ريكس يرغب في كاتيا .
نظر إليها ببرود وحاجبه مرتفع : لا ؟
- أعني لا , لم أخبرها بأمر الخطوبة حتى الآن . فكرت أن .. أن
أنتظـــرك .
رد قبل أن يبتسم لـ كاتيا مردفاً :
- كاذبة .. أعتقد أن أختك أملت بأن تتراجع عن اتفاقنا .
سارعت كاتيا للدفاع عن أختــها :
- لا .. لن تفعل كاندرة هذا.. بإمكانك دائماً الاعتماد على وعدها .
قال أدجر وهو يطقطق أصابعه :
- لم أكن أعلم أنكما على معرفة سابقة .
قال ريكس وصوته يفرقع كالسوط :
- ثمة أشياء كثيرة لا تعرفها .
قالت كاندرة باستعجال :
- لقد التقينا السنة الماضية .
قال ريكس متشدقاً :
- هذا صحيح .. ورفضت طلبي يومها .. لكنني عرضت عليها اليوم
عرضاً لم تستطع رفضه .
توقف قلبها للحظة.. لا سبيل للغلط في معنى التهديد وراء ملاحظته .
قالت كاتيا :
- أظن أن هذا رائع .. وإن كان من الصعب علي تصديق بأن لـ كاندرة
حياة تغمرها الأسرار .. تصور .. كاندرة ستتزوج !
كان صوتها مشبعاً بالتعجب ويُفهم منه أن لا شيء سوى معجزة قد
تتسبب بظروف غير معقولة كهذه .
سألها أدجر :
- ما هو الرائع في هذا ؟ لا يبدو على كاندرة مثل هذا الاعتقاد .
نظرت كاندرة إلى أخيها بإحباط ..
- أنا .. لدي صداع .. هذا كل شيء .
قطب ريكس :
- أرجو ألا يكون هذا تلميحاً لي لأخرج .
قالت كاندرة بسرعة :
- لا .. أعرف أنك جئت لتضع الترتيبات .
قالت كاتيا :
- دعيني أحضر لك قرصين إسبرين .
عادت بعد قليل مع القرصين وكوب ماء, ثم ابتسمت بفتنة لـ ريكس :
- لطالما أردت أن أحضر عرساً كبيراً .. ألا تظن أنني سأبدو رائعة في
قبعة زهرية كبيرة ؟
وضعت يدها على مؤخرة رأسها ووقفت لينظر إليها ريكس الذي كان
يجلس على الصوفا إلى جانب كاندرة ويده تداعب دونما اكتراث مؤخرة
عنقها .. وتمتم في أذن كاندرة :
- أنت على حق .. لها عنق جميل كالإوزة .
غاص قلب كاندرة وهي تشعر بالخطر يتهدد أختها , كاتيا جميلة بشعرها
الأشقر الذي يستدير حول وجهها البيضاوي على شكل قلب , في فستان
مائي اللون ساحر يماثل لون عينيها , وكانت تستقطب نظرة ريكس
كمغناطيس .
قالت بخشونة أكثر مما تنوي :
- تعرفين أنني لا أستطيع تحمل مصاريف عرس كبير .
نظرت كاتيا بخجل إلى ريكس وقالت :
- أعرف أننا لا نستطيع , ظننت .. ربما السيد واردن ..
قاطعتها كاندرة بسرعة : ظنك خاطئ .
تغاضى ريكس عن احتجاج كاندرة :
- لا أرى سبباً يمنعني من الإنفاق على العرس . لكن بشرطين كاتيا .
سألت بلهفة : ما هما ؟
- أولاً يجب أن تتوقفي عن مناداتي بالسيد واردن , فاسمي ريكس ..
ثانياً .. يجب أن تعديني بارتداء فستان بلون الفستان الذي ترتدينه الآن .
احمرت بشكل جميل ..
- ريكس .
والتفتت إلى كاندرة :
- ألن يكون هذا رائعاً أستطيع الآن تخيل الفستان المناسب لك ..
أبيض خالص وصفوف وصفوف وصفوف من الكشاكش وتحملين باقة ورد
زهري.. منظر رومانســي جداً .
تزايد النبض المؤلم داخل صدغي كاندرة .
- لن يكون هناك عرس كبير.. سنتزوج في مكتب تسجيل العقود, أو
ما يشابهه .
قال ريكس :
- لكنني أصر على إقامة عرس كبير , حمراء , المرأة لا تتزوج سوى مرة
واحدة .
ها قد عاد مجدداُ التهديد المخبأ خلف كلمات رومانسية ولن تستطيع
الجدال معه أمام العائلة دون كشف الحقيقة .
- حسن جداً.. سيكون لنا زفاف خيالي , لكنني سأدفع التكاليف ..
وسأصنع الفساتين بنفســي .
قال أدجر متحدياً :
- أنا رجل العائلة .. وسأدفع التكاليف .
استدار ريكس ليصبح ظهره إلى أدجر :
- كاندرة .. لا تكوني عنيدة .. دعيني أرسل لك الفساتين و أدفع كلفة
العرس .
نقلت كاندرة نظرها بين وجه ريكس الساخر ووجه أدجر الأحمر الفاقع
لصد ريكس له , ألا يرى أن عرض أخيها ليس سوى محاولة للتعويض عن
تصرفاته أمام كاندرة ؟
قالت متصلبة :
- أنا واثقة أن أدجر وأنا نستطيع تحمل مصاريف العرس .
نظرت إلى وجه شقيقها المنخفض , وأضافت :
- لكن إذا أردت إرسال فستان لـ كاتيا , فأعتقد أن هذه مسألة بينكما .
برهنت كاتيا بسرعة عن قوة ولائها :
- لا .. إنه عرسك كاندرة .. وإذا أردت أن تخيطي لي الفستان , فلا
بأس بهذا, ثم .. أنا أريد أن أرتدي ثوباً زهري اللون .
ضحك ريكس :
- حسن جداً .. كاندرة تكسب .
أشار برأسه إلى الباب :
- أنتما الاثنان .. أخرجا .. العريس المقبل يريد التحدث إلى زوجة
المستقبل .
هرب أدجر فوراً .. لكن كاتيا ترددت لحظة قبل أن ترمي ذراعيها حول
ريكس وتطبع قبلة كبيرة على خده .
- أهلاً بك في العائلة ريكس .
وركضت خارجة من الغرفــة .
قال ريكس بعد لحظات صمت :
- من الصعب التصديق أنها أختك .
- لأننا مختلفتان ؟
- لم أكن أفكر بالمظهر , بل التصرفات. إنها أقل شكوكاً منك , وبريئة
جداً .. توقعت أن تكون أكبر سناً .
- إنها في الثامنة عشرة فقط .
- أتعنين أنها لم تتعلم كيف تكون لصة بعد ؟
صاحت :
- لم آخذ سوى مئة دولار .. أكنت تريد أن ينفذ الوقود مني وسط
نيو مكسيكو؟
- لا , حمراء .. بل كنت أفضل لو طلبت المال منــي .
- لماذا تفعل كل هذا ؟ لا يمكن أن تكون راغباً حقاً في الزواج مني بعد
بقائك أعزب طوال هذه السنوات , لماذا تريد أن تربط نفسك بامرأة ..
أنهى لها كلامها بسرعة :
- بامرأة أكرهها ؟ .. ربما السبب أنني تعبت العزوبية .
- حتى لو افترضنا أن هذا صحيح , فلا بد أن هناك الكثير من النساء في
كولورادو تواقات لهذا .. الشرف .
ولم تترك نبرة صوتها أي مجال للشك بما تظنه بمثل هذا الشرف .
رد ريكس بلهجة ناعمة :
- ممكن .. لكن هناك عدة ميزات في اختياري لك .. أترين, أعرف أن
وراء الواجهة الباردة إصبع ديناميت ينتظر أن ينفجر .. وأنا أتطلع شوقاً
لإشعال الفتيل .
ردت بحدة :
- في هذه الحالة عليك الحذر لئلا تحرق نفسك .
ضحك ريكس .. وأصبح صوته قاسياً يخلو من المرح :
- لا أظن هذا حمراء .. أنت التي في خطر . عرفت هذا يومها وتعرفينه
الآن .. في السابق هربت, لكن لا مجال للهرب هذه المرة .. سارقة جبانة .
أم أن كل هذا التردد العذري مجرد تمثيلية ؟
تجاهل شهقتها و أكمل :
- كانت خيبة أمل كبيرة لك عندما لم تجدي الكثير من المال في محفظتي .
منعها كبرياؤها من إشاحة نظرها بعيداً عنه .
- إذا كنت تعتقد أنني مجرمة , فلماذا تخطط للزواج منـي ؟
- لقد ارتكبت غلطة حمراء .. غلطة كبيرة .. لقد جعلتني أريدك ,
وبشكل سيء .. كل ما علي أن أفعله هو إغماض عيني لأتذكرك , وبالرغم
من أنك حمراء شعر نارية لصة .. إلا أنني لا أريد أن أُحرم من أن تكوني في
فراشــي .
لم تستطع كبح ارتجاف بسيط لكلماته .. صاحت :
- وحين تمل مني .. ماذا بعد ؟
ضحك :
- لا أتوقع أن أملَّ منك , فأنا أنوي أن أجعلك تعملين جاهدة كي أبقى
زوجاً سعيداً مكتفياً .. مع كل الوثائق التي تثبت أعمال أخيك
اللصوصية .. ثم إنك أنت من قلت إن الزواج هو إبدال سجن بآخر ..
كزوجة لي , ستعرفين تماماً مدى صدق تكهناتك !
(( نهاية الفصل الرابع ))

Nana.k likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:45 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



5- الحـب سـلـعة
كان الطقس في يوم عرس كاندرة حاراً وجافاً. وكانت شمس تموز
المشرقة تغمر الكنيسة في الجوار حيث ستبادل حرية أدجر بحريتها. كان
ريكس قد أصر على أن يتم الزواج في أسرع وقت ممكن, لكنه في النهاية وافق
على طلب كاندرة للانتظار ريثما تنهي أعمالها في المدرسة .. مع ذلك لم يمر
شهر حتى أوضح ريكس لها ما يخبئه لها المستقبل .
في البداية أراد أدجر أن يناقش معها أسباب زواجها المفاجئ , لكن
كاندرة التي لم تكن يوماً بارعة في الكذب راوغته, إلى أن بدأ أدجر يتجنبها
واضعاً اللوم في مزاجها السيء على قلق ما قبل الزواج .. حزنت كاندرة
لاتساع الهوة بينها وبين شقيقها , وكادت أن تصل إلى كرهه لوضعه إياها في
مثل هذا الموقف الكريه .. ولكنها في الوقت ذاته كانت تؤكد لنفسها تكراراً
أنه لو عرف تضحيتها من أجله فلن يسمح بها, مع أن في أعماقها تخوفاً من
أن يكون ضعيف الإرادة .
لامت كاندرة نفسها لعدم تنمية شجاعة أدجر .. لقد شب دون أب
يرشده وتحت توجيه حازم من أخت كبرى لكل تصرفاته الأمر الذي لم يتح له
الفرصة أبداً لأن يتعلم كيف يتخذ القرارات . كان يجب أن تسمح له بحرية
أكثر وهو فتى , بحيث أنه حين يقرر شيئاً خاطئاً ويفشل يتعلم من
أخطائه.. فهل من عجب أنه اتبع الطريق الأقل صعوبة ؟ لقد أجبرته على
الاعتماد عليها كثيراً دون تشجيعه على أن يكون رجل العائلة, وسيكون
التخلي عنه الآن ظلماً فادحاً له نظراً للعواقب الوخيمة التي تنتظره .
كان صوت موسيقى (( الأرغن )) يملأ الكنسية الصغيرة, ووقفت كاتيا
أمام كاندرة ترتجف ترقباً .. مع أن العروس كان ينقصها إشراقة السعادة,
فالإشبينة كانت مفرطة الاهتياج ومبتهجة جداً بالفستان الزهري الجميل
والقبعة المماثلة التي وصلت إليها في علبة فاخرة من محلات (( واردن )) .
ورأت كاندرة ريكس يقف في آخر الكنسية , و كاتيا تبتسم له بمحبة ودفء.
مع بدء تحرك كاتيا في الممر بين المقاعد , انعكست صورة كاندرة إليها
عبر باب زجاجي في ردهة الكنيسة .. كانت عروساً رائعة في ثوب حُفظ بكل
الحب والتقدير ليمر من جيل إلى آخر .. ونظراً للظروف التي تتزوج فيها ,
كانت تنوي أن تصنع لنفسها ثوب عرس عصري.. لكن الجاذب الحنون
للثوب الموروث أثبت قوته. ولا مجال للإنكار بأنه يناسبها تماماً , فقد تحول
لونه الأبيض الناصع مع مرور السنوات إلى لون عاجي تناسب بشكل رائع
مع بشرتها الشاحبة العاجية .. ولم يكن للفستان طرحة مماثلة , لكنها وجدت
قماش دانتيل مخرم قديم كان لأمها فثبتته فوق شعرها المربوط بانفلات فوق
رأسهـــا .
فكرت كاندرة بالفستان الأبيض الذي أرسله ريكس لها.. كان لونه
أبيض كالثلج مع ياردات وياردات من الكشاكش .. ربما هو مصمم لـ كاتيا
وليس لـ كاندرة التي بدت شاحبة جداً إزاء بياضه الناصع , بينما
الكشاكش لم تناسب شخصيتها يوماً .. وهكذا أعادته إلى المتجر مع رسالة
رفض قاطعة .
تغيرت الموسيقى (( الأرغن )) دلالة على بدء دور كاندرة , فدست يدها في
ذراع أدجر وبدأت تسير في الرواق نحو المذبح .. لم يكن لديها في السنوات
الفائتة وقت يكفي لتحلم بأنها ستتزوج .. بل كانت تتوقع أن يكون لها
زواج كزواج والديها .. وكان العريس مجرد صورة ضبابية لم تفكر بها
كثيراً .. بدت لها المسيرة إلى المذبح وكأنها لن تنتهي .. وخاطرت بنظرة
مختلسة إلى ريكس فابتسم لها ابتسامة ساحرة , لكنها لاحظت أن عينيه
تحملان غضباً بـــارداً .
مرت بقية اليوم ببطء على كاندرة , واضطرت إلى تحمل التقليد
السخيف في إقامة حفل استقبال بمناسبة الزفاف مع الأصدقاء والجيران
الذين كانوا يضجون فرحاً وراحت تفتح أكداس من العلب البيضاء الملفوفة
وتصيح لرؤية ما فيها بدهشة لم تكن تشعر بها. وثمة ضيوف انبهروا بالجو
الرومانسي الزائف, فلم يوفروا أي تقليد عرائسي.. قطع قالب الحلوى ,
رمي باقة الزهر ورذاذ الأرز .. خلال كل هذا, كانت كاندرة مجبرة على
الابتسام والضحك, والادعاء أنها غارقة في حب عميق وسعادة لا توصف
بينما هي في الحقيقة تشعر بقلق متصلب بارد. وأرادت أن تصيح: ما بالكم
جميعاً ألا ترون أنني بائسة ؟ هل كلكم عميان ؟
أحست بارتياح كبير حين وجدت نفسها أخيراً وحدها مع ريكس ..
كان وداع كاتيا و أدجر صعباً لا يطاق .. وابتسمت كاتيا بشجاعة من خلال
دموعها ,لكن عناقها كان باكياً متشنجاً وكانت مشاكسة في إعطائها الأوامر
لـ ريكس بأن يعتني بـ كاندرة . ووعد أدجر أن يعتني بـ كاتيا , قبل أن يعانق
كاندرة بدوره , ثم مد يده إلى ريكس الذي صافحه بعد تردد قصير ..
و حاولت كاندرة ابتلاع الغصة التي وقفت في حلقها عندما بدأت الطائرة
الصغيرة تتحرك لتنقلها إلى كولورادو .
قال لها : اربطي حزام مقعدك .
أطاعته وبدأت تشد الحزام حولها :
- أنا آسفة لأن أحداً من أهلك لم يستطع المجيء لحضور زفافك . لقد
اتصلت أمك لتعتذر قائلة إن صحة والدك لا تسمح بالسفر من
كاليفورنيا في مثل هذا الوقت من السنة , كما شرحت أمر سفر أختك إلى
أوروبا . كانت لطيفة معي , وأحسست أنني مخادعة . أعتقد أنك لم تقل لها
الحقيقة حول زواجنــا .
- أنت دقيقة الملاحظــة .
- لماذا .. لم تقل لهــا ؟
- أنت أيضاً لم تقولي الحقيقة لأخويك , أليس كذلك ؟
- لا .
أدارت وجهها لتنظر إلى الخــارج .
- هذا ما ظننته . كاتيا شفافة جداً وكانت مسرورة بشكل واضح . أما
أخوك فكان يجب أن يظهر بعض الندم لو عرف .. لكن ما لاحظته فيه كان
الارتيــاح .. لماذا لم تخبريهما ؟
- لم أجد سبباً لهذا .
- لا سبب ؟ تذهبين إلى حد المخاطر لأجل أخيك ولا تهتمين بأن تخبريه
بتضحيتـــك ؟
صــــاحت :
- لا تعرف شيئاً عن هذا .. أدجر ما كان سيسمح للزواج بأن يتم لو
عرف الحقيقة .
- وهل أنت واثقة من هذا ؟
ردت متحدية لتطمس شكوكها وشكوكه : أجل .
- أوه .. ربما كنت خائفة من امتحان مدى إخلاصه الأخوي لك ؟
نظرت كاندرة من النافذة دون أن ترى شيئاً .
- هذا .. قول كريه بشع مؤلم .
قـال بقـــسوة :
- تؤلم الحقيقة دائماً .. أنت لم تنقذي أخاك من أي شيء بزواجك
مني .. سيعود إلى ارتكاب الفعل ذاته مرة أخرى .. فكيف ستنقدينه
ساعتها ؟ كان يجب أن تتركيه يواجه العواقـب .
هزت رأســـها :
- أنت مخطئ .. يعرف أدجر أن ما فعله خطأ .. حتى ولو أنني كنت
مقصــرة في إعطائه الإرشاد الأخلاقي المناسب , ربما حين كانت جدتي
مريضــة .. أو ربما أنني أعطيت كاتيا كثيراً من وقتــي .
تنهدت بقلق .. ثم أكملت :
- مهما كان السبب .. لم يكن باستطاعتي التخلي عنه حين احتاجني .
لقد اعتمد علي .. ثم , لولاي أنا ..
قاطعهـــــا :
- لا يمكنك لوم نفسك .
- بلى .. يمكنني .. ما كان ليحدث أي شيء من هذا لولا أنني تهورت
في السفر إلى آسبن , وما كنت الآن .. متزوجة .. منك .
- أستغرب أمر تلك الرحلة, فهي تبدو لي مخالفة لشخصيتك.. كاتيا ,
الجيران والجميع عرفوك كامرأة عاملة دون وقت للعبث ودون قرارات
متهـــورة .
قالت كــارهة :
- كلها أوصاف .. كاندرة المعتمد عليها .. كاندرة المسؤولة .. ما من
أحد قال مرة : كاندرة المحبة للمرح , أو كاندرة المذهلة ... ولمرة واحدة
أردت أن أكون مختلفة .. كنت قد تعبت كثيراً من حياتي .. المملة .. الجافة ,
وانطلاقــي إلى آسبن بسبب نزوة لم يبدُ لـي خطيراً في البداية . لكن .. فيما
بعد .. التقيت بك , وكنت أول رجــــل ..
ابتلعت ريــقها :
- ... لم تعاملني كأنني مملة أو جافة . لقد تصرفت معي كأنني ..
مثيرة . عرفت أن هذا لم يكن واقعيـاً , وعرفت أنه لن يدوم .. لكن أعجبتني
مداعباتك , وعناقك .. وبرزت كاندرة جريئة من لا مكان ولأول مرة في
حياتي وراحت تحثني على الاستفادة من هذا الظرف وهذا ما فعلته إلى أن
تذكرت كاتيا .. حتى ولو لم تعرف أبداً ما جرى , فأنا مدينة لها بأن أكون
مسؤولة كما كنت ألح عليها دائماً أن تكون . أترى .. ظننت نفسي قادرة
على تجاهل كاندرة العجوز المملة .. لكنها كانت مترسخة جداً في داخلي .
- أعتقد أن كاندرة الجريئة سرقت مالي و كاندرة المملة كتبت الرسالة .
أحست باللون الأحمـر يصبغ وجهها :
- لو لم أفعل هذا لما غضبت جداً لأول هفوة يرتكبها أدجر .. ربما كنت
طردته, لكن دون تهديده بالسجن .. أنت أردت أنت تؤلمنــي وسرقة أدجر
أعطتك العذر المناسب .. أنت لم تكن مهتماً بمعاقبتي .
- أنا أكره السارقين , حمراء
قالت ببطء :
- ليس هذا كل شيء .. أنت لست غاضباً بسبب المال .. أنت غضبت
لأنني هربت منك .. رفضتك .
- لقد تعاملت مع الكثير من حالات الرفض في حياتي لكن ما أغضبني
كان طريقة رفضك لي .. تسللت في منتصف الليل وكأنك كنت خائفة من
أن أدخل إلى غرفتك واعتدي عليك .. كان قول (( لا )) بطريقة ضخمة علامة
مميزة لك .. أليس كذلك ؟ مثل رفضك لثوب العرس . لقد كتبت كاتيا لي
رسالة شكر رقيقة على فستانها . كانت كوردة جميلة نضرة وهي تسير في
الكنيسة اليوم .. بينمـا أنت ..
- بينما كنت أنا كورقة خريف عجفــــــاء .
- بل كنت تبدين متعبة مع الهالات السوداء تحت عينيك .. وأراهن
أنك فقدت كثيراً من الوزن منذ آخر مرة رأيتك فيها . لماذا لم ترتدي الفستان
الذي أرسلته لك ؟ كبرياء عنيدة ؟ ظننت أن كل امرأة ترغب في أن تبدو
بأفضل حلة يوم زفافها .. أنت لم ترفضــي أن ترتدي كاتيا فستاناً غالي الثمن ,
فلماذا رفضت أنت ؟
- لأن الفستان بدا كريهاً علي .. ماذا فعلت ؟ هل اتصلت بالمتجر
ووصفت كاتيا ؟ ألم تستطع تصور كيف تبدو عروس المستقبل ؟ كان أي رجل
أعمى سيرى أنني أبدو مريضــة فيه .
نظر إليها بحدة :
- وبما أنني لست أعمى , استنتجت أنني تعمدت إرسال فستان غير
مناسب لك .. صحيح ؟ ألم يخطر ببالك أنني اخترت ذلك الفستان بالذات
لأن كاتيا قالت إنه سيناسبك تمامــاً ؟
- لا .
- إذا كان الفستان لم يعجبك , كنت أرسلت لك واحداً آخــر .
- فستان آخر مصمم لعروس شقراء صغيرة ؟ لا .. شكراً .
نظر إلى وجهها بحدة :
- وهل أحسست بالإهانة لمجرد أن الثوب غير مناسب ؟ ألهذا نبشت
ذلك الثوب البالي القديم الذي ارتديته ؟ كدت أدق عنقك ساعة رأيتك
تسيرين فيه داخل الكنيسة .. سلسلـة محلات واردن كلها في تصرفك وأنت
تتسوقين من سوق الملبوســات المستعملة ؟
- قديم بالٍ ؟ .. سأعلمك أن أمي وجدتي من قبلها وجدة أمي , تزوجن
كلهن بهذا الثوب. كانت أمي تقول لي إن ارتداءه يجلب السعد للعروس وإنه
رمز للحب و الأمل والإيمان بقداسة الزواج .. وبارتدائي له اليوم ..
وصمته بلعنــة .. على الأرجح .
وتطلعت بحدة إلى خارج النافذة .. كانت سلسلة جبال تحتهما تدس
قممها في السماء . وتقبل ريكس صحيفة من المضيفة وقال لـ كاندرة بلهجة
ســـاخرة :
- لكنك لم تخرجـي خاسرة .. منزل جديد , زوج تجده معظم النســاء
مقبولاً .. سلسلة مخازن تجارية رهن إشارتك .. هذا دون ذكر الخلاص من
الليالي الوحيدة .. فأنا لم أنس بعد كم أظهرت من سرور وأنت بين ذراعـي .
التفتت إليه بسرعة وردت بشراسة :
- أنت مخطئ .. لقد كرهت تلك اللحظات .. لماذا هربت منك
باعتقــادك ؟
- أخبريني .. لماذا ؟
- لقد قلت هذا بنفسك .. رجل غريب و كابين خشبي معزول في
الغابة .. ولا أحد يعرف أين أنا .. من الطبيعي أن أرغب في الهرب في أول
فرصة ممكنة .. وكان كل شيء مزاحاً .. مجرد واجهة .. فأنا لم أرغب في أن
تغضب .. فكيف لي أن أعرف أنك لست قاتلاً أو مغتصباً ؟
ضحك دون مـــرح :
- كاذبة , كنت أعرف تماماً متى كنت خائفة مني ومتى توقفت عن
الخوف .. أنا لم أفرض نفسي عليك أبداً .
- لم أقل إنك فرضت نفسك .
- إذن لا تتوقعي مني الشفقة الآن .
- لن أفكــر في أن أطلب شفقتك .
- ولماذا تطلبينها ؟ لو بقيت في توسكون , لكنت الآن منشغـــلة برعاية
أخيك وأختك بحيث وقبل أن تعرفي ماذا يحدث , سيتزوجـان ويتركانك لتربي
لهما أطفالهما , وبهذا لن تتحري أبداً .
- أنا لست حرة الآن .. أنا متزوجـة .
- و أنا كــذلك حمــــراء .. وأنا كــذلك .
فتح الصحيفـة على قســـم الأعمال وبدأ بالقراءة . نظرت كاندرة بذهــول
إلى رأسه المنحني .. بدا لها من آخر ملاحظاته وكأنه نادم على زواجهما .
أيمكن أن يكون قد أدرك الآن أن زواجهما , لو كان سجناً لها, فلن يكون
سوى قيد له؟ العالم مليء بالنساء الجميلات مثل كاتيا, ولا شك أنه قادر على
الحصول على من يشاء منهن , وبدلاً من هذا .. ها هو عالق مع كاندرة ..
يبدو أن الأقدار تضــحك عليه الآن .. لكن ليتها فقط تستــطيع أن تضــحك
معها .
قالت بسرعة :
- ريكس .. لماذا تزوجتني حقاً ؟
ظنت للحظات أنه لم يسمعها , لكنه أخفض الصحيفة ونظر إليها :
- ولماذا برأيك ؟
- أعرف أنك كنت غاضباً ..
- غاضب؟ حين دخلت إلى مكتبي أردت أن أدق عنقك .
- هذا ليس الأساس الجيد للزواج .. ألا زلت غاضباً منـي ؟
- لماذا لم تقولــي لي أن أذهب إلى الجحيـم حين تقدمت بعرضـي الغبي ؟ لقد
أظهرت نباهة أكثر ونحن في الكــوخ .
- أتلومني على هذا الزواج؟ أنا لم أهدد شخصاً تحبه بالسجن !
- أتريدين أن تقولي لي إنك صدقت أنني سأنفذ تهديدي فعلاً ؟
- طبعاً صدقت .. ولماذا تظن أنني تزوجتك ؟
- لماذا حقـــاً ؟
وضحك ساخــراً :
- أشعر انه صعب على غروري معرفة أن امرأة أجبرت على الزواج مني .
- ليس الوقت متأخراً على إلغائه .
- لا أجد سبباً لأن نفعل هذا على أي حال ؟ ما المشكلة في بقائنا
متزوجين ؟ أنت تخلصت من حياتك المتعبة , وأنا حصلت على امرأة شابة
تستقبلني في البيت بعد يوم عمل شاق .
- وماذا عن الحب ؟
- الحب هو سلعة مبالغ في تقدير قيمتها كثيراً .. معظم أصدقائي
تزوجوا لأجل الحب , ومعظمهم طلق لأنه لم يطق زوجته .
- هذه وجهة نظر ساخرة جداً .
- إنها واقعيـة .. فالرجل يرى شقراء جميلة, والمرأة ترى ظهراً قوياً ..
بعد أسبوعين من الزواج يدرك أنها ترغب في الرقص كل ليلة .. وتدرك هي
أنه يشخر ليلاً .. وهذا ما يدفعهما إلى الجنون .. وقبل أن يعيا . يجدان
نفسيهما في محكمة الطلاق .
- وهل تشخر أنت ؟
- تعرفين هذا , ولن تندهشي .
- هذا جنون .. لا أصدق أننا نتحدث بهذا . الشيء المنطقـــي هو أن
نعترف الآن أننا اقترفنا غلطـة, وأن نحل هذا الزواج قبل المضي به أكثر.
- و أنت دائماً متعقلة .. أليس كذلك ؟
- لا داعي لأن تقول هذا وكأنه عيب لا يغتفر في شخصيتي .
تابع سخريتــه :
- أوليس هكذا ؟ لقد قلت لي سابقاً إنك تكرهين أن يُظن بك دائماً أنك
متعلقة .. ألم ينتهي بك الأمر إلى كوخي عن هذا الطريق ؟
قالت بمرارة :
- وانظر ما كانت النتيجـــة .
- وما الذي حدث ؟ لقد هربت قبل أن يحصل أي شيء .
أحست كاندرة بالاحمرار يلطخ خديها .
- تعرف ما أعني .. هذا.. نحن . زواجنا .
أمسك إحدى يديها وراح يداعب أصابعها .
- دعينا ننظر إلى هذا الزواج لدقائق .. حين تفكرين به حقاً , ستجدين
أنه معقول .. لا.. دعيني أنهي كلامي .. انسي أمر كبريائك اللعينة لحظة
واعترفي أنك ستكونين أفضل حالاً مالياً كزوجة لي .. لقد كنت تحملين حملاً
ثقيلاً جداً ولفترة طويلة , وتحتاجين الآن إلى مساعدتي .
انتزعت يدها من قبضته :
- أنا لا أحتاجك . لقد تدبرت أمري بشكل كامل دونك منذ سنوات .
- و أدجر هو المثال الكامل لنجاحك .
شحب وجهها :
- هذه ضربة غير مسموحــة .
- لكنها الحقيقة .. ماذا كان سيحدث لأخيك و لم أكن موجوداً حين
اكتشفت جريمته ؟ والأكثر من هذا , أين ستكونين الآن لو لم أخرج في
العاصفة تلك الليلة لأبحث عنك ؟
لا مجال لإنكار صحة ما يقول .. و كاندرة مدينة له .. لكن .. زواج ؟
- وماذا ستربح من زواجك بي ؟ أنا لا أحبـــــــك .
- أعرف هذا .. الحقيقة أنني تعبت من العزوبية و أعتقد أنني كنت قادراً
على إيجاد زوجة لي بكل سهولة , وسترغب أي امرأة أخرى في الرومانسية
و التودد وكل هذه الأمور, ولكن بعد أن نتزوج ستتوقع منـي أن أكون في
الوقت المحدد للعشاء وأن أبقى قريباً منها في الحفلات و ألا أعبث مع امرأة
أخرى , وتريدني أن أقضي كل أوقات فراغي معها .. وأنا لا أريد امرأة
تتعلق بي أو تطالب بامتلاكي جسداً وروحاً .. على الأقل أنت متعقلة ..
حين أكون مشغولاً, ستجلسين و تقرأين كتاباً .. وإذا عبثت فلماذا تهتمين ؟
لقد اعترفت لتوك أنك لا تحبينني .
ردت بضعف :
- هذا جنون لا أستطيع التفكير به .
- لا .. الجنون هو رفضك للاقتراح .. فأنت لم تجدي بعد أي رد معقول
ضده, ثم أنا لا أستطيع تحمل عناء أن أتزوج مرة أخرى , ولا نظرات النساء
في المتجر أو ضحكاتهن الخفية المتسائلة , وكأن زواجي هو أهم حدث في
حيــــاتهن .
أخذ يدها مجدداً ورفعها إلى شفتيه .. والتقت عينان مؤثرتان زرقاوان
بعينين مضطربتين تركوازيتين .
- ألن توفري علي المرور بهذا كله مرة أخرى حمراء ؟
أحست كاندرة بمعدتها تتقلص فهزت رأسها محاولة التخلص من سحر
نظرته ومعتبرة ما يطلبه منها خطأ وجنون ويجب ألا تفعله .. صوت من إذن
الذي سمعته يوافق ؟
كانت لا تزال تتساءل عن هذا بعد عدة ساعات وهي تتطلع مذهولة في
غرفة النوم الكبيرة التي أرشدها ريكس إليها .. أثاث عصري فاخر ومدفأة
معدنية سوداء كبيرة , ستائر معدنية رقيقة تغطي النوافذ التسعة , وفوق
الأرض جلد بقر مدبوغ بالأبيض والأسود .. حركت كاندرة أنفها بازدراء
وبدت لها بعض الأبواب الزجاجية فاتجهت نحوها لتصل إلى شرفة يظهر
خلفها الليل الأسود ولا تزينه سوى بضع نجوم . أحست كاندرة ببرد
غامض فعادت إلى الداخل وراحت تنظر إلى السرير .. كان سريراً متسعاً
بأربع قوائم مرتفعة مدهوناً بلون الغابات الأخضر القاتم , ومليئاً بوسائد
وأغطية وشراشف مطرزة ومزينه بالدانتيل .. جلست كاندرة على حافة
الفراش بحذر شديد, فتحرك تحتها الأمر الذي أجفلها وجعلها تقفز
واقفة .. إنه فراش مائي !
في مواجهة أسفل السرير مرآة ذات إطار فضي مزخرف كانت تعكس
صوتها . لقد ترك توتر الشهر المنصرم وأيامه الطويلة المتعبة آثار على
وجهها .. لا عجب إذن أن مقارنة ريكس لها بـ كاتيا لم تكن في صالحها
كانت عيناها بؤرتين عميقتين في بشرة شاحبة متعبة , و تتسلل هنا وهناك
خصل شعر أحمر من الكتلة المثبتة إلى أعلى الرأس والتي بدت لها فجأة ثقيلة
وتؤلم رأسها بشكل لا يطاق .
أرادت وجهها عن صدق المرآة الذي لا يرحم وراحت تتطلع من جديد
إلى محتويات الغرفة التي لم تشاهد غيرها في هذا المنزل الخشبي الكبير وقررت
أن تستكشف بيتها الجديد في اليوم التـــالي .
حين وافقت على البقاء متزوجة منه والوفاء بمتطلباته كزوج , لم يبدُ لها
الأمر صعباً هكذا .. أن تتكلم حين يريد , وتسكت حين لا يريد .. ولم تفكر
أبداً بالجانب الجسدي للزواج .. من القليل الذي تعرفه عن ريكس أنه يتوقع
منها مشاركته الفراش الزوجي .. واجتاحها إحساس غريب من شوق
العرائس اللواتي يتطلعن شوقاً لليلة زواجهن إلى لحظات تكون القمة في الثقة
والعطاء كتعبير عن الحب المشترك . وأصيب قلبها بطعنة حسد شديدة ..
دون حـب , لن يـكون زواجها من ريكس أكـــثر من إرضـــاء رغـبــات ..
واقتحمت أفكارها ذكريات غير مرغوبة لمعانقاتهما . هل هذه مخيلتها أم إنها
حقاً تسمع ضربات قلبها وصداه المرتج بين الجدران البيضاء ؟
أبعدت كاندرة هذه الأفكار عنها وبدأت تخلع حذاءها وملابسها ..
كان ريكس قد رمى لها متاعها عبر باب مشترك قائلاً إنها فترة تغير الملابس
قبل النزول إلى الطابق الأسفل ومراجعة بريده والرسائل . وفي وقت لا
يُذكر . كانت قد أخرجت ثيابها القليلة وعلقتها في الخزانة الكبيرة ثم خرجت
لتستحم وهي تفكر أنه بعد وصول بقية أغراضها فهي لن تتمكن من ملء
نصف مساحتها ..
بعد عودتها من الحمام وتجفيف نفسها ارتدت ثوب نوم قطني قديم ..
دوامة التحضير للزفاف منعتها تقريباً من شراء ما يسمى بجهاز العروس ..
ثم اندست بين الأغطية الناعمة تقاوم موجات قلق متعاقبة هددت أن
تجتاحها .. أخيراً خمدت تلك الموجات واستلقت كاندرة ترتجف على جانب
صغير من السرير الكبير. طافت عيناها بالغرفة. إلى أن عادتا لتستقرا فوق
بقعة مختلفة عن بقية الجدار وكأنها مكان لصورة أو لوحة .. وغفت وهي
تتساءل أي صورة كانت , ولماذا انتزعها ريكس من هناك .
حين فتحت عينيها كانت الشمس قد بدأت تغزو الغرفة من بين
الستائر .. أغمضت عينيها مرة أخرى ثم فتحتها فجأة مصدومة .. إنها
وحدها في السرير .. وحدها في الغرفة الواسعة .. لكن بضع شعرات سوداء
على الوسادة إلى جانبها كانت دليلاً على أن ريكس أمضى ليلته إلى جانبها .
فلماذا لم يوقظها ؟
جلست ناسية أنها تنام على فراش مائي , وأمضت اللحظات التالية وهي
تكافح لتخرج من السرير الذي بدا وكأنه مصمم على إبقائها فيه هذا الصباح
كما كان مصمماً على إبقائها خارجه ليل أمس . انتصرت أخيراً وسارت على
أطراف أصابع قدميها وكأنها خائفة أن يختفي ما تراه إن صدر عنها أي
صوت .
كان بإمكانه أن يوقظها لكن من الواضح أنها كانت مخطئة في ظنها أنه
يتوقع منها أن تكون زوجة بكل معنى الكلمة, وبكل تأكيد يبدو أن ليس
لديه رغبة جامحة فيها .
أو حتى صحبتها .. فكرت كاندرة بذلك وهي ترتدي بذلة رياضة زرقاء
ثم نزلت إلى الأسفل لتكتشف أنها وحدها في منزل فارغ .. وجدت مذكرة
بخط أسو كبير موضوعة على الطاولة في المطبخ , هزت رأسها لتمحو صورة
ريكس وهو يكتبها كما رأته يوقع اتفاق الزواج , وقرأت الرسالة : لقد ذهب
إلى العمل وسيعود في وقت لاحق بعد الظهر , هناك طعام في البراد , وأنهى
الرسالة بحرف (( ر )) كبير .. ابتلعت كاندرة ريقها بصعوبة .. ماذا كنت
تتوقعين ؟ ألم يوضح لك أنه أراد زوجة لا تتدخل في عمله ؟ أو لهوه ؟
بحلول الساعة الرابعة , كانت كاندرة قد تفحصت كل إنش من المنزل
وكرهته بشدة . كان كله صارماً قاحلاً كغرفة النوم باستثناء غرفة مكتبته ..
كان باب الغرفة مقفلاً لكنها أطلت إلى الداخل وتفحصتها. كان هناك جلد
مدبوغ موضوع في أماكن متعددة وهو من الجلد القديم الموروث من
العائلة .. بينما سجادة حمراء قاتمة شرقية وصفوف وصفــــوف من الكتب
تدفئ الغرفة .. لسوء الحظ بدا أن هذه الكتب الوحيدة في المنزل ..
ولأنها لم تكن معتادة على وقت فراغ طويل هكذا قررت أن تغزو
المكتبة لتأخذ كتاباً تقرأه .. كانت قد أكلت عدة مرات بعد أن أعطاها هواء
الجبال شهية جيدة .. وجلست على الشرفة خارج غرفة النوم تلاحق حركة
غزالين على السفح خلف المنزل . ثم أخذت قيلولة وهو شيء لم تفعله منذ
كانت طفلة .. لكن هذا يكفي , سوف تدخل الآن لتأخذ كتاباً .. كانت
يدها على مقبض الباب حين سمعت وقع خطى , فاستدارت لترى ريكس
يتقدم عبر الردهة وهو يشد ربطة عنقه .
- حسناً أليست هذه (( الجميلة النائمة )) ؟
أرجعت كاندرة يدها بسرعة عن مقبض الباب وكأنها احترقت .. فنقل
ريكس نظره منها إلى الباب المقفل ورفع حاجبه . فتمتمت رداً على سؤال لم
يــطرحه .
- أنا .. كنت فقط .. أعني .. كتاب .. شيء أقرأه .
- هل هذا كل شيء ؟ اعتقدت أنني ضبطتك متلبسة بسرقة فضية
العائلــة .
احمرت للهجة المزاح المزعج .
- أنا .. لا أريد أن تظن أنني كنت أتطفل .. أو أو أي أي شيء آخر .
مر من أمامها وفتح الباب ثم دخل إلى الغرفة ورمى حقيبة أوراقه على
المنضــــــدة .
- أدخلي إليها في أي وقت تشائين .. فليس لدي أسرار مخبأة .
وضع كومة بريد على الطاولة وأخذ يبحث فيها .
وقفت كاندرة مرتبكة عند الباب, تتمنى لو أنه يعطيها فكرة عما
يتوقعه منها . كونها أمينة مكتبة في مدرسة ثانوية . وتعاملها مع مراهقين
شبان مغرورين وشخصيات أخرى مختلفة , لم يحضرها للتعامل مع هذا
الرجل , هل هو غاضب بسبب ليلة أمس ؟ ربما يجب أن تعتذر .. لا .. كان
بإمكانه أن يوقظها .
عادت إليها كلماته : إنه يريد زوجة تذهب لتقرأ كتاباً حين يكون
مشغولاً .. حسن جداً , ستفعل هذا .. بغض النظر عن قلبها الخافق بشدة ,
سارت كاندرة بثبات إلى خزانة الكتب وبدأت تتفحص العناوين .
أحست فجأة بريكس يقف وراءها وبدأ ينتزع الدبابيس من شعرها
المربوط في مؤخرة عنقها .. ثم سمعته يقول دون مجال للخطأ في التسلية التي
تشوب صوته :
- أظنك نمت جيداً ليلة أمس .
حاولت إبقاء صوتها هادئاً :
- أجل .. شكراً لك .
أخذت أصابعه تدعك كتفيها .
- وأرجو أن تكوني ممتنة لأنني تركتك نائمة حتى وقت متأخر هذا
الصبــــاح .
- أجل طبعاً كنت ممتنة .
انزلقت يداه عن كتفيها , تخلت عن بحثها عن كتاب وأمسكت حافة
الرف أمامها , فتقدم ريكس خلفها أكثر .. وتنفست كاندرة بغمق وهي
تشم رائحة عطره الرجولـي . تمتم :
- حقاً ؟ أم إن أملك خاب ؟
- ولماذا يخيب أملي؟
- لقد خاب أملي أنا .. فالعريس يتوقع أن يجد عروسه مستيقظة
منتــظرة .
قالت تتنفس بصعوبة :
- ولماذا لم توقظنــــــي ؟
- كان ملمس ثوب النوم رائعاً .
سألته وهي بالكاد تستطيع التنفس :
- ماذا تعني ؟
رد بضحكة مخادعة صغيرة على سؤالها :
- هل ستقولين لي إنه ثوب ورثته عن جدتك لمباركة ليلة الزفاف ؟
مرر أصابعه في شعرها .
- لا .. لا ..
ضحك ضحكة قصيرة متسلية :
- لا أعتقد هذا .
- لم أستطع شراء ثوب جديد .. ماذا عن تكاليف العرس , وكل شيء ؟
- إلى الجحيم بعدم قدرتك .. أعجب لماذا لم تخيطي فيه بضع رقع كي
توصلي الرسالة .
انتزعت شعرها من يده وأعادته وراء كتفها .
- أي رسالة ؟
- أنني أجبرت فتاة صغيرة فقيرة على الزواج مني .. هل كان يجب أن
أظهر الندم حين رأيت كم تبدين مثيرة للشفقة .
- بالطبع لا .
هل هو على حق ؟ هل تعمدت ارتداء الثوب القديم للمشاكسة فقط ؟
أعاد مسك خصلات من شعرها ولفها حول قبضته يجبرها على الالتفات
إليه .. وكرر ردها :
- بالطبع لا ! لقد نسيت من تتكلم .. كاندرة المملة المحترمة التي لا
خيال مثير لديها .. ومن الطبيعي أن ترتدي شيئاً مملاً محترماً . أليس هذا ما
سترتديه أمينة المكتبة المتزمتة المملة ؟
كان في صوته رنة تحدي .. واحمرت كاندرة غضباً لكلماته : المملة
المحترمة كاندرة .. وثار شيء في داخلها , فخطت بعيداً عن قبضته وهي
تقول ببرود مثلج :
- لا أدري ما يمكن لأمينة مكتبة متزمتة مملة أن ترتدي .
تقدمت كاندرة نحو الباب ثم استدارت لتواجهه وهي تضع يدها على
خصرها .
- إذا كنت مهتماً .. فأنا في غرفة النوم .
لكن شجاعتها أخذت تخونها أمام النظرة المحترقة القاتمة في عينيه ,
فركضت لـتصعد الدرج .
لحق بها متكاسلاً بحيث كانت في الفراش لحظة وصل والأغطية فوق
كتفيها .. و قال بصوت منخفض وهو يقف أمام السرير : أنا مهتم .
اندس تحت الأغطية ببطء وتحرك بتكاسل قربها فازداد تنفسها سرعة ,
وأحست أن جسمها كله يكاد يخترق احمراراً .. واستمتعت بعناقه وبادلته
إياه بقوة .
فيما بعد , استلقت كاندرة دون حراك وأنفاسها تعود إلى طبيعتها
ببطء , وكان ريكس صامتاً إلى جانبها .. خلال الأشهر القليلة الفائتة خطر
لها أن تفكر بلقائهما برومانسية زائدة كأن تجعل منه مناسبة أكثر إثارة مما
هي . لكن زواجهما هو قطعاً غير عادي , مع أنها لا تستطيع أن تنكر الحب
المشبوب المتوهج الرائع الذي أشعله ريكس في داخلها .. وتمنت لو تعرف ما
إذا كان سعيداً بها .
تحرك ريكس من جانبها يسأل بصوت بارد : من كــــان ؟
(( نهاية الفصل الخامس ))

Nana.k likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:48 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

Nana.k likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:49 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

Nana.k likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 02:50 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

Nana.k likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-09-17, 04:55 PM   #10

manal1

? العضوٌ??? » 384554
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 198
?  نُقآطِيْ » manal1 is on a distinguished road
افتراضي

حلوة كتير شكرا للمجهود

manal1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.