آخر 10 مشاركات
رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          سيمفونية الجليد والنار(117)-ج3 أسرار خلف أسوار القصور - noor1984*الفصل17ج1* *مميزة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          بريّة أنتِ (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          261-سحابة من الماضي - ساره كريفن ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          تريـاق قلبي (23) -غربية- للمبدعة: فتــون [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : فُتُوْن - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-11-17, 11:51 AM   #11

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


9- آسفة حبيبى !
دفعت نفسها الى التكلم ، فخرج صوتها اشبه بصرير وهى تقول : انا لا ارضى بعلاقة عاطفية دون ارتباط طويل الامد
اجبرت نفسها على تذكر ذلك اكثر مما هدفت الى وضع شروطها امام اندريو . اخذت يداها تدفعان صدره للتراجع ، فيما كانتا قبل قليل تمسدان بعطف وحنان شعره الحريرى الاسود ، وقالت : ارجوك اتركنى
لاحظت انه يستشيط غيظا وقد بدا محبطا ، ظهر ذلك على عظمتى خديه ، فيما انزلها لتقف على قدميها بتهذيب مفاجئ بارد وغير شخصى . اما عيناه الرائعتان فبدتا كئيبتين باردتين . احست ميرسى بشعور مريع حقا ، احست انها ضعيفة وهشة بشكل فظيع
كانت ميرسى على وشك ان ترجوه ان يحاول فهم وجهة نظرها فلا يكرهها كثيرا . لكن الكلمات توقفت عالقة فى حلقها ، عندما اخترق هواء الباحة الساكن الساخن ، صوت امرأة تنادى باسم اندريو
-امى !
مشى اندريو متخطيا ميرسى بعد لحظة طويلة من الصمت المطبق ، فيما بدت نبرته رسمية جدا ، وتصلبت عيناه كالصوان الرمادى ، كما غاب نور الحيوية منهما . توجه نحو المرأة النحيلة الواقفة فى مدخل الباب المقوس الذى يؤدى الى الباحة الخارجية للفيلا
يا له من توقيت سئ ! فكرت ميرسى وهى تتعذب بشدة . ان حبيبها اندريو الذى تعشقه بشدة ، قد القى عليه دلو من المياه المجلدة
اخذت عينا ميرسى تلاحقان اندريو خلسة ، فيما راح قلبها يتخبط بقوة ، راقبته وهو يرفع يد المرأة المسنة ويقبل اناملها ، قبل ان يسالها بجفاف : لمن ادين بمتعة وجودك هنا ؟
-بما اننى لم اسمع منك اية اخبار منذ ذلك الاتصال الهاتفى القصير لمناسبة عيد الميلاد الماضى ، وبما اننى لم اتمكن من الحصول على اى رد من منزلك فى لندن او شقتك فى روما ، قمت بالاتصال بسوفينيا على هاتفها الخليوى فوجدت انها فى اجازة
انجرفت عينا المرأة الرماديتان الفاتحتان الخاليتان من التعابير نحو ميرسى ، فسمرتها فى موقع اخذت تتساءل فيه هذه الاخيرة وهى تشعر بالغثيان عن مدى ما شاهدته والدة اندريو من ذاك المشهد المريع وهى تقف صامتة . بالحكم على نظرة عدم الرضى التى ارتسمت على ذلك الوجه البارد المتعجرف ، استنتجت ميرسى انها على الارجح شاهدته باكمله !
وجهت المرأة ايضا نظرة عدم رضى نحو ابنها حسبما لاحظت ميرسى ، ثم اندفعت موضحة : استغربت سوفينيا حصولها على اجازة مفاجئة ، فقامت بباجراء اتصالاتها السرية ، واكتشفت انك هنا برفقة امرأة
عبرت ومضة ارتباك وحيرة على الملامح المستبدة البادية على وجه المرأة ، فيما لاحظت بشرة ميرسى المحمرة خجلا ، ثم قالت : الن تعرفنا على بعضنا ؟
لاحظت ميرسى انصياع اندريو ببرود ، من غير ان يذكر وضعها كمدبرة منزل تعمل لديه ، بالحكم على النظرة المرتسمة على وجهها ، فهى قد ترتعب لو علمت ان اندريو كان يغازل خادمة لديه !
خطت السنيورا باسكالى متقدمة داخل الباحة الخارجية ، لكنها توقفت فجاة ، فوضعت يدها على صدرها المغطى بملابس حريرية رمادية ، ثم ترنحت بغير ثبات على قدميها ، وتحول وجهها الى لون رمادى مثير للقلق ، بينما تسارعت انفاسها وغدت سطحية . وقف اندريو فورا الى جانبها ودس يده تحت مرفقها ليسندها ، ثم قال : ارهقت نفسك فوق الحد فى هذه الحرارة ، ماما . تعالى ، اجلسى
تحدثت السيدة بايجاز فيما نفضت ذراعها عن يد ابنها التى تسندها ، فقالت : انه ليس بالامر المهم
ثم تابعت سيرها بعزة نفس ، متقدمة ببطء نحو الكراسى المحيطة بالطاولة ، وقالت : طلبت من سائقى ان يقلنى الى هنا ، لاننى اردت اخبارك شخصيا باننى ساجرى عملية جراحية لقلبى خلال اسبوع . سوف يضعون لى منظما لدقات القلب . باعتبارك ولدى الوحيد ، انه يجدر بك معرفة هذا الامر
شحب وجه اندريو بشكل ملحوظ ، فيما سحب كرسيا نحو ظلال غصن الشجرة ، وحرص على اجلاس والدته ، ثم طالبها قائلا : هل الامر جدى ؟ لمِ لم تخبرينى انك لست على ما يرام قبل الان ؟
-هل كنت ستجد الوقت فى حياتك المليئة بالضجيج حتى تهتم ولو من بعيد ؟
سحب اندريو انفاسه فيما طالبها قائلا : اخبرينى عن اسم طبيبك ، وانا ساتحدث معه عن وضعك
انسلت ميرسى بهدوء عائدة الى الفيلا ، فقد تاثرت بشدة لدى مشاهدة ما جرى بين الام وابنها . فى الواقع هى لا تعرف اى شئ تقريبا فيما يخص عائلة اندريو باستثناء ان والده توفى منذ سنوات خلت ، وان جده اعطاه نصيحة فظة حقا . تذكرت كم كانت مقربة من والديها ، لذا لم تتمكن من حمل نفسها على فهم السبب الذى جعل هذان الاثنان يبدوان وكانهما عدوان
لكنها تعلم حقا ان ذلك النوع من الكلام اللاذع خلال الحديث الذى جرى بين الام وابنها لا يمكن ان يكون جيدا او ملائما لامرأة صحتها ليست على ما يرام
اخرجت زجاحة مياه معدنية من الثلاجة الكبيرة ، الموجودة فى المطبخ ذى الطراز الريفى ، ثم ملات كوبا طويلا بالماء واضافت اليه مكعبات الثلج ، وهرعت عائدة الى الفناء الخارجى
السنيور باسكالى ليست بحاجة الى هدر طاقتها عبر اطلاق التعليقات اللاذعة . عليها ان تتناول القليل من الماء سواء رغبت بذلك ام لا
قالت ميرسى بصوت رقيق : ارتشفى هذا ، فسيساعدك على ان تشعرى ببعض الانتعاش
فيما وضعت الكوب بين يدى المرأة النحيلتين الطويلتى الانامل ، ثم تابعت تقول وهى تعانق المرأة : ها قد اصبحت افضل حالا للتو . لقد عاد اللون الى وجهك
فهى تؤمن انه يجب ان يكون المرء متفائلا خلال وجوده مع المرضى والواهنين ، لان الحكم عليهم بالكآبة لن يجدى الا فى زيادة حال المتالم سوءا
اعلن اندريو ، وقد بدت على وجهه نظرة رجل حظى بنصر آنى : والدتى ستبقى هنا لقضاء الليلة
ثم تارجح على عقبيه وابلغها : اما لوكا ، سائقها ، فسوف يقيم مع سوفينيا . سارتب الامر بنفسى
جلست ميرسى على كرسى مقابل للسنيورا ، وقالت : سوف اعد لك غرفة ، ثم يمكنك ان تستريحى . هل اضطررت الى قطع مسافة طويلة ؟
-مئة كيلو متر
اى حوالى الثمانين ميلا ! حاولت ميرسى ترجمة تلك المسافة ، متجاهلة الاسلوب البارد فى ايصال تلك المعلومة . بعدئذ قالت : من المنطقى ان تاخذى استراحة لبعض الوقت قبل عودتك الى المنزل . انه لطف منك ان تبذلى المجهود كى تحضرى الى هنا شخصيا لاطلاع اندريو على الامر ، فذلك سيعنى الكثير بالنسبة اليه ، فى حين انه كان بمقدورك التقاط سماعة الهاتف واخباره بذلك حالما علمت بمكان تواجده
راحت ميرسى تتحدث متحمسة للموضوع ، متجاهلة الاجواء الشائكة بين الام وابنها . من الواضح انهما فى نزاع حول شئ ما ، الا ان الامرأة الاكبر سنا والتى تبدو الان حانقة ، لابد انها فى اعماقها فخورة جدا بابنها وهى تحبه كثيرا ، والا لما قطعت كل هذه المسافة لرؤيته
تابعت ميرسى قائلة : من الطبيعى ان يلجا المرء الى الاشخاص العزيزين على قلبه خلال اوقات المحن او الضغوط ، ولابد انك قلقة وخائفة جدا
لعلها على الارجح تتساءل ان كانت ستنجو من تلك العملية الجراحية ، ما يفسر رغبتها برؤية ابنها لاطلاعه على الخبر المفاجئ شخصيا . مسكينة هى ! استانفت ميرسى كلامها : من الطبيعى ان تشعرى ببعض القلق ، لكننى سمعت ان معدلات نجاح هذه العملية بالتحديد هى عالية جدا ، وما تقدر على تحقيقه العمليات الجراحية العصرية بات مدهشا حقا
علق اندريو قائلا من خلف ميرسى : ارى ان مدبرة منزلى تقوم بدور ملاك الرحمة كالمعتاد . لقد اكتشفت بانها تبرع حقا بذلك من جراء تجربتى الشخصية
هل كان ينبغى عليه تذكيرها بذلك ؟ رغبت ميرسى بان تصفعه لمجرد انه ذكرها بطريقة تصرفها اثناء مرضه . والان ها هو يسكب الزيت على النار ، فوالدته الارستقراطية ستستشيط غيظا لو علمت ان ابنها كان يتودد اليها ، وهو يرغب بعلاقة حميمة مع مستخدمه لديه
لم تكن تنوى ان تكذب على المرأة بشان مركزها كمدبرة منزل ، لكن من اجل راحة بال والدته من الافضل لو انه لم يقل شيئا . لم كان عليه ان يتدخل بالامر ؟
القت ميرسى نظرة من فوق كتفها الى حيث كان اندريو واقفا ، فالتقت بابتسامته المفعمة بالكاريزما . عادت وادارت راسها بسرعة ، وقد شعرت بالحماوة والارتباك ، فيما اخذت معدتها تتلوى بجنون . عندما هبت واقفة بتعثر ، واعلنت ميرسى بصوت غير مستقر : سوف اعد لك الغرفة سينيورا ، ثم غداء صغيرا خفيفا
***
الغرفة التى اختارت ميرسى اعدادها لاقامة السينيورا باسكالى تشرف على الباحة الخارجية المبلطة . اما الستائر الرقيقة الشفافة التى ترفرف امام النوافذ الطويلة المفتوحة ، فتسمح بدخول نسيم محمل بعبير الاعشاب الى الغرفة
غطت السرير بالملاءات النظيفة المعطرة برائحة الخزامى . ثم وضعت المناشف النظيفة والصابون فى الحمام المفتوح على الغرفة ، وزجاجة من المياه المثلجة الى جانب كوب من الكريستال على المنضدة الى جانب السرير
غادرت ميرسى الغرفة وتوجهت نحو الطابق السفلى وهى تشعر بالارتعاش والهلع فى اعماقها ، فهى لم تعد قادرة على ايجاد عذر يسمح لها بالتباطؤ اكثر مما فعلت حتى الان . احست ان شيئا فى داخلها ما زال يتلوى من فرط الاحراج والخزى ، وهى تتذكر ما حدث فى وقت مبكر من هذا الصباح . تذكرت كم تجاوبت مع اندريو بشغف وحماسة ، ثم تراجعت . لابد انه يشعر بالكره العميق تجاهها ، وانه منزعج منها حقا
اما والدته الارستقراطية ، فهل كان يجدر بها ان تصل لتكون شاهدة على هذا المشهد المريع بين ابنها الوسيم الثرى وبين الخادمة ، ما جعلها تشعر بعدم الارتياح ؟ امن المحتمل ان تنظر السينيورا باسكالى الى ميرسى على انها امرأة مجردة من المبادئ الاخلاقية تسعى خلف الثروة ؟ اتراها ستظنها امرأة من الطبقات الدنيا ، مستعدة لتحمل رب عملها الثرى لاجل ماله
ادركت ميرسى انها مصابة بالوسواس ، فلا يمكن ان يكون هنالك شخص بهذا الغرور والتكبر ، او بالاحرى انها تتمنى ذلك حقا وبكل اخلاص . قومت ظهرها ودخلت الى المطبخ الفسيح المضاء ، وهمت بتحضير سلطة السلمون الباردة ، بعد ان تاكدت من ان مكيف الهواء فى غرفة الطعام الفخمة يعمل بشكل جيد ، كما وضعت الادوات والصحون الضرورية لشخصين على الطاولة ، واستغرقت وقتها بتان لفعل ذلك . هى سوف تتناول طعامها فى المطبخ ، فتترك الام وابنها ليتحدثا على انفراد
وضعت ميرسى ابتسامة هادئة معدة بحذر على وجهها ، واملت ان يكون اندريو ووالدته قد توقفا عن تمزيق بعضهما بالكلام اللاذع . راح قلبها يرتطم باضلاعها فيما مشت اخيرا ، متوجهة نحو الباحة الخارجية لتعلن ان الغداء جاهز ، لكنها وجدتها خالية من اى بشرى
احست بالارتباك الفظيع لدى شعورها فجاة بالخسارة . اتراها كانت حقا تتطلع قدما متشوقة لان تتمتع عينيها برؤية اندريو المطلق الوسامة ؟ اذا كان هذا صحيحا ، فهى حقا مجنونة ، وواقعة فى معضلة حقيقية جدية
فبعد الكارثة التى وقعت بينهما هذا الصباح ، لابد انه لا يرغب بالتعاطى معها مجددا ، ولايمكنها ان تلومه على ذلك ، فهى ليست من ذاك الصنف من النساء اللواتى يسحرن الرجل بجمالهن ، اللواتى يمكنهن الوصول الى اعماق الرجل بسهولة
لابد انه سيعود الى مناداتها باسم هاورد ، وسوف يبذل ما فى وسعه ليتجاهلها ، فيما يبقى عينيه مفتوحتين جيدا بحثا عن بديلة لها . ويعود الذنب فى كل هذا عليها هى وحدها ! ارتعبت ميرسى فهرعت باحثة عن الام وابنها ، فتوجهت نحو غرفة الجلوس الداخلية
من المحتمل ان يكون اندريو قد اصطحب والدته الى هناك ، بعيدا عن حرارة الخارج . رات ميرسى كيفية اندفاعه مسرعا ليقدم لها المساعدة حينما بدت على وشك الاغماء ، ورات كيف شحب لونه حين اطلعته على العملية الجراحية التى ستجريها لقلبها . كذلك فهى لاحظت ان السينيورا باسكالى دفعت يد اندريو جانبا ، وكانها لا تحتمل اى دعم يصدر عنه . بالرغم من البرودة التى حيا بها اندريو والدته فى البداية ، حين ظهرت فجاة وبشكل غير متوقع ، الا انه شعر بالقلق الشديد عندما علم بامر العملية الاتية
عزت ميرسى اسقبال اندريو البارد لوالدته ، ببساطة الى ذاك المشهد الانفعالى الحساس بينهما الذى قاطعته السينيورا باسكالى ، ولان اندريو كان فى حالة من الاحباط الشديد
عبرت الباب المقوس نحو غرفة الجلوس الفخمة ذات اللون الازرق الغامق ولون الكريما . وجدت هناك السينيورا باسكالى تشغل الغرفة بمفردها ، وهى تجثم متصلبة على احد المقاعد العريضة المنجدة بقماش من اللونين الازرق والذهبى الباهت
عانت ميرسى فجاة من مقت لهذه المرأة الباردة القاسية التى لم تبد اى فيض من الحب الامومى تجاه الرجل الذى تهيم هى بحبه . احست ان ابتسامتها الثابتة تؤلم وجهها ، لذا اعلنت باقصى ما استطاعت ان تبديه من لياقة وادب : وضعت غداءا باردا فى غرفة الطعام . على ابلاغ السينيور باسكالى . هل يمكنك اطلاعى اين يمكننى ايجاده ؟
نهضت المرأة الاكبر سنا . واقفة على قدميها . وقالت : نظرا للظروف الراهنة ، ما من داع لان تتكلمى عن اندريو بالصفة الرسمية
احست ميرسى بالخجل لادراكها ما تعنيه عبارة : الظروف الراهنة . شعرت بوجهها يحمر خجلا ، امام النظرة التقييمية التى القتها عليها العينان الرماديتان المستمتعتان نوعا ما . انهما شبيهتان بعينى ابنها ، لكنهما تفتقران الى الشرارات الحيوية الشيطانية
-اندريو ليس هنا ، اصر على الاتصال بطبيبى المعالج ، ثم اصر على ان يقود سيارته الى نابولى فورا حتى يقابله بخصوص موضوع حالتى الصحية ! انه عنيد ومتصلب ! اعطينى ذراعك . انت وانا سنتناول الغداء سويا ، والا ساجد نفسى متروكة ووحيدة
تورد خدا ميرسى وشعرت بالغيظ ، لكنها اخذت بعين الاعتبار حالة قلبها المريض ، فوفرت لها الدعم مقدمة ذراعها ، ثم اعلمتها قائلة ببرود : سينيورا باسكالى ، لا اظن ان تصرفاته تظهر اى قلة اعتبار . فاصراره بان يتفقد بنفسه شخصيا وضعك الصحى يظهر اهتمامه بك ، كما ان طبيعته المبدعة هى التى تجعله يتصرف بتهور وطيش
اطلقت المرأة ضحكة مكتومة ، وعلقت بالقول : ها انت تهرعين للدفاع عنه . ذلك امر جيد !
ثم تابعت محدثة : ارجوك ، نادينى كلوديا
وفيما دخلتا غرفة الطعام اكملت حديثها بالقول : تلك السلطة تبدو شهية حقا . يقول ابنى انك افضل مدبرة منزل تمكن من ايجادها يوما
جلست والدة اندريو الى الطاولة ، فناولتها ميرسى ملاعق التقديم وصحن الكريستال الذى جمعت فيه قطع السلمون البارد مع القريدس وشرائح الافوكادو والطماطم الصغيرة الحجم
علمت ميرسى انها قد تتالم الى حد لا يحتمل لو ان اندريو قال لها انه يستغنى عن خدماتها كمدبرة منزل لديه ، وانها لن تراه مجددا ، لكن ذلك الاحتمال قد يكون التعامل معه اسهل من بقائها بجواره
ان ميرسى تحبه حقا ، لكن اندريو ليس لها ، لذا ينبغى ان تتمتع بقوة الشخصية حتى ترحل حالما يصلان عائدين الى لندن ، فلا تعود لرؤيته مجددا ، وتوفر على نفسها حملا ثقيلا من الحزن والاسى جراء انجراح قلبها فى المستقبل . ان فقدان وظيفتها العالية المدخول سيكون ضربة قاسية لجيمس ، لكنها ، وللمرة الاولى فى حياتها ، ستضع مصلحتها الشخصية فى راس قائمة الاولويات
دخل صوت السينيورا البارد الهادئ على افكار ميرسى المكدرة المضطربة ، فقالت : اطلعنى ابنى على كل ما يتعلق بك خلال الفترة الوجيزة قبل رحيله الى نابولى .... بناء على الحاحى طبعا ، كما اكتشفت فى هذه الفترة المتاخرة . ان حالتى الصحية الضعيفة تقوى على استخراج الاسرار من ابنى المنغلق المتكتم
-جميعها ؟
اعادت ميرسى بحذر كبير الشوكة الى الصحن . ماذا ... قال لها ... بالضبط ؟
ازاحت كلوديا قطعة قريدس ، وابتسمت قليلا ، ثم قالت : اوه ! اشك بذلك . لكنه قال ما يكفى حول خلفيتك وشخصيتك لاقناعى بانك مختلفة الى حد بعيد عن النساء اللواتى اعتاد على اصطحابهن الى سريره . اوه ....
لوحت السيدة بيدها بشكل معبر وتابعت : انا لم التق باى واحدة منهن فى الواقع ، ولم تكن لدى رغبة مطلقا بذلك ، لكننى رايت صورهن معه فى صفحات المجلات والجرائد ، كما قرات المقالات فى اعمدة الشائعات . لطالما حاولت ابقائها مخفية عن والده . مسكين الدو ! خاب ظنه بابنه الوحيد ، وانا لم ارغب فى زيادة الامور سوءا . اما انا ، فقد صليت كل ليلة بان يلتقى اندريو بامرأة حنونة عقلانية تعمل على ترويضه وجعله يهتم بالمنزل ، فتتزوجه وتضع حدا لاساليبه الهمجية
خنقت ميرسى قهقهة هيستيرية كادت تخرج منها . ما من امرأة عاقلة قد ترغب بترويض اندريو ابدا ، او تبديله . فاى امراة تحبه سوف تجد متعة فى تقلبه وحيويته وفى قلة ترتيبه الهائلة وفى طبيعته المتهورة المسرفة . لكن على اى حال ، ليس لدى اندريو نية بالزواج مطلقا ، ليس فى المستقبل القريب على اى حال . طردت هذه الفكرة الجدية اى ميل الى القهقهة ، وجعلتها تتمنى لو انها لم تتناول غداءها ، لانها فجاة احست بالغثيان
وضعت كلوديا شوكتها جانبا . بدا بوضوح انها غير مدركة للاحاسيس المشوشة التى تضطرم فى كيان رفيقتها ، حينما قالت : اخيرا اصبح لدى امل بان يتعلم ولدى المنطق . انت امرأة مهذبة ، فخداك يحمران بسرعة ، ما يفسر طبيعتك الحساسة ، ولست معتادة على الاساليب الملتوية . كما انك تطهين الطعام بشكل رائع ، كما قيل لى ، اما الغداء فهو مميز جدا . انت لا تملكين المال او المركز الاجتماعى ، لكن ذلك لايهم نظرا الى تربيتك الجديرة بالثناء ، فانت ابنة قس من الريف ، وتتمتعين بمواهب فى التدبير المنزلى وبالحس المنطقى ... نعم ...
قوست كلوديا احد حاجبيها المرسومين بدقة وتابعت : ... اخبرنى انك حاولت حتى كبح تبذيره الفاحش فى المنزل . لكن فى الوقت الراهن سامسك نفسى عن الكلام وابقى امالى مرتفعة . وربما يمكنك ارشادى الى الغرفة ، حيث يفترض ان استريح
امتثلت ميرسى ، واجبرت نفسها على كبت الكلمات التى من شانها ان تقوم تفكير والدة اندريو . لم تكن لدى اندريو اى نيه بالزواج ، وعندما يفعل ذلك ، فلن يكون ذلك من شخص مثلها هى . فهو سوف يعقد قرانه على انسانة تملك اموالا طائلة فى جعبتها . ولن يهتم عندئذ حتى لو كانت بشعة ، وذات وجه يشبه سلة المهملات
قررت ميرسى ان تمسك نفسها عن التكلم بذاك الموضوع ، باعتباره الشئ الخير الصائب لتفعله . فلتحتفظ المرأة المسكينة باوهامها وامالها الى ان تتعافى من عمليتها الجراحية ، فتصبح فى حالة سليمة لها بان تفهم ان امال الامومة تلك كانت سخيفة
لكن فيما فتحت مرسى الباب على الغرفة التى اعدتها ، لم تتمالك نفسها عن الاشارة قائلة : اندريو ليس شخصا ميؤوسا منه . فهو محترم جدا ، وذلك ليس فقط فى مجال عمله . واظن انك تحبينه اكثر مما تودين اظهاره للعلن . فلو لم تكونى كذلك ، لما تكبدت عناء المجئ الى هنا اليوم . اظن انه يفترض بك اظهار اعجابك به اكثر ، استمتعى به كما هو وكونى فخورة به
***
جلست ميرسى فى وقت لاحق من ذاك المساء فى احد مقاعد غرفة الجلوس تتخبط فى افكارها ، بانتظار عودة اندريو . قررت ان الاعتناء بكلوديا باسكالى اشبه بالاهتمام بطفل قوى الارداة ، وفى الوقت نفسه تبدو المرأة راقية كانها من طبقة الملوك
استعادت ذهنيا تجارب نهارها ، لكى تبعد تفكيرها عن سرب الفراشات التى راحت ترفرف فى معدتها
بعد ان امضت كلوديا قيلولة بعد الظهر ، نزلت الى الطابق السفلى فدفعتها الى رى الاعشاب فى الباحة الخارجية . ثم طلبت استخدام الهاتف ، وورقة مع قلم حبر
-سوف يصل سائقى الى هنا خلال عشر دقائق ، لكى يقلك الى المدينة دونت لك قائمة بالاغراض التى احتاجها . فلم اكن اتوقع قضاء الليل هنا ، لذا انا غير مستعدة
شقت ميرسى طريقها عبر الحشود فى حرارة ما بعد الظهر ، فيما حملت بيدها قائمة الاغراض ، لكى تبحث عن الكم الهائل من ضروريات تمضية الليل ، المدونة على الورقة بتفاصيلها الدقيقة . عندما عادت ، طالبتها كلوديا بعصير الليمون الطازج ، وتبع ذلك مساعدتها للقيام بجولة قصيرة حول الملكية
كان الامر مجرد عذر لشئ يشبه محكمة الاستجواب الاسبانية فى القرون الوسطى . لكنها اجابت بكل ما استطاعت من صدق ، فاخبرتها التفاصيل عن خلفيتها ، عن والديها ، عن معرفتها غير العميقة بجديها من جهتى الام والاب ، عن ارائها ونظرياتها بالمجتمع المتساهل ، وعن نيتها بانجاب الاطفال
تلا ذلك السؤال عما ترغب به كلوديا للعشاء ، والذى سيتم تناوله فى المطبخ . استقرت ميرسى فى نهاية الامر على اعداد عجة بيض بسيطة بالاعشاب ، مع السلطة الخضراء ، ليتبع ذلك حبة فاكهة صغيرة مقطعة الى مربعات صغيرة
اعلنت كلوديا فى اللحظة التى انهت فيها ميرسى تحضير العجة الخفيفة الذهبية الهشة : احس باننى متعبة اكثر مما كنت اتوقع ، لذا لن انتظر عودة اندريو . كانت فكرته هو بان يذهب لرؤية الطبيب ، وليست فكرتى انا . سوف اتكلم معه مجددا فى الصباح قبل مغادرتى
بعدئذ نهضت عن الكرسى حيث كانت جالسة تقيم كل حركة تقوم بها ميرسى ، بعينين متفحصتين تشبهان عينى النسر ، فطالبتها قائلة : احضرى صينية الطعام الى غرفتى بعد نصف ساعة . سوف افك رزم الاغراض التى جلبتها لى ، ثم انام باكرا
بعد مرور نصف ساعة ، ستجمد العجة ! لابد من اعداد واحدة جديدة لتكون حاضرة بعد نصف ساعة تماما !
يبدو ان المرأة الاكبر سنا تشبه ابنها الى حد بعيد ، فكرت ميرسى بذلك فيما حملت الصينية نحو غرفة كلوديا فى الوقت المحدد . هناك تم استقبالها ببحر من الاغلفة المرمية ، والاكياس الورقية ، واوراق المحارم ، والحمالات . ثم اعلمتها المرأة بان رداء النوم سيفى بالغرض ، لكن كمى الرداء الذى يغطيه طويلان جدا . اما فرشاة الاسنان فهى ذات شعيرات قاسية جدا ، لكن كريم الليل مناسب تماما
والان اخذت ميرسى تنتظر وهى تشعر بالارهاق ، ثم بدات تزداد توترا مع مرور كل لحظة . اما عيناها فشردتا نحو ساعة الحائط الصغيرة الموضوعة على رف الموقد
ما الذى عساها تستطيع قوله له حتى تعيد الامور الى سابق عهدها ، وتبقى خادمة مفيدة فى حياة اندريو ؟ حتى لو وجدت التركيبة السحرية ، فما الذى يحصل ؟
احست ميرسى ان اعصابها تتحول الى اسلاك حامية . وما لبثت ان قفزت واقفة على قدميها ، وفرت الى المطبخ لتمسح الارضية ، فى محاولة لالهاء نفسها
كانت تجثو على يديها وقدميها حين تلاشى السواد الظاهر خلف نوافذ المطبخ ، وانتشر مكانه ضوء كهربائى خفيف ، ما يدل على ان احدهم اطلق انوارالحماية
اندريو !
قفزت معدة ميرسى حتى كادت تصل الى حلقها ، كانها تختنق هلعا ، ثم سقطت كانما وصلت الى كاحليها
*****
انتهى الفصل التاسع


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 11:51 AM   #12

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

10- لقاء ووداع
ماذا تفعل ؟
اتقول الحقيقة وتلعن الشيطان ؟
تلك قاعدة عامة ترسخت فى داخل ميرسى بشدة منذ ولادتها
لطالما اعتادت ان تكون صادقة ، فهل تكون كذلك الان وتعترف له بانها وقعت فى حبه بقوة وعمق ؟ لكنها اجبن من ان ترضى بلقب ملكة القلب المجروح
بدت مرتبكة ، وراح قلبها يدق بقوة فيما رفعت دلو المياه الساخنة لكى تفرغه فى مجرور تصريف المياه الخارجى ، لكنها اصطدمت باندريو وهى تستعجل راكضة بتهور
احست ان اليدين القويتين اللتين ثبتتاها فى مكانها تحرقان بشرتها كالنار ، لكنها علمت انه لايجدر بها ان تتصرف بخصوصية ، لان ملامح اندريو بدت باردة وكئيبة اكثر من اى مرة سابقة
لو قالت له الحقيقة ، فانه حتما سينعتها بالغبية ، ثم يضحك بشدة لا ترحم . لكن اندريو لم يبد قادرا على الضحك على اى شئ . تخلص من محتويات الدلو ثم اسقطة محدثا جلبة وطقطقة
ثم قال لها : ابقى برفقتى لتواسينى . استنتج ان والدتى نامت باكرا هذه الليلة . اليس كذلك ؟
لم ينتظر جوابها ، وتابع : لا ارغب فى البقاء وحدى
بدت عيناه فارغتين ، فيما ظهر الكدر على ملامح وجهه . ثم توجه نحو غرفة الجلوس ، اما ميرسى فتبعته بعد لحظة التردد المزعج
انه يريد منها ان ترافقه وتبقى بجواره . لابد ان ذلك يعنى انه لم يعد غاضبا منها بسبب اسلوبها فى رفض مغازلته لها هذا الصباح . حسنا ! لن تضطر الى الاجابة عن اية اسئلة غريبة ، ولا الى الاصغاء اليه وهو يناديها بتسميات بغيضة . فى الواقع ، هذا ما كانت تتوقعه منه حالما تتسنى له فرصة مكالمتها على انفراد ، بحيث يرمقها بنظرات الازدراء . على الرغم من ذلك ، فهى رغبت بشدة ان تعتذر منه على تصرفها ، لانها تحبه حقا
آنه ... ! كيف تستطيع ان تكون انانية ، فتفكر بنفسها فقط ؟ فالامر لا يتعلق بها ابدا !
اندريو نسى على الارجح كل ما يتعلق بالعناق الذى جرى بينهما ، ولابد ان الرجل الغى الموضوع من تفكيره باعتباره حدثا غير ذى اهمية ، ثم اعادها بحزم الى الخانة التى استخدمها اصلا لتملاها ، اى الخادمة التى تلبى كل رغباته وتتحمل كل امزجته . ان ما يشغل باله الان هو قلقه على والدته . هو فقط يرغب بوجودها الى جواره ، كى تجلب له ما يحتاجه ، وربما لتحضر له شيئا من الطعام
جلس اندريو على حافة احد المقعدين المنجدين ، محنيا راسه الى الاسفل . لم تتصور ميرسى ابدا ان اندريو باسكالى البالغ الثقة بنفسه ، الشديد الحيوية ، قد يبدو بهذه القابلية للجرح والاذى
اسودت عيناها قلقا واهتماما ، وتاقت لان تغمره بذراعيها المطمئنتين ، وان ترجوه بالا يقلق ، لكنها خمنت انه لن يقبل بذلك . عوضا عن ذلك ، جلست الى جانبه حريصة على الا تكون قريبة جدا منه ، ثم سالته : ما الذى قاله الطبيب ؟ هل كان تشخيصه جيدا
ثم حبست نفسها ، مفكرة انه لو كان تشخيص الطبيب جيدا ، لما بدا اندريو مكدرا مرهقا الى هذا الحد
وجه اندريو نحوها نظرة جانبيه ، فسقطت احدى خصلات شعره فوق احد حاجبيه البارزين . احست ميرسى انا اناملها تستحكها لان تعيد الخصلة برقة الى مكانها ، لذا جمعت يديها على شكل قبضتين ووضعتهما فى حضنها حرصا على عدم قيامها بذلك
-نعم . انه تشخيص جيد ، لكن تبقى هنالك دوما نسبة من الخطر
هداته ميرسى قائلة : حسنا ! حاول ان تفكر بايجابية
عض اندريو شفته بشدة ، فيما رفع راسه بحدة الى الاعلى ، وتوهجت عيناه بازدراء مفاجئ ، وعلق قائلا : لكننى لست مثلك ، اليس كذلك ؟ انا لست شعاعا صغيرا من الشمس ، لست مثاليا ايضا ! اراهن على انك كنت مفخرة فى عينى والديك ، فلم تسببى لهما اية لحظة من القلق !
استلقى اندريو الى الوراء على وسائد الاريكة ، فيما اطبق عينيه كما لو ان انفعاله جردة من طاقته كلها ، ثم قال : انت لا تعلمين عما تتكلمين
عقد العبوس حاجبى ميرسى الناعمين ، فمن الواضح ان اندريو متضايق ومنزعج جدا . لم يكن بمقدورها تصور سبب ذاك الانفعال الذى يظهر عليه ، فقالت له : نورنى اذا
صمت اندريو مجددا ، ومرر انامله فى شعره الاشعث ، ثم صر باسنانه فى انفجار من الاحباط الوحشى ، فقال : ذلك سيتطلب بعض الوقت !
تحولت عينا اندريو الضيقتان على عينيها المتسعتين البريئتين ، وعلى الانحناء الرقيق لشفتيها الجميلتين . ثم زم فمه ، ورمى كلامه قائلا : ايعقل ان تفهمى كيف يشعر المرء حين يكون مصدر خيبة امل لوالديه منذ اللحظة التى تعلم فيها المشى ؟ توفى والدى قبل ان اكتسب رضاه على اى شئ يتعلق بى ، واشعر الان بالصدمة لمعرفتى ان الامر قد يتكرر مع والدتى التى احبها حبا جما . اراضية انت ؟
قالت ميرسى بغير ثبات : انا لا افهم
غطت تلقائيا يديه بيديها لانه يتالم ، ثم تابعت : لم قد يشعر احدهم ان ظنه خاب بك انت ؟ لو انك كنت ابنى انا ، لكنت فخورة جدا بك
اكتسبت ميرسى ابتسامة بطيئة غير متوقعة من قبله ، بالاضافة الى رد اندريو المبهم : لو كنت ابنك انت لشعرت باننى مخدوع
تحركت الان يد اندريو التى كانت تقبع هادئة تحت يدها ، فشبك انامله باناملها ، وترك ميرسى فى حالة من عدم الشك بما يقصده . احست ان قلبها ينقلب فى مكانه ، اما ذهنها فهوى فى سقطة حرة ، بعد ان فشل فى التحكم بالتغيير المفاجئ فى مزاج اندريو . لم عاد الى التقرب منها ومغازلتها ؟ فبعد ان صدته هذا الصباح ، لا يبدو الامر منطقيا بالنسبة اليها
حدق اندريو فى عينى ميرسى المدهوشتين ، فاعترف لها بصوت متقطع مجروح : انا اسف . لا يحق لى ان القى همومى عليك
اشتدت انامله الممسكة باناملها ، فيما اخبر ميرسى : كان والدى محاميا ذا سمعة عظيمة ، فقد انحدر من عائلة من المحامين المرموقين . كان رصينا ، كادحا ، وجافا . ارادنى والداى ان اسير على الخطى الجليلة الشهيرة لاسلافى المحترمين ، اما انا فكانت لدى افكار مختلفة عنهم
ثم هز ر كتفيه وتابع : عرفت ما الذى ارغب بفعله ، فسرت فيه قدما ...
طمأنته ميرسى : حققت نجاحا كبيرا فى ذلك
فيما بذلت مجهودا لتمالك نفسها ، تساءلت كيف يستطيع اى والد او والدة ان يتحكما الى هذا الحد بابنهما ، فلا يشعران بالسرور لقيامه بملاحقة ما يهواه
تابعت تطمئنه : لابد انهما استطاعا رؤية ذلك ؟
هز اندريو راسه نفيا ، فقال : جل ما لاحظه كل منهما هو اسلوب حياتى . كنت اقود السيارات السريعة واواعد النساء غير المناسبات ، واخترت مهنة اعتبراها مبتذلة ومصدر ضجة وخداع . كان يجدر بى ان امارس مهنة صعبة ... مملة ... وان استقر وانشئ عائلة ! حفظت تعاليمهما عن ظهر قلب ، وذلك هو السبب الذى دفعنى الى تقليل عدد زياراتى لهما اكثر فاكثر على مر السنين
ضاقت ملامح اندريو مظهرة الندم المرير ، وتابع : كان بوسعى ان احاول اكثر جعلهما يفهمان الواقع ، فلا يعتقدان اننى ارفضهما كاشخاص
احست ميرسى فى داخلها بالحنق والغضب تجاه والدى اندريو، اللذين حملاه هذا الذنب غير الضرورى ، لكن رغبتها وحاجتها لان تهدئه كانت اقوى من اى رغبة اخرى
رفعت يدها الاخرى فوضعتها على عظمة خده المشدودة ، ثم واسته برقة قائلة : ما زال امامك متسع من الوقت للقيام بذلك . ليس فقط بعد اجراء والدتك العملية ، وعودتها الى كامل سلامتها السابقة ، لكن قبل ذلك . انها حقا مولعة بك . لم تكن لترغب برؤيتك حتى تطلعك على النبا شخصيا ، لو لم تكن كذلك . قد لا تبرع حقا فى اظهار حبها لك ، فبعض الاشخاص لا يجيدون التعبير عن عواطفهم ، لكن حب الام اقوى من كل تلك الامور المتعلقة بالتقاليد . جل ما عليك فعله هو فتح قلبك لها . اخبرها بما قلته لى للتو ، اى انك لا ترفضهما تماما كما رفضت اراءهما
اربك اندريو ميرسى عندما رفع يدها التى قصدت بها ان تهدئ من روعه ، فضغط بفمه على كفها وقال : انت ... لا شك انك ستصبحين اما كاملة ... تامة
اجابته ميرسى بصوت ابح ، وقد فارقتها القدرة على التقاط الانفاس : لا تذهب الى هذا الحد
-لماذا ؟
تقوس احد حاجبى اندريو السوداوين اللذين يعلوان عينيه المذهلتين ، لم تعد ميرسى قادرة على الكلام ، وقد قيدها اندريو بعينيه الفضيتين الجذابتين . راحت افكارها تتسارع ، انها تحبه حتى الجنون ، ما يحتاج اليه الان هو الدفء والحنان والاهتمام !
من الواضح ان اندريو تربى على يد والدين غير موافقين على ما يفعله ، وقد تلقى نصيحة مضحكة من قبل جده ، كما انه لم يختبر اظهار الحب نحو الخارج الا باشكال لاذعة ، لذا فهو لا يعرف كيف يعطى الحب بدوره
احست ميرسى كان كتلة ما تسد حلقها ، فانحنت باندفاع تلقائى مقتربة من اندريو ممسدة يدها الاخرى على قمة راسه المنحنى . قصدت بتصرفها هذا ان تبدى بادرة صداقة ومساندة ، من النوع الذى يقدمه المرء لاى شخص منزعج ويشعر بالكدر . لكن ردة فعل اندريو حولتها الى شئ مختلف تماما
رفع اندريو راسه ، فاحاط ميرسى بذراعيه وقربها من جسمه ، وراح يعانقها
ارتعشت ميرسى بعنف ، وشعرت ان عظامها تذوب تماما تحت تاثير عناقه المتفجر تلقائيا . هذا هو الرجل الوحيد الذى تحبه وتعشقه ، وهو بحاجة الى دفء الاتصال الانسانى ، فكيف عساها تحرمه منه ، فى حين انها مولعة به ، وستبقى كذلك دوما ؟ ان اندريو بحاجة اليها ، وهى بدورها تحتاج اليه ، تفتحت براعم السعادة والغبطة فى اعماقها . ولفت ذراعيها حول عنقه مستسلمة لعناقه كما لو ان هذا العناق هو الامر الاكثر صوابية فى تلك اللحظات
احست ميرسى بجسده القوى الممشوق يسترخى ويرتاح ، بعدئذ جذب اندريو نفسا عميقا الى رئتيه ، ودفن راسه فى انحناءة عنقها ، قائلا : كم اتوق شوقا اليك !
***
عند الصباح استيقظت ميرسى فوجدت ان الوقت قد تاخر كما توقعت . ذكرت نفسها بتلك اللحظات الحميمة التى امضتها بالامس مع اندريو ، لقد عانقها اندريو وهى بادلته العناق بلهفة وشغف لانها مولعة به ، ولانه كان بحاجة اليها
استكان اندريو بين ذراعيها بعد ان القى راسه على كتفها ، وبعد حين هدات انفاسه وغفا كالطفل الصغير على كتف امه . لم يطاوعها قلبها ان توقظه ليذهب الى سريره الا بعد مرور وقت طويل ، طامعة ببقائه بالقرب منها اطول فترة ممكنة . كان بحاجة الى الطمانينة والراحة التى يبعثها فيه قرب امرأة ، وهى كانت موجودة هناك ، راغبة بملء ارادتها فى مواساته . لاشك لديها انه سوف ينساها تماما بعد حين كجميع الاخريات ، علمت ميرسى ذلك ، وقبلته . قررت انها لن تتحول الى امرأة متطلبة تلتصق به دوما وتطالبه بالبقاء بقربها ، ولا الى متوسلة تتضرع للحب الذى لا يملكه حتى يهبه لاى كان . بالرغم من ذلك ، راح قلب ميرسى يتخبط فى صدرها كما لو انها تمارس الالعاب البهلوانية ، حين قرع اندريو الباب ثم دخل الغرفة .
انه يمثل روعة الرجولة التامة ! لاحظت ان خصلة شعر قد سقطت على جبهته ، وانه ارتدى قميصا زرقاء غامقة بغير كمين مفتوحة عند العنق ، مع سروال حينز من ماركة شهيرة
-اسف لازعاجك ، لكننى اريد التحدث اليك
ابتلعت ميرسى ريقها بسرعة ، فقد كرهت الاسلوب الذى جف به فمها الى هذا الحد . سالته محاولة جهدها بان تبدو غير مكترثة ، فقالت : كنت على وشك النهوض . كم تاخر الوقت ؟
كانت تريده ان يفهم ان لا نية لها بالتعلق به ، وانها لا تتوقع منه اكثر مما هو قادر على منحه لها
وقف اندريو وقد ركز رجليه مبتعدتين قليلا عن بعضهما ، ووضع يديه فى جيبى سرواله الجينز . بدت عيناه مستغرقتين فى التفكير حين ابلغها : هنالك امر لم اعلمك به ليلة الامس . فبعد مقابلتى لطبيب والدتى ، اخبرنى انه اجل موعد عمليتها الى ما بعد غد ، لذا يمكننى استغلال وقت تواجدى هنا فى ايطاليا لاكون برفقتها ، لوكا سوف يقود سيارتها الى المنزل هذا الصباح ، فهى لا تثق بقيادتى ....
سمح اندريو لنفسه باطلاق ابتسامة ساخرة ، وتابع : ... لذا سوف اتبعها ، وابقى الى جانبها الى ان تتعافى ، ثم احضر لها ممرضة متخصصة تبقى معها طيلة فترة تعافيها . لقد اطلعتها على الترتيبات الجديدة الان للتو عندما اخذت لها صينية الفطور
غمر الخوف ميرسى بسرعة ، ما جعلها تشعر بالدوار الى حد ما . اندريو سيغادر قريبا ... قريبا جدا . لن يكون هنالك مكان لها ضمن برنامجه للسهر على صحة والدته
احست بالغثيان بسبب تلك الافكار المتجولة فى ذهنها ، وهى من النوع الذى وعدت نفسها بالا تبقيه فى راسها . دفعت جسمها الى الاعلى فجلست بين الوسائد المكتومة
سالته : كيف تقبلت الامر ؟
املت ان المرأة الاكبر سنا لم تفاجا بسبب تاخير موعد العملية الجراحية التى كانت على الارجح تخشاها
قال لها بصوت رقيق : تقبلته بصورة جيدة ، و ... ميرسى ، سوف اتكلم معها ، كما اقترحت على بان افعل ، شكرا لك ! لم تسنح لى الفرصة لكى اتصالح مع والدى ، لذا من المهم الا ارتكب الخطأ نفسه مرة ثانية . حتى لو بدات امى بالقاء تلك المواعظ على ، اعلم اننى حاولت فعلا التصالح معها
بدت نظرة ميرسى مشجعة وايجابية ، لكنها ظلت تشبك اناملها بقوة تحت الاغطية ، وقالت : انا متاكدة بانها لن تفعل ذلك !
لابد ان والدة اندريو سوف ترى الامور من وجهة نظره هو فى نهاية الامر ، فتفهم انه لا يمكن اجبار المرء على فعل شئ لا يرغب به فعلا فى الحياة ، فتشعر بالفخر لان ابنها نجح فعلا فى المهنة التى اختارها لنفسه
قال لها بصوت عادى : سوفينيا ، مدبرة منزلى ، سوف تصل خلال ساعة . ولاحقا سيقوم زوجها جيانى بايصالك الى المطار حتى تستقلى رحلة المساء المبكرة العائدة الى لندن . لقد رتبت الامر ، وبطاقة السفر ستكون حاضرة بانتظارك لدى مكتب تسجيل الحقائب فى المطار
القى اندريو نظرة مرتبكة على ساعة يده الذهبية الرقيقة ، وتابع : سوف اعود الى لندن لاكون معك بعد حوالى الاسبوعين ، وعندها سنتمكن من اجراء حديث مطول
عم سنتحدث ؟ سالت ميرسى نفسها ، فيما راقبت اندريو يخرج من الغرفة . لابد انها ستسمع ما قاله اندريو سابقا ، انه دوما يضع الشروط لدى بداية العلاقات الغرامية . لا ارتباطات ، ولا وعود ... وهى لا ترغب بسماع ذلك
بعد خروجه اجبرت نفسها على الخروج من السرير ، فتوجهت نحو الحمام المفتوح على غرفة النوم . خلال اسبوعين سيكون اندريو قد عاد الى منزله فى لندن ، لكنها ستكون قد رحلت
*****
انتهى الفصل العاشر


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 11:52 AM   #13

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

11- الرجل الأخر
مشى اندريو بخطى واسعة خارج المستشفى الخاص ، وقد بدا فى مزاج مرح . جرت عملية كلوديا على خير ما يرام ، وتخطت المريضة المرحلة الحرجة التى تلى العملية ، فبدت متعافية وعاد اللون الى وجهها . وعدها الجراح بالتعافى التام ، وبسنوات عديدة جيدة امامها ، لذا شعر اندريو انه اصبح اخيرا قادرا على التنفس بارتياح ، بعد ان ارتفع الحمل الثقيل عن كاهله
احس كانه يسير على نسمات الهواء ، فيما مشى المسافة القصيرة المؤدية الى الفندق ، حيث نزل فى نابولى ، فالفندق قريب جدا من المستشفى . ان رفع الضغط والتوتر عنه جعله يشعر براحة البال والجذل . الليلة ستكون المرة الاولى التى يحظى فيها بالنوم بعد مرور ما يزيد عن الثمانى والاربعين ساعة
كان نسيم المساء الحار يضج باصوات زحمة السير وبحركة الناس ، لذا غمره ارتياح عميق عندما دخل الى سكينه جناحه المكيف بالهواء البارد ، فطلب من خدمة الغرف القريدس المشوى والقهوة السوداء والعصير . خلع بعد ذلك ملابسه وتوجه لاخذ حمام
سوف يجلس صباح الغد برفقة كلوديا لمدة ساعة او اثنتين ، فهو سيستمتع بمعرفة انها ستتعافى تماما ، وسيتابع بناء تلك العلاقة الودية التى بدات مجددا بينهما ، بعد ان تحدثا مطولا خلال الامسية السابقة لدخولها الى المستشفى . بعدئذ سوف يترك والدته لتستريح ، ويقود سيارته الى ضاحية شبايا الهادئة حيث تقيم . فبعد وفاة والده ، اشترت كلوديا فيلا صغيرة فى المدينة التى هى مسقط راسها . هناك سوف يتكلم مع رفيقة كلوديا ماريا ، ومع بقية الموظفين لديها ، فيعلمهم انه وظف ممرضة خاصة لتقيم معهم ، وذلك لكى تحرص على الا تقوم كلوديا باى شئ يرهقها طيلة فترة نقاهتها ، بعد خروجها من المستشفى . اما هو فعليه العودة الى لندن
بعد مرور عشرين دقيقة ، سكب لنفسه فنجانا من القهوة السوداء ، مدركا ان التوتر رجع اليه
ميرسى !
كره اضطراره الى ترك الامور عالقة بينهما . لكن لم يكن بيده خيار اخر تحت وطأة الظروف الراهنة المشحونة ، وبسبب تبديل المخططات . لابد انها ستتفهم موقفه ....
ان ملاكه ميرسى ، هى اكثر انسانة متفهمة عرفها يوما . انها تتحلى بالجمال والرقة من الداخل والخارج . احس ان قلبه يعتصر متالما داخل صدره فهناك الكثير مما يرغب بقوله لها . لكن لم يكن هنالك متسع من الوقت خلال الساعات القليلة الماضية . فقد سيطر عليه جو من الاستعجال والانهماك بسبب والدته ، كما اضطر الى ان يبدو هادئا ومتفائلا لاجلها
انه يعلم ما يحتاجه : اضواء شموع ، موسيقى ناعمة ، عشاء جيد ، اجواء رومنسية ، وبعض عبارات الغزل . وضع الفنجان بقوة على الطاولة ، وادخل يديه المكورتين على شكل قبضتين الى رداء المنشفة الذى يرتديه ، واخذ يمشى بخطوات واسعة فى الغرفة
انه يفتقدها بياس وجنون ... انه بحاجة لان يكون معها ... انه يريد ان يكون برفقتها ... لكن ذلك غير ممكن فى الوقت الراهن
كان يجدر به ان يصر على بقائها فى ايطاليا برفقته . لعن نفسه بحدة لان الفكرة لم تطرا على باله حينها
حسنا ! يمكنه التحدث اليها عبر الهاتف ...
الان !
طافت يداه فوق هاتفه الخليوى ، ثم عادتا ونزلتا الى جانبه
ماذا يمكنه ان يقول ... ما الذى سيقوله لها ؟ ايقول انه يحبها ؟
ميرسى لن تصدقه ، فهى على معرفة بسجله الماضى ، وبآرائه حول الارتباط . سمعت الامر من فمه الكبير شخصيا !
انه بحاجة لان يبرهن لها حبه ، بحاجة الى بعض الوقت ليقنعها انه تغير . سوف ياخذ ما شاء من الوقت ... الى ما لانهاية لو اضطر الامر . سوف يعمل على اغوائها ومغازلتها مرارا وتكرارا ، الى ان تصدقه ... الى ان تقتنع انها لا تستطيع ان تحيا من دونه
شعر اندريو انه يتوهج من شدة الاحباط ، فاوى الى السرير ، مفكرا انه سينام باكرا حتى يعوض ما فاته من نوم ، كما قد يفعل اى رجل عقلانى . لكن المشكلة تكمن فى انه لم يكن يشعر بالعقلانية . يا الهى ! انه ليس معتادا على طول الصبر والآناة ، لذا عليه ان يتعلم الصبر الان ، وبسرعة
ضغط بابهامه على الزر الذى يطفئ الانارة ، ثم حدق فى العتمة
وراى وجه ميرسى ...
ذاك الوجه الجدى اللطيف الجميل ، المحاط بتلك الخصل المتموجة المجعدة الهائجة ، وهى تجبره على تناول فطور مناسب ، فيما جسدها مغطى بذاك الرداء الرمادى الضخم الخالى من الشكل ، الذى اعتادت ارتداءه فى ارجاء المنزل . ذلك الرداء الذى تبدو فيه كحزمة كبيرة من الغسيل ، ولايعطى ادنى تلميح الى الاستدارات الرائعة المخبأة تحته
اما ابتسامة ميرسى الآسرة ، فلم تفشل ابدا فى جعل قلبه يزداد خفقانا ويسارع ضرباته ، الى ان يشعر كانه يغرق فى شعاعها المتوهج الساحر . ما زال اندريو يذكر الالم الذى ظهر فى عينيها المذهلتين بزرقتهما عندما اتهمته بانه يعتبرها سمينة وبشعة ، وهذا هو سبب استخدامها لتصوير الاعلان التليفزيونى
تذكر تلون وجنتيها بلون زهرى باهت ينم عن السرور ، حين فسر لها بانها ليست بشعة ، بل فى الواقع هى من ذلك الصنف من النساء الذى يفضله الرجل الحقيقى على اى عدد من النساء التافهات المختبئات خلف ملابس لماعة . يومها كان يعنى كل كلمة قالها من غير اى تحفظات ، على الرغم من انه لغبائه لم يتعرف الى مدلول ذاك الامر حينها
استلزم الامر صدمة رؤية ميرسى متغيرة المظهر حتى يرى ذلك . فى تلك اللحظة اراد ان ياخذها فورا بين ذراعيه . كما انه استغرق المزيد من الوقت حتى ... يا لغبائه الشديد ! حتى يفهم بانه يحتاج الى اكثر من ذلك . لاول مرة فى حياته وجد اندريو المرأة الوحيدة التى يمكنه ان يحبها ، والتى يمكنه ان يمضى بقية حياته برفقتها ، ويكون وفيا لها حتى النهاية
لكن هل ترغب ميرسى بما يرغب به هو ؟
لكم اندريو الوسادة حتى سقطت على الارض . نم ! كيف عساه يتوقع من نفسه ان ينام فى حين ان ذهنه مضطرب بشدة ؟
اطلق تنهيدة تنم عن المزاج السئ حقا ، وقال لنفسه ان من الطبيعى ان ترغب ميرسى بما يرغب به هو ، اى الارتباط التام . ما من داع لان يتعب نفسه بالتفكير ، اليس كذلك ؟ فمن الواضح انها تشعر بالانجذاب نحوه ، فقد تجاوبت بقوة مع عناقه لها . ان ملاكه ميرسى ليست من صنف النساء اللواتى يسمحن للرجل بمغازلتهن ومعانقتهن من غير ان يتاثرن ابدا . انها ليست من النوع الذى يامل بالحصول على شئ منه ، ولا يشبه اولئك النسوة اللواتى مررن فى حياته فيما مضى من دون ان يذرفن اية دمعة
ميرسى هى ابنة قس ، وقد تلقت تربية صالحة حقا ، بحق السماء !
الم تطلب منه صباح ذلك اليوم المميت بان يتوقف ، قائلة له انها لا ترضى بعلاقة عابرة من غير ارتباط طويل الامد ؟ عوضا عن الشعور بالغضب والاحباط ، انتابت اندريو موجة ضخمة من الرقة والاحترام والتبجيل ، والسبب فى ذلك الاكتشاف الذى عرفه عن نفسه ، فهو ايضا يرغب بالارتباط الطويل الامد ، اكثر من رغبته باى شئ اخر فى الحياة . اراد يومها ان يطلع ميرسى على نواياه لولا وصول كلوديا مع اخبارها المزعجة ، ما اجل هذا الاعتراف حينها
لم يشعر اندريو طيلة حياته انه غير واثق من نفسه الى هذا الحد . انه يشعر كذلك الان ، ولا يعجبه الامر !
لم يكن بمقدوره الانتظار بصبر حتى يتم اخراج كلوديا من المستشفى فيصبح قادر ليعود الى لندن
سوف ينسى الخطة المطولة ... الموسيقى الناعمة والشموع والرومنسية ... اى خطة التقرب من ميرسى برقة وأناة
ضغط بسرعة على زر الانارة ، فبهرت عينيه الاضواء المشعة التى تكفى لانارة ملعب باكمله ، ثم حمل هاتفه الخليوى
***
اجبرت ميرسى نفسها على الاحساس بالتفاؤل ، فيما كانت تغسل كوب الشاى الوحيد تحت صنبور المياه فوق المجلى الموجود فى المطبخ
اليوم هو اليوم الثالث على عودتها الى لندن ، وقد تمكنت فعلا من اخراج نفسها من ضباب التعاسة الذى لفها ، والذى حل عليها منذ راقبت اندريو وهو يضع والدته بحنان فى المقعد الخلفى لسيارة الليموزين التى سيقودها سائقها الخاص . عادت بعدئذ الى الفيلا ، حيث كانت سوفينيا تتفحص بدقة مطبخها بحثا عن اى فوضى او تخريب خلال فترة غيابها القصيرة
لم تتمكن ميرسى من مراقبة رحيل عزيزها اندريو بسيارته ، وهى تعلم بانها لن تراه مجددا
كان هذا اليوم متعبا تماما لها . صرت على اسنانها واجبرت نفسها على التوقف عن الاحلام وانهاء شعورها بالكآبة ، وكانه محكوم عليها بالدمار . اجبرت نفسها على القيام بشئ ايجابى ، فحجزت لنفسها غرفة فى نزل متواضع ، ثم عادت وسجلت اسمها فى وكالة الاعمال المنزلية . لان المال الذى توفره والذى حصلته من تصوير ذلك الاعلان ، قد دفعته لتسديد حساب جيمس ، لذا فهى فى الواقع مفلسة ، وبحاجة الى ايجاد عمل على الفور
وضبت ميرسى معظم اغراضها ، وغدا سوف تحرص على جعل منزل اندريو مثالى النظافة والترتيب ، ثم ستكتب ملاحظة قصيرة تشرح له فيها بانها غادرت الى مكان اخر . بعدئذ ستحمل حقائبها ، وتقفل الباب خلفها وتعيد المفتاح اليه عبر علبة البريد ، ثم تسير مبتعدة . ذلك ما يجب ان تفعله ، فهذا الامر لصالحها . لذا فهى لن تسمح لنفسها بالبكاء . لن تسمح ! اذا ما بقيت قريبة منه ، واحبته ، وازداد تعلقها به واعتمادها عليه مع مرور الايام ، فسوف تعيش فى العذاب والمرارة
اندريو باسكالى السريع الاشتعال ، المتململ الطائر الحر الطليق ، لايرغب بالارتباط باحد . حتى لو كان مهتما بها . فكل ما سيقترحه عليها هو اقامة علاقة غرامية ، وهو امر سيدوم فقط الى ان تظهر امرأة اخرى اكثر فتنة وسحرا وجاذبية على الشاشة . ما يعنى ان العلاقة بينها وبين اندريو ستستمرحوالى الاسبوعين ، هذا اذا كان الحظ حليفها !
حالتها مع اندريو ميؤوس منها . فهى بكل بساطة لا تستطيع ان تثق بنفسها عندما يكون قريبا منها ، فهو يسيطر على حواسها وكيانها ، فتغدو مأخوذة به
لا يمكنها ان تنتظر آملة بياس ان يبدل الفهد جلده بسحر ساحر ، فتتبدل البقع التى تميزه يوما وتتحول علاقتهما الغرامية الى علاقة حب وطيدة تدوم لمدى العمر . فهى تدرك فى اعمق اعماق قلبها ان ذلك من سابع المستحيلات ، ولن يحصل مطلقا
ما يزال هناك امر واحد تقوم به قبل ان تخلد الى النوم تملصا من الافكار . جففت ميرسى يديها بمنشفة المطبخ ، وابتلعت كتلة تسد حلقها ، فيما احست بالتردد والخوف فى داخلها ، فبعد وصولها فى وقت متاخر من بعد ظهر اليوم لاحظت ان الضوء الاحمر على الالة المجيبة يومض مشيرا الى وجود رسالة صوتية
اهى من اندريو ؟
احست ميرسى بالجبن حينها ، فذهبت الى الجناح الخاص بها لتوضيب اغراضها . نظرا لحالتها المتقلقلة الان ، فهى تخشى ان تنقلب من فوق الهاوية لدى سماع صوت اندريو المحبب . سيؤدى الامر بها الى البكاء المرير !
اما الان فهى مضطرة الى الدخول للاستماع الى الرسالة الصوتية . لابد ان عملية كلوديا الجراحية قد انتهت الان ، واملت الا تكون الاخبار سيئة
احست ميرسى انها تصرفت بانانية لعدم استماعها فورا الى مضمون رسالته ، لذا دخلت الى غرفة مكتبه ، واستعدت مهيئة نفسها لسماع نبرة صوته المسجل ، لكنها شعرت بالخيبة المريعة عندما اكتشفت ان الرسالة ليست منه ، وذلك برهن لها كم هى حقا حمقاء ميؤوس منها
سمعت صوت جيمس يبلغها : لدى اخبار جيدة ، اختى . سوف امر بك مساء الغد حينما تكونين خارج الخدمة ، وساخبرك كل ما يتعلق بالامر . انه خبر جيد لك ايضا . اراك غدا !
تنهدت ميرسى وازداد احساسها بانانيتها ، فقد كانت شديدة الانغماس بمشاعرها حيال اندريو ، ومهوسة به الى حد انها لم تفكر باعلام شقيقها انها ستكون خارج البلاد لاسبوعين على الاقل
لابد ان جيمس كان سيشعر بالانزعاج لو انه تكبد عناء المجئ لرؤيتها ولم يجد احدا فى المنزل . هذا ما كان سيحصل لو ان اقامتها واندريو فى ايطاليا لم تختصر ، اما الان فعليها تبديل مخططاتها ، والبقاء فى هذا المنزل لمدة يوم اخر
انه امر صعب ، لانه يفطر قلبها . تواجدها فى منزله ، ملامستها للاغراض التى لامسها ، والسير حيث كان يمشى ، .... آه ! فليكن الله فى عونها
تذكرت ميرسى المرة الاولى التى وقع نظرها عليه فيها ، هنا فى هذه الغرفة بالذات . لقد جلبت على نفسها بلية حقيقية منذ تلك اللحظة ، فاخذت تمضى غالبية وقتها محاولة ان تؤكد لنفسها ان ما تشعر به نحوه مجرد نزوة عابرة . حاولت ان تطمئن نفسها انه امر عادى جدا ، وليس سيئا تكترث له . لانه لا يمكن لاى امرأة تراه الا تحلم به ، الا اذا كانت على فراش موتها وتطلق نفسها الاخير
اقرت ميرسى لاحقا بان ما تشعر به ليس نزوة سخيفة قد تتخطاها سريعا ، فهى مغرمة به بجنون ، وقد قلب حياتها راسا على عقب . انها مغرمة برجل لن يحبها ابدا ، ولن يبادلها الشعور نفسه . رجل لا يرغب الا باقامة علاقة عابرة معها
سارت نحو الباب مجرجرة قدميها ، ثم قفزت هلعا حينما رن جرس الهاتف . احست لوهلة انها مشلولة ، ثم استراحت ملامح وجهها الجامدة فى ابتسامة رقيقة
جيمس ! لابد انه هو . يبدو انه يرغب بالتحقق من انها تلقت رسالته . لطالما كان شقيقها متنبها لامور كهذه ، فهو لا يقوم باى شئ بالصدفة ، وهو لن يرغب بهدر وقته فى حال لم تكن متواجدة فى المنزل
كانت ميرسى بحاجة الى شئ يرفع من معنوياتها ويبهجها قليلا . فرفعت السماعة وهى تتساءل ما عساه يكون الخبر الجيد ، فتكلمت بصوت مشرق قائلة : مرحبا ! اهذا انت ، جيمس ؟
-من هو جيمس ؟
هزها صوت اندريو القوى ، ذلك الصوت الذى بدا حادا كالسكين . اخذ ذهن ميرسى يتسارع قبل ان تتمكن من فك تشابك اوتارها الصوتية
بغض النظر عن اسباب اتصال اندريو بها ، بدا لها انه شعر بالانزعاج عندما تحقق انها تتوقع اتصالا من رجل اخر . يا للسخرية ! ماذا لو اعتقد انها مع عودتها الى لندن اخذت تتسكع هائمة ؟ فى تلك الحالة فان اندريو قد يقوم بفعل اكثر امر تخشاه ، وذلك بان يقترح عليها ان ينطلقا فى انشاء علاقة غرامية كاملة ، لكن بغير ارتباطات ، الى ان يشعر بالملل فيوقف الامر
تقرحت اذن ميرسى بسبب صوت اندريو المحمل بنفاذ الصبر ، فقال : حسنا ؟
استجمعت ميرسى شجاعتها ، وتدبرت ان تجيبه بصوت بارد الى حد ما نظرا الى الظروف الراهنة ، فقالت : لا احد ينبغى ان تعلم بشانه
قصدت ان تعلمه بانها تتوقع منه الا يتدخل فى ما لا يعنيه ، ثم تابعت كلامها
باهتمام وقلق حقيقين ، فسالته : كيف حال كلوديا ؟ هل جرت عمليتها الجراحية على ما يرام ؟
ظنت انها سمعته يصر اسنانه ، ثم رد قائلا : بشكل ممتاز
احست ميرسى باصابع قدميها تنكمش ، فنبرة اندريو الرقيقة الآسرة لم تبد واضحة لها بهذا الشكل من قبل . لطالما جعلها صوت اندريو تشعر بالضعف فى ركبتيها ، لذا اضطرت الى سحب كرسى من خلف مكتبه لتجلس عليه ، اما هو فتابع كلامه واسترسل فى اعلامها قائلا : اريدك ان تتزوجينى . يا الهى .... ! هذا ما كنت افكر به ، صدقينى !
بدا راسها يسبح فى دوامة ضبابية ، فيما رقت نبرته وهو يعترف قائلا : نظرا للظروف الراهنة اضطررت الى مفاجأتك بالامر ، فلم يعد باستطاعتى الانتظار الى حين اوافيك فى لندن
بعد ذلك عاد الاستبداد والثقة الكبيرة بالنفس الى صوت اندريو ، فيما تابع : هذا الرجل الذى كنت تتوقعين اتصاله ... انسية ! فانت مخطوبة . واذا كنت فى حاجة الى فعل شئ ما لتمضية الوقت ، فابدأى بالتفكير بما تريدين ابتياعه كجهاز عروس . احب ان اراك وانت ترتدين الحرير والساتان ، ابتاعى اشياء صغيرة مخرمة ذات شرائط ....
اصطبغ وجه ميرسى بالاحمرار وصولا حتى اذنيها ، لكنها ما لبثت ان احست بالغثيان وبالاذلال الكريه . اسقطت السماعة على حضنها ، فهى لا تستطيع احتمال الاصغاء الى هذا . لقد آلمها الامر كثيرا
ميرسى تعرف بالضبط ماهى دوافعه . انه لا يعرض عليها الزواج بدافع حبه لها ورغبته بتمضية بقية حياته معها
كل ما فى الامر هو ان كلوديا يائسة ترغب بان ترى ابنها الوحيد متزوجا ، مستقرا ولديه الكثير من الاطفال . فهى تريده ان يتوقف عن التنقل بسرعة فائقة من امرأة غير مناسبة الى اخرى تنتظر دورها . ويبدو ان كلوديا احبت ميرسى لسبب ما ، وهى تعتقد بانها الزوجة المناسبة لابنها . لابد انها تفحصت خلفية ميرسى ، وارضاها ما سمعته عنها . اما اندريو فهو يرغب بياس بمصالحة والدته التى لم يبق لديه سواها من عائلته . والان ، وفيما يلوح الخطر فى الافق بسبب العملية الجراحية التى يهابها فى تفكيره ، فهو مستعد للقيام باى شئ حتى يهدئ بال والدته ، فيكسب رضاها لاول مرة فى حياته ، حتى ولو كلفه ذلك ان يعدها بانه سيستقر ويتزوج ويمنحها الاحفاد
جذبت ميرسى نفسا عميقا مرتعدا . فيما رفعت السماعة واعادتها الى اذنها . سمعت ذلك الصوت المثير يصف لها الان شهر عسلهما ، فقاطعته مذعورة : اصمت ! انا لم اقل اننى ساتزوجك !
-لكنك ستفعلين !
بدا اندريو واثقا جدا ، فيما بدا صوته دافئا كالعسل الذائب ، وتخيلت انها ترى ابتسامته المثيرة ، المستهينة ، المستهترة ! فاخذت ترتجف ثم صرخت قائلة : كلا ! لن افعل !
ثم صفقت السماعة واقفلت الخط
*****
انتهى الفصل الحادى عشر


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 11:52 AM   #14

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

12- دعني وشأني !
-اذا ، ستغادر لتعود الى لندن ؟
قالت كلوديا ملاحظتها بجفاف ، لكنها لحسن الحظ لم تبد مرتعبة بالقدر الذى كان اندريو يخشاه . جلست مستندة الى الوسائد البيضاء المشرقة ذات الرائحة المنعشة ، وقد بدت مرتاحة تماما
-لبضعة ايام فقط ، ماما . ستقوم ماريا باستخدام جناحى فى الفندق الى حين عودتى . يمكنها القدوم اليك ومجالستك فى اى وقت ترغبين فيه بوجودها معك ، فهى ستؤدى لك الخدمات ، وتقوم بشراء ما تحتاجينه ، فتؤانسك وتسليك
ضاقت عيناها باتجاه ابنها الوسيم ، وقالت : ذلك لطف منك ، عزيزى
ارتسمت على وجه اندريو تلك النظرة العنيدة التى تعرفها جيدا ، فيما بدا فكه جامدا ، اما عيناه الجميلتان فبدتا كانهما تتفكران بمشروع معقد لكنه غير محدد . لذا جست كلوديا النبض بغير اسف قائلة : هل قلت انه عمل طارئ ؟ هل له علاقة باشتياقك لخطيبتك الصغيرة الجميلة ؟
اجبر اندريو نفسه على الابتسام . فهو لم يندم لانه اخبر والدته بانه وجد فى ميرسى المرأة الوحيدة التى كان يبحث عنها فى عقله اللاواعى ، طيله حياته . انها المرأة الوحيدة التى سوف يشعر بالفخر لان يدعوها زوجته
فى الوقت الذى اطلع فيه والدته على نيته بالزواج ، كان يؤمن حقا بان ميرسى تبادله الشعور ، اى انها تحبه ، او بانه قادر على جعلها تحبه . شعرت كلوديا بالنشوة لشدة سعادتها عندما اطلعها اندريو العنيد المتمرد ، انه على وشك ان يستقر وينجب لها الاحفاد الذين كادت تفقد الامل بالحصول عليهم . والان ، لا يستطيع اندريو ان يبين الحقيقة لكلوديا ، طالما ان صحتها ما زالت فى حالة متقلقلة . انه لا يستطيع اخبارها ان ميرسى كانت تنتظر اتصالا من رجل اخر ، وانها بدت مسرورة ومبتهجة عندما ظنته ذلك الرجل ، وانها تهربت من الاجابة عن سؤاله ، وبدلت الموضوع حين طالبها بمعرفة من يكون الرجل الاخر . الشئ الوحيد الذى يعرفه اندريو عن الرجل المجهول الذى يتدخل بينه وبين ميرسى هو ان اسمه جيمس
كما انه لا يستطيع اطلاع كلوديا على ان ميرسى رفضت عرضه بكل بساطة ، وانها فى الواقع اقفلت السماعة فى وجهه !
رد موافقا بنبرة رقيقة لا تظهر يأسه الحاد ، فقال : سوف اقابل ميرسى خلال وجودى فى لندن
ادخل يديه فى جيبى سرواله ، وابتسم الى ان تصلب وجهه
وبخته كلوديا قائلة : لا يمكننى ان افهم لما سمحت لها بالعودة الى لندن . كان ينبغى عليك ان تصر على بقائها هنا ، حيث بامكانها ان تزورنى ، فنجرى احاديث حميمة حول ترتيبات الزفاف
لا يمكن لاندريو ان يطلع كلوديا على حقيقة انه لن يكون هناك اى زفاف ، ليس الان على الاقل ، اذا ما اعتبر رد ميرسى على عرضه جديا
لكنه سوف يغير ذلك
لطالما حصل اندريو باسكالى على مبتغاه ، وهو لم يرغب طيلة حياته باى شئ ، كرغبته بالحصول على ميرسى زوجة له
ودع اندريو والدته ، ثم رفع يدها وقبلها . توجه بعدئذ الى خارج الغرفة وقد بدت عيناه داكنتين وممتلئتين بالعزم والتصميم
***
لم يكن جيمس قد اعاد الاتصال بميرسى حتى تؤكد له انها موجودة فى المنزل . لذا لم تكن لديها فكرة عن موعد وصوله ، فالمساء قد يرمز الى اى وقت ما بين السادسة والعاشرة
حوالى الساعة الثامنة ، تفقدت طاولة المطبخ . بدا غطاء الطاولة الكتانى جيد المظهر فوق خشب الصنوبر ، اما اكواب العصير فبدت لماعة
اما اندريو ... فهى ببساطة لم ترغب بان تفكر به ، او بعرضه المهن لها . لو انه حقا مغرم بها ، لما اعتبرت ان هذا العرض مهين لها ، بل لاعتبرته اروع شئ فى الكون باسره
حلق قلب ميرسى المسكين لمدة جزء من المليون من الثانية على اجنحة من النشوة العارمة ، حين قال لها اندريو تلك الكلمات السحرية ، ثم عاد فسقط مرتطما بالارض ، كما لو انه بالون من الرصاص ، عندما عاد التفكير العقلانى ليسيطر على ذهنها
اندريو لا يحبها ، وهى تعلم ذلك . كما انها تتمتع باحترام كبير لنفسها ، لا يسمح لها بان تخدع نفسها فى تصديق العكس . اراد اندريو اقامة علاقة معها ، وعندما قاومته ادرك ان ذلك ليس ممكنا من دون الارتباط بها
سوف تكون ببساطة مجرد انثى فى سرير اندريو ، لا شئ اكثر . وحالما تزول الرغبة المستجدة ، سيقول لها الوداع . وداع حازم جدا ...
فهذا هو الاسلوب الذى اعتاد ان يعامل عشيقاته به ، ولتكن السماء بعون اى امرأة تحاول التعلق به . الم تكن شاهدة على مناسبة كهذه بنفسها ؟
الم يقل لها اندريو بنفسه ان لا نية لديه بالزواج وبربط نفسه باى امرأة خلال المستقبل المنظور ؟ الم يصارحها بانه سوف يعض على الجرح ويتزوج فى وقت ما من المستقبل المبهم والبعيد جدا ، من امرأة تمتلك ثروتها الخاصة المريحة ، اى المرأة التى ستنجب له الورثة ؟ الم يقل ان تلك المرأة ستغض النظر عن خيانته لها فى بعض المناسبات ، وان ذلك امر معروف حتما ؟
ثم تغير كل شئ ... صعق اندريو بشدة لدى سماعة الاخبار المختصة بحالة والدته الصحية المتدهورة وقلبها الضعيف . توفى والده وهو ما يزال غير راض عن اسلوبه فى الحياة وعن المهنة التى اختارها والنساء اللواتى يواعدهن ، اى كل ما يتعلق به . انه عمليا قد تبرا من الابن الذى رفض ان ينصاع لاوامره ، وذلك الامر سبب الحزن العميق لاندريو
خشى اندريو ان يخسر والدته ايضا من دون ان يحظى بموافقتها ورضاها عليه ، ما اوقعه فى حفرة عميقة من الجزع والقلق الكئيبين . نزف قلب ميرسى الما وتعاطفا مع اندريو ، فبناء على نصيحتها له لابد انه استغل اخر ليلة له مع كلوديا ليحدثها ويفتح لها قلبه . لابد انه جعلها ترى انه بالرغم من رفضه الحازم جدا للمهنة ولاسلوب الحياة اللذين ارادهما له كل من والديه ، فقد كان محقا فى اتباع نجمه اللامع المبدع الخاص به ، فها هو قد اصبح شخصا ذا مكانة مرموقة يمكن لكلوديا ان تفخر به . كما ذهب اندريو الى ابعد من ذلك ، فاراح بال والدته باخبارها ان المرأة التى كانت برفقته فى الفيلا ، ليست واحدة من اولئك العشيقات العاديات . قال لها بان ميرسى هى عروسه العتيدة ، ومن هنا جاء عرضه المفاجئ لها بالزواج
فكرت ميرسى انه من غير المستعبد ان يفعل اندريو امرا كهذا ! فهو مندفع ، وعنيد ايضا ومتصلب فى رايه . لابد انه اراد بياس ان يريح بال كلوديا قبل اجرائها للعملية ، ولم يجد افضل من هذه الطريقة ، وهى طمانتها بانه على وشك ان يستقر وينشئ عائلة
يجب الا تتدخل مشاعرها الخاصة تجاهه فى الامر . اذا ما وافقت على الزواج به ، لا شك انها ستعيش فى احضان الرفاهية ، لكنها ستبقى منسية فى مكان بعيد ، حيث يتركها اندريو لتربى اولاده ، من غير ان تعلم اين هو ، وبرفقة من يمضى اوقاته !
سالت على خد ميرسى دمعة مزعجة من الشفقة على نفسها ، فمسحتها بكم ثوبها القديم وتجهمت . انها تنتظر انتهاء النهار بنفاذ الصبر ، الى درجة انها قد استحمت وارتدت ملابس نومها فى وقت مبكر جدا ، وكأن ذلك سوف يسرع بمجئ الصباح
مشت ميرسى وحاشية ردائها تنجر خلفها . اجبرت نفسها على ابعاد تفكيرها عن اندريو باسكالى الجذاب المتلاعب الذى لا يطاق ، وذهبت لكى تتفحص مقلاة الدجاج مع الفطر الذى كانت اعدته
على العكس منها ، يبدو جيمس طويلا ونحيلا ، حتى انه يبدو كانه يعانى من الجوع .
لطالما كانت والدتهما تتذمر لانه ينسى تناول الطعام لولا وجود احدهم بجواره ليذكره بذلك . لم تشعر ميرسى ابدا بفقدان الشهية كما تحس الان ، لكن عليها ان تحرص على ان يتناول شقيقها الاصغر وجبة مشبعة . يمكنه ان يطلعها على الخبر السار اثناء تناولهما الطعام ، وهى يمكنها ان تعطيه عنوان النزل الذى ستقيم فيه ، حتى يعلم بمكان وجودها ، ويتصل بها اذا ما رغب بذلك
ما ان وقفت ميرسى باستقامة واغلقت باب الفرن المشتعل على مهل ، حتى سمعت صوت جرس الباب المنخفض ، فغمرها الارتياح
جيمس !
لكنه لم يكن هو
كان اندريو يرتدى قميصا عادية ذات لون ازرق غامق ، دسها تحت سروال ضيق من الجينز ، فبدا رائعا جدا . ظهرت ابتسامة بطيئة على فمه الانيق الرائع ، فيما بدت عيناه متالقتين بلون فضى دافئ خلف رموشه السوداء الكثيفة
قال لها بخفة فيما هو يعبر من امامها : تركت مفاتيحى فى نابولى
ثم لاحظ مظهرها المهمل ، اذ بدت كما لو انها تعرضت للقصف فى معركة بشحوبها غير الاعتيادى ، فسالها : اتاوين الى الفراش باكرا ؟
تشربت عيناه ببطء منظر رداءها المربوط باحكام حول خصرها النحيل . وتسارعت نبضات قلب اندريو لكونه قريبا الى هذا الحد من جميلته المحبوبة ميرسى ، وتصلبت عضلات جسده
تكلم برقة ، كابحا رغبته بجنون لان يحتضنها ولا يفلتها ابدا ، فقال : ايمكنك البقاء مستيقظة لمدة نصف ساعة بعد ؟ ارغب فى التحدث اليك
لن ينجرف خلف اندفاعه المتهور لمعانقتها الى ان تهتز الارض تحت قدميها ، فوقوعه فى حب الساحرة ميرسى هاورد قد بدل كل شئ . فى السابق كان لينقاد وراء غرائزه : ياخذها بين ذراعيه الى ان يسلب عقلها فتنسى فى اى يوم هى ، لكنه لاول مرة فى حياته لم يكن ينوى الدخول بخطوات سريعة لاخذ ما يريده . لن يستخدم الاغواء حتى يدفعها الى قبول الزواج منه تحت تاثير موجة من المشاعر البدائية الساحقة التى تجعلها ضعيفة الحيلة
ان ميرسى ثمينة جدا ومهمة جدا بالنسبة اليه ، وهو لن يفعل ذلك بها . بشكل ما ، ينبغى عليه ان يعلمها كيف تحبه . عليه ان يكسب محبتها وان يستحق ثقتها
لم يكن بمقدار ميرسى الا ان تتبعه وهى تجر قدميها وقد تسارعت نبضات قلبها ، ثم جف فمها الى حد ما عادت قادرة معه على الكلام . اما اندريو فسار متباطئا نحو المطبخ ، واقترح قائلا : سوف اعد القهوة لكلينا . تعالى !
لماذا جاء الى هنا بعد الاسلوب الفظ الذى رفضت به عرضه السخيف ؟ الا يجدر به ان يكون فى نابولى مع كلوديا ، ليرعاها الى ان تتخطى هذه المرحلة الحرجة من النقاهة بعد العملية ؟
وقف اندريو فى مدخل باب المطبخ مترددا ، فيما امسكت ميرسى بطيتى صدر ردائها وجذبتهما على صدرها . كانت على وشك ان تساله عما يفكر به ، حين سالها اندريو بحزم فيما بقى ظهره مواجها لها : هل تتوقعين مجئ احدهم ؟
راى فى تلك اللحظة المكانين المعدين على الطاولة ، فيما فاحت نكهة كسرولة الدجاج ممتزجة برائحة البطاطا ووضعت الى جانبها زجاجة العصير والكوبان
بدا صوت ميرسى اجش وكئيبا من غير اى لمحة للمرح الهادئ العادى الذى قصدته فيما ردت : الا يبدو هذا واضحا ؟
عندئذ استدار اندريو ، وضاقت عيناه الذكيتان فيما اجالهما عليها متفحصا ملامحها . تحركت الغيرة فى اعماقه كالسكين الحاد الخطير الجامح . براءة ميرسى وطبعها المتزمت المحافظ جعله يفكر فى انها ما تزال عذراء ، وانها ليست من النوع الذى يقيم علاقات عابرة . لكن كيف عساه يكون متاكدا تماما من ذلك ؟ على الرغم من قلة خبرتها الواضحة ، الا انها تجاوبت مع عناقه بشكل رائع ، بتلقائية وشغف . لكن ، بحق السماء ! هو لن يقف مكتوف اليدين فيما تقوم ميرسى بمنح رجل اخر هذا الفيض من الرقة والحنان فيتمتع بعواطفها المكتشفة حديثا !
سواء كانت ميرسى تدرك ذلك ام لا ، لكنها امراته هو ! ملكه هو !
قام اندريو ببذل مجهود كبير لكى يهدا ويبرد اعصابه ، ثم اجبر كتفيه التصلبتين وعموده الفقرى على الاسترخاء
كيف يمكنه ان يفكر بهذا السوء حيال ملاكه العذب ؟ انها ليست من الصنف الذى ينتقل من سرير رجل الى سرير اخر ، ام تراها كذلك ؟ بالطبع لا ! فهو منذ اللحظة الاولى التى عرفها فيها ، وجد حسها الاخلاقى الصادق محببا مثيرا للاهتمام . جعلها ذلك تبدو مختلفة بشكل منعش عن اولئك النسوة اللواتى شاركنه حياته لوقت قصير ثم ذهبن فى النسيان
انها على الارجح تتوقع وصول صديقتها تلك . خطا اندريو خطوة باتجاه ميرسى ، فجعلتها ابتسامته الرقيقة المستميلة ترتجف
-لعل بامكانك الاتصال بصديقتك لكى تلغى زيارتها . قدمى لها اعتذاراتى ، فانا حقا ارغب بالتحدث اليك حول مستقبلنا يا عزيزتى الغالية
اضطربت ميرسى لظهور الرجل الذى تحبه الى حد شتت فكرها ، اما ذلك التتحبب وذكر امر المستقبل ، فجعلاها تشعر كانها تدور على عقبيها دورات متتتالية . حدقت اليه بعينين متسعتين جدا . حتما هو ليس على وشك ان يعيد على مسامعها ذلك العرض المؤلم . بدا من السهل الى حد ما ان تصرخ بوجهه لا عبر سماعة الهاتف ، لكن الامر مختلف تماما عندما يواجهها الرجل الذى يجسد كل احلامها بلحمه وعظمه مباشرة
ماذا لو اصر على الامر ؟ لكن هل تراه يفعل ذلك ؟ لابد ان الاسلوب الذى استخدمته لانهاء المكالمة بقوة قد ترك اثرا حادا على غروره الكبير . فبحسب معرفتها باندريو ، انه لن يتناسى او يسامح استخفافا من هذا النوع . لا يمكن لميرسى الا ان تشعر بالاندهاش لان اندريو لم يقم بتوجيه كلام ساخر لها بواسطة لسانه اللاذع ، ذلك لانها تهورت بشكل طائش الى حد دفعها الى رفض عرض كهذا ، اى ان تتزوج من احد اكثر الرجال العازبين شهرة فى لندن
اما اذا كان اندريو يائسا جدا ويرغب باسعاد كلوديا ، واكتساب رضاها لاول مرة فى حياته ، فهو بكل سهولة يستطيع ان يفرقع اصابعه مشيرا الى اية واحدة من عشيقاته السابقات ، حتى يحصل على ما يريد ، فلا شك ان كلا منهن متشوقة لان تكون عروسا له
بحثت ميرسى عن الجواب فى ملامح وجه اندريو التى يصعب نسيانها ، فيما المها حلقها لشدة التوتر . راحت الكلمات تتجمع فى حلقها الضيق ، لكنها بقيت غير منطوقة ، لانها فجاة ، علمت – او بالاحرى بدت واثقة الى حد بعيد – ان الكلمات بقيت مكانها
تريشا التى هجرها اندريو بغير اسف ولاندم هى مثال حى على نوع النساء اللواتى يختارهن ليكن عشيقاته لوقت قصير . اما ميرسى فهى على عكسهن تماما . وبحسب ما يفكر اندريو ، فانه لو رغب فى اسعاد والدته اخيرا ، وفى كسب رضاها عليه ، عليه ان يتزوج ويمنحها الاحفاد . اذا من الافضل من ميرسى هاورد الصغيرة ؟ لابد انها ستكون بالنسبة اليه زوجة جيدة تستحق التقدير . لو انتشلها اندريو من العمل فى الخدمة المنزلية ، ستكون ممتنة له الى الابد . فهى امرأة متواضعة وخاضعة ، وسوف ترضى بان تقبع بسلام فى خلفية حياته . ذلك يعنى ان اندريو حرا ليقيم علاقات غرامية سرية مع ذاك الصنف من النساء اللواتى يتوافقن تماما مع مواصفات المظهر الجميل والتميز الاجتماعى
لا ! ليس اذا كان فى مقدورها رفض ذلك !
اما كيفية رفضها لعرض اندريو بالزواج فجاء بقولها له : فات الاوان الان لالغاء الموعد . سوف يصل جيمس فى اية لحظة . ومهما كان الامر الذى ترغب بقوله ، يمكنه ان ينتظر
ضاق فم اندريو الواسع وغمق لون عينيه ، وامتلاتا بالغضب المقيت ، اما الكلام الذى قاله فطعنه كالوتد فى قلبه ايضا ، لكنه لم يتمالك نفسه من القول بخشونة مبالغ فيها : هل تقابلين رجلا اخر بعد ساعات فقط على مبادلتى العناق والمشاعر الجياشة ؟ يبدو جليا من ارتدائك للملابس المنزلية ان الطعام ليس الامر الوحيد على القائمة لديك !
ارادت ميرسى ان ترد عليه بالقول ان الفئران تسرح بحرية فى غياب الهر ، لكنها لم تنطق بذلك . هى تستطيع تحمل مزاجه المتاجج
، لا مشكلة فى ذلك ، لكنها لا تستطيع ان تتحمل اشمئزازه منها ومقته لها .
لا خيار اخر لديها الان سوى تحمل الامر ، لانها تعمدت ان تجلب ذلك لنفسها بنفسها . اكتفت باظهار التمرد ، وتمتمت : انت لا تعرفنى ! يمكننى ان استقبل اى شخص اريد ، فى اى وقت ارغب بذلك
انكمشت ملامح وجه اندريو البالغ الوسامة ، واصابها الشحوب ، فيما لاحظ الاحمرار الذى زحف صعودا الى عنقها النحيل . احس كأن قلبه قد قطع الى نصفين بواسطة فأس حادة ، مسببا له الالم المرير
لابد ان يقر بان هذه الفتاة المستهترة هى حقا داهية . فهى قادته خلفها ، وجعلته يصدق انها مختلفة عن غيرها . ارتدت قناع الطيبة والبراءة كالجلد المزيف ، ثم تسللت بمكر لتقابل غيره حالما ادار ظهره . لقد حولته الى غبى مسلوب العقل ، بل الى مخبول بما يكفى لان يرغب بالزواج منها !
ان رفض ميرسى عرضه بالزواج ، لم يعن شيئا فى بادئ الامر . لقد خاضت مجازفة مدروسة وكان من الممكن ان تحقق مأربها . تلك الساحرة الصغيرة نستطيع فهمه وقراءة افكاره كما لو كانت كتابا مفتوحا . رفضها له لم يكن يعنى الا انه سوف يكرر عرضه بالزواج لها ، ويعدها بكل شئ تريده فى الدنيا ، فيعدها بالقمر والنجوم . وحينما تحصل عليه متذللا عند قدميها ، راغبا بفعل اى شئ لاجلها ، فقط حينها قد توافق ميرسى بكل لباقة !
لكن الامر ساء بشكل مريع بالنسبة اليها . لاعجب انها بدت مصدومة جدا حين ظهر امامها على عتبة الباب . لم تكن ميرسى لتتوقع منه ان يسافر بهذه السرعة ليكون الى جانبها فورا ، فى حين ان كلوديا ما تزال فى المستشفى
لاعجب انه بدا مدعاة للسخرية ! تذكر اندريو ، حينما عاد الى المنزل من سفرته السابقة ، فى وقت ابكر من المتوقع ، ثم ذهب الى جناح ميرسى ليقرع بابها ، لكنه سمع ضحكة رجل تنبعث من غرفتها . يومها احس بغيرة عنيفة الى درجة انه اقسم على طردها . هو ، اندريو باسكالى ، الذى لم يشعر باية لحظة غيرة طيلة حياته . لابد انه كان يقع فى غرامها فى ذلك الحين
تمنى اندريو وهو يغلى غضبا ، لو انه طردها فى ذلك الوقت ، فوفر على نفسه هذا الاسى . لكنه اصيب يومها بفيروس ما ، وجرت الامور تباعا ....
منع اندريو نفسه من التفوه بمشاعره بارادة صلبة كالحديد ، فلم يفصح عما يدور فى خلده من الم ، او عن خيبته الموجعة . انه رجل يتمتع بالكرمة ، ولن يقلل من قدر نفسه امامها
استدار على عقبيه ، ومشى مبتعدا عن ميرسى ، بعد ان رماها بنظرة اخيرة جارحة ومميتة
*****
انتهى الفصل الثانى عشر


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 26-11-17, 11:53 AM   #15

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الاخير
13- هدية
قامت ميرسى بالامر الصائب الذى يجدر بها القيام به ، لكنها لم تشعر ابدا طيلة حياتها بمثل هذا البؤس وهذه التعاسة . لم تحس بشعور مماثل قبل الان ، حتى خلال الايام الكئيبة التى تبعت وفاة والديها ، لانها كانت قادرة على تهدئة حزنها عبر استحضار الذكريات السعيدة ومعرفتها انها محبوبة ومقدرة . اما هذا النوع من البؤس فهو مختلف تماما . لم تدر كم من الوقت بقيت واقفة فى مكانها ، كما لو كانت تمثالا من الرصاص ، تحدق فى الباب الذى اغلقه اندريو خلفه . اهى دقائق ام ساعات ؟
مهما يكن ، عليها ان تتمالك نفسها بشكل ما . ولو لم يكن ذلك الا لاجل شقيقها . فمن المتوقع وصول جيمس فى اية لحظة ، وهو لن يرغب بايجادها كتلة تبكى مشفقة على نفسها ، وتذرف الدموع بغزارة على الخبر السعيد الذى ينوى زفه اليها . انه يحمل اخبارا جيدة بحسب ما قال ، كما انها ستشعر بالذنب حقا لو انها اثبطت عزيمته ، بغض النظر عن ماهية الخبر
لقد اتخذت القرار الصائب ، على الرغم من المها الذى لايحتمل . فميرسى تعرف نقطة ضعفها تجاه اندريو باسكالى . لو ان نيته كانت بتكرار عرضه بالزولاج عليها ، فهى لن تتحلى بالقدرة العقلية اللازمة لرفضه مجددا . خصوصا اذا استخدم اندريو اسلوبه السابق الرقيق
ظلت ميرسى مشتتة الذهن ضائعة فى افكارها لفترة من الزمن . لذا فهى لم تنتبه لوصول جيمس ، الى ان دفع باب المطبخ ففتح على مصرعيه . مر بذهنها ان يكون اندريو قد اندفع غاضبا بسرعة حتى غادر ، فقد اراد بشدة ان يرحل من امام وجودها الكريه ، الى حد انه لم يفكر باغلاق باب المدخل الرئيسى خلفه . جعلها هذا الامر تشعر بحال اسوا حتى
دخل جيمس وهو يبتسم ابتسامة عريضة ، وقد بدت على خده الايسر علامة حمراء تدعو الى الريبة . اما اندريو فدخل خلفه مباشرة ، وقد بدا كالهر الذى وجد حبش عيد الميلاد بغير حراسة
صعقت ميرسى الى حد انها تراجعت الى الوراء تستند الى طاولة المطبخ . لم تراه عاد ؟ انها لا تستطيع احتمال الامر
اعلمها اندريو بصوت ذى نبرة تنم عن الاناقة والشفافية النادرتين فقال : شقيقك يود اطلاعك على امر ما
اتسعت عيناها ، وفارقتا اندريو لتتشبثا بجيمس ، ثم همست بحماقة : هل التقيتما ؟
بدا شقيق ميرسى الاصغر انيقا بشكل غير اعتيادى ، وقد ارتدى سروالا رماديا غامقا جديدا تماما مع قميص انيقة غير رسمية بلون الجلد
ابتسم جيمس ابتسامة عريضة ، مشيرا الى فكه باحدى يديه ، فيما امتدت اليد الاخرى الى جيب سرواله لتناول قطعة مطوية من الورق ، فاخرجها وهو يقول : لقد تواصلنا
سلم اندريو بالامر وهو يهز كتفيه باسلوب لاتينى صرف ، فقال : قبضتى مع فكه
زودها جيمس بالمزيد من المعلومات بغير ضغينة : بل رمانى ارضا . كنت واقفا على عتبة الباب ، حين اندفع اندريو خارجا ، وسالنى اذا كنت انا جيمس ... ثم لكمنى
-امر اعتذر بشانه بغير تحفظ
ادانت ميرسى الرجل الايطالى غير القابل للاصلاح بعد ان اطلقت نحوه نظرة عبوس تحمل اللوم والتوبيخ ، فقالت : يا الهى ! كيف استطعت ان تفعل ذلك ؟
مشت باتجاه شقيقها ، وحدقت الى الاعلى نحو وجهه ، وقالت : هل انت على ما يرام ؟
-لم اكن ابدا بحال افضل . كان رب عملك يدافع عن شرفك ، فقبل ان يلطمنى سالنى ان كنت انا جيمس ، معتقدا اننى الرجل البائس الذى انت على علاقة به
احست ميرسى بمشاعر الذنب تمزقها ، لانها هى من وضع تلك الفكرة فى راس اندريو المندفع السريع الاشتعال . وقفت على رؤوس اصابعها ، وطبعت قبلة رقيقة على فك جيمس الذى يعلوه الاحمرار . عندئذ تشدق اندريو قائلا : انت تؤخرينه ميرسى ، فشقيقك لديه موعد غرامى
احمرت وجنتا جيمس ، ثم مرر يديه فى شعره وقال : يا الهى ، نعم ! انا ساقابل فتاة شابة لتناول العشاء سويا ، ولا اريد ان اتاخر
وفر اندريو المعلومات لميرسى حين قال : انها طالبة تمريض تعرف اليها فى احد اجنحة المستشفى ، اسمها آنى ، ولديهما طاولة محجوزة فى المطعم عند الساعة التاسعة والنصف
نقلت ميرسى نظرها باستغراب بين الرجلين ، وتلعثمت قائلة : يبدو انكما اجريتما حديثا هاما
بدا اندريو مقهورا لاول مرة فيما قال : انه امر طبيعى . حالما تاكدت من انه على ما يرام ، ومن انه ينوى زيارة شقيقته ، جلسنا فى البهو وتبادلنا الاسرار . فى وقت ما فى المستقبل القريب سوف نجرى لقاء عائليا لائقا ، اما الان ...
رفع اندريو احد حاجبيه السوداوين فى اتجاه جيمس ، ثم امسك باب المطبخ مفتوحا له . بسرعة دفع جيمس بقطعة من الورق الى يد ميرسى وقال : هذا صحيح . على الاسراع ! اختى ... هذا لك . انه شيك مصرفى يغطى كل ما دفعته لحسابى . لطالما شعرت اننى بغيض لانك اصريت على اعالتى وحرمت نفسك من اشياء كثيرة لاجلى . الان يمكننى ان ارد الدين لك
فغرت ميرسى فاها ، وابقته مفتوحا . اما جيمس فغمغم بكلام ما ، فمن الواضح انه كان ينتظر بفارغ الصبر ان يذهب فى سبيله . لكنه تابع : اتذكرين سندات المراهنة التى اشتراها لى والدى عند ولادتى ؟ حسنا ! سواء صدقت الامر ام لا ، فان احدها اصاب الهدف الرابح ! اراك قريبا ... وسوف اعرفك على آنى
عانقها جيمس بسرعة ، ثم تبختر خارجا من الغرفة ، اما ميرسى فارتخت رجلاها ما اضطرها الى الاستناد الى الطاولة ، فيما راح قلبها يخفق باضطراب ، وقد اطبقت باناملها على الشيك
تسلل صوت اندريو الى افكار ميرسى المدهوشة التى ابتلعت ريقها بصعوبة ، فيما قال لها : اتسامحينى ؟
جرت الكثير من الاحداث خلال الدقائق القليلة الماضية ، لذا كان من المستحيل تماما ان تستوعب اى شئ بشكل ملائم
-الانك ضربت جيمس المسكين ؟
سحب اندريو احد الكراسى وهو يتقدم نحوها ، ثم قال : اجلسى قبل ان تهوى الى الارض
اخذ بعدها الشيك الذى كان يواجه خطر ان تمزقه ميرسى ، فارتفع حاجباه لدى رؤية ضخامة المبلغ الذى كان جيمس يدين لها به ، ثم قال : لابد انك كنت تعطينه كل قرش جنيته يوما
ركزت ميرسى بصعوبة عن التصريح الذى قاله اندريو للتو وحضته قائلة : بالكاد . لقد صرفت معظم المال الذى جنيته فى ذاك العمل الاعلانى
احست بالاضطراب وهى تتساءل لما ضرب اندريو شقيقها جيمس اصلا ، ولما عاد بمزاج جيد ، فى حين انها توقعت ان يعاملها بخشونة ، لانها جعلته يظن ان شقيقها هو الرجل الجديد الذى دخل حياتها ، فذلك يتلاءم اكثر مع طبيعته . ارادت ميرسى ان تفهمه ان الامر لا يخصه ولا يعنيه
اوه ، فقط لو انه يغادر من جديد ، فيتوقف عن تعذيبها بدنوه منها ! انها على الاقل ستتمكن من استئجار شقة لائقة نسبيا بتلك الدفعة غير المتوقعة ، فتلغى حجزها فى ذلك النزل المريع
سحب اندريو كرسيا اخر ، فجلس فى مواجهتها . وتفحصت عيناه الفضيتان المتالقتان ملامح وجهها المكدرة . وقال : لم تخبرينى من قبل ان لديك شقيقا ***
احست ميرسى انه على وشك ان يحطم دفاعاتها ويشعل فيها النار مجددا ، لذا اضطرت الى استجماع كل ما لديها من غرائز دفاع عن النفس لتذكره بحدة لاذعة قائلة : انت لم تسال . كنت مغيظا الى حد انك سالتنى ان كان لدى اى قريب مسن عاجز او اقرباء مرضى او اولاد غير شرعيين مخبئين فى مكان ما ! وانا اجبتك صدقا بالنفى
-لكنك تهربت من قول الحقيقة حين جعلتنى اصدق انك على وشك استقبال عشيق لكِ . لم تقولى لى انك تنوين اطعام شقيقك الاصغر . لماذا فعلت ذلك ؟
شعرت ميرسى بالخجل . لم يكن ذاك شيئا تفخر به ولو من بعيد . لكن لم عساها تعتذر عن خداع بدا لها حينها انه يحقق النتيجة المرغوبة ؟ الا يفترض ان يكون الهجوم افضل اساليب الدفاع ؟
احمر وجهها ، متجاهلة حقيقة ان اندريو افترض فى بادئ الامر انها كانت تنتظر صديقة لها ، فردت : انت دخلت الى المطبخ ، وقررت اننى انتظر رجلا ما ، وانا فى ملابس النوم مستعدة ... نظرت الى كما لو اننى من الفتيات الرخيصات ، ثم خرجت مبتعدا . ما الذى توقعت ان افعله ؟ ان ازحف خلفك متذللة لاخبرك بان الرجل الذى انتظر قدومه هو شقيقى ؟
اهتزت ميرسى حتى اعماق كيانها لدى رؤية ابتسامة اندريو المفاجئة ، ثم قال لها بنبرة اعجاب جعلتها تشكك بقدرتها على السمع : ان قدرتك التامة على عدم الزحف والتذلل معى ، هى احدى الامور العديدة التى احبها فيك
هبت ميرسى واقفة على قدميها ، واخذت اجراس الانذار بالخطر ترن فى راسها . سواء تخيلت ذلك الجزء المتعلق بالحب ام لا ، هاهو اندريو يقوم بالامر مجددا . انه يجعلها تحس بالضعف فى ركبتيها ، والارتخاء فى عمودها الفقرى . خشيت ان تصبح شديدة الشوق اليه ، وتتطلع قدما نحو اى شئ يريده منها ، وان تكون مهما يريد منها ان تكون . لكن باى ثمن ؟
نهض اندريو ايضا ، وقد بدت عيناه الجميلتان دافئتين فيما تلاقتا مع الزرقة العاصفة لعينيها الزرقاوين
انسحبت ميرسى بسرعة نحو الجانب البعيد من الطاولة ، متجاهلة ابتسامته المفتوحة ، فاطبقت يديها فى قبضتين محكمتين ووضعتهما على خاصرتيها
انها ليست معتادة على التعامل مع انصاف الحقائق والمراوغات . سوف تقر له بالحقيقة ، ولن تنزلق فى مجرى الحديث الى الاعتراف بانها مغرمة به حتى اعماق قلبه ، لانها ان فعلت ستضطر الى احتمال الاذلال والاهانة ، اما لانه سيمون ضحكا عليها ، او لانه سيشفق عليها
اخبرته بصوت لا يخلو من الارتعاش : جعلتك تظن بى ما ظننته لكى اجعلك تدعنى بسلام . قد اكون مخطئة ، لكنك بحسب ما قلت سابقا عن المستقبل وما شابه ، تركت لدى الانطباع بانك تنوى تكرار ذاك العرض المضحك بالزواج
ان صدى الرضى والارتياح الذى بدا فى صوت اندريو جعل ميرسى تشعركأن جلدها يحترق حين قال : ذلك ما كنت امل به . فبعد ان اكتشفت حقيقة من هو الرجل الذى يزورك ، استنتجت الامر بنفسى
لم يتدخل التفاخر بالنفس فى كلامه ! غضبت ميرسى وزاد ارتباكها حين تابع اندريو برقة متفوها بالحقيقة كما هى ، فسقطت على راسها كوقع المطرقة ، حيث قال : لم تستطيعى الوثوق بنفسك بانك سترفضين عرضى بالزواج مرة ثانية . لذا ابتدعت عشيقا لكِ حتى تجعلينى ارحل !
آه ! ها هو اذلالها يبدا هنا بالضبط . لكن ميرسى صممت على التمسك بالحزم ، فقالت : اذا ما الذى يقوله لك هذا ؟ لا اريد ان اضطر الى سماعك تطلب منى الزواج مجددا ابدا
مشت نحو الفرن لتنقذ مقلاة البطاطا المشوية ، التى لم تعد الان مغرية للعشاء . ثم القتها على الطاولة بقوة غير ضرورية ، وقالت : كل اذا كنت تشعر بالجوع . انا ذاهبة الى السرير . سوف اغادر صباحا ، ويمكنك الحصول على ورقة استقالتى مكتوبة
احست ميرسى بالوهن والضعف الذى افزعها حين تقدم اندريو فوقف خلفها . استلقت يداه بسرعة فوق كتفيها ، ثم قال لها : انا لا اشعر بالجوع الا لشئ واحد
تجمدت ميرسى فى مكانها ، لكنها تدبرت ان تقول بصوت مخنوق : لا تفعل ذلك !
قال : لم لا ؟
علمت ميرسى انه يجدر بها التحرك والذهاب ، فاندريو خبير فى الاغواء ، فى حين انها غبية ضعيفة ، وهى تحبه ، وتحتاج اليه ... ادارها اندريو برشاقة نحوه ، حتى اصبحت فى مواجهته ، ثم امسك وجهها بين يديه برقة ، وقال : اذا ، اخبرينى لم لا تريدين ان تصبحى زوجتى ؟
راحت رجلا ميرسى ترتعشان بشدة الى درجة انها اضطرت ان تستند الى اندريو لتدعم نفسها . انها حقا ترغب بان تكون زوجته ، اكثر من اى شئ اخر . لكن ليس اذا كان لا يحبها ، بل ينظر اليها باعتبارها فرصة ملائمة . انها تريده ، لكن ليس باى ثمن
رفع اندريو راسها الذى كان مستقرا مدفونا فى كتفه ، فقال : اخبرينى ... انظرى الى عزيزتى ، وقولى لى الحقيقة
ابتلعت ميرسى ريقها بصعوبة ، ثم نفخت هامسة سؤالا بدورها : هل اخبرت كلوديا قبل ان تجرى عمليتها الجراحية انك تنوى الزواج بى والاستقرار ؟
وعلى الرغم من محاولاتها للتحكم فى نفسها ، الا ان دمعة منفردة سالت نزولا على جانب وجهها . عندئذ اطلق اندريو انينا ولف ذراعيه حولها ممسكا بها بقربه ، فقال : لا تبكى ... ! ليس هنالك ما يدعو للبكاء ، يا ملاكى
لطالما وجد اندريو فى الماضى ، ان دموع المرأة امر يزعجه ويشعره بالاشمئزاز ، فهى اداة احتيال تستخدمها للحصول على ما تبتغيه . لكن الامر بدا مختلفا مع ميرسى ، حبيبته . احس بحاجة حارقة ملحة مؤلمة لان يواسيها ، وان يجعل كل شئ على ما يرام بالنسبة لها
-هذا ليس مكانا ...
رفعها اندريو بتهور متميز طائش ، فحملها الى غرفة الجلوس ووضعها بكل احترام وتبجيل على اريكة مريحة . وبالكاد تمهل حتى لالتقاط انفاسه
راحت ميرسى تحتج بصوت مرتفع ، فقالت : ماذا تظن نفسك فاعلا ؟
انضم اندريو اليها على الاريكة ، مستندا على احد مرفقيه ، فيما سمرتها يده الاخرى حيث اجلسها تماما ، وقال : احاول ايجاد شئ مشترك بيننا
رطبت ميرسى شفتيها الجافتين بطرف لسانها وارتعشت بشكل خارج عن السيطرة حين لامست يده برقة خدها ملاطفة ، ثم تمتم : اخبرينى لماذا رفضت عرضى بالزواج ، وقلت انه مضحك
تصاعد التوتر داخل ميرسى واندفع نحو راسها ، فيما قاومت بشدة موجات الشوق الحار الذى تملك جسدها الغدار
خاضت ميرسى معركة ضاربة لمجابهة ردات فعل جسدها . لم تساعدها هذه الاحاسيس تماما على البقاء باردة هادئة ومتماسكة ، لكى تنطق باسباب رفضها للزواج بشكل جيد ، واضح ومختصر
لكن يجدر بها ان تحاول ذلك ، الان تماما . قبل ان تذوب بين ذراعى اندريو وتنسى نفسها فى غمره عناقه ، فليساعدها الله
جذبت ميرسى نفسا عميقا الى رئتيها اللتين كانتا على حافة الانفجار ... اخيرا تمكنت من التكلم ، بالرغم من ان لسانها قد التصق بسقف فمها الجاف ، فقالت : انا لن اكون وسيلة راحة تلائمك
اختفت ابتسامة اندريو الجذابة ، والتوى فمه وهو يقول : اشرحى لى الامر ، فبحسب معرفتى بك ، يمكننى ان اتفهم تلك العبارة لو اننى دعوتك الى اقامة علاقة غرامية قصيرة معى
اصبح لون عينى اندريو داكنا بشكل قوى فيما تفحص ميرسى بنظرة غير ثابتة ، وتابع : يا الهى ! انا اطلب منك ان تكونى زوجتى !
التغيير المفاجئ الذى طرا على اندريو ، فتحول من الاغواء الخطير الى رجل ايطالى ذى غرور غاضب ، جعل ميرسى تحس كأن دلو من المياه المثلجة قد انسكب على راسها .
حاولت بذل اقصى جهدها كى لا تشعر باحساس الخسارة ، وتمتمت : الامر سيان
ثم ذكرته : انت اخبرتنى مرة بانك لن تتزوج قبل مرور سنوات طويلة ، وحين تقرر الزواج ، فذلك سيحصل بهدف الحصول على وريث ، وليس لاى سبب اخر . قلت انك ستختار امرأة تمتلك اموالا طائلة خاصة بها . فلم اخترتنى انا اذا ؟
تحمست ميرسى للفكرة التى تريد ايصالها ، فظهر الانفعال والغضب واضحين على ملامحها ، لان اندريو جعلها تفقد رشدها وتقع فى غرامه . وقوعها فى حبه جعلها تشعر بالالم الرهيب ، وتابعت منحرفة : سوف اخبرك ! لم يشعر والداك بالرضى على ما تفعله ابدا ، وشعرت بانك مشتت وانتابك الذنب الشديد عندما توفى والدك ، والان ، عندما واجهتك كلوديا بمشكلة قلبها الضعيف وبعمليتها القادمة ، صممت على الحصول على رضاها . اليس الامر كذلك ؟ لذا ، اخبرتها بانك مستعد لان تستقر وتتزوج وتمنحها الاحفاد . حسنا ! الم تفعل ؟ لم تكن قد سالتنى رايى بالامر حتى . لكن ، آه ... فكرت اننى قد اكون راغبة بالحصول على الثروة والمكانة الاجتماعية ، انه ربح اضافى نوعا ما . فانا امرأة متواضعة يسهل ارضاءها بالقليل ، وسوف اكون ممتنة جدا ، خادمة منزلية فقيرة تتزوج من رجل فاحش الثراء . يا لى من محظوظة ! ظننت اننى سابقى فمى مقفلا ، وانتظر فى المنزل وانا احيك ملابس الاطفال ، اما انت فتستمر فى اقامة علاقاتك الغرامية مع اولئك التافهات اللواتى يبدو انك تجدهن ضروريات بالنسبة اليك
كان الزخم والاندفاع قد نفذ من ميرسى ، فاحست ان فمها يرتجف
آه ! انه الان يعلم بانها رات الحقيقة من خلاله . الان هو الوقت المناسب له ليهب واقفا على قدميه ، مدفوعا بالغرور والتفاخر ، فيخرج من الغرفة بسرعة . لكنه لم يفعل ....
انحنى اندريو الى الامام وطبع قلبة خفيفة على يدها ، ثم قال : يا حبيبتى ! الان ارى انك مغرمة بى حقا
احست ميرسى بارتعاشة تزحف نزولا على امتداد عمودها الفقرى ، ثم تصعد مجددا . لقد اوضحت كل ما يدور فى خلدها من عوائق واعتراضات فكيف وصل الى هذا الاستنتاج ؟
تمتم وهو يقبل برقة راحة يدها : بعد ان تصنعت ذاك السيناريو المدهش ، اقول لكانت اية امرأة منطقية مكانك كانت لتهرع بالموافقة على عرضى الذى يوفر لها حياة ارتياح ورفاهية . وما من شئ اخر سوى الحب قد يجعل المرأة مترددة وخائفة كما هى حالك
تحركت اصابع اندريو نحو عنقها فوجدتا ضربات نبضها الشديد الاهتياج ، فيما تابع يشرح لها : لكنك انت ، يا جميلتى ، مختلفة تماما . اصبحت الامور واضحة الان . فقط امرأة مثلك انت ... امرأة مغرمة تضع الحب المتبادل فى مرتبة اعلى من عالم ملئ بالرفاهية والامان . رفضت عرض الزواج ، واقفلت السماعة فى وجهى بغير تردد ، خشية ان اتمكن من اقناعك بان تسمحى لنفسك ان تكونى زوجة ملائمة ، وهذا امر سيفطر قلبك الرقيق حتما
امسكت يد اندريو ذات الانامل الطويلة السمراء براسها وقربته من كتفه الصلبة ليرتاح عليها . ثم راحت تلك اليد تمسد شعرها برقة
تنهدت ميرسى وقد اجتاح معدتها سرب من الفراشات المرفرفة ، الا انها اطبقت يديها بقوة الى ان ابيضت مفاصل اصابعها ، لكى تمنع نفسها من التشبث به . بدت هذه المعركة الداخلية مع نفسها شنيعة جدا ، بعد ان علمت انه اكتشف سرها ، ما اعطاه القوة والافضلية عليها ، وهذا الامر زاد من حساسيتها وقابليتها للانجراح
رفع اندريو راسها مجددا ما جعلها تشعر بالحرمان الرهيب ، وقال لها : اصابك الذعر عندما سافرت حالا لاكون الى جانبك ، فجعلتنى اصدق انك تنتظرين عشيقا ما . لكنك لم تتيحى لى الفرصة ولو مرة واحدة لاخبرك كم اعشقك بقوة
تمايل قلب ميرسى بالم ، فقالت : انت فقط تقول لى ما تعتقد اننى ارغب بسماعه
-لو لم اكن اعنى ما اقوله اكثر من اى شئ عنيته يوما ، هل كنت ساتصرف كالمهووس ؟ هل كان جنونى سيثور بسبب الالم والغيرة اللذين شعرت بهما ، الى درجة اننى اوقعت ارضا اول رجل رد على اسم جيمس ؟ لو اننى اردت زوجة ملائمة فقط لارضاء والدتى ، كنت ساغض النظر عن هفوتك المصطنعة ، وساحاول اقناعك بانك ستستمتعين بحياة رغد وامان مالى ، لو انك اسديتنى خدمة وتزوجتنى فى الحال
تمتمت ميرسى مصدومة : هل شعرت بالغيرة حقا ؟
ام عساه كان ببساطة غاضبا الى حد كبير ، لانها كما يبدو تفضل رجلا اخر عليه ، مما جعله يتصرف بعنف ؟ تمتمت وهى تخفض بصرها : اراهن على انك قلت لكل نسائك السابقات انك تحبهن كثيرا ، ايضا . واراهن على انك لا تبقى وفيا لمدة تزيد عن بضعة اسابيع
وضع اندريو اصبعه النحيل تحت ذقنها ليجبرها على النظر اليه ، قائلا : انظرى الى ، اقسم بحياتى اننى لم اغرم بامرأة من قبل ، ولم اقل يوما لاى امرأة اننى احبها ، لكن حبى لك غيرنى . سوف ابقى وفيا لك كالكلب لسيده ، ساكون عبدك الى الابد
تعهد اندريو باسراف مفرط . ثم تابع : اما اذا ظننت اننى قررت الزواج لارضاء كلوديا ، فانت مخطئة جدا . انا اخبرتها بذلك لاننى كنت واثقا من انك تبادليننى شعورى هذا ، فانا لم اشعر بهذه السعادة من قبل . اخبرتها لاننى لم اقع فى الحب من قبل ابدا طيلة حياتى ، ولم اكن قادرا على الاحتفاظ بالامر لنفسى فقط . فى الواقع ، توقعت منها ان تنهال على بالتوبيخ ، فتؤنبنى لاننى اخترت الزواج من مدبرة منزلى ، فتطالبنى بالبحث عن اصلك وسلسلة نسبك ، بالاضافة الى دفتر حسابك المصرفى . فى الواقع اعتقدت حقا اننى بعيدا جدا عن ارضائها ، واننى على وشك ان الطخ صفحتى فى نظرها من جديد . لم اكن اعرف فى تلك اللحظة بانها اعجبت بك بشدة
رق فم اندريو الانيق ، وتابع : على الرغم من انه كان يجدر بى معرفة ذلك ، فأى شخص يتمتع بعقل سليم لا يمكنه الا ان يحبك ؟
رمشت ميرسى بعينيها ، وابتلعت ريقها بصعوبة . انه يحبها حقا !لقد عنى ما قاله ! تساءلت ان كان ما تسمعه هو جوقة مرتلين من السماء ، ام انه ببساطة قلبها المغرد بسرور ؟ بشهقة هى اقرب الى الهذيان ، لفت ميرسى ذراعيها حول عنق اندريو وحدقت بعمق فى عينيه ، وسالته : متى ادركت انك مغرم بى ؟
-توقفى عن الكلام ! وعانقينى ...
عانقها اندريو بروعة واشتياق ، وبعد مرور بضع دقائق من الدوران بين ذراعى بعضهما ، رفع راسه ليبلغها بصوت ابح : نما حبك فى قلبى يوما بعد يوم ، فانت المرأة الوحيدة التى لم تسبب لى الضجر . انبتنى ، اغضبتنى ، سليتنى ، لكنك لم تضجرينى قط . بدات اتوق اليك ، وتطور الامر شيئا فشيئا حتى وقعت فى حبك بقوة وشدة
مرر اندريو يده برقة واعجاب حول وجهها ، ثم تابع : اريدك ان تكونى كذلك دوما
ردت ميرسى بشهقة متجاوبة : آه ! سوف افعل ، فانا احبك بجنون
اطلق اندريو باتجاهها ابتسامة ملتوية لطالما جعلت قلبها يتقلب ، ثم اعلمها برضى : اعلم انك كذلك حبيبتى . علمت ذلك اثناء مرضى ، حين جلست بقربى كى تدفئينى . جعلتك تعتقدين اننى اهذى واننى ام اتذكر اى شئ . لكننى كنت فى اقصى حالات يقظتى واهتمامى ، بل تذكرت كل لحظة . ثم خمنت انك ارتعبت من تصرفك ، فانت ابنة قسيس تلقت تربية صالحة فى طفولتها ، وليست معتادة على العبث فى علاقة لا تدوم لاكثر من ليلة واحدة . بعدئذ قررت ان اقامة علاقة غرامية مع مدبرة منزلى ليست فكرة سيئة حقا ، معتقدا ان الامور ستسير بشكل جيد فى المستقبل
-لذا ، جعلتنى ارافقك الى ايطاليا ! كانت تلك خطة مرسومة باحتيال و ....
وضع اندريو احد انامله على فمها ليسكتها ، واعترف قائلا : فعلت ذلك بعد ان ادركت اننى اريد ان يستمر الامر طيلة العمر . وبالنظر الى الوراء ، اعتقد اننى كنت قد بدات اقع فى غرامك بعد ان ثار جنونى من شدة الغيرة ، لاننى سمعت صوت رجل فى غرفتك ، وذلك حين استضفت صديقة لك فى المنزل . من كان ذلك الرجل ؟ اهو جيمس ؟
شعرت ميرسى بالدوار لمعرفتها ان اندريو البالغ الروعة ، يحبها حقا . كما ان نظرات عينيه المحببة افقدتها قدرتها . جاهدت لتتذكر الحادثة ، فقالت له : اوه !
ثم غمزت بعينيها لتغيظه وتابعت : اوه ، ذاك الرجل ! دعنى افكر ...
الا انها لم تستطع تحمل جعله يعانى من ذرة شك تجاهها ، فلانت ملامحها ولامست بيدها جانب وجهه ، ثم اعترفت قائلة : كان ذلك دارن ، خطيب صديقتى كارلى . شعرت بالغيظ حين احضرته كارلى برفقتها ، لاننى كنت انوى طلب نصيحتها حول كيفية افتتانى بك ، لكننى لم استطع فعل ذلك بوجود دارن
ابتسم اندريو ابتسامة رضى ، وقال : اشكر الله على ذلك ! ابقى مفتونة كما انت
وعدته ميرسى ، عالمة انها لن تقول كلمة اكثر صدقا : سافعل افضل من ذلك بكثير . سوف ابقى واقعة فى حبك بجنون حتى الفظ انفاسى
-آه ، يا حبيبتى ! هل استحق ملاكا مثلك ؟
عانقها اندريو باندفاع وشغف ، ولدى احساسه بارتعاشة تجاوبها العميق وعدها بصدق : لن انظر الى اية امرأة اخرى ... كيف عساى افعل وانت تمثلين كل ما ارغب به يوما ؟ سوف اتغير . سوف اكف عن رمى جواربى فى كل مكان على الارض ، لكى تلتقطيها انت . سوف اكون رزينا رصينا و....
اشتعلت ميرسى ما ان اخفض اندريو راسه مجددا ليعانقها ، وبالكاد تدبرت الرد بقولها : لا سمح الله ! ان الرزانة والرصانة سوف تجعلانى اصاب بالسقم !
رفع اندريو راسه لوهلة ، وقد بدت بوضوح ابتسامته المثيرة ، فقال : فى تلك الحالة يمكننى ان اضجرك فى ايطاليا !
بعد ذاك الكلام ، لم يتبادلا اية كلمة لوقت بعيد ... لم يتبادلا سوى العناق الملئ بالاشواق والحب والشغف
***
روما ... مدينة السحر ! توهجت الشموع على الطاولة فى احد اكثر المطاعم تميزا فى المدينة . فى حين جلس اكثر الرجال وسامة فى العالم على الكرسى المقابل لميرسى ، وقد اسودت عيناه اخلاصا لها
لوح اندريو للنادل الذى حمل قائمتى الطعام كى يبتعد ، ثم وضع علبة صغيرة امام ميرسى ، قائلا : لتكن ذكرى اولى سعيدة لزواجنا ، يا محبوبتى . افتحيها !
لوهلة لم تكن قادرة على رفع نظرها عن عينيه ، ثم داعبت انامل ميرسى يد حبيبها الممازح ، فهى تحبه بشدة وقوة . انه مازال ساحرا جدا ، كما عرفته منذ سنة وبضعة شهور ، فهو لم يتغير كثيرا ، الا الى النواحى الفضلى . كان اندريو ما يزال متهورا ، فينتقل بها بخفة وسرعة الى مواقع غريبة ، لانه يعتقد انه ماتزال هنالك اشياء واماكن ينبغى ان تراها . واليوم هما قبالة اثار اوستيا القديمة
كما ان اندريو مايزال غير مرتب كما كان ، ولكن ... الم يوظف مدبرة منزل جديدة ؟ الم يستخدم الارملة غراى كى تساعدها على التقاط جواربه وعلى ابقاء منزلهما خاليا من البقع وتام النظافة ؟ كان اندريو ما يزال يعمل كالسابق ، فهو مازال النابغة المبدع الذى يقف خلف نجاح وكالة باسكالى ، لكنه انتدب مفوضا من قبله لملاحقة الاعمال اليومية التى تتطلب ركضا مستمرا ، كى يمضى معظم وقته برفقة ميرسى
كرر اندريو برقة ، فيما ارجحت ابتسامته روحها كالعادة ، فقال : افتحيها !
فتحت ميرسى العلبة وهتفت : آه ... انه رائع !
نهض اندريو ووقف كى يغلق السلسلة الذهبية الجميلة ذات الماسة الشبيهة بالدمعة ، حول عنقها . احتك ظاهر انامله برقبتها ، ما ارسل ارتعاشة سرور نزولا على عمودها الفقرى ، ثم ادارت راسها ورفعت وجهها لتحصل على عناقه
اخبرته ميرسى وهى تغمره بعد ان عاد الى كرسيه : ان هديتى لك مغلفة باحكام ولن تستطيع فتحها الان بالذات ، لكنها ستعجبك
تقوس احد حاجبيه السوداوين ، فهو يحب اسلوبها فى اغاظته . انه يحب بشدة كل ما يتعلق بميرسى ، فقال لها : اوه ! هل لدى ثلاثة تخمينات ؟
حصلت ميرسى على التاكيد الذى كانت تنتظره قبل ان يفاجئها اندريو برحلة روما . لابد انه سيطير فرحا ، فلطالما تحدثا عن العائلة والاولاد ، ووضعا الخطط للمستقبل . سوف ينتقلان للسكن فى الريف ، فى منزل فسيح ذى حدائق واسطبلات ، ويستخدمان مربية تساعدهما ...
كان اندريو مستلقيا الى الوراء ، فيما شبك ذراعيه خلف مسند الكرسى ، فبدا مرتاحا مطلقا العنان لنفسه . لذا طارت رغبتها باغاظته ولو قليلا
-بعد مرور حوالى السبعة اشهر سنصبح ثلاثة لا اثنين
سادت لحظة من السكون ، ثم اشرقت ابتسامته المشعة وقال : ياملاكى ! كم احبك !
مد اندريو يديه من فوق الطاولة متناولا يدى ميرسى . فرفعهما وقبل اناملها ، بينما فاضت عيناه الفضيتان بالرقة والحنان ، ثم تكلم بصوت اجش قائلا : هل انت جائعة جدا ، ام ان بامكاننا ان نعود الى الفندق فنطلب خدمة الغرف فى حال شعرنا بالحاجة الى الطعام ؟
-خدمة الغرف ، ارجوك !
نهض اندريو وميرسى وهما مايزالان ممسكين بيدى بعضهما ، وكانهما لا يستطيعان قطع التواصل بينهما . وقفا متغافلين عن ابتسامات النادلين الحائمين حولهما . وضع اندريو ذراعه حول خصر ميرسى الذى مازال نحيلا ، ورافقها الى الخارج قائلا بصوت ابح : اشعر برغبة ملحة لتفحص غلاف افضل هدية يمكنك ان تمنحينى اياها !*****
تمت بحمد الله


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 27-11-17, 02:46 PM   #16

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-12-17, 12:47 AM   #17

منقذه

? العضوٌ??? » 410394
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 103
?  نُقآطِيْ » منقذه is on a distinguished road
افتراضي

مستمتعه بالقرااااااءه👍🏻

منقذه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-17, 01:41 AM   #18

ام نيدو

? العضوٌ??? » 367020
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 409
?  نُقآطِيْ » ام نيدو is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

ام نيدو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-17, 08:37 AM   #19

صابرينااا

? العضوٌ??? » 264315
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 284
?  نُقآطِيْ » صابرينااا is on a distinguished road
افتراضي

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

صابرينااا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-17, 12:18 AM   #20

nassma
 
الصورة الرمزية nassma

? العضوٌ??? » 110478
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 609
?  نُقآطِيْ » nassma is on a distinguished road
Icon26

Merciiiiiiiiiiiiiiiiiiii bcppppppp

nassma غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.