آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-17, 12:14 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 383-همسات الندم -روايات أحلام جديدة (مكتوبة /كاملة)







(383) همسات الندم

لـ جين بورتر

لم يتبق أمام الأميرة جويل دوكاس سوى أسبوع واحد من الحرية قبل أن تتزوج من الرجل الرجل الذى اختاروه لها. و هى تعرف تماماً إنها تتزوج بدافع الواجب لا الحب . ولكن ماذا عساها تفعل وقد وجدت نفسها تنجذب إلى رجل مجهول و تغرق فى دوامة سحره حتى أذنيها ! الآن دقت ساعة الصفر ووجدت الأميرة نفسها فى مواجهة الحقيقة القاسية بعد أن عرفت هوية هذا المجهول فى ليلة عرسها.....

فمن سينقذها من انتقامه ؟

:qatarw_com_52228917
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي



الرواية منقولة شكرا للكاتب

ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 22-11-17 الساعة 12:59 PM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:28 PM   #2

النسرين 78

? العضوٌ??? » 404918
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 258
?  نُقآطِيْ » النسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond reputeالنسرين 78 has a reputation beyond repute
افتراضي

يبدو من المقدمة هناك تشويق بمعرفة الأحداث المجهولة للرواية

النسرين 78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:43 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تـــمــــهـــيـــد
قصر آل دوكاس , بورتوميليو
تأملت الأميرة جويل دوكاس الرسالة المغلقة التى تركتها على مكتب جدها . نسخ متشابهة من تلك الرسالة أُرسلت إلى شقيقتيها نيكوليت فى باراكا و شانتال فى اليونان . فجأة بدا لها أن ذلك المغلف العاجى اللون الذى يحمل الختم الذهبى للقصر و الذى وضعته على مكتب جدها , نذير شؤم. إنه شعور مؤلم جداً , فكرت جويل بذلك وبدأت دموعها بالتساقط.
ثم قالت تخاطب نفسها : لا يمكنه أن يفهمني!
و مع ذلك لم تفهم جويل لما ساورها ذلك الشعور بالألم عندما قررت أن ترحل بعيداً , أن تهرب من ميليو و وهج الشهرة و عدسات آلات التصوير, فهي لم تجد الراحة أبداً فى العيش تحت الأضواء. و الآن بعد موت جدتها أصبح الأمر أسوأ , أسوأ بكثير فالصحافة لم تستطع بل لم تشأ أن تتركها لتعيش حزنها بسلام و هدوء . كان الصحفيون متربصون دوماً لتصوير وتوثيق كل خروج أو ظهور لها فكانوا يتسابقون لالتقاط الصور لها خلال زيارتها الأسبوعية إلى قبر جدتها فيما الدموع تتساقط من عينيها .
أما هي فكانت تغادر المدفن الملكى مصدومة و متقوقعة ثم تدخل بسرعة إلى السيارة التي تنتظرها هناك. لم تحظ يوماً بأى خصوصية أو احترام , ولا حتى بوقت لإخفاء ألمها و ارتباكها . فموت جدتها جلب لها كل أنواع الألم , ذلك الألم الذى كان يجب أن يُدفن عميقاً داخل جويل منذ وفاة أهلها قبل 18 سنة . إلا أن تلك الصور المتقطعة من الصحف, وتلك المقالات المليئة بعبارات مثيرة للمشاعر , والتى كتبت تحت عنوان"وفاة الملكة أستريد دمرت الأميرة الصغيرة". كل ذلك زاد من الارتباك جويل وجعل حالتها أكثر سوءاً .
ــــ
فى الواقع لم تعد جويل تعرف حقيقة مشاعرها , حتى أنها فى بعض الأوقات بدت متلبدة الشعور . وفى الأشهر الستة الأخيرة , أى منذ وفاة جدتها حتى الآن , فقدت كل شعور , كل أمل, وكل شجاعة. فكيف تستطيع أن تعيش حياة عامة....أن تقوم بخدمات عامة إذا لم تكن تعرف من تكون , أو حتى ماذا تكون؟
امتد يد جويل إلى المغلف الموجود على مكتب جدها , و مررت أصابعها بسرعة على نشافة الحبر الجلدية الأثرية التى تملكها العائلة منذ أكثر من مئة سنة . بدا ملمس الجلد ناعماً جداً و بالياً من كثرة الأستعمال . ملأت الدموع عينيها وشعرت بأن أفكارها متناقضة جداً و معقدة جداً.....
لقد أحبت نشافة الحبر الجلدية القديمة تلك كما أحبت هيئة جدها و هو يطالع يوقار و انتظام . أحبت كل ما يتعلق بذلك القصر الحجرى القديم , وهى تدرك تماماً لما تشعر أنها بحاجة إلى أن تتزوج و تستقر هنا . فأختها نيكول تزوجت سلطان باراكا و لم تستطيع العودة إلى ميليو. أما شانتال فزوجها عضو فى مجلس العموم اليونانى و بما أنه يونانى الأصل فليس باستطاعته أن يصبح ملكاً . إلا ان جويل لم تعد تستطيع تحمل المزيد من الواجبات و المسؤليات قبل أن تسترد رباطة جأشها . إنها بحاجة إلى فترة استراحة...إلى فسحة.....إنها تحتاج بيأس إلى الخصوصية و الانفراد.
بعد رحيل جدتها شعرت أن القصر بات خالياً . ومع أنها تحب جدها حباً جماً إلا أن جدتها هى التى كانت تقدم لها النصح والإرشاد كلما تحدثت إليها.
و الآن لم تعد جدتها الآن و لم تستطيع جويل تحمل هذه الخسارة , كما لم تعد تستطع تحمل الشعور بالوحدة و بالمستقبل المبهم . بالرغم من ذلك كلع , أدركت ان الوقت حان لكى تستعيد تماسكها و تتحمل خسارتها , حتى ولو اضطرت إلى التعامل مع حزنها و حسرتها على طريقتها بعيداً عن مراقبة أحد أو التحدث إلى أى كان.
تركت جويل الرسالة حيث و ضعتها و قالت:"إنى آسفة جدى, سامحنى"
سوف ترحلين لسنة واحدة فقط . هكذا خاطبت جويل نفسها وهى تستدير بعيداً عن المكتب نحو الباب , و أكملت : لن يستمر هذا الأمر إلى الأبد . سوف تعودين بعد أثنى عشر شهراً و تتزوجين من الأمير لويجى بوغاد و تستمر الحياة كما يجب.
و لكن بعد ست ساعات من استقرارها على مقعد باص يعود إلى شركة نقل أوروبية و قد وضعت نظارات شمسية و أخفضت قبعتها على رأسها , كانت جويل لا تزال تحاول التخلص من شعورها بالذنب و التركيز على الإيجابيات الناجمة عن قرارها هذا.
أمامها أثنا عشر شهراً لكى تجد السلام و تستعيد رباطة جأشها بعد موت جدتها . أثنا عشر شهراً يمكنها خلالها أن تحزن دون أن تكون محط أنظار آلات التصوير و الصحافة.....مرت الساعات و هى تجاهد لتشعر بالراحة على مقعدها الضيق . تمنت للحظة فقط لو أن باستطاعتها السفر كما كانت تفعل فى الماضى , كأميرة تحظى بمعاملة مميزة و اهتمام خاص , فتختفى وراء المناكب العريضة لحراس الأمن الشخصيين و حراس الأمن فى المطار. لطالما كان هؤلاء جاهزين لحمايتها و الدفاع عنها , ساهرين على أمن العائلة المالكة و سلامتها . فكرت جويل و هى تشد الغطاء حول كتفيها أن هذه المسألة بحد ذاتها كانت مشكلة بالنسبة إليها . فلم تكن باستطاعتها أن تكون الأميرة جويل دون وجود آلات التصوير و الأمن الخاص و البروتوكول الملكى....و طوال مدة بقائها الأميرة جويل دوكاس , كان الجميع يرغبون بمعرفة معلومات كثيرة عنها و كل منهم يدعى أنه على علم بكل ما يتعلق بها.
لكن فى الحقيقة لا أحد تمكن من معرفة الأميرة جويل على حقيقتها . عرفوا عنها فقط ما كتبته الصحافة و ما قاله المسؤولون فى القسم الإعلامى فى القصر. لم يعرف أحد أحلامها أو عمق عواطفها....أو توقها إلى الاستقلالية و إلى الحرية.
لكن جويل لم تشأ أن تكون من آل دوكاس . لقد عانت بما فيه الكفاية من طريقة عيشهم و كل ما أرادته هو ان تكون أنسانة عادية لها حياتها الخاصة, استقلاليتها, واكتفاؤها الذاتى.
لسنة واحدة فقط سوف تكون جويل فقط!


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:44 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 ــ ما مشكلتك , صغيرتي ؟
نيو أورلينز , بعد مرور أحد عشر شهراً
ــ أتريدين شراباً أنسة دوفيل؟
طُرح السؤال بصوت ذكورى عميق و بنبرة هادئة جداً ما بعث فى نفس جويل موجات من عدم الارتياح . فصوت كهذا لا يكتسبه صاحبه إلا بعد سنوات من ممارسة القوة و النفوذ . لابد أنه صوت شخص يملك النفوذ و السلطة , هذا النوع من السلطة التى تركته و راءها فى أوروبا...
استدارت جويل مكرهة , ذلك أنها تعرفت على صاحب الصوت..إنه هو.. ذلك الرجل الذى كان يجلس فى الصف الأمامى الليلة و قد غادر المسرح لتوه . استحوذ هذا الرجل على انتباهها طوال السهرة بنظراته الحادة , و إذا لم يشح ببصره عنها مطلقاً.
أضاعت جويل مكانها على المسرح مرتين أثناء استعراضها الغنائى , فوقفت هناك تحت الأضواء الزرقاء و البنفسجية كالبلهاء تماماً , وقد فقدت تركيزها بعد أن ضاعت الأفكار و الكلمات من ذاكرتها . لم يحدث لها نسيت كلمات أى أغنية من قبل و لم تقف مرة على المسرح لتحدق إلى بحر داكن من الوجوه متسائلة عما تفعله مع الميكروفون الذى أمامها .
إلا أن ذلك البحر الممتد أمامها لم يكن داكناً تماماً فقد رأت جويل وجهاً واحداً...رجلاً واحداً طوال الوقت. نظرات تلك الرجل الحادة المركزة عليها نجحت فى ايقاعها فى المصيدة و فى اجتذابها إليه تماماً كما يفعل الآن.
و مع أنها لا تمانع مطلقاً بأن تبدو فاتنة على المسرح لكن تحديقه الغامض بها و هو يقوم بتفحصها ببطء من رأسها حتى أخمص قدميها جعلها تدرك أنه لا يوافق مطلقاً على ما يراه . بدا انتقاده و لومه لها ثقيلاً كثقل حقيبة القيثارة المعلقة على كتفها.
ــ أقلت شراباً ؟
رددت جويل ذلك و هى تحاول أن ترغم عقلها على التركيز, على الرغم من تلك الفكرة المجنونة التى راحت تلح على ذهنها , بأنها إذا ارتبطت برجل ما فلن يكون مثل هذا الرجل الذى ينضح بالرجولة و الذى يبدو متحكماً بنفسه إلى أبعد الحدود .
بدا الرجل طويل القامة داكن البشرة وسيماً و على الأرجح أنه إيطالى الجنسية فلكنته الايطالية تدل على ذلك . قال لها مشيراً إلى طاولته :"هلا أنضممت إلىّ؟"
أذهلتها ثقته المدهشة بنفسه فقالت:"أنا...لدى...مشاريع أخرى"
فى الواقع لم تكن تكذب البتة إذ لديها الكثير من العمل...غسيل و توضيب أمتعة فهى بحاجة للاستعداد قبل العودة إلى المنزل.
ــ إذن بدلى مشاريعك.
هذا الرجل يتميز بشئ ما....شئ غامض...فطرى و بدائى مدهش لا يلائم أبداً البذلة الفاخرة التى يرتديها . فبذلته تلك ذات ياقة ناعمة الملمس و سترة مفصلة بشكل رائع على صدره و كتفيه . أما البنطلون فينسدل بشكل مصقول تماماً ليصل مقدمة حذائه.
عرفت جويل العديد من الرجال فى السنوات الماضية لكن لا أحد منهم لم يكن مثل هذا الرجل .
ــ لا أستطيع.
تغضن جبينه و قست تعابير وجهه ثم قال :"يجب أن تغيرى مشاريعك"
أصبحت نبرة صوته أكثر رقة عندما أضاف:"من المهم أن تفعلى ذلك"
ماذا يعنى بقوله هذا ؟ و لم يهتم للأمر ؟ سألته جويل وهى تنظر إلى عينيه الداكنتين:"هل أرسلك أحد ما ؟"
لم تستطيع أن تشيح بنظرها عنه , فقد استحوذ على انتباهها كله . وفيما هى تحدق به شعرت بذلك الوخز الغريب فى بشرتها مرة أخرى كما شعرت باضطراب كبير و غرابة أكبر
ــ لا
شعرت جويل بتوتر فى أعماقها و انتشر ذلك الوخز فى كيانها كله . إنها لا تعرف هذا الرجل , أليس كذلك؟ هزت رأسها محاولة التخلص من موجات التوتر تلك فقد شعرت بأن هناك شيئاً ما يحدث حولها وهى غير راضية أبداً عنه . أحست بضعف فى جسمها و انقباض فى صدرها و لم تعد تستطيع التنفس بسهولة . مع ذلك لم يكن باستطاعتها الإشاحة ببصرها عنه . وأدرك هو ذلك , إذ راحت عيناه تراقبانها بشكل متعمد من تحت حاجبين أسودين كثيفين.
ــ أننى متعبة , لقد عملت على المسرح لأكثر من ساعتين
ــ أعلم ذلك فقد كنت هنا
ثم تردد قليلاً و كأنه يتساءل إن كان من الحكمة أن يقول جملته التالية و قال:"لقد كنت جيدة جداً"
سرت الحرارة فى أوصالها و شعرتب الدوار
ــ شكراً لك.
قال لها مشيراً إلى طاولة قريبة جداً من المسرح :"طاولتى هناك , أنضمى إلى"
ــ أنا...
حاولت جويل الاعتراض و لكنها وجدت نفسها تسير إلى حيث أشار متخذة مقعداً لها على طاولة صغيرة خالية إلا من شمعة ذات ضوء صغير مرتعش . جلس الرجل مواجهاً لها قبل أن يرفع بصره و ينظر إليها , وعلى وجهه واحدة من تلك الابتسامات التى يستعملها للفوز بما يريد.
فكرت جويل بأن هذا الرجل كالجرافة التى تأخذ كل شئ فى طريقها . و لكنها لم تسمح له بأن يأتى إلى هنا و يأخذ كل شئ . تسارعت دقات قلبها و هى تتوجه نحو طاولته فيما راح حذاؤها الجلدى يصدر أصواتاً على الأرض الخشبية الصلبة. قالت عندما وصلت إلى طاولته :"لن أنضم إليك"
ــ و مع ذلك , ها أنت هنا
كرهت جويل الطريقة التهكمية التى رفع بها حاجبه و هو ينظر إليها . فقالت:"أنا لا أريد إضاعة أموالك دون جدوى"
ــ وُجدت الأموال لكى ننفقها
فكرت جويل بمملكتها و كيف وصلت إلى الإفلاس المالى بشكل سريع....فكرت بأختيها و كيف تزوجتا عن طريق الزواج المدبر لإنقاذ ميليو....فكرت بالجهد الذى بذلته خلال السنة المنصرمة فقد عملت فى وظيفتين معاً لدفع ثمن الأشياء الضرورية
راح قلبها يخفق بسرعة لدرجة شعرت معها أنه سُحق فى داخلها, سألته :"ماذا تريد منى؟"
راح ضوء الشمعة يتراقص على وجهه محدداً الخط الدقيق لشفتيه . لم يكن هناك أى تعابير صبيانية فى ملامح وجهه الدقيقة المنحوتة بال وجه رجل قوى وسيم.
تفحصها الرجل للحظات طويلة متمعناً بها و بسؤالها ثم قال لها:"أعتقد أن السؤال يجب أن يكون على الشكل التالى:"جوسية دوفيل , ماذا تريدين؟"
عبارته جعلت نبضات قلبها تتسارع أكثر فأكثر شعرت بالخوف , بالدهشة و بالقلق . وأندفع الأدرينالين فى خلايا جسمها فتوترت عضلاتها . وإذا بها تقول :"لست أنا المعنية بالسؤال"
أجابها مشيراً إلى الكرسى المقابل له :"من المؤكد أنك كذلك. لقد قطعت مسافة طويلة لكى أراك"
و غدت نبرته أكثر صلابة و هو يقول :"أجلسى أرجوك"
ماذا يقصد بهذا؟ من يكون ؟ وماذا يفعل هنا بالضبط؟ تمنى الجزء الحالم من جويل أن يكون هذا الرجل ملحناً معروفاً أو متعهداً موسيقياً أو ربما منتجاً أو موزعاً موسيقياً . لكنه قد يكون أيضاً جسوساً من القصر....أحد هؤلاء الرجال الغامضين المجهولى الهوية الذين قاموا بملاحقتها كظلها خلال السنة الماضية . فهى واثقة بأن صهريها لن يسمحا بمغادرتها المنزل دون حماية . ملأت الاحتمالات رأس جويل . لكنها جلست ببطء واضعة حقيبة القيثارة على قدميها ثم دفعت بشعرها الطويل إلى الوراء بعيداً عن جبينها الرطب ما جعلها تبدو متوترة . مع أنها غالباً ما تستقر فى جلستها منذ اللحظة الأولى و لكن فى هذه الليلة لا شئ يسير على ما يرام . لم تكن تشعر على الإطلاق بأنها هى نفسها و أضطرت إلى البحث عميقاً فى داخلها علها تجد بقايا من الهدوء الذاتى الذى قد يساعدها على استجماع أفكارها المشوشة حاولت جويل أن تقنع نفسها بأن توتر أعصابها ناتج عن نيتها بالعودة قريباً إلى ديارها و إلى واجباتها المعتادة و زفافها الوشيك من الرجل الذى لم تلتق به مطلقاً. لطالما أحبت جويل عالم الغناء و الأضواء الزرقاء و البنفسجية . أحبت استماع الجمهور إليها و إعجابهم بأدائها.
لا. ليس السبب الحقيقى لتوترها عودتها القريبة إلى ميليو و لا زواجها الوشيك من الأمير الذى لم تلتق به قط بل أن ذلك الرجل هو السبب فى كل ما يحصل لها . لقد أسرها بعينيه الساحرتين و جعلها تشعر بأنها تقف أمامه من دون حماية .
سألها الرجل قاطعاً الصمت المتوتر :"لما أخترت الولايات المتحدة؟"
اجتاحها موجة أخرى من التوتر و شعرت بعدم الارتياح . لقد قال الولايات المتحدة و ليس نيو أورلينز , الولايات المتحدة فقط.
ــ ماذا تعنى؟
أتكأ إلى الوراء فى كرسيه شابكاً ذراعيه فوق صدره إلا أنه لم يكن مرتاحاً كما يبدو عليه . شعرت جويل بأنه يصارع للحفاظ على هدوء أعصابه و عاد يسألها :"لماذا هنا , وليس فى ناشفيل...نيويورك....أو لوس أنجلوس؟"
شعرت جويل ببعض الارتياح و قالت لنفسها : لا تكونى جبانة! إنه ليس جاسوساً من القصر و لا يعلم من تكونين .
ــ نيو أورلينز تشتهر بموسيقى البلوز و الجاز
ــ أليس لديك رغبة للقيام بالاستعراض فى أوروبا؟
توترت أعصابها مجدداً...أوروبا عالمها بيتها و مملكتها . هناك تقع الجزيرتان الشبيهتان بجوهرتين لامعتين فى البحر المتوسط .
ــ نيو أورلينز ديارى و مقر إقامتى.
ــ إذت فقد ولدتى هنا ؟
ــ أمى ولدت هنا.
وأضافت بصمت : او قريباً من هنا . ألتصقت جويل بالشخصية التى أتخذتها لنفسها منذ لحظة وصولها إلى هذا المكان , أى منذ أحد عشر شهراً فتنكرت وغيرت مظهرها حولت شعرها البنى الفاتح إلى شعر داكن و اقتبست لكنة جنوبية فى كلامها حتى أنها اعتادت على وضع نظارات شمسية غريبة . فالأميرة جويل أختفت حتماً و حلت محلها "جوسية دوفيل"
ــ هل والدتك من آل دوفيل أيضاً؟
تساءلت جويل : لم كل هذه الأسئلة ؟ و إلى أين يريد الوصول ؟ أجابت بعد برهة :"كانت من آل دوفيل قبل زواجها"
جويل هى الوحيدة بين أخواتها التى تتذكر أمها و أباها . لقد أصبح والداها ذكرى باهتة وبعيدة الآن مع أنهما شغلا تفكيرها بشكل دائم فى ما مضى لا سيما والدتها فقد كانت نجمة ذات موهبة عظيمة و مغنية ذات شهرة واسعة . لكنها تخلت عن هذا كله من أجل الزواج من أمير غريب .
أليس من سخرية القدر أن تتخلى جويل و هى أميرة حقيقة عن كل شئ....اللقب, الأمير, القصر,فى سبيل الحصول على فرصة النجومية؟
ــ إذن جوسية دوفيل هو أسمك الحقيقى؟
انكمشت معدتها من الاضطراب و أجابته :"تقريباً"
ضحك الرجل بنعومة و تهكم . اجتذبها صوته هذا إذ بدا ساحراً .
شعرت جويل بأن الحدة و القسوة فى عينيه تلسعانها و تجعلان حلقها يجف .
فكرت و هى تحارب شعورها بالرعب أن هذا الرجل هو السبب فى كل ما تحس به . ولكن كيف؟ و لماذا؟ بماذا يفكر و هو ينظر إليها بهذه الطريقة؟ عندما يطيل النظر إليها بقسوة يغدو تعبيره أقرب إلى التكبر , هذا بالإضافة إلى التعبير الفضولى الممزوج بالتسلية . إنه يتصرف و كأنه يعرفها من قبل.
يا للسخافة ! هذا الرجل ليس على معرفة بها ولا يستطيع أن يعلم من تكون حقاً . لقد استقرت فى نميو أورلينز منذ أكثر من أحد عشر شهراً و لم يستطيع أحد أن يتكهن بهوايتها الحقيقية . لكن مع هذا كله فإن فى عينيه قوة طاغية ومسيطرة تجعلها تحس بأنها صغيرة و ضعيفة و كأنها ظبى قبض عليه تحت الأضواء . تصاعد الاضطراب فى داخلها و ملأها التوتر حتى شعرت بأنها ستحترق من تأثيره . قال الرجل مردداً عبارتها :"تقريباً؟"
و أضاف :"ما يعنى أنك تكذبين"
ــ أنا لا أكذب
ــ و لكنك لا تتحدثين بصدق.
لم يسبق لـ جويل أن واجهت شخصاً يملك مثل هذه السلطة و القوة من قبل إنه ينضح بالقوة فيجتاح كل ما حوله.
ــ أنا أنسانة معروفة . ولهذا فمن الضرورى أن أحرص على حياتى الخاصة
ــ إلى حد ما....و لكنك تأخرت قليلاً
أقشعر بدنها....ماذا يقول هذا الرجل ؟ ماذا يعرف عنها ؟ و إذا به يتابع قائلاً :"أنت تذكرينى بشخص ما"
و أضاف بنبرة مرحة:"شخص ما من أوروبا"
ــ أن وجهى من النوع المألوف و لهذا فأنا دائماً ألتقى بأشخاص يظنون بأنهم يعرفوننى من قل.
قالت جويل هذا و أرغمت نفسها على الابتسام بصعوبة.
ــ و لكنك لست أمريكية , أليس كذلك؟
ــ إن والدتى.....
قاطعها قبل أن تكمل جملتها :"كانت أمريكية لقد ذكرت لى هذا"
راح يراقبها منتظراً ىمدركاً أنها على حافة الانهيار و أنها تشعر بنفسها محاصرة و أضاف :"إذن من أين لك هذه اللكنة الفرنسية ؟"
ــ أنا لا أتحدث بــ.....
ــ بلى أنت تفعلين ز فتحت اللهجة الجنوبية التى تتحدثين بها تبرز لكنة فرنسية واضحة . ليس من الضرورى أن تترجم بكلمات أنا أشعر بها فقط حين تتحدثين بسرعة أو باستياء
كم هو بارع فى إثارة استيائها!سرت موجات من القلق و الاضطراب دخل جويل وأجابته بصوت خافت :"لديك أذن جيدة"
راح خوفها يتصاعد هو لا يعلم من تكون...لا يستطيع أن يعلم...يجب ألا يعلم. فبعد يوم واحد يوم واحد فقط سوف تكون على الطائرة عائدة إلى ديارها . هكذا ذكرت جويل نفسها . أخذت نفساً عميقاً و عملت على تقوية أعصابها . لا داعى لأن تشعرى بالخوف . خاطبت نفسها فهى تعلم ان حراسها الشخصيين هم فى الخارج فى مكان ما و أنها ليست وحدها حقاً.
ــ أنت على حق . لقد نشأت فعلاً و أنا أتحدث اللغة الفرنسية فأهل والدتى من لويزيانا
ــ و لكنك لم تنشئى على ضفاف نهر البايو أليس كذلك؟
أعادتها كلماته إلى سحر نهر الميسيسيبى الهائم. ذلك النهر العريض العكر الذى تحدّ ضفتيه الأراضى الخضراء و تحيط به القرى الفقيرة . شعرت جويل بالارتياح وزال خوفها بعد أن تحول تفكيرها إلى شئ أعمق و أكثر قوة . هذا الرجل ليس لديه فكرة عمن تكون أو ماذا تكون إنه كغيره من الناس . لن يعلم مطلقاً ما الذى تحتاج إليه و ما الذى تتخلى عنه بعودتها إلى ديارها و زواجها من أميرها لويجى . أحست بالحنق و الغيظ يتآكلانها و أجابته :"أنت على حق مجدداً"
ثم نظرت إليه بقوة و قد شعرت فجأة بالضغط الشديد الذى عاشت تحت وطأته طوال حياتها . كيف باستطاعته ان يعلم معنى أن تكون جويل دوكاس الصغيرة الأميرة اليتيمة؟كيف باستطاعته أن يعلم ما معنى أن تتمنى الحصول على العالم بأسره و أنت تعلم أنك لن تحصل ألا على جزيرة صغيرة؟
ــ لا أنا لم انشأ على ضفاف البايو و لكن ليس المهم فقط العيش قرب النهر بل الشعور بذلك النهر يجرى فى دمك و كيانك
ــ و هل لديك مثل هذا الشعور؟
التقت عيناها بعينيه و أجابته :"لدى أكثر مما تعلم"
ولكن جويل لم تعنى بقولها هذا الأشياء و الممتلكات بل التخيلات , الآمال و الأحلام . فلطالما كانت لديها أحلام كبرى . تبع ذلك صمت مطبق شعرت جويل خلاله بالضيق و تمنت لو أنها لم تقل شيئاً و احتفظت بغيظها لنفسها . إذ أن الأمر لا يعنيه و لا يعنى أحداً سواها . حتى أنها هى نفسها لا تعلم ما الذى تفعله هنا . فجأة انحنت إلى الأمام و تدلى شعرها على كتفيها و قالت له:"و من تكون أنت على أى حال؟"
ــ ليوناردو ماركيانو فورتينو.
حدقت جويل بالرجل الذى يجلس أمامها مطولاً مرددة أسمه بصمت . فد قال أسمه ببطء و بدقة كأنه يريده أن ينطبع بذهنها . ولكن هذا الاسم لم يعن لها شيئاً و رددت :"ليوناردو ماركيانو فورتينو!"
ثم أكملت :"إنه أسم طويل , أليس كذلك؟"
أرجع الأمير ليو ماركيانو فورتينو من آل بورغارد ظهره إلى الوراء على كرسيه. يبدو أن الأمر أسوأ مما ظن أو توقع مع أنه هيا نفسه للأسوأ . فخطيبته لم تتعرف عليه بل هى لم تتعرف على أسمه أيضاً.
سألته جويل وهى تتحرك باستمرار فى مقعدها و تحرك أصابعها بخفة : "ومن أين أنت يا سيد فورتينو؟"
صحح لها وهو يكبت تنهيدة :"ليو"
بدا واضحاً أنها ليست جاهزة للاستقرار و لا تحتمل قسوة الحياة الزوجية بعد فهى لا تزال فتية جداً . كان عليه الاستماع إلى حدسه , إذ ساوره الشك منذ البداية فى ما يتعلق بعمرها . ولكن مستشارى القصر أصرّوا على أنها مناسبة بالرغم من صغر سنها و أنها لا تحتاج لأكثر من سنة كى تغدو ناضجة . أمهِلها سنة واحدة فقط , هذا ما قالوه له.
ــ الأهل والأصدقاء يدعوننى ليو و يجب أن تفعلى هذا أنت أيضاً.
ــ أجل , ولكن أنا....
قاطعها قائلاً :"أرجوك نادينى ليو, أتعلمين؟ أنا لم أعش فعلياً فى إيطاليا"
ــ أحقاً؟
رأى ليو بريقاً من الفضول فى عينيها الزرقاوين المائلتين إلى الخضرة و ذكره لون عينيها هذا بلون مياه البحر المتوسط التى تحيط بجزيرتها الملكية, أوحت له عيناها ببراءتها و عدم خبرتها و مع ذلك فكل ما تبقى منها بدا غامضاً جداً . فمن تكون جويل دوكاس الحقيقية؟
اقترب رجل من الطاولة و وقف أمام جويل مباشرة ثم قال لها :"جوسيه!"
تأهب ليو فى الحال لحمايتها و لكن جويل بدت مرتاحة . قال الرجل الغريب لـ جويل وهو يقف أمامها واضعاً يديه فى جيبى بنطلونه :"أنت مذهلة!إنك حقاً رائعة بما يفوق الوصف"
أجابته جويل مبتسمة:"شكراً لك , هذا لطف كبير منك"
ــ هذه ليست مجاملة بل حقيقة لقد سمعتك و شاهدتك تغنين طوال الأسبوع و فى الواقع لم أر أو أسمع أحداً مثلك.
أحس ليو بأن أمعاءه تشتعل من الغيظ بينما أتسعت ابتسامة جويل لتكشف عن غمازة جميلة وهى تسأل الرجل :"ما اسمك؟"
ــ جاك.
تذكر ليو بورغادر وجوه الحضور المستغرقة و المذهولة بما تراه و قد رأى المزيج نفسه من الشوق و الإعجاب فى وجه جاك و هو ينظر إلى جويل . أدت جويل على المسرح الأغانى الرومانسية الحزينة و القليل من أغانى الجاز, بالإضافة إلى بعض الأغنيات التى تتحدث عن الأحلام الكبيرة والهموم و الوعود بأن غداً سيكون يوماً أفضل.
فكر ليو أن جويل فتاة رشيقة فاتنة ذات شعر داكن طويل و رموش كثيفة سوداء . وذلك كله جعلها تبدو جذابة فلا عجب أن تصبح محط أنظار الرجال . التوت شفتا ليو ألا أنه لم يكن مبتسماً بل غاضباً جداً و أراد أرسال جاك إلى الجحيم
ــ شكراً لك جاك
قال ليو ذلك منتصباً بقامته بين جاك و جويل كإشارة جسدية لـ جاك بالابتعاد و أضاف :"من الجميل أن نسمع آراء جيدة عن عزيزتنا جوسيه . نتمى لك سهرة جميلة وإلى اللقاء"
طأطأ جاك رأسه باستياء و رحل بعيداً بعد أن رمق جويل بنظرة أخيرة مليئة بالإعجاب و الشوق. أما جويل فشعرتب الصدمة من طريقة تصرف ليو, بينما جلس هو مختلساً نظرة جانبية إلى وجهها . بدت غاضبة جداً و راحت تتلفظ بكلمات غير مفهومة لشدة الغيظ.
ــ كيف استطعت أن تفعل هذا؟
سألته جويل و هى تغلى من الغضب بل كادت تقفز عن كرسيها لشدة غضبها و قد أضفت الأضواء الخافتة فوق رأسها لمعاناً على بنطلونها الجلدى الأسود.
ــ إنه وقح !
ــ بل هو لطيف.
رمق ليو جاك بنظرة خاطفة من وراء كتفه و رآه و هو يسير ثم يصطدم بإحدى الطاولات فى المطعم.
ــ أنت لا تعلمين ما معنى كلمة لطيف يا صغيرتى.
ــ أنا جوسية و ليست صغيرتك سيد فورتينو . كما أنك تتصرف و كأنك وصى علىّ.
لم ينس ليو صدمته عندما رأى جويل تتبختر على المسرح هذه الليلة مرتدية بنطلوناً جلدياً و قميصاً مطرزاً بالخرز و حذاء ذا كعبين مرتفعين و عُرف عنها بأسم جوسيه . بدا وجهها على المسرح شاحباً بيضاوياً لامعاً تحت الأضواء الزرقاء الداكنة أما أعضاء الفرقة الموسيقية المحيطين بها فبدوا كصور مبهمة غير واضحة .
حملت الأميرة جويل دوكاس الميكروفون و قربته منها كأنه حبيب ضائع منذ أمد طويل . وكل ما أستطاع ليو التفكير فيه : إنها ليست خطيبتى...لا يمكن أن تكون خطيبتى...! شعر بأن دماغه سينفجر من التفكير بأن خطيبته ذات غلإثنتى و عشرون سنة تعمل مغنية فى ناد ليلى و أنها أمضت السنة الماضية و هى تقدم استعراضاً يومياً فى هذا المكان الوضيع المدعو"النادى الأزرق". قال ليو بخشونة محاولاً أن ينسى الطريقة التى تبخترت بها على المسرح:"أنا لا أريدك أن تتعرضى للأذى"
أجابته جويل بفظاظة :"لماذا تهتم لأمرى فأنت لا تعرف شيئاً عنى؟"
ــ هذا صحيح
ــ حاول جاك فقط أن يتصرف بطريقة ودية
ــ أجل....و الكلاب المتوحشة تتصرف بطريقة ودية أحياناً.
أشتعل خداها احمراراً إلا أنها واجهته بصرامة:"أتعلم؟ أنت هو الشخص الذى لا يتصرف بلطف هنا . فأنت مندفع , متغطرس , ومتكبر"
سألها ليو و قد فاجأته صراحتها و تصرفها المباشر :"أكل هذا لأننى شخص صادق؟"
و فكر أن هذه الفتاة بعيدة كل البعد عن الأميرة الناعمة الخجولة التى وُعد بها .
ــ بل لأنك فظ . جاك كان يحاول فقط أن يجاملنى .
سألها غير غير مصدق :"وهل أنت بحاجة إلى تلك المجاملات؟"
أجابته جويل بحدة و بصوت أجش متقطع :"ما أحتاج إليه لا يعنيك على الإطلاق"
أنت مخطئه! أجابها ليو فى سره و هو عاجز عن إشاحة نظره عن النار المشتعلة فى عينيها الزرقاوين المائلتين إلى الخضرة و اللتين بدتا كشمس الغروب وهى تختفى فى البحر المتوسط.
أنت لى , و كل ما تحتاجين إليه يعنينى بكل طريقة ممكنة . هكذا خاطب ليو نفسه. فهذه الليلة و بالرغم من صدمته و غضبه لأنه وقع ضحية خداع الملك ريمى والقائمين على القصر فى ميليو أراد أن يتحدث إليها أن يتقرب منها أن يدعوها لمرافقته لأنها تنتمى إليه.
المشاعر لم تكن جزءاً من المعادلة عندما وافق على الزواج من أصغر أميرات آل دوكاس . كان الأمر مجرد ارتباط عملى و زواج مدبر . فهو يحمل لقب أمير و لكن ليس لديه مملكة أما هى فأميرة مع مملكة تحتاج إلى وريث, وزواجهما سوف يكون مثمراً و مجدياً . إذ سيحصل هو على مملكة و أولاك وتحصل ميليو على وريث للعرش و هكذا تنجح جويل فى أتمام واجباتها الملكية . أم ان الأمر ليس كذلك؟
أدارت جويل رأسها بعيداً و أشاحت ببصرها عنه و أدرك ليو بأنها تحاول جاهدة السيطرة على أعصابها .
منذ ستة أسابيع تناهت إلى مسامعه إشاعات عن شبيهة الأميرة دوكاس فى نيو أورلينز . قيل له يومها إن تلك المغنية تتمتع بصوت وجمال يسلبان الألباب . أتصل ليو بقصر ميليو مستفسراً عن مدى صحة تلك الإشاعات و أتاه الجواب بأنهم سمعوا تلك الإشاعات أيضاً و لكن لا يمكن لهذا الأمر أن يكون صحيحاً . وأكدوا له بأن جويل تقوم فى مكان آمن فى أوروبا و أنها منغمسة فى دراستها لدى أستاذ موسيقى خاص يُدرس فى المعهد الموسيقى و أنها تخطط بلهفة لزواجها المرتقب . يومها بدت له مثالاً للعروس الخجولة.
أخيراً قال وقد أثار سخطه صمتها العنيد:"كنت أقوم بحمايتك"
أجابته جويل بنبرة حادة:"أنا ليست بحاجة إلى حمايتك"
انتظر ليو ذهاب النادلة قبل أن يقول :"أنت ساذجة"
ــ وأنت إيطالى بامتياز !
ــ وهل هذه مشكلة بالنسبة إليك ؟
ــ أجل
جلس ليو لبرهة يتأملها بصمت قبل أن يسألها :"لماذا؟"
ركز نظراته عليها حتى أن جويل شعرت برجفة داخلية تسرى فى أوصالها. وكأن هناك شيئاً حاداً فى طريقة تحديقه إليها شيئاً قادراً على الوصول إلى داخلها ما يجعلها تتسمر فى مكانها. فى الواقع لم تكن تشعر بالنفور من هذا الرجل بل بالخشية منه , خشيت من تجاوبها معه فقد جعلها واعية لنفسها بشكل مؤلم , واعية لمشاعرها و أحاسيسها , واعية لوجوده بقربها .
ــ ما مشكلتك مع الرجال الإيطاليين يا صغيرتى؟


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:45 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:47 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3 / نـــار و جــلــيــــد

شعرت جويل بالارتجاف لسماع جواب ليو الغريب. بدا صوته قاسياً قاطعاً و جازماً . وعندما قال إنه لا يهتم لجسدها فقط بل لعقلها أيضاً شعرت و كأنه أقتحم عالمها و سيطر عليها تماماً.

جف حلقها و هى تجلس ساكنة تحدق إلى عينيه و كانت هذه غلطة أخرى فى ليلة مليئة بالأخطاء . لم يسبق لجويل أن نظرت عن كثب لوجه رجل من قبل و لم تسمح لنفسها يوماً بالنظر مطولاً إلى عينى أى شخص و مع هذا فهى لا تنظر إليه مطولاً فقط بل ترمقه بنظرات ملؤها الشغف أيضاً.

بدت عيناه داكنتين إلا ان لونهما لم يكن بنياً كما اعتقدت من قبل بل هو ذلك اللون الأخضر العميق الداكن كلون ورق شجر الزيتون فى توكسانيا . وذكرها ذلك اللون بالبرارى فى ميليو حيث تسقط خيوط أشعة الشمس بين أغصان شجر الصنوبر العطر الرائحة

شعرت بجسمها يرتجف و أطلقت نفساً عميقاً و قوياً يعبر عن عدم ارتياحها ما جعل بدنها يقشعر و عاد إليها الشعور بذلك الوخز. ولكن هذه المرة كان قوياً جداً إلى حد شعرت معه بأنه يطال كل خلية من خلايا جسدها .

رفعت جويل بصرها فالتقى بنظرته الثابتة المحدقة بها . بدت تقاسيم ودهه جميلة جداً إلا أنها لم تعد قاسية كما كان فى السابق . كيف تستطيع نظرات هذا الرجل إثارة مشاعرها و قل كيانها رأساً على عقب؟

ــ إذن فأنت تهتم بعقلى و تفكيرى!

همست جويل بهذا و هى تتمنى أن يكون ما قاله صحيحاً . فلم يسبق لأحد مطلقاً أن أبدى أهتماماً بعقلها أو أهتم بمعرفتها على حقيقتها.

ــ هل تعتقدين أن هذا أمر سيء جداً ؟

لم تستطيع منع نفسها من الابتسام شعرت بشفتيها تتقوسان لتكشفا عن ابتسامة عريضة مليئة بالحسرة و قالت:"يقولون بأن أفضل العلاقات تبدأ عندما نقوم بتشغيل عقلنا"

بادلها ليو الابتسام . لكن ابتسامته جاءت مختلفة عن ابتسامتها فهى ليست ليست دافئة , ملتوية , مليئة بالحسرة. لا , لم تدل ابتسامته على انه يقضى وقتاً مسلياً بل كان ينظر إليها و كأنه على وشك إعلان الحرب ضدها شعرت جويل بضعف عند مستوى معدتها و تسرب ضعفها هذا ليصل إلى أطرافها . شكرت الله لأنها جالسة لأنها على الكرسى فلولا ذلك لوقعت أرضاً.

أحست بحرارة و ألم شديدين . لقد مضى على وجودها هنا أحد عشر شهراً لكنها لم تختبر يوماً مثل هذه الأحاسيس من قبل . فالمشاعر و الأحاسيس التى تختلج داخلها لم تكن ناعمة و مسلية بل كانت عنيفة تتسم بالقوة.

كان ليو يشعر بشوق كبير إليها وهو يستمع إلى كلماتها و يراقب انحناء و تقوس ثغرها و يسمع صوتها الضبابى الملئ بالأحلام و الأحزان.

سألها :"ما الذى يزعجك؟"

ــ أنت

نظر إلى عينيها الزرقاوين المائلتين إلى الخضرة و سألها :"لماذا؟"

ضحكت جويل و أجابته قائلة :"إنك شخص غير عادى"

ــ ربـــمـــــا

قال هذا و اقترب منها فجأة ملامساً خدها بنعومة فشعر بنعومة بشرتها و دفئها . أهتز رأسها بصورة لا شعورية و اتسعت عيناها و قد ظهر فيهما الحذر .

ضحكتك جميلة يا صغيرتى يجب أن تضحكى أكثر

أحمرت و جنتا جويل خجلاً و أشاحت بنظرها بعيداً . ولاحظت فى اللحظة نفسها أن العشاء كان فى طريقة إليهما . قام النادل بتقديم الأطباق بطريقة ليقة ثم تركهما بمفردهما لكى يتناول العشاء. أدركت جويل فى هذه اللحظة بأنها لم تعد عصبية المزاج كما كانت قبل قليل.

تحسن مزاج ليو أيضاً و أصبحت نظراته الثابتة الداكنة أكثر دفئاً ورقة .

بينما تابعت جويل استرخاءها مُستمتعة بتناول الطبق الرئيسى و مُستسلمة للذة تناول وجبتهما الشهية.

راحت تستمتع إلى ليو و هو يتحدث عن حياته غير المستقرة و عن سفره الدائم من مكان إلى آخر . أخبرها أنه يعتبر نفسه منتمياً إلى العالم بآسره بدلاً من انتمائه لبلد واحد فقط.

أحبت نبرة صوته و تلك القوة التى تنضح منه و هو يتحدث . أدركت أنها كانت تستمع إليه مبتسمة و عيناها مستقرتان على وجهه فيما بدأ جسدها مائلاً إلى الأمام قليلاً . لطالما تخيلت الولايات المتحدة بهذه الطريقة من حيث أسلوب الحياة و الثراء و الاختلاط بالآخرين دون حواجز و تعقيدات .

ــ إذن فأنت تسافرين بشكل دائم

قال لها هذا محولاً محور الحديث من ماضيه إليها و أضاف :"وأين شعرت بأنك حقاً فى ديارك؟"

ــ هنا فى نيو أورلينز . فهنا أشعر أننى فى المكان الصحيح.

جاء جوابها سهلاً وسريعاً . وبما أنها لم تسافر مطلقاً كما فعل هو فمن الطبيعى ألا تشعر فى أى مكان كما شعرت هنا فى نيو أورلينز

ــ وهل تخططين للبقاء مدة طويلة فى نيو أورلينز؟

بدا صوته و هو يسألها عميقاً غنياً كالرخام الذهبى الموشى بخطوط سوداء متعرشة . تغلغل هذا الصوت عميقاً فى داخلها منبهاً حواسها المشدودة .

ــ لا. أنا لا أنوى البقاء هنا لمدة طويلة .

ــ ولم لا؟

رفعت بصرها نحوه فالتقت عيناها بعينيه و رأت بأنه يحاول اكتشاف ما تفكر به . لم يسبق لأحد مطلقاً أن نظر إليها مطولاً و استمع إليها بإمعان .

وتساءبت جويل ما إذا كانت ستحصل على هذا مجدداً بعد زواجها؟ هل ستجلس إلى طاولة العشاء بطريقة مميزة و تشعر بطريقة مميزة كما تفعل الآن؟ هل ستحس مجدداً بأنها مرغوبة؟ هل سيرغب لويجى حتى بالاستماع إليها؟

ابعدت تفكيرها بتصميم عن لويجى و حاولت إجابة ليو و هى تركز نظرها على الشمعة فى وسط الطاولة و تحاول منع دموعها من الانسياب على خديها.

ــ الأمر ليس بهذه البساطة.

قالت هذا و هى تقرب يدها من الشمعة وتمرر أصابعها فوق لهيبها فأحست بلسعة من الحرارة و أضافت :"لكل منا أهدافه فى هذه الحياة....إنه التزام يفترض به أن يؤديه"

ــ إذن فأنت ستعودين إلى ديارك بسبب العمل.

ــ أجل هناك وظيفة جديدة تنتظرنى

ــ وما نوع هذه الوظيفة؟

ضحكت ضحكة تخلو من المرح و أجابت :"إنها وظيفة مريعة , صدقنى . ولا أعتقد بأنك تريد أن تعرف عنها شيئاً"

ــ أهى مريعة وسيئة إلى هذه الدرجة؟

طرفت بعينيها و شعرت مجدداً بالدموع المفاجئة تلسعها ثم أجابته قائلة :"بل أسوأ مما تتصور"

حدق بها مطولاً بنظرات ملؤها القسوة و قد قطب حاجبيه الأسودين ثم غمغم بكلام غير مفهوم من تحت أنفاسه و ما لبث أن وقف فجأة ثم أخرج محفظته و قال لها:"حان وقت ذهابنا"

بدا ليو شديد الغضب ما جعل جويل تشعر بعدم استقرار داخلى . ما الذى قالته أو فعلته لكى يشعر بهذا الغضب كله؟

ــ لــــيـــــــو ؟

لم ينظر إليها بل أعاد محفظته إلى جيب معطفه و توجه مباشرة إلى السلالم. لحقت جويل به و رجلاها ترتجفان . وما هى إلا لحظات حتى غادرا المدخل ووصلا إلى الشارع . أنطلق ليو بسرعة إلى شارع رويال فراح يسير بعكس الطريق الذى قدما منه . استرقت جويل النظر إليه فيما هما سائران علها تتبين ملامح وجهه . بدت تعابيره قاتمة و بدا جانب وجهه قاسياً وكأنه مصنوع من الغرانيت . شعرت فى تلك اللحظة كأن موجات من الغضب يتصاعد منه.

قطعا أكثر من مبنى و هما يسيران فى الاتجاه نفسه . إذا ما استمرا بالسير فى ذلك الطريق , سيصلان قريباً إلى شارع كانال , لأن الحى الفرنسى ليس كبيراً.

نادته جويل بتردد:"لـــــيــــــو؟"

ــ مــــــاذا؟

ــ إلى أين....؟

ابتلعت جويل ريقها بصعوبة و استجمعت شجاعتها لكى تكمل سؤالها قائلة:"إلى أين نحن ذاهبان؟"

توقف ليو فجأة تحت أحد مصابيح الشارع . وقف مواجهاً لها وقال:"ما رأيك بأن نتناول القهوة على شرفة مطلة على المدينة و النهر معاً؟ و هكذا يمكننا التعرف على بعضنا البعض أكثر"

شعرت جويل بالارتجاف فى ساقيها و انتابها مشاعر الخوف و الترقب و اللهفة معاً . أجابته قائلة :"لا أعلم"

ــ بلى أنت تعلمين

كان من الصعب عليها رؤية وجهه بوضوح فالظلال أخفت تعابيره عنها. و لكنها شعرت بالحرارة تنبعث منه كما أحست بدفء جسده دون أن يقوم حتى بلمسها.

جعلها ليو تشعر بأنها تغرق فى أحاسيسها و عواطفها . فمنذ ألتقت به و هى تتأرجح كرقاص الساعة بين عاطفة وأخرى و بين أنفعال و آخر.

و شعورها هذا أتعبها و أنهكها كثيراً.

حبست جويل دموعها مُدركة بأن تلك الدموع أنما هى نتيجة التعب و الإنهاك و الضغط المستمر الذى عانت منه طوال الأسبوع. لقد كان أسبوعاً صعباً قامت خلاله بتوضيب أمتعتها و وداع أصدقائها و معارفها . ولكن هذه الدموع أشعرتها أيضاً بالارتياح فقد تناوبت عليها طيلة هذه السهرة مختلف أنواع المشاعر التعب و الإعياء اللهفة الاحباط الخجل والألم.

شعرت به يقترب منها و يُخفض رأسه باتجاهها فالتقطت أنفاسها و قد أدركت بأنه سوف يعانقها . أرادت جويل هذا العناق و خشيت منه فى الوقت نفسه.

بطرف عينيها استطاعت رؤية ذراعه و هو يتحرك باتجاهها ممراً إبهامه بنعومة على خدها . أحست برأسها يدور و احتاجت إلى الهواء بشدة و لكنها لم تجرؤ حتى عن التنفس

بدت عيناه داكنتين تطل منهما تعابير عنيفة شديدة القوة ىو هو يخاطبها قائلاً :"ماذا قلت ؟ هل نذهب؟"

هبطت يده لتصل إلى أسفل ذقنها فراح يمسدها بطرف إبهامه . عندئذٍ أحست بحرارة قوية تخزها و تنفخر داخل رأسها.

ما المشكلة إن رافقته إلى فندقه ليتناولا القهوة على شرفة غرفته و يستمتعان معاً بالتفرج على أضواء المدينة و على حركة النهر فى الليل ؟ إنها أمسية واحدة فقط!

ارتفعت يدها لتلامس ياقة قميصه . وقالت له :"سوف نذهب...."

لقد قالت ما أراد أن يسمعه هو . عندئذٍ أخفض ليو رأسه و أسكتها بعناق طويل . أحست بأنفاسه الباردة و بجسمه القوى المتصلب فتجمدت من المفاجأة فهى لم تمر بمثل هذه التجربة من قبل . لم يكن عناقه هذا مجرد عناق عادى بل إنه جعلها تشعر بإحساس لم تختبره من قبل.

يا لهذا الرجل! أنه يسيطر على مشاعرها و أحاسيسها بسهولة . ما حصل حتى الآن كان البداية فقط, إذ لم تشعر جويل إلا بعناقه و قد إزداد عمقاً ليصبح متطلباً وعنيفاً.

بدا عناقه قوياً جداً و ملحاً إلى درجة صعقتها و شعرت معها بأنها غير قادرة على استيعاب كل ما يحصل لها أو السيطرة عليه . ومع ذلك أدركت بأنها ترغب فى قضاء بقية الأمسية معه بل تريد ذلك بكل قواها

علمت منذ البداية بأنها لن تستطيع مقاومته و أيقنت منذ اللحظة الأولى بأنها ستضعف أمامه . لكنها مع ذلك تشعر بالأمان و هى ليست خائفة منه فهو بالطبع لن يتسبب لها بالأذى . إنها واثقة من ذلك بطريقة ما .

اخترقت أنفاسها الدافئة كيان ليو و جعلته يستفيق فجأة و يعى ما يقومان به . كان ينوى ان يعانقها عناقاً لطيفاً ليمنحها قدراً من الطمأنينة لا أكثر , فإذا به يتمادى فى عناقه لها حتى كاد ينسى نفسه . يا الهول! بما كان يفكر بحق السماء؟

هكذا خاطب ليو نفسه و تراجع إلى الوراء و هو يمرر يده فى شعره بقوة محاولاً أن يهدئ الفوضى فى جسده وعقله . لكنه شعر بصعوبة كبيرة فى إعادة تنظيم أفكاره و تنظيم كيانه ككل . فهو لم يشعر منذ سنوات بالضياع الذى يشعر به فى هذه اللحظات.

سألته جويل بتردد و قد بدا وجهها مغطى بالظلال :"ما الأمر ؟"

يا لصوتها العميق المؤثر ! لكن صوتها هذا بدا متناقضاً و غير متناسب مع عينيها الزرقاوين المتسعتين . بدت فى تلك اللحظة فتية جداً كفتاة صغيرة بحاجة إلى الحماية . ما جعل ليو يشعر باندفاع مفاجئ لغريزته الدفاعية .

أين هم بحق السماء حراسها الشخصيون ؟ أين جدها و أختاها الأكبر سناً؟ أين هم هؤلاء الذين يتوجب عليهم مساعدتها و إرشادها ؟

فالأميرة جويل لا تعلم سوى القليل عن هذا العالم . ويفترض بعائلتها الانتباه لها و رعايتها . ولكنهم بدلاً من ذلك سمحوا لها بالمغادرة بمفردها إلى مدينة كبيرة مثل نيو أورلينز مدينة ملؤها الصخب و الإثارة .

ــ ما الذى تفعلينه يا صغيرتى؟

سألها و أصابعه تمسد تلك الإنحناءة اللطيفة على خدها . بدت بشرتها ناعمة و دافئة بشكل لا يقاوم .

هزت كتفيها بلا مبالاة و قالت له:"أنت تعلم ما الذى يُقال ليو فالفتيات يرغبن فقط فى قضاء وقت ممتع"

إلا أن صوتها جاء متقطعاً بسبب ملامسته لخدها . فكرت جويل بأن ما قالته لا يخلو من الصحة إلا أنه ليس الحقيقة بعينها . وعلى الفور أخفض ليو عينيه محدقاً بها و قد شعر بأنه لا يفهمها بل ربما لم يكن يفهم نفسه .

فهو يريد بقاءها معه بقدر ما تريد هى ذلك . لِمَ إذن يشعر بالغضب لتعلقها به؟

ــ إذن فأنت تريدين قضاء وقت ممتع؟

ردد ليو بنعومة و بدا صوته عميقاً منخفضاً و بقيت تلك الجملة التى تلفظ بها معلقة فى الهواء بينهما كأنها تحدٍ لكليهما .

أخفض ليو بصره محدقاً بعينيها لفترة طويلة ما جعلتها تشعر بأنها غير قادرة على التنفس و أنتشر شعور من الرعب داخلها مثيراً فيها الارتباك و الحيرة

شعرت بتقلص فى معدتها و بتشنج فى جسدها بأكمله . كما أحست بفراغ غريب و مؤلم . لقد أردت أى شئ إلا الفراغ و الألم.

ــ أجل

رأته يبتلع ريقه كما رأت عضلة فكه تتصلب و هو يجيبها قائلاً :"أعتقد أن من الأفضل لك أن تذهبى إلى منزلك و تتناولى شطيرة من الجبنة و المعكرونة"

شعرت جويل بالإحراج لدرجة جعلت خديها يحترقان من الاحمرار بسبب جوابه هذا. إنه ينصحها بتناول شطرية من المعكرونة و الجبنة, أى ما يتناوله الأطفال عادة. أشاحت بنظرها بعيداً بعد إحساسها بالإهانة و أجابته قائلة :"أنا لست طفلة"

ــ أنا لم أقل أنك كذلك.

و فجأة عادت يده لتعبث بشعرها الطويل الداكن فراح يلف خصلات شعرها حول قبضة يده مرة بعد مرة ثم أخفض رأسه باتجاهها و رفع وجهها بقوة ليعانقها من جديد. صعقها عناقه المفاجئ كما أن لمسته هذه المرة كانت مختلفة عن المرة السابقة.

شعرت جويل بأنها ضعيفة واهنة . إن تجاوبها مع هذا الرجل قوى وغريب جداً . شعرت وكان عضلات جسدها على وشك التمزق و أن تيارات من الحرارة تتلاحق فى كيانها كما شعرت بضعف مفاجئ فى أطرافها.

خاطبت نفسها قائلة أن باستطاعتها الحصول على وقت قصير لنفسها و لكن لم يكن ليو فورتينو رجلاً لطيفاً و سهلاً فهو ليس من ذلك النوع من الرجال اللذين يسمحون للمرأة بالابتعاد عنهم فى الوقت الذى تقرره بنفسه .

ذكرها صوت فى داخلها بحدة : لا تنسى بأنك قطعت وعداً و لا يمكنك أن تتراجعى الآن وتقومى بفسخ الخطوبة.

فأجابت ذلك الصوت قائلة فى سرها: و لكننى لن أفعل . لن أنكث بوعدى . إنها أمسية واحدة....أمسية واحدة فقط . إنه وعد!

لا بد أن ليو شعر بترددها و بالصراع الذى يدور فى داخلها وبعدم قدرتها على اتخاذ القرار فسألها بنعومة :"هل غيرت رأيك؟"

ألا أن أذنها التقطت نبرة التوتر فى صوته على الرغم من نعومته

فكرت جويل بأنها إذا قررت قضاء بعض الوقت مع رجل ما فيجب أن يكون هذا الرجل لطيفاً وسهل المعشر . ولكن ليو يبدو بعيداً كل البعد عن هذه الصفات فهو يمتلك شخصية قوية و طبعاً محباً للسيطرة ما جعلها تشعر بالخوف.

مع هذا رفعت ذقنها و شعرت بفمها يرتعد كاشفاً عن ابتسامة واهنة و أضافت :"فى الواقع أنا أتوق إلى الجلوس على شرفتك فى الفندق و تناول القهوة معك"


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:47 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4 / سهر , ونهر , وأضواء

إنها تنوى حقاً أن ترافقه!

ترك ليو باب جناحه فى الفندق يتأرجح قبل أن يُغلق بينما قام بمراقبة جويل وهى تدخل إلى غرفة الجلوس فى جناحه.

بدت الإضاءة خافتة لكنها أظهرت بأن المسؤولة عن التنظيف قد زارتها و قامت بترتيبها. ألا أن جويل بدت هادئة إلى درجة عدم الاكتراث بالأمر و هى تتجول فى غرفة الجلوس

لم يحتمل ليو مجرد التفكير بأنها تقوم بهذا النوع من الأشياء غالباً . أراد التصديق بأنها ليست فتاة عابثة لكنه التقاها فقط لليلة واحدة و هاهى الآن بمفردها معه فى جناح الفندق !

أجل. لقد قام بدعوتها إلى هنا و لكنه أراد أن يختبرها . أراد أن يختبر قيمها و مبادئها . ربما تصرفه هذا لم يكن صائباً أو مُحقاً لكنه كان ضرورياً .

يجب عليه أن يعرف عنها أكثر فالزفاف سيتم بعد ثلاثة أسابيع .

ثلاثة أسابيع فقط ! كيف باستطاعتها أن تتصرف بهذه الطريقة قبل زفافها بثلاثة أسابيع ؟ وهل الإخلاص و الوفاء لا يعنيان لها شيئاً ؟ لطالما أنها وافقت على مرافقته إلى فندقه فذلك يعنى أنها تقوم بذلك مع الرجال الآخرين . وإذا لم تكن مخلصة قل الزفاف ما الذى يدعوه للتصديق بأنها ستكون كذلك بعد الزفاف؟

شعر بمزيج من طعم الحموضة و الاحتراق فى فمه وصل تأثيره إلى معدته . فهو يعرف النساء جيداً , لا سيما العرائس الملكيات شبيهات جويل التى لم ولن تكون مخلصة أبداً .

سألها ليو وهو يضع المفتاح على الطاولة و ينزع سترته:"هل تريدين شيئاً من القهوة؟"

ــ لا , شكراً لك.

شعر بشئ من الانقباض و العصبية فى صوتها فأحس لبرهة بالأمل و الراحة. ربما ستضع حداً لما يحصل الآن.....أرادها أن تتصرف بثبات و عزم أن تكون امرأة ناضجة قادرة على التحكم بتصرفاتها بدلاً من الضياع فى العواطف و الأوهام.

بعد قليل خرجا إلى الشرفة و وضع ليو كوبى القهوة على الطاولة هناك .

قالت جويل وهى تقف على حافة الشرفة :"لديك منظر رائع للمسيسيبى من هنا .أنا أحب هذا النهر و النشاطات التى تجرى عليه. انه ملئ بالحيوية"

أضافت وهى لا تزال تنظر إلى النهر كأنها تقوم بتفحصه :"أنا لا أستطيع تخيل العيش بعيداً عن الماء , لا أستطيع العيش دون رؤية هذا المنظر . حياتى تكونت و ارتبطت بالمراكب و التيارات و الزوابع المائية"

ثم استدارت قليلاً و استرقت نظرة إليه من فوق كتفها و قالت :"ولكنك لم تحصل على هذا حيث أقمت , أليس كذلك؟"

كان ليو تائهاً فى أفكاره فتردد للحظة قبل أن يجبر نفسه على الإجابة قائلاً:"هناك نهر التايمز فى لندن و البحيرات فى سويسرا "

ثم هز كتفيه بقسوة فهو لا ريد أن يتحدث عن عالمه أكثر من هذا . إنها ليست بحاجة إلى معرفة ماضيه ما دامت لن تصبح جزءاً من مستقبله .

يجب عليه ألا يشعر بالانجذاب إليها فهى لا تتصرف كما يفترض بالأميرة التى تنتظر زفافها بعد أسابيع ثلاثة أن تتصرف. آلمه شعوره هذا . فمع أنه أراد معرفة المزيد عنها بدعوتها إلى هنا إلا أنه لم يتوقع موافقتها بهذه السهولة . لقد مر بمثل هذه التجربة من قبل و أقسم على عدم الوقوع فى فخ امرأة لعوب مرة أخرى. و مع ذلك و على الرغم من اكتشافه لخداع جويل, فهو لا يستطيع مقاومة انجذابه إليها

راح يتأملها لبرهة فتحركت جويل فى مكانها و نظرت إليه بعينين واسعتين قائلة :"ما بك؟ هل من خطب؟"

ــ إننى أفكر

قال هذا بينما راح يتحرك بأتجاهها و نظراته تكاد تلتهمها فيما غضبه , رغبته و غيبة أمله قد أجتمعت سوياً فى دوامة من العواطف . تفحص ليو وجه جويل الشاحب و ذقنها الرقيق المرتفع . لم يستطيع أن يفهمها لكنه يعلم بأنه غير قادر على الزواج من امرأة تفتقد إلى الاستقرار و النضوج.

وضع يديه حول كتفيها و هو يجاهد لمقاومة مشاعره المتضاربة . أراد أن يضمها إلى صدره أن يمسك بها أن يلامس بشرتها . مع ذلك أدرك بأن لا مستقبل يجمعهما معاً بعد الآن إذ أنها آخر امرأة فى العالم يستطيع الزواج منها. فهو بحاجة إلى زوجة يستطيع الاعتماد عليها و الوثوق بها . أما جويل فهو لا يثق بها و لن يثق بها مطلقاً.

ليس أمامه سوى الاتصال بجدها و بوالده و بموظفى القصر الرسميين فى الصباح . وهم بدورهم قادرون على نقل الخبر إلى الصحافة بأى طريقة يشاؤون. لا يهمه كيف سيتعاطى رجال الصحافة مع موضوع فسخ الخطوبة , فكل ما يريده هو إنها هذه الخطوبة بأسرع وقت ممكن.

همست جويل بينما قام ليو بجذبها إلى الأمام ليقترب منها :"تبدو أفكارك تلك بالغة الجدية."

ــ أجل

بدت أجابته المقتضبة قاسية جداً و عنيفة و لكنها لا تقارن بنظراته البطيئة المتثاقلة . أبتلعت ريقها بصعوبة فيما تسارعت دقات قلبها و تصاعد الرعب فى داخلها إلى حد جعلها تتمنى لو أنها ذهبت إلى منزلها بدلاً من وجودها معه فى هذا المكان.

سألها ليو و أصابعه تنزلق من كتفيا إلى ذراعيها و تحيط بمعصميها :"لماذا قبلت دعوتى لك إلى هنا يا جوسية؟"

فى اللحظة التى أحاطت أصابعه بأصابعها شعرت جويل كأن تياراً دافئاً يجتاح يديها وصولاً إلى ذراعيها . شعرت بارتعاش حاد فى داخلها كأن كل عصب من أعصابها الواهنة يصرخ لكى تهرب بعيداً . إلا أن جسدها لم يكن قادراً على الحركة كما شعرت بأن عضلاتها ضعيفة جداً و دافئة جداً.

شعرت بأنفاسها تعلق فى حنجرتها و هى تسأله:"أريدك أنت ان تجيبينى عن هذا السؤال"

قالت جويل هذا و هى تشعر بالخوف و الرهبة . فهو يبدو قاسياً , قاسياً جداً .

ــ و ما هو سؤالك؟

ــ قلت لى فى وقت سابق من هذه الليلة بأنك لا تهتم لجسدى فقط و إنما لعقلى أيضاً .حدق إليها ملياً لكنه لم ينطق بكلمة بل انتظرها لكى تكمل كلامها .

شعرت جويل بجفاف فى فمها و اضطرت إلى ابتلاع ريقها ثانية لتخفف من ارتباكها . قبل أن تكمل كلامها قائلة :"كنت أتساءل....أعتذر إذا ما بدوت فظة....و لكن, لماذا تجدينى مثيرة للاهتمام؟أنا أبلغ من العمر أثنتين وعشرين سنة فقط و أنت تكبرنى بعشر سنوات . فما الذى أمتلكه....أعنى ذهنياً و هو قادر على إثارة اهتمامك؟"

لم يجبها ليو , بل أطبق فمه بإحكام و لاحظت جويل أن هذا الفم يحتفظ بتأثيره القوى على الرغم من القسوة التى بدت على شفتيه المشدودتين . وعندما طال صمته أدركت بنفسها الجواب الحقيقى.

إنه يهتم لعقلها فقط لأنه معجب بجسدها . وفى الحقيقة ليس عقلها ما يجذبه إليها بل جسدها فقط.

ــ أنا لم أجب بعد . فلا تبدأى بوضع الكلمات فى فمى.

قال ليو هذا و كأنه أدرك بما تفكر بينما قام برفع ذقنها إلى الأعلى و أكمل قائلاً:"بالرغم من أنك كنت ترتدين ثياباً تليق بفتيات الاستعراض فى لاس فيغاس فى وقت سابق من تلك الليلة ألا أنك تتمتعين بثقافة عالية"

ــ لم أكن أعلم أن الرجال يهتمون لذلك.

تجهم وجه و أجابها قائلاً :"أن بعض الرجال يهتمون لهذا الأمر "

بهتت ابتسامته الساخرة و أضاف قائلاً :"ولكن ما يحدث هنا لا يتعلق بالثقافة بل باللهو . أعتقد أنك تعرفين هذا كما أعتقد بأن ذلك هو ما تريدينه"

أحنى ليو رأسه و أدنى وجهه من وجهها فامتلأت خياشيمه برائحة عطرها . بدا عناقه لطيفاً وناعماً إلى درجة جعلتها تميل برأسها بعيداً عنه خائفة من الحرارة المتأججة الصادرة منه.

قالت :"لديك تأثير كبير علىّ"

دفع بوجهها إلى الوراء و راح يحدق إلى عينيها قائلاً:"أنا أراهن على انك تقولين هذا لكل الرجال"

ــ لا !

حاولت جويل الابتسام لكنها فشلت وبدلاً من ذلك أدنت يدها من وجه و لمسته . أرتجف ليو من جراء لمستها الناعمة ولكنه لم يبتعد عنها . بدا لها كضوء القمر الممزوج بالمسك والياسمين . همست وهى تشعر بالرهبة من ثبات نظراته و خشونة لحيته :"لديك وجه جميل"

ــ هذا ليس صحيح أن وجهى عادى جداً

ــ ما من شئ عادى فى كل ما يتعلق بك.

شعرن بأنه يبتسم فأرجعت رأسها إلى الوراء قليلاً لترى بأن زاوتة فمه قد التوت حقاً كاشفة عن ابتسامة مليئة بالسخرية . لم يسبق لها أن التقت رجلاً مثله يستطيع أن يكون شاباً و مسناً فى الوقت نفسه. كيف يمكنه أن يكون محنكاً جداً وهو لا يزال فى الثانية والثلاثين من عمره فقط؟

بهتت ابتسامته عندما التقت عيناه بعينيها و أحنى رأسه الداكن ليعانقها ثانية . آه ! كم أحبت هذا الشعور . كم أحبت رائحته قوته و خشونته

أغمضت جويل عينيها و فكرت بأن لمسته الدافئة العابرة جعلتها تفقد صوابها فكيف بذلك العناق الحار العميق ؟

أخذت نفساً عميقاً و هى تحاول أن تصفى ذهنها و أن تستفيق من هذا الدوار لكن لمسته بدت دافئة جداً تبعث إلى الخدر فى أوصالها . وهمست بصوت خفيض:"ألن نشرب القهوة؟"

كان ليو قد نسى تماماً أمر القهوة . وبدا وكأنه فوجئ بكلامها إلا أنه قال :"أظنها أصبحت باردة الآن . لكن ما رأيك بأن نستعيض عنها بسماع الموسيقى؟"

توقف قليلاً قبل أن يتابع قائلاً :"تعالى يمكننا أن نسمع الموسيقى و نرقص فى الداخل"

لم يجعلها أحد من قبل أن تشعر بأنها عاجزة و مخدرة كما هى الآن . لم تعرف جويل كيف وصلا إلى غرفة الجلوس و متى أدار ليو الموسيقى كل ما شعرت به هو أنهما يتمايلان على أنغام موسيقى هادئة و كأنهما عاشقان متيمان .

كل ما أرادته جويل هو القيام بمغامرة صغيرة تبقى فى ذاكرتها قبل العودة إلى حياة الالتزام و الارتباط بزواج مدبر و زوج لم تقع عيناها عليه من قبل....

أما ليو فقد تعمد الالحاح فى دعوته لها ليختبر مدى إخلاصها و التزامها بمبادئها و هو لم يتوقع منها أبداً أن تتصرف بمثل هذا الاستهتار مع رجل غريب تلتقيه للمرة الأولى فى حياتها . هذا مع العلم أنه هو نفسه لا يفهم كنة هذه الأحاسيس التى تشده إليها.

رفعت رأسها ونظرت إلى وجهه و لكنها لم تجد شيئاً مشجعاً فى قسماته المتصلبة فأحست بالدموع تتجمع فى عينيها وتخزها . وأخذت تسأل نفسها :

لماذا تقوم بهذا؟و ما الذى تفعله هنا؟

على الرغم من ذلك كانت مستعدة للمضى فى هذه المغامرة مع ليو فورتينو قبل زفافها الوشيك إلى لويجى بورغارد أمير ميلانو كونت فينيشيو أو مهما ما كان اللقب الرسمى الذى يُطلق عليه. . فهى فى الواقع لا تعرف حتى لقبه الخاص.

عادت بالذاكرة إلى الوراء و دموع الحزن و البؤس تملأ مقلتيها . وحدثت نفسها قائلة :للأسف إن زواجى الوشيك ليس مبنياً على الحب . فأنا لم ألتق لويجى مطلقاً من قبل . وهو لم يحاول أن يلتقى بى حتى قبل إعلان خطوبتنا. وبدلاً من ذلك أرسل بعض الموظفين الرسمين كوكلاء عنه من بورغارد إلى القصر كى يقوموا بتفحصى من رأسى إلى أخمص قدمى و يحملوننى على توقيع الأوراق الرسمية الضرورية.

أحرقت الدموع الملتهبة عينيها و أدركت على الفور لماذا لم تسمح لنفسها مطلقاً بالتفكير فى لويجى بورغاد . أنها تشعر بالغيظ لأنه يعتقد بأنه بإمكانه الدخول إلى عالمها و الانتقال إلى قصرها و النوم فى غرفة نوم والديها القديمة دون أن يسألها وجها لوجه إذا ما كانت موافقة على الزواج منه .

كيف يستطيع أى رجل أى رجل حقيقى أن يرسل وكيلاً عنه لمعالجة مسألة كمسألة الخطوبة؟ و كيف يمكن لرجل حقيقى أن يعتقد بأن أى امرأة ترضى بأن تعامل و كأنها صفقة تجارية؟

أيصعب على الأمير لويجى أن يخصص يوماً من جدول أعماله للقاء زوجة المستقبل ؟ شعرت بحلقها يجف و بالآلم يعتصر قلبها إلى حد يهدد بخنقها .

أعادها صوت ليو من الحياة التى تنتظرها فى اوروبا تلك الحياة التى ستعود إليها غداً :"ما بك؟ هل تشعرين بالسوء؟"

هزت رأسها بقوة . لقد سُلبت منها خيارات و قرارات كثيرة. و الآن لديها هذه الأمسية فقط و هى تريد أن تمضيها مع ليو . تريد أن تشعر بالرومانسية تريد أن تشعر بشئ مميز لأنها بحاجة غليه.

أجابته بصوت متقطع:"أنا....بخير , حقاً"

شعرت بأنه لم يصدقها إذ بدا متشككاً و كأنه توقع منها رداً آخر عندئذٍ رفعت ذقنها بتحدٍ تنظر إلى عينيه تقول له بصمتها: أريد أن امضى الأمسية معك لأنه الخيار الوحيد الذى أستطيع أن أتخذه بنفسى , لأنه الشئ الوحيد الذى لا يستطيع أحد انتزاعه منى . والشئ الوحيد الذى سيعنى لى شيئاً حتى بعد عودتى إلى ديارى.

ضاقت عينا ليو و لم تستطيع قراءة تعابيرهما . إلا أنها طمأنت نفسها : هذا ليس مهماً , المهم أننا معاً الآن . هذا ما أريده حقاً. إنه الشئ الحقيقى و الشعور الحقيقى . ولكن ما الذى تعرفه حقاً عن العلاقات الحقيقية ؟ فى الواقع أنها لا تعرف شيئاً .

لاحت منها التفاتة إلى النافذة فلمحت الأضواء المتراقصة فوق النهر و تنهدت و هى تفكر أنها لن ترى هذا المشهد بعد هذه الليلة .

قال لها ليو و كأنه أدرك ما تفكر به :"هل تودين أن تعودى على الشرفة لمشاهدة الميسيسيبى فى الليل؟"

ــ نعم اود ذلك.

أصدر صوتاً و كأنه يضحك ويزمجر فى الوقت نفسه ثم قال :"يا للنساء ! أنهن لا يعرفن ما الذى يريدنه حقاً "
__________________


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:51 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5 / أمسية بلا أمل

جلسا على الشرفة يحتسيان القهوة و يمتعان أنظارهما برؤية الأنوار المتلألية فى الأفق . وكل منهما سارح بأفكاره بعيداً عن الآخر . فـ جويل متحسرة على أنها لن تتمكن من إشباع ناظريها من هذه المشاهد مرة أخرى , لأنها مضطرة إلى العودة إلى الوطن صباح الغد أما ليو فراحت أفكاره تدور حول المرأة الجالسة بقربه.

قرب ليو كرسيه ليدنيه منها و وضع ذراعه حول كتفيها فما كان منها ألا أن ألقت برأسها على كتفه بارتياح و مرت ببالها فكرة بدت لها غريبة : هل ستتصرف بهذه الطريقة و تشعر بمثل هذا الارتياح ليلة زفافها ؟ من المؤكد أنها لن تشعر بالانجذاب إلى عريسها كما تشعر الآن مع ليو.

قال لها بصوت أجش أخترق حواسها :" ابتعدت عنى بأفكارك"

ــ لا, أننى هنا

بدوت مستغرقة فى التفكير.

لمست وجهه بأصابعها و أجابته قائلة :"أننى أفكر بك فقط"

تقوس حاجبه الأسود و بدا كانه لم يصدقها فابتسمت و قالت له:"ألا تثق بى؟"

اشتعلت عيناه الخضراوان ببريق غريب ثم أجابها :"أنا لا أثق بالناس بسهولة"

ــ وأنا أيضاً

أخذت نفساً عميقاً و أغنضت عينيها بعد أن شعرت بالدموع تتجمع فيهما . لابد أنها أطلقت صوتاً عبر عن مخاوفها إذ خفف ليو ضغط ذراعه حولها و نظر إليها قائلاً :"هل آلمتك؟"

ــ لا

أحنى ليو رأسه و عانقها بنعومة قائلاً لها :"لن أتحرك ثانية إن كنت سأتسبب لك بالأذى"

بدا فى غاية الرقة عندما قال لها هذا لا سيما أنه تابع عناقه لها برقة أقل و شغف أكبر ما جعل تفكيرها يتحول عن كل شئ ما عداه . راح رأسها يدور وجسدها يتموج بأحاسيس رائعة. أخذت نفساً عميقاً و تساءلت إذا ما كانت ستشعر ثانية بتلك الأحاسيس.

ــ استرخى

همس ليو بذلك فى أذنها . هزت جويل رأسها و هى لم تعد واثقة مما تفعل. و كرر من جديد :"استرخى"

فتكورت جويل و أندست به و هى تشعر بالأمان بشكل لا يصدق . من الصعب أن تصدق أنهما لم يتعارفا إلا منذ ساعات قليلة.

أطلقت تنهيدة و أشاحت ببصرها بعيداً ثم راحت تحدق إلى النهر .كان قلبها يخفق بسرعة و قالت:"أعرف أننى أكرر نفسى لكنى أتمنى لو أن باستطاعتى قضاء المزيد من الوقت هنا فأنا ليست جاهزة بعد لكى أرحل. ما زال هناك الكثير مما أود أن أقوم به. مضى على وجودى هنا قرابة السنة و مع ذلك هناك الكثير من الأمور التى لم أقم بها بعد"

ــ مثل ماذا؟

مد يده ليرفع خصلة شعر تدلت على وجهها فشعرت جويل بارتعاشه خفيفة ما أن لامست أصابعه وجهها . فأغمضت عينيها و هى تتخيل الأماكن التى تود رؤيتها فى لويزيانا تخيلت تلك الصور المنتشرة هنا وهناك بهدف جذب السياح: وقالت:"أود القيام بجولة على المزارع , المستنقعات , مدن الملاهى التنجول فى الحى الفرنسى....."

فرك ليو خدها برقة و قال :"أنت تمزحين!"

تلوت جويل بسبب لمسة يده و عادت الحيوية إلى جسدها بأكمله من جديد و بالكاد تمكنت من القول :"كلا"

أجبرت نفسها على التفكير بالأماكن السياحية التى ترغب فى زيارتها تنشقت الهوء بملء رئتيها و عادت تقول :"أود القيام برحلة إلى أودوين بارك و إلى حديقة الحيوانات "

شعرت بدفء يده على خدها لكنها تابعت كلامها :"أود ركوب عربة الخيل فى الشارع , الذهاب فى جولة عبر الميسيسيبى على متن قارب..."

ــ أنظرى إلى

كان صوته ينضح بالسلطة بالتحكم و لم تملك سوى الانصياع لما يطلبه منها . أرتفع جفناها و حدقت فى عينيه . تانك العينان اللتان أصبحتا داكنتين اللون حتى قارب لونهما السواد كأنهما غابة أثناء الليل أو شجرتا سرو داكنتى اللون ولا يضيئهما سوى شعاع ضئيل من القمر

ــ لقد مضى عام على وجودك هنا عام كامل يا حلوتى . ألم تقومى بأى من هذه الأشياء؟

فكرت جويل أنها تشعر بالضياع إنها تضيع به . لقد قامت بأمر لا يصدق . لقد أتت مع هذا الرجل إلى جناحه فى الفندق و هى لم تمنحه ثقتها فقط و أنما منحته قلبها . أيتها الغبية جو! أنت غبية غبية غبية....

حاولت أن تبتسم علها تخفى تلك المشاعر القوية التى تملؤها و أجابت :"كنت أعمل طيلة الوقت كان وقتى مقسماً بين وظيفتين"

أحست بأنه يعانى من تناقض فى المشاعر و مع انه لم يقل شيئاً شعرت بأنه متعاطف معها فقالت :"لا تنظر إلى هكذا"

ابتعدت عنه قليلاً و أتكأت بمرفقيها على الطاولة قائلة :"قد أبدو صغيرة فى السن لكننى أعرف أن كل شخص سوف ينضج يوماً ما . حتى المتمردون أمثالى"

أمسك ليو بخصلة من شعرها و لفها على إصبعه ثم قال :"انا لا أشعر بالقلق فأنا من نوع الأشخاص اللذين يقومون بالتحرك أفعل ما يتوجب علىّ أن أفعله"

كانت تحس بشعور رائع فى داخلها . لقد أمضت معه وقتاً غير عادياً و يفترض بها الآن أن تنهض عن كرسيها وتغادر . عليها أن تسير مبتعدة دون أن تنظر خلفها.

شد ليو خصلة الشعر قليلاً ما جعلها تشعر ببعض الألم مما جعل الدموع تتجمع فى عينيها.

ــ إنها ليست سوى البداية يا جميلتى

لكنها ليست البداية كما فكرت جويل وهى تحاول منه دموعها من التساقط أنها النهاية....و هى المرة الأخيرة التى ترى فيها ليو....

تحركت لتقترب منه أكثر فهى لم تكن مستعدة للمغادرة بعد و لم تكن واثقة أنها ستشعر بالرغبة فى المغادرة لاحقاً . لم يحتضنها أحد من قبل بمثل هذه اللهفة بمثل هذا القرب . ومع ذلك فهى تعلم بأنه يجدر بها أن تذهب قريباً عليها أن تقف على قدميها و تذهب إلى منزلها.

ــ أبقى هنا الليلة يمكننى أن أنام فى غرفة الجلوس.

قال ليو ذلك وهو يرسم بأصبعه على خط فكها.

ــ معظم الرجال لا يحبذون ذلك

ــ ماذا تعنين ؟

ـت أنت تعلم أن تمضى المرأة الليلة لديهم....

ضحك ليو و قال :"أنت تعرفين الكثير عن هذا العالم يا صغيرتى مع أنك مازالت فى الثانية والعشرين من عمرك فقط"

ــ لدى اختان تكبرانى فى السن

ــ و هل أنت مقربة منهما؟

ــ لطالما كنا كذلك

ــ وما الذى حدث؟

تصلبت كتفاها وقالت :"لقد كبرنا جميعاً"

تحرك ليو وفجأة غدت تعابيره متحفظة و بدا مسيطراً على نفسه من جديد.

ــ على أن أجرى مكالمة هاتفية فى الصباح لكنك ليست مضطرة إلى المغادرة . يمكننى أن أجرى المكالمة من الغرفة الأخرى حيث سأنام

ــ أهى مكالمة هامة؟

و فكر ليو انها شديدة الأهمية إذ عليه أن يتصل بجدها و بوالده و لن تكون مكالمة سارة . كما أنه لن يكون يوماً ساراً على الإطلاق.

أستيقظت جويل فى وقت مبكر و الساعة لم تصل الخامسة و النصف صباحاً ولبست ثيابها بهدوء و هى حريصة على ألا توقظ ليو.

إنها لا تحتمل لحظات الوداع و هى لم تحبها يوماً لكن وداع ليو سيبدو مزعجاً جداً بل هو الأسوأ....

لأمسية واحدة فقط شعرت بأنها جويل فقط وأنها ليست أميرة . لأمسية واحدة فقط شعرت بأنها ليست ملكاً عاماً و ليست تحت المجهر . هذه الأمسية التى قضتها برفقة ليو ستبقى سرها الخاص لا أحد سيعلم به لا أحد يحتاج إلى معرفته.

انتهت من ارتداء ملابسها و مررت يدها فى شعرها ثم ربطته فى ضفيرة كذيل الحصان. فقد كانت تحتفظ بربطة الشعر فى جيب بنطلونها . أحكمت شد الرباط عند أسفل عنقها . ومع أن شعرها بدا غير مرتب إلى حد ما . لكن لا بأس بذلك .

أنتعلت حذاءها وخرجت من غرفة النوم ثم توجهت إلى غرفة الجلوس حيث كان ليو مستلقياً على الأريكة و مازال يغط فى نوم عميق . جدلست خلف المكتب الأنيق و حاولت كتابة ملاحظة لـ ليو مستخدمة قلم حبر و دفتر الملاحظات الخاص بالفندق . لكن بعد أن كتبت أسمه لم تعرف ماذا تقول له.

حدقت بارتباك فى الورقة و أبتلعت ريقها مدركة أنها لاتملك الكثير من الوقت

ومرة أخرى وضعت القلم على الورقة و ترددت قليلاً ثم بدأت بالكتابة . وما هى ألا لحظات حتى ملأت الورقة آملة أن يكون لهذه الكلمات معنى بالنسبة إليه.

وضعت الورقة على الطاولة بالقرب من الأريكة . كان ليو ما يزال نائماً واضعاً أحدى ذراعيه فوق رأسه و وجهه مدفون تحت إبطه. ظلت تراقبه للحظات و هى تحاول التشبع من وسامته . أرادت أن تتذكر كل التفاصيل, حجمه شكله ضخامته التى لا تملأ الأريكة فقط و إنما الغرفة بأكملها . أدركت أنها لن تراه ثانية كما أدركت فى الوقت نفسه أنها لن تنساه أبداً .

فى اللحظة التى عبرت فيها جويل ردهة الفندق لتخرج من بوابة المدخل الزجاجية أنزلق على وجهها هذا القناع الصلب من السيطرة على النفس .

كانت السماء لا تزال معتمة باستثناء خط من الضوء الرمادى المائل إلى الفضى يلوح عند الأفق . سحبت نفساً عميقاً فدخل الهواء البارد إلى رئتيها مثقلاً بالغبار . وما هى ألا لحظات حتى كانت تجلس فى المقعد الخلفى لسيارة أجرة أقلتها إلى شقتها.

صعدت السلالم إلى شقتها فى الطابق الثانى و قد شعرت بالتوتر يعود إلى صدرها . لكن لم يكن أمامها سوى متابعة صعود الدرج لأخذ حمام يمكنها من مواجهة هذا النهار الجديد.

بدا رذاذ المياه فى الحمام دافئاً و منعشاً لكنها لم تشعر سوى بالقليل من الارتياح . فهى لم تستطيع التوقف عن التفكير به أو الشعور الذى أحست به وهى بين ذراعيه . أو بمنظره و هو مستلق على تلك الأريكة واضعاً ذراعه فوق رأسه.

أقفلت صنبور المياه على مضض و وقفت فى المغطس و هى تضغط رأسها بمحاذاة الحائط فيما الماء ينزلق فوق جسمها . كيف أصبح الأمر سيئاً على هذا النحو؟ لقد حضرت نفسها لمواجهة بعض المشاعر المحبطة...لبعض التحدى.لكن ما لم يخطر فى بالها على الإطلاق هو انها سوف تقع فى حبه بصورة جدية . ظنت أنها ستحصل على المغامرة التى تنشدها . ألا أن ما حصل فى داخلها لا علاقة له بالمغامرة على الإطلاق .

سمعت طرقة على باب الحمام . أنها لاسى شريكة جويل بالغرفة.

ـت جوسية من الأفضل أن تسرعى . فأنت لا تريدين أن تفوتك الطائرة .

أختطفت جويل منشفة و هى تجيبها :"ها أنا خارجة"

ما إن أستيقظ ليو حتى أدرك أن جويل قد رحلت.علم ذلك حتى قبل أن يفتح عينيه . ظل مستلقياً هناك للحظات عدة و ذراعاه تحجبان عينيه.

رفع بصره لينظر إلى باب غرفة النوم الذى كان شبه مفتوح. وتأكد ظنه بأنها رحلت

أراد أن يثبت أن جويل محتالة....منافقة...وليست تلك الأميرة الكاملة الصفات التى حاول قصر ميليو أن يقنعه بها . رتب هذا الأمر كله ليثبت أنهم على خطأ . فقام بإغوائها متعمداً و هو يعلم تماماًَ بأنه يستخدم خبرته و براعته و معرفته بالنساء ليجعلها ترافقه إلى جناحه . وخلال ذلك كله كان يفترض أنها امرأة ذات خبرة فى العلاقات العاطفية . وكان واثقاً بأنها كذلك!

عاودته بعض الذكريات و الانطباعات بصورة متقطعة . تذكر ترددها تذكر جسدها المتوتر تذكر عينيها المغروقتين بالدموع....تنهد و فرك جبينه مجبراً نفسه على العودة بذاكرته إلى الوراء. لقد كانت حقاً بريئة وعديمة الخبرة !

يا للهول! ذلك الثقل فى حنجرته انتشر فى بقية أجزاء جسمه و شعرت بالألم فى داخله. نزل عن الأريكة و سرعان ما رأى دفتر الملاحظات الخاص بالفندق موضوعاً على الطاولة قربه . إنها رسالة من جويل! أطلق شتيمة و تناول الدفتر عن الطاولة ثم راح يقرأ ما كتبته.

"ليو ما كنت لأحلام بأفضل من هذه الأمسية. وهى المرة الأولى التى أخرج فيها برفقة رجل . وما كنت لأحلم برفيق أكثر وسامة منك. شكراً لك على كل شئ .إنك رائع, جوسية"

سرت البرودة فى جسده برودة كالجليد ابتلع ريقه بصعوبة و هو يحاول استيعاب الصدمة التى أصابته.

لقد تركت له رسالة شكر لأنه قضى الأمسية برفقتها . يا للجحيم! يا لجحيم! ما الذى كانت تفكر به؟ ما الذى كانت تفعله؟

راحت الكلمات تدور و تدور داخل رأسه و راح غضبه يتصاعد مهدداً بالأنفجار . ما الذى كانت تحاول القيام به ؟ ما الذى كانت تفكر به؟ كيف سمحت لنفسها بالخروج مع رجل لا تعرفه قبل ثلاثة أسابيع فقط من زفافها ؟

لقد ظن أنه قد كشفها على حقيقتها . ظن أنها امرأة مستهترة عابثة منفلتة من كل القيود . وأعتقد أنها ذات خبرة بسبب تجاوبها معه . لكن الأمر لم يكن كذلك , فما الأمر إذن؟ أهو الفضول؟ الحرمان؟ أم الشغف؟

تسارعت الأسئلة فى ذهنه . لماذا هو بالذات؟ ولِمَ الليلة الماضية بالتحديد؟ لِمَ فعلت ذلك قبل أسابيع ثلاثة من موعد الزفاف؟ آتراها تحاول التملص من الزواج؟

قام ليو عن الأريكة و توجه نحو الحمام و هو يشعر بغضب عارم . كانت الأمسية الماضية جيدة و جويل كانت رفيقة ممتازة فهى تملك كل ما يرغب به فى المرأة , كل ما كان يظن أنه لن يجده فى أى امرأة على الإطلاق.

لكن أيعقل أن يجد ذلك كله فى جويل خطيبته المرأة التى يشك فيها على كل المستويات؟

شعر ليو باحساس غريب و هو يغادر الفندق . كان سائقه ينتظره فى الخارج فصعد فى المقعد الخلفى ثم أعطى السائق عنوان منزل جويل و هو يقول بعبوس:"الحى الفرنسى"

توهج وجهه ما أن تذكر الأمسية الرائعة التى أمضياها معاً....بدت منسجمة معه أكثر من أى امرأة عرفها فى حياته. وهى ليست أى امرأة بل عروسه العتيدة و آخر الأميرات العذراوات . أما أن تقوم خطيبته الأميرة العذراء بمواعدة شخص غريب و السماح له بعناقها فقد جعله ذلك غاضباً كالجحيم شعر ليو بألم فى أحشائه فيما هو يقرع الجرس أمام باب شقتها . قرع الجرس مرة أخرى . فتح الباب بعد عدة دقائق و أطلت منه امرأة شابة ذات شعر أجعد غير مرتب و قامة نحيلة و هى ترتدى ثوب حمام أبيض . سألته المرأة و كانت تحمل فى يدها كوب قهوة:" هل أستطيع أن أساعدك؟"

ألقى ليو نظرة سريعة على رقم المنزل بالقرب من الباب المطلى و قال :"أنا أبحث عن جوسية دوفيل"

ــ لقد رحلت

سألها بخشونة و هو غير قادر على إخفاء قلة صبره :"هل ذهبت إلى العمل؟ إلى المتجر؟إلى أين؟"

ابتسمت المرأة الشابة ذات الشعر الأحمر المجعد باعتذار قائلة :"ذهبت إلى منزلها"

ظلت الكلمات معلقة فى الهواء بينهما ثم غضنت لاسى أنفها و قالت موضحة:"غادرت إلى المطار منذ أكثر من ساعة"


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:52 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6 / لن أكون لك

قالت الخادمة الشابة وهى تنحنى باحترام بعد أن دخلت إلى غرفة نوم جويل:"طُلب منى أن أبلغك أن الأمير بورغارد ينتظرك و هو الآن برفقة جدك"

ــ شكراً لك.

شعرت جويل بالتوتر ما إن أغلقت الخادمة باب الغرفة و كأن الشجاعة قد فارقتها . لماذا أنتظرت حتى الدقيقة الأخيرة؟ لماذا لم تخبر جدها من قبل؟

قالت لنفسها بصمت :لكنك تريدين إخباره بالأمر بحضور الأمير بورغارد. أردت أن يسمع جدك و لويجى الخبر فى الوقت نفسه وهكذا لن يبقى هناك مجال لسوء الفهم.

لن يكون هناك زفاف! إنها لن تتزوج الأمير لويجى!

أخذت جويل نفساً عميقاً و هى تتمرن على الكلمات مرة أخرى.سوف تقولها بهدوء ووضوح دون أن يظهر فى صوتها أى انفعال . وهكذا لن يجدا أى صعوبة فى سماعها

لن يكون هناك حفل زفاف يا جدى لا أستطيع أن أتزوج بك أيها الأمير بورغارد

بالطبع سوف يشعران بالكدر سوف يحاولان إقناعها و ربما يتجادلان معها أيضاً . حتى إن جدها قد يتنحى بها جانباً ليتحدث إليها بصوت خافت و بنرة مليئة بخيبة الأمل . تلك النبرة التى اعتاد أن يستخدمها معها عندما كانت صغيرة حين ترتكب مخالفة ما . لكن هذه النبرة و خيبة الأمل لن يجديا نفعاً اليوم فهى لم تعد طفلة و لن تمضى حياتها وهى تحاول جعل كل من حولها سعيداً . فتلك الأمسية التى أمضتها مع ليو جعلتها تفهم أنها مهما حاولت فلن تستطيع ان تكون نيكول أو شانتال لا يمكنها أن تكون أى واحدة منهما أبداً فهما قد قبلا بالزواج المدبر أما هى فلا تستطيع القبول به لاسيما أن أن عريسها المقبل لم يكلف نفسه حتى عناء التعرف إليها.

أحست بتعرق يديها و همست لنفسها :أنا أستحق ذلك. فأنا ليست أميرة فقط بل أنا امرأة لا يمكنها الزواج من رجل لا يريدها من أجل نفسها و لا يرى فيها سوى وسيلة لتحقيق غايته . كلا! إنها تريد رجلاً مثل ليو رجلاً جذاباً قوياً مليئاً بالحيوية رجلاً يجعلها تحلم به .

وقع نظرها على صورة داخل إطار موضوعة على طاولة الزينة إنها صورة لوالدتها لمناسبة إطلاق ألبومها الأول بدت والدتها فى تلك الصورة متألقة وضاحكة و هى تواجه كاميرات التلفزيون احتفالاً بالمناسبة . بدت كامرأة تقف على قمة العالم شابة جميلة و قد حققت لتوها نجاحاً صغيراً .

شعرت جويل بانقباض فى صدرها إنها تحسد والتها بجنون . وفكرت : كنت محظوظة يا أمى فقد حصلت على كل شئ.

حاولت التخلص من أفكارها و أحاسيسها تلك وهى تهبط السلالم الملتوية . إنها الحفلة الكبرى لجدها الليلة و قد دعا إليها كل من هو عزيز على قلبه بمن فيهم لويجى بورغارد.

طيلة هذا الأسبوع كانت تعرف أنها سوف تلتقى بـ لويجى الليلة و شيئاً فشيئاً تكونت لديها قناعة بأنها لا تستطيع الزواج به لاسيما بعد ما حدث معها فى نيو أورلينز

من المحتمل أنها لو لم تلتق بـ ليو...

إنها تهتم لأمره حقاً ! فى الواقع لم تعد الأمور بالنسبة إليها كما كانت فى السابق بعد تلك الأمسية . وأدركت أنها لن تستطيع مطلقاً نسيان ذلك الشغف الذى شعرت به يومها

دخلت إلى غرفة الاستقبال الملكية و راحت عيناه تبحثان عن جدها....ها هى قد وجدته....إنه يقف بمفرده. بدا الملك متألقاً بمعطف المساء الأسود فيما شعره الخفيف مسرح إلى الوراء عن وجهه الذى ما زال يبدو وسيماً . لقد بلغ الـ 85 من عمره و هذا هو عيد ميلاده الثانى بعد وفاة جدتها .

ابتلعت جويل ريقها بصعوبة و شعرت بكتلة جامدة تتجمع فى حنجرتها . ما أن تحركت متجهة إلى حيث يقف جدها حتى تفرق الحشد فى الغرفة مفسحاً لها المجال للمرور و سرعان ما لاحظت أنها كانت مخطئة فجدها لم يكن بمفرده

تجمد جويل فى مكانها لم تعد تستطيع أن تخطو خطوة واحدة .

كان جدها يقف أمام لوحة تيتان فيما اهتمامه منصب على أحد الضيوف. لم تتمكن من رؤية وجه الضيف إلا أنه بدا طويلاً, طويلاً جداً...و بدت كتفاه عريضتين , عريضتين جداً....و أحست جويل بالدم يتجمد فى عروقها . لقد عرفت الضيف!

تقلصت معدتها و وقفت تنظر إلى الرجل بذهول و هى عاجزة عن الحركة فيما دمها و عظامها قد استحالت إلى جليد

طيلة سبع أيام بذلت كل ما فى وسعها من جهد لكى تطرد ليو فورتينو من ذاكرتها . وها هو الآن هنا يقف بارتياح و بشكل عادى معه جدها

فجاة بدا العالم من حولها هشاً تماماً كتلك القطع من الكريستال الأزرق المتدلية من الثريات الضخمة.

ما كان يُفترض بتلك الأمسية التى أمضتها مع ليو فى نيو أورلينز أن تترك لديها مثل هذه الأحاسيس , أحاسيس عميقة لا تمحى . ألا أن الجهد الذى بذلته من أجل نسيانه طيلة الأسبوع المنصرم استنزفته . فقد لزمها الكثير من الجهد لكى تدرك أنه لا يجدر بها أن تتزوج من الأمير لويجى بورغارد , و أن المشاعر التى تكنها لـ ليو لن تسمح لها بأن تتزوج رجلاً آخر...غريباً...

ألا أن اقتناعها بأن ليو قد غادر حياتها إلى غير رجعة وبأنه لن يكون مطلقاً جزءاً من هذه الحياة, زاد من ألمها و تعاستها ومع ذلك ها هو الآن هنا.

إنها لا تفهم ما الذى يحصل. و لا يمكنها أن تستوعب كيف تمكن فجأة من الوصول إلى هنا إلى عالمها إلى قصرها ليقف بالقرب من جدها .

لكن ربما لم يكن هو من تراه أمامها, هكذا قالت لنفسها . أجبرت نفسها على التقدم خطوة إلى الأمام إلا انها شعرت برجليها ثقيلتين كالرصاص

أخيراً وصلت إلى حيث يقف جدها و رأته يرفع بصره و يبتسم . ثم رأت الضيف يستدير نحوها و إذا بالصدمة تصيبها بالشلل.

ليو.....إنه ليو! و هو ينظر إليها....ينتظرها لكى تتكلم...لكنها لم تستطع أن تنبن بنبت شفة.

ما الذى يفعله هنا؟ و لِمَ يبدو غاضباً منها على هذا النحو؟

يا إلهى! كم يبدو الأمر سيئاً! من الواضح انه عرف الآن من تكون.

وعرف أنها مخطوبة من النظرة التى ظهرت على وجهه و الصمت الثقيل الذى تمسك به . أدركت جويل أنه غاضب منها.

لم تتوقف عن التفكير به طوال الأسبوع الماضى, و لم يخطر ببالها مطلقاً أنها سوف تلتقى به هنا . شعرت بالحرارة تغزو جسمها و بأعصابها تكاد تنفجر كما ملأت الدموع عينيها.

جاء صوت جدها ليحول نظراتها باتجاهه حين قال:"حبيبتى جويل"

أجبرت نفسها على الابتسام و اقتربت منه أكثر و هى تهمس :"عيد ميلاد سعيد يا جدى"

ثم وقفت على أطراف أصابعها لتقبله على خده الأملس

ـــ شكراً لك عزيزتى.

و بسرعة وضع الملك ريمى ذراعه حول خصرها و أدارها لكى تواجه الضيف قائلاً :"جويل حبيبتى لابد أنك عرفت من هو هذا الرجل"

علقت أنفاسها فى حنجرتها . نعم لقد عرفته ! شعرت بتسارع فى دقات قلبها . استرقت جويل نظرة إلى وجهه آملة ان تقرأ شيئاً فى تعابيره , إلا أنه بدا منغلقاً على نفسه فلم تر منه سوى مظهره الخارجى . لكنه لا يبدو سعيداً برؤيتها.

و تذكرت أنها يجب ألا تشغل تفكيرها بـ ليو . عليها أولاً أن تحل المسألة مع جدها ومع الأمير لويجى وبعدئذٍ يمكنها التفكير بـ ليو . ضغط جدها ذراعه على خصرها من جديد قائلاً :"أنها جميلة , أليس كذلك؟"

وافقه ليو:"نعم, أنها كذلك"

إلا أن صوته بدا خشناً أجش ما جعل رأسها ينتفض مرتفعاً إلى أعلى و تشابكت نظراتهما

لم تتمكن جويل من قراءة تعابير ليو....بدت قسمات وجهه قاسية متحجرة ما ذكرها بالنهر المتجمد . لكن ذلك التجمد وتلك البرودة أرسلا إنذاراً مستعجلاً إلى كيانها بأكمله.

انقبضت أصابعها بصورة غريزية و شعرت بأن الخاتم يضغط بقوة على إصبعها , هل يعلم جدها شيئاً عن تلك الأمسية التى أمضتها برفقة ليو ؟ أتراه مدرك لما حصل بينهما؟

قال جدها:"ما كنت لأحلم بهدية عيد ميلاد أجمل من هذه . من الرائع أن تكونى فى المنزل من جديد يا عزيزتى."

تحركت حنجرتها و جاهدت جويل لكى تبتسم ثم قالت :"شكرا لك , جدى"

ما الذى دفعها فى الأساس للذهاب إلى نيو أورلينز ؟لماذا اندفعت وراء شغفها بالموسيقى؟ ما سر ذلك التوق القوى للنار و الجليد معاً ؟ لقد حصلت من قبل على النيران و ها هى الآن تحصل على الجليد.

ليس من العدل أن تلتقى بـ ليو بهذا الشكل القاسى الفظ . أرادت أن تراه ثانية لكن ليس هنا ليس فى حفلة عيد ميلاد جدها و هى لا تزال مخطوبة لرجل آخر.

سألها جدها و هو يبتسم :"هل أنت مستعدة لحفل الزفاف ؟"

و بدا لها للحظة أشبه بصبى صغير يشعر بالحماسة و اللهفة . توهج وجهها و قد شعرت بالصدمة فقالت :"جدى....."

ــ لا داعى لأن تشعرى بالتوتر . الأمير بورغارد لن يضغط عليك. إنه يعرف أنك شابة عديمة الخبرة.

قبضت جويل على ذراع جدها و شدت عليها بقوة ما أجبره على التوقف عن متابعة حديثه. نظر جدها إلى وجهها و سألها :"ما مشكلتك؟"

لم تستطيع أن تتكلم و شعرت و كان مياهاً باردة كالثلج تسرى فى شرايينها . هوت رأسها و حركت يدها لاتى باتت مخدرة .

ربت الملك ريمى على كتفها و قال :"كل شئ سيسر على ما يرام كل عروس تشعر بالتوتر ...."

قاطعته جويل بسرعة قائلة بصوت خفيض :"علينا أن نتحدث بشأن هذا الزواج , أردت أن أتحدث إليك و إلى الأمير بورغارد معاً لكن بما أنه ليس هنا...."

ــ ليس هنا....؟!

ردد جدها كلامها بحيرة قبل أن يتابع قائلاً :"جويل ما الذى تقولينه؟"

ــ أننى لن أتزوج من المير بورغارد

شعرت جويل بالحرارة تغزو جسمها و راحت ترتجف داخل ثوبها البسيط اليونانى الطراز . وتابعت:"فأنا لا أكن له أية مشاعر...."

قاطعها جدها مرة أخرى:"لا أفهم أى كلمة مما تقولينه , جويل بالطبع أنت لا تكنين المشاعر لـ ليو فأنتما ألتقيتما لتوكما "

صححت له بصوت أجش:"أنت تعنى لويجى"

ضرب جدها الأرض بعصاه بنفاد صبر و سألها :"من هو لويجى؟"

أدركت جويل أنهما يجتذبان انتباه الآخرين فقالت بصوت خفيض:"الأمير بورغارد لويجى بورغارد"

قال جدها بصوت كالرعد :"ليس هناك لويجى, هناك ليو فقط!"

ــ ماذا ؟

كرر جدها قوله:"ليس هناك لويجى. ولا أعلم من أين أتيت بهذا الأسم"

شعرت أن الرغفة تميل بها وراحت الكلمات تطفو فى رأسها, ما الذى يقوله جدها؟ لا يمكن ان يقصد بقوله هذا.....ليو ليس هو نفسه لويجى....

ــ أشعر أننى لست بخير.

قالت جويل ذلك بنبرة غامضة و أحست بساقيها تلتويان تحتها

لم يسمعها جدها فقد كان مشغولاً برفع كوبه مقترحاً شرب نخب.

ردد ليو رافعاً كوبه:"من أجل المستقبل"

أما جويل فبهرها الضوء المنعكس على كوبها و لم تعد ترى سوى القطرات اللامعة فى أسفل الكوب الفضى.

المستقبل....مستقبلهما.

هزت رأسها و هى تشعر بالدوار و بعدم القدرة على التركيز و بات كل شئ من حولها دون معنى . شعرت بانها مريضة و أكثر ما تحتاج إليه هو كرسى لتجلس عليه لتستعيد شيئاً من توازنها.

ـت أننى أشعر....

و توقفت عن متابعة كلامها و هى ترمش بعينيها . حاولت أن تبتلع ريقها و إذا بها تشعر بيد تلامس مرفقها و بصوت ذكورى يكمل جملتها :".....أنك ستغبين عن الوعى"

إنه صوت ليو و سخرية ليو

لسعتها لمسته تلك اللمسة التى اعتادت عليها و مع ذلك بدت لها مؤلمة . تلك اللمسة التى قلبت حياتها رأساً على عقب قبل أسبوع . لكنه هنا الآن يقف مع جدها و يتفوه بكلمات تشوش أفكارها.

لا يمكن أن يكون هو !

شعرت بخدر فى أصابعها و تلاشت قبضتها على الكوب فسقط أرضاً أحدث سقوطه دوياً مرتفعاً و انسكب العصير على بنطلون ليو

تضاربت مشاعر جويل ما بين الارتياح و الخجل فسارعت تتناول منديلاً قبل أن تركع على الأرض قائلة:"أنا آسفة , أنا آسفة"

لم يحتمل ليو رؤيتها راكعة على الأرض فما كان منه إلا أن أمسك أعلى ذراعيها و جذبها نحوه بشدة إلى أن وقفت على قدميها ثم قال لها:"كدت تتلفين ثوبك"

لم تجد جويل شيئاً لتقوله فعادت تكرر أسفها :طأنا آسفة لقد تسببت بفوضى هنا"

أجابها ليو :"يتعلق ذلك بتحديدك لمعنى كلمة فوضى"

سمعت شيئاً فى نبرة صوته جعلها ترفع رأسها إلى أعلى .كان ليو يبتسم فى وجهها إلا أن ابتسامتها لم تكن حقيقية . فـ جويل تعرفه و تعرف ابتسامته الحقيقية

قالت بصوت مختنق متهدج :"كنت تعرف.....كنت تعرف عندما كنا فى نيو أورلينز

ــ نـــعـــــمـــ

بدا واثقاً من نفسه هادئاً و متحكماً تماماً فى أعصابه . ركزت جويل نظراتها عليه لفترة أطول . وهى تشعر بانهيار فى داخلها . كان يعرفها و يتظاهر بأنه لا يعرفها . كان يعلم بأنه ستصبح زوجته.

و قالت بصوت متهدج أجش ملئ بالعاطفة :"وثقت بك, ظننت...."

قوس ليو حاجبيه وهو يقول :"ماذا؟"

طرق جدها بعصاه على الأرضية الرخامية عدة مرات ما دل على نفاد صبره:"ما هذا؟ ماذا تقولين يا عزيزتى أنت تعرفين بأننى لم أعد أسمع كما كنت سابقاً"

فما كان من ليو إلا أن قال له:"أعذرنا يا صاحب الجلالة"

و مع انه رفع صوته قليلاً كى يتمكن جدها من سماعه بوضوح , إلا أن نبرته جاءت حاسمة ثم تابع يقول :"لكن الأميرة جويل تعب عن استيائها منى فهى تقول بأنها لم تعرفنى فى نيو أورلينز"

لكن عصا جدها كانت تقرع الأرضية الرخامية بنقرات قصيرة تنم عن نفاد الصبر :"لكنها بالطبع تعرفك! فقد رأتك الأسبوع الفائت فى أمريكا . أنت أخبرتنى بأن الفرصة قد سنحت لك لتقضى بعض الوقت معها فى نيو أورلينز"أرادت جويل أن تعترض . حاولت أن تقول شيئاً لكنها لم تستطيع أن تنبس بنبت شفة و لا حتى بأدنى صوت....لا شئ بتاتاً

قال لها الملك ريمى بعد ان تحول بنظره نحوها :"ألا تذكرين ليو؟"

كانت تعابير الملك تنضح بالقسوة بينما بدا العبوس على حاجبيه الأبيضين ثم تابع كلامه :"لقد مضى أسبوع واحد فقط, لا افهم كيف أنت لا تتذكرينه؟"

أجبرت جويل نفسها على أخذ نفس عميق ثم أخرجته ثانية:"أنا...أنا أتذكره يا جدى"

ــ إذن ما المشكلة؟

ملأت الدموع الساخنة مقلتيها و أحست بقلبها أشبه بإناء زجاج محطم ألف شظية و قالت :"ليس هناك مشكلة"

أبتسم لها ليو لكن ابتسامته كانت كتلك الابتسامة المفترسة المخيفة التى علت وجهه من قبل ثم قال :"إنها مرتبكة فقط , أظن اننى و الأميرة نحتاج إلى بعض الوقت معاً لوحدنا"

سرت فى كيانها ارتعاشة مفاجئة جلسة منفردة مع ليو ؟ جلسة منفردة بعد ما فعله بها؟ جلسة منفردة بعد الأذى الذى أنزله بها ؟ لا ! أبداً . أبداً أجابت جويل بجفاء مبتعدة عنه قدر استطاعتها :طلا أعتقد ذلك. فاليوم هو هو عيد ميلاد جدى , لا أريد أن أتركه الآن..."

عادت عصا جدها تطرق الأرض وهو يقول :"ما هذه السخافة ؟ من المؤكد أنكما تحتاجان إلى الانفراد لبعض الوقت . أخرجا لتنشق بعض الهواء العليل, لكن أرجعا فى موعد تقديم العشاء . سوف تجلسان إلى طاولتى فالأمير بورغارد هو ضيف الشرف عندى"

حاولت جويل أن تمسك بيد جدها إلا أنه ابتعد عنها تاركاً إياها وحيدة مع ليو

زادت ضربات قلبها عنفاً كيف يمكن لكل ما حدث بينهما أن يحدث؟

فى الواقع لم يكن لقاءهما مجرد علاقة غرامية عابرة على الأقل ليس بالنسبة إليها . فهى تشعر بشئ ما تجاهه , بشئ حقيقى و مع ذلك فقد أيقنت الآن بأن الأمر كله كان لعبة بالنسبة إليه.وهو بدون شك نصب فخاً لها وتلاعب بها...

و لم يكن تودده إليها إلا نوع من الأختبار .

أدركت انه يراقبها و أنه يقف قريباً منها . كان قريباً جداً و شعرت بأن كل شئ قد ارتدى ثوباً من الزيف و الخيانة . تمتمت قائلة :"انا أكرهك"

ــ لكنك لم تكرهينى عندما كنا معاً.

حاولت أن تكبح دموعها و أجبرت نفسها على النظر إليه بقوة . راحت تتفحصه تفحصاً بطيئاً , بدءاً من أعلى سترته التوكسيدو السوداء إلى رابطة عنقه البيضاء الناعمة و حتى ذقنه المربع. بعدئذٍ عجزت جويل عن متابعة تفحصها, فالأمر كان يحمل لها أذى كبيراً لكنها همست :"أكنت تعرف من أنا منذ البداية؟"

ــ نعم

غرزت أظافرها فى راحتى يديها و قالت:"قلت لى بأنك ليوناردو مارشيانو فورتينو "

ــ نعم ,أنا هو

أشتدت ضربات قلبها و بالكاد تمكنت من ابتلاع ريقها.

ــ وماذا عن لقب أمير بورغارد؟ هل كان ذلك حذفاً فرضته الظروف فى نيو اورلينز؟

هز ليو كتفيه نافياً :"أنت لم تتعرفى على أسمى و لم أكن مستعداً لأفرضه عليك فرضاً"

ــ أوهـ , أرجوك !

ــ ماذا يا حلوتى؟ ماذا يريد قلبك الصغير الآن؟

بدت نبرته مليئة بالإثارة و بطريقة ما أستطاع غضبه أن يُذيب بعض الجليد فى داخلها مذكراً إياها بالدفء الذى شعرت به بين ذراعيه و بالأنجذاب المتبادل بينهما.

من سخرية الأقدار أنها تمنت الزواج منه منذ يوم واحد و حتى منذ أسبوع واحد. تمنت ذلك بشغف . لكن الأمر مختلف هذه المرة فالآن باتت على علم بالحقيقة....لقد غشها و خان ثقتها به.

شعرت بعينيها تحترقان. وقالت له موضحة:"لن أتزوج منك"

ــ لا تكونى مجنونة

ــ مجنونة ؟ سأخبرك ما هو الجنون الحقيقى....انتهى كل شئ. فلا خطوبة ولا زفاف

أمسكت جويل بخاتم خطوبتها و حاولت نزعه من إصبعها , ذلك الخاتم الذى تتوسطه ماسة الماركيز الكبيرة المحاطة بالأحجار الكريمة و الذى تضعه فى بنصرها و تابعت تقول :"لن أذهب بعيداً فى هذه الأمور بعد الآن"

سارعت يده لتغطى يدها بقوة:"دعيه مكانه"

قامت يده المحيطة بيدها , برغم الدموع التى تملأ عينيها و قالت:"كلا , لقد خدعتنى , وجعلتنى اعتقد...."

أمسكت أصابعه بأصابعها ضاغطة عليها ثم أمسك بها جاذباً إياها نحوه فأصبحت أكثر قرباً منه . فأنحنى قليلاً و همس فى أذنها:"ماذا؟ جعلتك تعتقدين بأن كل شئ على ما يرام ؟ وأنك امرأة جذابة؟"

إنها لا تستطيع ان تبكى هنا , ولا تستطيع أن تبكى علناً و خصوصاً أمام مئة ضيف من ضيوف جدها , قالت له و الدموع برموشها :"أخفض صوتك"

استدار عدد من الحضور و راحوا يتطلعون باتجاههما , لكن ليو لم يكلف نفسه عناء مبادلتهم ابتسامة على الأقل .

ــ أعتقد بأن جدك كان على صواب عندما قال بأننا نحتاج إلى تنشق الهواء الطلق.

جرها ليو وراءه و هو مازال ممسكاً بيدها فمشيا بين جموع المحتشدين فى صالة الرقص , وعبرا الأبواب العالية الفرنسية الطراز باتجاه الشرفة الحجرية الخارجية

بدا الجو دافئاً بل كاد يكون حاراً . ابتعدت جويل عن ليو بأسرع ما يمكنها . غنها تكرهه و تكره نفسها , كما أنها كرهت شعورها الحزين فى لحظة كهذه.

ــ لا تستطيع إجبارى على الزواج منك

تمسكت جويل بسياج الشرفة كى تستطيع المحافظة على توازنها و اكملت:"يمكن أن يكون هذا زواجاً مدبراً لكنه ليس زواجاً متفقاً عليه فيما بيننا"

ــ تماماً مثل علاقتنا.

كان ذلك بمثابة توجيه ضربة قاضية . شعرت بتوتر فى معدتها و مع ذلك رفعت ذقنها محاولة التمسك بما تبقى لها من كبرياء :"لا علاقة لما جرى فى نيو أورلينز بما جرى بيننا الآن"

ــ أظن بأنك مشوشة يا جويل....مهما رغبت بأن يكون اسمك أو أن تكونى كنا أنا و أنت لوحدنا فى نيو أورلينز حين تناولنا العشاء . أنا و أنت فى جناحى فى الفندق , أنا و أنت على الشرفة تحت ضوء القمر....

ــ لا ! كنت رجلاً يوحى بالأمان بالنسبة لى......

ــ يوحى بالأمان؟ من الواضح بأنك لم تعرفينى وقتها جيداً يا حلوتى.

يا إلهى! هذه الفتاة ساذجة . فكر ليو بذلك وهو يراقب جويل تبتعد عنه مستندة بيدها اليسرى على السياج الحجرى المنحوت.

لم تكن لديها أدنى فكرة عما مر به خلال الأسبوع الفائت أو عن مدى صعوبة كبحه لجماح نفسه. أول ما فكر به يومها هو الصعود على متن أول طائرة مغادرة و مواجهتها على الفور , طالباً تفسيراً كاملاً لما حدث . لكنه أدرك أن مزاجه كان حاداً جداً و أنه يحتاج إلى بعض الوقت لتهدأ مشاعره.

أنه يريد الحصول على أجوبة لأن جوسية كسرت كل القواعد الأساسية. ويتحتم عليه أن يفهم لما فعلت ذلك. قال لها :"أمضيت الأمسية معى و سمحت لى بمغازلتك"

ــ آهـ ! هل لاحظت ذلك؟

ــ أريد جواباً حقيقياً. لماذا وافقت على الذهاب معى إلى جناحى فى الفندق؟

التمعت عيناها الزرقاوان المائلتان إلى الخضرة و قد جعلهما ضوء القمر داكنتين :"لأنى أردت ذلك"

ــ هذا ليس سبباً كافياً.

ــ لسوء حظك ,إنه الجواب الوحيد الذى تستطيع الحصول عليه.

فى تلك اللحظة بدت جويل صعبة المراس مزاجية وعنيدة.

ــ ظننت بأنك تحصلين على موعدك الأول مع شخص سواى, وبدلاً من ذلك كنت أنا موعدك الأول.

ــ حسناً لقد ارتكبت خطاً .

استطاعت جويل أن تلاحظ الغصة فى نبرة صوته وهو يقول :"لماذا فعلت ذلك فى هذا الوقت بالتحديد و أنت لم تخرجى فى موعد مع رجل من قبل؟"

أخذت جويل نفساً سريعاً و تشبثت أصابعها بالسياج قبل أن تقول :"لا أدرى لما تبدو مصدوماً بهذا الشكل , أنت رأيتنى فى الملهى و سمعتنى أغنى, ثم افترضت كل ما تريد افتراضه....افترضت بأننى سيئة و أننى أقيم علاقات مع الرجال ليس لمرة واحدةفقط بل لمرات عديدة"

ظهرت ابتسامة متألمة عند زاوية فمها و تابعت:"و كنت مخطئاً"

راقبها وهى تمشى ببطء ملحوظ مبتعدة عنه لتعبر الشرفة و لتستند إلى الحائط المواجه للبحر . وقد لاحت فى البعيد أضواء بورتو.

أتكأت جويل على سياج الشرفة بينما راحت نسمات حزيران المسائية الدافئة تهب بنعومة وتتلاعب بأطراف فستانها الطويل.

كانت أصوات الضيوف مسموعة من الطابق السفلى . تطلعت جويل من وراء كتفها و قالت :"دعنى وشأنى"

جلس على حافة السياج الحجرى و قال:"لن أذهب إلى أى مكان قبل حل هذه المسألة"

التفتت نحوه لتواجهه قائلة :"أى مسألة ؟ ألأننى بدوت أقل خبرة مما ظننت؟ أم لأننى لم أرغب بأن أتزوج قبل الحصول على بعض اللهو؟حسناً. ماذا تقول؟"

ــ لماذا أردت الخروج فى موعد غرامى قبل أن تتزوجى بى؟

ــ ألم تفعل أنت ذلك مرات عديدة؟

ــ بالطبع

تأمل ليو وجهها و لاحظ أنفها الصغير المستقيم و حاجبها المقوس الداكن و فمها الممتلئ الناعم. إنها جميلة , أجمل بكثير مما أعتقد فى الأسبوع الماضى, حتى الصور التى نشرتها لها المجلات لم تفيها حقها. فجمالها دافئ جداً و أكثر رقة من أن تستطيع آلات التصوير التقاطه.

وجد ليو نفسه منجذباً إلى هذا الجمال تماماً كما حصل معه الأسبوع الماضى فى نيو أورلينز.

استطاعت جويل أن تؤثر فيه أكثر من أى امرأة أخرى. جعلته يشعر بأشياء و يرغب بأشياء , وزبدا له ذلك طبيعياً تماماً و مريحاً تماماً . جعلته هذه المرأة يشعر بالذهول و الشوق بل يشعر بأنه أكثر عطاء و لطفاً من أى وقت مضى. لكنه لم يكن لطيفاً عندما عانقها فقد كان يشعر بلهيب الشوق تجاهها. و مع ذلك فلو لم ير ما رآه تلك الليلة و لم يقرأ رسالتها القصيرة لما تسنى له أن له أن يعرف بأنها عديمة الخبرة إلى هذه الدرجة.

عاد يسألها :"أليس غريباً أن تخرجى فى موعد غرامى مع رجل و لا تخبريه بأنك مخطوبة؟"

ــ لم أدرك بأننى أحتاج إلى الإفصاح عن ذلك. شكراً لك يا ليو، سأتصرف بشكل أكثر حذراً فى المرة القادمة

ــ المرة القادمة لن تكونى فى موعدك الغرامى الأول .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 12:53 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7/ ..... و تبعثرت الأحلام !
لاحظت جويل تجهم وجه ليو كانت مسحة من الظلال القاتمة قد خيمت على ملامحه البرونزية الجميلة . وجعلتها كبرياءه المتغطرسة تتوقع الأسوأ فاندفهت تقول:"لا أصدق بأنك تعطى هذه المسألة أهمية كبرى . على أى حال إنها مسألة صغيرة جداً و لا أهمية لها على الإطلاق فى مسار الأمور"

أطلق ليو شتيمة بصوت خفيض ثم أمسك ذراعها بقوة قائلاً :"لا أصدق بأنك تتكلمين بهذه الطريقة . لو أن جدتك سمعتك لأصيبت بالإغماء"

حاولت أن تحرر ذراعها من قضبته وهى تقول :"أنت لم تلتقٍ جدتى من قبل أبداً , ولا تعرف أى شئ عنها , وحتى لو كنت قد ألتقيتها فهى لم تعد موجودة بيننا , أليس كذلك؟"

و بدلاً من أن تحرر ذراعها جذبها ليو نحوه إلى درجة شعرت معها بأن صدرها سينسحق . شعرت بقوة جسده إزاءها , كما شعرت برعشة تسرى فى جسدها. شبك ليو أصابعه فى خصلات شعرها المقعوص فوق رقبتها بينما أسند رقبتها براحة يده ثم رفع رأسها نحوه و طلب منها جواباً على سؤاله :"لماذا رحلتِ قبل أن أستيقظ؟"

حاولت بيأس أن تتشبث بغضبها على الرغم من شعورها بتجمد الدم فى عروقها . إلا أن التوتر الذى أصاب جسدها جعلها تدرك بألم بأنه قد غير كل شئ فى حياتها . جعلها ليو تشعر بأشياء و ترغب بأشياء لم تكن ترغب بها فى السابق و قالت له:"لقد أخبرتك"

ــ فى تلك الرسالة القصيرة؟

ــ كان يمكننى أن أغادر بدون أن أترك أية رسالة

فجأة أحنى ليو رأسه وعانقها بقوة وهو يقول :"ستدفعين ثمن تصرفك ذاك يا جوسية"

فأجأها عناقه و أحرقها لهيب الغضب و الانفعال اللذين ينضحان منه. وما لبث أن تلاشى الغضب و تحول إلى شوق أشد لهيباً و أكثر خطراً من أى غضب موجود على الكرة الأرضية بأكملها.

غمرها شعور مفاجئ بأنها ملكه و عرف ذلك هو أيضاً . عرف بأنه سيد الموقف هنا. تمنت جويل بأن يستمر عناقه لها لمدة أطول . بدا كل ما فيه قوياً ,دافئاً ,لكنه يهددها و هو ليس وحده فى ذلك بل إن شوقها إليه يهددها كذلك.

ابتعدت عنه فجأة بينما راحت نبضات قلبها تتسارع . أخذت نفساً عميقاً ثم أتبعته بآخر و قالت وهى تتلفت نحو قاعة الرقص :"لقد انصرفوا جميعاً"

ــ علينا أن ندخل إذن.

هزت رأسها وهى تبتسم بمرارة ثم قالت :"لن أدخل . أبلغ اعتذاراتى لجدى وتستطيع إخباره بما شئت.....بأننى مريضة و أشعر بدوار"

ضحك ليو قائلاً:"لن أبلغه أى شئ من هذا القبيل. و عدناه بأننا سنكون هناك و هذا ما سنفعله"

ــ لا أستطيع يا ليو, لا أستطيع أن أدخل.

ــ لسوء الحظ أن جدك ينتظرنا

أحست بنبرة صوته الآمرة و كأنها صفعة على وجهها . تطلعت نحوه و حدقت بعينيه فاستطاعت أن ترى الشوق الذى يغلى فيهما . وأيقنت بأن كل ما حاولت فعله فى نيو أورلينز قد فشل و فشلت معه محاولاتها بالحصول على مغامرة تخصها وحدها .

قالت جويل بنظرة متحدية :"لن أتزوج منك, إذا ما ظننت بأننى سأدخل و ألعب دوراً ما و أتظاهر بأننى خطيبتك المدللة السعيدة فأنى اخبرك بأن هذه الفكرة خاطئة تماماً "

ــ وتسمحين لأنانيتك بأن تفسد احتفال جدك بعيد ميلاده؟

أجابت جويل متشبثة بموقفها :"سوف يعتاد الفكرة"

ــ أحقاً؟ كان مريضاً جداً فى الأشهر القليلة الماضية

ــ هذا ليس صحيحاً !

أطلق ليو ابتسامة ساخرة و قال :"كيف لك أن تعرفى بذلك يا حلوتى فأنت لم تكونى هنا؟"

ــ لا تتجرأ على توجيه اللوم لى فأنت غريب هنا و هذا ليس منزلك. إنه منزلى و هذه اسرتى

ــ لو كان الأمر كذلك فلِمَ لم تعودى إذن عندما أصيب جدك بالحمى؟ و لماذا لم تستقلى الطائرة عندما ظنوا بأنه لن ينجو من مرضه ؟

أحست جويل بأن قلبها يكاد يتوقف. لابد أن ليو يختلق قصة مرضه لكى يجرح مشاعرها فقط فقالت :"لم يكن مريضاً إلى هذا الحد"

ــ أوشك أن يموت

انهمرت الدموع من عينيها من جراء كلماته الجارحة فقالت:" إنك تبالغ"

ــ ليتنى كنت أبالغ لكنى أنطق بالصدق . أترين يا عزيزتى ؟ أنا كنت هنا بخلافك أنت التى كنت بعيدة عنه, جلست بقرب سريره فى المستشفى و أمسكت بيده عندما ظن الكثيرون انه لن ينجو فى تلك الليلة

ــ لم يبلغنى أحد بذلك و لم يتصل بى أحد.

ــ وهل أتصلتِ أنت و لو لمرة واحدة؟

شعرت جويل بالهواء البارد يتغلغل فى شعرها . أرجعت خصلة شعر شاردة إلى خلف أذنها بيد مترددة و فكرت أن ما تقوم به و لا يعنيه و لا يتوجب عليها تفسير أى شئ له, ومع ذلك قالت :"أعطيت لنفسى إجازة سنة...."

كم تبدو هذه الفكرة مجنونة الآن و كم أصبح من الصعب عليها الدفاع عنها! لكنه لم يفهم مدى حزنها على موت جدتها و لن يفهم أبداً الخسارة التى مثلها موت جدتها بالنسبة لها :"بالطبع لو أننى علمت بمرضه لعدت على الفور"

انقبضت قسمات وجه ليو استهجاناً و قال :"إنه رجل عجوز و قد فقد زوجته منذ سنة و تقولين أنك كنت بحاجة إلى عطلة؟"

فكرت جويل بأنه قد يكون على حق لكن من المؤكد بأنه لا يعرف كل شئ عنها . فهو لم يعرف الحزن الذى هزمها و مزقها و سلبها كل شئ . لم يعرف مدى صعوبة ظهورها أمام الناس فهى لم تعد تستطيع الذهاب إلى الكنيسة او إلى المقبرة بدون ان تكتب الصحافة مقالات عنها , مقالات تتحدث عن الأميرة الصغيرة المكسورة القلب.

بالطبع يستطيع ليو أن يقول ما يشاء عن إخلاصها و عن التزامها . لكن السبب الوحيد الذى حملها على الموافقة على ذلك الزواج المدبر هو رغبتها فى إعادة البسمة إلى جدها فى المقام الأول . أرادت أن تجعله سعيداً حتى لو استلزم الأمر التضحيات القصوى من جانبها و سألته :"لماذا تفعل بى هذا؟ ماذا تريد؟"

أطلق ليو ضحكة ساخرة :"ماذا أريد؟ أريدك يا جميلتى أن تقومى بما هو صائب"

ــ وما هو الشئ الصائب بنظرك؟

ــ أن تحترمى التزاماتك التى تعهدت بها.

قدم الطعام فى قاعة مطلية بلون مرجانى فاتح جداً بدت الثريات و حاملات المصابيح فخمة جداً يزينها الطلاء الذهبى و العديد من قطع الكريستال. بالإضافة إلى ذلك زينت القناطر التى تعلو النوافذ بلوحات ملونة و بالألوان المائية.

أدركت جويل الاهتمام الذى استقطبته هى و ليو وهما يأخذان مكانهما بالقرب من جدها على الطاولة الرئيسية . أما شانتال و نيكول فقد جلستا إلى الطاولة نفسها لكن من الطرف المقابل و هكذا تعذرت المحادثة معهما .

نظرت جويل إلى طبقها و تمنت لو أنها فى أى مكان غير هذا المكان فهى ليست فى مزاج يساعدها على تحمل جلوسها بقربه لمدة ساعة أو أكثر من الآن و هى تتظاهر بأن كل شئ على ما يرام و أن مشروع زواجها يسير سيراً حسناً.

لا ! لن يكون هناك زواج . لكن عليها أن تتظاهر بأن كل شئ على ما يرام هذه الليلة وغداً سوف تشرح لجدها كل شئ و تصارحه بحقائق الأمور .

تعمد ليو أن تلامس يده يدها من تحت الطاولة ثم كرر ذلك مرة ثانية دلالة على أن ذلك لم يكن صدفة . لكن جويل أبعدت يدها عنه و قالت بهدوء و هى تبتسم ابتسامة مصطنعة :"لا تلمسنى"

ــ لكنك أحببت ذلك فى الأسبوع الماضى

ــ كان ذلك منذ أسبوع

لاحظت جويل أن جدها ينظر نحوها و قد ظهرت التجاعيد ما بين حاجبيه فأضافت و هى تصطنع ليونة تعابير وجهها و دفئاً فى عينيها :"يا عزيزى كان بإمكانك تجنبنا هذه المتاعب كلها لو أنك أخبرتنى من تكون منذ البداية"

ــ لو قلت لك من أكون هل كنت وافقت على مرافقتى؟

شعرت جويل بحرارة تسرى فى خديها لكنها أبقت نظراتها منخفضة نحو الأسفل :"لا"

ــ ولِمَ لا؟

لامست جويل الكركند الموجود فى طبقها بشوكتها و أجابت :"أردت أن يكون ذلك موعداً لمرة واحدة فقط"

بقى ليو صامتاً لفترة من الوقت. تناول لقمة و بدأ يمضغها ثم بلعها و عندما نظر نحوها عرفت لماذا انتظر كل هذه الفترة . كان حاد المزاج و يشعر بالغضب و بدت ملامحه قاسية حين قال :"موعد لمرة واحدة؟"

الأمسية التى أمضياها معاً فى الأسبوع المنصرم كانت رائعة. يومها دغدغت ذهنها خيالات لم تعرفها من قبل خيالات حب و شغف .خيالات هى ملكها لوحدها لا يشاركها بها أحد.

كانت نظراته ما تزال مركزة على عينيها و قد بدا مضطرباً غاضباً فقالت :"لم تكن تلك علاقة شخصية ليو .و لم أفترض أبداً أنها ستدوم لأكثر من أمسية واحدة . ولم أرغب بشئ أكثر من ذلك منك"

ــ حسناً , لكن ما حصل هو شخصى فى الواقع

تسببت نبرته المعذبة بدفق من الحرارة إلى خديها. وحدقت بتركيز إلى باقة الزهور الرائعة الموضوعة على الطاولة و قالت:" لم يكن من المفترض أن يدوم ذلك طويلاً فقد نال كلانا ما تمناه . أمضينا سهرة رومانسية أشبه بالحلم"

ــ لم يكن ذلك السبب الذى دفعنى لمعانقتك .

لم تصدق جويل كيف أنتهت بقية السهرة التى بدت من دون نهاية . شعرت بأن الوقت قد توقف و أنهما يعيشان كل دقيقة مرة بعد أخرى . إلا أنهم أنتهوا أخيراً و أنتقل الجميع إلى قاعة الحفلات الثالثة. كانت أنوار الثريا تتلألأ فى القاعة المطلية باللونين الأبيض و الذهبى و المرايا الذهبية المزخرفة المعلقة على جدران القاعة تعكس الأضواء. بينما راحت الفرقة الموسيقية تعزف المقطوعات الموسيقية.

جهدت جويل للإبقاء على أبعد مسافة ممكنة بينها وبين ليو و حمدت الله على أنه لم يدعُها للرقص . ساعدها على ذلك انشغالها بشقيقتيها و زوجيهما .

بعد ساعة من الزمن كان ليو يرافقها أثناء صعودها الدرج المؤدى إلى غرفتها . قالت جويل ببرودة و هى تشعر بـ ليو الواقف على بعد خطوة واحدة:"لم تكن مضطراً إلى مغادرة الحفلة"

ــ بدوت متعبة.

ضايقها تهذيبه و صرت على أسنانها قائلة:"لا أحتاج إلى مرافق , فقد عشت هنا طيلة حياتى و أعرف طريقى إلى غرفتى جيداً"

ــ لكنك خطيبتى و كل شخص هنا يعرف بأننا نحتاج إلى قضاء بعض الوقت على انفراد و ذلك كى نحظى بفرصة مناسبة لتمنى ليلة سعيدة لبعضنا البعض.

بدا كلامه متكلفاً لكن كل ما أستطاعت أن تقوله كى تتجنب دفعه من أعلى الدرج:"حسناً , ما من احد ينظر إلينا الآن, بإمكانك الانصراف"

ـ وأتخلى عن مهمتى فى منتصف الطريق؟ بالتأكيد لا ! سأرافقك لبقية الطريق لكى أتأكد من وصولك سالمة إلى غرفتك

سألته بنعومة :"و هل تعتزم ان تقفل على الباب أيضاً؟"

كانا قد وصلا إلى أعلى الدرج فاستدارت لتواجهه لكنه لم يبتسم بل قال:"لو كنت أملك المفتاح لفعلت ذلك"

لم يكن ليو يمزح . فما كان منها إلا أن وضعت يديها على وركيها بطريقة تهكمية و سألته:"وهل تظن بأننى سأهرب؟"

حاولت أن تضحك لكن صوتها بدا مخنوقاً

ــ لقد هربت ذات مرة....

ــ متى ؟

ــ السنة التى أمضيتها فى نيو أورلينز

ــ لا أعتبر تلك الفترة هروباً من جهتى

امتلأت عيناه الخضراوان الداكنتان بالغضب و قال :"أحقاً؟أكان ذلك تسللاً خارج المنزل فيما الجميع نيام, و تماماً كما فعلت فى الأسبوع الماضى, عندما رحلت قبل طلوع الفجر تاركة خلفك تلك الرسالة القصيرة؟"

توقف للحظة عن الكلام و ألقى عليها نظرة تقيمية و قد بدت تعابيره قاسية ثم أكمل :"أنت بارعة بهذا النوع من الأمور , أليس كذلك؟ أعنى تركك رسائل قصيرة وراءك"

ما إن أصبحت جويل أمام غرفة نومها حتى حاولت الدخول إليها دون السماح له بذلك . لكن ليو لم يكن بذلك الرجل الذى يرضى بالبقاء خارجاً :"المشكلة يا جوسية أنك تستخدمين خبرتك أكثر من اللازم"

أمسك بشدة بمقبض الباب و كانت قوته أكبر من قوتها فأنتظر ببساطة أن تتخلى عن محاولتها لإبقائه خارجاً . تطلب الأمر لحظات عديدة لكنها رضخت أخيراً فتخلت أخيراً عن مقبض الباب و دخلت إلى الغرفة بعد أن أطلقت تنهيدة يائسة.

شعرت بتوتر فى طتفيها و رقبتها و ظهرها عندما سمعت وقع خطوات ليو خلفها . لِمَ لا ينصرف بكل بساطة و يتركها لشأنها؟وجوده بقربها خرب كل الذكريات المحببة لتلك الأمسية التى قضياها معاً

أرتمت على الأريكة المخملية الموجودة عند أسفل سريرها و سألته:"الآن, ماذا؟"

راقبته وهو يتفحص أثاث الغرفة بداءاً من السرير الأثرى الذى تعلوه ستائر مخملية خضراء بلون العشب الطرى وصولاً إلى الصور المعلقة على جدارين من جدران غرفتها الأربعة التى هى بمعظمها لأمها .

تناول ليو إحدى الصور الموضوعة فى إطار عن طاولة التبرج الموجودة قرب السري. و هى صورة صغيرة التقطتها آلة تصوير عادية بالأبيض و الأسود . تفحص الصورة ملياً و قال :"أنها تبدو جميلة فى هذه الصورة"

أومأت جويل موافقة من دون أن تجرؤ على النظر باتجاهه فأمها كانت جميلة على الدوام لكنها أدركت ما يعنيه . إنه يعنى أن أمها قد تخلت عن صورة الفتاة الريفية الصغيرة التى لم تعرف سوى الأوقات الصعبة و الجوع كى تصبح نجمة متميزة بل أسطورية . لكن فى تلك الصورة بالذات و التى أُخذت لها فى أوج شهرتها , كان من السهل ملاحظة صورة الفتاة الريفية البريئة فى المرآة . وكأن آثار الفقر مازالت بادية فى عينيها و ذكرياتها بجناب النهر مرتسمة فوق شفتيها.

أحاطت جويل ركبتيها بيديها بشدة أكثر و قالت :"إنها الصورة المفضلة لدى"

جاء صوتها متهدجاً و تابعت :"عندما أنظر إلى تلك الصورة ينتابنى شعور بأننى عرفتها"

نظر ليو إليها نظرة متأملة و قال:"قالت شانتال بأنها غدت هاجسك الأكب منذ دخولك سن المراهقة"

شعرت جويل بغصة فى حلقها . ظلت للحظات حائرة لا تعلم ما الذى يجدر بها قوله . فما كان ينبغى لـ شانتال أن تفعل ذلك هذا إن كانت فعلاً قد أخبرته . أمسكت بوسادة كانت موضوعة على الأريكة و سألته :"متى أخبرتك بذلك؟"

ــ فى تلك الليلة التى سهرت بها قرب جدك فى المستشفى.

فكرت جويل بأنه أحسن أستغلا تلك الليلة كى يصبح جزءاً من العائلة و قالت بمرارة :"وهكذا باحت لك ببعض الأسرار"

ــ وهل يزعجك ذلك؟

ــ ألن تشعر بالغضب إذا لم يستشرك أحد فى أمورك الخاصة و إذا ما أعتقد الناس بأنهم يعرفون الأمور التى تناسبك أكثر منك؟

سددت جويل نحوه نظرة قاسية وتابعت :"لكن ربما لم يؤذيك أحد ما , وأنت تحجصل على كل شئ بسهولة"

توتر فكه و انسدلت رموشه السوداء الكثيفة لتخفى تعابير عينيه و قال:"لقد تعرضت للأذية لكنى لا أعيش فى الماضى , ولا أسمح له بالسيطرة علىّ"

أشاحت ببصرها عنه وابتلعت ريقها بصعوبة و قد شعرت بأنها وقعت فى الفخ. علقت قائلة:"يا لك من رجل محظوظ !أتعرف بأن شانتال كانت فى الثانية عشر عندما توفى والداى أما نيكول فكانت فى التاسعة من عمرها و أنا كنت فى الخامسة"

ثم أخذت نفساً عميقاً و أكملت كلامها :"نيكول و شانتال تتذكران والدتى أما أنا فلا أتذكر أى شئ"

أرجع ليو الصورة إلى طاولة التبرج و سألها :"هل كلن ذلك سبب رجوعك إلى لويزيانا ؟"

تقدم بأتجاهها و هو يضع يديه فى جيبيى بنطلونه فيما كان معطفه الأنيق مفتوحاً و تابع :"لتدى أمك؟"

احتاجته موجة من العاطفة و أجابت :"ربما"

فى الواقع و فى خضم حزنها لخسارة جدتها لم تعد تعرف ماذا تريد . إلا أنها كانت واثقة من رغبتها فى الذهاب إلى أميركا و من ضرورة توجهها إلى لويزيانا . لم يكن ذلك خيارها هى بل كان حاجة و ضرورة كما لو أن لويزيانا كانت الشمس أو الطعام او الأوكسجين بالنسبة إليها .

بالطبع, إنها تعرف تاريخ أسرة والدها فهى قد كبرت مع اختيها فى ميليو و بعد وفاة والديها سهر الملك ريمى و الملكة أستريد على تنشئتهن فى القصر. لمنها لم تعرف أسرة والدتها, أسرة دوفيل الغامضة . شعرت أنها تحتاج بشدة إلى أسرة دوفيل من باتون روج.

لكن ما أن حطت رحالها فى لويزيانا حتى أكتشفت بأن أقرباءها الأمريكيين لم يفتحوا أذرعتهم لها كما توقعت, فكيف تتوقع أن يفتحوا لها قلوبهم؟ بالطبع هم لم يطلقوا النار عليها , لكنهم أقتربوا من ذلك. و عندما زارت منزلهم المتداعى , نظر أخوالها و أبناء أخوالها بعين الشك إليها , غي واثقين مما أدعته عن قرابتها لهم . ثم بدأوا بالتساؤل عما تريده منهم فى الحقيقة.

ــ يمكنك أن تسخر منى, لكنى أعتقد بأننى إذا أستطعت اكتشاف جذور أمى فقد أكتشف نفسى"

لم يضحك ليو او يسخر منها بل سألها :"وهل نجحت فى ذلك؟"

لم تستطيع أن تنظر فى عينيه و هى تقول :"لا أعتقد ذلك"

تقدم منها و لمس بأصبعه أعلى رأسها قائلاً :"هل نستطيع أن نبدأ من جديد ؟ هل نستطيع ان نمضى قدما على أسس سليمة و متساوية؟"

لم تُجبه عن سؤاله لأنها لم تستطيع . فقد كان يقف قريباً جداً و هو ينضح بالقوة و السلطة و الشخصية القوية وهو ما حير عقلها لهذه الدرجة. لم يكن ليو وسيماً فقط بل كان ثرياً و من أسرة مالكة و كان قوياً أيضاً, من الناحية الجسدية و الناحية الذهنية.

تمنت جويل لو أنه يقول شيئاً أرادته أن يكسر حاجز الصمت لكنه لم يكن ليتكلم حتى يسمع ما عندها . وهكذا فقد وقف بجانبها مكتفياً بالانتظار تماماً ككما فعل فى نيو أولينز و أخيراً قالت :"لا أعرف كيف أبدا من جديد"

وقفت جويل وهى تأمل بالهروب من هذا الموقف لكن جسده قطع عليها الطريق . لم يتحرك ليو من مكانه لأنه كان عازماً على منعها من الابتعاد عنه ثانية.

ــ لِمَ لا؟

ملأت الدموع عينيها و فكرت : لأننى ظننتك الشخص الذى لم تكنه أبداً. ولننى اعتقدت بأنك أردتنى لما أنا عليه ,لنفسى فقط . لكن جويل لم تستطيع أن تقول هذا أبداً , فهى لن تعترف بمدى ضعفها , وكم احتاجت لشخص يحبها لبذاتها . أخيراً قالت بتأن متجنبة النظر فى عينيه:" إن معرفتى بما أعرفه يغير كل شئ , وأنا أتفهم دوافعك"

ــ دوافعى؟

ــ كنت تتحرى عنى و تتفحص كل ما يتعلق بى, ألم كنت تفعل هذا؟

لم يقل ليو شيئاً , ما جعل ألمها يزداد فى داخلها مالئاً كيانها بيأس غامر.

فالأذى الذى تشعر به راح ينتشر كغيمة سوداء داكنة فى داخلها . تابعت تقول :"لم تثق بى وقتها لذا لم تكتشف لى عن شخصيتك . أردت ان تثبت لنفسك أو لجدى او لأى كان بأننى سيئة و ليست بتلك الفتاة الفاضلة التى يرونها أو تلك الأميرة البريئة التى وعدوك بها"

ــ أنا لم أشأ أن أوذيك . ألا أنك على حق فأنا لم أرغب بالوثاق بك, وكان علىّ أن أعرف من تكونين قبل أن نتزوج"

ــ كان فى إمكانك أن تزورنى فى ميليو . كان بإمكانك أن تعطينى فرصة...

ــ لقد فعلت ذلك , فأنا....

اندفعت قائلة و الغضب يتزايد فى داخلها مضاعفاً الألم الذى تشعر به :"متى؟ أفى نيو أورلينز أم الآن؟"

ـت ذلك لا يهم

ــ بل يهم

شعرت جويل بالهستيريا تتصاعد داخلها. لعل لقاء النار بالجليد أمر عظيم بالنسبة إلى موعد غرامى لكنه لا ينفع فى الحياة الحقيقية . خصوصاً إذا لم يكن فيه أى شئ واقعى ذى معنى . عادة ما تنجح العلاقة إذا ما كانت مرتكزة على اللطف....على الثقة....لكن لا وجود للثقة بينها و بين ليو ولا وجود للأمل أو للحظ بالنجاح.

تقدم ليو نحوها و أنتزع احد المشابك من شعرها . أخذت جويل نفساً عميقاً أثر لمسة يده الحميمة إلا أنها لم تستطيع التحرك فقد أحست بالعجز و الذهول.

انتزع ليو مشبكاً آخر من شعرها ثم مشبكاً ثالثاً و أخيراً أنفلتت خصلات شعرها و أستعاد شعرها حريته.

أمسك ليو بخصلة شعر طويلة , مرر أصابعه من خلالها و هو يقول :"ستصبح الأمور أسهل. ما عليك إلا أن تعطينا فرصة أخرى "

ــ ليو....

ــ سينجح الأمر, ثقى بى.

تثق به! هذه الكلمات بدت بمثابة السم بالنسبة إليها .

و مع ذلك فبينما كانت أصابعه تتلاعب بشعرها جاذبة إياها نحوه أغمضت جويل عينيها و قد شعرت بأنفاسه الدافئة تدغدغ بشرتها.

رفع وجهها بتأن نحوه ثم عانقها عناقاً بطيئاً جعلها ترتعش من قمة رأسها حتى أخمص قدميها . جعلها ليو تشعر كأن جمالها لم يكن نابعاً من الخارج فقط, بل هو جمال داخلى نابع من أعماقها جزء مخبأ فى داخلها.

ليته لم يخف حقيقته عنها! ليته أخبرها من هو و لماذا كان هناك!

قائلاً :"لا تنسى موعد ألتقاط الصور لنا غداً عند العاشرة تماماً"

شعرت بدوار فى رأسها و لم تستطيع جويل أن تتذكر أى شئ يتعلق بالتقاط الصور و سألته :"عن أى صور تتكلم ؟ وأين؟"

ــ صور خطبتنا الرسمية . قال جدك بأن هذه هى العادة المتبعة لدى عائلة دوكاس.

ــ ليو....

ــ تذكرى , عند العاشرة , فى الطابق السفلى.

استمر بتمسيد خدها مرة بعد مرة قبل أن يتوجه نحو الباب قائلاً :"لا تتأخرى"


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:15 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.