آخر 10 مشاركات
قلبه من رخام (37) للكاتبة الآخاذة: أميرة الحب raja tortorici(مميزة) *كاملة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          132- كيف ينتهي الحلم - ليليان بيك - ع.ق. ( نسخه اصلية بتصوير جديد) (الكاتـب : angel08 - )           »          اصديق (انت)ام عدو؟ (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          تراتيل الماضي ـ ج1 سلسلة والعمر يحكي - قلوب زائرة - بقلمي: راندا عادل*كاملة&الرابط* (الكاتـب : راندا عادل - )           »          309 - نهر الذكريات - مارى ويبرلى - روايات احلامى (الكاتـب : samahss - )           »          317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-17, 12:31 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 481-من أجلك فقط -إليزابيث باور -(كتابة /كاملة)





من أجلك فقط
روايات أحلام جديدة
481
للكاتبة:إليزابيث باور
الملخص
الجميع يظنون انهم يعرفون شانون بوفير جيداً، إنها تلك الفتاة المستهترة العابثة، وريثة الملايين والتي لا تتورع عن القيام بأي شيء في سبيل الإيقاع بالرجال، اما شانون فكانت سعيدة في عالمها الخاص، تاركة الآخرين يصدقون مايشاع عندها من اكاذيب....
ظن كاين فالكونر،كما كان الجميع يظنزن ، انه يعرف هذه المرأة بصورة جيدة وهو لن يقع في حبائلها.
لكن مهمته الآن هي إغواء شانون ،وهذا المليونير الوسيم يعرف تماماً كيف يقوم بذلك



محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

الرواية منقولة شكرا لمن كتبها

ندى تدى likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:28 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



1- لقاء مفاجئ
استطاع كاين فالكونر ان يشعر بالتوتر في الجو، بدت الحرارة القوية في تلك الأمسية خانقة فعلاً، وبالرغم من انه يرتدي بذلة رقيقة إلا انه شعر بعدم الارتياح.
مدينة برشلونة هي عادة المكان الذي يحب ان يتسكع فيه،أما الآن فأحس بالسعادة لأنه أنهى المهمة التي أتى من اجلها، مشى عبر الشارع المشاة الذي تنزينه الأشجار ، وتنشر حوله المتاجر المليئة بالهدايا التذكارية والقاهي المنتشرة في الهواء الطلق.
مسيرة الطلاب المعارضين التي لم يكن يعيرها اهتمامه شلت حركة المدينة تقريباً، في الشوراع المحيطة ، راحت ابواق السيارات تدوي، بينما ضاعفت هذه الأخيرة من سرعتها ، وراح سائقوها يتقاذفون العبارات الشنيعة.
وتاق كي يجد مكاناً خاصاً به، على الأقل يمكنه ان يغادر، فهوليس مضطراً الى البقاء هنا في الضجيج والحرارة والغبار.
القى نظرة نحو البراعم البراقة في سلة تزين احد المتاجر، وإذا بعينه تقعان على فتاة تقف على أطراف اسابع قدميها، فيما يرتفع رأسها ويندفع الى الخلف وهي تشم احد البراعم المتدلية.
كان شلال شعرها الباهت اللون يتماوج كالعسل على ظهرها ، بسرعة فائقة ، أدرك كاين هويتها من خلال طول عنقها المذهل.
شانون بوفيير! من بين كل الأماكن في البلاد والعالم ، لم يتوقع قط ان يجدها هنا، حين سأل عن العنوان الذي أعطي له في ميلانو قبل ستة أشهر ،قال له صاحب الفندق إنها انتقلت للعيش مع حبيبها ، وإنهما سافرا معاً، لكن احداً لا يعرف مكانهما.
-------------------------
شانون بوفيير ، الوجه الاجتماعي المعروف و ( الغانية الغنية) كما يلقبها البعض، هي وريثة لشركة كبيرة ، لم ترغب فيها ولم تهتم لها قط.
لاحظ كاين ان شانون بدت اكثر نحافة بالمقارنة مع المرة الاولى التي رآها فيها، وذلك بعد ان جال نظره على قميصها الضيقة وسروالها البالي الذي يشبه الثياب العسكرية.
بدت ملامحها كالحة تقريباً بالنسبة الى سنين مراهقتها المتفتحة التي جعلت سمعتها تحت رحمة الصحافة البريطانية، بالرغم من ذلك تأكد كاين انها هي نفسها ، بان عزمه من خلال اشتداد فكيه وتوتر جسده، فيما اقترب منها اكثر.
أخذت شانون زهرة الأوركيد التي أعطتها إياها صاحبة المتجر، فقد اعتادت المرأة القيام بذلك عندما تمر( السنيوريتا الهشة) كما تسميها ، بالقرب من متجرها.
هزت المرأة كتفيها ، ورمت ذراعيها في الهواء منزعجة من صياح المتظاهرية ، من المفترض ان تكون هذه المظاهرة سليمة ، إلا أن بعض المنشقين هددوا بأن يوقعوا الفوضى فيها، مالبثت أن اطلقت شهقة لرؤيتها رجلاً يسد المنظر امامها.
- مرحباً شانون.
تحرك شيء ما في داخلها ، واحست بذلك الحماس المألوف الذي لطالما كانت تحس به في وجوده ، بإضافة الى شعورها بشيء آخر، جعلها تشعر بالحذر على الفور، إنه الشخص الأخير الذي تتوقع ان تلتقي به ، لكن هاهو هنا، روحاً وجسداً!
بدا كاين جذاباً رائعاً، لم تعد شانون تركز على أي شيء آخر بوجوده المؤثر الذي طغى على الفوضى العارمة، فأصبح هو الشخص الوحيد الذي تراه في لاس راميلاس، اصبحت المظاهرة التي كانت في أوجها على الشارع اشبه بخلفية الفيلم... مشهداً غير حقيقي إنما ثانوي لما يدور بينهما.
- كاين!
إذاكانت شانون تريد أن تبدو لامبالية برؤيته، فقد أفشلت صدمتها بالتلفظ باسمه القصير لذتها البسيطة تلك.
مضى وقت طويل على لقائهما ، ارتاحت عيناها على وجهه القوي العظام، الأمر الذي ذكرها بكل تفاصيل ملامحه، من شعره البني الكثيف المقصوص ببراعة، وجبهته العالية، وشكل فكيه المربع الصلب الى الشق المميز لذقنه..قالت له:
- ماذا تفعل هنا؟
بدا واضحاً من خلال بذلته المطرزة الباهتة اللون التي أظهرت قوة بنية جسده انه ينجز عملاً ما، بالرغم من انه لا يضع ربطة عنق، كما أن ازرار قميصه البيضاء مفكوكة عند العنق، ما أظهر جزءاً من بشرته السمراء تحت حنجرته المشدودة.
- كنت على وشك ان اطرح عليك السؤال نفسه.
بدا صوته ناعماً ومرتاحاً ، لم يبد عليه أي توتر أو اضطراب مما تشعر هي به، تركها تتساءل لفترة عما ستقوله ،ثم قال:
- ظننت أنك سافرت بعيداً.
أخذت عيناه تطوفان على ملامح وجهها الدقيقة بنظرات تقييمية.أضاف:
- اخبرني احدهم انك في ري دي جينيرو.
تخلصت شانون ذهنياً من تأثير عينيه الزرقاوين المائلتين الى اللون الرمادي، اللتين تحدقان بها، هل يرغب كاين بإجراء حديث معها أم ان ذلك مجرد تعليق عادي من قبله؟ هل يشير بعدم اكتراث الى الفتاة التي دمرت حياة الكثيرين، والتي تصدرت عناوين الصحف لعدة ايام منذ ثلاث سنوات، موفرة مادة دسمة لمحبي الفضائح؟
- حسناً ..! كما ترى...
ضحكت شانون بعدم اهتمام، ثم رمت ذراعيها حولها قائلة:
- ...كنت في ريو دي جينيرو.
تمنت بعدئذ لو أنها لم تفعل ذلك، بعد أن لفتت حركتها تلك انتباه الرجل الى قميصها الأرجوانية التي طرز عليها اشعار اعناق الثيران)
-----------------------------------
بدا فمه قوياً ، اما عيناه الجامدتان كأنهما تسخران منها، سألها كاين:
- أما زلت تحاربين من اجل تلك القضية الساخرة، شانون؟
لم تخفض نظرها حتى ، فيما أجابت :
- على احدهم القيام بذلك.
التوت شفتاه بين تكشيرة وابتسامة، ثم قال:
- أميل نحو الرأي الذي يقول إنك إذا كنت ضيفاً في بلد آخر ، فيجب ان تحترم عاداته.
رفعت شانون ذقنها ،وقالت بهدوء:
- أنت حرّ بأن تعتقد ذلك.
تركها تشعر كأنها شخص ربح لتوه جولة واحدة لأن خصمه سمح لها بذلك، سألها:
- إذاً، ماذا تفعلين في إسبانيا؟
بعد أن فكرت ملياً، هوت كتفيها قليلاً، وقالت :
- أمضي بعض الوقت.
حسناً! إنها الحقيقة، لكنها ليست الحقيقة المطلقة.
غاب المرح عن الوجه الذكوري القوي، واستقر فمه على خط متجهم، فيما قال:
- ماذا يعني ذلك بحق السماء؟
توترت شانون وهي تشعر بعدم موافقته من خلال نبرته الرقيقة الخطيرة ، حسناً! لطالما عارضها كاين بآرائه المسبقة عنها مثله مثل أي شخص آخر، هي مازالت تذكر المرة الأخيرة التي اتهمها فيها أنهلا شخصية تسعى الى لفت انتباه الجميع ، تفاجأت شانون لأن الذكرى مازالت تلمها.
- أعني انه مكان جيد للتسكع.
-أهذا ماتفعلينه حقاً؟.
اكد لها الازدراء الذي لمحته فوق شفتيه انه ليس معجباً بإجابتها.
هزت شانون رأسها مجدداً بحركة لا مبالية، لا تعني شيئاً،ولاتعبر عن أي شيء مطلقاً.
فكرت بمرارة انه قد يتوقع كل شيء منها ، بطرف عينها استطاعت شانون ان ترى المرأة في متجر الأزهار تتفحصهما وتتمعن بهما جيداً، معتبرة إياهما حبيبين على الأرجح، ذلك الرجل الطويل القامة المليء بالحيوية وتلك الفتاة الشقراء التي تناهزه بطول قامتها، تساءلت ما إذا كان الجميع يعتبرهما حبيبين، وما إذا كانوا يشعرون بذلك التيار الكهربائي الخفي الذي يوتر الجو حولهما ...ذلك التفاعل الخفي الي يسري دوماً بينهما ،والذي يعرفانه تماماً، حتى قبل ان تندفع شانون بعنف خارج مكتب ابيها ، رافضة ان تنصاع الى رغبة رانولف بوفيير.
- أين تقيمين؟
حتى وهو يسألها شعر كاين بالتوتر يزداد في داخله.
اسم المكان الذي ذكرته بدا مميزاً ، لكن كاين لم يتوقع أقل من ذلك.
- أأنت في إجازة؟
بدت مترددة قليلاً ، قبل ان تهز رأسها بالإيجاب.
- هل أنت هنا وحدك؟
جالت عيناه على وجهها ، الذي مازال مذهلاً رائعاً، بالرغم من انه يبدو كالحاً.
- نعم.
إذاً لم يطل بقاء حبيبها معها، علق قائلاً:
- لِم لا يفاجئني ذلك؟
- لا أعلم ، لِم تتفاجأ؟
ياإلهي ..كم هي واثقة من نفسها! تساءل كاين، كم تبلغ من العمر الآن ؟ إحدى وعشرين سنة؟ وبالرغم من أنها كانت مراهقة نحيلة وطويلة القامة ، فإنها تتمتع باتزان يفوق امرأة تبلغ ضعفي عمرها.
- هل لديك شقة ما؟
صححت شانون له:
- بيتاً.
وأضافت :
- إنه ملك صديقة لي.
- أفهم ذلك.
اجابته كارهة النبرة المزدرية التي ظهرت في صوته:
- لا، إنك لا تفهم.
ربمالا! تساءل كاين عن سبب ارتدائها لتلك الثياب البالية، وعما حدث لها، لكنه لم يشأ ان يتابع المسألة ، ولا أن يكتشف ان لديها حبيباً، فهذا الأمر يسبب له اضطراباً غير متوقع.
------------------------------
- اذاً ، ماذا تفعلين بعد ان تتعبي من التسكع في شوراع برشلونة؟
بدت كلماته قاسية جداً ، فيما أضاف :
- أم أن هذا غير وارد؟
- بل هو وارد.
خلافاً له ، بدت نبرتها باردة وغير مكترثة، سألها كاين بجفاء:
-متى؟
وأردف:
- أحين يحدث شيء ما، أم حين تصادفين شخصاً أكثر جاذبية؟
استطاعت شانون ان تشعر بالغضب المستتر تحت مظهره البارد غير المضطرب الذي لم تجد له في الماضي، فلم يبدو مصراً عل تذكيرها به؟.
والآن رداً على ملاحظته المتعلقة بشخص اكثر جاذبية ، قالت:
- ذلك مايحدث عادة.
رفضت ان تدعه يرى من خلال السياج غير المرئي الذي انشأته حولها ، شانون بوفيير الحقيقية.
- ألم يخطر ببالك ان اباك الذي يتسأل عن المكان الذي تتجول فيه ابنته؟
في خضم الضجيج الذي يسود حولهما، اتى سؤاله هذا قاسياً ومحطاً من قدرها، أضاف:
- ألم تفكري مرة في العودة الى المنزل.
اخذ الألم يتنافس مع الغضب الذي أثارته نبرته الانتقادية في أعماق شانون، وهو إحساس كافحت قوة كي تقمعه، أوضح رانولف بوفيير جيداً مايتوقعه من ابنته الوحيدة، لاسيما بعد الفضيحة التي تورطت فيها.
لم تكن تلك هي الحياة التي لطالما ارادتها خلال السنتين والنصف الماضية، والتي لا يعرف عنها كاين فالكونر شيئاً ، بدت حالها أفضل مما كانت عليه تحت وطأة ملايين أبيها المسيطرة.
- لا، كاين! لم افكر بالعودة الى المنزل، ولا اظن فعلاً ان لك علاقة بالموضوع.
- حتى إنك لم تسألي عن حاله، ولا عن كيفية سير الأمور في إنكلتر!
فورة سريعة من القلق اعتمت اللون الأزرق اللامع في عيني شانون، في البدء، ظلت تتابع سير الأمور في المنزل من خلال قراءة الصحف، متلقفة أي خبر متعلق بالشركة، فتطمئن بصورة غير مباشرة عن ابيها، إلا ان ذلك بات من الماضي، لأنها على مدى الأشهر الماضية لم تكن في موقع يسمح لها باستطلاع المعلومات ...سألته بتردد:
- هل تواصلت معه؟.
إن كان قد فعل، فهذا سوف يفاجئها، بسبب الطريقة التي تخلى بها كاين عن العمل في الشركة، نشأت بين الرجلين كراهية تصعب معها العودة الى الوراء.
قال كاين بصوت غير لطيف:
- انسي الموضوع.
ثم اضاف :
- كما قلت ِ ماتفعلينه ليس من شأني.
حشر يده الأخرى في جيبه ، وهو يلتفت من فوق كتفه الى شارع المشاة المزدحم، فيما بدا فكه مشدوداً كحجر صلب، أراد كاين ان يقول اكثر من ذلك.
استطاع ان يشعر بالكلمات تخنقه كما يخنق ازدحام السيارات الطرقات، لأن المتظاهرين صاروا عند أعلى لاراميلا الآن ، سمع بعضهم يغنون وآخرون يصيحون، الأمر الذي هيج الفوضى الناتجة عن المظاهرة ، فكان عليه ان يرفع صوته.
- مانفع ذلك؟
أجابت شانون بهدوء:
- يريدون العدالة و التفاهم.
تساءل كاين ان كانت تغمز عمداً بههذه الكلمات ، ألهذا السبب راحت تنظر اليه كأنه ظالم لا يرحم، ويعاملها بأسلوب غير عادل؟ أهي تدينه لأنه غير قادر على تفهمها ؟ صوتها الخفيض ولطافتها وهشاشتها لامست قلبه، مادفعه الى الإدراك بغضب انه ليس أقل اهتماماً بها من أي رجل آخر عرفته، آه ! الآن فهم الأمر جيداً ، فهم أن رانولف بوفيير كان يعاني من فقدان ابنته الوحيدة ، فيما كانت ابنته الأنانية الساعية وراء اهوائها الشخصية تطير حول العالم، وتستمتع بوقتها ، وتفتش عن المرح ، كما اعترفت بنفسها.
--------------------------------
قال كاين بصوت أعلى :
- لربما هم مخطئون بشأن ذلك.
أضاف:
- بالكاد يمكنهم ان يأملوا بالتعاطف معهم، بعد ان منعوا الأشخاص المتعبين من الوصول الى بيوتهم بعد نهار عمل طويل.
لطخات من الألوان غمرت بشرة خديها الخالية من العيوب، قالت:
- إنهم لن يحصلوا عليه حتى لو استلقوا على ظهورهم ، وقبلوا بالأوضاع كما هي.
كما رفضت ان تفعل؟ خطرت هذه الفكرة بباله من دون سابق إنذار.في الواقع مهما كانت طريقة تصرفها ، لاشك ان رانولف بوفيير تعامل معها بإرادة من حديد، كما تعامل مع كل من هم تحت سيطرته،سواء كانوا همال تنظيف ام زملاء في العمل ام موظفين، فيما راح كاين ينظر الى الفتاة النحيلة التي أثرت به بطرق عدة، خجل من الاعتراف بها، والتي بدت طبيعتها المتمردة قوية جداً بالمقارنة مع مظهرها الهش المقلق.
- يفاجئني أنكِ لست بينهم...
ارتفع ذقن كاين عالياً ، وأضاف:
- ..تقودين الموكب.
- كان من الممكن ان تواجد ، لكنني..
تشتت انتباهها بشيء بعيد جداً على الطريق، تبع كاين نظرة شانون التي توجهت نحو مجموعة من الشبان يصيحون ويتدافعون خارج احد المقاهي .
قال فجأة:
- لكنك...ماذا؟
لم يتمكن من كبح سخريته فأكمل:
- أكان لديك عمل ممتع أكثر لتقومي به؟
لبضع ثوان ، بدأت عيناها الزرقاوان تظلمان ،ثم عدلت نظرتها وهزت رأسها بتحد مجيبة:
- نعم هذا صحيح!.
أضافت مع ابتسامة لطيفة مصطنعة:
- كنت....
شيء ما قذف باتجاههما..على الأرجح عصير سقطت على الأرض وراء شانون محدثة قوقعة قوية، الأمر الذي بعث إنذاراً بالخطر في دم كاين، قال كاين بإصرار:
- أظن ان الوقت حان لنبتعد عن المكان.
بالرغم من ذلك وبطريقة مفاجئة ابتعدت شانون عن اليد التي تشبثت بمرفقها ، وبدأت تقول:
- لا اظن انني بحاجة ...
إلا ان جملتها قوطعت بصرخة صغيرة فيما ارتطمت بجبينها قطعة خشب خشنة ، فصاحت:
- آآآ.....خ!
التفت ذراع كاين حولها ، لم تستطع ان يكبح الشتيمة العنيفة التي انطلقت من فمه حين التقطها،شعرت شانون كأنها عصفور دوري صغير امام قوته، سألها :
- هل أنت بخير؟.
لبضع لحظات بدا كل شيء متأرجحاً.
- شانون!
وقع تعليق كاين كالصاعقة على حواسها، هزت شانون رأسها الى الأمام والخلف،وسمعت لهاثه الثقيل المعبر عن الارتياح.
- لِم أنت غاضب؟ دائماً تتصرف معي بغضب.
خرجت الكلمات من فم شانون ثقيلة ، كأنها ثملة.
- كفى! يمكنك ان تمشي، أليس كذلك؟
اكدت له، فيما استعادت وعيها:
- بالطبع...يمكنني ذلك.
لكن مالم تستطع فعله هو ألا تشعر بدفء تلك الذراع التي تلتف حولها ، ماجعلها تود لو تستند اليه، وتتركه يتولى امرها، ويقودها فيما تنغمس هي في الراحة والحماية اللتين يقدمهما لها،تنفست معترضة وهي تكافح جسدياً وعقلياً كي تحرر نفسها، قالت :
- أنا بخير.
- تعالي إذاً!
أصرّ كاين بصوت أجش، فيما التقط مرفقها مجدداً منتشلاً حقيبة الكتف القذرة التي اوقعتها ارضاً حين ترنحت، ثم حثها للسير امامه.
- زهرة الأوركيد!
-----------------------------------
نظرت شانون الى الخلف ، فرأت زهرتها المسكينة مرمية على الأرض مسحوقة ومكسورة على الرصيف .
- اتركيها.
أمرها كاين بذلك فشعرت بدموع سخيفة غير متوقعة تخز عينيها ، فيما هرع بها بعيداً.عند نهاية شارع المارة دفعها كاين الى سيارة أجرة.
سألته شانون حين صعد الى جانبها وأعطى السائق تعليماته:
- لِم نحن ذاهبان الى حوض السفن؟
-لأنني قدمت على متن مركب.
أقفل باب السيارة بطريقة عنيفة منذرة بالشؤم، ثم اضاف:
- يمكنك ان ترتاحي على متنه حتى انتهاء هذا الفوضى.
أخذ صدغا شانون بنبضان ، فيما سألته :
-أي مركب؟
حين رآها كاين عابسة ، ابتسم قليلاً ، ثم قال لها فيما راحت سيارة الأجرة تشق طريقها عبر الشارع المكتظ باتجاه المرفأ:
- شيء يجمع العمل والمتعة على السواء.
ثم ادرف:
- لحسن الحظ، قمت بإنجاز معظم الأعمال ، لهذا النهار على الأقل .
لم تظن شانون انها قادرة على تحمل احتجازها مع كاين فالكونز في مكان محصور كالمركب .
أصرّت وهي تنظر بقلق الى الخلف من فوق كتفيها :
- أظن انني...يجب ان احاول العودة الى المنزل.
- وكيف تقترحين فعل ذلك ؟ بركوب الحافلة؟ ام أنك تأملين بإيجاد سيارة أجرة تطير بك الى البلدة مجدداً؟
من الواضح ان مايقوله صحيح، فهي لا تملك وسيلة نقل خاصة بها ، تركت شانون سيارتها البورش ، كغيرها من ممتلكاتها في إنكلترا حين هربت منها ومن الحياة التي لم تعد تستطيع مواجهتها .
فكرت أنه على حق في مايقوله، وهي تنظر مجدداً الى ازدحام المدينة الخانق، بدا المنظر خلفهما أكثر فأكثر ، فما من سيارة واحدة تتحرك ، وكل الحافلات وسيارات الأجرة عالقة في ازدحام غير معقول.
قالت:
- يمكنني أن امشي.
- مع تلك الضربة على رأسك؟
تغلغلت في كلماته معاني الشك، ثم اضاف:
- أتشعرين أنك قادرة على ذلك؟
تمنت شانون لو انها تستطيع ان ترد بالإيجاب، إلا أن الحقيقة مخالفة لهذا تماماً ، سألها كاين بلطف أكبر حين لم تجبه:
- ماالداعي الى السرعة ؟ هل يتظرك حيوان مدلل جائع في المنزل؟
- لا.
ضحك كاين بلطف، وهو يشعر بترددها البطيء، نصحها قائلاً:
- لا تقلقي! إذا كنت سوف تواعدين احدهم الليلة ، ساحرص على ان اعيدك الى هناك قبل ان يظن انك استغنيت عنه.
- شكراً.
قالت شانون هذا على الفور ، وهي تشيح بنظرها نحو النافذة حيث تغلغت شمس حزيران البراقة في شعرها الذهبي اللماع، ماأبرز جمال منظرها الجانبي الأخاذ.
قال كاين فجأة :
-هل تفعلين ؟
- أفعل....ماذا؟
- أتواعدين احدهم؟
اجابته بهدوء:
- لا ارى ان لك علاقة بالأمر.
قال :
- معك حق ، هذا ليس من شأني.
- لِم سألت إذاً؟
تحدته شانونة آملة ان تتغلب عليه ، أضافت:
- هل كان ذلك تمهيداً لتدعوني انت الى موعد ما؟.
ضحك كاين بصوت فظ ساخر، أعلم شانون ان ذلك هو رأيه بالفكرة ، تسنت لكاين فرص كثيرة ليدعوها في الماضي ، لكنه لم يفعل.
------------------------------------
فجأة شعرت بالاحباط، فغمغمت قائلة:
- صدق أو لا تصدق كاين! أنا ابقى في المنزل احياناً كي اغسل شعري.
- مامعنى ذلك ؟
- أحياناً لا يكون لدي شيء معين لأقوم به.
النظرة التي رمقها بها كاين بدت مقنعة بالشك المطلق.
قال وفمه يلتوي بسخرية:
- لابد ان الأمر صعب ، مامن شيء تفعليه طوال النهار، او من شيء تفعلينه طوال الليل.
بدت عيناه اكثر جدية الآن ، وهما تقيمانها بعدم الارتياح، اضاف:
- لربما اعتبرتك اكثر ذكاء لو انك لا تطوفين العالم بهدف ( قتل الوقت)كما اعترفت بنفسك.
رمقته شانون بنظرة سريعة، هل كان ليعتبرها ذكية تستحق التقدير؟ اعتراها إحساساً دافئ ومتهور.
- من قال إنني أطوف العالم؟
أجاب متجهماً:
- ألست كذلك؟
قبل ان تستطيع الاجابة، اردف كاين:
- الحياة ليست مجرد حفلة كبيرة هائلة شانون ، اتمنى ان تكوني قد تعلمت هذا الآن.
نظرت شانون الى خارج النافذة وهي تعض لسانها كي توقف نفسها عن التفكير بماكانت عليه أهمية الحفلات بالنسبة لها ، على بعد بضعة اميال ظهرت سلسة من الصواري تتمايل على المراكب في الحوض، بالإضافة الى مركب إبحار صغير يرسو بجانب الزوارق اللماعة.
راح الهواء يتلاعب بشعرها ، اعادت انتباهها الى كاين مجدداً ، واضافت:
- ربما ليس بالنسبة لك كاين، لكننا نعلم كلانا انني واحدة من اولئك اللواتي منحن امتيازاً معيناً، ان ابي كان يدفع حوالة لكل احتياجاتي من خلال المصرف مباشرة، مرة في الشهر، كنت استيقظ متأخرة في أغلب الأيام، فأستطيع أن احظى بفرصة الاستمتاع ليلاً!.
أدار كتفيه العريضين ، واحكم فمه بازدراء، بدا ضخماً جداً،ومسيطر وجذاباً على نحو مزعج، هذا ما أخذت شانون تفكر به مع شعورها بانقباض في حنجرتها ، وهي تلاحظ الطريقة التي يرمقها بها.
همس كاين بصوت خفيض:
- هل يجب ان اعجب بهذا؟.
غمغمت وهي تشيح بنظرها عنه:
- اذهب الى الجحيم.
بعد ان دفع كاين أجرة سيارة الاجرة رفضت شانون المساعدة التي قدمها لها في حوض السفن، فشقت طريقها بنفسها على طول رصيف الميناء، سألته بتهكم:
- أي مركب لك؟
راحت تنظر الى مراكب صيد السمك البسيطة التي ترسو الى جانب زوارق للرحلات اعدت لتكون سريعة ، لكنها لم تزود بوسائل الراحة.
راحت شانون تتلكأ وهي تسير خلف كاين ، فقد وجدت من الصعب اللحاق بخطواته الواسعة .
توقف كاين بجانب احد الزوارق الصغيرة، حاجباً عنها صورة اليخت ذي الخطوط البراقة الملساء الذي يتمايل في وسط المحيط، والذي لفت انتباهها.
انتظرها لتلحق به ، ابعدت نظراتها الحذرة عن ذلك اليخت الفخم الذي يصل طوله حتى الخمسين قدماً.
فكرت هذا يناسبك أكثر ، كاين! فهو ينطبق اكثر على اسلوب حياتك:السرعة، والفعالية،والثمن الباهظ.
- هل أنتِ بخير؟
عرفت، فيما اقتربت منه ، ان تينك العينين اللاذعتين رأتا قطرات العرق على جبينها ، والطريقة التي يرتفع بها صدرها قليلاً لكن بسرعة ما جعل تنفسها سطحياً.
- أنا بخير.
لكنها ليست كذلك، إنها تشعر بالإنهاك.
- هل تؤلمك تلك الضربة على رأسك؟
- لا ، أنا بخير.
غمغمت شانون بذلك، وهي ليست كما اعتقدت.
تمتم كاين :
- لا أوافقك الرأي.
ثم تحرك كي يمسك بها ، حملها كأنها ريشة خفيفة ،وسار بها باتجاه اليخت اللماع.
--------------------------------



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:28 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2- وجدتها...ولكن!
- لا داعي لأن تحملني!
خرجت من شانون هذه الكلمات حين تقدم كاين من الدرج الخشبي نحو مؤخرة اليخت، ووضعها الى جانب ابواب القمرة الزجاجية، أضافت:
- أنا قادرة تماماً على الاعتناء بنفسي.
- هل أنت كذلك حقاً؟
ما إن ضغط على زر حتى فتح الباب، كاشفاً عن مظهر الفخامة في الداخل: مقاعد تشكل تناقضاً واضحاً مع خشب القيقب، أما السجاد الناعم فينسجم مع السقف المزين بالجلد.
- أولاً....
بدا كاين يتكلم وهو يواكبها الى أسفل الدرج ، ثم اكمل:
- ..أنتِ مرتبكة ثانياً، تبدين على وشك الانهيار، فوجهك شاحب اللون وثمة هالات تحت عينيك، علاوة على ذلك، انتِ نحيلة جداً، في الواقع ، تبدين مريضة تماماً!
- شكراً.
أرشدها كاين الى درج آخر مغطى بالسجاد ، يؤدي الى حجرة طعام اليخت المجهزة تجهيزاً كاملاً، في المدينة كانت صفارات الإنذار تدوي منطلقة من سيارات الشرطة التي أسرعت لتسيطر على الفوضى.
قال لها كاين بلطف:
- اجلسي!
بقدر ماشعرت شانون بالاستياء من تلقي الاوامر منه، شعرت بالامتنان في تلك اللحظة لأنها غرقت في الأريكة.
كررّ كاين وهو يضع حقيبتها على الطاولة:
-أنا جدي في مااقوله شانون ، تبدين مريضة.
أضاف:
- ماذا كنتِ تفعلين في الماضي، منذ سنتين ..سنتين ونصف ؟
لمعت عيناه بالاستهجان، فيما أضاف:
- تعيشين حياة عابثة كالعادة ، أليس كذلك؟
راقبت كاين وهو يستدير حولة المطبخ المصنوعة من الرخام، إنه مطبخ مجهز بشكل جيد جداً، راح يفتش عن شيء ما في الخزانة قبل ان يتوجه الى الحنفية اللماعة المطلبة بالكروم فوق المغسلة.
أجابته شانون متحدية وممازحة في الوقت نفسه:
- إذا كنت تعلم، فلماذا تسأل؟
نظرة تلقائية واحدة منها نحو تينك الكتفين العريضتين جعلت نبضها يتسارع، ماجعل الألم يتضاعف في صدغيها ، فيما أخذ كاين يخطو باتجاهها.
قال من دون ان يجيبها:
- دعينا نلقي نظرة على تلك الإصابة.
بارتباك، التقط كاين ذقن شانون، بدت لمسته لطيفة فيما تفحص جبينها.
- ليس هناك جرح، لكنني لا أظن انك ستنجين من ظهور آثار الكدمة.
برشاقة، وضع ضمادة باردة على جبينها.
- هل يؤلمك هذا؟
- لا.
كذبت شانون عليه، لأنها لم ترغب بأن يظنها ضعيفة، كما أن هذا ليس السبب الوحيدة، فقربها منه بلإضافة الى الحميمة المزعجة للمسته ضاهت حدة نبضها، حتى تساءلت ما إذا بإمكانه ان يسمعه.
- هل تملك هذا اليخت؟
سألته بحزم، وهي تحاول ألا تدعه يدرك ان دفء لمسته ورائحة عطره الناعمة أثرا فيها، فيما أخذ يغسل الجرح برفق، إذا كان يملكه فلابد انه تقدم شوطاً كبيراً، منذ ان ترك شركة بوفيير.
----------------------------------
- هل سأبدو أرفع شاناً بالنسبة لك إذا قلت إنني كذلك؟
تسللت الحرارة الى اعماقها، وشعرت بحنجرتها تقفل تماماً، ذكرت شانون نفسها بأسى أن كاين لا يكن لها أي احترام، وانه يدينها بلا رحمة.
- لن تغويني كاين، حتى لو ملكت عشرين يختاً.
استدارت شانون متظاهرة باللطافة، مظهرة ابتسامة خبأت في طياتها الألم الناتج عن توق دفين عميق، أضافت:
- على أي حال، أليس لديك زوجة تقبع في إحدى هذه الغرف؟
أشارت الى الدرج الذي استطاعت رؤيته، والذي بدا من الواضح انه يؤدي الى غرف نوم، بينما اخذت تفكر ملياً لتتذكر إذا ماكانت قد سمعت شيئاً عن حياته الخاصة من قبل.
اجاب كاين باإيجاز:
- ليس لدي زوجة.
شعرت شانون ببعض الارتياح، اصرت محاولة ان تبعد عنها ذاك الشعور:
- لِم لا؟ إنك تكبر في السن ، كما تعلم.
كم تراه يبلغ من العمر الآن؟ سألت شانون نفسها، ثلاث وثلاثون ؟ اربع وثلاثون؟
- لا تتحركي!
امرها كاين بذلك من دون ان يشعر بالغضب، الأمر الذي جعل شانون تحس بأنها تصرفت صبيانياً بتفوهها بتلك الجملة، لطالما اعتقدت ان نضجه هو احد الأشياء التي تشدها اليه، وقد ازدادت تلك الحنكة مع السنين، ابتلعت ريقها كي تخفف من الجفاف الذي تشعر به في حنجرتها.
آه يا إلهي! فكرت شانون انهاسوف تسيطر على ردود أفعالها اكثر إذا لم تنظر اليه ، فاغمضت عينيها ، سرعان ما أدركت انها باتت تشعر برائحته، وتشمها بإحساس أقوى.
- امسكي هذه!
فيما ترك الضمادة الباردة لتمسكها بيدها، وابتعد.
شعر كاين بالارتياح لأنه تمكن من إلهاء نفسه بالفناجين والصحون وتعبئة الإبريق، لمس شانون بوفيير ليس شيئاً يستطيع هو أو أي رجل آخر ان يقوم به من دون أن يتأثر.
في الواقع أثرت فيه شانون بتلك الطريقة العميقة المحضة التي لطالما احس بها، هذا ما اعترف به لنفسه، إلا أنه وبخ نفسه بصمت بفعل الاضطراب الذي سببته له، سوف يسر حين تنتهي المظاهرة، ويصطحبها الى المنزل، قال كاين ذلك لنفسه وهو يغلق باب الخزانة.
تساءل فيما كان يضع ملعقة من الشاي في إبريق صغير، عن سبب شعور بالتردد لرؤيتها تغادر، مع ان شانون لا تبدو بحال جيدة، إلا ان هشاشتها تنضح بتلك الجاذبية الأخاذة التي اثارت فيه احاسيس، عرف كاين انها ليست مجرد إحساس عادي لدى الرجل القوي لحماية المرأة الضعيفة، بل هي نابعة من شعور أقل شهامة...من رغبة بدائية تدفعه ليجعل هذه الفتاة الصارخة الجمال فتاته.
ادرك كاين انها باتت اكثر خبرة في الحياة بالطبع، في جاذبيتها التامة النضج، لكن شانون لا تزال بحالة سيئة، وهو يشعر بالقلق حيالها لكونها في بلد غريب وحدها، هذا إن كانت وحدها...
اللعنة! لم يشغل نفسه بهذا الموضوع؟ سأل كاين نفسه وهو يصر على أسنانه ، فيما اطفأ الإبريق الكهربائي، وسكب المياه المغلية على أوراق الشاي.
- هل يوجد مرحاض هنا؟
- نعم إنه..
بدت كلماتها موسومة بالتعب، أو بشيء آخر، هذا مافكر به كاين وهو يشعر بخوف مقزز يتثبت به فجأة، تلك الطريقة التي تنظر بها نحوه، وتلك الملامح الكالحة...لِم لم يفكر بذلك الاحتمال؟
- آه، لا ! أنت لست بخير.
ثبت كاين يده على حقيبة شانون البالية المصنوعة من قماش لكانفا فتشبثت بها فجأة ، حالما احست بنيته، غرز اصابعه في عظام رسغيها الرقيقة وادارهما الى الجانب الآخر ، وأخذ يتفحص ذراعيها بنظرة متمعنة ومنتقدة.
--------------------------------
- إلام تنظر؟
لمع في عيني شانون غضب صارخ بفعل الصدمة، قبل ان تبتعد عنه بجهد ، اضافت:
- أتبحث عن دلائل تشير الى ...الإدمان؟.
من دون تردد راح يخرج محتويات الحقيبة ويضعها على سطح الطاولة.وبالرغم من شعورها بالذعر، تحدته شانون قائلة:
- ماذا تظن نفسك فاعلاً، بحق السماء؟
شعر كاين بكبريائها تستعر فيما عبثت يده بأغراضها، كره نفسه لكنه شعر أنه مجبر على القيام بذلك..أحمر الشفاه، ومشط وأوراق شتى ، وزجاجة دواء، حملها كاين ليقرأ ماكتب عليها، بسرعة فظيعة انتشلت شانون الزجاجة من يده.
- مشكلة معوية، أهذا يريحك؟ لهذا السبب أنا هنا ولست في البيرو.
ضاقت عينا كاين بتساؤل، بالطبع جالت هذه الفتاة على العديد من الاماكن! كرر اسمه: ( البيرو)؟.
هزت شانون كتفيها، واجابت:
- سواء كنت في ريو دي جينيرو او البيرو، ماهمك أنت؟
في الواقع ذلك ليس صحيحاً على الاطلاق، إلا انه لم يستطع ان يقر لها بهذا.
- حسناً، كنت مخطئاً.
أخذ كاين يرجع الاغراض الى حقيبتها مجدداً، لكنها انتشلت الحقبة منه.
لون الغضب خدي شانون، فيما بدأت تعيد أغراضها الى الحقيبة، قالت :
- لا آبه لرأيك بي أو لرأي الآخرين ...أنا لا اكترث البتة! لكنني وضعت حداً فاصلاً مابيني وبين الادمان وأزواج النساء الخريات، وكل مايفقدني السيطرة ، فأنا أقدر نفسي كثيراً!
بدا كأن تلميحاً لكاين ليدقق النظر اليها أكثر ، ازلقت نظراته على جسدها النحيل، لتستريحا بوعي كامل على خصرها الناعم، اللعنة! إنه يفكر كشاب مغرم..كبح لجام افكاره، وهو يحمل الأغراض التي لا تزال على الطاولة ، ويناولها إياها.
نصحها قائلاً:
- أظن أنك بحاجة الى الاستلقاء قليلاً.
قال هذا وهو يرشدها الى الأسفل نحو مضجع اليخت الفخم، قادها الى الحجرة الامامية ذات الاثاث المطلي والسرير ذي الحجم الملكي، أِشار الى الباب الزجاجي الذي يؤدي الى غرفة النوم، ثم أضاف:
- حين تغتسلين وترتاحين سوف أحضر لك الشاي.
- شكراً.
بدت شانون بنظره امرأة متشردة بسروالها الفضافض البالي وقميصها الحمراء بمقاسها الصغير والشعار السخيف المطبوع عليها، إنها لا تشبه مطلقاً وريثة ملايين الجنيهات التي لا تملك أي فكرة عن المتاعب التي تسببها ، ومن الواضح انها لا تهتم لأسلوب الحياة التي تؤمنها لها ، هذا مااذكر كاين نفسه به، فيما بدا فكاء مشدودين.
- قلت إنك لا تتورطين ...
ركزت شانون على سؤاله مرتعبة:
- ماذا تعني؟
من الواضح انها اعتقدت انه رحل .
أجاب بنعومة:
- في التعاطي مع أزواج النساء الأخريات.
نظرت شانون اليه متسائلة ، وقد غطى وجهها اللطيف شعور سلبي ماجعله يندم على الفور على طرحه الموضوع، تساءل كاين لم فعل ذلك؟ أليحمي نفسه؟ شانون مجرد فتاة، بحق السماء! فأي حماية يحتاجها؟
هزت شانون كتفيها بعدم اكتراث، واجابت :
- نعم.
-------------------------------
ثم اضافت :
- حسناً أنت تعرف المثل القائل ( المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين).
لم يستطع كاين ان يلجم العبارة الساخرة التي خرجت من بين شفتيه:
- ألهذا السبب سألتني إذا كنت متزوجاً، شانون؟
فيما كان باب الحجرة يقفل خلف كاين، شعرت شانون برغبة في رمي حجر عليه، نعم! لقد ارتكبت خطأ، أخطأت في الحكم على الناس، لكن لم يصر كاين على تذكيرها بالموضوع؟ لِم يصر على معاملتها بازدراء متمسكاً بتلك السمع السيئة التي اتخذتها الجرائد ذريعة لتملأ صفحاتها بأخبارها..تلك السمعة السيئة التي حصدتها من دون علمها، والتي بسببها غادرت إنكلترا؟ إلا أن رأي كاين القاسي بها سبب لها الاذى اكثر ممافعلت تلك الجرائد ، وهو مازال يؤذيها كما أدركت عاجزة وهي تُسقط حقيبتها البالية على غطاء السرير، قبل أن تدخل إلى المرحاض التابع لغرفة النوم.
ما إن رأت شانون مرشة المياه، بالإضافة الى الطاولات الرخامية حتى لوت شفتيها بإعجاب ، مضى وقت طويل جداً على تمتعها بفخامة كهذه، فقد تخلت عنها حين قررت ان تراهن على حريتها وتهرب من الثرثرة وأقوال الجرائد، ومن دكتاتورية ابيها وتسلطه، فتستقل وتعتمد على ذاتها.
فتحت الحنفية ورشت المياه على وجهها ، وفيما راحت تراقب المياه تدور وتختفي في قعر المفسلة تمنت لو انها تستطيع ان تتخلص بسهولة من ذكرياتها الماضية ، كما تتخلص من تلك المياه.
كانت شانون في التاسعة من عمرها حين توفيت والدتها في حادثة سقوط عن ظهر الحصان، بعدئذ لم يعرف رانولف بوفيير مطلقاً كيف يتعامل مع ابنته السريعة النمو والمغامرة الى أبعد الحدود.
صارت حياتها عبارة عن تنقل دائم بين المدارس الداخلية الباهظة الكلفة، بالإضافة الى الرحلات الى الخارج خلال العطل مع أي عضو من فريق عمل ابيها يستطيع ان يرافقها، اما ماكانت تحتاج اليه بالفعل فهو عطف ابيها وحبه، إلا انه كان منشغلاً الى أبعد حد، بدءاً من السيارات السريعة والمجوهرات والثياب، وصولاً الى العطل والرحلات المترفة، وفر لها هذا كله، لكن لسوء الحظ، لم يكن ذلك كافياً.
لطالما شعرت شانون انها مستعدة للتخلى عن جميع الزخارف مقابل علاقة ودية ومنسجمة مع ابيها ، ومقابل ان تؤخذ آراؤها بجدية إلا ان رانولف بوفيير لم يكن من ذلك النوع من الرجال الذين يصغون الى أي شخص آخر، ربما كان رفضه لتقبل ان تقوم بشيء اكثر قيمة في حياتها من أن تساند زوجاً ملائماً كما فعلت امها ، هو السبب الرئيسي الذي دعاها الى ان تصبح متمردة هوجاء دائمة السهر في الحفلات الليلية، ما ألبسها تلك السمعة السيئة.
في ذلك الوقت بدا ذلك وسيلة فعالة لتعوض عن حاجتها للحب وللرعاية اللذين فقدتهما من حياتها ، لاسيما الحاجة لأن تكون محط الانتباه إلا ان ذلك التعويض بدا سطحياً ولم يدم طويلاً ، تماماً كأي علاقة حاولت ان تنشئها مع أي من الرجال الذين لاحقوها، وكلما كانت خيبة املها تنمو،كان رفض ابيها يزداد، لم يحب والدها تصرفاتها وعدم قدرتها على البقاء مع شخص واحد ، بالإضافة الى السمعة غير الملائمة التي اكتسبتها ، لكنها لم تستطع ان تسيطر على ذاك الأمر ، فكل رجل التقته لم يكن همه سوى مالها وجسدها أو الاثنين معاً..كل الرجال ماعدا كاين فالكونر.
ورجعت ادراجها الى غرفة النوم ، بدا كأن السرير الواسع بوسائده المكتنزة يدعوها اليه، اما ستائر الكوة فمغلقة في وجه اشعة الشمس الإسبانية الحارقة، ربما تفعل ما اقترحه عليها كاين ، فتستلقي قليلاً، بدا لها أن الاضطرابات القائمة في البلدة سوف تستغرق بعض الوقت ، وأن من غير المجدي ان تفكر حتى بالرجوع الى الديار قبل زوال الخطر.
استرخت شانون على السرير الفخم، وحاولت ألا تفكر بمكان نوم كاين على اليخت، لكنها لم تستطع ان تمنعه من التطفل على افكارها والتشويش عليها ، مثلما كان يفعل منذ كانت في السابعة عشرة من عمرها .
------------------------------------
تأثرت بطريقة خطيرة بهذا الرجل منذ اللحظة الأولى التي وقعت عيناها عليه فيها، منذ ذلك اليوم الذي قصدت فيه مبنى شركة بوفيير ورأته جالساً في مكتب ابيها خلف الطاولة .
أبقى نظرته منخفضة للحظة واحدة إلا ان لحظة واحدة فقط بدت كافية ولتدع جاذبيته الساحرة تنطبع في وعيها الى الأبد.
لاحظت شانون شعره الداكن الأنيق ، وعرض كتفيه ،واخذت تتململ، فقد احست بالاضطراب لأنه لم يلاحظ وجودها ، في حين أن الكل يفعل.
كانت ترتدي بذلة حريرية داكنة في ذلك اليوم، اما شعرها فمرفوع الى الأعلى،وهي لا تزال الطريقة المحببة التي كانت فيها سترتها القصيرة وسروالها يتحركان على جسدها.
بعدئذ نظر كاين الى الأعلى، وكأن شيئاً ما أوحى له فجأة انها هناك، بالرغم من انها عرفت ان الحقيقة مغايرة لذلك تماماً، حتى مع طول قامتها بفضل الكعبين العاليين ، شعرت شانون بكسوف من جراء طول قامته المسيطرة حالما وقف على رجليه.
- كاين فالكونر.
بدا صوته عميقاً وجذاباً، وفيما اقترب منها ، اخذ اضطرابها يذوب تحت سحر ابتسامته،أضاف:
- الرئيس الجديد لمجلس الإدارة.
مجلس الادارة! هذا ما أعطاه المركز الأعلى ، الأصابع التي تشبثت بأصابعها بدت دافئة وقوية، نسيت شانون كلياً آداب التصرف ، فلم تعرف عن نفسها في المقابل سمعت نفسها تقول بطريقة لا تليق بها:
-أيـ...أين أبي؟
- أبوك؟
شع الوضوح من عينين ذكرتاها ببحيرة زرقاء باردة في العالي ، تحت رموش طويلة داكنه السوداء، أردف قائلاً وهو يلوي زوايتي شفتيه:
- إذاً أنت الثرية المستهترة.
كان ذلك هو الاسم الذي اصرّت إحدى الصحف على نعتها به ، لو كانت شانون أكبر سناً لربما أضحكها ذلك، هذا ما اعتقدته في سرها، تظاهرا باللامبالاة، ثم غمغمت:
- إذا كنت تود قول ذلك.
ألم تهزأ هي نفسها بنفسها حين ارتدت اللون الأحمر الى الحفلة الراقصة، في حين ارتدت كل النساء الأخريات اللون الأبيض؟
حين جالت عيناه غير الوديتين على طول عنقها الناعم لتصلا الى حافة سترتها القصيرة، احست شانون بأنوثتها ، وادركت انها وجدت شريكها بل تؤام روحها سألها :
- ألا يزعجك ويؤلمك كل مايكتب عنك؟
بالطبع يزعجها ، لكن إذا ماعرف احدهم ذلك فسوف يمزققها الى أشلاء، هذا مافكرت به بمرارة، هزت كتفيها قليلاً وأجابت:
- ماالذي يكتب عني؟ بأنني أتواجد في كل حفلة ، وأنني أبدل عشاقي بقدر ما أبدل ثيابي الداخلية؟
لم تصدق شانون أنها تستطيع التلفظ بتلك العبارات المحطة من قدرها ، ليس لأنها عارية عن الصحة فقط، بل لأنها لم تلتق في حياتها رجلاً شعرت بالرغبة في التأثير عليه ، شعرت بالانكماش، فيما هزت كتفيها مجدداً ، ثم قالت :
- لِم قد يزعجني أو يؤلمني؟
- لكنه يؤلم أباكِ.
استدار كاين فجأة متفحصاً شانون بعيني ضيقتين حادتي النظرات جعلتاها تدرك بارتعاب شيئاً مختلفاً عن الغضب، شيئاً اساسياً ووحشياً، أضاف:
- لكن، لربما هذا ماترغبين به.
حتى وهي تشعر بالاضطراب من جراء صدمة الانجداب المتبادل بينهما، شعرت بلذغة تعليق كسوط يضرب وجهها ، من يظن هذا الرجل نفسه؟ وبأي حق يتكلم معها بهذه الطريقة.
- لا اعرف من أنت او ماتفعله هنا، ياسيد فالكونر لكنني أظن أن حياتي الخاصة او حياة أي فرد من هذه العائلة لا تخصك! هذا إلا إذا كنت تظن ان واجباتك هنا تتضمن محاولتك أن تجذبني من يدي وعيدني الى الصراط المستقيم، في هذه الحالة فإنني أقول لك إنك تضيع وقتك سدى!
كان كاين يحرك بعض الأوراق على الطاولة بيديه الطويليتن الأنيقتين، رفع بصره نحوها وهو يبدو غير منزعج إطلاقاً.
---------------------------
- ليس لدي النية بأن اجذبك الى أي مكان شانون.
بالرغم من كل شيء ،فإن لفظ اسمها بتلك النبرة العميقة جعل شعر عنقها يقف متأثراً ، أضاف:
- ولن احاول ان افعل حتى ، فأنا لا اود ان أرى اسمي في الصحف المبتذلة.
خرجت شانون من المكتب في ذاك النهار ورأسها مرفوع، والدموع على وشك ان تنهمر من عينيها ، ناسية تماماً سبب ذهابها الى ذاك المكان في بادئ الأمر.
منذ ذلك الحين حاولت تجنبه ، لكن بدا هذا مستحيلاً ، بما ان رانولف بوفيير احب كاين كثيراً منذ البداية، فغالباً ماكان يدعوه لتناول العشاء في المنزل، واحياناً كانت شانون تجد نفسها مجبرة على التكلم معه حين يتصل هاتفياً بوالدها، فكان صوته العميق يحرق اعصابها ، اما هو فكان غافلاً تماماً عن تأثيره هذا، ثم انه بالطبع كان يتواجد في كل حفلة رسمية تخص الشركة، فرانولف كان يصر عليه ان يحضر، في إحدى المرات طلب منها كاين أن تراقصه وذلك خلال عشاء الشركة الأخير ، استجمعت شانون شجاعتها لتسأله:
- كم عمرك؟
أجاب:
- كبير جداً عليك.
كانت شانون قد ناهزت التاسعة عشر من عمرها ، وبدت واثقة من مظهرها ومن جاذبيتها التي لم تتمكن من إخفائها، فضحكت عالياً مستخدمة كل عناصر انوثتها، ثم اجابت بلطف:
- ماالذي يجعلك تظن ان هذا السؤال البسيط يوحي بأنني أود التقرب منك؟
فاجأته جسارتها ، لكنه اجاب بابتسامة ساحرة وعيني ساخرتين خاليتين من العاطفة:
- لأنني على الأرجح الرجل الوحيد في لندن الذي لم يظهر أي ميل للتقرب منك.
بالرغم من أنها ضحكت، إلا ان ملاحظته تلك أشعرتها بالإحباط،وأكدت لها انها تضيع وقتها إذا ما أملت ان يعجب بها كاين فالكونر يوماً ، يتمتع الرجل بخبرة عالية ومهارة كبيرة بحيث لا تستطيع ان تتحاذق عليه، أو تتجادل معه او حتى تحاول ان تستعين بسحرها وجاذبيتها للتقرب منه، بالإضافة الى ذلك فإنها بصحبته تعاني من شعور قوي ومحبط بالذل، لا ينفك يتكرر.
حين بدأت شانون تواعد جايسون ماركان وطلب منها هذا الأخير ان تمضي فصل الصيف معه في كوخه الذي يقع بجانب بحيرة صغيرة في سكوتلانده، لم يكن من شانون الا ان اقتنصت الفرصة لتهرب، ليس من سيطرة ابيها المتزايدة فحسب، بل من مشاعرها العاجزة تجاه كاين.
قررت انها مجرد مشاعر بدائية وصبيانية ناهيك عن انها عنيفة وموجعة، من ناحية اخرى وفرت لها علاقتها بجايسون شعوراً اقل إيلاماً ، بلإضافة الى الصداقة بينهما التي كانت تعتقدها في ذلك الوقت.
غالبية النساء اللواتي حاولت ان تكسب صداقتهن منذ ان تفتحت عيناها على عالم الأنوثة، كن ينظرن اليها كمنافسة لهن، اما الرجال فكانوا يعتبرونها وسيلة لتعزيز أناهم الذاتية على خلاف جايسون الذي بدا انه يهتم لشخصيتها ، كان يستمع الى افكارها ويشاركها احلامها، وبالرغم من تلك العلاقة بدت اقل شغفاً مما أمل جايسون ، لكنه لم يسرع الامور، فقد كان رجلاً صبوراً راضياً بالانتظار، برفقته كانت شانون تشعر بالرضى والارتياح، مثلما يجب على المرء ان يشعر مع شخص يفكر في مشاركته الحياة، لكنها لم تكن مجنونة بحبه، لم يشبه شعورها نحوه أو يقارب حتى ذلك الشعور الذي تمتلكه تجاه كاين.
حسناً! أليس ذلك أفضل؟ ماشعر به تجاه جايسون كان حقيقياً وليس خيالياً، إنه تام وطويل الأمد، هذا لأن جايسون ماركام ،وهو سائق سيارة سباق يبشر بمستقبل واعد وابن وزير شهير ، كان رجلاً حقيقياً، وهو دائم التواجد من اجلها، هذا مااعتقدته شانون الى ان تصدرت محاولة زوجته الانتحار عناوين الصحف، وحظيت صحف الأخبار المبتذلة بماتريده ، وتمادت في الاعتقاد وهي تصور شانون كالمرأة المغوية ، فيما صورت ماركام على انه الضحية.
-------------------------------------
شعرت شانون كأنها فقدت الإحساس من جراء عدم تصديقها الخبر، ومن جراء كذب جايسون عليها، عادت ادراجها الى لندن لتواجه بوابل من الأسئلة التي رفضت الإجابة عنها، وبقدر مضاعف من غضب ابيها حين اكتشفت ان كاين فالكونر تشاجر معه في الأسبوع نفسه، ورحل عن الشركة.
عرفت شانون ان المنافسة أثارت قلق كاين اكثر من مرة، وانه وجد رانولف شخصاً يصعب التعامل معه لاسيما في العمل، لكن بعد الألم الذي اصابها بفعل خيانة الرجل الذي اقنعت نفسها انه حب حياتها والذي وضعت بها ثقتها كاملة، اغضبها رحيل كاين حتى الصميم.
خلال ذلك الأسبوع ، وفيما كانت محبطة ومتألمة ووحيدة في المنزل حضر كاين يأخذ بعض المستندات الشخصية، تحولت الفضيحة التي تعاني شانون من ذيولها الى غضب حانق عليها لم يقتصر على السخرية المعتادة التي عرفتها منه، بعد ان وجمته بخطاب طويل محمل بالغضب بشأن سوء تصرفاته.
- كيف تجرؤين على انتقاد تصرفاتي ؟
بدت عينا كاين مستعرتين بالحقد حين أضاف :
- أنت الغنية التي لا تمانع في فعل أي شيء بغية الحصول على اللهو! استطيع أن افكر بعبارات أسوأ ، شانون لكنني سأحتفظ بها.
لم تدرك شانون في حياتها ان كاين صديق لعائلة جينفر ماركام، وان هذا هو السبب الذي جعله غاضباً جداً ، اردف قائلاً:
- ما اتمناه هو ان تجدي ماتبحثين عنه...لمصلحتك، بالإضافة الى مصلحة الجميع.
قال كاين هذا فيما خرج من الباب.
آلمها سماع رأي كاين ومغادرته، شعرت بالسخط من جراء عدم وقوف هذا الرجل بجانبها، فردت عليه بعنف قائلة:
- ناديتني الثرية المستهترة في المرة الأولى التي رأيتني فيها ، حسناً! إذا كنت انا كذلك فأنت هو الخائن!.
اندفع من فم شانون هذا الكلام بدافع غضبها المستعر المؤلم، وحسدها لأنه قادر على المغادرة ساعة يشاء، اما في سرها فهي تقدره لأنه قاوم أباها.
بعدئذ رحل كاين مغلقاً الباب بعنف خلفه، ولم تره حتى هذا اليوم.
سمعت في مابعد انه لم ينضم الى شركة اخرى فوراً ، فكرت شانون ان رانولف سوف يحاول جاهداً ان يغيظه، وانه سيندم طوال عمره على تركه يرحل من شركة بوفيير بتلك الطريقة ، بحسب ماكونت من معلومات عن هذا اليخت من الواضح ان كاين حصل على مركز هام آخر، واستخدم مهاراته وتبصره كي يوصله الى المراكز العليا في شركة اخرى، ومن الواضح انه حظي بمستوى مرموق لنفسه، تثاءبت شانون فاتحة فاها ، فحركة اليخت اللطيفة بين فترة واخرى اشعرتها بالارتياح، الامر الذي جعل جفنيها متثاقلين...
* * *
كانت شمس المغيب تشع بخيوطها الذهبية على طول مياه البحر، وفيما كان يقف عند مؤخرة اليخت تنفس ملء رئتيه من ذلك الهواء البارد المسيطر على الجو.
استطاع كاين ان يسمع هدير المحركات،وان يلاحظ الأضواء الصادرة من الحانات الليلية ومن المقاهي حول حوض رسو السفن.
وجد نفسه يعود بأفكاره الى ذلك النهار، مذ سنة تقريباً ، حين أجاب عن تلك المكالمة المزعجة التي تلقاها من السيد رانولف بوفيير ، حينئذ وجد شديد الاضطراب وعلى شفير الهاوية .
فكر ان ذلك كله من صنع يديه ، عرف كاين هذا ، لكنه لم يستطع ان يشهر ذلك في وجه الرجل، فرانولف يحتاج الى مساعدته ونصائحه، وشعر كاين بالقلق بشأنه وبشأن الشركة التي اعمل فيها، فلم يتمكن من رفض مد يد المساعدة له.
فكر ان الرجل يقتل نفسه لا محالة، نصحه الأطباء ان يهدئ من روعه، ويخفف من فظاعة المشكلة ، لكن كاين بدا متأكداً ان مشاكل الشركة لم تكن هي السبب الوحيد لإحباط رانولف، بل تنافره مع شانون هو السبب الرئيسي.
بين نسمات المساء استطاع سماع كلمات رانولف، فيما وقفا سوياً في فناء منزل بوفيير:
- جد لي ابنتي! بالله عليك، جد ابنتي! جدها و....
-------------------------------------
شعر كاين بالتأثر، وتناسى بقية حديثهما ، لكن توسل رب عمله السابق مازال يقطع قلبه ، صحيح ان الرجل ظالم ومحب للسيطرة لكنه في الحقيقة اراد ان يسترجع ابنته بالفعل.
تنفس كاين مجدداً بعمق وعدم صبر، صحيح انه قام ببعض المحاولات كي يجدها لأسباباً خاصة به، إلا ان العام المنصرم كان مليئاً بالصعوبات، ولم يحظ بالكثير من الوقت ، وحين وجدا الوقت ، لو يوفق في بحثه الى ان اتى هذا اليوم...
والآن وجدها، وبدأ يتمنى لو انه لم يفعل، لم تبدُ شانون بحالة جيدة،وشعر بالقلق الشديد حول ماتفعله بنفسها، ليته يستطيع ان يجعلها تفكر بالطريقة الصحيحة ، فيقنعها بأن تعود الى المنزل قبل ان تمرض حقاً، هذا ما أخذ كاين يفكر به، والقلق يتشبث بفكيه من جراء عقم آماله.
كيف يتوقع ان ينجح في إقناعها في غضون ساعتين؟ سأل نفسه وهو يشتم جدول اعماله، وقد ضاق ذرعاً بالالتزامات لأول مرة في حياته، لأنها لم تترك له الكثير من الوقت.
فوق الحوض السفن وقع نظره على تمثال كولومبوس الضخم، لاحظ للمرة الأولى ان الرجل العظيم كان يشير ، ليس الى الجهة الغربية- باتجاه الأميركيين اللتين اكتشفهما- بل الى الجهة الشرقية، باتجاه الرقعة الفسيحة المتلألئة للبحر البيض المتوسط، اما كاين نفسه، فانبثقت في رأسه فكرة راحت تنفتح وتنمو اكثر فأكثر.
سوف تكرهك على هذا فالكونزا حذر نفسه ، فيما أخذ يعبر ظهر اليخت في تصميم مفاجئ.
---------------------------------



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:28 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

3- تمرّد
ارتفع صوت هدير المروحية، راح الأطفال يضحكون ويلوحون بأيديهم ويناودنها ، فيما ظلت الشفرات تصدر صريرها وتقترب اكثر.
استطاعت الآن ان تتعرف على وجوه الأطفال ، توقف هولاء عن الضحك، وراحوا ينظرون اليها بحذر، حتى إن بعضهم راح يبكي والبعض الآخر يصرخ، فيما اندفعت شانون بسرعة ورعب في الهواء الطلق، لم يعد الصوت صادراً عن المروحية، بل من مجموعة من الحشرات...
- لا!
انتفضت شانون بقلب نابض، فيما طوقت رأسها بيديها ،وشهقت طلباً للهواء، هدأت من روعها قليلاً، وحاولت ان تبطئ من سرعة تنفسها، غلبها النعاس وهي على سرير الحجرة في يخت كاين! هذا ما ادركته من خلال مسح سريع بنظرها على المفروشات الفخمة التي تملأ المكان ، اما الصوت الذي سمعته فهو....
بسرعة سوت شانون جلستها على السرير الكبير الفخم، فكرت عابسة وهي تصغي بانتباه ، أهو المحرك؟
أخذت تتلمس طريق الخفين اللذين رمتهما منذ ..الله اعلم منذ كم من الوقت، أدخلت اصابع رجليها فيهما ، وهرعت كي تنظر من خلال الستائر، من خلال الكوة البيضاوية الشكل ، ابصرت منظر برشلونة ، إلا ان تلك المدينة اخذت تتلاشى رويداً، هذا ما أدركته شانون مرتعبة.
-----------------------------------
من دون ان تضيع دقيقة واحدة حثت خطاها عبر الحجرة من دون توقف ، بدت مترنحة كأن النوم قد أسكرها.
صعدت الدرج الشديد الانحدار نحو مكان التحكم، فرأته جالساً خلف الدفة، وهو يشق الطريق عبر مياه المحيط الواسع بيدين قديرتين ملتفتين حول المقود.
بدل كاين سترته، ولبس قميصاً سوداء وسروالاً من الجينز، بالرغم من كل شيء لم تفت شانون ملاحظة عرض كتفيه ومدى القوة الرهيبة التي توحيان بها ، فيما وصلت الى ظهر المركب.
- الى اين نحن ذاهبان؟
نظر كاين اليها متفاجئاً ، بينما تقدمت لتقف بجانبه، بدت ملامحها الباهتة متحدية، اما شعرها فراح يتطاير بلطف مع الهواء.
- أخيراً استيقظت....
قال كاين هذا، قبل ان يعيد انتباهه الى مفاتيح التحول المتعددة والى الشاشات على لوحة التحكم، سألها:
- كيف تشعرين؟.
كيف يجرؤ على هذا السؤال؟ نظرت شانون وقد نفذ صبرها الى رأسه المنحنى ، اجابت:
- سألتك، الى أين نحن ذاهبان؟
بدا ان كاين يتحكم بشيء ما على اللوحة، فلم يرفع رأسه لينظر اليها حتى ،بل قال:
- ربما انت تعبثين بوقتك هناك شانون، أما أنا، فلدي جدول اعمال علي ان انهيه.
سألته شانون قلقة:
- جد...أي جدول؟
كانا يبحران بسرعة هائلة،وكل موجة قوية راحت تقودهما الى مكان ابعد ثم ابعد في خضم المحيط الشاسع ،سألته مجدداً:
- إلى اين تأخذني بحق السماء؟
كان كاين يدير اليخت بمهارة خبير، هذا ماادركته شانون فيما انتظرت جوابه، اجابها بلا مبالاة:
- عليّ ان اسلم هذا اليخت الى كان قبل نهاية هذا الأسبوع، وقد خسرت الكثير من الوقت حتى الآن.
بعدئذ اردف:
- ستبقين معي حتى وقت التسليم.
كررت شانون مرتعبة:
- كان..كان!.
لم تصدق ماقاله ، لابد انه يمزح، أضافت :
- أي فرنسا؟.
تحرك فك كاين في تقدير ساخر، ثم قال:
- اعطيك عشرة على عشرة في الجغرافيا شانون ، من الجدي معرفة انك تعلمت شيئاً مفيداً في تلك المدارس التي ارتدتها.
- يالك من حقير متبجح!
بغضب شديد نظرت شانون الى خط الساحل الذي اخذ يتلاشى، أزعجها هدوء كاين ، فقالت له:
- استدر حالاًً!.
لم يعرها كاين انتباهاً وبقي جالساً، امرته:
- قلت لك استدر حالاً!
رد كاين عليها بهدوء:
- أنا آسف شانون، لا استطيع ذلك، كما قلت لك ، انا متأخر على مواعيدي، كما انني بحاجة الى من يساعدني في قيادة المركب ، اما أنت فقد اعترفت بنفسك أنك لاتفعلين شيئاً هناك.
- أنت تخطفني..ثم تتجرأ وتطلب مني ان اساعدك في قيادة المركب؟
اتى كلامها على شكل صراخ حاد.
- قلت إنك تبحثين عن المتعة.
- قلت...
هل قالت ذلك حقاً؟
- وأعرف انك فعلت ذلك من اجل ابيك.
نعم، في الماضي ، وقد رافقهماكاين على متن اليخت مرة أو اثنتين حسبما تتذكر شانون ، مسترجعة في ذهنها مدى المرح وعدم اللياقة اللذين شعرت بهما أثناء صحبته، لكن كان الأمر يومها مختلفاً...
- إذاً، هل اختطفتني كي أفعل ذلك؟
فجأة أصبح الخوف هو الشعور المسيطر على شانون ، الخوف بالإضافة الى الغضب العميق لتمكنه من خداعها لتركب اليخت، اردفت:
- إذا لم تدر هذا الشيء حالاً ، فسوف أعود سباحة.
---------------------------
- لا تكوني سخيفة!
- راقبني فحسب!
بدأت شانون تتعثر بخطواتها مبتعدة عنه ، غير واعية ان كاين يخفف من سرعته.
- لا تكوني غبية!
فيما نزلت شانون على الدرج، كان كاين أسرع منها ، أطلقت صرخة بسيطة حين التفت ذراعه حول خصرها كدائرة حديدية.
- دعني وشأني!
استدارت شانون نحوه ، وأخذت تضرب صدره القوي بقبضتيها .
أضافت :
- دعني وشأني أيها الوحش!
- بالله عليك شانون ..اهدئي! هل تعتقدين حقاً انني اخترت ان اجلبك معي؟ فقدت حتى الآن وقتاً ثميناً بسبب اللقاء بك في هذه الأمسية، لكنك كنت تنعمين بنوم هادئ كالأطفال، فلم أشأ إزعاجك، كما أنك تعرضت لضربة لا يستهان بها على رأسك، وحتى من دون ذلك، لم تبدي لي بحالة جيدة لأتركك هناك!.
شعرت شانون بالدوارالشديد وبالوهن، اما السبب فهو اقتراب كاين منها بهذا الشكل ، افلتت نفسها بعنف من قبضته، ثم أجابت:
- آه! والآن ، انت تقوم بهذا لمصلحتي!.
- آمل ان يحصل هذا في النهاية.
نظرت شانون اليه شزراً ، فيما رفعت رأسها لتحدق اليه بتحد، ثم سألته:
- ماالذى يفترض ان يعينه ذلك؟
- يعني انني أظن انك سوف تصبحين بحال افضل إذا ماحصلت على الرعاية المناسبة لبضعة ايام، وإذا استطعت ان اقنعك بأن ترى ما الذي تفعلينه بنفسك، وماذا تفوتين بعدم مواجهتك الوقائع وعودتك الى المنزل، فسوف يكون ذلك جيداً.
حول الغضب لون عينيها الى اللون الأزرق الياقوتي، سألته :
- ماذا تعني بقولك ( ان اواجه الوقائع؟ أي وقائع؟).
- الشركة سوف تصير ملكك يوماً ما، شئت ذلك أم أبيت، والدك يكبر في السن.
بدأ القلق فجأة مكان الغضب الذي يلسع خديها، ماجعل جبهتها الناعمة تتغضن، قالت :
- قلت لي إنك لم تره.
- لا، لم افعل.
ألم يفعل؟ لم تتعد تتذكر ماقاله لها هناك في لاس راميلاس.
- ماذا إذاً؟ هو بخير، أليس كذلك؟
بدا السؤال اشبه بهمسة قلقة.
- هذا هذا قلق حقيقي كما أفهم ، شانون؟
- ماذا تظن؟
رمته بسؤالها هذا مدركة السخرية في ذلك الوجه الصارم.
- ماأظنه هو انه حان الوقت لتتوقفي عن علاقتك الاجتماعية ومعاشرة اصدقائك الوهميين،وتبدأي بالتفكير ان اباك بحاجة اليك، بدلاً من معارضته والتمرد على كل مايقوله بهدف المعارضة فقط!
- بهدف المعارضة...فقط؟
اعترضت شانون بغضب:
- ماالمشكلة إذا كنت لا اوافقه بعض آرائه؟ حسبما أتذكر أنت لم تكن دائماً مراعياً لرغبات أبي ، في الواقع وقفت ضده حين غادرت وتركته وحيداً في مرحلة حرجةّ.
اتخذ فمه شكلاً متجهماً، وفكرت شانون فجأة انه ربما لا يحب ان يتذكر مدى المرارة التي واجها بعضهما فيها في المرة الاخيرة التي اتصل فيها الى المنزل.
- إذا كان ثمة شخص قد تركه في حالة حرجة فهو ابنته الغالية العزيزة والعاصية! لاسيما بعد ان مرغت اسم بوفيير في الوحل!
- هذا ليس صحيحاً!
دافعت شانون عن نفسها ، وهي تسترجع الذكريات ، لقد تعرضت للانتقاذ الشديد الظالم على يد الصحافة، جعلوها كبش المحرقة، وصارت ضحية من قبل أشخاص يتمتعون بقوة اكبر من قوتها ، بحيث حرصوا على عدم تفويت اي شاردة او واردة من حياتها ، لكن وجود اب لا يتفهمها وعدم اهتمامه حتى ليلاحظ ماالذى يجري لطفلته الوحيدة، بدا أسوأ من من أي شيء آخر، اضافت :
- غادرت المنزل لأنه رفض ان يعترف بأن لي آراء وأفكار خاصة ، مثلما فعلت أنت بالضبط ،وللسبب نفسه.
--------------------------------
غمغم كاين بإيجاز:
- لكن ثمة فارقاً واحداً.
- آه!
- أنا لست ابنه.
استدارت شانون الى الجهة الأخرى، بذراعين ملفوفتين حولها لتحمياها، وهي تحدق من دون ان ترى الى تلك البنايات الصغيرة الحجم المنتشرة على الشاطئ الإسباني ، وقد بدت من تلك المسافة البعيدة أشكالاً معتمة.
من المستحيل ان تعود مجدداً الى ذلك الاضطهاد والى تلك الدكاتورية، لا تستطيع تحمل الجميع وهم يرون فيها أسوأ الصفات، في حين ان جريمتها الوحيدة هي تعرضها للخداع على يد رجل ظنت انه غير مرتبط بامرأة أخرى، وأنه حبها.
أما الحقيقة انه احتل مرتبة عالية في سباقين عالميين،انه ابن سياسي بارز، فقد جعلت العلاقة المفترضة تحتل اخبار الصفحة الأولى، حين قامت زوجته بتناول جرعة زائدة من الدواء خسرت على إثرها طفلها .
بقيت شانون متحفظة حين أخذ أولئك الصحافيون يطاردونها، ففضلت ان توصف بالمرأة الفاسقة على ان تُنعت بالغبية، بعد ذلك حاول رانولف بوفيير ان يقيد حريتها عن طريق حرمانها من الاستقلالية، حتى خنقتها سلطته.
أخيراً وبعد مغادرة كاين الشركة بأسابيع قلائل غادرت هي بدورها لندن نهائياً.
- هل طلب منك أبي أن تجدني....؟
ضاقت عينا شانون بفعل إحساسها بالشك واضافت:
- .....وأن تحاول إعادتي الى المنزل؟
حين تمنع كاين عن الاجابة قالت:
- إذاً هذا كل مافي الأمر!.
لم يعد موقفها دفاعياً بل صار هجومياً حين اتهمته ، وهي متأكدة من الأمر:
- عدت للعمل لديه،اليس كذلك؟
توترت شفتاها في تمرد، حين لاحظت هزة كتفيه، اكملت:
- هذا اليخت لأبي، أليس كذلك؟ هو ليس لك، وأنا التي ظننت أنك فعلت ما أفضل لمصلحتك!.
لم تستطع شانون ان تحبس الضحكة الساخرة البسيطة التي ارتجفت بين تلك الكلمات الأخيرة ، تابعت السخرية منه:
- اسم بوفيير لم يفقد جاذبيته بالنسبة اليك بالرغم من كل شيء...أم ان العرض الذي قدمه لك هذه المرة هو أكثر إغراء؟
سمعته يحبس أنفاسه ، بعدئذ قال كاين بسخرية:
- تعتقدين ان الموضوع كله يتعلق بالمال ليس إلا ، أليس كذلك؟
أخذ يبتعد عنها عائداً الى ظهر المركب.
- أليس ذلك صحيحاً؟
تبعته شانون، بحسب خبرتها ، فإن المال يحتل مكانة مهمة جداً قائمة أولويات معظم الناس، لطالما لمست ذلك في الرجال الذين التقتهم،وفي كل الذين ادعوا صداقتها ، وحاولوا التقرب منها، اردفت:
- ماالذي قدمه لك؟ مكافأة كبيرة إذا نجحت في إعادتي؟
راقبته وهو يأخذ مكانه خلف المقود مجدداً، ويزيد من سرعة المركب، اقترحت عليه:
- مهما كان مايدفعه لك ، سوف أضاعف لك المبلغ.
- هل تقتطعينه من مصروفك ؟
بينما راح المركب يندفع الى الأمام ، نظر كاين الى شانون بشك ملفت، لعله اعتقد أنها لا تستطيع تحمل تكاليفه، فكرت بذلك متسائلة عن مدى معرفته بأخبارها .
أكدت له شانون له:
- لدي من الاموال مايكفي!.
--------------------------
كان عليها ان ترفع صوتها بسبب زيادة تدفق المياه، واندفاع الهواء العنيف المنعش، هي لاتزال تحتفظ بالمجوهرات التي لا تريدها ، وهناك اللوحات التي تركتها في إنكلترا، صحيح انها ليست من إبداع مونيه أو كونستايل، لكنها بالطبع تساوي الكثير من المال، هذا بالاضافة الى سيارتها البورش...
- هكذا إذاً.
انكمشت شانون حين رأت الطريقة التي راحت عيناه تجولان بها على خطوط جسدها الهيفاء بنظرة ماكرة، الأمر الذي يسرع نبضاتها، والهبت خديها من جراء ادراكها انه اساء فهمها عن قصد.
رد كاين بصوت عال:
- أنا سعيد لسماع ذلك.
ثم اضاف :
- لصالحنا معاً، على أي حال ليست لدي نية في أن أتورط في ملاطفة الفتيات البارزات في المجتمع، لذا فإنك بأمان تام، إذا كان هذا مايقلقك.
وقبل أن تستطيع الرد عليه، سمعته يقول:
- ماالذي جعلك تظنين ان اباك قدم لي شيئاً؟
- لأنني أعرف أبي.
راقبته شانون وهو ينقر مفتاحاً كهربائياً برشاقة، فظهرت مجموعة من المعلومات على احدى الشاشات.
ثم اردفت:
- أعرف الآن امك مثل أي شخص آخر تبيع نفسك إذا ناسبك السعر.
قال كاين من دون ان ينظر اليها :
- حسناً شانون! يؤسفني ان اخبرك ان عودتك الى هناك ، سوف تكلفني اكثر من قدرتك.
ألقى بنظرة حادة على قميصها القطنية، ثم دندن بصرامة:
- أنا آسف، عليك ان تتحملي رفقتي لبعض الوقت، بدلاً من رفقة احد عشاقك.
- أنت......
بالكاد سُمعت الشتيمة التي تلفظت بها شانون ، تابعت:
- وأنا التي ظننت أنك مختلف عن الآخرين!.
للحظة واحدة التقت عيناها بعينيه، فرأت فيهما تساؤلاً صامتاً، وكأنها فاجأته باعترافها هذا ، لكن بالرغم من ذلك، استدار كاين بخفة وسرعة ،معطياً كل انتباهه الى مهمة الإبحار والقيادة، قال باقتضاب:
- أنا آسف لأنني خذلتك.
جنحت شانون بعيداً عن كاين باتجاه الدرج، عبرت من خلال الأبواب الى داخل الصالون حيث ارتمت بتثاقل وملل على احد المقاعد الجلدية، اعتذر منها كاين لأنه خذلها، حسناً! هي أيضاً تشعر بالأسف لذلك، لطالما قدرته وحسدته على صراحته وإخلاصه المتمثلين برفضه لأن يكون غير الرجل الذي هو عليه، والآن خذلها بالفعل حتى أعماقها ، إذ اكتشفت انه كأي رجل آخر عرفته في حياتها ، لماذا تراها شعرت بالخيبة؟ سألت شانون نفسها بمرارة، بالطبع هذه المشاعر التي أثارها فيها كاين هي بقايا الافتتان المؤلم العنيف الذي تشعر به نحوه، حسناً! الأمر برمته مجرد انجذاب بدائي ليس إلا.
قررت شانون أن الأمر ليس بتلك الأهمية، اطبقت أسنانها على بعضها ، لأنه أوضح الأمر لها من دون تردد وإحراج:أنه ليس معجباً بها! بنظره شانون مجرد فتاة غنية مدللة ومستهترة، تقاضى أجراً كي يرجعها الى حيث يعتقد انها تنتمي، من دون معرفة أي شيء عنها،وعن سبب تصرفاتها ،وعن أفكارها وآمالها واحلامها.
حسناًّ! استمر في سخريتك كاين فالكونر!إنك لا تعرف شيئاً عني،ولن تفعل ايضاً! اصرّت على ذلك بازدراء، متراجعة خلف جدار حصانتها الذاتية الذي بنته حول نفسها، إذا كنت تريد ان تظن الأسوأ عني فافعل!
ألقى كاين نظرة الى الخلف حين اندفعت شانون مبتعدة بعنف ، لذا لم يفته ان يلاحظ تلك النظرة المنكمشة التي ظهرت على وجهها ، قالت إنها تعتقد انه مختلف عن الآخرين، الأمر الذي فاجأه بقوة، لكنه تفاجأ ايضاً بأنه سُر لسماعها تقول ذلك، لطالما اعتقد ان رأيها فيه ليس جيداً، والآن بعد ان استثنته من المنزلة التي كانت تضعه فيها شعر فجأة انه حقير بامتياز، هو لم يتهمها لأن الجميع يفعلون ذلك، إذ ليس من طبيعته ان يستمع الى الثرثرة أو ان يتبع التيار، بل لأنه كأي شخص آخر يتمتع بحس المنطق.
-------------------------------
استطاع ان يرى الطريق التي تسلكها شانون، وهو لايستطيع ان ينكر ان ذلك الأسلوب المجنون الذي تعتمده لا يعجبه، لكن حتى النساء لو الرجال الذين يتعرضون لأكبر درجة من الانتقاد، يستحقون ان يجدوا من يستمع اليهم، اما شانون فلم بسمح لها بذلك، هذا ماأقر به كاين بمرارة، لربما كا ن عليه ان يتركها هناك بدلاً من جعلها ترى الأمور على طريقته الخاصة، فيما هي مصرة إصراراً قاطعاً على رفض ذلك ، لكن لو فعل ذلك ، ثم حصل لها مكروه ما....
نفض الفكرة عن ذهنه، آملاً ألا يشعر انه متورط الى حد لا يستطيع الخروج منه.
كانت محقة حين اتهمته بأن بوفيير أغواء باتفاق جذاب إلا أن رفضه لذلك الإغواء ليس لصالحه او لصالح الشركة، إذا عرفت شانون حقاً ما عرضه عليه والدها مقابل ان يعيدها الى المنزل، فعلى الارجح أنها ستخاطر بالعودة سباحة الى البر.
فيما كان كاين يتفحص البوصلة ويقدر المسافة حتى إرساء اليخت، تساءل إذا كانت شانون قد صدقته حين قال إنه قلق بشأنها، تساءل أيضاً ان كان صادقاً تماماً مع نفسه ، في ادعائه الاهتمام بصحتها وسلامتها كسب رئيسي لإبقائها معه.
منذ اليوم الأول الذي رآها فيه ، حيت دخلت الى مكتب ابيها بعنف قبل خمس سنين حركت شانون كل غريزة كامنة في أعماقه: القلق، الغضب، الرغبة بالحماية..ناهيك عن مشاعر بدائية محضة.
فكر كاين مع شعور بالخيبة، انها بالرغم من صغر سنها في ذلك الوقت ، وبالرغم من الغضب الذي صبته عليه كما في المرة الأخيرة حين نعتته بالخائن، فقد استطاعت شانون ان تؤثر عليه كما لم تفعل أي امرأة التقى بها من قبل.
راح كايت يشق طريق المركب نحو الغسق الداهم، كيف تراه بحق السماء يصرّ على إعادة هذا الشيء الى كان، برفقة شانون، فيما هو يرغب في معانقتها كل مرة ينظر اليها ، حتى وهي ترتدي تلك الثياب البالية! .
حين نزل الى الأسفل حاملاً معه كوباً من الشاي ووجدها مستلقية على ذاك السرير الكبير، وشعرها الأشقر متناثراً على الوسادة، امتلأ ذهنه بأفكار تشبه أي شيء ماعدا النفور منها، ومثلما كان الحال في الماضي، فإن شعوره بالانجذاب نحوها ظل يعذبه، وجد كاين نفسه يحسد كل رجل يتقرب منها ، ويرغب لو انه هو من تهمس باسمه بذلك الصوت اللطيف، وهو من تتألق هاتان العينان الزرقاوان بالبهحة العارمة لرؤيته.
- ماالذي حدث لراكبك الأخير؟
- ماذا؟
استدار كاين الى الجانب الآخر بسرعة كبيرة ، فكاد الكوب الموضوع بجانب لوحة التحكم يطير عالياً.
كررت شانون:
- راكبك الأخير، الشخص الذي ساعدك لتبحر في المرة الأخيرة ، ماالذي حدث له؟
- لم يحصل أي شيء.
نظرت الى يديه السمراوين اللتين تثبتان الكوب، وادركت من خلال التوتر المألوف وغير المرحب به الذي انتابها، انهما يدان خبيرتان بالسيطرة على ماهو أقوى من يخت في قلب المحيط...
أضاف كاين:
- نزلت في برشلونة.
- أهي امرأة؟
تلك المعلومة جعلت شانون تهز رأسها يميناً ويساراً، بعد ان قالت لنفسها ان ليس من شأنها التدخل بمن يصطحب معه على متن المركب، سألته بنبرة حادة:
- لماذا ؟ هل ضاقت ذرعاً بتنمرك؟
- لا!
أرسلت نبرة التأكيد في صوته موجة من العاطفة في داخلها ، سألته في المقابل:
- من هي تلك المرأة ؟ أهي حبيبتك؟
ظهرت التسلية على كاين، لاسيما وهو يحرك فمه، قبل ان يدير وجهه نحو لوحة التحكم؟.
-------------------------------
راحت تتخيل ساعات المرح اللامتناهية التي قضتها معه تلك المرأة في جناحه الرئيسي الخاص ، الذي يصل اليه عبر الدرج الذي لمحته داخل الصالون، فكرت باندفاع سريع، ان هذا هو السبب الذي جعله يخبرها منذ البداية انه ليس مهتماً بها...
- هل أنت جائعة؟.
حدقت شانون بأضواء المركب التي انعكست على المحيط المظلم،وهي تضع يديها الاثنتين في جيبي سروالها الخلفيين، وقالت بتمرد:
- وهل تتصور أنني سأتناول الطعام معك؟
لم يشح كاين بنظاريه عن مسار المركب ، قال ببرودة:
- كما تريدين.
ثم اضاف:
- لكن الطريق طويل الى كان.
تثاقلت خطوات شانون وهي تتجه الى الأسفل، ماالذي يفترض بها ان تفعله؟ تساءلت بغضب واستياء، ليس باستطاعتها ان تجلس هنا وتتذمر ، فيما هو يبحر بها نحو الريفييرا الفرنسية.
اخيراً قررت ان تتناول الطعام ، بينما تفكر في خطة اخرى، صعدت ببطء الدرج المغطى بالسجاد المؤدي الى المطبخ.
أخذت تفتح الخزائن ثم تغلقها بعنف، متمتمة بعبارات تظهر رفضها بأن تقوم بأي شيء بالرغم من اراداتها، بعد ان وجدت في البراد بعض الوجبات الملائمة التي هي بحاجة الى التسخين ،وضعت احد الأطباق في المايكروف، تركت شانون الوجبة تسخن، وخرجت مجدداً الى الطابق العلوي للمركب، كادت تصطدم بكاين ، فيما هو يتخطى الدرج واثباً من السطح.
حل الظلام الآن وغابت الشمس ليحل مكانها القمر المكتمل الكبير، الذي ارسل اشعة فضية لامست حدود الأمواج.
- ربما فاتك مسألة...
قطعت شانون كلامها ، وهي تستنشق الهواء، فقد بدا كاين جسيماً جداً ، ومهيباً جداً في ظل الجو الحميم المسيطر، تابعت بعد قليل:
- .......ماذا يفترض بي فعله بالنسبة الى الثياب؟
بما ان وجهه كان في الظلام استطاعت شانون ان تشعر بالمتعة لرؤية زوايتي فمه، فيما اشار اليها ان تدخل مجدداً ، ثم لحقها.
- أنا متأكد ان هناك بعض الثياب التي قد تلائمك في إحدى خزائن حجرتك.
تشدق كاين بكلامه ،وهي يضيء أنوار الصالون قبل ان يختفي عند اسفل الدرج، كي يتفحص شيئاً على الأرجح في غرفة المحرك.
مامعنى ذلك، تساءلت شانون بفضول.
- إذا كنت تظن انني سأرتدي فضلات ثياب صديقتك فأنت مخطئ تماماً.
تنشقت شانون نفساً عميقاً وهي تشعر بالإهانة، فيما عاد كاين الى الأعلى مجدداً، تساءلت شانون عن مدى جدية العلاقة مابينه وبين تلك المرأة لتترك أغراضها على متن المركب، وكأنها توقعت ان تعود ...
- حسناً! عليك أن تتخلصي من الثياب التي ترتدينها الآن عاجلاً ام آجلاً، وإذا كنت لا تمانعين بالبديل...
وبالرغم من قوله إنه ليس مهتماً بها، راحت عيناه تجولان على طول قامتها النحيلة ،كأنه....
ثم اكمل:
- .....فمن المؤكد انني لا امانع ايضاً.
شعرت شانون بالدم يفور في جسمها حتى يغمر خديها ، ارتاحت حين عبقت في الجو رائحة الجبنة، ماجعل كاين يستنشق الهواء ويقول:
- هممممم...يالها من رائحة شهية!
وجدت شانون متعة ما في إجابته:
- هذا هو عشائي.
ثم تابعت:
- إذا كنت تظن انني سأطهو لك ، بعد ان تجرأت وخدعتني لتأتي بي الى هنا بالرغم عن إرادتي، فسوف تصاب بالاحباط الشديد!
- يالك من امرأة جرئية، أليس كذلك؟ لطالما اعتقدت ذلك، لكنني الآن فحسب ادركت مدى صحته.
- ماالذي طلب منك ان تفعله في هذه المرحلة؟ ان تجعلني اعتاد على نمط حياة معي؟.
- آه! هذا قد يجعل منها رحلة مشوقة.
---------------------------------
توترت شانون فيما اقترب منها والتقط خصلة شعر ذهبية ، ثم اخذ يلفها بوقاحة حول سبابته ويسحبها برفق، جمدت شانون في مكانها فهذا كل مااستطاعت فعله حتى لا تميل نحوه، قال لها كاين:
- لا تقلقي!ان ترويض نساء سريعات الغضب ليست وسيلة لاستجلاب المرح برأيي، بالرغم من انني لطالما اعتقدت ان توبيخاً قاسياً لن تؤذيك ابداً.
لم تدرك شانون انها صفعته حتى شعرت بوخز مؤلم في يدها، بعدئذٍ حدقت مرتعبة بخده المحتقن.
- أعلمك انني بلغت الثانية والعشرين من عمري وان الطريقة التي اقود بها حياتي ليست لها أي علاقة بك بأي شكل من الأشكال...
تنسقت شانون نفساً مرتجفاً، وما إن صارت قادرة على التكلم مجدداً، أردفت :
-.....أو بأي شخص آخر.
أطبق فكيه بإحكام فيما راح صدره يعلو ويهبط، قبِل ماقالته له، وهو يحبس انفاسه:
- حسناً ربما استحق هذا.
ثم تابع قائلاً:
- لكن دعينا نوضح امراً ما ، لم انو ان اخدعك لتأتي معي على متن المركب، ولم اكن انوي ان آتي بدوري بل كانت هذه فكرتي المؤقتة كملاذ آمن ختى تهدأ تلك الفوضى هناك...
ثم أردف وهو يرفع ذقنه:
- ماكنت لأختار ان اتحمل مسؤولية قضاء وقت مع فتاة همجية في هذا الرحلة، لو لم تفرض الظروف ذلك.
- أتعني صحتي مثلاً؟
ردت عليه شانون بسرعة، لأنه كان قد خطأ الى الخارج متجهاً عبر درج الشرفة مجدداً.
قال كاين حين رآها تتبعه:
- أنت محقة، مثل صحتك!.
- يالك من شهم!
لم تستطع شانون ان تتجنب تلك السخرية،وهي بداخلها تتحرق ألماً وشوقاً لتسمعه يتفوه بكلمة لطيفة.
- لا! الأمر كذلك، كل مافي الأمر ان الوقت داهمني.
أصّر كاين على قول ذلك، وهو يعود الى موقعه القديم المقود، ثم اردف :
- وعدت ان اصل الى كان مع هذا المركب نهار الخميس ، وانا حريص على ذلك، إذا لم أقدر أن اقنعك ان تفكري بالطريقة الصحيحة والمنطقية حتى ذلك الوقت ، وإذا رأيت انك بحالة جيدة فسوف أعيدك الى برشلونة.
- رائع!.
كانت أشعة القمر تتموج باللون الذهبي على شعر شانون ، فيما وقفت هناك بجانبه، ويداها مرتاحتان فوق وركيها ، علقت قائلة:
- أهذا ما يجعل من خطفي أمراً مبرراً؟
تابع سيطرته على المركب قائلاً:
- تروبيز هي محطتنا الأولى، إذا كنت تريدين ثياباً ، أنا واثق ان المتاجر هناك يمكنها ان ترضي ذوقك الرفيع.
ملاحظة مزعجة ساخرة اخرى، يوجهها كاين الى الفتاة التي ظنها إياها ، إلا شانون بوفيير الحقيقية...
حسناً، سوف تريه!
- ارجوك! لا تزعج نفسك بشأن ذوقي أو صحتي ياحضرة السيد كاين الجليل، ياكاين فالكونر المبجل لأن لدي أخباراً لك! في اللحظة التي تطأ فيها أقداماً اليابسة، لن أنتظر إذنك ، سأترجل لأستقل متن أول طائرة متجهة الى برشلونة.
كانت تلك كلمات غبية، سخرت شانون من نفسها، لأنها لا تملك المال لتستقل حافلة، فكيف بشراء بطاقة سفر بالطائرة؟حقيقة عدم تمتعها بصحة جيدة لأسابيع خلت ، بالإضافة الى عدم قدرتها على العمل ادت الى تقليص مداخرتها، وماتبقى منها يفترض ان يسد الديون التي ترتبت عليها من دون علمها وإرادتها ، إلا ان كبرياءها لن تسمح لها بأن تقول هذا لكاين ، أو أن تدعه يعرف بالحالة المالية المزرية التي وصلت إليها، وان تخاطر وتدع رانولف بوفيير يدرك انه كان محقاً، ، وبأنها لا تستطيع تدبير امورها بنفسها.
------------------------------
- هذا حقك الشرعي.
قال كاين ذلك رداً على ماقالته بشأن عودتها حين تسمح لها الفرصة الأولى، اكمل:
- لكن إذا فعلت ، فأي ابنة تكونين؟.
كانت شانون قد سارت مبتعدة عنه، إلا كلماته تلك صدمتها في الصميم، فتوقفت عن السير، بالطبع! هذه هي وسيلة الضغط التي يستخدمها ضدها منذ البداية: الشعور بالذنب.
أوضح كاين وكأنه يقرأ افكارها:
- والدك قلق عليك.
أضاف:
- إنه قلق لأنك لا تهتمين بنفسك،وبالرغم من أنني أميل الى قبول الأمر..
قام كاين بتمسيد خده بطريقة جدية ، ثم اردف:
- ........أرى انك تستطعين بطريقة ما الاعتناء بنفسك.
قالت شانون:
- يظن أبي ان المرأة غير قادرة على تحقيق أي شيء اذا لم يكن هناك رجل يدير حياتها.
- وأنتِ تنوين ان تبرهني له العكس؟
- ماالخطأ في ذلك؟
- لا شيء، ثمة طريقة صحيحة...
توقف كاين فجأة عن الكلام، حين سُمع مايشبه انفجار صادر من جهة المطبخ.
- ماهذا بحق ...؟
- آه..لا!
خرجت الكلمات منهما في الوقت عينه، فأخذت شانون تحث خطاها باتجاه اللازانيا التي غفلت عنها.
بدا باب المايكرويف الزجاجي ملطخاً بمواد لزجة، هذا مالاحظته حين وصلت الى المطبخ خائبة الأمل ، ظهر كاين من ورائها وأسرع كي يطفئ الجهاز قبل ان تستطيع شانون القيام بذلك، تشدق قائلاً:
- يبدو ان عشاءك كان لديه أفكار اخرى.
قام بالضغط برشاقة على الزر كي يفتح الباب.
نصحها كاين ببرودة مستخدماً ممسحة ليزيل البخار واللطخات التي بقيت على الصحن البلاستيكي:
- لربما عليك ان تدعيني أقوم بالطهو بنفسي في المرة القادمة.
ثم أضاف :
- نسيت ان ذلك امراً لم تعتادي القيام به، أليس كذلك؟
بدت نبرته ساخرة وخفيضة.
- مع وجود الخدم ، بالكاد أفعل!.
ردت شانون عليه بعنف، بعد ان لذعها رأيه الوحشي:
- هذا إذا كنت تظن ان التخلي عن طفلة لتتنتقل بين المدارس الداخلية والفنادق،وهي حزينة على فقدان امها بالنشأة المترفة.
فكرت شانون بذلك بحزن شديد، ثم أضافت:
- وسائل الراحة التي نشأت عليها لا يدخل ضمنها إعداد المرء الطعام لنفسه!
في بعض الاحيان ، لم تتوفر لها حتى المياه، ناهيك عن حوض للاستحمام أو حتى سقف تنام تحته احياناً ، هذا إذا تجاهلت القماش الوسخ للشاحنة التي يعود تاريخها الى عشرين مضت ، هذا ما أخذت شانون تفكر فيه، لكنها لن تخبر كاين بذلك بالطبع.
----------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:30 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4-إياك وكبريائي!
شعرت شانون أنها تتضور جوعاً، هذا ماادركته، وهي تطرح الكتاب جانباً، تزحلقت عن السرير متسائلة إذا ماكان كاين قد استطاع ان ينظف الفوضى التي سببتها في المطبخ.
منذ بعض الوقت شعرت بالمركب يرسو وكل ماتسمعه الآن هو حركته اللطيفة ، وهو يتهادى على المياه الهادئة، نزلت الى الأسفل في وقت مبكر كي تترك له المجال ليبقى وحيداً، مقررة انه يستحق ان يقوم بالتنظيف بمفرده بعد ان خطفها من دون موافقتها، والآن تمنت لو انها احضرت وجبة معها الى الاسفل بعد ان رفضت عرضه بأن يطهو شيئاً لها، كررت بحدة :
- لا اريد شيئاً منك.
وأضافت :
- ساتناول طعاماً بارداً.
كانت قد رأت بعض انواع الجبنة في قسم الألبان والأجبان في البراد، اردفت:
- سوف أتناولها في حجرتي ، بمفردي.
هز كاين كتفيه وقال مجدداً:
- افعلي ماتشائين.
وكأن هذا لا يشكل أي فرق بالنسبة له.
والآن ، وهي تنقب في خزانة الثياب وجدت ملابس نسائية، هي عبارة عن سترة بحرية بدون كمين وسروال مقصوص، لم تجد الكثير غيرها سوى بعض ثياب النوم.
لعل صديقته لم تكن تحتاج الى الكثير من الثياب! هذا ما أخذت شانون تفكر به، قررت أن السترة البحرية على الأقل قد تكون ذات فائدة، سندت شعرها بسرعة وبعنف من دون أن تزعج نفسها حتى ان تنظر في المرآة، ثم توجهت مجدداً نحو المطبخ.
كان كاين يقف بجانب الفرن يطهو وجبته الخاصة ويسكب الكريما فوق طعام يعبق برائحة شهية من مقلاة صغيرة.
شعرت شانون به ينظر نحوها فيما صعدت ، لكنها تجاهلته وأكملت سيرها باتجاه الصالون ثم إلى الهواء البارد الطلق على سطح المركب.
هناك رأت طاولة حُضرت لشخصين ،إذاً كاين يتوقع ان تأكل معه، ان تشاركه عشاءه!
استدارت شانون حول الطاولة متوقفة عند أعلى الدرج، ادركت برجفة خفيفة غريبة ان ذلك هو الدرج الذي استخدمه كاين وهو يحملها الى الحجرة.
رسى المركب في بقعة مضاءة بنور القمر اكثر ارتفاعاً الآن ، اما النسيم العليل البارد القادم من جهة الشاطئ فأنعش حواسها ، وجلا افكارها ، تساءلت أين تراهما الآن؟ أهما على الحدود الفرنسية الإسبانية؟ إنها ليست متأكدة، لكنها بالطبع لن تسأل كاين.
دغدغت رائحة الطعام انفها بقوة، هل يتعمد كاين ان يغريها بتناول العشاء معه؟ في اللحظة التي قررت فيها العودة الى الداخل، خرج كاين الى السطح مجدداً ، وضع الاطباق التي يحملها على الطاولة ، وقال لها :
- تعالي لتتناولي الطعام.
- لا!
لم يحاول إقناعها بالأمر ، بغضب متزايد سمعت شانون حركاته الكثيرة المرتاحة خلفها، طيلة ذلك الوقت بقيت الرائحة الشهية تعذب أنفها، قال كاين:
- همممم..إنه لذيذ!
استدارت شانون،وحدقت به ، كان كاين منغمساً في تناول وجبته.استطاعت ان تتخيل مذاق تلك النكهات المتنوعة، والزيت الذي استخدمه للطهو، امرها كبرياؤها ان تذهب الى الداخل ، وتتركه مع عشائه الفاخر الأنيق، إلا أن معدتها راحت تتوسل اليها ،وقد نجحت معدتها في طلب مرادها.
------------------------------
جلست على احد الكراسي في الجهة المقابلة من الطاولة ، فتناولت سكينها وشوكتها، ثم قطعت شريحة اللحم، اغمضت عينيها متلذذة بالطعام الذي هو أشبه بطعام الجنة.
- أليس شهياً ومتقناً؟
أبدى كاين تقديره ،وكأنه دعاها الى تذوقه، لأنها حسدته عليه، وانتزعته بالقوة عن طاولته، لكنه لم يضف أي تعليق آخر ،ماجعلها تشعر بالامتنان.
أضاف بعد قليل:
- لا تنسي دواءك، هل عليك تناوله قبل الطعام أم بعده؟.
سوف اتناوله بعد الطعام.
لاحظت شانون من خلال الأضواء الباهتة المنبعثة من السقف مسحة رضى على شفتيه، ربما بسبب اندفاعها من كل قلبها لتناول تلك الوجبة ، سألها:
- لِم تتناولين دواء مضاداً للجراثيم؟ ماسبب مشكلتك المعوية؟
تناول شوكته، ثم اردف :
- ربما لا يجدر بي ان أسأل؟
- يمكنك أن تسأل.
أجابت شانون باختصار،وهي تشعر بزخز من جراء تلك النظرة الراضية التي ظهرت في عينيه، بعد دقيقة واحدة قالت :
- كنت بعيدة عن المنزل،والتقطت عدوى ، فعدت ادراجي.
هي ليست مستعدة اتخبره كيف اصيبت بالعدوى او مدى شدة الإصابة ، فذلك الجزء من حياتها شخصي جداً،وهي لن تفصح عنه لشخص رضي بأن يتقاضى اجراً كي يعيدها الى منزلها بالرغم عنها!
لم يصرّ كاين على الموضوع، جلس باسترخاء على المقعد المنجد، وأخذ يتمعن في ملامح وجه شانون اللطيفة ، والبريق الخافت لشعرها الذي بدى جذاباً بلونه الذهبي الذي تنعكس عليه اشعة القمر.
- كيف يمكن لزهرة إنكليزية نموذجية مثلك ان تتدبر امرها فيما تحمل اسم عائلة مثل بوفيير؟
نظرته الباردة تلك جعلت نبضاتها تتسارع بجنون، اصيبت بالخيبة بسبب تأثيره القوي فيها، إنها لا تريد أن تجلس هناك ، وتتحدث معه متظاهرة ان كل شيء على مايرام ، في حين ان الأمور ليست كذلك، ردت عليه بحدة:
- ظننت امك وأبي صديقان مقربان ، فلِم لا تسأله؟
سوى كاين جلسته وقست ملامح وجهه ثم قال:
- إنني أسألك انت!.
- كان لي جد فرنسي.
بدأت شانون تقول له هذا قبل ان تستطيع منع نفسها .
- مامعنى هذا؟ أتعنين أنك قضيت بعض العطل في أيام طفولتك في فرنسا؟
- الكثير من العطل...
أضافت:
- ليس في فرنسا تحديداً ، ولا حتى مع جدي.
بل مع أي من الموظفين العاملين لصالح رانولف، أي موظف يستطيع ان يقنعه بأن يتقاضى مبلغاً معيناً من المال كي يرافقها ، اردفت :
- لم أتعرف عليه، فقد توفي قبل أن أولد .
- أنا آسف.
- لا داعي لذلك.
هزت شانون كتفيها قليلاً، وهي تفتت قطع الخبز التي تناولتها من السلة ، اردفت:
- مانحرم منه كلياً ، لا نفتقده ابداً.
- ألا تفتقديه؟
رأته يعبس ، هل لاحظ التبرة الخائنة في صوتها؟ أكمل:
- لم اعرف جديّ ايضاً ، لكنني لا اكف عن الشعور بأنني حرمت من التعرف عليهما، انا لم اتزوج وأستقر أونجب الأولاد حتى الآن لكنني إذا لم افعل يوماً فسوف أشعر ان الكثير فاتني.
فاجأها اعترافه، لم تتوقع قط انه من النوع الذي يحب العائلة ، قالت شانون بسرعة:
- قد يكون الأطفال مصدر إزعاج كبير.
وتابعت:
- ماعليك إلا أن تسأل ابي.
--------------------------------
وقبل ان تستطيع منع نفسها من الكلام، أضافت ساخرة :
- آه! نسيت لقد سألته ، أليس كذلك؟
كسر الصمت المفاجئ صوت امواج البحر المتلاطمة برفق. قال كاين:
- لا تظني...انني أمضي الوقت كله مع رانولف بالحديث عنك!
- ألم يكن يفعل ذلك؟
بالطبع لا! فكرت شانون، مدركة انها ارادت تقريباً ان تصدق بأنه يفعل، لكنها ليست ذات أهمية، لتكون اكثر من فكرة عابرة في ذهن رجل مثل كاين.
قالت بصوت عال:
- بالطبع لا.
وأضافت :
- الوقت من ذهب، كلامك هذا يذكرني بأهيمة الوقت بالنسبة اليك.
إذا كانت شانون بهذه الطريقة تحاول ان تضايقه، فإنه لم يتأثر البتة.
- إذاً هل تقولين إن أولادك سيكونون مصدر إزعاج تام لكِ؟
- بالطبع لا!
بدا جواب شانون حاداً ونهائياً، اردفت :
- سأجعلهم يشعرون أنهم محبوبون! سوف...
توقفت عن كلامها فجأة ، مدركة أنها قد ترتكب خطاً كبيراً إن تحدثت اليه.
- تابعي!
ارادت شانون ان تقول إنها سوف تعطيهم وقتها بأكمله، بلإضافة الى الحب والعاطفة اللذين تفتقدهما في حياتها، بدلاً من ذلك قالت:
- سأعطيهم كل مالم أحظ به.
كانت ملامح كاين محجوبة في الظلال ، فيما نظر اليها بتساؤل، علق قائلاً:
- قد يرى بعض الاشخاص انه ليس بالشيء الكثير.
حسناً! هو على حق، فكرت شانون بمرارة، بهزة بسيطة من رأسها ، صرفت النظر عن الموضوع، فقالت :
- لن تفهم ابداً.
وضع كاين سكينه وشوكته جانباً، وتقدم ليضع مرفقيه على الطاولة، ثم رد بصوت خفيض:
- جرّبيني!.
رفعت شانون كوبها ، واجابت :
- كم لديك من الوقت؟.
- الليل كله إذا أردتِ.
استطاعت ان تتخيل التلميح المبطن وراء تعليقه هذا، بالرغم ذلك ، فاجأها بطريقة لم تتوقعها ، فلم تلجم نفسها عن الكلام .
أطلقت للسانها العنان ، اخبرته عن طفولتها ، عن فقدانها لأمها التي احبتها حباً جماً، والتي كانت تصغر رانولف كثيراً في السن، ثم فقدان جدتها خلال ستة اشهر، وعن المدارس والاشخاص المأجورين الذين كانوا يعتنون بها في غياب اهلها.
بدت نبرتها مصبوغة بالسخرية ، فيما راح كاين يطرح الاسئلة ويتحقق من اخبارها ، ويسبر غور كلماتها ، ويصغي بانتباه، تذكرت شانون الليالي التي قضتها مستيقظة حتى منتصف الليل متخيلة انها تتكلم معه بهذه الطريقة، وتستحوذ على كامل انتباهه، حين كانت في الثامنة عشرة من عمرها راحت تتخيل...
ادركت المسار الذي اتخذته افكارها، فشعرت بالرعب، وارتجف صوتها،هي تسأل:
- ماذا عنك؟
- ماذا عني؟.
- ماهي خلفيتك ؟ بالإضافة الى فقدانك لجديك، هل هناك اسرار غير حميدة عن ماضيك، ام انك كنت دائماً الشخص المثالي؟
ارتفع حاجب كاين من جراء ذلك التعليق الساخر، لكنه اختار ان يتجاهله ، قال بلطف:
- أنا آسف لأنني سأخيب آمالك، لا! مامن أسرار من ذلك النوع ، نشأت في مجتمع من الطبقة الوسطى، وارتدت المدارس العادية، ثم الجامعة، أما بالنسبة للباقي..
ثم سألها:
- هل أنتِ مهتمة بمعرفة المزيد؟
- لا.
أجابت شانون بسرعة، بالرغم من انها مهتمة جداً، حسبما ادركت في داخلها، في الواقع رغبت في معرفة كل شيء عنه، كل مافعله منذ ان ترك بوفيير.
----------------------------------
أرادت ان تعرف ايضاً عن المرأة التي اتى بها الى هنا لترافقه وتشاركه سريره، كررت شانون قائلة:
- لا.
ثم اضافت:
- لكن بما أن لا شيء آخر تفعله....
سألها كاين بسخرية:
- ماالذي تفضلين أن نفعله، شانون؟.
التقت عيونهما، وتجمدت نظراتهما، فجفت حنجرة شانون ، ياللهّ لم يطرح مثل هذه الاسئلة بذلك الصوت العميق الأجش، كما لو انها حبيبته؟
نفضت شانون افكارها بسرعة، اوضح كاين انه لا يهتم بها الآن اكثر مما كان يفعل وهي في السابعة عشرة من عمرها، في حين ان كل رجل يلتقي بها من عمر السادسة عشرة حتى الستين ، يتمنى لو انه يتقرب منها ، ويغويها ..باستثناء كاين.
- أريد أن اخلد الى النوم.
وقفت شانون بسرعة، فاصطدمت ركبتها بالطاولة عن طريق الخطأ، الأمر الذي جعل الكوبان يهتزان.
بالرغم من عدم شعوره بأي حرج منها ، وقف كاين ايضاً، وقال بصوت خفيض:
- أظن ان كلينا بحاجة الى النوم.
ابتلعت شانون ريقها، بدت عالقة في شرك جاذبيته الخطيرة الفاتنة.امتلأ الجو بينهما بشحنات كهربائية، فكرت ان ذلك ليس مجرد تأثير بريق عينيه، فهو لا يقصد التأثير فيها بالتأكيد ، السبب هو انجذابها المميت تجهه، تجرأت على الاعتراف بذلك، إذ لم تجد تفسيراً آخر لما تشعر به.
- لا، ليس معاً.
أعلن كاين ذلك، وكأنه قرأ أفكارها ، أضاف:
- أنا متأكد تماماً ان معظم الرجال قد يفعلون كل مابوسعهم ويستسلمون لمفاتنك الساحرة قبل ان ينبذوك مثلما ورد في صحيفة الأمس، لكنني واحداً منهم ، أتساءل كيف ينجون؟.
- هم لا ينجون.
بدت كلماتها مثل صرخة مريرة منبعثة من صميم قلبها، تابعت تقول:
- أنا أفسد عليهم حياتعم، ألا تذكر؟
من يظن كاين نفسه، لؤنبها ويذكرها بالتصرف الأخلاقي الشهم؟.
أضافت شانون :
- من الطريقة التي لا تكف عن استخدامها لتخبرني عن مدى قوة مناعتك ، بدأت أتساءل، كاين فالكونر...
قبل ان تبتعد عنه فجأة ثار غضبها ، فتفوهت بالكلمات كطعنة اخيرة:
- ..لماذا بات السيد النبيل الشهم كثير التذمر!
كانت الدموع قد ملأت مقلتيها حين وصلت الى حجرتها.
فيما راقبها تغادر ، راح كاين يؤنب نفسه حنقاً، قمت بإفساد كل شيء فالكونر! شتم نفسه ساخطاً، لِم بحق السماء عليه ان يثير غضبها بهذه الطريقة؟ إنه يجهل السبب، أو لربما لا يفعل، إلا أنه لا يريد أن يعترف به.
الأمر غاية في البساطة، إنه يعشق تلك الفتاة ويريدها في حياته، لكن من جهة اخرى هو لايصدق ان اي رجل يستطيع ان يقترب منها من دون ان يصاب بأي أذى.
تذكر صورة جايسون مركام في إحدى المحلات مع زوجته المحببة، تذكر الكلمات التي استخدمها الرجل ليبرر علاقته مع شانون بوفيير:
- لقد سحرتني!
تذكر مدى فعالية الطعنة التي وجهتها الى قلب كبريائه الهشة، حين سخرت من حاجته المتواصلة الى نكران تأثيرها عليه ، حسناً! عليه ان يستمر في النكران، وان يرفض السماح لهذه الفتاة بأن تهزمه مهما بدت جذابة، بالرغم من كل شيء، شانون لا تزال فتاة يافعة ، يافعة جداً لتشعر بدرجة المرارة التي تضمرها.
افترض كاين ان جايسون لم يكن مجرد حبيب خائن، وان الصحافة لم تكن هي المسؤولة عن الموضوع ، شانون ليست من النوع الذي يفصح عن تفاصيل حياته، لكن من خلال ماقالته له تبين انها واجهت المتاعب في المسائل التي تتعلق بعلاقاتها ، خمن كاين من تلقاء نفسه، أن رانولف بوفيير ليس ذلك الأكثر تفهماً وعطفاً في العالم!
لم تثق ابنته بأي شخص، لاسيما الرجال ، ومن المستحيل ان يقوم كاين فالكونر بشيء يعزز رأيها هذا.
----------------------------------
لم تكن شانون متأكدة ماالذي ازعجها،لكن الضوء الذي يتسلل من خلال الستائر، اوحى لها ببداية بزوغ الفجر، سرعان ماسمعت اصوات رش مياه في الخارج، تكورت عدة مرات، الأمر جعلها تندفع من سريرها ، لتتوجه الى نافذة الجهة اليمنى من المركب.
حجبت شانون عينيها، إذ إنها لم تكن قادرة بسبب شعاع الشمس الساطع المنعكس على سطح المياه.
ساد الهدوء على متن المركب ، ماعنى ان كاين لا يزال نائماً في حجرته، انتشلت إحدى المناشف ووضعتها على كتفيها،و توجهت بصمت وبسرعة نحو أعلى المركب من الجهة الخلفية،وتوجهت بصمت وبسرعة نحو أعلى المركب من الجهة الخلفية وهي لا ترتدي سوى ثياب نومها، وبالرغم من أن الوقت مازال مبكراً إلا أن الجو بدا يميل الى الحر تدريجياً.
الخليج الذي اقتربا منه يقع على ساحل مليء بالحصى، وهو على بعد يمكن الوصول اليه سباحة، حسبما قدرت، هذا مالاحظته شانون،و هي تحجب عينيها مجدداً قبل ان تنظر باتجاه البحر.
كانت الشمس تبسط أشعتها الذهبية على سطح المياه، فبدت المياه متلألئة الى حد يؤلم العينين لمجرد النظر اليه، بالكاد كانت هناك موجة صغيرة، غير تلك الأمواج المرتطمة بجسم المركب، فقد بدا الجو هادئاً جداً.
مازالت شانون غير قادرة على تصديق ماأخيل اليها انها سمعته من حجرتها ، قطع شيء ما انساب سطح المياه ، على بعد عشرة امتار ، انه دلفين ذو لون رمادي يقفز بسرعة من أعماق البحر، ثم تبعه آخر شبيهاً به، ثم آخر..شهقت شانون من الدهشة، وراحت تضحك من المفاجأة.
لم تستطع إلا أن تقف وتراقب، فيما اخذت ثلاثة دلافين لماعة ذات خياشيم تشبه شكل تشبة شكل رأس الزجاجة، تغطس واحدة تلو الأخرى ، عائدة الى قلب المواج المتلألئة.
طوال بضع دقائق متتالية، راقبت شانون تلك الدلافين بابتهاج، وهي تظهر فوق سطح الماء، ثم تحتجب عن الأنظار مغمرة بها، فيما حسدتها على حيويتها وقوتها.
أغوتها الحرية وهي تنزل الدرج المؤدي الى منصة السياحة، وقفت هناك وهي تتأملها، خطوة واحدة فقط! فكرت شانون ، وهي تستجمع قواها لتتقدم...خطوة واحدة فقط،وتصبح حرة كالدلافين....
* * *
نام كاين نوماً عميقاً ، لكنه استيقظ من تلقاء نفسه، قبل ان يزعجه منبه الراديو، كانت إذاعة ( وارد سيرفيس) تبث أخباراً عن الكوراث الطبيعية على السواحل البعيدة، كالفيضانات في آسيا، وذوبان الثلج عن جراء الموجة الحرارية الحالية.
ارتدى على وجه السرعة سروالاً قصيراً ،وقميصاً فضفاضة قصيرة الكمين، مرر اصابعه في شعره، ثم أدخل قدميه في خفين مفتوحين، اخيراً توجه الى الأعلى باتجاه المطبخ.
سكب كاين فنجاناً من القهوة لشانون وأخذه الى حجرتها ، فتح الباب حين لم تقم بأي رد فعل لدقاته القوية على الباب.
- شانون!
السرير الفارغ غير المرتب جذب انتباهه.
كيف أمكنها ان تستقيظ وتغادر؟ اخذ كاين يتساءل مقطب الجبين اتراها صعدت الى السطح؟
ترك الفنجان وصحنه على منضدة التزيين ، وراح يتفحص الحجرات الصغيرة الأخرى من كل الجانبين، سرعان ما أنبأه شيء ما ليصعد الدرج عائداً الى الأعلى فوجد نفسه يقفز الدرج المؤدي الى سطح المركب، لم تكن شانون مستلقية حتى على السرير الشمسي، نظرة واحدة من فوق حاجب الرياح الى مقدمة اليخت أظهرت له انها ليست هناك ايضاً.
- شانون!
جال بنظره بحراً وجواً، وبين الشجيرات الخفيضة المنتشرة فوق الشاطئ البعيد المنال..حسناً ! بعيد المنال تقريباً....
اجتاحته موجات من الحر حيناً ومن البرد حيناً آخر، أهذا معقول؟ لا يمكنها ...
! عاد يناديها :
- شانون!
--------------------------------
الرعب هو شعور غريب بالنسبة الى كاين ، لكنه بدأ يشعربه الآن.
أراد أن يؤنب نفسه مجدداً بسبب الكلمات التي تفوه بها ليلة أمس، ناداها مجدداً:
- شانون!
لفتت انتباهه حركة في المياه سرعان ماادرك أنها الدلافين، عد اثنتين منها ...لا بل ثلاثة.
فجأة ، حالما تقدم كاين أكثر ، لمح الوجه المائل الى الإصفرار والأطراف الملساء تخترق المياه.
تلك الفتاة الغبية تسبح مع الدلافين! ادرك كاين هذا ، فأرخى كتفيه، وعاد مسرعاً الى أرض المركب، بينما كانت شانون تسحب نفسها مجدداً الى متن المركب.
بدأ الارتياح الذي غمره إثر رؤية شانون هناك على السطح يتبدد في ظل شعور الصدمة الذي زعزعه في الصميم.
وقفت شانون فوق المنصة السباحة مرتدية ثياب نومها المبللة تماماً بالمياه ، بدت كحورية البحر ، فاتنة مثلها تماماً، حالما وقفت على رجليها أخذت المياه ترشح من ثيابها الملتصقة بجسدها، فيما كان شعرها الأشقر الملتصق برأسها منسدلاً على كتفيها في خصل متلبدة، وجهت نظرها الى الأعلى، ورأت كاين واقفاً هناك على الدرج فوقها.
للحظات بدت له أبدية طال تحديقهما ببعضهما، خُيل لكاين ان شانون اصيبت بالشلل تماماً بسبب وجوده هناك، إلا أن جمال تلك المرأة جعله ينحرف عن مسار الطبيعي، فراحت افكاره تسبح وتسبح، مزلزلة احاسيسه، فيما اخذت عيناه تتأملان قامتها النحيلة المليئة بالجاذبية والفتنة، شعر حينئذ بجسده ينقبض وينبض بتوتر مؤلم، بحق السماء! ماالذي تحاول شانون ان تفعله به؟ احنى كاين ظهره بغضب ليتناول المنشفة الكبيرة التي لاحظها لتوه مطروحة على الأرض، ألم تدرك بالله عليها أنه لحم ودم ايضاً؟
- إليك بها!
رمى اليها المنشفة بقوة اكبر مماتصور، ماجعل شانون تتهاوى الى الخلف وهي تلتقطها، قال:
- لفيها على جسمك بسرعة.
تمسكت شانون بالمنشفة ولفتها على جسدها بعد ان لذعها غضبه كالسوط، كان هذا كل ماتستطيع ان تفعله لتتجنب التلعثم في كلامها ، فيما كانت تقول، وهي تصعد الدرج:
- لِم أنت غاضب الى هذا الحد؟.
تفاجأت شانون بالنبرة اللامبالية التي استطاعت ان تواجهه بها وهو يقف هناك، اضافت:
- هل مناعتك الرهيبة تلك على وشك الانهيار، كاين؟.
همت شانون بأن تمشي من امامه برأس شامخ، إلا أن قوى العالم بأسره لم تكن لتستطيع ان تمنعه من الاقتراب منها وإيقافها، أطلقت صرخة خفيفة حين أمسك بذراعها بقوة،وادارها بغضب كي تواجهه.
- ماالذي تظنين انك تفعلينه؟
استطاع كاين ان يشعر بالنبض يخفق عند صدغيه ، وبحنقه يهدد بإضعاف سيطرته، أضاف:
- أتعلمين ماالذي ظننته حين لم اجدك، وحين ابصرتك في المياه للوهلة الأولى؟
لاحظ كاين ان تلك الهيئة اللامبالية استُبدلت على نحو لافت بشيء هو اشبه ..بماذا؟ الخجل؟ الحذر؟ تساءل كاين متفاجئاً، تابع كاين:
- لِم بحق السماء، لم تخبريني قبل ان تنطلقي؟.
- دعني أذهب!
- لا!
انغرزت اصابعه في ذراعها ، فيما راحت تتململ لتتحرر من قبضته، أصر قائلاً:
- اجيبيني اولاً.
ردت شانون عليه بإجفال ، فخفف كاين الضغط قليلاً:
- ماالذي كنت ستفعله؟ اتمنعني من الذهاب؟
- على الأرجح، او على الأقل كنت لأصر على ألا تسبحي من دون رفقتي.
- لماذا ؟ كي لااصاب بأي أذى؟
--------------------------------
بدا سؤالها هذا عبارة عن سخرية مهينة نابعة من تساؤلها إذا كان يهتم، في حين انه لا يفعل حسبما يبدو واضحاً، ومن تأثرها القوي بجاذبيته الفاتنة الرهيبة، لم يكن قد حلق ذقنه بعد، كما بدا شعره أشعث.
أضافت:
- أم انك ظننت أنني أحاول الهرب؟
علق كاين، وقد صار اكثر قدرة الآن على السيطرة على نفسه:
- لكنت غبية جداً إذا حاولت ذلك.
ثم أضاف:
- وكلانا نعرف أنكِ لستِ كذلك شانون!.
- هل نعرف كلانا بالفعل؟
استطاعت شانون ان تهز كتفيها لتفلت من قبضة يده المفيدة، تابعت:
- ظننت ان العقل هو آخر شيء تعتقد انني املكه!
لاحظت شانون تعبيراً موجعاً صبغ ملامح كاين بعاطفة قوية لم تستطع ان تفسرها ، فيما راحت نظراته تلامس وجهها، ثم تتبع مسار المياه الجارية على كتفيها ، الأمر الذي جعل عمودها الفقري يتصلب ، وانفاسها تتسارع وموجات الحرارة تجتاح كيانها.
أصر كاين، متجاهلاً كلماتها الحادة:
- إنها مخلوقات غير أليفة وخطرة.
بدا صوته أجش من جراء الألم الذي شعر به في معدته بسبب رغبته في ان يمرر يده فوق بشرة وجهها الناعمة كقماش الساتان، كان عليه ان يبقى ذهنه مركزاً على مايقوله، وتمنى أتلاحظ شانون مدى تأثره بها، أضاف:
- يمكنها ان تسبب لك الكدمات.
- يبقى ذلك أقل إيلاماً من الاذى الذي يسببه البشر المتحضرون ، مع الحيوانات انت تعاني من الألم الجسدي فقط.
لاحظ كاين انها مجروحة بعمق، ادرك أنها تتألم من الداخل، لكنه لم يستطع ان يكبت نبرته المستفزة النابغة من خيبته الذاتية، وهو يسأل:
- هل تفعلين دائماً ماتريدين من غير اعتبار للعوائق؟
أهذا مايفكر به حقاً؟
هزت شانون كتفيها واجابت:
- لِم لا؟
وأضافت:
- أنا من الاشخاص القلائل الذين ينفقون الأموال بهدف المتعة فقط، أليس هذا مااتهمتني به ذات مرة ، كاين؟ الحياة لأجل المتعة ليس إلا؟ ماعليك إلا ان تجربها يوماً ما، فقد تحررك قليلاً!
- أتعتقدين أني أحتاج الى بعض التحرر؟
حذرها عقلها ألا تتابع استفزازه بهذه الطريقة، لكن رأيه فيها ناهيك عن كبريائها المنكسرة منعاها من الاستسلام.
- ليس علي أن اعتقد ، فأنا أعلم ذلك! أنت تدينني لما تعتقد أنني عليه، لكنك تشبه أي رجل آخر التقيته في حياتي، بل إنك منافق لأنك تتظاهر بعكس ذلك! انت تتلهف كي تعانقني لكنك لا تتجرأ لأنك تعتبر ذلك إهانة لكبريائك العظيمة، كما انك موظف لدي أبي، ام ... هل يجب علي القول إنك التابع الخانع لديه؟
أرادت شانون ان تقلل من شأنه ،وأن تهينه ، تماماً كما اهانها ، بل كما فعل العالم بأسره، تابعت قذف كلماتها باتجاهه:
- لن تفعل شيئاً يهدد موقعك بنظره، أليس كذلك؟ لاسيما بعد الرحيل ثم العودة اليه مجدداً ، ألا تظن ان مصداقيتك اهتزت؟
استطاعت شانون ان تندفع بسرعة حول الطاولة إلا ان كاين كان سريعاً جداً، أطلقت صرخة ذعر حين أعاق طريقها بجسده.
- إذاً، أنا منافق ومتعلق وتابع خانع لأبيك ، أليس كذلك؟
تكلم كاين بصوت رقيق مهدد، ثم ارتفعت يده لتمسك ذقنها بين إبهامه وسبابته، فيما أردف:
- أتظنين ان عملي لصالح رانولف يمنعني من الحصول على مااريده إذا كنت أود حقاً ان اجرّب؟
ادركت شانون انها هي التي اوصلت الحديث الى ماآل اليه الآن، فوبخت نفسها متمنية لو انها ابقت فمها مقفلاً، حبست انفاسها فيما لامس إبهامه العريض اسفل خدها، اخفضت شانون اهدابها الباهتة كي لا تواجه السخرية التي ظهرت على وجهه.
- اتعتقدين ان لديك مقومات الإغواء شانون؟ هل تعتبرين نفسك في موقع يخولك إعطاء الأوامر دائماً؟ أتعتقدين ان العبث مع الرجال لعبة تمارسينها على هواكِ؟
-----------------------------
لا! ليست كذلك بالطبع، هذا ماصرخ به رأسها بصخب، سيطر عليها خوف وحماس متزايدين، حين اصبحت مدركة تماماً لعبير المسك العابق من جسده،وللقوة القاطعة لجاذبيته الطاغية، بدا هذا الاتصال شراباً مهلكاً اكثر من كل مااختبرته سابقاً.
نظرة لا واعية أظهرت لشانون مدى تأثيرها عليه، الاحمرار الذي صبغ وجنتيه ، فضلاً عن صدره الصاعد بقوة عنا خير دليل على ذلك.
آه! يالك من رابط الجأش، كاين! لكن ليس الى حد لا يقهر، بالرغم من أنها لم تتمكن من ايجاد كلمات مناسبة قادرة على توبيخه.
تنفس كاين ، قائلاً بصوت ناعم ينبيء بالخطر :
- تهانينا، انا كائن بشري بعدكل شيء.
أضاف :
- والآن اذهبي وبدلي الثياب قبل ان انسى كم يجب ان اكون لطيفاً، واريك ماهو العبث الحقيقي مع كائن مفترس!
فرت شانون من المكان وهي تشعر بالإهانة والألم.
------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:31 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:31 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6- ساحرة في ثوب ملاك
وقفت شانون على سطح اليخت ، وهي ترتدي احدى قمصان كاين فوق سروال ضيق وجدته في الخزانة، راحت تعطي كاين التوجيهات بغية ارشاداه، فيما غير اتجاه اليخت بحذر بين المركبين الآخرين الراسيين قبالة الرصيف، عندما امرها كاين ، طوحت شانون المرساة بسرعة نحو الرجل الذي كان ينتظر على الرصيف.
- كيف تستطيع بحق السماء ان ترسو في تروبيز؟
هذا ماسألته شانون لكاين مسبقاً.
- علاقات اجتماعية.
ذلك ماقاله بجفاء فكان عليها ان تكتفي بهذا الجواب..
والآن ، فيما توجه كاين الى موخرة المركب كي يساعد في شد خيوط المرساة، متعت شانون نظرها برشاقة جسده وقوته، بدا لون ساعديه الداكنين مناقضاً للون قميصه البيضاء غير الرسمية التي تعانق سرواله الباهت الانيق.
فجأة نظر كاين الى الأعلى نظرة فضولية وحذرة بعض الشيء، فحولت شانون نظرها بسرعة الى الرجل الكهل الأسمر البشرة الذي كان يساعدهما في شد حبل المرساة.
ارتسمت على محيا هذا الأخير ابتسامة عريضة مشعة ، قابلتها شانون بابتسامة محمسة مماثلة هرباً من سحر كاين المهلك، حين حدقت بكاين مجدداً ، بدا متجهم الوجه، مااثار استغرابها.
يحتفظ منتجع ريفيير ببريقه في كل الأوقات، من يخوته البيضاء اللامعة، وطرق التنزه فيه بمحاذاة الشاطئ، الى الفئة الصفراء المميزة لبرج الساعة التي رأتها شانون من فوق سطوح المباني البيضاء والصفراء، لكن تلألو المياه هو ماحبس انفاسها، فكيف بنقاء البحر والسماء؟ منظر الطبيعة الخلاب اعاد اليها عافيتها قليلاً بعد التأثير القوي لجاذبية كاين عليها، وذلك قبل ان يصعد هذا الأخير الى متن المركب.
--------------------------
علقت شانون موجهة كلامها اليه:
- ياله من نور ساطع جداً، اماالوان الطبيعة فبدت صارخة تماماً.
- لهذا ظل غوغان ، وفان غوغ وغيرهما الكثيرون يأتون الى هنا لسنوات ،لأنهم فتنوا بتلك الروعة ، مثلك تماماً.
على الأرجح ان الرسامين لايزالوان يقصدون المكان، كما فكرت شانون، وهي ترى حاملات اللوحات منتشرة على طول الرصيف، سألها كاين فجأة :
- هل تنظرين الى كل رجل وكأنك تريدينه ان يعانقك؟
سؤاله، جعل رأسها ينتفض الى الجانب الآخر، كما جعل شعرها يتموج متلألئاً على كتفيها.
- ماذا؟.
- هل تظهرين لكل رجل رحابة الصدر نفسها التي أظهرتها لستيفان؟
عبست شانون، بالطبع كاين لا يشير الى الابتسامة البسيطة التي تبادلتها مع ذاك الرجل !
قالت مرتجلة كلماتها :
- لا اعرف عما تتكلم.
- ألا تعرفين حقاً؟
رسم على محياه خطوطاً صارمة،وأكمل:
- لا اصدق انك تفعلين ، هل أنتِ جاهزة؟
شعرت شانون بالارتياح لوصولهما الى الشاطئ ، وهي تتجول على طول الطرقات الضيقة التي تعود الى القرون الوسطى، بمقاهيها والمتاجر النسائية، فجأة شعرت بالسعادة تغمر قلبها ، فوجدت نفسها توافق على اقتراح كاين لتناول القهوة معاً.
تبين ان اختياره هو عبارة عن مقهى صغير بسيط.
- كعكتان بالزبيب من فضلك.
سمعت شانون كاين يعلن عن طلبه عند المنضدة، فيما وجدت لنفسها مقعداً بمحاذاة النافذة، مستمعة اليه وهو يكمل حديثه مع النادلين، فشعرت بالخجل من جراء تمكنه من اللغة، فيما تملك هي تاريخاً فرنسياً!
كان النادلان الشابان يضحكان سوياً على شيء مايقوله، ومن خلال تصرفاتهما، والطريقة التي راحا يرسلان فيها نظرات صريحة باتجاهها، بدا من الواضح انهما يتكلمان عنها.
- أقدر ذوقك.
استطاعت شانون ان تفهم مايقوله احدهما لكاين، فيما أضاف الآخر:
- وهو لا يعني ذوقك بالقهوة فحسب.
بالرغم من ان شانون لم تستطع ان تسمع جواب كاين، إلا ان الدفء غمرها لسماعها رجالاً آخرين يعبرون عن تقديرهم لها امامه.
سألته حين ذهبا الى طاولتهما ليجلسا متواجهين:
- هل تأتي الى هنا في أغلب الأحيان؟
من الواضح ان تلك الزيارة ليست الأولى له الى هذا المقهى.
قال:
- على قدر المرات التي آتي فيها الى تروييز.
- ألست قلقاً من ان يتعرف علي احدهم فتمرغ سمعتك بالتراب؟
ذكرها كاين:
- لم سأشعر بالقلق؟ نحن لسنا حبيبين، أليس كذلك؟
- لحسن الحظ لا!
قالت شانون ذلك شاعرة بالامتنان لأن احد الخدم تقدم الى طاولتهما مصطحباً معه القهوة الى جانب سلة ممتلئة بالمعجنات المحشوة بالزبيب، كان كاين قد طلبها ، وهذا ماششت انتباهه عنها، وعن شعور البؤس السخيف في داخلها، وكأنه سيغلق إذا ماثرثر الناس عن تواجده معها أو إذا ما قالوا أي شيء عنه!
- قدموا لنا اربعة من هذه بدل اثنتين ، يبدو انك سكبت سحراً على هذين النادلين المسّكينين.
أضاف كاين:
- تلقيت مكالمة منذ قليل وفيها دعوة لتناول الغداء.يتوقعوننا عند منتصف النهار.
---------------------------------
- يتوقعوننا؟
استفسرت شانون ، وهي تحاول ان تخفي دهشتها خلف ابتسامة غافلة وجهتها للنادل.
اكد كاين وهو يبدو منزعجاً قليلاً:
- نعم، يتوقعوننا.
رمق الرجل الفرنسي بنظرة استخفاف وأضاف:
- لا اظنك تعتقدين انني سأدعك تسرحين في شارع تروبيز من دون أن ارفقك.
- لِم لا؟
تماوج شعر شانون كالحرير ، فيما هزت رأسها يميناً وشمالاً، وضحكت ، اضافت:
- أتظن انني أحاول إغواء اي رجل التقيه؟
اجاب كاين متجاهلاً ملاحظتها الساخرة:
- ظننت انك ستحبين التغيير الى جانب ذلك، فإن آل كولتانيز هم زبائن ابيك الأقدم، لذا لكِ الحق أكثر مني في ان تتواجدي هناك.
فاجأتها عبارته، فعلى الارجح كان رانولف ليصر على ان تمتع نفسها بالتسوق اثناء اجتماعه ازبائنه، بقدر ما تحرقت شانون شوقاً لتذهب وترى اشخاصاً اخرين وتتكلم معهم، شعرت بالسى لأن كل شيء رتب مسبقاً من دون استشارتها، في الواقع لم يكن لها أي رأي في المجيء الى هنا منذ البداية!
اجابت بصوت ثابت، متفاجئة لشعورها بالخيبة اكثر من الرضى:
- لا يمكنني ذلك، ليس لدي ماأرتديه، لا استطيع تناول الغداء مع احدهم في منزله ،وأنا ارتدي قميصك وفضلات ثياب صديقتك!.
كانت شانون قد لفت كمي القميص حتى مرفقيها عدة مرات ، وعلى قدر ماأحب كاين فكرة تغطية ثيابه لجسدها الناعم الرقيق، على قدر ما كان عليه ان يعترف انها بدت ضائعة في مافضل لجسده الذي يفوقها حجماً باشواط.
أجاب:
- هذه ليست مشكلة.
وأضاف:
- هذا المكان يعج بالمتاجر النسائية، واعتقد ان فتاة مثلك ستجدها مثالية لإنجاز ماتريد.
- إن فتاة مثلي....قد.....
وضعت شانون قطعة المعجنات التي تناولتها من السلة على فوطتها من دون تردد ، رمقته بعينيها الزرقاوين الفاتحتين، ووضعت إصبعها المطلي باللون الحمر بين شفتيها لتلعق السكر الذي علق به، اضافت بصوت خفيض:
- لست أملك المال.
- لستِ...
حرك كاين قهوته بيد ثابتة ظاهرياً ،أضاف :
- انتِ وريثة لآلاف الملايين وتقوليت لي إنك لا تملكين المال؟
- هذا صحيح!
فكر كاين ، لابد انها تمازحه، لم يستطع ان يمنع نبرة الاستخفاف من صوته وهو يرد عليها ببطء:
- ألا يدفع والدك لك الفواتير؟
بدت نبرته ساخرة جداً، ماتطلب من شانون جهداً جهيداً كي لا تقفز عن كرسيها ، وتغادر المقهى، وتدير ظهرها لانتقاده، كما فعلت مع اولئك الذين صوبوا اصابعهم نحوها قبله، لكن هذه الحالة مختلفة تماماً، للمرة الاولى في حياتها شعرت بالحاجة الى الدفاع عن نفسها وتبرير دوافعها ، ارادته من بين سائر الرجال ان ينظر اليها ، ويرى شخصاً غير تلك الفتاة الهاوية للمتعة كما تصنفها مجلات المشاهير ، وكما حكم عليها هو.
أوضحت له شانو بهدوء:
- لن أملك المال بين يدي إلا بعد بلوغي الخامسة والعشرين.
وأضافت:
- ظننت ان حوالتي الشهرية لا تزال جارية ، لكنني كنت مخطئة ، فقد أوقف ابي البدل الذي أتقاضاه من دون علمي ، لم اكتشف ذلك إلا حين عدت الى برشلونة،ولم اكن بحالة جيدة لأعالج الموضوع ، كماألغي المصرف بطاقتي الأئتمانية.
هذا لأن المشروع الذي باشرت فيه كلفها الكثير من مدخراتها ، اما ماتبقى ، فكان عليها ان تستعين به لدفع ديونها.
-----------------------
- أتعنين انك كنتِ تجوبين العالم...
ثم اكمل كاين والشك يملأ عينيه:
-....من دون ان تزعجي نفسك حتى بأن تتفحصي رصيدك الباقي؟
أجابت :
- لم يخطر ببالي انني بحاجة الى ذلك ، فقد كان المال متواجداً على الدوام.
- واعتقدت ان الأمر سيستمر على هذا المنوال ، بالرغم من الهرب بدون ان تعلمي احداً بمكانك؟ بالرغم من اختيارك لهجران ديارك؟
آه! ماالهدف من سؤاله ذاك؟ فكر ت شانون عاجزة ، حسناً ! كاين كون رأيه مسبقاً عنها، وهو سوف ينسب كل ماستقوله الى افعال طفلة مدللة، ماالفرق إذا عرف ماحصل لها لم يعرف؟ اصرّت شانون بحدة:
- لم اهجر ، اجبرت على المغادرة، لكن بالطبع كنت لأعود لو علمت بأن شيئاً ماليس على مايرام، اما مادياً ظننت ان كل شيء يجري كما كان قبل ان اغادر اورويا، ولم أظن يوماً ان أبي قد يقطع عني المصروف تماماً.
- ماالذي كنت ستفعلينه بهذا الصدد؟ ماكان مخططك لو تركتك في برشلونة؟
- ترك اصدقاء لي منزلهم من دون ان يتوجب علي دفع الإيجار لمدة مؤقتة، فيما هم يعملون في الخارج، كانت البرادات والخزائن ملأى وثمة شيء يسمى العمل لكسب المال، كاين ، ظننت انك سمعت بهذا.
- من الغرابة انني فعلت.
شبك كاين ذراعيه،وراحت عيناه تسائلان اعماقها.
- لكنك لا تعتقد ان لي صلة بالعمل.
حين لم يبد كاين اي رد فعل تجاه ملاحظتها الساخرة، قالت شانون:
- كنت سأحصل على وظيفة ..أي وظيفة حالما تتحسن حالتي ، فأجني المال الكافي كي أستطيع العودة الى البيرو.
- إلى بييرز؟
أجابته وهي تبدو عديمة الصبر معه:
- لا، ليس إلى بييرز ،بييرز متزوج.
ذلك لم يوقفك في السابق ! لم يقل كاين هذا بالطبع ، لكن ارتفاع احد حاجبيه اخبرها انه يفكر بذلك.
قالت وهي تخبئ ألمها خلف ابتسامة ملتوية:
- انا منتبهة اكثر هذه الأيام.
ومض شيء مافي عيني كاين، شيء من الانتقام الذي كافح كي يسيطر ويتغلب عليه.
- وظهرت انا حينئذٍ ، وقد اغواني عرضك لأن تدفعي لي ضعفي المبلغ لأعيدك الى برشلونة.
بعد عشر دقائق، قال كاين، وهو يمسك بمرفقها بعد ان خرجا من المقهي:
- تعالي!
- الى أين نحن ذاهبان؟
لم يجبها، إلا انه رشدها عبر الممر الضيق للمشاة ، كانت المطاعم والمقاهي تنشر كراسيها وطاولاتها على الارصفة، فيما السكان المحليون والسياح يجوبون المتاجر الكبيرة المتعددة، ويتوافدون الى داخلها يسألون عن الفواكه والخضار.
شعرت بالذهول حين ادركت ان كاين يفتح باب احد متاجر المصممين.
- حسناً! لا يمكن ان ندعك تتجولين بهذه الثياب.
قال كاين هذا لها ، قبل ان يدفعها قدماً باتجاه مساعدة جذابة المظهر، بدت تلك المرأة انيقة جداً ، حالما رأت كاين ، ارتسمت على محياها ابتسامة مشرقة ، ثم قالت:
- سيد فالكونر!
هل كاين معروف هنا ايضاً؟
- هلا تُلبسينها على نفقتي؟
تحدث كاين الى المرأة بثقة كبيرة، وبلغته الفرنسية الرائعة، اضاف:
- دعيها تنتقي ماتريده وعلى نفقتي الخاصة.
- لا اريد الرعاية والإحسان منك ، كاين فالكونر.
-----------------------------
ردت شانون عليه غاضبة جداً ، لأنهما يتناقشان بشأنها ، وكأنها غير موجودة، تشدق كاين بكلامه مبتسماً بسخرية:
- حسناً! هذا سيء جداً، لأنه الأمر كذلك فعلاً.
بالسرعة نفسها التي رافقها بها الى الداخل، غادر فالكونر المكان.
ابتسمت شانون مشوشة الفكر، لكن في داخلها، راحت تستمر حنقاً بسبب كاين، هل أتى بالمرأة التي ( تعني له الكثير) الى هنا ، وعاملها بالرعاية نفسها التي لاقتها منه. اهذه هي الطريقة التي بواسطتها استطاع ان يفتح حساباً حصرياً للنساء في احد هذه المتاجر؟
وجدت نفسها بمواجهة المساعدة وهي تسأله بلغة فرنسية اخاذة، ما إذا كانت تستطيع المساعدة.
حسناً! لم لا؟ فكرت شانون في سرها، وقد استحثتها شعور مفاجئ بالاذى ، إنه يستحق بعض الأسى بعد كل الإزعاج الذي سببه لها، وبعد اللامبالاة التي عاملها بها دائماً.
- نعم سيدتي.
غمغمغت شانون مع ابتسامة غامضة واخذت تنتقي بعض الثياب المميزة الباهضة الثمن، امسكت ببطاقة لتقارن سعرها، ثم قالت :
- أظن انني سأجرب هذا القطع...
حسناً! ياكاين فالكونر! فكرت شانون بخبث، حان الوقت لأرد لك صنيعك!
* * *
رن الجرس بلطف حين دخل كاين المتجر، فأحاط به على الفور مزيج من رائحة عطر المساعدة وأريج أوراق الورد المجففة.
-أهلاً بك سيد فالكونر!
قالت المرأة باللغة الفرنسية:
- هي جاهزة من اجلك.
وأشارت ذراع ممشوقة الى غرفة تبديل الملابس ، وهي تتكلم فتزامن إعلانها مع جهوزية شانون.
رفعت الستائر فيما خطت شانون من مهجعها الى أرض المتجر، بدا شعرها الأشقر الطويل معقوداً الى الخلف الى جهة واحدة ومثبتاً بدبوس فضي، من الواضح انها انتقته لذلك الهدف، لكنها بدت بالهئية الكثر روعة التي يمكن ان تكون عليها ، فلم يستطع كاين ان يشيح بنظره عنها ، وهي مغطاة من رأسها حتى أخمص قدميها بالجلد الأبيض الناعم.
السترة القصيرة فوق القميص الفضية القصيرة من دون كمين ابرزت جذعها النحيل ، وهي مزينة بمجموعة من السلاسل الفضية والحلى المعدنية الناعمة.
حين استدارت وبدأت تمشي باتجاهه لاحظ كاين الخيوط المتقاطعة على انثناء وركها، ماجعل نظراته تنساب باستحسان حتى كاحلها النحيل.
- أأنت سعيد سيدي؟
انتقلت المساعدة الى التحدث باللغة الإنكليزية بسرعة، بعد ان خمنت ان لغة شانون الفرنسية لا توازي طلاقة لسان كاين بها، اضافت:
- تبدو..فاتنة..أليس كذلك.
شعر كاين كأن لسانه لجم عن أي كلام مترابط، فهو لم ير في حياته احداً أو شيئاً ساحراً وفاتناً وصاعقاً مثلما يرى الآن .
كرر بصوت أجش فيما بقيت عيناه تعبان من روعة شانون ولا ترتويان:
- فاتنة...أليس كذلك؟
احست شانون برعشة بسيطة حين أدركت التأثير الذي تركته فيه لا سيما من خلال الطريقة التي راحت فيها عيناه الزرقاوان الفولاذيتان تحدقان بها مشعلة النار في دمها .
فجأة تراءت الى ذهنها صورة نمر اطلق سراحه من القفص، لكنها نفضت هذه الفكرة جانباً، فيما احنت ظهرها كي تتناول اكياس مشترياتها.
ابتسمت ابتسامة مشرقة فيما وجهت الاكياس نحوه كي يحملها بنفسه.
حين رأى كاين عددها ، خُيل اليه أنها ابتاعت المتجر بأكمله!
- آه!
-----------------------------------
سُمع صوت خشخشة كيس آخر سارعت المساعدة لتسحبه من خلف المنضدة مضيفة:
- وثوب السباحة آنستي.
- ثوب السباحة؟
رمق كاين شانون بنظرة ساخرة متسائلة، فيما اعطته ذلك الكيس ايضاً.
- والآن كل ماعليك فعله هو دفع الفاتورة.
بعدئذ رمته بإحدى الابتسامات المصطنعة الرقيقة.
- هلا تفعل حبيبي؟
تمنى كاين لو انه سمع هذه العبارة بدلاً من تلك الحيرة ، فيما احنت المرأة ظهرها قليلاً كي تباشر بحساب الفاتورة ، الأمر الذي اثار بعض الخشية والتشوق في عروق شانون، هل اضطرام الغضب في عينيه سببه المبلغ الذي انفقته؟ ام ان السبب هو تأثيرها عليه. بالطبع! سترد له كل قرش حين تعود الى المنزل.
آه ليتها تستطيع ان تقوّض رباطة جأشه الرهيبة، فتجعله مجنوناً بها مثل كل الرجال الذين التقتهم ..رجال لا اهمية لهم عندها ، ولطالما نجحت في تحاشي صداقاتهم وفي مقاومتها.
- تهانينا!
تلفظ كاين بذلك حالما خرجا من المتجر ، بدا فمه خطاً مشدوداً ، بالرغم من ان تلك اللمعة الجامدة في عينيه المشدودتين تجاهها ومضت بالشوق لا يالاستهان ، اردف قائلاً:
- تملكين كل شيء ماعدا السوط.
ضحكت شانون بابتهاج ، مستمدة قوتها من المظهر الأنثوي الأنيق الذي اعطتها الثياب اياها، وضعت ذراعها تحت ذراعه، فشعرت بلمحة من المتعة في ملامسة ذراعه تحت اصابعها ، تحرك شعرها بلطف فيما امالت رأسها تجاهه، واجابت:
- ماحاجتي للسوط وأنت دائماً معي لا تكف عن جلدي وتوبيخي؟
ابتسم كاين ساخراً من التلاعب في الكلام، ثم تشدق فيما بدا يتمشيان قائلاً:
- مضحك جداً.
لكن شانون رأت التوتر على وجهه، وشعرت بالصلابة في جسده قبل ان يشيح بنظره بعيداً بغير مبالاة.
عندما عادا الى الساحة المكتظة ، راح الجميع ينظرون اليها ، ما أشعرها بالإحباط ، لكنها شعرت انها بحالة جيدة، بالرغم من نظرات الحسد التي وجهتها اليها كل امرأة رأتها هناك ، وبالرغم من التوق المقلق القوي الذي رأته في عيني كل رجل.
- ماالذي تفعلينه لهولاء الشبان ياشنون؟
إذاً فقد انتبه! كما فكرت شانون ، رأت الاستهجان في عينيه ، ذلك الأمر لم يقتصر على الشبان فقط، بل إن الرجال الناضجين شعروا بحقهم ايضاً في أن يرمقوها بنظرات غرامية.
- لا افعل شيئاً!
ردت شانون عليد بحدة، وافقها قائلاً:
- انت لا تتعمدين القيام بذلك.
ثم اضاف:
- إنه جزء منك...صفة فطرية مثل شعرك الملائكي وعينيك الزرقاوين المعبرتين، تبدين ملاكاً ، لكنك ساحرة شريرة، شانون تطرحين سحرك على كل رجل مسكين غافل يمر بقربك.
- لكن ليس عليك!
يالله! لو انه يستطيع ان يعترف ويصرّح ..شوقه إليها يدفعه الى الجنون، كما ان قربه منها يقفده صوابه، اجاب بتوتر:
- لا، ليس علي.
حالما عادا من نزهتهما كانت بانتظارهما سيارة مرسيدس بيضاء ضخمة، مجهزة مسبقاً على مايبدو ، يقودها رجل اسمه ستيفان ، كان يقف على الرصيف منذ مدة.
بدا كاين يقول:
- عمل ستيفان لآل كولتابيز لأكثر من عشرين سنة.
شرح ذلك لشانون من مكانه في المقعد الأمامي، فيما أخذت السيارة تصعد التلال الخضراء العالية، وأكمل قائلاً:
- عن طريق الصدفة، اصبحنا اصدقاء ، في الواقع هم الأقرب الى عائلتي كما انهم شركاء في العمل ايضاً.
لاحظت شانون في صوت كاين نبرة حذرة وتساءلت عن السبب .
-----------------------------
ألا يثق بأنها ستتصرف بشكل لائق؟ هل يفكر انها ستجعله يشعربالاحراج بسبب ماضيها والأشياء الفظيعة التي كتبتها الصحف عنها؟
ادركت شانون انها في نظر كاين وفي عيني كل شخص آخر ، لا تزال تلك الفتاة التي دمرت زواجاً، والتي باتت مسؤولة عن فقدان بريئة لجنينها بصورة مأساوية، لكن من الجنون ان رأي كاين هو الذي يهمها من بين سائر الآراء ..وفيما كانت تجلس خلف إطار كتفيه العريضين مع كل مشترياتها على المقعد بقربها، تساءلت بحزن عن سبب تورطه بخطفها فعلياً كي يحاول إقناعها بالعودة الى المنزل، هل الربح المادي هو السبب بكل بساطة؟ هل يفكر في أن يفوز بخطوة لدى رانولف بوفيير؟
أنبأها غرائزها ان كاين ليس رجلاً يحتاج الى خطوة لدى احد، ما الأمر إذاً؟ أتراه يهتم لأمرها حقاً؟ إن كان الامر كذلك، لِم لم يتصل برانولف ويخبره بمكانها بكل بساطة، بدلاً من أن يصطحبها معه؟ قال إنه لم يتعمد القيام بذلك، لكن هل كان حقاً يريدها ان ترافقه على متن اليخت؟ هل تراه يريدها معه حقاً؟ اذاً ماالسبب الذي يجعله يفرض تلك السيطرة الصارمة على نفسه؟ أهي سمعتها، ام تلك المرأة التي جلبها معه الى برشلونة؟
كانت معنويات شانون قد اخذت بالانخفاض كثيراً حين وصلا الى مقصدهما الذي تبين انه فيلا واسعة بمحاذاة الشاطئ تطل على مناظر رائعة، كانت الأزهار تفيض من شرفاتها، والنبات المتعرش يتسلق حيطانها البيضاء.
- تفضليّ!
دعاها كاين ، وهو يفتح باب السيارة بتهذيب ، عرفت انه يعامل به كل امرأة اخرى ، نصحها قائلاً:
- اتركي اغراضك هنا، يمكنك استرجاعها حين يعود ستيفان بالسيارة في هذا المساء.
وفيما غادرت المرسيدس، ظهر شخصان من الفيلا: رجل وامرأة، بالإضافة الى كلب اسكتلاندي نشيط اخذ يعدو امامهما، احست شانون بكتلة علقت في حنجرتها، سوف تشكل مع كاين صورة لائقة، هذا ما وعدت نفسها به، لن تخذله!
توقف كاين قليلاً كي يربت لذلك الكلب الصغير، متمتماً ببضع كلمات:
- مرحباً باكستر...أيها المتلاعب!
من الواضح انه احب ذاك الكلب، على قدر ماأحبه الكلب.
- كم أنت محبب!
ضحكت شانون، فيما حول الكلب اهتمامه بسرعة نحوها ، راح الزوجان يدعوان الكلب للعودة ، سوت شانون هئيتها ، فيما اقتربا والقيا التحية على كاين بحرارة، فعانقته المرأة عناقاً خفيفاً، وصافحه زوجها بقوة ايضاً.
- أنا إستير كولتانيز.
امتدت يد نحيلة وقورة باتجاه شانون، ثم قالت المرأة فجأة قبل ان يتمكن كاين من تعريفهما ببعضهما:
- وانتِ....؟
- شانون.
قابلتها شانون بابتسامة حارة مماثلة ، معجبة بصراحتها ونقاوة وجهها المحاط بشعر اشقر مصفف بعناية ، ثم اضافت:
- شانون بوفيير.
- آه.
احست شانون للحظة واحدة فقط ، وكأن شيئاً ما قتم اللون الرمادي لعيني إستير اللتين انزلقتا لا ارداياً باتجاه كاين ، لكن بعدئذٍ عاد ذلك القناع الى مكانه ،وبعد ان بدت مرتاحة مجدداً ، قالت بلطف:
- اهلاً بكِ في مزلنا شانون .
سمع زوجها كلمات الترحيب وهورجل قوي البنية في الخمسين من عمره ذو شعر فضي لامع ، لم يتوان قط عن أخذ يد شانون بين يديه وشد قبضته عليها .
بعدئذٍ قال لها بصوت خفيض ونبرة تامرية ساخرة:
- انا بارت، بارتولوميو، كولتانيز، مهما قال الجميع لك عني يؤسفني ان اخبرك انه صحيح بالكامل، وأنا سعيد جداً بالتعرف على ابنة رانولف المحبة.
----------------------------------
كان بارت يغازلها على طريقته، كما ادركت شانون ،فضحكت تماماً كما فعل الجميع ، قبل ان يتركها الرجل ، وقد لفت انتباهه الكلب الذي بدأ يقفز عليها وينبح كي يثبت وجوده .
قالت إستير وهي تغمز شنون غمزة ودية:
- أنا آسفة.
تابعت معتذرة، محاولة كبح باكستر النشيط:
- إنه لا يتصرف هكذا مع الغرباء ابداً.
وأكملت :
- لابد ان هناك انجذاباً والفة او شيئاً مابينك وبين الحيوانات.
- أو شيئاً ما...!
غمغم كاين بذلك على مستوى كتف شانون فسمعت تلك الملاحظة الخفية المعنى قبل ان يدعوهما بارت للدخول الى المنزل.
- حسناً! هي ساحرة على هيئة ملاك.
سار مضيفهما خلفهما وهو يحمل الكلب ، اما استير فقادتهما الى غرفة الجلوس التي يتلاعب فيها الهواء ، فجأة شعرت شانون بالشعيرات على مؤخرة عنقها تقف من جراء نبرة كاين المنخفضة الإنتقادية الهادئة.
لم يكتف بهذا ، بل أضاف:
- اما من احد ..أو شيء حتى بمأمن من مفاتن سحرك تلك؟.
هاهو كاين يحملها مسؤولية خطأ لم تقترفه، خطأ لم تستطيع السيطرة عليه، جعلها ذلك متشوقة كي تنزله عن عرشه المتعالي ، تمنت ان تخرق تلك الطبقات الخارجية لربأطة جأشه الفظيعة التي يعتقد انها تحميه من مشاعره الحقيقية، وأن تراقبه وهو يعترف بخطئه.
أدارت شانون رأسها الى الخلف فوق مستوى كتفها، قبل ان تجيب عن سؤاله:
- ألا يكفي انك أنت في مأمن؟.
--------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:34 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7- اذيال التهور
تعيش عائلة كولتانيو على شاطئ الريفييرا الفرنسي منذ عشر سنوات، انتقلت الى هناك حين باعت قطعة ارض واسعة الى رانولف بوفيير، هذا ماعرفته شانون حين كانوا يستمتعون بالشراب الشهي قبل تناول الطعام في غرفة الجلوس الفسيحة المريحة.
جلست شانون بجانب إستير على إحدى الأرائك مستمتعة بمنظر الحديقة، استطاعت ان ترى طاولة ذات زجاج لامع معدة للعشاء موضوعة قرب شجرة ذات اوراق حمراء داكنة ، كذلك رأت المسبح الهادئ الأزرق.
- عرفنا كاين منذ نعومة أظفاره.
اكملت المضيفة حديثها عن كاين الذي تناول خلفية حياته ووالديه وكيف اصبحا جيراناً لهم في إنكلترا قبل ان يفاجئهما الانهيار الثلجي ويزهق روحيهما اثناء قيامهما بالتزلج.
- هذا مؤسف!
ظهرت الصدمة في عيني شانون اللتين صوبتا نظراتهما باتجاهه، ثم قالت:
- لم اعرف...
علق كاين بلطف من الجانب الآخر من الغرفة:
- ألم تعرفي؟.
نشبت نظرتها بنظرته بعطف شديد لمدة طويلة، إذاً هو ايضاً عرف قسطاً من البؤس ومن الألم في حياته ، لم تلاحظ شانون النظرة المتسائلة التي تبادلتها مضيفتها وزوجها.
بارت الجالس على كرسي مريح بالقرب من كاين ، هو الذي قطع الصمت البسيط الحميم، حين تنحنح وسأل:
- إذاً،ماهي أخبار رانولف العجوز هذا الأيام؟
-----------------------------------
بدا السؤال موجهاً الى شانون ، ومن دون ان تدرك وجدت نفسها تفتش عن جواب شافٍ ، بالطبع هي لن تخبر هذا الثنائي اللطيف، انها لا تعرف شيئاً عن ابيها ، اخيراً قام كاين بإنقاذ الموقف بخفة.
- كان بخير قبل ان تتركه ، هو يعمل اكثر مما ينبغي ، لكننا تنوي ان تخفف مسؤولياته في المستقبل ، أليس كذلك؟
ابتسم لها كاين بتهذيب ، فقابلته شانون بابتسامة مماثلة، افترضت شانون انه يعني: سوف آخذك الى المنزل مستخدماً كل ماأوتيت من قوة إذا اضطررت لذلك، فكرت بمرارة: سوف آتي معك لكنك أنت من سيسقط أولاً قبل ان انصاع الى اوامرك وقبل ان تحصل على جائزتك الصعبة لخدماتك!
خطوات خفيفة سريعة سُمعت في الممر تعلن وصول فرد آخر من افراد العائلة ، إنها شابة نحيلة ، سوداء الشعر، في السابعة عشرة من عمرها تقريباً، حسبما خمنت شانون ، بدت ملامح وجه الفتاة محمرة ومتحمسة، وهي محاطة بشعرها المتوسط الطول، غير المرتب.
اتجهت على الفور نحو ضيف آل كولتانيز الفائق الأناقة ، وكأنه الشخص الوحيد في الغرفة.
- كاين!
رأتها شانون وهي تطرح ذراعيها حوله، في حين ان كاين بالكاد وقف على رجليه.
- إميلي!
بعد ان لامست ذراعا كاين إميلي في عناق سريع، حرر نفسه منها، لاحظت شانون ان وجه الفتاة صار غامق اللون اكثر ، كما لاحظت ان اميلي ترتدي فستاناً قصيراً جداً، قالت إستير لشانون وهي تقف :
- هذه ابنة أخ بارت.
وأضافت:
- ستبقى معنا طوال مدة غياب اهلها في لندن.
اتسعت عينا الفتاة من شدة التأثر، فيما قامت إستير بالتعريف عن ضيفتها قائلة:
- شانون بوفيير.
سألتها الفتاة بحماس متقد:
- ماهي اخبارك في الايام الأخيرة ؟ إذ انني لم اقرأ عنك شيئاً منذ اعوام.
ساد السكون في الغرفة واستطاعت شانون ان تشعر بعدم الارتياح يظهر على وجهي الزوجين ، ابتسمت بقلب متسامح، محاولة ان تخفف من اضطرابها :
- يؤسفني القول إنني لم اقم بشيء يستحق الذكر.
- امضت شانون بعض الوقت في البيرو.
دعم كاين إجابة شانون بتلك المعلومة ، وهو يقف هناك بجاذبيته الطاغية التي لم تخف على أي امرأة في الغرفة، هذا مااعتقدته شانون.
- البيرو! أحقاً؟
رشقت إميلي الكلمات من فمها، واسعة ابتسامة ساحرة نحو الضيف ، ثم اضافت بحماس:
- مع كاين؟.
بدت ضحكة كاين ساحرة جداً ، اجاب بإيجاز:
- لا! ليس معي.
بالطبع، كاين لن يدع! احداً يظن انهما ثنائي منسجم ، فكرت شانون بذلك متألمة.
- اردت الذهاب معه ومع صوفي على متن اليخت لكنه لم يسمح لي بذلك.
اخبرتها إميلي بذلك، وهي تقلب شفتيها باتجاه كاين فبدت بذلك فتاة ساحرة من جهة ، وطفلة وقحة من جهة اخرى، هدأتها إستير بكل عزم، إذ قالت:
- عرفت ياإميلي انه لم يلتق بصوفي منذ مدة، وانهما كانا بحاجة الى البقاء بمفردها لبضعة ايام.
بالطبع! صحبة مراهقة ملتاعة من الحب سوف تعيقه عن تحقيق اهادفه، اخذت شانون تفكر بقلب حاقد مستاء،وهي تشعر بمخالب الغيرة تخدشها بوحشية.
بدا ان كاين هو الوحيد الذي لا حظ عليها ذلك، فلامست عيناه بتساؤل ملامحها التي غلفتها بقناع مبتسم وجامد، احست شانون بامتنان حين دخلت خادمة ، واعلنت بهدوء جهوز وجبتهم.
----------------------------------
وضعت وجبة الغداء في الهواء الطلق وهي عبارة عن لحوم باردة، ومأكولات بحرية،وانواع متعددة من السلطات، قدمت على شرفة مغطاة بالدوالي.
- ألن تجلس بقربي؟
بهذه الكلمات ، دعت إميلي كاين وهي تمسك بذراعه كأنه ملكها منذ ان توجها الى الخارج.
ثم اضافت :
- وانتِ شانون اجلسي الى جانبي الآخر ، فأنا اريد ان اتكلم معكما معاً.
هذا مافعلته شانون ايضاً، فجلست الى الطاولة الكبيرة المستديرة بين إميلي ومضيفتها ، فيما استطاعت تلك المراهقة ، بالرغم مما قالته عن مشاركتها الحديث مع كليهما، احتكار انتباه كاين.
هل كانت هي كذلك حين كانت في السابعة عشرة من عمرها؟ تساءلت شانون وهي تشعر بالأسف تقريباً تجاه المراهقة، لاعجب إذا لم يكن لدى كاين الوقت الكافي لها ،لو كانت كذلك حقاً!
بعد ان طرحت إميلي على شانو اسئلة غير متوقعة من كل حدب وصوب، صاحت تشعرين به حين ينصاع الرجل لرغابتك، فتصيرينه قطة تأكل من راحتي يديك؟.
وبختها إستير بهمسة ملؤها الصدمة قائلة:
- إميلي!.
كافحت شانون بقوة من اجل الحفاظ على توازنها، شعرت بارتفاع في حرارتها بالرغم من خلعها لسترتها وغمغمت بإنزعاج تام، ثم ضحكت ضحكة بسيطة متمنية لو انها في مكان آخر ، ثم اضافت:
- اتمنى احياناً لو انهم يستعملون الأطباق .
ارادت ان تمزح بهذه الكلمات، لكنها بدت بذلك تافهة ومتظاهرة، شعرت بالإحباط والخيبة لأنها سمحت لتلك المراهقة بتقليص احترام الذات اكتسبته بصعوبة.
التقطت شانون ومضة تحذير طفيفة جداً من تينك العينين الزرقاوين العازمتين، حسناً! لن يغير ذلك من الواقع، فكرت بذلك بحرارة راحت تزحف الى اعلى حنجرتها ، شعرت برأسها يرتفع اكثر، فيما ادركت انها تريد استفزازه، وزعزعة تماسكه بوقاحتها، يكفي ان تجعل الآخرين يظنون انه حبيبها.
ظلت الفتاة بجانب شانون تفيض بالكلمات بحيوية متزايدة:
- آه، شانون! أنت ذكية جداً ، فكيف تكتب تلك الاشياء عنك!.
اجابتها شانون بهدوء:
- إنها اشياء غير جديرة بالاهتمام، اما الطريقة الفضلى لتقييمها فهي ألا تصدقي كل ماتقرأين.
تحمست إيميلي ،إذ إنها لم تفهم تأنيب شانون وقصدها، فردت قائلة:
- آه! كم أود قراءتها ! أظن انها ...مثيرة جداً للاهتمام!.
وجهت إميلي نظرة ذات مغزى الى كاين، وأضافت:
- أود ان اثير مثل تلك الضجة يوماً.
سوف تفعلين ! فكرت شانون ، وقد احست بهمس المرأة الكبيرة الموبخ، إلا ان الفتاة لم تنتبه مطلقاً، إنما وجهت انتباهها بقوة نحو كاين.
عبرت إستير عن اسفها ، ويدها تمتد لترتاح على ذراع شانون:
- أعتذر عن تصرف قريبتي ، اظن ان والديها لم يحسنا تربيتها جيداً.
- لابأس، مررنا كلنا بعمر السابعة عشرة.
غمغمت شانون بذلك مقدرة تصرف إستير النزيه تجاهها، جعلها ذلك الدعم الهادئ قريبة من مضيفتها، تبع ذلك حديث بينهما عن فرنسا، واستطاعت شانون ان تلتقط بين فترة واخرى لمحات عن الحوار السياسي الذي دار بين كاين والرجل الآخر ، كما ادركت تماماً ان المراهقة منتبهة لكل كلمة ينطق بها كاين ، فجأة ولج افكارها وابل من القهقهات قبل ان تقفز إميلي ثم تقول:
- أريد ان اسبح، هيا شانون! دعينا نغطس معاً .
راحت إميلي تفك سحاب فستانها، ثم اضافت:
- وأنت ايضاً كاين.
---------------------------------
اصرّ كاين باقتضاب وهو ينظر الى الأعلى باتجاه المراهقة، نظرة فيها شيء من نفاذ الصبر:
- يؤسفني القول إن لدي بعض الأعمال لأناقشها مع عمك.
قالت شانون مع بعض الارتياح:
- يؤسفني ايضاً انني لا املك ثوباً للسباحة.
وكان ذلك صحيحاً، بطريقة ما....
تدخلت إستير عارضة كرمها ولطافتها :
- انا متأكدة من اننا نستطيع إعارتك ثوباً ما.
- ، حقاً...
ماالذي تستطيع شانون قوله؟
عبر الكرسي الفارغ بينهما بدا صوت كاين ساخراً، لكنه هادئ وهو يذكرها :
- لقد ابتعت ثوباً للسباحة هذا الصباح، وجلبته معك،إنه في السيارة.
احست شانون بقلبها يرتجف خوفاً، لِم عليه ان يذكر هذا؟
هذه المرة عبرت إميلي عن استغرابها ، بعينين براقتين تفيضان فضولاً:
- لكم اود ان اراه! هيا ارتديه!
سرعان ماخلعت إميلي فستانها ، فظهر ثوب سباحتها الاسود البسيط المؤلف من قطعتين،مظهراً بدوره قامتها النحيلة، اردفت:
- يمكنك ان تبدلي ملابسك في غرفتي.
تباً لكاين! ضحكت شانون ضحكة بسيطة تدل على الشعور بالحرج، واجابت:
- إنه مخصص للمركب فقط.. أعني لحمام الشمس في...
اعترضت إميلي قائلة:
- مامن ثوب سباحة مخصص فقط لحمام الشمس!
ثم اردفت بحاجبين مقطبين:
- انت لست خائفة من المياه، أليس كذلك؟.
قررت شانون ممتنة التشبت بالعذر غير المتعمد الذي قدم لها، فذلك افضل بكثير من القول ان الثوب هو في الواقع غير ملائم ، بالكاد فتحت فاها حتى قاطعها صوت كاين قائلاً:
- من يسبح في البحر مع بزوغ الفجر مع مجموعة من الدلافين هو صديق للمياه بلا شك.
اخبرها انه احس باضطرابها، فأخذ يتلاعب على ذاك الوتر كي يستمتع فحسب، اضاف:
- سأطلب من ستيفان ان يحضره لك.
وقفت شانون على قدميها ، ولم تتمكن من النظر الى عيني كاين مباشرة ، فيما عاد وناولها الكيس الصغير الذي يحمل اسم المتجر الفاخر.
- شكراً.
بعد قليل خرجت شانون من المنزل ، وهي ترتدي ثوب السباحة ذا اللون البرتقالي الغامق، وقفت عند حافة المسبح وهي توجه نظرها الى المياه حيث كانت إميلي قد اخفضت رأسها الى ماتحت المياه، وبدأت تسبح بسرعة مطلقة ورشاقة.
لاحظ كاين انها لم تنتبه حتى للمراهقة فرباطة الجأش والعنفوان يسيطران على تلك الفتاة، لكن التوتر ايضاً كان بادياً عليها من خلال شكل فكيها اللذين ابرزا جمالها.
فكت الوشاح الذي يغطيها فانزلق عن وركيها ، هذه الحركة اثارت احاسيس كاين فعصفت بها الحياة ،غير مكانه كي يخفف من عدم ارتياحه المفاجئ فيما شعر بجفاف في حلقه، اطلق صفرة خفيفة لا إرادية في سره.
- ياإلهي!
همس بارت بذلك فيما كانت شانون تشق صفحة مياه بركة السباحة مثيرة حولها رشاشاً من رذاذ الماء.
- إنها امرأة من الجنة، كاين، لو انها امرأتي ...لما ابتعدت عنها لحظة واحدة.
اجابه كاين بتثاقل:
- نعم.
لم يستطع كاين ان يشيح بنظره عن شانون فيما ظهرت مجدداً لتستدير على ظهرها برشاقة على سطح المياه، أخذة بالسباحة سريعاً.
--------------------------------
كيف يمكنه تركيز انتباهه على أي شيء آخر ، ناهيك عن أي عمل ، فيما هذه المخلوقة الرائعة تتمايل امامه بتباه؟ من تراها تظنه؟ تساءل كاين مع شعور بخيبة الأمل، هل تظنه مخلوقاً خارقاً؟ بالرغم من انه خمن انها اختارت ثوب السباحة السخيف الذي ترتديه من اجل إغاظته فقط، فقد شعر بالتأثير الفوري لرؤيتهابه بالإضافة الى الغضب، فكر كاين لربما كانت تلك غايتها ..ان تصيره مالقطط فيأكل من راحتي يديها.
لكنها لم تتعمد ارتداء ثوب السباحة هذا امام الجميع ، هذا ماهو متأكدة منه، مساعيها لتجنب هذه المسألة اكدت له ذلك ، بإلاضافة الى التوتر الذي شعرت به قبل ان تغطس في البركة.
بالرغم من فورة غضبه واستيائه اللذين اثارتهما رؤيته لها، فإن شهامته قدرت شجاعتها ، شانون هي امرأة ذكية ، بل هي اكثر ذكاء مما اعتقد.
اذا كانت خطتها هي إغواؤه ، فماهي دوافعها لذلك ؟ هل تريد ان تراه ينهار، لأنه بكل بساطة قال إنه لا يريدها؟ ليساعده الله! بالرغم عن عزمه الشديد، شعر انه قريب جداً من شفير الهاوية.
بعد قليل ظهرت شانون على سطح المياه وهي تتمسك بجانب واحد من البركة، استلقت على صدرها ، ثم مسحت المياه عن وجهها ، لترى ان كاين يراقبها.
ظهرت إستير وهي تخرج من المنزل حاملة صينية من القهوة ، كانت إستير قد امضت وقتاً داخل المنزل وذلك منذ خرجت شانون من غرفة إميلي مرتدية ثوب السباحة، وقد ارتاحت شانون لذلك كثيراً،والآن وفيما كانت إميلي تعوم بهدوء على ظهرها عند الجهة الأخرى من البركة، شعرت شانون بجسدها ينبض من جراء التوق غير المخقي الذي رأته في عيني كاين.
ادركت بتوتر ان كاين تأثر لرؤيتها، لكنه بدا غاضباً ايضاً، لقد اخجلته امام اصدقائه وزملائه، حذرتها غريزة تغلغت في عظامها من انها لن تفلت من العقاب بسهولة هذه المرة.
رفعت ذقنها عالياً بتوتر ، بفعل الحماس الغريب الذي راح يجري في دمائها ، ثم نظرت الى كاين بثبات رافضة الإذهان لنظرته المتعجرفة.
قالت إستير لشانون خارج الفيلا بعد ساعة او مايقاربها:
- لابد لك ان تعودي مرة اخرى.
وقفت المرأتان بجانب السيارة المفتوحة البواب، تنتظران بارت وكاين للانضمام اليهما ، كان الرجلان يتحدثان تحت القنطرة، اما إميلي فاختارت ان تبقى هناك ايضاً، بدلاً من مرافقة المرأتين الى سيارة المرسيدس.
كررت إستير قولها ، وكأنهما قرأت أفكار شانون:
- انا آسفة بشأن إميلي.
ثم اضافت قائلة:
- إنها مفتونة بكاين بطريقة مخيفة ومخجلة في الوقت عينه، آمل أنك لا تمانعين كثيراً؟
اجابت شانون بنبرة ودودة،وهي تهزأ رأسها:
- لا.
فكرت بانزعاج، ولم عليّ ذلك؟ فأنا لست امرأة حياته.
- بارت وانا نشعر بالقلق عليه، إنه مدمن على العمل بالرغم من انه لا يبدو مستمتعاً به.
استدارت كل من شانون وإستير لتنظرا الى الرجل الطويل الأسمر الذي يستمع بصبر الى شيء يقوله له مضيفه المهذر فيما ظلت إميلي تقف محدقة به مثل صغيرة ظبي جائعة .
قالت إستير بثقة:
- إنه نوع فريد من الرجال.
واكملت :
- بارد هادئ من الخارج ، لكنه معقد من الداخل ، هو بركان متفجر ايضاً، إذا ماغضب بالرغم من انه لا يغضب في الغالب، ويكرس دائماً الوقت الكافي للأشخاص الذين يحبهم ، لاسيما صوفي.
- صوفي!
سمعت شانون إستير تكمل:
- صارت امرأة نحببة الآن ، لكن كاين مازال يحاول خمايتها ، اظن انه اخبرك، فقد ولدت طفلة لأم في عمر الكهولة ، فكرة إنجابها اتت متأخرة جداً، وكانت تبلغ الثامنة من عمرها حين توفي والداهما.
-------------------------------
همست شانون بشك:
- والداهما؟
اجابت إستير مشيرة بوضوح الى الانهيار الثلجي:
- إنها قصة مروعة!
نفضت شانون أفكارها ، إذاً صوفي هي ..أخته؟ وهي التي ظنت....
- هاهو كاين!
راحت شانون تصارع كي تلجم معالم وجهها، فيما اقترب وبارت منهما ، لاحظت ان إميلي متعلقة بذراع كاين كأنها ملكها.
- سوف تأتي وترانا عما قريب مرة اخرى ، أليس كذلك، كاين؟
توسلت إميلي اليه وهي تسلخ عينيها الكبيرتين بعيداً عنه لتضيف:
- وأنت شانون ، عليك ان تحثي كاين كي يأتي بكِ إيضاً.
حاولت شانون ان تضع ابتسامة على شفتيها، لكنها بذلت جهداً سواء كانت تنتظره حبيبة ام لا فليس من الوارد مطلقاً ان يأتي بها الى هنا، او الى اي مكان آخر بإرادته مجدداً.
جلست شانون بالقرب منه هذه المرة، في مؤخرة سيارة المرسيدس، بعد ان كدست مشترياتها المتعددة من المتجر النسائي في الصندوق.
شعرت بالترتر يمتد مثل سلك مشدود بينها وبين كاين ، لاسيما بعد ان لزم الصمت مسافة الطريق بأكملها ، فيما هما عائدين الى شارع تروبيز مجدداً.
- لم تقل لي إن صوفي اختك.
علقت شانون حين وصلا الى الرصيف، وهي تسحب آخر الأكياس التي لم يسحبها بعد من الصندوق.
- لم تسألي.
فيما ابتعدت السيارة استدار كاين فجأة ، وأخذ يمشي بخطوات كبيرة ماراً بالقرب من اليخوت المتنوعة الاحجام بتصميم قوي، الامر الذي جعلها بالكاد تستطيع اللحاق به.
ادركت شانون ان كاين مازال غاضباً منها، بسبب الطريقة التي تصرفت فيها في الفيلا، شعرت بعقدة في معدتها حين توقف فجأة ، ماداً إحدى ذراعيه.
بتهذيب- بالرغم من كل شيء- كإيماءة لها كي تسبقه الى اليخت.
تمنت لو انها تستطيع ان تقول له إنه يستطيع ان يذهب بمفرده، ويكف عن شهامته الغالية، وإنها تستطيع ذلك، كما فكرت باكتئاب.
كبرياؤها لا تحتمل رفاهية كهذه ، لاسيما ان بطاقة ائتمانها سحبت منها ، وتبخرت مداخراتها اثناء محاولتها مساعدة الآخرين، فلم تعد تستطيع تحمل نفقات سفرة واحدة! اما الاتصال بوالدها والطلب منه ان يخرجها من حالتها السيئة، فبعثر سحقاً لكبريائها، تمسكت شانون برباطة جأشها كي تستطيع المواجهة وخطت الى متن اليخت بتردد.
ضغط كاين بإصبعه على احد الأزرار ففتح باب البهو، تقدمت شانون نحو الصالون الفاخر ذي الطابع الحديث، مع انغلاق الباببن وراهما، ابتعد ضجيج النهار وضوضاؤه، فأخذ الصمت المطبق حولهما يضج بحميمة لم ترغب بها شانون.
أخذ قلبها ينبض بسرعة كبيرة، فيما قالت بتثاقل:
- أظن انني اسيستحم.
ما إن مشت بخطى متعثرة على السجادة، واستطاعت ان تصل الى المطبخ، حتى احست بأصابع قوية تطبق على ذراعها معيقة تقدمها، ما جعلها تطلق شهقة.
- ليس بعد، لن تفعلي!
- ماذا تظن انك تفعل؟
ارتعش صوتها من الخوف ، فيما تمايلت بغضب كي تواجهه ، شعرت بعقدة في معدتها من جراء التجهم الذي لاقته في تلك الملامح الداكنة السمرة.
- ليس قبل ان تخبريني بماذا ظننت ان هذا الأداء الذي قمت به اليوم قد يفيدك.
ابتعلت شانون ريقها واجابت :
- لا اعرف..ماذا تقصد!
---------------------------
- ألا تعرفين؟
تابع ساخراً:
- هم يأكلون من يديك كالقطط... وبعد ظهر هذا اليوم عند بركة السباحة؟
- ماذا؟
ارتعبت شانون فور تذكرها، قالت :
- مالخطب كاين؟ انت بالتأكيد لم تشعر بالصدمة؟
رد كاين:
- لا يهم كيف اشعر ، لكن استير وبارت صديقاي.
انتاب شانون داخلي برغبتها في ان تلتف حول نفسها وتموت لكن بدلاً من هذا غمغمت ساخرة بلامبالاة :
- لم يبد عليهما انهما انهما اعارا الأمر انتباههما.
- لأنهما مهذبان جداً كي يعترضا حين تقرر امرأة وقحة صفيقة بأن تستعرض نفسها امامهما.
- لم اكن استعرض نفسي!
- آه! أحقاً؟ ماذا تسمين ذلك إذاً؟
بدا وجه كاين ابيض شاحباً لشدة غضبه، تابع قائلاً:
- ذلك التصرف عند البركة لا يليق إلا بالشاطئ او بغرفة النوم، فأنا واثق انه لم يبق هناك أي شك في ذهنهما بأننا عاشقان!
وذلك هو لب الموضوع، كما ادركت شانون ، فهذا آخر شيء يريده!
- آه ، عزيزي!
واستدارت بعيداً عنه، هارعة نحو المطبخ ، ثم نزولاً باتجاه حجرتها ، زلت قدمها وهي تدخل الباب المفتوح، قبل ان تدرك ان كاين لحق بها.
- بالله عليك شانون!
امتدت يده نحوها في محاولة جذبها كي تتوقف، وقال:
- ألا ترين ان التصرف بهذه الطريقة يؤكد ماتنشره الصحف عنك؟
- لا آبه!
استطاعت شانون ان تشعر بوخز الدموع خلف عينيها لأن حاجتها لكسب احترامه تنهش قلبها، صاح كاين غاضباً:
- حسناً ، لكن أنا آبه!
تحدته بمرارة مدركة انها قضت على كل ذرة احترام قد يكنها لها فسألته:
- لماذا ؟ ألا انني شوهت سمعتك الشريفة؟
- إنني افكر بكٍ ايتها الغبية! متي ستنضجين وتدركين انه يجب عليك ألا تتصرفي بطريقة فاضحة كي تثيري انتباه الرجال؟
- انتباه...؟
أهذا مايظنها تفعله؟ اجابته:
- إن كان من احد يسمى وراء إثارة انتباه الرجال فهي تلك الطفلة المسكينة التي كان عليّ ان اتحملها بعد ظهر هذا اليوم! وإذا لم تنتبه فهي كانت تتوسل اليك كي تنتبه اليها!
- وأنت ، ألم تفعلي؟
- لا!
أطلق كاين سراح شانون فركضت الى غرفتها.
- أليست كل هذه...
هز كاين ذقنه مشيراً الى الأكياس التي جلبها لها الى الأسفل وكرر:
- ...وهذه....
ثم اردف مجدداً وهو يشير الى السترة الجلدية الملتصقة بجسدها:
- ..توحي بما افكر به؟
- لا!
رد كاين مذكراً إياها بما قالته عن إميلي:
- كما اشرت، مررنا كلنا بعمر السابعة عشرة.
ثم تابع:
- مامن رجل ناضج يقع في فخ مراهقة ولهانة، لكنك كبيرة بما فيه الكفاية لتعرفي هذا شانون ، اما انت فعرفت جيداً ماكنت تقومين به.
- هل عرفت حقاً؟
خرجت من شانون هذه الكلمات كصوت قصير حاد، فيما تراجعت خطاها، لترتطم بالخشب الصلب لطاولة التبرج، لقد عرفت ماكانت تفعله بالضبط ، لكنها لم تواجه النتائج إلا الآن فحسب، ولم تكن متأكدة عن كيفية معالجتها، اردفت قائلة من خلال شفتين جفتا فجأة:
- لا اعرف ماالذي تلمح اليه.
التوى فم كاين في ابتسامة غير فرحة ثم سألها:
- ألا تعرفين؟.
وأردف:
- إذاً، أظن ان الوقت حان لأنورك.
-----------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:34 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8- اخيراً وجدها
خرج من فم شانون صوت قصير، وومض في عينيها بريق تحذير، لكن كاين تجاهلهما معاً فيما سحبها نحوه حابساً يديها اللتين لم تكفا عن المقاومة بصدره الدافئ الصلب.
أدارت رأسها كي تتجنب الاقتراب منه إلا أن يده انغرز بشعرها لتجذب رأسها من جديد نحوه،فلم تعد تستطيع القيام بأي شيء غير استقبال عناقه.
تنهدت في اعتراض مخنوق، ياالله! لكم تمنت ان يعانقها ، لكن ليس بهذه الطريقة! ليس بمزاج غاضب، اخذت الأفكار تتلاطم في رأسها وهي مازالت تقاوم.
-آه...يالله! لكم تاقت الى ذلك! منذ اللحظة التي دخلت فيها الى ذلك المكتب والتقت وجهاً لوجه بهذا الرجل، ارادته ان يعانقها ...ان يتوق اليها كما تتوق اليه...
بدا عناقه حاراً ولجوجاً، وهو يضمها اليه بقوة فأحست شانون بزخز أبر قاسية تجري نزولاً على امتداد عمودها الفقري، استطاعت ان تسمع صوت انفاسه غير المنتظمة الذي اوحى لها بمد توقه اليها.
- آآه كاين، ارجوك!
اهاده توسلها الى وعيه مجدداً ، ياإلهيّ ماذا يفعل؟ رفع كاين رأسه كي ينظر اليها، بدا شعره اشعث ووجه محمراً من جراء المشاعر القوية التي عصفت به.
آه! كم يتوق كي يشبعها عناقاً ، لكنه اتى بها الى هنا من دون موافقتها المسبقة بغض النظر عن مدى جمالها وجاذبيتها ، تطلب الأمر من كاين كل إرادته ليذكر تفسه بهذا، لا يمكنه الاستسلام لحيلة تلك المرأة المغوية فيسمح لها بإرضاء انانيتها لااكثر ولا اقل لا يمكنه ان يكون رجلاً آخر في حياتها غير ذي اهمية، مجرد علاقة تتفاخر بها ، تحرك مبتعداً عنها قائلاً بحزم:
- أنا آسف.
---------------------------------------
انزعاج شانون وصدمتها ايقظاها من سباتها ، سألته :
- لماذا فعلت ذلك؟
بدت مجروحة ومذهولة جداً ،في الواقع ارادته ان يقترب منها مجدداً ويأخذها بين ذراعيه ويمحو الألم الذي غلق وجهها اللطيف لكنها لا تستطيع الافصاح له عن رغبتها تلك.
استغرب كاين مدى رباطة جأشه وثبات يديه وهو ينفض قميصه بهدوء تام ثم يقول:
- أنا آسف حقاً ،انا لا اعتبر العبث مع بنات زملاء العمل امراً مسلياً حتى لو كن جميلات فاتنات مثلكِ عزيزتي شانون بحسب خبرتي ، بالإضافة الى كونه امراً لا اخلاقياً تماماً فهذا قد يهدم علاقة عمل ناجحة.
حاولت شانون الحفاظ على رباطة جأشها في مواجهة فيض المشاعر المتناقضة التي اجتاحتها، لماذا يشعر بالأسف؟ ألا انه لا يحس بأي عاطفة حيالها؟ امتزج الخوف بالاستياء لكن هذا كله لا يوزاي الألم الذي اثارته تلك الفكرة الأخيرة فيها
وقف كاين هناك مثل سوبرمان بهدوئه ومناعته مع ابتسامة ساخرة لوت ذلك الفم المشدود، قال ورموشه الداكنة تخفي اي عاطفة يمكن لها ان تقرأها في هاتين العينين الزرقاوين:
- بعد كل شيء...أليس هذا ما خططته لي؟.
النظرة التي رمقته بها شانون دلت على الذهول والحذر ، هل خططت لذلك حقاً؟ هل وصل بها الجنون الى حد جعلها تظن انها تستطيع ان تحيده عن مساره وتذله من دون ان تذل نفسها معه كذلك؟
افترضت بتعاسة انه لا يحترمها حتى انه ليس معجباً بها ،وهو بالتالي لن يستسلم لإغوائها حتى لو ارادت ان تغويه ، كما يعتقد ام معظم الرجال قد فعلوا همست وهي تشعر بالإهانة والخجل:
- اخرج.
* * *
بدت كان مثلما تذكرتها شانون من الزيارات السابقة تماماً ، مدينة راقية تعج بالناس وقد تفتحت الازهار في احواضها فبدت مشرقة براقة على طول الجادة الملئية بأشجار الغار ، اماالمباني التي تلوح بأعلام ملونة فتشهد على اسلوب حياة فاخر.
من المفترض انها تنتمى الى هذا العالم،فكرت شانون بذلك وهي تمشي مع كاين بخطى واسعة على الجادة، وتراقب سيارات البورش واللامبورغيتي والسيارات الرائعة تسير امام الفنادق الفخمة، والمعارض الفنية ومتاجر المصممين التي تزين الشارع من الجانبين، لكنها في الواقع لا تنتمي الى ذاك المكان، لم يبدُ لها أنها تنتمى الى مكان آخر او الى أي شخص آخر، هاذ ماراح يجول في خاطرها ، فيما استدارت لتنظر من خلف نظاراتيها الشمسيتين نحو التلال الضبابية الواقعة خلف البحر المتوهج.
- لِم تبدين حزينة جداً؟
ادركت شانون انه لا يفوت أي شاردة ، تهربت من الاجابة عن سؤاله غير راغبة بمشاركته افكارها الداخلية فقالت:
- لِم تحملت عناء إيجاد فندق لي؟ يمكنني البقاء على متن اليخت.
لن يتمكن كاين ممن تجهيز اليخت بالمؤونة اللازمة حتى صباح اليوم التالي، لذلك اقترح عليها ان تقيم في فندق ما، مفترضاً انها ستشعر بارتياح اكبر ، إلا أن شكها بأنه ينتظر على احر من الجمر كي يتخلص منها، سبب لها تعاسة لا تطاق، اضافت :
- من جهة اخرى استطيع ان ابيع ساعة يدي هناك...
اشارت شانون الى متجر الحلي على الجهة اخرى ، استطيع ان ابيع ساعة يدي هناك..
اشارت شانون الى متجر الحلي على الجهة الاخرى من الطريق وتابعت:
-....أحصل على مبلغ من المال يكفيني لأسافر الى دياري.
اجابها موافقاً:
- تستطعين..إلا انك لن تفعلي.
نظرت شانون الى كاين نظرة متسائلة وسألته:
- ماالذي يجعلك تظن هذا؟
- اولاً لأنك قبلت دعوتي لحضور العشاء هذا المساء لأنه عشاء خيري ولأن من يقيمه هو احد زبائن بوفيير القدماء وليس لأي سبب آخر!
------------------------------------
- ثانياً لأنني اعرف ان تلك الساعة كانت لأمك قبل ان يعطيك إياها رانولف في عيد مولدك الثامن عشر، اتيت الى المكتب حينذاك واريتني اياها.
هذا صحيح! تذكرت انها اتخذت من ذلك ذريعة لتتكلم معه يومها ، لكنها تفاجأت لأنه تذكر الأمر.
- حسناً! إذاً..يمكنك ان تعطيني مبلغاً يغطي رحلة عودتي الى الديار متى شئت.
- لا.
ذلك كل ماقاله كاين ، فكرت شانون بسخرية انها ستبقى تحت رعايته إذاً، تحمست لتلك الفكرة التي عززتها معرفتها بأنها غير قادرة على ترك كاين ، قالت:
- انت تستغل حالتي ليس اكثر.
اطلق كاين ضحكة قصيرة حادة واجاب:
- هذا صحيح.
- لماذا؟
سألته شانون مدركة لعيون المارة التي بدت منصبة على هالة القوة والجاذبية التي تحيط بهذا الرجل الى جانبها، في الواقع توجهت النظرات الى كليهما ، كما لو انها تحسد هذا الثنائي الذي يكمل احدهما الآخر اكملت:
- ألكي تعلمني درساً آخر في الإهانة؟
- لم اعرف ان هذا ماكنت افعله.
شعرت شانون بعينه تتفحصانها بدقة عبر نظارتيه الداكنتين، وهي ترتدي قميصاً داكنة اللون وسروالاً متوهجاً انيقاً، كانت قد اشترته من شارع تروبيز، هذا بالإضافة الى انتعالها جزمتين عاليتي الكعبين ، تابع كاين قائلاً:
- لا انوي.. ولم انوي قط أن اهينك ياشانون.
لكن فعل! فكرت شانون بمرارة ، وهي تستعيد ماجرى في حجرتها بعد عودتهما من منزل عائلة كولنانيز نهار امس ، احست انها على شفير البكاء فكان عليها ان تبلع ريقها كي تسيطر على دموعها ، خشية ان يراها كاين، علقت:
- اكره ان اكتشف ماذا كنت لتفعل لو امك حاولت إهانتي فعلاً.
* * *
بدا حفل العشاء في تلك المسية مناسبة متألقة ، وقد اقيم في قاعة الرقص في اجد الفنادق الأكثر فخامة للمنتجع.
- سوف تحتاجين الى فستان لحفل الليلة.
قال لها كاين ذلك في وقت مبكر، ولم تشعر شانون بالرضى كما توقعت وهي تقول له انه ابتاع لها واحداً، فقد انتقت فستاناً ملائماً من المتجر الصغير في شارع تروبيز نهار امس، انه فستان من القماش الأبيض الناعم، زين جزؤه الاعلى بربائط تصل حتى أعلى صدرها، اما ثنايا التنورة المتمايلة، فبدت مزيجاً من اللونين البيض وارمادي الدخاني، تنتهي بحاشية رائعة.
صفقت شانون شعرها في تسريحة عالية أنيقة يمتازبها الفرنسيون، تاركة خصلتين ذهبيتن ناعمتين تنسدلان على وجهها ، فوق عنقها وفي أذنيها ، التمعت على قضية ناعمة، اشتراها لها كاين الكعبين يتماشى مع سترتها.
بعد ان ان انتهى الجميع من تناول وجبة الطاعم، وقفت شانون بجانب كاين مع مجموعة من الناس، حيث دارت حولهما الثرثرة والموسيقى ، تذكرت نظرة الذهول التي بدت عليه حين خرجت من حجرتها الى البهو، حيث كان ينتظرها، قال :
- تبدين....رائعة!.
محاولة ان تتجاهل مشاعر الرضى التي اخذت تدفئ عروقها ، غمغمت مجيبة:
- وأنت كذلك.
ألقيت الخطابات، وقدم الشكر لعدد من الجهات الممولة، والآن لم يبق امامهما سوى الانحراط مع الجموعة، استدارت شانون حين سمعت احدهم ينادي اسمها من غير توقع .
- ويلي!
--------------------------------
شق الرجل الطويل القامة ذو الشعر البني الباهت طريقه بين الجموع الغفيرة المتراصة، حتى وصل الى شانون ، انحنى ليضمها اليه في عناق صغير مفاجئ.
- كاين هذا هو ويلي رانيولاس..انه ... صديق لي...
قالت شانون هذا بتردد، قبل ان تعرّف كاين الى الرجل الآخر ، من دون ان تفهم سبب عبوسه، هز كاين رأسه استجابة لذلك، واحس بالانتعاش يشد فكه.
أطلقت عليه شانون تسمية صديق من دون ان تذكر مكان تعرفها عليه، او السبب الذي دعا الشاب الى الاعتقاد بأن له الحق في معانقتها.
قال الرجل بحماسة:
- لابد لي من القول إنك تبدين رائعة ، بعد الحالة التي رأيتك عليها مؤخراً.
لاحظ كاين انه رجل شاحب الوجه، بالرغم من ان ويلي هذا في مثل سنه على الأرجح، وفيما راح الناس الذين كانوا يتبادلون معهما الأحادبث يبتعدون على مهل، لاحظ ايضاً ان عينا القادم الجديد تكادان تلتهمان شانون.
- بالمناسبة بييرز يرسل لك حبه، كان قلقاً عليكِ كما كنا جميعاً. اشتقنا إليكِ.
- انا اشتقت اليكم ايضاً.
بدت ابتسامة شانون تواقة وصادقة واردفت:
- قل له إنني بخير.
لاحظ كاين انها بدت شاكرة ايضاً ، تساءل عن علاقتها مع بييرز علاقة جدية بالرغم من انه متزوج؟ ادرك بخجل انه يريد ان يشبع ويلي هذا ضرباً لمجرد نقله لمشاعر حب الرجل الآخر اليها.
- لكم من الوقت تخطط ان تبقيها بعيدة عنا ، كاين؟
ذلك الشرير المتملق يوجه الكلام لكاين الآن ،وكأنه صديقه الذي لم يره منذ مدة طويلة، اضاف:
- الطيارون المسعفون المتفانون الى هذا الحد...
مالبثت شانون ان شعرت بذراع تزحف على كتفيها، فيما أردف ويلي:
- ...هم اشبه بالذهب هناك في البيرو.
- الطيارون المسعفون؟!
ابتعلت شانون ريقها ، فيما شحب وجهها بعد ان رمقتها عينان زرقاوان ضيقتان بنظرة ملؤها الشك ، اكمل الرجل كلامه ، غافلاً من انزعاج شانون وعن صدمة كاين، فقال:
- إنها ربانة متمرسة ايضاً.
في خضم الضوضاء الصادرة عن الحشد المحيط بهم ، بدت شانون غارقة في بحر من الأصوات، التقطت من بينها كلمات ويلي.
- أنا متأكدة من ان كاين لا يريد ان يقف هنا ليسمعك تتغنى بمزاياي الحسنة ويلي!.
وبخته شانون مع ضحكة صغيرة مصطنعة ، وقد ازعجها ان يفضح ويلي العمل الذي تدربت عليه.
- أنا آسف!
راح الرجل يجول بناظريه من جانب الى آخر، إلى ان لاحظ التوتر الطاغي على الجو، اضاف:
- لم ادرك انك....
نظر الى كاين نظرة اعتذار ، وسأله:
- أتعرف انها ....تمارس الطيران؟
اجاب كاين، مدركاً ان ذاك كل مايعرفه عنها :
-نعم.
- اراك لاحقاً إذاً.
لم يلاحظ اي من الحضور الرجل وهو يمشي ليختفي بعيداً، فيما بقي زوجان من العيون الزرقاء متشابكين، زوج متسائل وآخر مواجه.همس كاين:
- لِم لم تخبريني انك تقومين بعمل خيري إسعافي؟
اشتدت اصابع شانون حول زجاج كوبها ،واجابته:
- لم اكن احتاج الى موافقتك.
- لا، لكنك تعمدت ان تجعليني اظن الأسوأ عنك .
ذكرته متألمة:
- لا! أنت من اراد ان يصدق الأسوأ.
ثم اضافت:
- وأنا سمحت لك بهذا.
- كما سمحت لي أن اعانقك ليلة امس؟
-------------------------------
راحت تفكر بجواب عاقل إلا ان احدهم ظهر فجأة ليتحدث الى كاين ، فيما قام شخص آخر يلفت انتباهها وإبعادها ، لذا لم تستطع ان تحظى بفرصة التكلم مع كاين على انفراد إلا بعد حين ، بعد ان وجدها اخيراً وابعدها عن مجموعة من الشبان المعجبين الذين كانت تريد التخلص منهم، قال كاين:
- هيا بنا!
توجها نحو مدخل القاعة حيث وضعت طاولة الضيافة ، هناك سمعت شانون احدهم يقول:
-... لقد انتهت هذه الشركة على أي حال، لو بقي رانولف المتعجرف يديرها لتمت تصفيتها ، لقد طرد ربع عدد العاملين لديه ،وقام بتقليص التمويل والطاقة كي يصبح اكثر غني، ولو بطريقة غير مشروعة..ذلك يهدد السلامة العامة، هذا بالإضافة الى تصدير مواد لا قيمة لها تقريباً.
كانت شانون تتوجه صوبهم حين شعرت بلمسة ناعمة على رسغها ، قال كاين :
- اتركيهم وشأنهم شانون.
تجاهلت أمره اللطيف ، فيما تقدمت لتواجه الرجل الذي يتكلم ، والذي كان جالساً برفقة اثنين آخرين على الكراسي العالية القريبة من المنضدة.
لم تبدُ شانون من قبل بمثل هذه القوة وهذه الهشاشة معاً ، ظهر اعتزازها بكرامتها جلياً من خلال تصميمها ، بالإضافة الى رباطة جأشها التي بدت حينئذ مثالاً يقتدى به. سمعها كاين تقول:
- اولاً إن الشركة التي اتيت على ذكرها لم ولن تقوم بتهديد السلامة العامة لمصلحة الربح المادي، اما مايشاع من اتهامات تفيد العكس ، فهي مجرد تشهير ، ثانياً، إذا ماسأل احد العمال نفسه اليوم او غداً ،عما قدمه للشركة بدلاً من ان يسأل عما تستطيع الشركة ان تقدمه له، فلربما جل مايمكنه قوله هو ليس اكثر من التصفيق وليس أقل من التذمر.
للخظة واحدة حل الصمت على الرجلين الآخرين بفعل صدمتهما ومالبث ذاك المتحدث ان صاح ،وقد بدا عنيفاً واحمر الوجه:
- ومن تظنين نفسك ، ايتها الفتاة الصغيرة؟ بوفيير؟
تبعت ضحكته المبتذلة ضحكتا الآخرين، فيما كان كاين يتقدم لإنقاذها لاحظ شعورها بالكرامة المنتهكة، رفعت شانون رأسها قبل ان تجيبه ببساطة:
- هذا بالضبط من أنا.
بدت شانون فخورة بهويتها فخورة بكل ماعملت عائلتها من اجله ، وبكل ماتمثله، وادرك كاين في تلك اللحظة انها ارادت ان تكون جزءاً من ذلك كله، لكن رانولف لم يسمح لها.
حاول ان يسيطر عليها ، كما حاول ان يسيطر على كل من حوله ، لكنها امتلكت من الشجاعة مايكفي كي لا تخضع لأي رجل، بدلاً من ذلك وجدت طريقها الخاص كي تحقق ذاتها وتكون نافعة ، وتشعر بأنها مطلوبة للمساعدة، وذلك من خلال مساعدة الآخرين الذين يحتاجون اليها.
ادرك كاين أنه يرى شانون جديدة، لكن لا! هذه ليست شانون جديدة، فكر كاين منتقداً نفسه، لطالما كانت شانون موجودة كما هي الآن طوال الوقت ، إلا انه كان متقوقعاً في احكامه السابقة عنها.
نزل الرجال الثلاثة عن الكراسي وراح اثنان منهم يحاولان إقناع الرجل الثالث بأن ينسحب بهدوء،إلا أن ذلك الرجل الحمق طمأنهم بألا يقلقا، عازماً ان تكون له الكلمة الأخيرة.
مشى الرجل بتباه بضع خطوات ، ثم قال:
- إذاً حلاّل العُقد الذي رأيتك معه...ذاك...الـ ...
وأكمل:
- ..الدينامو الذي استدعي كي ينهي الفوضى العارمة ويضاعف نشاط الشركة، هل ضاعف نشاطك أنتِ ايضاً؟
اخذ الرجل يهتز من الضحك بفعل إهانته البذيئة، لكن في الدقيقة التالية تلاشت ضحكته وفر مع اصدقائه من المخرج بسرعة الأرانب.
وقف كاين خلف شانون مباشرة ، ماسمح له بأن يستمع الى ماقيل ، هذا ماادركته شانون من خلال ملامحه المشرفة، الأمر الذي فسر لها سبب هروب الرجال السريع.
نصحها بلطف ممسكاً بمرفقها :
- تعالي!.
------------------------------------
ما إن مالت باتجاهه حتى رأت القلق ظاهراً على وجهه ، فاشتعلت في داخلها عاطفة هائجة، شعور لا تستطيع ان تخفيه حتى لو اردت ذلك، فكرت انها لم تحب احداً في حياتها بهذا القدر.
- هل هذا صحيح؟
غمغمت بصوت خفيض، وهي تسترجع معطفها الحريري من حجرة الإيداع وأضافت سائلة:
- هل تمت تصفية الشركة حقاً؟
- لا.
كان كاين وشانون يمشيان عبر الممر حين ومضت اضواء آلة تصوير فجأة في وجهيهما ، بدا كاين كأنه على وشك ان يضرب الرجل الذي قال:
- شكراً يا آنسة بوفيير.
قبل ان يتوجه الى الحفلة بسرعة، عارضته شانون باستياء، فيما توجها الى لخارج نحو الشارع المشع بالضواء:
- أنت تقول هذا ، لكن ذلك ليس صحيحاً.
بالرغم من ان الوقت متأخر إلا أن المكان كان يعج بالحركة ، اجابها كاين:
- كنت هناك لمدة عشرة اشهر.
وأردف:
- ثقي بي.
قادها عبر الطريق المزدحم نحو المتنزه المضاء بالمصابيح ، اقرب شانون قائلة:
- أنت لست احد المديرين الذين يعملون لدى ابي فحسب.أليس كذلك؟
حلال العقد ! هذا مادعاء به الرجل، مايعني أنه يتبوأ مركزاً هاماً في الشركة، كما يعني ايضاً ان ماسمعته عن كاين مصادفة الليلة حين قيل انه ينطلق كالصاروخ الى الأعلى كان صحيحاً، والآن يبيع مهاراته التي يحسد عليها مقابل أجر هائل من دون شك ، كي يوقف الشركة التي تركها من قبل على قدميها مجدداً.
أجاب كاين :
- لا! طلب مني المساعدة كي انقذ الشركة من مأزقها ، هذا كل مافي الأمر .
- لكم من الوقت؟
- سأبقى لمدة سنة كاملة.
إذاً وقته معهم شارف على الانتهاء تماماً كما شارف على نهايته معها، فكرت شانون بذلك مـتألمة، محولة ملامحها المضطربة نحو الشاطئ المعتم، أضاف كاين:
- لكن كفانا حديثاً عني.
أكمل بنبرة فائقة اللطف:
-.... دعينا نتكلم عن البيرو.
عندما استجمعت شانون قواها بعد بضع لحظات اخبرته كل شيء بدءاً من لقائها ببييرز وزوجته التي كانت معلمتها الخاصة لفترة وجيزة في ميلانو الى عملها في أيام الكوارث.فشرحت له قائلة:
- قرأت عن عمليات الإغاثة التي تجري اثناء الفيضانات التي جرفت قرى بأسرها، فأردت ان اقوم بعمل إيجابي كي اساعد ، حين سافر ببييرز وجاكي الى هناك ذهبت معهما، رأيت كيف ان الفقر يفتك ببعض الاماكن ، كذلك شهدت الظروف التي كان على الناس هناك بواجهتها، كما لمست قلة الموارد والإمكانيات، لاسيما التي تقدم للأطفال ، لذلك قررت ان استمر في عملي ذاك.
- ولم تقولي شيئاً.
بدت كلمات كاين مبطنة بالدهشة وبشيء آخر، لكن ماهو؟ تساءلت شانون بتوق شديد، أهو الاحترام؟
هزت كتفيها وأجابت:
- لم يبدُ لي ان في ذلك فائدة.
لم يكن القمر تام الاكتمال كما كان منذ ثلاث ليال خلت، هذا ما لاحظته شانون ما إن خرجا الى الرصيف، بدا كأن هناك قطعة مفقودة منه ، كما لو ان احدهم مد يده بسرعة وانتشل جزءاً منه.
- على الأرجح ان خبر كوننا عشقين سينتشر في كل الصحف غداً .
بدا صوت شانون مثقلاً بالشوق واللهفة.
- وهل تمانعين؟
- إذا لم تمانع أنت!؟
غمغم كاين بغير جدية:
- سينسى الخبر بسرعة.
تماماً كالرياح الشمالية العنيفة التي تهب من اعالي الجبال نزولاً! فكرت شانون بينما ارتجفت فجأة .
----------------------------
- إليك هذه.
التقطت شانون انفاسها فيما وضع كاين سترته برفق شديد حول كتفيها، بدت السترة دافئة من حرارة جسده وعابقة برائحة عطره، وأثار ذلك ألماً معذباً في داخلها.
كان اليخت ينتظر تحت ضوء القمر بمنظره الأملس القوي، إنه بالفعل حلم أي مليونير، سألته شانون:
- هو لك أليس كذلك؟
- نعم.
كما عرفت في اعناقها منذ البداية....
بدا المكان مظلماً عندما خطت شانون نزولاً انطلاقاً من بابي البهو وقف كاين على الدرج، موجهاً ظهره الى الأبواب المقفلة، كي لا تستطيع شانون رؤية وجهه.
- شكراً لإعارتك لي سترتك.
تركت السترة تنزلق عن كتفيها، لكنها ظلت متمسكة بها، وهي تتقدم نحو الأريكة ، متمسكة بعطره وبكل ميزاته التي تسنى لها معرفتها عنه، لأنها لم تتمكن من اختراق جدار قلب هذا الرجل ، وجعله يحبها كما تحبه هي ، ولأنهما سوف يعودان الى الديار نهار غد.
- شانون!
النبرة التي نطق بها اسمها شلت حركتها ، وثبتتها هناك في مكانها ، مثل حشرة في مصيدة :ضحية لقدرها.
كان كاين مايزال واقفاً خلفها، لكنها شعرت بفضل حاستها السادسة انه تقدم نحو الضلال، شعرت بكل خطوة مدروسة مشاها نحوها قبل ان تلامس اصابعه ذراعها في دعوة صامتة.
شعرت شانون كأن قلبها توقف عن النبض،وكأن قوة جاذبيته اسرتها ، وجعلتها تستدير كي تواجهه، ما لبثت ان ادركت انها صارت مرتمية بين ذراعيه، وانه راح يعانقها بشغف وتوق كما لو انه لم تكن هناك اي عوائق بينهما..كما لو انها تنتمي اليه....
----------------------------



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 22-11-17, 02:35 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

9- وانصهرت القلوب
تشبثت شانون بكاين وكأنه خشبة الخلاص الوحيدة في الكون وكأنها تستمد الحياة من دفئه المنقذ، اما هو فأدرك أنه يحبس انفاسه قبل ان يرفع رأسه كي ينظر اليها.
هذه هي لحظة النهائية! اعتقدت شانون ذلك وهي تشعر بخيبة الأمل ظانة انه سيبعدها عنه بقوة قائلاً انها حصلت على ماتستحقه.
رباه! إنها لا تستطيع تحمل ذلك ، بدت عيناها داكنتين بفعل شوقها اليه، اما عيناه فلم يتضح مافيهما بسبب الظلال،على اي حال هي لاتريد ان ترى السخرية التي تأكدت من وجودها هناك.
اخفضت رأسها فاقدة للأمل وهي تطلق تنهيدة معذبة ، فجأة أحست بيديه تلامسان مؤخرة عنقها الناعم ، الامر الذي جعلها تطلق صرخة غير خجلة:
- آه كاين! لا تتركني ...أرجوك!
شعرت بالارتجاف في جسدها بأكمله، قبل ان يدفعها كاين نحو الأريكة لتجلس عليها ، ثم يجلس قربها محيطاً كتفيها بذراعه الدافئة تأوه ثم قال بصوت اجش:
- انت تثيرين جنوني!
في اللحظة التالي شدها بقوة الى صدره وعانقها من جديد فمالت نحوه مستمتعة بعناقه، لم ترغب بأي شيء أكثر مما رغبت بهذا الاحساس طوال حياتها ، راحت يداه تضمانها بحنان إنما بقوة فأنطلقت تنهدات عميقة صغيرة من حنجرتها .
شعرت بالخوف من مشاعرها لأنها في تلك اللحظات ادركت أنها تنتمى اليه، بدا لها كأنها اخيراً وصلت الى حيث تنتمى، لهنيهات قليلة ، فكرت بالمرأة الأخيرة التي مرت في حياته، اتراها مجرد لاعبة اخرى على مسرح خبرته المجيدة المتألقة ؟ آه...! ذكرها ذلك انها ما زالت عذراء عديمة الخبرة.
---------------------------------
لم تفهم لماذا شعرت بالحاجة الى إخباره بالأمر.
- كاين...!
شعرت بعقدة صغيرة من التوتر تتكون في داخلها، هل عليها إخباره؟ قالت من جديد:
- كاين! أنا...
سمعته يسألها:
- هل ظننت يوماً انني لا اشعر بالانجذاب نحوك؟
آه! يبدو انه اساء فهم سبب تلفظها بتلك الكلمات ، هذا ماادركته شانون فيما اضاف قائلاً:
- لن تصدقي مقدار توقي اليك ورغبتي في الاستجابة لعناقي، فكرت بصمت وهي بين ذراعيه: هذا هو عالمي! هذا هو المكان الذي انتمي اليه!
مرت دقائق ظلا خلالها غافلين عن كل ماهو حولهما، غارقين في عناقهما الشغوف.، بعد قليل ابتعد كاين عنها، ونظر الى عينيها قائلاً، إلا انها استجمعت شجاعتها :
- كاين! بالرغم من كل ماسمعته او قرأته عني فأنا لم اقم علاقة حميمة مع رجل من قبل.
نظر اليها كاين باستغراب ، كأنه يراها للمرة الأولى، بعدئذ قال بهدوء:
- أتقولين لي إنك مازلت فتاة عذراء؟.
- نعم ، هذا صحيح !.
-لماذا ؟ وهل كل مانشر....؟
بدت شانون خجلة وضائعة، لكنها استدارت نصفياً كي تواجهه، سألته:
-هل شعرت بالصدمة لأنني لست امرأة مستهترة كما ظننت؟
- في الواقع ..نعم.
هزكاين رأسه ، فانسدل شعره برفق على جبينه، أضاف:
- هل ما تقولينه؟ أعني...
ظهر خط عميق بين حاجبيها، وتلاشت السخرية من عينيها، سألته بنبرة ملؤها الشك:
- وهل للأمر اهمية بالنسبة اليك؟
هز كاين رأسه مجدداً وقال:
- إنا ظننت انك...
- خبيرة؟ أهذا هو السبب الذي دفعك الى خطفي ومحاولة التقرب الي؟
بدت الابتسامة التي اعطاها إياها كاين متسمة بالشعور بالأسف والذنب، فيما قال:
- لكن علاقتك مع ماركام...
رفعت شانون بصرها نحو تلك الملامح المحتارة الوسيمة الى حد يخطف الأنفاس، ثم صححت مزمجرة :
- حسناً! ليس الأمر كما تظن. التقيت به في إحدى الحفلات التي كانت بمثابة منفذ ما.. وسيلة للفت النظر كي اعوض عن الانتباه والاحترام اللذين لم القاهما من الأشخاص الذين اهتم لهم.. اصدقائي او اولئك الذين كنت أظنهم اصدقائي..ابي ..أنت.
عقد العبوس حاجبي كاين ، فيما اخذت عيناه عن الإخلاص اللطيف في وجهها.
اكملت شانون قبل ان يستطيع كاين ان يعلق:
- عرفت انه متزوج، لكنه قال لي إنه في صدد إنهاء إجراءات الطلاق، بدا مظهره خادعاً جداً وجدت فيه رجلاً لطيفاً يمكنني التحدث اليه ، بدا مهتماً لأشياء التي أؤمن بها ، وتلك التي اردت القيام بها.
- مثل إنقاذ العالم؟
اجابت بإصرار على تلك القهقة الخافتة في صوته:
- مثل محاولة تسهيل الحياة اكثر وحتى محاولة جعلها ممكنة للأشخاص الذين لم يحظوا بحياة ملؤها الرفاهية كتلك التي حظيت بها أنا.
اطلقت شانون نفساً مرتعداً وهي تتذكر ماحدث، ثم اكملت :
- لم اشا ان اتورط بعلاقة معه، إلا حين ينتهي من عملية طلاقه تماماً، قال لي إنها مسألة اسبوعين ، ولعل من الأفضل ألا نظهر الى العلن معاً بأي حال، كي يحميني ... يحميني!
-------------------------------------
الضحكة البسيطة التي خرجت من بين شفتيها حملت في طياتها كل المعاني ماعدا الفرح والابتهاج، راحت تسهب:
- باتت الظروف لا تحتمل في المنزل، وحين اقترح علي ان نبتعد في فترة الصيف، بدت الفكرة رائعة لكنني قلت له إنني لن اقيم علاقة حميمة معه..ليس قبل ان يصير حراً تماماً، حيث يمكننا ان نتزوج، فوجئت بنفسي لسهولة الالتزام بذلك وأنا برفقته، اعتقدت ان ثمة خطأ فيه، لأنني لم اشعر بالانجذاب نحوه، كما ظننت انني سأفعل لكنني قلت لنفسي ان ذلك ليس مهماً، وإن علاقتنا الفكرية وصداقتنا هماالأهم، افترضت انه كان يشعر بالاستياء حين اخبرني انني لست طبيعية ، وصدقت انني كذلك، صدقت انه يهتم لأمري فعلاً، ويحاول ان يساعدني حين اصر علي كي اخبره إذا ماكنت قد خبرت ذلك النوع من الشعور تجاه اي شخص آخر، وفي احد الأيام كان ماكان واخبرته.
- اخبرته ...بماذا؟
في ظل سكون الحجرة، بدا صوت كاين منقباً عن الحقيقة بهدوء.
تنفست شانون وهي مغمضة العيني ، ترددت قليلاً ، ثم قالت بهمسة مرتجفة:
- انني لست طبيعية مطلقاً، لأنني أشعر بالتأثر فقط حين أفكر بك انت.
هاقد خرجت منها الكلمات ، واعترفت له ، لم يعد يهم الآن ماالذي يفكربه لأنه ماعرفه، اكملت:
- بعد ذلك اخذ يحاول التأثير بي مستخدماً كلاماً بذيئاً.
يومها شعرت شانون بالاختناق، فاستدارت بعيداً عنه ، احست بكل فقرة من عمودها الفقري النحيل تسترخي بارتياح لأنه حين رأى الانزعاج الذي اصابها سخر منها قائلاً انه يستطيع ان يتخلى عما لا يريده كاين فالكونر، اردفت:
- عندئذ ادركت انه شخص مريض وان جل مايريده هو إيذائي ، ايقنت حينئذ ان علينا إنهاء علاقتنا، خططت كي اخبره بذلك في نهاية الاسبوع ، بعد ان عقدت العزم على الذهاب الى مكان آخر، لم ادرك ان زوجته اكتشت امرنا وانه لم يكن يباشر في قضية طلاقه اصلاً، بعدئذ تكشفت القصة عن ابتلاع زوجته لكمية مفرطة من الدواء.
- ألم تحاولي حتى ان تدافعي عن نفسك؟
اقرت شانون فيما صار جسدها متصلباً من جراء تذكرها الأمر:
- كنت خائفة .. خفت لأنني لو اخبرت الصحافة انه يكذب بشأن علاقتنا ، ولا انني كسرت اناء سيقول للجميع مااخبرته به، وسوف يتصدر اسمك عناوين الصحف، وأنت سوف...
- ....لن اشعر بالإطراء لأن الفتاة الأكثر جاذبية في لندن اختارتني انا من بين سائر الرجال؟
اغمضت شانون عينيها جيداً لسماعها تلك الحقيقة ، شعرت بالخجل الذي كانت لتشعر به لو ان ذلك مانشر فعلاً، كما شعرت بالعذاب الشديد بسبب ردة فعل كاين الغاضبة.
- اذاً كان ذلك مجرد هراء؟
لم يستطع كاين ان يخفي دهشته المفاجئة بالإضافة الى تلك السعادة المحصنة التي اختلجت في صدره فجأة.
قالت شانون بمرارة:
- هذا ماتوقعوه مني.
اردفت:
- كلما حاولا ان يطعنوني كلما زادت عزيمتي كي اظل متمسكة بعذريتي، لكن لن يقوى اي رجل ممن واعدتهم على الإقرار بذلك.
- شانون...!
تفاجأت شانون لأن اليد التي جذبتها نحوه مجدداً بدت لطيفة للغاية ، علق كاين:
- إذاً أنت لم تقيمي علاقة حيمية مع أي رجل بالرغم من كل ما قيل، وقد احتفظت بعفتك من اجلي طوال هذه السنوات.
- لا!
----------------------------------
حاوبت شانون ان تنكر لأن ذلك يبدو جنوناً، فما كان من كاين إلا ان ضحك ضحكة لطيفة.
-أنا سعيد بذلك.
انحنى كاين نحوها، وبرقة لا تفوقها رقة لامست اصابعه بشرة وجهها، قبل ان تتحرك لتطوق عنقها بطريقة امتلاكية لا تصدق، بسهولة بارعة اخذها بين ذراعيه مجدداً، فتأوهت شانون من جراء لمسة يديه.
إنه بالطبع لن يسبب لها الأذى كما فعل جايسون وكما فعل رجال آخرون ..ليس عن قصد في أي حال ، فعل ذلك من قبل وكسر قلبها حين قرر ان يبتعد، لكن لم يعد هذا يهم الآن مايهم هو انها فتحت عقلها وقلبها وكشفت عن مكنونات صدرها لهذا الرجل وحده وانها ستكون له للأبد.
* * *
جذب كاين نفسه من تحت الاغطية بعد ان امضي ليلة ملئية بالأحلام الرائعة ، تساءل ان كانت شانون ماتزال نائمة ، ام انها استيقظت في هذا الوقت المبكر، شعر بجسده يتفاعل ما إن تذكر استيقاظها وسباحتها مع الدلافين في الليلة السابقة، بالأمس عانقها كما تمنى ان يفعل دوماً، اما هي فتجاوبت مع عناقه بشوق ورقة لا حدود لهما.
منحته قلبها وحبها ومن سائر الرجال الذين مروا في حياتها! هذا ما ادركه كاين بقوة، آن الأوان لذلك الإقرار الصاعق الذي لم يكن قادراً على تصديقه من قبل، حين كان كاين يراقبها عن بعد، وهي تتفتح لتصبح امرأة جميلة مشرقة مغبطة اي رجل ظن انها على علاقة معه.
كانت شانون تريده هو من بين سائر الرجال ، ظل كاين غافلاً عن تلك الحقيقة وبقي بعيداً كل البعد عنها متجاهلاً مشاعره نحوها، بينما كانت شانون تستخدم جمالها وجاذبيتها كي تتظاهر بأسلوب حياة يعزز تلك السمعة الردئية التي خلفتها لنفسها بدلاً من السماح للآخرين بأن يروا شانون بوفيير الحقيقية...بدلاً من السماح كاين ان يعرف حقيقة مشاعرها نحوه.
قام من السرير وخرج من حجرته باتجاه الصالون ، كانت شانون قد سبقته الى هناك وما ان وقعت عيناه عليها حتى راح قلبه ينبض بسرعة باعثاً في شرايينه لهيباً لا يستطيع إخماده إلا دفء عناقها.
قامت شانون بحركة بسيطة ثم تأوهت قليلاً، حين نزلت يده الى كتفها لتشدها اليه كي يضمها في عناق لطيف، اقتربت منه وانزلقت يداها على ظهره تجاوباً مع عناقه ، لم يشبع بعد توقه ولهفته اليها ، اما هي فبدت مشتاقة لعناقه كما هو مشتاق لعناقها تماماً، لذا مامن داع للتظاهر والتلاعب من أي من الطرفين.
تحركت شانون بشغف متجاوبة مع عناقه فاجتاحتها عواطف جياشة مجدداً، وفيما كانا يجلسان على الأريكة المريحة ويد كاين تداعب عنقها ببطء ، قال لها بصوت أجش:
- تزوجيني!
- ماذا؟
لاحظ كاين لحظة التقاء عيونهما ، ان شانون بدت متافجئة بقدر ما تفاجأ هو نفسه، إنه لم يطلب يد امرأة من قبل، بالرغم من انه كان على وشك القيام بتلك الخطوة منذ سنوات، لكنه لم يتوقع ان يفعل هذا الآن،لأنه ليس من ذلك النوع المندفع المتهور، ماعرفه هو انه لا يحتمل تصور شانون بيت ذراعي رجل آخر مجدداً، حتى ان رؤيتها وهي تتكلم مع رجال آخرون في هذه الليلة جعلته يشعر بغيرة كادت تقوده الى الجنون ، لاسيما انها بدت لطيفة جداً وآسرة للقلوب.
فكر كاين بجدية انه لا يستطيع بأي شكل من الاشكال ان يخاطر بخسارة عواطفها لصالح رجل آخر ، لاسيما بعد ان كشفت له عن سرها ، اعاد صياغة سؤاله من جديد:
- اريدك ان تكوني زوجتي.
ضحكت شانون ضحكة صغيرة غير مصدقة ماتسمعه، ثم هزت رأسها بحيرة :
- هل تطلب مني حقاً...؟
-------------------------------
- هل عليّ ان اطلب ذلك منك خطياً؟
- سألت بنبرة مشككة:
- لا...أعني...لماذا؟
- لماذا؟
فتش كاين ملياً عن سبب لا يجعله يبدو مثل مراهق ولهان، اخيراً قال:
- حسناً! لست بارعاً جداً في هذا الامر لكن ماذا عن القول إنك تقودينني الى الجنون ؟ في الواقع لا اظن ان باستطاعتي ان اشعر بالارتياح بعد اليوم، إذا لم تكوني بجانبي، من جهة اخرى حان الوقت كي اخرجك من تلك الدوامة، كماانني لا استطيع ان افكر بشخص افضل او اكثر اهلية للزواج بك...
ابتسم كاين واردف:
- ....مني أنا!
- أهذا كل شيء؟
ضحكت شانون مجدداً ، لكن كاين شعر بالارتياح لا يضاهى ، حين ادرك انها ضحكة فرح هذه المرة.
- أنت تعني ذلك فعلاً، أليس كذلك؟
جعلت الدموع عينيها تلمعان مثل الاحجار الكريمة ، فيما اردفت :
- لكنني.......
بدت شانون مندهشة تماماً، فراحت تبتسم وتحرك رأسها، اكملت قائلة:
-........ظننت انني لا اعجبك اصلاً!.
- لم تعجبينني؟!
ضغطت كاين شفتيه على بعضهما وهو يكافح لكي يقنع نفسه بذلك، لكن عبثاً، ثم قال:
- اردت ان اقتل كل رجل تجرا على لمسك، على معانقتك....
- لكن حتى يوم امس كنت اعتقد انك على علاقة بإحداهن....
لم تكن شانون تستطيع تخيل العذاب الذي انتابها من جراء تخيله مع امرأة اخرى والارتياح والفرح اللذين شعرت بهما، حين تأكدت انها مخطئة باعتقادها ذاك، اضافت:
- لماذا جعلتني أظن ذلك؟.
برفق رسم كاين بإصبعه مساراً من تجويف حنجرتها حتى اذنها واجاب:
- اعتقادك ان لدي حبيبة كان الطريقة الوحيدة كي اردع نفسي عنكِ.
قضمت شانون شفتها السفلى وهي تشعر بالابتهاج لأنها تؤثر على رجل بمثل قوته، سألته بهدوء:
- وهل سألتقي يوماً بأختك هذه؟
اجاب كاين على الفور:
- شرط ان تتزوجينني اولاً ، اتفقنا؟.
- آه كاين! بالطبع سوف اتزوج بك.
سوت شانون جلستها طارحة ذراعيها حول عنقها، وسألته:
- وهل اعتقدت انني لن اقبل؟.
تراجعت قليلاً كي تنظر اليه ، ومررت يداً على خده.
- لا.
رأت فمه يتحرك وهو يقر بذلك ساخراً ، فعلقت ساخرة منه:
- يالك من متعجرف!
قبل كاين تعليقها قائلاً:
- إنها إحدى سيئاتي.
- ومتواضع ايضاً.
ارتمت الى الخلف باسطة ذراعيها على ظهر الأريكة كأنها تغمر العالم بأسره، ثم قالت:
- السيدة شانون بوفيير فالكونر.
غمغم كاين وهو يحدق الى وجهها المشدود بفم صلب راضٍ:
- يبدو هذا جميلاً.
صححت شانون تلك التسمية قائلة :
- السيدة شانون بوفيير فالكونر .
علق كاين وهو يلامس بشرة خدها الناعمة:
- قوليها كيفما شئت فالنتيجة هي نفسها.
شانون بوفيير تنتمي اليه مباشرة، كما فكر كاين برضى عارم، مكانها هو معه... في حياته... في سريره.
--------------------------------
إن حقيقة قيامه بمااراد منه رانولف بوفيير ان يقوم به ادهشته كثيراً ، بالرغم من ان النتيجة الآن بدت بسيطة للغاية، مع ذلك ، بعد ان صارت شان تحت رعايته الدائمة، فلا يمكن لهذا إلا ان يسر والد زوجته العتيدة ، هذاماادركه كاين على الفور، اما هو فسوف يتمتع بكل ما تقدمه له شانون بطيبة خاطر.
* * *
وصلا الى لندن وخرجا من المطار المزدحم الى سيارة كاين المنتظرة مع شروق الشمس، كانت السيارة قد احضرت الى المكان بناء على طلب كاين المسبق، وهي ذات لون داكن وسقف متحرك، من نوع مرسيدس.
وضع كاين اغراضهما الى جانب حقيبة السفر الصغيرة التي تحتوي على بعض الملابس التي تركتها اخته في صندوق السيارة.
الآن وبينما هما وسط الازدحام الخانق ارسل كاين نظرة الى قلب السيارة ثم الى شانون وسألها:
- هل أنتِ متوترة؟
قصد كاين بذلك مسألة رؤيتها لأبيها فهزت رأسها إيجاباً فحسب ، منذ اللحظة التي هبطت فيها طائرتهما بدأت معدتها تنقلب رأساً عل عقب.
قال كاين بصوت هادئ مطمئن:
- لا تكوني كذلك.
واكمل:
- سوف اخبره انك عدت ، يمكنك ان تتوجهي الى المنزل اولاً إذا ادرت او يمكنك الذهاب الى المكتب برفقتي ومواجهته هناك.
فكرت شانون بذلك المنزل الكبير الفارغ الذي هربت منه بقلب حزين قبل اكثر من سنتين ونصف، لم تشأ ان تعود الى هناك وتنتظر طوال فترة النهار وهي تتساءل عن كيفية استقبال ابيها لها، وعن ماهية المحاضرات التي سيلقيها عليها.
قالت لكاين بعزم:
- سأذهب الى المكتب لكنني سوف اقابله لوحدي.
واضافت:
- إنه ابي و....
قاطعتها الرنة المفاجئة لهاتفه الخلوي تلقائياً قام كاين بالضغط على زر كي يرد على المكالمة.
- مرحباً كاين! أين أنت؟
سمع الصوت المتعالي لسكرتيرة رانولف من الجهة الأخرى من الخط.
- عدت لتوي من لندن وسوف اصل في غضون...
امال كاين رأسه كي يتفحص ساعة يده ثم قام بإعطائها توقيتاً تقديرياً.
- هل أنت وحدك؟
اجابها كاين: لا
اكمل بثقة بالغة :
- شانون جاءت معي ، مهما اردت قوله ، تفضلي .
سادت لحظة من السكون مالبث ان عاد الصوت الى السماعة وقد ظهر فيه الثبات والثقة.
سألته المرأة:
- هل يمكنك معاودة الاتصال بي؟
بدا من الواضح ان تلك المرأة تريد ان يسمعها كاين وحده، هذا ما ادركته شانون ، فيما احست ان بريق الابتهاج الذي كان يغمرها اخذ يتضائل من جراء إدراكها ان مساعدي والدها يعتبرون ان ليس من الضروري ان تعرف بمايجرى من احداث.
حين وجد كاين مكاناً مناسباً على جانب الطريق لإيقاف السيارة وبدأ بإجراء المكالمة امسكت شانون بمقبض الباب واقترحت بالامبالاة ستخرة:
- ربما علي الذهاب.
احست بيد تلتقط ذراعها فيما ظل كاين يتكلم عبر الهاتف.
- ماذا؟
ساد حينئذ صمت مطبق.
- متى؟
اشتدت قبضة يد كاين على ذراعها فيما سأل :
- مامدى سوء الوضع؟
سؤاله الأخير ذاك جعل رأس شانون ينتفض ويتحرك باتجاهه فيما ثبتت نظرتها على وجهه ، همست وهي ترى الخطوط التي اخذت تتعمق اكثر فأكثر حول فمه وفكه:
- ماالأمر؟
- إنه والدك...تعرض لذبحة قلبية ونقلوه الى المستشفى.
- هل وضعه خطير؟
اجاب كاين متمنياً لو ان هناك طريقة الطف يخبرها بها:
- نعم.
مع ذلك عرف ان هذه الفتاة التي انقذت اطفال العالم وتحدت الثملين واعترضتهم تحت اسم العائلة، لن تطلب سو الحقيقة، اضاف :
- يبدو الأمر سئياً للغاية.
----------------------------------


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.