آخر 10 مشاركات
بحر الأسود (1) .. * متميزة ومكتملة * سلسلة سِباع آل تميم تزأر (الكاتـب : Aurora - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وخُلقتِ مِن ضِلعي الأعوجُا=خذني بقايا جروح ارجوك داويني * مميزة * (الكاتـب : قال الزهر آآآه - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          دجى الهوى (61) -ج1 من سلسلة دجى الهوى- للرائعة: Marah samį [مميزة] *كاملة* (الكاتـب : Märäĥ sämį - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-07-20, 11:25 PM   #511

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي


مساء الجمال والإبداع 💙😘
تسجيل حضور في إنتظااار إبداع الأستاذة😍💙


MerasNihal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-20, 11:32 PM   #512

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,962
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

صبايا نزل الفصل هلأ اجا النت

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 12:14 AM   #513

المشاغبة

? العضوٌ??? » 406852
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 446
?  نُقآطِيْ » المشاغبة is on a distinguished road
افتراضي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الخير والسعادة 🍁
اخبارك يا نيمو؟

اول حاجة انا آسفة باعتذر جداً متأخره جدا بكتابة التعليق انشغلت شوية
💔.

الحاجة الثانية الفصل جميل جميل جميل و رهيب و ملياان مفاجآت و مفاجعاات ربي يسعدك و يعطيك العافيه و يسلم ايدك ع الفصل الجبار دا.

زهرة(نيلية)

زهرة اخ ي زهرة
زهرة بنت ثغيرة عااشت مع اب ظالم و جبار مافي في قلبه ذرة رحمة و حنان و عطف اب بالاب بالأسم بس بعيد جداً عن الابوة اب قالسي جلمود
عاشت حياتها كلها وهي خايفة من ظلمه و جبروته و قسوته بتحاول قدر المستطاع تبعد عنه حتى شغلها و اغترابها لدولة ثانية خوف و هرب من ظلمه حسبي الله ونعم الوكيل
والمصيبة بعد هذا كله لسه يتشرط عليها بس عشان راتبها وياليت بيحاول يسوي فيها خير لا الأخ يقامر و يشرب خمر و قرف
تدري ي نيمو انا كنت متفاجئة جداً قلت زهرة بتحب جهاد وهو بيحبها وهو كذا موضوعهم اكتمل خلاص يا ما تحت السواهي دوااهي اخ ي زهرة
قصتها والله وجعتني جداً ي نيمو قطعت قلبي عليها

مقطعها وهي بتحاول تنقذ نفسها من ايدين صاحب أبوها اخ اذا الوحدة تفقد السند و الأمان والمصيبة الي كان لازم يكون مصدر الأمان و السند و الظهر الي يحميك من كل شر يكون هو مصدر الخوف و الرعب و الضياع
قلبي وجعني عليها
بس الحمد لله ام زهرة وللمرة الأولى بتكون لها ردة فعل
ي روحي ي زهرة ربي يعوضك
الآن كيف رح تقول لجهاد عن حقيقة أهلها اي شخص بيتمنى انو يمونوا اهله نااس يتشرف و يفتخر فيهم
بس احس الحاجة رحمة لها دور ان شاء الله بحياة زهرة 🌸

*****************

جهاد (حنظلة)

جهاد مغترب البعيد عن وطنه و أهله
المشتااق جداً لأرضه الباحث عن وطن يسكن فيه يشبه أرضه و سماءه

جهاد حبه لزهرة بعد فترة طويلة من اعجاب زهرة فيه كيف رح يتعامل مع مشكلة زهرة اكيد حيدعمها و يوقف بصفها بس زهرة هل تسمح له

و مشكلة فدوى و ريان جهاد كان بيفتخر دايما بنفسه و فيهم و يشوف نفسه من الأسباب الي اجتمعوا فيه و مبسوط من سعادتهم و العيلة الي قدروا يعملوها
ايش المشكلة الي بينهم عل هي زي كل مره مشكلة عاديه بتحصل مع كل زوج و زوجة ولا فيه حاجة اكبر و اخطر؟؟

*****************

طيف (البرتقالية) & يحيى (السندباد)

احلى ثناائي والله ي نيمو سؤال هو المقطع كوميدي ولا انا شايفة كذا
طول مابقرأ مقاطع طيف والله انا بس بضحك
طيف لذيذة و جميلة بجج و كل مرة بتحلى خاصة علاقتها مع مجد علاقة جميلة جدا مليانة حب و عطف و اهتمام
علاقة طردية طيف الي عمرها بحياتها مااتعاملت مع طفلة و لا قدرت تعيش طفولة زيها زي اي طفل
ومجد الي مااتعاملت مع الجنس الناعم ابدا المشتاقة لحضن ام و حنانها و عطفها و رقتها و لطفها
حبيتهم جداً جداً حركتها وهي تلبسها فستان الأميرة و تاج و شعر اصطنااعي كانت حركة جميلة و لطيفة جدا بيدل على اهتمام طيف بمجد جداً و إنها تحاول تفرحها بكل حاجة ممكن تسعدها

قصة مجد اخ فيه امهات في الدنيا ذي ماعندها من الأمومة الا الاسم مالت عليها قهرتني ام مجد و ابو مجد الله حزنت عليه الله يرحمه
كيف حتكون ردة فعل مجد لو عرفت حقيقة أهلها و انو الخلم الي مستنية يتحقق مستحيل يتحقق بس ربي عوضها بيحيى ؟؟
وان شاء الله طسف تعوضها عن أمها

😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂💔
طيف طحت ومحد سمى عليكك اخ نظراته بس بتعمل فيك هواويل ي طيف الله يستر بس لو طيف قالها احبك طيف حتطيح من طولها
والله طيف كوميديا متحركة 😂💔
و خاصة وهي تقول خرب بيتكك
استغفري كثير ي طيف أفكارك و احلامك بتوديك في داهية 😭😂😂😂😂😂😂😂💔

حتى يحيى بدأ يهتم فيها رغم انه لسه في البداية رغم انو بيغار على مجد وتعلقها بطيف بس مبسوط منها عشان فرحة و ضحكة مجد

******************

عزة (الخضراء) & إيهاب (الفاجومي)

عزة عرض ايهاب الزواج لها صدمها هي صحيح تحب شخصيته تحب باطنه روحه الحلوة بس بتنفر من ظاهره و سمنته و شكله
امكن لو عزة قبل كان رضيت فيه
بس عزة الآن ضعيفة جداً بتستمد قوتها من حب الناس و كلامهم
وناسية انو الناس ماتهتم الا بالمظاهر و مايعجبهم العجب ولا الصيام برجب
تعليق البنات و استهزائهم بالبنت السمينة الي اتزوجت ولا العكس نسيت والله الصراحة قهروني مرة و ردة فعل عزة و تخيلها انها ممكن تكون في نفس وضعها و ممكن سيرتها تنقال زيها.
💔🙄🙄🙄🙄

فرحة ايهاب و استعداده لمقابلتها و تظاهره قدام أمه انها حتوافق رغم خوفه و توجسه من قرارها
بس القدر له دور
هجوم البلطجية عليهم و ايذائهم يعني مايكفي اذى خطيبها القديم
الآن اخووه حسبي الله ونعم الوكيل

اخ ي نيمو الي عملتيه بايهاب الطيب الحنين
اخ ي نيمو قطعت رجله ربنا يستر الي حيحصل الآن
الصراحة قلبي وجعني عليه و على عزة
حتى ردة فعل امه الأمهات الله عليهم ربي يحفظهم لناا
كانت طبيعية هي كانت متقبلة جميلة عشان تغير ايهاب و حبه الشديد لها
بس لما اتاذى بسبب اشخاص كانت تعرفهم اكيد حتلووم عزة

وعزة يالله 💔
حتى موافقتها وقولها انها خطيبته 💔
بسبب تأنيب ضميرها

*****************

ديمة (البنفسجية) & حساام

الحمدلله على براءة ديمة 😭❤️
واخيرا ديمة حترتااح لو جسدياا بس نفسياً بااقي وجعها و ألمها ما حيهدى الا لما تاخذ حقها من كل شخص اذاها و اذى شخص قريب منها
غازي الحقير مات و نفذ بجلده وبااقي الناار جواها ماخمدت ديمة حتطلع كل إبداعاتها و عفاريتها بوجهه حسسام الي حقيقي بدأ يتغير و تأنيب الضمير و روحه الي بتحترق من المه و خذلانه للناس الي بتقرب له
بس بااقي حق هالة الي ماتت مظلومة بسبب انتقام هي مالها دخل فيه هالة الروح الحلوة و القلب الطيب و الاخت والصديقة و الأهل والوطن لديمة بعد فقدها لهم.

خطوة مجنونة جداً من ديمة وهي بتروح لحسسام
حسسام الي سكت عن الناس الي كانت ناوية تقتل عااصي و تنتقم منه سكت و نسي ضميره عشان كان بيشوف انه بينتقم لطيف من أخوها
بس في اللعبة المجنونة ذي عاصي فقد زوجته و طفله الي لسه ما جا على الدنيا و فقد بصره.
ديمة رايحه لشخص تنتقم منه عشان يدافع عنها و ياخذ حقها متحمسة جداً لقصتهم.

************************
يُسرا & عم ربييع

عم ربيع الشيخ الطيب الاب الحنين و الإنسان الصادق و الصابر الحكيم ❤️
الله لقائهم كاان رهيب و خاصة الحوار الي دار بينهم
نظرة عم ربيع ليسرا و اكتشاافه التناقض بين الي بيشوفه و الكلام الي بيسمعه و النظرة و الم و الوجع الي بيحسه في عينها
حتى كلامه لما قالها انو لو كذلت عليه في يوم مارح يبقى حااجة بينهم
حبيت تفهمه جداً و نظرته و صبره عليها رغم احسااسه الي مابيثق فيها
بس عم ربيع بيعطيها فرصة عشان تبين له انو كلامه و نظرته لها هو بس اوهام و احاسيس ولا حقيقة
قليل نلاقي مااس كذا بتعطي فرص رغم الواقع بينفي هذه الفرص ❤️❤️❤️

***********************

والله يسعدك و يعطيك العافيه و يديمك ي كاتبتنا الجميلة ❤️ ❤️

دمتي بخير و رضا

نرمين نحمد الله
زهرة الشتاء



المشاغبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 12:18 AM   #514

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,962
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

ربي يسعدك اليوم غلبني النت انشالله يلقى لأقرأ الفصل

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 12:36 AM   #515

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي

هو معاد الفصل الساعة 11ولا 12

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 12:48 AM   #516

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,962
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

عنا الساعة 1 تقريبا في فصل اليوم

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 01:08 AM   #517

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الطيف السابع
======
_عاصي!
تهتف بها ماسة برهبة وهي ترى للحظة وجهه القديم يعود إليه !!
لا تدري كيف صار فجأة أمام جهاد الذي فوجئ به يقبض على عنقه بكفيه ليلصقه بالحائط خلفه ..
_اهدأ ..إنه ضيفي!
يهتف بها عزيز بصوت عالٍ وهو يحاول إبعاد عاصي عن جهاد عبثاً ..
جهاد الذي أمسك بكتفي عاصي هاتفاً بحدة :
_ماذا تفعل يا رجل ؟!
_ما الذي تفعله أنت هنا؟!
يهتف بها عاصي بنبرته القديمة التي تفوح منها رائحة عدوانيته بينما يزداد ضغط كفيه على عنق جهاد وهو يخبط رأسه في الحائط خلفه ..
شياطين غضبه تتصارع فوق ملامحه وهو يغمض عينيه ..
يتذكر تلك الصورة التي أرتها إياه ماسة يوماً لها مع هذا الرجل ..

_افرح يا عاصي ! قلب ماستك اختار غيرك! آسفة لأنني أفسدت حفلك !
_أنت لم تفسدي حفلاً ..أنتِ سلبتني ما بقي من عمر ..أنتِ كسرتِني!!

مطارق الذكرى تهوى فوق رأسه فيتذكر ذاك اليوم الذي سافر إليها فيه ليخبرها عن حمل هالة بابنه !!
فرحته يومها وهو يشعر أنه عاصي الرفاعي الذي لن يقهره شيء!!
وانكساره بين ذراعيها وهو يراها تصرح له -كذباً - أنها -مثله- اختارت طريقاً آخر!!

_على الأقل! أفلتت إحدى نسائي من أسري حية !!

المزيد من مطارق الذكريات ..
أخو عدنان يوقف سيارته ليقتل هالة وابنه ..
سقوط السيارة به من فوق المنحدر وفقدانه لبصره ..
خسارة تلتها خسارة ..وفقد خلف فقد ..
والبداية كانت صورة هذا الرجل مع ماسة !!

ماسة التي ظنت نفسها تستطيع الوقوف كعهدها في وجه إعصار غضبه وهي تفلت سند من بين ذراعيها لتهرع إليهما هاتفة باسم عاصي الذي بدا وكأن ضغوط الأيام السابقة كلها قد أعادته لبحر طغيانه القديم ..
خاصة وجهاد يدافع عن نفسه أمام عدوانه الغاشم فيضربه برأسه ليرتد عاصي ردة خفيفة للخلف لكنه يعود ليضغط عنق جهاد أكثر وهو يخبطه بعنف في الحائط خلفه ..
نداء رحمة المندهشة ..تدخُّل عزيز الغاضب ..صياح ماسة الراجي ..كل هذا لم ينجح في إطفاء جحيم الغضب التي اشتعلت وسط غابات زيتونه ..

وأخيراً ..صرخة!!
صرخة طويلة ..طويلة جداً بدت وكأنها لن تنقطع !!
هي وحدها ما جعلت أنامل عاصي تتجمد وكأنما سكبت ثلوجها فوق نيرانه !!
صرخة سند !!

_لا تفزع الطفل يا عاصي ..أرجوك ..أرجوك !!

تهتف بها ماسة بحرقة وهي تدرك أن تماسكه الزائف منذ ذهبا إلى الصعيد انهار تحت وطأة أول ضغط إضافي..
بينما يلتفت هو أخيراً نحو سند الذي وقف منحنياً على نفسه مغطياً وجهه بكفيه وصرخاته العالية الرفيعة لا تكاد تنقطع ..
لتتسع عينا عاصي بانفعال ودقات قلبه تكاد تعوي بين ضلوعه !!
ورغم أن طفليه لم يكونا أفضل حالاً بكثير من سند لكنه ولأول مرة يشعر بأولوية تفوقهما !!
يترك جهاد ليهرع نحو الصغير محاولاً تهدئته شاعراً بوزر جديد يضاف لقائمة أوزاره ..
لكن الصغير كان ينتفض كمن أصابه مس !!
تحاول ماسة تهدئته بدورها أو حتى إزاحة كفيه عن وجهه لكنه كان متشنجاً يصرخ بهياج وهو يتلوى محاولاً التخلص منهم جميعاً ..
قبل أن يبحّ صوته ليتحول صراخه إلى نشيج مكتوم ..
ثم يعود بعدها لصمته الطويل الذي اعتاده إنما غارقاً بفيض دموعه هذه المرة !
======
*بنفسجي*
======
تقف ديمة أمام مرآة "أشباحها" كالعادة بين شبح هالة الأبيض معرضاً عنها عاتباً وشبح غازي الأسود يناظرها بغلّ شامت ..
وشبحها هي الأرجواني بين زرقة بحر ..وحمرة دم !

تمتد أناملها نحو أدوات زينتها لكنها تتراجع ..
ما حاجتها للزينة في لقاء أديم وهو الذي رآها في أبشع صورها ؟!
صفعة !
ثم لكمة !
مذاق الدم لايزال في فمها !!
تصرخ وهي تكتف ساعديها في وضع حمائي والشبح الأسود في المرآة يحرقها بنظراته فتتناول زجاجة عطرها لتلقيها في وجهه !!
تنكسر المرآة فيختفي شبحان ويبقى واحد!!
هذا الأرجواني الذي يعربد بين جنبات روحها يهزها أن :
_أفيقي من هذا الوهن ! تعلمين متى ستتخلصين من شبح غازي؟! عندما تنتقمين ! مات؟! توأم جرحه لايزال حياً في صورته ! خذي ثأرك منه ساعتها يختفي شبحك الأسود !

تتكدس الدموع في عينيها وهي ترفع أناملها نحو فردة القرط البنفسجية ..
تسمع صوت هالة ..بريئاً ..حالماً ..وعاشقاً ..كما كان يومها تماماً ..
قبل أن تجتاحها دوامة زواجها من عاصي الرفاعي:

_حسام هذا حب عمري يا ديمة ! أحببته منذ وقعت عيناي عليه ..كان أوسم رجل رأيته في حياتي ..أذكر تلك المرة التي تعثرت فيها خطواتي أمامه رغماً عني ليلتفت وقتها نحوي فأرى عينيه بهذا القرب ..عينين مشبعتين بحنان مختبئ خلف نظرة عابثة ..عينين عشقت مراقبتهما من بعيد كلما حانت لي فرصة رؤيته عبر أسفاره المتعددة ..لكنه للأسف لم يكن يراني! اختار زوجته الأولى لأقضي أسوأ ليلة في حياتي وأنا أرى حلمي به يتمزق ..فاتنة كانت ! أنيقة كبنات العاصمة ..لهذا أدركت أن مقارنتي معها خاسرة خاصة وقد كنت لديه مجرد طيف مجهول لا يعرف عنه شيئاً ! تتخيلين قسوة أن تمنحي مشاعرك وأحلامك لشخص لا يعرف حتى اسمك ؟! حماقة مراهقات ؟! ربما ! هذا ما حاولت أن أقنع نفسي به وأنا أوافق على زوجي -رحمه الله - ويشهد الله أنني جاهدت نفسي طيلة مدة زواجنا القصيرة ألا أخونه ولو في خيالي ..لكنني بقيت أشعر أن قلبي مكبل بقيد خفي ..زوجي كان قاسي القلب غليظ الطباع ..كلما كنت أنفر منه كنت أجد نفسي رغماً عني أهرب لجنة من خيالي ..لحلم مراهقتي الأول بحسام ..لكنني كنت أعود فأستغفر ربي وأدعوه أن يؤلف بين قلبي وقلب زوجي ..لكن القدر كان له رأي آخر ..توفي زوجي بعدما ترك بذرته في أحشائي ..وعلمت أن حسام كذلك طلق زوجته الأولى ..ساعتها تجدد أملي فيه ..تعلمين شعور السجين عندما يفتحون له باب القفص لأول مرة ؟! هكذا كنت أفتح باب قلبي على مصراعيه لأملي الجديد فيه ..كنت أحاول لقاءه في كل مكان يمكن أن يجمعنا ..لكنه كعهده كان يبدو وكأنه لا يراني ..هل تصدقينني لو أخبرتك أن زواجه الأول هذا قد كسر شيئاً فيه ؟! أحسستها يا ديمة ! رآها قلبي قبل عيني ! الحنان العابث في عينيه انقلب لقسوة باردة ..قسوة تمنيت لو أذيبها أنا بكل ذرة حب أحملها له ..لكنه -دون قصد - أعادني لسجن يأسي منه ..تزوج مرة أخرى ! بل ومن بلدتنا ! أعرف ما يدور ببالك لكنه ليس صحيحاً ! والله ما حقدت عليه ! على العكس ..تمنيت له السعادة التي لم أحصل أنا عليها .

لم تشعر أن الدموع أغرقت وجهها إلا عندما تلاحقت أنفاسها حد شعورها بالاختناق ..
_الحقير تركك تموتين بابنك في بطنك أمام عينيه وهو واقف يتفرج ! الحقير الذي طالما تغنيتِ بحنان عينيه لم يكن سوى جحيم من قسوة ! الحقير لا يزال يعيش حياته طولا وعرضاً بينما أنتِ تحت التراب ! الحقير لا يحمل وزرك ووزر ابنك من عاصي الرفاعي فحسب بل ووزر سند الذي فقد قدرته على النطق بعدما فقدك ..

تصرخ بها بغيظ وأناملها تكاد تحطم فردة القرط البنفسجية في أذنها من فرط ضغطها عليها ..
لتنتفض مكانها وهي تسمع رنين هاتفها ..
برقم "الحقير"!!

تشتعل عيناها بحقد أسود وهي تلتقط نفساً عميقاً لتضع الهاتف على أذنها ذات القرط ..
قبل أن تنتفض بعنف وهي تنقله للأذن الأخرى كأنما تستنكف أن يمس صوته المدنس قرط هالة !
تفتح الاتصال متصنعة رقة صوتها بدلال لهجتها الخانع..والخادع:
_كيف حالك ؟! لماذا تأخرت في الرد ؟! هل القضية صعبة إلى هذا الحد ؟!
لكنه لم يبدُ متأثراً بغنج صوتها وهو يرد بنبرة عملية :
_على العكس ..لا داعي لأن تقلقي ..أحتاج فقط لقاءك لأجل بعض الأوراق والتفاصيل ..مري عليّ في المكتب غداً لو كان يناسبك .
_بالتأكيد يناسبني! لا تعلم كم أريد أن ينتهي هذا الكابوس !
عبارتها -مزدوجة المعنى- تشعل عينيها بالمزيد من الحقد خاصة وهي تشعر أنه لم يلتقط طعمها بعد مع هذه النبرة العملية التي يخاطبها بها :
_حسناً ..موعدنا غداً !

تغلق معه الاتصال لتبقي الهاتف على أذنها لبعض الوقت قبل ترفع أناملها أمام وجهها تتذكر مصافحتها له ذاك اليوم فتهتف بتوعد :
_لن أقسم لك بحق هالة فأنت أحقر من هذا القسم ..إنما أقسم لك بحق تقززي من لمستك لكفي أن أجعلك تتمنى الموت حياٌ ..أن أمتص روحك قطرة قطرة فلا أدعك إلا رماداً تذروه الرياح !

هاتفها يصدح من جديد إنما برقم أديم هذه المرة فتفتح الاتصال لتجيبه بنبرة مترنحة :
_جاهزة ..سأتي في موعدنا!

وفي مكانه بالمطعم القريب حيث سيكون لقاؤهما يغلق هو الاتصال ليزفر زفرة مشتعلة وهو يترك خلايا جسده لاسترخاء يود لو يجده معها ..
ولو أنه يشك في هذا !!
ديمة معركة وحدها !!
لازالت تتخبط بين فتاة مراهقة توقفت فطرتها البريئة على أول درجات سلمها مع غازي ..
وبين أنثى مغدورة منتهَكة لن تقر عينها إلا لو رأت لحقّها رداً!
وهو يود لو يحتوي كلتيهما بما يليق حتى يمنحها روحاً ثالثة لامرأة تولد من جديد بين ذراعيه !

يراها تتقدم نحوه فينعقد حاجباه بضيق وهو يراها قد خلعت حجابها الذي اعتاد رؤيتها به ..
خصلات شعرها النحاسية قصيرة بالكاد تلامس عنقها في قَصّة أنيقة ..لكنها تبدو له منفرة ربما لأنه يدرك ما خلفها !
ثوبها أرجواني هو من انتقاه لها وقد استنتج عشقها لهذا اللون لكنه لم يتصورها ترتديه هكذا في الطريق لتراها كل العيون والثوب يحتضن حناياها بإغواء ساحق ..
تقترب أكثر فتتعلق عيناه بحبيبات النمش على وجهها ومن جديد يهيأ إليه أنها حمم بركانها الداخلي ضاقت بها روحها ففاضت على بشرتها ..
تقترب أكثر وأكثر فيشم رائحة هذا العطر الذي فاح منها كدعوة صريحة لكل من يقترب محيطها بخطورة سحرها ..

يطلق زفرة أخرى وهو يشيح بوجهه فيما تجلس هي على الكرسي أمامه في تلك "الكابينة" الزجاجية المغلقة التي تمنحهما خصوصية منعزلة عن باقي المكان ..
تلمح إعراضه عنها فتقول بنبرتها الصقيعية :
_ماذا بك ؟! لا يعجبك شكلي ؟! أليس أنت من اختار الثوب؟!
_اخترته لتلبسيه وحدك وليس لتكوني مشاعاً للعيون !
_لألبسه لي وحدي أم لألبسه لك وحدك ؟!
يلتفت نحوها بحدة ليصطدم بنظراتها الزائغة كأنها لا تميز وجوده بل ولا وجودها كذلك !!
ولاتزال نبرتها الصقيعية تضرب سهامها الطائشة :
_قلتَ في نفسك "صيد سهل"! وحيدة غريبة مدمرة ..لا زوج ولا أهل ولا معارف ..يمكنك..
_انظري لي!
يهتف بها فجأة بحدة مقاطعاً سيل سخافاتها فيجفلها..
ليختفي شرودها الزائغ فجأة بينما تنظر إليه بنظرة مرتعبة وكأنها في لحظة واحدة تستحضر ملامح غازي ..
هذه النظرة التي ذبحته ليهمّ بإمساك كفها مطمئناً لكنها سحبته بسرعة لتغطي وجهها في وضع حمائي بهذه الحركة التي تثير جنونه وهو يدرك ما خلفها !!

_ديمة ..ديمة ..ديمة !!
يكررها لعدة مرات بعجز غاضب وهو يقبض كفه بقوة كأنما يلفظ معها كل هذا الفيض من مشاعره !
يحاول كظم غيظه بشقّ الأنفس وهو يخشى على امرأة بماضيها أي بادرة عنف منه ..
أي حركة ..أي لفظ ..يوقن أن هشاشتها لن تتحمل !!

يعاود النطق باسمها بنبرة أكثر رقة تتخللها أخيراً زفراته الملتهبة وهو يراها تنهار في بكاء خافت مخفية وجهها بين كفيها ..
فيختلج قلبه بعنف لهذا التطرف الصريح في مشاعرها :

_انظري إليّ أرجوكِ ! أعلم سر هذا التخبط الذي تعيشينه ..أعلم بماذا تشعرين الآن وأنتِ ..
لكنه كان دورها هي لتقاطعه وهي ترفع كفيها عن وجهها هاتفة :
_تعلم؟! ماذا تعلم ؟! ماذا تعرف أنت عما أعيشه الآن ؟! تظن نفسك أنقذتني حقاً عندما بدلت لي السم ؟! تظن القدر منحني حياة جديدة حقاً عندما مات غازي؟! أنا ميتة ..ميتة تسير على قدمين ..ميتة تعيش وسط أشباحها وقد صارت منهم !

_أنتِ تملكين من القوة ما يمكنك من تجاوز كل هذا ..لن تكوني وحدك ..سأكون معك .
يقولها بنبرته القوية التي امتزجت بحنانه لتلتقي عيناها بعينيه في نظرة طويلة ..
إنما مشتتة ..زائغة ..حيرَى!

_ماذا تريد مني يا أديم؟!
_ماذا تريدين أنتِ مني؟!
يتهدج صوته القوي بعاطفته لكنه لا يخترق هذه الأنقاض التي دُفن تحت أطلالها قلبها ..
_أياً كان ما تريدينه ..كل ما تريدينه لكِ !

كل حرف من كلامه يساوي ألف وعد لكن أبجدية الحب صارت غريبة على لغتها الجديدة !!
لهذا تعود نظرتها الزائغة لتحجب عنه حديث نفسها الحقيقي بينما لسانها لايزال يترنح بحروفه :
_لا أريد منك شيئاً كما لن أستطيع منحك أي شيء !كل هذا الخراب بداخلي لم يعد يليق بأحدهم ..ربما يوماً ما ..عندما أجد عمري المفقود ..عندما تغادرني أشباحي وتعود لي روحي الضائعة .
_سأنتظر..وإلى ذاك اليوم أنا معك .
يقولها واعداً بعينين لامعتين لكنها تواجهه بملامحها المنطفئة دون أن تمنحه رداً ..
الموسيقا المنبعثة في المكان شديدة الرومنسية لكنها لا تؤتي ثمارها وسط نعيق الغربان الذي يتردد صداه في غابات روحها الخربة ..
فيتنهد هو بحرارة ليحاول صرفها عن الحديث لآخر:
_أعلم أن فردة القرط هذه تحمل ذكرى خاصة لديكِ ..ربما يمكنكِ إخباري عنها !
_كانت ..لهالة !
تهمس بها بصوت مرتعش لتردف بابتسامة بمذاق الدموع:
_أذكر أنك أصلحتها لي يوماً ..ليت كل مكسور قابلٌ للإصلاح!
_الزمن كفيل بهذا فقط لو نمنحه الفرصة .
يقولها بنبرة ذات مغزى فتهز رأسها بيأس بينما تتلفت حولها هاربة من نظراته ..قبل أن تقول بصوتها المرتعش:
_ربما أضطر للسفر غداً !
_إلى أين؟!
يسألها بتوجس يثير حفيظتها فتلتفت نحوه هاتفة بانفعال مفاجئ:
_ليس من شأنك ..أنت لن تكون وصياً على أفعالي ..أنا فقط أخبرك بما أنتويه .
يصمت للحظة متفهماً تقلب انفعالاتها الصادم والذي صار يعتاده ..قبل أن تضيق عيناه بسؤاله :
_وهل تخبرينني حقاٌ بكل ما تنتوينه ؟!
_ماذا تقصد ؟!
تهتف بها بنفس الانفعال ليصمت للحظة قبل أن يباغتها بسؤاله:
_حسام القاضي!
تشحب ملامحها للحظة قبل أن تعود الدماء لوجهها فيحمر انفعالاً مع استطراده وهو يغرس نظراته القوية في عينيها:
_ماذا كنتِ تفعلين في مكتبه ؟! ولا تكذبي زاعمة أنكِ لم تجدي محامياً غيره ليتولى شأن قضيتك !!
الشراسة الغاضبة تقتات على زرقة عينيها القاتمة قبل أن تهب واقفة مكانها مع هتافها الحاد :
_انت تراقبني؟!
لكنه يمسك معصمها بقوة وهو يقف بدوره هاتفاً بحدة مماثلة :
_أنا وقيتكِ شر نفسك ذاك اليوم عندما أردتِ إيذاء غازي ..وسأفعلها كل مرة ما دام في جسدي عرق ينبض!
_أنت تهددني؟!
تهتف بها بما بدا كالصراخ وهي تنفض ذراعها منه ليتحرك هو فيقترب منها..نظراته معلقة بعينيها لعله ينقذها من درك الجحيم هذا الذي تسقط فيه ..
_أنا أحميكِ !
ومن جديد ترتد سهام عاطفته خائبة فوق درعها الصلب وهي تكز على أسنانها لتهتف بأنفاس لاهثة :
_اسمع إذن ما لديّ ! من هذا اليوم ..بل من هذه اللحظة لا شأن لك بي ! أنا لم أسألك لماذا كنت تراقب غازي ؟! ولا ماذا كنت تفعل في بيته ؟! وما قصة الكوبرا هذا الذي تسعى خلفه ؟!..لا يعنيني ماذا فعلت ولا ماذا ستفعل ..أنا أعيش فقط لغاية واحدة ..وسأنالها !
_ستضيعين نفسك أيتها الغبية ! تذكري كيف كان حالك عندما كنتِ تتوهمين أنكِ قتلتِ غازي!!
يهتف بها بسخط وذراعاه يتحركان حولها دون أن يمسها بعجز يشبه عجزه هو الآن..
لترتد هي بظهرها للخلف خطوة مبتعدة عنه مع هتافها الشرس:
_لا تخف! لقد تعلمت الدرس ..لن تكون هذه المرة كشبيهتها!
يتراقص الخوف في عينيه القويتين وهو يقترب منها الخطوة التي ابتعدتها ونبرته تتراقص بين خوف وغضب:
_ماذا تقصدين؟!
_لا شأن لك ..لا شأن لك ..
تهتف بها وهي تتراجع للخلف أكثر فتتعثر بأحد الكراسي لتسقط مكانها فيمد كفه لها كي يساعدها على النهوض ..
لكن الرؤى تتشوش في عينيها ..
تراه غازي يمد كفه نحوها كي يصفعها ..
تراه يرفع الكرسي ليحطمه فوق ظهرها ..
تراه يجثم فوقها بثقل جسده حتى تختنق أنفاسها ..
تصرخ وتصرخ وهي تتحيط وجهها بذراعيها في ذاك الوضع الحمائي :
_لا توذيني ..لا تؤذيني!

_سيدي!
يهتف بها أحد العاملين في المكان بدهشة فضولية وهو يفتح الباب بعدما رأى المنظر من خلف الكابينة الزجاجية لكن مديره يبعده بحركة صارمة وهو يهز رأسه لأديم بحرج قبل أن ينصرف ..
لكن الأخير بدا غارقاً بكل ما فيه مع هذه التي وقفت تترنح مكانها وهي ترمقه بنظرة طويلة ..
خائفة ..ثم مندهشة ..ثم غاضبة !
قبل أن تفتح الباب من جديد لتركض مبتعدة !
_ديمة !
يهتف بها منادياً إياها وهو يركض خلفها نحو الخارج ليستوقفها خارج المكان ثم يهتف بغضب بين أنفاسه اللاهثة :
_ابتعدي عن حسام القاضي! لو كنتِ تظنين أنني سأسمح لكِ بإيذاء نفسك من جديد فأنتِ واهمة !
_ولو كنت تظن أن أحدهم سيقهرني من جديد فأنت الواهم ! غازي مات ولن يتحكم فيّ بعده أحد ..أي أحد !!
تهتف بها بنبرتها الزائغة ..المترنحة بين قوة ووهن ..
لتردف وهي تعطيه ظهرها:
_لا أريد أن أراك بعد اليوم ..لم يعد بيننا ما يقال!
تلقيها في وجهه بهذه الشراسة الخادعة التي يوقن أي خوف يختبئ تحت غلالتها لتعود فتركض هاربة ..
تاركة إياه خلفها يكاد يحترق بنيران عجزه وخوفه عليها ..ومنها!
=======
_لا تتأخر ! "لوكا" تنتظرك بالهدية ! لا تدع ثرثرة حسام الفارغة تلهيك .
يصله صوت جنة المتعجل على الهاتف فيهتف فهد باستنكار مرح وهو يغمز حسام الذي كان يركب السيارة جواره ويصله صوت جنة بوضوح:
_ثرثرة حسام الفارغة؟! حسام القاضي أمهر محامي في مصر تتهمينه بالثرثرة بالفارغة ؟! قولي إنها غيرة من منافس قوي لكِ في العمل يا أستاذة !
فيما يبتسم حسام بتسامح وهو يهتف متهكماً وبصوت عالٍ كي تسمعه هي الأخرى:
_أجل! ثرثرتي فارغة ! حتى أن القضاة يملون سماعي ويضطرون لقبول مرافعتي كي يتخلصوا مني ! لهذا لم أخسر قضية واحدة توليتها منذ بدأت عملي!

يضحك فهد وهو يسمع تعليق جنة المستثارة على الجانب الآخر من الاتصال :
_دعه لا يتبجح هكذا وأنا التي أحول إليه بعض قضاياي كي "يأكل عيش"!
_هي قضية واحدة يا أستاذة ولا تدعيني أذكرك لماذا حولتِها إليه !
يهتف بها فهد بنفس النبرة المرحة التي تخللها ضيق خفي وهو يعلم أنها تتحدث عن قضية إبراهيم ربيع..لتهتف جنة بسخط مصطنع:
_أنت معي أم معه ؟!
_أنا "مع السلامة" حالياً لأن هناك شرطياً يقترب ولن تنقذيني من مخالفة استعمال الهاتف أثناء القيادة ..سلام !
يهتف بها بمرح وهو يغلق الاتصال ليضع الهاتف جانباً ثم يلتفت نحو حسام -الذي شرد ببصره في الطريق- هاتفاً بعفوية :
_لوكا تنتظرني بالهدية ..بالأمس تمكنت من نطق جملة كاملة بحروف الجر ..تتحسن كثيراً ..الحمد لله ..لا تتصور سعادتي بها وهي تنطق كلمة "بابا" في جملة كاملة ..الأطفال أكبر نعمة ..
يقطع عبارته وهو يلعن نفسه إذ لم ينتبه لخطورة ما يتفوه به إلا عندما رأى رد فعل حسام الخفي وعضلة فكه تتشنج بينما يشيح بوجهه ..
يعقد حاجبيه بضيق للحظة وهو يحاول التركيز في القيادة ثم يربت بكفه الحر على ركبة حسام هاتفاً بمرح مصطنع:
_ولد! ولد! لا تجعلني أتحسس من كلامي معك ! تعلم أنني أتعامل معك على طبيعتي ولا أفكر قبل أن أتحدث!
فيلتفت نحوه حسام بابتسامة شاحبة وهو يطلق سبة عابرة مما اعتادا التقاذف بها مردفاً:
_دعك من هذه السخافات وأخبرني كيف يسير عملك !
_لا بأس! ربما هذه كانت إحدى فضائل جاسم الصاوي في تربيتي ..سقاني خبايا السوق مبكراً ..الشركة تبلي بلاء حسناً رغم بعض العراقيل ..تعلم صعوبة المشي على الخط المستقيم في مجال التجارة .
ينهي عبارته ليتوقف بالسيارة أمام محل لعب الأطفال فيترجل منه ليلحق به حسام فيدلفا إلى الداخل ..
ينشغل فهد في اختيار ما يناسب ملاكه الصغير فيما يشعر حسام بغصة في حلقه وهو يبتعد قليلاً محاولاً التلهي بمحتويات المكان لكن عينيه كانتا تتعلقان رغماً عنه بهذه "الكفوف الصغيرة" التي تعانق كفوف آبائها ..

_نصف رجل! نصف رجل! لماذا أرضى بنصف رجل؟!

بصوت يسرا المشبع بازدرائها يتردد صداها داخله فيقذف المزيد من الحطب فوق نيرانه ..
ينفض رأسه بعنف كأنه يدفع عنه هذا الهاجس ليفاجأ بهذا الكف الصغير يتعلق بكفه ..

_بابا!

للحظة يهيأ إليه أن قلبه يتوقف عن النبض وعيناه تنخفضان نحو الأسفل تتعلقان بنظرة الصغير المندهشة ..عينيه الواسعتين ..شفتيه المنفرجتين ..وأصابعه المنمنمة التي عادت تترك كفه ببطء ليعود معها قلبه للخفقان ..

_عفواً ..لقد ظنّك أنا ..نرتدي نفس الثياب تقريباً !

يهتف بها والد الطفل الحقيقي بنبرة معتذرة فيهز حسام له رأسه بتشتت وعيناه تهربان من النظر للصغير ثانية ..
يتحرك مبتعداً لجانب قصي وهو يشعر بأنفاسه تتلاحق ..
يهيأ إليه أن العيون كلها تحدق فيه تعيّره بنقصه ..

_نصف رجل!
_بابا!

تتوالى في أذنيه تباعاً تارة بصوت يسرا وأخرى بصوت الصغير الذي عاد هو يبحث عنه في المكان حوله ليجده أخيراً يغادر المحل ..
كفه الصغير الذي لايزال يذكر "لمسته الطازجة" يعانق كف أبيه الحقيقي !
ترتجف شفتاه بوهن يكرهه في نفسه فتبادر أنامله إلى هاتفه الذي يتناوله بسرعة ليلتقط لنفسه لصورة وهو يمسك بلعبة بشكل مدفع رشاش ينشرها عبر حسابه ويضع معها إحدى صوره وهو صغير يمسك لعبة بشكل مسدس ثم يكتب التعليق (حنين لأيام الطفولة) يتبعها بوجه ضاحك ..
كالعادة تنهمر التعليقات عليه معجبة بوسامته رجلاً وطفلاً ..
فيبتسم لها بفخر لكن هذا التعليق العفوي من أحد معارفه بعيدي الصلة يأتيه كطعنة غادرة ..

_غداً نفرح بزواجك وصورة كهذه لابنك !

_نصف رجل ..نصف رجل!!

من جديد يدوي قصفها في أذنيه فيغلق هاتفه بسرعة ثم يخفيه في جيبه مقاوماً خيبته وغصة حلقه !
_تأخرت عليك ! ما رأيك ؟! هذه أم هذه ؟!
يقاطع بها فهد جحيم أفكاره فيضع ما بيده جانباً وهو يلتفت نحو الدميتين في يدي صاحبه ..
فيبتسم وهو يتناول منه إحداهما قائلاً :
_الاثنتان ! واحدة منك ..وواحدة مني ..بشرط أن تجعلها تهاتفني وتنطق اسمي في جملة ..لستَ أفضل مني !
_ولماذا لا تأتي معي وترى وتسمع بنفسك؟!
يهتف بها فهد وهو يتحرك معه نحو "الكاشير" القريب فيرد بنبرة متعَبة لا يدعيها:
_اليوم كان مرهقاً وأنا بحاجة للراحة ..لولا إلحاحك عليّ للخروج معك بعد موعد المكتب لكنت الآن في فراشي !
_لا تمزح! أعلم أنك لا تنام قبل الفجر !
_وما علاقة الفراش بالنوم أيها المتحذلق؟! انتظر ..سأحضر هذه لسلطانة !
يقولها ثم يندفع نحو ركن قريب خاص بألعاب الحيوانات لتمتد أنامله نحو هذا الكيس من الأقراص الطائرة وكرات المضغ الخاصة بالكلاب ..

_ستفرح بهم كثيراً !
ابتسامة "حقيقية" ترتسم على شفتيه ويجيد فهد تمييزها فيبتسم هو الآخر برضا وهو يشير لاهتزاز هاتفه في جيبه هاتفاً بمرح :
_الأستاذة تتعجلني ! غرامة التأخير اليوم مضاعفة !
======
_سلطانة !
يهتف بها بعاطفة حقيقية وهو يتلقى نباح الكلبة المرحب عقب عودته إلى حديقة بيته ..
يهرع إليها ليضمها نحوه بحنان ثم يمسد عنقها هامساً :
_ترين ماذا أحضرت لكِ ؟!
تنبح الكلبة بسعادة وهو يفتح الأكياس ليستخرج كرات المضغ والأقراص الطائرة بألوانها المبهجة ..
ورغم إجهاده الذي كان يحكي عنه لفهد لكنه وجد النشاط يدب في جسده وهو يلاعبها لوقت طويل لم يحسبه ..
حتى يغلبه إعياؤه أخيراً فيتهاوى جالساً جواره يلتقط أنفاسه وضحكة "حقيقية" تغزو شفتيه ..
وربما لكونها "حقيقية" بخِل هو بها على مواقع التواصل ليكتفي بتنهيدة رضا وهو يعاود ضمها إلى صدره ليهمس لها كأنها تفهمه :
_أحب وجهي معك يا سلطانة ..تعلمين كم وجهاً أسود أملك ؟! الكثير ! ولا أظن العمر كله يكفيني لتبييضها !

يتنهد ثانية وهو يربت على رأسها ثم يتحرك ليحضر لها الطعام الذي يضعه أمامها ..
فتنحني برأسها لتتناوله ..
ورغماً عنه تستحضر عيناه صورة "الكف الصغير" وكلمته القاتلة :
_بابا!

دمعة عجز تترنح في عينيه ..
هل يمكن أن يجتاح المرء كل هذا الحنين لشعور لم يجربه أبداٌ؟!
هل يمكن أن ينتفض القلب بكل هذا الجوع لعاطفة لم تطرق بابه ولو للحظة ؟!
هل هو مجرد سوطٌ على كبرياء رجولته ؟!
أم هو ظمأ حقيقي لهذا الإحساس الذي كُتِب عليه ألا يعرف مثله يوماً ؟!!

المزيد من "الحطب" تقذفه به كآبة هذا اليوم المضاعفة لتشعل النيران داخله أكثر ..
ما حيلته ؟! وجحيمه الحقيقي بين ضلوعه !!

يشعر بتربيتة ناعمة على كتفه فيلتفت جانباً بحدة لتتلقفه ابتسامتها الحانية :
_عندما أرى الباب الخارجي مفتوحاً أعرف أنك نسيت نفسك في اللعب مع سلطانة !
يزفر زفرة قصيرة وهو يعود ببصره نحو الكلبة قائلاً بنبرة منهَكة :
_دينا! أنا متعَبٌ جداً اليوم ..لا طاقة لي بجدال أو حتى مجرد حديث .
_ومنذ متى أتعبك في حديث ؟! يكفيني وجودك معي ولو صامتاً !
تقولها بعاطفتها -اللا مسماة- نحوه وهي تتحرك لتقف قبالته قائلة :
_أريدك أن تفرح معي ..أنا وجدت المكان الذي يصلح ليكون ال"ستوديو" الخاص بي ! أخيراً سأحقق حلمي!
_من أين أتيتِ بالمال ؟!
يهتف بها بشك وعيناه الصقريتان تكتسحان ملامحها في اختبار سريع لتبسط راحتيها في وجهه مطمئنة بقولها السريع :
_كنت أدخر من راتبي !
نظرة الشك في عينيه تزداد ضراوة فتطرق برأسها قائلة :
_أنا جئت لأفرح معك لا لأفتح دفاتر قديمة ..ظننتك أول من يستحق أن يحصد معي ثمار هذا الطريق الجديد .

جدار القسوة على ملامحه يتفتت رويداً رويداً لتلين نظراته وهو يقول أخيراً باقتضاب:
_مبارك .
تبقى مطرقة الرأس قليلاً وكأنما يثقلها ذنبها فيتنهد بحرارة مردفاً :
_أعرف كيف تبدو حلاوة مذاق الحلم عندما يتحقق ..تماماً كما أعرف مرارة مذاقه عندما يتحول لكابوس..حافظي على مذاق حلمك يا دينا .

ترفع إليه عينين دامعتين بمزيج من فرحة ..تأثر ..مع شبح طفيف من عتاب ..لكنه يتجاهل كل هذا وهو يسمعها تهتف بلهفة بينما ترفع الكيس الضخم الذي تحمله :
_دعنا إذن نحتفل .
_أنا مُتعَب! صدقيني!
_لن تنام قبل الفجر كعهدك ..دعني أبقى معك ..ككل مرة !
تقولها برجاء فتزيغ عيناه بشرود وهو يفكر ..
ربما كان وجود دينا هو ما يحتاجه هذه الليلة كذلك ..
لو كان يملك المزيد من الجرأة لأخبرها -مثل سلطانة - أنه يحب وجهه معها كذلك !!

لهذا تحرك معها إلى داخل البيت في موافقة غير منطوقة وهو يستمع شارداً لثرثرتها حول الستوديو الجديد ..
يعلم أن هوايتها التي شغفتها حباً هي التصوير..ويعترف أن لها مهارة وذوقاً خاصاً في هذا الشأن ..
ربما لهذا يدرك قيمة فرحتها بقرب تحقيق حلم كهذا بعد ماضيها الذي يعرفه !

_نجلس في الشرفة ؟!
تهتف بها وهي تناوله طبقاً من الحلوى التي أحضرتها فيهز رأسه نفياً وهو يتحرك نحو غرفة مكتبه القريبة :
_رأسي يكاد ينفلق من الصداع ..العمل في هذه الحالة هو علاجي الوحيد .
تبتسم والعبارة لا تدهشها مع ما تعلمه من صفاته فتتبعه لتجلس على الأريكة الجلدية المقابلة لمكتبه وهي تتناول من حلواها هاتفة :
_لماذا اخترت العمل بالمحاماة ؟! تملك من المال الكثير ..كان يمكنك فتح مشروعك الخاص أو حتى مشاركة صديقك ابن جاسم الصاوي !
فترتسم على شفتيه ابتسامة جانبية وهو يتخذ مقعده خلف مكتبه لينزلق بجسده قليلاً في محاولة بائسة للاسترخاء..
جفناه ينسدلان ببطء يناسب ثقل حروفه :
_متعة القبض على مجرم توازي متعة رد حق مظلوم ..ربما عندما تحين النهاية ..أجد في حياتي ما كان يستحق العيش لأجله !
_بل هو حظي الجيد كي أقع في طريقك .
تقولها بامتنان واضح ليرد بنفس النبرة التي تبدو وكأنها ثقل جبال العالم كله :
_لا أظن أحدهم جيد الحظ بوقوعه في طريقي!

_تبدو لي غريباً الليلة .
_الليلة فقط؟! أنا دوماً غريب!
يقولها عبر جفنيه المنسدلين بصوته المنهَك حتى تظنه سيستسلم للنوم ..
لكنه يفتح عينيه أخيراً ليعتدل في جلسته ويشاركها تناول الحلوى حتى ينتهيا ..
فتقف هي لتتناول الطبق الفارغ من جواره قائلة بامتنان:
_شكراً على كل شيء ..من البداية وحتى مشاركتي لحظة كهذه .
يهز لها رأسه دون رد هارباً من فيوض عاطفتها التي تمد جسورها بين عينيهما ..
_لن أعطلك ..امضِ في عملك .

تقولها وهي تتحرك لتغادر فيراقب ظهرها المنصرف بعينين شاردتين ..
يعلم أنها ستكتفي بالجلوس صامتة ككل مرة لكنه لا يعلم لماذا لا تيأس منه رغم كل الأبواب التي يغلقها في وجهها ..

يطلق أخيراً زفرة طويلة وهو يتناول أحد ملفات قضاياه الأخيرة ..
"ديمة ضرغام " !
تتوقف عيناه قليلاً أمام صورتها في قسيمة زواجها التي ألحقتها بملف قضيتها ليقارنها عفوياً بصورة المرأة التي زارته في مكتبه !
يالله ! كم بينهما ؟!!
كيف يمكن لبضع سنوات فحسب أن تحول براءة وجه طفولي الملامح كذاك إلى هذه النسخة المنطفئة الذابلة ؟!
غازي خضر!
يعرف الكثير -منذ كان في بلدته- عن ذاك الرجل وتندرهم ببخله وقسوة طباعه !
لكن كيف وصلت هذه "البريئة" لبراثنه ؟!
ينعقد حاجباه بضيق وهو يشعر بهذه القضية بالذات تثير انفعاله !
ربما لانتمائها لبلدته في الصعيد وهو الذي قرر أن يلقي كل ماضيه خلف ظهره ..
وربما لشيء ما يخص تلك المرأة ..
هل هو جمالها الاستثنائي؟!
ومنذ متى يقع هو في شرك فتنة امرأة ؟!
لا ..لا ..
ربما لأنها تذكره بصورة "دعاء" !
يرى فيها ذنبه القديم ؟!
يريد أن يرد لها مظلمتها لعله يرى فيها هي الأخرى "وجهاً" جديداً لنفسه ..وجهاً يحبه !!

ينغمس بذهنه في تفاصيل ملفها البسيطة والتي لا يظنها ستكون قضية معقدة ..
حقها في إرث زوجها لن يضيعه "تزوير" خائب كهذا الذي ابتدعه أهل زوجته الأولى ولم يكونوا ليجرؤوا عليه لولا يقينهم من ضعفها ووحدتها هنا دون أهل ولا سند !

يكتب بعض النقاط الخاصة بها على حاسوبه ثم ينتبه لغياب دينا فيخرج باحثاً عنها ..
يبتسم ابتسامة واهنة وهو يراقبها من بعيد تلاعب "سلطانة" ..
"وجهان" له يحب رؤية نفسه فيهما ..
لعله يخفف عن كاهله سواد بقية "وجوهه"!!
=======
_عاصي!
تهمس بها ماسة بوجل وأناملها تحط على كتفيه من الخلف وقد جلس في المرسم الخاص به في بيتهما الساحلي مطرق الرأس أمام لوحته الأخيرة ذات "اليد السوداء" الصغيرة ..
_دعيني وحدي ..لا أريد الكلام!
صوته بالكاد يغادر شفتيه لكنها تدرك أي صراع يخوضه الآن مع نفسه بعد ما صار !

_ومنذ متى أحتاج لكلامك ؟! ماستك تجيد قراءة صمتك !

يرفع إليها عينيه ليروعها هذا الفراغ الزيتوني الرهيب الذي غرق في بحار مرارته ..
تتخذ مجلسها فوق ساقيه وهي تحيط وجنتيه براحتيها للحظات قبل أن تريح رأسه على صدرها ..
تشعر بتشنج جسده الرافض لكنها تتشبث به بكل قوتها ..

تعلم أن إعصار الماضي القاهر كان أقوى منه هذه المرة وهو يواجه ركام "هيكل ذنبه" الأسود من جديد ..
رأتها في عينيه وهو يمر أمام حطام بيته القديم ..
وهو يواجه نظرات أهله بهذه القوة الهشة المتصدعة ..
وهو يتلقى نفور سند منه منذ اللحظة الأولى وحتى انهيار الصغير التام في بيت رحمة الذي اختارت الذهاب إليه عقب عودتهما من الصعيد لعلهما يستمدان منه بعض السكينة ..
لم تكن تعلم أن لقاءهما القدري بجهاد هناك سيكون القشة الأخيرة التي ستهدم تماسك عاصي ليدفع الصغير سند المزيد من الثمن !!
أجل ..ما فعله بجهاد لم يكن مجرد غيرة رجل خاصة وقد أخبرته هي منذ سنوات عن الحقيقة ..
إنما كان القطرة الأخيرة التي فاض بها كأس احتماله وهو يرى شريط ماضيه يمر أمامه !

_تذكر يوم قلتَ لي:"لا تهيلي التراب فوق الجمر المشتعلة..أطفئيه أولاً"؟! الآن أقولها أنا لك ..جمرك لا يزال مشتعلاً يا عاصي ..هروبك ليس حلاً ..جنتنا الآمنة هنا ستصير سجناً لو بقيت تقسو على نفسك بهذه الصورة وتحرمها حق الصفح ..أنت لم تقصر في حق سند طوال هذه السنوات ..ولن تفعلها يوماً ..كل ما حدث كان خارجاً عن إرادتك !

الصمت الطويل يسودهما لدقائق قبل أن يرفع رأسه لترى عينيه تحيدان نحو اليد السوداء فوق لوحته فتدمع عيناها بعجز هاتفة كأنها تطمئنه :
_سند نام أخيراً بعد تناوله دوائه الذي كتبه دكتور كنان .
_وعندما يستيقظ ؟! هل سنبقيه نائماً طوال العمر ؟!
يصرخ بها أخيراً بحدة مشتعلة وهو يبعدها عنه ليقف مكانه مردفاً بنفس العجز:
_ماذا أفعل وأنا لم أعد أئتمن عليه الآن أحداً سواي بينما هو يكاد يموت رعباً كلما يراني؟! هل ألقيه لواحد من عائلته الطامعين في ماله وهو بهذه الحالة التي لن يتمكن فيها حتى من الشكوى لو أساء إليه؟! أم أتركه هنا معنا يذوي أمام عيني يوماً بعد يوم ؟!

تمسح دموعها خلسة وهي مثله تشعر بالعجز !!
الصغير بعد وفاة أمه لم يكن يأنس سوى لكنف خالته الراحلة ..
وحالته بعد موقف عاصي الأخير في بيت رحمة ازدادت سوءاً !
لقد ظنت أن عودتهما هنا بالصغير في المكان الخلاب وسط الرمال والبحر ومع طفليها سيغير بعض شأنه ..
لكنه لايزال على رهبته ودموعه التي لا تتوقف بل وصراخه كلما رأى عاصي!!

_عاصي!
تهمس بها أخيراً بحسم وهي تعاود اقترابها منه لتردف بقوة أرادتها أن تنتقل منها إليه :
_ربٌ رحيم منحك حياة جديدة بعد كل ما لاقيته لن يبخل علينا اليوم بخلاص ..تشبث بيقينك في هذا ولا تقنط !

يغمض عينيه بقوة وهو يرفع رأسه لأعلى في وضع الدعاء ليقطع رنين الجرس صوت أفكاره ..

_من سيزورنا دون موعد ؟!
يهتف بها عاصي بتوجس وهو يتحرك نحو الباب ليفتحه بينما تسحب ماسة وشاحاً قريباً تغطي به رأسها لتلحق به ..
وما كادت تقترب من الباب حتى اندهشت من مرأى هذه الصهباء الفاتنة التي وقفت دامعة العينين تغمغم بصوت مختنق:
_أريد رؤية سند !
=======
ينعقد حاجبا عاصي بشدة وهو يتفرس في ملامحها قليلاً قبل أن يشير بسبابته نحوها قائلاً :
_أنا رأيتك من قبل ! أنتِ ...؟!
_صديقة هالة .
تقطع بها حيرته بنفس النبرة المرتجفة فيزداد انعقاد حاجبيه وهو يغمغم كأنه يتذكر المزيد :
_السورية ..زوجة غازي خضر .
_أرملته !
تصححها له مطرقة الرأس فيرتفع حاجباه للحظة قبل أن يشير لها بكفه نحو الداخل بغير ترحيب حقيقي ..
آخر ما يريده الآن أن يصطدم بالمزيد من نتوءات ماضيه التي يزداد بروزها يوماً بعد يوم ..

تحييها ماسة ببعض التحفظ وهي لا تشعر بارتياح نحوها ..
ربما هي بقايا غيرة طبيعية من صديقة امرأة كانت يوماً ضرتها ..
وربما هو شعورها أن عاصي الآن بالذات لا يحتاج المزيد من الضغوط ..
وربما هو قلقها على سند نفسه لو رأى هذه المرأة !!

فيما تجلس ديمة مكانها وهي ترمق ماسة بنظرة حسرة لم تستطع إخفاءها ..
هاهو ذا عاصي الرفاعي أكمل حياته كما ينبغي ليتزوج وينجب ..
وهاهو ذا حسام القاضي أكمل طريقه وغيّر مهنته ليصير محامياً ناجحاً..
الخصمان وجد كل منهما بداية جديدة وحياة سعيدة ووحدها هالة وابنيْها سقطوا بينهما !!
فأي ظلم هذا ؟! أي ظلم !!

_اسمح لي برؤية سند ..لم أرَه منذ زمن طويل ..غازي لم يكن يسمح لي بزيارته .

تغمغم بها بنبرة راجية لكن عاصي يهتف بها بحسم :
_الولد مريض ..لا يمكنني السماح لكِ بهذا دون استشارة طبيبه !

_أرجوك يا سيد عاصي ..لا تحرمني هذا ...
تهتف بها بالمزيد من الرجاء لكنه يقاطعها هاتفاً:
_عاصي الرفاعي لا يكرر كلمته مرتين ..أخبرتكِ أنه ..
عبارته الغاضبة تقطعها صرخة الصغير الطويلة التي فوجئ جميعهم بها وهو يقف خلفهم قبل أن يغطي وجهه بكفيه ..
ليهتف بها عاصي بحنق بينما يلوح بذراعه :
_أرأيتِ بنفسك ؟! انصرفي الآن .
تنتفض ديمة مكانها بجزع وهي تمد ذراعيها نحو الصغير..
تقترب منه بخفة لتستخرج من حقيبتها دمية بلاستيكية قديمة بشكل "بطة صفراء" تشوهت ملامحها بما بدا كشخابيط طفل !
هذه التي رفعتها أمام وجه الصغير وهي تزيح كفيه عنه لتتجمد نظرات الصغير للحظات فوق دميتها ..قبل أن يخرج من جيبه لعبته التي لا تفارقه أبداً..دمية تشبه خاصتها تماماً إنما أصغر حجماً ..
قبل أن يفاجأهم جميعاً وهو يندفع نحوها ليطوقها بذراعيه دافناً وجهها في حنايا ثوبها وقد توقف عن الصراخ !!

يرتفع حاجبا ماسة بصدمة وهي تتبادل مع عاصي نظرات مندهشة لكن هذا لم يكن شيئاً أمام الموقف التالي وهي ترى ديمة تجثو على ركبتيها تحتضن وجه الصغير براحتيها هاتفة بين فيض دموعها :
_أنت تذكرتني ؟! تذكرتني يا سند ؟! تذكرت لعبنا سوياً بها منذ سنوات ؟!
تقولها وهي تتذكر أن هالة من ابتاعت لهما هاتين الدميتين ليتشاركا بها اللعب ..هالة التي لم تكن تعتبرها صديقتها وأختها فحسب بل وابنتها كذلك ..تماماً مثل سند !!
بينما يمنحها الصغير إجابة وافية وهو ينطق بأول كلمة له منذ عهد بعيد :
_ماما!
شهقات بكائها تمتزج بقبلاتها التي أمطرت بها وجهه وهي تضمه إليها بقوة كأنها تعانق فيه الغالية الراحلة ..
تعانق فيه روحاً وحيدة تشبهها ..
تعانق فيه وجعاً كوجعها ليس له براء!!

تدمع عينا ماسة بتأثر وهي تقترب من عاصي لتحتضن كفه بكفها وهي تشعر أنها ترى معجزة !!
نفس الشعور الذي اكتنفه هو الآخر وهو يرى الصغير يأنس بين ذراعيها غير نافر كعهده ..
لولا أنه سمعه ينطق كلمة "ماما" هذه لظن نفسه يحلم !!

_أرجوك يا سيد عاصي ..دعه معي ..أنا الآن أعيش وحدي في العاصمة ..لن يكون لي شاغلٌ غيره !
تهتف بها ديمة بحرقة راجية وهي تضم سند نحوها ليتمالك عاصي نفسه وعيناه معلقتان بالصغير الذي تشبث بها تشبثه بأمه ..
يتبادل مع ماسة نظرة خاصة ثم يشرد ببصره قليلاً مفكراً ...
قبل أن يقول أخيراً :
_يمكنكِ البقاء معنا اليوم حتى نستشير طبيبه ..وغداً أخبركِ بما أنتويه !
======
*أحمر*
======
_صرت بخير يا "كوثر" ..كان مجرد حادث بسيط !
تغمغم بها يسرا بخفوت عبر الهاتف مخاطبة خادمتها المخلصة في بيت أمها لتردف بلهفة قلقة :
_أمي بخير؟!
تتردد كوثر في إخبارها بما حدث لأمها تلك الليلة بعدما سمعته من أمر ذاك الحادث الذي تعرضت له وقد أشفقت عليها من ذكر المزيد من المنغصات خاصة والأم قد عادت لسابق حالتها من السكون الهادئ بعدها ..
_لا تقلقي ..نحن معها ..سمرا ترعاها على أفضل وجه ..وعندما تستردين عافيتك تماماً تعالي واطمئني بنفسك .

_ضعي سمرا هذه تحت عينيكِ طوال الوقت ..لا تمنحيها ثقتك .
تغمغم بها محذرة لتهتف كوثر بعتاب حانٍ:
_وما دمتِ لا تثقين بها تمام الثقة فلماذا زرعتِها هنا بيننا؟!
_هل تحاسبينني؟!
تصرخ بها يسرا بانفعال يجعلها تتأوه وهي تتحسس موضع جرحها لتهتف كوثر بسرعة :
_اهدئي يا ابنتي ..أنا لا أملك حق محاسبتك..أنا فقط أريدكِ أن تكفي عن هذا العبث ..سمرا طيبة و"بنت حلال" لكن هذا الوضع الغريب سيثير المشاكل .
_أي مشاكل ؟! تظنين أحدهم سيلحظ الفارق ؟!
تغمغم بها يسرا بسخرية مريرة وهي تغمض عينيها لتردف بغضبها الكسير:
_تعلمين؟! وددت حقاً لو تنكشف اللعبة ! لو يلاحظ أحد -أي أحد !- أنها ليست أنا ..لو يكون هناك حقاً من يميز في يسرا الصباحي أكثر من وجهها وجسدها وثيابها !..لأي حياة إذن تريدنني أن أعود ؟!

تتنهد كوثر بيأس من مجادلتها وهي في هذا الحال لتستطرد يسرا بألم أطلقته حراً هذه المرة دون قيد :
_اعتني بأمي حتى أسترد عافيتي وآتيها ..لا أريدها أن تراني الآن ..حتى وهي في هذا الحال ستميز ألمي ..قلب الأم لو نسي الدنيا كلها فلن يغفل عن ذرة وجع تصيب ابنه .

يتهدج صوتها في عبارتها الأخيرة لتسيل معها دموعها الصامتة فتدمع عينا كوثر بدورها وهي تدرك معاناة ماضيها لتقول لها بحنان مشفق:
_وحدي الله يا ابنتي! ربك كريم ! لا تحملي هماً ..أنا هنا مكانك.

تغلق معها الاتصال وهي تطلق زفرة مشتعلة بينما عيناها تدوران في الغرفة الغريبة حولها لتمسح دموعها بأناملها ..
الغرفة التي صارت لها في هذه الشقة الصغيرة -بل نصف شقة في الواقع- فوق سطح بيت قديم حيث اصطحبها والد إبراهيم عقب خروجها من المشفى في حيهما البسيط ..
البيت القديم الذي يعلو الفرن الذي هو صاحبه والذي يقابل بيته هو !!
لا بأس .."اللعبة" لا تزال تسير كما تريد هي ..و"النرد" المراوغ لا يزال طوع أناملها !!
هاهي ذي تقترب أكثر من إبراهيم وأبيه لتتجاوز المزيد من الدوائر نحو مركز كل منهما !!

تسمع صوت طرقات خافتة على باب الغرفة فتتذكر صاحبة الشقة الحقيقية التي قبلت استضافتها ..

_ادخلي يا هبة !

تدلف الفتاة الشابة إلى الداخل لتتفحصها يسرا ببصرها ..
جميلة الملامح مميزة ببساطتها ..صحيحٌ أنها لا تقارن بفتنتها هي إنما يبقى في وجهها شيء يجعلها هي تشعر بالغيرة ..
البراءة!!
هذه النظرة "العذراء" في عينيها لامرأة لم تعرف من وجع الحياة إلا قشوره ..والممتزجة بتحفظ مهذب خلف زجاج نظارتها السميكة وحجابها الذي لا تخلعه حتى وهما هنا ليس معهما أحد ..
بل إنها لا تظنها تخلعه حتى وهي وحدها!!

تبدو لها النسخة المضادة منها لكن لا بأس ..
لا تزال اللعبة تحلو أكثر بالمزيد من اللاعبين ..

_خالي ربيع بالخارج مع إبراهيم ..يريدان الاطمئنان عليكِ !

تقولها هبة بلكنتها القروية فتضيق عينا يسرا بالمزيد من التفحص وهي تتذكر ما أخبرها به ربيع عن كون الفتاة ذات صلة قرابة بعيدة به ..توفي والداها بعدما قدما بها من قريتها إلى القاهرة لتكمل دراستها في كلية الدراسات الإسلامية التي صارت معيدة فيها ..ربما لهذا تناديه "خالي ربيع" وليس "مستر ربيع" كالآخرين!
لماذا تشعر بالخطر من هذه الفتاة رغم طيبتها الظاهرة ؟!

تتجاهل الخاطر الأخير وهي تعتدل في جلستها فوق الفراق قائلة :
_حسناً ..يمكنهما الدخول؟!
_الدخول إلى أين ؟! هل تمزحين؟!
تهتف بها هبة بصرامة وهي تعدل وضع حجابها فوق رأسها مردفة :
_هما ليسا من محارمك كي يدخلا عليكِ خاصةً وأنتِ مستلقية هكذا في الفراش!
_محارمي؟!
تهتف بها يسرا مستغربة وقع الكلمة الغريب على أذنيها لتهتف هبة بنفس النبرة :
_أعلم أنكِ لست محجبة ..لكن هذا لا علاقة له بالأمر ..هما ينتظران بالخارج ..لو كنتِ بخير يمكنكِ الخروج إليهما ..وإلا ابقي مستريحة مكانك وأنا سأطمئنهما!

ينعقد حاجبا يسرا بغضب من هذه اللهجة الصارمة التي تتحدث بها إليها فتنفرج شفتاها وهي تهم برد عنيف لكنها تعاود إطباقهما وقد أدركت وضعها الحقيقي هنا ..
لو كانت تريد البقاء هنا فلابد أن تشتري ود هذه الفتاة ..
لا بأس!!
كل هذا فداء ل"اللعبة" المثيرة !!

_سأخرج إليهما!
تقولها بخنوع مصطنع وهي تنهض من فراشها لتتقدم هبة نحوها قائلة بنبرة أرق:
_لازلتِ تشعرين بألم؟!
_قليلاً!
تقولها يسرا باقتضاب وهي تلقي على نفسها نظرة عابرة في مرآة قريبة ..
وجهها الشاحب خالٍ من الأصباغ لكن لا بأس ..فتنتها الطبيعية تكفيها!

_صباح الخير يا ابنتي! أردنا أن نطمئن عليكِ قبل أن أذهب أنا إلى الفرن وينشغل إبراهيم بعمله.
يهتف بها ربيع بحنانه المعهود وهو يتفحص ملامحها بخبرته لتبتسم له هاتفة :
_لا أدري كيف أشكرك يا "أنكل" ..آآآ ..يا مستر ربيع!

ترتبك كلماتها رغماً عنها وهي تخطئ نطق الكلمة الانجليزية فيبتسم ربيع بمكر وهو يتأكد من صدق ظنونه بشأنها ..
ثم يختلس نظرة نحو إبراهيم الذي وقف مطرقاً برأسه مكتفاً ساعديه إنما قدمه كانت تخبط الأرض بوقع رتيب بطيئ كعهده عندما يتوتر ..
"الدرويش" متأثر بهذه المرأة حقاً ..
ولو ترفّع بجوارحه عن حرام النظر إليها !

_وأنت كذلك يا إبراهيم تستحق كل الشكر ..لقد كُتِب لي عمر جديد على يديك !
تقولها يسرا بصوتها المغناج فيشيح إبراهيم بوجهه قائلاً بتحفظ:
_الشكر لله ..المهم أن تعتني بحالك وتفكري فيما ستفعلينه الأيام القادمة .

_سأعمل مع مستر ربيع في الفرن !!
تهتف بها بسرعة وقد واتتها الفكرة الجريئة لتوها!!
لقد سمعت هبة تتحدث عن احتياج الرجل لمن يعمل معه فلماذا لا تستغل الفرصة للمزيد من الاقتراب..خاصة وإبراهيم هذا يغلق كل أبوابه في وجهها..إنه حتى لا يكاد ينظر إليها!!

_ماذا تقولين؟! أي فرن؟! بالطبع لا!!
يهتف بها إبراهيم بحدة ظاهرها الاستهجان ..وباطنها الغيرة!!
الغيرة التي لا يريد الاعتراف بها وهو يرى أهل الحي البسيط لا حديث لهم منذ حضورها إلا عن الشقراء الفاتنة !!
الغيرة التي لا يجدها منطقية ويفسرها بمجرد الحميّة الرجولية على امرأة بوضعها!!

وحده ربيع كان يشعر بابنه وابتسامته الماكرة تتسع مع قوله :
_ولماذا لا؟! أنا أحتاج فعلاً لمن يساعدني!
_لكن ..
يهتف بها إبراهيم باعتراض يقطعه وهو يعاود الإشاحة بوجهه لكن هبة تبدو وكأنها تؤازره في اعتراضه:
_إبراهيم معه حق ..سمرا جمالها ملفت وسيجلب المشاكل .
_سأتحجب!
تهتف بها يسرا بعناد تغلبها به طبيعتها النارية قبل أن تردف بخنوعها المصطنع موجهةً سهامها كلها للعجوز الذي بدا أقربهم لمهاودتها:
_أرجوك يا مستر ربيع ..أنا أحتاج العمل وأنت تعلم ظروفي ..سأكون آمنة معك .

_لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
يقولها ربيع وهو يصدر همهمة تفكير قصيرة بينما يطرق برأسه فيزدرد إبراهيم ريقه بتوتر وهو يفكر ..

"الرامية القرمزية" لا تزال تجيد إطلاق سهامها الصائبة نحو الهدف !
هذه المرأة تثير جنونه من عنف هذه الفوضى التي تثيرها داخله !!
شيء بها يناديه ..يستعطفه ..يرجوه أن يقترب..
وشيء به هو يستصرخه أن ينتبه ..أن يحذر ..أن يبتعد !!

لا يزال "العندليب الأخرس" في عينيها يصدح!
يصدح بلحنه الذي تصمّ عنه أذنه إنما تسمعه روحه !!
_أوافق لكن بشروط ..
يقطع بها أبوه سيل أفكاره فينعقد حاجباه هو بالمزيد من الضيق بينما تهتف يسرا بلهفة :
_أوافق على كل الشروط .

_اسمعيها أولاً ..شرطي الأول هو ما ذكرتِه بنفسك ..أن تتحجبي وتغطي جسدك بثياب محتشمة ..أعلم أنه ليس من سلطتي أن أفرض عليكِ شيئاً كهذا لكنني لا أريد مشاكل ..وشرطي الثاني أن يكون الأمر مؤقتاً حتى نجد لكِ عملاً غيره يمكنني الاطمئنان عليكِ فيه ..أما شرطي الثالث فهو بخصوص راتبك ..سأمنحكِ نصفه فقط والنصف الثاني سأدخره لكِ معي حتى إذا أردتِ مغادرة المكان هنا في أي وقت تجدين ما يمكنكِ الاعتماد عليه .

يقولها بحسم فتبتسم وهي تجد الشروط أكثر من عادلة لتهتف بظفر:
_موافقة ..موافقة بكل تأكيد !

يتبادل إبراهيم مع هبة نظرة ضائقة فيما يبتسم ربيع بدوره وهو يهز رأسه قائلاً:
_على بركة الله ..استريحي بضعة أيام حتى يستعيد جسدك تمام عافيته وبعدها ييسر الله الحال ..تريدين شيئاً؟!
يسألها وهو يتأبط ذراع إبراهيم متأهباً للمغادرة فتهتف يسرا بامتنان مبالغ فيه :
_سلامتك! شكراً ..شكراً..أنا لم أرَ في حياتي من هو أكثر طيبة منك!

_اعتني بها يا هبة ..أعلم أنكِ لا تحتاجين توصيتي .."فيكِ الخير"!
يخاطب بها قريبته التي تبتسم له بطيبة هاتفة بلكنتها القروية :
_في عيني يا "خال" ..لا تقلق!

_السلام عليكم !

يقولها وهو يتحرك مع إبراهيم مغادراً ليستوقفهما نداء يسرا :
_إبراهيم !

يختلج قلب إبراهيم بعنف وهو يجرب لذة هذا الشعور الفطري لأول مرة ..
أن يسمع اسمه منها بهذه اللهفة فترتجف كل خلية في جسده كأنما لم يسمع صوت امرأة من قبل ..

يلتفت نحوها غاضاً بصره ليشعر بها تقترب فتضطرب جوارحه أكثر :
_أحتاج أن أجمع بعض أشيائي المهمة من المحل والبيت ..أخاف أن أذهب وحدي ..تعال معي من فضلك .

يهز لها رأسه موافقاً فتمنحه ابتسامة توقن أنه لن يراها مع إطراقة رأسه هذه ..
لكنه حقاً رآها ..رآها بقلبه دون عينيه لتزهر في غابات روحه التي ظنها صارت حفنة من رماد ..
فهل للرماد حياة ؟!

_الحمد لله أنها ستتحجب ! "الحرافيش" كانوا ليأكلونها !! أتوقع أن يرابطوا عندي في الفرن بعدما كانوا يتهربون من مساعدتي فيه !
يقولها ربيع مازحاً بعدما ابتعدا تماماً وهو يهبط معه الدرج نحو الأسفل ..فيهتف إبراهيم بحميّة مشتعلة :
_فليقترب منها أحدهم وسأخلع عينه !

يضحك الأب عالياً وهو يشعر برضا خفي عن عودة "الدرويش" للحياة !!
ربما لا يزال لا يعلم الكثير عن خفايا سمرا هذه إنما يكفيه هذه الشعلة الحية التي عادت تنبض في عيني ابنه ..
ابنه الذي ظن أنه دفن نفسه حياً في قبر توأمه الراحل !

فيما تتحرك يسرا فوق سطح البيت لتقترب من حافة سوره فتتفحص المنطقة حولها ..تبدو لها عتيقة كشوارع مصر القديمة التي كانت تراها صدفة على شاشة التلفاز فتجذبها بسحر خاص لا تنكر أثره في روحها ..
تراهما من أعلى يسيران متجاورين وقد تعانق ذراعاهما فتغيم عيناها بنظرة حزن كسيرة ..
تتذكر كيف هرع ربيع نحو ابنه -الذكر- وهو في هذا العمر ليكون معه ليلة كانت في المشفى ..
بينما عاش رفعت الصباحي طول حياته يعاملها هي ك"كمٍّ مهمل" لا يتذكره إلا وقت المصلحة !!
آه ! لو كانت كل الأشياء تُشترى لابتاعت أباً مثل ربيع يمنحها لحظة حنان دافئة كهذه ولو دفعت ثمنها عمرها كله !
=======
*برتقالي*
=======
_ابنة عمك توفيت في حادث !

على فراشها بغرفتها تنظر طيف عقب استيقاظها للرسالة على هاتفها برقم عاصي..
فتغيم عيناها بهذه السحابة الداكنة ..
ابنة عمك ؟!
ابنة عمك!!
يقولها وكأنه يؤكد لها أن لها عائلة !!
كأنه بهذا سيمنحها بعض الشرعية !!
كأنه سيمحو عنها دنس كل هذا العمر الذي عاشته ك"بنت حرام"!!
أعِد "عملتك القديمة"لجيبك يا سيد عاصي ..ما عاد "سوقي الرائج" يعترف بها !!

تتجاهل رسالته لكنها لا يمكنها تجاهل هذه الوخزة في صدرها وهي تستعيد مذاق عناقه الأخوي اللاذع ب"ماضيه "..
ثم مذاق عناق مجد الشهي بوعد "غده "..
فتشعر بالمزيد من الجوع لأشباههما..الجوع الذي يلتهمها يوماً بعد يوم !!

تزفر زفرة مشتعلة وهي تقلب في هاتفها بحثاً عما يثير انتباهها ..
المزيد من إعجابات القراء المنبهرة..
المزيد من انتقاداتهم اللاذعة ..
وبينهما جدلٌ عريض يسرها أن تكون دوماً محوره !
لكنه لم يعد يكفيها ليسد هذه الفجوة التي تتسع بروحها ولا تعلم ما سببها ..
بل تعلم ! للأسف تعلم !!
يحيى!

تمرر أصابعها في خصلات شعرها السوداء الثرية وعيناها تخونانها بنظرة حالمة نحو ذراعها الذي حطت عليه لمسته ذاك اليوم ..
فيدور في ذهنها مشهد رومنسي ناعم لبطل "لا يشبهه" وبطلة "لا تشبهها" إنما تتشابه الظروف ..
لا ! هو لم يلهمها إياه !! بالتأكيد -بالتأكيد- لم يلهمها إياه !!
تخاف أن تتسرب منها تفاصيل المشهد فتكتبه بسرعة على ملف خاص بالهاتف ..

أنامل تتلامس ..
شفاه صامتة ترفّعت بغرور من يدري نفائس كلامه ..
على عكسها عيون متمردة لا تكف عن البوح ..
أنفاس تعاند البعد فتمتزج باقتراب خطير ..
ثم عناق طويل ..طويل ..بطول احتياج كل منهما لصاحبه !
تكتبه ثم تقول على لسان بطلتها الوهمية التي لا تشبهها ..
بالتأكيد -بالتأكيد- لا تشبهها :
_يتحدثون عن تقلب الحب بين سحر البداية وفتور الوسط ولوعة النهاية..دعني إذن أبدأ معك قصتنا كل مرة كأنها أول مرة ،دعني أحبك كل يوم من جديد في بداية لا تعرف وسطاً ولا نهاية ..بداية لا تمل من تكرار البداية ..بداية تختصر الحكاية ..بل تحتكر الحكاية !

تكتبها ثم تحفظ ما خطته أناملها في ملف "منسيّ" ربما تعود إليه يوماً لتصوغ من هذا المشهد حكاية ..
لكنها لن تترك نفسها الآن ل"نداهة" حبكاتها الرومانسية ..ستفي بعهدها لنفسها وتحديها له ..
روايتها القادمة لن تكون رومانسية !

أناملها تخونها فتتسلل عبر حسابها الزائف تراجع كل رسائلهما المكتوبة ..
تتخيل شكله وهو يقول هذا الكلام ..
ملامحه التي لا تتذكرها ..بالتأكيد -بالتأكيد- لا تتذكرها ..

عيناه "ذاتا القضبان" بلونهما الذي يمزج مرارة القهوة بحلاوة الشيكولاتة ..
أنفه الأشم المغيظ الذي يبدو وكأنه سيواصل ارتفاعه حتى يصل للسماء ..
شعره البني الكثيف الذي تكاد شعيراته الناعمة تهتف : لن تقاوم إغراء ملامستي .
شفتاه المسلحتان بأخطر ابتسامة بين "وعد" و"وعيد"..
اشتاقته ؟! بالتأكيد -بالتأكيد- لم تشتق!

فكرة مجنونة تطرأ بخاطرها فتعمد لتنفيذها بسرعة وهي تكتب له ..

_لو كنت مستيقظاّ ..فلدي اعتراف أود البوح به .
_تفضلي!
تكتم أنفاسها للحظة وهي تتلقى رده السريع ..
إذن هو مستيقظ مثلها ..!
لعله الآن على فراشه يقلب في رسائلهما مثلها ..!
يشعر بالحيرة ..بالترقب ..بالإثارة ..مثلها!!
لكنها لا تهتم ..بالتأكيد -بالتأكيد- لا تهتم !!

_أنا رجل ولست امرأة !

تكتبها له بسرعة ثم تكتم ضحكة عابثة تعجبت من انطلاقها عفوية بهذا الشكل ..
ويحها!!كأنها عادت طفلة !!
لماذا فعلتها ؟!
ربما لأنها تريد استفزازه!
وربما لأنها تريد اختباره !
وربما لأنها تريد تجربة صداقة -بريئة- مع أفكاره دون التقيد بحساسية رجل وامرأة !!
ترى كيف سيكون حاله مع هذه المفاجأة ؟!

لكن المفاجأة كانت من نصيبها هي ورده يصلها بنفس السرعة :
_كنت أعرف!

تتسع عيناها بصدمة للحظة ورسالته التالية تلحقها:
_أفكارك المستنيرة هذه لن تكون لامرأة أبداً!

_خرب بيتك!
تهتف بها بصوت مسموع ووجهها يحمر غيظاً بينما أناملها تكاد تخونها فتكشف له الحقيقة وتضرب بغروره هذا عرض الحائط !!
لكنها تعود لتأخذ نفساً عميقاً وهي تتمالك غضبها لتكتب له :
_أرجو ألا تكون غاضباً مني ..كنت فقط أريد اختبار أفكارك الحقيقية ..تعلم أن كثيراً من الكتاب يدعون عداوة المرأة ليحصدوا الثمار في الطريق العكسي!
_أولاً ..أنا لست كاتباً يا صديقي -واسمح لي بمناداتك صديقي هكذا ببساطة - ..ثانياً ..أنا أشعر براحة أكبر لكونك رجلاً ..الأمر هكذا أكثر منطقية حقاً !

_أذكى إخوتك ! ما شاء الله !!
تهتف بها بغيظ من بين أسنانها لكنها تكتب:
_معك حق! شكراً لسعة صدرك ..وأفتخر بصداقتك ..ما رأيك في موضوع (....) المنتشر هذه الأيام ؟!
تطلق زفرة قصيرة وهي تتلقى رده الحصيف كعهده ..بكلماته البسيطة التي توحي بثقافة حقيقية لا ادعاء ..
لا ليست معجبة بطريقته هذه في الكلام ! بالتأكيد -بالتأكيد -ليست معجبة !!

تغلق حاسوبها فجأة دون تعليق كأنما تعتبر هذا عقاباً له !
لا بأس ! غداً ستجعل "صديقه الرجل" يعتذر له عن عدم الرد !

تشعر ببعض الدوار الطبيعي الذي صار ينتابها هذه الأيام فتلتفت بوجهها نحو مظروف تحاليلها الطبية الذي حصلت عليه بالأمس!
"الأنيميا" اللعينة تأبى أن تفارقها كصديق وفي !!
نسبة الهيموجلوبين مرعبة وستحتاج لحقن "الحديد" السخيفة هذه التي لا تمقت في حياتها مثلها ..
يبدو أن دمها لايزال يصر أن يذكرها ب"فقره" مهما ادعت حسابات البنوك غير هذا!!

تغادر الفراش بعناد وهي تحاول تجاهل دوارها لكنها تترنح مكانها وهي تشعر بنفسها تكاد تسقط فتتشبث بحافة الكومود جوارها ..
لا بأس! لن تنتظر !
ستتوجه الآن للمشفى القريب وترى ما ينبغي فعله !!

تبدل ملابسها بتثاقل وهي تقاوم هذا السيناريو المخيف الذي يجتاح ذهنها من آن لآخر ..
أن تسقط وحدها هنا فتموت دون أن يشعر بها أحد !!

ربما هذا الخوف البدائي هو ما جعلها تقاوم بالمزيد من البسالة هذا الدوار وهي تحمل مظروف تحاليلها وحقيبتها لتتحرك نحو باب شقتها ..
لكنها تتذكر مجد فجأة !
ماذا لو أتت في موعدها اليومي فلم تجدها ؟!
فلتخبرها إذن قبلها!
هل تتصنع الأعذار لرؤيته ؟! بالتأكيد -بالتأكيد- لا تفعل!!

تفتح باب شقتها وهي تهم بالتوجه لشقته هو لكنها تفاجأ بهم أمامها ..
مجد وخادمتها ..وهو!!
هل جاءوا مبكراً اليوم أم أن تعبها جعلها لا تدرك الوقت ؟!

_صباح الخير يا طيف ! ترينَ ماذا أحضرت لنا اليوم كي نلعب به ؟!
تهتف بها مجد بمرح وهي ترفع لها الكيس الضخم الذي تضعه على ساقيها ..
فيعز عليها خذلانها لكنها تتمالك نفسها وهي تتشبث بسياج الباب شاعرة بالمزيد من الدوار:
_لن أستطيع مجالستك اليوم ..أنا في طريقي للخروج .

لم تنتبه أن نبرة صوتها خذلتها بهذا الوهن إلا عندما سمعت صوته يسألها :
_أنتِ مريضة؟!
تجاهلت رائحة القلق في صوته والتي لم تتمنّ أن تكون حقيقية ..
بالتأكيد -بالتأكيد- لم تتمنّها !
لتهتف بغلظة متعمدة هزمت وهن صوتها :
_الناس تقولها (أنتِ بخير؟!) وليس (أنتِ مريضة؟!) ..وعموماً هذا ليس من شأنك ..
صوتها ينخفض في أذنيها تدريجياً وهي لا تدري ماذا يحدث ..
دوار ..دوار ..دوار ..
هل تترنح؟!
هي فقط تسمع صرخة مجد تأتي من بعيد كأنها صدى ..
مع هتاف خادمتها الجزع قبل أن تشعر بذراعين قويتين تضمان جسدها ..فلا ترى بعدها سوى ظلام !
=======
ينقر أديم بأصابعه فوق مقود سيارته التي توقف بها في تلك المنطقة المنعزلة البعيدة عن العمران ..
ينتظر موعده مع تلك المرأة بفارغ الصبر ..
يكاد يستشيط غضباً وهو يتذكر كيف ضاع جهده مع غازي خضر طوال هذه الأشهر دون أن يصل منه لشيء ..

_لا تيأس ..لايزال لدينا خيطان ضعيفان قد يقودانا لذاك "الكوبرا" ..أحدهما تلك العاهرة المقنعة التي ستكشف لنا حقيقةحسام القاضي ..لسنا واثقين من تورطه مع الكوبرا لكن شبهات عديدة تربطهما معاً ..سأترك لك شأن تلك العاهرة كي تتعامل معها ..هي تعلم ما الذي ينبغي عليها فعله ..

يزفر بسخط وهو يتذكر كلمات زميله الذي يتولى معه هذه القضية التي تزداد صعوبة يوماً بعد يوم ..
والتي تتعلق بأكبر تنظيم لتهريب السلاح والمخدرات داخل البلاد بزعامة ذلك الوغد الذي يطلقون عليه لقب الكوبرا ..
ذاك الذي استطاع غرس أسطورته في نفوس تابعيه كرجل لا يقهر !!

تغيم عيناه بنظرة غامضة وهو يحاول تجميع بعض الخيوط في رأسه ..
الكوبرا ..غازي ..حسام القاضي ..ديمة !!
حاجباه ينعقدان أكثر مع الاسم الأخير !!
هذه الحمقاء التي لا يدري هل يشفق عليها أم يريد عقابها !!
ما أشبهها بقارورة مكسورة تؤذي كل من تسول له نفسه الاقتراب!!
لا بأس! لن يسمح لها بما تفكر فيه !
حتى وهي تكره قربه سيبقى يحميها من بعيد !!
لا ..ليس هو الرجل الذي يفرض نفسه على امرأة يعشقها ..
لكنها ليست في كامل وعيها ..
تترنح كطير مصاب بين جدران يأسه !!

ينظر في ساعته أخيراً ببعض الغضب وهو يتبين تأخر تلك اللعينة ..
لكنه يلتفت جانباً ليجدها تتقدم نحوه ..
يعقد حاجبيه بتفحص وهو يقرأ لغة جسدها ..
خائفة ..مترددة ..وهذه الطريقة التي تضم بها هذا الوشاح فوق جيدها وصدرها تنبئه أنها تخفي ما لن تبوح به بسهولة !!

تقترب أكثر لتتسع عيناه ببعض الدهشة من ملامحها ..
هذا الجمال البريئ الذي لا يليق أبداً بعاهرة !!
يراجع معلوماته عنها والتي قرأها في ملفها ..
فيهمس لنفسه :
_لا تعجب! هذا سر نجاح مثلها في مهنتهن!

_أديم "بيه"؟!
تهمس بها بوجل وهي تنحني برأسها عبر النافذة فيتفحص ملامحها بهذا القرب ..
شعرها الأشقر الخفيف ..عيناها الواسعتان ..ملامحها الشاحبة التي بخلت عليها بتبرج ..جسدها النحيل الذي يجعلها أقرب لطالبة في المرحلة الثانوية !
كم هي المظاهر خادعة !

_اركبي!
يهتف بها بصرامة وهو يفتح لها باب السيارة جواره لتتخذ مجلسها جواره ..
_من اليوم ..أنا المسئول عنكِ في هذه القضية .

تزدرد ريقها بتوتر وهي تغمغم عبر صوتها المبحوح:
_أنا ..أنا أنفذ كل ما تطلبونه .
_وستفعلين هذا دوماً ..تعلمين لماذا ؟!
يهتف بها بنفس الصرامة الباردة فتهز رأسها بخوف دمعت له عيناها بما رآه هو "دموع تماسيح" ..لهذا لم تتأثر نبرته الصارمة وهو يكتسح عينيها بنظراته قائلاً:
_حسناً يا "دينا"! سأخبركِ الآن بما ستفعلينه !
=======


انتهى الفصل السابع


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 01:15 AM   #518

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,962
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلمي أخلى نيمو نزل الفصل

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 01:54 AM   #519

Malak assl

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقاصة وقلم مشارك في منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات ونجمة كلاكيت ثاني مرة و راوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية Malak assl

? العضوٌ??? » 387951
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,870
?  نُقآطِيْ » Malak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond reputeMalak assl has a reputation beyond repute
افتراضي

بالتأكييد بالتأكييد .. ان الفصل عااالللممميي ....

Malak assl غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملاك عسل
رد مع اقتباس
قديم 10-07-20, 01:58 AM   #520

شيرين الحق

? العضوٌ??? » 406021
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شيرين الحق is on a distinguished road
افتراضي

تسلمى حبيبتى على كل حرف كتبتيه
يوم عن يوم بحمد ربنا على قلمك وكلماتك وكنت متابعينك دمتى مبدعه


شيرين الحق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:01 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.