آخر 10 مشاركات
1022 - ألعاب النخبة - دايانا هاميلتون - د.ن (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          هائمون في مضمار العشق (2) .. سلسلة النهاية * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          1018 -الحب المستحيل - بني جوردان - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          1017-درب الفردوس شيرلي كمب - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          1015- بعد شهر العسل - الكسندرا سكوت- عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          1014 - معا إلى الأبد - ليز فيلدينغ . د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )           »          98 - امرأة في حصار - بيني جوردان ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : حنا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree47Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-03-18, 04:18 AM   #161

جاجى عامر

? العضوٌ??? » 382949
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 298
?  نُقآطِيْ » جاجى عامر is on a distinguished road
افتراضي


موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .



جاجى عامر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 03:59 PM   #162

مون سكاي
 
الصورة الرمزية مون سكاي

? العضوٌ??? » 143380
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 875
?  نُقآطِيْ » مون سكاي is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

مون سكاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-18, 07:36 AM   #163

بت الجوف

? العضوٌ??? » 381739
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 620
?  نُقآطِيْ » بت الجوف is on a distinguished road
افتراضي

رائعه كلماتك وطريقة سردك للأحداث ، أحببت الروايه ، مشكوره اتمنالك التوفيق

بت الجوف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-03-18, 02:25 PM   #164

Rachad

? العضوٌ??? » 375385
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 605
?  نُقآطِيْ » Rachad is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Rachad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-03-18, 09:21 PM   #165

عبدالسلام احمد

? العضوٌ??? » 384001
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 344
?  نُقآطِيْ » عبدالسلام احمد is on a distinguished road
افتراضي

رواية جميلة جدا جدا

عبدالسلام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-18, 06:34 PM   #166

جاسيكابرايد

? العضوٌ??? » 381394
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 178
?  نُقآطِيْ » جاسيكابرايد is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة just faith مشاهدة المشاركة
-4-
14 أغسطس 2003
صباح خميس صيفي مبهج ... حمل معه رائحة الأمل ... وطعم الإنجاز الذي شعرت به مع ذلك النداء المصحوب بتصفيق من يدي صاحبه ...
- "نور الهدى سليمان رحيل العربي ... بوووسطاااا"
هاقد وصل مفتاح البوابة السحرية ... جاء أخيرًا ... الخطاب الذي كانت تنتظره على أحر من الجمر ... نهضت نور وارتدت حجابها سريعًا ... فتحت الباب مهرولة لاستلام الخطاب بيدين مرتعشتين موقعة حيث أشار لها ساعي البريد ثم دخلت المنزل تفتح الخطاب في لهفة مغلقة الباب بقدمها، ثم ...
- "ماااااماااااااا .... تقى ...."
أسرعت نور إلى غرفة أمها تكاد تطير من على الأرض فرحة تبعتها تقى قائلة:
- إيه يا نور ..؟ لاقيتي كنز واللا إيه ..؟
متكئةٌ في إنهاك تحاول التماسك وتناسي صراخ خلاياها المحتلة بقرائة كتابٍ ما ... حتى دخلت صغيرتها التي رغم بلوغها السبعة عشر ربيعًا إلا أنها في عينيها ستبقى دائمًا تلك الصغيرة الهادئة ذات الابتسامة الساحرة ... دخلت تمسك بيدها ورقة وتخلع عنها غطاء رأسها ليتناثر شعرها الأسود الناعم حول وجهها .. عيناها تلتمعان بسعادة تشع لتبتلع آلامها وأرقها ... سعادة تنبئها أن ابنتها وقفت على أعتاب الحلم ... حلم الصغيرة الذي تضخم بداخلها فقط من أجلها ...!!!
مرت بعينيها على الكلمات التي فجرت ينبوعًا من الفرحة بقلب صغيرتها وابتسمت بدورها محتضنة ابنتها ... لكن ابتسامتها لم تكن بهاك الصفاء ... كانت مختلطة بحسابات وأرقام ومراجعات للنفس ... وسؤال يتردد بداخلها ... هل ستصمد أم ستتوقف فرحتها عند أسطر هذا الخطاب ...!
وكأنها قرأت أفكار أمها ... رفعت صغيرتها رأسها من بين ذراعيها ... نظراتها تخبرها في إصرار أنها ستتحدى كل الظروف والحسابات والأرقام ولن يخذلها القدير ... لقد بات الحلم قريبًا يا أمي ...
" فيه إيه يا جدعان ما تفهمونا .." قالتها تقى منتزعة الورقة من يد أمها، ثم استطردت عقب قرائتها:
- اااه بقيتي دكتورة رسمي ... ماحدش هايقدر يكلمك يا ست نور.. وأخيرًا جه جواب التنسيق المنتظر اللي كل شوية تسألينا عنه ...
وكزتها نور قائلة: - أديكي داخلة ثانوية عامة أهوه شيدي حيلك وحصليني..
صاحت تقى: - أحصلك فين يا اختي ... أنا لا بتاعة دح ولا طب ... وبعدين انا خلاص كتبت أدبي في الرغبات ... أنا باحب التاريخ والتدريس ... يا سلام لو أدخل آداب قسم تاريخ أو تربية .. كدة مية مية... مش طب وبتاع ...خليكي أنت في الطب ...
وكأن غيث السعادة لا يهطل إلا وتصحبه سحب الحزن القاتمة ..
وكأن فرحها الأبلج مولود بتوأم ملتصق من بؤس معتم ...
فكما كان باب منزلها بوابة للسعادة منذ دقائق... جاء رنينه يحمل صدى روحًا تتألم لم تجد سواه لتعبره بعذاب يضنيها منذ سنوات.
- "نهى..؟؟؟!"
كانت صديقتها نهى تقف بالباب يبدو عليها الإرهاق والتعب.
- "أهلا يا نهى جالك التنسيق واللا إيه..؟ اتفضلي اتفضلي ..." قالتها نور لصديقتها والقلق يعتصرها من هيئتها غير الطبيعية..! دخلت نهى وجلست في إرهاق على أول مقعد من مقاعد طاولة الطعام العتيقة القريبة من باب المنزل، كانت علا قد لحقت بابنتها وساورها القلق ذاته من هيئة نهى، فسألتها باهتمام:
- مالك يا بنتي ..؟ أنت تعبانة واللا حاجة...؟
قالت نور: - أنت جالك جواب التنسيق..؟ كنت لسة هاكلمك ...
قالت نهى بوهن: - أيوة جالي .. طب بيطري ..
ضحكت تقى قائلة: - وده اللي مزعلك أوي كدة..؟؟؟ ولاااا تزعلي نفسك ... هانبقى نخلي عم سيد اللي بيقف على عربية الفول يسمح لك أنك تكشفي على الحمار بتاعه ... أي خدمة ...
ابتسمت نهى ابتسامة سريعة باهتة وهي تقول: - بالعكس أنا مش زعلانة من التنسيق ... دي كانت رغبة من رغباتي الأوائل ...
أمسكت نور بيدها قائلة في قلق: - أمال مالك يا نهى ..؟ تحبي نقعد في أوضتي شوية و...
إلا أن نهى أجهشت بالبكاء قائلة: - خلااااص مش قااادرة يا نور ... تعبت ونفسيتي اتحطمت ... مش قادرة حتى أفرح بنتيجة التنسيق ولا نتيجة الثانوية العامة ...!
أخذت نور تربت على كتفها قائلة: - أهدي بس وقولي لي ايه اللي حصل ..؟؟؟
وبدأت نهى تقص على أسماعهن وسط شهقاتها وبكائها مأساتها. أخذت تخبرهن كيف أن أمها قد تركت المنزل منذ ما يزيد على الشهر وأنها هي التي تتحمل أعباء البيت ومطالب أبيها واخوتها الصغار ..
- طول عمرهم بيبتخانقوا وبتروح وترجع بس طولت أوي المرة دي... والضغط الكبير عليا أني أراضي في ده وده ...
بكت وهي تحكي عن أخاها الأكبر الذي صار يخرج من المنزل ولا يعود إلا في وقت متأخر وأحيانًا لا يرونه ولا يعرفون مكانه..! خرج صوتها من براثن انهيارها يخبرهن عن شقيقتها الصغرى التي لا تكف عن البكاء وقد تدمرت نفسيتها ... أما أخاها الأصغر ذو الأحد عشر عامًا ... فعاد للتبول اللاإرادي.
- مش عارفة أعمل إيه ... مش عارفة ... على طول صدى خناقاتهم اللي مابتخلصش في وداني ... على طول ألفاظ شتايمهم واتهامات كل واحد فيهم للتاني بتقطع في قلبي زي السكاكين...
بكت نهى بحرارة كأنها ترى إحدى خلافات أبويها النموذجية ... حيث يبدأ الأمر باختلاف حول المال .... عندما تطلب أمها أموالاً ويتمنع أباها متعللاً بأنه ليس معه حتى يتطور الأمر إلى تطاول بالألسن وأحيانًا بالأيدي من طرف أبيها. تضع نهى يديها على وجهها وكأنها تحاول منع ما تعرضه عليها ذاكرتها من ألغام يومية مدفونة بمنزلها بين أمٍ وأبٍ كطرفي سلكٍ عارٍ لا ينفك أن ينغرس بين ثنايا روحها محدثًا زلزالاً ضخمًا بكيانها. لكن الذكرى لم تكن تُعرض أمام عينيها، بل تثقل عقلها وقلبها فلم تملك نهى إلا أن تحرك بها لسانها علَّها تخف من وطئتها عليها...
- مد أيد بابا على ماما بيقطع فيا وحكايات ماما على مغامرات بابا النسائية وأنه غير أهل للمسئولية وعمره ما شال مسئولية بيتعبني ودايمًا حاسة بالقرف ...
صمتت نهى مستمرة في نشيج موجوع، فقالت تقى: - ثانية واحدة يا نهى عشان أنا مش فاهمة حاجة ... إزاي مامتك وباباكي بيتخانقوا عالفلوس وانتوا أصلا من الناس المحسودة في حتتنا ... يعني شقتكوا واسعة وعلى الشارع الرئيسي مش حارة زينا ومفروشة أحسن حاجة وعندكوا عربية وكماليات ... وبعدين مين ده اللي عنده علاقات نسائية ..؟ باباكي الحاج إسماعيل اللي بيصلي في المسجد...؟
صوبت علا نظرة عتاب إلى ابنتها تقى لتصمت، لكن نهى أخبرتها في حزن أن "كل هذا قشووور ..."، أخبرتها عن انعدام الحكمة في انفاق الأموال عندما يكون معهم بعضًا منها ... أخبرتها أن أباها يعمل يومًا ويجلس بالبيت عشرة لأنه "مش لاقي شغلانة تليق بجنابه" ... وإذا حدث ووجد وظيفة معقولة يبدد كل ما اكتسب على شراء سيارة أو تجديد ديكورات بالمنزل أو... أو ... أو... "ونرجع نعيش على الشحاتة تاني وفلوس الزكاة والصدقة". كانت موجوعة وكان الوجع هو المتحدث بلسانها.
- ... ماما اشتغلت شوية وماستحملتش تكمل شغل فاستسهلت مد الإيد لقرايبها وبابا خد على كدة ... ودايما خناقاتهم من هنا بتبدأ وبتطور ... أما حكاية بيصلي في المسجد دي... فمش عارفة إزاي إنسان يصلي في المسجد ويسب ويضرب كدة ...!! إزاي واحد ظاهره الدين كدة مطنش ابنه ومش حريص على دينه وسايبه يضيع ... قلبي واجعني على أخويا أوي... أ.. أنا بقيت أشد شعري ...
رفعت عينيها الزائغتين إليهم مكملة وهي تخلع حجابها: - بشد شعري فعلا من التعب من التفكير شوفي شعري مقطع ازاي ... بقيت من تعب تفكيري بأذي نفسي ... شوفي إيدي عاملة ازاي ... مش قادرة أكلمهم وأصارحهم أني تعبت من مشاكلهم ... مش قادرة أنطق يا جماعة ... طول عمري ممنوع أقول رأيي .. طول عمري أمي بتجاوب عني وبتتكلم عني لحد ما بقيت خرسة لا بعرف أعترض ولا أتكلم ....
أقولكوا سر ... مرة ركبت أتوبيس وجه واحد قذر حاول يقف بطريقة مش مظبوطة ورايا خفت أوي واترعبت وماعرفتش أتكلم حاولت أبعد عنه وخلاص ... طول عمري لعبة في إيديهم مش باعرف اتصرف ... حتى صوتي سرقووه ...
أخذتها عُلا بين ذراعيها وقد تأثرت بكلامها وأخذت تمسح على رأسها قائلة: - أهدي يا بنتي أهدي يا حبيبتي ...
رفعت نهى عينيها إلى علا هامسة: - من ساعة ما وعيت على الدنيا وهما بيتخانقوا ومافيش أي ذرة احترام شوفتها بينهم إلا الاحترام الزائف اللي بيمثلوه قدام الناس ... طيب ليه يخلفونا ...؟ حاسة أنهم كانوا واخدين موضوع الخلفة ده تسلية اما مايلاقوش حاجة يعملوها يخلفوا عيل ورا التاني عشان يرموه في نار خلافاتهم اللي مابتنتهيش وينتهي بيه الأمر في الشارع زي أخويا بالظبط ....!!!
كانت نهى تنتفض بشدة بين ذراعي علا التي ساندتها لتنهض قائلة: - قومي تعالي معايا جوة نتكلم براحتنا..
سارت معها تجر قدميها بينما قالت علا لابنتها: - نور لو سمحت أعملي لصاحبتك عصير ليمون ..
قالت نور بسرعة وقد دمعت عينيها لحال صديقة عمرها: - حاضر يا ماما ...
جلست علا على الفراش وأخذت نهى بين ذراعيها ووضعت يمناها على جبهتها وبدأت في قراءة آية الكرسي حتى انتهت. طرقت نور باب الغرفة ثم دخلت وضعت كوب العصير بجوار أمها التي نظرت إليها نظرة معناها أن تتركهما بمفردهما فخرجت نور على الفور من الغرفة بينما أكملت علا قرائة المعوذتين وسورة الإخلاص ثلاث مرات على رأس نهى التي بدأت تهدأ وتسكن ويخفت نشيجها المتألم.
أعتدلت علا في جلستها وساعدت نهى على الجلوس باعتدال قائلة بابتسامة خفيفة: - ها عاملة إيه دلوقتي..؟
خفضت نهى عينيها وقد أدركت ما تفوهت به منذ لحظات وكأنها قالته في غفلة من العقل أو تحت ضغط كبير جعلها تخرج عن صمتها وتلجأ لصديقة العمر، قالت نهى: - أحسن الحمد لله ... أنا بس كنت حاسة بيأس و..
قاطعتها علا وهي تناولها العصير: -حاسة بيكي يا حبيبتي ... حاسة بمدى ألمك وحزنك وأنت عايشة في بيت مش لاقية فيه أقل الاحتياجات الأساسية من الأمان والثقة من أهم أشخاص في حياتك .. بابا وماما وأخواتك ... كل واحد فينا محتاج اللي يثق فيه ويحبه بدون شروط ... أنا عارفة أنك أكيد بتحلمي أن يتغير ما بين ماما وبابا وتبقى العلاقة مثالية لكن يا نهى يا حبيبتي التغيير ده مش فرض عليكي أنتِ ... ومهما تمنيتِ التغيير فلازم يكون منهم هما ... وبعدين خلاص هما أختاروا أنهم يعيشوا بالصورة المحزنة دي، لكن هل لازم أنت كمان تختاري كدة..؟
أنزلت نهى كوب العصير بعد أن أخذت رشفة منه ونظرت إلى علا بغير فهم، فقالت تلك الأخيرة موضحة: - حبيبتي .. علاقة بابا وماما تجربة حية تتعلمي منها رغم الألم وتكتسبي منها مهارات تعينك كزوجة إن شاء الله .
ابتسمت نهى بسخرية قائلة: - زوجة ..؟؟؟!!!!
ربتت علا على يدها قائلة: - آه زوجة يا حبيبتي .. عارفة أن علاقة بابا وماما المتوترة ممكن تخنق جواكي أي علاقة مستقبلية حميمية مع رجل يحل مكان بابا لأن مكان بابا وصورته داخلك مشوشة وسلبية جدًا، وأكيد هاتأثر على رؤيتك لكل الرجال، والتجارب السيئة اللي بتحصل لك برة البيت مع المشاكل اللي جواه أكيد هزت ثقتك بنفسك وده اللي أنا عايزة أركز عليه معاكي دلوقتي ... الحقيقة اللي عايزاكي تفهميها كويس جدًا أن ماحدش يقدر يغير حد ... الشخص الوحيد اللي أقدر فعلاً أغيره ... هوا أنا ...
استمعت نهى إلى أم صديقتها باهتمام، فأكملت علا: - أنا مسئولة عن تغيير نفسي وتحدي كل الظروف اللي حوليا..
قالت نهى بإحباط: - إزاي بس ..!!
قالت علا: - هاقولك يا نهى ... أولا يا حبيبة قلبي أشتغلي على علاقتك مع ربنا اللي أكبر من الكل ويمتلك قلوب كل البشر ... قوِّي علاقتك بالله لأنه ربنا هوا السند اللي انت محتاجة له ... ربنا عايزك تكوني قوية تنجزي حاجات رائعة في حياتك بإذن الله. التزمي بالعبادات من صلاة وقيام وصوم .... والدعاء، الدعاء، الدعاء يا نهى فهو فرصتك للكلام مع ربنا تقولي له كل اللي في قلبك الصغير من حزن وتسأليه العون على تقبل اللي ما تقدريش على تغييره وتطلبي منه المساعدة في تغيير نفسك...
بدأ شبح ابتسامة مرتاحة يرتسم على شفتي نهى، بينما تكمل علا: - حبيبتي ركزي على تنمية ثقتك بنفسك وبناء شخصية خاصة بنهى اللي هيا مش زي ماما ومش زي حد... الشخصية اللي تشبه نهى بس.... وبعدين أنت ما شاء الله عليكي رغم الظروف الصعبة جايبة مجموع عالي وهاتدخلي كلية كبيرة كانت رغبة من رغباتك زي ما قلتي ... ركزي بقى كويس في دراستك لأن دراستك يا نهى جزء كبير منك ... وحاولي تتعرفي على صديقات جدد في الجامعة وتشتركي في أنشطة ... حبي اخواتك الصغيرين وقدمي لهم اللي تقدري عليه واحتسبي الأجر عند الله .. وطبعًا ده برضه هايكون له مردود لما تتجوزي وتخلفي إن شاء الله .. هايبقى عندك خبرة من رعاية اخواتك وهاتربي ولادك أحسن تربية ... وبعدين أبقي روحي مع نور وتقى حلقة الحفظ اللي في المسجد اللي في الشارع اللي ورانا المعلمات هناك رائعات وحفظ القرآن هايخلي قلبك دايمًا في سعادة وطاير بآيات القرآن حتى لو عندك هموم الدنيا كلها ... لأنك هاتكوني مع ربنا وهاتبعدي عن الشيطان اللي بيفرح اوي لما يحزن المؤمن .. فأحب شيء إلى الشيطان: أن يحزن العبد ليقطعه عن سيره ويوقفه عن سلوكه، عشان كدة هانبطل حزن ونغير من نفسنا ونركز في دراستنا ونحفظ قرآن ...
صمتت علا قليلا متأملة إمارات الراحة التي بدأت تذيب التوتر والوجل الذي كان مرتسمًا على ملامح نهى منذ قليل، ثم أردفت: - وعايزاكي تحطي في دماغك يا نهى أن جسمك كللله أمانة ربنا أدهالك ... يعني ماينفعش نشد شعرنا الجميل ده تاني ولا نجرح نفسنا عشان نحافظ على الأمانة اللي أئتمنا عليها ربنا ... أتفقنا..؟
أومأت نهى برأسها إيجابًا، فقالت علا: - حاجة كمان ... على قد ما تقدري ما تشتكيش إلا لربنا ... صلي في الثلث الأخير من الليل وتملقي ربنا وأحمديه وأشكريه وأدعيه وأشتكي له وكلميه ... هتلاقي نفسك مرتاحة جدا ومش محتاجة تشتكي لحد من البشر أبدًااا ... وطبعًا لو احتجتي حاجة أنا تحت أمرك يا قمر ..
ابتسمت نهى ونهضت محتضنة علا قائلة: - متشكرة ... متشكرة أوي يا طنط ... يياااه ... حضرتك عندك طاقة إيجابية قادرة على تغيير الإنسان اللي قدامك 180 درجة ... يا بخت بناتك بيكي ...
ابتسمت علا وهي تربت على كتفيها قائلة: - يا حبيبتي يا نهى أنت اللي جواكي طاقة حلوة تقدر تقهر أي صعوبات في الحياة بدليل تفوقك وتدينك رغم كل اللي انت فيه ... وعايزاكي تفهمي كويس أن كل انسان وعنده مشكلة في حياته ... ربك بيقسم الرزق بالتساوي بين عبيده يعني اللي عنده رزق أن أهله كويسين بيبقى ابتلاءه في حاجات تانية واللي عنده رزق أن معاه فلوس بيبقى ابتلاءه في حاجة تانية وهكذا ... المهم أن الإنسان يرضى عن ربنا ويحمده ويشكره ويعرف نعم الله عليه اللي لو حاول عدها .... مش هايعرف. ياللا بقى ادخلي الحمام اتوضي وظبطي حجابك عشان تنزلي مع نور وتقى تصلوا العصر في المسجد وتبدأي في حلقة حفظ من النهاردة ... ماشي.
قالت نهى بحماس: - ماشي ...
خرجت نهى من غرفة علا وكأنها إنسانة أخرى .. مبتسمة تقول في مرح: - أنا هاروح أتوضا عشان أروح معاكوا المسجد يا نور ...
وعندما دخلت دورة المياه كانت الدهشة تغمر نور وتقى فهمست تلك الأخيرة لأمها: - إيه يا ماما .. أنت سحرتي لها واللا إيه..؟ ده أنا كنت حاسة أنها أما دخلت معاكي كانت بتموت يا حرام ...
قالت علا: - خلاص يا تقى .. البنت كانت حزينة وفضفضت وارتاحت خلاص ...
قالت نور شاردة: - مسكينة أوي نهى ...
وخيم عليهم صمتٌ مثقل بالأفكار...
فقد أدركتا أن هنالك مصائب أكبر من غياب الأب ...
أحيانًا وجوده يكون هو المعضلة ...!!
***
24 نوفمبر 2011، في الطائرة
الساعة 19:00
عاد إلى مقعده بعد أن نهض ليتمشى قليلاً بالطائرة فلم يجد أيًا من نور أو عيسى، رفع عينيه ليراهما قادمين من الناحية الأخرى لممر الطائرة ... كانت تنحني نحو صغيرها .. تتحدث معه لا تبتسم إلا له .. لا تمل من لهجته الممطوطة ولعثمته واسئلته المتكررة حول كل شيء ... ظل واقفًا ليسمح لهما بالمرور فجلسا وعاد عيسى إلى ثرثرته ثم هتف قائلاً له بفخر: - عـ...عارف يا عمو .. الصلاة على الطيارة حـ... حلوة أوي ...
أنحنى زين نحو عيسى قائلاً: - أنت صليت امتى على الطيارة...؟
هتف عيسى: - د...دلوقتي يا عمو أنا وماما اتوضينا وروحنا عند الستارة اللي هـ... هناك دي صلينا عندها المغرب والعشاء ... هـ... هيا الطيارة كانت بتتهز شوية ... بس أنا ماخفتش وكملت صـ... صلاة مع ماما..
رفع عينيه إلى نور التي كانت منهمكة بإحكام ربط حزام المقعد حول ابنها قائلاً:
- وانتوا عرفتوا تحسبوا توقيت الصلاة...؟
رغم أنها لم ترفع رأسها نحوه قط إلا أنها عرفت أنه يقصدها بسؤاله ذاك، فأجابت بصوت لا يكاد يُسمع وهي تُخرج شيء ما من حقيبتها:
- المغرب مش محتاجة حسابات فلكية أو جغرافية يا باشمهندس ... احنا في السما ... قرب الشمس اللي اختفت من شوية بديهي جدًا انها غربت وحان وقت المغرب ... ولأننا على سفر وعشان ما اتلخبطش بحسابات وقت العشاء والفجر، جمعت العشاء مع المغرب ...
قالتها بكل بساطة ثم أخرجت كتابًا ما من حقيبتها وانهمكت في قرائته بينما عاد صغيرها إلى التلوين وتركيب بعض قطع الأحاجي التي أخرجتها له منذ قليل. كان زين على علم بتلك المعلومة وقد قام بالفعل بأداء الصلاة لكنه لم يتخيل أنها قد تحرص على الصلاة في الطائرة "تمثيليات ... بتأفلم وتعمل تمثيليات...!" ترددت تلك الكلمات في ذهنه ... تذكر كل ما قيل عنها وعن ... "أوركيد" ... تعود تلك الكلمة لتطغى على تفكيره مربكةً إياه..! فيمسك بكوب القهوة الذي عاد به بعد الصلاة و يرتشف منه متأملاً عيسى الصغير الذي يحاول جهده الحديث رغم تأتأته الواضحة التي لم تخف لغته العربية السليمة رغم ولادته ومعيشته الأمريكية، حدَّث زين نفسه أن عيسى لا يشبه أباه أبدًا فالفتى ذو الشعر الاسود الفاحم الناعم المنسدل حول وجهه الأبيض وهاك العينين العسليتين المتقدتين ذكاءًا لا يمتان بصلة لأبيه، أرجع زين رأسه إلى الوراء شابكًا يديه خلف رأسه وقد مرت به أطياف أعوام مضت ... أعوام تزيد عن عمر ذلك الصبي بعام أو اثنين.
***
يناير 2004، الواحات البحرية
في تلك البقعة من الواحات البحرية التي تقع جنوب غرب القاهرة وتبعد عنها بحوالى 360 كم، خاصة تلك المزرعة الشاسعة التي تحدها من كل صوب أشجار شاهقة الارتفاع، أخذ زين يجد السير وهو يتصبب عرقًا... يتفقد المزروعات يزيل بعض الأعشاب التي يصادفها حتى التقى بشاب طويل يرتدي جلبابًا واسعًا، قال له: - بدر .. الله يكرمك زي ما قولتلك ممنوع استخدام المبيدات الكيميائية ... ممنوع استخدام الأسمدة الكيميائية ... وممنووووع عزيق للأرض... فهمتني ..؟
قال بدر باسمًا: - فهمان عليك يا ولد عمي .. متخافش ما في ذرة سماد كيماوي هاتقرب من الزرع ... أني متابع المزرعة زين ..
ربت زين على كتفه قائلاً: - تسلم يا بدر ... برضه نبه على طلال والرجالة اللي معاكوا ... أنا هدفي ان المزرعة دي كلها تبقى أورجانيك بمعايير الجودة اللي أحنا متفقين عليها مع المستوردين في فرنسا وامريكا وشركات التوزيع في مصر هنا ... وزي ما وعدت الچدة هانطلع محصول من أفضل ما خرجته أرضنا في يوم من الأيام ..
قال بدر: - ما تعتل هم يا زين، أطمن يا خوي ...
قال زين وهو يستدير راحلاً: - أنا مطمن يا بدر بس كنت باأكد عليك ... ياللا أنا في مكتبي لو احتجت حاجة كلمني ..
وعندما رحل زين لم يلحظ اقتراب أحدهم من بدر قائلاً بصوت أجش وهو يعقد حاجبيه: - على إيش يؤمر ويتأمر سي زين ..؟ زيه زيينا في المزرعة ... واللا لأجل دراسته وعلامه هايعمل علينا سي الأستاذ...!!!!
التفت بدر قائلاً: - يا طلااال بزيااادة بقى ولا عاد تحط زين في راسك ... مش ابكيفك ولا بكيفي ولا حتى بكيفه اللي بيحصول أهنه ... كل أشي ابترسم له الچدة وأحنا ما علينا إلا التنفيذ ... فالأحسن يا خوي أنشوف شغلنا ومانشغل بالنا بحاجة ماإلنا فيها يد ...
شرد طلال قائلاً: - ما إلنا يد فيها ..! راح تشوف يا خوي كيف ما إلنا يد فيها..!
أما زين فقد دخل منهكًا إلى مكتبه في المزرعة الموجود في مبنى متوسط السعة مكون من طابق واحد ومدخلين، كان المدخل إلى المكتب هو المدخل الخلفي، دخل زين ليفاجأ بوجود شخص ما في مكتبه يجلس على المقعد خلف المكتب ويمد رجليه على المكتب الذي أمامه عابثًا ببعض الأقلام، قال له زين في دهشة:
- زكريا...؟؟؟ أنت رجعت من القاهرة امتى..؟؟؟
قال زكريا مبتسمًا: - أنا هنا من الفجر يا باشا ...
قال زين: - أنت امتحاناتك خلصت يا ابني عشان تيجي ..؟ مش عندك امتحان بكرة..؟ كنت تخليك في القاهرة لحد ما تخلص امتحانات ... أنت عارف أنت بقالك اد ايه مش عارف تاخد تالتة تجارة...؟ يا ابني اخلص بقى ...
ضحك زكريا ضحكة طويلة ونهض قائلاً: - يا عم أنسى الجامعة والكلية والامتحانات ... أنا خلاااص .. عرفت طريقي ...
قالها ثم أخرج سيجارة وشرع في إشعالها، فأوقفه زين بصرامة قائلاً: - مش هنا يا زكريا ... أطفيها من فضلك ...
اطفأ زكريا سيجارته في عصبية قائلاً: - هوا لا هنا ولا في البيت الكبير...! إيه الخنقة دي..!
قال زين مغيرًا الموضوع: - مش فاهم تقصد إيه بأنك هاتنسى الجامعة والامتحانات، وطريقك إيه بقى اللي أنت عرفته ...؟؟
قال زكريا: - مش الچدة امبارح قررت معاك انها هاتفتح مكتب صغير في أمريكا يبقى تبعنا ويتولى التعاقد مع الشركات الأوروبية والأمريكية وتوزيع منتجاتنا اللي بتطلب بالاسم مننا...؟
اتسعت عينا زين قائلاً بدهشة شديدة: - أنت عرفت منيين الكلام ده..؟ الموضوع ده لسة حاصل امبارح ومايعرفش بيه إلا أنا وأبوك والچدة... ده حتى امك ماتعرفش...!!!
ضحك زكريا وقال وهو يضع يده على كتفي زين: - زين يا حبيبي انت صحيح أخويا الكبير ... بس أنا داير عنك يا معلم وأعرف أجيب المعلومة اللي عايزها من المكان اللي عايزه ..
قال زين: - والله ..؟ طيب يا عم الداير والفاهم .. إيه دخل ده بامتحاناتك...؟
أمسك زكريا بياقتيه بكلتا يديه قائلا بزهو: - ماهو أخوك هوا اللي هايمسك الشغل هناك بأمر الله .. أنت نسيت الكام سنة اللي قضيتهم في أمريكا واللا إيه .. يااااه على أمريكا ومزز أمرييكا ... احلى فكرة فكرت فيها يا اخويا اننا نفتح مكتب يدير شغلنا هناك...
قال زين بامتعاض: - مُزز..؟؟؟ يا اخي انتقي الفاظك وخاف ربنا شوية ...
هتف زكريا: - لااااا يا باشمهندس بلاش انت تبدأ في التنظير ... انت نسيت انا شوفتك في الجامعة واقف مع مين واللا ايه..؟ حتة مزة تحل من على حبل المشنقة ... بلونداية كدة بعيون زرق وقوام رشيق ولا مزز امريكا ... فامتبصليش انا في ...
قاطعه زين بحدة: - زكريا لو سمحت انا ماسمحلكش ... البنت دي بنت الدكتور عمر هجرس المشرف على رسالة الماجستير بتاعتي وكانت في مكتب باباها وانا عنده وحصل اني نسيت الرسالة بتاعتي واوراقي عند الدكتور عمر في المكتب فجت ورايا تديهالي بس .. ولا اعرفها ولا شوفتها قبل كدة ...
ربت زكريا على كتف اخيه قائلا: - بس هنيالك يا زين البنت قمرررر...
ازاح زين يده بحدة قائلا: - يعني ايه هنيالي..؟؟ باقولك اول مرة اشوفها..
قال زكريا:- وانا باقولك من نظرة خبير ان نظراتها ليك بعيونها الزُرق دول معناها انه هنيالك يا عم وبكرة تقول زيكو اخويا الله يمسيه بالخير هوا اللي بشرني، اصلا يا عم دي ماتتسابش لو ماكنتش مرتبطة..
صمت زين لحظات ثم قال: - طيب خلصني عايز ايه مني دلوقتي عشان ورايا شغل ومذاكرة كتير..
قال زكريا:- عايز فلوس بصراحة ...
اتسعت عينا زين في دهشة قائلاً: - فلوس إيه ...؟ بتهرج صح..؟
قال له زين: - لا طبعا مش باهرج ... انت عارف أبوك الشيخ سليم رحيل العربي ... شيخ العرب ... هو والچدة مابيدوش إلا في حدود التكلفة بس ... يعني خنقة ... وأمريكا محتاجة وجاهة وشوية مصاريف زيادة وحبشتكنات وكدة ...
نظر إليه زين مليًا ثم قال: - ماتطلب من أبوك ...
قال زكريا:- ييي .. مانا باقولك مش هايديني حاجة .. طلبت منه وقالي اللي معاك كفاية للشغل... وطيب انا يا حاج ومصاريفي طززز شوية فكة ماينفعوش.. ياللا يا زين بقى أديني مبلغ كدة محترم وهاردهولك اما اشتغل في امريكا..
تردد زين قليلا، ثم قال: - شوف يا زكريا .. انا أولا مش هاقدر اديك مبلغ كبير ثانيا لو اديتك فلوس اوعدني انك مش هاتصرفهم في حاجة تغضب ربنا.. يعني لا سجاير ولا حاجة من دي ...
قال زكريا بسرعة: - طبعًا طبعًا يا زيزو ... أنت فاكر ايه .. انا عايز اجيب كام طقم زيادة كدة لزوم الأناقة انت عارف اخوك مابيجبش إلا الماركات الجامدة ...
أخرج زين من درج مكتبه مبلغًا ماليًا أعطاه لأخيه قائلاً: - اتفضل يا سيدي اتمنجه براحتك ..
اختطف زكريا الأمول من أخيه ثم ارتدى منظارًا شمسيًا قائلا وهو يدور على عقبيه راحلاً: - متشكر اوي يا أخووووي تسلم يا عم زين ... ياللا اسيبك انا بقى تكمل شغل ومذاكرة .. سلاااااام
جلس زين على مقعد مكتبه وابتسم بجانب فمه الأيسر كعادته لتبدو غمازة طويلة بجانب فمه وهو يتمتم:
- عمرك ما هتتغير يا زكريا .. ربنا يهديك ...
أما زكريا فقد خرج من مكتب أخيه وقفز في سيارة جيب مكشوفة قادها عابرًا أراضي زراعية شاسعة ممتلئة بالنخيل حتى وصل إلى بوابة حديدية ضخمة فتحها له غفير ما فدخل مسرعًا حيث تراءى على جانبي الطريق حديقة رائعة الجمال ذات نخيل باسقة ومساحات خضراء حتى انتهى به المطاف أمام منزل يقع على مساحة كبيرة من الأرض مكون من طابق واحد غير الأرضي، دار حول المنزل وأوقف السيارة خلفه، أخرج سيجارة أشعلها ثم أخذ ينفث دخانها وهو يعد ما معه من أموال.
لم يكن ثمة أتفاق في الشكل أو الشخصية بين الأخوين سوى القامة الطويلة فقط، حيث كان زكريا شديد النحافة بينما يتمتع زين بجسد متناسق، كما كان زكريا أسمر البشرة ذو شعر مجعد أسود بينما كان زين ذو بشرة خمرية ملوحة وشعر اسود ناعم قصير وملامح رجولية منحوتة.
- "بسسسس ... بسسسسس"
انتفض زكريا وهو يسمع تلك الهمسات، أخذ يبحث حوله عن مصدرها حتى رأى شبح لشخص ما يتوارى خلف أحد الأبواب، ترجل زكريا من سيارته المكشوفة مبتسمًا في مكر وهو يتجه نحو الصوت..
- و ... حـ ... شـ ... تـ ... يـ ... نـ ... ـي..
قالها وهو ينفث دخان سيجارته نحو حسنائه البرونزية التي أطلت من خلف الباب بجديلتيها الممسكتين بعقال شعر حالك مموج طويل لم يفلح ذاك الوشاح الذي القته على رأسها كيفما اتفق في تغطيتهما تمامًا أو تغطية خصلاتها السوداء الثائرة التي انسدلت نحو عينين لوزيتين سوداوين كحيليتين.
- "لا والله ما هو باين اهه .. من ساعة ما نزلت مصر ما عاد نشوفك و لا اتكلمنا ... ورجعت الفجر وكمان لا شفتك ..." كذا همست تلك الفتاة، فتناول زكريا يدها الباردة كالثلج قائلاً: - يا حبيبتي يا حسناء أنتِ الأصل يا قمر ...
سرت ببدنها قشعريرة باردة وقالت وهي تسحب يدها من بين يديه: - لا يا ولد خالي .. ماهو لو أنا الأصل كيف ما بتحكي كنت سألت علي وحاولت تشوفني زي ما بعمل المستحيل عشان اشوفك ..
قال زكريا ممعنًا النظر في عينيها: - حبيبتي يا سنسن أنا كنت عايز اقابلك لوحدنا عشان انت ليكي هدية عندي كنت عايز اديهالك في جو رومانسي جميل مكافئة ليكي على اللي عملتيه عشان خاطر حبيبك زيكو، أنا خلاص يا حسناء مسافر أمريكا هاشتغل هناك ...
عبست حسناء قائلة: - أمريكا ...؟؟!! يالهوي ... أمريكا مرة واحدة يا ولد خالي .. ده انت بتروح مصر ببقى هاتجنن ومابعرف أشوفك اتروح أمريكا ..؟؟ يا خيبتك يا حسناء يا ريتني ما اتجسست ولا سمعت كلام الچدة وخالي سليم مع اخوك ولا قلتهولك .. أنا اللي استاهل .. أنا اللي ..
قاطعها زكريا: - اييه اييه انت هاتندبي واللا إيه ... يا بت افهمي .. أنا خلاص لا ورايا دراسة ولا مذاكرة ولا هاستنى اتخرج عشان نتجوز ... أنا هاروح اظبط شقة الزوجية بتاعتنا يا قمر وارستأ نفسي وكلها كام شهر واجي اخطفك على امريكا وانت مراتي حبيبتي .. هاجي نتجوز ونسافر على طوول .. جهزي نفسك بقى من دلوقتي يا حسناء مفهوم..
قالها مداعبا ارنبة انفها بسبابته، فخفق قلبها والتمعت عينيها بأمل زائف ثم قالت: - صوح..؟ صوح فعلاً يا زكريا ..؟
قال زكريا :- أنا عمري وعدتك بحاجة ومنفذتهاش..؟
هزت رأسها يمينًا ويسارًا أن لا، فقال: - أهوه .. أديكي قلتي .. يبقى نجهز نفسنا عشان كلها كام شهر بالكتير وانزل عشان نتجوز يا حبيبتي وتروحي أمريكا معايا .. هاتتبسطي في أمريكا أوي يا حسناء .. هاتلبسي اللي انت عايزاه وتروحي الاماكن اللي عايزاها ... هاظبطك هناك ... ودلوقتي بقى ماتنسينيش .. غمضي عنيكي عشان أديكي هديتك ..
أغمضت حسناء عينيها وقلبها يكاد يزغرد من الفرحة .. يكاد يقفز من مكانه وهي تشعر بذراعي زكريا يحيطان عنقها ثم يداعبان شعرها من الخلف، ثم يقول:- فتح يا جمييييل...فتحت عينيها لتجد قلادة فضية يتدلى منها قلب قد احاط زكريا عنقها بها، قال لها في وله: - خلي بالك من قلبي واوعي تشيليه من رقبتك أبدًا..
شعرت حسناء بسعادة بالغة ... شعرت وكأنها تعيش في فيلم من الأفلام الأبيض والاسود التي تدمنها.. أومأت له في استسلام قائلة: - حاضر..
إلا أن عينيها اتسعت في رعب وهي تنظر خلف كتفي زكريا ورفعت وشاح رأسها تغطي وجهها وهي تقول منصرفة: - سلام بقى يا زكريا احسن ياسر اخوي جاي من هناك اهوه .. اخاف يشوفني ..
أمسكها زكريا من ذراعها قائلاً: - ماتنسيش ... تبعتي لي كل شيء بيدور في البيت هنا . كل دبة نملة زي ما علمتك على النت مفهوم يا حسناء..؟
قالت بسرعة: - ما تقلق يا زكريا مش هانسى بس سيبني اخويا قرب منينا ..
اطلق زكريا سراحها لتجري مسرعة بينما يلقي هو بسيجارته أرضًا داهسًا إياها بقدمه عندما أقبل عليه شابًا في منتصف العشرينات متوسط القامة ذو بشرة بيضاء يرتدي عوينات طبية، قال له زكريا:
- ازيك يا دكترة ..
عدل ياسر من وضع عويناته وهو ينظر خلف زكريا قائلاً: - أهلا يا زكريا، هوا ... انت واقف عند باب المطبخ كدة ليه ..؟؟
قال زكريا: - مافيش يا سيدي كان في ايدي سيجارة قلت أخلصها هنا قبل ما ادخل وعمك الشيخ سليم يقفشني ... وأديني رميتها اهوه ... أنت بقى ايه اللي بيدخلك من باب المطبخ يا خبيييث..؟
قال ياسر: - أنا بحب أول ما أدخل أشوف أمي ... وهيا بتبقى قاعدة في المطبخ مع زينب أغلب الوقت، فبدخل اسلم عليها وأطلع أوضتي ...
قال زكريا: - ماشي يا عم ياللا بينا وأهي فرصة اسلم على عمتي قبل ما امشي ...
قالها ثم دلف كل منهما إلى داخل البيت الكبير.
***
-5-
”الشجاعة هي أن لا نخاف من لحظات خوفنا. درّب قلبك على مجابهة الأشياء التي تخيفه“
محمد الرطيان، وصايا
***
24 نوفمبر 2011، في الطائرة
الساعة 19:30
من نيويورك إلى القاهرة ... آلاف الأميال .. تجلب إلى الذاكرة المنهكة آلاف الذكريات ... وتجتاح مخيلتك آلاف الأفكار، أثني عشر ساعة كاملة بين السماء
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


جاسيكابرايد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-18, 08:55 PM   #167

صفاء علي عثمان

? العضوٌ??? » 357428
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 521
?  نُقآطِيْ » صفاء علي عثمان is on a distinguished road
افتراضي

https://www.turkiyeburslari.gov.tr/

صفاء علي عثمان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-03-18, 09:02 PM   #168

haifahiafa

? العضوٌ??? » 104301
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » haifahiafa is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

haifahiafa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-18, 05:59 PM   #169

shathooea

? العضوٌ??? » 231397
?  التسِجيلٌ » Mar 2012
? مشَارَ?اتْي » 414
?  نُقآطِيْ » shathooea is on a distinguished road
افتراضي

شكرا بارك الله فيك

shathooea غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-18, 01:20 AM   #170

نوره الحائره
 
الصورة الرمزية نوره الحائره

? العضوٌ??? » 253433
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 347
?  نُقآطِيْ » نوره الحائره is on a distinguished road
افتراضي

روايع رائعه شكررررا

نوره الحائره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:32 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.