آخر 10 مشاركات
صفقة زواج (56) للكاتبة jemmy *كاملة* ...a marriage deal (الكاتـب : Jamila Omar - )           »          لو..فقط! *مميزة**مكتملة** (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          مشاعر على طول الأمد (42) *كاملة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          عرش السُلطان، للكاتبة/ خيال. " مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          142 - على باب الدمع (الكاتـب : حبة رمان - )           »          1200- المستبد - د.ن ( تم تجديد الراابط) (الكاتـب : Breathless - )           »          لا تتركيني للأوزار (الكاتـب : تثريب - )           »          354 - نشوة الانتقام - مادلين كير - روايات احلامى (الكاتـب : samahss - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أي من الشخصيات أحببتم الترابط و التفاهم بينهم؟! و استطعت إيصال مشاعرهما لكم!
يوسف و مرح 146 54.89%
مصطفى و جميلة 130 48.87%
معاذ و ورد 22 8.27%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 266. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree168Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-02-18, 10:11 AM   #321

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
Chirolp Krackr مداواة جراح (1) *مميزة* .. سلسلة جرح الروح بقلم ملك علي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تمييز الرواية وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها

الف مبروك ونتمنى لك دوام التميز

اشراف وحي الاعضاء




قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 03:13 PM   #322

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الف مبروك التميز 😍😍
بالتوفيق 🌷🌷🌷


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 05:18 PM   #323

Jamila Omar

نجم روايتي وكاتبة ومحررة لغوية في قلوب أحلام وعضوة في فريق الترجمة

 
الصورة الرمزية Jamila Omar

? العضوٌ??? » 4574
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 7,576
?  نُقآطِيْ » Jamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond reputeJamila Omar has a reputation beyond repute
افتراضي

الف الف مبروك ملوكة 😘😘😘

Jamila Omar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 07:32 PM   #324

ملاااذي

? العضوٌ??? » 417429
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 52
?  نُقآطِيْ » ملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond reputeملاااذي has a reputation beyond repute
Rewity Smile 3 ..

ماشاءالله روايتك جميله ابدعتي

ملاااذي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 09:23 PM   #325

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصص من وحي الاعضاء مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تمييز الرواية وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها

الف مبروك ونتمنى لك دوام التميز

اشراف وحي الاعضاء


😍 😍 😍 أجمل مفاجأة شكرا يا أحلى منتدى


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 10:18 PM   #326

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

[rainbow]بعد قليل سأنزل ثلاث فصول إحتفالا بتمييز روايتي... و اعتذارًا على فصل البارحة 😍[/rainbow]


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 10:21 PM   #327

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني و العشرون


قراءة ممتعة 💋

**********************

كانتا تنظران للرجلين.....يختلفان و يتشابهان....

يختلفان شكلا لكن يتشابهان مضموناً ....واقفان كل يهتم بصنارته....و يتبادلان حديثا جدياً....في قرارة نفسيهما تعلمان أن حديثهما يدور حولهما....
كانتا لهما.... كجرح ما إن يتنفسا الصعداء بإلتآمه.... حتى ينفجر دماًّ.... يعلمان أنه حكما عليهما بعشق مجروح لمدى الحياة، عشق لبريئتين كانتا ضحيتا ظروف.... و لا يعلمان هل لسوء او لحسن حظهما....الذي قادهما أن يكونا جزء من حكاية تهز الجبال....
بعد صمتٍ....لا يقطعه إلا صراخ النورس... الذي يشبه صرخات جريح....في كل مرة كانت مرح تنظر إليه و تتساءل عن سبب صراخه....أشفقت عليه.... لربما هو أيضا يعاني....لكن السماء تكفي صرخاته.....تذكرت صراخها مع يوسف....إبتسمت وهي تتذكر تشجيعه لها....أحست بالحرية....و أن جزءا من جرحها تلاشى.... كل يوم يسد يوسف غرزةً خلفها جرح الأيام في قلبها....و كل يوم تحس أنها بخير.... بوجوده هي بخير...." أُصرخ.... لتكون بخير" همست و كأنها تحدثه....

-" إلتقيت به في المكتبة...كان طالب فلسفة... كالأفلام تشابكت ايدينا على كتاب، كان كتاب " جوهر الإنسان" لإريش فروم.... و بما أنه الطبعة الوحيدة التي توجد في المكتبة...." نظرت إلى مرح التي كانت منبهةً إليها بكل حواسها....وكأنها تقرأ إحدى الروايات الرومانسية.... عيونها تلمع.... و ابتسامة تكاد تُرسم على ثغرها " عزيزتي.... " قالت وهي تحرك رأسها بأسف " لم يكن كما تتوقعين....ليس كالأفلام، البطل يكون شهماً.... فيقدم الكتاب للبطلة، ثم يتعرفا و تصبح حكايتهما في كل الألسن.... " جعدت مرح بين حاجبيها في إحباط... لتقهقه ناديا و هي تستطرد " كدنا نمزق الكتاب....من الشد و الجذب، و علا صوتنا... بعد عدة إنذارات لم نهتم لها و نحن في خضم صراعنا... في من الأولى بالكتاب....أتت أمينة المكتبة، و عندما سئمت من عنادنا خصوصا هو مع عناده .... قررت أن تقدمه للأكبر فينا... لا تنظري إلي هكذا.... أخذته أنا" قالت بفخر.... " كنت أكبره بعام و شهرين....لم يتقبل كبرياؤه الذكوري ذلك...." قهقهت لتبتسم مرح " و استمرت مشاكساته لي... و بعد شهرين طلب مني الزواج...." كانت تنظر إليها تتمنى أن تكمل....لكنها تنهدت تُبعد الذكريات عن عقلها.... وهي تقول تغير دفة الحديث وهي ابعد مكرهةً نظراتها عن عثمان و تحطها على يوسف " يوسف تعود على الوحدة.... كان دائماً ينآى بنفسه بعيداً عن شجار والديه.... تربى في ثقاقتين مختلفتين....و متضادتين، كان فرنسياً في المغرب....و مغربياً في فرنسا....كبِر ليتعلم الإنصهار.... و يصبح كالحرباء يتخد شخصية المكان الذي يوجد به....هو سهل المعشر....لكنه صعب أن يثق بك و يعطيك قلبه و أسراره...." كانت تستمع و عيونها مركزةٌ عليه أيضًا....طوله الملحوظ و نحافته الظاهرة....والتي زادت هذه الأشهر.... كان وسيماً جدا...أكثر مما كانت تحلم، في أقصى أمانيها لم تكن تتوقع أن تتزوح مثله..... رغم شغفه بالرياضة و حمله لعدة ألقاب سابقة، لم تكن عضلاته بارزة.... كان بسيطاً بوسامة معقدة.
لا تعلم مالذي جعلها تثق به منذ البداية.... ربما لأنه الوحيد الذي لم يعتبرها كدمية قابلةٍ للكسر....إستدار ليبتسم لها....إبتسامة كلوحةٍ جميلة تخبي منظراً بشعاً على الجدار.... حتى إعتقدت.... أنه جائزتها....الله ابتلاها ليهبها يوسف...... هو مكافأة الله لها بعد الإبتلاء... و كأنه أحس برغبتها بالإنفراد به....إقترب منهما و عيونهما لم تقطع تواصلها.... ليمد يده لها...
-" لنذهب..." همس...لتنهض و هي تومئ له برأسها.....و تحس بدفئ يده تسري على طول جسمها....تمدها بشعور جميل.... شعور بالتملك تجاه زوجها الجميل.

-" يوسف " همست وهي تحاول إعادة خصلاتها الثائرة أسفل حجابها.... بفعل النسيم ....كانت تنظر للبحر الممتد على طول الساحل
-" نعم حبيبتي... " نظر إليها....كانت مستغرقة في التفكير، أمسك يدها يقبلها... يخرجها من حالة الاسترخاء التي تعيشها، منذ افترقا مع ناديا و عثمان.... يخاف من شعور الخواء....أن يبتلعها مجددا...كل شئ مرتبط بها أصبح يمسه قبل أن يمسها.." ماذا هناك جميلتي؟" نظرت إليه بحب...
-" كيف أحسست أول مرةٍ رأيتني فيها؟" خفف من السرعة.... ليوقف السيارة فوق جرف...و أسفله يظهر البحر... اتكأ إلى الوراء.... و ذكرياتها تقوده إلى اللحظة التي غيرت منه.... التي جعلته ينظر إلى نفسه بمنظورٍ آخر....يختلف مئة و ثمانين درجة عما سبق.
-" ما رأيته ذلك اليوم بعيد جداً عن جسدٍ مكدوم.... تكاد ملامحه تختفي..... ما رأيته ذلك اليوم، روح تصارع للبقاء..." إلتفت إليها " ما رأيته ذلك اليوم..... زلزلني، و جعلني أدرك إلى أي درجة أريدك في حياتي...." أعاد نظراته للأمام، ينظر للبحر و كأنه يطلب مساعدته على تفسير شعوره ذلك اليوم
" ما جعلني الله أحس ذلك اليوم من شعور....وكأنني كنت في سبات لأستيقظ فجأة....كان أقصى أنواع العذاب....و أنا أراك تتحسسين ببطئ مكان صغيرتك.... وكأنك تخشين ازعاج نومها.... و دمعةٌ يتيمة تلامس خذك الأيسر....وكأنها تواسيك فقدك....كنت في حالة سكينة، أقسم أنها لم تكن من تأثير الأدوية.... بل كانت من الرحيم...كانت سكينة إلاهية....لم أعرف أنني أحبس نفسي، كيلا أخدش مناجاتك لله.... كنت أصارع نفسي أن أبقى أكثر...أنهل من مشهدك و أنت تناجينه في خشوع....لكن صدري كاد أن ينفجر... لأخرج، و تتبدل حياتي...." فتح حزام أمانه....ليفعل المثل لها.....و يقربها إليه..... و كأنه يريد أن يتأكد أنها مازالت بجانبه....مررت يدها على ملامحه....ليغلق عيونه يستمتع بلمستها....وكأنها همسة فراشة....بالكاد يحس بها....لكنه متأكد من وجودها
-" أنا معطوبة يوسف.....و اليوم اكتشفت أنني أنانية في حبي لك....أنا فقط أنهال من عاطفتك، صبرك و حنانك...و لم أسأل يوماً عن شعورك.... " فتح عيونه ينظر إليها....
" هل جربت ذلك الحلم.... أن تكاد تموت من العطش....وسط البحر، ترتوي و يزداد عطشك أكثر...." أغلق عيونه...وكأنه في خشوع مع إحساسها بداخله " كنت كقطرة نبعٍ....كأول الغيث.... مجرد نقطة جعلتني أرتوي.... و أنسى سنوات العطش..." فتح عيونه... ينظر إليها بعشقٍ.... فاق سنواتهما معاً....ليقربها منه أكثر....يهمس بكل عاطفة عرفها يوماً ولم تكن موجهةً لها...." أنت بلسم روحي مرح... أنا من يحتاجك وليس العكس" قرب شفتيه يرتوي من شفتيها " لأول مرةٍ في حياتي، تصبح القبلة كافية لي....إن كنتِ لن تجودي إلا بها علي.... فأنا راضٍ.... فقط كوني بقربي.... و سأحيا"

و بجرأةٍ اقتربت منه تعلوه....و استندت جبينها على جبينه... كانت تنظر إلى عيونه.... بقوة امرأةٍ عاشقة
-" و أنا أحبك يوسف....أنت جائزتي أنا...ولي لوحدي"
قبلته بنهمٍ.....زلزلت كيانهما معاً.....

*************

-" إلى أين حضرتكِ؟" تساءل بهدوء وهو يتكئ على الحائط المجاور للمصعد...
-" ومن تكون لتسألني...." نظرت إليه بغرور...قست عيونه وهو يمررها عليها ببرودة أعصاب..... لتتوقف على حذاءها ذو الكعب العالي جدا....كانت تتمنى لو تضربه بحقيبتها، لتبعد وجهه عنها، بالكاد تحملت لأسبوع دون أن تجري بحثا عنه....وهرموناتها الغبية لا تساعد أبداً على ذلك...أحست بسخونةٍ و هو يدقق على تفاصيلها، وكأنه يعريها شيئا فشيئا....
-" أنتِ زوجتي ورد.....ثم ما هذا الذي تلبسينه؟ .... أنسيتي أنكِ حامل؟!" اقترب منها لتتراجع للوراء...ضحكت بتهكم، تخفي إضطرابها من اقترابه لتقول بسخرية... هنأت نفسها عليها
-" وماذا في ذلك؟.... ربما يحقق الله أمنيتك.... فأسقطُ و أتأذى....." سكتت لتستطرد بقسوة، و هي تتذكر كلماته التي ما زال صداها يتردد داخلها " و يسقط إبنك.... ".
جفل من كمية الغضب التي تحملها نبرتها....ليقترب أكثر و يلصقها على الحائط
-" أنتِ لا تدرين ماذا تقولين....لقد اعتذرت.....طوال الأسبوع و أنا أعتذر باليوم مئة مرة....و لن أسأم أو أتوقف عن الإعتذار لآخر يومٍ بحياتي...." همس وهو يضع يده على بطنها المسطحة، الظاهرة من تحت قميصها....أحست بدغدغة يده...لتمنع اضطراب أنفاسها بصعوبة و هو يستند بأنفه على خذها....يشم رائحتها العطرة التي ادمنها سابقاً... و اشتاق إليها كما يشتاق المدمن لجرعته....كان يتحسسها بلهفة، لكن لمسته على بطنها ذكرتها به..... ذكرتها بطفلٍ صغير بعد أقل من سبعة أشهر سيشرفها...يجب أن تكون قوية لأجله، هي لم تعد وحيدة لتتنازل، و معاذ أخطأ في حقه أكثر مما أخطأ في حقها هي....ضغط عليها أكثر على الحائط....لتخرجها همسته من أفكارها" أنا آسف....آسف كما لم أكن بحياتي.....كنتُ مشوشاً، لا أعرف ماذا دهاني؟" كانت عيونها مركزة على زخرفةٍ في الحائط.... تنظر إليها بتركيز و تحاول ألا يتشتت عقلها بلمساته...يجب ألا تضعف من أجلهم كلهم، ابنها....هي و ربما من أجله أيضاً... فقد حان الوقت ليخرج من الشفقة على الذات التي يعيشها.....إقترب أكثر يزرع قبلاته على خذها...ناسياً أنهما في الخارج و أي شخص من الجيران سيلمحها....توقف وهو لم يستشعر اضطراب أنفاسها.... ولا تأثر مقلتيها .... كانت عيونها جامدة....و باردة...ما أشعره بالصقيع...إبتعد عنها، لتلتفت إليه ببطئ و هدوء......و الكثير من البرود...
-" آسف.... آسف" قالت بحرقة....لتصمت فجأةً و تقول " هل تعلم شيئاً..... الذنب ليس ذنبك....لا......بل ذنبي...." رفعت أكثر صوتها وهي تضع اصبعها على صدرها... كأنها تجلدها....و عيونها تحولت من البرود إلى الغضب الأحمر " أنا التي دللتك....و جعلتك تعتقد أنني بائسة جداً لأصبر على طفوليتك.... و بكل صفاقة تهينني الآن بكلمة من ثلاث حروف.....ثلاث حروف تعتقد أنها ستمحي جبلا من الأوجاع" سكتت لتعيد إليه تقييمه السابق لها بعيونه....لكن عيونها لم تكن تستمتع بما تراه..... كانت تملأها الكره و الإشمئزاز
-" تلك الآسف إشربها مع الماء... فربما توقظك من سباتك " و قبل أن تكمل طريقها.... همست له
-" ربما اذلالي لنفسي أمامك أنساك من أكون..... أنا ورد... امرأة تُجرح مرة وحيدة في حياتها.... ولا تغفر " تركته و اتجهت نحو المصعد....
وقف مصدوماً من ردها القاسي...هل فعلا ورد من أصبحت تتكلم بهذه القسوة.... الوردة التي زادت اكتمالا بين يديه لها أشواك....الأهم هل فات الأوان؟؟؟؟ استيقظ من صدمته على صوت إغلاق المصعد....ليسرع نحو السلالم....لم ينتهي حديثهم بعد.
كان يلهث وهو يقف أمام باب العمارة ينتظرها.... خرجت، و بكل غرور رفعت نظارتيها من فوق شعرها تغطي بها عينيها....لم تهتم بوقوفه.... مرت من جانبه و كأنه ثمتال من صوان....ووقفت على الرصيف تنتظر وصول سيارة أجرى...
وصل غضبه للذروة من برودها.... ادارها بعنف وهو يقول بغضب....ممزوج بغيرة، وهو يرى جزءا من بطنها ظاهرة تحت قميصها القصير
-" هيا لأوصلك....مع ملابسك الضيقة هذه لن تصلي أبداً لوجهتك"
رفع سبابته في وجهها... وهو يهدد
-" أقسم إن رفضتي.... س.." لكنه توقف بصدمة و هو يسمعها تقول
-" حسناً.... تحرك" و سبقته باتجاه سيارته.... فتحت الباب الخلفي لتجلس فيه....ثم أغلقته بكل قوة....أعاد فتحه عليها
-" هل تتكرمين و تتفضلين للأمام....فلستُ سائقك الخاص" لكنها لم تهتم لهيجانه وهي ترد عليه ببرود
-" سأجلس هنا....أو أغادر.." انزلت نظرتيها...لتنظر إليه بتركيز " أيهما تفضل"
صفق عليها الباب.... ثم اتجه إلى عجلة السيارة الخلفية.... يركلها بشدة.... ينفس عن غضبه....هو غاضب من كل شئ...منذ أسبوع و حياته أصبحت في فوضى... توقف يأخذ نفساً... يحاول السيطرة على هيجانه
-" إهدأ معاذ....أنت تستحق....هي زوجتك و حبيبتك أم طفلك...و أنت جرحتها....المهم أن تهدأ الآن" لكنه صرخ بشدة و هو يضرب العجلة بكل قوة....حتى أحس بأصابع رجليه تئن ألما....حاول أن يحافظ على كبريائه و لا يظهر ألمه... لكنه بمجرد أن وضع ثقله على رجله...أحس بألم فضيع.
كانت تنظر إليه....تستمتع بثورته، أحست بنشوة وهي تراه يعرج قليلا..." تستحق " همست وهي تستقيم جالسةً...

كان يتأملها.... وهي جالسة كأميرة، تقرأ كتاباً بتركيز أحس بغضب من نفسه...اشتاق لشقاوتها وهي معه....صخب ضحكاتها، و صوتها المزعج وهي تغني أغانيها المفضلة....بعد أن يغلق المسجل....بدعوى ان الأغاني تزعجه....لكن غيرته من القيصر و من حبها لكلماته و تغزلها بصوته جعله يكرهه.....
-" إلى المستشفى لو سمحت...." أمرت بغطرسة....وهي تعيد نظراتها إلى الكتاب بين يديها.....تمعن في العنوان " طفلك من الحمل إلى الولادة".... أحس أن سنوات من عمره تضيع وهو يقف بعيدا..... يراقبها تستمتع بدورها الجديد....و تحاول التأقلم مع حقيقة أنها ستكون أما صغيرة....و ربما عزباء، فكر برهبة " هل ستخرجه من حياتها؟ ".... منذ أسبوع وهو يعيش في الشقة التي تقابلها....عاد ذلك اليوم من العمل، و هو يمني نفسه أن تكون قد هدأت، ليتكلما بتحضر....لكنه وجدها قد غيرت قفل الباب....لتصله رسالة هاتفية منها < إن كنت تريد المتبقي من أشياءك.... ستجده في الحاوية أمام البناية >.... أحس بالغضب من تصرفاتها الصبيانية....تعلم جيدا انه لا يقصد أي كلمة يقولها في ذروة الغضب...او هكذا كان يعتقد....فطول الأشهر السابقة، كانت تمتص غضبه بلمسة منها أو حتى قبلة....كان يتفنن في إبراز غضبه ليرى لهفتها عليه....لكنه يبدو أن السحر إنقلب على الساحر....وهي الان التي تغضب....و غضبها لا يزول لا بلمسة و لا بقبلةٍ منه...تذكر اتصاله بيوسف....لم يعلم أنه سيحتاج نصيحته....لكن هدوءه هذه الأيام... و لمعة عيونه، و الأكثر لهفته للرجوع إلى البيت بعد العمل جعله يستغرب...لكن نصيحته كانت يوسفية بامتياز....لم يدعه يقطع حديثه كان صارماً...غاضباً...من حقه وهو الذي فقد ابنته منذ فترةٍ قصيرة" أنت تستحق أكثر من ذلك....لو كنت مكانها كنت قطعتُ وريدك ﺍﻟﻮﺩﺍﺟﻲ و راقبت دماءك الفاسدة تخرج ببرود....يا رب العالمين.... هل أنت غبي؟ هل هناك رجل يطلب من زوجته أن تقتل روحاً....هناك من يتمنى تلك البُشرى و لا يجدها.... هناك من بشجاعة مستعد أن يحارب أشباحه المظلمة لأجلها....أتعلم ماذا؟ أنت أكرهتني في معرفتي بك....لن أساعدك....ولنرى إن كنت رجلاً كفاية لها....فيبدو أنها امرأة حقاً... كي لا ترضى بفُتاةٍ" و تركه و ذهب....ومنذ ذلك اليوم وهو يقاطعه....
وقف أمام مستشفى العالمي.... لتنزل بهدوء و تستدير إليه...
-" إنتظرني هنا....أريدك أن توصلني إلى مكان آخر....لن أتأخر" قالت و هي تراه ينوي الترجل من السيارة
-" إن كنت ستخرج معي فلن أذهب....لا أريدك قريباً من إبني..... و تعرفني كفاية.... لتدرك أنني لا اهدد من فراغ"
ابيضت مفاصله و هو يضغط بقوة على المقود...

-" أنت تستحق....تستحق" كان يرددها ليهدأ قليلا.... فلأول مرة يعامل بحقارةٍ و كأنه غير موجود..... من ورد و من صديقه الوحيد يوسف....تذكره، يجب أن يتصل به ليعتني بها...كان يحاول الإتصال وكل مرة يقطع عليه الخط...
لكنه لم يسأم....يعرف طيبة قلبه و ينوي أن يستغلها
-" ماذا تريد أيها المجرم..." أجاب يوسف بانفعال
-" يوسف...أرجوك... "
-" ماذا تريد أو أقطع الإتصال....هناك أطفال يجب علي إنقاذ حياتهم..... " أجابه ببرود...يريده أن يحس بعنف ما نطق به....الحياة و الموت بيد الله ولا يجب لأي كان أن يلعب بهما.

-" سأعذرك لأنك غاضب..... لأن إجازتك قُطعت اليوم .... من فضلك يوسف، ورد في المستشفى الآن.... ولن تريد أن أكون معها.... اهتم بها"
-" سأهتم بها لأنها تستحق....فقد مرغت أنفك في التراب...." سكت قليلا ليستطرد " كيف حالك معاذ؟" همس بصوت يحمله كل الإهتمام لصديقه....يعرف أنه صعب المراس، و غاضب دائماً.... لكنه صديقه و حقاً يحبه
-" لستُ بخير.... أحس أن كل شئ يتسرب من بين يدي" قال بتعب
-" ما رأيك أن نخرج ....كالأيام الخوالي...أنا و أنت و مصطفى " اقترح يوسف
-" لمنزل الشاطئ؟ " تساءل معاذ....فهو يحتاج حقاً أن يبتعد قليلا
-" لا....لا أستطيع أن أتأخر عن زوجتي.... سنلتقي في أي مكان...." صمت قليلا ليعقب " سأقطع الآن.... ففاتنة تتجه نحوي.... و يبدو أن إسمها ورد"
-" يوسف... أقسم إن تجرأت.... " لم يدعه ينهي كلامه
-" فات الأوان...." ليقطع الخط.... كان يهم بالخروج من السيارة ليتذكر تهديدها..... ليرجع و من يراه ساكناً يجزم ببروده.....لكن الغضب يكاد يحرق كل أضلعه.

******************

كانت تستمع لهمهمات جدتها مع الحارس المسمى عزيز، و كأنها خبير مالي.... يقوم بصفقات بملايين الدولارات...

- " سأعود هذه المرة أقوى... " قالت لتضحك بصوت عالي
- " كيف أقوى .... و أنت بالكاد تتلمسين طريقك في الظلام"
- " لقد عادت.... " همست وهي تشير للغرفة....
- " عادت....من؟" رد بعدم فهمٍ
- " مريم عادت.....بعد ست سنوات هروب.... قد عادت"
-" أنا لا أفهم شيئاً..... المرأة في الداخل إسمها جميلة و ليس مريم.... " ضحكت بصوت مجلجل.... لتقول " جميلة او مريم.....سعيد لن يمانع... " لتستمر في ضحكاتها.... قاطعتها سعال عنيف.... أجبرها على التوقف

بعد بعض الوقت...أحست أن الكل نيام....خرجت من الغرفة تمشي على أطراف أصابعها....

-" إلى أين يا فاتنة...." جفلت من الصوت... لتتراجع وهي تتفادى الإصطدام به....وهو يغلق عنها باب الخروج بجسمه....
-" إبتعد عن طريقي...." صرخت وهو يتقدم باتجاهها

-" جميييلة...." صرخة جدتها من داخل البيت جعلتها تستدير....
-" إسم على مسمى.... " تمتم الشاب
-" عزيز....أغلق فمك المتدلي... او أقسم أن يصل الأمر لسعيد، و نرى كيف سيكون موقفك أمامه..." تغيرت نظرته الى الرعب وهو يسمع اسم سعيد....
-" آسف سيدتي..." قال وهو يوجه نظرات ذات مغزى لجميلة...التي ارتعبت و هو يمشط جسدها بها
-" و أنتِ أدخلي للغرفة....لا أريد أن أسمع صوتك....و لا تحلمي بالهرب، فدخول هذا البيت ليس كخروجه عزيزتي"
-" أرجوك جدتي....أقسم لن أخبر احداً فقط دعيني اخرج من هنا"
-" أدخلها... عزيز" اقترب منها....وهو يمني نفسها بتلمس جسمها، لكنها صرخت في وجهه و هي تتجه إلى الغرفة
-" لا تقترب مني أيها الحقير...."

منذ خمسة أيام و هي مسجونة بهذه الغرفة....و كل ما تسمعه همهمات جدتها... وذلك المسمى عزيز.... لا تعرف كيف لعجوز عمياء أن تكون لها قوة و سيطرة مثل هذه.

كانت تغالب ألا تففد الوعي...
" مصطفى " همست بأنين....تريد أن ترجع إلى آمان ذراعيه، تريد أن تعود تلك الطفلة التي يتذمر من طفوليتها....ابتسمت وهي تتذكر يوم غافلته و وضعت قطعة ثلجٍ بين ملابسه ولحمه....كان يقفز كمجنون، وهو يحاول إخراج قميصه من حزام سرواله...و يتوعدها بالقتل، كانت ضحكاتها صاخبة وهي تراقبه، عيونه كانت غاضبة، لكن أفصى ما فعله هو تقبيلها إلى أن انقطعت أنفاسها..... " أنا لا أريد أن أكبر....لا أريد أن أتعذب... وكله بسببه....مصطفى هو سبب ما تعيشه الآن، خيانتها حطمتها، و جعلتها تغادر إلى وجهةٍ....الآن فقط عرفت لماذا والدتها ثم خالها منعاها من البحث عنها....لكنها ككل مرة لا نستخدم عقلها، و تجد نفسها في مشاكل عويصة" صرير الباب جعلها تفتح عيونها بصعوبة....سمعت حفيف جدتها و هي تخبر الرجل
-" هي أجمل من كل سابقاتها.....جمال فريد...." قاطعها الرجل بصوت مصدوم....وهو يجلس قريباً منها
-" يكفي أنها ابنة مريم...." همس و هو يقرب اصبعه لرجلها.....انكمشت أكثر على نفسها....و هي تستغيث ربها و بدون ارادة منها تستنجد اسمه " مصطفى"
-" أنتِ تشبهينها.... كثيراً " همس بصوت أجش و عيونها تتبع أصابعه في خوف " بل أنتِ أجمل منها بكثير.... بعد موت زوجها انطفأ بريق عيونها.... وكأن شيئا كُسِر داخلها"
أمسك بخصلات شعرها يقربها من أنفه....عيونه مغمضة.... و أفكاره تقوده إلى سنوات مضت، عندما رآها شعلةً نارية..... فرساً جامحة، أرادها كما لم يرد امرأةً في حياته....وهو سعيد المهداوي...الذي لا يسمح أن يرفع صوت في حضرته.... مرغت كرامته الأرض من مراهقة، لكن شغفه بها أنساه مكانته.... عرض عليها كل شئ من أجل أن تترك زوجها و تكون له لكنها رفضت.... عاندت ما زاد من هوسه بها.
مات زوجها.... و عوض أن يعزيها اشتراها من حماتها.... لتكون جاريةً بين رجليه، يستمتع بها كيفما يشاء....و يستمتع بإذلالها كما أذلته كيفما يشتهي.....لكنها هربت، و طفلتها....بحث عنها كثيراً، كأن الأرض انشقت و ابتلعتها... و الآن القدر يعوضه بنسخة منها.....
-" رائحتك مسكرة..." قال وهو يأخذ نفساً من عبقها....ضربت يده بعنق و هي تصيح
-" أبعد يدك عني أيها الكريه...."
ضحك بصخب.... " تماماً كما أفضلهن" همس وهو ينهض من جانبها.....
-" حسناً.... أريدها.... أخبري عزيز بكل طلباتك.... و ستكون مجابة" وهو مازال يحدق في غنيمته
-" سيد سعيد.... هناك أمر أنت لا تعرفه.... جميلة حامل " إلتفت إليها بغضب.... ليمسك بتلابيب ملابسها بقوة.... لم يراعي كبر سنها..... كانت ترتجف بين يديه وهو يرفعها إلى أن ماثت طوله
-" هل قدمتها لأحد من قبل.... هل بعتِ مريم لشخص قبلي " صاح وهو ينظر إليها.... وكأنها تستطيع رؤيته....إرتبكت ملامحها، وشحب وجهها
-" أقسم لك سيدي أنها كانت حامل عند قدومها.... و اكتشف الأمر مؤخراً فقط..." أسقطها بدون شفقة و اتجه إلى جميلة....التي كانت ترتجف كورقة في مهب الريح.

اقترب من جميلة التي كانت تتراجع إلى أن أوقف الحائط تراجعها.....أمسكها من شعرها ليرفعها
-" مع من خنتني مريم.....سأقتلك إن لم تتحدثي" صرخ فيها
-" مجنون " همست بخوف وهي تحاول تخليص يديه من شعرها....لكنها عاجلها بصفعةٍ.... أسقطتها في أبعد نقطة للسرير....و انسابت الدماء من جانب شفتيها.... جذبها من رجلها ليمددها على السرير.... سيطر عليها بيده و رجليه، ليشق ملابسها و تظهر بطنها المسطحة إلا من تكور طفيف.... كانت دموعها تجري.... و مقاومتها تضعف شيئا فشيئا.... شعور بالذل و الهوان يكتنفها.
تلمس بطنها بخشونة.....و هو يقترب من وجهها....كانت أنفاسه تضرب صفحة و جهها و هو يقول بفحيح
-" قريبا سنتخلص منه.... و ستصبحين لي وحدي"
ثم أطلق صراحها و استوى.... كانت تغالب الدوار....لا تريد أن تفقد الوعي و تدعه يفعل بها ما يريد من دون مقاومة.

أغلقت عيونها تغالب الدوار الذي يهدد بإغراقها.... وهي
تضع يدها على بطنها..... ترجوه أن يغفر لها، هي التي أخطأت و أحبت شخصاً لا يستحق.... " أبوك السبب في كل ما يحدث لنا.... أريد أن أكرهه لكني لا أستطيع.... أحبه أكثر من نفسي.."
شهقت بألم وهي تسمعه يقول للعجوز
-" قبل الفجر سأعود مع الطبيب.....يجب أن نتخلص منه....لا أريد أي شخص يشاركني مريومتي" ثم خرج و العجوز على أثره.....

" لا تخف حبيبي... سأخرجك من هنا.... لن أدع مكروها يحدث لك" كانت تتم وهي تجر نفسها لتخرج من السرير.... يجب أن تخرج من هنا قبل الفجر، و مصطفى الذي وضعها في هذا المأزق وهو من سيخرجها منه....لتدع كبريائها بعيدا...و تفكر في مصلحة طفلها.
وصلت لأقصى الغرفة حيت توجد خردة.... يبدو أن العجوز لا تستخدمها....أخذت براداً قديما لتخرج منه الهاتف الذي خبأته به سابقاً...
خبأته بين حناياها.... لتعود أدراجها فوق السرير.... مر الوقت وهي تفكر هل تتصل به....ماذا إن كان مع أخرى... ينام في حضنها....كادت الغيرة تعميها و ترمي بالهاتف ارضاً..... لكنها تذكرت إبنها.... فتحته كانت تنوي أن تتصل به عندما فتح الباب....لتعيد تخبأته.... دخل عزيز و تفقد الغرفة.... كان ينظر إليها برغبة....أحست بالإشمئزاز...رفعت الغطاء المهتري تُغطي به جزء بطنها الظاهر....كانت تنظر إليه... للحظة فكرت ان تستغل افتنانه بها و تطلب منه ان يساعدها على الهروب....لكن العجوز نادته ليخرج سريعاً...

أحست بسائل ساخن ينزل بين فخذيها....لتسرع بكتابة رسالة....لا تعرف إن فعلا أرسلتها أم لا...فقد كان الظلام يأخذها بعيدا....و طفلها يبدو أنه لم ينتظر للفجر ليتم وأده.

********

يليه الفصل الثالث و العشرون


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 10:23 PM   #328

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث و العشرون


قراءة ممتعة 💋

***********

هدووووء.....لتنطلق دقات طفلها، تملأ الغرفة......كانت تغلق عيونها في خشوع....إحساس مهول، جعلها تطلق العنان لدموعها...
وهو يخبرها....أنه هنا....موجود
إحساس جعل قلبها يتضخم أضعاف حجمه....ستكون أم، لمخلوق رغم أنه لم يتعدى حجم بذرة إلا بقليل....ولم تتعرف على وجوده بعد... إلا أنه وكأن استوطن قلبها قبل أضلعها منذ الأزل.....شعور بالحب....بالتملك....و بالخوف.... جعلها تبكي أكثر، لم تكن تدري أنها تشهق إلا عندما أيقظتها همسة الطبيبة.
- " هل أنت بخير؟".... نظرت إليها بضبابية من خلف دموعها لتقول
- " نعم....أقصد لا....والده لا يريده....أو ربما يريده و خائف من مسؤوليته....هو اعتذر صحيح....لكني لا أحس أن الإعتذار كاف....خصوصاً أن ما نطق به شنيع...." سكتت... وهي تفكر فيما قالته....لتكمل و كأنها وجدت أخيرا من تفضي له بمكنونات قلبها " هو خائف.... لكنني أموت رعباً.... وأنا أفكر أنه في أقل من سبعة شهور.....سأصبح أما....لكنني لن أكن لأفكر أبداً بإجهاضه.....هو إبني أنا.... و أنا أحبه"
- " لا أقصد التدخل....لكن يبدو أن زوجك لا يقدر النعمة....ربما يجب عليه أن يجرب زوالها....ليعرف قيمتها..." قالت الطبيبة وهي تمسح بطنها من السائل البارد..."
صمتت....وهي تفكر في ما قالته الطبيبة....لن تستحمل لو يوماً من الأيام لمحت نظرة الرفض من معاذ اتجاه الطفل....تعرف ذلك الشعور القاتل.... أن تبذل طاقتك لترضي شخصاً ما ليرفضك.....لن تجعل إبنها يعيش تلك التجربة....هي ورد و قادرة على حمايته....ستكون له الأب و الأم....و ليعش معاذ مع عقده بعيداً عنهما.

تفاجأت أنه مازال في مكانه....ربما هو يهتم، و يحتاج فقط لفرصة ثانية....لكنها نهرت نفسها...." عن أي فرصةٍ تتحدثين.... الآن لم تعودي الوحيدة التي سيعيد لإهانتها....هناك طفل...هل تعلمين معنى أن يكون الطفل بينكما".....

وبهدوء جلست بجانبه....لتهمس له
- " خذني للمنزل... من فضلك " لترجع رأسها للوراء وتغمض عينيها.
- " هل أنت بخير....هل الط....الطفل بخير" قال باهتمام و توثر....فتحت عينيها لتقول
- " نعم....فقط متعبة و أريد أن أرتاح"

قاد السيارة و الأفكار تقوده.....ورد العصبية، المجنونة يعرف التعامل معها.... لكن الهادئة الرزينة....يفقد قدرته على قراءة أفكارها و التنبؤ بردات فعلها....و صلا لتترجل وهي تقول
- " يجب أن نتحدث....تعال للشقة" ثم أغلقت الباب بهدوء، صف السيارة ليسرع يلحقها....ربما الأمور ستصبح بخير بينهما.... سيتحدثان بكل حضارية.... و يخبرها للمرة المليار ربما أنه آسف....ثم يقبلها و ينسيان كل الذي حدث....وجد الباب مفتوحاً.....استنشق رائحة عطرها التي للآن لا يعرف سرها.... كم اشتاق لذكرياته معها....حتى انه لم يعد بتذكر كيف كانت حياته قبل أن يلتقيها
- " تفضل..." أشارت له بالجلوس بكل أدب....كان يريد أن يصرخ في وجهها، لا تطلبي مني الجلوس بأدب، اسقطي علي كما عودتني، و مازحيني كما كنت تفعلين....لكن لا تحدثيني برسمية.....وضعت العصير أمامه لتقول
- " معاذ.... اليوم فكرت جيداً لما بيننا.... منذ البداية و الأمور بدأت بطريقة خاطئة.... زوجنا....طريقة تعاملنا مع بعض...كل شئ غلط.....و حان الوقت لنوقف هذه المهزلة...." اخفضت نظراتها....للعصير بين يديها
- " معاذ....طلقني" كان تنتظر منه أن يثور.... يصرخ و يغضب.... ربما حتى يمد يده عليها.... لكنه وقف بهدوء و خرج من الشقة....


*********************

- مرح لقد عدت... " صاح وهو يدلف إلى المنزل بعد أن عاد من المستشفى ....و ضع المفاتيح في مكانها.... كان الوقت مازال باكراً.... وجدها متكورة أمام التلفاز تشاهد الكرتون المفضل لديها.... و تبكي... اقترب منها بهلعٍ و ركع أمامها
- " ما بك حبيبتي.... لماذا تبكين" سألها و هو يمسح دموعها
- " إشتقت جداً لمنى....أريد رؤيتها" قالت بحزن....وأغنية " ريمي" عن الأم تصدح من التلفاز
- " لما لا نتصل بها.... فكما تعلمين هي لم تعد للوطن بعد " أخذ هاتفه ليتصل بها.... لكنه توقف و هو يسمعها تهمس
- "هل نستني.... كما فعل والدي؟"
أجلسها لتفسح له المكان بجانبها.... كان يمسد شعرها.... الذي استطال قليلا ليصل لفوق كتفيها....
- "حبيبتي..... لا تبكي دموعك غالية جداً علي" كانت تتكئ على صدره...و دموعها تنزل بصمت... تفكر في والدها الذي لم يفكر أبداً بالإتصال بها.... تعرف أنها لن تستقبل إتصاله....لكنها ستعلم أنه مازال يتذكرها.... و هذا يعني أنها مهمة في حياتك... ليكلف نفسه السؤال عنها....كانت غارقةً في أفكارها.... ولم ترى يوسف عندما بعث رسالة.... ليهز هاتفه رداً عليها
ابعدها قليلا...ليفتح حاسوبه....كانت تنظر إليه بلامبالاة
لكنها صاحت بفرح وهي تلمح منى على شاشة الحاسوب....لتعانقه بقوة امتنانا له.... تفاجأت منى في بادئ الأمر، لتبتسم في حبور
-" كيف حالك حبيبتي... " سألت
-" إشتقت لك جداً.... لو تعرفين كم أنا آسفة"
-" حبيبتي لننسى الموضوع....هناك من يريد إلقاء التحية عليك"
-" مرحبا..مرحبا..مرحبا..مرحا." كانت إيمان تعيدها ووجهها يكاد يخترق كاميرا الحاسوب
-" قولي مرحبا من بعيد حبيبتي.... " قالت منى توبخها....لتجلس إيمان بجانبها تنظر بانبهار للحاسوب
-" أخبريني كل شئ....كيف تقضين وقتك و مع من...."
كانت تحادثها عن كل شئ، موت فرح، ناديا.... عثمان...
-" و يوسف.... كيف حاله معك؟" نظرت إلى ظهره..... كان واقفا يصنع الشاي لهما....
-" هو طيب جدا معي....و أنا سعيدة لوجوده بحياتي" قالت وعيونه تلمغ
-" أنا سعيدة جداً لكما....و أتمنى أن تزوراني قريبا"....تفاجأت مرح
-" ألن تعودي؟ "
-" لا أظن حبيبتي.... إيمان تحتاج للعلاج و لمدارس خاصة...في المغرب نحتاج لمصاريف كثيرة....أما هنا فكل شئ مجاني....هم يهتمون بها جداً.... حتى أصبحت تلعب الشطرنج، رغم أنها مبتدئة إلا انها تتقدم يوما بعد يوم....." سكتت لتتلع غصةً أحكمت على حنجرتها.... لتقول و دمعة تتسرب من عينها " أنا فخورة بكما جدا، فقد جعلتماني أفخر ام على وجه الأرض.... "....أحست فرح بالفخر لكلماتها....فهاهي منى... امها الثانية تصفق بكل حبٍ....لما حققته حتى الآن
-" مرح يجب أن تجدي نفسك....ابحثي في داخلك عن أي شئ تحبينه و اعمليه....املئي اوقات فراغك....فالملل يقتل كل شئ جميل داخلنا"
-"أنا أحب صنع الحلويات....وقد تعلمت أصنافا جديدة" قالت مرح بفرح
-"هذا جميل....لماذا لا تبيعينها....و تتصدقين بريعها، هذا عمل خيري رائع.... و لا أجمل من الصدقة لسد ثغرات النفس...و منافذ الشيطان إليها..."
-"لا أعلم....يوسف ماذا سيكون رأيه؟" قالت باضطراب و هي تنظر إليه....يستند براحة وهو ينظر إليها، و يحمل كأس الشاي في يده... و في اليد الأخرى " الغْريبة" احد أصناف الحلوى التي تصنعها... قالت منى بحمائية...
-"لا تهتمي له.... اذا قال لا.... واجهيه بقوة...سيجعله الأمر يتراجع....فلم ارى بحياتي كقوتك".... رفعت نظراتها باتجاهه لتراه يتقدم نحوها
- "منى... لا تجعلينني أندم على اتصالي بك...عوض أن تنصحيها ان تهتم بي كزوجة ممتازة تحرضينها ضدي.... و حلوياتها حصرية لي فقط" قال بتذمو
- "انت لست طفلا.... لتتذمر هكذا....كبرت و اعتقدت انك ترعبني.... لم يمر وقت طويل منذ كنت اغير حفاضاتك... يا ولد" قهقه يوسف ليقول
- "حسناً منى..... انتهى وقتك" حاول أن يغلق الحاسوب لكن مرح خطفته بعيدا عنه و يوسف يحاول اخذه منها بصخب .....
-"أخبريني كل شئ منى" قالت مرح و هي تحاول أن تحيل بين الحاسوب و يوسف
ضحكت منى لتقول
-" كنت قد التحقت جديدة بالعمل.... و كان ابن العامين.... والدته الدكتورة هيلين كانت تتركه لي.... كان شقيا صاخباً.. وقد عذبني كثيرا...." رفعها عالياً.... و هو يمثل الغضب.... على ضحكاتهما...وهي تقص عليها شقاوته....ابتسم لها....لكن الإبتسامة لم تصل لعيونه....لتعرف ان هناك خطباً ما....حمدت الله عندما ضغطت ايمان على زر ما لينقطع الإتصال........التفتت تقابله لتقول باهتمام
-" هل أنت بخير...."
-"نعم... انا بخير حبيبتي" همس و خو يقبل وجنتها.... ليجلس و يجذبها معه.
-"لقد وعدتني ان تخبرني بكل ما يضايقك.... و أنا بالمثل" قالت بجدية..." و أنا متضايقة جدا" استطردت وهي تكثف يديها على صدها....
نظر اليها....ليعاود الإلتفاف للتلفاز
-" ما الذي يضايقك جميلتي؟" قال بهدوء
-" ما يجعلني غاضبة و يائسة هو معاملتك لي كشخص لن يستطيع تحمل الصعاب...دائما تنآى بروحك بعيدا عني....و تخبئ مشاكلك داخلك" قالت بحزن
-" تذكرت فقط طفولتي...لم احس ابدا بالانتماء.؟... كما احس به الآن.... انتِ اكثر من وطن بالنسبة لي....انت أنا مرح....ان فقدتك فقدت نفسي"
-أنا هنا....لن أذهب لمكان" اقتربت منه تندس تحت ابطه و تتكور تنهال من الشعور بالحماية التي ينبع منه....قبل أعلى رأسها...و هو يفكر بالمعركة الباردة التي يخوضها مع والده.... من أجلها....بل من أجله، فهي و هو أصبحا روح في جسدين....
- " هل إتصلتْ ناديا.... تؤكد حضورهما للغذاء " نظرت إليه....ليحرك رأسه بالإيجاب، و عيونها مركزة في التلفاز....لكن عقله بعيد بآلاف الكيلومترات....

كانتا جالستان قرب المسبح... و يوسف و عثمان يهتمان بالشواء في أقصى الحديقة.
كانت تحدثها عن منى.... و كيف ساهمت في محاربة هواجسها أول أشهر مصابها.... كانت تتحدث عنها بحبٍ و رقة....قاطعتها ناديا سائلةً....
- " هل ما زالت الكوابيس تطاردك...." سألتها ناديا وهي تنظر إليها بتركير....
- " فقط عندما لا أنام في نفس المكان مع يوسف " قالت بخفوت...
- " هل تنامان بجوار بعضكما..." سألتها...لتحمر و جنتي مرح.....
- " نام بجواري مرتين فقط....و الثالثة أخبرني أنني أتقلب كثيراً و نومه خفيف....فأصبح ينام على الأرض او الأريكة"
ضحكت بخفوت تداري إضطرابها....تعلم أن يوسف لم يستطع أن يبقي يديه بعيداً ككل الرجال....هذا ما جعله يكذب تلك الكذبة....لكنه ليس مثلهم، هي تثق به لانه ليس مثلهم.... كانت تنظر إليه... وهي تفكر به....قالت ناديا.... وهي ترى لمعة عيونها تختفي
- " أدويتك لا يجب أن تغفلي عنها.... يجب أخذها بانتظام" قالت ناديا بجدية
- " أعرف...أنا آخذها بانتظام كما أخبرني الطبيبة..." أجابت بتلقائية....وعيونها مازالت مركزةٌ عليه....مالذي يجعلني أثق به تلك الثقة العمياء... فاجأتها ناديا و هي تقول
- كيف هي علاقتك الحميمية مع زوجك....هل استطعتما تجاوز الحدود..." احمرت وجنتا مرح.... لتهز رأسها نفياً..." مجرد قبلات فقط" قالت بهمس....وهي تنزل بنظراتها....كأنها تخجل أن يصل السؤال لمسامع يوسف....
- أفهم شعورك جيداً.... أنا بعد الزواج لم أكن أخاف من العلاقات.... بل كنت أخشى أن يجدني نجسة....او أُدنسه.....فيكره نفسهُ بسببي..... لكنه لم يمر يوماً لم يخبرني فيه أنني ملاك....قبلته كانت.... " قاطعتها مرح...
- كمطهر للأحاسيس....كترياق...." سكتت لتأخذ نفسا لتستطرد " كالماء العذب على روحٍ عطشة.....لا يمكنك إلا إدمانها.... قرأت في مكان ما.... أن أقصى انواع الحب.... هو الحب الذي يلامس الروح...الخالي من أي علاقةٍ حيوانية....و القبلة تجعلني أصل لذلك الحب"
- "ماذا تقصدين بعلاقة حيوانية..."
أجابت مرح و عيونها مركزة بقوة على عيون ناديا....تتحداه أن تنفي ما ستقوله
-"تلك العلاقة التي... لا يوجد فيها للروح مكانة....مجرد إلتقاء جسدين، بدون تكافؤ..... هي تلك العلاقة التي يحس فيها أحد الطرفين بالإستغلال...." تفاجأت من على تعريفها للعلاقة الحميمية بين زوجين....
- "هل تشعرين بأنه تم استغلالك؟" كانت ناديا تحاول استفزازها....
ضحكت بتهكم لتقول
-"منذ وعيت على معنى الزواج الحقيقي و أنا أتعرض لأشبع أنواع الإستغلال....بدايةً من ذلك المنحط الذي كان يستغل جسدي لافراغ مكبوتاته....و بفضله تعلمت معنى أن أعيش في جسد أمقته.... كرهت كوني امرأة....و كرهت كوني ملائمة له..."
- "كيف الملائمة...." سألتها بتوجس
-"لا أعرف....لكن أشعر في داخلي أنني أستحق جعفر.... جعفر المناسب لي أكثر من غيره...."
- "و يوسف....؟؟؟!"
أعادت نظراتها لظهر زوجها و هي تقول
- "يوسف هو ذلك النجم البعيييييد جداً.... الذي كنت أنظر إليه بعد كل وصلة عذاب....و أتمنى أن أصل إليه.....وقد وصلت.... لكن بعد ماذا؟ بعد أن أصبحت شبه امرأة.... قصتي مع يوسف.... غير عن كل القصص، هو مكافأتي و أنا ابتلاؤه.....لا أدري، لكن أشعر أننا ارتكبنا شيئا جعل أقدارنا متصلة.... أنا لا أريد أن أكرهه...."
- ولماذا ستكرهينه....طالما انك تعشقينه؟؟"
- "هل تعتقدين أنه كرجل....سيرضى بالقبلات...غدا او بعد غد سيطالبني بحقوقه..... سيحاول استغلال جسدي....لكني لن أستطيع الإحتمال....صبري قد نفذ مع التجربة السابقة....وليس لدي ما أقدمه له...." قالت بحرقة
- "ربما.... تم تشويه مفهومك عن العلاقة الحميمية.... و مع تجربة جديدة مع إنسانٍ مراعي....سيتبدل مهفومك"
- أؤكد ذلك أنني و لمدة ثلاثة أشهر.... ذقت ما يجعلني اؤلف كتاباً يدحض كل ما اعتقدت وجوده برومانسية حالمة...."
- "هذا قبل الإغتصاب....و ماذا تغير بعده.... "
- "لم يتغير شئ.... بل زادت ظنوني يقيناً...."
- "مالذي حدث لكِ مرح......؟!!!!" ألقت ناديا السؤال.... لتتشنج مرح....و يشحب وجهها، كانت عيونها مضطربة....لا تستقل على أي مكان حولها....أعادت خصلات وهمية لتحت حجابها....لتقول بتعلثم.... وهي تقف.....
- أ..... أستئذن.....يبدو أن يوسف.... يشير لي.... أن اللحم قد استوى....سأحضر السلطة...." لتستدير هاربةً نحو الداخل

كان ينظر اليها تدخل إلى المنزل بسرعة....و كأن الأشباح تطاردها..... أسرع إليها، يريد احتضانها و التخفيف عنها....يعلم أن الأمر صعب جداً عليها.... وقلبه يدمي من أجلها، لكنه في صالحها.....يجب أن تُخرج العلقوم داخلها....لتستطيع أن تعيش براحة....بعدها
مر من جانب ناديا.... لتناديه
- "يوسف تعال...إلى هنا" قالت و هي تنظر بتركيز إلى المياه الزرقاء امامها...
-"سأرى مرح و أرجع سريعاً" قال و هو يتخطى مكان جلوسها.....لكنه تسمر و هو يسمع لكنة ناديا الغاضبة....
- "يوسف قلت تعالى.... و اجلس بجانبي...." إمتثل لأوامرها..... ليجلس في المكان الذي كانت تحتله مرح.... لتكمل ناديا و هي ترى نظرة الخوف على مرح تستوطن ملامحه" يجب أن تدعها تحارب مخاوفها لوحدها....لا تبقى ملتصقاً بها طوال الوقت"
-"لكن.... " قال بغير ثقة.... وهو يتلفت نحو الباب الزجاجي....يريد أن يلمحها....يريد أن يتأكد أنها بخير....ربتت على ركبته....لتلفت انباهه
-"ابتعد عنها يوسف....دعها تعتمد على نفسها.... أنت دللتها فأصبحت ضائعة بدونك....لا تتحدث دون أن تطمئن بوجودك....و كأنها أصبحت بوصَلَةً و أنت القطبين...." حك رأسه باضطراب.... ليقول باستفسار
- "و هل هذا سئ؟"
- "طبعاً سئ لما هم في مثل حالتها......"أجابته...هي تشفق عليه.... تعرفه منذ الصغر، رغم تصرفاته الفظة سابقاً... إلا أنه يهتم....دائما ما يهتم
رفع كأس العصير الخاص بمرح ليشرب... و يبلل ريقه
سعل من المفاجأة ومن الخجل وهو يسمعها تقول
-"و خفف عنها قبلاتك أيضاً.... أعرف أنها امرأة جميلة....لا تستطيع أن تبعد يدك عنها........لكنك تجعلها مخدرة... ولا أستبعد كونها مدمنةً عليها....."
- "مدمنة....؟!!" قال باستغراب
- "هي كالمورفين بالنسبة لها.... تجعلها تهرب من آلامها بالتخدير و السلام الذي تدخله إليها القبلة..... تجعلها تعتقد أنها تخلص من آلامها....و بمجرد ما ينتهي تدفق الأدرينالين في عروقها....تعود لتطالب بها.....أليس هذا ما يحدث يا دكتور؟"
-"إعتقدت انها تحاول التأقلم معي شيئا فشيئا.....او التخفيف عني و أنها في الطريق الصحيح للعلاج....حتى أنها أصبحت جريئة منذ بداية لقاءاتها بك"
-"و بالتأكيد الأمر أعجبك......يالا الرجال الحمقى....اذا كنت تريد حياة طبيعية فيما بعد معها....فيجب أن تصوم على ما تجوده عليك من فُتاة.... غمزته و هي تقول
" و الأمر يستحق المحاولة.... و أنت تعرف ذلك...."
نعم يستحق.... فكر، فبلمسة و قبلةٍ منها تجعله يوقن أنها كان كراهبٍ قبل أن يعرفها....وكأنه لم يمسس امرأة قبلها..... شعور بالكمال من مجرد همسة....
- " يوسف نحن هنا...." ربتت بقوة على ركبته.... لتخرجه من أفكاره....ثم قالت. " و أيضاً يجب أن تعود لعملك....يجب أن تحسسها أنها قادرة على التصرف وحدها، دعها تختلط بالناس.... أليس لديك اصدقاء؟.... دعها تصادق نساءهم....تتعلم شيئا ليهيها عنك....و عن الماضي..... حسسها أنك من يحتاجها.... كأي زوجة دعها تجهز ملابس العمل، توقظك للإفطار.... أشياء بسيطة لكنها تلعب دوراً كبيراً في التغيير..... الأمر سيجعلها تحس أنها فاعل في المجتمع....وليس أحد أركانه الفاسدة"
- هل تحدثت؟" قال بصوتٍ بعيد....و قلبه يضخ الدماء لشرايينه بقوة.....وكأنه في صراع مع قوة أكبر منه....و هو يتخيل تلك الذئاب تنهش لحمها
- " لا..... لهذا السبب هربت بدعوى أنك طلبت منها أن تجهز السلطة....في المرة المقبلة، سآخذها معي لإحدى الجلسات الجماعية..... لن أجعلها تتكلم....ستقابل فقط نساء يعانين مثلها....." حرك رأسه موافقةً..... لتكمل
- "سأرسل لك بعض عناوين كتب يجب أن تقرآها معاً.... تناقشا.... و اجعلها تطرح الأسئلة....و أنا تحت تصرفكما في أي شئ.....آه كدتُ أنسى.... بعد غد سيمر فيلم في القناة الوطنية الثانية أتمنى أن تشاهداه معاً.....إسمه " سعيدة" و سيبث في العاشرة مساءا....يوسف ساعدني فأنا وحدي لن أستطيع " كانا ينظران لبعضهما.... نظرة تصميم على ملامحها....

********************

********************

كاد يجن وهو يتخيل أبشع السيناريوهات....ربما أحد أفراد العصابة المتبقي....قد عاد للظهور و يريد الوصول إليه من خلالها.....أو ربما..... ضرب رأسه بعنف يصفيه من الأفكار السوداء التي تتناوب على الظهور في عقله.....
لعن و هو يحاول الوصول إلى الهاتف... الذي سقط بعيداً عنه....أمسك المقود بيد، و اليد الأخرى تبحث عنه...
- " أريد جميع الوحدات أن تتجه إلى العنوان..... لا تناقشني... و افعل ما آمرتك به" صرخ في وجه أحد رجاله....." و اتصل بسيارة إسعاف .... " ثم أغلق الخط....و ركز على السياقة، و قلبه يكاد يتوقف.... " سوف تقتلينني يوما يا حمراء... لا فرحك و لا غضبك بسهل....في كلا الحالتين تجعلين قلبي يكاد يتوقف"... إستعاد رباطة جأشه وهو يناور بمهارة.... ليصل للعنوان الذي يقع على أطراف المدينة.... مكان لن تخرج منه فتاة برقتها سالمة.

وصل إلى الموقع قبل الكل....رغم أن الوقت متأخر جداً....إلا أن الحي الشعبي مازال لم ينم بعد....أو ربما استيقظ... فالوقت يقترب من الفجر....كان الطريق ضيق لسيارةٍ كبيرة كسيارته.....ترجل منها، ليحاول تبين المكان.... لكن عشوائية تراص المنازل، جعل مهمته صعبة....ما زاد في غضبه أكثر...... حمل هاتفه ليتصل بالمركز
- " هل مازال هاتفها مشغَّلاً....حسناً اتبع إشارة هاتفي أيضا....فأنا لا أستطيع الوصول لمكانها بالضبط.... " كان عيونه حرسة....و هو يراقب بعين صقر... كل حركةٍ في ذلك الحي و هو متحفز لأي تصرفٍ مفاجئ يصدر من أحد الشباب الذي يراقبونه.... و سيوفهم تتدلى في أعناقهم.... إقترب منه أضخمهم.... كان وجهه مشرطاً و سيجارة تتدلى على فمه
- " إلى أين يا شجاع... " قال يخاطب مصطفى... الذي توقف فجأة....ليستدير نحوه....لو أن الوقت بجانبه كان أفرغ غضبه في جسد هذا المتحاذق
- " إرجع لرفقائك يا جميل....و لا تجعلني أبتلي بك الليلة" كان ينظر إليه بتركيز ....جعلت نظراته ترتبك.... لكن كبرياءه تجعله يتراجع.... صوت زميل مصطفى وصل إلى أذانه
- " سيدي... أنت تقريبا بجانب البيت...إستدر يمينا...." ابتعد عن الشاب، لكنه أمسكه من مرفقه يرجعه....لم يكن مصطفى بمزاج للعب مع الصغير....فضربه برأسه ليسقط أرضاً مغماً عليه..... دون أن يقطع اتصاله مع المركز.....تحرك زملاء الشاب، أجبره أن يرفع جانب معطف ليظهر مسدسه....ما جعلهم يبتعدون عن طريقه
- " سيدي.... هل أنت معي.... "
- " نعم.... نعم... أين أنا الآن؟" قال بعد أن قطع مسافة لا بأس بها
- " إرجع قليلا....ثم استدر يساراً" وجد نفسه أمام منزل متهاوٍ..... يقع لوحده و المسجد بالجانب الآخر.....
أغلق الهاتف.....لينسل مسدسه، و يتجه للباب الكبير، توارى عن الأنظار لما سمع أزيز الباب يُفتح....ليخرج منه رجل متأنق.... و خلفه رجل آخر مفتول العضلات.... استدار باتجاه الباب ليقول
- " اسمعيني أيتها العجوز الشمطاء....ساعة و أعود....لنتخلص من ذلك الطفل اللعين...." ضرب قلب مصطفى و هو يجزم أنهما يتحدثان عن جزء منه....قلبه أحس بذلك....
- " و مريم ستعود معي.....فهي لا تستحق أن تبقى معك....أقسم إن لعبتي معي بذيلك سأقتلك بلا رحمة و لا شفقة". أجابته العجوز بصوت مهزوز خائف
- " لا تقلق سيد سعيد....حفيدتي لك، لو كنت أنوي غير ذلك لما انتظرك ثلاثة أشهر لتعود من سفرك....أنا خدامتك سيدي.... "
- " حسنا.... سنرى، لا تنسي ما اتفقنا عليه...." و اتجه خارجا...كان يراقبهما إلى أن اختفيا .... رفع الهاتف.... و اتصل برقم
- " رجلان يتجهان غرباً....أريدهما في المركز صباحاً" و أغلق الخط....
تحقق من الباب....كان مغلقاً...... لكن انهيار زاوية من المنزل، جعل من السهل تسلقه.... نزل بخفة في البهو.... كان صوت العجوز و رجل يصله.... تقدم قليلا....ليسمعها تنهره عن الدخول لغرفة جميلة.... فهي أصبحت تخصُّ سعيد.... ما جعل الشاب يعدها أنه لن يكرر الأمر....
إقترب منه بسرعة..... والجملة أن جميلة تخصُّ رجلا آخر غيره..... جعل البركان ينفجر داخله.... و بمفاجأة أمسك بالشاب يوسعه ضرباً.... حتى اختفت ملامحه وسط الدماء.... العجوز تتلفت على نفسها برعب....لا تسمع إلا ضربات، تنفس قوي مضطرب و أنين عزيز بعد كل لكمة....و كأن حيوان مفترس ينقض عليه....... و قف و اتجه إليها.....لم يهتم لكونها في سن جدته..... امسك بيدها يلفها لظهرها....
- " أين هي....." صرخ في أذنها بقوة....ما جعلها ترتعب " أين هي زوجتي..... " أعاد الصراخ أكثر....وهي جامدة من الرعب، وهي تفكر " جميلة زوجته....جميلة متزوجة من هذا الوحش".... أسقطها بقوة....لتئن بألم....لكنه لم يهتم و هو يتجه للغرفة المقابلة له....
وقف بصدمة يلمحها.....في الإنارة الخفيفة....كانت شاحبة، و ضعيفة جداً....تتكئ على يدها التي كانت تحمل الهاتف.... و يدها الأخرى تستقر على بطنها....
إقترب منها....ليعانقها....فتحت عيونها، لتلمح شخصاً ضخما....بلحية كثيفة، أحست بالرعب و هو يرفعها...لتئن بهمس....واضعةً يدها على بطنها و تغلق عيونها بقوة.... تعتصر دموعها
- " أرجوك....لا تؤذيه...."
- " أنا هنا....حمرائي" فتحت عيونها...وهي تتعرف على صوت مصطفى.... لتبتسم بضعف وهي تهمس
- " لقد جئت.... " غرزت نفسها أكثر في حضنه....لتغلق عيونها بتعب.... أحس بلزوجةٍ في يده التي تستقر تحت رجليها.....رفعها ليصاب بهلعٍ....وهو يرى الدماء تلون يده و قميصه الأبيض....
نزع معطفه و دثرها به....كانت هشةً و قد فقدت الكثير من وزنها...... حملها خارجاً من المنزل ليلتقي بأفراد فرقته..... أحضروا الكل للمركز...و أغلقوا المكان.... كان يحاول موازنة خطواته...يحس بالضعف في رجليه.... هل وصل متأخراً.... زوجته و الآن ابنه ذهبا ضحية غباءه....وضعها برفق في المقعد الخلفي....فهو لن ينتظر وصول سيارة الإسعاف....لكنها آنت بضعف و تشبثت بذراعه.... ليحملها معه....و يضمها برفق لحضنه في المقعد الأمامي......ليتحرك بسرعة بالسيارة..... كانت الطرق الغير معبدة تجعل السيارة تهتز بعنف....ما جعلها تئن بألم في تجويف عنقه.....أحاطها بذراعه....وهو يحس وكأن الخناجير تنغرز في قبله
- " آسف حبيبتي... تماسكِ سنصل قريباً " قال وهو يحاول تفادي الحفر الموجودة في الطريق التراببة....و أخيرا خرج إلى الطريق السيار....ليسرع بأقصى ما عنده...اول من تباذر إلى ذهنه كان يوسف.... و بعد عدة رنات... أجاب
- " يوسف... أين أنت... " قال بصوت مختنق
- " أنا في المسجد مصطفى.... هل حدث لك شئ " أجاب بقلق
- " أرجوك....جميلة تنزف، أرجوك ساعدني... "
- " اهدأ مصطفى ....نلتقي في المستشفى " و اغلق الخط

كان يتحرك كليث حبيس على طول البهو امام الغرفة التي أدخلت اليها جميلة....و دماؤها ما زالت تلطخ ملابسه....
سيطر عليه الغضب أكثر من الذنب، لماذا لم تلجأ إليه منذ البداية....لماذا عرضت نفسها للخطر و ابنه.... لم يعد يستوعب شيئاً....كيف كانت تفكر عندما هربت لذلك المكان....ألهذه الدرجة كانت تكره وجوده حولها....

خرج يوسف و اقترب منه....كانت نظرته غير مقروءة.... سقط قلبه بين رجله ينتظر الخبر الأسوء....وضع يوسف يده فوق كتفه في موساة... و نظر إليه بأسف و كأنه لا يستطيع أن ينقل له الخبر الحزين.... ربت على كتفيه.... ليشحب مصطفى و عيونه تصبح داكنة.... رجليه مثبتة في الأرض و تبدو ثقيلة جدا...يريد فقط أن يتجه إلى حبيبته...لكنه لم يستطع....هناك شئ يمنعه من الذهاب...ألم فتاك يصيب جسمه ليجعله غير قادر على التنفس
-" قُلها...." همس ليوسف... الذي نظر إليه بحزن
-" إفرح أيها الضخم.....إنهم بخير....لو رأيت وجهك من الخ..." لم يكد يكمل جملتهُ الممزوجة بضحكته.... حتى عاجله مصطفى بلكمة جعلته يسكت و هو يتراجع إلى الخلف
-" يوسف....أقسم أن أقتلك...." و كثور هائج إنقض عليه، يمسك بتلابيب ملابسه....يحاول خنقه
-" إهدأ با رجل......كنت أمزح معك....ثلاثتهم بألف خير...." حرره ليقول بدهشة
-" ثلاثتهم...!"... سعل يوسف بشدة ليقول
-" نعم يا وحش... زوجتك حامل بتوأم.... "
-" توأم..." ردد و فمه مفتوح و عيونه جاحظة
-" لم أعرف أنك محروم لتلك الدرجة...توأم و من المرة الأولى...." قال يوسف بمزاح يحاول تلطيف الجو....لكن مصطفى كان سارحاً في حمراءه....
-" ألن تلطف بي ولو لمرة.... كل شئ عندها مهلك...." همس بخفوت يكلم نفسه.... و هو يضع يده على قلبه .... يحاول السيطرة عليه... " توأم" ردد بصدمة.... كانت حامل ليس بطفل بل بطفلين.... و تعاني و هو كالأبله لم يستطع حمايتها.... إتجه إلى الغرفة....يحتاج لرؤيتها.... يحتاج أن يتأكد أنها بجانبه آمنة...دخل الغرفة ليجدها.....كانت نائمة و تبدو أقل شحوباً مما كانت عليه.... اقترب يتلمس جبينها.... نزولا لخدها البارز ثم شفتيها.... سمع خطوات اقتراب يوسف...ليبعد يده مكرها
-" هي ما زالت نائمة.... يبدو أنها لم تأكل وجبةً متكاملة منذ فترة...هي تحتاج للغذاء و الراحة...." قال يوسف بجدية.... كان ينظر لصديقه و يكره نظرة الضياع التي تعلو ملامحه
-" ستكون بخير.... لكن يجب عليها أن تبقى نائمة على ظهرها عدة أيام....و تأكل جيداً... لتستعيد عافيتها، فطفلين يحتاجان لتغذية أكبر...وقد لاحظت الطبيبة أن بوادر فقر الدم بدأت بالظهور....لكن لا شئ خطير للآن" قاطعه مصطفى
-" هل ستسامحني؟.."
-" إن لم تسامحك فاعمل على نيل رضاها و ثقتها مجدداً.... أنت تحبها وهي كذلك..." نظر إليه مصطفى بفضول " منذ وصولها و لا تنادي إلا بإسمك....مع إضافة كلمة تحبب " حبيبي مصطفى " " قالها وهو يقلد صوت جميلة.... ابتسم وهو يعاود النظر إليها...ولم يستطع إلا أن يعاود تلمس بشرتها.... سمع انصفاق الباب بهدوء.... و شكر يوسف لانصرافه....فلم يكن سيخجل.... وحبيبته أخيرا تحت مرأى نظراته....نزل ليعوض أنامله بشفتيه....إشتاق لنعومة بشرتها، إشتاق أكثر لرائحتها، ...كان يشمها يريد أن يعوض أيام الفراق، و كأن جرعة مخدره قد عادت..... ادمان لا ينوي الشفاء منه أبدا.
إهتز هاتفه في جيبه....ليخرج بهدوء، و يرفع السماعة، يستمع لخالد أحد المحققين التابعين للمركز.... تنفسه يزداد إضطراباً....و هو يسمع آخر ما توصل له التحقيق مع العجوز و الرجال الآخرين.... كان يعتصر الهاتف بين أصابعه....وهو يتوعدهم، ليطمن على الشعلة التي ترقد في الداخل أولا..... و سيتفرغ لهم واحداً....تلو الآخر.

عاد للغرفة.... ليتفاجأ بها... مستيقظة تنظر باتجاه الباب، عيونها زادت إتساعاً....و شعرها يستكين بجابنها..... وكأنها تنتظره....إبتسمت بضعف، ليتذكر ما حدث طوال الاشهر الثلاثة الماضية....أغلق الباب بعنف ليقترب منها.... يريد الذهاب إليها، ليدق عنقها....عن كل الألم الذي جعلتهما يعانيانه....اقترب أكثر....ليخونه صوته و يخرج همساً عكس ما يريد
-" لماذا هربتِ.....؟" أدارت وجهها للإتجاه المعاكس...و عيونها مركزة على الحائط الأبيض....أحس بغضبه يزداد
-" لماذا أخفيتِ عني أمر جدتك.... لماذا إسمك مختلف عن إسم عائلتك.... " لم تجبه... أحس أنه يفقد صبره معها.... ليزداد صراخه عليها
-" أنظري إلي....و أخبريني كل شئ عنك...لماذا أنكرتِ وجود عائلة لك... " همست بشئ، لكنه لم يتبينه....ليقترب منها و يلف وجهها برفق.... كانت تبكي بصمت.... نظرت إليه لتقول
-" لا تصرخ علي.... أنت تخيفني" أغلق عيونه و همس بحرقة
-" يا الله"
جلس بجانبها.... ليحملها برفق كطفلة صغيرة....وهو يحاول ألا ينزع إبرة المغذي المغروس في يدها....جلس ليجلسها بحجره...و هي تتشبث به، وكأنها غريق....وجد قطعة خشبية تطفو....
-" أنا آسف...." قربها منه أكثر.... ليتذكر أنها حامل.... ليخفف الضغط عليها.... مسد بطنها ذات التكور الطفيف برقة
-" هنا يوجد أطفالي..." قال بفخر...و تملك
-" هل علمت..." قالت و هي تقرب أنفها من عنقه... تشمه بهستيرية لتستطرد
-" رائحتك جميلة...." لكنها فاجأته وهي تبعد نفسها عنه بعنف ....حتى كاد أن يسقطها لولا تداركه للأمر
-" أيتها المجنونة.... ماذا تفعلين" كانت تحاول إبعاده عنها
-" أخبرني أيها الوغد الخائن.... هل لمستها....هل تحسست نبضها؟ هل نظرت في عيونها..... هل قبلتها؟... " كانت تسأل بجنون....وهي تتلوى بين يديه....أبعدت بعنف الانبوب المغذي من يدها.... لتسقط قطرات دماء على الشرشف الأبيض....لم تهتم للوخز الذي أحست به....وهي تضربه بعنف...و تتلوى بين يديه.... "أجبني أيها الخائن.... هل تنفستما نفس الهواء.... و أحسست برعشتها و انت تضمها لصدرك؟؟؟؟ أخبرني، او أقسم لن تراني مجددا" و بسرعة قلبها، ليعلوها و يسيطر على كلا يديها في جانبي وجهها... و هو يقترب منها.... ليقول بكل صدق
-"اقسم لم يحدث شئ بيننا... لم ألمس ابدا يدا أخرى غيرك....أنا أسيرك وحدك" سكنت و هي تنظر إليه....لترفع وجهه تقربه منه لتهمس.....بفحيح على مقربةٍ من شفتيه.....و عيونها تنظر إليه بقوة.... لتقول ببرود
-"جيد لانك لن تحصل لا علي و لا على أخرى...." أرجعت رأسها.... لتقول بقوة" و الآن أخرجني من هنا....لا أريد أن أبقى بقربك أكثر".

******

يليه الفصل الرابع و العشرون


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-18, 10:25 PM   #329

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع و العشرون

قراءة ممتعة 💋

************

كانت نائمة بهدوء.... و يدها تستريح على بطنها... استيقظت ما إن أحست بدخول شخصٍ ما إلى الغرفة.... منذ حملها و حاستها السادسة أصبحت أقوى.... فتحت عيونها بسرعة....لتسرخي وهي تلمح السقف الأبيض للغرفة، أحست بطاقةً سلبية تملأ الغرفة.....حركت رأسها بقوة جهة الباب....... لتلمح عيون، لطالما أسرتها شبيهتها، تنظر إليها بحقدٍ و غضب.... حاولت أن ترفع جسدها لتجلس، لكن يداً إمتدت إلى كتفها...جعلتها تستلقي بقوة.
- " إذن لقد عدتي... " قالت فاطمة بغلٍ
-" إبتعدي عني..." حركت كتفها، تبعد يدها التي مازالت تضغط عليها بقوة.... " مصطفى... " آنت بألم، و هي تضع كلتا يديها على بطنهاو تدعو الله أن يسمع أنينها.... أليس هو من أخبرها أنه سيكون دائماً معها..... ستستيقظ و تجده بجانبها.... لكنه غير موجود....كانت تبحث عنه بعيونها... لقد ذهب و تركها.
زاد هيجان فاطمة وهي تسمعها تستنجد بابنها،هي الوحيدة التي يحق لها قول إسمه بهذه اللوعة.......هو ابنها هي....قرة عينها...
- " لا تلوثي إسمه.... " كانت تلهث بشدة.... تجاعيدها صارت أكثر بروزاً...." بعدما كدتِ تخرجين من مسامات جلده تعودين.... لماذا لم تبقي حيث كنتِ....مالذي أعادك..." أغلقت جميلة عيونها....تدعو الله أن يبعدها عنها... جذبت شعرها بقوة " إفتحي عيونك ايتها اللعينة و أخبريني مالذي أعادك لحياتنا؟؟!".... تحاملت على آلامها....شفتيها ترتجفان رعباً و يديها مازالتا مستقرتين على بطنها " يارب.... يارب...يارب" كانت تعيدها بهستيرية....فلم تعد تثق إلا فيه....فإن خذلها البشر...فالله لن يخذلها.
- " ماذا؟ هل فقدتِ لسانك، كما فقدتِ كرامتك؟؟!.... " هزتها بعنف لتقول " لم أصدق أن مصطفى.... إبني أنا....كاد يطير من الفرحة وهو يزف الخبر إلي.... يعتقد أنني سأفرح لعودتك، لو كنتُ متلهفةً لرؤية وجهك الكريه ما تركتكِ تذهبين..... هل تعرفين شيئاً.... كنت أعلم بمكانك .... وكنت سعيدة أنك و أخيراً عدت للمستنقع الذي تنتمين إليه....و تتواجدين بالضبط في المكان الذي تستحقين...." ابتعدت عنها قليلا.... لتزفر جميلة و تفتح عيونها....تنظر إليها بتوسل أن تتركها....سعِدت فاطمة لحالة الضعف التي توجد بها....فدائما ما كانت تستفزها شخصيتها النارية..... نظرت فاطمة باتجاه بطنها....لتقول " تبدين ضعيفة جداً.... لكي تعرفي أن الأمومة بقدر ما تجعلنا ضعاف.... تقوينا متى ما رأينا فلذات أرحامنا.... يحتاجون للإنقاذ...." سكتت قليلا لتستطرد" و الآن....كم تريدين لكي لا أرى وجهكِ أبداً مهما حييت" كانت تنظر إليها بهلع.... و تضغط اكثر على بطنها...كأنها تحاول أن تخبرهما أنها هنا....كي لا يخافا....أو ربما لتستمد منهما القوة.....فهي حقاً تحس بالرعب...... تلمست فاطمة جانب يدها فوق بطنها..... و فجأة غرزت أصابعها فيها.... ما جعلها تصرخ بألم....
- " لا أريد أن أرى إبن الحرام هذا يحوم حول إبني....إذهبي و ابحثي عن والده الحقيقي ايتها الفاسقة..تختفين لثلاثة أشهر و ترجعين بابن السِّفاح...و تريدين أن أثق أن إبني العاجز حتى عن لمسك.... سيصبح أباً...."
فتحت عيونها لتصبح بارزةً جدا.....لم تفكر أبداً أن شخصاً ما سيطعن في أولادها بهذه البشاعة...

فارقها لنصف ساعة فقط....بعد أن تركها نائمة....بعد التعب الذي مرت منه، وهي تنتقل من رغبتها به إلى كرهها له...لتعود و تظهر حبها له بأجمل الطرق....ثم تنبذه من جديد....وهو المسكين الذي يحاول اللحاق بها في خضم الصراع مع هرموناتها......ابتسم و هو يتذكر لهفتها عليه بعد ثانيةً....من بصق كرهها في وجهه...أخذته في عناق خطف أنفاسه.... لتخبره بين قبلاتها عن كرهها له....
-" هل أنا مجنونة مصطفى.... أبناؤك يجعلونني أتصرف بجنون" ضحك بشدة لتضربه على صدره....وهي تلتفت بعيداً عنه....لتهمس قبل أن يغالبها النوم " لا تتركني وحدي...فأنا خائفة" وعدها أن يبقى بجانبها.... إن فتحت عيونها فستجده قربها... لكنه يبدو أنه تأخر فقد ذهب ليحضر لها ملابس أكثر راحة....لكنه كعادته أحضر لها ملابس فضفاضة....للآن لم ينسى بعد صورتها في تلك الحفلة المشؤومة....لدرجة يحس ببراكين كلما تذكر الرجال الذين لمحوها.... رغبة بالبحث عنهم واحداً واحداً.... و إشباعهم ضرباً.... "تعرفين الضرب تحت الحزام حمراء " همس....ليقف مصدوما يسمع كلمات والدته..... يكاد يجن و كلماتها المسمومة تنغرز في قلبه كخنجر صدئ....دخل بهدوء ليقف خلف والدته و هي تصفه بالعاجز... تجمد مكانه لا يستطيع التحرك و إهاناتها تطال زوجته و أطفاله ..... أبناء السِّفاح.... " يا رب رحماك " همس بألم وكأن الشهيق و الزفير صار من أعقد العمليات.... كان جامداً و عيونه مركزةً على جميلة......تستنجد به، و كلمات والدته مازال تتقاذف في الجو.... كغازٍ سامٍ في أحد المعارك الغير متكافئة..... تحوُّل نظرتها إلى الخيبة.... جعله يأخذ زفيراً قوياً....... جعل والدته تفطن لوجوده خلفها....لتتوقف عن هجومها على جميلة... قال بهدوء يخفي غضبه.... لكن ممن؟ من والدته؟؟ هل هناك من يستطيع أن يغضب ممن حملته وهناً على وهن؟
- " لم أعتقد أبداً..... أنه سيأتي اليوم الذي ستطعنيني فيه أمي...."
جحظت عيونها.... وهي تبعد يدها عن بطن جميلة....و تستدير ببطئ....لتقابله....عيونه كسيرة.....حزينة، لم ترى أبداً تلك النظرة فيهما....حتى عند اختفاء جميلة.... كانت نظرته غاضبة طوال الوقت.....شهقت وهي تسمعه يقول بهمس حزين:
- " لم أعتقد أبداً أن أمي....التي جعلت مني ما أنا عليه....ستطعن في شرف زوجتي و تسمي أولادي..... " سكت لا يريد أن يعيد الكلمة.....هي أقصى و أثقل من أن يعيدها.....اتجهت نظراته....حيث تنكمش حمراءه.....تراجع ليسند نفسه بضعفٍ على الحائط........ كانت تنكمش على نفيها وحيدة منبوذة.... كانت تثني ركبتيها....و تخفي بطنها بهما....و تحيطهما بيديه.....كسدٍ منيع حول أطفالها.....أحس بالأسيد يخترق أحشاءه و هو يرى اهتزاز كتفيها....تبكي كقطة تبحث عن دفئ والدتها...." ما زلت أخذلك يا حمراء..... و ما زلتِ إدماني الذي لا اريد العلاج منه...." حول نظراته نحو والدته....كانت غاضبة و كأنها للتو لم تقذف محصنة....إختفت نظرة تأنيب الضمير التي ظهرت للحظات.... إختفت عندما ظهرت نظرة العشق في عيونه لامرأته..... ليقول بتعبٍ
-" لثلاثة أشهر.....كنتِ ترينني أتلفت حولي كالمجنون أبحث عنها....كنتِ" أغمض عيونه بإرهاقٍ....وصدره يعلو و يهبط بسرعة...وكأنه في سباق.....ليكمل " كنتِ تعرفين مكانها طوال الوقت....و لم تخبريني.... أطفالي كادوا أن يقتلوا قبل حتى أن أعرف بوجودهم....و زوجتي كادت...... " سكت....لم يعد يحتمل، تهاوى للأرض، لم يعد يستطيع هو إنسان أيضاً.... طوال حياته يجري، و اليوم الذي وصل فيه لنقطة النهاية.....حيث ستفهو روحه و تستكين....وجد أنها مجرد سراب.... كحلم جميل....إستيقظ منه، لتصفعه مرارة الواقع....تلحقت به والدته.... و ركعت أمامه.....ثم أمسكت بيده فوق ركبته وهي تقول بحنية
- " كنتَ ستنساها.....كان جسمك سيتخلص منها شيئاً.... فشيئاً..... لتعود كما كنت...." برودها ليس طبيعياً.... يعرف أنها مهووسةٌ بحمايته، لكن ليس لهذه الدرجة
- " أمي.... أنا لا أريد لجسمي أن يتخلص منها....أنا أحب....أنا لا أريد أن أعود كما كنت...." ضربته في وجهه لتسكته و هي تنهض و تعلوه
- " أنت لا تحبها....أنت فقط مفتون بجمالها..... "
- " لماذا تكرهينها أمي....مالذي فعلته لكِ....." قال وهو يرفع رأسه نحولها....صدمها سؤاله، لتضطرب قليلا قبل أن تجيب بلوعة
- " ألا يكفي أنها أخذتك مني....أنت لا تفهم....لا تعرف النار التي تستعر داخلي وأنا اراها تحتضنك.... طوال حياتك كنت تتهرب من لمستي....و تسألني لماذا اكرهها؟.... لأنها أخذت ما هو حقٌ لي.... كنتُ انظر إليها، تكسر حواجزك.... واحداً تلو الآخر....و أنا أقف بعيداً.... ألمحها تعاملك كطفلها و كأنك عدتَ ذلك الطفل التائه....و هي تمسك بيدك....تعلمك المشي مجددا......أنا من يجب أن يفعل ذلك....أنا هي والدتك....."
نظر إليها بشفقة....لينهض و يقترب منها
- " أنا إبنك.... وهذه حقيقة لن يستطيع أي شئ بالعالم نفيها" إقتربت منه تتلمس خذه، لتنزل إلى بداية نذوبه....تراجع إلى الوراء بلا إرادة منه..... لتضربه بعنف على صدره
- " بلى....جسدك ينفيها..... أنت تنفيها....كلكم تنفونها....تجعلونني أعيش تأنيب ضمير.... هي " أشارت لجميلة التي ما زالت تحتضن نفسها.... و التي تحول بكاءها... لمجرد شهقات " تجعلني أحس بتأنيب الضمير.... لأنني السبب في ما حدث لك.....أكرهها لأنها تخبرني.... بتصرفاتها معك أنها نجحت فيما فشلت فيه.... " إتجهت نحوها بغضب.... ليسرع مصطفى يقف أمامها.....يسد الطريق و يحول دون وصولها إليها....
- " أنا أكرهها..... أكرهها" أمسك بها مصطفى بعنف....ليحضنها بقوة.....يخفي كلماتها في صدره.... أحاطته بقوة....تنبع من حضنه الذي حرمت منه قصراً في صغره.....ثم كبره.
بدأ جسده يعلن العصيان.... حرارته بدأت بالإرتفاع، العرق البارد....يرسم مسارات على ظهره....و ارتعاشه يديه بدأت بالظهور.....استدار بجسده و والدته مازالت تندس في حضنه..... ينظر إلى جميلة.....ترياقه و مسكن آلامن..... فتحت عيونها تستقبل نظرته....و كأنها على موعدٍ معه..... لتبتسم له برقة رغم الحزن الذي يسكن مقلتيها.....غاص في فيروزية عيونها.....تخبره أنها معه....رغم كل شئ....هي بجانبه.....ماجعله يحس بالوضاعة، رغم أنها مجروحة حتى الصميم، إلا أنها مازالت الحائط الذي يستند عليه....رغم ثقل همومه إلا انها لا تتركه......يعرف أنه أناني....أنانيٌّ في عشقه للحمراء.

كان يغوص في عمق عيونها.....روحه طارت تعانق روحها البريئة..... لم يعد يسمع شهقات والدته......لم يعد يحس باحتضانه لها.....نظرة الحب من عيونها جعلته ثملا، و كأن روحه حلقت بعيدا.....لنعزل بعيداً معها.
كانت تحاول أن تبقى على تواصلٍ معه.....ما عاشته في الساعة الأخيرة.....فاق كل الآلام التي ذاقتها سابقاً..... كانت عيونها تنغلق.....لتفتحهم مجدداً.... لا تريد أن تخذل مصطفى.... ولكن ضعف جسمها، جعلها تنهار....و مصطفى يظهر بعيداً جداً.... تناديه ولا يسمع......لتتلقفها الهوة..... و إسمه آخر ما تهمس قبل أن تغيب.

في الليل

- "تعالي بجانبي...." ربت على الأريكة بجانبه، لتقترب و تندس قريبةً منه.....أحاطها باللحاف الذي كان يغطي به نفسه....رغم أن الجو لا يمت للبرودة بصلة....لكنه لاحظ أنه مرح دائما ما تتغطى عندما تشاهد التلفاز.....قرب الطاولة أقرب لمكان جلوسهما، كانت مرح قد جهزت كل شئ لهذه السهرة.... رغم أن قلبها مضطرب.... خصوصاً بعدما جلس معها يوسف يخبرها عن موضوع الفيلم....تذكرت كلماته وهو يهيئها لتقبل مشاهدته....كانت تغسل الأواني.... بعد ساعتين من خروج خروج ناديا و عثمان.... عندما عانقها من الخلف....شهقت برعب، لتوقع الكأس من يديها....و يتهشم أرضاً
- " بسم الله الرحمن الرحيم حبيبتي.... لا تخافي هذا أنا فقط" قال وهو يحملها كيلا تصيب نفسها.....غرزت نفسها في حضنه أكثر....ليهتز جسمها، جلس على الكرسي.... يحاول ابعادها عنه قليلا ليرى ملامحها....لكنها كانت تغرز نفسها أكثر و تتشبث به بقوة....لاتريد أن يرى الرعب في ملامحها....جلسة اليوم مع ناديا.... أرجعتها لمواجيع تريد نسيانها. دفنتها بعيدا في أعمق عقلها....هي لا تريد أن تتذكرها لتنغص عليها حياتها، فبعد دخول يوسف لحياتها.... تعلمت أن تعيش كل يوم دون التفكير في الغد....و لا تذكر الماضي...... الأشهر الماضية علمتها أن الحياة ليست عادلة.....و لا يمكن توقعها.
- " ما الذي يحدث حبيبتي " قال وهو يمرر يده على شعرها
- " أنا لست بخير يوسف....أريد أن أرتاح....و أعرف الطريقة جيداً..... لكنني جبانة، أخشى أن أتكلم فيزداد جرحي فقط....و لا يختفي " قالت و هي تضع فكها على كتفه.... تنظر إلى صورتهما في المرآة....و بدون رغبةٍ منها....كانت تقارن بينهما.....بين يوسف و جعفر.... كانت تحس بظلمها ليوسف و هي تضعه في مقارنةٌ مع جعفر.
كان الرابح فيها يوسف.... فلا يمكن مقارنة رائحته الزكية التي أصبحت تدمنها مع رائحة العرق و المخدرات الممزوجة برائحة الكحول التي تنبعث من جعفر على بعد كيلومترات....أحست بالغثيان و كأنه قريب منها....و الرائحة تكاد تخنفها..... لترجع بوجهها تخبأه في صدر يوسف.... تستنشق رائحته الغامضة لكنها مسكرة... فهي بين العنبر و المسك و ﺍﻟﺒﻨﻔﺴﺞ..... كانت تستنشقها بلهفة....تحاول طرد رائحة جعفر من خياشيمها..... كان يحاول السيطرة على نفسه....و مرح لا تساعده في ذلك، كانت تتمرغ في أحضانه.... كاد يضرب بنصيحة ناديا عرض الحائط....و يأخذها في عناق يخطف أنفاسهما معا.....فهذه تعتبر أطول مدة لم ينهل من رحيق شفتيها....إنتقلت لجانب عنقها....ليشهق باضطراب، و يبعدها عنه.....بشئ من العنف،و أوقفها معه.......ابتعد عنها مسافةً كافية و آمنة بالنسبة له..... و تحرك صدره يفضح تأثره بها.... قال و هو يحاول أن يجلي حنجرته
- " أخبريني....سأستمع لك حتى النهاية"
نظرت إليه بتوجس........لتقول وهي تجلس مكانه.... تلعب بأصابعها بتوثر
- " أنت آخر شخصٍ.... أريده أن يسمع" إقترب منها مجددا.... يوقفها...و يفك عقدة أصابعها مع بعضها.... لتنظر إليه برقة
- "أنت لا تستحق أن تحمل همي...." وضع يده على وجنته.... ليقول
- " أنا زوجك مرح....و الأَولى بثقتك" همس برقة...لكنها حركت وجهها بقوة تنفي ذلك.... و شعرها يتحرك معها
- " و لأنك زوجي و حبيبي.... لا أريدك أن تتألم" قالت بخجل فمازالت تستغرب كلما نطلقت " حبيبي " ... لم يستطع أن يبقى بعيداً.... قبلها لأنه احتاج لذلك.... كان قلبه سينفجر لولم يأخذ كفايته اليومية منها.....كانت تتجاوب معه تبثه رعبها....ليبدده كفقاعة صابونٍ..... تأنيب الضمير جعله يبتعد عنها رغم رفضها.... ضحك برقة و هو يمسح جانب شفتيها....وهو يقول
- " سيكون هناك المزيد من هذا....لكن بشرط أن تبدئي جلسات العلاج، لأن ناديا أقسمت أن تحرمني منك.... إن لم أتوقف "
- " لكنني لا أريدك أن تتوقف..." قالت بسرعة، لتضع يدها على فمها....و تحمر خدودها....التي أصبحت ممتلئة....قهقه يوسف وهو يحضنها و يقبل أعلى رأسها
- " لو تعرفين بماذا أشعر كلما رأيت تلألأ وجنتيك.... " أمسك أحاط بوجهها ينظر في عيونها المتلألئة
- " أحس بالفخر.....بالسعادة، و بأن الله قد غفر لي زلاتي..... لأنه جعلك في حياتي....جعلكِ امرأتي أنا " أنزلت عيونها بخجل.... و أنوثتها تصل لعنان السماء.....
- " تعالي...." أمسك بيدها باتجاه الأريكة أمام التلفاز الضخم...
- " بعد غد سيتم عرض فيلم رائع عن الجلسات العلاجية و اهميتها.... أنا قمت بتحميله لنشاهده اليوم..... قرأت عنه....هو فيلم رائع غير مفهوم الإغتصاب في عيون المجتمع..... ولهذا سنشاهده معاً" تغيرت نظرتها....لتصبح باهتة، مضطربة......و مرعوبة.
حاولت أن تنزع يدها من يده التي تحكم قبضتها حولها.....لكنه لم يسمح لها.... جلس على مسند الاريكة ليجذبها باتجاهه
- " أنظري إلي جميلتي.... ما سنراه اليوم، أريدك أن يجعلك أقوى....و ألا تجعلينه يعيدك إلى تلك الهوة الحقيرة....أنت تستحقين أن تتعالجي.... لتكملي دراستك و تصبحي أماً.....أنا أتلهف لليوم الذي أحمل فيه أولادي منك.... سأكون فخوراً بهم لأنهم منكي....و لأنهم سيرثون قوتك.... " شخرت وهي تمنع دموعها من النزول
- " أنا سأتعافى من أجل ذلك اليوم يوسف....سأشتاق لتلك النظرة من اليوم....و سأعمل على الحصول عليها" قبل جبينها ليقول
- " و بما أنكِ كنتِ فتاةً طيبة اليوم..... الأسبوع القادم سنذهب للسنيما لنشاهد فيلماً ...." ضحكت بسعادة لتقول
- " أريد فيلماً رومانسياً عن الأميرات.... "
- " حسناً.... سيكون فيلماً رومانسياً مملا عن الأميرات... " قال يمثل الضجر من الآن.....فهقهت و هي تتذكر قوله أنه يكره الأفلام الرومانسية...


إبتسمت و أصابع يوسف تمسد يدها.....كانت تنظر بتركيز لضحكات سعيدة على طاولة الفطور مع زوجها و ابنتها.....هل ستكون حياتها يوماً بهذا الكمال، ضحكات بسيطة بدون هموم؟ و نفس لا تحمل ندوب الماضي....

"سعيدة ككل النساء العاديات المكافحات، تعيش بهدوء مع زوجها و طفلتها.... ركبت سيارة أجرى لتتغير حياتها.... وعوض أن تكون مواصلات لأمانها.....كانت الطريق إلى هلاكها...." كانت تشاهد الفيلم.... و تعرف أن يوسف ينظر إليها بتركيز.... و اضطراب أنفاسها يدل على تأثرها، لكنها لن تضعف ستشاهد ما سيحدث..... كانت " سعيدة" مقاتلة، وهي تحاول الفكاك من سجنهم لها....... تشبهها حتى هي لم تستسلم و اضخمهم يكبلها، وضع أحدهم السكين على رقبة " سعيدة" ليصبح دفاعها عن نفسها.... عبارة عن توسلات أن يتركوها، هي أم و يجب عليهم تركها....أغلقت عيونها تتذكر استنجادها لهم... ليبدأ جسدها بالإهتزاز... ما زالت تذكر توسلاتها له.... كانت تترجاه بأغلى ما يملك...لكنه لم يتوقف، ضغط يوسف على يدها ثم همس
- " هل أوقف الفيلم...." بلعت ريقها، و هي تحرك رأسها بنف، تستطيع.... من أجل حلمها....من أجل بداية مشرقة تستطيع.
فتحت عيونها..... لتجد " سعيدة" وحيدة، و بثيابٍ ممزقة.... و أنينها يقطع نياط القلب.
هي كانت أكثر حظ منها....فقدت الوعي ولم تعرف مالذي حدث بعدها.... توقفت عن عدِّ الطعنات التي تلقتها....كما توقفت عن الشعور..... كل جسمها أصبح مخدراً.....
أحست ببرودة تنتشر بجسدها.... لتقترب من يوسف تستدفئ منه.....حتى في أحلك كوابيسها كان نقطة النور الذي يبددها..... لم تخشه ابدا.... و كأنه لا ينتمي لجنس الرجال....كأنه ملاك....هو ملاكها الذي بعثه لها الله.
- " أنا هنا" همس في أذنها
- " أعرف..." أجابته بنفس الهمس....
أعادت نظراتها للتلفاز..... "سعيدة" تستفرغ كل ما يوجد في معدتها....ثم تقف تحت الماء المتدفق و كأنها بهذه الطريقة ستغسل دنسها و عارها
- " لن ينفع" همست....وكأنها تخبرها أنها أكثر خبرةً منها...."لقد جربتُ حتى سلخ جلدي بالماء الساخن و لم ينفع ذلك..... القرف ينبع من أنفسنا و ليس من أجسمنا"...و كأنها توجهها إلى ما يجب عليها فعله.
-" لم يكن يجب أن أدعها تشاهده" فكر وهو ينظر لتعبيرات وجهها التي تتغير مع تغير الصورة.... كانت تبكي بصمت و عندما تبكي "سعيدة" ..... كانت تبتسم عندما تلمحها تبتسم.... و كأنها تقمصت شخصية البطلة.
- " زوجها" قالت وهي تستقيم " لماذا لم تخبره بما حدث لها....لماذا أخفت الأمر عنه" قالت مستنكرة.... أوقف يوسف الفيلم على زوج سعيدة.... ينظر إليها.... يتساءل مالذي أصابها ولا يجد الجواب....ليقول باستغراب
- " ربما لم يكن سيتفهم..."
- " بلى....أنظر إليه....هو يحبها" قال بتقرير " كان سيتفهم "
- " بعد الأمور.... يصعب تقبلها فقط مرح" نظرت إليه بهدوء لتعاود الإستلقاء.... ليتساءل مالذي قاله غلط....لتنظر إليه بهذه الطريقة...

" سعيدة كانت تعاني بصمت....تغيرت حياتها...رغم وقوف الكل بجانبها في محنتها التي كانت " السطو و محاولة الاختطاف " كما ادعت..
كانت حياتها تتلاشى....والإبتسامة في وجه عائلتها أصبحت نادرة.
لتهتدي لجمعية " النساء المعنفات"... "
كانت مرح تنظر بفضول لسعيدة.... و مثيلاته يبحن، يتكلمن عما حدث لهن....يساندن بعضهن....لتخرج "سعيدة" أقوى..... و لا يبقى من الماضي إلا الذكريات..... خروجها من قوقعتها جعلها تعود للعالم من جديد....لكن الضحكة في عيونها لم تعد.... إلا عندما صدفت مرة....نفس سيارة أجرى و نفس الأشخاص....يحاولون النيل من أنثى أخرى.... لم تترك لاضطرابها و لهلعها الفرصة للنيل منها....و هي تتصل بصاحبة الجمعية....التي بدورها اتصلت بالشرطة...ليلاقي المجرمين حتفهم " كانت كلمات الأبطال تمر على الشاشة وعيونها جاحظة.....منذهلة من قوتها.....وكأنها تكلمت عن تجربتها.....لم تكن تعتقد أن هناك من يستطيع بشاعة الحادثة.....لكن "سعيدة" أعادت لها اليقين أكثر....أنها تستطيع
- " هل أنت بخير....." قال يوسف وهو ينظر إليها
- " أنا أستطيع أن أكون مثلها...." همست و عيونها تلمع بالدموع....

- " أنظري.... هناك ناديا تنتظرك..إذهبي إليها " حركت رأسها برفض
- " لا أريد.....أنا خائفة"
- " لا أنت لستِ خائفة مرح....أنت قوية...هل أنزل معكِ"
لتحرك رأسها هذه المرة بالإيجاب....نزل ليمد له يدها لتخرج من السيارة.....كان الرفض ظاهراً في تخشب جسدها....لكنهما إتفقا أن تقوم بالخطوة
- " حبيبتي.... ناديا وعدتكِ انك لن تتحدثي....ستكونين مجرد مستمعة.... "
خرجت بتثاقل....ليرافقها إلى حيث تننظرهما ناديا.
تركها و عيونها تشيعه....و كأنه تخلى عنها....كانت تحاول ألا تبكي بصعوبة.....ما جعله يلعن نفسه..... رجع ليأخذها بعيداً إلى حيث تجد أمانها....ليعيدها إلى المنزل، لكن نظرات ناديا سمرته....ليعود أدراجه إلى سيارته.....و ينطلق بسرعة....يخشى أن يضعف و يعيدها معه.


********************

-" ابنتي؟ " همست والدتها
-" اريد التحدث مع والدي..." قالت بجفاء
-"ابنتي تحدثي إلي....أريد أن أعرف كيف حالك؟" قالت وعيونها تدمع
- "هل ستنادين والدي....أو أغلق الخط" قالت بغضب
-" عمك يريد محادثتك" قالت والدتها ليختفي صوتها....تأففت وهي تقول
-" قلت لك أريد محادثة والدي....أي كلمةٍ من الجملة لا تفهمين "
-"كبِرت ولم يعد لك كبير يا ورد... تصرخين في وجه والدتك...." اهتز داخلها وهي تسمع نبرة عمهت.... ساد صمت طويل لتقول.....
- "والله الشكر لكم...فلم أكن أعلم انني سأعادي عائلتي.... الا بفضلكم"
-"تعاديننا ورد" قال بصدمة وهو يكاد يجزم أن من تتكلم ليست بابنته ورد..... التي قالت بصراخ.... والحرقة تكاد تخنقها
-" لقد اتهمتني في شرفي.....و تريد الان ان اتعامل و كأن شيئاً لم يكن.....لربما وصفت ابني..... بابن زنا أيضا"
- "انت حامل " قال بفرحة لم يستطع أن يخفيها
- "..... والان اريد الحديث مع والدي....ام أنه من الجبن ان يواجهني هو ايضا....." قالت بتحدي
- "ورد.. أنا هنا" قال والدها بحزن
- "اذاً كلكم هنا... هذا جيد..... بدون مقدمات اريدكم كما اجبرتوني على الزواج من ابنكم..... ان تطلقوني منه"
- "هل أنت واعية يا بنت..." قال عمها بغضب.....وهو يضرب حافة كرسيه المتحرك.....لكنها لم تهتم..... لم يعد شيئا يهمها
- "ورد...."همس والدها..... كانت تتخيل نظراتهم، خصوصا والدتها....و والدها... كانا يعتبران نفسهما كزائدين في ذلك المنزل بدون شخصية
-" حسسني لمرة وحيدة في حياتك انني ابنتك.... حسسني أن لدي أب أرجع له كلما قسى علي المجتمع، حسسني أن لدي من أتكئ عليه.... لا تجعلني أعاني أكثر."
- " ولكِ ما تريدين بنيتي....." قال بتصميم....لتغلق الهاتف و تدخل في نوبة بكاء

لثلاثة أيام....يحاول ألا يذهب إليها، ما نطقت به زلزل كيانه.... جعله يوقن أن ما كان يهرب منه قد وقع فيه..... ضربات قلبه صارت متعلقة بها.

ربما لم يكن يعلم قيمتها إلا عندما خسرها...... وهو كبرياؤه تمنعه أن يذل نفسه أكثر لها....لا يريد أن يرى نظرتها تتحول إلى الإنتصار و هي تراه مذلولا أمامه..... حتى بعد مرور أكثر من خمسة عشر سنة.... لم ينسى بعد نفس النظرة في عيون والده باتجاه والدته.... مازال يتذكر ذلك اليوم الذي رسم طريقة تفكيره.....و جعله يقرر ألا يكون أسير شخص ما أبداً.

كالعادة كانت والدته تغسل رجلي المسمى والده.....عندما أضافت بدون قصدٍ الماء الساخن.....لم يكتفي بوابلٍ من الكلمات النابية في حقها.... بل تعداها أن ضربها برجله لتسقط على الأرض تئن وجعاً..... وعوض أن يذهب ليستلطفها..... كانت تزحف بألم، لتركع على رجليه تقبلهما عسى أن يصفح عنها..... وكأن موتها و حياتها بيده هو.....
أحس بالإهانة و هو يراها تحتقر نفسها من أجله.... تمنى لو يستطيع أن يتدخل، لكن صغر سنه و بنيته جعله خصماً ضعيفاً لوالده.

منظر والدته ذليلة ما زالت تحفر ذاكرته.....بعد اصابة والده و عجزه، تذكره.... لا ينكر أن جزءا منه سعيد لما حدث له.....فربما كان انتقاماً من الله على ما قام به من جرمٍ في حق والدته الضعيفة.

أصبح يكره المرأة الضعيفة، السلبية..... و تحول ورد لصورةٍ من والدته جعلخا يخرج عن طوره.....جعله يتلفظ بكلام جارح، في قرارة نفسه لم يكن يقصده....

تذكر ورد و كلماتها.... إن كانت ريد الإنفصال....فربما هو الحل الوحيد بينهما.....ربما هي على حق....زواجهما بني على باطل....لن يبقى صامداً طول ما لم يصلحا اساسه.

دقات على الباب.... جعلته يغادر مكانه و يتجه ليفتحه.....فتحه ليتفاجأ بكل عائلته تقف على الباب.... و ورد تقف على باب شقتها..... نظرت إليه....ثم أغلقت بابها تحتمي به

*******************

أبعد والدته بعنف....أو جسده ما بصقها بعيداً.....بمجرد ما فقد التواصل مع جميلة.....
الشئ الوحيد الذي هو موقن به أن حمراؤه ليست بخير..... و للمرة التي يخجل من ذكرها.....هو السبب .....أسرع باتجاهه زر النجدة....يضغط عليه، ليمسك بوجهها الشاحب، وكأن آخر قطرة دمٍ قد غادرته..... إقتربت منه والدته تتمسك
-" دعها....ولنذهب إلى المنزل.... "
- " أرجوكِ أمي..... إرحميني" همس بتعبٍ ممزوج بنفاذ الصبر....
دخلت عدة ممرضات، يطلبن منهما الخروج، رافقت إحداهن والدته..... لكنه لم يستطع أن يتركها.....
- " إستدعي يوسف....أرجوكِ " قال بتوسل، فهو الوحيد الذي يثق به..... كان يضع كفه على جبينها يقرأ عليها ما يحفظه من القرآن..... لم يهتم لصراخ الطبيبة التي يخبره أن يخرج حالا.....كانت عيونه مركزة على ملامحها الفاتنة.... لا تستحق أن تعاني.
- " مصطفى.... " همس يوسف قرب أذنه....وهو يضع يداً على جانب كتفه، و اليد الأخرى على مرفقه التي تستريح على جبين زوجته.....تراخى جسده ليطاوع جذب يوسف له.
-" زوجتي يوسف... لا تتركها" قال بانفعال و يوسف يقوده نحو الباب
- " الطبيبة ليلى ستهتم بها أحسن مني...." أجاب يوسف وهو يُجلسه.... تلفت مصطفى يبحث عن والدته
- " أين والدتي يوسف....كانت هنا...."
- " لقد أرسلتها إلى المنزل....لم تكن بخير"
ساد صمت طويل.... و مصطفى منكس رأسه نحو الأسفل، وكأن جبال فوق أكتافه
- " لنذهب لمكانٍ ما لنتحدث.... " اقترح يوسف
- " لا أريد أن أتركها.....إن تركتها هذه المرة لن أجدها حية..." قال بهدوء.
صدم يوسف من كلمات صديقه......ليجلس القرفصاء أمامه
- " مالذي حدث أخي؟؟...." رفع مصطفى نظراته.....ينظر إليه بامتنان
- " أتعرف يوسف.....أنت الوحيد الذي قبلتني كيفما أنا.....لم تحاول أبداً تغييري، لم تفرض علي أبداً أمراً.....كنت تعرف مدى حاجتي لك ولم تستغل الأمر ضدي..... " ربت يوسف على كتفه بقوة ليقول
- " مصطفى ما الداعي لكل هذه الدراما.....إبتسم يا رجل، زوجتك حامل و هذا بحد ذاته ميلودراما....سترى تقلبات مزاجها بفعل الهرمونات....و بعد ستة أشهر ستصبح أباً....ليبدأ الرعب الحقيقي.... " ابتسم مصطفى.... ليرجع رأسه يستند به على الحائط...... يفكر في كل تعقيدات حياته....جلس يوسف بجانبه....صمت قليلا ليقول
- " هل الأمر مرتبط بعمتي؟"
- " هي تكرهها" قال مصطفى بتعب " تكرهها لدرجة أخبرتني أن أدعها تموت.....الأمر مرعب يوسف.....و أنا خائف جداً..... لا أستطيع أن أفترق عن إحداهما، خائف أن تخيرني جميلة بينها و بين أمي.....أعرف أنه من حقها.....لكنها والدتي....و هي نصفي الثاني"
انعقد لسان يوسف..... لم يعرف كيف يواسيه، يعرف جيداً أن عمته مهووسة بابنها....منذ صغره، وزاد الأمر بعد الحادث، عزلته عن الكل.....حتى عن أصدقائه.....هو الوحيد الذي أخذ الأمر كتحدي له......و كان يغفل الجميع و يصعد يلعب معه.....لكن بعد ماذا؟...... بعد أن استوطن المرض في عقله.
-" أرأيت..... كنت أعرف أن الأمر لن يكون بهذه البساطة....تعود جميلة لنعيش في سعادة وهناء..... "

خروج الطبيبة أوقف استرساله في البوح عن مخاوفه.....أسرع إليها.....رغم قصرها الشديد، كانت تنظر إليه بتحدي.....تجاهلته لتتجه إلى يوسف،
- " المريضة.... تعاني من إنهيارٍ عصبي.... ضغطها منخفظ جداً..... وهذا خطرٌ جدا على الحمل....خصوصاً أنها صغيرة و تحمل طفلين.....من الأفضل أن تخبر زوجها أن يبعد عنها كل مسببات التوتر...." ثم نظرت بتحدي لمصطفى " أو أننا نحن من سيقوم باللازم..."
إبتسم يوسف....للطبيبة وهو يقول لها
- " شكراً ليلى.....و الزوج قد سمعك جيداً.... أليس كذلك أيها الزوج" نظر لمصطفى الذي كان غضبه يزداد.... فحتى الطبيبة التي لم يرها في حياته سوى ثانتين.....تهدده بإبعاد حمراءه عنه.....وكأن العراقيل تنقصه في حياته.


يومين لم تكلمه.... كانت عيونها ترتبك كلما خرج من الغرفة لغرضٍ ما..... و تعود لاطمئنانها بعودته........

كانت نائمة على جانبها الأيمن.....تعطيه ظهرها، همست بشئ لينهض واقفاً يخطو الثلاث خطوات التي تفصله عنها بلهفة..... وكأنه حصل على هدية مفاجئة.
- " لم أسمعكِ حبيبتي.... " دنى منها.... يغلق عيونه يستنشق رائحة جسمها....
- " أريد الفراولة....." قالت تستلذ اسمها في فمها....و كأنها تتذوقها
- " هاااا....." قال باستغراب
- " أنا أشتهي الفراولة.....أريدها الآن..... " قالت بصراخ و هي تنام على بطنها....
- " حسناً.... سأذهب لإحضارها" قال يتوجه للباب
- "لا تذهب..... لا تتركني وحدي" قالت برعب
- " ألا تريدين الفراولة..." قال بحيرة
- " بلى لكن لا تذهب....أخبر يوسف أن يحضرها" قالت وهي تحاول الجلوس....أسرع إليها يسندها....وهو يقول من تحت أسنانه
- " إسمه الدكتور يوسف...." لكنها لم تهتم له.


بعد عدة دقائق كان ينظر اليها تلتهما بشغف....
- " يبدو أن الميلودراما.. قد بدأت مبكراً.... " نظر إليه مصطفى باستغراب.....مالذي يفعله هذا المهرج هنا....رفع يوسف نظراته نحو مصطفى ليجده يحدق به بغضب....ليقول و ابتسامة غبية تعلو وجهه...
- " سأذهب....إن احتجت لشئ.... تعرف كيف تجدني" ثم خرج بسرعة.
أعاد نظراته نحو جميلة.....كانت تضع يدها على فمها تشير له.....وقف حائراً يحلل حركاتها..... ليتجه إليها مسرعاً، يحملها للحمام، لكنه لم يكد يخطو خطوتين.....حتى أحست بشئ لزج ساخن، يملؤه من اسفل عنقه.... ليتدلى على ملابسه..... نظر إليها بعدم تصديق لتقول ببراءة...
- " الحمد لله.... " ثم نظرت إلى ملابسه لتقول وهي ترفع عيونها ببراءة إليه " أوبس.... آسفة"
قال وهو يكمل طريقه نحو الحمام.....
-" الحمد لله.... هل تعتقدين أنكِ عطستِ....." وضعها فوق المغسلة.... يغسل و جهها....نظرت إليه بتقزز....
-" رائحتك مقرفة...." كانت تبتسم على منظره.....فحتى بعد أن نزع قميصه و مسح القيء مازالت رائحته تفوح منه....نظر إليها بجانب عينه....
- " هل تشمتين في حالتي المزرية....لا تنسي أن كل هذا.... بسببك أنتِ"
- " لا تظلمني....هذا بسبب أولادك أنتَ.....ثم هل تريدني أن أعاني وحيدة؟...." وضع المنشفة الصغيرة على حافة المغسلة ليقترب منها.....قربها منه حتى كادت تسقط من الحافة لولا جسمه الذي يمنع ذلك.....و أحاطها بذراعيه....كانت ضئيلةً في لباس المستشفى.... مقارنةً بحجمه الذي تضاعف في هذه الفترة التي غابتها......أحست بالنشوة و هو يعري نذوبه أمامه....بأنها جزء منه....
- " أنت ضخم جداً " قالت وهي تتلمس عضلات ساعده
كان ينظر إليها.....عيونها تتبع اصابعها في لمسه
- " هل أُخيفكِ....." سأل بهمس
- " لا.... بل أحب ذلك....و لحيتك" تخللتها بأصابعها عدة مرات لتهمس وهي تنظر إليه بجرأة " أحبها أيضاً.... تدغدغني عندما تقبلني.... " أصبحت عيونه داكنة....وهو يراقب شفاهها تتغزل به بكل صراحة.....هذه هي الحمراء تعرف ما تريده.... بدون لفٍ ولا دوران
- " هكذا...." همس بصوتٍ أجشَّ من العاطفة..... وهو يقرب وجهه إليها
- " نعم..... هكذا" همست وهي تقربه منها أكثر..... و كأنها تريد زرعه داخلها..... قلبها كان يتقطع وهي تسمع كلماته، حزن العالم كله يتقطر منها..... شعور الأمومة تدفق باتجاهه وهي تسمع مناجاته لوالدته أن ترحمه.... هي تعرف شعوره لأنها تعشقه أضعاف ما يعشقها..... في كل مرةٍ يخبرها أنها إدمانه.....كانت تكتفي بالإبتسام، فالكلمات لن تعبر، عما تحسه اتجاه هذا الضخم..... لو قالت أنه الهواء الذي تتنفسه كان سيبخس حق شعورها الفعلي اتجاهه.
أطلق صراح شفتيها.....ليقول بصوت تملؤه العاطفة
- " عديني......" همس ليسرق قبلةً خاطفة.... و يكمل " عديني أنني سأبقى المفضل لك حتى لو ولدت عشرات الأطفال" إبتسمت برقة..... و هي تمرر يدها على وجهها....أغلق عيونه يستمتع بملمسها على بشرته
- " ستبقى دائماً.... ابني المفضل.... حتى لو ولدت عشرين طفلا.....يشبهونك....." ابتلعت غصة.....رفع عيونها بسرعة ينظر إليه.....لتقول بحزن "ستبقى دائماً حب و وجع قلبي.....غصة تؤرقني..... لكني لا أسمح أبداً بزوالها" إبتعد عنها قليلاً ينظر إليها بتركيز.....لتقول... و شفتيها تهتزان.... استعداداً للبكاء
- " لا تكرهني أرجوك...." إبتعد عنها بعنف
- " لا.... لا تقوليها...." قال بغضب....وهو يمرر يده على رأسه بقوة....
- " أنا لا أستطيع أن أعود معك....."
- " أصمتي......" صرخ وهو يضرب الحائط أمامه
- " أنا خائفة مصطفى..... جميلة الطفلة.... المتهورة، تريد ألا تفارقك أبداً.... أن تحارب بجانبك إلى آخر رمق.....لكن جميلة الأم تكاد تموت رعباً..... وهي تتخيل أبنائها يتعرضون لأبشع حادث.... لقد نجونا مرتين....و الثالثة لا أعتقد أنني سأخرج منها سالمة....." قالت وهي تمرر يدها على بطنها....التي يزداد تكورها يوماً بعد يوم
- " إن كان على والدتي.....فلن تعيشي معها، سآخذك إلى الشقة...."قال يحاول إقناعها
-" أنا أخاف أن أبقى وحدي..... أنت ستذهب لعمل و تتركني وحيدة.....من الأفضل أن أنتقل عند مرح زوجة يوسف.... "

تذكرت حوارها مع يوسف في وقتٍ سابق

دخل الى غرفتها في المستشفى ليجدها مستلقية تنظر إلى السقف.....
- " مصطفى ليس هنا....تلقى إتصالا وخرج" قالت جميلة
- " أعلم....هو من أخبرني أن أبقى معك لحين عودته..." نظرت إليه بريبة.... ليضحك و يقول
- " أعلم.... أعلم..... هو طلب مني أن أعلمك أنني بجانب الباب....و سأبقى هناك لحين عودته...." إبتسمت له و هي تقول
- " الآن أصدقك....."
قرأ بياناتها المعلقة على مقدمة السرير..... ليقول
- " أصبحتِ بخير....ستبقين لثلاثة أيام، او أربعة و سيخلى سبيلك...." هزت رأسها بحزن....
- " هل قررتي إلى أين ستذهبين؟" سألها بلا مبالاة.... تعلم أن يوسف يثق به أكثر من نفسه لتقول
- " لم أعرف بعد....أنت تعلم التعقيدات مع خالتي..."
- " تعالي لمنزلي.....زوجتي ستكون سعيدة باستضافتك عندها"
- " وماذا عن مصطفى.... أعرف أنه لن يقبل الأمر...." قاطعها وهو يقول
- " لقد أقسمت قبلا لمصطفى أن أقدم لكِ المساعدة إن طلبتيها....و ها أنا أعيد قسمي أمامك.... فقط أخبريني و سأتدخل فوراً.... "
نظرت إليه بامتنان....و أحست بالدفئ من كلماته.....أعادها صراخ مصطفى

- " ماذا هل جننتِ.....لا أريدك أن تعيشي بعيداً عني.....أنا لا أستطيع التنفس و انتم الثلاثة في مكانٍ آخر...." قدمت له يدها....ترجوه أن يقترب....لكنه شبك يديه....و كأنه يضمن ألا تخونه و تجري لاحتضان كفها..... هزت يدها تطلب قدومه.....تأفف وهو يتجه إليها....كأنه منوم مغناطيسيا.
أمسك بيدها..... لتقربه منها أكثر
- " لعدة أشهر فقط..... أريد أن أفكر في حياتي....أريد أن أجد نفسي مصطفى "
- " ابحثي عنها وانت بين احضاني حبيبتي.... فتشي عنها و أنت على مرآى من عيوني حمرائي..... " إبتسمت له.... لتقول بجرأة
- " تعرف أنني لن أستطيع.... تأثيرك سئ علي.... "
حبس بصعوبة ضحكته.....لكنها نغزته بكوعها ليبتسم.....
- " أكره تأثيرك في....تجعلينني أقبل بجنونك دون أن أدري....لا أعلم حقاً كيف ستصبحين أما"
- " نفس سؤالي دائماً....." قالت وهي ترفع يديها عالياً.... تطلب منه أن يحملها.....
- " يا لك من طفلة.... " قهقهت عاليا....و هي تتشبث به.

******
انتهى الفصل ❤

noor elhuda and Jayb like this.

ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-18, 01:01 AM   #330

minion

? العضوٌ??? » 395753
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 684
?  نُقآطِيْ » minion is on a distinguished road
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

minion غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:46 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.