آخر 10 مشاركات
497- وحدها مع العدو - أبي غرين -روايات احلام جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          الرزق على الله .. للكاتبه :هاردلك يا قلب×كامله× (الكاتـب : بحر الندى - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ندبات الشيطان- قلوب شرقية(102)-للكاتبة::سارة عاصم*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : *سارة عاصم* - )           »          وعاد من جديد "الجزء 1 لـ ندوب من الماضي" -رواية زائرة- للكاتبة: shekinia *مكتملة* (الكاتـب : shekinia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-12-17, 09:30 AM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (10):





-اهلا اهلا اهلا .. بجد مش مصدقة عنيا عز الدين نصار مرة واحدة !
إلتفتت"داليا"نحو مصدر الصوت و ألقت نظرة فاحصة علي صاحبة العبارة ، كانت فتاة تكبرها سنا إنما أصغر من ذاك الشاب الذي كان يقف إلي جانبها ربما في أواخر عشريناتها ، كانت أنيقة أيضا ترتدي الترتان الأبيض مع وشاح أحمر داكن علي كتفها فيما تابعت الفتاة قائلة:
-تصدق كنت لسا في بالي من يومين .. كويس اني شفتك بقي.
ثم أطلقت ضحكة صغيرة و سألته:
-عامل ايه يا عز ؟؟
عند ذلك حولت"داليا"نظرها إلي"عز الدين"الذي إصطنع إبتسامة لم تصل إلي عينيه ثم قال:
-انا تمام يا رانيا .. ازيك انتي ؟؟
-كويسة الحمدلله.
ثم صاحت منتبهة و هي تربت علي ذراع رفيقها:
-اه صحيح نسيت اعرفك يا عز .. ده وليد راشد خطيبي .. وليد ده عز الدين نصار صاحب النصار للنقل البحري عارفه مش كده ؟؟
أومأ الشاب رأسه ثم أجاب بإبتسامة واسعة:
-اكيد غني عن التعريف طبعا .. مقابلتك شرف كبير و الله يا باشا.
أجفل"عز الدين"باسما ثم نظر إليه في هدوء قائلا:
-الشرف ليا متشكر جدا .. و مبروك علي الخطوبة.
-الله يبارك فيك بس اكيد لازم تشرفنا في الفرح ماتتصورش هنفرح ازاي بوجودك.
-ان شاء الله اكيد.
فيما كانت"رانيا"تحملق في "داليا" بعينين متفحصتين ثم حولت نظرها إلي"عز الدين"و سألته باسمة:
-ايه يا عز .. مش هتعرفنا علي الحسناء اللي معاك دي و لا ايه ؟؟
نظر"عز الدين"إلي"داليا"التي تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل ثم قال:
-دي داليا .. السكيرتيرة بتاعتي.
أومأت"رانيا"رأسها ثم تابعت سؤالها:
-و ياتري جايين هنا في شغل بقي ؟؟
رفعت"داليا"حاجبيها في دهشة من ذلك الفضول و التطفل الإستفزازي بينما أجابها"عز الدين"ببرود:
-لأ جايين نتعشي عادي.
تطلعت إليه"داليا"في ذهول بينما همهمت"رانيا" بتفهم و رمقتهم بنظرة ذات مغزي ثم إستأذنت بتهذيب و إنسحبت في هدوء برفقة خطيبها .. :
-حضرتك كنت تقصد تقولها الكلام ده ؟؟
سألته"داليا"في إنفعال هادئ بينما برقت عيناه بإبتسامة خبيثة ثم قطب حاجبيه متسائلا:
-كلام ايه ؟؟
-اننا هنا في عشا عادي مش عشان العشا اللي يخص شغلنا مع العملا المهمين زي ما حضرتك بلغتني !!
زم شفتيه بخبث ثم قال:
-بصي يا داليا .. بصراحة مافيش Dinner work زي ما قلتلك و لا في ناس مهمة علي وصول انا كنت بكدب عليكي.
رمشت"داليا"بصدمة و حيرة ثم قالت:
-كنت بتكدب عليا ! ليه ؟؟
-عشان اقنعك بسهولة انك تيجي معايا هنا منغير ماتعترضي.
-طب ليه كل ده ؟ عشان ايه ده كله حضرتك ؟؟
سألته في دهشة فأجابها و هو ينظر إلي عيناها بعمق:
-داليا .. انتي نجحتي في انك تخليني غضبان منك و مهتم بالتفكير فيكي في نفس الوقت .. و ده مزيج خطير جدا لواحد زيي .. ده غير ان تصرفاتك مليت منها خلاص .. فياريت تقوليلي انتي عايزة ايه بالظبط ؟؟
كانت تتابعه بتركيز بالغ حتي إنتهي فتحركت بمكانها في توتر ثم قالت:
-انا مش عايزة حاجة يافندم ! و بعدين انا عملت ايه يعني او اتصرفت ازاي عشان ازعج حضرتك ؟ انا مش فاكرة اني عملت اي حاجة !!
-اهو الاسلوب ده كمان مضايقني اكتر يا داليا.
-اسلوب ا ..
قاطعها في حزم بحركة من يده ثم تابع:
-بقولك ايه يا داليا .. ايه رايك لو نخلص لعبة القط و الفار دي هنا دلوقتي .. عشان كده الفار بقي فاكر نفسه ذكي لكن في الحقيقة القط هو اللي ساكت عليه بمزاجه.
-انا بجد مش فاهمة اي حاجة يافندم ياريت توضح اكتر !!
-داليا !
هتف بحدة ثم تابع:
-انا قلت اجيبك هنا عشان اقدر اتحكم في اعصابي قدام الناس .. ياريت بقي ماتخلنيش اتخلي عن رقيي و جاوبي علي سؤالي بصراحة.
-يافندم صدقني انا مش فاهمة حاجة و الله.
قالت بنفاذ صبر فضحك بقسوة غاضبة ثم قال:
تعرفي ان عندك خبرة و قدرة عظيمة علي التمثيل يا داليا ؟ بس معلش ارجوكي حطي البراءة و الاندهاش المصطنع ده علي جنب دلوقتي عشان نعرف نتفاهم.
شعرت"داليا"بالغضب يجتاحها جراء كلماته اللاذعة الجارحة فنطقت أخيرا و قالت بحدة غير مألوفة بها:
لاخر مرة هطلب من حضرتك توضيح يافندم و الا هقوم امشي و حالا.
لم تصدق نفسها أنها تجرأت عليه هكذا ، بينما صر علي أسنانه بغضب و قد بدا حنقه الهادئ للعيان و لم يعد يستطيع كبحه فقال:
-يعني عايزاني انا اللي اوضح ؟ ماشي .. في كلام و اشاعات بتتروج في كل مكان في الشركة.
-اشاعات ! عن مين بالظبط ؟؟
-عننا.
-عننا !!
هتفت بدهشة و لكنها ما لبثت أن فهمت تلميحاته ، بدأت الأمور تتوضح في نظرها علي الفور ..
لقد ظنت أن تلك الشائعات السخيفة التي توحي بوجود علاقة خفية بينها و بين"عز الدين"ستموت مع مرور الوقت و لكنها كانت مخطئة ، يبدو أن العاملين بالشركة لا زالوا يسردون الأقصاصيص الكاذبة الوهمية ، و الأن بدا لها بوضوح أنه أصبح علي علم بما يدور بشركته:
-اظن فهمتيني دلوقتي مش كده ؟؟
أفاقها من شرودها علي صوته المتهكم فنظرت إليه في توتر بينما إبتسم ساخرا فأسرعت تقول في إضطراب:
-أ اا اسمع يافندم .. انا عارفة انك متضايق من إللـ ...
-متضايق !!
قاطعها في سرعة ثم رفع رأسه و قهقه بقوة جذبت إنتباه من حولهم ، ثم عاد ينظر إليها و قال:
-داليا يا حبيبتي .. انا واثق انك ماكنتيش عارفة انتي بتتكلمي عن مين ؟ لو كنا علي علاقة فعلا كنت طالبتك بحقوقي لكن انا مش فاكر ان في حاجة حصلت بينا !!
لم تجب ، كان حلقها جافا فصعب عليها التفوه بأية كلمة ، ياله من شيطان يعتقد بأنها هي من تروج الشائعات البغيضة عنهم ..
عند ذلك إنتفضت"داليا"بغضب و إنحنت لإلتقاط حقيبة يدها الصغيرة ثم هبت واقفة ، لكن أصابعه القوية أوقفتها ، أحست بقوة قبضته تكاد تعصر معصمها فيما قال بلهجة حادة هادئة:
-اقعدي .. الناس بتبص علينا.
لا .. هو محق .. لا يمكنها الإنسحاب بهذا الأسلوب و جعل أفكاره ثابتة بعقله هكذا ، صحيح أنه فظ عنيف و لا يستحق المسايرة أو التفاهم و لكنها لم تشأ توتير الأجواء أكثر ..
و أخيرا إستطاعت إلقاء الحقيبة علي الطاولة مجددا و بعد دقائق معدودة إستدعي"عز الدين"النادل و طلب العشاء لكلاهما دون أن يأخذ برأيها ... !






دوي صوت صراخها عاليا بإرجاء الحجرة قبل أن تصحو فزعة مبللة بالعرق ، إنتفضت برافشها مذعورة و هي تتنفس بقوة ، كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة فأنتصبت نصف جالسة ثم مدت يدها إلي المصباح الصغير الموضوع علي طاولة قرب فراشها و أشعلته ..
ذلك الكابوس المرعب ما أن تذكرت تفاصيله حتي أخذت تجهش بالبكاء ، فقد رأت أنها في وسط عاصفة بحرية لا تبقي و لا تذر ، الليل حالك و الأمطار غزيرة ، و لكن هناك ثمة ضؤ خفيف رأت من خلاله زورق صغير يضم أخويها الإثنان و"خالد" .. كانت تنادي عليهم بأعلي صوتها تستجديهم كي يمدوا لها أياديهم كي ينتشلوها من الماء ، و لكن لا حياة لمن تنادي ، رمقوها في قسوة ثم مضوا في سبيلهم بعيدا عنها ، فسحبها تيار جارف و غمرتها المياه .. !
كانت في أقصي حالات الإنهيار و لا تدري ماذا تفعل و قد تخلي عنها من كانت تعتقد بأنه يحبها ؟ و ماذا لو علم أخيها ؟ تري ماذا سيفعل بها ؟ إن قتلها في حالة علمه لقليل بالنسبة له ، و"خالد"إذا علم بأمرها .. هل سيتركها ؟ أو سيخبر أخيها ؟ و إذا إنصاعت لكلام"حسام"و ذهبت لإجراء عملية الإجهاض تري هل ستخرج منها سالمة ؟ ستنجو أم ستموت ؟؟
إرتجفت بقوة جراء كل تلك الأفكار، ثم رفعت يدها لتغطي وجهها و كأنها تهرب من مصير مرعب ، بينما نحيبها يملأ الغرفة بنشيج متقطع إختلطت فيه الدموع بالتنهدات و الآهات و الصرخات ، لم تكن تتألم و قد زال عنها تشوش ما رأته بالكابوس لكنها ما زالت علي شفير الإنهيار العصبي ..
رفعت رأسها عن راحتيها قبل ثوان قليلة من فتح باب الحجرة ، و عندها إعتدلت في جلستها فدخل"عز الدين"كان قد وصل لتوه ، فيما هرع عليها في قلق قائلا:
-عبير ! .. مالك في ايه ؟؟
-م ما .. مافيش .. مافيش يا عز.
أجابته بصوت ضعيف متقطع و هي تجاهد في ألا تبكي أمامه ، بينما حدق فيها متفحصا فرأي أثار دموعا عالقة بأهدابها ، غير أن تلك الشهقات التي صدرت منها فضحت أمرها ، فدني إلبها حيث جلس بجوارها علي الفراش و لأول مرة ضمها إلي صدره بحنان فيما أراحت رأسها و لأول مرة أيضا علي صدر أخيها ..
ثم أطلقت العنان لدموعها تجري فوق خديها في صمت و هدوء ، بينما تمهل"عز الدين"للحظات قبل أن يسألها و هو يربت علي كتفها العاري الرطب أثر تعرقها:
-مالك يا عبير ؟ فيكي ايه ؟ انتي تعبانة ؟؟
فأجابته باكية:
-لأ انا كويسة يا عز .. بس شفت كابوس وحش اوي.
-كابوس يعمل فيكي كل ده يا عبير ؟ عموما لو كنتي تعبانة او حاسة بأي حاجة قوليلي .. انتي شكلك اتغير و بقي غربب اوي و انا مش عارف ايه السبب !!
أجابته في توتر:
-صدقني انا كويسة .. هو بس عشان الامتحانات قربت بفكر كتير و خايفة شوية.
همهم بهدوء و هو يمسح علي شعرها فيما أغمضت عيناها بألم لهذا ، كم أحبت حنان أخيها الذي قلما يظهره لها ، كم أحبت الإحتماء و البقاء بحضنه الدافيء الصارم ، كم شعرت بالراحة بعدما أفرغت شحنة بكائها و إنفعالها علي صدره الواسع ..
بينما إبتعد عنها قليلا ثم ربت علي وجنتها في رفق قائلا:
-طالما خايفة يبقي هتقدري تتصرفي .. المهم دلوقتي نامي و من بكرة حاولي تظبطي نظام كويس ليومك عشان تمشي عليه و لو عوزتي اي حاجة قوليلي.
قطبت حاجبيها بدهشة ، ماذا حدث له ؟ .. أبدا تحولا غريبا و لكن هذا كان مستبعد علي أي حال ..
أومأت رأسها و هي تحدجه بإبتسامة بسيطة ، بينما نهض و تركها وحدها بعد أن إطمئن عليها لأخر مرة ..
فيما تنفست بعمق ثم تمددت علي فراشها في هدوء و قد بدأت أجنحة النوم تحوم فوق عينيها فإستسلمت تماما حتي غطت في سبات عميق ... !






عندما فرغوا من تناول العشاء بالمطعم ، كلف سائقه الخاص بتوصليها إلي منزلها ، دلفت إلي بيتها ليلا في ساعة متأخرة قليلا ، و من دون أن تزعج شقيقتها دخلت إلي غرفتها في هدوء ..
نزعت ثوبها في عصبية و إرتدت قميص نومها القطتي ثم أشعلت أضواء غرفتها الخافتة كي تستطيع أن تستعيد كل ما جري و تفكر بروية و هدوء ، تقدمت صوب فراشها و تمددت فوقه تعبة ، أغمضت عيناها واضعة كفها فوق جبينها بلطف و غرقت في إسترخاء حالم و جمع بها الخيال مرة أخري ، ففكرت أن حياتها تتطلب تغييرات أكيدة فهي لن تعد تسمح لنفسها بعد اليوم بالضعف و الهشاشة أكثر ، أدركت فجأة أن أول خطوة من خطوات تغيرها تحتم عليها ترك عملها ، مهما كانت درجة حبها لـ"عز الدين"فهو رجل قاس القلب يجرحها بإستمرار و لكي تحافظ علي بقايا حبها له يجب عليها تركه تماما و الإحتفاظ بذكري طيبة له ، و لكن أي ذكري طيبة ؟ للأسف كل ذكرياتها معه مريرة أليمة .. !
"إن في العجلة الندامة"حدثتها نفسها في تلك اللحظة بألا تترك عملها لئلا تغدو يوما نادمة علي قرارها المتخذ بلحظة غضب و إنفعال ..
إذن إنها تحتاج لأجازة علي الأقل ، أجازة تبعدها عن عملها ، و الأشخاص الذين تعرفهم ، أجازة تنقذها من محيطها الذي يذكرها بقصة حبها المحطمة ، أجازة تتح لها فرصة إتخاذ قرار ناضج ..
و لكن أين تذهب ؟ و تزاحمت في ذهنها عشرات الأمكنة ، قررت الذهاب إلي منزل عائلة والدها الذي يقع بإحدي القري الريفية ، ياله من مكان صافي و هادئ ، حتما أن تلك الأجواء سوف تساعدها كثيرا علي إستعادة نشاطها و رباطة جأشها ، و سوف تجد هناك فرص عديدة كي تروض نفسها علي القوة و الصلابة ، و ربما إستطاعت تبين رغباتها و أمانيها الحقيقية في تلك الأرض الخضراء الرائعة ...
من دون طرق ، إنفتح باب غرفتها فجأة لتدخل شقيقتها التي أسرعت إليها و قد علت وجهها علامات القلق و الوجوم فبادرتها"داليا"متسائلة:
-ياسمين .. انتي ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي ؟ في حاجة ؟؟
زفرت"ياسمين"في ضيق و هي تجلس إلي جوار "داليا"و قد إزدادت تعابير القلق و الوجوم علي وجهها فعادت تسألها:
-ياسمين ! في ايه ؟؟
-مصيبة يا داليا.
شهقت"داليا"بهلع ثم قالت تحثها علي الحديث:
-مصيبة ايه ؟ اتكلمي ايه اللي حصل ؟؟
-صاحب العمارة اتكلم بعدما نزلتي علطول.
-كان عايز ايه يعني ؟؟
-بيقول اننا لازم نخلي الشقة في ظرف اسبوع.
-نعم ! ده ازاي ده ؟ و ليه ؟ هو مش بياخد الايجار في الميعاد ؟؟
-ما انا قلتله كده.
-و قالك ايه ؟؟
-قالي ان احنا بقالنا سنين بندفع الايجار هو هو و ان في ناس جاهزة تشتري الشقة بملغ كويس.
-ايه الراجل ده ؟ بس لأ مش ممكن اسمحله يخرجنا من بيتنا يعني هنروح فين ؟؟
- طب هنعمل ايه يا داليا ؟ مش معانا فلوس كفاية نشتري الشقة !!
-انا هتكلم معاه.
-ماتحاوليش ده مصمم و رافض اي كلام و قالي يا نشتريها احنا يا نخليها قبل الاسبوع الجاي.
هزت"داليا"رأسها بإعتراض و قد شحب لونها لتلك الفكرة ، لا .. لا يمكن أن تترك منزلها الذي شهد ولادتها و طفولتها و صباها و مطلع شبابها و الذي به أيضا كافة ذكرياتها عن والديها ، و لكن ماذا عساها أن تفعل ؟ من أين تدبر المبلغ المطلوب ؟ من اين .... !!







في صباح اليوم التالي ، ذهبت لزيارة إبنها ، أرادت أن تبلغه بأمر هام و كانت تخشي أن تجرح شعوره خاصة عند رؤيتها تلك الفرحة التي طغت علي ملامح وجهه حين قال:
-شفتي يا كوكو .. بقيت بقدر امشي عادي و رجلي خفت .. يااااه مش مصدق اخيرا هفك الجبس بكرة و همشي معاكي يا قمر.
منحته أمه إبتسامة ناعمة فيما سألها بإهتمام بعدما لاحظ توترها الخفي:
-ايه يا كوكو .. مالك ؟ في حاجة و لا ايه ؟؟
هزت رأسها نفيا في توتر فقال بإصرار:
-مش مصدق يا مامي .. حاسس انك عايزة تقولي حاجة !!
نظرت إليه في تردد ثم قالت:
-بصراحة اه يا حبيبي .. في حاجة حصلت عايزة اقولك عليها .. لأ لازم اقولك عليها بما انك هتيجي تعيش معايا في البيت.
-طيب اتكلمي يا كوكو .. انا سامعك !
أخذت نفسا عميق ثم صمتت لثوان و قالت:
-انا اتجوزت.
إتسعت عيناه في حدة و ذهول ثم سألها:
-انتي ايه ؟؟
-انا اتجوزت يا عمر.
-انا اتجوزت يا عمر !!
قال بتهكم ثم تابع بغضب:
-انتي قولتيلي انك مش هتعملي كده تاني.
-يا حبيبي انت فمهتني غلط .. انا كان قصدي اني هختار الراجل الكويس لو حبيت اتجوز بعد كده.
هز رأسه غير مصدق في حين تسارعت أنفاسه بقوة ثم صاح بها:
-مش علي اساس لما كلمتيني من 4 سنين عشان اقف جنبك و اخلصك من طليقك اللي فات قولتيلي اني بقيت انا راجلك المسؤول عنك و انك كنتي بتتجوزي بس عشان تحسي ان في حد موجود معاكي و واقف جنبك ؟ و ان خلاص طالما انا بقيت معاكي مش هتتجوزي تاني ؟ مش انتي قولتي كده ؟؟
لفظ أخر كلماته بإنفعال غاضب فإنتفضت قائلة:
-يا عمر افهمني .. انت مش هتفضل معايا العمر كله مسيرك تتجوز و يبقي عندك اولاد و هتنشغل عني و ...
- بس !
قاطعها بقوة ثم تابع:
-كفاية كلام فارغ . انتي عايزة تتجوزي قوليها و بلاش تزوقي الكلام.
-ايوه عايزة اتجوز.
قالت موافقة ثم أضافت:
-انا ماكبرتش اوي يا عمر .. انا لسا صغيرة و من حقي اني اتجوز.
بكلامها الإستفزازي أثارت فيه مكامن الغضب و الثورة ، لذلك كانتا عيناه تقدحان شررا و شفتيه ترتجفان غضبا فقال في أسي نادما:
-ده انا وقفت قصاد اخويا عشانك .. انا فضلتك عليه و هو اللي رباني .. لأ و كمان انا هنا في المستشفي دي بسببك بردو !!
عضت علي شفتها بقوة و هي تمد يدها لتربت علي كتفه ، فأبعد يدها عنه بقسوة و حزم ثم صاح بها في عنف:
-امشييييي .. امشي يلا مش عايز اشوفك .. مش عايز اشوفك تاني .. عز الدين كان صح .. ايوه هو كان صح انتي ماكنتيش وفية لأبويا و خنتيه و غلطتي اني سامحتك و صدقتك علي امل انك خلاص اتغيرتي لكن انتي ست ...
صمت فجأة و هو يرمقها في مرارة إذ عجز لسانه أن يسب أمه ، فصرخ بوجهها قائلا:
-امشي .. بقولك امشي مش عايز اشوفك تاني.
تجمعت بعيناها الدموع ثم ضغطت علي شفتيها بوهن قائلة:
-ماشي يا عمر .. حاضر انا همشي .. همشي يابني و مش هتشوفني تاني.
ثم ألقت عليه أخر نظرة و غادرت مسرعة ، بينما جلس شاردا قلبه مفعم أسي و ندما ... !




كانت تجلس شاردة خلف مكتبها ، تارة تفكر بأقاويل العاملين التي زادت عليها خاصة بهذا اليوم و تارة تفكر بكيفية الإحتفاظ بمنزلها .. :
-صباح الخير يا داليا.
قطع حبل أفكارها ذلك الصوت ، فرفعت رأسها و نظرت نحو المصدر لتجد"عماد"واقفا بثبات أمامها فحيته بدورها قائلة:
-صباح النور يا عماد .. ازيك ؟؟
-الحمدلله تمام .. انتي ايه اخبارك انطويتي علي نفسك فحأة يعني !!
إصطنعت"داليا"إبتسامة لم تصل إلي عينيها ثم قالت:
-مش حكاية انطواء و الله يا عماد .. انا بس في موضوع شاغلني اوي و يعني بحاول ادورله علي حل.
ثم صاخت متسائلة:
-صحيح يا عماد .. هما الناس اللي هنا مالهم انهاردة ؟؟
تجهم وجهه فجأة ثم قال:
-مالهم ازاي يعني يا داليا ؟؟
هزت كتفيها قائلة:
-مش عارفة حاسة ان في حاجة مش طبيعة خصوصا نظرات الكل هنا .. و بالذات ليا انا !!
ضغط"عماد"علي شفتيه بأسف فقطبت"داليا"حاجبيها قائلة:
-عماد .. في ايه ؟؟
-مافيش حاجة يا داليا.
أجابها بإبتسامة متوترة فلم تصدقه و عادت تسأله:
-عماد ! .. في ايه بجد ؟ اتكلم من فضلك ؟؟
-مافيش حاجة يا داليا ما انتي عارفة طبيعة الناس بيحبوا يتكلموا في الفاضية و المليانة.
-بردو مش فاهمة حاجة .. في ايه يا عماد ؟؟
لم يجد مفر من الحديث فتنهد قائلا:
-انتي مش كنتي مع مستر عز الدين امبارح بتتعشوا مع بعض برا ؟؟
-اه.
أجابته في دهشة ثم سألته:
-عرفت منين ؟؟
-رانيا عزيز .. فاكراها دي اللي كنت حكيتلك عليها قبل كده شافتكوا مع بعض .. و لو تفتكري بردو اني قلتلك انها اكبر رغاية في الدنيا و ان الخبر مش بيبات في بؤها ليلة و خصوصا ان الخبر ده يخص عز الدين نصار حبيب صحبتها جومانة السابق .. و اللي برغم كل اللي بيعمله فيها لسا بتحبه بجنون و مراهنة عليه حتي بعد ما قطع علاقته بيها.
أومأت"داليا"رأسها عابسة بينما تابع"عماد":
-عشان كده نشرت الخبر علطول .. لكن و لا يهمك يعني الموضوع هياخدله يومين و هينتهي خالص.
ثم أضاف في تردد:
-بس ايا كانت طبيعة العلاقة اللي بينك و بين مستر عز الدين حاولي تخلي التفاصيل سرية عشان الكلام مايكترش زيادة.
إحتقن وجهها غضبا جراء كلماته فصاحت قائلة:
-علاقة ! علاقة ايه يا عماد ؟ انت كمان هتقولي علاقة !
ثم تابعت بحدة:
-انا مافيش اي حاجة بيني و بينه و مش عشان هو ساعدني يوم ما امي اتوفت من باب الانسانية يبقي بيحبني و انت عارف ان ده مستحيل اساسا و بردو مش عشان خرجت معاه في مشوار شغل يبقي بموت فيه مثلا انا مش النوع ده.
ثم صمتت لثوان و تابعت في ضيق:
-حتي انت كمان يا عماد !!
بينما أسرع يقول في لطف:
-داليا .. انا ماقصدش حاجة و الله انا بس كنت بحاول انبهك بأي طريقة عشان تقدري تبعدي عنك كلام الناس مش اكتر .. انتي عارفاني و عارفة اني ماقصدش اضايقك ابدا مش كده ؟؟
تنهدت بثقل و لم تجب فرمقها بأسف قائلا:
-عموما بردو انا اسف يا ستي لو كنت ضايقتك بدون قصد .. عن اذنك.
ثم انسحب في هدوء و تركها مع حنقها و عصبيتها يستبدا بها ، و لكنها ما لبثت أن طردت تلك السخافات من رأسها و راحت تفكر بطريقة ما للحصول علي مزيد من المال لجمع القيمة المطلوبة لتغطية تكاليف شراء منزلها ، أدركت أن لا أمل لها بتغطية المبلغ المطلوب في غضون أسبوع واحد فقط !
ثم فجأة قفزت برأسها فكرة و لكنها ترددت قليلا ، لكن ليس هناك ثمة حل أخر ، هبت واقفة و أخذت نفسا عميقا ثم ذهبت إلي مكتبه مسرعة قبل أن تغير رأيها ..
طرقت الباب ثلاث مرات ثم أدارت المقبض و دخلت ، كان المكتب فارغا فأعتلي الحزن و الضيق وجهها ، و لكن فجأة ظهر "عز الدين"حيث رأته يخرج من الحمام الملحق بالمكتب لامع البشرة ، شعره مبللا يقطر منه الماء و كذلك صدره الصلب الذي ظعر خلف قميصه الأسود المفتوح غضت"داليا"بصرها في سرعة بينما تجمد"عز الدين"بمكانه للحظة دون كلام ، ثم أخيرا تقدم صوب مكتبه قائلا و نظره معلق عليها:
-اهلا يا داليا.
كان يحدجها بإبتسامة بسيطة فيما إلتقط ساعة يده من فوق مكتبه و شرع بلبسها:
-حضرتك .. انا خبطت قبل ما ادخل يافندم.
قالت ذلك كي تكسر طبقة التوتر التي خيمت عليها بينما همهم بهدوء و هو يزرر قميصه بسرعة ثم نظر إليها و قال بعد تنهيدة قصيرة:
-مش مشكلة المهم انك دخلتي .. هاه .. كنتي عايزة ايه بقي ؟؟
ترددت كثيرا قبل أن تتفوه بأي حرف ، فرفع حاجبيه مستفسرا بينما تنهدت و بدأت تتكلم ببطء شديد و هي تتعثر بالكلام ، لقد رتبت الكلمات و أعادتها في فكرها عدة مرات:
-كنت .. كنت .. كنت عايزة اقول لحضرتك ...
ثم صمتت فجأة ، إذ وجدت صعوبة في طلب أي إعالة مادية منه ، بينما هز رأسه يحثها علي الإسترسال في حديثها فسحبت نفسا عميقا و كادت تتكلم لولا أنه قاطعها قائلا:
-استني خليني اخمن عايزة تقوليلي ايه .. عايزة تقولي حاجة بخصوص الليلة اللي فاتت مش كده ؟؟
هزت رأسها و كادت تتكلم فقاطعها مجددا:
-بصراحة كنت فاكرك مش هتيجي بس جيتي.
كانت لهجته لاذعة ساخرة كما إعتادت منه فيما تقدم صوبها ببطء حتي وقف أمامها مباشرة ، فتمكنت من إستنشاق رائحة عطره المركزة الرائعة و التي أشعرتها بدوار خفيف ، بينما تحولت عيناه الذهبيتان فوق صفحة وجهها قبل أن تتوقفا عند فمها المكتنز الناعم ، لم تخطيء"داليا"فهم اللهيب الذي حل محل السخرية في نظراته ، المشكلة هي أن إضطرابا غير مرغوب به بدأ يسري في كيانها إذ أخذت نبضات قلبها تتسارع جراء نظراته و قربه منها ، و لكنها غالبت مشاعرها بقوة حيث رفعت ذقنها قائلة:
-انا عايزة اتكلم مع حضرتك في موضوع مهم جدا بالنسبة لي.
توتر فمه فجأة و كأنه قد عاد للواقع فعادت السخرية تكتسح الرغبة في أعماق عينيه ثم قال:
-طبعا طبعا .. هنتكلم يا داليا .. زي ما قلتلك انا ماكنتش متوقع انك تيجي انهاردة بس علي الاقل كنت متاكد انك هترجعي .. عموما يا ستي امرك هنتكلم في اللي انتي عابزاه بس مش هنا.
رفعت حاجبها متسائلة:
-اومال فين يافندم ؟؟
نظر في ساعة يده ثم أجابها:
-ساعتين بظبط و هاخدك و نروح مكان هادي خالص مافيهوش حد غيرنا .. هناك بقي تقدري تقولي كل اللي نفسك فيه.
رمقته في صدمة ثم صاحت قائلة:
-مكان ايه ده حضرتك ؟ لأ طبعا مش هروح معاك لأي مكان !!
تنهد بنفاذ صبر و هو يرمقها بتلك النظرة الهازئة الساخرة ثم قال:
-اومال انتي رجعتي ليه بعد اللي حصل امبارح ؟ عايزة ايه ؟؟
إتسعت عيناها بصدمة أكثر فأومأت رأسها قائلة:
-صح .. صح انت عندك حق انا فلطانة فعلا اني رجعت.
و همت بالرحيل فقبض علي معصمها قائلا:
-استني .. كنتي عايزة تقوليلي حاجة ؟؟
حاولت سحب يدها بقوة لكن قبضته كانت محكمة فوق ذراعها فقالت:
-في الحقيقة اه .. كنت هنسي اقولك اني مستقيلة.
- مستقيلة !
هتف بحدة ثم تابع:
-ايه مستقيلة دي ؟ هو لعب عيال ؟؟
جاهدت كي تمنع دموعها من التساقط فصرخت قائلة:
-انا حرة حضرتك .. و بعدين مش ده اللي انت عايزه ؟ انا همشي خلاص و مش راجعة تاني.
فأدارها إليه لتصبح في مواجهته ثم أخذ يحدق بوجهها الغاضب المتورد لبرهة و كأنه يفكر في شيئا ما ثم سألها في هدوء:
-تتجوزيني .... !!





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:31 AM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (11):





إنعقد لسانها خوفا و دهشة فترنحت قائلة:
-هيغم عليا تاني يافندم.
أمسك رأسها بقوة و أحناها إلي الأمام قائلا:
-مش هيغم عليكي اتنفسي .. اتنفسي و اعصابك هتدا بسرعة.
و من الغريب أن لمسة يده إستطاعت أن تعيد إليها هدوءها و بعد لحظات قال:
-اللي قولته مش عرض عاطفي يا داليا خليكي فاهمة ده كويس .. ده بس مجرد اتفاق قصير المدي زي ما بيقولوا و اوعدك انه مش هيكون اتفاق وحش ابدا.
كانت لا تزال غير مستوعبة ما سمعته بأذنيها لذلك لم تنتبه لعبارته السابقة فقالت لاهثة:
-ارجوك .. استني عليا شوية يافندم.
-انا في الانتظار.
قال بهدوء بينما إنتظرت"داليا"حتي زال وقع المفاجأة عنها ثم نظرت إليه و قالت بأنفاس متقطعة:
-حضرتك قلت ايه بقي ؟؟
-قلت تتجوزيني ؟؟
إبتلعت ريقها بصعوبة ثم راحت تردد كلمة"لأ"بلا وعي فقاطعها بحزم:
-مافيش داعي للصدمة و اللخبطة دي كلها يا داليا ..اهدي عشان نقدر نوصل لاتفاق.
-اتفاق !!
هتفت في دهشة فأومأ رأسه قائلا:
-اه اتفاق .. قلتلك انا مش بعرض عليكي الحب.
جف حلقها و شحب وجهها فسألته:
-مش فاهمة ! حضرتك تقصد ايه ؟؟
لاحظت"داليا"لمعانا خاطفا في عينيه عندما أجاب قائلا:
-اقصد انك عجباني يا داليا .. و باين كده من تصرفاتك انك بترسمي علي تقيل شوية لكن كله الا الجواز انا هتجوزك اه بس بعقد مش رسمي و طبعا محدش هيعرف .. صحيح انا ماوعدكيش بالجواز الرسمي بس انتي بنت حلوة .. و ممكن تقدري تخليني اغير رأيي.
قال ذلك و هو يتفرس فيها بجرأة ، بينما فاجأها بكلامه بحيث لم تجد وسيلة للتعبير عن غضبها العارم سوي أن ترفع كفها بإتجاه خده الصارم و تصفعه ، و لكن الصفعة لم تحدث ، إذ أنه أمسك يدها و هي في الهواء و أعادها إلي مكانها بحزم قائلا:
-اهدي.
ثم أضاف بحدة بعدما جذبها إليه بقسوة و أطبق ذراعيه عليها:
-خلاص كفاية تمثيل بقي .. كنتي عايزة توصليلي مشاعرك عن طريق الموظفين و اديني عرفت كل حاجة و فعلا لفتي نظري عجبتيني و حطيتك في دماغي ده غير اني بعرض عليكي الجواز هو صحيح مش جواز رسمي بس معملتهاش مع واحدة قبلك خالص عايزة ايه تاني بقي بعد ما نجحت خطتك ؟ ايه غيرتي رايك فجأة ؟ خايفة و لا انتي اصلا متعودة علي الشباب الطايشين و انا راجل ناضج كلمتي واحدة و مبهزرش مش عاجبك !!
نظرت إليه في صدمة فأنفجرت بوجهه و قد نفذ صبرها:
-انا ماليش دعوة بأي كلمة اتقالت عننا هنا في الشركة الناس هما اللي ألفوا القصص من يوم وفاة امي فسروا مساعدتك ليا تفسير غلط .. و بعدين لازم تعرف حاجة مهمة اوي انا مش في نيتي خالص اني اربط اسمي باسمك ببساطة لاننا مستحيل نندمج سوا علي اي حال.
ثم أضافت بإستياء:
-انا كنت بحاول كتير احترمك و ابصلك من زاوية تانية مختلفة علي امل اني الاقي فيك فضيلة او جانب واحد انساني لكن للاسف .. انت فعلا عز الدين نصار اللي بيقولوا عليه .. الراجل القاسي اللي معندوش قلب اللي مابيهتمش لامر حد مش عز الدين نصار اللي رسمته في خيالي و اللي كنت بحترمه فعلا لكن لحد امبارح بس.
كانت عواطفها تتصارع بداخلها ، بينما تقلصت عضلات وجهه بغضب و هو يقول:
-داليا ! كفاية قلتلك شيلي قناع الانفعال و العصبية ده و اتعاملي معايا بنفسك الحقيقية .. قوليلي انتي عايزاه ايه بالظبط هسمعك و هنتفق كل ما قصرتي اسرع كل ما هنقرب لشروط اتفاقنا اسرع.
رمقته في خيبة ثم قالت بإشمئزاز:
-انا مش مصدقة .. انت فعلا مش محترم يافندم.
-و انتي غبية.
هتف بحدة ثم تابع في غضب:
-دي مش نكتة و لا لعبة يا انسة .. اللي بنعمله دلوقتي ده مش هزار و ماتتعشميش في صبري كتير مهما كان طويل مسيره يخلص فأحسنلك تقصري زي ما قلتلك.
هزت رأسها في مرارة غير مصدقة ثم إستدارت مسرعة و إتجهت إلي الخارج مهرولة و دموعها تنهمر بغزارة علي وجنتيها ... !






دقت جرس الباب ليفتح لها بعد لحظات ، وقفت أمامه وجها لوجه ثم نزعت نظارتها الشمسية الكبيرة عن عينيها و رمقته بنظرة ذابلة ، بينما تفاجأ لدي رؤيتها بل إنصدم للحظات ، فتلك ليست"عبير"إطلاقا إنما هي نسخة باهتة عنها ، لقد فقدت رونقها و مرحها و حتي إبتسامتها و لم يبقي منها إلا حطام ،حيث بدت ضعيفة ، واهنة ، قلقة و خائفة ..
لم يكترث كثيرا لوضعها و لما ظهرت عليه ، بل قبض علي رسغها و جذبها إلي الداخل بسرعة مغلقا الباب من خلفها ثم إلتفت إليها و سألها:
-ها يا عبير .. طمنيني .. عملتي ايه ؟؟
مشت إلي أقرب مقعد و ألقت بثقلها عليها في تعب قائلة:
-مش تقولي ازيك الاول و تطمن علي صحتي ؟ و لا انا خلاص مابقتش فارقة معاك !!
-ازيك يا عبير ؟؟
قال بضجر ثم عاد يسألها:
-ها طمنيني بقي .. نقول مبروك ؟؟
رمقته في حدة قائلة:
-نقول مبروك علي ايه ؟؟
أجابها بإبتسامة متوترة:
-نقول مبروك علي الاجهاض يا حبيبتي ! شكلك تعبانة .. اكيد نزلتي الحمل صح ؟؟
حدقت فيه بغضب ثم قالت في جمود:
-لأ.
تجهم وجهه فجأة ثم سألها متهكما:
-نعم ؟ لأ ! .. و لما هو لأ طلبتي تقابليني ليه ؟ عايزة مني ايه ؟ انا مش قلتلك مش هنشوف بعض تاني الا لما تخلصي من القرف اللي في بطنك ده ؟؟
رمقته في إشمئزاز قائلة:
-صح .. انت عندك حق .. هو فعلا قرف عشان جاي منك.
إحتقن وجهه بغضب فقال:
-لمي لسانك يا عبير احسنلك.
هزت رأسها في دهشة ثم أخذت تتساءل:
-انا مش مصدقة اني كنت بحبك ابدا ! انت ازاي قدرت تبقي كده ؟ و ازاي انا ماقدرتش افهمك ؟ ازاي ماقدرتش اتوقع انك ممكن تغدر بيا ؟ ازاي ماعرفتكش علي حقيقتك ؟؟
عند ذلك قبض غلي ذراعها و جذبها إليه حتي أوقفها أمامه ثم صاح بها في وقاحة:
-اديكي عرفتيني ياختي .. و بعدين ماتنسيش انك انتي اللي جريتي ورايا مش كل مرة هفضل افكرك.
-اد ايه انت طلعت ندل و حقير .. بتقولي انا كده ؟ للأسف الغلطة مش غلطتك بس و رحمة ابويا ما هسيبك يا حسام هشردك.
رفع رأسه عاليا و قهقه بقوة ثم عاد ينظر إليها قائلا:
-بأمارة ايه يا بيرو ؟ مين فينا اللي متورط ؟ انا و لا انتي ؟؟
قالت بتحد:
-هقول لأخويا .. هحكيله علي كل حاجة.
إبتسم بسخرية قائلا:
-جربي تعملي كده و هتكتشفي غلطتك فورا ده لو لحقتي تكتشفي اساسا.
لمعت عيناها كالنار و كادت تمطره بكلماتها الغاضبة لكنه قاطعها في سرعة قائلا:
-بقولك ايه .. كفاية كلام لا هيقدم و لا هيأخر و خلينا في المهم .. قدامك فرصة تانية عشان تروحي زي الشاطرة كده لدكتور كويس يعملك العملية و تخلصي بقي و تخلصيني معاكي من الصداع ده و انا عارفك يعني .. مش غاوية تعب و لا بتاعة مشاكل يا بيرو.
-لأ .. مش هنزل البيبي يا حسام.
قالت بعناد فشدد قبضته حول ذراعها حتي إنفلتت صيحة آلم من بين شفاهها ثم صاح بعصبية:
-ماتجننيش يا عبير .. قولتلك انتي هتتزلي الحمل ده لازم تنزليه بالذوق أو بالعافية انا مايتلويش دراعي فاهمة ؟ و زي ما قلتلك قبل كده ماتفتكريش انك تقدري تضغطي عليا بموضوع الحمل عشان اتجوزك.
-تتجوزني ! هو انت فاكر اني لسا عايزاك تتجوزني ؟ لا يا بابا انسي خلاص انت ظهرت علي حقيقتك و بعدين الطفل اللي في بطني ده لو ربنا قدرله انه يتولد هيكون اكبر ظلم ليه انك ابوه .. انه يتنسب ليك دي كارثة في حد ذاتها.
-يسلام ياختي ! دلوقتي مابقتش عاجبك ؟ ماشي مش مشكلة خالص انا مش زعلان منك بالعكس .. انا موافقك في الرأي جدا فعلا انا انسان ندل و حقير و جبان عشان كده اخلصي مني بكرامتك بقي و اسمعي الكلام و روحي نزلي العيل اللي في بطنك ده احسنلك.
قطبت حاجبيها بوهن قائلة:
-انت ايه ! معندكش دم ؟ مابتحسش ؟ ده انا ممكن اموت فيها !!
-تؤتؤتؤ .. لأ .. لأ يا عببر ماتقوليش كده .. ان شاء الله مافيش حاجة وحشة هتحصلك الموضوع كله علي بعضه هيخلص في كام ساعة .. ماتخافيش يا حبيبتي.
-اخرس !
هتفت بحدة مشمئزة ثم أضافت:
-ماتقوليش يا حبيبتي .. حبيتك جهنم.
-ماشي يا بيرو .. مقبولة منك.
قال ذلك ثم أمسك بذقنها فدفعت يده عنها بقوة بينما رمقها بسخرية ... !






مستلقية علي فراشها ، الصمت مخيم علي الغرفة من حولها ، كانت منهكة جسدها يؤلمها بشكل كبير ، و لكن الألم الداخلي الذي شعرت به كان أقوي و أشد و أكثر صعوبة علي التحمل ..
تنهدت بثقل و تمنت للمرة العاشرة مجددا لو أنها لم تتقدم إلي تلك الوظيفة حيث من خلالها قابلت مارد جبار أوقعها بحبه دون إرادتها ، هزت رأسها في ندم و غضب بالغين لأنها و برغم كل ما فعله بها بدأت تشتاقه ، و تمنت فجأة لو كانت قربه الأن !
ذلك الرجل الذي دغدغ مشاعرها بإسلوب لم يسبق له مثيل ، و الذي إثار غيظها أحيانا عندما كان يعاملها و كأنها فتاة صغيرة ثم يعاملها كأمرأة ناضجة يريدها إلي حد كبير !
و لكنها تفضل الإحتراق بنيران البعد عنه عوضا عن السكون بالجنة بين ذراعيه في وضع يجرح كرامتها و يقلل من شأنها و إحترامها لنفسها ..
إبتسمت فجأة بشيء من السعادة لتفكيرها في أن رجلا قويا مثل"عز الدين نصار"يريدها إلي هذه الدرجة ، فلو كانت فتاة غيرها رفضته بهذه القوة لكان رمقها بسخريته الهازئة و إدار لها ظهره و رحل ، لكنه بدا مصمم و راغب بها بشدة .. إختفت إبتسامتها بصورة تدريجية عندما تذكرت كلامه الجارح و طلبه المهين ثم شعرت بقهر و خيبة قاتلة ، خيبة لا تفهم الفتاة معاناها الحقيقي إلا عندما تلتقي رجلا يعني لها كل شيء في حياتها و يخذلها ، رجلا مثل"عز الدين"الذي و برغم قسوته تجد في لمساته و كلماته سحرا و جاذبية لم تجدهما أبدا في أي رجل أخر ...
تألمت ، و بكت ، و نامت .. لتستيقظ بعد قليل علي صوت شقيقتها الهادئ:
-داليا .. داليا .. قومي يا حبيبتي الغدا جاهز.
فتحت عينيها ببطء و تنهدت بعمق ثم رفعت يدها و راحت تفرك عنقها عندما شعرت بوخز خفيف يسري بوريدها ، ثم نظرت إلي شقيقتها قائلة:
-في ايه يا ياسمين ؟ عايزة ايه ؟؟
-يلا يا دودو قومي عشان نتغدا سوا.
قالت"ياسمين"بلطف بينما تجاهلت"داليا"كلامها و سألتها واجمة:
-الراجل الزفت ده صاحب العمارة ماتكلمش تاني ؟؟
زمت"ياسمين"شفتيها قائلة:
-لأ ياستي ماتكلمش .. المهم سيبك منه دلوقتي و قومي يلا عشان نتغدا.
-مش عايزة .. ماليش نفس يا ياسمين كلي انتي بالهنا و الشفا.
-كده ماينفعش يا داليا .. بتعاقبي نفسك ليه دلوقتي ؟ احنا هنعمل اللي علينا و اللي عايزه ربنا هيكون.
-ازاي يعني بتقوليلي كده ؟؟
هتفت"دالبا"بعصبية ثم تابعت:
-هيعجبك يعني وضعنا لما نتطرد برا بيتنا ؟ هتتبسطي لما نترمي في شارع ؟ ماسألتيش نفسك هنروح فين ؟ هنعيش ازاي ؟ و كليتك يا دكتورة ! مافكرتيش في كل ده ياسمين ؟؟
أجابت"ياسمين"منفعلة:
-فكرت .. فكرت يا داليا .. بس هنعمل ايه يعني ؟ ايه في ايدينا ممكن نعمله ؟ مش معانا فلوس كفاية عشان نشتري البيت .. قولي في حالة خروجنا من البيت ممكن بمرتبك نسكن في اي فندق رخيص او نأجر شقة بسعر رخيص بردو و بمرتبي اللي بقبضه من المستشفي هنقدر نعيش عشان كده انا بهون عليكي و بعرفك اننا مش هنتبهدل ان شاء الله.
نظرت"داليا"إلي شقيقتها متخاذلة ثم قالت في تهكم مرير:
-مرتبي ! .. صحيح ما انا نسيت اقولك اني سيبت الشغل.
-سيبتي الشغل !!
هتفت"ياسمين"في صدمة ثم سألتها:
-ليه ؟ ليه يا داليا ؟؟
حجبت"داليا"وجهها بكلتا يديها ثم صمتت مترددة و عندما رتبت الكلمات في ذهنها جيدا عادت تنظر إلي شقيقتها و قصت عليها كل ما حدث ، أطلعتها علي كافة التفاصيل ، و عند بعض الأجزاء كاد صوتها يختنق ألما و قهرا ... :
-ابن الـ ...
هتفت"ياسمين"بلا وعي فبسرعة قاطعتها"داليا"في حدة قائلة:
-ياسمين ! اوعي .. اوعي تنطقي كلمة وحشة عليه.
-مستحيل ! انتي بتدافعي عنه ؟ لسا بردو بعد اللي حصل منه ؟ انتي ايه يا داليا ؟؟
أجابت"داليا"في هدوء:
-انا استقلت خلاص يا ياسمين .. بعدت عن طريقه نهائي مش هشوفه تاني خلاص .. فمش عايزة افتكره بحاجة وحشة.
تحدثت"ياسمين"بعنف من بين أسنانها:
-اه لو كنت معاكي .. اه لو اشوف الحيوان ده .. هو فاكرك ايه ؟ و ربنا لو الموقف ده كان حصل في وجودي كنت فرجت عليه الدنيا.
-خلاص بقي يا ياسمين قلتلك الموضوع انتهي.
-انا اللي غايظني بس انك سكتيله ده كان محتاج قلمين كده يفوقوه عشان بعدين يبقي يعرف يميز الصالح من الطالح.
- قلتلك خلاص بقي.
هتفت"داليا"بنفاذ صبر ثم تركت شقيقتها و إتجهت إلي الشرفة في عصبية ... !







عادت إلي منزلها و الألم يعتصر قلبها ، ستواجه الكثير من المصاعب بعد الأن ، و لكنها مضطرة لتحملها عليها تحمل مسؤولية أخطاءها و تصرفاتها الطائشة التي أدت بها إلي طريق الظلمات الوعر ..
تأملت القصر قبل دخولها إليه ، فلم تجده جميلا كما إعتادت عيناها علي رؤيته ، بل أن كل شيء و كل مكان بات في نظرها كسجن كبير ، و منزلها أيضا أصبح السجن الأكبر يجب أن تمضي فيه فترة عصيبة و أليمة حتي ينتهي الكابوس .. أو قد لا ينتهي أبدا !
ترقرقت الدموع في عينيها لكنها سارعت لإستعادة رباطة جأشها سريعا ، ثم ذهبت علي الفور إلي إحدي زوايا حديقة القصر حيث آشعة الشمس تضفي جمالا غير عادي للمكان من حولها ، أرادت الإنفراد بنفسها و الإبتعاد عن الأخرين ، و لكن أمنيتها لم تتحقق ، إذ كان"عز الدين"و"خالد"يجلسان إلي طاولة خشبية صغيرة يحتسيان القهوة و يأكلان الحلوي ، لم يكن لديها مجال للتراجع لأن"خالد"ما أن شاهدها إبتسم تلقائيا ثم وقف إليها محبة و إحتراما طالبا منها الإنضمام إليهما ..
إبتسمت"عبير"في إرتباك ثم تقدمت صوبهما بخطي مضطربة حتي وصلت إليهما ، فقال"خالد"بسرور فيما كان يساعدها علي الجلوس بمقعد بجواره:
-بيرو .. وحشتيني يا حبيبتي .. بقالي كام يوم ماشفتكيش.
إبتسمت له و كأنها مشتاقة فعلا لرؤيته ثم قالت:
-اصلي مشغولة يا خالد .. امتحاناتي قربت فبذاكر بقي.
ثم نظرت بسرعة إلي أخيها الذي كان يتابعهما في صمت دون أن تتتغير ملامحه القوية أو تتبدل ، كان بجلس بهيبة و عنفوان و بدا قويا عندما سألها فجأة:
-كنتي فين يا عبير ؟؟
إبتلعت ريقها بتوتر ثم أجابت بنبرة جاهدة في أن تبدو عادية:
-كنت في الجامعة يا عز بسأل علي مواعيد المراجعات و كنت بشوف يعني لو كان في اي جديد.
أومأ رأسه في هدوء بينما سألها"خالد"بنبرة قلقة:
-بس انتي مالك يا عبير ؟ شكلك بقي عامل كده ليه ؟ انتي تعبانة و لا حاجة ؟؟
إرتعش بدنها لدي سماعها ملاحظته التي لسعتها كالسوط فأغمضت عيناها لبرهة كي تستعيد قوتها ثم نظرت إليه باسمة و قالت:
-لأ يا خالد مش تعبانة و لا حاجة .. انا بس مرهقة شوية بسبب التفكير في الامتحانات و المذاكرة انت عارف انها اخر سنة ليا و لازم اجتهد فيها علي اد ما اقدر.
مرر"خالد"أصابعه علي ذراعها بحنان قائلا:
-لأ يا حبيبتي لازم تاخدي بالك علي صحتك ماتجهديش نفسك في اي حاجة بالطريقة اللي توصلك للحالة دي.
-كيس جوافة قاعد في وسطكوا انا ؟؟
قال"عز الدين"ذلك بلهجة صارمة بينما قهقه"خالد"في مرح قائلا:
-ايه يا عم خطيبتي و بحبها .. و بعدين احنا عملنا ايه يعني ؟ ما انت شايف اهو تصرفات عادية جدا في منتهي البراءة.
-خالد !
هتف"عز الدين"في حدة فقال"خالد"ضاحكا:
-خلاص خلاص .. هسمع كلامك دلوقتي بس عشان لسا حبيبتي في بيتك لكن لما تيجي في بيتي بقي مش هتقدر تنطق بحرف لا معايا و لا معها.
ثم حول نظره إلي"عبير"و سألها بنعومة:
-مش كده يا حبيبتي ؟؟
بينما شهقت"عبير"بصوت خافت و هي تحدق بذلك الشخص الذي كان يقف خلف أخيها مباشرة ، فيما صوب"خالد"نظره تلقائيا إلي حيث تنظر"عبير"فإتسعت عيناه في دهشة و خوف ثم أخذ ينقل نظراته بين الشخص الواقف أمامه و بين"عز الدين"الذي تطلع إلي"خالد"و"عبير"في تساؤل يطالبهما بالتحدث ، فلما طال الصمت قطعه بصوته العميق قائلا:
-ايه .. مالكوا في ايه ؟؟
لم يلقي إجابة من أيا منهما ، فقط لاحظ نظراتهما المصوبة علي شيئا ما خلفه ، فبسرعة إنتصب واقفا بقامته الطويلة القوية ثم إستدار ليتفاجأ برؤية أخيه ، نظر إليه بعينين فولاذيتين غاضبتين ثم صاح به و الشرر يتطاير من عينيه المتسعتين حنقا و عداء:
- و كمان ليك عين توريني وشك ! ايه اللي جابك ؟ رجعت ليه أ ...
قاطعه"عمر"بقوة بحركة من يده ثم تنفس بعمق و قال:
-اسمع يا عز .. انا جاي اقولك اني غلطان و اسف و منغير ما ندخل في تفاصيل هقولك باختصار .. الست اللي اسمها كاميليا فهمي دي من انهاردة مش امي و كرهي ليها بقي اد كرهك بالظبط و يمكن اكتر .. انا قطعت صلتي بيها نهائي و رجعتلك رجعت لبيتي .. لبيت ابويا و خليك متأكد اني حتي لو شفتها بعد كده و لو صدفة هكمل في طريقي عادي و لا كأني اعرفها.
إستقبل"عز الدين"كلام أخيه في هدوء ثم سأله ساخرا:
-و ايه يا تري اللي غير رايك كده ؟ ايه اللي حصل ؟؟
- قلتلك مش عايز ادخل في تفاصيل .. تسمحلي ادخل البيت ؟؟
صمت"عز الدين"و ظل ينظر إليه فقط فقال"عمر":
-عن اذنك.
ثم مضي في سبيله إلي داخل المنزل تتابعه نظرات أخيه إلي أن غاب عن نظره تماما ..
بينما لحقت"عبير"بشقيقها قائلة:
-طيب عن اذنكوا.
تنهد"عز الدين"بعمق و هو يتساءل في نفسه عن سر تغير شقيقه:
-عارف انت بتفكر في ايه .. بتسأل نفسك ايه اللي حصل مش كده ؟؟
أفاق من شروده علي صوت"خالد"فإلتفت إليه في هدوء ثم قال و هو يجلس قبالته مجددا:
-بصراحة اه .. بس في نفس الوقت قرفان من التفكير في الموضوع عشان كده هنسي خالص و كويس انه رجع ايا كان السبب انا اكيد مبسوط من قراره و من كلامه اللي سمعته منه.
-و انت متاكد من كلامه يا عز ؟ ده انت اكبر شكاك في الدنيا ! صدقته بسهولة ؟؟
- اه.
أجاب بقوة ثم تابع في ثقة:
-مصدقه .. النظرة إللي شفتها في عينيه مألوفة ليا جدا .. شفت جواه غضب و ندم شفت كسرة في عينه عمري ما شفتها فيه قبل كده .. بالنسبة لي يا خالد عمر خلاص كبر .. بقي راجل من انهاردة.
-بس كده مش كويس يا عز .. ماتزرعش فيه العقد اللي فيك مع احترامي يعني .. بالطريقة دي حياتكوا انتوا الاتنين هتقف و الامبراطورية اللي حواليك دي كلها اللي بناها ابوك في سنين و اللي ورثتها انت من بعده و كنت حريص عليها هتتهد بدل ما تلاقي اللي يكبرها اكتر و اكتر.
-محدش عارف بكرة فيه ايه يا خالد.
أجاب"عز الدين"ببساطة فأبتسم"خالد"بخفة ثم صاح فجأة:
-صحيح يا عز كنت عايزك في موضوع.
-خير موضوع ايه ؟؟
سأله"عز الدين"بإصغاء بالغ فأجابه:
-انا شايف ان عبير بقالها فترة احوالها مش مظبوطة.
-مش فاهم قصدك ايه ؟؟
-قصدي انها ممكن تكون مكتئبة مثلا .. انت مش شايف منظرها بقي عامل ازاي ! مش هي دي عبير حتي طريقة لبسها اتغيرت حاسس انها عايشة حالة مش مظبوطة حاسس انها مخنوقة.
همهم"عز الدين"موافقا ثم قال:
-انا بردو حاسس بكده .. و حاولت اتكلم معاها يمكن تحكيلي اي حاجة او تطلع اللي جواها بس كل ما كنت بسألها كانت بتقولي ظروف الامتحانات و المذاكرة.
-طيب انا مش حابب اشوفها في الحالة دي يا عز.
-يعني ايه ؟ عايز تقول ايه يعني ؟؟
-عايز اقول ايه رايك لو نقدم ميعاد الفرح ؟ هي هتخلص امتحانات اخر الشهر ايه رايك لو نعمل الفرح اول الشهر الجاي ؟؟
-اول الشهر ! هتاخدها من الدار للنار كده علطول دي لسا هتكون يدوب خارحة من الامتحانات و من ضغط كبير.
- طيب في نص الشهر يا عز !
صمت"عز الدين" لبرهة و كأنه يفكر بالأمر ثم رمقه بنظرة ثاقبة و قال:
-ماشي .. موافق .. بس ماتجبلهاش سيرة دلوقتي استني قرب ما تخلص امتحاناتها.
إكتسي وجه" خالد" بفرحة عارمة ثم أومأ رأسه قائلا:
-حاضر يا سيدي .. مش هقولها دلوقتي.





مرت الأيام القليلة التالية بصورة شبه عادية ، حتي جاء يوم إخلاء منزل"داليا" ..
بعدما حزمت جميع الأمتعة و الأغراض وقفت إلي جانب شقيقتها تتأمل معها كل ركن بالمنزل ، متذكرة كل لحظة مضت بحياتها و كأن شريط ذكرياتها يمر في ومضات سريعة أمام عينيها ..
ربتت"ياسمين"علي كتف شقيقتها بحنان فيما إبتسمت"داليا"بمرارة مع سقوط دمعة حارة من عينها علي وجنتها ، بينما دوي صوت جرس المنزل عاليا فكفكفت"داليا"دموعها بسرعة ثم ذهبت و فتحت باب المنزل
إتسعت عيناها في ذهول بالغ عندما ...


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:34 AM   #13

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (12):




إتسعت عيناها في ذهول بالغ عندما رأته أمامها ، في حين تسارعت ضربات قلبها عندما سمعته يحيها بصوته العميق:
-صباح الخير يا داليا.
عقد لسانها و لم تعرف ماذا تقول ، و بصعوبة خرج إسمه من بين شفتيها:
-مستر عز الدين !!
كان"عز الدين"يقف أمامها بثقة و كبرياء و حزم كما عرفته دائما و قد أضفت عليه ملابسه الداكنة قسوة و تمرد بالغين ، فهو لم يكن يرتدي بذلته السوداء الرسمية التابعة لعمله بل كان يرتدي سروالا أسود و قميصا رماديا أسفل كنزة سوداء صوفية ضاقت حول ذراعيه حيث أبرزت عضلاته القوية و بنيته العريضة الصلبة ، حتي في أبسط إطلالاته لم يتخلي عن هيبته و عنفوانه اللتين لطالما تمتع بهما ..
كانت تطل من عينيه نظرة متفحصة شملت كل جزء من ملامحها المصدومة ثم أخيرا نطق فقال بهدوء:
-مش هتقوليلي اتفضل ؟ و لا هتسيبيني واقف علي الباب كده ؟؟
لم تستطع التفكير بسؤاله إذ سألته مذهولة:
-حضرتك عرفت عنواني ازاي ؟؟
إبتسم بخفة ثم أجابها:
-انتي ناسية انك موظفة عندي ؟ و ان كل بياناتك تحت ايدي ؟؟
صمتت تماما ، فقط ظلت تنظر إليه في دهشة بينما جاءت"ياسمين"فجأة و وقفت إلي جانب شقيقتها عاقدة حاجبيها في تساؤل لدي رؤيتها الضيف الغريب فهتفت متسائلة:
-داليا ! مين ده ؟؟
إنتفضت"داليا"منتبهة ثم إستدارت بسرعة نحو شقيقتها و أجابتها في إرتباك و تعلثم واضح:
-أاا أاا ياسمين د ده ده مستر .. مستر عز الدين نصار.
عند ذلك حولت"ياسمين"نظرها إلي"عز الدين"في سرعة و سرعان ما تذكرته علي الفور ثم رمقته بعداء سافر و صاحت قائلة:
-هو حضرتك بقي ؟ اهلا بيك.
رمقها"عز الدين"بهدوء كما ثبت بمكانه بنفس الهدوء و البرود أيضا بينما كان الغضب و الإنفعال يملآن كيان"ياسمين"كلما نظرت إليه و تذكرت معاملته لشقيقتها و ما فعله بها فيما تابعت بحدة قائلة:
-امرك يا استاذ ؟ اي خدمة ؟ عايز ايه ؟ لو كنت جاي لغرض سافل من اغراضك اللي سمعت عنها من اختي و ربنا في سماه لهخرجك من هنا بفضيحة و مش كده و بس جيراننا موجودين حوالينا بردو احسن تكون فاكرنا لوحدنا لأ و اقل واحد هنا يقدر يتصرف معاك كويس اوي فانا بقول احسنلك يعني تاخد بعضك و منغير مطرود يـ ...
-ياسمين !
هتفت"داليا"بغضب جامح مقاطعة شقيقتها ثم تطلعت إلي"عز الدين"بأسف و إضطراب قائلة:
-أ انا انا اسفة .. انا اسفة جدا يافندم اختي ماتقصدش.
-لأ اقصد.
عارضت"ياسمين"بقوة ثم تابعت في غضب يكاد يعميها:
-الاستاذ غلط معاكي كتير و لانك طيبة يا اختي و انا عارفاكي متسامحة كنتي بتنسي اهاناته فطيبتك دي شجعت حضرته علي التمادي في تصرفاته لدرجة انه افتكرك رخيصة يقدر يشتريكي بفلوسه بس لحد هنا و عندك بقي .. انا اللي هقفلك.
-ياسمين اسكتي قلتلك اياكي تتكلمي تاني سامعة ؟؟
هتفت"داليا"بإنفعال هش معنفة شقيقتها ثم عادت تنظر إلي"عز الدين"بوهن متسائلة:
-حضرتك جاي ليه يافندم ؟ انا سيبت الشغل خلاص عايز مني ايه تاني ؟؟
تنهد"عز الدين"بعمق ثم قال بصرامة هادئة:
-انا عايز اتكلم معاكي علي انفراد يا داليا .. و لو وجودي مش مرغوب فيه في بيتك ممكن تيجي معايا و نتكلم بهدوء في اي مكان تاني.
-تيجي معاك فين يا استاذ انت ؟؟
تدخلت"ياسمين"في حدة ثم تابعت:
-لأ طبعا مش هتروح معاك في حتة.
نظر"عز الدين"أرضا ثم ضم قبضتيه في غضب بينما نظرت"داليا"إلي شقيقتها في حدة ثم أشارت لها برأسها بأن تتواري بأي غرفة الأن حتي تنهي حديثها معه ، عارضتها"ياسمين"في بادئ الأمر إلا أنها رضخت بالنهاية تحت إصرار شقيقتها ، حيث زفرت في حنق ثم إستدارت علي نفسها و توارت بعيدا عن نظريهما ..
إنتظرت"داليا"حتي غابت"ياسمين"في الداخل ثم حولت نظرها إلي"عز الدين" و قالت مترددة:
-اتفضل !
عند ذلك رفع"عز الدين"رأسه فلاحظت ملامحه الجامدة التي تبدلت لتصبح واجمة و أكثر حدة جراء ما تلقاه من شقيقتها للتو ، بينما خطي إلي داخل المنزل و هو يتفحص كل ركن و كل زاوية بفضول بالغ ، كان ينظر حوله بإهتمام و إستغراب فتساءلت"داليا"بإنزعاج .. بماذا يفكر الأن ؟ هل يقارن ؟ بالطبع لا شيء هنا يمكن مقارنته بقصره العظيم غير أن الشقة فارغة أساسا !!
و لهذا إستدار إليها بسرعة و راح يحدق فيها بقوة جعلتها تفقد توازن عقلها فتعلثمت قائلة:
-اسفة بقي .. مش عارفة اقولك اتفضل فين ؟؟
-انتي كنتي بتعزلي و لا ايه ؟؟
سألها بفضول فهزت رأسها في إضطراب قائلة:
-حاجة زي كده.
-كويس اني لحقتك بقي.
-خير يافندم كنت عايزني في ايه ؟؟
سألته في جمود بينما رمقها بنظرة ثاقبة ثم سألها:
-بقالك كام يوم مش بتيجي الشركة .. ليه ؟؟
أجابته في هدوء:
-سبق و قلت لحضرتك اني مستقيلة.
هز رأسه في لامبالاة قائلا:
-عموما مش مهم .. انا عمري ما كنت هسمح لمراتي انها تشتغل اساسا.
-مراتك !!
هتفت في صدمة فأجابها باسما:
-اه مراتي .. انا جاي اطلبك للجواز تاني .. بس المرة دي رسمي يا داليا.
إتسعت عيناها في دهشة و ذهول ثم سألته بصوت مختنق:
-رسمي ؟؟
-ايوه .. ايوه يا داليا انا هتجوزك رسمي اظن بالطريقة دي اكيد هتوفقي !
تسارعت أنفاسها و جف حلقها فقالت لاهثة:
-ايوه بس .. بس حضرتك .. انت نسيت اخر مرة لـ ...
-اه نسيت.
قاطعها في سرعة ثم تابع:
-و عايزك انتي كمان تنسي.
حدقت فيه غير مصدقة و قد أربكها تناقضه الغريب ، فتساءلت .. أين مجابهته ؟ أين إسترساله في إهانتها ؟ و لماذا يعاملها الأن برقة و إحترام ؟ ماذا حدث له ؟ أيطلبها للزواج حقا ؟ ..
أفاقت من تأملاتها مذعورة و كادت تجزم بأنها في حلم و يجب أن تستيقظ منه في الحال !
و لكن لا .. هذا
حقيقي .. كل شيء حقيقي ، هاهو ذا يقف أمامها تراه يحدق فيها بعيناه البراقتين ، و لا شعوريا إسترسلت في تأمله ، ما أوسمه ، بالتأكيد إذا إقتربت منه أي إمرأة لابد و أن تفقد صوابها بسبب تلك الجاذبية التي ينطق بها وجهه و جسده القوي ، فيما تركزت عيناها علي عنقه الصلب تحديدا في المنتصف ، حيث شعرت برغبة غريبة في أن تلمس تفاحة آدم و ذاك العصب الجانبي البارز بوضوح !
هذه الرغبة المفاجئة جعلتها تنتفض مرتبكة فسألته بلهجة جامدة شوبها إرتباك بسيط:
-حضرتك جاي عادي كده و فاكرني هوافق علطول ؟؟
سألها دون أن يبالي بنبرتها الجامدة:
-و ليه لأ ؟ ايه اللي يخليكي ترفضي ؟؟
هدأت قليلا ثم أجابت:
-في اسباب كتير تخليني ارفض.
-زي ايه مثلا ؟؟
إلتقت عيناهما طويلا قبل أن تخفض"داليا"نظرها هاربة من سؤاله الثاقب ، كالعادة تذوب شخصيتها تماما ما أن يتكلم أو عندما يوجه سؤالا صارم .. ثم أخيرا رفعت رأسها و نظرت إليه بقوة قائلة:
-اسفة يافندم .. انا برفض طلبك.
همهم في هدوء ثم إقترب منها حتي وقف أمامها مباشرة لا يفصله عنها سوي سنتيمترات قليلة بينما حدقت به في توتر عندما سمعته يقول:
- و انا كمان اسف اني مش بقبل جوابات بالرفض علي طلباتي.
ثم تابع في ثقة:
-انا متأكد انك هتفكري تاني .. و لما اشوفك تاني المرة الجاية و اسألك هتبلغيني بموافقتك .. مش برفضك.
هزت رأسها عابسة ثم سألته:
-حضرتك عايز تتجوزني ليه ؟؟
صمت قليلا ثم أجابها في هدوء:
-معجب بيكي .. عايزك .. و الوسيلة الوحيدة اللي هتوصلني ليكي الجواز .. الا اذا كان عندك اقتراح تاني !
تراجعت و هي ترتجف و قد أخافتها كلماته و نظراته الجريئة ، عند ذلك تيقنت بأن هذا هو السبب الرئيسي الذي يدفع رجلا مثل"عز الدين"للزواج منها و ربما بل و حتما أنه سيطردها من حياته ما أن ينال منها مآربه !
كانت هذه هي المرة الأولي التي تلمح فيها الرغبة الخالصة بنظراته ، عادة كان ينظر إليها بسخريته المعهودة و إزدراءه كلما أحب إثارة غيظها أو أشعارها بالإهانة ، بينما إرتجفت رفضا و نفورا ثم تمتمت بخفوت كاذبة:
-بس انا مش عايزة اتجوزك.
-هتتجوزيني يا داليا.
كان يحدثها بهدوء كمن يخاطب طفل صغير فيما تابع بإبتسامة خبيثة:
-للأسف .. ماعندكيش اختيار تاني.
ضاقت عيناها و هي تنظر إليه في شك ثم سألته:
-قصدك ايه ؟؟
تجاهل سؤالها و عوضا عليه قال:
-هديكي يومين عشان تفكري و هبقي اكلمك.
و دون أن ينتظر جوابها تجاوزها متجها صوب باب المنزل ثم فتحه و إلتفت إليها ، ألقي عليها نظرة فاحصة خاطفة ثم إبتسم في خبث و رحل مسرعا ..
بينما وقفت جامدة ، غير قادرة علي التفكير ، حتي سمعت صوت شقيقتها آت من خلفها:
-داليا.
إنتفضت منتبهة ثم إلتفتت في مواجهة شقيقتها قائلة بنصف وعي:
-ايوه يا ياسمين ؟؟
-هتعملي ايه ؟ بعد ما طلب ايدك رسمي ؟ انتي موافقة ؟؟
تهدجت نبرة صوتها و هي تقول:
-مش عارفة .. مش عارفة ... !





وقفت"عبير"وسط حديقة القصر ، تراقب دخول تلك السيارة السوداء الفارهة و التي توقفت بصورة تدريجية عند فناء الساحة المتوسطة ، ترجلت منها فتاة ذات جمال ناعم تتألق بثوب زهري رائع و قد إعتنت بمظهرها إلي أقصي حد من أعلي رأسها حتي أخمص قدميها ..
إبتسمت الفتاة لدي رؤيتها"عبير"فلوحت لها بيدها ثم تقدمت صوبها بخطي واثقة حتي وصلت إليها ، فإصطحبتها"عبير"بسرعة و من دون كلام إلي طاولة خشبية بإحدي زوايا الحديقة الشاسعة ، و بعدما جلسا قبالة بعضهما بدا التعجب و الذهول علي وجه زائرة"عبير"حين رأتها كالوردة الذابلة فبادرتها قائلة:
-ايه ده يا بيرو ! مالك يابنتي ؟ شكلك عامل كده ليه ؟ انتي تعبانة و لا ايه ؟؟
رمقتها"عبير"بنظرة ذابلة و سرعان ما تجمعت الدموع بعيناها ليتطور بها الأمر فيتعالي صوت بكائها المرير ، بينما صاحت صديقتها في قلق:
-ايه ده مالك يا عبير ؟ في ايه اتكلمي مالك ؟؟
بجهد كبير إستطاعت"عبير"أن تكف عن البكاء فهدأت قليلا ثم نظرت إلي صديقتها بإنكسار و ألم قائلة:
-حسيت اني هتخنق لو فضلت ساكتة كده يا ريم .. كان لازم اتكلم مع اي حد و كنتي اول واحدة جت علي بالي .. مالاقتش حد غيرك ينفع اتكلم معاه و احكيله سري.
إنحنت"ريم"عبر الطاولة نحو صديقتها ثم ربتت علي يدها بلطف قائلة:
-اتكلمي يا حبيبتي .. اتكلمي يا عبير انا سمعاكي و اوعدك ان اي حاجة هتقوليهالي هتفضل سر بينا.
خيم الصمت قليلا في حين كانت"عبير"تنظر إلي صديقتها بأسي ، و بعد تردد كبير بدأت"عبير"بالتحدث ، فقصت عليها كل شيء ، أطلعتها علي كافة التفاصيل و الأسرار ..
كانت تحكي و هي في حالة يرثي لها و قد أضناها العذاب ألما لا مثيل له ، بينما إستمعت"ريم"للقصة في صدمة و ذهول بالغين حتي إنتهت"عبير"فصاحت بها:
-يانهار اسود يا عبير ! ايه اللي هببتيه ده ؟ كان فين عقلك ؟ انتي متخيلة حجم الكارثة اللي وقعتي نفسك فيها ؟؟
إنفجرت"عبير"باكية ثم قالت واهنة:
-كنت بحبه و كنت فكراه بيحبني .. ماكنتش اعرف ان كل ده هيحصل .. ماكنتش اعرف.
-لأ .. لأ يا عبير الموضوع ده من اوله لاخره غلطتك انتي .. انتي غلطانة يا عبير محدش عليه اللوم غيرك.
-غلطانة ؟ غلطانة عشان حبيته يا ريم ؟؟
-ايوه يا عبير .. اولا انتي و من قبل ما تعرفيه مخطوبة يعني ملتزمة بعلاقة و كنتي لازم تحترمي حاجة زي دي .. ثانيا انتي اللي روحتي للباشا ده و بمنتهي البساطة قولتيله بحبك ! متخيلة هيقولك ايه غير و انا كمان ! و هو شايفك بنت جميلة و دلوعة و فوق ده كله يعتبر شغال عندك.
ثم سألتها فجأة:
-قوليلي يا عبير .. هو كان بياخد منك فلوس ؟؟
أومأت"عبير"رأسها المتعبة ثم قالت بصوت ضعيف متهدج:
-ساعات .. ساعات كان بياخد مني اه.
-لعبها بذكاء الحيوان.
قالت"ريم"بعنف هادئ ثم تابعت:
-من ناحية كان بيتسلي بيكي و من الناحية التانية كان بيستغلك .. واطي.
ثم صمتت قليلا و قالت:
-بس انتي دلوقتي حامل يا عبير و ماينفعش حضرته يتخلي عنك طبعا لازم يصلح غلطته ..
توقفت فجأة و تعمدت تقول:
-اقصد غلطتك انا لسا مُصرة انك انتي اللي غلطانة مش هو .. لكن خلينا في المهم دلوقتي .. انتي تكلميه حالا و تخليه يجي يقابل اخوكي في اسرع وقت و لازم اخوكي يوافق يا عبير لازم.
إبتسمت"عبير"بمرارة قائلة:
-مش راضي .. مش راضي يا ريم .. انتي فاكرة اني ماقولتلوش يجي يقابل عز الدين ؟ قلتله .. بس رفض.
-يعني ايه رفض ؟ هي لعبة و لا ايه ؟؟
-ده اللي حصل .. و عايزني انزل البيبي كمان.
-كمان !!
علقت"ريم"في صدمة ثم تابعت:
-الندل ! لأ ده طلع جبان و واطي بجد.
ثم أضافت في حيرة غاضبة:
-المشكلة ان مافيش في ايدك اي حاجة ضده .. و لا حتي ورقة جواز تنسب الطفل ليه !!
قطبت"عبير"حاجبيها في وهن بينما قالت"ريم"بلوم:
-ورطتي نفسك يا عبير .. ورطتي نفسك مع واحد واطي و للأسف الطرق مسدودة في وشك و انا مش عارفة اعملك ايه ؟!
حجبت"عبير"وجهها بكلتا يديها ثم راحت تجهش بالبكاء المُر ، كانت تبكي بحرارة حتي كادت أنفاسها تنقطع ، بينما تأثرت"ريم"بتلك الحالة التي إستبدت بصديقتها و أشفقت عليها فقالت بلطف:
-خلاص يا عبير .. اهدي من فضلك .. العياط مش هو الحل دلوقتي خلينا نفكر بهدوء احسن و نشوف هنعمل ايه.
أنزلت"عبير"يديها عن وجهها و سألتها:
-هنعمل ؟!
أومأت"ريم"رأسها قائلة:
-اه .. انا مش هسيبك تواجهي كل ده لوحدك يا عبير .. ماتقلقيش .. انا هفضل جنبك لحد ما تخرجي من الكابوس ده المهم دلوقتي اهدي عشان نعرف نفكر زي ما قلتلك.
ضغطت"عبير"علي شفتيها بقوة محاولة كبت صيحات بكائها ببنما سألتها"ريم":
-قوليلي بقي .. انتي عايزة تنزلي البيبي ؟؟
أجابتها"عبير"في مرارة:
-مافيش قدامي حل تاني.
تنهدت"ريم"بأسف قائلة:
-طيب احنا كده بقي لازم نشوف دكتور كويس يعملك العملية و في نفس الوقت يوافق يعملهالك.
ثم طرفت حائرة و هي تفكر .. و بعد لحظات صاحت:
-في واحدة قريبتي عملت عملية زي دي .. اجهضت نفسها لما اتطلقت من جوزها انا هكلمها و هسألها علي عيادة الدكتور و علي التكاليف و التفاصيل كلها و هبقي اكلمك عشان نروح سوا.
-معقول هتيجي معايا يا ريم ؟؟
-طبعا يابنتي قلتلك انا هفضل جنبك للأخر و مش هاسيبك و خصوصا و انتي بتعملي العملية .. مش هسيبك يا عبير.
توقفت"ريم"عن الكلام و إبتسمت في وجه صديقتها بلطف و حنان ، و سرعان ما حلت إبتسامة بسيطة مفعمة بالإمتنان علي وجه"عبير"الذابل الحزين ... !






تحت آشعة الشمس المحرقة ، بدت شوارع القاهرة القديمة كبيرة و مخيفة و هادئة علي غير العادة حين ترنحت"داليا"تحت ثقل الحقائب التي تحملها فمالت صوب شقيقتها تعبة ثم قالت لاهثة:
-اقفي شوية يا ياسمين .. تعبت.
فقالت"ياسمين"بثبات مشجعة شقيقتها:
-معلش يا داليا .. استحملي قربنا خلاص.
-قربنا من ايه بس ؟؟
سألتها بنفاذ صبر فأجابت"ياسمين":
-قربنا من الفندق اللي هنقعد فيه.
-فندق ! علي اساس اننا معانا فلوس للفندق يا ياسمين ؟ ثم فندق ايه ده اللي في منطقة زي دي ؟؟
قالت أخر كلماتها و هي تتلفت حولها ناظرة بخوف و قلق إلي المكان العشوائي الذي بعث بجسدها القشعريرة ، بينما توقفت"ياسمين"أخيرا ثم أشارت برأسها باسمة:
-خلاص .. وصلنا ياستي.
صوبت"دالبا"نظرها تلقائيا إلي حيث تنظر"ياسمين"فشاهدت ذاك البناء المهترئ أثر مرور السنين و الذي عُلقت عليه لافتة متآكلة بالكاد إستطاعت"داليا"قراءة ما كتب عليها"بانسيون السعادة":
-لأ.
هتفت"داليا"بذعر و إعتراض بالغين فسألتها"ياسمين":
-لأ ايه يا داليا ؟؟
-لأ يا ياسمين .. مستحيل نقعد في المكان ده .. لأ مش ممكن.
تأففت"ياسمين"في ضيق قائلة:
-مافيش قدامنا حل تاني يا داليا .. ده المكان الوحيد اللي هنقعد فيه علي اد فلوسنا.
هزت"داليا"رأسها في بطء ثم قالت بتردد:
-المكان شكله مريب يا ياسمين .. انا مش مطمنة !!
-ياستي ماتقلقيش انا سألت عليه قبل ما نيجي و بعدين ده في وسط منطقة مليانة ناس و بيوت يعني امان ماتقلقيش بقي .. تعالي يلا.
ثم مشت أمامها متوجهة إلي داخل المسكن الرديء ، فتبعتها"داليا"بخطي قلقة مترددة حتي وافتها أمام مكتب الإستقبال الذي كان بجلس وراءه رجلا بدين ذو بنية ضخمة ، ملامحه خشنة قاسية ، نظراته فظة أقلقتها أكثر .. قطعت"ياسمين"الصمت بقولها:
-السلام عليكم.
برقت عيني الرجل
الخبيثتين بوميض أثار الخوف بنفس"داليا"و لكنها أبت إظهار خوفها حياله ، بينما أجاب بإبتسامة صفراء:
-و عليكم السلام .. امرك يا انسة ؟؟
مضت"ياسمين"إلي القول في بساطة و إيجاز:
-عايزين اوضة بسريرين من فضلك.
-بس كده ؟ انتي تؤمري .. كام ليلة يا قمر ؟؟
رمقته"داليا"بإزدراء و كم أشعرتها كلماته بالغثيان فيما أجابت شقيقتها بجمود:
-لأ خلي الحساب مفتوح احنا ان شاء الله مش مطولين هنا بس لسا مش عارفين هنمشي امتي.
- انشالله تقعدوا العمر كله يا حلوة و الله هتنورونا.
قال ذلك بلهجة أثارت قلق و إشمئزاز"داليا"أكثر فأكثر بينما أطلق ضحكة خشنة مجلجلة ثم هتف بإسم أحد العاملين لديه ليأتي صبي صغير عمره لا يتجاوز الثانية عشرة عام:
-ايوه يا عم فتحي ؟؟
أجابه بإحترام فأمره المدعو"فتحي"بفظاظة أن ينقل حقائب الزائرتين إلي إحدي الغرف بالطابق العلوي ، أطاعه الصبي في هدوء مسالم بينما كانت عيناه تتفحصان الجسدين اليافعين بوقاحة فضبطته"داليا"و قطبت حاجبيها بغضب ، فمنحها إبتسامة زادتها نفورا و إشمئزازا ... !






أسدل الليل ستاره علي قصر الـ"نصار"بينما كان هناك بالحديقة ثمة ضؤ متوهج إنعكس علي وجه"خالد"الذي هتف قائلا:
-انا مش فاهم بس ايه سر مدي اصرارك انك تخلينا نطبخ بايدينا لأ و كمان مذنبني من ساعتين قدام الصهد ده !!
قال"خالد"ذلك متذمرا و هو يباشر شي اللحوم فوق ألسنة اللهب الحديدية بينما عنفه"عز الدين"قائلا:
-اسكت شوية بقي و ركز في اللي بتعمله.
فيما كان يقف إلي جانبه منهمك بإعداد الأطباق المجهزة للطعام ، فإمتقع وجه"خالد"بحنق و قال:
-لما اتصلت بيا و قولتلي تعالي نتغدا سوا قلت و ماله الغدا عندكوا بيبقي حاجة كده ما شاء الله فجيتلك جري عشان توقفني من ساعتها قدام البتاعة دي و تخليني اهوي عليها لو كنت اعرف كده ماكنتش جيت.
رمقه"عز الدين"في حدة قائلا:
-خالد ! بلاش صداع بقي خلاص قربنا نخلص.
تنهد"خالد"مستسلما فيما إنتهي"عز الدين"من إعداد الأطباق فوقف ساكنا يتابع"خالد"في صمت حتي شرد ذهنه وسط الخيوط النارية المتوهجة ..
ما أروع منظر النار الدافئة ، و ما أشهي نكهة اللحم المشوي و عبق الفحم المتوهج .. :
-صحيح يا عز هي داليا بقالها كام يوم مش بتيجي الشركة ليه ؟ في شغل كتير متعطل هي واخدة اجازة ؟؟
أفاق"عز الدين"من شروده علي صوت"خالد"فنظر إليه في هدوء ثم قال:
-اه واخدة اجازة.
-طب لحد امتي ؟ بقولك في شغل كتير متعطل.
قطب"عز الدين"حاجبيه قائلا:
-طب معلش هنتصرف .. من بكرة هننزل اعلان في الجرايد و نعمل مقابلات شخصية لحد ما نلاقي السكيرتيرة المناسبة.
-ليه ؟ انت فصلتها و لا ايه ؟؟
سأله"خالد"بإستغراب بالغ ببنما أجاب"عز الدين"متملصا من إبداء رأي قاطع:
-مش بالظبط كده.
-طب فهمني ايه اللي حصل ؟؟
صمت"عز الدين"مترددا لكنه بالنهاية أعلن في هدوء:
-انا هتجوز داليا عشان كده خليتها تسيب الشغل.
جحظت عينا"خالد"و إتسعت في ذهول و كأن صدمة عنيفة أصابته ، و بجهد إستطاع أن يقول:
-قلت ايه يا عز ؟؟
-قلت انا هتجوز داليا عشان كده خليتها تسيب الشغل.
خيمت لحظة من الصمت كان"خالد"يحاول فيها إستيعاب ما سمعه للتو بأذنيه و لكن الأمر بالنسبة له كان أكثر صعوبة علي التصديق بل أن تصديقه محال !
يبنما قرأ"عز الدين"في ملامح"خالد"علامات الشك و الإرتياب في كل كلمة تفوه بها فضحك بخفة مستمتعا بحيرته و عدم تصديقه ثم قال:
-ايه يا خالد مالك ؟ للدرجادي مصدوم ؟ مش انت دايما اللي كنت بتقولي لازم اتجوز عشان يبقالي ولاد يشيلوا اسمي و اسم العيلة من بعدي ؟؟
أجابه"خالد"بوجوم أثر صدمته و إندهاشه:
-بس ماتخيلتش انك هتعملها ابدا ! لأ و داليا ؟!
- مالها داليا ؟؟
عاد اللون إلي وجه"خالد"فأجابه بلهجة هادئة:
-مالهاش .. بس .. اشمعنا هي بالذات يعني ؟؟
-صدقني مافيش اسباب معينة .. انا بس فكرت في كلامك و فكرة ان يكونلي ولاد هي اللي اثرت عليا عشان كده كانت هي اول واحدة جت في بالي .. اولا هي حلوة اوي ثانيا و ده الاهم انها هتكون مطيعة و بتسمع الكلام هقدر اسيطر عليها بعني.
عند ذلك همهم"خالد"بتفهم قائلا:
-هممم قول كده بقي .. انت اختارتها عشان حلوة يبقي اكيد عرضت عليها عرض من عروضك و رفضت فرفضها زاد من تصميمك عليها ده اول سبب و تاني سبب عشان تفرض سيطرتك عليها لانك متاكد ان شخصيتها ضعيفة و مش هتقدر تقف قصادك.
لم يظهر أي تعبير علي وجه"عز الدين"الجامد و كأنه يعترف بصدق قول"خالد"الذي قال بصوت يخالطه الإعتراض و الإعجاب الدفين:
-اد ايه انت ذكي يابن عمي .. مش سهل ابدا.
رمقه"عز الدين"بإبتسامة خبيثة ثم قهقه بخفة بينما سأله"خالد":
-طب سيبك من الكلمتين اللي قولتهم في الاول عن الولاد اللي هيشيلوا اسمك و قولي الحقيقة .. الجواز ده مدته اد ايه ؟؟
زم"عز الدين"شفتيه بخبث ثم قال:
-قصدك ايه يا خالد ؟؟
-عز الدين ! عز .. ماتعملهومش عليا ده انا اكتر واحد فاهمك.
-ماشي ياسيدي بس سيب السؤال ده دلوقتي عشان ماعنديش اجابة محددة عليه.
أومأ"خالد"رأسه ثم تابع سؤاله:
-طب الجواز هيتم امتي ؟؟
تنهد"عز الدين"بعمق ثم قال و هو يحك مؤخرة رأسه:
-لسا مش عارف.
-مش عارف ازاي يعني ؟؟
-لسا محددتش يا خالد.
أجابه بلهجة حادة فزم"خالد"شفتيه في عدم رضا ... !





إنتهت"ياسمين"من توضيب ملابسها داخل الخزانة الخشبية القديمة ثم إستدارت نحو شقيقتها التي جلست علي فراشها تحاول بدورها توضيب أغراضها بذهن مشوش ، فإقتربت منها ثم جلست إلي جانبها و خاطبتها بلطف قائلة:
-ايه يا دودو .. مالك سرحانة في ايه ؟؟
نظرت"داليا"إلي شقيقتها متخاذلة ثم أجابت:
-سرحانة في وضعنا الجديد يا ياسمين .. مش مصدقة اللي حصل معانا لحد دلوقتي .. معقول ! معقول احنا اتطردنا من بيتنا ؟؟
تنهدت"ياسمين"بأسي ثم ربتت علي كتف شقيقتها بحنان قائلة:
-معلش يا داليا .. معلش .. ده اختبار من الحياة .. اختبار صعب بس بإذن الله هننجح فيه سوا و الازمة هتعدي ان شاء الله .. صدقيني.
منحتها"داليا"إبتسامة لم تصل إلي عينيها ، بينما نهضت"ياسمين"و توجهت نحو فراشها ثم تمددت عليه في هدوء و قبل أن تخلد إلي نومها أطفأت الأنوار و صاحت قائلة:
-تصبحي علي خير يا داليا.
-و انتي من اهله يا ياسمين.
قالت"داليا"بلهجة دافئة ثم راحت تتأمل محتويات الغرفة الصغيرة التي تضمها هي و أختها تحت الضؤ الخافت المنبثق من نافذة الغرفة الحديدية ، كانت الغرفة متواضعة للغاية ، مكونة من سريرين صغيرين ، بالإضافة إلي منضدة زينة صغيرة و خزانة خشبية قديمة ..
تنهدت"داليا"بثقل ثم تمددت بدورها علي فراشها ، لم تكن قادرة علي التفكير بأي شيء إذ كان إرهاقها عظيما ، لذا إنتظمت أنفاسها سريعا و غطت في سبات عميق !
إلا أنها بعد قليل تحركت بقلق و فتحت عيناها ما أن سمعت صوت أزيز باب الغرفة ، حملقت في الظلام الدامس أمامها علها تتبين شيئا و لكن سرعان ما تسرب ضؤ خافت من الخارج عندما إنفتح باب الغرفة قليلا فإتسعت عيناها بذعر حين ...


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:35 AM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (13):




إتسعت عيناها في ذعر حين إقترب ذلك الجسد الضخم أكثر فأكثر حتي سطع ضؤ مصباح الرواق الخارجي علي وجهه الفظ الذي علته إبتسامة مفزعة ، فلا شعوريا أطلقت"داليا"صرخة عالية قفزت"ياسمين"علي أثرها من فراشها مذعورة ثم أشعلت الأنوار و هي تصيح:
-في ايه يا داليا مالك أ ...
و لكنها ما لبثت أن تكمل جملتها حتي رأت ذاك البدين"فتحي"يقف في برودة و وقاحة علي بعد خطوات قليلة من فراش شقيقتها و قد أطلقت عيناه شرارة خبيثة:
-انت بتعمل ايه هنا يا عم انت ؟؟
سألته"ياسمين"في عنف غاضب و هي تنهض واقفة لمواجهته بينما إبتسم بخبث و أجابها:
-ايه يا حلوة مالك ؟ اهدي كده انا بس حبيت اجي اطمن عليكوا قلت يمكن تحتاجوا حاجة يعني.
-شكرا لكرم اخلاق حضرتك احنا مش محتاجين حاجة.
أجابته مستهجنة ثم تابعت:
-و لو محتاجين دي هتبقي مشكلتنا احنا و مش هنطلب تدخل حضرتك و لا تدخل اي حد تاني.
عند ذلك إنتقلت"داليا"بسرعة البرق من فراشها إلي جانب شقيقتها حيث إلتصقت بها في وجل ، بينما تبدلت ملامح الرجل و هو يتمعن جسد"داليا"البض من خلال رداء نومها الرقيق ، فأضأت وجهه إبتسامة شريرة ثم قال و هو لا يزال بتأمل قوامها المتناسق:
-طيب انا عملت اللي عليا و جيت اشوفكوا لو كنتوا محتاجين حاجة.
جابهته"ياسمين"في حدة قائلة:
-كتر خيرك يا سيدي قولنا مش محتاجين حاجة يلا بقي اتكل من هنا.
إبتسم"فتحي"ثم إسترسل في خبث:
-طيب مش الاصول بردو تشوفوني انا محتاج ايه ؟؟
إنطلق الشرر من عيني"ياسمين"و هي تصيح بغضب:
-نعم ! تقصد ايه يا راجل انت ؟؟
خنق قهقهته الشريرة بقوله:
-اظن الموضوع مش محتاج شرح يعني يا قمر ! ايه اللي ممكن يحتاجه راجل زيي في ساعة زي دي ؟؟
رمقته"ياسمين"في حدة سافرة ثم صاحت ملء صوتها:
-اما انك راجل زبالة و قليل الادب.
-ال ال ال طب ليه الغلط ده بس ؟؟
-غلط ؟ هو انت لسا شفت غلط ! ده الغلط جاي.
-لا ان شاء الله مش هيكون في غلط و لا حاجة احنا بس نتفاهم براحة و كله هيبقي تمام.
قال ذلك بلهجة مثيرة للإشمئزاز ثم أخذ يقترب منهن في بطء ، فقفزت"داليا"هي و شقيقتها فوق الفراش فبما صاحت"ياسمين"محذرة:
-خليك عندك يا راجل انت عارف لو قربت ...
-هتعملي ايه يعني يا حلوة ؟؟
قاطعها بفظاظة ثم تابع:
-لو صرختي عادي خدي راحتك الناس هنا متعودين علي الاصوات دي.
إتسعت عيناها حنقا و ذهول ثم إندفعت بغضب قائلة:
-تصدق بالله شكلي هديك حاجة كنت بستحرم اديها للعيانين بتوعي.
قهقه"فتحي"بقوة ثم صفق بيديه بوقاحة قائلا:
-اموت انا في الحرام.
-و الله ! ماشي يبقي انت اللي جبته لنفسك بقي.
قالت ذلك مطلقة أخر سهم بجعبتها ، ثم توجهت بسرعة قصوي نحو حقيبتها الطبية و أخرجت منها حقنة حديدية ، ثم إلتفتت إليه و هي تلوح بها أمام وجهه فضحك بسخرية قائلا:
-بتهدديني بحقنة يا حلوة ؟ انا بقول ارميها من ايدك احسن ملهاش لازمة و تعالي نتفاهم زي ما قلتلك.
قال ذلك و هو يهم بالإقتراب منها إلا أن ركلة"داليا"كانت مؤثرة حيث إستدار إليها موجها ظهره إلي"ياسمين"التي ركضت صوبه مسرعة ثم غرزت الحقنة بأسفل قدمه ، فأطلق صيحة ألم حادة و ما هي إلا ثوان حتي كان طريح الأرض جسده يتنفض بتشنجات قوية ، نظرت"داليا"إلي شقيقتها في ذعر قائلة:
-ياسمين .. انتي عملتيله ايه ؟ ادتيه ايه ؟؟
-متخافيش يا داليا .. دي حاجة بسيطة كده.
أجابتها"ياسمين"و هي ترمق المدعو"فتحي"شزرا و إزدراء بينما ألحت"داليا"في توتر متسائلة:
-بردو قوليلي ادتيه ايه ؟؟
حولت"ياسمين"نظرها إلي شقيقتها ثم تنهدت قائلة:
-اديته حقنة بتشنج عضلات الجسم زي ما انتي شايفة كده .. كنا بنضطر نستعملها احيانا و احنا بنتدرب في مصحات الادمان و العلاج النفسي عشان نقدر نسيطر علي المريض و دلوقتي بردو اضطريت اديهاله عشان اوصله للحالة دي و كان حظه حلو و الله الحقنة كانت متعمرة علي اخرها.
-بس ده كده ممكن يموت يا ياسمين ؟؟
-لا ماتقلقيش .. كلها كام ساعة و هيقوم الهي ما يقوم الحيوان.
-طب هنعمل ايه دلوقتي ؟؟
-هنلم حاجتنا و هنسيب المكان ده بسرعة طبعا.
-و هنروح فين دلوقتي ؟ انتي عارفة الساعة كام ؟؟
-يعني لو قعدنا هنا هنبقي محمين مثلا ؟!
قالت"ياسمين"متهكمة فقطبت"داليا"حاجبيها بوهن قائلة:
-طب بس هنروح فين يا ياسمين ؟ هنروخ فين ؟؟
و خذلتها دموعها فأخذت تبكي بمرارة ، بينما أسرعت"ياسمين"و إحتضنت أيدي شقيقتها في حنان قائلة:
-ايه يا داليا بتعيطي ليه بس ؟ ماتعيطيش مش المفروض انتي اللي تعيطي ده انتي الكبيرة يعني .. و بعدين انا معاكي متخافيش.
إستطاعت"داليا"بصعوبة أن تكف عن البكاء ، فرفعت وجهها الغارق بدموعها ثم سألتها بهدوء:
-طب هنروح فين ؟؟
زاغت"ياسمين"ببصرها تفكر ثم صاحت بعد ثوان:
-المستشفي .. مافيش قدامنا مكان تاني نبات فيه لحد الصبح غير المستشفي.
-المستشفي !!
هتفت"داليا"مستغربة ثم تابعت سؤالها:
-و حاجة زي دي مسموح بيها يا ياسمين ؟؟
ضكت"ياسمين"بخفة ثم أحابتها ممازحة:
-جري ايه يا دودو انتي فاكراني قليلة هناك ؟ دول يتمنوا اني اعيش معاهم مش ابات ليلة.
حامت علي ثغر"داليا"إبتسامة شاحبة بينما قالت"ياسمين":
-المهم دلوقتي يلا نلم حاجتنا بسرعة عشان نلحق نمشي قبل ما الحيوان ده يفوق.
أومأت"داليا"رأسها ثم أسرعت و أرتدت ملابسها ثم راحت تجمع حوائجها و كذلك فعلت"ياسمين"حتي إنتهيا في زمن قصير ، فغادرا المسكن الرديء معا في روية و هدوء ..
كان القمر شاحبا باعثا آشعة باهتة واهنة ، فيما ترامي الفضاء الشاسع المرصع بالنجوم فوق الشقيقتين صافيا تمتزج في رحابه ألوان إلهية مبهمة ، ألوان الليل الذهبية المشتعلة ، في حين خيم هدوء شامل يخبئ في طياته حشرجة أغصان الأشجار و خفيف أوراقها و أسرار الليل الوليد ..
تابعت الشقيقتين سيرهن و الخوف و القلق يستبدان بهن حتي وصلا أخيرا إلي المشفي ، أسرعت"ياسمين"إلي الداخل تتبعها"داليا"بخطي حزينة واجمة .. :
-دكتورة ياسمين !!
إلتفتت"ياسمين"خلفها مسرعة ما أن سمعت أسمها ، فأشرق وجهها بإبتسامة ودودة ثم إقتربت من محدثها قائلة:
-دكتور ايمن .. مساء الخير لأ اسفة اقصد صباح الخبر بما اننا بقينا الفجر.
ساد صمت غريب كان يتأملها"أيمن"خلاله مستغربا ثم أخيرا نطق فقال:
-انتي ايه اللي جابك المستشفي في وقت زي ده ؟ حد طلبك و لا ايه ؟؟
إبتسمت"ياسمين"بخفة ثم أحابته:
-لأ محدش طلبني يا دكتور .. هو بس في مشكلة حصلتلي انا و اختي داليا.
ثم أشارت نحو شقيقتها التي كانت تقف شاردة في حزن علي بعد خطوات منهم ثم تابعت:
-احنا دلوقتي سيبين البيت و للاسف مافيش عندنا اي مكان تاني نقعد فيه و بعد ما سيبنا الفندق اللي كنا قاعدين فيه من شوية فكرت مع نفسي قلت مافيش قدامي غير المستشفي بس ان شاء الله هنمشي الصبح مش مطولين يعني.
علت وجه"أيمن"علامات الدهشة و الحيرة فسألها بإلحاح:
-خير يا ياسمين ؟ قوليلي ايه اللي حصل بالظبط ؟؟
رمقته"ياسمين"في تردد ، إن طبيعتها قوية منذ نعونة أظافرها و تعرف كيف تضع حدا لتمادي بعض الرجال من دون أن تجرح مشاعرهم و إذا زاد التمادي فلا بأس من جرح المشاعر و لكن"أيمن"ليس ككل الرجال إنها تعتبره من أعز أصدقائها لذا تنهدت بعمق ثم راحت تطلعه علي كافة التفاصيل حتي إنتهت فسألها بإهتمام:
-طب و هتعملوا ايه دلوقتي ؟؟
هزت كتفيها قائلة:
-و لا حاجة .. هنقعد هنا لحد الصبح زي ما قلتلك و بعدين هنمشي.
-هتروحوا فين يعني ؟؟
-هندور علي اي مكان نعيش فيه بقي فندق شقة بالإيجار اي حاجة.
إزدادت ملامح"أيمن تجهما فقال بإعتراض:
-بس ماينفعش تقعدي انتي و اختك هنا في المستشفي يا ياسمين و كمان بعد ما حكيتيلي اللي حصل معاكوا في الفندق الزبالة ده مش لازم تكرري الغلطة تاني و تروحي برجلك لمكان شبهه.
-طب هنروح فين دلوقتي بس ؟؟
-هتيجوا عندي.
-نعم !!
تجهمت ملامحها بلحظة فسارع"أيمن"إلي التحدث فقال في إرتباك:
-اقصد هتيجوا تقعدوا في بيتي مع امي و انا مش هكون موجود ماتقلقيش هروح ابات عند واحد صاحبي عايش لوحدة.
عارضت"ياسمين"بقوة قائلة:
-لأ لأ يا دكتور ايمن .. كتر خيرك طبعا و شكرا انك عايز تساعدنا بس مش لـ ...
-انا مش ممكن اسيبكوا تقعدوا هنا في المستشفي يا ياسمين.
قاطعها بحزم ثم تابع:
-انا هكلم امي تنزل بنفسها عشان تستقبلكوا قدام باب البيت و بعدها همشي علطول.
-انت بتقول ايه بس يا دكتور ايمن انا مش قصدي.
قالت"ياسمين"بإحراج ثم تابعت:
-انا عارفاك كويس و من زمان و اكيد بثق في اخلاقك.
-يبقي خلاص لازم تسمعي كلامي.
نظرت إليه في تردد بينما عبس قائلا:
-ماهو انا مستحيل اسيبك هنا لوحدك .. قصدي مستحيل اسيبك هنا انتي و اختك لوحدكوا.
إبتسمت"ياسمين"بخجل و بساطة فبادلها"أيمن"إبتسامة دافئة ... !






في صباح اليوم التالي ، كان يجلس بحجرة الطعام ، يترأس المائدة ، كم إشتاق لأن يجتمع بإشقائه و لو لفطرة وجيزة أثناء الفطور ، إنتظر كثيرا و لم يأتي أحد ، فشعر بالملل و هتف بإسم إحدي الخادمات فأتت"فاطمة"مهرولة:
-امرك يا بيه ؟؟
أجابته بإحترام فأمرها في لطف حازم:
-اطلعي يا فاطمة شوفيلي عمر و عبير لو كانوا نايمين صحيهم و قوليلهم اني مستنيهم هنا عشان نفطر سوا.
-انا هطلع اشوف الست عبير حاضر بس عمر بيه طلب فطاره في اوضته من شوية .
أومأ"عز الدين"رأسه ببطء ثم تنهد قائلا:
-طب شيلي الاكل ده من هنا.
ثم نهض و صعد إلي حجرة شقيقه ، طرق الباب ثم دلف حين أتاه صوت أخيه سامحا لمن يطرق بالدخول ..
كان ممدا علي فراشه مغمض عينيه في إسترخاء عندما سمع صوت شقيقه العميق:
-صباح الخير يا استاذ.
فتح عيناه في سرعة ثم حدق بوجه أخيه الذي جلس إلي جانبه علي حافة الفراش ، بينما إستوي في جلسته قائلا:
-صباح الخير يا عز.
حملق"عز الدين"بوجهه لبرهة ثم قال:
-ايه .. من ساعة ما رجعت و انت قاعد في اوضتك و قافل علي نفسك بتفطر و بتتغدا و بتتعشا هنا لوحدك .. ليه ؟ انت زعلان من حد هنا في البيت و لا حاجة ؟؟
منحه"عمر"إبتسامة باهتة لم تصل إلي عينيه ثم أجاب:
-لا ابدا مش زعلان من حد.
-اومال مش بشوفك ليه ؟؟
-عادي يا عز .. بكون قاعد مع نفسي زي العادة.
ثم سأله:
-بس من امتي يعني بتهتم بتفاصيلي كده ؟؟
صمت"عز الدين"قليلا ثم ضحك ملء فمه في سخرية قائلا:
-ده علي اساس ان حد غيري كان بيهتم بيك اساسا طول السنين اللي فاتت دي كلها !!
-مش قصدي يا عز .. انا بس مش متعود علي اهتمامك الزايد ده.
أومأ"عز الدين"رأسه بتفهم ثم جال بنظره علي شقيقه و سأله:
-قولي رجلك بقت عاملة ايه دلوقتي ؟؟
وضع"عمر"يده في تلقائية علي ساقه ثم أجاب:
-خفت الحمدلله.
-المستشفي اللي كنت قاعد فيها كانت كويسة ؟؟
-اه.
كان يجيب"عمر"علي الأسئلة في إيجاز و هو مطرق الرأس ، فقد كان يتحاشي النظر بعيني أخيه الثاقبتين ، بينما هتف"عز الدين"بعد صمت:
-مش تباركلي ؟؟
-اباركلك علي ايه ؟؟
سأله"عمر"و هو لا يزال علي وضعيته ، فإبتسم"عز الدين"ثم أعلن بعد صمت:
-انا هتجوز.
عند ذلك رفع"عمر"رأسه في سرعة و راح يحدق بأخيه في صدمة و ذهول بالغين حتي تمكن بعد لحظات من التحدث فسأله:
-انت قلت انك هتتجوز ؟؟
أومأ"عز الدين"رأسه في هدوء فرمقه"عمر"بشك قائلا:
-عز الدين ! انت بتتكلم جد و لا بتهزر ؟؟
-هو في حد بيهزر في الامور اللي زي دي ؟؟
هز"عمر"رأسه غير مصدق ثم سأله:
-و تبقي مين اللي هتتجوزها ؟؟
تمهل"عز الدين"قليلا ثم أجابه:
-داليا.
-داليا !!
هتف"عمر"مقطبا جبينه ثم طرف يفكر من تكون"داليا" ؟ .. إنتفض فجأة ثم عاد ينظر إلي شقيقه بقوة و سأله:
-انت قصدك داليا ؟ داليا السكيرتيرة بتاعتك ؟؟
إبتسم"عز الدين"متلذذا بدهشة أخيه ، بينما تصاعد رنين هاتقهه فأخرجه من حيب سترته و أجاب:
-الو .. كل ده مستنيك عشان تجبلي الاخبار ؟ .. اه .. و بعدين ؟ .. مشيت وراهم امبارح لما سابوا البيت ؟ .. و راحوا فين ؟ .. بانسيون ؟ .. ماله ؟ .. بتقول ايه ؟؟ ... !






إستيقظت"داليا" قلقة نحو منتصف النهار ، سمحت لنفسها بعشر دقائق من الترف تقضيها تفكر مستلقية علي الفراش البسيط ، تذكرت تعب الليلة الماضية و زوالها ، فلولا إقتراح"أيمن"زميل"ياسمين"بال مشفي و إصراره علي جلبهن إلي منزله ليقضيا ليلتهن تحت سقف آمن لكان توقف عقلها من كثرة التفكير بمصيرها هي و شقيقتها ، و لألاف المرات و بدون إرادة منها تراقصت صورة"عز الدين"بذهنها ..
إسترسلت بالتفكير فيه ، إنها تحبه و لا يمكن أن تنكر ذلك ، و لكن فكرة الزواج منه تثير الخوف و القلق بنفسها ، صحيح أن العيش بجواره هو حلمها الوحيد الذي تتمني بكل جوارحها أن يتحقق و لكن ماذا لو تحول ذلك الحلم إلي كابوس حين تراه يطردها ذات يوم من حياته شر طرده بعد حصوله علي هدفه المنشود الذي يتوق إلي تحقيقه بأي شكل ، فكرت يجوز أن إصراره هذا مبني علي العناد فهو حتما لا يستطيع تقبل فكرة أن هناك إمرأة رفضته و بهذه القوة !
ثم فجأة تذكرت جملته التي أشغلت تفكيرها"هتتجوزيني يا داليا .. للأسف ماعندكيش اختيار تاني" .. تري ماذا كان يقصد ؟ كرهته وقتها قليلا بسبب قسوته و في الوقت نفسه عجزت عن نفي الصخة بكلامه ، لقد نجح ربما في تبديد شيء من حيرتها الذهنية لكن ذلك لم يخفف قلقها حياله ..
تململت بالفراش في ضيق و إتسعت عيناها و هي تنظر حولها إلي الغرفة البسيطة ، بحثت عن شقيقتها بالفراش المجاور فلم تجدها ، إستنتجت أنها ربما ذهبت إلي الجامعة ، عند ذلك إنتصبت نصف جالسة تتلفت يمينا و يسارا باحثة عن هاتفهها ، ثم فجأة تذكرت أين تركته ، شهقت بهلع و تساءلت ..ماذا الأن ؟ عليها إسترجاع الهاتف طبعا ، هكذا أجابت نفسها ، و لكن كيف ؟ .. لم تجد إجابة علي هذا السؤال سوي أنها سوف تغامر و تذهب لإعادته ، و طمئنت نفسها بإن ذهابها الأن في وضح النهار بين الناس و الجموع سيكون آمن و بالتالي لن يجرؤ ذاك البدين علي النيل منها ..
بعد أن توصلت إلي تلك الفكرة نهضت من الفراش بسرعة ثم إرتدت ملابسها متعجلة و خرجت من الغرفة ، لتصطدم بسيدة المنزل و هي تجتاز الرواق الصغير:
-صباح الخير يابنتي.
حيتها السيدة المسنة ببشاشة فمنحتها"داليا"إبتسامة بسيطة ثم حيتها بدورها:
-صباح النور يافندم.
قهقهت السيدة بخفة قائلة:
-ايه يافندم دي يابنتي ؟ انا اسمي سوسن و ممكن تناديني بيه كده عادي منغير ألقاب زي ما بيعمل ايمن ابني.
إبتسمت"داليا"قائلة:
-ربنا يخليهولك.
ثم تابعت في إستحياء:
-و انا بعتذر لحضرتك لو كنت انا و اختي اتسببنا في اي ازعاج.
-كلام ايه ده يابنتي عيب ماتقوليش كده طب و الله انا قلبي اتفتحتلكوا اول ما شفتكوا ده غير ان ايمن علطول بيكملني عن اختك ياسمين لما خلاني هتجنن و اشوفها و ماتتخيليش بقي انا مبسوطة اد ايه بوجودكوا معايا حساكوا بناتي و الله تقومي انتي تقوليلي ازعاج ! ده لو ماشالتكمش الارض اشيلكوا في عنيا.
-ربنا يخليكي شكرا.
-انا بتكلم جد علي فكرة مش بقول اي كلام لكن خلينا في المهم دلوقتي .. بما انك صحيتي بقي يبقي تعالي يلا افطري معايا انا لسا مافطرتش.
-معلش حضرتك مش هقدر انا عندي مشوار مهم و لازم انزل دلوقتي.
-هتنزلي منغير فطار يابنتي ؟؟
فإبتسمت بلطف قائلة:
-معلش بقي .. عن اذنك.
ثم تركتها و غادرت مسرعة ، و في غضون نصف ساعة كانت أمام"بانسيون السعادة" .. بلعت ريقها بتوتر فيما تسارع وجيب قلبها ، فكرت في أن تتراجع بأخر لحظة ، لكن عقلها أجبرها علي الإستمرار في خين خاطبتها نفسها الشيطانية"كفاياكي جبن بقي .. ادخلي" .. قطبت حاحبيها بإستياء ثم شمخت برأسها في شجاعة شوبها إرتباك بسيط ، ثم إتجهت بخطي ثابتة نحو المسكن الرديء ، كم كانت فرحتها عارمة حين دلفت و لم تجد المدعو
"فتحي"، تنهدت بسعادة و قد زادت شجاعتها فصعدت الدرج الخشبي بحذر حتي وصلت إلي الطابق العلوي ثم توجهت إلي الغرفة ، دلفت إليها في هدؤ و تمهل ، ثم تقدمت صوب الفراش و أخذت تفتش عن هاتفهها حتي وجدته بين طيات الأغطية ، تناولته بسعادة بالغة ثم إستدارت عازمة علي الرحيل ، لكنها إنتفضت مذعورة و إمتدت يدها إلي شفتيها تطبق عليهما و تكبت صرخة الهلع التي إندفعت من أعماقها حين رأته أمامها ..
كان"فتحي"يقف علي بعد خطوات منها ، يحدق فيها بغضب و عداء بينما إختنقت الكلمات بحنجرتها فلم تستطع التفوه بحرف ، إستبد بها الخوف و هي تري ذاك البريق الخبيث الغاضب يتراقص بعينيه بينما قال و هو يقترب منها ببطء:
-اهلا اهلا يا قمر .. شرفتي.
ثم تابع بلهحة حادة:
-بقي بنتين زيك انتي و اختك يعملوا فيا انا كده ؟ كنتي فاكراني هيسيبكوا ! بس كويس انك انتي اللي جيتي برجلك يا حلوة.
إرتعش صوتها و هي تقول:
-بقولك ايه يا استاذ انت احسنلك تبعد عن طريقي و تخليني امشي انا مش جاية اعمل مشاكل انا بس نسيت حاجة هنا و رجعت عشان اخدها و اديني ماشية اهو.
و تقدمت صوب الباب إلا أنه سارع يقف بوجهها حيث بدا جسده الضخم سدا منيعا يلغي أمامها كل المنافذ ، فألحت بخوف قائلة:
-لو سمحت .. خليني اعدي.
-ابدا .. هو دخول الحمام زي خروجه يا قمر انتي ؟؟
قال ذلك بإبتسامة شريرة ، بينما تراءي لها أن هذا الرجل الضخم خفيف الحركة سريعا ، و ما أن حاولت تجاوزه حتي أمسك بها و جذبها نحوه ، فأطلقت"داليا"صرخة ألم و هو يغرز أصابعه الغليظة بذراعها الرقيق ..
قاتلته بعنف و ضراوة ، لكن دون جدوي ، طوقها بذراعيه بقوة حيوانية خانقة فكادت تفقد وعيها من شدة هلعها ، بينما رفع وجهه ليتنشق بعض الهواء فإنتهزت"داليا"الفرصة لتلكمه علي وجهه بجماع قبضتها ، فأصابت أنفه ، ثم رأت الشرر يتطاير من عينيه و هو يصيح:
-هتندمي .. هندمك علي اللي حصل امبارح منك انتي و اختك و علي اللي حصل منك دلوقتي.
و ألقاها أرضا ف
في عنف و هي ترتجف ذعرا ، انه ينوي علي إخضاعها عنوة .. ماذا تفعل ؟ هل تقاومه ؟ و لكن كيف ؟
دمعت عيناها بوهن و تصاعدت من أعماقها صرخة حادة لكن لا حياة لمن تنادي ، هاهو ينحني عليها ، رفسته بقدمها فلم يرتدع بل إزداد عنفا و إصرارا ، ثم أخذ يمزق ثيابها ، حاولت"داليا"بيأس مقاومته لكنه كان أقوي و أكبر حجما منها حيث ثبت جسدها جيدا محبطا بذلك أي محاولة لها بالفرار ، لكن فجأة أطلق"فتحي"صيحة عالية و لشدة دهشتها رأت"عز الدين"يمسك به في عنف من ثيابه و يلقيه علي الأرض بعيدا عنها ، ثم إنهال عليها بالركلات و اللكمات القاسية ، أبرحه ضربا عنيفا ، حيث بدا غضبه العارم و بنيته القوية دافعا صلبا يضارع وزن ذاك البدين الثقيل ..
و لم يتركه"عز الدين"إلا عندما إنبثق الدم من وجهه و جسده المتراخي ، تسارعت إنفاس"عز الدين"بقوة هائلة من فرط إنفعاله ثم إستدار إلي"داليا"التي أخذت تتراجع للخلف زاحفة علي مرفقها و هي تتطلع إليه باكية ، بينما كانت عيناه تتفحصانها في غضب ، حاولت بيأس إخفاء عريها و لكن أعصابها المحطمة لم تسعفها علي ذلك ، فأحنت رأسها بخجل واهنة فيما إقترب منها و أمسك بذراعيها بقوة حتي أوقفها أمامه ، إرتجفت ساقاها و كادت تسقط عندما رفع يده عنها إلا أنه خلع سترته بعنف غاضب ثم وضعها علي كتفيها كي تخفي ذاك الشق الذي أصاب قميصها ، تشيثت بسترته و ضمتها حولها بقوة بينما أسندها إليه ثم جذبها بقسوة قائلا:
-اتحركي قدامي !





ترجلت من سيارتها في ضيق ، ثم إستندت إلبها و أخرجت هاتفهها من حقيبة يدها ثم أجرت الإتصال به .. ليأتي صوته البغيض بعد لحظات:
-اهلا يا بيرو .. معلش قبل ما نتكلم في اي حاجة قوليلي .. عملتي ايه ؟ نزلتي الحمل ؟؟
إبتسمت"عبير"بمرارة ثم أجابته متجهمة:
-اي حاجة من واحد واطي و ندل زيك ماتلزمنيش .. انا انا بس بتصل بيك دلوقتي عشان اقولك اني فعلا هنزل البيبي و عشان اقولك حاجة تانية كمان.
-ايه هي ؟؟
سألها بإصغاء فأمطرته بعدد هائل من الشتائم المتنوعة ، و لما أكتفت أغلقت الخط بوجهه و تنفست الصعداء و قد تصاعدت الدماء إلي وجهها الشاحب ، هدأت ثورتها قليلا ببنما تصاعد رنين هاتفهها بنغمته الصاخبة ، نظرت إلي الهاتف لتجد المتصل صديقتها"ريم" ، أجابت في لهفة:
-الو .. ريم .. ها عملتي ايه ؟ .. كلمتي قريبتك ؟ .. و عملتي ايه ؟ .. خدتي منها عنوان عيادة الدكتور ؟ .. طب هنروحله امتي ؟؟
-هتروحي لمين يا عبير ؟؟
تجمدت بمكانها عندما سمعت صوته المستفهم آت من خلفها ... !



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:36 AM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (14):



إلتفتت إليه ببطء و حدقت به في توتر ثم خرج إسمه من بين شفتيها في إرتباك:
-خالد !!
نظر إليها مستفهما ثم تابع سؤاله:
-ماقولتليش هتروحي لمين ؟ بيتهيئلي اني سمعت اسم دكتور !!
جف حلقها فأجابته بثبات متلعثم:
-أاا ايوه فعلا انا هروح مع واحدة صحبتي عند الدكتور.
-ليه ؟؟
هتف بقلق ثم سألها:
-انتي مالك فيكي ايه ؟؟
إبتسمت في توتر ثم قالت:
-انا كويسة يا خالد ماتقلقش انا كويسة خالص.
-اومال بتقولي هتروحي للدكتور ليه ؟؟
أجابت بإضطراب:
-يا خالد بقولك هروح مع واحدة صحبتي انا اللي هروح معاها مش هي اللي هتيجي معايا.
-قصدك ان صحبتك هي اللي تعبانة ؟؟
-اه يا حبيبي بالظبط كده.
تجمد"خالد"بمكانه حين تسللت تلك الكلمة إلي سمعه ، ثم حملق فيها غير مصدق و سألها:
-انتي قولتي ايه يا عبير ؟؟
تنهدت"عبير"تعبة ثم وضعت يدها بلطف علي ذراعه و قالت مبتسمة:
-قلت يا حبيبي.
ظل"خالد"يرمقها برهة من الزمن في عدم تصديق ثم إحتضن يدها برقة قائلا:
-ياربي ! .. مش مصدق نفسي يا عبير .. تعرفي ان دي اول مرة في حياتي اسمع منك الكلمة دي ؟!
كانت عيناه تلمعان بحب و كاد يطير فرحا مما جعلها تشعر بوخز الضمير و لم تجد مبررا لشعورها المفاجئ فيما إبتسمت بشحوب قائلة:
-خلاص طالما اتبسطت من الكلمة اوي كده هفضل اقولهالك كل شوية.
إبتسم بشغف ثم إجتاز المسافة القصيرة التي كانت تفصل بينهما ثم جذبها إليه و عانقها بحرارة قائلا:
-انا من هنا و رايح مش هخليكي تقوليلي غير الكلمة دي اساسا.
تهدجت أنفاسها و هي تكاد تلمس مشاعره المتيمة بها ، في حين دمعت عيناها لشعورها بالذنب تجاهه و تساءلت ..كيف تجاهلت ذلك الحب الكبير ؟ كيف فضلت سعادة حالمة قصيرة الأمد علي سعادة حقيقية كانت لتدوم العمر بأكمله !
كبتت إنفعالها و إستعادت رباطة جأشها ثم دفعته عنها برفق قائلة:
-طيب هنفضل واقفين كده ؟تعالي ندخل جوا.
كان لايزال محتفظا بها بين ذراعيه ، حيث كان يطوق خصرها برقة ، فيما هز رأسه قائلا:
-لأ ما انا كنت جوا .. اخوكي كلمني من ساعتين كده و قالي تعالي عايزك فجيت بس مالقتوش و انا ورايا شغل و لازم امشي دلوقتي.
ثم صاح فجأة:
-صحيح عرفتي انه هيتجوز ؟؟
حامت علي ثغرها إبتسامة شاحبة ثم قالت:
-اه عرفت من عمر و ماكنتش مصدقة خالص.
-و لا انا و الله و لحد دلوقتي مش قادر اصدق بس اخوكي ده ليه دماغ لوحده و محدش عارف هو بيفكر في ايه بالظبط .. عموما انا مضطر امشي دلوقتي بقي.
-ماشي .. بس ابقي تعالي تاني.
رمقها في دهشة بالغة في حين أنه إبتسم مبديا فرحه بتحولها الكبير ، حيث أنها أغدقته بمشاعر و تصرفات لطالما كان ينشدها بينما أومأ رأسه قائلا:
-حاضر .. هاجي تاني.
ثم طبع قبلة رقيقة علي جبهتها ... ظلت"عبير" واقفة بمكانها تراقبه باسمة و هو يرحل حتي إختفي عن نظرها تماما ، فإستدارت و ولجت إلي المنزل ثم أسرعت إلي غرفتها و أمسكت بهاتفهها ثم أجرت الإتصال بـ"ريم" .. ليأتي صوتها الهادئ المستفهم بعد لحظات:
-ايه يا عبير روحتي فين ؟ قفلتي فجأة ليه ؟؟
-معلش يا ريم خالد كان معايا و ماعرفتش اكلمك .. المهم قوليلي ايه الاخبار عملتي ايه ؟؟
-كله تمام يا حبيبتي.
-ايه اللي حصل يعني ؟؟
سألتها"عبير"بنفاذ صبر فأجابت ببساطة و إيجاز:
-انا روحت للدكتور بنفسي بعد ما خدت عنوان عيادته من قريبتي اللي حكيتلك عنها.
-و بعدين عملتي ايه ؟؟
-كلمته عنك و شرحتله وضعك و وافق انه بعملك العملية و حدد الميعاد كمان.
-امتي ؟؟
سألتها"عبير"في وجل قلقة فأجابت"ريم":
-بكرة.
-بكرة !!
رددت"عبير"بصوت مبحوح و قد شعرت بالوهن يتسرب إلي قدميها ، فسقطت علي فراشها و الدماء تتجمد في عروقها بينما قالت"ريم":
-ايوه يا عبير هو قال اننا جيناله متاخر لما قلتله انك داخلة في الشهر الرابع قالي لازم تروحيله في اسرع وقت و الا بعد كده العملية هتبقي خطر علي حياتك.
خفق قلبها بسرعة فائقة لدي سماعها تلك الكلمات ، و لوهلة تراءي لها كابوسها المزعج الذي لازمها منذ مدة طويلة حتي إعتادت عليه ..
ذلك الكابوس المخيف و الذي مثل صورة موتها بطريقة مجازية خرافية حيث غمرتها المياه و هي تسارع مستنجدة بشقيقاها الإثنان و بـ"خالد"و لكنهم تجاهلوا ندائها و توسلاتها و حدجوها بقسوة ثم مضوا في سبيلهم بعيدا عنها ..
أفاقت"عبير"من شرودها علي صوت إضطراب أنفاسها ، ثم بكت و أجابت صديقتها:
-بكرة الساعة كام ؟؟






لم نقاوم"داليا"غضب"عز الدين"الجامح ، كما لم تقاومه أيضا عندما دفعها إلي خارج المسكن الردئ و أدخلها إلي سيارته ، بينما هي ذاهلة تماما و مرتبكة مما حدث ، و فور أن تحركت السيارة صاح بها في غضب متهكم:
-اد ايه انتي طلعتي واحدة غبية يا انسة داليا و انا اللي كنت فاكرك ذكية ! تقدري تتخيلي دلوقتي بقي ايه اللي كان ممكن يحصلك لو ماكنتش وصلت في الوقت المناسب.
ثم هز رأسه بحنق و ضرب المقود بقبضته قائلا:
-لو كنت اتاخرت شوية كمان ...
توقف عن الكلام كابتا حنقه و عصبيته إلا أنه إنفجر غاضبا:
-ما هو لو ماكنش عنادك و تمثيلك اللي مالوش لازمة كنتي وفرتي علينا نتايج تصرفاتك الساذجة دي.
كان جسدها يرتعد بقوة كلما تفوه بكلمة غاضبة من كلماته ، فيما تطلعت إليه دامعة العينين ثم قالت متوترة:
-انا ماعملتش حاجة .. انا ماليش ذنب .. انا كنت مضطرة انا و اختي اننا نقعد في المكان ده بدل ما نترمي في الشارع بعد ما اتطردنا من بيتنا .. و ماكناش نعرف اصلا ايه اللي ممكن يحصلنا فيه.
صر علي أسنانه غاضبا ثم قال بعنف حانق:
-طبعا لانك ماتعبتيش نفسك من البداية و سألتي علي المكان اللي هتقعدي فيه انتي و اختك كنتي عرفتي بسهولة انه مكان مشبوه و ان اللي مدوره راجل سمعته وسخة.
سألته بإضطراب:
-انت .. حضرتك عرفت ازاي ؟ عرفت ازاي اني موجودة في المكان ده ؟؟
إمتعض وجهه قليلا إلا أن ملامحه بقت جامدة فأجابها بثبات:
-انا عرفت في اليومين اللي غيبتي فيهم عن الشركة انك هتسيبي بيتك بسبب مشاكل مع صاحب العمارة تقريبا في دفع الفلوس .. و لما جيتلك من يومين و خبيتي عني مشكلتك كلفت واحد من الرجالة اللي شغالين عندي بمراقبتك عشان يجبلي اخبارك.
-مراقبتي !!
هتفت في صدمة ثم تابعة متسائلة:
-حضرتك كنت بتراقبني ! ليه ؟؟
ضحك بسخرية غاضبة ثم قال:
-احمدي ربنا اني عملت كده و الا ماكنتيش هتلاقي اللي ينقذك من ايد الراجل الـ *****.
إحمرت وجنتاها بخجل لدي سماعها كلمته الأخيرة ، لكنها تابعت سؤالها في إضطراب متعلثم:
-طب و حضرتك جيت ليه بالذات في الوقت ده ؟ ليه ماجيتش امبارح مثلا ؟؟
أجابها بجمود فيما كان يركز بصره علي الطريق أمامه:
-للأسف ماجتليش اخبارك الا انهاردة من ساعة تحديدا و حاولت اتصل بيكي كتير بس ماكنتيش بتردي و في الاخر موبايلك اتقفل فقلت اكيد في حاجة و لازم اجيلك بنفسي و من حسن حظك اني جيت.
أغاظتها نبرته القاسية و إزدراءه الذي ملأ صوته فهتفت محتدة:
-عموما شكرا لحضرتك و خلاص ماعدتش مضطر تتدخل في حياتي اكتر من كده ماتقلقش مش هزعجك تاني.
-و الله !!
هتف منفعلا ، ثم أوقف السيارة بعنف إلي جانب الطربق ، ثم إلتفت نحوها ، بينما إعترتها رجفة قوية جراء نظراته الغاضبة ، فأخفضت رأسها بخوف ، لكنه أمسك ذراعها بقسوة ثم أخذ يهزها هزا عنيفا و صاح:
-اسمعي .. انا صبرت عليكي كتير بس خلاص مليت و مبقاش عندي صبر زي ما انتي مابقاش قدامك اي اختيار تاني غير انك تتجوزيني.
لهجته الحادة أوقفت عقلها ، فما عادت قادرة علي التفكير ، فقط ظلت تنظر إليه كالمسحورة ببنما تابع بقسوة:
-بعد ما خسرتي وظيفتك و بيتك مابقاش في ايدك اي حاجة تعمليها.
رمقته بوهن .. لقد عاد إلي قسوته مرة أخري ، ها هو يتعمد إصابة أوتارها الحساسة .. :
-اتجوزيني.
هتف في هدؤ هذه المرة ثم أضاف:
-اتجوزيني و اوعدك اني هرجعلك كل حاجة زي ما كانت و بيتك كمان ..هرجعهولك.
رمشت ذاهلة ثم قالت:
-انا مش مصدقة انك عايز تتجوزني يافندم ! اللي اعرفه عن حضرتك انك واخد موقف من الستات كلها عموما و مش من السهل انك تقع في شبكة الجواز ! وبعدين لو كنت حابب انك تتجوز علي اي حال اشمعنا انا ؟ ليه اختارتني انا بالذات ؟؟
نظر إليها بطريقة جعلتها تجفل مضطربة ثم أجابها:
-اخترتك يا داليا لاني عايزك طبعا .. انتي بنت جميلة و عجباني .. عجباني اوي و زي ما قلتلك قبل كده مافيش طريقة توصلني ليكي الا الجواز.
تشابكت نظرتهما طويلا قبل أن يتابع بهدؤ:
-الجواز هو شرطك عشان تسمحي بعلاقتنا زي ما فهمت منك .. و اديني اهو بعرض عليكي الجواز.
هزت رأسها غير قادرة علي التفكير ، الزواج من"عز الدين نصار"كان أخر حلم لها توقعت حدوثه !
فيما سألته بإرتباك:
-طب و اختي ؟!
تنهد بإنتصار لرضوخها أخيرا ثم أجابها:
-اختك مُرحب بيها في بيتي طبعا اكيد هتعيش معانا بعد الجواز و اوعدك اني هوفرلها كل احتياجاتها و طلباتها بردو و هتكون بالنسبة لي زي اختي عبير بالظبط.
كان يتحدث بثقة بهدوء و روية ، بينما لم تجد"داليا"ما تضيفه فصمتت ، فيما مد يده و أمسك بذقنها ليجبرها علي النظر إليه قائلا:
-انا هحققلك كل شروطك و طلباتك زي ما وعدتك .. بس انا كمان ليا شروط و طلبات في المقابل.
رمقته في تساؤل فأجابها بلهجة صارمة:
-بعد جوازنا مش هتكوني مضطرة للشغل ده غير اني مستحيل اسمحلك بكده اصلا يعني ماتجيش في يوم تقوليلي عايزة اشتغل.
حاولت أن تحتج علي أحكامه المتسلطة ، و لكن القوة في عينيه إكتسحتها و تركتها عاجزة عن قول أي شيء ،فيما تابع بصوت أجش:
-و كمان انا احب انك تكوني مطيعة .. يعني تسمعي كلامي لاني مش هقبل اي اعذار او اعتراضات علي طلباتي .. فهماني ؟؟
تركزت نظراته علي شفتيها ، ففهمت مقصده مما جعلها تنتفض و تبتعد بوجهها عن أصابعه القاسية ، بينما رمقها بتفحص ساخر ثم تنهد قائلا:
-الجواز هيتم بسرعة .. بكرة .. بكرة هنتجوز.
إنتفضت بمكانها ثم قالت بصوت ضعيف:
-بكرة !!
-ايوه.
هتف مؤكدا ثم تابع:
-هحتاج اوراقك الشخصية عشان اتمم كل الاجراءات ضروري تجمعيهملي و معلش بقي من ضمن شروطي مافيش فرح .. انا ماحبش ابدا اكون فرجة للناس.
إبتلعت ريقها بتوتر ثم تساءلت في نفسها .. لا يريد حفل زفاف ؟ .. إذن هذا القول يؤكد شكوكها تجاهه ، هل ممكن أن يدوم هذا الزواج لفترة قصيرة كما توقعت ؟ هل ...
أفاقت من شرودها علي صوته العميق:
-اوراقك فين صحيح ؟ اوعي تقوليلي في المكان الزبالة اللي جبتك منه !!
هزت رأسها نفيا ثم قالت:
-لأ لأ مش هناك.
-اومال فين ؟؟
سألها بإصغاء فأجابته بهدوء:
-انا و اختي سيبنا المكان ده من امبارح و خدنا كل حاجتنا مافيش اي حاجة هناك.
عبس قليلا ثم سألها:
-سيبتوا المكان من امبارح ؟ روحتوا فين ؟؟
لقد وقعت بمأزق ، تري ماذا تقول له ؟ إذا صارحته بالحقيقة و قالت أنها نزلت ضيفة برفقة شقيقتها في منزل زميلها بالعمل .. ماذا ستكون ردة فعله ؟ .. تغاضت عن هذا الفعل و عوضا عليه إختلقت كذبة بيضاء فقالت:
-روحنا نقعد عند واحدة زميلة ياسمين في الكلية.
أومأ رأسه بغضب دفين ثم تابع سؤاله:
-و ايه اللي خلاكوا سيبتوا المكان ده امبارح ؟؟
ها مأزق أخر ، و لكنها عند ذلك صارحته بالحقيقة و لم تكذب عليه .. و لما إنتهت كان غضبه قد بدأ يتقافز من عينيه من جديد فعاد يقول بعصبية:
-و لما انتوا مشيتوا من امبارح ايه اللي رجعك تاني انهاردة ؟؟
إنتفضت جراء صوته المنفعل فأجابته بثبات شوبه إرتباك بسيط:
-نسيت موبايلي هناك و كان لازم ارجع اجيبه.
-نعم !!
هتف في ذهول بالغ و كاد لا يصدق ما قالته ، ببنما أجفلت و عضت علي شفتها بقوة حبن سمعته يقول بإنفعال ساخر:
-ماغلطتش لما قلت عليكي غبية .. بقي بعد كل اللي حصل رجعتي عشان حتة موبايل ؟ انا بجد مش مصدق !!
تنهد في حنق ثم قال متعمدا إغاظتها و إثارة ضيقها:
-بس واضح ان اختك شديدة و بتعرف تتصرف احسن منك .. ابقي اشكريهالي انها حافظتلي عليكي و خليتك سليمة عشاني.
إستشاطت غضبا من جملته ، بينما نظر إليها شزرا و إزدراء قائلا:
-بكرة الصبح هعدي عليكي تكوني جاهزة من بدري و محضرة اوراقك كلها بعد ما نكتب الكتاب هرجعك بيت زميلة اختك دي تاني عشان تجهزي انتي و اختك براحتكوا و بكرة بالليل هاجي بنفسي عشان اخدكوا للمكان الجديد اللي هتعيشوا فيه .. بيتي.
تسارعت نبضات قلبها بشكل جنوني و هي تنظر إلي عينيه ، لقد حاصرها تماما ، باتت لا تستطيع رفض أوامره من الأن فصاعدا ، نعم فهي ما عادت تملك معينا سواه ، كرهته قلبلا بسبب تلميحاته المهينة بأنه سوف يعيلها هي و شقيقتها و انها يجب ان تحون ممتنة لذلك ، و لكنها إتخذت قرارها ..ستتزوجه ، أولا لأنها تحبه ، و ثانيا لأنه وعدها بإسترداد منزلها الذي طردت منه عنوة ... !





في مساء اليوم التالي ، ذهبت"عبير"برفقة صديقتها"ريم"إلي عيادة الطبيب الذي سيجري لها العملية ..
ما أن خطت إلي داخل قاعة الإنتظار إعترتها رجفة قوية ، فقبضت علي ذراع صديقتها في وجل و قد شحب وجهها ، فيما ربتت"ريم"علي كتفها برفق قائلة:
-بس يا عبير ماتخافيش .. كله هيبقي تمام ان شاء الله.
هزت"عبير"رأسها متوجسة ، ببنما أجلستها"ريم"بأحد المقاعد الوثيرة حتي يحين ميعادها ..
بعد مرور عدة دقائق قليلة أتت الممرضة لهن و قالت:
-الدكتور جاهز و منتظر حضرتك جوا.
إرتعدت"عبير"في خوف ثم إستقامت ببطء بمساعدة"ريم"و إزدادت تشبثا بها ، فعلقت الممرضة:
-لأ يا مدام انتي هتدخلي لوحدك.
رفضت"عبير"بقوة قائلة:
-لأ .. لأ ريم هتكون معايا انا مش هدخل لوحدي.
فأصرت الممرضة:
-ماينفعش حضرتك لازم تدخلي لوحدك.
إنهمرت دموع"عبير"بغزارة و هي تنظر إلي صديقتها تستجديها بإقناع الممرضة ، فما كان من"ريم"إلا أنها ربتت علي كتفها بحنان و هدئت من روعها قائلة:
-اهدي بس يا عبير ماتخافيش كده .. ادخلي يا حبيبتي و ماتقلقيش كلها شوية و هتخرجي بالسلامة ان شاء الله.
-انا هموت يا ريم .. ماتسيبينيش ادخل لوحدي ماتسيبينيش.
قالت"عبير"باكية ، فتأثرت"ريم"للغاية و دمعت عيناها ثم أمسكت يدها بقوة قائلة:
-لأ يا عبير ماتقوليش كده انتي هتبقي كويسة و هترجعي زي الاول و احسن كمان و ماتخافيش ان هنا اهو جنبك و مش هتنقل من مكاني ان شاء الله مش هتطولي يا عبير و اول ماتخرجي هتلاقيني و هنمشي سوا .. اهدي بقي.
أومأت"عبير"رأسها و دموعها تتساقط كالشلال علي وجنتيها ، ثم إستدارت نحو الممرضة التي أمسكت بيدها الباردة كالثلج و قادتها إلي حجرة الطبيب ..
بينما جلست"ريم"علي أحد المقاعد تنتظر خروج"عبير" ، و ماهي إلا دقائق حتي سمعت صوت صراخها آت من الداخل ، فهبت واقفة ثم هرعت إليها ، عندما دلفت إلي الحجرة المخصصة للعمليات كان الطبيب يفف إلي جانب"عبير"التي كانت راكعة علي الأرض تبكي بمرارة حادة ، فيما جثت"ريم"علي ركبتيها و أمسكت بكتفيها قائلة:
-مالك يا عبير ؟ مالك في ايه ؟؟
رفعت"عبير"وجهها المغطي بالدموع ثم أجابت بصوت ثائر و ضعيف:
-مش عايزة .. مش عايزة يا ريم مش عايزة اعمل حاجة انا عايزة امشي خديني من هنا مش عايزة اعمل حاجة مش عايزة اقعد هنا عايزة اروح.
بكت"ريم"بصدق لإنهيار صديقتها ثم إحتضنت يديها قائلة:
-طيب حاضر حاضر بس اهدي .. اهدي لو سمحتي.
بدأ جسدها يتشنج بعنف و هي تقول:
-عايزة امشي .. وديني البيت رجعيني لاخواتي مش عايزة اعمل حاجة.
أومأت"ريم"رأسها ثم قالت:
-حاضر يا عبير حاضر هرجعك بيتك بس اهدي .. عشان خاطري اهدي.





لقد أصبحت زوجته أخيرا ، منذ أن رافقته هذا الصباح إلي مكتب المأذون الشرعي و قد تم كل شيء بسرعة فائقة كما أراد ، ما زالت لا تصدق بأنها وقعت حقا علي وثيقة زواجهما ، مازالت لا تصدق بأنها باتت زوجته أساسا !
أخذت"داليا"تتذكر ما حدث باليوم الماضي بينما كانت تقف أمام نافذة الغرفة التابعة لشقة"أيمن"و التي نزلت فيها ضيفة هي و شقيقتها لفترة مؤقتة ..
لقد كانت"ياسمين"ثائرة و قلقة للغاية حين عادت من الجامعة و إكتشفت غياب أختها ، غير أنها ظلت تحاول الإتصال بها دون فائدة فإستبد بها القلق و أصرت علي إنتظارها بالشارع أمام منزل"أيمن" .. ليزداد غضبها و حنقها أضعاف مضعفة عندما رأتها تترجل من سيارة"عز الدين" ، تشاجرا في البداية و لكن حينما أعلنت"داليا"قبولها الزواج من"عز الدين"هدأت ، هدأت لدهشتها فقط ، ثم تداركت الأمر فيما بعد ، و لكن ما أن أطلعتها"داليا"علي كافة التفاصيل حتي عادت تثور من جديد لأمر الزفاف ، تذكرت"داليا"قول شقيقتها حينذاك"يعني ايه تتجوزي بالطريقة دي ؟ ازاي توافقي علي كده ؟ انتي بسهولة كده سلمتيله و قولتي حاضر علي كل حاجة ! لحد امتي هتفضلي ضعيفة و ماعندكيش شخصية ؟ " !
أفاقت"داليا"من شرودها و قد شعرت بألم طفيف جراء كلمات شقيقتها اللاذعة و لكنها أقرت و الأسي يملأ قلبها بصدق قولها ، فهي تعلم جيدا مدي ضعفها و هشاشتها و لكن هذا أمر لطالما حاولت إصلاحه بنفسها مرارا و لكنها فشلت .. تنهدت بثقل ثم هزت رأسها عابسة و توجهت نحو الفراش البسيط حيث ذلك الفستان مُلقي عليه ، إبتسمت فجأة عندما تذكرت وجه شقيقتها العابس حين دلفت إليها هذا الصباح و أعطتها إياه قائلة"قلت مش هقدر اشوف اختي بتتجوز منغير فرح و منغير فستان كمان .. فنزلت اشتريتلك ده .. مبروك" ..
إزدادت إبتسامة"داليا"إتساعا ثم تنهدت و أمسكت بالفستان ، نظرت إلي ساعة الحائط فوجدتها السابعة و النصف مساءً ،سرت رعشة خفيفة بأوصالها كلما شعرت بإقتراب اللحظة الموعودة ، اللحظة التي لطالما تمنتها و خشتها بنفس الوقت ، حاولت أن تخفف من حدة توترها فبدأت بتجهيز نفسها ، كان قد إغتسلت منذ قليل ، و قد تطوعت شقيقتها أيضا و صففت لها شعرها ، فيما وقفت هي أمام المرآة الكبيرة و نزعت ثوبها القطني الرقيق ، ثم إرتدت فستانها الأبيض البسيط الذي إمتاز بالرقة و الأناقة ، بدا رائعا علي بشرتها البيضاء الناعمة ، و قد إلتف حولها ملفتا النظر إلي جمال و تناسق جسدها النحيل مبرزا منحنياتها و مرتفاعتها ، كان أيضا محتشما بشكل خادع ، فالذراعين و أعلي الصدر و الظهر كاملا كان مغطي بالدانتيل الشفاف المطرز بنعومة ،
وضعت"داليا"قليلا من مساحيق التجميل علي وجهها فيما زينت عنقها بعقد زواج والدتها الذي ورثته عنها كما زينت أذنيها بالقرط التابع للعقد و الذي تدلي ملفتا النظر إلي عنقها الطويل المثير ، ثم أعادت تصفيف شعرها بتأن ، حيث جعلت خصلاته الحريرية متموجة محيطة بوجهها في إثارة ، بدت مثيرة إلي أقصي حد ، بل جميلة ..
في تلك اللحظة دلفت شقيقتها إلي الغرفة من دون إستإذان ، ثم تقدمت صوبها ببطء و عيناها تلمعان و لم تستطع منع إبتسامتها فقالت:
-ما شاء الله .. ايه الجمال ده كله يا ست دودو ؟؟
إبتسمت"داليا"بخفة ثم سألتها:
-بجد حلوة ؟؟
-حلوة ! يابنتي انتي عديتي المرحلة دي ما تبصي لنفسك.
فيما تأملتها"داليا"بتفخص بالغ ، لقد صففت شعرها بعناية و عقصته برقة و نعومة إلي الخلف مبدية معالم وجهها الرقيقة التي أضافت إليها قليلا من مساحيق التجميل خاشية تشويه جمالها الطبيعي ، و ثوبها الرقيق أيضا الذي أحاط بجسدها النحيل و أضفي عليها أنوثة أكيدة ، لونه أحمر قان و نادرا ما إرتدت"ياسمين"هذا اللون ، و لكن حتما هي فاتنة بثوبها الأنيق و جهها الرقيق ... :
-انتي اشتريتي الفستان ده انهاردة بردو ؟؟
سألتها"داليا"فأومأت رأسها باسمة ثم قالت بهدوء:
-مبروك يا داليا .. و لو اني مش راضية عن حاجات كتير في الجوازة دي .. بس اهم حاحة اني اشوفك مبسوطة .. و انا حاسة و شايفة انك بتحبيه .. مبروك يا دودو.
إبتسمت"داليا"بحرارة ثم عانقت شقيقتها التي صاحت منبهة:
-حسبي يا ستي مش وقت احضان مكياجك يبوظ.
قهقهت"داليا"بخفة من إسلوب شقيقتها ، بينما تصاعد رنين هاتفهها لتجد إسمه يملأ شاشة الهاتف الصغيرة ، حبست أنفاسها ثم أجابت بتوتر:
-الو !
-انا قدام باب البيت .. ياتري جهزتي ؟؟
أصابتها رعشان متتالية عندما أتاها صوته العميق فيما أجابته متعلثمة:
-أ ااه .. ايوه جاهزة .. دقيقة مش هتأخر.
ثم أغلقت الخط و نظرت إلي شقيقتها قائلة:
-يلا يا ياسمين.
-وصل ؟؟
سألتها"ياسمين"فأومأت رأسها متوترة ثم قالت:
-يلا بقي عشان منتأخرش عليه .. حضرتي الشنط و كل حاجة ؟؟
أجابتها بوجوم:
-اه.
-طب يلا.
ثم خرجا معا من الغرفة ، ليجدا"أيمن"و السيدة"سوسن"يقفان بالردهة المؤدية إلي باب المنزل و الإبتسامة تعلو وجهيهما ، بادلتهم"داليا"بمثل البسمة الودودة ثم شكرتهما بحرارة لإستضافتهم الكريمة لها و شقيقتها ، بينما تبادلت"ياسمين"بعض الكلمات مع"أيمن"ثم ودعته و رحلت برفقة شقيقتها ..
علي الجانب الأخر عندما ظهرتا أمامه ، كان واقفا أمام سيارته الفارهة اللامعة و كم بدا وسيما في حلته السوداء الأنيقة التي مثلت قسوته الظاهرة ، فيما تركزت عيناه علي"داليا"التي بادلته النظرات بدورها ، تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل و هي تري عيناه تمسحان جسدها ببطء شديد بدءً من رأسها حتي أخمص قدميها ، إلي أن إقتربت منه
فأجفلت بإستيحاء بينما إكتفي بهزة من رأسه و بتحيتها هي و شقيقتها ..
تطلعت إليه في دهشة بالغة ، توقعت أن يمتدحها ، أو أن يعلق علي مظهرها و لكن خابت ظنونها تماما حين تصرف ببرود و فتح لها الباب الأمامي للسيارة داعيا إياها بالدخول كما فعل مع شقيقتها حيث دعاها للجلوس بالمقعد الخلفي ، ثم إستقل السيارة بدوره جالسا بكرسي القيادة و أدار المحرك مطلقا العنان لسيارته السريعة ..
طال الطريق لساعات قليلة نظرا لموقع بيته القريب من الطرق الصحراوية ، بينما كان القلق و التوتر يعصفان بنفس"داليا"كلما إختلست النظر إليه و هو يقود في هدوء و جمود ... توقفت السيارة أخيرا أمام بوابتا القصر الخرافي اللتين توسطتهما أسوارا ضخمة تحيط بمساحة كبيرة ..
أعطي"عز الدين"إشارة إلي الحارس الذي أسرع بفتح البوابة و هو يلقي التحية بحرارة و إحترام مع نظرات فضولية نحو تلك المرأة الجالسة إلي جوار رب عمله ، دخل"عز الدين"بالسيارة عبر البوابة الكبيرة ، ثم أكمل طريقه علي وتيرة هادئة ، لم تذهل"داليا"كثيرا لجمال القصر بإعتبارها زارته من قبل ، بينما إتسعت عينا"ياسمين"و هي تتأمل بإعحاب المساحة المحيطة بالسيارة ، كان المكان أشبه بالجنة بالنسبة لها و قد تزاحمت به الأشجارذات الطول الفارع و أيضا أحواض الزهور التي ملأت الحديقة الشاسعة بعبق منعش ناعم ..
فكرت"ياسمين"أنه من الواضح أن مالك ذلك القصر قد أنفق عليه ببذخ كبير إذ أن الترف ينطق من كل زاوية فيه ، من كل قطعة حجر أعمدته .. توقفت السيارة أخيرا وسط ساحة المنزل ذا البناية الضخمة هولندية الطراز ، فترجل"عز الدين"منها اولا ثم إستدار كي يساعد"داليا"علي الخروج ، بينما خرجت"ياسمين"بمساعدة نفسها دون أن تفيق من ذهولها و إعحابها بالمكان .. :
-اتمني البيت يكون عحبكوا.
هتف"عز الدين"بصوته العميق ثم تابع:
-ده بقي بيتكوا من انهاردة.
رمقته"داليا"بنظرة غريبة جمعت فيها مشاعر كثيرة أربكتها و زادت من توترها بينما طلب منهن أن يتبعوه ..
تحت دعائم الحجارة المنحوتة ، فجأة برز بعض الخدم الذين إرتدوا بذلة العمل البيضاء ، و قد إصطفوا إلي جانب بعضهم بداية من أسفل الدرحات القليلة المؤدية إلي باب المنزل و حتي إلي الداخل ، إنحنوا أمام"عز الدين"و رفيقتاه في إحترام ، ببنما إثنان منهم ذهبا ليحملا الحقائب من السيارة ، أما الثالث الذي كان وجهه الأسمر يميزه عن الباقين بقي يتحدث بخفوت إلي"عز الدين"الذي كان يعطيه الأوامر في هدوء حازم حتي إنسحب سريعا تبعا للتعليمات التي تلقاها ..
فيما دعا"عز الدين"الشقيقتين إلي الدخول و هو بلفظ بإيجاز الكلمات التقليدية المرحبة ، عبروا الردهة المؤدية إلي باب المنزل ثم تتبعوا خطوات"عز الدين"الواسعة التي قادتهم إلي قاعة الجلوس الفخمة ذات الأثاث العاجي القاتم و الأضواء الذهبية المشعة ، شعرت"داليا"بقلقها يزداد و كأنها مقبلة علي معركة ، بينما ظهر"خالد"فجأة حيث هرول إليهم سريعا قائلا بإبتسامة لطيفة:
-اهلا .. وصلتوا اخيرا.
ثم أخذ ينقل نظراته بين"داليا"و"عز الدين"قائلا:
-مبروك يا داليا .. مبروك يا عز.
إبتسمت"داليا"في خجل بينما هتف"عز الدين"عابسا:
-انت كنت فين ؟؟
أجابه"خالد"بهدوء:
-انا هنا من بدري يا عز ماتنقلتش في حتة بس كنت بتمم علي شوية حاجات.
أوما"عز الدين"رأسه متفهما ثم تابع سؤاله:
-و فين عمر و عبير ؟ مش شايفهم يعني !!
توتر"خالد"قليلا لكنه أحابه في ثبات:
-عبير راحت مشوار صغير كده مع واحدة صاحبتها و عمر خرج من الصبح هو ماقاليش هو فين لما كلمته من شوية بس قالي انه في الطريق و مش هيتأخر.
تنهد"عز الدين"في حدة فيما تقلصت عضلات وجهه بغضب فقال:
-هما يعني مش عارفين في ايه انهاردة و ايه اللي هيحصل ؟ ازاي يتصرفوا بالشكل ده ؟؟
-اهدا يا عز زمانهم جايين.
هدئه"خالد"قليلا بينما جذب فجأة إنتباههم ذلك الضجيج البسيط الذي أحدثته"عبير"و صديقتها ..
دقق"عز الدين"بنظره نحو شقيقته فإتسعت عيناه في وجل عندما شاهدها تستند بوهن إلي صديقتها ، كان"خالد"أسرع منه إذ أنه إقترب منها بسرعة البرق قائلا:
-عبير ! ايه ده مالك ؟ حصلك ايه ؟؟
تطلعت"عبير"بخوف إلي عيني"خالد"و شقيقها ، ثم حبست أنفاسها و لكنها تمكنت أن تقول بثبات:
-انا كويسة يا خالد .. مافيش حاجة.
-مافيش حاجة ازاي ؟؟
هتف"عز الدين"بقوة ثم قال:
-راجعة البيت في الحالة دي و بتقولي كويسة و مافيش حاجة ! اتكلمي و قولي ايه اللي حصلك ؟؟
ضغطت"عبير"علي يد صديقتها و كأنها تستجديها بإنقاذ الموقف فسارعت"ريم"إلي القول:
-يا جماعة مافيش داعي للقلق ده هي فعلا كويسة و مافيهاش حاجة .. احنا بس عملنا حادثة صغيرة بالعربية عشان كده هي مخضوضة شوية مش اكتر.
ثباتها بالكلام أقنعهم ، بينما إجتاز"خالد"المسافة القصيرة التي فصلته عن"عبير"ثم مد يده و مسح علي شعرها بحنان قائلا:
-خلاص يا حبيبتي جت سليمة .. اهدي بس دلوقتي عشان اعصابك ماتتوترش زيادة.
-انا هوصلها لاوضتها عشان ترتاح شوية.
قالت"ريم"ذلك بينما نظرت"عبير"إلي شقيقها بأسف قائلة:
-معلش يا عز سامحني مش هقدر استني معاكوا.
ثم حولت نظرها إلي"داليا"التي كانت تقف خلف"عز الدين"مباشرة تتابع ما يحدث أمامها في صمت ثم إبتسمت بشحوب قائلة:
-انتي اكيد داليا صح ؟؟
إبتسمت"داليا"في هدوء ثم أومأت رأسها مرتبكة فتابعت"عبير"باسمة:
-مبروك.
-يلا يا عبير.
هتفت"ريم"منبهة ، فهزت"عبير"رأسها ثم إستندت إليها و فيما كانت تعدو بمحازاة"ياسمين"التي تنشقت رائحتها فهتفت قائلة:
-ايه ده انتي ريحتك كلها بينج ! انتي كنتي في المستشفي و لا ايه ؟؟


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:37 AM   #16

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*







الحلقة (15):




تجمدت"عبير"بمكانها و قد شحب وجهها ، فسارعت"ريم"و أجابت عنها قائلة:
-ايوه طبعا روحنا المستشفي .. كان لازم اوديها عشان اطمن عليها بعد ما شوفتها مخضوضة زي ما قلت.
أومأت"ياسمين"رأسها في هدوء و هي ترمقهن بنظرة مبهمة ذات مغزي ، بينما إستئنفت"ريم"سيرها أخذة"عبير"إلي غرفتها ، فيما خيم صمت ثقيل لثوان قليلة قبل أن يقطعه"عز الدين"بصوته العميق حين هتف بإسم إحدي الخادمات ، فحضرت"فاطمة"سريعا:
-امرك يا بيه ؟؟
أجابت"فاطمة"بإحترام فسألها:
-العشا جاهز ؟؟
-ايوه حضرتك .. تؤمر بحاجة تانية ؟؟
هز رأسه نفيا ثم أصرفها بحزم ، فإنسحبت بهدوء ، بينما قاد"عز الدين"الجميع إلي حجرة الطعام حيث تلك المائدة الفخمة التي إصطف عليها أثمن الأواني الفضية و الزجاجية ، و التي تحتوي أيضا ما لذ و طاب من الكلاء و الشراب ..
أثناء تناول العشاء لم تجد"داليا"شهية للطعام ، إذ كانت أفكارها تشغل حيزا كبيرا من كافة حواسها ، غير أن قلقها كان كافٍ جدا بأن يشعرها بعدم الرغبة في تناول أي شيء ، إلا أن إهتمامها كان مركزا علي ذلك الرجل الذي جلس بالقرب منها ، لم يشترك إلا نادرا فقط في الأحاديث الشيقة و المثيرة التي طرحها"خالد"بمرح قاصدا تلطيف الأجواء ، كان أيضا يأكل طعامه بهدوء بالغ ، و قد بدا متحفزا متأهبا و متيقظا لكل حركة ، فيما تألمت"داليا"قليلا و شعرت بالإنزعاج لأنه كان لا ينظر إليها إلا بشكل عابر و كأنها ليست تلك الفتاة التي كان يتحرق للحصول عليها ، و كأنها ليست زوجته ، تحول سحره الذي تتذكره بوضوح إلي برودة مزعجة ، فأشاحت بنظرها عنه و بقيت تعبث في طعامها ،بينما أخضر الخادم الحلويات المغطاة بطبقة سميكة من القشدة الشهية ، فإمتنعت"داليا"حتي عن النظر إليها تجنبا لحساسية صدرها التي قد تمرض بها إذا تناولت و لو القليل من هذه الحلويات ، إلا أن"ياسمين"قبلت الحلويات بصدر رحب ، حيث غرزت ملعقتها في القشدة و الفاكهة اللذيذة ثم راحت تأكل بشهية ، فعلق"خالد"ضاحكا:
-حاجة نادرة و ممتعة اننا نشوف واحدة بنت بتاكل بالشهية دي منغير خوف من زيادة الوزن.
إبتسمت"ياسمين"بخفة ثم قالت ممازحة:
-اي انسان عادي مستحيل يتمالك نفسه قدام حلويات زي دي.
ثم تابعت في هدوء:
-علي اي حال انا مريضة بالغدد الدرقية من و انا طفلة يعني مش ممكن اتخن اوي مهما اكلت.
مضت بقية السهرة علي وتيرة هادئة مرحة ، بفضل مشاركات"خالد"و"ياسمين"لبعض الموضوعات و المواقف الطريفة ، مضت السهرة و لم يأتي"عمر" .. كان يود"عز الدين"إنتظاره لأخر لحظة ، لكنه شعر بالملل و الإنزعاج ، فأهمل أمره ثم وقف فجأة معلنا أن الوقت قد حان للإنفراد بعروسه ..
إنصاع الجميع لأمره ، فإستأذن"خالد"بهدوء و رحل ، كما أن"ياسمين"إصطحبتها"فاطمة"إل ي الطابق العلوي تبعا لأوامر"عز الدين"خيث قادتها إلي الغرفة التي خصصت لها ..
بينما وقفت"داليا"قي مواجهة"عز الدين"مطرقة الرأس و هي تشعر بأنها تكاد تسمع ضربات قلبها العنيفة ،فيما مد يده و أمسك بيدها فشعرت بكهرباء تسري بأوصالها جراء لمسة يده ، كانت"داليا"تخشي هذا الرجل بقدر ما تحبه ، لكنها تخشي أكثر ضعفها أمامه ..
عندما وصلا إلي الفرفة تذكرت"داليا"تلك الذكري القصيرة العابرة التي وقعت لها هنا ، إلا أنها بدأت تتأملها بصمت ، لم يغير"عز الدين"فيها الكثير فقط أضاف بعض الأشياء البسيطة التي فطن من خلال معرفته بها بأنها ستعجب بها ، كتلك السجادة الوثيرة ذات الألوان الزاهية التي غطت الأرض الرخامية اللامعة ، و أيضا تلك الستائر الرقيقة التي تهادت أمام النوافذ العريضة التي سمحت للشمس بغمر الغرفة بوفرة في كل صباح ..
جالت"داليا"ببصرها أكثر بإرجاء الغرفة الواسعة ، فلاحظت تلك الخزانة الكبيرة المصنوعة من الخشب السميك القاتم ، و زجاجات العطر الغالية الثمن التي توزعت علي منضدة الزينة ، و جذب إنتباهها أيضا صدر الغرفة الذي كان به باب مفتوحا ظهر من خلفه حمام مترف ..
إرتعش جسدها توترا و هي تفكر بهذه الليلة التي ستشارك فيها زوجها غرفته و فراشه لأول مرة !
إنتفضت فجأة حين شعرت بيديه تقبضان علي كتفيها من الخلف ، إضطربت كثيرا فلا شعوريا إنهمرت الدموع غزيرة من عينيها بدون أن تحاول إيقافها أو مسحها ، إنها امرأة متزوجة الأن و بدلا من أن تتمتع بحياتها الجديدة ها هي في عذاب نفسي أليم ، تعذبها فكرة زواجها من"عز الدين"فهي تشعر بإن زواجهما سوف ينتهي قريبا عندما يمل منها ليعود و يبحث عن إمرأة أخري تمنحه مزيدا من الإثارة ، إمرأة كـ"جومانة خطاب"مثلا !!
شعرت بالخوف الشديد من إمكانية حدوث تلك الفكرة، فعزمت علي القرار بأنها لن تمنحه أي شيء حتي تتبين لها الحقائق كاملة ، إذن لا مجال لإقامة علاقة طبيعية معه .. فهو يريد كل شيء أو لا شيء ..
إتفضت مرة ثانية عندما شعرت بحرارة أنفاسه علي عنقها ، فإبتعدت عنه متوترة قبل أن يسترسل في تصرفاته ، بينما رفع أحد حابيه مستغربا ثم سألها:
-مالك ؟ في ايه ؟؟
أجابته بإضطراب دون أن تلتفت إليه:
-مافيش .. مافيش حاجة.
سمعته يتنهد بثقل ، ثم شعرت به يقترب منها حتي وقف إلي جانبها ، فأمسك بكتفيها و ادارها نحوه لتكون في مواحهته ، فأغمضت عيناها متجنبة النظر اليه فسألها بهدوء:
-داليا .. انتي خايفة مني ؟؟
أجابته بمرارة مستسلمة:
-لأ .. لأ طبعا و هخاف ليه ؟ انت بقيت جوزي و انا لازم اثق فيك.
-طيب افتحي عنيكي.
قال بخشونة ، ففتحت عيناها ببطء لتجده أمامها آسرا و جذابا و مسيطرا ، بدا وجهه تحت أضواء الغرفة الخافتة مثيرا ، كان جماله شيطاني آنذاك ، و كانت ترتجف تحت يديه ، لكنها جاهدت كي تظل عينيها في مواجهة عينيه الحادتين ، بينما مسح شفتيها بأصبعه ثم قال بلطف ناقض تلك القسوة في عينيه:
-عندي هدية ليكي .. هو صحيح جوازنا تم بسرعة بس انا مستحيل كنت انسي اجيبلك شبكتك.
لم تقل شيئا فقط ظلت تحدق به ، بينما إبتسم بخبث فظهرت أسنانه البيضاء المتناسقة ثم تركها فجأة و توجه نحو طاولة صفيرة توسطت الغرفة الكبيرة ، ثم عاد إليها حاملا علبة كبيرة مغطاة بالمخمل الأسود و قال:
-الطقم ده عليه توقيع Graff .. انا ماحبتش ابدا اقدملك اي حاجة.
ثم فتح العلبة أمام عينيها المندهشتين ، و أخرج عقدا من الماس المرصع بالزمرد علي إطار من الذهب و البلاتين مع قرطين مماثلين ..
ثم وقف خلفها و قام بنزع العقد الذي كان يطوق عنقها و الذي لا يساوي شيء مقارنة بالعقد الكامن بيده ، ثم ألبسها المجوهرات الثمينة و أدارها إليه كي يتمعنها أكثر ، فقربها إليه ثم قال هامسا:
-شكلهم بقي احلي عليكي.
إرتجفت"داليا"ثم أبعدت يده عن عنقها ببطء ثم قالت متعلثمة:
-شـ شكرا.
-شكرا بس ؟؟
هتف بصوت أجش ، فإضطربت و دمعت عيناها بلحظة ثم قالت:
-مش دلوقتي .. كل حاجة جديدة عليا .. ياريت تقدر ده و تصبر عليا يافندم.
رفع حاجبيه الكثيفين في دهشة و قال:
-يافندم ! .. داليا احنا اتجوزنا خلاص .. لسا بتقوليلي يافندم ؟!
إشتعلت وجنتاها تحت وطاءة نظراته فقالت:
-دي حاجة من ضمن الحاحات الجديدة عليا .. مش هقدر انطق اسمك عادي كده.
-ليه ؟ هو صعب اوي كده ؟؟
هزت رأسها نفيا فعبس قائلا:
-طيب .. طالما مش صعب اتفضلي سمعيني .. انا اسمي ايه ؟؟
تطلعت إليه في توتر ، فرفع حاجبه يحثها علي الكلام ، فإرتجفت شفتها و هي تحاول نطق إسمه:
-عـ .. عز .. عز الدين.
بعد ذلك ظلت تتنفس بعمق و كان صدرها يعلو و يهبط بسرعة و كأنها إنتهت للتو من سباق طويل ، فيما إنعكس إضطرابها الداخلي في الإحمرار الذي خضب بشرتها البضة ، فرمقها بنظرة غريبة لم تستطع فهم مغزاها ، ثم راح يلتهمها بعينيه بدءً من وجهها و حتي صدرها ، و بضمة قوية ألصقها به إلي أقصي حد ممكن ، فأطرقت برأسها توجسا ، إلا أنه شدد قبضته عليها في قسوة و إصرار و عناقها عناقا طويلا حارا ..
إسترخت و هي تشعر ببعض الدفء و الحرارة بأحضانه ، كانت تذوب بين ذراعيه كقطعة ثلج ، حتي أفاقت من غيبوبتها الحالمة فجأة حين إبتعد عنها قليلا كي يري تأثير ما فعله بها بتعابير وجهها ، فإبتسم بسخرية خفية عندما لاحظ التجاوب بعينيها و اللوم أيضا علي توقفه ، فربما لو كان إسترسل في أفعاله لكانت رضخت له كليا ، و لكنه أعادها إلي رشدها حينما أبعدها عن دفء حضنه فجأة ..
فيما إصطنع إبتسامة لطيفة و قال:
-انا مابحبش اخد حاجة بالغصب يا داليا .. لازم تكوني راضية و عايزة زيي بالظبط .. و عشان كده بس .. انا هحاول اظبط اعصابي علي اد ما اقدر و هصبر عليكي .. بس ماتراهنيش علي صبري كتير.





عاد"عمر"إلي المنزل في ساعة متأخرة من الليل ، و بينما و هو يصعد الدرج المؤدي إلي طابق الغرف ، قابل"فاطمة"فإبتسم بخفة ثم سألها بفظاظة:
-ايه يا بطوط .. صاحية لحد دلوقتي ليه ؟ و جاية من عند مين كده ؟؟
رمقته"فاطمة"بنظرة غاضبة ، لكنها تمالكت نفسها و أجابته بجمود:
-انا مش جاية من عند حد يا عمر بيه .. انا كنت بوصل الانسة ياسمين لاوضتها زي امر عز الدين بيه.
قطب حاجبيه متسائلا:
-مين الانسة ياسمين دي ؟؟
-دي تبقي اخت داليا هانم.
- مين داليا هانم ؟؟
رفعت"فاطمة"حاجبيها بذهول قائلة:
-داليا هانم ..مرات عز الدين بيه.
تأوه"عمر"و هو يضرب جبينه بباطن كفه قائلا:
-اه اه اه صح .. داليا مرات عز.
ثم تابع في خبث:
-بس هي طلعت عندها اخت ؟ .. حلو حلو.
-نعم !!
إلتفت إليها منتبها ثم عنفها قائلا:
-ايه انتي لسا واقفة ؟ يلا روحي نامي .. يلا.
رمقته"فاطمة"بإزدراء و كادت تغرب عن وجهه إلا أنه إستوقفها قائلا:
-استني هنا.
عادت تنظر إليه من جديد فسألها:
-هي فين ؟؟
هزت رأسها مستفهمة فعبس قائلا:
-اوضتها فين ؟؟
-جنب اوضة حضرتك علطول.
إزدادت إبتسامته إتساعا و هو يسألها:
-قوليلي يا بطوط .. هي حلوة ؟؟
-اه يا بيه .. حلوة.
-طب خلاص امشي يلا.
هزت"فاطمة"رأسها في عدم رضا ثم هبطت الدرج مبتعدة عنه ، بينما إستئنف"عمر"صعوده حتي وصل إلي تلك الغرفة المجاورة لغرفته ، فطرق الباب بخفة ثم أدار المقبض و دخل بعدما سمع صوتا أنثويا يأذن له بالدخول ، كانت تعطيه ظهرها فيما إنهمكت بترتيب أغراضها داخل خزانة الملابس الكبيرة ، فأمال رأسه و راح يدقق فيها بإمعان و إبتسامته الخبيثة لاتزال تحتل ملامح وجهه حتي سمعها تقول:
-رجعتي تاني يا فاطمة ؟ عايزة حاجة ؟؟
-لأ انا مش فاطمة.
هتف باسما ، بينما إرتعدت بقوة جراء المفاجأة ، ثم إلتفتت لتواجه صاحب العبارة ،ليتجمدا هما الإثنان بنفس اللحظة ، إتسعت عيناهما بشدة و هما يحدقان ببعضهما في عدم تصديق ، خيم الصمت لدقائق طويلة حتي تكلمت"ياسمين"أخيرا فقطبت حاجبيها قائلة:
-انت ! .. انت ايه اللي جابك هنا يا بني ادم انت ؟؟
إستغرق"عمر"ثوان حتي تدارك الأمر فعادت بسمته إلي وجهه مجددا ثم قال:
-انا اللي المفروض اسألك السؤال ده .. انتي ايه اللي جابك هنا ؟ ده بيتي.
-بيتك !!
هتفت في صدمة ، فأومأ رأسه ببطء و عيناه تتفحصان وجهها الذاهل بينما سألته:
-بيتك ازاي ؟!
ضحك بخفة ثم أجابها:
-اقولك ازاي ..البيت ده اساسا كان بيت فريد نصار .. ابويا .. قبل ما يموت الله يرحمه .. ابويا بقي قبل ما يموت بردو خلفني و بعد ما مات البيت بقي بيتي و بيت اخواتي في نفس الوقت .. فهمتي ازاي ؟؟
أومأت"ياسمين"رأسها في هدوء ، و قد توضحت الأمور بعينيها ، و تذكرت أيضا حين أبلغتها شقيقتها بأن"عز الدين"له أشقاء ، و لكن كانت هذه المفاجأة بعيدة كل البعد عن خيالها !
-طيب .. تشرفنا ياسيدي .. اتفضل اطلع برا بقي.
قالت بلهجة حادة ، فإبتسم بقوة قائلا:
-زي ما انتي يا دكتورة .. ماتغيرتيش لسا قاسية .. بس تعرفي احلي حاجة ان اوضتك جنب اوضتي.
أغمضت عيناها بحنق قائلة:
-انت ماسمعتنيش و لا ايه ؟ بقولك اطلع برا.
تمهل قليلا قبل أن يقول بإبتسامة واسعة:
-حاضر .. حاضر يا دكتورة طالع.
ثم إستدار كي يذهب ، إلا أن صوتها إستوقفه:
-استني.
إلتفت إليها مجددا و قد لمعت عيناه خبثا فرمقته بحدة قائلة:
-انا عايزة مفتاح الاوضة دي.
هز رأسه بأسف مصطنع ثم قال:
-للاسف .. الاوضة دي مالهاش مفتاح.
-يعني ايه مالهاش مفتاح ؟؟
أجابها بتهكم:
-يعني مالهاش مفتاح .. ضاع .. احنا ساعات كنا بنستقبل ضيوف عندنا هنا في الاوضة دي و اخر حد جه ضيعه.
أومأت رأسها مغتاظة ثم قالت:
-بس اكيد ممكن يتعمل واحد
جديد مش كده ؟؟
إبتسم ثم قطب حاجبيه قائلا:
-للدرجة دي المفتاح مهم بالنسبة لك ؟ و لا انتي خايفة مني ؟؟
رمقته بإستنكار قائلة:
-انا .. اخاف منك .. انت !!
ثم قهقهت بقوة ، بينما إصطنع إبتسامة باهتة ثم قال ساخرا:
-عموما بردو ماتخافيش .. و لو قلقانة اوي .. حطي كرسي ورا الباب .. مش ده بيحصل منكوا ساعات بردو ؟؟
-واضح انك عارف ده .. ممكن تكون اتمنعت من دخول اوضة قبل كده بالطريقة دي.
إنفجر ضاحكا ثم رمقها في إستهزاء قائلا:
-يا حبيبتي انا لو عايز ادخل اوضة مش هيمنعني شيء صغير زي كرسي.
-في الحالة دي انا مصممة علي وجود مفتاح.
نظر إليها في إزدراء لبرهة ثم قال:
-يا دكتورة .. انا ذوقي ارقي من كده.
ثم إقترب منها قليلا و همس:
-اوضتك .. هي اخر اوضة ممكن احب ادخلها.
ثم خرج و أغلق الباب خلفه ، تاركا إياها واقفة بوسط الغرفة و قد أحمر وجهها حنقا و غيظا ... !





لم تنم .. ظلت ساهرة ملء جفنيها فيما عيناها لم تكف عن سفح الدموع ، كانت تبحث في محاولات يائسة عن حل لمشكلتها و لكن كل محاولاتها باءت بالفشل ، و كالعادة لم تجد وسيلة للتعبير عن ضيقها و ندمها إلا البكاء ... و بعد تفكير طويل إستقرت علي قرار أخيرا ، رغم ذعرها من تلك الفكرة إلا أنها كانت تفضلها عن نظرات الكره و الإتهام بأعين أحب الأشخاص إليها ، و بالأخص"خالد" .. الحبيب المسكين ، كم كرهت نفسها ، كم أرادت أن تنتقم من نفسها آلاف المرات علي ما فعلته بنفسها ، لا بل علي ما فعلته بهم !
سكتت عن البكاء فجأة ثم كفكفت دموعها و تناولت هاتفهها ، ثم أجرت الإتصال به ... ليأتي صوته الناعس بعد لحظات:
-الو.
جاهدت كي تبقي تبرتها طبيعية و هي تجيبه:
-خالد.
-عبير !!
هتف بقلق ثم سألها:
-ايه يا حبيبتي خير ؟ في حاجة ؟؟
-لأ يا خالد مافيش حاجة.
-اومال بتكلميني ليه في الوقت ده ؟؟
-اتضايقت اني كلمتك ؟؟
-لا لا يا حبيبتي ابدا .. بس قلقت عليكي .. انتي كويسة ؟؟
-اه كويسة .. انا بس اتصلت بيك عشان اسألك سؤال.
-سؤالين يا عمري .. اتفضلي ؟؟
صمتت قليلا ثم سألته بتمهل:
-خالد .. انت بتحبني ؟؟
-بموت فيكي يا حبيبتي .. بعشقك.
عضت علي شفتها بقوة و هي تحارب دموعها ثم خرج صوتها بصعوبة فقالت:
-طيب يا خالد .. انا عايزة اطلب منك طلب.
-آمريني.
-انا عايزاك تسامحني.
-اسامحك ؟!!
سألها بإستغراب بالغ ثم تابع:
-اسامحك علي ايه يا عبير ؟؟
-علي اي حاجة عملتها و ضايقتك.
-يا عبير انتي مش متخيلة انا مبسوط و مندهش ازاي من التفيير اللي حصلك في اليومين دول .. لكن عموما انا عمري لا زعلت منك و لا اتضايقت .. عارفة ليه ؟؟
-ليه ؟؟
-عشان انا كنت متاكد ان هيجي اليوم اللي اسمع منك فيه كلامك ده .. عشان كده كنت مسامحك من البداية يا حبيبتي.
لم تستطع كبت انفعالها أكثر ، فوضعت يدها علي فمها و راحت تبكي بصمت ، و لكنها سارعت تقول بصوت متهدج:
-تصبح علي خير يا خالد.
ثم أغلقت الخط و أخذت تجهش بالبكاء المُر ... !





إستيقظت"داليا"في الصباح التالي قلقة ، فقد أزعحها ضؤ الشمس المنخلل من بين ستائر الغرفة ، ففتحت عيناها ببطء و هي تتمطي في الفراش الدافيء المريح بكسل ، و كم كانت فرحة ، حين نظرت إليه ، حيث كان نائما في سلام تام ، إبتسمت قليلا و تأملته مليا ، قشعرت برغبة جامحة في أن تدفن وجهها بصدره ، لكنها تغاضت عن هذا الفعل و عوضا عليه راحت تتذكر تفاصيل الليلة الماضية ..
بعد حديثهما الطويل الذي ختمه بعناقه الحار ، دلف إلي الحمام كي يبدل ملابسه ، بينما وقفت وحيدة بوسط الغرفة ، فمدت يدها إلي سحاب الفستان لتنزله لكنه علق بعناد ، و لم تفلح كل محاولاتها ، فصرخت بنفاذ صبر ، و إذا به يأتي من خلفها فجأة قائلا:
-حسبي .. خليني افكلك السوستة.
كان قد نزع ملابسه باكملها حيث لم يكن يرتدي سوي سروالا أسود ، مما ضاعف إرتباكها ، فأجابته و هي تواصل محاولاتها الفاشلة:
-شكرا .. انا هتصرف.
قاطعها بحزم:
-و بعدين بقي .. لفي بقولك هتقطغي الفستان.
و بقوة غير متوقعة ، أدارها و أنزل لها السحاب حتي نهايته ، فتشبثت بأطراف الفستان لئلا يسقط و يكشف عن جسدها ، فيما قالت مسرعة:
-شكرا.
-مش هتقلعي الفستان ؟؟
سألها و هو يحدق فيها بحرأة فأحابت بصوت متهدج:
-مش قدامك.
ضحك بخفة ثم قال:
-ماشي .. هدخل اجيب هدومي من الحمام تكوني غيرتي .. بس بسرعة.
ثم إستدار و عاد إلي الحمام ، و ما أن أغلق الباب من خلفه حتي أفلتت الفستان ليسقط أرضا حول قدميها ، فأسرعت نحو حقيبة ملابسها و أخرجت قميصها الأبيض الحريري الذي كشف عن معظم أجزاء جسدها و كان فضفاض بالوقت ذاته !
أفاقت"داليا"من شرودها باسمة ، ثم راحت تحدق فيه أكثر و أكثر حتي إمتدت يدها دون إرادتها بإتجاه وجهه ، و كادت تلمسه إلا أنه تحرك بقلق ثم تقلب بالفراش برشاقة حتي إستقر علي جانبه الأيمن ، حيث وجه لها ظهره العاري ، إستاءت لذلك ، فهي كانت تريد لمس وجهه ، فنهضت بعناد و إستدارت حول الفراش حتي وقفت أمامه ، فجثت علي ركبتيها أمامه في هدوء ، ثم مدت يدها بحذر كي تلمس وجهه ، ثم فجأة و بدون مقدمات فتح عيناه ثم قال باسما:
-اد كده مش قادرة تبعدي عني ؟؟
صرخت بفزع بينما أطلق ضخكة مجلجلة و هو يتسطح علي ظهره ، ثم نظر إليها و تابع قائلا:
-ماكنتش اعرف ان شكلي بيبقي حلو اوي كده و انا نايم.
وثبت قائمة في سرعة ثم سألته متعلثمة:
-انت .. حضرتك صاحي من امتي ؟؟
رمقها بخبث قائلا:
-من ساعة ما كنتي سرحانة قي وشي لدرحة اني لما فتحت عنيا ماخدتيش بالك.
ثم إنفجر ضاحكا من جديد ، فكادت تموت من شدة خجلها و حاولت أن تجد أي مبرر أو أن تقل شيئا علي الأقل ، لكنه سارع إلي القول:
-خلاص يا داليا .. هدي اعصابك .. انا مابقتش غريب عنك يعني.
ثم ترك الفراش و إتجه نحو الخزانة فسألته:
-حضرتك خارج ؟؟
أجابها دون أن يلتفت إليها:
-ايوه حضرتي خارج.
سألته في تردد:
-رايح .. رايح فين ؟؟
-رايح الشركة.
-رايح الشركة !!
رددت في دهشة بالغة ، فإلتفت إليها ثم أجابها:
-اه رايح الشركة .. قعدتي في البيت مش هتأكلنا عيش .. لازم اروح اشوف شغلي.
تمتمت مرتبكة:
-ايوه بس .. بس . امبارح ..
قاطعها بصوته العميق قائلا:
-كان ممكن اقعد يا داليا لو كنا بدأنا شهر العسل.
ثم هز كتفيه و أضاف:
-بس للأسف لسا مابدأناش .. و انا بقول خلي الاجازات للوقت ده احسن.
أطرقت برأسها و عضت علي شفتها بقوة ، بينما تنهد بعمق ثم قال:
-انهاردة هلبس علي ذوقك .. حضريلي هدوم بقي.
ثم ألقي عليها أخر نظرة و توجه إلي الحمام ، فيما إبتسمت بخفة و إتجهت صوب الخزانة الكبيرة ، راحت تتفقد ملابسه الثمينة غالية الثمن ، جميع الملابس فريدة و أيا منها سوف يناسبه و لكنها إستقرت علي بذلة رمادية داكنة تناسب نفسه و تقلبات مزاجه ، و عندما سحبت البذلة من موضعها سقطت منها ورقة بيضاء مطوية ، إنحنت"داليا"و إلتقطتها .. لوهلة ترددت و إمتنعت بشدة عن التطلع إليها ، لكنها لمحت فجأة ...


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:39 AM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (16):




لمحت فجأة أسم الحي الذي كانت تقطن به ، فلا شعوريا فتحت الورقة ، فإذا بها وثيقة بيع منزلها !
إتسعت عيناها في ذهول بالغ و هي تحدق بالورقة الكامنة بيدها ، تداهمت الأفكار بعقلها و أخذت تتساءل .. هل فعل ذلك حقا ؟ .. هل حقا هو من تسبب بتجريدها من بيتها عنوة ؟ .. هل فعل ذلك كي يجبرها علي الزاوج منه ؟ .. لا مستحيل ! قالت لنفسها ثم راحت تحدق بالورقة جيدا ، فرأت التاريخ ، لقد تم البيع منذ ثلاثة أسابيع ، أي حتي من قبل علمها بخبر الإخلاء !
هذا يعني أنه هو .. هو من فعل كل ذلك ، كل شيء تم كان بتخطيط مسبق منه ..
هزت رأسها بعدم تصديق و الوهن يغلي بصدرها ، إذ تذكرت كل الإهانات التي تعرضت لها في الأيام السابقة ، أخر ما توقعت حدوثه هذا الفعل الذي بدر منه ، دمعت عيناها بشدة و لكنها منعت دموعها من الفرار من عينيها ، و أقسمت بأغلظ الإيمان بأنه سوف يدفع الثمن و لكن بالطريقة التي سلكها من أجل حصوله عليها ، سوف يدفع الثمن ..
أفاقت من نوبة صدمتها سريعا ثم عادت ترتب له ملابسه ، ليخرج هو من الحمام قي تلك اللحظة و قد لف منشقة بيضاء عريضة حول خصره ، فصوبت نظرها إليه و قد رسمت بسمة ناعمة هادئة علي وجهها ، فبادلها البسمة عينها ، ثم أخذ يقترب منها و الماء يقطر من شعره الأسود الغزير اللامع علي صدره القوي الصلب حتي وقف أمامها .. :
-لأ ذوقك حلو .. انا بحب الغوامق بردو.
قال ذلك و هو يتناول البذلة من بين يديها ، في حين تعلقت عيناه علي تلك الورقة البيضاء التي إنكمشت بكف يدها ..
لاحظت"داليا"نظراته فرفعت يدها ثم إبتسمت في إرتباك قائلة:
-و انا باخد البدلة من الدولاب وقعت منها الورقة دي.
ثم تابعت بنظرة ثاقبة و بلهجة هادئة:
-و غصب عني لمحت اسم الشارع اللي فيه بيتي !!
تجهم وجهه قليلا و لكن ملامحه بقت جامدة ، فأجابها بصوته العميق:
-انا مش قلتلك اني هشتري بيتك و هكتبه باسمك ؟ اشتريته فعلا يوم ما كتبنا الكتاب بس لسا ماسجلتوش باسمك.
رمقته بغضب دفين لكذبه ، بينما خطف الورقة من يدها و كذلك أخذ البذلة ثم إستدار مبتعدا عنها ، فتخضبت وجنتاها بحمرة الخجل حين رأته يهم بإرتداء ملابسه ، فبسرعة أدارت له ظهرها ، ثم راحت تذكر نفسها بالقسم الذي قطعته منذ قليل ... !





ذات ليلة كانت جالسة بإسترخاء علي تلك الأريكة التي توسطت الغرفة الفسيحة ، تطالع كتاب تاريخي علي الأضواء الخافتة ، بينما "عز الدين"مستلقي علي الفراش و قد بدا واضحا إستغراقه في النوم ..
حانت منها نظرة عابرة نحوه ، ثم زفرت في ضيق و أخذت تقلب بذهنها الأفكار .. فكرت في أن"عز الدين"يشاركها الفراش منذ أسبوع كامل ، و لكنه لم يحاول يوما أن يلمسها ، بقدر ما سبب لها هذا من راحة بقدر ما أزعجها أن ينام هو قرير العين إلي جانبها بينما هي تقضي هب الليل كله متوترة ، متحفزة تصارع وحدها تلك المشاعر المتضاربة داخلها ..
إنتابها قلق مفاجئ حول إنجذابه لها ، ثم تذكرت بأنه قد تزوجها لهذا السبب أساسا ، تزوجها فقط لأنه يرغبها و ليس أكثر ، لطالما أراد الحصول عليها منذ وقت طويل ، و لكن ما الذي يمنعه ؟ ما سبب تأجيل هذا الفعل لكل تلك الأيام ؟ ..
رفعت يديها فجأة وصقت بهما أذنيها في محاولة لإسكات صوت عقلها دون فائدة ، ثم أدركت بأن النوم هو خير وسيلة للهروب من تلك الأفكار المرهقة ، فنهضت و تقدمت صوب الفراش و لكنها قبل أن تندس بمكانها ، وقفت إلي جانبه حيث مدت يدها كي تطفئ نور المصباح القائم علي الطاولة الصغيرة قربه ، إلا أنها و من دون أن تدري شعرت بذراعيه تلتف حول خصرها ، فصرخت بذعر جراء المفاجأة ، فيما سحبها بقوة لتجد نفسها خلال لحظة ممدة علي الفراش بمكانه و هو منحني عليها بثقله مكبلا حركتها .. خفق قلبها بسرعة جنونية و هي تري عيناه تلمعان كعيني صقر جاثم و هو يحدق فيها بقوة و بجرأة ، إبتلعت ريقها بصعوبة بالغة ، و قبل أن تتمكن من قول أي شيء ، أطبق شفتيه علي شفتيها بقبلة طويلة متسلطة ، متملكة .. إرتعدت كل خلية في جسدها و هي تشعر بملمس شفتيه القاسيتين ، و بقبلته تزداد حرارة و تملكا ، فلا شعوريا وجدت نفسها هادئة و مستسلمة تماما ، فقد كان يقبلها بطريقة أطاحت بصوابها ،ثم فجأة إستجمعت قواها متذكرة أفعاله و القسم الذي قطعته مسبقا ، فوضعت كفيها علي صدره و دفعته عنها بعنف جاهدة في التخلص منه ، و لوهلة قاوم محاولتها الضعيفة للهرب ، ثم أفلتها ، فإبتعدت عنه مسرعة حيث إلتصقت بحائط الفراش و هي ترتجف ذعرا و قد تهدجت أنفاسها جراء هجومه الغير متوقع ، بينما إعتدل جالسا ثم حدق فيها بإنزعاج قائلا:
-و بعدين يا داليا ؟؟
هتف بخشونة ثم تابع:
-لحد امتي هنفضل كده ؟ انا سيبتك لأيام طويلة عشان تقدري تتعودي عليا و علي وضعك الجديد بس انا شايف انك لسا زي ما انتي و انك مش عايزة علاقتنا تطور.
شعرت"داليا"بالرعب يملأ أوصالها جراء نظراته الغاضبة ، لم تكن قادرة علي تحديه في تلك اللحظة ، فقد كان صوته مليئا بالعنف و نفسه مليئة بالإرادة ، و بدا و كأنه مشمئز من المماطلة و التسويف اللذين تمارسهما بحقه ، فوجدت"داليا"أن أفضل إسلوب للتعامل معه هو اللين و الدبلوماسية ، فقالت بخفوت مضطرب:
-انا اسفة يافندم .. بس انا حاسة اني مش مناسبة ليك .. و مش قادرة .. مش قادرة اديك اي حاجة.
قال بحدة:
-اولا كلمة يافندم دي مش عايز اسمعها منك تاني ابدا.
ثم تابع بقسوة ساخرة:
-ثاتيا المسألة بسيطة جدا .. اي حاجة مش هتقدري تديهالي هاخدها انا بنفسي.
ثم أمسك بذراعها و جذبها إليه بقوة فقالت بصوت متهدج:
-انت قلت انك مابتحبش تاخد حاجة بالغصب !!
-و اظن اني كنت صبور بما فيه الكفاية.
أجاب بجمود ثم أضاف:
-و علي اي حال احنا اتنين متجوزين و انا بطالبك بحقوقي مش اكتر و ماتنسيش اني لبيتلك كل طلباتك و احتياجاتك فمن واجبك انتي بقي دلوقتي انك تلبيلي كل طلباتي و احتياجاتي.
إستطاعت أن تنطق بصعوبة من بين مشاعر الخوف التي إجتاحتها بعد أن لاحظت إصراره العنيف:
-طيب .. اديني فرصة تانية .. انا .. انا مش جاهزة دلوقتي.
أغمض عيناه في حنق و زفر بتفاذ صبر ثم عاد ينظر إليها و قال:
-ماشي يا داليا .. هديكي فرصة تانية .. بس ماتفتكريش اني هاسيبك اد المدة اللي فاتت.
ثم أفلتها بحزم ، فتنفست الصعداء و هي تراقبه يعود إلي مكانه كما كان ، بينما تمددت في هدوء و حذر ، شعرت بالعرق يبلل جسدها و وجهها من فرط التوتر الذي عصف بها ، فيما كان الغضب يملأ كيانها .. فها هي ضعيفة مجددا أمام الرجل الذي يملك كل شيء ، و في الواقع يملكها هي أيضا .. تصورت بأنها قادرة علي تلقينه درسا لن ينساه و لكنها كانت مخطئة تماما .. إذ تلاشت كل تصوراتها بمجرد أن نظر إليها بعينيه الحاديتين ، و بينما كانت تتخبط في أفكارها غفت مضطربة الأعصاب ... !





في الصباح التالي ، إستيقظت"ياسمين"علي فراشها العريض المظلل ، و بصعوبة إستطاعت أن تنزع نفسها من الدفء المغري و الإرتياح الغامر اللذين شعرت بهما في موضع نومها ، ثم نهضت و توجهت إلي الباب الزجاجي الذي يطل علي الشرفة ففتحته و راحت تتأمل بسحر المنظر من أمامها ، حيث حديقة القصر الخضراء بأشجارها و أزهارها ، و خاصة تلك الأزهار البيضاء التي عبقت المكان بشدة ، لم يسبق أن رأت أزهار بهذا الجمال الكامل ، و لا أن تنشقت عطرا لذيذا كهذا ، فأغمضت عينيها و تنفست بقوة مرات عديدة لتملأ رئتيها بالنسيم المنعش و برائحة الزهور الغنية العطرة .. مرت بضع دقائق قبل أن تلاحظ أن رائحة مزعجة إختلطت برائحة الزهور ، إنها رائحة تبغ محترق !
نظرت إلي جانبها فرأته يقف بالشرفة المجاورة لشرفتها يدخن إحدي سكائره ، و قد لاحظت بإنه كان يراقبها منذ فترة ، بينما إنفرج ثغره بإبتسامة خفيفة و هو يمعن النظر فيها إلي أن حياها قائلا:
-صباح الخير يا دكتورة .. ايه مافيش مستشفي و لا كلية انهاردة و لا ايه ؟؟
رمقته بهدوء ساخر ثم قالت:
-صباح الخير يا استاذ .. و جمعة مباركة انهاردة اجازة.
ضرب جبينه بباطن كفه قائلا:
-اه صحيح .. انهاردة الجمعة .. معلش اسف.
و عاد ينظر إليها ثم قال بإبتسامة مرحة:
-بقولك ايه يا دكتورة .. ايه رأيك لو نعقد هدنة بينا ؟؟
رفعت أحد حاجبيها قائلة:
-مش فاهمة .. قصدك ايه ؟؟
-قصدي خير و الله .. بصي انا عارف اني بني ادم سافل و مش متربي.
-عظيم كويس انك عارف ده غير ان الاعتراف بالحق فضيلة.
صر علي أسنانه بحدة خفيفة ثم عاد يقول بنبرة هادئة:
-انا بقول يعني بما اننا بقينا عايشين تحت سقف واحد يبقي لازم نصفي كل الخلافات اللي بينا و نبدأ صفحة جديدة.
قطبت حاجبيها و هي ترمقه بشك ، لكنها إبتسمت فجأة ثم قالت ببساطة:
-من قلبي بتمني فعلا اننا نبدأ صفحة جديدة .. بس ياريت تفتكر كلامك ده باستمرار و ماترجعش تتصرف بقلة احترام.
ضحك بخفة ثم قال:
-اوعدك اني مش هخيب ظنك يا دكتورة.
بينما جلجلت بداخله تلك الضحكة الخبيثة ... !





بعد أن أخذت حماما كاملا ، إتجهت صوب الخزانة الكبيرة ، ثم راحت تفكر بما سترتديه ، لو لم تكن زوجة"عز الدين نصار"الأن لأرتدت سروالا و قميصا عاديا كعادتها ، لكن في قصر زوجها العزيز ، تبدو هذه الملابس غير لائقة ، و لكنها إختارت ذلك الثوب الوردي القصير الذي إشترته منذ عدة أعوام و لم تجربه يوما ، أمسكت به في تردد و فكرت .. هل ترتديه أم لا ؟ .. فهو كان قصير بعض الشيء ، بحيث يصل إلي ركبتيها علي الأقل ، غير أنه عاري الكتفين يتمتع بالضيق الشديد أيضا ، ودت لو تعيده إلي مكانه و لكن ما من إختيارات أمامها ، جميع ملابسها مهترئة لا تناسب مكانة زوجها الحياتية أو الإجتماعية حتي ..
إرتدت الثوب القطني الرقيق الذي أظهر نحافة و جمال ساقيها الرشيقتين ، و إنتعلت صندلا من الفلين ثم جلست أمام منضدة الزينة تمشط شعرها ، فتركته ينسدل بحرية علي كتفيها و خلف ظهرها ، ثم وضعت في عنقها سلسلة ذهبية كانت لوالدتها و زينت وجهها أيضا بقليل من مساحيق التجميل البسيطة ، و قبل أن تغادر الغرفة ألقت نظرة فاحصة علي نفسها بالمرآة الكبيرة ، إن أرادت هي أن تدفعه الثمن كما أقسمت ، فعليها بأن تتسلح بأقوي أسلحتها .. جسدها ، جسدها هو العامل المؤثر الذي سوف يخضعه و لكن مع قليل من الحذر ، فهو حاد الذكاء و ليس من السهل إطلاقا أن يتلاعب به أحدهم !
إستدارت أخيرا و خرجت من الغرفة ، ثم هبطت إلي الطابق الأرضي سالكة سلالم الرخام مستندة إلي الدرابزين الحديدي المصقول الذي يشكل تحفة فنية صغيرة ..
راحت"داليا"تسمع صوت خطواتها علي الأدراج و حفيف ثوبها فوق ساقيها الناعمتين ، ثم إقتربت ببطء من البهو و هي تعي كل الروائع المحيطة بها .. كانت تبحث عنه هنا و هناك في هدوء شديد ، فاليوم عطلته و هو علي حد علمها يقضي يوم العطلة بالمنزل ، و كما توقعت عثرت عليه بحجرة المكتب حيث كان جالسا وراء مكتبه منكبا علي بعض الأوراق ، فلم يرفع رأسه لتوه ، بل مرت لحظة مشحونة بالتوتر قبل أن تتنحنح لتنبهه لوجودها ، فرفع رأسه عابسا و رأته ينظر إلي قامتها المتوسطة بعينين متفحصتين:
-صباح الخير.
هتفت"داليا"بثبات متوتر ، بينما إكتفي بهزة من رأسه ثم قال بهدوء آمر:
-تعالي .. تعالي يا داليا.
وقفت لحظة جامدة أمام مصراعي الباب و عيناها تحدقان في النوافذ العالية و الأبواب الزجاجية التي تطل علي ساحة القصر ، جميع المنافذ مقفلة و لا مجال للهرب منه ، فيما أطاعته بصمت حيث تقدمت صوبه بآلية ..
حجرة المكتب مريحة و مليئة بالكتب المرصوصة علي رفوف عريضة و سبق أن زارتها"داليا"مرة في الأيام السابقة .. قرب النافذة يقع مكتبه الخشبي الوثير الذي إعتلته بعض المستندات و الأوراق المختلفة ، كراسي و مقاعد جلدية كملت أثاث الحجرة أيضا .. :
-انا توقعت وجود حضرتك هنا بما ان انهاردة يوم الاجازة.
قالت"داليا"ذلك و هي تجلس في أحد المقاعد الجلدية الواقعة قرب مكتبه ، بينما رفع أحد حاجبيه متنهدا ثم قال متجاهلا تحفظها الرسمي معه:
-حبيت اخلص شوية حاجات مهمة قبل بليل.
ثم صمت قليلا و أخذ يحدق فيها بهدوء قائلا:
-انهاردة مش عايزك تسيبي اوضتنا خالص .. ماتخرجيش منها لاي سبب من الاسباب .. فهماني ؟؟
تطلعت إليه في دهشة عارمة ثم سألته:
-ليه ؟ ايه اللي هيحصل انهاردة ؟؟
-فاكرة مناقصة المراكب اللي دخلنا فيها؟؟
أومأت رأسها شاردة و هي تتذكر التفاصيل ، ثم عادت تحدق فيه قائلة:
-اه فاكرة.
ثم سألته باسمة:
-ايه رسيت علينا ؟؟
إبتسم بدوره ثم أومأ رأسه قائلا:
-ايوه .. رسيت علينا.
أطلقت ضحكة قصيرة ثم قالت مبتهجة:
-هايل .. هايل جدا .. حضرتك كنت مستني الخبر ده من فترة .. مبروك.
هز رأسه في هدوء ثم قال:
-عشان كده بقي انا قلت لازم احتفل بالمناسبة دي مع العملا و الموظفين يعني الليلة دي في حفلة كبيرة هنا في القصر .. و مش عايزك تظهري نهائي.
أومأت رأسها موافقة ، بينما قطع حديثهما مجئ أحد الخدم:
-عز الدين بيه .. مهندس الاضاءة وصل.
نظر"عز الدين"إلي الحارس قائلا:
-طيب شوفوه يشرب ايه و انا جاي حالا.
أطاعه الحارس بتهذيب ثم إنسخب فجأة كما آتي خلسة ، بينما أغلق"عز الدين"ذلك المستند الذي كان يتصفحه ثم نهض من خلف مكتبه قائلا:
-زي ما اتفقنا يا داليا .. مش عايزك تخرجي من الاوضة خالص انهاردة.
ثم غادر المكتب مسرعا ، بينما شردت هي و أخذت تحلل كلامه .. لماذا لم يدعوها إلي حضور الحفلة برفقته ؟ أليست زوجته الأن ؟ لماذا يريد إخفاءها عن الناس ؟
ثم فجأة أطلق هاتفهه الملقي علي المكتب نغمة صاخبة قصيرة معلنا عن وصول رسالة جديدة ، لوهلة ترددت عن الإقبال علي تلك الخطوة و لكنها أجبرت نفسها بدافع الفضول فتناولت الهاتف بسرعة ثم فتحت الرسالة ، فإذا هي من"جومانة خطاب" !
قرأت السطور الوجيزة بفتور"كده بردو يا عز .. نسيتني و اتجوزت ؟ بس علي اي حال انت ليا انا بردو ماتفتكرش اننا خلصنا لحد كده يا بيبي .. اشوفك انهاردة بقي" ..
عندما إنتهت من قراءة الرسالة ، بدت و كأنها تلقت صفعة علي وجهها ، حيث تلاحقت أنفاسها و تصاعدت الدماء إلي وجهها .. ثم أخذت تتساءل .. ألهذا السبب لا يريد إعلان خبر زواجه بها ؟ ألهذا السبب رفض إقامة حفل زفاف ؟ .. من أجل عبثه مع النساء ! فعل كل ذلك لهذا السبب ، و لتكون هي نوع جديد من الألعاب و الدمي التي لم يحصل عليها من قبل و لدي حصوله عليها سيحطمها بين يديه المدمرتين !
صرت علي أسنانها بقوة ، و لكنها إتخذت قرارها سريعا ، سوف تتجاوزه هذه المرة ، سوف تعصي أوامره و ليكن ما يكون ... !





-لأ يا عبير انتي اتجننتي ؟ اوعي تعملي كده طبعا اوعي.
قالت"ريم"ذلك مخاطبة"عبير"عبر الهاتف بينما أجابتها"عبير"باكية:
-مافيش قدامي حل تاني يا ريم.
-عبير !
هتفت"ريم"بحدة ثم تابعت:
-ماتبقيش مجنونة كل مشكلة و ليها حل ده غير ان ماينفعش نهائي اننا نصلح غلطة بغلطة اكبر فاهمة يا عبير ؟ عشان خاطري اوعديني انك مش هتتهوري في تصرفاتك .. اوعديني يا عبير.
إرتفع صوت نشيجها و هي تقول:
-حاضر .. حاضر يا ريم.
ثم فجأة سمعت طرقا خفيفا علي باب غرفتها ، فأغلقت الخط مع صديقتها ثم كفكفت دموعها سريعا و أذنت بالدخول قائلة:
-ادخل.
دلفت"داليا"في هدوء و قد علت وجهها إبتسامة لطيفة:
-صباح الخير .. ازيك ؟؟
حيتها"داليا"بلطف فأبتسمت"عبير"بشحوب قائلة:
-صباح الخير يا داليا .. انا تمام الحمدلله تعالي ادخلي.
أغلقت"داليا"الباب من خلفها ، ثم تقدمت صوب"عبير"حيث جلست إلي جانبها علي الفراش ، ثم حدقت بملامحها لبرهة و سألتها:
-عيونك حمرة اوي كده ليه يا حبيبتي ؟ انتي كنتي بتعيطي ؟؟
إرتبكت"عبير"قليلا ثم أجابت متلعثمة:
-لأ .. لأ ابدا ماكنتش بعيط انا بس لسا صاحية من النوم.
أومأت"داليا"رأسها بتفهم بينما سألتها"عبير"باسمة:
-اول مرة من ساعة جيتي تزوريني في اوضتي ! يا تري في سبب ؟؟
ضحكت"داليا"بخفة"ثم قالت:
-بصراحة اه.
-في ايه ؟؟
سألتها في إصغاء ، فأطلعتها"داليا"علي تفاصيل الحفلة التي ستقام الليلة بالقصر .. :
-حفلة !!
هتفت"عبير"مستغربة ثم أضافت:
-عز الدين بقاله سنين ماعملش حفلة زي دي هنا في البيت.
ثم صمتت قليلا و قالت:
-المهم يعني في مشكلة بالنسبة لك و لا حاجة ؟؟
تخضبت وجنتا"داليا"و هي تقول:
-ايوه في مشكلة صغيرة.
-ايه هي ؟؟
كم وجدت صعوبة في ذلك و لكنها إستطاعت النطق أخيرا فقالت بثبات:
-انا ماعنديش فستان مناسب لحفلة زي دي .. و فكرت في انك ممكن تساعديني يعني !
رحبت"عبير"بحرارة قائلة:
-اكيد طبعا اساعدك اوي انتي بتهزري ؟ بصي دولابي قدامك اهو اختاري اللي يعجبك.
إبتسمت"داليا"بإمتنان و شكرتها ثم نهضت متجهة صوب خزانة"عبير"المكتظة بأثمن الملابس الغالية ... !





في المساء ، و عندما أسدل الليل ستاره علي قصر الـ"نصار" ..
كانت"داليا"بالغرفة تقف قرب النافذة المطلة علي الحديقة ، تراقب ما يحدث بعصبية داخلية ، كانت الموسيقي الصاخبة هي أول شيء لاحظته ، ثم ذلك الجمع الهائل من الناس ، بينما أدركت بأن الوقت قد حان لتنفيذ مخطتها ، فهي كانت حريصة حيث أنتظرت خروجه من الغرفة أولا بعد إنتهاءه من تجهيز نفسه لكي تبدأ هي بتجهيز نفسها ..
تركت موضعها مسرعة ثم تقدمت صوب الخزانة الكبيرة و أخرجت منها الثوب الذي إعارتها إياه"عبير" .. كان فستانا أسود قصير جدا و قد تعمدت"داليا"اختياره كنوع من أنواع العناد الذي و لابد و أن يثير غضب"عز الدين"بل أنه سيتحول إلي وحش كاسر لدي رؤيته إياها علي تلك الشاكلة .. نظرت إلي المرآة لتري النتيجة النهائية ، و بالكاد تعرفت علي تفسها ، فقد مشطت شعرها بطريقة غجرية حيث جعلته متموج في خصل حريرية ، و وضعت مكياجا جريئا و طلت شفتاها بلون أحمر داكن كلون الدماء .. كانت تبدو أكثر إغراء من أي وقت مضي بحياتها ..
و أخيرا نزلت إلي الحديقة و هي تتمايل بخطي رشيقة ، و كم ذهلت من نفسها و تساءلت .. من أين أتت بتلك القوة المدمرة ؟ .. ماذا سيفعل بها الليلة يا تري ؟
إرتعش بدنها و هي تفكر في النتائج لكنها إنتفضت بلا إكتراث ، ثم إبتسمت بثقة و تابعت سيرها وسط الجموع الغفيرة ..
أخذت تتجول ببصرها هنا و هناك ، بينما إزدادت قاعة الرقص بأفخر الزينات من أجل إستقبال المدعوون الكثر ، ذوات الطراز الذي يرتاح إليه سيد المنزل ، فهم من عُلية القوم و العوائل العريقة بإستثناء الموظفين الذين إتخذوا جانب فاصل عن الضيوف الأساسيين للحفلة ..
كانت الموسيقي الكلاسيكية تصدح و كان المدعوون منتشرين علي طول الحديقة ، يتحدثون ، و يضحكون ، و يشربون مما أضفي علي المكان جوا من المرح بينما حاولت"داليا"إيجاد"عز الدين"بين هذا السيل البشري ، فبقيت تمرر عينيها حتي رأته ، رأته في وضع مخزي جرح قلبها و جمد الدماء بعروقها ، فقد كانت المفاجأة الكبري و المذهلة أنه كان يرقص مع"جومانة خطاب"علي نغمات موسبقية هادئة ، كانا يرقصان بحميمية شديدة ، حيث كانا يحتضنان بعضهما البعض بقوة و كأنهما لا يشعران بوجود أحد !!
كادت"داليا"تقرص جلدها كي تتأكد بأن هذا حلم أو كابوس مزعج ، و لكن لا .. كل شيء حولها أكد لها أنها الحقيقة ، بقيت واقفة بمكانها حتي إنتهت الرقصة ، بينما كان يضحك بوقار كعادته حين إستدار و رأها أمامه ، تجهم وجهه و إتسعت عيناه لدي رؤيته إياها .. ترك ضيوفه فجأة و سار نحوها بخطي واسعة ، غاضبة حتي إقترب منها و وقف أمامها وجها لوجه:
-ايه اللي انتي عملاه في نفسك ده ؟؟
قال بغضب جامح ثم تابع بحدة:
-انا مش قلتلك تترزعي في الاوضة و ماتسيبيهاش خالص ؟ بتكسري كلامي ؟؟
رمقته بمرارة شديدة بينما أضاف بعنف ليزيد من خوفها المعدوم أساسا:
-اوعدك بعد الحفلة و لما افضالك .. حسابك معايا هيكون عسير .. الحركة دي مش هتعدي علي خير ابدا يا داليا.
ثم أمرها بحدة:
-ارجعي البيت فورا .. حسابنا بعدين زي ما قلتلك.
عند ذلك ضحكت"داليا"بقوة ثم قالت:
-انا نزلت بس عشان اتأكد من حاحة صغيرة يافندم .. و خلاص اتأكدت.
قطب حاجبيه مستغربا ، بينما إقترب منها نادل فإبتسمت لأنها وجدت الفرصة المناسبة للإنتقام منه ، فأخذت من الطبق الذي يحمله كأسا معبأ بالشراب ، ثم إقتربت من"عز الدين"بخطوات ثابتة ، و فحأة رمت محتوي الكأس بوجهه ..
تجمد بمكانه من الصدمة فأستغلت هي الفرصة و صرخت به باكية:
-اه يا ظالم يا مفتري .. ازاي تعمل فيا و في بنات الناس كده ؟؟
توقفت الموسيقي فجأة و ساد الصمت المطلق ، ثم أخذ الجميع ينقل نظراته بينهما فرفعت نحيبها قائلة:
-بعد ما صدقتك و قبلت اني اتجوزك اكتشف انك خاين و بتعرف عليا ستات و بنات كتير !!
سمعت همهمات المدعوون تتعالي من كل إتجاه ، فأختلست النظر إليه ، لتجد وجهه متجمدا من الغضب .. هذه علامة سيئة و لكنها لا تأبه فقد نال ما يستحقه !
بينما أقترب منها بخطوة واحدة و أمسك بذراعها و هو يقول للحضور:
-اسف .. راجع حالا.
ثم جذبها بعنف حتي وصل إلي داخل المنزل ، فحملها علي كتفه حيث كانت رأسها خلف ظهر و قدمها أمام صدره بينما أخذت تصرخ بقوة:
-نزلني .. نزلني يافندم .. نزلني.
و لكنه ظل صامتا حتي وصل بها إلي الغرفة ، فأغلق الباب بقدمه ثم توجه بها نحو الفراش و ألقاها بعنف قائلا بهدوء مرعب:
-من الواضح يا حبيبتي انك محتاجة لجلسة تأديب و هكون سعيد جدا و انا بقوم بيها.


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:40 AM   #18

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*




الحلقة (17):




نبرته الهادئة و المهددة في آن معا ملأت قلبها رعبا ، فيما إنحني علي الفراش و قبض علي يدها بأصابعه الفولاذية ثم أشعل صوته بفضب حارق و تابع قائلا:
-اتجرأتي عليا اوي يا داليا بس و ديني الحركة دي مش هتعدي بالساهل و لا ليلتك هتعدي علي خير.
حدقت فيه بثبات مرعب ثم نطقت أخيرا فقالت محتدة:
-علي فكرة حضرتك .. انا مش ندمانة نهائي علي اي حاجة عملتها اي واحدة مكاني لو كانت شافت جوزها في الوضع اللي كنت فيه كانت هتعمل اكتر من كده.
أطبق يديه علي كتفيها العاريتين و راح يهزها بلا رحمة و هو يزأر من بين أسنانه:
-بتهزأيني قدام ضيوفي و الموظفين بتوعي و كمان بتقولي مش ندمانة ! لأ و لحظة قولتي ايه ؟ جوزك ! ده بأمارة ايه ؟؟
شعرت بقلبها يكاد ينخلع من صدرها ، و جاهدت بقوة حتي لا تفر دمعة خوف من عينها ثم قالت بأنفاس متقطعة:
-بأمارة اننا متجوزين طبعا .. ماعتقدش حضرتك نسيت يعني.
إشتعلت عيناه كالنار و هو يحدجها بغضب عارم ، ثم أنزل يديه و قبض علي معصمها بقوة قائلا بنبرة زادتها رعبا:
-طيب .. استعدي بقي يا داليا .. انا نازل اكمل الحفلة مع الناس اللي تحت قدامك شوية وقت .. حاولي تستفيدي من وقتك ده لاني لو رجعت و قابلتيني بالرفض .. هتجبريني ساعتها اني اتعامل معاكي بطريقة مؤلمة مش هتتحمليها.
لم ينتظر ردها ، بل هب واقفا ثم غادر الغرفة تتآكله عصبيته ، بينما ظلت لفترة طويلة بعد ذهابه تحدق في أثار قبضته الحمراء حول رسغها و كأنها سوار عبودية طبعته علي لحمها أصابع سيد جبار !
الليلة سوف يطالبها بأن تلعب دور الزوجة المطيعة و الخالية من الروح ، لا مهرب لها من عقابه المحتوم ، يبدو أنها لا تستطيع إحتمال عذاب أكبر ، فحبها له هو العذاب الأليم بحد ذاته !
أخذت تفكر به مليا .. قاسٍ هو إلي أبعد الحدود ، و ربما غير آبه لأي شخص أو لأي شيء ، و لكن الأمر الأكيد ، أنه في غضبه يبدو أكثر جاذبية !
تلك الأفكار المجنونة أذهلتها ، فكيف تجده جذابا في لحظات كهذه ؟ كيف تحبه إلي هذه الدرجة و هو السبب بكل آلامها ؟ و كيف لا تحبه أيضا و هو أكبر لغز بالكون ؟
هو السيء العنيف القاس ، و لكنه الأفضل علي الإطلاق ، يملك جاذبية صارخة ، منذ قليل لم يكن وسيم الطلعة كعادته فملامحه كانت صلبة و قاسية إلي درجة أن وصفه بالرجل الوسيم فقط كان نعتا لا يفي بالمطلوب ، إذ أنه دائما سواء في هدوءه أو ثورته يمتلك نوعا من العنف الرقيق ، أكد لها أن حياته لم تكن حياة إنسان لاه مسترخٍ ، كان معتادا علي الرفاهية فعلا ، لكن الشخصية التي بانت من خلال ملامحه لم تخلق من مثل نمط الحياة هذه ..
كان قاسيا في مشاعره و سلوكه ، و لكنها وقعت بحبه سهوا ، أغرمت به إلي أقصي حد ، فهو من حرك مشاعرها لأول مرة ، هو من أوقظ تلك الأنثي بداخلها ، هو من أوقد تلك الشعلة الملتهبة بداخلها التي بثت لهيب حبه بكيانها و التي لن تنطفئ حتي يتوقف قلبها عن الخفقان ..
لم تعلم كم مر عليها من الوقت و هي جالسة تخوض صراع قوي بين عاطفتها و عقليتها ، لم تنتبه إلا عندما إنفتح باب الغرفة و دلف"عز الدين"بمنتهي الهدوء بعد أن أغلق الباب من خلفه ، بينما هبت من الفراش مذعورة حين رأته يتقدم صوبها ببطء و كأنه أسد متربص جاهز للإنقضاض علي فريسته ، فرت من أمامه راكضة حيث إلتصقت بالجدار في أخر الغرفة ، فيما ألقي بثقله علي الفراش متهالكا مما أدهشها و أثار حيرتها !
بينما تنهد بعمق مسندا رأسه إلي حائط الفراش ، و تمعن فيها بكسل متأملا خوفها الظاهر بوضوح في دموع عينيها و رعشات جسدها ، ثم همس بلهجة صارمة:
-تعالي هنا.
تجمدت"داليا"بمكانها ثم هزت رأسها بخوف قائلة:
-لأ .. ارجوك .. قول اللي انت عايزه انا سمعاك من هنا.
أعاد عبارته بلهجة حادة مرتفعة:
-تعالي هنا.
إنتفضت"داليا"و دمعت عيناها ، ثم هزت رأسها ببطء رافضة ، أمهلها عشر ثوان للعدول عن رأيها ثم فقد صبره ، فقفز واقفا علي قدميه بعنف شديد و تقدم صوبها بخطوات غاضبة حتي وصل إليها ، فطرح يديه علي كتفيها ثم شدد قبضته عليها قائلا بنعومة شرسة:
-انتي بتزودي عصبيتي يا داليا .. اسمعي الكلام احسنلك.
ثم غرز أصابعه في كتفيها غير آبه بمقاومتها الركيكة ، فهتفت تقول بإرتباك مجنون:
-انا عارفة اني غلطت .. بس بس ..
-غلطتي !!
قاطعها بقوة ، ثم تابع بصوت قاس ٍ و كأن الغضب يسحق الكلمات بين أسنانه:
-انا متاكد انك ماكنتيش في وعيك اساسا لما اتصرفتي معايا انا كده و قدام الناس كمان .. بس احب اقولك ان اللي عملتيه ده اتنسي خلاص و محدش هيجرؤ يفتكر اللي حصل اساسا .. عارفة ليه ؟ لان كل الناس اللي شوفتيهم دول بيخافوا مني و اكبرهم قبل اصغرهم بيعملي حساب الا انتي.
إبتلعت ريقها بصعوبة و كادت تتكلم فسارع إلي القول بحدة:
-هو الموقف ده فعلا اتنسي بالنسبة للناس .. لكن بالنسبة لي انا لسا ماتنساش و مش هيتنسي قبل ما ادفعك التمن يا داليا .. واضح اني كنت لطيف معاكي لدرجة صورتلك اني ضعيف لكن لأ يا داليا مش انا .. مش عز الدين نصار اللي تعمل فيه كده واحدة زيك .. انا شكلي فغلا كنت غلطان لكن خلاص مش هتمادي تاني في الغلط ،، بس الاول لازم اصلح غلطتي.
تسمر بصرها في عينيه المشتعلتين وسط وجهه الغاضب المخيف ثم قالت بصوت مبحوح:
-ابعد عني .. لو سمحت.
برقت عيناها بدموع الخوف و هي تتوسل إليه ثم تابعت:
-انا بعتذرلك .. انا اسفة .. سيبني بقي.
إبتسم بتهكم قائلا:
-اعتذارك مقبول يا داليا .. بس ده مش هيمنعني عن اللي في دماغي بردو.
ثم قربها إليه حتي ألصقها به فشعرت بصلابة جسده ، بينما وضع قبلة عميقة علي وجنتها فإرتعت علي أثرها ، ثم نزل بقبلاته التي إزدادت حرارة و قسوة إلي عنقها ، فيما يداه تتلمس بقوة و بطء كافة أجزاء جسدها في إكتشاف مثير لمعالمه الأنثوية .. :
-بس .. ارجوك .. كفاية ماتعملش فيا كده.
رجته بضعف ، بينما عاد ينظر إليها و قد سيطر علي أنفاسه اللاهثة ثم رفع حاجبيه بإندهاش مصطنع و قال:
-و انا بعمل فيكي ايه بس يا داليا ؟ انتي مراتي و بطالب بيكي .. ده حقي.
رمقها بحدة ، فإنهارت قواها تماما تحت إصراره العنيف فراحت تبكي بهوان قائلة:
-ارجوك .. بلاش دلوقتي.
كانت تعلم بأن كل توسلاتها لن تؤثر فيه مثقال ذرة إذ أدركت أنها أبعدته عنها ما فيه الكفاية ، و أنه قد وصل إلي نقطة اللاعودة في نفاذ صبره و غضبه ، بينما عيناه الجائعتان مشطتا جسدها الملتف بالثوب الأسود المثير الذي كشف عن معظم جسدها و أبرز منحنياتها و مرتفاعتها .. ثم فجأة تذكر أنها ظهرت أمام ضيوفه بهذا الشكل مما أوقد نيران الغضب بكيانه مرة أخري ، فحدق فيها بقسوة ثم إنحني برأسه و إلتهم شفتيها بعنف ، قبلها بوحشية فأحست و كأنه يمتص الحياة من بين شفتيها ، حاولت جاهدة أن تقاوم ، أن تهرب ، لكنه أخمد محاولاتها بعنف و إصرار بالغين ، حتي خارت قواها و إستسلمت لدفء جسده الغامر ..
و لكن فجأة قفزت برأسها صورته مع جومانة في مشهد الرقصة الحميمية ، فعادت إلي صوابها و أبعدت وجهها عنه بقوة صارخة:
-لأ .. لأ مافيش اي حاجة هتتم بإرادتي.
رمقها بغضب ثم رفعها بين ذراعيه مزمجرا:
-يبقي غصب عنك بقي.
و توجه بها نحو الفراش ثم ألقاها بعنف ، و قبل أن تفيق من صدمتها كان قد كبل حركتها بجسده الضخم حيث قتل لها كل أمل بالفرار منه ، ثم أطبق شفتيه علي شفتيها مسكتا صراخها بقبلة وحشية ، فأيقنت بمرارة أن
أي مقاومة لن تأت بنتيجة ، و أنها لن تنسي أبدا هذه الليلة طوال حياتها ... !





في الصباح التالي ، إرتدت"ياسمين" ملابسها و جمعت أدواتها و أشيائها المهمة إستعدادا للذهاب إلي الجامعة ، و بينما كانت تهم علي مغادرة غرفتها سمعت صوت إرتطام الحصي بزجاج شرفتها ..
قطبت حاجبيها مستغربة ثم إتجهت نحو الشرفة و فتحتها ، لتكتشف أن الفاعل هو"عمر" .. إبتسمت بخفة و هي تطل من الشرفة و كأنها جوليت تستقبل روميو:
-صباح الخير يا دكتورة.
حياها"عمر"بإبتسامة مرحة ، و قد وقف تحت الشرفة بملابسه التي لم تخل من الأناقة ، بينما حيته"ياسمين"بدورها:
-صباح النور يا استاذ.
ثم تابعت متسائلة:
-يا تري اقدر اعرف ايه الحكاية ؟ و كنت بترمي ايه في البلكونة ؟؟
ضحك بخفة ثم أجابها متجاهلا جزء من سؤالها:
-بصراحة انا رايح الجامعة عشان اجيب جدول الامتحانات لعبير فقلت الحقك يعني.
رمقته بحيرة قائلة:
-تلحقني يعني ايه ؟!
-اقصد اوصلك في سكتي يعني ما انا بقولك رايح الجامعة.
قالت بشك:
-بس اللي اعرفه انك دلوقتي مرفود من الجامعة بسبب خناقتتا المشهورة .. هتدخل عادي كده ؟؟
إمتعض وجهه بإنزعاج مصطنع فقال:
-طيب بتفكريني ليه دلوقتي ؟ انتي شكلك مش عايزاني اوصلك صح ؟؟
نظرت إليه صامتة ، فأومأ رأسه قائلا:
-عموما انا حبيت اعرض عليكي مساعدتي بما اننا بدأنا صفحة جديدة زي ما انا فاكر يعني .. بس واضح ان الكلام ماكنش طالع من قلبك.
قهقهت"ياسمين"بقوة ثم عادت تنظر إليه قائلة:
-تعرف ان الطريقة دي من اقدم الطرق للإستدراج ! بس انا موافقة انك توصلني بمزاجي فاهم ؟ بمزاجي.
عض علي شفته بغيظ خالطه إعجاب دفين ، ثم تطلع إليها باسما و قال:
-ماشي يا دكتورة .. و انا مستنيكي.
و أختفت"ياسمين"من أمامه إلي الداخل ، ثم إلتقطت أشيائها قبل أن تلبي دعوة"عمر"بكل مرح ..
علي الطرف الأخر كان"عمر"ينتظر نزولها ، و عندما ظهرت أمامه أخذ يتأمل جمالها الشبيه بجمال الأزهار ، ثم إقتطف لها زهرة صفراء ذهبية تقبلتها بإبتسامة خجلة ، ثم إستقلا السيارة معا و إنطلقا خارج أسوار القصر بينما كان موكب الشمس يتهادي في الأفق ، و نسيم الصباح يهب بلسعة باردة منعشة ..
إستغرقا في الطريق نصف ساعة تقريبا حتي وصلا إلي الجامعة .. :
-طيب يا استاذ عمر .. شكرا علي التوصيلة.
شكرته"ياسمين"باسمة ، فإحتج ضاحكا:
-طيب ايه لزمتها يا استاذ عمر دي .. ناديني باسمي عادي انا مش لابس طربوش يعني.
ضحكت لتعبيره قائلة:
-ماشي يا عمر .. شكرا تاتي و سلام بقي.
و كادت تدفع باب السيارة لتخرج إلا أن صوته المتردد إستوقفها:
-تحبي ارجع اخدك بعد ما تخلصي محاضراتك ؟؟
إلتفتت إليه مجددا ثم قطبت حاجبيها قائلة:
-مش عايزة اتعبك انا عارفة السكة كويس.
-مافيش تعب يا ستي و الله صدقيني انا فاضي مابعملش حاجة.
إبتسمت بخفة ثم قالت:
-ماشي .. و طالما انت مُصر كده يبقي انا اللي هاجيب جدول امتحانات عبير و خليك انت ماتدخلش منعا للمشاكل.
أومأ رأسه باسما ثم سألها:
-طيب هتخلصي الساعة كام ؟؟
نظرت في ساعة يدها ثم أجابته:
-هخلص علي الساعة 1 و نص.
-تمام هجيلك من 1.
منحته بسمة جامدة مراوغه ، ثم ترجلت من سيارته ...!






إستيقظت"داليا"متأخرة نحو منتصف النهار ، فتحت عينيها ببطء لتجد نفسها وحيدة بالفراش بل بالغرفة بأكملها .. دمعت عيناها و هي تتحسس الوسادة و الغطاء حيث كان يرقد"عز الدين"قبل قليل ، ثم إستوت جالسة علي الفراش الذي شه نهاية عذريتها ...
هزت رأسها بقوة و هي تبتسم بمرارة سرعان ما تحولت إلي بكاء مرير ، دفنت وجهها بالوسادة التي مازالت تعبق برائحته و أخذت تنشج بقوة متذكرة تفاصيل الليلة الماضية ، بقدر ما تاقت إلي تلك اللحظة بقدر ما كرهتها عندما وقعت ، فهو إستخدمها كوسيلة لإشباع رغباته و حاجاته فقط ، و كان غير آبه إلا بنفسه مما أشعرها بالذل و الهوان ، ربما لو كان لطيفا معها لكانت تغاضت عن أشياء كثيرة و بادلته بمشاعرها الحأشة ..
لأول مرة تعرف"داليا"الشعور بالقهر و الإذلال .. في النهاية و عندما بدأت تشعر بنفسها علي وشك الإنهيار التام ، سحبت نفسها من الفراش و دلفت إلي الحمام ، بعد أن أخذت حماما كاملا ، لفت جسدها بروب الإستحمام ثم خرجت إلي الغرفة ، توجهت صوب المرآة ، وقفت تتأمل نفسها لطالما دل مظهرها علي الضعف ، لطالما كانت نفسها هشة قابلة للكسر ، و لكنها تحملت الشقاق طوال عمرها ليأتي حبيب قلبها و بضربة واحدة يحولها فتاتا ..
ثم فجأة عادت إليها كل الأفكار و المشاعر التي ملأت نفسها و قلبها بعد رؤية"عز الدين"مع"جومانة"و تصورت أن ملابس تلك المرأة منثورة في كل مكان بهذه الغرفة مما جعلها تنفجر باكية ، فهي تحبه كثيرا .. تحبه و تريده لها هي فقط ليس لـ"جومانة"و لا لأي إمرأة ممن يحومن حوله كالنحل حول وعاء عسل !
يجب أن تفعل شيء .. و لكن ماذا عساها أن تفعل ؟؟






وصل إلي شركته باكرا ، إذ شعر بضيق رهيب يحتل نفسه ..
كان جالسا خلف مكتبه شارد الذهن ، مشوش الأفكار حين دلف"خالد"فجأة صائحا:
-و ربنا انت ناوي علي خراب بيتنا .. بقي انا بقالي يومين غايب عن شغلي و بيتي عشان اشوف مصالحنا و اجي انهاردة الاقي شيكات البنك لسا ماتمضتش ؟!
و لكنه لم يحرك ساكنا ، فقطب"خالد"حاجبيه ثم هتف بإسمه:
-عز الدين .. عز .. عز الديييين !!
إنتفض منتبها ثم حول نظره إلي"خالد"قائلا:
-ايه يا خالد في ايه ؟؟
-في ايه !!
ردد متهكما ثم تابع:
-انت اللي في ايه ؟ مالك ؟؟
هز رأسه عابسا ثم أجابه:
-مافيش حاجة.
-مافيش حاجة ازاي ! انت مابتسرحش كده الا لو كان عقلك مشغول بحاجة و حاجة كبيرة كمان .. قولي يا عز في ايه ؟؟
تأفف قائلا:
-قلتلك مافيش حاجة يا خالد.
ثم سأله:
-قولي انت كنت عايز ايه ؟؟
تنهد"خالد"و هو يرمقه بشك ، ثم جلس قبالته و قال:
-اولا في شيكات مهمة عايزة تتمضي.
-و ثانيا ؟؟
-ثانيا بقي عايزك في موضوع.
-خير موضوع ايه ؟؟
-عبير يا عز.
قطب حاجبيه متسائلا:
-مالها عبير ؟؟
-امتحاناتها الاسبوع الجاي.
هز كتفيه في هدوء قائلا:
-طيب !!
-طيب ايه بس انت مش قولتلي قرب امتحاناتها هتقولها علي ميعاد الفرح ؟؟
-انا قلتلك قرب ما تخلص امتحاناتها يا خالد.
قال"عز الدين"بصرامة ، فتأفف"خالد"قائلا:
-مش هتفرق يا عز.
-انت مالك مستعجل كده ليه ؟ ما هي موجودة هتروح فين يعني ؟؟
-يا اخي بحبها ده غير اني خللت خلاص بقالي سنين مستنيها و انت اللي كنت دايما بتأجل بحجة دراستها اديها هتخلص اهو جوزهالي بقي.
رمقه بضجر ثم قال:
-خلاص بقي يا خالد انت صدعتني بالموضوع ده.
-صدعتك ! بقي كده ؟؟
زفر"عز الدين"بقوة ثم قال:
-اسمع يا خالد .. انا اكتر واحد مستعجل علي جوازكوا بس كل حاجة لازم تكون في وقتها .. صحيح انا عايز ارتاح من
مسؤلية عبير و اطمن عليها لكن كمان هي اختي الوحيدة و ابويا وصاني عليها اكتر من عمر .. عشان كده عاملتها بمنتهي اللطف من و هي طفلة لحد دلوقتي راعيتها اوي.
-يعني انا اللي هعذبها يا عز ؟ بقولك بحبها .. بحبها.
-خلاص يا سيدي عرفت انك بتحبها.
ثم تنهد بثقل و قال:
-هبقي أفاتحها في الموضوع لما اروح و انت ابدأ في التجهيزات.
هب"خالد"واقفا و قد إنفرجت أساريره ثم قال:
-انت بتتكلم جد ؟؟
-ايوه يا سيدي.
قال"عز الدين"في ضيق ، فتعالت ضحكات"خالد"ثم تركه مهرولا إلي الخارج بينما ذهل"عز الدين"قائلا:
-لا حول و لا قوة إلا بالله !!






كلما عزمت علي القيام بالأمر يصيبها الجُبن .. فتتساءل .. أين كان الجُبن و الخوف عندما وقعت في المحظور ؟ أين ؟
و لكن عليها بفعل ذلك ، فليس أمامها خيار أخر ، إما أن تنتهي دون مشاكل ، إما أن تبقي في مواجهة مصيرها البائس المجهول .. هكذا صور لها شيطان نفسها حياتها البائسة ، حتي إنسجمت في تخيلاتها و كادت تمزق شرايينها بتلك الآلة الحادة ، لولا دخول الخادمة في الوقت المناسب:
-ست عبير.
هتفت"فاطمة"بخفوت ، بينما إنتفضت"عبير"مذعورة ثم خبئت السلاح الحاد تحت وسادتها قائلة بغضب:
-مش تخبطي قبل ما تدخلي ؟ ازاي تدخلي عليا منغير اذن ؟؟
توترت"فاطمة"ثم أجابتها متلعثمة:
-انا اسفة يا ست عبير ماكنش قصدي.
زفرت"عبير"بحنق ثم سألتها بنبرة أقل حدة:
-عايزة ايه ؟؟
-عز الدين بيه عايزك.
-عز الدين !!
رددت مستغربة ثم سألتها:
-هو فين ؟؟
-مستنيكي تحت في الهول الكبير.
أومأت رأسها قائلة:
-طيب انا نازلة روحي انتي بقي.
أطاعتها"فاطمة"حيث إنسخبت في هدوء ، بينما تحاملت"عبير"علي نفسها و تهضت ، ثم إتجهت صوب خزانتها و أخرجت رداء أبيض رقيق لتلف به جسدها ، و لتدارِ أيضا موضع سكون طفلها الذي بدا عليه النمو ، ثم غادرت غرفتها متهالكة حتي وصلت إلي حيث ينتظرها أخيها ..
كان يجلس بهيبة و عنفوان كعادته علي أحد المقاعد الوثيرة ، و ما أن رأها حتي إبتسم بخفة ثم دعاها للجلوس قائلا:
-تعالي يا عبير .. تعالي اقعدي.
إبتسمت بشحوب ناظرة إليه بأعين ذابلة ظللها السواد ، فيما إسترعي ذلك إنتباهه فسألها:
-مالك يا عبير ؟ انتي تعبتي تاني و لا ايه ؟؟
- لأ يا حبيبي مش تعبانة انا بس لسا صاحية من النوم.
همهم قائلا:
-مش عارفة انا ايه حكايتك ؟ بقالك فترة مش مظبوطة !!
توترت أعصابها فسألته بإرتباك:
-مش مظبوطة ازاي يعني يا عز ؟؟
هز كتفيه قائلا:
-مش عارف ! حاسك مكتئبة كده بقيتي بتقعدي في البيت كتير و مابتخرجيش مع صحابك زي عادتك بطلتي تطلبي مني فلوس زي الاول بردو حتي طريقة لبسك اتغيرت.
لم تجد كلاما مناسبا للرد علي ملاحظاته الثاقبة فإعتصمت بالصمت فيما هز رأسه قائلا:
-خلينا في المهم دلوقتي .. انتي اكيد عايزة تعرفي انا عايز اكلمك في ايه ؟؟
أومأت رأسها دون كلام ، فقال بتمهل و هو يناولها مجلد أسود أنيق:
-خدي الكتالوج ده .. عايزك تختاري احلي حاجة و اغلي حاجة اللي يعجبك شوري عليه بس و انا عليا الباقي.
أخذت"عبير"المجلد من يده ثم فتحته و تصفحته ذاهلة ، ثم عادت تنظر إليه متسائلة:
-ايه ده يا عز ؟؟
-ايه يا عبير مش واضح و لا ايه ؟ ده كتالوج هتختاري منه فستان فرحك.
إبتلعت ريقها بصعوبة و قد شحب وجهها حتي البياض فقالت:
-فرحي ؟ .. فرحي ازاي يعني انا مش فاهمة حاجة ؟؟
-ما هو عشان ما ببقاش الموضوع مفاجأة بالنسبة لك قررت افاتحك فيه دلوقتي .. انا حددت ميعاد الفرح مع خالد بعد امتحاناتك في نص الشهر الجاي .. مبروك يا حبيبتي.
هزت رأسها بقوة ثم نهضت و رددت كلمة"لأ"بلا وعي حتي سقطت مغشيا عليها ..
فأطلقت"فاطمة"صرخة عالية عندما دخلت في تلك اللحظة حاملة كوبا من القهوة لـ"عز الدين"فإنفلت من بين يدها و سقط أرضا ، بينما هرع"عز الدين"علي شقيقته بفزع حيث جثي علي ركبتيه إلي جانبها و أمسك بوجهها بين كفيه قائلا:
-عبير .. عبير مالك ؟ عبير !!
-ايه اللي حصل ؟؟
هتفت"داليا"بذعر عندما شاهدت ما حدث لدي وصولها ، و قد جاءت مهرولة علي أثر صراخ"فاطمة" ..
رمقها"عز الدين"بإضطراب و قلق ثم قال بتوتر:
-عبير .. مش عارف .. مش عارف مالها !!
ثم أخرج هاتفهه و طلب الطبيب كي يحضر لفحص أخته ، ثم أنهي المكالمة و حمل"عبير"إلي غرفتها حيث مدد جسدها المتراخ فوق فراشها الوثير ..
مرت ساعة كاملة حتي آتي الطبيب ، و بعد أن فحصها إنسحب من غرفتها إلي الخارج فتتبعه"عز الدين"بينما"داليا"جالسة إلي جانبها و القلق يعصف بها هي أيضا .. :
-مالها يا دكتور ؟؟
سأل"عز الدين"الطبيب بقلق ، فإبتسم الطبيب ذا الشعر الثلجي قائلا:
-ماتقلقش يا عز الدين بيه دي كانت إغماءة بسيطة و هتفوق حالا ماتقلقش.
-سببها ايه الاغماءة دي يعني ؟؟
-و الله مافيش اي مشكلة عضوية ممكن تكون نفسيتها تعبانة او ممكن تكون بتفكر كتير و قلقانة من ميعادها.
-ميعادها ! .. مش فاهم !!
ضحك الطبيب بخفة ثم قال:
-هما الستات دايما كده بيخافوا من اول مرة بس بعد كده هتتعود.
-هتتعود علي ايه ؟ اختي مالها يا دكتور فيها ايه ؟؟
-معقول !!
-معقول ايه ؟؟
سأله"عز الدين"بنفاذ صبر فأجاب:
-معقول ماتعرفوش انها حامل ؟؟



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:42 AM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (18):



ظهر"عمر"في تلك اللحظة ، فأقبل بتوجس علي شقيقه و الطبيب ، بينما إحتلت الصدمة أركان وجه"عز الدين"حيث إتسعت عيناه بشدة و تصلب فمه بإضطراب غير مصدق .. :
-في ايه يا عز ؟ ايه اللي بيحصل هنا ؟؟
قال"عمر"ذلك موجها حديثه إلي أخيه ، بينما تجاهله"عز الدين"و عاد يسأل الطبيب مرة أخري و أخيرة:
-انت .. متأكد .. متأكد يا دكتور انها حامل ؟؟
أومأ الطبيب رأسه قائلا:
-طبعا متأكد يا عز الدين بيه دي دخلت في الشهر الرابع الاعراض واضحة جدا و انا بصراحة مندهش انكوا ماعندكوش علم بالخبر !!
و كأن هذا الكلام هو ما كان يحتاجه"عز الدين"تماما كي يصدق و يتدارك الأمر ، بينما أعاد"عمر"سؤاله مجددا:
-عز الدين ! في ايه ؟؟
إلتفت"عز الدين"إلي أخيه فحدجه بصرامة قائلا:
-وصل الدكتور.
ثم إستدار و إتجه إلي غرفته سريعا .. دلف بعصبية و أخرج هاتفهه و بحث في قائمة الإتصالات عن إسمه حتي وجده ، فأجري الإتصال به .. ليأتي صوته الهادئ بعد لحظات:
-ايوه يا عز !
-تعالالي حالا.
قال بلهجة هادئة مرعبة ،بينما علي الطرف الأخر سأله بقلق:
-في حاجة و لا ايه ؟؟
-لما تيجي هتعرف.
أجابه بصوت صارم أجش ، فصمت قليلا ثم قال:
-طيب انا جاي انت في البيت يعني ؟؟
-ايوه.
-ماشي انا عموما قريب من البيت.
-متتأخرش.
نبهه"عز الدين"بجمود ثم أغلق الخط و نيران الغضب تتأجج بداخله ، فيما دلف"عمر"فجأة صائحا:
-عز الدين .. الكلام ده حقيقي ؟ الكلام اللي سمعته من الدكتور ده صحيح ؟ عبير حامل ؟؟
حول"عز الدين"نظره الغاضب إلي أخيه قائلا:
-اخرس .. اخرس انت دلوقتي.
-يعني ايه اخرس انت دي ؟ هو انا مش اخوها بردو و لا ايه ؟!
هتف"عمر"بعصبية بالغة ، فصاح به"عز الدين"بغضب جامح:
-اخوها ! لو كنت اخوها زي ما بتقول كنت فتحت عينك عليها كنت خدت بالك منها كنت عملت حساب اني شايل علي كتافي مسؤلية حملهالي ابوك و هي اني احافظ علي الشغل و علي الثروة و الجاه اللي عملوا عشانكوا لو كنت اخوها كنت اتصرفت زي الرجالة.
صمت"عمر"مصدوما أمام إتهامات شقيقه ، فرمقه"عز الدين"بحقد سافر قائلا:
-اديني سبب واحد يخليني ماقطعكش حتت.
أطرق"عمر"رأسه بإنكسار ، بينما دلفت الخادمة في هدوء حذر قائلة:
-عز الدين بيه ! خالد بيه وصل تحت.
ما أن سمع"عز الدين"ذلك حتي هرول راكضا إلي الأسفل يتبعه"عمر" ..
و أخيرا و صلا إلي"خالد"الذي بدا مندهشا من الشكل الذي بديا عليه الشقيقين ، بينما إقترب منه"عز الدين"ثم جذبه ثيابه صارخا:
-انت عملت ايه في عبير ؟؟
-عملت ايه في عبير !!
ردد"خالد"بإضطراب ذاهل ثم تابع:
-ماعملتش حاجة .. ليه مالها عبير ؟؟
صاح"عز الدين"بقوة:
-انت هتستعبط عليا يا خالد !!
أنزل"خالد"يدي"عز الدين"عنه بعنف ثم صاح بحدة:
-كلمني عدل يا عز الدين انا مش فاهم حاجة .. قولي ايه الحكاية عشان اعرف ارد عليك ؟!
-حقيقي مش عارف في ايه ؟؟
هتف"عمر"بحنق و هو يرمقه شزرا ثم تابع:
-مش عارف انك استغفلتنا و غلطت مع عبير ! ايه كنت فاكر ان الموضوع هيفضل سر و اننا مش هنعرف ؟؟
-ايه الكلام الفارغ ده ؟؟
هتف"خالد"بصدمة مقطبا حاجبيه في غضب ثم تابع:
-مافيش اي حاجة من دي حصلت .. مين اللي قال كده ؟؟
-انت لسا هتكدب بعد ما عرفنا انها حامل ؟!
تضاعفت صدمة"خالد"بقوة عارمة ، فإتسعت عيناه و كاد لا يصدق ما سمعه فقال:
-هي مين دي اللي حامل ؟ عبير ! عبير حامل ؟ ازاي ؟!
في تلك اللحظة كانت النظرات مشدودة إلي"عز الدين"الذي بدا و كأنه سينفجر في أي لحظة تحت تأثير غضبه ، إذ أنه لم يخدع أحد بسكوته فقد كان ثائرا كالبركان بداخله ، بينما أمسك"خالد"بذراعه و ألح قائلا:
-قولي يا عز .. قولي الكلام ده مش صح عبير مش حامل انتوا بتهزروا مش كده ؟؟
كاد"عز الدين"يشك بإنفعال"خالد"لولا أنه لمح عيناه تبرقان بوميض دامع فقطب حاجبيه قائلا بحدة:
-انت قصدك تقول ايه ؟ يعني هي مش حامل مـ ...
-مش مني.
هتف بصوت حاد كالسكين ثم تابع بمرارة:
-انت متأكد يا عز الدين ؟ مين اللي قالك كده ؟؟
كان كلام"خالد"و نظراته المقهورة كفيله لتفجير بركان الغضب بنفس"عز الدين" .. :
-عبييييير.
علا صوته و كأنه سوط لاهب ، ثم أسرع راكضا إلي غرفة شقيقته يتبعانه"خالد"و"عمر" ..
دفع باب الغرفة بعنف إرتعدت"داليا"بقوة علي أثره حيث كانت تجلس علي الفراش إلي جانب"عبير"التي بدا عليها السقم و الإنهيار ، ما أن رأت أخيها أمامها حتي ضغطت بيداها بشدة علي يدي"داليا"و كأنها تحاول أن تستمد القوة منها ، بينما تقدم"عز الدين"صوبها بخطي واسعة غاضبة حتي وصل إليها ، فقبض علي خصلات شعرها ثم إنتزعها من الفراش بقوة وحشية صائحا:
-قووومي .. انطقي و قوليلي مين اللي عمل فيكي كده ؟؟
شدد قبضته علي خصلات شعرها ، فأخذت تتلوي من الألم صارخة بضعف ، و عندما لم تجد"داليا"أي تدخل من قبل "خالد"أو "عمر"مما أدهشها هرعت نحوه و شدت ذراعه و هي تستجديه قائلة:
-حرام عليك سيبها بتعمل فيها كده ليه ؟؟
-ابعدي عني.
كان العنف يتدفق من عينيه و كاد يصعق كل من بالغرفة بغضبه ، فإنتفضت"داليا"مذعورة إلا أنها تابعت محاولاتها اليائسة لحماية"عبير"من تلقي الأسوأ من شقيقها .. فيما نطقت"عبير"أخيرا فقالت بصوت متهدج و أنفاسها تتلاحق بعنف:
-سامحني .. سامحني يا عز الدين.
راح يهزها بلا رحمة صارخا:
-انطقي مين اللي عمل فيكي كده ؟ خالد ؟؟
إنهمرت دموعها بغزارة ، ثم هزت رأسها نفيا و هي تنقل نظراتها بين"خالد"و شقيقها بمرارة ، بينما ترك شعرها فجأة ثم صفعها بقوة ، فترنحت و إنهارت علي فراشها و هي تنشج بالبكاء المُر ، كانت تنتحب و كأنها تحتضر ، فأسرعت"داليا"و أمسكت بذراع"عز الدين"مجددا في محاولة يائسة للحؤول دون إسترساله في الغضب ، فيما إلتمعت عيناه ببريق مخيف فإنحني صوب أخته و إنهال عليها بالصفعات صائحا بجنون:
-هدبحك يا عبير .. هدبحك .. طلعتي سافلة زي امك يا ***** يا *****.
و لكن لمن كل هذه الكلمات و الصفعات ؟ فهي ما عادت تسمعه إذ فقدت وعيها تدريجيا جراء الألم النفسي و الجسدي ..
فصرخت"داليا"بذعر عندما شاهدت الدماء تدفق من داخل"عبير"و تلوث ثيابها و أغطية فراشها .. و كأن تلك الصرخة هي الصفعة التي تلقاها"خالد"ليتحرك من موضعه ، فهرع نحو"عبير"في لهفة مضطربة مانعا أخيها من إلحاق مزيدا من الأذي بها ، بينما أسرعت"داليا"و أمسكت بهاتفها لتطلب مساعدة شقيقتها ...






مر إسبوع كاملا علي تلك الحادثة و كأنه دهرا ..
فقدت"عبير"طفلها نتيجة الضغط العصبي الشديد الذي تعرضت إليه و الذي أثر علي سائر أعضاءها سلبا فلازمت المكوث بالمشفي حتي الأن ، بينما ساءت الأوضاع و إنقلبت الأحاول رأسا علي عقب علي الجميع .. فقد خيم جوا من الكآبة و الحرد و النكد علي قصر الـ"نصار"بحيث لا مجال للكلام مع أي فرد بالمنزل ، و لا حتي هناك مجال لتناول وجبة طعام جماعية علي طاولة واحدة !
أما بالنسبة إلي"داليا"لم تتمكن في الأيام الماضية من محو آثار الصدمة التي تركتها"عبير"و مع مرور الأيام وجدت"داليا"نفسها تميل إلي التعاطف تجاه"عز الدين"فقد صُدم كثيرا بحياته ، و تلك الصدمة الأخيرة كانت بمثابة الضربة القاضية التي كان يحتاج إليها كي تقتل بداخله باقي المشاعر الحية و ليصبح أخيرا بلا قلب ..
لطالما أجفلت"داليا"عن التصرفات القاسية التي تلقتها طوال هذا الأسبوع من"عز الدين" ، حيث غفرت له و قدمت إلي قلبها الأعذار ، فهي تعلم كم هو مجروح و مكسور ، لقد إنعكس الحادث بمجمله سلبا في أعماقه و تركه غير قادر علي إقصائه من ذهنه ، يقلق نهاره و ليله حتي توهن و فقد شهيته تجاه كل شيء و قد إنزوي وجهه المكسور العابس خلف ستار من العزلة و الوحدة ، فتأثرت"داليا"بشدة و حزنت لحزنه ، حتي إختفت البسمة عن وجهها و غمرتها الكآبة لأجله ...






كانت"عبير"قد نُقلت إلي غرفة خاصة للعناية بها ، فيها كل مستلزمات الراحة ، و كان"خالد"الوحيد الذي وقف إلي جانبها ، و لكن معاملته لها لم تكن مثل سابق عهدها ، إذ شوبها جفاء و قسوة بالغين ، لكنه جاهد كي يعاملها بلطف فقط حتي لا تسوء حالتها ..
رغم أنه لم يتركها وحدها بالمشفي يوما ، إلا أنه كان دائم الجلوس بقاعة الإستقبال ، إذ وجد صعوبة في النظر إلي عيناها ، كلما تخيل الأمر يعتريه ألم قوي ، عندما تلقي الخبر ذلك اليوم شعر و كأن موجة عاتية صدمته بلا رحمة ثم تركته بارد الأطراف ..
أخذ يتساءل في نفسه مرارا .. لماذا ؟ .. لم يجد جوابا مقنعا علي سؤاله ، فهو كان يغمرها بحبه ، لطالما أغدق عليها بمشاعره الجأشة ، لم يتوقف عن ذلك يوما ، كان يخشي عليها من أقل ضرر قد يصيبها ، غير أنه إنتظرها لسنوات طويلة حتي تنضج لكي تصبح ملكا له ، لكي تصبح إمرأته و أما لأطفاله ، لم يخطر بباله و لا حتي بأحلامه أن أحدا غيره سوف يتخذها أو يتسلل إلي مخدعها بهذه السهولة !
رغم كل ما حدث ، رغم أنها قضت علي مشاعره ، لم يستطع منع نفسه عن حمايتها من بين براثن أخيها ، لولاه لكانت إنتهت لا محاله ..
ثم تذكر فجأة رد "عز الدين"علي طلبه حين ذهب إليه و طالبه بتعجيل إجراءات الزواج .. "فاكر يا خالد لما قلتلك قبل كده ان عبير دي لو عيارها فلت مش هيبقالها عندي دية ؟ انا كنت عامل حساب كده و حذرتك .. نبهتك ان لو حصل اي حاجة هتكون انت و هي المسؤولين قدامي" ..
بعد حديثهم العقيم إستطاع"خالد"أن يقنع"عز الدين"بالموافقة علي إتمام الزواج ، لكنه لم يستطع أو يجرؤ حتي أن يقنعه بمسامحة أخته ، إذ أنه أساسا يجد صعوبة في ذلك ، لكنه فعل كل هذا دون تفكير كي يحميها من غضب أخيها و إنفعاله المُدمر ...
أفاق من شروده فجأة ، ثم تنهد بثقل و نهض تاركا قاعة الإستقبال ، و إتجه إلي غرفتها كي بطمپن عليها و هو يتمني من صميم قلبه أن تكون نائمة تجنبا لأي مواحهة أو صدام قد يحدث بينهما ..
و بالفعل كانت نائمة في هدوء فوق الفراش الأبيض الصغير ، و مع أن عينيها كانتا مغلقتين ، إلا أنها سمعت وقع خطواته فهمست علي الفور:
-خالد !
فتحت عينيها ببطء و زاغت ببصرها قليلا حتي إستقرت عينيها علي وجهه ، فإبتسمت بضعف ، بينما رمقها بجفاء ثم تقدم نحوها بهدوء ساحبا مقعد صغير و جلس فوقه ، كان يتحاشي النظر إليها ففاجئته عندما مدت يدها بجهد و أمسكت بيده ، عند ذلك رفع نظره إليها و كان وجهه خال من أي تعبير ، فشدت علي أصابعه و جذبت يده إلي خدها و قد برقت بعينيها الدموع ، علم أنها تتوسل بعض العطف منه ، و لكنه لم يتأثر لذلك مثقال ذرة بل أنه سحب يده من قبضتها بقسوة ثم سألها بجمود:
-عاملة ايه دلوقتي ؟ بقيتي كويسة ؟؟
أومأت رأسها مؤكدة ذلك ، ثم سألته بصوت محشرج شوبه البكاء:
-عز الدين و عمر مسألوش عليا لحد دلوقتي ؟؟
صمت للحظات ثم هز رأسه نفيا ، فأغمضت عينيها بوهن لتجري الدموع علي خديها غزيرة ثم همست:
-وحشوني .. نفسي اشوفهم.
ثم فتحت عينيها و حدقت فيه قائلة:
-خالد .. انا بجد مش عارفة اقولك ايه او اشكرك ازاي علي اللي عملته معايا ا ...
قاطعها بلهجة جامدة صارمة:
-انا عملت كل ده بس عشان احميكي من اذي اخوكي .. انا و انتي عارفين هو بيبقي عامل ازاي لما بيكون عصبي او غضبان.
تألمت"عبير"للغاية لتحوله الكبير ، لكنها تعلم أنها تستحق ذلك بل و أكثر من ذلك ، لذا صمتت و شعرت بالإمتنان لمجرد وجوده إلي جانبها ، فإبتسمت هامسة:
-سامحني يا خالد .. علي اي حال حاول تسامحني .. انا غلطت بس انا فعلا اسفة .. عرفت غلطتي متأخر بس بردو علي اي حال انا اسفة.
بينما لم يستطع منع نفسه فقطب حاجبيه بكسرة و سألها:
-مين اللي عمل فيكي كده ؟ مين يا عبير ؟؟
هزت رأسها ثم أشاحت بنظرها عنه إلي الجهة الأخري ، فهب واقفا علي قدميه ثم إنحني علي الفراش و أمسك بكتفيها بقوة ثم أعاد سؤاله بإنفعال:
-قوليلي .. قوليلي مين اللي عمل فيكي كده ؟؟
هزت رأسها بمرارة قائلة:
-مش هقولك .. مش هقولك يا خالد.
-لازم تقوليلي و لازم اعرف .. ماتفتكريش ان الموضوع انتهي انا مش هرتاح الا لما اعرف مين اللي عمل فيكي كده و لا هرتاح الا لما اطلع روحه في ايدي.
أجابته باكية:
-عشان كده انا عمري ما هقولك هو مين لاني مش هقدر اسامح نفسي لو حصلك اي حاجة بسببي.
رمقها بغضب قائلا:
-يسلام ! خايفة عليا انا و لا خايفة عليه ؟؟
أجابته بقوة:
-خايفة عليك انت .. انت اللي تهمني دلوقتي مش هو و لا اي حد ناني.
هز رأسه بعدم تصديق و هو يحدجها بسخرية ، ثم تركها فجأة و غادر الغرفة ، فراحت تجهش بالبكاء المُر ...





-يا ياسمين ارجوكي سيبيني في حالي دلوقتي.
قال"عمر"ذلك في لطف محاولا إصراف"ياسمين"عنه ، بينما عندت"ياسمين"قائلة:
-ماهو بص يا برنس انا مستحيل هاسيبك في الكآبة دي مش كفاية البيت كله كئيب !!
-يا برنس !!
علق"عمر"بإستغراب جدي ، فقالت بحدة مصطنعة:
-اه يا برنس ايه ؟ مش عاجبك كلامي ؟؟
-بقي في دكتورة حلوة زيك تقول يا برنس ! دي لغة بين الشباب و بس.
-بغض النظر عن كلمة حلوة اولا ده اسلوبي ثانيا انت لازم تخرج من الحو ده ماينفعش كده بكلمك بجد.
أومأ رأسه قائلا:
-حاضر حاضر هخرج بس ادخلي انتي بقي جوا و سيبيني اقعد مع نفسي في هدوء شوية.
همهمت قائلة:
-هممم لهجتك بتقول العكس عشان كده هفضل هنا و احرمك من الهدوء يا سيد عمر.
عض علي شفتيه بغيظ ثم نظر إليها مليا ، فلم يستطع منع نفسه من الإبتسام ، فإبتسمت"ياسمين"بدورها و قالت:
-ايوه كده .. عارفة اني غيظتك و رزلت عليك بس طلعت بنتيجة ايجابية في الاخر و هي انك ابتسمت.
ثم تنهدت و تابعت:
-كده بقي اقدر اسيبك تقعد مع نفسك في هدوء زي ما كنت عايز.
ثم إلتفتت و كادت تذهب فإستوقفها قائلا:
-استني.
إستدارت إليه مجددا و رمقته في تساؤل ، بينما ظل ينظر إليها باسما و كاد يتكلم فقاطعه صوت رنين هاتفهها .. أخرجت هاتفهها ثم قالت قبل أن تستدير و تتركه:
-يلا تصبح علي خير.
ثم فتحت الخط و مضت في سبيلها إلي الداخل ، لكنه سمعها تدعو المتصل بـ"أيمن" .. فقطب حاجبيه عابسا ثم تساءل .. من هذا أيمن ؟؟ ..





كان باب المكتب مفتوحا ، و أنوار المصابيح تضيء أغلفة الكتب الجلدية المرتبة علي الرفوف الخشبية العالية التي كانت تصل إلي سقف الحجرة ، حين دلفت"داليا" حاملة كوبا من القهوة و نظرت إلي وجه"عز الدين"الجالس وراء مكتبه ، كانت ملامحه راكده تكسوها مسحة ألم غاضبة دفعت"داليا"إلي الإبتسام علها تخفف عنه ..
تقدمت صوبه فإنتبه لوقع خطواتها و نظر إليها عابسا ، فإبتسمت و هي تضع أمامه كوب القهوة قائلة:
-حضرتك بتشتغل من الصبح فقلت اعملك قهوة تساعدك علي التركيز.
قالت ذلك ثم إتجهت صوب آريكة جلدية توسطت حجرة المكتب فجلست فوقها قائلة:
-تضايق لو قعدت ؟؟
رمقها بإستهزاء ساخر ثم نهض و ترك لها المكتب بأكمله !
فتنهدت بثقل ، و لكنها أصرت علي إثارة أي حديث معه فقط لابد أن يتكلم و لا يظل صامتا هكذا .. نهضت و تبعته إلي الغرفة ، لكنها لم تجده حين دخلت !
ثم فجأة سمعت صوت هدير المياه بالحمام ، فعلمت أنه يتحمم ، مما أراحها قليلا و جعلها تبتسم ، يبدو أنه يجاهد في التخلص من كآبته ، إزدادت إبتسامتها إتساعا فإتجهت إلي الخزانة و راحت تعد له ملابس ، إلا أنها توقفت فجأة عندما سمعت صوت هاتفهه يطلق نغمته الصاخبة معلنا عن وصول رسالة جديدة ، إحتقن وجهها بغضب ، فعي تعلم أن لا أحد يرسل أليه الرسائل في هذا الوقت سواها .. و بكل الكره الذي تحمله لها بداخلها تقدمت صوب الفراش و تناولت الهانف ، ثم فتحت الرسالة لتقرأ كلمتين أثارتا غيرتها و غيظها"وحشتني اوي" ..
لم تعلم كم مر عليها من الوقت و هي ممسكة بالهاتف تتأمل الرسالة الوجيزة و الغيرة تنهش قلبها ، حتي أفاقت علي صوته:
-بتعملي ايه ؟؟


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 09:43 AM   #20

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (19):



إرتعدت بقوة علي أثر صوته الحاد ، لكنها إستطاعت أن تعيد هاتفهه كما كان بسرعة فائقة غير مرئية ، ثم إلتفتت بثقة و نظرت إليه باسمة ثم قالت:
-كنت بجهزلك هدوم.
و رفعت قطعة من ملابسه أمام عينيه ، فيما حمدت الله أنها كانت تمسك بها ، بدا غير مقتنع لكنه حدجها بقسوة قائلا:
-انا ماطلبتش منك تجهزيلي اي حاجة.
-منغير ما تطلب ده واجبي كزوجة .. دي ابسط حاجة ممكن اعملها.
أجابت بثبات واثق ، فرمقها بسخرية هازئة ثم قال:
-شكلك مابتعرفيش تأدي غير الواجب ده.
أجفلت خجلة ثم عضت علي شفتها بقوة ، فأضاف بحدة:
-بطلي تتذاكي عليا يا داليا .. انتي بتلعبي بالنار .. فاهماني ؟؟
إستقبلت نظراته الثاقبة بإضطراب ، بينما إبتعد عنها فجأة متجها صوب الخزانة و الماء يقطر من شعره علي كتفيه إلي صدره و ظهره .. بدا لها ظهره رائعا ، حيث تلألأت بشرته البرونزية المغطاة بقطرات الماء تحت أضواء الغرفة الخافتة ،كان حقا رائعا ، لم تبالغ أو تكذب حين قالت أنه أكثر جاذبية في غضبه ، كل هذه الأفكار وترتها كثيرا فإستدارت بقوة و إتجهت إلي الفراش ، أخذت تستعد إلي النوم و هي تدعو أن تمر الليلة بسلام كما مرت الليالي السبع الفائتة ، إستلقت ثم تظاهرت فورا بالنوم العميق ،بينما إنتهي هو من إرتداء ملابسه ، فسمعته يقترب منها، أحست به يعاينها و يتمعن في وجهها ، فوجدت صعوبة في المحافظة علي تنفسها الطبيعي المنتظم ، و قد راح قلبها يخفق كالمطرقة ، فتساءلت .. هل إنطلقت عليه حيلة نومها ؟ .. ليس من السهل أبدا خداع رجل حاد الذكاء و الملاحظة مثل"عز الدين" ، خاطبت نفسها و هي تترقب خطوته التالية ..
بدا أنه غير مكترث كثيرا بوضعها ، فها هو يبتعد قليلا و يحتل مكانه بالفراش في هدوء إلي جانبها ، كادت تفتح عينيها قليلا و تختلس النظر إليه ، ثم إستقر رأيها علي تحاشي أي خطأ يورطها في مماحكات مؤلمة و مهاترات باتت تعرف عواقبها ، و بعد لحظات معدودة إستطاع النوم أن يجردها من التفكير و التأهب بل من الواقع بأكمله ..
و كما بحدث عادة بعد ليلة من التفكير العميق و التوتر العصيب ، كان نومها متقطع قلق ، تخللته الأحلام و الكوابيس المزعجة ، لا تزال غير مطمئنة لوجود زوجها إلي جانبها ، فهو لا يزال يعاملها بقسوة و عنف ، غير أنها لم تنس بعد و لن تنس أبدا تلك العلاقة الحميمية التي تربط بينه و بين"جومانة" ..
في البداية كانت الأحلام متناثرة و متداخلة ضمت أشخاصا و أمكنة و أحداثا لا علاقة بهم تربط فيما بينهما علي الإطلاق ، ثم إتضح الحلم فجأة ، و عاد بها إلي اللحظات التي سبقت حادث"عبير"بليلة واحدة ، تلك الليلة الأولي بحق بينها و بينه ، تذكرت كافة التفاصيل ، و تراءت لها أيضا صورة تلك المرأة التي راقصت زوجها بالحفل .. أخذت تحس و كأنها تعيش المواقف و الأحداث من جديد و بشكل حقيقي جدا ، فضاق نفسها بشدة و راحت تنتفض في فراشها محاولة الخلاص من عذاب الحلم ، أوثق يديها خلف ظهرها بإحدي يديه ثم نزع ثوبها بالأخري ، دموعها تسيل من عينيها في صمت ، لا مجال لها من الهرب منه .... إنطلقت منها فجأة صرخة ذعر هائلة و هي تقاتل من أجل حريتها في ذلك الكابوس الثقيل ، فأنتفض"عز الدين"بمكانه مستيقظا علي أثر صرختها ، ثم أسرع و أضاء مصباح الطاولة المجاورة للفراش .. :
-في ايه ؟؟
سألها و هو يمسك ذراعيها بكلتا يديه ، فيما كانت ترتجف بذعر بين يديه ، و كانت عيناها تعكسان الخوف العميق الذي مازالت تشعر به جراء الكابوس .. :
-كـ كابوس.
أجابته بصوت مبحوح ، ثم قالت معتذرة و شفتاها ترتجفان بشدة:
-اسفة اني صحيتك.
رمقها بنظرة قاسية ذات مغزي ، فاجأتها تلك النظرة ، فهزت رأسها قائلة بعدما خمنت مغزي نظرته:
-بتبصلي كده ليه ؟ ماظنش انك معتقد اني بحاول اقربك مني بتصرفاتي ! انا فعلا شفت كابوس ماقصدش يعني.
-لو تقصدي ايه المشكلة ؟؟
إشتعل وجهها و هي تقول بإرتباك:
-لأ .. لأ طبعا مش قصدي أ ..
-اسكتي.
قاطعها بحدة ثم صمت قليلا و قال متهكما:
-مشكلتك يا داليا انك بتتعاملي معايا انا و اكيد .. لأ ده واضح جدا ان خبرتك قليلة مش زيي .. بس لازم تفهمي ان مش انا اللي بتأثر بدموع الستات زي غيري و لا بتأثر حتي بالجمال انا بقدر اتحكم في نفسي كويس وقت ما ببقي عايز علي عكسك انتي.
عليه اللعنة .. خاطبت نفسها .. إنه يعتقد أنها تفتعل تصرفاتها عمدا كي تثيره و تجذبه إليها ! .. يا له من شيطان خبيث .. :
-بس علي اي حال مافيش مشكلة احنا متجوزين و طبيعي يكون ليكي متطلبات.
رن صوته بإذنها هازئا قاسيا ، فأحست بمقاومتها المتلاشية تعود إلي التصلب ، فقالت بقوة نافية التهمة:
-انا مابفكرش في الحاجات دي خالص.
و لكي تثبت صدق كلامها نظرت إلي عينيه مباشرة ، و لكن قوتها لم تنجح تماما ، إذ قرأت في نظرته شيئا جعلها ترمش مضطربة ،و في اللحظة نفسها ، إنحني بغاية اللطف و الرقة و عانقها .. حاولت الإفلات لكنه قبض علي خصرها و ثبتها بمكانها حتي خارت قواها و هدأت ، فرفع يده و أخذ يداعب شعرها و يبعد خصلاته الحريرية عن جبهتها و أذنيها ، عانقته تلقائيا تحت تأثير لمساته الساحرة ثم رفعت يدها و أحاطت عنقه و مررت أصابعها في شعره الأسود ، فأبعد وجهه عنها قليلا و غمغم ساخرا:
-كنت بحسبك مابتفكريش في الحاجات دي خالص !!
لسعتها جملته الهازئة ، و أشعرتها بعجزها عن مقاومة إرادتها العاطفية ، فإندفع اللون الأحمر إلي خديها و قالت:
-تصرفاتك هي اللـ ...
-مش عارف ليه دايما بتدوري علي مبررات ؟!
قاطعها بخفة ساخرة ، فأجابته غاضبة:
-عشان تصدقني.
-انا مابقتش اصدق حد.
غمغم بخشونة و هو يضمها بقسوة مجددا إلي صدره ، فنسيت كل آلامها إذ كانت ترغبه الأن بمحض إرادتها ، رغم عنفه و قسوته فقدت الشعور بكل شيء إلا بحاجتها إلي قربه و دفئه .. فهتفت في نفسها الكلمة التي تتحرق شوقا لتهمسها بأذنه"بحبك" ... !






بعد مرور عدة أيام قليلة ، تعافت"عبير"تماما كما تمت إجراءات الزواج أيضا ، فتركت المشفي كي تنتقل إلي منزل زوجها ..
كانت السيارة في إنتظارهما عند المصف الجانبي للمشفي ، و بعد أن وضع"خالد"أغراضها و حقائبها علي المقعد الخلفي ، إستغربت أن يفتخ لها باب السيارة الأمامي ، و أن يتبرع بمساعدتها علي الصعود ، و فيما همت علي ذلك ، إستدارت بسرعة و نظرت إليه ...
لم يكن ينظر إليها ، بل كان مركز بصره أرضا ، أصبح جافا للغاية ، لكن خشونته أضفت عليه وسامة من نوع خاص ، عيناه السريعتا الملاحظة ، فمه المتماسك ، وجهه المتصلب ، شعره الأسود الكثيف اللامع ، أدركت في تلك اللحظة أنها بدأت تحبه !
و شعرت بالتعذية لكون تصرفاتها في الماضي وصلت إلي حد مبتذل غير لائق لا أخلاقيا و لا إنسانيا ..
كان ينتظر صعودها ليغلق الباب ، و عندما لم تفعل نظر إليها رافعا حاجبيه في دهشة:
-ماتركبي ! في حاجة ؟؟
هتف متسائلا ، فهزت رأسها نفيا ثم منحته إبتسامة صغيرة و إستقلت في هدوء ، فأغلق بابها بصرامة ثم إستدار و إستقل أمام المقود إلي جانبها ، شغل المحرك ثم أدار عجلة القيادة و أنطلق متجها إلي منزله ..
كانت خطوط الصباح الممتزجة بخيوط الشمس الذهبية تكسر السماء بضؤ ساطع أنار الطريق و ما حوله ، بينما ضاعف"خالد"سرعة السيارة عندما بلغ الطريق العام المؤدي إلي قلب المدينة الحديثة ..
و بعد مرور عدة دقائق كانت السيارة تنعطف إلي طريق جانبي يكسوه الغبار أمامه بوابتي حديد كبيرتين ، ترجل"خالد"من السيارة لفتح البوابتين ، ثم عاد و مر عبرهما ثم ترجل مرة أخري و أوصدهما من جديد قبل أن يعود و يتابع طريقه ، لم يكن المنزل يبعد أكثر من ميلين عن البوابتين ، فإتضح إلي"عبير"أنها سوف تمكث بفيلا أنيقة ، إذ أنها لم يسبق لها و زارت منزل"خالد"من قبل ، لم تكن بحاجة لذلك ، فهو كان دائم الحضور لديهم ..
كان المنزل رائع بحق ، رغم أنه لا يضاهي جمال قصر الـ"نصار"العظيم ، لكنه بني علي الطراز الإيطالي الجميل غير أن الأشجار أحاطته بشكل مذهل و الأزهار أيضا و ذلك الينبوع الصغير الذي صدر منه خرير مياه يجلب إسترخاء عالي، لم تكن تتوقع أن يكون منزل"خالد"بهذا الجمال ، بدت مذهولة و مضطربة في آن معا .. توقفت السيارة بصورة تدريجية بساحة المنزل البسيطة ، فترجل"خالد"برشاقة و في غضون دقائق قليلة كان قد نقل الحقائب من السيارة إلي الداخل ثم عاد إلي"عبير"و ساعدها بحزم في الدخول إلي المنزل ..
كان بيته في قمة الروعة و الأناقة و حسن الترتيب ، و قد تمازجت فيه المفروشات الحديثة بالتحف القديمة في ظل إضاءة عرف صاحبها كيف يبرز بواسطتها كل مكامن الجمال ، أفاقت من تأملها مذعورة حين حملها فجأة بين ذراعيه و توجه بها نحو الدرج ، كادت تتكلم فبادرها بجمود:
-اعتقد انك مش هتقدري تطلعي السلم علي رجلك.
كانت تنظر إليه بعينين خائفتين لكنه سرعان ما أخمد خوفها حيث إحتواها بلطف و كانه يبغي تطمينها بالشكل نفسه الذي يطمئن به حيوانا صغيرا و هو يأسره بين ذراعيه ، و هنا شعرت بنفسها مضطرة إلي قول أي شيء لتكسر حدة الأجواء المتوترة:
-البيت حلو اوي .. انت اللي فرشه علي ذوقك ؟؟
كان قد وصل بها إلي الغرفة ، فإتجه نحو فراش عريض ذا غطاء قرمزي أنيق ثم وضعها فوقه قائلا:
-كنت حريص اني اعمل نسخة مصغرة من القصر و لو بسيطة عشان ماتحسيش بأي فرق لما تيجي و تـ ...
صمت فجأة ثم رمقها بجفاء قائلا:
-عموما الببت بقي بيتك و الاوضة دي بتاعتك لو احتاجتي اي حاجة قوليلي.
ثم إستدار و كاد يخرج فأستوقفته قائلة:
-طب و انت هتنام فين ؟؟
أجابها و هو لا يزال علي وضعيته:
-البيت فيه خمس اوض .. اي اوضة ممكن انام فيها .. عن اذنك.
ثم تركها و غادر الغرفة سريعا مغلقا الباب من خلفه في هدوء ، فتنهدت بأسي ثم جلست تتأمل الغرفة بذهن مشوش و هي تفكر في المستقبل البعيد ... !





كانت تعدو مهرولة إلي خارج المنزل ، فأستوقفها صائحا:
-ياسمين !
توقفت فجأة ثم تلفتت حولها عابسة إلي أن وقع بصرها عليه فسألته:
-عمر .. ايه عايز حاجة ؟؟
إقترب منها بخطوات واسعة حتي وقف في مواجهتها في بقعة ظللتها أغصان الأشجار ثم سألها:
-رايحة فين علي الصبح كده ؟ انا فاكر ان ماعندكيش كلية انهاردة و لا مستشفي !!
أومأت رأسها مصححة قوله ثم قالت:
-صح انا ماعنديش اي حاجة انهاردة فعلا بس طلبوني في المستشفي في حالة مستعجلة.
ثم إنفرج ثغرها بإبتسامة بسيطة و قالت:
-بس انا ملاحظة انك حافظ جدول تحركاتي بالتفصيل !!
ضحك بخفة ثم أجابها:
-سو يا حبيبتي .. طبعا لازم احفظ جدول تحركاتك انتي بقيتي تخصيني و تهميني في نفس الوقت.
-ماشي يا عم المسؤول عن اذنك بقي عشان كده هتأخر.
-طب استتي هوصلك.
-لأ خليك في دكتور زميلي مستنيني برا .. سلام.
ثم تركته و تابعت سيرها المهرول ، بينما تجهم وجهه فجأة ، و أراد لو يمنعها من الخروج و لكن بأي صفة ؟ .. صر علي أسنانه بحنق و هو يتساءل .. ماذا يحدث ؟؟






-حمدلله علي سلامتك يا بيرو .. حمدلله علي سلامتك يا حبيبتي.
قالت"ريم"ذلك مخاطبة"عبير"عبر الهاتف ، فأجابتها"عبير":
-الله يسلمك يا ريم .. شوفتي اللي حصلي ؟!
واستها قائلة:
-معلش يا عبير علي اي حال ربنا ستر .. و كويس انك خرجتي من الكابوس ده علي خير مش مهم ايه اللي حصل بقي.
-بس اخواتي وحشوني اوي.
قالت باكية ثم تابعت:
-تصوري ماسألوش عليا خالص لحد دلوقتي !!
-طيب اهدي بقي و ماتعمليش في نفسك كده كله هيبقي تمام .. صدقيني كل حاجة هترجع زي الاول و احسن بس اصبري شوية .. هما لسا مصدومين يا عبير اللي حصل ماكنش سهل عليهم.
-لأ يا ريم .. انا عارفة اخواتي .. و خصوصا عز الدين عمره ما هيسامحني .. انا كرهت نفسي بجد اذيته اوي لتاني مرة في حياته مش هيسامحني .. مش هيسامحني.
ثم تعالي صوت نشيجها فهدئتها"ريم"قائلة:
-يا حبيبتي انتي اخته مش هيسامحك ازاي ؟ اصبري عليه بس زي ما قلتلك.
-اخته !!
هتفت ساخرة ثم أضافت كان أولي سامح امه يا ريم .. انتي ماتعرفيش هي حاولت معاه اد ايه طول السنين دي و هو كان دايما بيقابلها بالعنف و الرفض و لا كأنها امه .. عز الدين بارع في القسوة يا ريم لو قسي علي حد عمره ما بيحن تاني.
في تلك اللحظة سمعت طرقا علي باب الغرفة ، فكفكفت دموعها ثم إنهت الإتصال مع صديقتها و هتفت قائلة:
-ادخل.
إنتفتح باب الغرفة ليدخل"خالد"في هدوء حاملا بين يديه وجبة الغداء لها ، إقترب منها متمهلا و هو يصوب إهتمامه علي ما يحمله بين يديه حتي وصل إليها ، فوضع أطباق الطعام علي طاولة صغيرة قرب الفراش قائلا بجمود:
-ده الغدا .. اسف لو ماعحبكيش بس ده اللي عرفت اعمله من بكرة هاجيب واحدة تمسك شغل البيت.
إندفع الكلام من فمها بهدوء:
-مافيش داعي انا بقيت كويسة و ممكن اعمل كل حاجة بنفسي.
رمقها بدهشة ساخرة ثم قال:
-انتي !!
تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل ، فأومأت رأسها قائلة:
-ايوه انا.
-بس علي حد علمي انتي مابتعرفيش حاجة في شغل البيت !!
-مش مشكلة هتعلم.
هز كتفيه بلا إكتراث قائلا:
-ماشي .. كلي بقي قبل ما الاكل يبرد و ماتنسيش تاخدي دواكي.
-و انت مش هتاكل ؟؟
سألته بخفوت فأجابها:
-هاكل في اوضتي.
ثم إستدار و غادر الغرفة بعد أن أغلق الباب من خلفه ، هبطت دموع"عبير"دون شعور ، يبدو أنها سوف تتجرع الكأس المُرة لوقت طويل و قد لا تكون هناك نهاية أبدا ... !





خلال الأيام القليلة التي تلت ثاني ليلة حقيقية لهما ، لاحظت"داليا"تغيرا غريبا جدا في تصرفات"عز الدين"ليس في كل تصرفاته ، إنما في البعض منها ، لقد أبدي تحولا بسيطا أدهشها ، مثلا حين أعطاها مبلغا من المال و أرسل معها سائقه الخاص إلي السوق كي تشتري بعض الملابس و الأغراض لنفسها ، و لكنه علي أي حال لم يستطيع أن يبدل طباعه أبدا ، إذ أنه قال فور أن لمح الدهشة بعينيها"انا بس لاحظت ان هدومك قدمت شوية ده غير انهم من النوع الردئ جدا و ماتنسيش انتي متجوزة مين .. مايصحش تظهري قدامي او قدام اي حد بالشكل ده" ..
يا له من رجلا قاسٍ متغطرس ! .. لا يستطيع التخلي عن سخريته و إزدراءه إطلاقا ، و رغم ذلك سعدت"داليا"كثيرا بعد أن عادت محملة بعشرات القطع من الملابس و باقي الأغراض من أداوت التجميل و غير ذلك ، و لم تنس شقيقتها بالتأكيد ، فقد نالت"ياسمين"بعض القطع الثمينة و الأغراض المميزة أيضا ..
و مع أنها باتت أكثر أثارة و جاذبية في إطلالتها الجديدة إلا أنه بدا غير مكترث لذلك ، يبدو أنه لم يبالغ عندما أكد لها قدرته علي التحكم بغريزته و السيطرة علي نزواته الطارئة ، تمنت لو أنها تملك قوة إرادته و برودة أعصابه ..
مع الوقت راحت"داليا"تكتشف أن أعمال زوجها الواسعة تعد أهم شيء بحياته .. حيث أنها تبتلع معظم وقته ، علي الطرف الأخر لم تسمع"داليا"أي أخبار عن"عبير"سوي أنها بخير و في مأمن مع"خالد" ، يبدو أنها لن تنال عفو أخيها بسهولة !
كانت"داليا"تقف بوسط المطبخ ، تشرف علي الخادمات و تساعدهن في إعداد وجبة الغداء ، و فيما كانت تباشر في تقطيع الخضروات جاءتها"فاطمة"قائلة:
-ست داليا.
-نعم يا فاطمة في حاجة ؟؟
سألتها"داليا"و هي تركز إهتمامها علي عملها ، فأجابتها"فاطمة":
-في ضيفة طالبة تشوف حضرتك.
قطبت"داليا"حاجبيها بإستغراب قائلة:
-ضيفة طالبة تشوفني انا ؟ مين دي يا فاطمة ؟؟
-جومانة هانم.
أحست"داليا"بإنقباض خفيف في صدرها لدي سماعها إسم غريمتها .. فحولت نظرها إلي"فاطمة"متسائلة:
-انتي تقصدي جومانة خطاب ؟؟
أومأت"فاطمة"رأسها قائلة:
-ايوه هي حضرتك .. انا قعدتها في الصالون الصفير.
إحتقن وجه"داليا"بغضب ، فتساءلت مغتاظة .. لماذا جاءت ؟ .. ماذا تريد تلك الساقطة ؟؟ ..
تركت"داليا"ما كانت تفعله ، ثم توجهت نحو صنبور الماء و غسلت يديها ثم جففتهما و قبل أن تخرج من المطبخ نادت"فاطمة"و سألتها:
-قوليلي يا فاطمة .. شكلي كده كويس ؟؟
إبتسمت"فاطمة"ببساطة ثم أجابتها بصدق:
-قمر يا ست داليا .. انتي ما شاء الله جميلة جدا اصلا.
منحتها"داليا"إبتسامة لطيفة ثم أسرعت لتقابل الزائرة .. عندما إلتقتا كانت"جومانة"تجلس فوق مقعد وثير ، واضعة ساق فوق الأخر و قد إرتدت ثوب قصير بالكاد يغطي فخذيها ، لم تنهض علي الفور حين رأت"داليا"بل إتبعت البرود في تصرفاتها متعمدة ، ثم أخيرا نهضت و نظرت إليها بإعتلاء ساخر ، بينما إستقبلت"داليا"نظراتها بإبتسامة هادئة واثقة ، و تعمدت هي أيضا ألا تصافحها بل إكتفت بقولها:
-اهلا بيكي يا انسة جومانة .. منورة.
رمقتها"جومانة"بعداء سافر ثم قالت بحدة:
-ما بلاش تستمري في الترحيب المزيف ده يا .. هه .. يا مدام داليا .. انتي عارفة كويس زي ما انا عارفة اننا بنكره بعض.
إصطنعت"داليا"إبتسامة خفيفة ثم سألتها:
-طب و لما حضرتك عارفة كده كويس .. ايه اللي جابك ؟؟
هزت"جومانة"كتفيها بلا إكتراث قائلة:
-انا كنت جاية لعز .. بس اتضح انه مش موجود فقلت اقابلك انتي عشان توصليله حاجة كان نسيها عندي.
ثم فتحت حقيبة يدها و أخرجت خاتم عرفته"داليا"علي الفور ، أنه لـ"عز الدين"، قطبت حاجبيها في تساؤل ، بينما ضحكت"جومانة"بغنج قائلة و هي تضع الخاتم بكف"داليا":
-الخدامة بتاعتي لقيته و هي بتوضبلي السرير .. ماتنسيش تديهوله بقي.
لوهلة أرادت"داليا"أن تنهار باكية ، لكنها أخفت مشاعرها المتأججة في صدرها كي لا تعطي غريمتها مجالا للشماتة بها أكثر ، و بينما كانت تهم"جومانة"علي الرحيل ، إقتربت من"داليا"ثم همست بأذنها ساخرة:
-مسكينة انتي يا داليا .. يا حرام صعبانة عليا خالص .. كنتي فاكرة انك هتفضلي مراته علطول ؟ جايز انتي دلوقتي مراته فعلا و جايز هو مبسوط معاكي لانك حلوة .. بس مسيره يمل و يزهق منك .. انتي مش هتقدري تلبي احتياجاته .. عز الدين نصار مايكتفيش بست واحدة .. سلام يا حبيبتي.
ثم مضت في سبيلها إلي الخارج ، تاركة"داليا"خلفها تكاد تموت قهرا ، لم تستطع"داليا"السيطرة علي دموعها التي هطلت بغزارة ، فبسرعة وضعت يدها علي فمها تكبت نشيج مُر يكاد يفتك بها ، ثم ركضت مهرولة بإتجاه الغرفة ، إرتمت علي الفراش دافسة وجهها لدي الوسادة الناعمة ، ثم أخذت تجهش ببكاء مرير ، أرادت أن تصرخ بقوة حتي ينقطع نفسها ، فمازال صوت"جومانة"الهازئ يرن بأذنيها ، كما لا تزال كلماتها تعذبها و تحرق قلبها بلا رحمة ..
لم ينقطع بكاء"داليا"منذ أكثر من ساعة ، سكتت فقط حين أتاها صوته العميق متسائلا:
-ايه ده مالك ؟؟
رفعت وجهها المغطي بدموعها عن الوسادة المبتلة ، ثم نظرت إليه واهنة ، فسألها مجددا بنبرة جامدة إنما أقل حدة:
-ايه اللي حصل ؟؟
فإبتسمت بمرارة ، ثم تحاملت علي نفسها و نهضت لتقف في مواجهته ، ثم أمسكت بيده و وضعت بها خاتمه قائلة:
-انسة جومانة .. جت عشان ترجعلك ده .. بتقول خدامتها لقيته و هي بتوضبلها السرير.
حدق فيها"عز الدين"بثبات ، فلم تستطع قراءة تعابير وجهه ، إذ كانت ملامحه جامدة و كأنه يعترف بصحة شكوكها .. :
-طلقني.
هتفت دون وعي ، فسألها هازئا:
-نعم ؟!
-بقولك طلقني.
قالت بوعي هذه المرة ، ثم صرخت بوهن:
-انا خدت قراري .. همشي من هنا خلاص مش عايزة اعيش معاك.
تقلصت عضلات وجهه بغضب فقبض علي معصمها بعنف ، ثم صاح بقسوة:
-مافيش حد هنا بياخد قرارات غيري و مش بمزاجك انتي هتفضلي هنا لحد ما اقرر انا انك تمشي.
غالبت بجهد شعور بالغثيان إحتلها فقالت لاهثة:
-انا بكرهك .. بكرهك و مابقتش طايقاك خلاص انت انسان اناني خاين و ...
قاطعها حين إرتفعت يده المفتوحة و صفعتها بقوة ، فإنتفضت"داليا"بعنف باكية و هي مسجونة بين ذراعيه ، بينما أحمر أحد وجنتيها و سالت دموعها المتساقطة علي الأخر ، فأخذ"عز الدين"يهزها بعنف صائحا:
-لو نطقتي كلمة تانية هتشوفي تصرفات مش هتعجبك ابدا يا داليا .. اوعي تنسي نفسك مرة تانية و انتي بتكلميني و خليكي فاكرة كويس ان منغيري كنتي فضلتي في الشارع لحد دلوقتي.
كانت هزته العنيفة لها بكلماته بمثابة الضربة الأخيرة لتحطيم تماسكها ، فدفعته عنها بضعف و إندفعت صوب الحمام ، إرتفعت محتويات معدتها فجأة فأفرغت كل شيء بالحوض ثم غلست وجهها بالمياه الباردة حتي خارت قواها ، فتهاوت قدماها و جثت علي الأرض منهارة و هي ترتجف بقوة و دموعها تنساب بغزارة ، كانت تشعر بقدر هائل من الأعياء حال دون إهتمام بما يحدث بالإضافة إلي آلمها النفسي ..
بينما دلف"عز الدين"إليها مسرعا ثم ...


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:29 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.