آخر 10 مشاركات
133 - وداعا يا حب - روبين دونالد (الكاتـب : حبة رمان - )           »          رهان على قلبه(131) للكاتبة:Dani Collins (الجزء الأول من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          طائف في رحلة أبدية *متميزه ومكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          انتصار الإسباني (48) للكاتبة: Daphne Clair (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (الكاتـب : الحكم لله - )           »          حب بطيء النسيان (64) للكاتبة: Stella Bagwell (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          رهاني الرابح (90) للكاتبة: سارة كريفن ...كاملة... (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          145 - وشم الجمر - ساره كرافن (الكاتـب : حبة رمان - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-12-17, 10:10 AM   #1

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 حتى اقتل بسمه تمردك " الجزء الثاني " مصريه بقلم/مريم غريب (مكتملة)





بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

((حتى اقتل بسمه تمردك " الجزء الثاني " ))

للكاتبة/ مريم غريب



قراءة ممتعة للجميع ...






التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 05-12-18 الساعة 08:56 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:15 AM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

هنا الجزء الأول من الرواية

حتى اقتل بسمه تمردك " الجزء الأول " مصريه بقلم/مريم غريب (مكتملة)

رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t398669.html#post12899427



الحلقة (1)





زحف الليل سريعا ، و عم السكون تماما علي قصر الـ"نصار"عندما هرعت"داليا"إلي الغرفة مسرعة ثم إلي الحمام ، و كالمحمومة نظفت أسنانها ، و أخذت حماما سريعا ، ثم إرتدت ملابسها و عادت إلي الغرفة تتآكلها عصبيتها ..
فاليوم كان من المفترض أن تحتفي الأسرة بعيد ميلاد أخر أفرادها ، و لكن تعرقلت الأمور كلها عندما سافر زوجها إلي الخارج منذ إسبوعان في مهمة عمل ، و علي حسب ما قاله"عز الدين"أن إندماج الشركات و توقيع الصفقات إستغرق وقتا أكثر مما توقع ، فلهذا تأخر موعد عودته ، و بالطبع فسدت كل التحضيرات التي أعدتها"داليا"من أجل الإحتفال بعيد ميلاد طفلها بسبب غياب والده ، و فجأة أفاقت"داليا"من شرودها منتفضة ، إذ بدأ الطفل بالبكاء ..
أسرعت"داليا"نحو طفلها لتؤانسه بسرعة لئلا يعلو صوت صراخه أكثر ، كانت أسنانه قد بدأت بالبروز ، و لا شيء يسكن آلامه خاصة في الليل ، مما يجعلها تعاني من نوبات بكائه ، حملت"داليا"الصبي الصغير بين ذراعيها ، ثم راحت تذرع الغرفة ذهابا و أيابا ، تؤرجحه ، و تتحدث إليه بوشوشة ، و لحسن الحظ ، خففت من حدة صراخه ، و تدريجيا هدأ الطفل ، غير أن"داليا"إستمرت في المشي طولا و عرضا ، لكن ببطء خشية أن يعود الطفل إلي الصراخ مجددا ..
و بينما كانت تحتويه في أحضانها الدافئة ، راحت أفكارها تأخذها بعيدا ، إلي الوراء ، إلي قبل سنة ، الفترة السعيدة حيث كان مستقبلها يبشرها بشتي الأحلام الجميلة ، تذكرت الليلة التي سبقت يوم ولادتها لطفلها ، حينما حدق"عز الدين"في عينيها و العاطفة تبدو واضحة في عينيه ، وقتها قامت بحركة لا إرادية ، أخذت يده و وضعتها علي بطنها لتحثه أن يدرك الطفل الذي بينهما ، كانت لحظات رائعة ، رغم أنها كانت متعبة للغاية ، و في اليوم الذي تلي تلك الليلة ، وضعت"داليا"طفلها بالمشفي في الساعة التاسعة صباحا ، كان يزن حوالي اربعة كيلو غرامات ، و عندما افاقت من مفعول المخدر ، دلفت إليها شقيقتها حاملة علي يديها الطفل ، ثم وضعته بين ذراعي أمه ، و كم شعرت"داليا"بالفخر و الإعتزاز و هي تتلمس وجناته المزهرة ، و تمسح علي شعره العسلي الأملس ، حينها رفعت رأسها تنظر إلي زوجها قائلة:
-شبهك.
ثم تابعت و هي تدس أصبعها في قبضة المولود و تبتسم عندما قبض علي أصبعها:
-مش قلتلك حاسة انه ولد ؟؟
و بعد ذلك عندما عادت إلي المنزل برفقة اسرتها الصغيرة ، وجدت أنهم تعاونوا و أعدوا لها الغرفة جيدا ، حيث بدت علي أحسن مما كانت و الورود العابقة تملأها إحتفالا بها ، و بالصبي حديث الولادة و أخر افراد عائلة الـ"نصار"إلي الأن ..
توالت الذكريات كلها بعقل"داليا"فتذكرت أيضا حينما شعرت بالدموع تملأ عينيها عندما شاهدت لأول مرة علي وجه أبنها الرضي و السعادة بينما كان يرضع و قد أمسك بقبضتيه الصغيرتين صدرها بقوة ، و أغمض عينيه يرضع بنهم ..
شعور الأمومة شعور جديد بالنسبة إليها ، و كم أحبته و إعتزت به ، فقد تعلقت من خلاله بطفلها ، و تعلمت الكثير أيضا من خلال تجربتها الشاقة تلك ..
و للمرة الثانية أفاقت"داليا"من شرودها ، و نظرت إلي الصبي النائم في سلام بين ذراعيها ، حبست"داليا"أنفاسها ، ثم مشت به نحو فراشه الصغير ذا الأرجوحة الذي إحتل مكانا بسيطا إلي جانب فراشها الوثير العريض ، و أسرعت تضعه به مبسطة علي جسده الضئيل غطاءه الصوفي ، ثم إستلقت بدورها علي فراشها ، و في الحال ، إبتسامة عابرة مرت علي شفتيها ، لقد نال طفلها محبة الجميع ، و قد تهافت عليه المعجبون الذين أحاطوه بالإهتمام التام ، فقد كان"عمر"شغوفا به إلي أقصي حد ، حيث انه دائما يغتنم الفرص ليأخذ الصبي بين ذراعيه يكلمه ، و كذلك شقيقتها التي كانت تدلـله كثيرا ، و حتي الخدم بالقصر ، كانوا يلبون رغباته و جميع نزواته ، بينما كان"عز الدين"يرد علي مبادراته بإبتسامة بطيئة ، و كلما تواجد بجواره لا يعود الصبي يهتم إلا به ، و يظل يرمقه بعينيه الواستعتين الخضرواين كعينا أمه ، و يضحك له بإلحاح يجعله مضطرا أن يرد عليه بالمثل ، أو أن يهز له رأسه ، هو الذي لم يعتاد علي وجود الأطفال بقربه و لا يعرف كيف يتصرف معهم ، غير أن"داليا"لاحظته مرة من دون معرفته و هو يلاعب و يلاطف طفله ، و بنهاية اللعب راح يداعبه بلطف و حنان ، و يلامسه تحت الذقن حتي كاد الصبي يقهقه من شدة الضحك ..
إتسعت إبتسامة"داليا"لتذكرها ذلك المشهد الأبوي الدافيء ، و قبل أن تغرق في غفوتها ، رمشت ناعسة و هي تتذكر عندما تتاقشت مع"عز الدين"حول إسم الطفل ، فاجأها بقوله:
-عدنان .. اسمه عدنان.
في البداية ، لم يروق لها الإسم ، و لكنها أعجبت به شيئا فشيئا ، كما هي تغط الأن في نومها شيئا فشيئا ، حتي راحت في سبات عميق ..
و لكنها إستيقظت بعد فترة قصيرة لدي شعورها بشيء غريب و لكنه مألوف إقتحم الغرفة ، و بشعور الحماية و الخوف علي طفلها ، تحركت بالفراش في قلق ، ثم نظرت إلي جانبها حيث تنبعث حرارة ملحوظة ، فوجدت"عز الدين"نائما إلي جانبها ، لوهلة أعتقدت بأنها تحلم ، و لكن يدها التي لمست يده الدافئة أكدت لها أنها في كامل وعيها ، إنتصبت نصف جالسة ، ثم جالت بنظرها في أرجاء الغرفة ، فرأت حقائب"عز الدين"موضوعة إلي جانب الفراش ، مما أوضح لها أنه أنهي رحلته و عاد لتوه ..
تنهدت بثقل ، ثم وجهت نظرها إليه ، أنفاسه منتظمة ، و قد إستغرق في نوم عميق ، فإقتربت منه قليلا و حدقت به ، بدا عليه الإجهاد و الأرق ، فوجهه أنحف مما كان عليه ، و علامات الاعياء واضحة بملامحه ، و إنتبهت إليه أكثر ، فوجدته قد حل ربطة عنقه ، و الأزرار العلوية من قميصه ، و كانت بذلته مكرمشة من السفر الطويل ، و بدون تفكير نهضت"داليا"بآلية ثم بدأت بخلع سترته ، و وضعت رأسه علي الوسادة من جديد ، فدفن رأسه في الوسائد بدون أن يفتح عينيه ، بينما كانت تساعده علي خلع حذاءه ، و من ثم جلست علي الحانب الأخر من الفراش حيث كانت راقده منذ قليل ، ألقت عليه أخر نظرة ، ثم تنهدت و أطفأت الضوء ، و خلدت إلي النوم بدورها ..

************************************************** ************

علي الطرف الأخر ، كانت"عبير"تراقب أصابع الفجر الوردية ، كان المنظر رائعا ، لكنها شاهدته بحسرة ، تنهدت بثقل ، ثم إبتعدت عن النافذة متوجهة نحو الفراش ، تمددت تعبة ، و لكن تعبها ليس جسديا ، بل سببه الضغط و الإضطراب النفسي ، فراشها مريح ، و الأغطية ناعمة ، و مع ذلك فلا شيء بإستطاعته تهدئة إضطراب أعصابها ، كانت متقلصة الوجه ، و مشوشة الأفكار ، كانت تفكر بزواجها ، و علاقتها الغير مستتبة بـ"خالد"لا زال هناك حاجز يفصل بينهما ، كما لا زال"خالد"متحفظا في معاملته لها ، لم يمضيا يوما واحدا كزوجين إطلاقا ، هربت دمعة حارة من عين"عبير"ثم راحت تتساءل في نفسها ، ألم يقبل بهذا الزواج ؟ أما كان يعاملها بلطف و مازال ؟ إذن لماذا يضع الحواجز بينهما إلي الأن ؟ هو يحبها و ذلك أمر لا شك فيه ، لا أحد بإستطاعته نفي ذلك .. إذن لماذا يكبدها عناء الماضي ؟ لماذا لا يستطيع النسيان ؟ و ماذا لو لم ينسي ؟ هل يمكن أن تستمر حياتهما علي هذا النحو ؟ و هل ستحل المعاملة الطيبة التي يقدمها إليها مكان الحب ؟ .. لا ، لا يمكن أن يستمرا هكذا ..
لم تتوصل"عبير"إلي الشعور بالراحة المنشودة ، و ظلت تتقلب في فراشها يمنة و يسري دون جدوي ، ثم فجأة ، إحتلها إرتخاء متعب ، و تدريجيا شعرت بثقل في جفنيها ، و كادت تغفو ، إلا أنها سمعت صوت محرك سيارة تصطف بمرفأ المنزل ، فقفزت من موضعها و إتجهت نحو النافذة من جديد ، و لدهشتها رأت"خالد"و قد عاد ، و فكرت ، إذن هذا يعني أن العمل الذي ذهب من أجله برفقة شقيقها قد تم ، و لكنها تساءلت .. لماذا لم يتصل و يخبرها بموعد عودته ؟ هل قرر ان يصبح جافا معها تدريجيا ؟ ..
إمتقع وجهها في حزن لتلك الأفكار ، بينما سمعت بوضوح أصوات خطوات تمر أمام باب غرفتها ، إبتسمت ساخرة و عرفت فورا أنه ذاهب ليرتاح بغرفته المستقلة ، عادت"عبير"إلي الفراش مجددا ، و لكنها عزمت بإصرار علي تنفيذ ما قفز برأسها توا ...

************************************************** ***************

في الصباح ، إستيقظت"داليا"عندما شعرت بيد صلبة تحيط بخصرها من الخلف ، و بأنفاس حارة تصافح أذنها و عنقها ، و فورا تذكرت ما حدث في الليلة الماضية ، فتحركت رأسها بإضطراب علي الوسادة لتري فيما لو كان "عز الدين"مستيقظا !
و لكنه مازال نائما ، إلا أنها إكتشفت أنه خلع قميصه أثناء نومه و ألقاه بجانب الفراش ، بينما لاحظت معالم الإرتياح ظاهرة علي وجهه ، فقد إختفت خطوط الإعياء التي ظهرت حول عينيه في الليلة السابقة ، كما عاد وجهه إلي وضعه الطبيعي مجددا ...
تأملته"داليا"مليا و فكرت .. وجوده إلي جوارها يشعرها بالأمان ، و أدركت مدي الإرتياح الذي تشعر به عندما يكون قريبا منها ، و السهولة التي يمكن أن تنسي بها كل القسوة التي مارسها معها في السابق ، فيما بدأت تتحرك في الفراش محاولة النهوض ، ففتح عينيه فجأة ، و منحها إبتسامة دافئة ثم قال بخفوت:
-صباح الخير يا داليا.
و لكنها لم تجيبه ، بل رمقته في حنق ثم دفعت عنها ذراعه الملتف حول خصرها و نهضت ، لم يأبه لتصرفها الأرعن هذا ، و عوضا عليه شد عضلات كتفيه بتكاسل و قال:
-اول ما خلص الشغل قطعت التذاكر انا و خالد و رجعنا علطول .. مارضتش اقولك قلت اعملهالك مفاجأة احسن.
و للمرة الثانية لم تجبه ، فتابع هو متسائلا:
-عملتي ايه في غيابي ؟ .. يا تري عملتوا عيد ميلاد لعدنان ؟؟
هزت"داليا"رأسها بعصبية ، بينما إنتصب نصف جالسا علي الفراش ، و أصبحت لهحته حادة عندما قال:
-ايه مالك ؟ قررتي ماتتكلميش معايا و لا ايه ؟؟
تطلعت إليه و علامات الإستياء واضحة علي وجهها ، ثم أحابته في تهكم حانق:
-لأ ازاي ؟ هو انا اقدر ؟ و بعدين ماتشغلش بالك انت بالامور التافهة دي اهم حاجة الشغل طبعا مافيش اهم منه.
-شكلك اتعلمتي حاجات كتير في غيابي.
قال ذلك ، ثم نهض و أقترب منها ،وقف أمامها ، و
وضع يده تحت ذقنها ، رافعا وجهها إليه ، ثم راح يتأملها ، و فجأة ظهرت علي وجهه إبتسامة عريضة ، عندما رأي ما إرتسم علي وجهها من علامات التمرد و التحفز ، ثم تابع:
-اعتقد هيبقي افضل لو ما كبرناش الموضوع .. الحاجات دي بقت قديمة اوي يا داليا.
-قديمة !!
هتفت مستنكرة ، ثم تابعت:
-اول عيد لأبنك مايستحقش اننا نحنتفل بيه سوا ؟ .. ما انت رجعت في نفس اليوم اهو .. ماكنتش عارف تقدم يوم رجوعك ؟ ماكنتش عارف تيحي اول امبارح او امبارح ؟ انا حاسة انك قصدت ترجع في الوقت ده.
عاد"عز الدين"برأسه إلي الوراء ثم قهقه بقوة ، و عاد ينظر إليها ، و أمسك بيدها ، و قبل أن تتحرك من مكانها ، جذبها إليه بيده الأخري ، ثم داعب خصلة من شعرها الكستنائي ترنحت فوق جبينها ، و قال:
-انتي عاطفية و خيالك واسع اوي يا داليا.
ثم تابع بجدية ، و لكنه كان يبتسم فظهرت أسنانه الناصعة المتناسقة:
-شوفي يا حبيبتي .. انا عمري ما حبيت السفر برا .. و عمري ما سافرت الا عشان الشغل فالبتالي اول ما بخلص شغلي في اي مكان برا مابستناش يوم كمان .. بقطع التذكرة و برجع علطول .. و اكيد ماكنتش مرتب خالص للتأخير اللي حصل ده.
ثم أضاف بلهجة حادة:
-زي ما انا مش مضطر اقدملك اعذار دلوقتي.
إنفلتت منها ضحكة بسبب أسلوبه كبحتها في الحال ، بينما لانت ملامحه من جديد ، فراح يعانقها بخفة و رقة ، مزق شعور العاطفة أعماقها ، إذ لم تكن مستعدة لعناقه ، لكنها إستجابت له ، بينما راح يضمها إليه أكثر و هو يحيطها بذراعيه ، ثم همس في أذنها:
-تعرفي انك وحشتيني اوي ؟؟
-بجد !!
قالت ذلك بجمود مضطرب ، ثم دفعته و تحررت من قبضته ، و تابعت:
-عشان كده غيبت المدة دي كلها صح ؟؟
ثم أخذت تتراجع إلي الوراء ببطء ، بينما أقترب منها قائلا بحدة و عيناه تشعان سحرا عهدته من قبل:
-جري ايه بقي ؟ مش هنخلص ؟؟
ثم تابع بصرامة:
-مش عايزك تفتحي الموضوع ده تاني خلاص مفهوم ؟؟
ثم قبض علي ذراعها و جذبها نحوه ، و داعبت أنامله و جنتيها .. شعرت بالخطر فقالت بخفوت مختلجة:
-عدنان نام امبارح بدري .. و ممكن يصحي دلوقتي.
بينما تجاهلها كليا ، و علي الرغم من نعومة أنامله التي تفوق الوصف ، فقد شعرت بصلابة لمساته ، مؤكده عزمه علي نيل ما يريد ، فلم تدر ماذا تفعل ، و لكنها سارعت إلي القول:
-حد شافك و انت راجع امبارح ؟؟
قطب حاجبيه متذكرا و هو يتراجع محققا أملها ، ثم قال:
-اه طبعا .. مصطفي اللي واقف علي بوابة القصر و زميله .. غير كده البيت كله كان هادي لا صوت و لا ضوء.
إستغلت إبتعاده عنها و قفزت بعيدا عنه و هي تقول:
-اعتقد الكل هيتافجئوا برجوعك .. انا هدخل اخد دُش و انت انزل فاجئهم بنفسك.
رمقها بإبتسامة ساخرة ، ثم سألها:
-تحبي اجي اساعدك ؟؟
-لأ.
أجابته و صفعت باب الحمام وراءها ، و أدارت المفتاح في القفل خشية أن يتبعها ، ثم إستندت إلي الباب لبرهة و الإبتسامة تملأ وجهها ...

************************************************** ****************

إستيقظت"ياسمين"و الآلام تمزق عنقها و كتفها علي صوت المنبه الذي أنذرها ببدء الإستعداد لترك فراشها ، لكن الدفء الذي سيطر عليها و هي تتمدد تحت الغطاء الثقيل جعلها تفكر في البرد الذي ستتلقاه في حال خروجها من الغرفة ، لكنها نفضت الكسل عن جسدها ، و أبعدت الغطاء عن قدميها ، ثم أمسكت بالمنبه حيث جثم فوق منضدة قرب فراشها ، فحملته بين راحتيها و تفرست به عن كثب ، أشار العقرب إلي الساعة التاسعة و النصف ، تلعثمت أنفاسها بإضطراب ، فقد تأخرت كثيرا في النوم ، رغم أن اليوم عطلتها ، و لكنها تفضل الإستيقاظ باكرا ، غير أن الخمول الذي أصابها في تلك الأيام بفضل الموجة الباردة التي عمت الأجواء في الخارج ، حيث جعلتها تلتزم فراشها رغما عنها ، بالرغم من وجود جهاز التكييف الذي أدفأ غرفتها بالقدر المناسب ، و لكنها كانت تعاني موجات البرد لدي خروجها من غرفتها الدافئة ...
ثم فجأة قفزت برأسها فكرة ، عزمت علي تنفيذها ، و لكنها إتجهت إلي الحمام أولا ، حيث إغتسلت و نظفت أسنانها ، ثم خرجت و إرتدت ملابسها الثقيلة و توجهت إلي الخارج لتفتش عن"عمر"وصلت إلي غرفته ، فطرقت بابه ، ليأتي صوته سامحا بالدخول لمن يطرق ، بينما دفعت الباب و دلفت إليه ، فوجدته يجلس بمقعد مرفق بطاولة صغيرة إحتلت مكانا بسيطا بغرفته الفسيحة ، و عندما إقتربت منه ، إكتشفت أنه جالس منهمكا في دراسته ، فقد عاد"عمر"إلي دراسته من جديد ، كما وعده شقيقه في العام الماضي ، و قد تغيرت صفات"عمر"تدريجيا من أفضل إلي الأفضل ، مما أسعد"ياسمين و أرضاها ، فهي لها الفضل الأكبر في تحسنه ، حيث شجعته و عاونته و وقفت إلي جانبه .. :
-صباح الورد يا سو .. وحشتيني يا حبيبتي.
حياها"عمر"بنظرات متيمة ، فأجفلت"ياسمين"خجلة ، و لكنها ردت له التحية باسمة:
-صباح الخير يا عمر .. ايه صاحي بدري كده عشان تذاكر ؟؟
داعبها"عمر"بنظراته الفاتنة قبل أن يجيبها:
-طبعا يا روحي .. انا لازم اعمل كل اللي تقوليلي عليه.
ثم تابع ممازحا:
-شفتي انا شاطر ازاي ؟؟
أطلقت ضحكة قصيرة قبل أن تقول:
-شاطر يا عموري .. بس قوم دلوقتي تعالي معايا.
-علي فين ؟؟
سألها بجدية ، فألحت:
-قوم بس.
هز"عمر"كتفيه ، ثم نهض و تبعها حتي أوصلته إلي بهو القصر الفسيح ..
وقف قبالتها واضعا يديه علي جانبي وسطه متسائلا:
-ايه الحكاية يا ياسمين ؟؟
إبتسمت"ياسمين"ثم أجابته و هي تشير نحو الموقد الذي تواجد بأخر القاعة الكبيرة:
-عايزاك تساعدني نولع النار في الدفاية دي.
رفع"عمر"حاجبيه مندهشا ، ثم سألها:
-ليه يعني ؟؟
فأحابته ببساطة:
-اولا الجو برد اوي برا الاوض و ممكن اي حد فينا ياخد برد و يتعب و تتنقل العدوي لينا كلنا ده غير ان في طفل معانا و لو اخد برد هيتعب اوي .. ثانيا الدفاية شكلها حلو و لما النار تولع فيها المنظر هيبقي جميل جدا خصوصا بالليل.
فغرت من حديثها ، ثم رمقته في تساؤل باسمة ، و لدهشتها العظيمة رأت"عمر"يهز رأسه و لكن بعلامات الرفض ، ثم سمعته يقول:
-ماينفعش يا ياسمين.
-ليه ؟؟
سألته بخيبة ، فأجابها بلطف:
-لازم حد يطلع علي سطح البيت و ينضفها من فوق الاول عشان الشحم اللي فيها.
لم تفهم ما ضرورة هذا الإجراء ، و لكنها تجاهلت كلامه قائلة:
-تعالي بس نولعها و الخشب بتاعها موجود اهو .. يلا بقي.
لم يستطع"عمر"إخماد شعلة الحماس بعينيها ، فأستسلم لطلبها رغم قلقه ، ثم راح يساعدها في إشعال الموقد ، بينما كان خيالها يدور و هي في ذروة إنهماكها في هذا العمل حول الجو الدافيء الذي ستضفيه النار علي القاعة ، فيما تتاول"عمر"قطع الحطب و صفها في الموقد بترتيب ، ثم أضرم النار فيها ، بينما تبتسم"ياسمين"بفرح ، و ما كادا يبتعدا بضع خطوات ، حتي سمعا صوتا غريبا ينبعث من الموقد الذي ما لبث أن إنفجر مرسلا دخانا أسود كثيفا ، إنتشر في القاعة و غطي كل شيء ، بما في ذلك"ياسمين"و"عمر"بطبقة كثيفة من السخام الأسود .. :
-يا خبر !!
صرخت"ياسمين"في إضطراب ذاهلة و هي تتراجع إلي الوراء لتتقي مزيدا من السخام ، بينما نظرت إلي"عمر"و كان قد أصبح أسود اللون من رأسه إلي أخمص قدميه ، تبادلا النظرات ، فإنفجر"عمر"ضاحكا من الشكل الذي بدت عليه"ياسمين"بينما لم تعد تتمالك أعصابها ، فإنفجرت ضاحكة هي أيضا عندما تأملت"عمر" .. بقيا علي تلك الحالة عدة دقائق ، حتي تكلم"عمر"أخيرا ، فقال و هو يحاول كبح ضحكاته:
-مش قلتلك بلاش.
و لكن سرعان ما عم السكون عليهما ، إذ دق جرس الباب فجأة ، لتأتي إحدي الخادمات و تفتح ، و إذا بالطارق"عبير" ...
مضت"عبير"مسرعة لدي إنفتاح الباب ، و توجهت نحو الدرج و لم تتوقف للحظة ، نظرت"ياسمين"إلي"عمر"الذي نهض و ساعدها علي الوقوف ، مرت دقائق و هما يقفان إلي جانب بعضهما دون كلام ، و من ثم ما لبثت"ياسمين"أن تتكلم حتي جاء صوت"عز الدين"الذاهل قائلا:
-ايه ده ؟ ايه اللي حصل ؟؟
إلتفتا إليه في سرعة ، بينما إتسعت عينا"عمر"بدهشة قبل أن يقول:
-ايه ده انت ؟ رجعت امتي ؟؟
أجابه"عز الدين":
-امبارح بالليل.
ثم عاد يسأله ماذا حل بالمكان ؟ فشرح له"عمر"الأمر ، ثم أخبره بوصول"عبير":
-جت لوحدها ؟؟
سأله"عز الدين"مقطبا ، فأجابه:
-ايوه و جايبة شنطة هدومها.
-هي فين ؟؟
-طلعت فوق.
أومأ"عز الدين"رأسه ، ثم إنسحب عائدا إلي الطابق العلوي ، بينما تنهد"عمر"ثم داعب"ياسمين"بقوله:
-هطلع انقع نفسي في المايه يمكن انضف.
أطلقت"ياسمين"ضحكة كبيرة فتأملها"عمر"باسما ...

************************************************** *****************

بعد أن وضعت حقيبتها فوق فراشها ، ألقت بثقلها فوق مقعد وثير بجانب الشرفة ، ثم راحت تحدق في اللاشيء و الدموع تتلألأ بعينيها ، إلي أن سمعت طرق علي باب حجرتها ، عملت علي ضبط نفسها سريعا ، ثم خرج صوتها طبيعيا و هي تأذن بالدخول لمن يطرق بابها ، فوجدت أخيها بقامته الشامخة يدخل إلي الحجرة و يتقدم نحوها ، فلا شعوريا نهضت واقفة ، و لكنه أشار لها بأن تجلس ، فإمتثلت لأمره ، بينما جلس هو علي مقعد قبالتها ، ثم إنتظر لثوان و قال:
-ازيك يا عبير ؟؟
-الحمدلله يا عز .. كويسة.
أحابته و هي تحدق براحتيها المبللتين بالعرق ، فيما سألها بهدوء:
-جاية لوحدك ؟؟
-اه.
-خالد مجاش معاكي يعني ؟؟
-لأ.
أومأ رأسه مرارا ، ثم تابع سؤاله و هو يشير إلي حقيبة ملابسها:
-طب جاية بشنطة هدومك ليه يا عبير ؟؟
صمتت لثوان ، ثم أحابته بإصرار:
-انا عايزة اتطلق ...



التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 05-12-18 الساعة 08:58 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:16 AM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحلقة (2)





إنتظرت لثوان ، ثم قالت بإصرار:
-انا عايزة اتطلق.
لم تبدو الدهشة علي وجه"عز الدين"،بل أنه أومأ رأسه ، ثم سألها:
-عايزة تطلقي ليه يا عبير ؟؟
نظرت إليه نظرة تائهة ، و كأنها فقدت كل إحتكاك بالواقع ، بينما حدق بها و رأي أنها علي وشك الإنهيار ، فعاد يسألها بهدوء و لطف:
-ماردتيش عليا يعني يا عبير ! عايزة تطلقي ليه ؟؟
إذردت ريقها بصعوبة ، ثم أجابته:
-مش مرتاحة .. و خالد كمان مش مرتاح.
-طب ايه السبب ؟؟
سألها مستفسرا ، فقضمت شفتها ثم أجابته بمرارة:
-شكله مش قادر ينسي اللي حصل.
ثم تابعت بصوت مرتجف:
-ده غير ان جوازنا مالوش لازمة اصلا.
-مالوش لازمة ؟ ازاي يعني ؟؟
سألها مقطبا ، فأجابته بتوتر و هي تشعر بالبرودة تحتلها:
-يعني من يوم ما اتجوزنا .. هو في اوضة و انا في اوضة.
تدارك"عز الدين"الأمر ، فأومأ رأسه مرارا ، ثم صمت قليلا و تنهد قائلا في هدوء:
-طيب .. خلينا نناقش الموضوع ده بعدين و دلوقتي انزلي يلا معايا عشان نفطر كلنا سوا.
لوهلة أرادت أن تمتنع ، و لكن شوقها لمجالسة أخويها غلب علي شعورها بالرفض ، فإبتسمت إبتسامة لم تصل إلي عينيها ، ثم أومأت رأسها و تبعت شقيقها إلي الأسفل ، و عندما كانا يهبطان الدرج ، وجدا"داليا"و كانت تقف تعاتب"عمر"و"ياسمين"علي الفوضي التي أحدثاها بالبهو ، بينما"عدنان"مستند برأسه علي كتف أمه هادئا يتابع ما يجري حوله في صمت .. :
-في ايه تاني ؟؟
قال"عز الدين"متسائلا ، حينما وصل إليهم ، فإلتفتت"داليا"إليه ، ثم أجابته عابسة و هي تشير نحو البهو:
-ادخل شوف كده ايه اللي حصل جوا !!
أومأ"عز الدين"راسه قائلا:
-شفت.
-و الله يا داليا انا حذرت اختك و قولتلها بلاش .. بس هي اصرت.
قال"عمر"ذلك محاولا تعزيز موقفه ، ثم تابع منهيا للحديث:
-و بعدين خلاص بقي دي حاجة بسيطة يعني خلاص .. هاتي عدنان هاتيه.
إبتعدت"داليا"خطوة إلي الوراء و هي تتمسك بإبنها قائلة:
-لأ .. عايز تمسكه و انت بالشكل ده ؟! اطلع استحمي الاول.
نظر"عمر"إلي يديه الملطختان بالسخام ، ثم قال:
-اه صح عندك حق.
ثم تركهم منسحبا إلي غرفته ، بينما حولت"داليا"نظرها إلي شقيقتها قائلة:
-و انتي كمان اطلعي يلا نضفي نفسك.
أومأت"ياسمين"رأسها في إستحياء ، ثم لحقت بـ"عمر"إلي الطابق العلوي حيث توجد الغرف ..
فيما إنتبهت"داليا"إلي وجود"عبير"فتطلعت إليها باسمة ، و قالت:
-عبير .. ازيك يا حبيبتي عاملة ايه ؟؟
-الحمدلله يا داليا كويسة.
أجابتها"عبير"باسمة ، ثم تابعت:
-انتي عاملة ايه ؟ و عدنان حبيبي القمر اخباره ايه ؟؟
-طول ما هو كويس اكيد انا هكون كويسة.
قالت"داليا"باسمة ، بينما إنحنت"عبير"نحو"عدنان"ذا العينين الخضراوين الصافيتين ، و داعبت بأناملها خديه البارزين الحمراوين قائلة:
-ربنا يخليهولك.
فيما مد"عدنان"ذراعيه إلي"عبير"منتظر أن تحمله ، فضحكت"عبير"و لم تخيب ظنه ، إذ تناولته بين ذراعيها بعفوية ، ثم حدثته باسمة:
-يا حبيبي .. انت بقيت جميل كده ليه ؟ ما شاء الله .. ازيك ؟؟
و ما كادت تكمل مداعابة للطفل ، حتي دخل"خالد"في تلك اللحظة .. ظهر فجأة أمامها ، فلم تجد الوقت لتفر أو تختبيء .. :
-طب لما قررتي تيجي هنا .. ليه ماقولتليش قبل ما تمشي و تسيبي البيت ؟؟
كان صوته يتسم بالقلق ، كما كانت ملامحه أيضا ، فرأت"عبير"نفسها تتجه و تحتمي بـ"عز الدين"تلقائيا ، بينما ساد الصمت للحظات ، فقطعه شقيقها و هو يوجه إليها سؤاله مقطبا:
-انتي جيتي منغير ما تقوليله ؟؟
تطلعت إليه"عبير"متوجسة ، ثم أومأت رأسها إيجابا ببطء ، فسألها حانقا:
-ازاي تعملي كده ؟؟
لم تجد ما تقوله ، فلاذت بالصمت ، بينما حول"عز الدين"نظره إلي"خالد"متسائلا:
-طيب ماتصلتش بيا او بيها ليه ؟؟
أجابه"خالد"عابسا:
-هي ماكنتش بترد عليا و مارضتش اكلمك الا لما الاقيها الاول .. ماحبتش اقلقك قلت يمكن ماتكونش جت هنا.
ثم نظر إليها متابعا:
-و بعدين لاقيت دولابها فاضي .. فقلقت اكتر.
ثم وجه سؤاله لها شخصيا بعتاب منفعل:
-ليه عملتي كده يا عبير ؟؟
أجابته بالصمت ، بينما همهم"عز الدين"ثم وجه نظره إلي"داليا"و أمرها بموافاته إلي الغرفة ، تاركا"خالد"مع"عبير"علي حدة ، وفجأة شعرت"عبير"أنها سقطت بمازق ، و لتعزز موقفها ، تصرفت بطبيعية حيث دعت"خالد"إلي حجرة الجلوس .. :
-ممكن اعرف ليه مشيتي و سيبتي البيت بالطريقة دي ؟؟
قال"خالد"ذلك متسائلا بعد أن جلس بمقعد قبالتها ، بينما إدردت ريقها بتوتر و هي تشعر بتسارع نبضات قلبها ، ثم أخيرا أجابته:
-انا .. انا عايزة اتطلق يا خالد.
ران صمت ثقيل عليهما ، كما بدا عليه الشحوب فجأة ، فقال بتمتمة غير مصدق:
-عايزاني اطلقك يا عبير ؟؟
عضت"عبير"علي شفتها بقوة ، ثم أومأت رأسها قائلة:
-ايوه .. عايزاك تطلقني يا خالد.
لا زالت الصدمة مؤثرة علي حواسه ، فصمت قليلا ، ثم عاد يسألها:
-ليه ؟؟
أجابته بإبتسامة ساخرة:
-ايه اللي هيفرق معاك يا خالد ؟ احنا مش متجوزين اصلا.
أدرك"خالد"مقصدها ، فضغط علي شفتيه ، ثم سألها مستفسرا:
-يعني لو طلقتك الموضوع هيفرق معاكي انتي ؟ هتعملي ايه بعد ما اطلقك ؟؟
هزت كتفيها و أجابته ببساطة:
-هكمل دراستي.
رمقها مستنكرا ، فأكدت بقولها:
-انت عارف طبعا اني ماقدرتش ادخل الامتحانات السنة اللي فاتت بسبب الظروف اللي حصلت .. لكن انهاردة الصبح قبل ما اجي علي هنا روحت الجامعة و قدمت طلب اعادة و من الاسبوع الجاي هبدأ اكمل دراستي و انزل الجامعة من تاني.
بدا مشدوها لدي إنتهائها من الحديث ، فعاد يسألها:
-عز الدين عنده خبر بقراراتك دي ؟؟
أومأت رأسها ، و أحابته:
-اه .. عنده خبر بموضوع الطلاق .. اما موضوع الدراسة لأ .. لسا ماقلتلوش.
-و كان رأيه ايه في موضوع الطلاق ؟؟
-لسا ما كملناش كلام فيه .. بس هو ماعرضش.
-و كمان ماوافقش.
-قصدك ايه ؟؟
منحها إبتسامة باردة ، ثم فجأة هب واقفا وقال:
-اسمعي يا عبير .. انا عايزك تشيلي فكرة الطلاق دي من دماغك خالص .. انا ماتجوزتكيش عشان اطلقك بعد كده .. و سواء لو عز الدين وافق أو رفض موضوع الطلاق انا مش هطلقك .. اما عن موضوع دراستك ده شيء انا ماقدرش اعترض عليه و عموما انا هسيبك هنا فترة لحد ما تهدي اعصابك خالص و بعد كده اكيد هترجعي معايا البيت.
-لأ يا خالد.
هتفت معترضة ، ثم تابعت بحزم:
-مافيش حاجة بينا نرجع نكملها تاني .. مافيش حاجة خالص .. انا مش هرجع معاك البيت انا هفضل هنا .. ده بيتي و هنا حياتي اللي هرجع اكملها تاني.
ضم قبضتيه بعصبية ، ثم قال قبل أن يدير ظهره لها و يرحل:
-انا هعتبر نفسي ماسمعتش حاجة .. و هرجعلك تاني عشان نتكلم .. تكون اعصابك هديت شوية .. سلام.
ثم غادر مسرعا ، فتنهدت"عبير"متألمة و هي تفكر بمستقبلها المجهول ...

************************************************** *************

مر إسبوع و الأوضاع نوعا ما مستقيمة و متماسكة بمنزل الـ"نصار" .. فمجيء"عبير"المفاجيء ، و مكوثها الغير متوقع بالقصر أحدث إضطرابا نسبيا بين أفراد الأسرة ، غير أن"خالد"فضل أن يُطبق ما قاله و أن يترك"عبير"لفترة كي تستطيع أن تفكر بعمق و تنظر بدقة في علاقتهم ، و لهذا لم يُفاتح"عز الدين"بأمر الطلاق الذي إقترحته"عبير"و أصرت عليه ، كما أن"عز الدين"أحب ألا يتدخل بينهما ، رأي أنهما يستطيعان أن يتناقشا و أن يتوصلا إلي حل دون تدخله ، و ربما مباشرة الدراسة ساعدتها قليلا في التخلص من غيمة الكآبة التي غلفت حياتها مؤخرا ...
كان الطقس مشمس ذلك النهار ، حيث أدفأ الأمواج الشتوية الباردة التي كست الأجواء بدرجة مناسبة ، فيما كانت"عبير"تجلس قبالة صديقتها"ريم"إلي طاولة خشبية بحديقة القصر:
-بصي يا ستي .. دي المحاضرات اللي فاتتك من اول السنة .. و دي مراجع .. رغم اني خلصت و اتخرجت بس نزلت جمعتلك كل حاجة من الطلبة و الدكاترة.
قالت"ريم"ذلك بعد أن ناولت"عبير"بعض المجلدات و الأوراق ، بينما إبتسمت"عبير"بخفة و شكرتها قائلة:
-شكرا يا ريم .. بجد مش عارفة اقولك ايه ؟ شكرا.
-شكرا علي ايه يا بيرو ؟ ده انتي اختي.
منحتها"عبير"إبتسامة مفعمة بالإمتنان ، ثم قالت:
-ربنا يخليكي ليا.
-و يخليكي لينا كلنا يا بيرو.
قالت باسمة ، ثم تابعت متسائلة:
-بس انتي مش ناوية ترجعي بيتك بقي ؟ معقول هتفضلي قاعدة هنا كتير كده ؟؟
أجابتها"عبير"في إستنكار متجهمة:
-انا مش ناوية اقعد هنا كتير .. انا ناوية اقعد هنا علطول.
-ليه كده بس يا عبير ؟؟
سألتها"ريم"معاتبة ، فتنفست"عبير"بعمق ، ثم قالت:
-البيت ده مش بيتي يا ريم .. ده بيت خالد .. انا كنت مجرد ضيفة فيه و جه الوقت بقي اني امشي و اسيبله مجال ياخد راحته فيه و يتصرف زي ما هو عايز.
-ايه اللي بتقوليه ده !!
هتفت مستنكرة ، ثم تابعت:
-انا اعرفك من سنين طويلة يا عبير .. و عارفة كويس خالد بيحبك اد ايه .. و بعدين ماتنسيش ان هو الوحيد اللي وقف جنبك في ازمتك و متخلاش عنك و كان هيضيع نفسه عشانك.
-عارفة يا ريم .. عارفة انه بيحبني .. بس هو مش قادر ينسي اللي حصل .. مافيش حاجة بينا .. حياتنا كانت ماشية علي روتين يومي واحد مافيش جديد .. لا هو مرتاح و لا انا مرتاحة .. يبقي ننهي اللي بينا و كل واحد يدور علي راحته بنفسه انما كده ماينفعش .. الحياة دي مستحيلة و انا عندي طاقة تحمل زي كل البشر و خلاص مابقتش قادرة استحمل و اجي علي نفسي اكتر من كده و اقول انا غلطانة و استحق اكتر من كده .. انا تعبت .. بجد تعبت اوي.
رمقتها"ريم"بشفقة ، و أدركت مدي عمق جرحها ، فلانت ملامحها ، و قالت بلطف:
-انا عارفة انتي عانيتي اد ايه يا حبيبتي .. و عارفة ان من حقك ترتاحي بقي و تكملي حياتك .. بس بردو كنت بقول لو تديله فرصة تانية يا عبير يمكن آا ...
-مافيش فايدة يا ريم.
قاطعتها"عبير"بحزم ، ثم تابعت بمرارة:
-بقالي سنة و اكتر عماله اديله فرص و مافيش فايدة.
ثم أضافت بإصرار:
-هنتطلق .. مافيش حل تاني .. و انا علاقتي بإخواتي رجعت كويسة تاني زي الاول الحمدلله .. هرجع بقي اعيش في وسطهم و اكمل حياتي و انا معاهم .. و خالد انسان كويس جدا علي فكرة و يستاهل واحدة احسن مني تقكر تفرحه و تخليه مبسوط .. انا ماكنتش انفعله من الاول اصلا .. و مابقتش انفعله و لا بقيت انفع لحد خالص.
-ايه يا عبير التشاؤم ده ؟!!
-هي دي الحقيقة.
قالت ذلك و هي تحدق براحتيها ، و سرعان ما تلألأت الدموع بعينيها ، فسارعت"ريم"إلي القول:
-خلاص الله يخليكي .. بلاش تفتكري اللي فات .. خلاص يا عبير اعملي اللي يريحك .. اهم حاجة تبقي مرتاحة.
أومأت"عبير"رأسها مرارا ، ثم إبتسمت و الدموع تبرق بعينيها ...

************************************************** *****************

في المساء ، عند دقات التاسعة ، بعد يوما شاق قضته"داليا"في إدارة أحوال المنزل ، و الإعتناء بطفلها ، دلفت إلي الحمام و إغتسلت ، ثم إرتدت ملابسها و عادت إلي الغرفة ، لتجد الصبي الذي تركته يغفو في فراشه ، قد إستيقظ و وقف مستندا إلي أسوار الفراش الخشبية التي إحتجزته في مسافة عالية ، و جعلته غير قادر علي مغادرة مكانه ..
إنفرج ثغر"داليا"بإبتسامة عريضة لدي رؤيتها طفلها ، فأمطرها الصبي بوابل من الإبتسامات التي تحولت إلي ضحكات رنانة ، بينما مشت"داليا"نحوه ، و دنت منه و قبلته ، ثم إتجهت نحو منضدة الزينة ، و جففت شعرها ، ثم مشطته ، و إذا بها تسمع صوت مقبض باب الغرفة يدور فجأة ، فإلتفتت و أسرعت لملاقاة"عز الدين"و هي ترتدي ثوبا طويلا من الشيفون الوردي يتطاير من حولها بفعل حركتها ، و لم يخب ظنها ، إذ دلف"عز الدين"فعلا كما توقعت ، فإلقت بنفسها بين ذراعيه ، فسألها:
-وحشتك ؟؟
-ما تتخيلش انا مبسوطة اد ايه انك رجعت بدري انهاردة.
أجابها ببساطة:
-ماكنش في شغل كتير.
تجهمت"داليا"من جوابه الحاف ، فإبتعدت عنه خطوة إلي الوراء ، بينما إبتسم لها إبتسامته التي كانت تضعف من مقاومتها ، فيما إنتبه"عز الدين"فجأة إلي إبنه الذي راح يزقزق كالعصفور ، و يضرب بيديه طالبا الذهاب عند والده ، فإبتسم له"عز الدين"و ألقي بأغراضه علي أقرب مقعد ، ثم إتجه نحوه و حمله بين ذراعيه ، و في الحال أشرقت عينا الصبي الخضراوين ، و راح يضحك بقوة لأبيه و يلامس بيديه الصغيرتين خديه ، و كم تتضاعف دهشة"داليا"عندما تراه يتجاوب مع إهتمام إبنه المُلح ، و خلال لحظات قصيرة ، تغيرت ملامح"عز الدين"فمه القاس ، و نظرته الساخرة ، و رصانته المتعالية ، كلها إمتلأت بحنان كبير ، فقطبت"داليا"حاحبيها و لكنها كانت تبتسم ، لم تصدق أن هذا الرجل الصارم ، و العنيف ، و الحازم بطبعه ، بإمكانه أن يتمتع بهذا الحنان الكبير ، و هذه النبرة اللطيفة ..
و لما بدأ"عدنان"يلعب بشعر والده الأسود الغزير المرتب ، راح"عز الدين"يقهقه ضاحكا بصوت مرتفع ، بينما سارعت"داليا"و أخذت الصبي عن ذراع والده ، ثم قادته إلي فراشه الصغير قائلة:
-كفاية لعب بقي انت لعبت طول النهار .. سيب بابا يرتاح.
و رغم أن الطفل إستاء من تصرف أمه ، إلا أنه راح يثاءب و يفرك بعينيه ، و ما أن وضعته بفراشه و راحت تغني له بخفوت ، حتي إستجاب لها و غط في نوم عميق ...
و بعد أن أطمئنت عليه تماما ، إلتفتت وراءها ، فوجدت أن"عز الدين"جلس مسترخيا علي الفراش ، حيث إستند بظهره علي الوسائد بعد أن خلع سترته ، و حل ربطة عنقه ، تقدمت نحوه بخطي ثابتة ، ثم جلست إلي جواره و قالت:
-سمعت انك غيرت في شهر تاني سكيرتيرة ليك.
إبتسم في هدوء ، ثم أدار رأسه نحوها و قال:
-اعمل ايه بس ؟ كلهم مش نافعين.
ثم تابع بخبث:
-بصراحة انتي كنتي هايلة جدا ايام ما كنتي بتشتغلي عندي .. انما دول مش بتوع شغل.
-اومال بتوع ايه ؟؟
-اقولك بتوع ايه و ماتزعليش ؟؟
-لأ ماتقولش .. مش عايزة اعرف خلاص.
و تظاهرت بإنها غير مبالية ، و وقفت و هي تعرف أنه سيقبض علي معصمها و يسحبها إليه ، كانت تلك هي قواعد اللعبة بينهما ، و بالفعل ، حدث هذا ، و سقطت بين ذراعيه و هو يغمغم:
-مافيش و لا واحدة جت مكانك لحد دلوقتي الا و مشيت بعد فترة قصيرة.
-بس سمعت ان اخر واحدة كويسة .. و حلوة.
-سمعتي من مين ؟؟
-عمر .. عمر قالي.
-مم .. عمر .. عينتيه مخبر عليا خلاص ؟؟
قهقهت بخفة ، ثم قالت:
-لا ابدا .. انا اللي بسأله.
همهم متفهما ، ثم قال:
-عموما بعيدا عن كل ده .. انا عاملك مفاجأة بكرة.
-مفاجأة ايه ؟؟
سألته و قد اشرق وجهها بإبتسامة عريضة ، فكبح حماسها بقوله:
-بكرة الصبح هتعرفي.
و أحست فجأة بأن عصابة شعرها المخملية إنزلقت من علي رأسها تحت سيطرة يديه ، و جاست أصابعه في شعرها الحريري ، ثم فجأة غرقت الغرفة في ظلام دامس ...

************************************************** ************

-ايه يا عمر ده ؟ خطك وحش اوي.
قالت"ياسمين"عابسة ، بينما كانت تجلس تباشر دراستها إلي جوار"عمر"علي مقعد مرفق بطاولة داخل قاعة الجلوس ، فيما أومأ"عمر"رأسه معترفا ، ثم قال:
-عارف يا ياسمين .. و حاولت و الله احسنه بس للاسف مافيش فايدة.
إبتسمت"ياسمين"بخفة ، ثم قالت بلطف:
-لأ حاول تاتي و تالت بالله عليك الخط ده مايتقريش يا عمر .. حاسة اني بفك طلاسم.
قهقه"عمر"بمرح ، بينما تعالي صوت رنين هاتفهه بنغمته الصاخبة ، فتناول الهاتف مسرعا ، ليتجمد بمكانه في صدمة ، و عينيه علي اسم المتصل ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:17 AM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحلقة (3)




قهقه"عمر"بمرح ، ثم فجأة تعالي صوت رنين هاتفهه ، فتناول الهاتف مسرعا ، ليتجمد بمكانه في صدمة و عيناه علي إسم المتصل ..
ظل يحدق بشاشة الهاتف عابسا حتي إنقطع الإتصال ، فإنتبهت"ياسمين"إليه ، و لاحظت تعابير وجهه المكفهر ، فلكزته علي يده قائلة:
-عمر ! ايه مالك في ايه ؟؟
ثم سألته في فضول مترددة:
-مين كان بيتصل بيك ؟؟
عاد الرنين إلي الهاتف مرة أخري ، فتطلع"عمر"إليها دون أن ينبس بحرف ، فرمقته"ياسمين"في إستغراب مقطبة ، و قررت أن تكتشف الأمر بنفسها ، فأخذت الهاتف من يده و تطلعت إلي إسم المتصل ، و كانت والدته ، السيدة"كاميليا" .. توترت"ياسمين"و لم تعرف كيف تتصرف ، فإنقطع الإتصال مرة أخري ، فيما راحت تخاطبه بهدوء متسائلة:
-ليه ماردتش عليها يا عمر ؟؟
حدجها"عمر"بقسوة ، ثم أخيرا نطق فقال منفعلا:
-ليه ماردتش عليها ؟ هو انا مش حكتلك كل اللي حصل قبل كده ؟؟
أومأت"ياسمين"رأسها في إضطراب ، ثم أجابته:
-ايوه حكتلي .. لكن ايا كان اللي حصل مايصحش اللي عملته ده .. مايصحش امك تكلمك و ماتردش عليها يا عمر.
علا صوته فجأة كسوط لاهب عندما قال:
-انا الوحيد في اخواتي اللي روحتلها برجلي و كنت بسأل عليها و بزورها بإستمرار .. من سنة وقفت قصاد اخويا عشانها و دافعت عنها .. كنت فاكر انها اتغيرت بجد .. بس هي بنفسها اكدتلي اني كنت غلطان.
صمت لثوان ، ثم تابع مزمجرا:
-دي ست انانية مابتفكرش الا في نفسها و كل كلمة قالها عز الدين عنها طلعت صح .. انا اللي كنت عيل و مغفل.
-عمر .. خد بالك انت بتتكلم عن امك.
قالت"ياسمين"معاتبة ، فإندفع قائلا بغضب:
-لأ دي مش امي .. انا امي ماتت من ساعة ما سابتتي انا و اخواتي زمان.
-يا عمر آا...
-خلاص لو سمحتي.
قاطعها"عمر"بحزم حانق ، ثم تابع منهيا ا للحديث:
-انا مش عايز اتكلم في الموضوع ده تاني ابدا.
ثم هب واقفا ، و مضي في سبيله إلي خارج قاعة الجلوس ، فتنهدت"ياسمين"و خرجت بإنطباع أنه غادر لأسفه علي تصرفه الحانق نتيجة إثارة ذكرياته المؤلمة ، بينما شعرت هي بالأسف علي تلك السيدة المنبوذة من أبنائها ، و لكنها هزت كتفيها بقلة حيلة ، ثم عادت تتابع دراستها ...

************************************************** *************

في الصباح التالي ، و بينما كانت"داليا"تساعد"عز الدين"علي إرتداء سترته راحت تسأله:
-كنت قولتلي امبارح بالليل انك عاملي مفاجأة الصبح !!
صاح"عز الدين"متذكرا:
-ايوه فعلا.
ثم إلتفت إليها و قال:
-دلوقتي بعد ما امشي هتحضري شنطة فيها هدوم ليا و ليكي يكفونا 4 ايام و كمان ساعة مصطفي هيكون مستنيكي تحت تجهزي بسرعة عشان هايجبيك علي الشركة هكون انا خلصت شوية شغل و بعد كده هنتحرك.
فغرت"داليا"فاها ، و نظرت إليه مشدوهة ، ثم سألته:
-هنروح فين ؟؟
أحابها متذمرا:
-هو انا مش قلتلك دي مفاجأة ؟ هتعرفي لما نوصل.
هزت"داليا"رأسها عابسة ، ثم عادت تسأله:
-طيب و عدنان ؟ هنسيبه ؟؟
-اه.
-اه ازاي بس ؟ مين هياخد باله منه ؟؟
-معانا في البيت عمر و عبير و ياسمين .. 3 افراد مش هيعرفوا ياخدوا بالهم من طفل صغير ؟؟
قطبت"داليا"حاجبيها غير راضية ، و تمتمت:
-لأ مش هقدر اسيبه .. ماقدرش ابعد عنه .. يعني ايه يصحي من النوم لا يلاقيني و لا يلاقيك ؟ و بعدين ده ساعات بيصحي بالليل و بيعيط و مابيسكتش الا في حضني .. لأ لأ .. مش هقدر اسيبه.
-خلاص خليكي انا غلطان.
قال ذلك متهكما ، و كاد يمضي إلي خارج الغرفة ، فأمسكت بذراعه قائلة:
-طيب استني.
-انا مسعجل و مش فاضي قرري بسرعة.
قال بنفاذ صبر ، فتنهدت بثقل ، ثم أومأت رأسها قائلة:
-خلاص .. هنسيبه.
-تمام .. يلا بقي اعملي اللي قولتلك عليه بسرعة عشان نلحق نوصل بدري.
قال ذلك ، ثم تقدم نحو فراش إبنه الذي كان مستغرقا في نوم عميق ، و دني منه ، ثم قبل وجنته ، و مسح علي شعره ، ثم إلتفت إليها مؤكدا ما قاله مجددا و رحل ...
فأسرعت"داليا"و راحت تعد لهما الثياب و تضعهم بحقيبة سفر متوسطة ، ثم دلفت إلي الحمام و إغتسلت ،ثم لفت المنشفة الكبيرة حول جسدها ، و عادت إلي الغرفة ، فوجدت"عدنان"و قد إستيقظ لتوه ، فإقتربت منه و الماء يقطر من شعرها ، كان جالسا علي فراشه ، يفرك بعينيه ، عندما خاطبته"داليا"بخفوت و لطف ، و هي تداعب خصلات شعره العسلي الغزير ، ثم تركته و إتجهت نحو منضدة الزينة ، جففت شعرها و مشطته و عقصته إلي الوراء و من ثم إرتدت ملابسها ، و ألقت علي نفسها أخر نظرة ، فشعرت بالرضا علي مظهرها ، فقد إرتدت تنورة من المخمل الأبيض ، تعلوها كنزة قصيرة الأكمام وردية اللون ...
إنتهت من ترتيب نفسها بسرعة ، إذ بدأ"عدنان"بالبكاء ، فأسرعت إليه ، و راحت تسأله و هي تمسح دموعه بأناملها:
-ايه يا حبيبي مالك ؟ مالك ؟؟
نظر الصبي إلي أمه بوهن و الدموع تملأ عينيه الخضراوين الواسعتين ، فتنبهت"داليا"أن إبنها جائع ، فقالت له و هي تلامس خصلات شعره الحريرية:
-يا حبيبي .. انت جعان ؟؟
فهمهم"عدنان"و أومأ رأسه ، فضحكت"داليا"ثم قالت:
-طيب تعالي يا قلبي هأكلك.
ثم أخذته بين ذراعيها و تركت الغرفة متوجهة إلي الأسفل ، و دلفت به إلي قاعة المطبخ الفسيح الفارغ من الخدم في تلك الساعة ، ثم أجلسته علي طاولة عريضة أمامها ، ثم راحت تعد له الجبن مع الخبز ، لم تهتم"داليا"بتناول فطورها ، بل إهتمت بإطعام"عدنان"و لما أنهي فطوره ، أخذته إلي شقيقتها ، و عندما أخبرتها"داليا"عن الخطة المفاجأة ، أمطرتها"ياسمين"بوابل من الأسئلة:
-يعني هتغيبوا عن البيت 4 ايام ؟؟
-ايوه يا ياسمين.
-ممم .. و هتسيبوا معانا عدنان ؟؟
-ايوه.
-طيب هتروحوا فين ؟؟
-لسا ماعرفش.
أجابتها"داليا"في ضيق ، ثم قالت و هي تتلمس وجه إبنها:
-انا لازم امشي دلوقتي .. خدي بالك من عدنان و وصي عمر و عبير ياخدوا بالهم منه انا سايباه معاكي كويس يا ياسمين عايزة ارجع الاقيه كويس.
طمئنتها"ياسمين"في مرح قائلة:
-ماتقلقيش يا دودو .. الاستاذ عدنان في ايد امينة بعون الله .. روحي انتي مع جوزك و انبسطي.
ثم غمزت بعينها مداعبة ، فإبتسمت"داليا"بخفة ، ثم ودعت إبنها بقبلة علي وجنته ، ثم ذهبت إلي غرفتها و أحضرت حقيبة الملابس ، و رحلت ...
و عندما ترجلت من السيارة أمام (مجموعة النصار للنقل البحري) ، خاطبت"مصطفي"قائلة:
-هتستني يا مصطفي و لا هتمشي ؟؟
أجابها"مصطفي بأدب:
-عز الدين بيه قالي اجيب حضرتك لحد هنا و اسيب المفتاح في العربية و امشي.
ثم ترك المفتاح داخل السيارة بالفعل ، و ترجل منها ، فشكرته"داليا"و أصرفته ، ثم نظرت أمامها إلي تلك البناية الضخمة الشامخة ، و تنفست بعمق و هي تتأمل المقر الرئيسي للشركة الذي يشغل برجا من الأسمنت و الزجاج ، إرتفاعه 26 دورا ...
راودتها الذكريات حول المكان ، منذ أكثر من عام ، عندما جاءت إلي هنا من أجل التوظيف ، في ملابسها المتواضعة و مظهرها البسيط ،عندما قابلت"عز الدين نصار"و لأول مرة ، من هنا بدأت حياتها بالتغير الجذري ، هنا حدثت نقطة التحول التي قلبت حياتها رأسا علي عقب ، هنا تعلمت ما معني الآلم ، و البكاء ، و الذل ، و الضعف ، و الغيرة ، و الكره ، و الحب ، هنا بدأت تشعر بالحياة تضج بأعماقها ، حيث كانت حياتها تمر علي وتيرة روتينية بطيئة ...
أفاقت"داليا"من شرودها ، ثم رسمت علي ملامحها معالم الجدية و الحزم ، ثم مضت متجهة إلي داخل الشركة ، و ما أن دخلت حتي جذبت إليها الأنظار ، هؤلاء الموظفين كانوا زملاء لها في الماضي ، أما الأن ، فالوضع مختلف ، أصبحت زوجة رئيسهم ..
تلقت"داليا"نظرات فاحصة ، و أخري حاقدة ، و سمعت بأذنها من يتهامس بشتي الأساليب ، و لكنها ظلت تتقدم إلي الأمام بخطي ثابتة ، واثقة ، حتي وصلت إلي المصعد قاصدة برج السلطة ، حيث يقع مكتب زوجها بالطابق الثالث و العشرون ..
و تنفست الصعداء عندما خرجت من المصعد ، فسارت في إتجاه مكتب"عز الدين"علي سجاد سميك يمتص صوت وقع الأقدام مهما علا ، لكنها توقفت فجأة حين أتاها صوت أنثوي ناعم يمنعها من متابعة طريقها:
-لو سمحتي .. حضرتك رايحة فين ؟؟
إلتفتت"داليا"نحو مصدر الصوت ، ثم تطلعت إلي تلك الفتاة التي إحتلت مكان"إنچي"السكيرتيرة الخاصة بمكتب"عز الدين"فحصتها"داليا"بعينان متهكمتان ، فهي كانت حسناء ، و إنبهرت"داليا"بجمالها ، حيث بدت شديدة الأناقة في ثياب أختيرت بعناية و ذوق بالغين ..
بينما لم تجبها"داليا"بل رمقتها بإبتسامة باهتة ، ثم توجهت نحو مكتب زوجها ، حيث فتحت الباب و دلفت ، بينما تبعتها الفتاة ثائرة ، فإنتبه"عز الدين"الذي كان يجلس خلف مكتبه منكبا علي الأوراق كما عاهدته"داليا"إلي ما يحدث ، فنهض من مقعده ، و راح ينقل نظراته بين"داليا"العابسة"و السكيرتيرة الغاضبة ، ثم قال متسائلا:
-في ايه يا دينا ؟؟
-يافندم المدام دي دخلت و ...
-خلاص يا دينا مافيش مشكلة دي مراتي.
قاطعها"عز الدين"بلطف حازم ، فإضطربت الفتاة ، و راحت تعتذر من"داليا"قائلة:
-انا اسفة جدا و الله ماكنتش اعرف .. حضرتك دخلتي منغير ما تقولي اي حاجة.
-خلاص يا دينا حصل خير.
قال"عز الدين"منيها للأمر ، فإستأذنت الفتاة و إنسحبت في هدوء ، بينما دار"عز الدين"حول مكتبه حتي وصل إلي"داليا"التي إرتسم علي وجهها تعابير العبس ، و الغيرة ، فوقف أمامها ، ثم تنهد قائلا:
-ياااه .. بقالك كتير مادخلتيش عليا مكتبي يا انسة.
تطلعت إليه"داليا"ثم إبتسمت رغما عنها جراء جملته الأخيرة ، فأعجبتها اللعبة و راحت تلعبها معه:
-اعمل ايه طيب يافندم ؟ مش حضرتك اللي فصلتني و حبستني في بيتك و مش بترضي تخرجني ؟؟
قهقه"عز الدين"بصوت مرتفع ، ثم حدثها بجدية قائلا:
-ربع ساعة هخلص الشغل اللي في ايدي ده و هنمشي.
أومأت رأسها باسمة ، فأمرها بهدوء قائلا:
-اقعدي.
أطاعته بآلية ، و جلست علي مقعد وثير قرب المكتب ، بينما عاد يجلس هو خلف مكتبه ، ثم راح ينهي عمله بتركيز بالغ ..
مرت عدة دقائق حتي إنتهي أخيرا ، فنهض و تناول سترته من علي ظهر الكرسي ، ثم أسرع بإرتدائها قائلا:
-يلا.
إلتقطت"داليا"حقيبتها ، و سارت نحوه ، بينما إصطحبها إلي الخارج بعد أن أطفأ أضواء المكتب ، بقيت قريبة منه و هي تمشي إلي جانبه ، فيما كان هو لا يتلفت يمنة و لا يسرة ، و كان الموظفون يفرون من أمامه ليفسحوا له الطريق ، ببنما كان يمسك بيدها أمام الحميع حتي خرجا من الأبواب الرئيسية للشركة ، قادها نحو السيارة ، ثم إستقلا معا ، و إنطلقا في الطريق الفارغ بسرعة تحولت إلي سرعة قصوي حين بلغا الطريق الصحراوي ...
تلك السرعة جعلت"داليا"تجفل مضطربة ، فخرج صوتها مرتجف و هي تقول:
-عز .. عز الدين لو سمحت قلل السرعة شوية.
إبتسم"عز الدين"بخفة ، ثم قال:
-اقللها ليه يا حبيبتي ؟ الطريق فاضي قدامنا.
-معلش عشان خاطري قللها شوية عندنا طفل صغير لسا محتاجنا.
قهقه"عز الدين"بصوت مرتفع ، فيما لبي لها طلبها ، بينما غاصت بمقعدها ، و أغمضت عينيها في إسترخاء ، و بعد مرور ساعة و نصف دون كلام ، لم تتحمل"داليا"الصمت فسألته:
-هنروح فين بقي ؟؟
نظر لها بطرف عينه ، ثم أجابها و هو يركز إهتمامه علي القيادة:
-ساعة كمان و هتعرفي .. و بطلي اسئلة بقي.
و لم يذكر شيئا أخر في هذا الصدد و تركها تخمن ما تشاء عن هذه المفاجأة ، بينما تنهدت بثقل ، و لما يئست منه كفت عن التفكير فيها ، ثم حولت نظرها إلي جانبها ، حيث راحت تحدق عبر النافذة الزجاحية للسيارة في الفضاء الذي يحاصرهم ...
و أخيرا مرت الساعة الأخري ، فشعرت بسرعة السيارة تقل تدريجيا ، فأدارت رأسها نحوه ، فقال دون أن يلتفت إليها:
-وصلنا.
و عند ذلك توقفت السيارة تماما عندما بلغت بوابة خشبية كبيرة متينة ، علي جانبيها أسوار حجرية عالية ، بينما ترجل"عز الدين"أولا لملاقاة أحدهم ، فإتضح لها أن هناك من كان ينتظر محيئهم ...
كان رجل في أواسط العمر ، يرتدي عمامة بيضاء ، و جلباب من اللون الرمادي ، راح يخاطب"عز الدين"بود و أدب ، ثم أسلمه سلسة مفاتيح و رحل بعد أن أوصد الباب الرئيسي للمكان ، فأشار"عز الدين"إلي"داليا"بأن توافيه ، فترجلت و توجهت إليه و علي وجهها علامات التساؤل و هي تتأمل ذلك المنزل الحجري في حضن الجبل .. :
-ايه ده ؟ ايه المكان ده ؟؟
سألته"داليا"فأحاط كتفها بذراعه ثم أجابها:
-احنا دلوقتي علي ارض قرب سينا بكام كيلو متر كده .. ايه رأيك في البيت ده ؟؟
-حلو اوي.
هتفت"داليا"مشدوهة بجمال المكان المحيط بها ، فجذبها"عز الدين"من يدها و قادها إلي الداخل بعد أن فتح الباب ، كان البيت من الداخل رائعا ، مفروش علي الطراز الحديث ، كان يضم غرفة جلوس تفضي إلي شرفة تطل علي أجمل المناظر الطبيعية ، حيث الصحراء و الجبال و التلال و الشمس و السحب الصافية ..
كما ضم أيضا مطبخا صغيرا مجهزا بكل الأدوات ، و الأطعمة ، و المشروبات ، و غرفة نوم كبيرة جيدة التهوئة ، تطل علي البحر ، و حمام غاية في الإتساع و النظافة ، أحست"داليا"أنها سقطت في حلم وردي جميل ، إذ أن تلك المفاجأة كانت بعيدة كل البعد عن خيالها ، ثم فجأة إلتفتت إلي"عز الدين"ثم إقتربت منه ، و طوقت عنقه بذراعيها قائلة و هي تبتسم بحب:
-انت عارف ؟ دي احلي مفاجأة انت عملتهالي.
فإبتسم بدوره و أحابها:
-من فترة فكرت و لاقيت اني اتجوزتك منغير ما اعملك فرح و منغير حتي ما اعملك شهر عسل في اي مكان بعيد عن البيت .. فقلت فرصة اخد اجازة و اجيبك نقضي هنا كام يوم.
ثم صمت قليلا ، و سألها:
-بجد عجبك المكان ؟؟
-اوي اوي.
أجابته ثم راحت تعانقه بقوة ، فلف ذراعيه حولها ، و قوي قبضته عليها مزيدا من عنف ضمه ، بينما ضغطت وجهها علي كتفه و هي تقول:
-بس لو كان عدنان معانا .. يا حبيبي يا تري عامل ايه دلوقتي ؟؟
ثم أسرعت تقول و هي تبتعد عنه قليلا لتواجهه:
-في هنا شبكة ؟ عايزة اتصل بالبيت اطمن عليه.
هز"عز الدين"رأسه آسفا ، و قال:
-للاسف مافيش شبكة هنا .. و دي بالنسبة لي احلي حاجة انا مش بحب التليفونات او بمعني اوضح مابقتش احبها من كتر الازعاج اللي بتسببهولي.
ثم تنهد متابعا:
-طيب .. انا هدخل اخد دُش .. تكوني حضرتي اي حاجة ناكلها لاني جعان جدا بصراحة.
منحته"داليا"إبتسامة عذبة ، ثم أومأت رأسها موافقة ...

************************************************** ****************

عندما غادرت"ياسمين"المنزل متوجهة إلي المشفي ، أسلمت"عدنان"إلي"عبير"لتهتم به ريثما تعود ، فرحبت"عبير"بحرارة ، و من الجيد أن الصبي إلي الأن لم يشعر بالغربة لغياب والديه ، فيما إغتنمت "عبير"الفرصة و راحت تمرح معه بعض الوقت مستمتعة ، حيث أخذته و توجهت به إلي حديقة القصر ، و بدأت تؤرجحه تلاعبه و تلاطفه ، فتارة تحاول أن تجعله يمشي علي قدميه ، و تارة يسقط علي الحشائش الخضراء فيطلق"عدنان"صيحات الفرح ...
و لما وصل"خالد"فجأة ، و رأي"عبير"و"عدنان"يلعبان بمرح و فرح ، أخذ يقترب منهما بخطي بطيئة و ثقيلة و هو غير قادر علي إزاحة نظره عن هذا المشهد ، بل كان يبدو مسحورا و مندهشا ، مثل واحة بقلب الصحراء ...
و فجأة إنتبهت إليه"عبير"، و كي تخفي إضطرابها ، إنهمكت للحظة بـ"عدنان"المتعلق بعنقها ، ثم إقتربت منه حاملة"عدنان"بين ذراعيها ، و بصورة غير منتظرة ، راح قلبها يخفق بسرعة ، ثم رفعت رأسها نحو"خالد"دون خوف ، و حيته في هدوء قائلة:
-اهلا يا خالد .. ازيك ؟؟
رمقها بنظرة مطولة قبل أن يجبها:
-كويس يا عبير .. انتي ازيك ؟؟
أومأت رأسها ، ثم أجابته:
-الحمدلله تمام.
و ساد الصمت للحظات ، فقطعته قائلة و هي تشعر بالتوتر:
-عز الدين و داليا مش موجودين في البيت و هيغيبوا حوالي 4 ايام.
-ايوه عارف .. اخوكي قالي.
أومأت رأسها ، ثم قضمت شفتها ، و إستأذنت منه قائلة:
-طيب البيت بيتك طبعا .. انا لازم اخد عدنان دلوقتي آكله عشان ده ميعاد غداه .. عن اذنك.
و بينما كانت تمر بمحاذاته ، أمسك بمعصمها قائلا:
-انا جاي عشان اتكلم معاكي شوية.
-بعدين يا خالد لو سمحت .. بقولك هغدي عدنان انا اللي باخد بالي منه في الوقت ده خالته ياسمين في شغلها دلوقتي و لسا ماجتش.
ثم تملصت من قبضته محاولة الفكاك ، بينما كان يريد ألا يتركها تذهب ، و
لكنه رضخ مستسلما بالنهاية ، فتحررت من قبضته و توجهت بالصبي إلي داخل المنزل ، بينما يتابعها"خالد"بعينيه مقطبا ، إلي أن توارت بعيدا عن نظره ...

************************************************** *************
حاول الإتصال بها عدة مرات ، و لكنها لم تجب ، فألقي بهاتفهه علي الفراش في ضيق ، ثم راح يذرع الغرفة ذهابا و إيابا ، هو يعلم أنها غاضبة منه بسبب أخر محادثة بينهما ، و لكنه وقتها لم يستطع أن يكبح إنفعالاته ، و في الوقت ذاته كان لابد أن يصغي لها ، فهي لم تقل شيئا خاطيء ...
تنهد بثقل ، ثم قرر أن يخرج من غرفته الفسيحة التي ضاقت علي أفقه ، و بينما كان يمر أمام الغرف ، سمع صوت بكاء أحدهم ....
[/size]
[/color]


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:20 AM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحلقة (4)





و بينما كان يمر أمام الغرف ، سمع صوت بكاء أحدهم ، فإستدار مقطبا و تتبع الصوت ، حتي وصل أمام غرفة"عبير"فمد يده ، و طرق بابها في تردد ، فأتاه صوتها بعد لحظات طبيعيا نوعا ما سامحا له بالدخول ، فدلف إليها ، و كانت تجلس علي حافة الفراش تنظر إليه بعينين حمراوين أثر ذرف الدموع ، فيما إستطاعت بجهد أن ترسم علي شفتيها إبتسامة خفيفة ، ثم قالت بهدوء متسائلة:
-نعم يا عمر ؟ عايز حاجة ؟؟
بينما أمعن النظر فيها قليلا دون كلام ، و شعر بإضطرابها الذي حاولت بجهد أن تخفيه ، فتنهد ثم تقدم نحوها ، و جلس إلي جانبها ، ثم صمت لثوان و قال:
-تعرفي يا عبير ان البيت كان كئيب و وحش اوي منغيرك ؟؟
تطلعت إليه ذاهلة ، و إنفرجت أساريرها ، ثم سألته:
-بجد يا عمر ؟؟
إبتسم بخفة ، و أجابها:
-بجد يا عبير.
ثم تابع في إستثناء ممازحا:
-لكن ده مش معناه انك تفضلي قاعدة علي قلبنا كل ده .. و لا انتي ايه رأيك ؟ مش شايفة انك طولتي في القاعدة معانا شوية ؟؟
تلاشت إبتسامتها تدريجيا ، فضغط"عمر"علي شفتيه متنهدا ، و راح يسألها في هدوء و لطف:
-في ايه يا عبير ؟ مالك ؟ ايه اللي حصل خلاكي تسيبي بيتك ؟؟
تلألأت الدموع بعينيها عند ذلك ، إذ لم تستطع أن تكبح إنفعالها ، فأشاحت بنظرها عنه ، و حدقت بقبضتيها في نظرة غير واضحة حجبتها الدموع ، فعاد يسألها بإلحاح:
-اتكلمي يا عبير ! احكيلي اللي حصل .. انا اخوكي ، و مهما كان اللي جري قبل كده ، انا عمري ما هاجي مع حد ضدك ، خليكي متأكدة اني دايما معاكي و في ضهرك.
أغمضت"عبير"عينيها بشدة ، فطاحت دموعها علي خديها بغزارة ، فرمش"عمر"في إضطراب مرتبك ، ثم مد يده ، و ربت علي كتف شقيقته بلطف قائلا:
-بس بقي يا عبير ماتعيطيش .. كفاياكي عياط انا قربت انسي ضحكتك.
ثم رفع ذقنها بيده ، و أزال دموعها بإبهامه ، و قال:
-انا عارف انك ندمتي علي غلطتك و لسا ندمانة لحد دلوقتي ، و عارف كمان انك ماغلطتيش لوحدك .. انا كمان غلطت ، كنت مستهتر ، و ماكنتش مهتم اعرف ايه اللي بيدور حواليا ، ماكنتش مهتم بيكي و لا بأخبارك ، عز الدين كان بيبقي مشغول دايما ، و المفروض اني كنت احل محله و اتابعك كويس ، لكن للأسف انا كنت عايش لنفسي و بس ، و انتي ماكنتيش لاقية اللي يوجهك ، البيت منغير اب و منغير ام ، و اخواتك ملهيين عنك ، يعني كنتي تقريبا بدون رقابة .. يمكن الاسباب دي كلها يا عبير هي اللي خليتني اتعاطف معاكي شوية و ماجبش اللوم كله عليكي.
ثم تنهد بثقل ، و أضاف:
-انا ماعنديش شك انك كويسة و نضيفة من جواكي ، عشان كده يا عبير انا عايزك تنسي ، عايزك تنسي كل اللي حصل ، ارميه كله ورا ضهرك و كأنه ماكنش ،ابدأي صفحة جديدة و فكري ازاي تخلي ايامك الجاية احسن و احلي.
ثم تابع منبها:
-لكن اهم حاجة ماتوقعيش في الغلط مرتين ، اوعي تغلطي مرة تانية يا عبير او تسمحي لحد ايا كان يضحك عليكي .. و يا ستي لو لاقيتي نفسك محتاسة في اي حوار تعاليلي و اتكلمي معايا ، بدل ما تفكري لوحدك هنفكر احنا الاتنين ، و بدل ما يبقي رأيك لوحدك يبقي رأينا احنا الاتنين ، و انا مش هضرك اكيد يا عبير.
رمقته"عبير"بإبتسامة خفيفة ، فمنحها إبتسامة بدوره ، و ربت علي وجنتها بلطف ، ثم تلفت حوله و قال متسائلا:
-هو عدنان مش معاكي و لا ايه ؟؟
تنفست بعمق ، ثم أجابته:
-لأ مش معايا .. ياسمين خدته ينام معاها في اوضتها.
سألها مقطبا:
-هي ياسمين رجعت من المستشفي ؟؟
أومأت رأسها إيجابا ، و قالت:
-اه رجعت من شوية ، عدنان كان نايم فخدته و راحت تنام هي كمان.
-ايه ده معقول نامت بدري اوي كده ؟؟
رفعت أحد حاجبيها مستغربة ، فأدرك ما قاله
ثم عاد يقول مسرعا:
-قصدي لسا بدري شوية علي النوم الساعة ماجتش 9 !!
هزت"عبير"كتفيها قائلة:
-جايز الشغل و الدراسة ارهقوها شوية ، ربنا معاها.
أومأ"عمر"رأسه مرارا ، ثم إنسحب من غرفة شقيقته و هو يبتسم لها في إرتباك ...

************************************************** ***************

منذ الظهيرة ، كانا يتنزهان أمام واجهة البحر المقابل للمنزل الحجري الذي سيسكناه لمدة أربعة أيام ..
كان الجو باردا و لكنه ممتعا ، تمشيا إلي جانب بعضهما علي الرمال متشابكي الإيدي ، و من وقت إلي أخر كانا يتوقفان قليلا لمشاهدة منظر خلاب ، أو طائر غريب الشكل ، و لما بدأ الظلام يزحف ، عادا إلي المنزل في الحال ..
كانت"داليا"متعبة جراء رحلة السفر المرهقة ، و النزهة حيث ناضلت في المشي علي الأرض الوعرة ، و في الوقت نفسه كانت فرحة للإقتراب من"عز الدين"إلي ذلك الحد ..
و بينما كانت تحضر القهوة الساخنة لتقدمها إلي زوجها الذي إعتاد أن يشربها في ذلك الوقت ، شعرت برغبة في أن تشكره ، فقالت و هي تجلس بإسترخاء علي مقعد وثير قبالته بعد أن ناولته قدح القهوة:
-كانت بداية حلوة .. اليوم كان حلو اوي ، اه لو تفضل كده علطول.
إبتسم"عز الدين"إبتسامة لم تصل إلي عينيه ، ثم شرع في شرب القهوة الساخنة ، فيما كانت"داليا"تراقب باسمة جوزة العنق عنده تصعد و تنزل في رقبته الصلبه ذات العروق البارزة ..
و بعد أن مضي الوقت قليلا ، نهضت"داليا"متوجهة نحو المطبخ ، و قامت بإعداد وجبة طعام لكليهما ، و لما إنتهيا من الطعام ، تعاونا علي تنظيف الطاولة ، و تولت"داليا"تنظيف الصحون ، ثم إنضمت إليه ، حيث جلسا أمام موقد النار بقاعة الجلوس المظلمة ، إنغمسا في الحديث معا إلي درجة كبيرة و كأنهما لا زالا في مرحلة التعارف ..
ثم فجأة ، سألها"عز الدين":
-احكيلي عن طفولتك .. كانت عاملة ازاي ؟ كنتي مبسوطة ؟؟
لمعان ناعم أنار عينيها الشفافتين ، و راحت تقص عليه بعضا من سيرة حياتها:
-بابا و ماما الله يرحمهم كانوا متفاهمين و بيحبوا بعض اوي .. دلعوني كتير و حبوني اوي ، ماكنش ليهم غيري لحد ما تميت 5 سنين ، بعد كده جت اختي ياسمين بس ..
توقفت فجأة ، فقطب"عز الدين"حاجبيه ، و سألها محتارا:
-ايوه ؟ بس ايه ؟؟
أجفلت"داليا"و أراحت رأسها إلي مسند المقعد ، ثم أغمضت عينيها ، و كأنها تحاول أن تتخلص من شعور يرهقها ، بدا وجهها شاحبا فجأة ، و إرتسمت معالم الكآبة علي وجهها لتؤكد له أن كليهما نهلا من مرارة الحزن في تلك المرحلة من العمر ..
ثم فتحت عينيها ، و بحزن مرير أجابته:
-مات بابا .. بعد ما اتولدت ياسمين بشهر واحد.
صمت"عز الدين"قليلا ، ثم عاد يسألها في إهتمام و لطف:
-مات ازاي ؟؟
قضمت"داليا"شفتها بقوة ، ثم أجابته و قد بح صوتها:
-كان عيان .. كان عنده كسور في الشرايين و قلبه كان تعبان.
ثم تابعت ، و هي تحدق أمامها في اللا شيء و كأنها تري الأن أمام عينيها ما حدث منذ سنوات طويلة:
-في يوم تعب اوي .. فنزلنا معاه كلنا في الليل انا و ماما و ياسمين اللي كانت لسا حتة لحمة حمرا ، وقتها و لا مستشفي قطاع عام قبلت تسعفه ، فروحنا لمستشفي تانية قطاع خاص ، و بردو ماقبلوش يسعفوه.
-ليه ؟؟
سألها مقطبا ، فأجابته و الدموع تتلألأ بعينيها:
-كانوا عايزين مبلغ كبير يتدفع قبل ما ندخل ، ماكنش معانا المبلغ ده وقتها .. و ماكناش عارفين نعمل ايه ، فرجعنا البيت ، و تاني يوم كان بابا مات .. بس لو كان معانا المبلغ ده كان عاش.
إنتهت من سرد التفاصيل ، ثم أحنت رأسها و راحت تنتحب بصمت ، فنهض"عز الدين"من موضعه ، و تقدم نحوها ، فأمسك بكتفيها و أوقفها علي قدميها ، و بدون أن ينتظر مال عليها و عانقها ، ثم غمغم بخفوت:
-داليا .. داليا هو عمره خلص لحد كده ، حتي لو كان دخل المستشفي و رجع البيت معاكوا و هو كويس ، كان عمره هيخلص في نفس الميعاد بردو.
ثم أبعدها عنه قليلا ، و أخذ وجهها بين راحتيه ، و نظر بعمق في عينيها ، بينما ترقرقت الدموع حزينة في مآقيها ، فقال و قد لانت نبرته
كثيرا ، و هو يمسح بيده علي شعرها:
-مش انتي لوحدك اللي عيشتي ظروف قاسية يا داليا .. انا كمان عيشت ظروف يمكن أسوأ من ظروفك ميت مرة.
هدأت قليلا و راحت تتأمل تعابير وجهه ، فهز رأسه بشيء من العصبية ، و قال:
-خلاص .. احنا مش جايين نكتئب ، تعالي.
لم يتسني لـ"داليا"الوقت للإحتجاج ، فأمسك"عز الدين"بذراعها و جذبها خلفه ، فسألته بنبرة متهدجة:
-علي فين ؟؟
لم يجيبها ، بل قادها إلي حجرة النوم دون كلام ، فيما مضت يداه تعزفان ألحانا علي منعطفات جسدها ، حيث تبددت مخاوفها و ذكرياتها ، في الليل الدافيء المظلم ...

************************************************** *************

في الصباح التالي ، ذهبت"عبير"إلي الجامعة ، و لما أنهت محاضراتها ، و كانت علي وشك مغادرة قاعة المدرجات ، إستوقفها صوتا:
-عبير !
توققت ، ثم إستدارت مسرعة نحو مصدر الصوت ، فإبتسمت عندما إلتقت عيناها بعيني الدكتور"أمجد"الذي يُدرس لها إحدي المواد ... :
-نعم يا دكتور ؟؟
-عايزك دقيقة لو سمحتي !
قال و هو يجمع حاجياته من فوق الطاولة أمامه ، فهزت"عبير"كتفيها ، و تقدمت نحوه ، كانت القاعة فارغة عندما عاد ينظر إليها من جديد ، فقال و هو يحدجها بإبتسامة خفيفة:
-اولا عايز اقولك حمدلله علي سلامتك ، كنت سمعت انك مريضة اوي في اواخر السنة اللي فاتت عشان كده ماقدرتيش تدخلي الامتحانات.
منحته"عبير"إبتسامة عذبة ، ثم قالت تشكره:
-متشكرة جدا يا دكتور علي اهتمامك الله يسلمك.
-العفو يا عبير لا شكر علي واجب ، بس انا ملاحظ تغيير جذري حصلك السنة دي.
قهقهت بخفة ، ثم قالت:
-طب اتمني تكون لاحظت تغيير ايجابي مش سلبي.
هز رأسه ، و قال باسما:
-لا لا ايجابي طبعا ، انتي بقيتي طالبة مجتهدة ، و في الحقيقة انا مستغرب جدا انتي طول سنين الدراسة اللي فاتوا ماكنتيش كده.
ثم صاح متذكرا:
-و اه نسيت اباركلك صحيح .. الف مبروك يا عبير.
-مبروك علي ايه يا دكتور ؟؟
سألته مقطبة ، فأجابها:
-علي جوازك .. سمعت بردو السنة اللي فاتت ايام الامتحانات انك اتجوزتي ابن عمك.
هزت رأسها مرارا ، و قالت:
-كنت متجوزة فعلا.
-كنتي !!
علق متسائلا ، فأجابته:
-ايوه.
قطب حاجبيه ذاهلا ، و سألها:
-معقول اتطلقتي بالسرعة دي يا عبير ! ليه كده ؟؟
إبتسمت بخفة ، و أجابته:
-النصيب.
ثم تابعت ممازحة:
-عقبالك انت يا دكتور كل اللي في الدفعة نفسهم يشوفوك في القفص الذهبي الدفعات السابقة ما لحقوش.
فضحك بخفة ، بينما راحت تقهقه بمرح ، و كان يتأملها باسما ...

************************************************** **************

خرجت "ياسمين"من غرفتها حاملة الصبي بين ذراعيها ، و ما كادت تخطي بقدمها في إتجاه الدرج حتي أتاها صوتا هاتفا بإسمها جعلها تقفز من موضعها مذعورة ، فإلتفتت بعنف إلي مصدر الصوت ، لتجد"عمر"يقف في مواجهتها باسما ، فعنفته عابسة:
-ايه عمر ده !!
ثم إنتبهت فجأة إلي صراخ"عدنان"الذي علا نتيجة فزعه من ظهور عمه المفاجيء .. :
-كويس كده ؟؟
هتفت"ياسمين"حانقة ، ثم راحت تهدهد"عدنان"و تخاطبه بخفوت و لطف ، حتي هدأ تماما ، فحولت نظرها إلي"عمر"و سألته:
-فين عبير ؟؟
-راحت الجامعة.
عبست"ياسمين"قائلة:
-اتأخرت اوي.
-في ايه بس ؟؟
سألها بهدوء ، فأجابته متأففة:
-لازم اروح الكلية دلوقتي عندي امتحان عملي.
ثم صاحت فجأة:
-طيب بص خده خليه معاك و ابقي سلمه لعبير لما ترجع.
ثم ناولته"عدنان"بسرعة ، و كادت تفر من أمامه فإستوقفها مرة أخري:
-ياسمين استني.
عادت تنظر إليه ، و سألته بضيق:
-عايز ايه يا عمر ؟ بقولك عندي امتحان و مستعجلة.
تلعثم قائلا:
-كنت .. كنت عايز اقولك بس لو كنتي لسا زعلانة مني .. ماتزعليش.
-زعلانة منك !
هتفت مقطبة ، ثم سألته:
-و انا هزعل منك ليه ؟؟
-عشان اخر مرة اتكلمنا شديت معاكي و ...
-لا خالص يا عمر انا مش زعلانة ابدا.
قاطعته باسمة ، و كاد يتكلم ، ففرت من أمامه مسرعة ..
بينما تنهد بثقل ، ثم إنتبه فجأة إلي"عدنان"الذي راح يعبث بوجه عمه بأصابعه الصغيرة ، محاولا فقأ عينه .. :
-ايه يا استاذ براحة ده وشي.
قطب"عدنان"حاجبيه ، و زم شفتيه في إستياء ، فإبتسم"عمر"قائلا:
-طب خلاص يا عم ماتزعلش اوي كده .. تيجي ننزل نلعب سوا بالكورة ؟؟
إنفرج ثغر الصبي بإبتسامة عريضة لمداعبة عمه ، فقبله"عمر"ثم قال:
-يلا يا سيدي.
ثم أخذه يلاعبه بحديقة القصر ...

************************************************** *************

غادرا في الصباح الباكر ..
بعد أن قضيا أربعة أيام بقلب الصحراء ، شعرت"داليا"بالأسف لإنتهاء المدة ، كما شعرت بالسرور العارم أيضا لإنها ستري إبنها بعد أطول فترة غياب قضتها بعيدا عنه ، كم إفتقدته ، و كم تتوق إلي ضمه بين ذراعيه ، رائحته لا تزال بأنفها ، تبتسم كلما تذكرت إبتساماته ، و ضحكاته ، و حتي التمتمة الغير مفهومة التي يصدرها ، و التي تسطتيع"داليا"وحدها فهمها ، كل شيء يخص إبنها ، تفتقده ...
و لما وصلا أخيرا إلي القصر ، و عبرا بالسيارة البوابة الكبيرة ، إرتسمت علي وجه"داليا"إبتسامة عريضة مفعمة بالشوق لرؤية"عدنان" ...
بينما"عمر"و"عبير"يقفان بالمسبح أمام بعضهما ، و يتقاذفان"عدنان"الذي وضعا حوله طوق من البلاستيك المضغوط بالهواء ، فكان الطفل بأمان تماما ، كما أنه راح يطلق صياح الفرح ، و أحيانا صراخ الخوف ، فيما راح"عمر"يقهقه بصوت مرتفع عندما تمسك"عدنان"بشعره محاولا التسلق علي كتفيه خاشيا الوقوع في الماء ..
لتظهر"داليا"في تلك اللحظة يتبعها"عز الدين" ... :
-ابني !!
هتفت"داليا"صائحة ، فإنتبهوا الثلاثة إليها ، إلا أن"عدنان"راح يصرخ بفرح عندما شاهد والديه ، كما راح يضرب المياه بيديه طالبا الذهاب عند أمه ..
بينما أخذ"عمر"الصبي بين ذراعيه ، و أشار لأخيه و زوجته قائلا:
-اهلا .. حمدلله علي السلامة ، اخيرا وصلتوا.
-بقي كده يا عمر ؟ بتعمل في الولد كده ؟ طلعه لو سمحت اديهولي.
قالت"داليا"ذلك منفعلة ، فضحك"عمر"بقوة ، بينما خرجت"عبير"من حوض السباحة و إتجهت نحو"داليا"ثم ربتت علي كتفها باسمة و قالت:
-اهدي بس يا داليا ماتخافيش كده ، ده ابن اخونا بردو اكيد مش هنأذيه احنا كنا بنلاعبه من الصبح و كان بيعيط عليكوا
و مش راضي يسكت فقلنا نعمله حاجة جديدة عشان يبطل عياط بس.
-الجو برد عليه.
هتفت مقطبة ، بينما تدخل"عز الدين"باسما:
-سيبيهم يا داليا .. خليهم يقووا قلبه شوية.
-انا ابني قلبه قوي منغير حاجة علي فكرة.
قالت"داليا"حانقة ، ثم مدت يديها إلي"عمر"الذي ناولها الصبي ضاحكا ، بينما أخذته"داليا"بين ذراعيها و مضت به إلي الداخل و هي تضمه و تقبل وجناته و تخاطبه هامسة ، فهز"عز الدين"رأسه باسما ثم تبعها ، فيما شعرت"عبير"بالبرد فلحقت بهما إلي الداخل في الحال ، بينما راح"عمر"يجفف جسده بمنشفته ، ثم وضع علي كتفيه إزاره ، و عندما إستدار ليلحق بالباقية ، إصطدم بـ"ياسمين"التي وقفت في مواجهته عابسة الملامح ، فرمقها"عمر"في تساؤل قائلا:
-ياسمين ! في حاجة ؟؟
لم تجبه ، بل ناولته مجلة صحفية ، فتصفحها متنقلا بنظره بها ، حتي وقعت عيناه علي خبر جمد الدماء بعروقه ....


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:21 AM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحلقة (5):




تصفح المجلة متنقلا بنظره بها ، حتي وقعت عيناه علي خبر جمد الدماء بعروقه ..
كان المحتوي كالآتي ، (عادت النجمة السينيمائية"كاميليا فهمي"مجددا و بعد فترة إنقطاع عن الأعمال الفنية ، إلي صدارة إهتمام وسائل الإعلام العربية ، إذ تعرضت لوعكة صحية خطيرة ، و تم نقلها إلي المركز الطبي العالمي ، حيث تعاني من نقص صفائح الدم البيضاء ، و قد تم حجزها في المشفي لتلقي العلاج اللازم حتي تتعافي بشكل كامل ، مع العلم بأن هذه ليست أول وعكة صحية تمر بها"كاميليا فهمي"حيث عانت طوال الفترة الماضية من أكثر من وعكة صحية ، بسبب العملية الجراحية التي خضعت لها منذ أكثر من خمسة عشر عاما ، حيث تم إستئصال الكلية اليسري لها مما أدي إلي تدهور صحتها تدريجيا خلال السنوات الماضية) ...
شحب وجه"عمر"حتي البياض عندما إنتهي من قراءة تلك السطور ، ثم رفع بصره ، و نظر إلي"ياسمين"التي رمقته بغضب شديد ، ساد الصمت دقائق قليلة ، حتي قطعته"ياسمين"قائلة بجمود:
-شفت القسوة بتاعتك عملت ايه ؟ امك في محنة كبيرة و كانت محتجالك تكون جنبها ، امك بتموت يا عمر !!
هتفت جملتها الأخيرة بإنفعال حانق ، ثم سألته مستنكرة:
-هتسيبها لوحدها ؟؟
قطب"عمر"حاجبيه ، و قد إكتسي وجهه بالآلم العميق ، كما دمعت عيناه أيضا ، فهو حقا يحب والدته كثيرا ، و في الوقت ذاته يمقتها بسبب أفعالها المخزية ، كان يعتقد كل تلك الفترة بأنه نجح في أن يكرهها للأبد كما فعل شقيقه منذ سنوات طويلة ، و لكن هذا الخبر الذي شاهده بأم عينه توا ، هوي عليه كما الصفعة ، فأفاق و تلاشت القسوة التي شعر بها تجاه أمه سريعا ... :
-رد عليا .. هتسيبها لوحدها ؟؟
عادت"ياسمين"تسأله مجددا ، فراح يحدق بها صامتا ...

************************************************** **************
في الصباح التالي ..
أفاق"عدنان"باكرا جدا ، و شعرت"داليا"بإرتياح لعودتها إلي المنزل ، فنهضت من فراشها متكاسلة بعد أن إكتشفت ذهاب"عز الدين"إلي العمل ، ثم راحت تبدأ يومها و إنصرفت إلي القيام بمهماتها الإعتيادية ، و لكن عقلها و ذهنها كانا منصبين علي إبنها ، لذلك لم تهتم بشيء أخر أكثر منه ، و بعدما غسلته ، و أطعمته ، نزلت إلي بهو القصر ، ثم خرجت به إلي نزهة في الحديقة المحيطة بالمنزل ، حيث الأزهار المرطبة بالندي تملأ المكان ، و يفوح أريجها النفاذ بقوة ، لم يكن هناك وجود لأحد ، فراحت"داليا"تفكر بهدوء في أحداث الأيام الأربع الماضية و الإبتسامة تملأ وجهها ، فقد إستمتعت كثيرا ، و قد عوضها"عز الدين"بعض التقصير ، و عادت مليئة بالطاقة الإيجابية ، و الحيوية ، و السرور ..
و بينما كانت تسترسل في تخيلاتها ، أفاقت منتفضة علي صوت بكاء"عدنان" فصوبت إنتباهها كله عليه ، و راحت تهدهده ، و تتحدث إليه بلطف ، و لكن دون فائدة ، ظل يبكي ، و إزدادت حدة صراخه ، فقطبت"داليا"حاجبيها في قلق قائلة:
-ايه يا حبيبي ؟ مالك بس في ايه ؟؟
جرت الدموع غزيرة علي خديه الناعمين المملؤين ، فمدت"داليا"يدها و إزالت دموعه بكفها ، فإنتبهت بذعر إلي حرارته العالية ، و راحت تتلمسه ، و تتحسسه أكثر ، فتأكدت من إرتفاع درجة حرارته ، و فكرت في وجل ماذا تفعل ، فقفزت صورة"عز الدين"في الحال برأسها ...
فشددت ذراعيها حول"عدنان"و هرولت به إلي داخل المنزل مسرعة ، ثم إلي غرفتها حيث تركت هاتفهها ، أجرت الإتصال بمكتب زوجها ..
و بعد لحظات ، أتاها صوت أنثوي ناعم عرفته فورا:
-النصار جروب للنقل البحري الو !
باغتتها"داليا"في سرعة و هي تشعر بالتوتر و العصبية قائلة:
-وصليني بمديرك بسرعة لو سمحتي.
-عفوا بس ، حضرتك تبقي مين ؟؟
سألت الفتاة في إستنكار شوبه التهكم ، فأجابت"داليا"بجمود حانق:
-انا مراته.
تلعثمت الفتاة قليلا ، و قالت:
-اهلا بحضرتك يا مدام ، هو بس مستر عز الدين في اجتماع دلوقتي ، لو حابة تسيبيله اي رسالة انا ممكن ابلغهاله بعد الاجتماع علطول.
-بقولك وصليني بيه حالا انا هبلغه الرسالة بنفسي.
قالت"داليا"بعصبية ، فأجابت الفتاة بصوت مرتبك:
-يا مدام بقول لحضرتك مستر عز الدين في اجتماع مع اهم عميلة عندنا في الشركة.
-في اجتماع مع اهم عميلة ؟!
هتفت"داليا"مقطبة ، و ساورتها الشكوك ، فسألتها مترقبة:
-هي مين ؟ اسمها ايه ؟؟
-ميس جومانة خطاب.
تردد صدي الإسم بأذن"داليا"التي داهمتها الأفكار سريعا ، فأفاقت علي صوت الفتاة التي سألتها:
-تحبي حضرتك تسيبله اي رسالة ؟؟
-لأ شكرا.
أجابتها"داليا"بخفوت ، ثم أغلقت الهاتف في هدوء ، و عادت تهتم بإبنها ، و حاولت بشتي الطرق إخفاض حرارته ، و لكن دون جدوي ، فإرتدت ثيابها متعجلة ، ثم أخذته بين ذراعيه ، و ذهبت به إلي طبيبه الخاص ...

************************************************** ************

-هو ده البيت ؟؟
قالت"ياسمين"ذلك متسائلة ، و هي تشير نحو تلك الع¤يلا الصغيرة ، بينما أجابها"عمر"الذي كان يجلس بسيارته إلي جانبها:
-ايوه هو.
إدارت رأسها إليه ، ثم قالت:
-طب يلا.
إذدرد"عمر"ريقه بتوتر ، ثم إنصاع لها ، و خرج من السيارة ، فترجلت"ياسمين"بدورها ، و تقدمته متوجهة نحو باب المنزل ..
طرقت الباب ، ثم ضغطت زر الجرس عدة مرات ، حتي فتحت لهما الوصيفة الشابة بوجه ذابل إكتسحه الحزن ، حتي إنها ما أن رأت رأس"عمر"الذي يطل من فوق كتف"ياسمين"هربت الدموع من عينيها و راحت تجهش بالبكاء ، ثم خاطبته بعتاب:
-كنت فين طول الفترة اللي فاتت يا عمر بيه ؟ معقول ماكنتش تعرف اللي حصل للست كاميليا ؟؟
إزدادت سرعة تنفسه ، فشعرت به"ياسمين"و قالت موجهة كلامها إلي الوصيفة:
-هي فين والدته لو سمحتي ؟ هنا في البيت و لا لسا في المستشفي ؟؟
أجابتها الفتاة و هي عاجزة السيطرة علي دموعها:
-لأ الهانم هنا في البيت ، رجعت من المستشفي اول امبارح.
أومأت"ياسمين"رأسها ، ثم طلبت منها أن ترشدهما إلي غرفة السيدة ، فتولي"عمر"تلك المهمة و قادها إلي غرفة أمه بخطي ثقيلة ، بينما ذهبت الوصيفة تعد لهما مشوربا ...
دخل"عمر"غرفة والدته ، تتبعه"ياسمين"فيما إتضح لهما أن السيدة لم تكن وحيدة تماما ، إذ كانت هناك فتاة عرفت"ياسمين"في الحال أنها ممرضة رافقت السيدة"كاميليا"إلي منزلها كي تعتني بها ، و بينما كانت"ياسمين"تستفسر منها عن حالة المريضة ، سحب"عمر"مقعدا ، و جلس إلي جوار أمه ، ثم إقترب من الفراش ، حيث كانت السيدة"كاميليا"ضئيلة للغاية ، شاحبة الوجه ، و تائهة بتأثير المخدر الذي أعطي لها منذ قليل ليساعدها علي النوم دون آلم ..
و كانت أهدابها الطويلة ترسم خطين داكنين فوق وجنتيها ، و شعرها الأسود الكثيف الناعم ، منتشر علي وسادتها البيضاء بفوضوية ، رغم أن معالم الإعياء ظاهرة بشكل كبير علي محياها ، إلا أنها لا زالت"كاميليا فهمي"تلك المرأة الفاتنة ، التي أدهشت الجميع بجمالها الأخاذ ، و روعة أدائها الفني ...
و بعد أن قضي"عمر"عدة دقائق في تأمل وجه أمه الذابل كالورد ، كان السكون في الغرفة شاملا ، إذ كفت"ياسمين"عن إستجواب الممرضة ، و حينئذ إلتفتت"عمر"إليها ، ثم راح يسألها و الحزن يملأ عينيه:
-مالها يا ياسمين ؟ عندها ايه بالظبط ؟ حالتها مستقرة ؟؟
توترت"ياسمين"و لم تعرف كيف تجيبه ، أو تشرح له الأمر ، بينما إندفعت الممرضة فجأة قائلة:
-من فضلكوا ممكن تسيبوا الاوضة شوية ؟ المدام نايمة دلوقتي تحت تأثير المخدر و مش هتصحي قبل 4 ساعات.
إغتنمت"ياسمين"الفرصة ، فوافقت و أمسكت بيد"عمر"و قادته إلي خارج الغرفة ، فضغط هو علي مرفقها و أوقفها بالردهة المؤدية إلي الدرج ، ثم عاد يسألها:
-الممرضة قالتلك ايه با ياسمين ؟ هي هتبقي كويسة صح ؟؟
قضمت"ياسمين"شفتها بقوة ، ثم صمتت قليلا ، و تحت نظراته الملحة ، أجابته بخفوت:
-امك .. هتموت يا عمر.
صدمته الكلمة ، و نظر إليها فاغرا فاهه ، فسارعت تشرح له:
-هي مريضة باللوكيميا ، سرطان النخاع العظمي .. بقالها 3 سنين و ماكنتش تعرف لانه مرض عضال محدش بيكتشفه الا بعد فوات الاوان.
هز رأسه رافضا ، ثم سألها:
-اكيد في علاج صح ؟ لو مش هنا يبقي برا آا ..
-لأ يا عمر.
قاطعته"ياسمين"بإشفاق ، ثم تابعت:
-سرطان النخاع العظمي مابيتعلجش لو فات عليه اكتر من سنة .. امك عندها فقر دم شديد و لما سألت الممرضة قالتلي الدكتور بتاعها متوقع انها ممكن تفضل عايشة لشهر او شهرين كحد اقصي.
توالت الصدمات علي عقل"عمر"فحطمت صموده ، و شعر بالدموع تتجمع بمآقيه ، و أدرك بذعر ما معني هذا الكلام ، ستفارقه أمه الحنونة ، التي أغدقت عليه وحده حنانها و عطفها من دون أشقائه ، إضطربت أنفاسه ، ثم هبطت دموعه غزيرة ، فتأثرت"ياسمين"و إقتربت منه ، ثم مدت يدها و ربتت علي كتفه بحنو ،و راحت تواسيه بلطف ...

************************************************** ***************

كان"عز الدين"منهمك في مباشرة أعماله ، عندما دلف إليه"خالد"مقطبا ، عابس الوجه ، فرفع"عز الدين"بصره عن الأوراق ، و نظر إليه .. :
-خد .. دي شيكات للبنك عايزة تتمضي ، و ده ورق مستحقات العاملين اللي طلعوا معاش السنة دي ، عايز امضي بردو.
قال"خالد"ذلك و هو يناوله بعد المجلدات و الملفات ، بينما لاحظ"عز الدين"مزاجه السيء ، فصمت قليلا ، ثم دعاه للجلوس قائلا:
-اقعد يا خالد .. عايز اتكلم معاك شوية.
هز"خالد"رأسه عابسا ، و قال:
-مش فاضي يا عز ، ورايا شغل كتير.
-الشغل يستني .. اقعد.
قال"عز الدين"في هدوء حازم ، فحاول"خالد"الإعتراض مجددا ، فأخمد"عز الدين"إعتراضه بقوله:
-انا صاحب الشغل و بقولك اقعد.
جلس"خالد"علي مضض ، و لم ينظر إليه ، فسأله"عز الدين":
-ايه بقي ! مالك ؟؟
-مالي يعني ايه مش فاهم ؟؟
هز"عز الدين"كتفيه ، و أجابه:
-بقالك فترة مش مظبوط.
ثم إتبع إسلوبه الماكر ، و سأله:
-متضايق من حاجة ؟؟
تأفف"خالد"في ضيق ، و قال:
-انا مش متضايق من حاجة يا عز الدين ، قصر انت بس و قول عايز ايه عشان اروح اكمل شغلي.
-طب مالك منفعل كده ليه يا خالد ؟؟
سأله بهدوء ، فتضاعفت عصبية"خالد"الذي نجح في كبح جام غضبه بأعجوبة ، و قال:
-مش منفعل و لا حاجة.
إبتسم"عز الدين"بخفة ، ثم تنهد و قال:
-طيب ما تيجي تروح معايا و تقضي اليوم معانا في البيت ، بقالك كتير ماجيتش.
رفض"خالد"بجفاف قائلا:
-لأ.
أومأ"عز الدين"رأسه مرارا ، فيما كان يعاينه بتسلية ، ثم عاد يقول:
-طيب مش هتيجي تاخد عبير بقي ؟؟
أجابه"خالد"مقطبا:
-لما تطلب هي ترجع البيت ، هبقي اجي اخدها.
ثم هب واقفا ، و غادر المكتب مسرعا ، بينما إبتسم"عز الدين"ثم عاد إلي مباشرة أعماله مجددا ...

************************************************** **************

-و انتي عاملة ايه في الدراسة بقي ؟؟
قالت"ريم"ذلك و هي تخاطب"عبير"هاتفيا ، فأجابتها"عبير"بنبرة مسرورة:
-الحمدلله تمام اوي لحد دلوقتي ، ادعيلي انتي بس.
-ان شاء الله يا حبيبتي ربنا هيوفقك و هتتخرجي علي خير و بإمتياز كمان.
-يا رب يا ريم.
قالت"عبير"باسمة ، فإنتظرت"ريم"ثوان ، ثم سألتها:
-لسا مارجعتيش بيتك بردو يا عبير ؟؟
زفرت"عبير"في إنزعاج ، و قالت:
-ريم انا مش شرحتلك الوضع قبل كده ؟؟
-اصل يا عبير آا ...
-خلاص بقي.
قاطعتها"عبير"بلطف حازم ، فتنهدت"ريم" ثم قالت:
-ماشي يا ستي .. براحتك.
ثم سألتها:
-المهم قوليلي ، الدفعة الجديدة في كلية و الناس اللي هناك كلهم بيتعاملوا معاكي ازاي ؟؟
-كلهم لطاف اوي و الله يا ريم.
-و الدكاترة ايه اخبارهم ؟ كويسين معاكي ؟؟
-اه كويسين ، و بشهادة دكتور امجد بقيت طالبة متفوقة.
قالت"عبير"ضاحكة ، فباغتتها"ريم"مسرعة:
-دكتور امجد صحيح فكرتيني .. ده كان واخد رقمك مني السنة اللي فاتت ايام الامتحانات.
-اخد رقمي منك ؟؟
هتفت"عبير"مقطبة ، ثم سألتها:
-ليه ؟؟
-اصل انا اللي بررت غيابك و اعتذارك عن الامتحانات ، يعني قلت انك تعبانة اوي و كده و مش هتقدري تمتحني ، فهو طلب مني رقمك عشان يتصل يسأل عليكي.
إنتهت"ريم"من سرد التفاصيل ، ثم سألتها:
-هو ماكلمكيش و لا ايه ؟؟
-لأ.
أجابتها"عبير"مقطبة ، و هي تفكر في إستغراب بفعل الدكتور"أمجد" ...

************************************************** ***************

عادت"داليا"بإبنها إلي المنزل بعد أن إطمئنت عليه ، و جلبت له الأدوية اللازمة التي كتبها الطبيب الذي وضع له أيضا خطة علاج ، بعد أن قام بالكشف عليه ، و إتضح أنه يعاني إلتهابات الحلق التي أدت إلي إرتفاع درجة حرارته ...
وصلت"داليا"بالصبي إلي المنزل نحو غروب الشمس ، و قد تأخرت هكذا بسبب أزمة المرور في الذهاب إلي قلب المدينة ، و العودة منها مجددا ...
و عندما وصلت أمام غرفتها ، ما كادت تدير المقبض ، حتي إنفتح باب الغرفة بعنف ، و ظهر"عز الدين"من ورائه ، و بعصبية حرك يده في شعره ، و قال بلهجة عاصفة:
-كنتي فين ؟؟


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:23 AM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحلقة (6):




و عندما وصلت أمام الغرفة ، ما كادت تدير المقبض ، حتي إنفتح الباب بعنف ، و ظهر"عز الدين"من وراءه ، و بحركة عصبية حرك يده في شعره ، ثم قال بلهجة عاصفة:
-كنتي فين ؟؟
نظرت إليه في حنق مقطبة ، و لم تجبه ، بل شددت ذراعيها حول"عدنان"النائم في سلام بين أحضانها ، ثم تجاوزته ، حيث مرت به غير مكترثة ، و ما كادت تخطو خطوة أخري ، فقد قبض علي رسغها بقوة ، و جذبها إليه بعنف صائحا:
-انتي ماسمعتنيش و لا ايه ؟ كنتي فين انطقي ؟؟
ترنحت بفعل حركاته العنيفة ، و إن لم يكن يمسك بها لكانت سقطت أرضا في الحال ، بينما إزدردت ريقها بتوتر ، و توردت وجنتاها بدفقة غضب كبحتها سريعا ، ثم أخيرا أجابته و هي تمقت الخوف الذي زحف إلي صوتها:
-كنت عند الدكتور.
ثم تملصت من قبضته ، قائلة بإقتضاب:
-الولد هيقع مني ، سيبني لو سمحت خليني أنيمه في سريره.
تجنبت النظر إليه ، خشية رؤية نظراته العنيفة ، بينما إنتظر لوهلة ، ثم أفلتها ، فتنفست الصعداء ، و إتجهت بالصبي نحو فراشه ، ثم وضعته في هدوء ، و بسطت فوقه غطاءه الصوفي ..
و عندما إلتفتت خلفها ، وجدت"عز الدين"يقف أمام الفراش ، و قد أودع راحتيه في جيبيه ، فنظرت إليه في إرتياب ، بينما بدا متجهما ، غاضبا إلي أقصي حد ، و عازما علي نزع إجابات أسئلته منها بأي طريقة .. :
-تعالي.
هتف"عز الدين"بنبرة حادة ، و لكنها خافتة ، فيما ترددت"داليا"للحظة ، ثم تقدمت نحوه بخطي ثقيلة ، حتي و صلت إليه ، فضاقت عيناه قليلا مما جعل عروقها تنبض بالخوف ، بينما إلتقت نظراتهما ، فسألها بصوت هاديء يختبيء بطياته غضب هائل:
-قولتيلي كنتي عند الدكتور .. ليه ؟؟
أجابته بخفوت ، و قد تجمدت تعابير وجهها:
-عدنان كان سخن اوي، درجة حرارته كانت عالية ، فخدته للدكتور علطول.
أومأ رأسه مهمهما ، ثم عاد يسألها محتدا:
-و ماتصلتيش بيا ليه قبل ما تخرجي من الييت ؟ ازاي تخرجي منغير اذني ؟؟
توهجت عينا"داليا"في غضب بتلك اللحظة ، ثم أجابته متهكمة ، و قد علا صوتها رغما عنها:
-اتصلت و سكيرتيرتك قالتلي انك في اجتماع مهم ، كنت عايزني اعمل ايه يعني ؟ استني لما ابني يموت عشان اخد اذنك ؟؟
رفع حاجبيه ذاهلا من طريقتها ، بينما إنتبهت إلي ما قالته ، فعادت تقول بتلعثم محاولة تعزيز موقفها:
-ماكنتش اقدر استني علي الولد كتير ، كان لازم الدكتور يشوفه بسرعة.
ثم أضافت بإختصار ، و الآلم يجرح صوتها:
-انا كنت خايفة عليه .. و مافكرتش في حاجة تانية.
-مش هحسبك علي كلام اتقال في لحظة انفعال.
هتف بصوت جاف ، ثم إنحني برأسه قليلا صوبها ، و غمغم بدون أن يطرف له جفن:
-بس خدي بالك المرة الجاية من كلامك .. اوعي تتخطي حدودك مرة تانية.
ثم تركها ، و غادر الغرفة بأكملها ، فتقلص حلقها بآلم حارق ، و شعرت بالحريق يمتد نزولا إلي قلبها المعذب ..
الأن و في تلك اللحظة ، أخذت تسترجع ما حدث صباح اليوم ، ها قد عادت المدعوة"جومانة خطاب"مرة أخري ، تنهدت بأسي و هي تغوص في بحر من الشكوك ، و التساؤلات ، و فكرت .. لا يعقل أن تآت تلك المرأة لتعكر صفو حياتهم مجددا ، لا يعقل أن تنال منها ، و تعمل علي إستمالة زوجها ، و لكن مهما كان الأمر ، و مهما كانت نيتها ، لن تسمح لها بإلحاق أي ضرر بأسرتها ...

************************************************** **************

في الصباح التالي ...
ذهب"عمر"لزيارة أمه ، و كان يظن أنه سوف يجدها نائمة تحت تأثير المخدر كالمرة السابقة ، و لكنها تنبأت بقدومه ، فتحملت الآلم لأجل رؤيته ..
-ماصدقتش نفسي .. لما قمر قالتلي انك جيت.
قالت السيدة"كاميليا"ذلك تخاطب"عمر"و هي مستندة بظهرها علي وسادة فراشها الوثير ، ثم تابعت باسمة و عيناها تكاد تغمضان من الأرق ، و الإعياء اللذين إستبدا بها:
-بس زعلت اوي اني ماشوفتكش يا حبيبي .. قولي .. ايه اخبارك ؟ كويس ؟ و اخواتك عاملين ايه ؟؟
إبتسم"عمر"الذي كان يجلس علي حافة الفراش إلي جانبها ، ثم أجابها بلطف:
-انا تمام يا ماما .. و عز و عبير كويسين كمان.
ثم راح يحدثها عن شقيقته اولا:
-عبير اتجوزت خالد اخيرا.
-بجد ؟؟
-اه بقالهم سنة و كام شهر متجوزين اهو.
إبتسمت"كاميليا"بخفة ، ثم إدردت ريقها بصعوبة ، و سألته ملهوفة:
-و اخوك عز الدين .. اخباره ايه ؟؟
-عز الدين اتجوز هو كمان.
أجابها"عمر"ثم قهقه ضاحكا عندما رأي ما إرتسم علي وجهها من علامات التعجب ، و الإستغراب الشديد ، بينما نظرت إليه غير مصدقة ، فهز رأسه مؤكدا صدق قوله ، و قال:
-عز اتجوز بقاله سنتين تقريبا من بنت كويسة جدا جدا ، انا شايف انها بتحبه اوي ، و الواضح انهم متفاهمين نوعا ما ، يعني مافيش مشاكل كبيرة بينهم.
ثم أضاف باسما:
-و بقي عندهم طفل جميل ، عمره سنة.
إبتسمت السيدة بآلم ، ثم عادت تسأله:
-اسمه ايه يا عمر ؟؟
-عدنان.
حدقت أمامها في اللاشيء ، و رددت الإسم مدحرجة أياه في فمها ببطء ، كما لو أنها تتذوق رنته ، ثم وجهت نظرها إليه مجددا ، و قالت باسمة:
-كلكوا علي حرف العين ؟؟
ثم أطلقت ضحكة خفيفة ، و قالت:
-تعرف اني انا اللي اخترت اسم اخوك ؟ انا اللي سميته عز الدين .. و بعد كده لما جيت انت و جت بعدك اختك ، ابوك هو اللي اختارلكوا اساميكوا.
صمتت قليلا لدي ذكرها زوجها والد أبنائها ، ثم تحلت بالشجاعة ، و إندفعت تخبر إبنها بعض الأمور عن الماضي:
-انا ماخنتش ابوك يا عمر.
رمقها"عمر"مقطبا ، فتنهدت و الدموع تتلألأ بعينيها الزرقاوين ، ثم بدأت تسرد عليه تفاصيل القصة الأصلية:
-قابلته من 35سنة بعد موت ابويا و امي .. فريد .. فريد نصار ، كان عندي حوالي 20 سنة وقتها ، كنت صغيرة ، و احلي بكتير من دلوقتي كمان ، بس كنت مجرد بنت فقيرة ، رأسمالي الوحيد كان جمالي .. و في يوم كنت من ضمن ناس معزومين في فرح كبير ، في مكان من الاماكن اللي محدش بيدخلها بسهولة ، او بمعني اصح ، الطبقة العالية بس هما اللي مسموحلهم يدخلوها .. المهم شفت ابوك لاول مرة هناك ، و عجبته طبعا ، اتكلمنا شوية و ماسبنيش امشي الا لما خد مني عنواني و حدد ميعاد عشان نشوف بعض تاني .. و فعلا ، قابلته تاني و تالت و رابع ، فلاقيته في مرة بيطلب ايدي للجواز ، وافقت عليه طبعا ، هو كان فرصة بالنسبة لي ، فرصة ماكنتش اقدر احلم بيها ، مانكرش اني حبيته ، حبيته اوي كمان .. في الاول كنت مبسوطة بحياتي الجديدة معاه ، كان موفرلي كل حاجة ، اي حاجة كنت بطلبها كنت بلاقيها ، بس في المقابل كان حابسني جوا قصره ، كان عازلني عن الناس ، الهدوم و الفساتين و المجوهرات اللي كنت فرحانة بيهم ، ماكنتش عارفة البس منهم حاجة ، بدأت احس انه بيمتلكني مش بيحبني ، كل حاجة كان بيعملها و كل تصرفاته كانت بتأكدلي ده ، كلامه و نظراته و لمساته كلها تملك مش حب ..
نظرت"كاميليا"إلي وجه إبنها المكفهر ، فأغمضت عينيها بشدة ، ثم تابعت هذا الجزء بصوت مختلج ملؤه الآلم:
-مرت سنة ، و خلفت اخوك عز الدين .. هو اللي هون عليا الحياة شوية ، انشغلت بيه ، و رجعت احب ابوك تاني عشان خاطره .. كبر قدام عيني يوم و را يوم و سنة ورا سنة ، لحد ما تم 6 سنين .. بعد كده جيت انت كمان يا حبيبي ، و جت اختك عبير متأخر شوية هي كمان ، بعد 10 سنين ، كنت مبسوطة اوي بيكوا ، كنتوا مليين حياتي ، و كان اخوك عز الدين ده اكتر واحد فيكوا حبني و كان متعلق بيا ..
ثم صمتت قليلا ، و أضافت بخفوت:
-بعد ولادة عبير بسنة ، بدأت الأمور كلها تتغير ، بدأت ابص لنفسي اكتر ، كنت عارفة اني بحب التمثيل و موهوبة ، و بالصدفة في يوم قريت اعلان في مجلة ، كان في منتج بيدور علي وجوه جديدة ، فقلت ليه لأ ، ليه ماجربش اعمل الحاجة اللي بحبها و ماخرجش شوية من سجن ابوك .. و فعلا عملت كده ، دخلت الاختبارات و وقع الاختيار عليا و اخدت دور البطولة مش دور ثانوي ، ماكنش ينفع اتنازل لابوك اكتر من كده ، كنت عارفة انه هيرفض .. عشان كده سيبته و رفعت دعوة طلاق ، اتطلقت منه بعد فترة قصيرة .. بعترف اني اتصرفت بانانية لما مشيت و سيبتكوا ، و مافكرتش فيكوا ، و للحظة فكرت اسيب حياتي الجديدة اللي لاقيت فيها نفسي و ارجعلكوا تاني .. بس رجعت عن افكاري دي لما اتفاجئت ان ابوكوا فهمكوا اني خنته عشان كده سيبتكوا و مشيت .. وقتها كرهته اوي ، كرهته جدا و ماكنتش قادرة اقرب منكوا بسببه ، منعني عنكوا سنين ، و لما مات و حبيت انا ارجع اقربلكوا تاني ، اكتشفت ان الاوان فات من زمان ، شفت نسخة تانية من ابوك .. عز الدين صورة منه ، في الشكل و الطباع و القسوة ، شبهه في كل حاجة.
-مدام كاميليا .. ميعاد الدوا.
قالت الممرضة ذلك ، و هي تقترب من فراش السيدة ، حاملة بيديها كأسا من الماء ، و زجاجة حبوب صغيرة ، بينما جاهد"عمر"كي يستوعب ما قالته أمه توا ، فهمهم بإرتباك ، ثم نهض ، و ساعدها علي الإعتدال بفراشها ، فأعطتها الممرضة الحبة ، و ناولها"عمر"كأس الماء ، فإبتلعت"كاميليا"الحبة بصعوبة ، بينما قال"عمر"بخفوت و هو يربت علي كتفها بلطف:
-بالشفا يا ماما.
ثم إبتسم بتوتر ، و هو يتساءل في نفسه .. كيف و إلي أين ستؤول الأمور ؟؟ ...

************************************************** ***************

علي الطرف الأخر ،
إنتظرت"عبير"حتي إتتهت محاضرة دكتور"أمجد"و بعد ما تأكدت من أن قاعة المدرجات فارغة ، نهضت ، و تقدمت صوبه ، بينما كان يجمع أغراضه بحقيبته السوداء ، فشعر بوجودها ، و رفع نظره إليها ، فأفتر ثغره عن إبتسامة عذبة ، ثم حياها برقة قائلا:
-صباح الخير ، اهلا يا عبير ازيك ؟؟
إبتسمت بتردد ، ثم بادلته التحية:
-صباح النور يا دكتور ، انا كويسة الحمدلله.
-يا رب دايما كويسة.
تنفست بعمق ، و هي ترمقه بنظرة ثاقبة ، فلاحظ نظرتها ، ثم سألها باسما في توتر:
-في حاجة يا عبير ؟ يا تري في حاجة في المحاضرة مش فاهماها ؟؟
هزت رأسها نفيا ، فتغضن جبينه بعبسة إستغراب ، و إستوضحها بنبرة جدية هادئة:
-طيب خير ؟ محتاجة مني حاجة ؟؟
إزدردت ريقها ، ثم إنتظرت لثوان ، و سألته مضطربة:
-هو حضرتك .. صحيح خدت رقمي من ريم .. ايام الامتحانات ؟؟
تجمدت قسمات وجهه فجأة عندما طرحت عليه السؤال ، فسارعت تخفف من حدة التوتر الذي غلف الأجواء ، فقالت:
-انا كنت بسأل بس طالما حضرتك خدته عشان تتصل و تطمن عليا ، ليه ماتصلتش ؟؟
منحها إبتسامة مترددة ، ثم أجابها بلهجة جاهد في أن تبدو طبيعية:
-وقتها سمعت انك بقيتي كويسة ، فقلت مافيش داعي ازعجك.
أطلقت ضحكة مصطنعة ، ثم قالت:
-لا لا يا دكتور ازعاج ازاي بس ! انا كنت هتبسط اوي بمكالمة حضرتك.
خيم عليهما جو التوتر من جديد ، فهمهمت"عبير"ثم إستأذنت منه قائلة:
-طيب عن اذن حضرتك بقي ، انا لازم امشي .. سلام.
ثم غادرت القاعة و هي تتنفس الصعداء ...

************************************************** *****************

-و عدنان حبيبي عامل ايه دلوقتي ؟؟
قالت"ياسمين"ذلك في حنان متسائلة و هي تخاطب شقيقتها ، بينما كانت"داليا"تباشر عملها بالمطبخ ، حيث كانت تطهو طعام العشاء .. :
-كويس الحمدلله بقي احسن.
أجابتها"داليا"بإبتسامة خفيفة ، فعادت"ياسمين"تسألها:
-هو فين صحيح ؟؟
-نايم .. اكلته و اديته الدوا ، و بعدين نايمته.
أومأت"ياسمين"رأسها باسمة ، فنظرت إليها شقيقتها فجأة ، و سألتها:
-هو انتي كنتي فين امبارح يا ياسمين ؟ مش امبارح كان يوم اجازتك بردو ؟؟
أجابت"ياسمين"مرتبكة:
-اه يا داليا امبارح كان يوم اجازتي.
-طيب كنتي فين ؟ صحيت من النوم ما لاقتكيش !!
قضمت"ياسمين"شفتها بقوة ، و لم تجد مفر ، و لأنها إعتادت الصدق ، و تمقت الكذب ، أخبرت شقيقتها بالأمر كله .. :
-لا حول و لا قوة الا بالله.
هتفت"داليا"مصدومة ، ثم تابعت متسائلة:
-يعني بجد المرض ده مالوش علاج ؟؟
زمت"ياسمين"شفتيها بأسف قائلة:
-لأ للأسف مالوش علاج.
تنهدت"داليا"بإشفاق ، ثم عادت تسألها مستغربة:
-بس بردو انا مش فاهمة حاجة .. انتي روحتي ليه مع عمر عند مامته ؟؟
إبتسمت"ياسمين"ثم أجابتها بلطف مضطرب:
-يا داليا قلتلك كانوا متخاصمين ، و انا اللي اقنعته يروحلها بالعافية بعد ما شفت الخبر في المجلة .. و بعدين يرضيكي يعني الست تبقي في المحنة دي لوحدها ؟؟
تأملت"داليا"الوضع ، فإقتنعت بكلام شقيقتها ، بل و قالت أيضا:
-عندك حق .. عشان كده انا بفكر اخد عدنان و اروحلها.
-فكرة كويسة جدا و الله.
هتفت"ياسمين"باسمة ، فتلاشي حماس"داليا"حين قالت:
-بس في مشكلة.
-ايه هي ؟؟
-هقول لعز الدين انا رايحة فين ؟؟
فكرت"ياسمين"لبرهة ، ثم إقترحت:
-قوليله هتاخدي عدنان للاستشارة عند الدكتور.
إبتسمت"داليا"بخفة ، و أومأت رأسها ، و قد أعجبتها الفكرة .. :
-طيب هروح امتي و ازاي ؟؟
سألت شقيقتها مستوضحة ، فأجابتها:
-بكرة كويس ، و انا ممكن اجي معاكي .. ايه رأيك ؟؟
تنفست"داليا"بعمق ، ثم أومأت رأسها موافقة ...

************************************************** ******************
في الصباح التالي ...
و بينما كانت"داليا"تساعد"عز الدين"علي إرتداء ملابسه كي يذهب إلي العمل إحتالت عليه حيث قالت له كاذبة أنها ستذهب مع شقيقتها بـ"عدنان"إلي الطبيب من أجل الإطمئنان عليه ، فوافق في الحال بحسن نية ، فأسرعت هي ، و أرتدت ملابسها ، بعد أن غسلت"عدنان"و ألبسته ، و أطعمته ..
ثم أخذته بين ذراعيها ، و غادرت الغرفة ، متجهة إلي ساحة القصر ، حيث"عمر"و"ياسمين"كانا بإنتظارها ، و ما أن إستقلت بإبنها في المقعد الخلفي من سيارة"عمر"حتي إنطلق هو بسرعة متوسطة بناء علي طلب"داليا" ...
وصلوا أخيرا إلي بيت السيدة"كاميليا فهمي" ..
أعجبت"داليا"بمنزلها البسيط ، و الرائع بنفس الوقت ، كما أنها أغرمت بالديكور الداخلي ، و عندما صعدت إلي الدور العلوي برفقة"عمر"و"ياسمين"اللذين تقدماها حتي غرفة النوم ، وجدت الغرفة فخمة الأثاث ، و علي الفراش الفارغ غطاء مزين بباقات من الأزهار الرائعة ، مع وسائد ذات وجوه خضراء سندسية تناسب فخامة الغرفة الواسعة ، و علي جانبي الفراش ، كان هناك مقعدان جميلان في قِدمهما ، و ألوانهما ، أما التحف الخاصة بالسيدة الفاتنة ، فقد تناثرت في أنحاء الغرفة مشيعة جوا من الفوضي المحببة ، هذا بالإضافة إلي صورها المعلقة علي الجدران في كل مكان بالبيت ، و التي تحكي تاريخ حياتها الفنية الناجحة ، و الرائعة ..
-اهلا بيكوا .. اتفضلوا.
إلتفتت"داليا"نحو مصدر الصوت ، فوجدت السيدة تجلس علي مقعد وثير قرب شرفة غرفتها ، فإبتسمت"كاميليا"بخفة ، و دعتهم للجلوس إلي جوارها ، فتقدمت منها"داليا"و هي تحمل"عدنان"بين ذراعيها ، ثم جلست قبالتها علي أريكة صوفية سوداء ، فجلست"ياسمين"إلي جانب شقيقتها ، بينما جلس"عمر"بمقعد إلي حانب أمه ..
أمعنت"داليا"النظر بوجه المرأة الحسناء الجالسة أمامها ، رغم مرضها الذي
أهلكها تماما ، إلا انها لا زالت محتفظة برونقها الحذاب ، و بينما كانت"داليا"تتأملها مليا ، وجهت"كاميليا"نظرها إلي الصبي الصغير القابع بحضن أمه ، فإبتسمت بحنان و هي تتأمله عن كثب ، رأت من خلال ملامحه شقاوة أبيه ، و جده ، ذلك العرق الدساس ، ذلك النسل المتجبر ، و الفريد من نوعه لن ينتهي أبدا ...
أطلقت"كاميليا"ضحكة رنانة ، ثم قالت موجهة حديثها إلي"داليا" و هي لا زالت تتأمل الصبي:
-تعرفي يا داليا .. ابنك شبه ابوه بالظبط ، صورة طبق الاصل منه لما كان طفل في سنه.
ثم هزت رأسها ، و قالت و الدموع تتلألأ بمأقيها:
-يا ربي بجد مش مصدقة .. شبهه بجد ، بس هو واخد عينيكي انتي.
ثم سألتها:
-ممكن اشيله ؟؟
أومأت"داليا"رأسها مؤكدة ، ثم نهضت ، و وضعت الصفير علي قدمي جدته ، التي راحت تبتسم له و تلاطفه .. :
-الف سلامة علي حضرتك .. ان شاء الله المحنة دي هتعدي و هتبقي كويسة.
قالت"داليا"ذلك باسمة ، فبادلتها"كاميليا الإبتسامة بمثلها ، ثم نظرت إليها ، و إنتظرت لثوان ، ثم قالت فجأة:
-انا عايزة اشوف عز الدين.
كان السكون شاملا في تلك اللحظة ، حتي"عدنان"الذي كان يطلق صياحه الطفولي المستمر ، صمت ، فتبادلوا الجميع النظرات في صمت مطبق ، حتي قطعت"داليا"الصمت قائلة بتوتر:
-يا مدام كاميليا .. هو ماتغيريش خالص.
أومأت"كاميليا"رأسها بتفهم قائلة:
-انا عارفة انتي تقصدي ايه .. بس هو مهما كان ابني و انا امه ، لازم اشوفه قبل ما اموت.
-اعتقد انها فكرة مش كويسة !!
قالت"ياسمين"ذلك بتردد ، فقطبت"كاميليا"حاجبيها بوهن قائلة:
-يعني ايه ؟ مش هشوفه ؟؟
كان الحديث صادق و مؤثرا ، كما كانت يدا"كاميليا"ترتجفان بصورة دائمة ، بينما إندفعت"داليا"فجأة قائلة بتصميم:
-هتشوفيه ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:24 AM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحلقة (7)





كان السكون شاملا ، يلف قصر الـ"نصار"عندما دلفت"عبير"إلي حجرتها في إضطراب حانق ، و رمت بأدواتها الدراسية في إهمال علي مقعد عاجي وثير توسط الحجرة ، ثم ألقت بثقلها فوق الفراش بعد أن نزعت معطفها الصوفي الأسود ,,
رفعت ساعديها ، ثم غطت وجهها بكلتا يديها ، و راحت تفكر في أحداث الساعة الماضية ، وبخت نفسها لتصرفاتها الرعناء ، هي لم تكن تقصد شيء ، أرادت فقط أن تشبع فضولها ، و لكن مهما كان الأمر ، ما كان يجب أن تذهب إليه و تحدثه بأمور كهذه ، ما كان يجب أن تتحدث إليه بإندفاع ، ونزق هكذا ، ما كان يجب أن تتحدث إليه من الأساس ، ما دام الأمر غير ضروري ، لقد جذبت أنتبهه لها ، و أفصحت عما تضمر بداخلها بتصرفها الطائش هذا ، بماذا سيفكر الأن ؟؟
طرحت علي نفسها هذا السؤال ، ثم زفرت في ضيق ، و نهضت متوجهة صوب الحمام ، أخذت حماما سريعا ، ثم عادت إلي غرفتها بخطي مبتلة و هي ترتدي مآزر الإستحمام الأبيض ,,
جلست أمام منضدة الزينة خاصتها ، و راحت تمشط شعرها الطويل الأملس في بطء ، وهي تنظر إلي صورتها المنعكسة بالمرآة في شرود ، ثم فجأة ، و من دون مقدمات ، رأت صورة"خالد"ماثلة أمامها ، و فكرت .. مر وقت طويل دون أن تراه !
لم تستطع منع ، أو إنكار تلك الرجفة التي غزت كيانها لحظة تذكرت صوته الدافيء ، و قسمات وجهه الحنونة ، و التي غلفها الآسي منذ مدة ، و ما إزاد من إرتجافها ، عندما تذكرت ذلك العنفوان الذي أبداه مؤخرا ، لقد أصبح صارما بعض الشيء ,,
لاحت إبتسامة خفيفة علي شفتيها و هي تتابع تفكيرها بما جد بتصرفات"خالد"ليتصاعد رنين هاتفهها في تلك اللحظة بالأخص ، و يقطع حبل أفكارها ..
تأففت"عبير"في ضجر ، ثم ألقت فرشاة شعرها جانبا علي منضدة الزينة ، و نهضت متوجههة نحو فراشها ، ثم إلتقطت هاتفهها من فوقه ..
نظرت أولا إلي ذلك الرقم الغير مسجل لديها ، فقطبت حاجبيها مستغربة ، ولكنها أجابت بالنهاية:
-الو !!
فأجاب الطرف الأخر بخفوت حذر:
-مساء الخير يا عبير.
-مساء النور ، مين معايا ؟؟!
تساءلت"عبير"برسمية ، فأجاب المتصل بنبرة متوجسة قليلا:
-انا ، انا امجد شكري.
إتسعت حدقتيها ، و إنفلتت من بين شفاهها شهقة قصيرة ، فيما تخضبت وجنتيها بالدم أثر الإضطراب الذي إكتسحها فجأة ، و لكنها كبحت ذلك المزيج الهائل من تفاعل مشاعرها ، و عادت تتحدث إليه بنبرة جاهدت في أن تبدو طبيعية:
-اه اهلا يا دكتور ، خير في حاجة ؟؟
-خير .. خير يا عبير.
آتي صوته مختلجا ، ثم تابع متمهلا:
-بصراحة انا كنت عايز اتكلم معاكي في موضوع فضلت مآجله كتير جدا ، و كانت فرصة افاتحك فيه انهاردة بعد المحاضرة لما كنا مع بعض علي انفراد ، بس ..
صمت فجأة ، فعبست"عبير"محتارة ، بينما إستطرد بلهجة مرتبكة:
-من زمان و انا عايز اكلمك في موضوع ، و كنت كل ما احاول اعمل كده ، حاجات كتير كانت بتمنعني .. انا ماحبتش اقولك اي حاجة وجها لوجه ، فضلت اكلمك و اقولك كل اللي عندي علي التليفون ، منعا لإحراج اي حد فينا.
تنحنحت"عبير"في توتر ، ثم سألته في لطف متلعثمة:
-مـ مش فاهمة .. ممكن حضرتك توضح اكتر.
-عبير انا بحبك.
إزدادت عينيها إتساعا لدي تفوهه بتلك الجملة ، و ساد صمت مطبق ، قطعه"أمجد"قائلا:
-كنت عايز اصارحك بكده من زمان ، بس كنت عارف بردو انك مخطوبة لابن عمك ، ما قدرتش اقولك اي حاجة ، ما قدرتش غير اني اتمنالك الخير و السعادة و بس . لكن دلوقتي الوضع اختلف .. انتي اتطلقتي ، و فرصتي بقت اقوي بكتير من الاول.
لا زالت"عبير"جامدة بمكانها تحت تأثير المفاجئة ، و عندما لم يتلقي"أمجد"منها أي جواب ، عاد يقول ، و قد إتسم صوته بالحزن ، و الخذلان:
-عموما يا عبير ، مهما كان جوابك مافيش اي حاجة هتتغير ، هفضل انا الدكتور بتاعك ، و هتفضلي طالبة مجتهدة عندي ، و اعتبري اني ما قلتش اي حاجة ، و اسف لو ازعجتك ، مع السلامة.
-استني يا دكتور لو سمحت استني ..
قالتها"عبير"مسرعة ، ثم تنهدت بثقل و هي عازمة القيام بما قفز برأسها توا ...

************************************************** ******************************

تهادت الشمس في الأفق آخذة إتجاه الغروب ، عندما أفاف"خالد"من قيلولة الظهيرة ، علي صوت جرس المنزل المستمر ، و الذي أزعجه إلي درجة الغضب ,,
فنهض من مضجعه في عصبية ، تاركا علي فراشه قميصا قطنيا خاص بـ"عبير"من الواضح أنها قد نست أخذه ، فعثر"خالد"عليه ، و كان يتوسده كل ليلة ..
هبط"خالد"الدرج أثنتين ، أثنتين ، حافي القدمين ، ثم توجه نحو باب منزله بخطي واسعة ، حتي وصلت يده إلي المقبض ، فأدراه ، وجذب الباب بقوة ، لتصطدم نظراته الحادة ، بنظرات"عز الدين"الباردة .. :
-ايه يا اخي الطريقة دي ؟ في حد يخبط بالشكل ده !!
هتف"خالد"حانقا ، فمد"عز الدين"يده و أزاحه جانبا بلطف ، ثم قال بلا إكتراث و هو يشق طريقه إلي الداخل:
-اعملك ايه يعني ؟ ما انت اللي نومك تقيل.
تنفس"خالد"بعمق ، وقد هدأت ثورته ، فأغلق باب المنزل خلف إبن عمه ، ثم لحق به إلي قاعة الجلوس ، بينما ألقي"عز الدين"بثقله متنهدا فوق آريكة صوفية لونها أحمر قان ، فجلس"خالد"إلي جانبه متسائلا:
-يا تري ايه سر الزيارة الكريمة يا بن عمي ؟ وحشتك ؟ مش معقول ده احنا لسا سايبين بعض ما بقلناش ساعتين.
رمقه"عز الدين"بنصف إبتسامة ساخرة ، ثم رمش مشيحا بنظره إلي الأمام بعيدا عنه ، و قال و هو يخرج من جيب سترته علبة سكائره البلاتين:
-بقولك ايه .. حط خفة دمك دي علي جنب شوية و ركز معايا ، عايز اكلمك في موضوع.
-خير يا سيدي ؟؟
قال"خالد"مستفسرا في تهكم ، بينما وضع"عز الدين"سيكارته بين أسنانه ، ثم أشعلها ساحبا نفسا عميقا ، و نفثه عاليا ، ثم عاد ينظر إليه قائلا بجدية:
-سفارية ريو.
_مالها ؟؟
سأله"خالد"مقطبا ، فأجابه في هدوء حازم:
-هتضطر تروحها انت لوحدك ، انا مش هقدر اسافر معاك المرة دي.
-ليه كده يا عز ؟ من امتي بسافر انا لوحدي منغيرك ؟؟
قهقه"عز الدين"بخفة ، ثم قال ساخرا:
-ايه ياض ما تظبط ، هو انا مراتك و لا ايه ؟؟
رمقه"خالد"في إزدراء ، فإزدادت موجات ضحك"عز الدين"ثم عاد يحدثه بجدية مجددا:
-انا ورايا مشغوليات كتير هنا ، و في حاجة في دماغي مرتبلها من فترة و عايز امشي في اجراءاتها ، انت هتروح بصفتك المدير التنفيذي هتوقع العقود ، وكمان انا عاملك توكيل يعني كل حاجة هتخلص بسرعة ،هتروح بسرعة و هتيجي بسرعة ،و دول كلهم يومين يا خالد.
زم"خالد"شفتيه ، بينما تصاعد رنين هاتف"عز الدين"بنغمته الصاخبة ، فأخرجه من جيب سترته ، و أجاب:
-الو .. و بعدين .. شفتهم داخلين فيلا في المنصورية ؟ .. اه .. طيب خلاص كفاية كده .. ابقي عدي عليا بكرة في مكتبي.
أنهي"عز الدين"الإتصال سريعا ، بينما تطلع إليه"خالد"بإستغراب ، ثم سأله في إهتمام:
-في ايه يا عز الدين ؟ ايه الحكاية ؟ و مين اللي كان بيكلمك ده ؟؟
تنهد"عز الدين"بحدة ، ثم نظر إليه قائلا في هدوء يختبئ بطياته غضب هائل:
-كنت متوقع ان ده يحصل .. لكن بالترتيبات دي ! ما جاش علي بالي خالص.
-ايه ؟؟
هتف"خالد"مقطبا ، ثم إندفع في عبس قائلا:
-انا مش فاهم حاجة ، انت قصدك ايه ؟؟
حدق"عز الدين"به في قوة ، ثم صر علي أسنانه بغضب ، بينما كان ينتظر"خالد"توضيحه ....

************************************************** ***************************************

-امك بتموت يا عبير.
قال"عمر"ذلك دامع العينين ، بينما فغرت"عبير"فاهها ،و قطبت حاجبيها قائلة:
-انت بتقول ايه ؟ بتموت ازاي يعني ؟؟
لم يجبها"عمر"بل رفع صفحة المجلة إلي مستوي نظرها ، ثم سألها:
-ايه ، معقول ما قريتيش الخبر ؟؟!
خطفت"عبير"الصفحة من يده بقوة ، ثم راحت تلتهم الأسطر الوجيزة بعينيها حتي إنتهت و تأكدت من صحة حديث شقيقها ، فتهاوت علي أقرب مقعد بغرفتها ، و عينيها مسمرتان ، تحدقان إلي الأمام في اللاشيء ,,
-عايزة تشوفك !!
هتف"عمر"مترقبا ، فصوبت"عبير"نظرها تجاهه في صمت ...

************************************************** ****************************************

عند دقات العاشرة و النصف مساءاً ، و بينما كانت"داليا"تضع"عدنان"في مهده ، دلف"عز الدين"إلي الغرفة في هدوء ، كما أغلق الباب من خلفه في هدوء أيضا ، فيما شعرت"داليا"بحركته الخفيفة ، فإبتسمت بنعومة ، و إستدارت نحوه ، فبادلها"عز الدين"البسمة بمثلها ، ثم فتح ذراعيه داعيا إياها لأحضانه ، فلبت دعوته بكل سرور ، حيث هرولت إليه ، و إرتمت بين ذراعيه ، سانده رأسها علي صدره ,,
بينما شدد ذراعيه حولها ، فأغمضت عينيها في حب ، و إزدادت إبتسامتها إتساعا و هي تردد له بإنفعال عاطفي:
-وحشتني اووي.
همهم باسما ، و ضمها إليه أكثر ، ثم قال:
- و انتي كمان .. و انتي كمان وحشتيني اوي.
تنهدت بسعادة ، بينما مسح بكفه علي شعرها ، ثم قرب فمه من أذنها ، و سألها هامسا:
-اومال انتي كنتي فين انهاردة يا حبيبتي ؟؟
قطبت حاجبيها مستغربة ، و هي لازالت مغمضة العينين بإحضانه ، ثم أجابته:
- انا مش قلتلك الصبح يا عز اني هاخد عدنان للدكتور.
-همم .. روحتي بيه لوحدك ؟؟
- لأ ياسمين جت معايا .. مش انا قلتلك كده بردو ؟ انت نسيت و لا ايه ؟؟
أومأ رأسه مرارا ، فيما تبدلت ملامح وجهه الهادئة بتلك اللحظة إلي أخري عاصفة ، غاضبة ، فإندفع قائلا فجأة بلهجة قاتمة:
-و اخبار كاميليا هانم ايه ؟؟
فتحت عينيها دفعة واحدة في وجل ، و كم تمنت أن يكون ما سمعته وهم ، أو حلم ، و لكن لم يطل الأمر ، إذ أن أصابع كفه الذي كان يربت علي شعرها في حنان ، تقلصت علي خصلات شعرها ، و قبضت عليها بقوة عنيفة ، حيث جعلها ترفع وجهها إليه في قسوة بالغة جعلتها تئن صارخة بصوت خفيض خشية إيقاظ طفلها ’’
بينما كان يرمقها شزرا ، و هو يقول:
- بتستغفليني يا داليا ؟ بتضحكي عليا انا ؟؟
-يعني انت عارف من الاول انا كنت فين ؟؟
سألته بنبرة مرتجفة ، و عروقها تنبض بالخوف ، فعاد برأسه للخلف و ضحك بدون مزاج ، ثم عاد ينظر إليها ، و رمقها بنظرة عنيفة ، بينما أحست نبرته الفولاذية و هو يقول:
-داليا انتي فاكرة عز الدين نصار اللي واقف قدامك ده عبيط و لا بيريل ؟؟
سأل "عز الدين"بفظاظة ، و قد رأى الدموع معلقة في مقلتيها ، ثم تابع من بين أسنانه:
-كنتي فاكرة انك بسهولة يعني تقدري تخدعيني ؟ لسا ما تخلقش اللي يعرف يخدعني يا داليا ، تمثيلية مرض الولد ، و المرواح عند الدكتور فجأة بعذر اهبل ، كنتي فاكرة انك اقنعتيني ؟ فاكراني تلميذ ؟؟
هتف أخر كلماته صائحا بإنفعال حانق ، فهزت رأسها بالنفي ، و عدم التصديق بإنه قد وصل إلي تلك النقطة الصفرية مجددا ، ثم قالت بصوت مختلج ، وشعرها لا يزال متجمع في قبضة يده:
- لأ و الله ما خدعتكش ، ماكنش قصدي اخدعك و لا حاجة ، و الله العظيم الولد كان مريض فعلا و لو مش مصدقني انت عارف الدكتور بتاعه ممكن تتصل بيه دلوقتي حالا و تسأله.
ثم إزدردت ريقها في توتر ، و قالت بعد برهة:
-لكن انا ماقدرش انكر اني كدبت عليك انهاردة لما قلتلك هاخد عدنان للدكتور ، انا فعلا روحت لأمك .. الست صعبت عليا ، انت ما شفتش خبر مرضها في المجلات و الجرايد ؟ الدكاترة قالوا انها مش هتعيش و فاضلها ايام معدودة ، حبيت احسسها انها مش لوحدها و ...
-عمري ما هغفرلك غلطتك دي ابدا.
قاطعها بوجه صارم ، و لهجة حازمة للغاية ، فتأوهت بخفوت و هو يشدد قبضته علي خصلات شعرها ، بينما إقترب بوجهه من وجهها ، و قال محذرا دون أن يطرف له جفن:
-لو عرفت انك روحتلها تاني ، لو حسيت انك كدبتي عليا تاني او حاولتي تستغفليني مرة تانية ، هحاسبك حساب عسير يا داليا ، فأرجوكي ما تخلنيش في لحظة انسي انك ام ابني.
ثم أعتقها و حررها من بين ذراعيه أخيرا ، و تركها متوجها صوب الحمام ,,
بينما تنفست"داليا"الصعداء و هي تشعر و كأن موجة إضطراب قوية لطمتها بقسوة ، ثم تركتها باردة الأطراف ....

************************************************** *****************************************
في الصباح التالي ,,
جابت"داليا"المنزل بأكمله بحثا عن"عمر"دون جدوي ، لم تجد له أي أثر ..
فهاتفه ، ليآت صوته سريعا:
-صباح الخير يا داليا ، خير في حاجة ؟؟
بادلته"داليا"تحية الصباح ، ثم أجابته في توتر:
-عز الدين عرف اننا روحنا نزور مدام كاميليا.
- يا خبر !!
هتف"عمر"قالقا ، فباغتته"داليا"قائلة:
-انت فين يا عمر ؟؟
أجابها"عمر"متوجسا:
-انا عند ماما.
إزدردت"داليا"ريقها ، ثم قالت دون تفكير:
-طب تعالي دلوقتي و هات امك معاك ....



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:25 AM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحلقة (8)




-لأ بقي ، ده انتي اتجننتي رسمي !!
هتفت"ياسمين"في غضب جامح تخاطب شقيقتها ، ثم تابعت بنبرة عالية:
-انا مش قلتلك تنسي الفكرة دي خالص ؟ انتي بتدوري علي المشاكل و خلاص ؟؟
-ياسمين الست مريضة ، بينها و بين الموت مافيش ، ممكن تموت في اي لحظة ، و امنيتها الاخيرة انها تشوف ابنها.
بررت"داليا"موقفها بذلك ، ثم إستطردت في تأثر مقطبة :
-انا ام ، و اقدر احس بشعورها ، هي ما اجرمتش و اتضح انها بريئة ، فلازم الكل يعرف ده و اولهم عز الدين.
- بس حركة زي دي فيها مخاطرة كبيرة ، و ما كانتش تنفع تيجي منك انتي ، النتايج كلها مش هتكون في صالحك.
تنهدت"داليا"بثقل ، و قالت:
-انا مستعدة اواجه عز الدين ، و عارفة كويس ان ده صعب من خلال معرفتي بيه ، بس انا وعدتها انها هتشوفه ، لازم اوفي بوعدي ، و هي من حقها تشوفه.
ساد صمت مطبق بينهما ، قطعه صوت طرق علي باب حجرة"ياسمين"فدلفت"عبير"متمه لة ، بعد ما آتاها صوت"ياسمين"سامحا لها بالخول ,,,
تقدمت"عبير"نحو الأختين ، بوجه جامد خال من أي تعبير ، ثم وجهت سؤالا إلي"داليا"بصوت هادئ:
-عمر اتصل بيا و قالي انه جاي علي هنا و جايب ماما معاه.
جف حلق"داليا"في توتر ، و لكنها تغلبت علي مخاوفها ، و همهمت قائلة:
-تمام.
زاغت"عبير"ببصرها فجأة ، ثم تنتحت مضطربة ، و صوبت نظرها تجاه"داليا"مجددا ، و سألتها:
-لما روحتوا كلكوا تزوروا ماما .. محدش قالي اجي معاكوا ليه ؟؟
تنفست"داليا"بعمق ، ثم أجابتها في هدوء:
-يا حبيبتي الموضوع جه فجأة ، انا عرفت خبر مرض مامتك من ياسمين ، فإقترحت اني اروح ازورها و اخدلها عدنان معايا ، بس لاني ماعرفش طريق بيتها طلبت من عمر انه ياخدني ليها ، و ياسمين جت معايا لاني فهمت عز الدين ان عدنان لسا تعبان و هاخده تاني انا و هي للدكتور.
ثم صمتت لبرهة ، و زمت شفتيها في آسف متهكم ، و إستطردت:
-بس شكلي مانجحتش في تضليله خالص.
ضيقت"عبير"عينيها متسائلة ، فإبتسمت"داليا"بخفة ، ثم قالت بغيظ خالطه إعجاب دفين:
-اخوكي مش سهل ابدا ، و محدش يعرف يضحك عليه.
- قصدك انه ...
قاطعتها"داليا"بإيماءه من رأسها ، فرفعت"عبير"حاجبيها ذاهلة ، و سألتها:
- بس ازاي؟؟
هزت"داليا"كتفيها قائلة:
-ماعرفش ، بس اكيد واحد بسلطته و نفوذه يقدر يعرف اي حاجة عايز يعرفها.
أومأت"عبير"رأسها متنهدة ، ثم رددت بنبرة مختلجة:
-ربنا يستر.

************************************************** *************************************

-يا كوكو انتي متأكدة انك مستعدة للمواجهة دي ؟؟
قال"عمر"ذلك وهو راكع علي ركبتيه أمام أمه ليلبسها حذائها المبطن الأنيق ، فإبتسمت"كاميليا بوجه شاحب قائلة:
-انا مابقتش عايزة حاجة من الدنيا يا عمر ، انا عارفة اني خلاص هموت في اي وقت ، و نفسي بس اشوف اخوك و اضمه في حضني لاخر مرة.
أغمض"عمر"عينيه في آلم و كان قد ألبسها الزوج الثاني من الحذاء ، ثم إنتصب واقفا علي قدميه ، و أخذ يدها بين راحتيه قائلا:
-ماتخافيش يا ماما ، انا جنبك ، و كلنا معاكي ، اللي انتي عايزاه كله هيحصل.
و دني بجسده قليلا ، ثم قبل يدها ، و همس دامع العينين:
-اوعدك.
فربتت"كاميليا"علي شعره في حنان باسمة ....

************************************************** ***************************************

كان"عز الدين"يتحدث في هاتفهه ، عندما دلفت"داليا" إلي الحجرة و أغلقت الباب من خلفها في هدوء ، ثم إتجهت مسرعة إلي"عدنان"الذي إستيقظ لتوه ، و قد بدت علي ملامحه معالم العبس ، و الضجر ، فإبتسمت"داليا"تلقائيا ، و أخذته من فراشه الصغير بين ذراعيها ، ثم راحت تتحدث إليه بخفوت ، و لطف ,,,
بينما كان"عز الدين"يزرع الحجرة ذهابا ، إيابا و هو يخاطب محدثه علي الهاتف ، تارة بصرامة ، و تارة بلطف ، حتي أنهي الإتصال ..
فصوب نظره إلي"داليا"قائلا بصوته القوي:
-انا خارج ، و مش هرجع علي الغدا ، محدش يستناني.
ضيقت"داليا"عينيها ، و عادت تضع"عدنان"في مهده مجددا ، ثم إستدارت متوجهة نحو"عز الدين"و قالت عندما وصلت إليه:
-ازاي مش هترجع علي الغدا . هتتغدا فين طيب ؟؟
-هتصرف.
أجابها في لامبالاه و هو يعبث بهاتفهه ، فتطلعت إليه في فضول ، ثم سألته مترددة:
-هتروح فين ؟؟
رفع"عز الدين"وجهه علي الفور ، فإصطدمت بنظراته الحادة ، و إزدردت ريقها في توتر ، بينما قال بلهجة حادة:
-مشوار شغل ، و عشان ارضي فضولك ، رايح المينا اخلص شوية ورق في الجمرك.
ثم رفع يده ، و أشار لها بسبابته محذرا:
بس بعد كده يا ريت تخفي الاسئلة اللي من النوع ده شوية ، انتي عارفة اني مابحبش كده.
أومأت رأسها في هدوء ، و كاد يرحل من أمامها ، فمدت يديها و قبضت علي ذراعه صائحة في إضطراب:
-استني.
-في ايه ؟؟
سألها مقطبا ، فأجابته في تردد:
-انت لسا زعلان مني ؟؟
تنهد"عز الدين"بنفاذ صبر ، ثم حدجها بنظرة ثاقبة ، و قال بصوته العميق:
-زي ما قلتلك امبارح ، انا عمري ما هنسي اللي عملتيه ، عمري ما هنسي انك كدبتي عليا و استغفلتيني ، كان ممكن اتصرف معاكي بشكل عمرك تخيلتيه ، بس في الف لأ منعتني.
تطلعت إليه"داليا"في تأمل ذاهل ، إمتنت لعباراته الجامدة ، و الرقيقة في آن ، و سرعان ما ساورها شعور الندم علي ما حدث منها ، وعلي ما سوف يحدث لاحقا ، بينما عاد يقول بلهجة منخفضة قليلا:
-بعد كده قبل ما تعملي اي حاجة عارفة اني مش هكون راضي عنها ، ابقي فكري الاول في اللي بينا ، زي ما انا فكرت.
قضمت"داليا"شفتها بقوة و هي تشعر بالندم ، في حين كانت تبحث في وجه"عز الدين"عن تعابير غامضة لسبر غورها ، فإندفعت قائلة:
-ليه انت قاسي كده يا عز الدين علي عكس الطيبة اللي انا متاكدة انها جوا قلبك ؟ ليه امك ماصعبتش عليك ؟؟
تجمدت نظرات"عز الدين"فجأة ، ثم قال بحدة محذرا:
-انا مابحبش اتكلم عنها.
تجاهلت"داليا"تحذيره ، وتابعت:
-انا سمعت القصة ايام ما كنت موظفة عندك ، بس ده في النهاية مجرد كلام و مافيش ادلة تثبته ، انت متأكد من الكلام ده ؟؟
سألته مترقبة ، فأجابها بقوة شاخصا ببصره:
-ايوه متأكد.
-جبت منين التأكيد ده ؟ من ابوك ؟ سمعت بردو ان ابوك كان طاغي و مستبد ، ما فكرتش للحظة ان امك سابته لانها ما كانتش قادرة تتحمل حياتها معاه ؟؟
قال"عز الدين"بنزق و هو يكاد يصعقها بنظراته:
-انتي ممكن تقبلي انك تتخلي عن عدنان ؟؟
لم تستطع الإجابة علي سؤاله ، فتابع:
هي قبلت انها تتخلي عني انا و اخواتي لاسباب معينة ايا كانت ماتهمنيش.
ثم صمت قليلا ، و تابع:
-هي اختارت تسيبنا ، و انا كمان اخترت انساها للابد.
-بس انا سمعت انها حاولت تقرب منكوا تاني بعد موت ابوك.
-اديكي قولتيها بنفسك ، بعد موت ابويا ، هي سابته بإرادتها بعد ما رفعت عليه قضية طلاق ، متخيلة بقي اني كنت هسمحلها تحط رجليها في بيته بعد ما مات ؟؟
نظر لها"عز الدين"بعينين صارمتين ، و قد ضاقت حدقتيهما من الغضب ، فتنهدت"داليا" ثم قالت يائسة:
-انت مش زي ابوك يا عز الدين ، انت قلبك مليان عطف و حنان اكتر .. ماتقدرش تسامح ؟؟
-لأ ماقدرش.
هتف بقوة ، و تابع في حزم:
-و مش عايز اسمع كلمة زيادة في الموضوع ده.
ثم تركها و غادر الغرفة صافقا الباب خلفة بعنف ، إنتفض"عدنان"و بكي علي آثره ، فأسرعت"داليا"إليه ، لتهدأ من روعه ...

************************************************** ****************************************

أصرت"كامليا"بإلحاح خلال الطريق إلي القصر ، أن تتوقف عند أحد فروع الأسواق التجارية كي تشتري ألعاب لـ"عدنان"بنفسها ,,
فلبي"عمر"طلبها علي مضض خاشيا عليها من أي ضرر قد يصيبها ، و لكنها بدت سعيدة للغاية عندما كانت تمشي إلي جانبه ، متأبطة ذراعه ، كانا رائعين معا ، و قاما بجولة ممتعة ، و إشترت"كاميليا"لعبة عتيقة للغاية جذبت نظرها ، و إستحوذت علي إنتباهها بشدة ، كانت عبارة عن مجسم إسفنجي لحصان يمتطيه خيال ذا قبعة كبيرة ، فسألها"عمر"مستفسرا:
-اشمعنا اللعبة دي اللي عجباكي اوي كده يا كوكو ؟؟
تطلعت"كاميليا"إليه باسمة ، ثم قالت بعاطفة أمومية:
-ابوه كان بيحبها اوي لما كان في سنه.
منحها"عمر"إبتسامة دافئة ، و من ثم راحا يشتريان مزيدا من الألعاب المميزة ، و لم تنسي"كاميليا"أن تشتري الهدايا لجميع أفراد الأسرة ، كنوع من أنواع التذكار بما إنها راحلة ,,
عندما وصلا إلي القصر ، و عبر"عمر"البوابة الحديدية الضخمة بسيارته ، أخذت"كامليا"تتطلع إلي المكان من حولها ، فتداهمت الذكريات بعقلها ، منذ أكثر من سبعة عشر عاما ، لم تشهد عينيها ذلك القصر الفاخر ، المترف ، الذي تكاد أحجاره تنطق بالرغد ، و الثراء ..
توقفت سيارة"عمر"بصورة تدريجية بساحة المنزل الكبير ، فترجل هو أولا برشاقة ، و ذهب ليساعد أمه علي الخروج من السيارة ، ثم توجه نحو صندوقها ، حيث كدس الهدايا و الألعاب ، فيما صعدت أمه الدرجات الثلاث المؤدية إلي باب المنزل ، ثم ضغطت زر الجرس ، و ما هي إلا لحظات حتي جاءت إحدي الخادمات ، و فتحت الباب علي مصراعيه ..
رسمت"كاميليا"إبتسامة خفيفة علي وجهها ، فيما رمقتها الفتاة في تساؤل و هي تتمعن بملامحها المألوفة ، و لكن لم يطل الأمر ، إذ آتي صوت"عمر"من خلف أمه قائلا بلهجة آمرة:
-تعالي يا فاطمة شيلي معايا الحاجات دي.
هرولت إليه الفتاة ، و هي تنقل نظراتها بينه ، و بين السيدة الغريبة ، فلاحظ"عمر"نظراتها ، فقال:
-سلمتي علي الهانم ؟ دي تبقي امي.
أشرق وجه الفتاة ، و أفتر ثغرها عن إبتسامة عريضة ، ثم صاحت بفرح:
-ايوه و الله كنت بشبه عليها ، الست كاميليا فهمي الممثلة.
إبتسمت"كاميليا"في هدوء و هي لا زالت تقف علي أعتاب المنزل ، بينما قال"عمر"ممازحا في لطف حازم:
-طيب خلاص كفاية تعارف بقي و بحذرك ماترغيش كتير مع الست عشان ماطرقكيش منها.
رمقته"فاطمة"بنظرة متذمرة ، ثم إنصاعت لآوامره ، و حملت معه بعض الأغراض إلي الداخل ,,,
بينما كانت"كاميليا"تدور بقاعة البهو الفسيح ، و هي تتفحص المكان بعينيها الزرقاوين الواسعتين ، لم يتغير شيئا في هذا البيت ، تركته لسنوات طويلة ، ثم عادت لتجده كما هو ، فشعرت و كأن الماضي البعيد كما لو كان البارحة !!
آتت"عبير"في تلك اللحظة مهرولة ، و ما أن رآت والدتها أمامها ، حتي تلآلآت الدموع بمآقيها رغما عنها ، فمنحتها أمها إبتسامة دافئة ، وقد كست وجهها غلالة من السقم ، و الحزن ، و أخذت تقترب منها بخطي وئيدة ، حتي وصلت إليها ، ثم مدت ذراعيها نحوها ، و جذبتها إلي صدرها ، لم تحرك"عبير"ساكنا ، و ظلت صامتة ، أخذت دموعها فقط تتساقط في هدوء ، بينما راحت"كاميليا"تنعم بتلك اللحظات الفريدة ...

************************************************** ********************************

-ما تشد شوية يابني.
قالها"عز الدين"و هو يجلس بالسيارة إلي جانب"خالد"فصاح"خالد"مقطبا:
-اشد اكتر من كده ازاي يعني ؟ عايزنا نموت ؟ طب كنت قولي انها رحلة انتحاريةمن الاول.
-بطل الظرف ده شوية و اسمع الكلام ، عايزين نرجع بدري ، و بعدين الطريق فاضي قدامك.
-لا يا عم مش سامع كلامك ، المثل بيقول امشي سنة و لا تخطي قنا.
حدجه"عز الدين"بإبتسامة ساخرة ، و قال:
-امثالك بقت بيئة اوي.
ثم صاح متذكرا:
-اه نسيت اقولك ، انا حجزتلك تذكرة السفر ، كمان 3 ايام هتسافر.
-ماشي.
هتف"خالد"متنهدا ، ثم عاد يصوب تركيزه علي الطريق أمامه ...

************************************************** *********************************

زحف الليل سريعا علي قصر الـ"نصار" ,,,
في قاعة الجلوس الفسيحة ، إجتمع الجميع ، ساد جوا من المرح ، و الحميمية الأسرية ، بفضل السيد"عدنان"الصغير ، الذي راح يزقزق ، و يطلق صياحه الطفولي بفرح ..
و كم شعرت"كاميليا بالدفء ، و الإمتنان ، كان هذا كل ما كانت تحتاج إليه فعلا ، و لكن لم تدم اللحظات السعيدة طويلا ، إذ دق جرس الباب فجأة ، فساد صمت مطبق ، و ما إزاد من الرعب بقلوب الجميع ، عندما تردد صدي صوت سيد المنزل الكبير بالإرجاء ، فلا شعوريا إنتصبت"كاميليا"واقفة ، تستعد لملاقاة إبنها ..
فإندفع"عمر"نحوها مسرعا ، ثم أمسك بيدها ، و ضغط عليها برفق ليطمئنها ، فشعر بالإضطراب يهز المرآة النحيلة الواقفة إلي جواره لا حول لها و لا قوة ، فيما ترقب الجميع لحظة دخول"عز الدين"بقلب واجف ، فكانت"داليا"أشدهم خوفا ، و قلقا ، فشددت ذراعيها حول إبنها كما لو أنها تلوذ به ، بينما كانت تقف"عبير"إلي جانب"ياسمين"و هي تشعر بالتوتر بيعصف بها ،،
ثم فجأة ظهر"عز الدين"في تلك اللحظة ، فصوبت أمه نظرها تجاهه في لهفة و هي تشاهده يتخطي أعتاب المنزل إلي الداخل ، و كم بدا جذابا ، و واثقا من نفسه ، كان صورة صادقة عن أبيه ، و كانت يدا"كاميليا"تضغطان بشدة علي يدي"عمر"و كأنها تحاول أن تستمد القوة منه ,,
فيما تسمر"عز الدين"بمكانه فجأة ، و كأنه تمثال أصم ، و لكنه سرعان ما رفع رأسه الأدكن الأرستقراطي ، وقد تطاير الغضب من عينيه ، وكاد يصعق كل من بالمكان ، فعلي بعد خطوات منه وقفت أمه مذعورة ، و قد غاص كل لون من وجهها الشاحب الذابل ، كان الجميع يتوسلون منه بعض اللطف بنظراتهم ، و لكن كان اللطف أبعد الأشياء عنه في تلك اللحظة ..
كان وجهه مغمورا بهالة رائعة تتفجر منه القسوة ، فيما إرتسمت علي شفتيه معالم الإزدراء ، والغطرسة ، ثم ....


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-12-17, 10:26 AM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الحلقة (9)





كان اللطف أبعد الأشياء عنه في تلك اللحظة ، كما كان وجهه مغمورا بهالة رائعة تتفجر منه القسوة ، فيما إرتسمت علي شفتيه معالم الإزدراء ، و الغطرسة ، ثم هتف بصوت صارم أجش:
-داليا !!
إنتفضت"داليا"علي أثر صوته الغاضب ، فيما كانت الغرفة تسبح في دوامة من الحقد ، و العداء ، و الخوف ، و الترقب ,,,
شعرت"داليا"أن قلبها يكاد يقفز من صدرها و قد رأت"كاميليا"في وضع يائس ، وهي تحدق بإبنها بقوة ، وعزم ..
كانت جميع الأنظار مشدودة إلي"عز الدين"الذي بدا و كأنه سينفجر تحت تأثير مرارته العميقة ، بينما إستجمعت"عبير"شجاعتها دفعة واحدة ، حيث تقدمت خطوة إلي الأمام ، ثم إزدردت ريقها ، وقالت بثبات مرتبك بعض الشيء:
-ارجوك يا عز الدين ، مهما كان شعورك و حجم غضبك ، حاول تتصرف بلطف.
و لكنه لم يلتفت لها ، بل ظل جامدا ، و وجهه صارم للغاية كما هو ، فأدركت"داليا"أن الغضب قد أعماه ، و جعله يصم أذنيه لكل التوسلات ,,
و لأول مرة منذ أن دخل"عز الدين"إلي منزل ، فتحت"كاميليا"فمها ، و قالت موجهة الحديث إلي إبنها:
-انا عارفة انك متضايق من وجودي ، لكن انا صممت اجي بس عشان اشوفك.
ثم تابعت في حزن:
-ايه يا عز الدين ؟ مش هتسلم علي امك ؟؟
أجابها"عز الدين"بصوت كحد السكين:
-اسف حضرتك ، انا ماعرفكيش.
كاد"عمر"يتكلم ، فقاطعته أمه بضمة قوية من يدها ، ثم تركته و خطت في إتجاه"عز الدين"حتي وقفت أمامه ، ثم قالت و قد إرتسمت معالم المرارة علي وجهها:
-انت ابني ، ومهما حصل في الماضي ، انا هفضل امك.
حدجها"عز الدين"في أزدراء متهكم ، ثم قال:
-انا امي ماتت من زمان ، اعذريني يا مدام .. انا ماعرفكيش.
هزت"كاميليا"رأسها في آلم ، ثم رفعت يديها ، و أمسكت بتلابيب قميصه بقبضتيها الضعيفتين ، و إندفعت قائلة بنبرة مرتفعة:
-انت ايه اللي جرالك ؟ انا سيبتك و انت كبير ، انا ماربيتكش علي كده ، جبت القسوة دي منين
؟؟
-ابعدي عني.
صاح غاضبا ، و أزال يديها عنه بقوة ، كان العنف يتدفق من عينيه ، بينما لم يحتمل"عمر"أكثر ، فإندفع نحوهما و تصدر لأخيه في عصبية ، قائلا:
-عز الدين ! كفاية بقي ، انا مش هسمحلك تتمادي اكتر من كده ، دي امي و امك و مش عشان البيت مكتوب باسمك زي باقي الاملاك فهتقدر بالطريقة دي انك تتحكم فينا و في كل حاجة ، انا اللي جبت ماما هنا و آا ...
-بس يا عمر كفاية.
قاطعته"كاميليا"بصوت يائس ، ثم إبتسمت في مرارة قائلة:
-من شابه اباه فما ظلم ، كأني شايفة فريد نصار واقف قدامي دلوقتي.
و ساد سكون رهيب لفترة من الزمن ، قطعته قهقهة صادرة من أعماق"عز الدين"و هو يقول:
-لو كان فريد نصار موجود لحد اللحظة دي ، ماكنتيش قدرتي تخطي خطوة واحدة جوا البيت ده.
أغمضت"كاميليا"عينيها بشدة ، فطاحت دموعها علي خديها غزيرة ، ثم رددت بصوت باكي يفتت الأكباد:
-كنت هتجنن عليك ، كان نفسي اشوفك بأي طريقة.
جاءها صوته عنيفا ساخرا:
-و الله ! طب اديكي شوفتيني ، ياتري كنت استحق كل ده ؟؟
-ايوه.
تمتمت بخفوت و هي ترمقه بنظرة دامعة ، فيما كان الجو شبيها بكابوس مزعج ، و كان يجب وضع حد له ، فإمتثلت"كاميليا"دون إرادة إلي دوار إجتاحها فجأة ، حيث تلاشت الرؤية أمام عينيها بصورة سريعة ، و إنكفأت أرضا علي وجهها ,,,
تسمر"عز الدين"بمكانه ، بينما إلتف الجميع في حلقة حول"كاميليا"و هم يتفحصوها في هلع ..
فيما حاولت"ياسمين"أن تعيدها إلي وعيها دون فائدة ، فأخرج"عمر"هاتفهه و أجري إتصالا بطبيب والدته الخاص ..

************************************************** *************************************

لم يذكر كيف أنسل من بينهم فجأة ، لم يذكر كيف خرج من القصر بأكمله حتي ,,
كل ما كان يذكره ، أنه شعر ببركانا هائجا من الغضب كاد ينفجر بداخله في أي لحظة ..
لذا إستقل سيارته ، و إنطلق بها بعيدا وسط ظلمات الليل ، لم يحدد وجهته ، بل مضي بعشوائية علي غير هدي ، ثم فجأة قبض بقوة علي عجلة القيادة ، إذ ومضت بمخيلته الذكريات ، و أخذته إلي اليوم الذي أحدث تغيرا جذريا بحياته ,,

************************************************** ************************************

في صباح يوما ما ..
إستيقظ ذلك الفتي ، ذا الثامنة عشر عاما من نومه ، ثم جاب أرجاء المنزل بحثا عن أمه ، حتي وجدها بغرفتها تقف أمام المرآة ، تتبرج ببراعة كعادتها ، تفحصها في دقة بعينيه الماسيتين ، كانت في أزهي حالاتها ، مما أدهشه أن تكون كذلك في وضح النهار ، فدفع باب الحجرة الموارب ، و دلف بخطي بطيئة ,,
فإنتبهت إليه ، حيث شاهدته متقدما نحوها بصورته المنعكسة بالمرآة ، فإبتسمت بعذوبة قائلة:
-اهلا يا استاذ ، لسا صاحي دلوقتي ؟ كويس انك صحيت لوحدك و الا كنت هاجيلك انا اصحيك بنفسي.
بينما تجاهل كلامها ، و سألها في إهتمام:
-انتي لابسة كده علي الصبح و رايحة فين يا ماما ؟؟
تلعثمت قليلا ، ثم عادت تبتسم و هي تقول بثبات:
-رايحة مشوار يا عز الدين ، مش هتأخر يا حبيبي.
-المشوار ده فين يعني ؟؟
-و بعدين معاك.
قالت بحدة مصطنعة ، ثم أرتدت قرطيها ، و إلتفتت إليه متابعة في لطف:
-انت لازم تعرف كل حاجة كده زي ابوك ؟ قلتلك رايحة مشوار صغير و مش هتأخر.
-طب هاجي معاكي.
هتف مقطبا ، فتنهدت أمه بثقل ، و إقتربت منه ، ثم قالت و هي تلامس وجهه الصارم بيدها الناعمة:
-حبيبي ، مامتك مش طفلة ، مش هتخطف يعني.
ثم تابعت باسمة:
-حاسة اني اتجوزتك انت و ابوك و الله ، مش عارفة اخد نفسي منكوا انتوا الاتنين.
ثم قهقهت بغنج و هي تضمه بين ذراعيها بعاطفة أمومية ، و بعدها ذهبت و لم تعد ...

************************************************** ***********************************

أفاق من شروده و هو يصر علي أسنانه بغضب ، ثم قال في نفسه .. إنها حقا تجيد التمثيل ،تستحق اللقب ، فقد أثبتت براعتها ، عرفت كيف تؤدي دور الكذب ، و الخداع بجدارة ,,
لا زال يؤمن بأنها ما أحبته أو إهتمت لأمره يوما ، عندما قررت أن تتوقف عن مشاطرة الحياة مع والده ،كان عليها أن تفكر به ، و بأخوته أولا ، و لكن عوضا علي ذلك ، فضلت الرحيل دون أدني إهتمام بأبنائها ,,
هي إمرأة أنانية ، و تعيسة في الوقت ذاته ، و لكنه لن يستطيع أن يغفر لها حتي و إن كانت علي بعد خطوة واحدة من الموت ، حقا أنه يجد صعوبة في ذلك ...

************************************************** *********************************

علي الطرف الأخر ، بقصر الـ"نصار ، في قاعة الجلوس ، إلتف الجميع حول تلك الأريكة الصوفية التي رقدت عليها"كاميليا"فاقدة للوعي ,,
و بعد أن فحصها الطبيب ، هب واقفا بوجه مكفهر ، ثم قال بنبرة مختلجة:
-مدام كاميليا دخلت في Coma cancerous.
تطلع إليه الجميع في تساؤل ، فسارعت"ياسمين"شارحة:
-غيبوبة كانسر يا جماعة.
فإندفع"عمر"متسائلا و القلق يجتاحه:
-طب ايه العمل دلوقتي يا دكتور ؟؟
-لازم تتنقل المستشفي حالا طبعا ، الاصابة مش مؤقتة ، هي عندها ارتفاع عالي في ضغط الدم ، مع تراكم السموم الناتجة عن اللوكيميا لو الدم وصل لخلايا مخها هيدمر نظام التنشيط الشبكي و ده ممكن يسبب ساكتة دماغية هتعرضها للوفاة في الحال.
-وفاة !!
ردد"عمر"بهلع وقد جف حلقه ، وشحب لونه ، ثم عاد يقول:
-لا لا يا دكتور اعمل اي حاجة ، المهم ماما تبقي كويسة.
-يا استاذ عمر والدتك كده كده في عداد الاموات ، احنا مجرد بنكسب شوية وقت مش اكتر.
إشتعلت عينا"عمر"بغضب كجمرتي نار ، فجذب الطبيب من ثيابه صائحا:
-لأ مش هتموت ، هتبقي كويسة ، سامع ، هتبقي كويسة ، و لو جرالها اي حاجة انت اللي هتبقي المسؤول قدامي ، هوديك في داهية.
حاول الجميع تهدئة"عمر"بينما نزع الطبيب يديه عنه بجهد ، ثم قال بلهجة حانقة:
-الاعمار بيد الله يا استاذ عمر ، كل حاجة بأيد ربنا ، و انا بعمل اللي عليا.
ثم تابع بجمود:
-انا هتصل بالمستشفي دلوقتي ، و هستدعي عربية اسعاف عشان تنقل والدتك.

************************************************** **************************************

أصرت"ياسمين"علي مرافقة"عمر"إلي المشفي ، كما أصرت أيضا علي المكوث معه لحين يطمئنا علي حالة والدته ,,
بينما إجتمع فريق من الأطباء المختصين بغرفة العناية لترقب حالة"كاميليا" ..
لم يمر وقت كثير و خرج الأطباء جميعهم ، فنهض"عمر"واقفا و علامات القلق تغزو وجهه ، بينما أقبل عليه الطبيب ، ثم مد يده و ربت علي كتفه قائلا بآسف:
-البقاء لله ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:27 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.