آخر 10 مشاركات
سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          152-الصراخ والعذاب -ألحان (الكاتـب : Just Faith - )           »          151 - قسوة الحب - روايات ألحان كاملة (الكاتـب : عيون المها - )           »          147 - سجينة حبى - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )           »          146 - الساحرة الصغيرة - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )           »          145 - الرجل الذى حطم احلامى - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          138 - سمكة فوق الشجرة - روايات الحان (الكاتـب : samahss - )           »          137 - الحب الكبير - روايات الحان (اعادة تنزيل ) ** (الكاتـب : OnLyG!Rl - )           »          135 - لا تكذبي - روايات ألحان** ( اعادة تنزيل ) (الكاتـب : سنو وايت - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أحب أن أعرف كيف وجدتم مستوى الرواية من حيث الحبكة و السرد والأسلوب؟
ممتاز 268 72.63%
جيد 88 23.85%
ضعيف 13 3.52%
المصوتون: 369. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-03-18, 10:00 AM   #331

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيماء سيف مشاهدة المشاركة
تسلم إيدك الاقتباس رائع منتظرينك يوم السبت 😍😍
حبيبتي شكراً لمرورك العطر


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 09:59 AM   #332

تيماء سيف
 
الصورة الرمزية تيماء سيف

? العضوٌ??? » 414991
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 52
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » تيماء سيف is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضووووور😍

تيماء سيف غير متواجد حالياً  
التوقيع
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 03:41 PM   #333

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيماء سيف مشاهدة المشاركة
تسجيل حضووووور😍
منورتيني يا غالية إن شاء الله يعجبك الفصل


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 04:12 PM   #334

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير
تسجيل حضور
بإنتظار الفصل
💜💖💜💖


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 04:42 PM   #335

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
مساء الخير
تسجيل حضور
بإنتظار الفصل
💜💖💜💖
مساء الفل يا قلبي.. إن شاء الله يعجبك فصل اليوم
نورتيني


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 10:59 PM   #336

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

الفصل سينزل خلال لحظات...

jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 11:04 PM   #337

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

الفصل العاشر..







-لا تتركوني وحدى معها.. وإلا لن أكون مسؤولاً عما سيحدث.

أغمض شريف عينيه مستعيناً بذكر الرحمن .. مستمداً منه الصبر .. ثم فتحهما وهو يدنو من أخيه ماهر يهمس بإذنه بصلابة غير عابئ بالتغيرات التي طرأت على وجهه لكلامه:
-ماهر أنت ما عدت وحدك من يتألم لبعدها لقد مر الكثير بالفعل ولا .. لا تنكر فعيناك تفضحك لمن يعرفك.. فكر بأولادك الذين تباينت ردود أفعالهم لظهورها.. لكن النتائج توحدت بآلامهم العميقة التي علت على السطح لتركها إياهم .. حِلا أموركما كأي والدين راشدين يفكران بمستقبل وراحة أبنائهما.. واه أنا أعرفك جيداً أنت أعقل من أن تتسبب لها بعاهة مستديمة .. صحيح.

كتم ماهر شتائمه بصعوبة وهو يستمع لأخيه الكبير وكأنه عاد إلى الوراء اثنى عشر عاماً .. كان دائماً هو الذي يوجهه إلى الطريق الصحيح حتى وهو رب أسرة صغيرة.. شريف الذي أخذ الصبر والحنان من والديه ليكونا عوناً له في مصائبه .. ليته مثله يمتلك نصف قدرته على الصبر والتحمل.. الآن أو بعد حين سيتواجهان و يظهرا جميع أوراقهما لذا رمش بعينيه لأخيه ليفهم أنه اقتنع بحديثه..
لم يكن في الغرفة التابعة لصالة الزفاف التي خلت من الناس بعد ذهاب العروسين مباشرة سوى بعض المقربين للعائلة لكن شريف لم يقبل بالنقاش في ظل وجودهم وهو على علم مسبق بما تسببوا به لأخيه .. فدفع هو الثمن لترهاتهم وأكاذيبهم بما يتعلق بنهال .. لكنه يستحق فهو من صدقهم وأخذ بخرافاتهم كحقيقة واقعية دون إثبات..

والان بعد أن أغلق شريف الباب عليهما مخلفاً وراءه الجمود .. الجمود التام إلا من صوت أنفاسهما التي توشك على حرق كل منهما الآخر .. قضمت نهال شفتيها بقهر لما وصلت إليه الأمور .. رباه هي لم تكن تنوى تخريب زفاف ابنتها.. لكن.. أرادت فقط رؤيتها وهي عروس .. وهي تراقص زوجها وحبيبها والابتسامة تضئ ثغرها .. هذا حلم حياتها.. أن ترى سعادة أولادها تزين حياتهم بقرب من اختارته قلوبهم.. رفعت نظراتها إليه ففوجئت بكم الكره الذي يسكن مقلتيه المجمدتين..
رأى كيف تحركت رقبتها الرقيقة وهي تبتلع ريقها خوفاً.. نعم الخوف الذي انبعث من تحركاتها المتوترة استطاع شمه بكل عن بعد لا بأس به..
صدرت عنه زفره متعبة وهو يفكر.. أنه ينبغي عليها أن تخافه فلقد تعدت كل حدودها التي أوقفها عندها قبل سنوات طويلة .. رؤيتها مرة أخرى تسير بأناقة ورقي بين الناس وكأنها ملكة تطالب الجميع بالخضوع لها .. رؤيتها وهي تتجه إلى أولاده المصدومين تقبلهم وتحتضنهم ضاربة بكل تحذيراته لها عرض الحائط .. أشعلت في قلبه بركانا ظنه خامداً لسنوات لكن ها هو يخطئ حساباته..

اعترف يا ماهر .. اعترف وقر بأن ما أغضبك واشعل بركانك هو الاشتياق والحنين الذي شع من عيون أولادك رغماً عن الكره الكاذب الذي يجيدونه كما تجيده أنت وتجسده .. وكأن سنين تضحياتك لأجلهم راحت هباءً منثوراً في تعويضهم عن النقص الذي لازمهم منذ رحيلها.. لهذا غضبت وقمت بإرسال علياء مع زوجها بعيداً و عز .. عز الدين الذي كان منهاراً لرؤيتها ولمسها له .. ففقد سيطرته على نفسه وتصرف كالمجنون حتى أوقفته نغم بصعوبة وهي تبكي وتصرخ .. تلك الفتاة التي امتلكت قوة لم يمتلكها هو لقمع محاولات ابنه...وعلا التي عجزت عن التصرف بطبيعتها في موقف كهذا ففضلت الهروب واختارته على رؤية والديها يتقاتلان كالأعداء .. أين وصل بهم الحال..
وجد يده تتصرف من تلقاء نفسها وتدعوها للجلوس .. فاختارت مكاناً آمنا بعيداً عنه .. أو هكذا ظنت حين نبتت ابتسامة ساخرة على وجهه..
انحنى ماهر بجذعه للأمام وعقد كفيه على فخذيه ناظراً إلى عيناها بشكل مباشر .. وقال بكل ما يمتلكه من هدوء آخذا بكلمات شريف عين الاعتبار:
-ماذا تظنين نفسك فاعلة بحضورك هنا .. وتخريب زفاف ابنتي.

قالت بشراسة:
-هي ابنتي كما ابنتك لا تنسى هذا .. و تتحدث عن تخريبي لزفاف ابنتي وكأنك لم تشارك فيه.

همس بصوت غاضب:
-الى ما ترمين يا نهال؟

ارتجفت أطرافها وتراجعت بجسدها شاهقة بخوف والحرارة تجتاحها مسببة لها القشعريرة لبرودة الهواء ..نعم الهواء البارد هو المتسبب بكل ما يحدث معها .. تحلت بالشجاعة وقالت مستأنفة:
-أنت من أزم الأمور قبل سنوات .. حين منعتني عن أولادي بكل أنانية .. ما كان يجب عليك أن تحرمنا من بعضنا البعض بسبب مشاكلنا نحن.. لا ألومك على كرهي ولكن ألومك على إبعادهم عني .. لو أنك تعاملت مع طلاقنا بشكل أفضل ومنعتني من رؤيتهم لما كرهوني و ..وتصرفوا بهذا الشكل القاسي معي اليوم.

عندما انتهت كانت قد ذرفت عيناها الدموع بسخاء وشهقاتها تعلوا وهي تردد بتقطع:
-أخطأت أعترف لكن.. لم أكن المذنب الوحيد .. لا اريدهم أن يكرهوني .. لا أريد .. أرجوك أنا أرجوك .. لم أعد أحتمل لقد نفذ صبري وضاق حملي.

لم يكن يعلم أن اليوم الذي سيرى فيه انكسار وضعف نهال فخري سيأتي بعد انتظار طويل .. لكنه أتى على أية حال .. لكنه ليس سعيدا على الإطلاق بما حققه من انتقام سخيف حتى لو كانت السبب في قتل روحه وسعادته .. عاد بجذعه إلى ظهر الكرسي بينما يشير بيده بعصبية قائلاً بقسوة:
-أنا المخطئ إذن.. أنا من خان وابتعد.. أنا من هجر وتزوج ..أنا من أهنت وحطمت كرامة زوجي.. أنا.. أنا.. وأنت.. وأنت ماذا فعلتِ.. أم أنك الملاك البريء في هذه القصة الغبية.

صرخت ببكاء حاد:
-أنت من دفعني لكل هذا .. بمنعك لي عن تحقيق أحلامي .. بتحطيمك لذاتي وأنت تهينني وتهين عائلتي .. صدقت كل ما يقال عني ولم تصدقني أنا زوجتك.. آه عفواً عندما كنت .. ولا تنكر أن ما دفعك لكل هذا هو كرامتك وكبريائك الجريحين لزواجي من رجل غيرك .. رجل منحني كل ما أريد .. و...

قاطعها قائلاً بسخرية:
-الا السعادة.

علت الحيرة وجهها وهي تنظر إليه باستفهام .. فأكمل يقول بكره:
-المختار الشريف .. منحك كل ما ترغب به المرأة إلا السعادة.

خفق قلبها بعنف بين أضلعه وهي تشعر بنفسها عارية أمامه .. عارية من كل حصونها ..وشعر ماهر أن الحديث إنحاء عن مساره الصحيح فعاود يهاجمها بقوة:
-عائلتك استحقت كل كلمة قلتها بشأنها وأنا لست بنادم .. ما من عائلة طبيعية تشجع ابنتها على السفر وترك أولادها صغاراً يطالبون بها وهي أبعد ما يكون عنهم.. أما عن احلامك .. فكنت معك في كل خطوة إلا أن أحلامك أخذت مسار آخر غير الذي اتفقنا عليه.. فأنت ابنة الحسب والنسب وأنا .. ابن عز الدين فخري.. المجنون.

نهضت نهال عن كرسيها وكأن أفعى قد لدغتها.. تهز رأسها .. تنفي ما يقول وعيناها العسليتان متوسعتان بغير تصديق قائلة:
لا .. لا أنا لم أقل شيئاً كهذا عن عمي رحمه الله.. أعلم أنه كان على قدر عقله لكنني ما حطّتُ من قيمته وقدره يوماً .. هذا كله من أقاربك .. من أبناء اعمامك و عماتك .. هم من يرددون تلك التفاهات دوماً وأنت كعادتك تصدقهم وأنا لا .. هذه هي مشكلتك أنت لا ترى إلا ما تريد أن تراه .. و أولادي لم يشتكوا لغيابي عنهم لأنني كنت اعوضهم بطريقة ما .. كانوا راضين عن حناني واهتمامي بهم إلى أن سمحت لهم بالتدخل في حياتنا..

نظراته كانت تحيطها من كل جانب وعقله يفكر بكل كلمة قذفتها به توا .. و كانت كالسهام الحارقة تشق صدره بحدتها .. لم يكن ما قالته السبب لكن شعوره أن الناس من حوله يستكثرون عليه زوجة ذات جمال ونسب كنهال كان يقتله ببشاعة .. لا زالت كلماتهم تتردد في أذنيه "الناس مقامات يا ابن عز الدين" وكأنه لا يليق بها .. يحملوهم ذنب والده الذي كان فاقداً لعقله ..رغم شهاداته ونجاحه في العسكرية ..و شريف الذي درس طب العيون فأبدع فيه وحصل على براءة الاختراع لعدة اختراعات قام بها .. وسلامة رغم أنهم ظنوا أنه قد يشبه أبيهم في قدر العقل إلا أنه أثبت العكس حين أثبت نفسه في مجال الصناعة .. تباً فكل هذا لم يشفع لهم مثقال ذرة .. ليعودوا ببث سمومهم في أذنيه "لن تبقى لك .. ستتركك وتبحث عمن يليق بها وبمقامها".
جزء منه كان يصدق ما تقول.. لم يشتكي أبناؤه عن تقصير من والدتهم قط ..لكن كرامته كانت تأبى الاعتراف بذلك .. والجزء الآخر كان له حق الأغلبية .. زفر أنفاسه وكلمات مريم تراود تفكيره "معتصم هرب من السجن" ماذا تريد من ابنتي يا معتصم أنت الآخر..

-أنا لا أريد شيئا بقدر ما أريد أولادي بقربي .. بأحضاني .. نظراتهم تقتلني.. أربعة عشر عاماً بعيدون عني .. جفت دموعي وهرم قلبي لبعدهم .. دع خلافاتنا جانباً لمرة واحدة في حياتك .. لمرة واحدة فقط ضع نفسك مكاني ولا تكن قاسٍ في حكمك .. في النهاية هم سيطيرون من عشك وسيحلقون بعيداً وسأصل إليهم وسيتقبلونني بعد محاولات عدة ..لكني أريد اختصار الوقت فلا أحد بضامنٍ عمره.

فوجئت نهال باندفاعه نحوها يمسك بكتفيها ويهزهما قائلاً بصوت أجش ونظراته تجول على أنحاء جسدها بتفحص:
-لما هذا الكلام .. هل أنتِ مريضة .. هل أصابك....

قاطعته بخفوت وخوفه عليها كان أشبه بالصدمة ..ماهر لا زال يحبها أو ربما يكن لها بعض الأحاسيس .. ذرفت دمعة نادمة وربما فرحة لخوفه عليها .. ابتلعت ريقها تجيبه بتأني:
-لا ..لا ..الحمد لله أنا بصحة وعافية جيدة.

رفع يديه عنها وكأنها مسته بصاعقة كهربائية مميتة .. ماذا جرى لك يا ماهر لتلمسها وقد أمست محرمة عليك .. ومحللة لغيرك..رباااه لما كل هذا العذاب!!
لكنه خرج بفكرة واحدة .. هو لن يبقى لأولاده طوال حياتهم .. ولا أحد سيكون أحن عليهم من أمهم .. يعترف لقد أخطأ بإبعادهم عنها .. لكن جرحه آنذاك أعماه عما يحتاج إليه أولاده .. مرت عدة سنوات على زواجها من ذلك الحقير لكنه لم يستطع التعامل مع هذا حتى الآن .. وهذا ما يقتله ويثير جنونه .. لم يتمكن من التخلص من حبها وتملكها لكيانه.

أخيراً خرج صوته بعيداً بعد أن فكر بأولاده وسعادتهم و كلمات شريف تتردد عليه من حين لآخر:
-أنا لن امنعهم عنك بعد الآن .. لكن أحذرك من اقتراب ذلك الجرذ منهم.. وإلا لن أكون مسؤولاً عن حياته.

هل تبسمت .. بحق الله لقد تبسمت أخيراً بعد شهقات بكاءها المستمر .لكنها قالت بجمود:
-شكرا لك .. ولا أسمح لك بنعت زوجي بالجرذ.

قال ماهر ببرود قبل أن يغادر الغرفة:
-انتبهِ لنفسك ولصغيرك يا نهال.. فزوجك المختار يلعب بذيله وسيسقط في يدي إن شاء أو أبى وسأقطعه له.





توقف محمود بسيارته قرب منزل العائلة ونسمات الليل تداعب خصلات شعره التي طالت في الفترة الأخيرة .. يسمح لعينيه بالتلصص عليها وهي تتحدث على هاتفها بتوتر أثار فضوله الذكوري .. مع من تتحدث في هذا الوقت يا ترى.. يستطيع قراءتها فهي تبدوا له كالكتاب المفتوح .. تصرفاتها وتلعثمها المستمر في الحفل يخفي خلفه أمراً لا تريد لأحد أن يشاركها إياه.. ما الذي يحدث معها!! هل اكتشفته!!

أجفل للحظة و عيناها تمسك به بالجرم المشهود وهو يطالعها بتفحص مثير .. فانعقد لسانها وارتبط وكأنها فقدت النطق .. وانتشر الاحمرار على وجنتيها يداعبهما .. لم تعتاد على نظراته تلك بعد .. نظرات تعدها بالكثير الكثير مما ترغب به .. وتخافه في ذات الوقت .. ربما انتهت من حب عز الدين الذي تملكها طوال فترة طفولتها و مراهقتها ومنتصف شبابها .. لكنها ليست مستعدة للقيام بتلك الخطوة التي تقربها من محمود لا سيما وأن تصرفاته وأفعاله باتت تؤثر عليها .. ترجعها إلى مراهقة يسحرها حبيبها بغزله الرقيق .. بتصوره لأحلامهما وطموحاتهما معا .. هل تتخذ تلك الخطوة أم تنتظر!!!!

أخرجها من فورة مشاعرها ومتاهتها صوته الأجش:
-منذ أن كنا في الحفل وأنتِ تتصرفين بغرابة ..هل هناك ما يشغلك؟

أنت.. أنت من تشغل العقل و الفؤاد .. أرادت الصراخ بها علها تتخلص من تلك المشاعر التي تسوقها من الجليد إلى النار.. لأنها لا تعرف للكذب طريق فستخبره حتى دون أن تشعر .. فقالت برقة صادقة:
-لا ولكن قلبي مشغول بأولاد عمي ماهر.. لا يستحقون كل هذه التعاسة.

قلبها مشغول!! عليه بالطبع ومن سواه...ألم تكن تبكيه في حفل خطوبته .. تحكم في غضبه بصعوبة وهو يضغط على نفسه وصوته يخرج من بين أسنانه بهسهسة تشوبها الغضب:
-قلبك مشغول عليه إذن؟

قالت أبرار بحيرة:
-من هو!!

هل تتغابي عليه أم تحسبه غبي!!!

قال بغضب تحرر من قيوده وقد قبض على يدها ضاغطاً عليها و تأوه متألم يصدر عنها:
-و من سواه يكون.. عز الدين.. ابن عمك الحبيب.

تجاهلت إهانته لها وقالت بصدق و عيناها تلومه وهي تحاول الفكاك من قبضته المؤلمة:
-بالطبع سأقلق عليه .. أليس ابن عمي .. أرجوك محمود أترك يدي أنت تؤلمني.

تركها على الفور وهو يُعرض بوجهه عن مرأى عيناها المتألمة .. رباه خططه كلها تنساب من بين أصابعه كالسراب .. أين ذكاءه وفطنته!! أين انتقامه ممن قتلوا والدته وتسببوا بدمار عائلتهم ويتمهم .. شعر بها تتململ في مكانها بينما صوتها يصله باهتاً فاقداً لبريقه:
-عز الدين أصبح ملكاً لأخرى وقريباً سيتزوجها وأنت تعلم ذلك جيداً فلا داعي للتجريح .. شكرا لإيصالك لي.

كانت على مقربة من الترجل من سيارته إلا أنه لم يسيطر على أعصابه وهو يرى الحزن يسكن عينيها فأمسك بمرفقها برفق و هو يقول:
-أعتذر أبرار لكنني .. لكنني معذور عندما يتعلق الأمر بكِ.

لم تفهم إلى ما يلمح .. ماذا يقصد!!

استدارت إليه برأسها دون أن تلتفت بجسدها .. وهمست باستنكار:
-معذور! تهينني وتقول معذور .. حجتك واهية يا محمود .. إن لم ترغب بوجودي معك فقط كلمة واحدة منك وسأبتعد .. فلا داعي لهذه الاعتذارات.

-أغار.

احتبست أنفاسها في صدرها لا تجد الخلاص .. وعقلها لا يستوعب ما يلقيه عليها .. رفقاً بقلبي أرجوك .. أرجوك.

رباه كيف نطقها!! كيف صدرت عن.....عن ماذا؟ لسانك أم قلبك .. تباً الأمور تخرج عن سيطرته كلما حزنت أو لمسها شيء من الاكتئاب . هل سيصفح عنها وينسى انتقامه...لا ..لن يسمح بأي شيء يعرقل خطته وقد اقترب موعظ التنفيذ فلم يتبقى سوى خطوة واحدة وسيدمر كوثر .. فاستجمع نفسه وقال بهدوء:
-اعلم أنك مصدومة ولكنها الحقيقة .. أعلم أنك تخلصتِ من حب ذلك الرجل لكن عذري أنني أحبك .. نعم أنا أحبك يا أبرار .. وأرغب بتقديمك لوالدتي .. ما رأيك؟

مع كل كلمة كان ينطقها كانت تستدير إليه شيئاً فشيئاً حتى أصبحت بمواجهته .. لا تصدق .. يحبها .. محمود عاصم يحبها ويرغب بتقديمها إلى والدته.. هل تحلم أم أن الأحلام لم توجد لها .. هل ستضحك لها الدنيا حقاً .. إذا كان كذلك فهي لن تعطي سعادتها لأحد..

-أبرار ماذا هناك؟

قبضت يدها المعرّٓقة على تنورة فستانها الطويل ..ترتجف وخصلات شعرها تتطاير من حولها فتعطيها هالة ساحرة .. فقالت بتلعثم:
-هل .. هل ستقدمني لوالدتك حقاً؟

لم يستطع أن يكبت ضحكاته على شكلها الطفولي البديع في هذا اليوم الغريب.. فقال بعذوبة:
-نعم.. الأسبوع المقبل ما رأيك؟ ستكون والدتي موجودة في المدينة.

قالت بتفكير:
-امممم..موافقة لكنني سأخبر والديّ بالأمر.

-لااااا.

فزعت لنبرة صوته القوية .. إذا كان سيقدمها لوالدته فلما رفض إخبار والديها .. فكررت كلمته باستغراب:
-لا.

أراد أن ينهي هذا الحديث الذي لا طائل منه فقال بإقناع:
-ستتعرفين إلى أمي أولاً ثم نخبر والديك معاً.

أومأت برضا وقد اقتنعت .. لا تعلم أنها خسرت الفرصة الأخيرة للنجاة بنفسها وحياتها .. و عندما اقترب منها ينوى تقبيلها تراجعت عنه بخجل تهمس قبل أن تتركه وتصعد لبيتها هاربة كحال خفقات قلبها:
-ليس الآن .. اصبر.

كز محمود على أسنانه ينطلق بسيارته وهو يردد:
-سأصبر ..فلم يتبقى الكثير وستكونين لي رغماً عن أنفك .. وسنرى ما رأى والدتك بالأمر.

...............................................

اعتلت أبرار الدرجات الرخامية درجتين درجتين .. تتسابق للوصول إلى منزلهم .. ماذا تفعل .. هل تخبر والديها بهروب معتصم .. أم تتستر عليه .. لم تستطع التحدث إليه براحة أمام محمود خوفاً من تهديدات معتصم المستمرة ..تسلل إلي مسامعها صوت شهقات من خلف باب شقة عمها الموارب .. كانت تظن أن الحزن لا يطرق إلا بابها لكنه يطرق أبواب جميع الناس وربما الجيد قبل السيء لحكمة لا يعلمها الا الله...ستبدل ملابسها أولا ثم ستذهب إلى علا .. هي الآن وحدها وتحتاج إلى من يساندها .. ستضع خلافاتهم على جنب وستقوم بما يمليه عليها ضميرها وقلبها..
كانت والدتها تجلس على الفراش الأرضي في غرفة المعيشة شاردة على غير العادة .. كما أنها لم تبذل جهدا لإبدال ملابسها...فاقتربت منها و جلست بقربها تمسك بيديها الباردتين وهي تقول بحنان:
-أمي .. لما تجلسين هنا وحدك .. أين أبي؟

نظرت كوثر إلى ابنتها نظرة لم تفهما لأن براءتها أكبر من أن تفعل .. ماذا تخبرها... أنها نادمة . نادمة على أشياء كثيرة .. رؤية نهال اليوم وهي منهارة لابتعاد أولادها عنها أصابت وتراً حساساً فيها ولمست أمومتها التي لم تلقى لها بالاً يوماً...أبرار تلك الرقيقة البسيطة التي لطالما طمست شخصيتها حتى بدأت بالاضمحلال و معتصم الذي أفسده تدليلها وتفضيلها إياه على شقيقته...و نهال...حتى نهال لم تسلم من لسانها .. لسانها الذي نقل اخباراً كاذبة لماهر دون الشعور بالخزي والندم بعد انفصالهم .. وتلك المرأة...تلك المرأة التي تزورها كل ليلة في منامها وكأنها تحملها الذنب بموتها وابتعادها عن أحبائها...هل فكرت يوماً أن تضع نفسها مكان نهال.. أن يبتعد عنها الجميع وكأنها وباء منتشر .. لا .. لكن اليوم .. اليوم تغير كل شيء وكأنها أحست أنها ستفقد أحد أبنائها .. رباه أرجوك أن احتمل .. لن احتمل إن أصاب أحدهما مكروهاً .. عادت من شرودها على لمسات أبرار الحانية لوجهها .. فتبسمت لها وكأنها تبتسم لأول وهلة .. فقالت كوثر وهي تشدد على احتضان يد ابنتها قائلة باندفاع:
-لم يعد أبوك بعد.. ألم يكن معكِ .. من أوصلكِ في هذا الليل إن لم يكن هو..أجيبيني!!

أسرعت أبرار في تهدئتها قائلة:
-اهدئي أمي .. لا تخافي لقد أوصلني زوج علياء .. جسار الديب.

تململت كوثر في جلستها وكأنها لم تصدق ما تقول .. فقالت وهي تضيق عيناها:
-وما علاقتنا بجسار الديب ليوصلك ولا ننسى أنه عريس وسيكون مشغولاً بزوجته بدلاً من ابنة عمها.

توترت أبرار وثقتها بنفسها تتلاشى أمام تساؤلات والدتها التي لن تنتهي وهي أدرى بها .. كما أنها اليوم على غير عادتها .. ويبدوا أن المفاجآت لن تنتهي في حياتها خاصة اليوم .. فبدأت تحرك يديها يميناً وشمالاً تدعم نفسها و كأنها تشرح لتلاميذها:
-امم تعرفين ذلك الرجل قريب جسار اسمه محمود هو .. هو من أوصلهم فعرض علي جسار أن آتي معهم.. لأن والدته غادرت برفقة ابنتها و زوجها.

لم يعجب كوثر تصرف أبرار فقالت مؤنبة لها:
-حتى لو عرض عليك إيصالك ما كان ينبغي عليك أن توافقي .. ولا تقولي لي أن علياء معي هذا لا يعنيني هل فهمتي!!

أومأت أبرار ولا زالت غير مصدقة لما يجرى مع والدتها .. هل شربت شيئاً في الحفل وقد أثر على عقلها .. رباه تأدبي يا أبرار و أشكري ربك أنها تغيرت للأفضل...و المدهش أنها نطقت اسم علياء بدون ضغينة أو ازدراء.. تقدم مبهر والله..
نهضت على قدميها برشاقة بينما تنزع عنها حذائها و ذلك "الإكسسوار" التي تزين رقبتها ويديها به وتضعهم على طاولة الطعام بينما تخاطب والدتها:
-أمي ..هل تسمحي لي بالذهاب إلى شقة عمي ماهر .. تعرفين علا منهارة وبحاجة من يكن معها ويدعمها ويخفف عنها.

التفتت إلى والدتها وهي تضغط بأسنانها على شفتها السفلية بقلق .. وكما قالت سابقاً والدتها ليست بحالتها الطبيعية إذ أنها وافقت دون جدال.. أو حتى شتم..
أبدلت ملابسها لأخرى مريحة وعملية بينما تقطع المسافة بين الشقتين لتلتقي بأخ نغم فتنحت جانباً لتقول:
-كيف حالها هل هي بخير؟

رأت كيف انعكس الحزن على ملامح وجهه الجميل بينما يجيبها بهدوء يخفى خلفه الكثير:
-لا ليست بخير .. أرجوكِ اعتني بها لقد تركتها نائمة في فراشها و عمتي اسما بجانبها.

غادر نهاد المنزل مسرعاً تحت نظرات أبرار الحزينة .. لقد كان عاشقاً لابنة عمها ماهر حتى أن عينيه تكاد تنطق بهذا العشق..






قلبه مشغول عليها .. و عقله حائر بها...تركها منذ دقائق بسيطة آمنة بين ذراعي ابنة عمها أبرار و زوجة عمها شريف...ترتجف كالطفل الصغير ودموعها لا تتوقف عن الانهمار...ولسانها يلهث بذكر والدتها مرارا وتكرارا...بدت ضائعة...كمن فقد والديه وضل السبيل...تمنى لو كانت زوجته...في بيته وبين أحضانه...يواسيها ويدللها...يمنحها الأمان والاستقرار الذي تفتقده في حياتها...

من كان ليظن أن حفل الزفاف سينقلب إلى ساحة معركة...كانت الأجواء صاخبة... صوت الموسيقي الذي يتراقص عليها بعض الثنائيات العاشقة...و أحاديث الناس التي لا تنتهي...خفتت الأصوات و خيم الهدوء و أطبق الصمت على المكان...لحظة وتسلطت عيون الحضور إلى الخلف حيث تنظر العروس وكأنها تعرضت لصدمة موحشة .. استدار و عرفها...فعُلا لا تنفك عن التحدث عنها...عن وصفها بأنها أفضل أم في هذا العالم .. للحظة لم يكن يصدق أنها تتحدث عن والدتها التي هجرتها وهي طفلة...لكن النظرة التي رآها في عينيها لما جرى من نزاعات و صراخ بين والديها...أثبتت له أنها أحبت كلاهما بقوة جعلتها قادرة على الغفران ومسامحة والدتها...نظرات أوجعت قلبه عليها و أحرقت مآقيه..

طفلة.. لم تكبر كما ينبغي بين أحضان عائلة طبيعية.. في أجواء دافئة وآمنة.. أبسط الحقوق لم تحصل عليها..

خروجها من الحفل بذلك المنظر قطع نياط قلبه وجعله متخبط يجهل كيفية التصرف كما لو كان يتعلم أبجديات الحياة .. كلمات ماهر فخري رنت في أذنيه ليلحق بها كالملسوع..

متوجهاً إلى السلم اللولبي في أمل ليحصل على قسط من الراحة...هذا إذا استطاع النوم .. أوقفه صوت غريب عن إكمال صعوده.. من سيكون مستيقظ في وقت متأخر كهذا...عاد أدراجه يبحث عن مكمن الصوت..

كان المطبخ في الجانب الأيمن من المنزل...قرب غرفة الضيافة الكبيرة .. عاد الصوت مرة أخرى .. أمسك بمضرب البيسبول الخاص بإلياس وفكرة وجود سارق تداعب خياله... رأى خيال صغير يخرج من المطبخ فرفع المضرب وتأهبت حواسه للأمر...مستعداً للانقضاض عليه... وفجأة توقفت يده في الهواء وصرخة تخترق سمعه..

-نغم!

مندهشاً لاستيقاظها وهي تضع كفها على فمها تتنفس بصعوبة لشدة خوفها .. فتقول بصوت متهدج:

-نهاد ..سامحك الله .. يا أخي.

وضع المضرب من يده بجانب الحائط ثم قال وهو يحتضن يدها مقبلاً إياها بحنان:
-أسف صغيرتي .. لم أكن أتوقع أن اجدك متنبهة .. ماذا تعدين في هذا الوقت.

ابتسمت بحنان وهي تنظر لباب غرفة الضيوف بعيون علقت بها بقايا دموع قلبها فتقول بغصة خانقة:
-اعددت طبق حساء الخضار لعز الدين فهو لم يضع شيئاً في فمه منذ ساعات..آآنا خائفة عليه يا نهاد.

أمسك وجهها بيد والأخرى تمسح دمعتها التي ذرفتها على استحياء منها وهو يقول:
-حبيبتي اهدئي .. سيكون بخير .. لكن هناك الكثير من الغرف الشاغرة في المنزل لما يجلس في غرفة الضيوف؟

ابتعدت عنه تمسح وجنتيها بعيداً عن عيناه .. تهمس بتبرير:
-هو قبل المجيء هنا غصبا ولم أرد الإلحاح عليه أكثر فيكفيه ما هو فيه.

اقترب نهاد مقبلاً جبينها قائلاً بهدوء:
-خير ما فعلتِ .. لن أعطلك أكثر .. اذهبِ وكوني قربه هو بحاجتك الآن وأنا سأكون في غرفتي .. لا تترددي في طرق الباب إذا أردتِ شيئاً.

أومأت برأسها مرات متتالية وهو يعطيها ظهره ثم استدار إليها بوجهه قائلاً:
-هل أنتِ بخير صغيرتي؟

خرج صوتها خافتاً ببحة مؤلمة:
-نعم .. لا تقلق.

ثم استطردت بتساؤل:
-كيف حال الجميع؟

تنهد بيأس وهو يقول:
-تركتهم على ما هم عليه.. يتنازعون فيما بينهم وعمي شريف يحاول ردع محاولاته الهجومية.

ثم استكمل طريقه في الصعود إلى الأعلى تاركاً إياها في دوامة مظلمة...تدور وتدور و تدور فلا سبيل للنجاة منها والخروج إلى حيث .. الحياة..

فتحت الباب برفق ثم سارت إلى الداخل بعد أن أغلقته بإحكام ...وضعت طبق الحساء على الطاولة الكبيرة التي تتوسط الغرفة.. كان نائماً على الأريكة الكبيرة ورأسه مستندا إلى ذراعها بطريقة بدت مؤلمة له .. وجهه شاحب مائل للاصفرار .. أنفاسه التي يلفظها كانت وكأنها تصارع عاصفة حرارية حارقة .. كان يهذي بكلمات متقطعة من بين شفتيه الجافتين .. تركت ما بيدها وذهبت إليه .. تجلس بجانبه وتسارع بوضع كفها على جبينه تمسح عنه حبيبات العرق التي تجمعت لمواساته .. تجمعت تلك الدموع السخيفة بعينيها التي لا تنفك عن النزف كلما حدث معها أمر جلل.. تستطيع الشعور بحرارته المشتعلة المنبعثة من خلال جسده الدافئ .. وفجأة شق ذلك السكون صرخة عز الدين القوية التي كانت كفيلة بإطاحتها عن أرضها..
استند بجذعه إلى ظهر الأريكة يمسح بيده على جبهته بلا وعي ..يبتلع ريقه وكأنه يسارع للنجاة من موت محتم عليه.. وكأن شوكة صغيرة قد علقت بحلقه فلا هي تركته ولا هو استطاع الخلاص منها.. في حين كانت نغم تصب جزء من الماء في الكوب بيديها المرتجفتين و الجزء الآخر كان نصيبه السجادة الفاخرة بعد أن نهضت من جانبه كالملسوعة .. لا تمتلك القدرة الكافية على الالتفات إليه ورؤيته ..بحالته تلك التي يتقطع قلبها عليه .. ترى هل اختلطت دموعها بالماء أم أن الدموع أغشت عيناها فباتت الرؤية غير واضحة لها .. كم من مرة حاولت مسحها لكن دون جدوى ..تعاود الظهور من جديد وكأنها ينبوع مخلد .. نحت دموعها جانباً وتنشقت القليل من الهواء مما يتيح لها الهدوء .. استدارت إليه بعزيمة قوية ..
و تهاوت بجانبه أقرب إليه من أنفاسه .. ولو كان بيدها لمنحته روحها وسعادتها فلا يشقى أبدا...وضعت الجزء المتبقي من الماء بيدها ورشقت به وجهه الذي كان دافئاً من نومه..


كان يهمس بكلمات متقطعة لكنها على الأقل فهمت كلمة واحدة...كلمة واحدة كانت كفيلة بإطاحتها عن أرضها...كان ينادى والدته...كان يهمس باسمها...بحاجته إليها...والدته .. رباه ما عادت قادرة على هذا الحمل الثقيل فكيف به هو ..ماذا تفعل .. وماذا بيدها أن تفعل..
كان مازال غير واعٍ لما حوله حتى شل حركتها حين نطق باسمها هي .. يرجوها الوصال.. يرجوها أن تخفف عنه..
-نغم.. خذيني إلى أحضانك .. ضميني إليك ..أرجوكِ.

أمسكت بياقة قميصه المتعرق برائحته التي أدمنتها .. تسحبه إلى أحضانها سحباً .. تضمه بروحها وقلبها يعلن استجابته إليه بنبضاته الهادرة .. تقبل خصلات شعره الغزيرة بتملك تعلمته منه ،و دموعها انسكبت على صفيحة وجهها النقية .. حتى أنها وجدت نفسها تقبله عدة قبلات في أماكن متفرقة في وجهه .. بينما يتمسك بها كالغريق الذي يتمسك بقشة تنقذه.. بعد لحظات كانت أنفاسه قد انتظمت أخيراً .. وانزلق رأسه إلى حجرها يسأله الراحة .. ويدها تجد نفسها بين خصلات شعره تلاعبها بيأس ورأسها يميل إلى ظهر الأريكة . تغمض عيناها بإرهاق و دمعتها تسقط على وجهه وكأنها...وكأنها تخبره أنها معه وله..








ما إن أغلق باب غرفة النوم عليهما حتى استدارت إليه بجسدها وفستان زفافها يتطاير معها بفوضوية تماثل شعرها القصير المشعث بفعل أصابعها العصبية .. حتى رأته يجلس على إحدى الكراسي القريبة من الشباك...فاحمر وجهها غضباً وقالت بنبرة حادة:
-كيف تجرؤ!! كيف تجرؤ وتقوم بدعوتها رغماً عن إرادتي!!

قال جسار بهدوء مثير للأعصاب بينما يتأمل ملامح وجهها الصبوح:
-اهدئي علياء فالليلة هي ليلة العمر لي ولكِ.

وجهت نظراتها إليه وقالت بغضب خانق:
-أي ليلة تلك التي تتحدث عنها.. انتهي الحفل في بدايته و تسببت في انهيار عائلتي .. لما فعلت ذلك لما!!

نهض جسار من مكانه و بعينان غاضبتان قال:
-الانهيار كان سيحدث سواء أكان الآن أو فيما بعد لكنه سيحدث .. لا تنكري أن جزء من داخلك أحب وجودها وأراده في يوم كهذا .. تتمنى الفتيات وجود أمهاتهم بقربهم لكن ماذا عن اللواتي لا يمتلكن أماً .. أنتِ في نعمة تحسدين عليها فأشكري الله عليها.

تراجعت خطوتين إلى الوراء تنزع عنها طرحتها بازدراء تلقيها أرضاً وذلك التاج الملكي كان نصيبه الأرض .. لتعود بنظرها إليه تقول بكره صارخ:
-أنا أكرهها .. لالا أريدها.. وتلك النعمة أنا أمنحها لغيري لا أريدها .. لما لا تفهم.

راقب صدرها الذي يعلوا وينخفض باضطراب .. فهتف بها وعيناه تشتدان بالسواد:
-لا تجعلي قلبك يقسوا يا صغيرتي لأنه سيظلم .. ضعي نفسك محلها ماذا ستفعلين .. لا تجعلي أوهامك تعميك عن حقيقة أنها والدتك وستبقى كذلك إن شئت أم أبيت .. كان يجب عليكم أن تواجهوا مشاكلكم لا أن تهربوا منها فهذا ليس حلاً .. فكري بعائلتك أولا ً ثم بنفسك .. فكرى بسعادة أختك حين تعود علاقتها بوالدتك كيف ستكون .. أخيك عز الدين يحتاجها أيضاً.

وأنا.. أين أنا من كل هذا .. لا تنكر أنها افتقدت وجودها في هذا اليوم .. رغم أن الزفاف انقلب رأساً على عقب إلا أنها لا تنكر سعادتها لوجودها ..لكن قلبها كان مع والدها وأخواها .. ماذا حدث معهم..

صمت وهو يراقب ردة فعلها بهدوئه المعتاد.. عيناها حمراوين من شدة انفعالها فلا تسيطر على اهتزازهما .. كتفاها مرتخيان باستسلام أثار شيئاً في داخله .. ووجهها و أنفاسها اللاهثة من الغضب ..

تألم قلبه لأجلها .. تبدوا كالضائعة .. تقدم منها مستغلاً بعدها عنه ذهنياً على الأقل .. واحتوى وجهها بيديه يهمس بنبرة حانية:
-لا تُحملي نفسك فوق طاقتك صغيرتي.

طبع على صدغها قبلة صغيرة ثم تابع طريقه إلى عيناها .. أنفها الصغير المرتفع بإباء .. شفتيها المحمرتين من كثرة ما قضمتهما .. فأخلي سبيلهما مستبدلاً أسنانها بشفتيه .. كانت ترتعش .. تنتفض تحت لمساته الرقيقة .. ابتعدت عنه بسرعة و صوتها يقول بتشتت:
-لا أريد .. لا أريد.

لم يفهم ما هو الذي لا تريده .. قربه أم هو بنفسه ..لكنه لم يستسلم وأدار جسدها الرقيق إليه .. ثم رفعها إلى طاولة الزينة .. يراقب تنفسها الغير منتظم .. وذلك الاحمرار اللذيذ الذي يذكره بالصغيرة لمى ..يعلم أنها مشتتة لكنه يريد أن يمنحها ذلك الأمان الذي تحتاجه وتطلبه بعينها .. لكن كلما اقترب تبتعد هي .. قرب شفتيه من عنقها .. يطبع قبلاته الحارة هناك .. وبأصابع مرتعشة دافئة كان يحاول إزالة عقد اللؤلؤ الذي أهداها إياه .. ثم شدد من احتضانها يخشى أن تهرب من بين يديه .. ليحملها برقة تحت شهقاتها المعترضة .. يمددها على غطاء السرير الحريري .. يكمل ما بدأ به .. كان يحاول أن يمتص اعتراضاتها وخوفها برقته الغير معهودة .. لكن كل ما فعله ذهب أدراج الرياح .. حين أطلقت صرخة اهتزت لها جدران المنزل .. وعينيه تتوسعان بصدمة كبيرة

...............................
.............
انتهى
قراءة ممتعة
الفصل كبير منتظرة آرائكم وانتقاداتكم بما أن هذا الفصل حد فاصل لما ستكون عليه الأحداث بعد ذلك



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 03-07-18 الساعة 11:45 PM
jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 11:15 PM   #338

هيا المنسية

? العضوٌ??? » 313763
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,707
?  نُقآطِيْ » هيا المنسية is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

هيا المنسية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 11:23 PM   #339

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 11 والزوار 5)
‏Jasmine, ‏Khawla s, ‏shadow fax, ‏هيا المنسية, ‏أسـتـر, ‏Cielo celeste, ‏حوار مع النفس, ‏رباب بدر, ‏باسم محمد ابراهيم, ‏ندى المطر, ‏الميزان

نورتوني بتواجدكم..بانتظار آرائكم وانتقاداتكم
قراءة ممتعة


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 31-03-18, 11:26 PM   #340

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا المنسية مشاهدة المشاركة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
ممنونة لتواجدك حبيبتي.. بانتظار رأيك في الفصل بإذن الله


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
jasmine

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:18 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.