آخر 10 مشاركات
فضيحة فتاة المجتمع الراقي (83) لـ:مورين شايلد (الجزء1 من سلسلة فضائح بارك أفينو)كاملة (الكاتـب : * فوفو * - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          لنجعل اليوم يوم الاعتراف .....؟ (الكاتـب : ميكاسا أكرمان - )           »          لوحة ليست للبيع -ج2 من أهلاً بك في جحيمي- للكاتبة الآخاذة: عبير قائد (بيرو) *مكتملة* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          الطريق المسدود -روبرتا لي -عبير جديدة - عدد ممتاز (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          227- لعنة المال - ريبيكا ونترز (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          رواية: ثورة مواجِع من عُمق الورِيد (الكاتـب : القَصورهہ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أحب أن أعرف كيف وجدتم مستوى الرواية من حيث الحبكة و السرد والأسلوب؟
ممتاز 268 72.63%
جيد 88 23.85%
ضعيف 13 3.52%
المصوتون: 369. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-06-18, 09:05 AM   #671

زهور ساكورا

? العضوٌ??? » 90473
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,077
?  نُقآطِيْ » زهور ساكورا is on a distinguished road
افتراضي


شكراا ويعطيك العافيه

زهور ساكورا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 11:54 AM   #672

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

كل عام وانتم بخير
عيد سعيد
تسجيل حضور
بإنتظار الفصل
💖💜💖💜💖💜


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 12:20 PM   #673

tok
 
الصورة الرمزية tok

? العضوٌ??? » 270912
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » tok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond reputetok has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

tok غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 11:15 PM   #674

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

الفصل الخامس عشر ج2





جالسة بسكون فوق سريرها .. تحتضن ساقيها قريبا من صدرها .. أهدابها ترفرف لأجل لا شيء .. لمعة عيناها انطفأت واستحالت إلى عيون خاوية .. تنظران نحو ضوء الشمس الآتي من الشق الصغيرة المفتوح من الشباك .. ترتدي منامة واسعة باللون العاجي تعكس شحوبها و ضعف هامتها .. شعرها مشعث لم يمسّه مشط منذ يومين .. فاقدة للشعور بمن حولها .. لقد كسرها .. كسرها و كسر قلبها بفعلته .. لقد وثقت به و أحبته .. رفعت اناملها تدقق النظر إلى اظافرها التي مازالت غير مقلمة مختومة بكسر لا ينسى .. بهما حاربته .. غرزتهما في صدره العاري مرارا وتكرارا لكن لم ينفع معه .. والعجيب أنه لم يتألم والدم ينساب على جسده مشكلا خطوطا رفيعة .. لكن كلماتها أثرت وأبعدته ..

"أريدك أن تكوني على ثقة من أنني أحبك .. أحبك جداً جداً و إذا حدث منى سوء فسامحيني ..."

هل هي قادرة حقا على الغفران .. قلبها الذي ذاق المرّ مرار هل سينسى بسهولة .. لا لن تستطيع ..

نحت ببصرها نحو هاتفها الذي لا يغفل عنها أبدا بكثرة رنينه ورسائله .. والتي تتجاهلها باستمرار .. هي حتى لم تقرأ رسالة واحدة .. لا تهتم إن كانت منه أم من غيره .. لا تهتم .. لقد فقدت الاهتمام بمن حولها كمن فقدوا الاهتمام بها سابقا .. لا تعلم هل هي تنتقم منهم أم من روحها المعلقة بهم غصبا عنها .. فدوما كانت تتعرض للأذى ممن هم الأقرب لها ... ممن احبتهم بصدق وهم نبذوها ..

طرقات والدتها المستمرة على الباب دون ملل تحيرها .. هل تهتم والدتها بها حقا أم أنها مجرد شفقة .. شفقة أم على ابنتها وأي أم هي ..

"هل تتخيل ! أمي كانت عروس لم تفرح بعد بزواجها .. لتجد زوجها مع إمرأة غيرها .. إمرأة تمتلك ما لم تمتلكه أمي يا جسار هل تفهم ! هل تعرف ما هو شعورها ؟ اللعنة لقد كانت والدتها .. كان هذا قبل أن تتزوج و تنجب .. علقته بحبال غرامها على حساب أمي وسعادتها ..."

كانت والدتها .. عشيقة والده كانت والدتها .. والدتها التي مهما بلغت قساوتها كانت تحبها .. الآن لا تعرف ما هو شعورها نحوها صدقا هل هذه أم .. مشاعرها تغيرت تماما .. باتت لا تعرف من يحبها ويهتم لأمرها بصدق .. ببساطة هي فقدت ثقتها بالجميع دون استثناء ..

اشتاقت .. اشتاقت فقط لطالباتها الصغيرات .. لقد أتوا لزيارتها بالأمس وكم شعرت بالارتياح لقربهم .. فهي تجد نفسها فيهم .. في أحلامهم التي شاركوها إياها .. هل ستعود يوما للتدريس ؟ بل هل ستعود يوما لأبرار ؟ إلى ذاتها !!

شقّ الصمت الكئيب الغرفة بينما يبدوا أن والدتها قررت الانسحاب بعيدا حيث لم تجد ردا على طرقاتها .. أخفضت رأسها بألم وغصة قوية تنتزع روحها وجسدها بدأ ينتفض من شدة موجة البكاء التي اجتاحتها فجأة .. لما لا أحد يحبها !! لما لا أحد يتقبلها كما هي !! هل العيب فيها أم فيهم ؟؟

هزت رأسها بعجز وقد أدركت أخيراً أن الذكريات ربما ملّت وأشفقت على روحها الملتاعة البائسة فولّت وتركتها ..

طرقات لحوحة عادت تطرق على الباب ولكنها لم تعرها أدنى اهتمام .. حتى هتف الطارق بصوت قوي قلق كانت قد اشتاقت إليه كثيراً:
-أبرار حبيبتي .. هذا أنا معتصم افتحِ لي.

تجمدت لتوان ثم هبّت من فراشها كما هبّت روحها لملاقاته .. فتحت الباب وتأملته بعينين مشتاقتين كانت تحن إليهما في غيابه رغم علاقتهما الغير وطيدة إلا أنه يظل وسيظل سندها و حاميها بعد والدها ..
تاليا كانت تتسارع معه لاحتضانه و هو يقبل جبينها باشتياق قائلا:
-اشتقت إليكِ أيتها الشقية أتصدقي ذلك؟

أومأت وهي تبعد الدموع عن طارف عيناها متمتمه بصوت مبحوح:
-نعم أصدق لأنني أنا أيضا اشتقت إليك حبيبي.

تلوى معتصم من السعادة وقال وهو يقودها إلى الداخل مغلقا الباب .. و دون مقدمات سألها بقلق:
-أمي قلقة عليكِ لما لم تفتحي الباب ؟ هل ما زال ذلك الحادث يؤلمك؟

كتمت الغصة المؤلمة داخل حلقها وهمست بصوت بدا له ضعيفا متألما:
-لا .. لا يؤلمني لكن آثاره ما زالت تأثيرها كأثر السياط على جسدي.

تألم معتصم وشعر بالذنب لأنه سببا غير مباشر لمعانتها .. والأن هو مضطر لتركها مرة أخرى ولكن هذه المرة رغما عنه .. شتم نفسه بقسوة ثم بلل شفتيه وقال:
-أنا سأسافر يا أبرار.

و لدهشته لم تثور كما توقع فقبل سنوات حين سافر وكانت صغيرة بكت كثيرا وتعذب والديه لإقناعها أنه سيعود بعد أيام ولن يطول ابتعاده .. يبدوا أنها الآن كبرت وتقبلت خبر سفره ببرود .. لكنّ توقعاته خابت حين همست بعينين لامعتين:
-هل هذه المفاجأة التي كنت تحضرها لنا !

قال بشرود:
-نعم .. فالعديد من الأشخاص سيرتاحون لابتعادي ..

ثم أردف بتذكر:
-كما أن هناك أمور تركتها عالقة قبل مجيئي إلى هنا وتحتاجني.

ابتلعت أبرار ريقها وهي تتململ فوق الكرسي الخشبي:
-لكنّ عمي ماهر لن يوافق .. أنت من الأساس كيف استطعت المجيء إلى هنا دون أن يقبض عليك أحدهم.

مسح وجهه بكفيه الخشنين وضحك باستهزاء وقال:
-عمكِ سيكون أول المؤيدين لسفري ثم أن السبب الرئيسي الذي سجنني عليه .. انتهى !!

كانت تعلم أنه يقصد بذلك زواج علياء .. لكن هل حقا تعافى من آلام ذلك الحب المستحيل .. هل هي ستتعافى هي الأخرى !؟

هتفت فجأة بما جعله يجحظ عينيه مستنكرا طلبها:
-وأنا أريد أن أكون معك.







عندما كانت نغم قد نامت وغرقت بين ملاءات السرير الناعمة .. عندما سمح لنفسه بتركها بعدما كان محتضنا إياها لوقت طويل .. بعدما أنهكته دموعها وقد ظن للحظة أنه تهور وآذاها إلا أن بكائها كان ناجما عن اشتياقها لعائلتها .. عندما انتهى كل شيء .. كان هناك شيء وحيد تركته عالقا في ذهنه .. كالوشم في الروح لا يذهب أثره إلا بطلوع تلك الروح .. ذلك الاعتراف الذي ظل يتردد صداه داخله ..

"أنا أحبك"

وهو فتح فاه عاجزا عن الرد .. فلم يقل أي شيء وهو يراها تغلق عيناها بنعاس بينما تتوغل بين ضلوع صدره .. اليوم مر بسلام وغيره مر لكن ماذا عن الغد !!
هي حتما ستطلب منه الإجابة .. ولكن هل يستطيع أن يجيب كما تريد هي .. هو يستطيع منحها كل شيء .. أن يكون لها الزوج والأخ والأب لها ولأطفالهم .. لن يحرمها من أي شيء ترغبه لكن ليس الحب أبدا .. الحب دوما تعلق بمصلحة لديه .. إحساس روتيني إلزامي يشعر به تجاه عائلته وسرعان ما سيختفى باختفاء الأشخاص .. كان قد أخطأ من قبل وترك لنفسه أن يتعلق بها لكن الحب .. الحب مسألة مختلفة معقدة لن يسمح لنفسه بأن يكون ضمن حدودها ..


عندما استيقظت نغم لاحقا لاحظت أن الدفء بجانبها قد اختف وحل محله البرود .. ثم كانت آثار الليلة الماضية واضحة جدا أمامها .. كما هي عليها .. تثاءبت بإرهاق و مسدت بيديها خصلات شعرها المشعثة من عبث أصابع عز الدين .. وتحسست شفتيها المنتفختين من هجومه الضاري عليهما .. لم تكن تتوقع في حياتها أن تتزوج من رجل كعز الدين .. شغوف وحنون ومُراع أكثر مما ينبغي و متطلب جداً جداً في عاطفته .. تلون خديها بحمرة قانية لذكرى تلك العاطفة بالأمس .. ثم تمطت بكسل و نهضت عن السرير شاعرة بألم طفيف في أنحاء جسدها .. رفعت شعرها الطويل في كعكة مشعثه ثم وضعت على قميص نومها القصير مئزرا طويلا ..
وعندما شارفت على الخروج من غرفة النوم اصطدمت عيناها بصدر عز الدين وهو يدخل الغرفة حاملا صينية الإفطار .. قال بكسل:
-أنتِ مستيقظة أخيراً!

ثم قال يشاكسها بينما يستقر فوق السرير بالصينية:
-تبدين مشرقة وحلوة.

توردت وهي تبتسم له بخجل ثم قالت بدلال:
-هل حضّرت لنا الفطور؟

تأملها من رأسها حتى أخمص قدميها بنظرات أحرقتها وبيده الحرة أشار لها بالاقتراب بإغراء أكثر .. فأكثر .. فأكثر ..
-ألا يعجبك أن يحضّر لك زوجك الفطور .. اعلمِ أنّ من ينلن هذا الشرف قليلات.

همهمت له ثم قالت وهي تلوى شفتيها بحنق حين أصبحت أقرب له:
-أعلم .. لكنني لم أحب فكرة الاستيقاظ وأنت لست بجانبي.

اشتعل كيانه لكلماتها العفوية فاستغل تشتتها و جذبها إلى أحضانه ثم أجلسها على حجره كاتما صيحاتها بقبلة صغيرة .. افترق عنها بعد لحظة وهو يتحسس العرق النابض بعنقها بحساسية مثيرا الفوضى داخلها:
-أصبحتِ كثيرة الكلام مؤخرا .. و حسنا يتوجب عليك الاعتياد على الاستيقاظ من دوني فإجازتي ستنتهي بعد ثلاثة أيام وسيبدأ العمل ثم ألن تقولِ لزوجك صباح الخير؟

توترت من نظراته و "زوجك" تحتل أنوثتها الوليدة على يديه فتبدوا كالمفرقعات النارية بألوانها المبهرجة .. همست بحياء وهي تبتعد عن حرارة جسده قدر الإمكان:
-صباح الخير.

ثم هتفت بارتباك حين شعرت بيده تتحسس كتفها بتملك:
-لمن كل هذا الطعام؟!

أجابها رافعا حاجبيه باستغراب:
-لنا.

فقالت بتردد:
-ولكن هذا .. إنه كثير علينا.

فقال عز الدين وهو يطالعها بوقاحة:
-ولكنني أحتاج إلى إطعامك وتغذيتك جيداً لتعويض النقص ......

وتلكأ قليلا عند كلماته الاخيرة مستمتعا بتلك الطريقة التي تحمر بها من ألفاظه التي باتت تفهمها جيدا .. وكما كانت تحمر منذ ثوان كانت الآن شاردة عنه .. عيناها الصغيرتين كانتا بركتين من السعادة المختلطة بالشوق والحنين وشيء من اللهفة إلى .. إلى ماذا بالضبط !؟

أرجع إلى مكانه واستدار إليها بجسده يواجها بفم مزموم قائلاً بضيق:
-هل اشتقتِ إليهم؟

أومأت بصمت ليتنهد متمتما بحنان رغما عن العقدة التي تكلل جبهته:
-ولكن والدتك ستأتي بعد الظهر .. لما كل هذا الحزن !!

قالت باختناق واضح:
-آنا .. آنا لم أعتد الابتعاد عنهم لوقت طويل.

ابتسم بهدوء غريب ثم قربها منه يلثم جبينها بحب .. لا يريد للحزن أن يعرف لها طريقا أبدا لأنه لن يحتمل وقتها .. لأنها و يا للسخرية تبدو على النقيض منه بشكل تام ... تبهره عندما تعامله كمثل أعلى وهو لا يستحق ... عندما تحترمه وتمنحه ولاء لا مثيل له ... عندما تضحك بعفوية فتلمع عيناها كنجمتين متلألئتين في دُجي الليل .. منحته روحها وقلبها وجسدها البارحة وهو حسنا لم يمنحها سوى بضعة أشياء رخيصة لكنها في عينيها الجميلتين كبيرة وثمينة ... رغم أن تصرفاتها نضجت على ما كانت عليه سابقا إلا أنها ستبقى في نظره تلك الطفلة التي منحته سعادة لا تقدر بثمن حين أحبته واحتملت نرجسيته اللامحدودة ..

همست بنعومة تقاطع شروده:
-هل صليت الفجر؟

شكّت لدقيقة أنه لم يسمعها جيدا إلا أن اهتزاز بدنه وارتفاع وتيرة أنفاسه من أسفل صدغها منحها الإجابة .. بدا وكأنها أجفلته بسؤالها البريء .. ألم يقل أنها نقيضه !! ويخشى أن يلوثها بدناءته التي يعرف أنها لم تتركه أو ... أنه هو من لم يتركها وكأنه يبيح لنفسها أن يلعب بذيله من وراءها إن لم يعجبه الأمر لكن و يا لحظه ابن ماهر ... كان غارقا في بحر حوريته وإن لم يشأ البوح بأسراره ... وكأن ماهر استطاع اللعب بذكاء منذ البداية فأقحمها في حياته مدركا ما ستتسبب به من فوضي في حياة ابنه فيما بعد ..

الصلاة !!

و هل صلى عز الدين !!

نعم عدة مرات تكاد تُعد على الأصابع .. وبالأمس مع حوريته .. هل تعلم حوريته أنه لم يكن حافظا للدعاء وأنه كان من الممكن أن يشعر بالخزي لأنه يجهله وليس أنه لا يحفظه والفرق بينهما كبير .. لولا أن أخيها نهاد أرسله له برسالة على حسابه بالماسنجر بطريقة فكاهية ليذكره أن اليوم الموعود اقترب .. ودقق هو فيه على غير العادة لما استطاع إخراج نفسه من إحراج كان سيحطم كبرياءه اللعين ...

قال أخيرا بجمود:
-لا .. سنصليه معا بعد أن نتناول الفطور.

رفعت رأسها عن صدره وشقت الابتسامة الظافرة وجهها .. ثم صفقت بكفيها الاثنتين بفرح وتناولت قطعة من الكرواسون تقضمها ببطء معذب مصدرة أصواتا مستمتعة بنكهة الشوكولاتة التي تعشق .. لكنها لاحظت أن عز الدين لم يحرك ساكنا فنظرت إليه باستفهام وهي تلعق أصابعها الواحد تلو الآخر ببراءة فتربكها نظرة عينيه العميقتين و التي تحولت فيما بعد إلى الشقاوة وهو يضع يده على يدها الممسكة بقطعة الكرواسون ويقربها من فمه وعينيه تطالعان ألوان قوس القزح التي على وجهها بعبث بينما يقضم قضمه كبيرة يمضغها بتأني قائلا باستمتاع جم:
-قرار وسينفذ سيكون هذا الكرواسون إفطارا يوميا لنا وربما نجرب أطعمة أخرى منه .. ما رأيك؟؟

كان الرد الوحيد على سؤاله هو ضحكة مغرية مغردة صدحت عاليا توافقه الرأي بغمزة شقية من عينها اليسرى أصابته في قلبه وأردته قاتلا لفتنتها بينما تعود لتكمل استمتاعها بقطعتها وهو يهمس لنفسه بأسى" أستغفر الله العظيم .. أنت من جلبت هذا لنفسك يا دكتور .." ...






مساءً ..

دخل إلياس غرفة جهاد على حين غرة كعادته ولم يطرق الباب .. و فوجئ بأخيه جالسا فوق أريكته الأثير معطيا إياه ظهره بينما وجهه معلق بشاشة العرض الصغيرة والتي استقرت فوق طاولة مكتبه بجانب الجدار المواجه للباب .. قطب باستغراب لكونه لم يوجه له إحدى كلماته الشهيرة موبخا إياه على عاداته السيئة .. " كم مرة قلت لك لا تدخل غرفتي كالجحش .. أتساءل أحيانا لما قاموا بصناعة الأبواب !! "

فيرد عليه وهو يراقص حاجبيه باستفزاز:
"أنت قلتها الأبواب صُنعت للبني آدميّين وليس للجِحْشان"

فيُقلب جهاد كفيه وهو يحوقل متمتما بيأس:
"ألن تتغير أبدا يا جحشي !"

فتتعالى ضحكات الآخر باستمتاع وكأنه حصل على مراده من استفزاز أخيه ...

اقترب من أخيه حتى أصبح واقفا قربه .. واتجه بصره إلى حيث ينظر أخاه .. كان جهاد يشاهد الشريط الخاص بزفاف نهاد و نغم .. متجاهلا كيف حصل عليه فربما أشتاق إلى الصغيرة نغم فالبيت من دونها ليس له طعم ولا لون .. و رغما عنه كان يتابع رقصة عز الدين مع أخته الصغيرة .. لم تكن قطعا صغيره .. بل أقرب إلى مراهقة صغيرة بسلاسل شقراء ساحرة تُغطي ظهرها بأكمله .. وجهها طفولي إلا أنه ناضج و ملامحها فاتنة تسلب القلوب .. بفستان زهري يكاد ينطق ولها بها .. عيناها زرقاوان تنضحان براءة ومكرا محببا .. حقا اسم على مسمّى "براءة" .. يحق لعز الدين أن يدللها ويراقصها كما تحب .. فهي قد خُلقت للدلال ..

فقال بعفوية وهو يشير إليها ببنانه لجهاد:
-تبدوا هذه الفتاة .......

قاطعه جهاد متنهدا بأنفاس خرجت من أعماق قلبه حارة مثقلة بالهموم:
-فاتنة!

وافقه إلياس بطأطأة من رأسه وهو يتخذ بجانب جهاد مكانا للجلوس حيث تتسع الأريكة لشخصين فقط .. انتبه إلى جدية ملامح جهاد فرفع حاجبا وهو يميل برأسه فينظر إليه من أسفل قائلا بدهشة:
-ما بك اليوم !! وجهك لا يتفسّر لي.

للحظة ظنّ إلياس أنها ساعة جهاد الخاصة حيث يمتنع عن الكلام والتحدث لأى أحد كان فأعتقد أنه لن يجيب ورغم امتعاضه من تلك العادة إلا أنه يحترمها .. فهمّ بالنهوض إلا أن اعترضته كلمة جهاد الغامضة .. والتي أطلقها كالسهام الحارقة ..

-سأسافر.

سقط فك إلياس صائحا بصدمة:
-هاااا !؟

أغلق جهاد الشاشة بزفرة ضائقة و رمى بجهاز التحكم بعيدا .. ثم نهض ليرتمي فوق سريره .. فزادت دهشة إلياس فبدأ يستغفر ربه بصوت مسموع وبعدها كان يقول:
-ولما هذا القرار المفاجئ !! لما الآن !!

قال جهاد بيأس أحس به إلياس يقفز بين كلماته:
-لأنني أدركت أشياء فريدة لم تكن موجودة سابقا في حياتي وعليّ الحفاظ عليها.

هتف إلياس به وقد ضاق به ذرعا من غموض معانيه وهو الذي يفهمه أكثر من غيره لتقارب عمرهما:
-تحافظ عليها بالابتعاد عنها !! بحق الله أنا لا أفهمك.

غطّى جهاد عينيه بمرفقه وقال بإنهاك:
-ليس عليك الفهم .. أرغب بالبقاء وحدى أخبرهم أنني متعب ولا أرغب بتناول الطعام.

ضيق إلياس عينيه بتفكير .. يحلل كل حركة صدرت عن الآخر منذ دخوله الغرفة علّه يجد ثغرة يخرج بها إلى النور .. وكما ضيق عينيه بسطهما وملامح الصدمة تنطبع على وجهه فتقدم من سرير أخيه وهو ينطق ضاحكا بعدم تصديق:
-هل .. هل أنت معجب ببراءة الصغيرة !؟

رفع جهاد مرفقه عن عينيه واعتدل في جلسته .. يحدق بوجه إلياس بوجوم لا يفقه لسؤاله إجابة .. وأي إجابة ستكون له وافية .. كان عليه أن يعرف أنه ذكي ولا يقبل بلا كإجابة أو بغموض كلماته إلا وحللها بحنكة .. كما أنه لحوح يظل فوق الرأس حتى يقنعك بما يريد وتكون تحت إمرته .. لذلك وفّر عليه جهده وقال بخفوت أجش:
-لا أعلم .. لكن .. الابتعاد سيقتل أي شيء أشعر به تجاها في الوقت الراهن .. تبا إنها كما قلت مجرد طفلة صغيرة وأنا .... أنا هذه المشاعر ليست طبيعية .. هل تفهمني إلياس؟ أنا تائه ..

اعتلت التسلية وجه إلياس وهو يقترب ويهبط بجانب أخيه فوق السرير مصدرا ضجّة مزعجة ثم لكزه في كتفه وقال بمرح:
-لهذا السبب فقط ستسافر أيها الجبان !!

تنهد جهاد بغضب ثم رفع اصبعا محزرا في وجه الآخر قائلا:
-احترم أنني أكبر منك يا إلياس.

هز إلياس كتفيه بلامبالاة وقال بسخرية:
-هي مجرد سنة لا أكثر.

و لمّا وجد إلياس أخيه مهموم الفكر والوجه اعترته الحيرة وهو يقول:
-ولم كل هذا الهم يا شقيقي؟

حدجه جهاد بنظرة نارية اسكتته للحظة واحدة لم تدم طويلا حين قطعها صائحا بجدية لا تصلح لشخصيته الهزلية:
-بربك يا جحشي الفتاة ليست صغيرة لهذه الدرجة وبإمكانك أن تنتظرها حتى تكبر وتصلح للزواج إن كنت جاد.

رمقه جهاد بنظرة ذات معنى وكأنه يقول باستهزاء "ليست صغيرة !؟"

فتنحنح إلياس وأخذ يكح وعينيه تدوران حوله في أرجاء الغرفة بطريقة مضحكة لتعودا في نهاية المطاف لمواجهة عيني جهاد المشتعلتين غضبا قائلا بخفوت مضحك:
-حسناً لو لم تخبرني هي بعمرها لما صدقت .. فأنت تعلم هي صغيرة في عمرها وليس في جسد...

لكمة قوية من جهاد قطعت استرساله في الكلام حيث منحه نظرة منزعجة قابلها هو بضحكة صاخبة وكأنه لم يتلقى لكمة مؤلمة للتو .. لينتبه على جهاد وهو يقذف وسادته في وجهه فيرتد إلى السرير والضحكة تتعالى أكثر فأكثر ..

-تباً لك أيها الجحش الوقح تنجح دوما في استفزازي .. لقد غيرت رأيي سأنزل و ... تبا لك مجدداً .. اعانها الله من ستتزوجك ..

قهقه إلياس باستمتاع وهو يهم باللحاق به إلا أنه فوجئ بالباب يغلق في وجهه بقوة .. فصدر عنه تأوه متألم جراء اصطدام الباب بأنفه متمتما بيأس:
-تباً أنه غاضب بالفعل.

على طاولة الطعام ..
كانت العائلة تفتقد وجود نغم الصغيرة بينهم .. فهذه هي المرة الأولى التي تغيب فيها عنهم .. رفعت بسمة يدها وكفكفت دموعها بصمت ويدها الأخرى تقلب الحساء بشرود .. تفتقد صغيرتها رغم أنها لم تكن قريبة كفاية منها لانشغالها في العمل إلا أنها المفضلة لديها بين أبناءها .. لطالما تمنت تعويضها عن تغيبها المستمر لكن الأعمال لا تنتهى أبدا .. شعرت بيد زوجها تحتضن كفها بحزم بينما يقول بصوت منخفض واقعي:
-بسمة ألم تزوريها في الصباح و تطمئنِ عليها .. رأيتِ ضحكاتها السعيدة إذا لم البكاء ؟ ثم إننا رُزقنا بابنة أخرى ستتمنى لو تعتبرينها كنغم.

ابتسمت بسمة بشحوب بينما تقبل كف زوجها وفي عيناها كلام كثير يفهمه ويحتويه جيدا .. وبجانبهما كان نهاد يُطعم علا الخجولة وعلى شفتيه ابتسامة مستمتعة بهمساتها الخجولة بأنها اكتفت من الطعام وسرعان ما سيمتلئ جسدها .. فيناكفها قائلاً بنظرة ذات مغزى أنه ينتظر ذلك اليوم .. فتحمر وتتهرب من مواجهته .. وعلى الجانب الآخر كان إلياس يراقبهم بمكر وهو يميل على جهاد قائلاً بحزن مصطنع:
-تبا ألا يراعون أننا رجلان عاذبان يمتلكان مشاعر واحاسيس مرهفة.

ابتلع جهاد طعامه وقال ببرود دون أن يكلف نفسه عناء النظر لغير طعامه:
-أتمتلك مشاعر واحاسيس مرهفة حقا يا جحْش؟ أكاد أشك بذلك !!

التقط إلياس قطعة من اللحم ومضغها بهدوء مصدرا صوتا يعلم جيدا أنه يستفز جهاد وقال على ذات الهيئة:
-تركناها لك أيها العاشق.

استرعى انتباههما والدتهما وهي تسأل علا ببشاشة عن عمر أختها براءة ، فقالت بنعومة:
-انها في الحادية عشرة من عمرها.

قطبت بسمة حاجبيها بذهول وهي تقول:
-حقا !! لوهلة ظننتها في السابعة عشر .

ضحكت علا وشاركها زوجها الضحك بينما تنفى الأولى قائلة بعذوبة:
-لا يا عمتي .. ولا ألومك على ظنك فقبل شهور تقدم لها شابان جامعيان للزواج وصُدموا بعمرها.

أشارت لها بسمة بصدمة:
-أكاد أشعر بصدمتهما والله.

حاول إلياس كتم ضحكاته بشق الأنفس لكنه اختنق بها وتعالت بصخبها المعتاد بينما احمر وجه جهاد حرجا وغضبا في ذات الوقت وبقبضته الحرة ضرب على ظهر الآخر بقسوة متعمدة وكأنه يساعده على استعادة أنفاسه و صوت والدته يهتف بقلق:
-جهاد ستقتله بهذه الطريقة .. أعطه الماء .

منحه إلياس نظرة حزينة تستجدى عطفه والضحكة تكاد تفر من على وجهه لولا أن كتمها بنجاح .. التقط جهاد من جانبه كوب الماء وأعطاه إياه بعنف جعل بضع قطرات من الماء تنسكب من على الحافة ليتراجع في مكانه برهبه بينما جهاد يهدر لأذنيه بعنف قبل أن يغادر:
-عسى أن تختنق بها أيها الجحْش المستفز الوقح.

وعلى أثر مغادرة شقيقه جحظت عينيه حتى كادتا أن تخرجا من محجريهما وهو يكح بقوة وأنفاسه تتسارع بجنون محاولا التنفس ثم شهق حين شعر بقبضة نهاد الحازمة على ظهره قائلاً بصوته الرزين:
-ماذا حدث لك أيها الشقي ؟ من يراك الآن لا يصدق أنك كنت منذ قليل تستفز جهاد بوقاحتك المعهودة !!

وكادت بسمة أن تقوم إليه إلا أن يد زوجها القوية منعتها وهو يقول ضاحكا:
--اهدأي حبيبتي .. لم يعد إلياس طفلك المدلل لقد أضحى رجلا قوياً ولن يموت من شردقة سخيفة.

أدمعت عيون بسمة وسارعت بالقول وهي تطالع وجه إلياس الساخط المحمر:
-بعيد الشر عنه .. لا تقل عن طفلي مثل هذا الكلام .. سيظل مدللي رغما عنكم جميعا.

قهقه نهاد وهو يضرب كفه بكف أبيه وكأنهم اتفقوا عليها ويغمز علا الضاحكة في ذات الوقت بينما يرمق وجه إلياس الحانق والمُحرج باستفزاز كما لو أراد أن ينتقم لجهاد وفي عينيه تلك النظرة والتي تشي ب" ستبقي مدللا صغيرا .." .. فزفر إلياس الهواء الساخن من بين أسنانه و رشق وجه نهاد المتسلِ بنظرات غاضبة بينما يشتد فمه كخيط رفيع هامسا بسخط:
- منك لله يا جهاد .. دائما دعواتك الطيبة مستجابة يا أخي ..


....................
انتهى الجزء الثاني من الفصل الخامس عشر ويليه الجزء الأول من الفصل السادس عشر



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 04-07-18 الساعة 12:09 AM
jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 11:18 PM   #675

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

الفصل السادس عشر ج1










وصلت علياء إلى المطبخ عندما استغلت انشغال الجميع في غرفة الضيافة حيث يرحبون بقدوم زوج سلمى و عمتها أسماء والتي لم ترحم ضعفها حين أمطرتها بنظرات متفحصة باردة سببت لها المزيد من الطاقة السلبية التي تعتمرها منذ يومين .. منذ يومين وهي لا تأكل بما يكفي لحاجة جسمها .. وكأنها تأكل بالسرقة رغم أن الجميع آخر ما يهمهم هو مراقبتها وهي تتناول طعامها .. جسار الذي لم يفوت لحظة على سفرة الطعام وهو يتفنن بتعذيبها مراقبا أقل حركة تصدر عنها .. عيناه العميقتين دائما ما كانتا لغز محيرا لها .. بسببهما قد تشعر أنها أجمل إمرأة في الكون وبهما أيضا تشعر أنها أقذر إمرأة في الكون ..
رفعت عباءتها العسلية -التي أجبرها على ارتداءها لوجود زوج سلمى بملامح مقتضبة- خوفا من أن تسقط أرضا لطولها .. ورغم أن كعب حذاءها لا بأس بارتفاعه إلا أنه لم يكفي لرفع العباءة .. تأففت بضجر وانحنت تخلع حذاءها وعيناها الكبيرتين تراقبان بانتباه ثم رفعت جذعها وتأملت نعليّ حذاءها بامتعاض تحدث نفسها:
"هل من الضروري ارتداء هذا الشيء .. أما كان من الأفضل لو كان المرء على طبيعته ..!!"

-ومن أجبركِ على ألا تكوني على طبيعتك ؟

أصدرت علياء صرخة قصيرة ثم رفت يدها على قلبها بينما تلعق شفتيها قائلة بتوبيخ:
-سامحكِ الله يا سلمى .. أما كان أفضل لو أنك أصدرت صوتا قبل مجيئك .. لقد أفزعتني !!

هزت سلمى كتفيها بلا مبالاة وهي تتحرك في أرجاء المطبخ كدجاجة منفوخة الريش متمتمه بسخرية:
-أسفة كان علىّ أن أدق باب المطبخ أولا أو ربما أن أزغرد أو .. لحظة ربما أسرق الميكروفون الخاص بمدرسة كرم وأحتفظ به لمثل هذه الحالات الطارئة.

مطت علياء شفتيها غيظا وهي ترم نعليها أرضا قائلة باندفاع:
-هذا ليس مضحكا يا سلمى .. لما تتحدثين معي بهذه الطريقة ؟

تخصرت سلمى لينحصر فستانها القطني المورد عند صدرها فيبرز تكور بطنها المنتفخة .. وقالت بسخط:
-حين تكفين عن اللف والدوران معي ربما سأفكر بالعودة إلى طريقتي القديمة في الحديث.

أبعدت علياء خصلات شعرها المتهدل على جانب وجهها خلف أذنها بتوتر .. حاولت التكلم ونفي شكوك سلمى لكن الأخيرة اختارت أن تقاطعها وهي توليها ظهرها منشغلة بوضع "غلاية" الماء على النار:
-لا تفكري حتى بالإنكار .. حالتك أنتِ و أخي منذ بداية زواجكما لا تعجبني البتة .. نظراتكما تبدوا كما لو فقدتما عزيزا .. يا الله أنتما حتى لا تتحدثان بحميمية كالأزواج .. بالإضافة إلى أنك لا تأكلين معنا سوى لقمتين كاللصوص فكيف ستكفيك وستكف طفلك إذا كنتِ حاملاً.

كلمة سلمى الأخيرة أرسلت رعشة قوية داخل جسدها .. للحظة .. لحظة قصيرة فقط تخُيل أنها تحمل طفل جسار جلب إلى عيناها دموعا سخية .. و بأصابع مرتجفة عجلت من محو آثار تلك الدموع التي أصبحت تشكل أساسا لمعظم أيام حياتها .. كانت سلمى تضع البن فوق الماء عندما توقفت فجأة واستدارت لمواجهة علياء وكأن صمت علياء أنبأها أنها ليست بخير إلى جانب تلك الشهقة المكتومة التي سمعتها جيداً .. فتوسعت عيناها بوجل وهي تترك ما بيدها بحذر وتتحرك باتجاه علياء و تحتضنها بقوة بينما تهمس بشحوب شاعرة بالذنب لبكائها:
-رباه علياء .. آنا لم أقصد حبيبتي .. لم أقصد إيذاءك أرجوك اغفري لي.

ابتسمت علياء ابتسامة لم تصل لعيناها مطلقا حين ابتعدت عن سلمى خشية إيذاء جنينها ولم تفتها نظرة الذنب التي تطل من عيناها فقالت تهون عليها:
-هوّني عليك يا سلمى .. أنتِ لم تؤذيني أبدا .. ولكن .. أرجوكِ دعيني على راحتي وصدقيني حين أشعر بأنني أود البوح بما في قلبي ستكونين أول من ألجأ إليه.

أومأت سلمى وما زالت على شحوب وجهها ثم انتفضت كلتاهما على صوت غليان القهوة و فورانها حتى علت الرغوة ولكن وقبل أن تنسكب من على الحواف تحركت بسرعة وأطفأت الغاز ثم تنهدت براحة وبدأت بصبها في فناجين القهوة البيضاء .. حاولت علياء مساعدتها إلا أن سلمى رفضت بأدب وهي تتمتم باقتضاب:
-هناك بعض شرائح اللحم المشوي في الفرن .. أنتِ لم تأكلي جيداً.

تخضبت وجنتا علياء حرجا وخجلا من الموقف برمته وتمنت لو أن تبتلعها الأرض وكانت مقدرة جداً لحركتها فهي كانت الأقرب لها في هذا المنزل لكن جوعها كان له الحكم حيث سيطر على أفكارها التائهة وتحركت فوراً إلى اليمين لتشبع جوعها فيكفي جوعها إليه لم يشبع و لا تتخيل في يوم أن يشبع ..


توجهت لبنى بثقل نحو غرفة المكتب حيث زوجها وأخيها جسار ينفردان بحديث خاص لكن لسوء حظها لم يكن الباب محكم الإغلاق .. وكأنها حضرت في الوقت المناسب لتسمع حديثهم الشيق .. أو هكذا خُيّل لها ..
ولأول مرة في حياتها تسمع صوت جسار المتوتر وهو يقول:
-ماذا تقصد يا شاكر؟

قال شاكر بصوت واثق مميز:
-كلانا يعرف أن سُلاف إمرأة جميلة .. جميلة جداً في الواقع وقد يتمناها أيّ رجل لتكون زوجته .. وأنت خير من يعلم ماذا أقصد بهذا الكلام يا جسار ..

قطبت سلمى حاجباها بحيرة من اتجاه حديثهما إلى سُلاف .. لكن وصف زوجها جمال إمرأة أخرى أدمى قلبها وآلمه .. بل جعلها كالمجنونة تندفع إلى الغرفة مجفلة زوجان من العيون المتماثلة السواد لكن حين كان زوج من تلك العيون حائرة و ملهوفة كانت الأخرى حذره ومترقبة لشيء ما لم تفهمه .. أكملت خطاها حين نهض شاكر مسرعا يتولى عنها حمل الصينية هامسا لها بخفوت:
-هل أنتِ بخير .. تبدين شاحبة !!

في حين كانت نظراته متركزة عليها ومهتمة بها كانت نظراتها فارغة ومتهمة لكنه آثر الصمت ولم يعطِ للأمر أيّة أهمية وهو يعود لمجلسه واضعا الصينية فوق المكتب الخشبي وجسار يقول بخشونة:
-لقد أجهدت نفسها اليوم وأولادك لم يقصروا معها والله.

أطل القلق من عينا شاكر ولم تعرف هل تفرح لهذا الاهتمام أم أنه مجرد شعور لحظي بالذنب وسرعان ما سينضب .. لكنه لم يقصر وهو يتكلم بنبرة وصلتها لائمة ومتهمة وكأنها المذنبة الوحيدة:
-اذهبِ وارتدي ملابسك و جهزي الأولاد .. سنغادر.

رفع جسار حاجبا واحدا وهو يحتسي القهوة بتلذذ طار أدراج الرياح مع نبرة شاكر الجدية:
-أنا متعب وأحتاج أن أنام فلديّ غداً اجتماع هام مع مدراء الشركة ..

نبرته لم تترك لها خيارا فأومأت بتفهم وسارعت بالخروج وإغلاق المكتب بقوة أوصلت لزوجها رسالتها ..

رفع جسار يده وشعث بها شعره شاعرا بالأرق والإرهاق كيف لا وذلك الهم يثقل كاهله فيشعره وكأن عمره تجاوز الستين عاما .. يومان فقط ابتعد فيهما عنها فلما يشعر أنهما سنتان شديدتا الطول .. المشكلة أنه بدأ يشعر بانجذابها إليه .. في كل مرة تتشابك عيناهما كان يرى استجداء صامت منهما كما لو كانت تعاني وتحتاج إليه لينقذها وهذا دمره وأشعره كم هو نذل وأناني .. وفي الوقت نفسه هو مازال يتعافى من صدمة ذلك الخبر المشؤوم .. وتلك التساؤلات تلح عليه هل كانت عمته أسماء تعلم ولم تخبره لكن لا يستحيل !! ولكن ألم تحذره من مخاطر هذا الزواج !! ولكن صديقتها لبنى لم تصرح بأن أحدا كان يعلم بالأمر .. حبه لها كفيلا بمداواة جراحه فيحتمل لكن هل رجولته تحتمل أن تكون امرأته ليست عذراء وقد مسّها غيره .. وغصبا !!

طرد تلك الذكريات التي انغضت عليه حياته .. و واجهه وجه شاكر الذي لا يتفسر فقال باهتمام:
-ما الأمر معكما؟

أشار له شاكر بيده وقال باستهزاء عكس الألم الذي يطعنه:
-لا شيء لكن يبدوا أن ليلة من النعيم بانتظاري !!

شتم جسار بوقاحة وقال بسخرية:
-بشّرك الله بالخير .. ماذا فعلْت بالمخلوقة لتعطيك ليلة من النعيم؟

بدا شاكر كالأطفال وهو يقول مبررا بصوت بدا لحوحا يحتاج إلى من يفهمه:
-أنا أعمل ليل نهار وهذه طبيعة عملي وذلك من أجل ألا أُشعرها بالنقص لكنها لا تقدر ذلك .. نتصالح شهر ونتخاصم شهور والأمور على ما هي عليه .. لا أفهم من منا المخطئ ومن منا المصيب يا رجل.

زفر جسار وشتم مجددا وهو يفرك صدغيه شاعرا بحاجته إلى التدليك عساه أن يخفف شيئا من وطأة تلك الأفكار التي تكالبت عليه .. قال بصوت حاول جعله عاديا فلا تظهر عاطفته المخزية لامرأته العاكسة لأفكاره الجامحة رغم كل ما حدث:
-كلاكما بحاجة إلى تمضية بعض الوقت مع الآخر .. أقدر لك أنك تهتم بأختي ولا تجعلها بحاجة لأحد حتى لنا .. لكن ربما هي لا تهتم بما توفره لها بقدر ما تهتم بالوقت الذي تمضيه برفقتها والأطفال .. ولا يمكنني إلقاء اللوم عليك أو عليها لذلك أقول أنكما بحاجة إلى حديث مطوّل قبل أن تكبر مشاكلكما ولن تستطيعا السيطرة عليها فيما بعد ..



بعد قليل في شقة شاكر و سلمى ..



دثرت سلمى أولادها في فراشهم بعدما قبلتهم بعاطفة توشك على الانهيار .. ربما ما تشعر به بسبب توتر الحمل واقتراب موعد ولادتها .. ضغطت على زر الإنارة وأطفأته وخرجت لمواجه ذاك الذي يوشك على الانقضاض عليها في أيّة لحظة .. يكفي أن طريقهما في العودة لاذ بالصمت المشحون بأنفاسهما المضطربة ..
دلفت إلى غرفة النوم ورأته وقد أبدل ملابسه العملية لأخرى مريحة واستقر تحت الملاءة ويبدوا أنه دثر لما في سريرها .. تحركت إلى الأمام وأخرجت لها فستانا قطنيا مريحا ولم تحتاج الذهاب إلى الحمام بل أمام ناظريه خلعت ملابسها بإنهاك ولم يهم بمساعدتها كعادته قلقا على صحتها وانما ظل يمتع نفسه برؤيتها شبه عارية وببطن منتفخة وكم راق له هذا المشهد .. انتهت وتوجهت إلى الجانب الآخر من السرير واستلقت عليه بتعب ثم أولته ظهرها ودعت ربها أن ترتاح على هذه الوضعية وألا يختار شاكر هذه اللحظة للمواجهة فأولادها قد امتصوا طاقتها وظلت مستنزفة .. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .. أحست به يقترب ويحتضن خصرها بنعومة مقربا ظهرها إلى صدره .. صدرت عنها صيحة معترضة متعبة باهتة واستقبلها هو بقبلة محتاجة فوق رقبتها مهمهما بشوق:
-أحتاجكِ يا سلمى.

توقع استسلاما لكنها خالفت توقعاته وهي تقول بصوت مبحوح:
-أخبرني شيئا آخر عدا أنك تحتاجني.

شعرت بسكونه وبتشنج جسده قربها بينما صوته يقول بخفوت:
-ما قصدكِ؟

هتفت بتعب:
-أرجوك شاكر أنا متعبة وبحاجة شديدة للنوم وأنت أيضا .. ألم تقل ذلك عندما كنا عند أهلي وها نحن هنا نضيع الوقت في كلام لا معنى له.

صمته أنبأها أن الوحش الصغير بداخله بدأ بالاستيقاظ ولكن بعد أن يحلل كل كلمة نطقا لسانها .. رفع جذعه وزحف إلى الخلف ثم قال بتجهم:
-سلمى إن كنتِ متعبة لم أكن لألح عليكِ وأنتِ تعرفين .. أما عن الكلام الذي لا معنى له أعتقد أنني لا أشاركك الرأي فيه وعلينا أن نتكلم والأن إذا تكرمتِ.

تبا لسخريته !! الآن لن يعتقها إلا بعد أن تصرح له بكل شيء ..
استدارت إليه ببطء وأسندت نفسها إلى ظهر السرير المبطن لتتململ قليلا وتريح جسدها .. تنهد هو عندها بصوت مسموع ثم بدأ في الكلام:
-كنا جيدين قبل سفري .. و استقبلتني بقبلاتك عند أهلك اليوم .. ماذا حدث الآن .. هل قصرت معكِ في شيء ؟؟

أحرقت الدموع عيني سلمى وطرفت بعينيها بشدة لتتخلص منهم .. نبرة الاتهام في صوته آلمتها للغاية .. لا لم يقصر ولكن .. لأنه لا يمنحها بعضا من وقته مفضلا عنها العمل يجعلها كالمجنونة تشتاق إليه وهو معها فكيف بغيابه لكنها لا يفهمها ومدحه قبل ساعات لجمالها كان القشة التي قسمت ظهر البعير .. فقالت باكية:
-أنت تعمل طوال الوقت .. وأنا أحتاجك معي .. أولادك كبروا وهم بحاجتك أيضا .. أشعر بأنني أصبحت أكبر عمرا وصحتي لم تعد تحتمل .. أنا تعبت .. تعبت.

زفر من بين أسنانه بتوتر كما في كل مرة تبكِ فيها أمامه .. جذبها من مؤخرة رأسها وضمها لصدره بحنان مقبلا جبينها و خصلات شعرها الطويلة و بيده تلمس ظهرها العاري الظاهر من فتحته الفستان الخلفية وقال بهدوء:
-أنا آسف لأنكِ مضطرة للقيام بكل ذلك بجانب الاعتناء برجل الكهف الخاص بكِ .. ولكن هذا ليس مبررا لتبرمكِ و صفقكِ الباب بوجهي أنا وجسار.

قال كلمته الأخيرة بتأنيب لتعض على شفتها السُفلى بحرج مبتعدة عنه بضعة إنشات قائلة:
-آسفة .

ثم استعادت أنفاسها وصاحت باندفاع:
-ووصفك لجمال إمرأة أخرى و مدحك لخصالها أليس مبررا ؟! أجبني ؟

أمال وجهه نحوها وأطال النظر برأسها المنخفض فبدا مستمتعا جداً بالعرض الذي تقدمه .. فمذ متى لم تغار عليه .. أو تظهر له غيرتها المحببة .. قرر أن يتلاعب بها فقال بتوتر مصطنع:
-هل تُلمّحين إلى أنني أعشق إمرأة غيرك !! هل تشكِّ بي!
ثم هل كنتِ تتنصتين علينا أنا وأخيكِ؟

رفعت له وجها مصدوما لم يدم طويلاً وهي تلمح ابتسامته العابثة فجذبته من حمالة فأنلته السوداء و لم يبقى بينهما إلا أنفاسهما الحادة التي تلفحهما وتمتمت بفحيح شرير:
-لو كنتُ أشك بك للحظة لقتلتك فوراً وبدون تردد .. ولا لم أكن اتنصت عليكما لقد كنت أمر بالصد.....

لم يحتمل قربها المهلك للأعصاب و فستانها القطني يعطيه لمحه لما يطمع بالحصول عليه وصورتها وهي تدافع عن حبها وأطفالها بل وعنه ولكن بصورة غير مباشرة أنهكت قواه على التحمل فألغي تلك الإنشات اللعينة التي تبعده عن مهجة الروح والتقط شفتيها ساحقا إياهما بقبلة مجتاحة كما سحق احتجاجاتها الضعيفة متمتما بيأس:
-أحبكِ يا مهجة الروح.

غرست يداها أعمق وأقوى في شعيراته الطويلة بتناقض غريب مع تلك المرفرفات الوردية في قلبها والتي بدت مستمتعة بها كما لو كانت تذوقها ثم قالت بتهديد قوي نفى ذلك الضعف والتعب اللذين كانت تشعر بهما منذ دقائق قليلة!
-إياك أن تمتدح إمرأة أخرى أمامي أو من ورائي وإلا لن أسامحك أبدا كانت جميلة أم قبيحة يا شاكر .. تبا أنا سأقتلك ثم أقتات على بواق جسدك إن فعلتها.

اهتز بدنه من تلقاء نفسه ناتجا عن تلك الضحكة القوية التي أطلقها و التي لمعت عيناها لأجلها ..

بعد لحظات طويلة ..

قال شاكر بعدما طبع قبلته على بطنها المنتفخة العارية بحنان:
-هل حقا تريدين معرفة لما كنتُ أتكلم عن سُلاف بتلك الطريقة ؟

هزت رأسها بخمول وهمست بصوت أجش:
-لا .. ولكنني سأطالبك بتعويض عن التعب الذي ألحقته بي أنت و طفلتك المجنونة .. فمن حظك اليوم أن لما لم تتذمر في نومها.

قهقه باستمتاع وهو يقربها منه أكثر قائلاً بمكر:
-أنتِ فقط المتعبة هنا ؟ ثم إن ابنتكِ متضامنة مع والدها الحبيب.

ضربته على صدره بتأنيب واللون الأحمر القان يلمع بخديها فيزيدانها فتنة لعينيه ثم غمغمت بتأكيد وهي تتثاءب:
-بل أنا الخاسرة هنا حتما.

ضحك و همس بحب قبل أن يغلق كلاهما عينيه وقد تأكد أن ما تعانيه سلمى كان من أثر الحمل عليها و اشتياقها إليه ولكن كبرياءها أبى أن يعترف:
-أعدكِ أنني سأبذل قصار جهدي لأقضي معكِ ومع الأولاد أكبر قدر ممكن من وقتي.







بعد عدة أيام ..

تأملت خيوط الشمس الذهبية وهي ترتفع إلى السماء .. تعلن عن ولادة يوم جديد .. بينما تتصاعد إليها رائحة اللافندر المنبعثة من حديقة المنزل .. مثيرة فيها ذكريات الماضي .. ذكريات لا يمكن محوها من الذاكرة خاصة إذا كانت تلك الذكريات سيئة مصاحبة للآلام التي توقد بجسدها نيران تطفوا على حياتها الحالية .. في الواقع لا تعلم أيهما أسوأ الماضي أم الحاضر .. ربما كلاهما سيّان .. كالحب والكره .. كلاهما موجع لكن كل بطريقته .. لكن وجع الحب يفوق وجع الكره مراااات فشتّان ما بينهما .. في السابق كانت تكرهه لم تكن تتألم لأي شيء تراه فإذا تعرضت للصدمة يكون الألم خفيف يمكن معالجته لكن الحب .. وكأن أحدهم يعتصر قلبك بقبضته فيكون هو المتحكم بألمك .. و يترك من بعده ندوبا تغزو جسدك بأكمله من الداخل والخارج والفرق بينهما كبير رغم التشابه .. يقولون أن المشاعر الجديدة في الحب تكون أكثر إيلاما من الكره والمشاعر السيئة .. فما تشعر به الآن من وجع فاق وجع قلبها وقت رحيل والدتها ووقت طلاق والديها وحتى وقت أن ظنت أنها مجردة من شرفها وروحها .. كل يوم يمر تغرق في تفاصيله أكثر حتى ادركتها الأعماق فما عاد هناك عودة لتطفوا وتنجوا بنفسها .. برودها الطبيعي وقوتها الظاهرية الكاذبة تنقلب في حضرته إلى بركان ثائر .. وكأنه يعرى روحها فتصبح شفافة فيجيد قراءتها ..
أنهكت قواها و خسرت القليل من وزنها .. وعيناها ذابلتين من قلة النوم وهل تركتها كوابيسها لترتاح؟؟
تفيق في منتصف الليل على صرخاتها المتألمة فتحس به أقرب لها من أنفاسها يحتضنها يربت على ظهرها بحنان لا يظهره إلا في الليل .. فتعانقه كما تعانق الغيوم السماء .. تشتم عبقه المختلط برائحة جسده المسكية بنشوة فتشعر بالانتعاش وكأن روحها قد عادت إليها .. تنصت إلى همساته الرقيقة المطمئنة والتي تداعب روحها المتعطشة لاهتمامه بابتسامة ضعيفة لا يراها .. ربااااه أنها تتعلق به يوما بعد يوم !!
رغم ابتعاده البارد عنها في الصباح إلا أنه يغرقها في دفئه مساء حين تحوم الكوابيس حولها .. يبقي كرجل حامٍ يدافع عن أرضه ووطنه ببسالة .. لكنه ومنذ ثلاثة أيام كاملة لم تراه .. وهاتفه مقفل لا يستجيب لاتصالاتها اللحوحة .. تريد أن تفهم .. أن تعرف لما الهجر ! هل يقتص منها ؟ فهو بعد عودتهما من زيارة أخيها عز الدين وزوجته قبل أيام أنهى محادثاتهما بالابتعاد المطلق مفضلا قرب سلاف عليها ..

لم تتحمل وقتها ابتعاده أرادت معرفة موضعها في حياته .. اقتربت منه حينها وهو منشغل بخلع قميصه بنزق .. فشعر بها واستدار يواجها وفي عينيها تساؤل أباحت به بارتباك من عُريه:
-هل .. هل أخطأت بشيء؟

رفع حاجبيه و قد وشت ملامحه بكم الاشمئزاز الذي يشعر به نحوها .. وهذا كان بعد زواج اخويها وكم عذبتها نظراته ولا زالت تفعل ولا تدرك السبب .. نظر إليها و عينيه تستفسران عمّا تقول .. فتضرج خديها خجلا وخزيا من ضعفها وقد ضربتها ملامحه في الصميم .. فأخفضت وجهها أرضا وتساقط شعرها الذي استطالت أطرافه قليلاً حوله مخفيا معالمه وتهدلت كتفاها وهي تقول بتلعثم:
-لم .. لم تبتعد .. أنا ..

لم يتمالك نفسه حينها وهو يراها بهذا الضعف .. يؤلمه ابتعاده كما يؤلمها لكنه ببساطة لا يستطيع الاقتراب منها .. وبذات الوقت يشعر بنفسه ينتقم منها على ما لم يكن لها ذنب فيه .. لكنه لا يطيق نفسه فيؤلمها دون أن يشعر .. والان عليه أن يقول شيئا مقنعا لابتعاده مقتربا منها رفع كفه ليمسح وجنتها برقة لترفع عيناها وتواجهه بينما يرمي بقميصه بعيدا مقاطعا إياها:
-بل أنت من يبتعد .. تنأين بنفسك عني .. نحن متزوجان
منذ شهر كامل بالاسم فقط .. حاولت معك كثيرا لكنكِ تصدين جميع محاولاتي ..
اتسعت عينيها بحذر وهو يهمس بصعوبة:
-أنا لم أعد أحتمل ابتعادك .. هذه مدة طويلة جدا عليّ .. وكل تفكيري كان هو كيف سأقنعك لتقبلي بي وامتلكك ..

ابتعدت وتراجعت للخلف مذعورة ليتجهم وجهه
بغضب ويستدير معطيا إياها جذعه العاري وهو يقول
بصوت شارد:
-اتركيني وحدى يا علياء .. يجب أن أفكر جيدا في حياتنا .. من الواضح أنك لم ولن تحبيني فلا تتعبي نفسك في الاقتراب مني .. وإلا لا تتوقعي أن احترم رغبتك بالابتعاد ..

لم تعلم كم يتطلب منه التمثيل ومواجهتها بصمود دون أن يتهور .. طوال عمره كان حكيما في أفعاله وأقواله لكن ليس أمامها .. وما اكتشفه مؤخرا هو ما قسم ظهره منهيا أي تفكير حكيم يمتلكه ..

بينما هي فكرت في كلمة واحدة فقط "تستحق" .. نعم هي تستحق .. استدارت عنه واغمضت عيناها ودموعها تنساب بألم وهي تتساءل كيف تجرأت وسألته؟ بل كيف تريد اقترابه وكوابيسها لا ترحمها وقد شهدها وصبر عليها لوقت طويل .. ماذا عن التشنج والرعب الذين يكاد قلبها يتوقف لأجلهما كلما اقترب !! هو خارج عن إرادتها وإذا حدث واقترب هو بالفعل سيكره اليوم الذي اقترب فيه .. سيعرف حقيقتها وإن كانت بريئة .. ستتشوه صورتها أمامه .. ربااااه حتى بعد أن اكتشفت براءتها لا زالت قيود الماضي تخنقها تمنعها عن التنفس ..

أفاقت من تلك الذكرى على حرارة ولسعت الدموع في عينيها .. واشتدت أصابعها حول إطار النافذة .. و تذكرت أن حماتها العزيزة تتوقع نزولها مبكرا لتعلمها ابجديات الطبخ وأن شهر "العسل" خاصتهما قد انتهى وعليها أن تكون ست بيت شاطره وتتخلى عن نعومتها قليلاً .. لا تعلم حماتها العزيزة أنها ستصدم بواقع أن كنتها "الكسول" لا تعلم حتى كيف تقلي بيضة ..

تنبهت على رنة هاتفها المخصصة لتوأمها التي باتت مزعجة بشكل لا يطاق بعد زواجها وكأن نهاد قد فشل في تهذيب الجانب المجنون منها .. فتحت الخط بعد أن وضعته على أذنها تنصت إلى نبرة علا المرتجفة ..

-علا .. حبيبتي اهدأي ماذا هناك؟ .. هل أنت بخير ؟.. زوج ..

علقت الكلمة الأخيرة على لسانها بينما تستمع لهذيان أختها بذهول:
-علياااء .. لقد .. لقد مااااات.

للحظة فقدت السيطرة على أنفاسها وأستحال وجهها إلى الشحوب التام .. لقد سمعت من والدها أنه سيحتاج لجسار في عمليته القادمة لأنهم وجدوا عدة أكياس للمخدرات في شركته والتي كشفت عن صاحبها كاميرات المراقبة المخفية وبالتأكيد الأمر مقصود .. والعملية من المفترض أن تكون .. في الليلة الماضية .. وهو منذ ثلاثة أيام مختف .. ارتجفت يدها الممسكة بالهاتف حتى كادت أن تسقطه أرضا .. هوت على السرير الضخم والخدر يسيطر علي احاسيسها فهمست بحشرجة وقلبها يعزف بجنون:
-ج .. جسااار.

توقفت علا عن هذيانها وهي تعي جيدا ما تفكر به توأمها فقالت بلهفة تطمئنها:
-لا .. لا يا روحي لم أقصد زوجك .. لكن

وكأن جبل كان على ظهرها فانزاح و تنهدت براحة لم تكتمل و "لكن" تنتزعها منها وتعود لتوترها قائلة بتكرار:
-لكن؟؟

-معتصم.

و توضحت الصورة معتصم هو من مات وليس .. ربااااه كادت تفقد عقلها .. لقد ظنته .. ظنته فارق الحياة .. أغلقت الهاتف وقذفته بعيدا .. و تنبهت لذلك البلل الذي يرطب وجنتيها المحمرتين بغزارة .. وابتسامة بلهاء ترتسم على شفتيها .. هو بخير .. المهم أنه بخير .. جزء منها كان فرحا بموته بعد أن عانت لسنوات على يديه .. رفعت أناملها لوجهها تمسح دموعها ليضربها الإدراك فجأة .. هل كان معتصم وراء كل هذا ؟ هل أراد أن يسلبها زوجها بعد أن .. بعد أن صدقته لوهلة ضعيفة .. لكنه سيظل معتصم .. ذلك الحقير أراد أن يورط زوجها و يزجه في السجن فيتخلص منه ليبقيها لنفسه و ...

شهقت فجأة حين اقتحم جسار الغرفة و ملأها بقوة حضوره .. تشابكت نظراتهما للحظات قبل أن تمسح جسده بتفحص كان ليرقص فرحا لأجله في موقف آخر .. كان شعره الأسود الكثيف رطب و مشعث وقميصه الأبيض مفتوح بلا مبالاة مظهرا تلك الشعيرات السوداء المستفزة و .. وجهه واجم .. وتعلقت نظراته المشتاقة عليها .. تبا كانت ترتدى إحدى تلك القمصان المثيرة التي وجدها مخبئة في كيس أسود فوق الخزانة .. بحمالتين رفيعتين تجتمعان عند فتحة الصدر المثالية بربطة أنيقة بلون الفيروز .. رغم أنه طويل ومحتشم إلا أنه كان خرافة عليها وكأنها خارجة من إحدى القصص الخيالية .. وجهها كعادته خال من الزينة ووجنتيها الشهيتين محمرتين كعينيها من ذرف الدموع .. شعر بمضخته تؤلمه لأجلها لكن هذا قد انتهى .. رأى عينيها واسعتان وانفاسها متسارعة .. شعر بحالتها المضطربة المهتزة .. حتى خرج اسمه على لسانها كتعويذة وكأنها لا تصدق وجوده أمامها .. حاولت علياء طرد دموعها بعيدا لكنها اختنقت بها وتعالى صوت شهقاتها ليصله ك سكاكين حادة تخذه في قلبه .. وسقط قلبه وهو يراها تشهق بصعوبة لسحب أنفاسها كما لو كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة .. هرع إليها يجذبها إلى أحضانه هادرا فيها بخشونة:
-توقفي يا مجنونة .. تنفسي .. تنفسي تبا لكِ.
أخذ يهزها ويصرخ فيها حتى تفاجأ بها تغرق نفسها في أحضانه .. ويداها معلقتان بشدة في رقبته و عندما حاول إبعادها تعلقت أكثر .. أغمض جسار عينيه بعذاب وهو يشعر بنعومة جسدها ضد جسده الخشن .. واحتضنها كم لم يحتضن من قبل .. تنفسها بعمق وتشممها كالمدمن .. أخيرا بين ذراعيه وبرضاها .. هل اشتاقت إليه ؟ هل علمت ما فعله لأجلها ؟
تنفس بخشونة واذنيه تلتقط هذيانها المرتعب .. رباااه لقد كانت خائفة عليه .. ظنته قد فارق الحياة ..
أصدرت شهقة بكاء مرة أخرى وهي تقول:
-ظننت .. ظننتك مت.

تبا إن وقع دموعها على قلبه أقسى من وقع السهام المسمومة .. حاول إبعادها عنه لينظر لملامحها التي اشتاق اليها لكنها أبت ذلك وابتعدت عنه شاعرة بالخزي والذل .. خشيت أن ينظر لها بتلك النظرة وكأنها .. وكأنها إمرأة رخيصة .. استنشقت لتمنع نفسها من ذرف المزيد من الدموع .. لكنه بالكاد سمح لها بالابتعاد وهو يحتضنها من الخلف قائلا بخفوت:
-هل خفتِ عليّ؟

أومأت بخفوت وهي تحاول الابتعاد من حصاره .. مرتجفة الجسد وقلبها يستنجد به أنه أطال الابتعاد .. وعاود همسه ليخرسها تماما:
-أنا أعرف ..

لاحظ تشنجها فأكمل دون مراعاة:
-واعلم ما حدث لك .. ولم تبتعدين وتنأين بنفسك عنى .. تحجبين روحك عنى ..

صاحت بهستيريا تحاول الفرار وهي تتخبط كما لو أنها تعرضت للمس:
-لا .. لاااااااا .. لا يجب أن تعرف ..

صرخ بتوتر وهو يتفادى ضربات قبضتيها على صدره:
-بحق الله أنا زوجك .. متى كنتِ ستخبرينني .. من حقي أن أن أعرف ..

-لا لاااا ليس من حقك أن تعرف .. ليس من حقك أنا اكرهك .. أكرهكك ..

صرّح بوجوم واعترافها لم يؤثر به قيد أنمله لأنه تأكد من مشاعرها تجاهه:
-وانا أحبك .. ولا زلت أفعل ..

"وأنا أحبك.. ولا زلت أفعل" "وأنا أحبك.. ولا زلت أفعل" "وأنا أحبك.. ولا زلت أفعل" !!!
ظلت تلك الكلمات يتردد صداها في عقلها .. لم تكن تريده أن يعلم .. رباه الآن تشعر بأنها رخيصة لا تليق به وهو لا يعرف أنها بريئة .. إذا لم هي غاضبة ؟ لم هي ثائرة ؟ هل شعرت أنه يعريها من ذاتها من ماضٍ كريه قذر لا زال يلوثها بعد أن انتهت منه .. يحبها والأدهى أنه لازال يفعل .. بعد كل ما علمه لازال يفعل .. أخرجها من ثوران أفكارها صوته الجامد البارد كالصقيع:
-انتهينا يا علياء .. لم يعد هناك داعٍ لابتعادك بعد الآن .. لن أسمح لكوابيسك أن تداهم عقلك طالما أنا على قيد الحياة ..

لم يسمح لعقلها بالتفكير وهو يغتاله بلا رحمة .. يحتضنها مسببا لها التشوش ودموعها تجمدت فجأة بإنهاك .. لامس رقبتها بظهر أنامله قائلا بحشرجة:
-الابتعاد عنك أصعب من مواجهة الموت .. يا الله كم أهواكِ حبيبتي ..

تمتمت بخزي:
-لكن .. لكنك نظرت إلىّ ....

قاطعها بإصرار:
-كنت مشوشا .. حائرا .. لم أنظر لكِ يوما على أنك شيء ردئ .. الاشمئزاز كان موجها لي أنا .. لم أعرف ما عليّ فعله حين علمت .. كرهت ذاتي لأنني فشلت في حمايتك ولم أكن موجودا حينها ..

وردا على سؤال عيناها اخبرها أن لبنى من أخبرته ظنا منها أنه يعرف .. إنها تحبه الآن أكثر مما تفعل .. تحبه بل تعشقه هذا الرجل الحنون الناري الحام لها .. لن تخجل منه بعد الآن .. ستخبره بكل شيء .. كل شيء ..

-آولكنني لستُ ....

حط بشفتيه على جانب ثغرها يلمسه بشوق هامسا ببحة:
-هششش .. في نظري أنتِ عذراء الجسد .. و الروح ..

عندها بكت مجددا .. بكت بوجع وهي تخفض رأسها بيأس لتداريه عن نظرات عينيه الثاقبتين .. تعبت من لعب دور لا يمثلها الباردة .. الانطوائية .. العنيدة .. لم يعبأ جسار بيديه المتسختين وهو يشدد من احتضانها هامسا لنفسه بذنب "هل سمحتِ لأحد قط بالتقرب منكِ يا معذبة الروح والفؤاد ...!!"

طال صمتهما وخفّ نشيج علياء الباكِ قليلاً بقدر يسمح لها بالتحدث بوضوح .. لكن جسار لم يمنحها الفرصة جاذبا إياها لتجلس بجانبه فوق الأريكة الكبيرة أسفل النافذة ..

قالت بعدها بصوت أجش يشوبه التوسل وهي تواجه عيناه الحبيبتين:
-أخبرني أنك لست نادما على الزواج بي.

كانت تحتاج إلى معرفة الإجابة وبشدة .. تريد الشعور أنه يريدها لنفسها لا لشهامته .. أخبرها قبلا أنه يحبها و مرار لكن لا يسعها سوى الشعور بالحرمان .. بالنقص .. وبالتوق الشديد إلى ما كان يمنحه إياها ..

ابتسم وهو يمرر ابهامه على وجنتيها مانحا إياها ما كانت عيناها تطلبه دون حاجتها للحديث:
-من قبل ما كنت أشعره تجاهك كان الحب والأن هذا الحب تحول إلى عشق سرمدي لن ينتهي إلا في حال موتِ.

بكت مجددا فدنى من وجهها وقبل عيناها بقوة وبينما يفعل قالت بتوتر:
-لقد قالت علا .. قالت أنه مات.

تحولت ملامحه المرتخية إلى أخرى متشددة وقاسية .. لقد كانت بالطبع تقصد "معتصم" في قولها .. فقال بنبرة مضحكة لا تعكس ما يشعر به في هذه اللحظة:
-تعرفين أن شقيقتك درامية بعض الشيء لذا فقد ضخمت الأمر لا أكثر.

لم تضحك على فكاهته رغم أنها تكون حماءيه عند التطرق إلى عائلتها خاصة توأمها لكن الشكوك كانت تداهم عقلها بشدة .. معرفة جسار ماضيها هذا يعنى أنه يعلم من الفاعل فلبنى لن تقصر وإذا كان يعلم بشأن موت معتصم إذا .. هتفت في وجهه بصدمة:
-أنت قتلت معتصم.

صرخت كل خلية في جسده بالرفض والاحتجاج وقال بتشدد:
-لا تذكري اسم ذاك الرجل أمامي مرة أخرى .. ولا لم أقتله.

لم تعبأ بتحذيره من تكرار اسم معتصم لكنها هتفت ببكاء فاجأه:
-لكنك آذيته والشرطة ستعتقلك وستسجن وتبتعد عني.

لمعت عيناه بالسعادة لأنها لم تعد تضع بينهما حواجز بل أظهرت له جميع أوراقها حتى أنها حزينة لاعتقادها أنه سيبتعد ويتركها وهو ما سيتأكد أنه لم يفعله .. رفع وجهها إليه وبأصبعه أخذ يمرره باستمتاع على خدها المكتنز وهمهم:
-لا تقلقي حبيبتي لن أسمح لأحد بإبعادي عنكِ ثم إنني لم أقتله وكم تمنيت فعلها ولكنني أصبته كما أصابني هو من قبل .. العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص أليس هذا هو الشرع .. وأنا أخذت حقي منه ولا أحد له عندي شيئا حتى هو لن يتجرأ ويفتح فمه بكلمة .. لا أحد سيشك بي لأنني كنت مع أبيكِ وقت القبض على مختار عائلتك.

سألته بشحوب وقلبها ينغزها رغما عنا:
-ماذا حدث في الباقي؟

طمئنها بتلمس شعيراتها المحببة لقلبه عالما أنها لابد قلقت على والدتها وقال:
-المختار وقع أخيرا وتم القبض عليه و "السيدة" نهال غادرت الفيلا مع طفلها و ذهبت إلى منزل عائلتها القديم .. لكن من دس المخدرات في الشركة للأسف كان والد محمود ولقد قتل نفسه على أن يسلّم للشرطة.

شهقت علياء ووضعت كفها الرقيق على فمها تتساءل ما سيكون مصير أبناؤه بسببه .. ودون أن تعرف لما كانت مطمئنة بشكل ما لأن والدتها بخير ولم يصبها مكروه .. قالت بمواساة وهي التي بحاجتها:
-كان الأمر صعبا عليكم بالتأكيد.

ابتسم لها ابتسامة صغيرة مقدرا لمواساتها له .. الآن كان يحترمها أكثر مما فعل سابقا .. هذه المرأة هي كنز وهدية من ربه له وكم هو شاكر لربه عليها .. أومأ موافقا وقال وكأنه يواسي نفسه:
-وسيكون الأمر أصعب حين يصل الخبر إلى محمود و نورا .. أتمنى أن يستطع محمود احتواء شقيقته وإلا سينكسر بانكسارها.

بعد لحظات تبدل الحال حين أبعد جسار كل التحفظات التي كان يأسرها لأجل علياء وسمح لعيناه مجددا بالطواف على المرأة التي زلزلت كيانه بالكامل .. يمتع نفسه بقوامها الممتلئ الملفوف بقماش قميص نومها الفاتن .. وجنتيها الورديتين .. شفتاها المنتفختين من البكاء رغم علمه أنها الآن ليست على ما يرام وإلا لظلت تقاتله حتى يعلن أحدهما الاستسلام .. لا يدرك أن صدمتها استغرقتها عدة أيام حتى تتعافى منها كما لا يدرك جمال السر الذي تخبئه عنه ..

أرادت علياء احتضانه وتقبيل عينيه الآسرتين بعدما خاض معها حربا طويلة الأمد لكنها لم تستطع وبدلا من ذلك قالت بتهور لشعورها بالذنب ناحيته:
-ألا تريد .. آآخذ حقوقك ؟!

كانت بالفعل مجنونة لتسأل مثل هذا السؤال لكنه كان متفهما لأكبر قدر ممكن وقال بحنان لم يمنع شعوره بالسعادة لأنها تقبلته:
-لا .. بل أريد أن أمنحك جميع حقوقك وواجباتك عليّ أولا كما أنني سأكون طبيبك الخاص قبل أن نبدأ حياتنا كزوجين حقيقيين .. ثم ستعطيني أنتِ حقوقي راغبة ولست شاعرة بالذنب لأجلي .. أريدك منذ الآن أن تفكري في نفسك و نفسك فقط.


............................
انتهى الجزء الأول من الفصل السادس عشر بحمد الله



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 04-07-18 الساعة 12:12 AM
jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 11:27 PM   #676

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله
كل عام وأنتم أحبتي بألف خير
أتمنى أن تحوز الفصول على إعجابكم
بإنتظار آرائكم وتعليقاتكم عليها بفارغ الصبر
أتمنى لكم قراءة ممتعة
❤❤❤


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 11:51 PM   #677

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهراء ش مشاهدة المشاركة
الرواية ممتعة
تسلمي عزيزتي نورتيني بمرورك العطر ❤


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 11:53 PM   #678

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهور ساكورا مشاهدة المشاركة
شكراا ويعطيك العافيه
الله يعافيك غاليتي شكراً لمرورك العطر وإن شاء الله الرواية تنال إعجابك ❤


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 11:54 PM   #679

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
كل عام وانتم بخير
عيد سعيد
تسجيل حضور
بإنتظار الفصل
💖💜💖💜💖💜
وأنت بألف خير زهورتي الحلوة
عيدك مبارك
نورتيني بمرورك يا عسل
❤❤❤


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
قديم 16-06-18, 11:54 PM   #680

jasmine

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية jasmine

? العضوٌ??? » 415180
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,323
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » jasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond reputejasmine has a reputation beyond repute
¬» قناتك action
?? ??? ~
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله اكبر
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tok مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
وعليكم السلام ورحمه الله .. شكراً لمرورك العطر إن شاء الله تعجبك الرواية ❤


jasmine غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الحالية
..
على شفاه الورد
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
jasmine

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:12 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.