آخر 10 مشاركات
✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          6 - موعد مع الغرام - روزمارى كارتر - ع.ج ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          328 - العروس المتمردة - جوليا جيمس (اعادة تصوير) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          نصيحة ... / سحر ... / الأرملة السوداء ... ( ق.ق.ج ) بقلمي ... (الكاتـب : حكواتي - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree306Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-18, 11:19 PM   #1741

هوس الماضي

نجم روايتي وعضوة بفريق الكتابة للروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية هوس الماضي

? العضوٌ??? » 330678
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,193
?  نُقآطِيْ » هوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond repute
افتراضي


في فصل اليوم 😍

هوس الماضي غير متواجد حالياً  
التوقيع












رد مع اقتباس
قديم 08-10-18, 11:20 PM   #1742

حوريه77
 
الصورة الرمزية حوريه77

? العضوٌ??? » 404842
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,487
?  نُقآطِيْ » حوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 87 ( الأعضاء 51 والزوار 36)
‏حوريه77, ‏rowdym, ‏إلين 1988, ‏رودينا ابراهيم, ‏فديت الشامة, ‏نورالشهري, ‏wiamrima, ‏lovemanga, ‏zezo1423, ‏زهرة الحنى, ‏مي فؤاد, ‏marwa omari, ‏لمار الحلوة, ‏طوطه, ‏بيون نانا, ‏ayaammar, ‏houda4, ‏Acaars, ‏ام سليم المراعبه, ‏زهرةالكون, ‏مليكة النجوم, ‏نداء1, ‏Hagora Ahmed, ‏Um Ghaeth, ‏الفجر الخجول, ‏ام اموني, ‏محمد ثابت, ‏r_501, ‏mlak993, ‏Hiba mohamed, ‏الميزان, ‏ليتني ماهويتك, ‏NH_1927, ‏شموسه3, ‏leria255, ‏Agadeer, ‏سوووما العسولة, ‏Raheeek, ‏loleety, ‏اميرة دعبول, ‏zoza amin, ‏Time Out, ‏Zezo8888, ‏shammaf, ‏وردة الطيب, ‏مارينا جمال, ‏rashid07, ‏سحرمجدي, ‏jadayal


حوريه77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-18, 11:35 PM   #1743

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

تسجيل حضور ياجميلة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 96 ( الأعضاء 60 والزوار 36)
‏ام زياد محمود, ‏ام سليم المراعبه, ‏lovemanga, ‏Um Ghaeth, ‏wiamrima, ‏Ghufrank, ‏رهف أوس, ‏Nesrine Nina, ‏redrose2014, ‏noof11, ‏نوال11, ‏نورالشهري, ‏سوووما العسولة, ‏مارينا جمال, ‏jadayal, ‏الود 3, ‏nes2013, ‏jassminflower73, ‏Rasha kazem, ‏rowdym, ‏NH_1927, ‏حوريه77, ‏هوس الماضي, ‏بلاكو, ‏Agadeer, ‏إلين 1988, ‏willoucha, ‏فديت الشامة, ‏zezo1423, ‏زهرة الحنى, ‏مي فؤاد, ‏marwa omari, ‏طوطه, ‏بيون نانا, ‏ayaammar, ‏houda4, ‏Acaars, ‏زهرةالكون, ‏مليكة النجوم, ‏نداء1, ‏Hagora Ahmed, ‏ام اموني, ‏محمد ثابت, ‏r_501, ‏mlak993, ‏Hiba mohamed, ‏الميزان, ‏ليتني ماهويتك, ‏شموسه3, ‏leria255, ‏Raheeek, ‏loleety, ‏اميرة دعبول, ‏zoza amin, ‏Time Out, ‏Zezo8888, ‏shammaf, ‏وردة الطيب


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 08-10-18, 11:45 PM   #1744

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

تسجييييل حضوووووور
بالانتظار


Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-18, 11:47 PM   #1745

lovemanga
 
الصورة الرمزية lovemanga

? العضوٌ??? » 129001
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 496
?  نُقآطِيْ » lovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجييييل حضوووووور
بالانتظار


lovemanga غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 08-10-18, 11:54 PM   #1746

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

مساؤكم كل الخير

اشتقت إليكم جدا جدا

الفصل اليوم يجيب عن آخر التساؤلات بالنسبة لشمس
والتساؤلات الاولى عن أكمل

ركزوا مع أحاسيس لمياء وأهمها .. العجز .. هناك بشر لا يستطيعون فعل شئ ليخرجوا للنور .. ليس الجميع قادرين على كسر ما تربوا عليه فتظل أقدامهم ( محلك سِر ) ولذلك ..

دائما قلت أن التربية هدفي الرئيسي لأن منها نتج كل تصرف من تصرفات أبطالي
لو كانت سليمة من البداية ما كان هناك ( كان المفروض تفعل كذا أو كذا )


دمتم بكل الخير والود


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 08-10-18, 11:54 PM   #1747

حوريه77
 
الصورة الرمزية حوريه77

? العضوٌ??? » 404842
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,487
?  نُقآطِيْ » حوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond reputeحوريه77 has a reputation beyond repute
افتراضي

لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 105 ( الأعضاء 66 والزوار 39)
‏حوريه77, ‏aya taha, ‏Um Ghaeth, ‏zoza amin, ‏Rasha kazem, ‏سوووما العسولة, ‏lovemanga, ‏م ام زياد, ‏نورسه, ‏طوطه, ‏MS_1993, ‏jassminflower73, ‏نورالشهري, ‏dodoalbdol, ‏مليكة النجوم, ‏willoucha, ‏فديت الشامة, ‏Acaars, ‏Agadeer, ‏زهرةالكون, ‏Hifaalq, ‏redrose2014, ‏ميمونة meryem, ‏اميرة دعبول, ‏naddou, ‏معجبه بخشتي, ‏wiamrima, ‏الرسول قدوتى, ‏من هم, ‏محمد ثابت, ‏لمار الحلوة, ‏غموض الليل, ‏zezo1423, ‏أسـتـر, ‏ام زياد محمود, ‏رهف أوس, ‏Ghufrank, ‏ام سليم المراعبه, ‏Nesrine Nina, ‏noof11, ‏نوال11, ‏jadayal, ‏الود 3, ‏rowdym, ‏NH_1927, ‏هوس الماضي, ‏بلاكو, ‏إلين 1988, ‏زهرة الحنى, ‏مي فؤاد, ‏marwa omari, ‏بيون نانا, ‏ayaammar, ‏houda4, ‏نداء1, ‏Hagora Ahmed, ‏ام اموني, ‏r_501, ‏mlak993, ‏Hiba mohamed, ‏الميزان, ‏ليتني ماهويتك, ‏شموسه3, ‏leria255


حوريه77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-18, 12:03 AM   #1748

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

الفصل الثلاثون

لأول مرة بحياتها تجرب كيف تقع الكلمات كوقع البلور ؟..
شيئا ثقيلا نزل فوق رأسها فحطمها ثم تناثر حولها ليصنع حجابا مكسورا حجب عنها أي شعور سوى كلمة قالها قبل دقائق .. كان يقسم منذ قليل ..
وكانت تريد قول المستحيل .. قالها هو حين اتهمت نفسها وحان دورها ..
قدماها تثبت متجمدة حتى لا تميل لأنها تشعر أن الأرض هى المائلة ..
أي شئ مما عرفته عن ماضيه كان يحذرها ألا تستسلم لمحيطه المسالم .. ألا تخطو إليه فتعبره .. لأن طوفانه سيهيج ويبتلعها .. لكنها هى أيضا بكيانها ماضي يخدشها .. فخُدِعَت بهدوء المحيط وعبرته ..
وبوقع كلمة توقفت سفينتها تائهة العبور لا مرفأ لها ولا ميناء ..
ووجدان تلقي مرساتها الصخرية فوقها أكثر لتجمدها بلا رحمة بكل ما بها من خبث شيطاني :

" آه .. آسفة مجددا .. أقصد كنت زوجته ... كنت الوَجْد "

حلقها يجف كجفاف عينيها القهويتين وهى تشعر بنار صدمتها تحرقهما ثم تشققهما ورئتاها تزودان عن أنفاسها الهاربة ..
عيناها لا تحيد عن عينيّ وجدان ترى بهما ما تخشى قراءته لكنها تقرأه بسهولة ووجدان تلتفت تغمز له بابتسامة قاسية ثم تلقي عليها نظرة شامتة وتستدير لتغادر أمامهما بكل هدوء قائلة بتلاعب :

" سأذهب حتى لا أعطلكما عما كنتما ستفعلانه "

قرأت الوجه الآخر له .. وجه يرفع الكأس ويعبث بالشهوة ..
وجه رأته قاسيا لكنه يعرف كيف يداوي ما تصنع يداه .. حتى فقدت حيطتها .. ووقعت بهواه ..
لا تعرف أيبرد جسدها أم يشتعل أم يرغب بنشب أظافره بوجه تلك المرأة الـ.. الفاتنة .. التي غادرت ظافرة ..
بالطبع .. يحب الشقراوات ! .. أنى لها أن تنس المزاح الذي تجسد حقيقةً أمام عينيها ؟..
عيناها انخفضت حيث كانت قدميّ الشقراء الشيطانية وصوتها يتردد بصدى مهول في عقلها حتى أصم أذنيها..
كنت الوَجْد ..
وَجْد .. وَجْد .. وَجْد ..
أسمى الشركة باسمها ..
نغزها قلبها صراخا كأنه استيقظ فجأة فاعتصر نفسه يتضرع الرحمة ..
لم تكن ترغب بالبكاء قدر رغبتها بالصراخ النابض انفعالا هذه اللحظة بجسدها المرتجف ..
الصراخ بوجهه هو .. وهو .. حيث يقف مكانه ظل .. بلا كلمة .. طاعن ومطعون ..
كالطود شامخا لا ينحني برياح الغدر لكنه لم يمنع سهم ذاك الغدر من طعنه ..
ورده فيها بلا عمد .. طعنها ..
بنظرة إلي صمتها الجامد علم بحلول الشتاء المفاجئ بعد نسمة الصيف ..
ترفع شمس رأسها رافضة النظر إليه تستدير تتجه للأريكة فتأخذ حقيبتها ثم تلتفت مجددا لتسير ببطء نحو الباب وحين مرت أمامه ..
أمسك أكمل مرفقها بتصلب فيقول بنبرة مشتدة :

" انتظري ... وسافهمكِ "

ولا زالت ترفض النظر لعينيه .. لا تعرف أتقاوم بكاءا أم انفجارا وشيكا أم .. تخاف ضعفا ؟..
لكنه اصطدم بتشنج ذراعها بيده وهى تسحبه بقوة بجمود ملامحها ثم تتجاوزه مغادرة المكتب وظل يراقب ظلها الغارب حتى استقلت المصعد للأرض.


بعد ساعتين تدخل شمس المنزل بطيئة الحركة .. مجروحة النفس .. مختنقة الأنفاس ..
تستند للجدار قليلا جوار باب المنزل تنزع مشبك شعرها ليتهدل معها ثم تتجه لغرفتها .. غرفتها هى ..
عليلة الجسد بالتمزق وعليلة القلب بالغيرة وعليلة الروح .. بالخيانة ..
كان عدلا أن تعرف أنه تزوج قبلها يوما .. أن فراشه لم يحظ بامرأة عابرة بل بأنثى خلابة ضمها لمدة لا تعلمها .. ربما سنوات ..
والآن لا تعرف أتريد أن تسمع .. أن تفهم .. لا تعرف .. أيصفح الحب ؟..
أم تلجأ للاستسلام كعادتها وترضى بما كان بدعوى أن هى أيضا كانت متزوجة قبله ؟ ..
لكنه كان يعلم .. والباقي علمه منها هى حتى صارت أمامه كتابا مفتوحا يقلب بصفحاته حيث يشاء لكنه .. لا زال كتابا غامضا عميقا يحوي أسرار محيطه الخفي ..
لا تشعر بنفسها ولا يخرج صوتها ولا تجد دموعها .. جمود غريب كأنه صدمة معاكسة أعادها للوراء كثيرا ..
تتوقف خطواتها وهى تراه وصل قبلها لأنها رفضت العودة مع سائقها الخاص وظلت هائمة على طريق البحر قبل أن تستقل سيارة أجرة ..
جالسا أمامها بالبهو مستندا بمرفقيه على ركبتيه ينتظرها بصبر واجم كما اعتاد وصوته هو هذه المرة يتردد بعقلها ..

( أقسم بالله تبت عن كل هذا )

يرفع أكمل رأسه فتتلاقى أعينهما بتساؤلات الكبرياء ..
لرجل ما ينحني حتى للعشق .. عشقه ثابت وسط طاقات الأنوار..
يسألها بعينيه .. هل ستسمعين .. ستفهمين ؟..
وامرأة تمنعها قسوة قلبها الماضية من السؤال .. تسأله عيناها .. لماذا أخفيت بعد كل ما كان ؟..
عيناها التي كانت تموت أمامه كخصلات شعرها طويلة الحزن .. جميلة الحزن ..
تستدير شمس فتُسقِط حقيبتها من يدها أرضا بلا اكتراث وهى تخلع حذاءها أثناء سيرها للمطبخ فتدخله لتأخذ زجاجة مياه باردة من البراد تفرغ منها في كأس لتشرب ببطء مقاومة تلك الدموع الحارقة ..
مقاومة كل ما يدفعها لذلك الصراخ كأنها تنتظر زرا ليضغط عليه فتنفجر ..
تغمض عينيها بقوة مؤلمة وهى تشرب فتسيل قطرات المياه على كنزتها الصفراء الحريرية كأنها تدفعها للبكاء ..
يدها تشبثت بالكأس أكثر وهى تشعر بخطواته تدنو من باب المطبخ حتى توقف ينظر لصمتها المريب .. وتوقفت أنفاسها بتصلب ..
ما وعت ذاكرتها إلا حديثهما قبلها عن تلك الليلة .. وبكامل وعيها الآن ارتفعت يدها بالكأس وهى تلتفت جانبا فتلقيه بكل قوتها على الجدار لتتناثر شظاياه تماما كما صار من قبل ..
يطلق أكمل نفسا طويلا والصوت يتردد بأعماقه أن يتركها حرة قبل أن يتكلم .. لأنه يعرف أنه صار يجري بعروقها مجرى الدم فتطبعت بطباعه دون أن تدرِ ..
يعلم كم يريحها الأمر مثلما يريحه حين يكون غاضبا .. يحطم شيئا ما فيستعيد زمام سيطرته على الغضب ..
يرى يدها تمتد لكأس آخر فتتقدم قدمه نصف خطوة مع إلقائها لهذا الكأس على الجدار وهى تهتف فجأة :

" قمر "

تتوقف قدمه مع الرنين الحاد كصوتها فيعقد حاجبيه مدركا ما تفكر به وهى تتنفس بقوة وتأخذ كأسا آخر فتلقيه بعنف هاتفة بانفعال :

" ووجدان "

الصوت يدوي حولهما وكل شظية تستقر بقلبهما قبل أن تسقط أرضا ..
يدرك أنها تستحضر كل ما جمعهما يوما كأنها تجمع حطبها لإشعال النيران ..
كانت أمامه تثور وتثور وشعرها يهيج حولها وهى تلقي بكأس آخر مع هتافها المتعالي :

" وغيرها "

وكانت الغيرة تطفو بين كل نفس وآخر .. كان حبها يعلو ويئن بلا إرادتها ..
فصلا موسميا للجليد كانت .. لكأن كل شظية قطعة ثلج من كؤوس تمزق مشاعرها ..
وفصلا موسميا للنار كانت .. لكأن كل خيط بشعرها شعاع شمس يتكسر بتلك الكؤوس ..
صدرها النابض ألما يرتفع وينخفض مع أنفاسها المسموعة وهى تفرغ كل انفجارها بكأس آخر وصوتها يصرخ :

" وغيرها "

بعد كل ما كان تأتي مَن تخبرها أنها شاركتها فيه يوما بعلاقة حقيقية .. علاقة اسمها باسم شركته .. علاقة بدت لها دائمة بحياته ..
تغفل عن دمعة تاهت من عينها وهى تتوقف لاهثة تتمسك بالرخام لا تريد النظر إليه فتتبعها دمعات العينين ..
الوجع لا يُحتَمل والسكاكين تنغرس بالقلب الذي تحرر أخيرا ليعشق .. ليته ما فعل .. إنها تحترق .. تحترق ..
يا إلهي .. ما كل هذا الوجع ؟..
هل كان يتوجع هكذا حين قالها لها ؟ .. توحد فيها .. وها هى تتوحد فيه ..
يستند أكمل بظهره لإطار الباب ينظر إليها عاجزا عن الكلام .. قلبه معها وقلبها معه .. أجمل ما رأت عيناه ..
هذا القلب المتألم عشقا فيه أجمل قدر .. ما يتركه لو بكفيه الشمس والقمر..
تلك الأنثى التي يملكها كأثمن ما ملك .. كلما التقيا تتشعب الدروب بينهما ..
أين كان اللقاء ؟ .. وأين صار الفراق ؟ .. وأين عاد اللقاء ؟..
نظره يمر على الأرض المفترشة بقطع الزجاج فيشعر أنه كسرها اليوم بلا قصد ..
دموعها تتزايد ووجهها يشحب وهى ترفض الكلام .. ترفض السؤال .. ترفض حقيقة عرفتها ..
تخطو خطوات خرقاء لتخرج فتتأوه فجأة بصوت مبحوح وإحدى الشظايا تجرح قدمها الحافية فيتحرك أكمل مسرعا نحوها ليرفعها بين ذراعيه رغم اعتراضها ثم يخرج للبهو يضعها على الأريكة السوداء وينخفض أمامها يمسك قدمها فيرى دماءها القليلة من الجرح السطحي ..
يسحب عدة مناديل ورقية من خلفه على الطاولة ثم يجفف الجرح بصمت وهى تنظر إليه أخيرا فتزداد دموعها .. وغيرتها .. يزداد عشقها .. وألمها .. ورفضها ..
كاذب .. ومَن يعلم متى تركها ؟.. قبلها هى أم بعدها ؟..
دموع ودماء تمزقه بألمها فينكوي قلبه بلسعات الهوى دون أن يملك لها إيقافا ..
يقف ملقيا بالمناديل على الطاولة ثم يخلع سترته ويلقيها على الأريكة ويجلس جوارها منحنيا بمرفقيه على ركبتيه يدرك أن لا سبيل سوى صدق ما سيقول ..
لم يعرف معها بماذا يبدأ .. لم يرتب ولم يخطط .. لكن أفكاره أهدته بدايته معها .. وأول ما قالت .. قمر ..
حتى قال أخيرا بهدوء شديد :

" قلت لأحدهم سابقا أن الدخول لمناطق أكمل الفايد خطر .. لكنني أريدكِ أن تدخلِ كل مناطقي الخطرة يا شمس .. لأنها عليكِ أنتِ ليست خطرا "

قمر .. هو أيضا يتسائل أين هى الآن ؟..
اندفع الماضي كله بعقله فظل يتذكر لحظات طويلة ويتعجب أين كان .. وأين صار ؟..
وهى تشتاق لصوته وتخاف منه .. تخاف مما سيقول .. تخاف ذلك الخطر الذي التقت فيه بشقراء آثمة ..
تجلس جواره مطرقة الرأس تحاول إيقاف الدموع الخائنة لكبريائها تشهد موتا بطيئا حتى يعلن كلمته ..
ويبدأ أكمل يروي بصوت غائب :

" منذ سنوات أحضر لي صديق يدعى أحمد فرصة للعمل بشركة كبرى للإعلان .. بقيت اعمل فيها لسنتين وأحارب أي شئ أو أي شخص يرغب بإبعادي عن هذا العمل .. نظرا لما عملت قبله فكان هذا العمل طوق نجاة .. خاصة أنني كنت بدأت في قضايا استعادة ميراثنا من أبي وكنت أحتاج مالا لاستمرارها "

توقف لحظات فتسمع صوت أنفاسه ثم يبتلع ريقه ويسحب نفسا طويلا آخر ليواصل سيل ذكرياته :

" تعلمت بتلك الشركة كل شئ وكنت أسعى لخفايا ذلك المجال حتى عرض عليّ أحمد أن يكون لنا شركتنا الخاصة .. كانت الشركة معروضة للبيع لأن مالكها ينهي أعماله للهجرة لكنه طلب ضعف المبلغ الذي نملكه .. كنت قد كسبت إحدى قضايا الميراث ولم يكن معي سوى ذلك المال .. أمي أعطتني ذهبها لأبيعه ونصيبها من إرث أبي ونصيب جاد أيضا .. قالت إنها تثق أنني سأعوضها فأعطتني كل ما نملك وقتها "

صمت مجددا يتذكر تلك الأيام فيغمض عينيه كأنه عاد لشقائه الماضي فيقول بنبرة خافتة :

" لأول مرة في حياتي كنت أجرب الخوف .. كل شئ كان على حافة بداية أو نهاية .. أمي وإخوتي يعتمدون عليّ لتعويضهم وإذا خسرت .. خسرنا كل شئ "

يقولها بإحساسه فتسقط معه بذلك الماضي وهى تستعيد رغبتها بالسماع عنه ..
تقاوم الشعر الأشقر الذي يطول خيالها بجموحه معه .. كيف كانت معه ؟! .. ألم يقارنها يوما بها حين يكون معها ؟! .. أم انتهت قصة قديمة وما عاد لها وجود ؟..
هى أيضا لها قصة قديمة تدعو ألا تنفتح أبدا لأنها ستفتح أبواب قسوتها مجددا !.. لم يسألها أحد يوما لماذا وافقت على عبد الخالق ؟!..
يرجع أكمل لظهر الأريكة يسترخي قليلا ثم يرفع ذراعه على جبهته وهو يقول بنبرة عميقة الشجن :

" كان لا يزال متبقيا مبلغا كبيرا والشركة كانت فرصة مجهزة لن نستطع تعويضها .. وحينها جاءت فكرة أحمد أن نستعين بوجدان لأنه كان يعلم أنها لن ترفض طالما أنا في الموضوع .. كنا معا نحن الثلاثة في الجامعة ويعرف أنها كانت تحبني "

وقت أن كان حلمه بزينة يطغى على كل شئ .. نسمته الطائرة الرقيقة .. قبل أن يقتلع جذورها من قلبه ..
وتمر سنوات لتعد وجدان لحياته حاصلة على ما أرادت في مقابل أن يحصل هو على ما أراده .. الشركة ..
ثم مر الزمان وأتت إليه شمس .. فعاد للقلب ثراء الأماني بعد أن كان ثراء المال مغنيا عن ألم الروح بالعشق ..
أفكاره تواجه موكبا حزينا حيث ما كان هناك بالروض زهرا .. بل شقاءا ..
يشعر بالتعب من مجرد الرواية وهو يواصل ببطء :

" كانت تملك المال .. وكانت فرصتها بالفعل .. وافقت ودفعت نصف المبلغ وأصبحت شريكتنا رسميا لها خمسين بالمئة لذلك اختارت اسم الشركة بأول حروف اسمها "

ترتاح شمس قليلا بأنه لم يختر ذلك الاسم .. ورغم أنه لم يصل للنقطة التي تريدها إلا أنها تدرك لحن صوته الفاتر .. كأنها أياما ما يحب تذكرها ..
تكتف ذراعيها مستندة بظهرها للأريكة وجرح قدمها ينغزها قليلا وهو يتابع كأنه يعبر فوق الذكريات سريعا :

" نصيبي كان خمس وعشرين بالمائة وكذلك أحمد .. وجدان كانت تأتي ضيفة لتراني دون أن تفكر بالعمل .. لم أكن أنام وأنا أسوق للشركة وأحاول تجاوز كل الشركات مستغلا ما تعلمته من قبل .. وبعد فترة صار اسم الشركة معروفا .. حينها أراد أحمد السفر لعمه بفرنسا حيث أحضر له عملا أكثر ربحا فعرض عليّ أن اشتري نصيبه .. لأصبح أنا ووجدان النصف بالنصف .. وتم بالفعل .. وحينها عملت أكثر خاصة وأنها صارت فجأة تهتم بالعمل وتتحداني وتأخذ مني حملات للدعاية لصالحها "

أطلق نفسا طويلا وبرد صوته وهو يصل لما تريده فيقول بجمود :

" وفاجئتني ذات يوم وهى تعرض عليّ أن نتزوج "

تلتفت شمس إليه بحدة فينظر لها بطرف عينه مواصلا بسخرية :

" نعم لا تتفاجئي ... عرضت عليّ بنفسها وقالت أن نصبح معا في العمل والبيت .. وحينها .. استغليت الفرصة التي جاءتني على طبق من ذهب .. ووافقت في مقابل شرطين "

لم يكن هو .. كان قاسيا مظلما بجانبه الآخر ..
تطيل عيناها النظر إليه لكن سرابا كان أن تمسك ذلك البرود العنيد به ..
ويلتفت هو بوجهه إليها يقول بنبرة تقيد من أمامه بسيطرته :

" الأول أن أحصل على نصف حصتها في الشركة ... واشتريته منها بثمنهم بمالي .. لم آخذه بلا مال مع إنه إن طلبته كانت ستقدمه لي راضية ... لكنني أردت أن يكون كل ما في الشركة بحر مالي الخاص .. وبهذا أصبح لي خمس وسبعين بالمئة "

عيناه تعصفان بقوة وهو يحكي كرها وكل ما يحكيه يفتح جراحا جديدة .. جراحا بها وهى تعرف وجهه الآخر .. ولمَ تتعجب ؟..
ألم يتزوج بها لأنه ظنها تتلاعب به ؟!..
هى بالفعل كانت تعرف وجهه الآخر لكن وهى تسمعه تشعر أنها تختنق .. حجر يعلق بحلقها وهى تردد داخلها أنه الآن ملكها لكن ...
عيناها تجفان فيحل الصقيع بقلبها وهى تسأل بجفاء :

" والشرط الثاني ؟ "

يرد أكمل بنفس النبرة الباردة :

" أن يكون الزواج سريا "

شهقة لم تصله كطيف الخريف لاحت بصدرها فتغيم عيناها كليلة شتوية قاحلة ..
تنساب دموع قلبها لكن عيناها باردتان بلا حياة وهى تقول بخفوت :

" عرفي ؟ "

أدار أكمل وجهه للجهة الأخرى فيبتسم ساخرا ليجيبها بلا اكتراث :

" وتستغله ضدي بعدها ؟! .. بل رسمي عند مأذون وشهود .. لكن لا يعلمه أهلي ولا أهلها .. فقط المقربون من أصدقائي وأصدقائها علموا لكنها أخبرتهم ألا يعلنوا الأمر في ذلك الوقت بناءا على طلبي منها .. بعد أن عوضت أمي وإخوتي عن كل ما رأيناه سابقا لم أكن أستطيع أن أحزن قلبها بزواجي من امرأة مثل وجدان .. كما رأيتِها هكذا مجرد أنثى مدللة أفسدها المال "

لم يستطع قول المزيد عنها فاختار أهون ما بها .. حتى مع كل بغضه لها لا زالت شهامته تحكمه حتى لا يفضح لها سرا .. مثل علاقتها المحرمة قبله وبجراحة بسيطة عادت عذراء لتخدع بها مَن سيتزوجها ..
ربما اخطأ في حق نفسه حين تزوجها وهو يعلم ماضيها .. لكن ألم يستحق الأمر أن يمد يده ويقبض على ما يستطيع ؟!..
إنه قانون دنيا دخلها .. خذ قبل أن يأخذ غيرك ..
تسمعه شمس بلا مبالاته وتعرف أن قلبه يصرخ يطالبها بالتفهم .. يلوح وجهه فوق مرايا روحها لتر الصورة من الزاوية الأخرى ..
أكمل أراد الشركة .. أراد التحكم بكل شئ والسيطرة على عمله فغلف قلبه بالجليد واستغل الفرص بحرفية مقامر لا يهمه شئ ..
إحقاقا للتسعة عشر عام من الإنهاك منذ وفاة والده فهو يستحق تملك تلك الشركة حتى وإن أدمت الخطايا قلبه ..
وربما يكون لم يخطئ حين استغل الأمر فتزوجها لكنها ولقلة خبرتها بالحياة تعتبر الأمر غير قابل للصفح ..
لكنها تعرف أنها ستصفح .. ستعود لتغفو فوق صدره تودعه كل الخوف وتأخذ منه كل الأمان ..
تنحني قليلا للأمام تسأل بصوت مبحوح أهم ما بالأمر :

" متى طلقتها ؟ "

تنهد أكمل وهو يغمض عينيه والشوق يطرق أبوابه إليها ثم يفتحها ليدير وجهه إليها مجددا يرد بإرهاق :

" بعدما رأيتكِ أول مرة .. بعد زيارتي الأولى لكم .. وقبل حتى أن أخبر أمي عنكِ .. أنهيت كل الأمور العالقة لابدأ حياة جديدة معكِ "

كان بحاجة ماسة أن يضمها لصدره .. أن تغمض عينيها على كتفه تطمئنه أنها هنا .. أنها فهمت .. ليقطع الطريق على كفوف الجليد التي تزحف لصدره بالذكرى ..
ورغم أي وجع بها ما زالت كلماته تشفي كسحر يمتلكه عليها .. إنه السحر الذي لا يُقاوَم .. سحر العشق ..
أن تتنازل قليلا .. تتقبل كثيرا .. وتساند أكثر ..
تنصت وتفهم وتغفر .. إنه الصفح الجميل طالما تملكه ..
تطل الغيرة مجددا بين حروفها فتزيد احتراقا لتقول بصوت مهتز وهى تنظر أمامها :

" زواج مقابل خمس وعشرون بالمائة .. لكنها لا زالت شريكتك بالخمس والعشرين الباقين "

تمر بذهنه تلك الليلة التي كاد فيها خيانتها .. بل ربما خانها فعليا مكابرا يقاتل قلبه حتى لا يقع بالهوى ..
قلبه الذي كان يصرخ من الحريق ووجهها لا يرحل عن عينيه ..
كانت ليلة استغل فيها الفرص مجددا فحصل على توقيع وجدان ليمتلك باقي الشركة ..
والآن كان يريحها وهو يقول باختصار شديد :

" لا .. اشتريتهم .. لم يعد لها شئ "

نظرت إليه قليلا تشعر أنه بعيدا تماما عنها وهى تريد معرفة ما استغله هذه المرة ليشتريهم !..
يذوب العتاب بلون عينيها فتخاف مما يكون قد فعله وهى تسأل بتوجس :

" كيف ؟ "

أطبق أكمل شفتيه بقوة ثم قال باقتضاب حازم أن تغلق الموضوع :

" هكذا .. اشتريتهم "

هدأت .. ذلك الهدوء الساكن فوق الألم .. لا تحدد شعورها تماما .. تعاطف أم غضب أم عذر أم غيرة .. أم لا زالت تتألم بكذبه عليها فتعتبرها خيانة ..
تمر الصدمة بالمعرفة بعدما حكى لها ما حدث لكنها تنطق سؤالا أخيرا بتماسك ضعيف :

" لماذا لم تخبرني أنك تزوجت قبلي ؟ "

يتأجج الاحتياج بصوتها مقتحما أسواره معتليا صهوة جواد الرغبة والتوحد بكيانها الذي يدعي البرود ..
ينظر أكمل لجانب وجهها المتورد من أثر البكاء وشعرها يحيطها كالغيمة الحامية فيمد يده يمسح عليه قائلا بصدق :

" صفحة وانطوت "

تبعد شمس وجهها فتشعل به النار شاعرة بدوامة غريبة من المشاعر تجتاحها .. توتر وقلق وغضب وجنون ورغبة أخرى بانفجار آخر ..
تنهض بحدة زافرة نفسا مرتعشا وهى تتحرك لتغادر فيمسك معصمها ليقف أمامها قائلا بقوة والشوق يفتك بأعصابه تماما :

" هل وجدتني اليوم الشخص الذي لا يستحق حبكِ العظيم ؟ .. لا تكوني أنانية .. تريدين كل شئ مثاليا !... تريدين رجلا لم يمس امرأة من قبلك ... لكن صدقينى يا شمس ... ذلك الرجل لم يكن سيصبر عليكِ كما صبرت أنا "

تنظر إليه مصعوقة وقلبها يدق بعنف وهى ترى عينيه العاصفتين بجنون لم تره قبلا .. هل يعيرها بصبره الآن أم أن وجهه الآخر سيخرج عليها ؟..
ترك معصمها الذي كاد تحطيمه لترتفع يده فيمسك كتفها باهتياج مواصلا بشحنات الغضب :

" اتفقنا ألا يحاسب أحد منا الآخر على ما فات وتعرفين أنني مخلص لكِ ولا شئ يجبرني على هذا إلا أنني أحبكِ .. افهمي إذن ولا تبتعدي ككل مرة وتهربين من المواجهة "

لم تكن ستهرب هذه المرة .. كانت فقط تحتاج أن تجلس وحدها قليلا لتفكر وتتجاوز الأمر ..
لكنه لم يمهلها وهو يقترب فيقبل شفتيها بضراوة تلك الحاجة الجامحة به .. الغضب يختلط بالألم يطالبها احتوائه وهو يمارس عنفا كأنه يفرغ غضبه مما حكاه ..
وقلبها هى يدخل عهد جنون محترقا بلمساته الخشنة الغريبة عليها .. خاطر لا تعلم من أين جاء ليشعل أفكارها يهمس لها أنه كان هكذا مع وجدان .. وهى كانت معه تطالبه المزيد من كؤوس النار التي يصبها على الجسد ..
يخلع قميصه يرميه أرضا ليتبعه ببلوزتها متماديا بنشوة حريق فتتطاير بين ذراعيه كالرماد وهى تحترق معه بالفكرة ..
يميل بها على الأريكة التي شهدت حكاية لتشهد صراعا مجنونا للغرام ..
كانت تدرك أنه يريد الآن .. يريدها بثمالة صارخة عنيدة فيشق صوتها لهاث أنفاسهما بأنين متوجع ..
لكن شفتاها تنسى التألم وهى تخونها فتقبل شفتيه بإرادتها هى ..
شيئا ما أوقفه .. ابتعد قليلا لاهثا فتتضايق ملامحه وهو ينبهها :

" شمس "

لم تكن هنا .. كانت تائهة بدوامتها والفكرة تغذيها أكثر فتشتعل بالغيرة من كل جهة .. غيرة عليه .. وغيرة من تلك التي تمتلك الجموح والرغبة الفائرة ..
للحظات أرادت أن تكون مثلها فنست من هى وهى تجذبه إليها أكثر فيستجيب لها باشتياق وهو يتخلى عن مراعاته الدائمة ليدخل معها دربا آخر جميل الصواعق ..
جسده يرتعد كجسدها بحرارة عالية لكنه ابتعد مرة أخرى متضايقا فتقربه شمس إليها حتى اشتدت أظافرها بغتة فنهض أكمل متأوها ..
يجلس على الأريكة يتحسس رقبته ناظرا لصدره النابض حيث خدوش أظافرها الطولية الحمراء ثم ينظر إليها عاقدا حاجبيه فتنهض شمس جالسة ترجع شعرها الثائر للخلف ثم تسأل بغل :

" أخذت باقي الشركة بعد زواجنا .. هل حدث شئ بينكما وقتها ؟ "

أجفل أكمل من فكرتها لكن ما آلمه نظرة اتهام بعينيها الحارقتين تخبره ظنها به .. أنه قد يفعل أي شئ مقابل مصلحته ..
بعد كل هذا تظن به هكذا !.. لا تغفر له ماضيا وقع فيه وكان لابد من العدو به وإلا سينهار كل شئ ..
آلمته بشدة كأنها أطلقت على جسده أشواكا تحتد كلما رمشت بعينيها وهى تنتظر إجابته ..
مال قليلا بوجهه نحوها يدقق النظر بها فيقول بثقة كبريائه المعتد :

" لم يحدث شئ بيننا .. ليس لأنني تزوجتكِ فقط .. لكنني لم أكن يوما بحياتي خائنا .. ولأنها لم تعد زوجتي "

تلك النظرة بمحيط عينيه الجارف تشعرها بالذنب لكنها لا زالت تائهة ..
لا زالت تشعر أن بداخلها غل يريد أن يخدش أكثر من رقبته وصدره ..
وبلا وعي هتفت باندفاع :

" كأنك كنت تهتم بالحلال والحرام "

غامت عيناه فجأة كأنه دخل مدن الأحزان كما وعدته عيناها قبلا .. يوما رأى أنها ستحزنه .. وقسوتها ستخدشه ..
صدره انذبح بعدة حروف خرجت من بين شفتيها لكن الأدهى أنه مذبوحٌ فيها وكل شرايينه تتألم بحب يتدفق باسمها من قلبه ..
وبكل الوجع على ملامحه تحركت شفتاه عتابا :

" لماذا يا شمس ؟ "

ينهض ملتقطا قميصه فيغلق زرين منه بإهمال ثم يأخذ سترته بحدة ليغادر المنزل صافقا الباب .. وتنساب دموعها شاهقة بعنف وقلبها يعتصر نفسه عقابا لها.



.......

غلا فاطمة likes this.

نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 09-10-18, 12:11 AM   #1749

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي

مساء اليوم التالي

دخل أكمل المنزل شاعرا بضيق غريب ورغبة برؤيتها فقط .. هكذا هو الشوق بعدما أحاط بهم خطر الابتعاد بالأمس ثم تباعدها عنه اليوم صباحا ..
بعد أن عاد مساءا بالأمس مر الأمر وكأن لم يكن شيئا فجهزت لهما العشاء ثم ناما مبكرا وكل منهما يولي الآخر ظهره حتى شعر بها تلمس جرح أظافرها بجانب رقبته فاستدار ينظر إليها عتابا لم يقل عن عتاب عينيها له ..
لكنها أغمضت عينيها وهى تندس بحضنه بصمت فيستقبلها صدره بترحاب الشوق وتسامح العشق ..
صار يعرف شمس جيدا ..
شمس امرأة تعاقب بالاحساس بالذنب .. قسوتها تكمن في قدرتها على إيذاء نفسها كي تمزق الآخرين ندما .. تحتمل لأقصى درجة من عذاب النفس فقط كي تنتقم ممَن أذاها بنظرة ..
يبحث بعينيه عنها حيث بهو المنزل الخالي ثم غرفتها المظلمة ثم يتجه يمينا ويدخل الغرفة التي تحب مشاهدة التلفاز بها أمام المدفأة الحجرية ..
وسط الضوء الخافت تمر عيناه من الأريكة البيضاء إلي الكراسي المتباعدة فلا يجدها ثم يتقدم خطوات للداخل على البساط الأنيق بلونيه الأبيض والأسود ينظر يمينا فيرتاح قلبه أخيرا ..
أمام المدفأة نائمة أرضا ورأسها على إحدى الوسائد العريضة الملونة .. يتقدم أكمل باتجاهها منتبها لبعض الأوراق المتناثرة جوارها حتى جلس أرضا بحذر مبتسما يتأمل ملامحها ..
شعرها البني مفرودا على الوسادة فتنام أطرافه الطويلة أرضا كطرفيّ مبذلها المفتوح بلون السكر .. ليظهر قميص نومها الذهبي الطويل محددا جسدها كاشفا ساقها بفتحته الجانبية ..
عيناها مظللتان بلون ذهبي خفيف محددتان بالأسود كرموشها وشفتاها بلون خمره الخاص بها هى ..
تتسع ابتسامته وهو يمد يده لذقنها لامسا شفتها السفلى بإبهامه .. كانت بانتظاره .. تزينت لأجله .. ولو تعرف كم تروي ذلك العطش بداخله كلما يراها ومنذ اللحظة الأولى ..
كان تآلف أرواحهما موجودا منذ البداية لكن لم يستطعا توصيفه أو شعوره إلا بمرور الوقت ..
كيف سامحته وكيف سامحها وكيف مر الأمر ؟.. لا يهم .. هى هنا .. وهو هنا .. وهذه هى الحقيقة الثابتة بهذه اللحظة ..
تتململ شمس تثني ساقيها فيتراجع قميصها أكثر حتى ناداها بصوت منخفض :

" شمس "

ببطء تفتح عينيها تزفر نفسا ضائقا ثم تستوعب وجوده فتنهض جالسة على الوسادة تغطي ساقيها وهو يسأل بهدوء :

" لماذا تنامين هنا ؟! "

تمرر أصابعها بشعرها ترجعه للخلف وهى ترد بصوت مبحوح قليلا :

" كنت اقرأ أوراقا هامة وغفوت "

تتماوج خصلاتها بين يديها فتتماوج دقات قلبه بجمالها الليلة .. جميلة اللون الذهبي .. جميع درجات الشمس تبدو عليها حكاية أنثوية بإمكانيات فتاكة ..
ناظرا للقميص الذي اختاره بنفسه من لندن يعيد عينيه لعينيها المكحلتين يقول بابتسامة حنونة :

" هيا لتنامِ وتنهيها غدا "

تجمع شمس الأوراق وترتبها وهى ترد دون النظر إليه :

" لا لن ينفع .. لابد أن أنهيها اليوم "

تتلاشى ابتسامته قليلا وملامحها تبدو متضايقة مشغولة الفكر فيهز رأسه بتفهم قائلا وهو ينهض :

" كما تحبين "

تراقبه يغادر الغرفة فتلقي نظرة على الأوراق ثم تضعها جانبا وتنام مجددا على جانبها واضعة رأسها على الوسادة تنظر للمدفأة بوجوم .. قبل أن تغفو عيناها مرة أخرى تعبا من كثرة التفكير.


بعد دقائق يدخل أكمل الغرفة وقد أخذ حمامه وبدل ملابسه لبنطال أسود بيتي وكنزة نبيذية داكنة خفيفة منتصفة الأكمام .. حاملا بيده صينية مستطيلة عليها وعائين صغيرين من المثلجات وكوب من عصير الفواكه ..
تتوقف خطواته مبتسما وهو يجدها نائمة مجددا فيقترب منها يضع الصينية أرضا ثم يعدل الوسائد ويجلس على واحدة جوارها يمرر يده بشعرها حتى فتحت عينيها واستدارت على ظهرها ..
تنهض شمس جالسة وهى تتثاءب فيمد لها كوب العصير قائلا :

" لم أرد أن أعد لكِ قهوة أو شاي حتى لا تسهرين أكثر .. العصير سيفي بالغرض حتى تنهِ أوراقك "

تأخذ كوب العصير من يده ثم تهم بالنهوض وهى تقول :

" سأكمل بغرفتي "

أمسك أكمل ذراعها يثبتها مكانها يفتح طريقا للوصول إليها :

" لم يعد هناك غرفتي وغرفتكِ .. صارت غرفتنا "

ترد شمس باعتراض وهى تضع كوب العصير أرضا :

" لابد أن أنهي أوراقي وغدا ورائي يوم طويل بالكلية .. لن ينفع اليو .. "

يسارع أكمل بتكميم فمها يقول بحنق مصطنع :

" هششش .. لا تنطقيها .. صرت اتشائم من هذه الجملة !! .. يكفي لندن وما قبلها ! "

تبتسم باشتياق تحت يده ناسية أي غضب منه قبل أن يبعد يده ببطء ثم يأخذ وعاء المثلجات يتناول منه فتهز كتفها قائلة بلا مبالاة ماكرة :

" في لندن أختك كانت السبب .. لم تكن تتركك لحظة واحدة ! "

ينظر لها بطرف عينه رافعا أحد حاجبيه يذكرها بما حدث بلندن فتخفض شمس عينيها تأخذ كوب العصير تشرب منه بصمت ..
منذ الأمس وهى تفكر حتى وصلت لنتيجة أرضتها .. قد يكون استغل الفرصة لمصلحته لكنه لم يخطئ .. تزوجها رسميا ثم طلقها قبل أن يبدأ معها ..
وما يرضيها حقا أنها أعطت لقلبه عذرا لأنه لم يكن يدق هكذا وقتها .. لم يكن بحياته سوى العمل .. لم يكن بحياته هى ..
أكمل لا يخون .. ولا يستحق بعد كل ما فعله لأجلها أن تعاقبه جفاءا لا ينتهي ..
لحظات مرت حتى أنهت العصير ووضعت الكوب بالصينية فيسأل أكمل بنبرة جادة :

" هل علمتِ أن منصور قُبِض عليه ؟ "

تلتفت شمس إليه متفاجئة تهتف بدهشة :

" ماذا ؟! .. لماذا ؟ "

عيناه تبرقان بلونهما الأزرق الداكن وهو يرد بنبرة غير مكترثة حملت غرور سيطرته :

" أعمال مشبوهة لا تشغلي بالكِ "

ظلت شمس تنظر إليه ترى تلك الهالة الجاذبة حوله تشتد كالأمواج العاتية فتعقد حاجبيها متسائلة :

" وأنت كيف عرفت قبلي ؟! "

التفت ينظر لعينيها فتطالع ملامحه الثابتة وهو يقول باقتضاب :

" عرفت "

أجراس تدق بعقلها وهى تبحث بكل ما حدث ثم تتسع عيناها واضعة كفها على فمها تشهق وهى تستنتج بصدمة :

" يا إلهي .. منصور هو .. مَن فعل ذلك بك ! "

هى السبب إذن ..
تتذكر يوم الحادث وهو ملقى بالشارع بعد منتصف الليل لا يجد مَن ينجده فتلمع عيناها بالدموع وهى تمسك ذراعه تقول بخوف :

" أكمل .. لا تورط نفسك بشئ معه .. طوال عمره مؤذيا لكل مَن حوله "

ابتسم محيطا خدها براحته يرى ذوبان الجليد ودفء الآشعة يعود إليها فيطمئنها بثقته :

" لا تقلقي لم أفعل شيئا .. بحثت فقط "

رغم تصديقها له إلا أن الخوف أقوى منه على القلب .. ها هو قد أخذ حقه .. وتدعو أن ينتهي الموضوع عند هذا الحد فلا يردها له منصور ليعيد أكمل ردها وتظل هذه الدائرة الشائكة.
تشرد عيناها منه فيحرك يده على وجهها هامسا بشوق :

" خائفة عليّ ؟ "

تنظر شمس لعينيه فتؤكدها له دون كلام .. تخاف فيه على أبيها وأخيها وصديقها وزوجها .. وحبيبها .. سندها ونعمة الخالق سبحانه لها ..
فكيف لا تخاف عليه ؟ .. وأي خوف قد يكفيها لرجل مثله ؟..
يراقب أكمل حنجرتها وهى تبتلع ريقها بتوتر فتنزل يده على كتفها يبعد مبذلها قليلا ويسأل بابتسامته العابثة :

" إن طلبت شيئا هل تنفذيه ؟ "

لا زالت شمس مشغولة البال بما صار مع منصور وهى تسأل بجدية :

" ماذا تريد ؟ "

يشتت أكمل ذهنها عن القلق تماما وهو يقربها منه هامسا بأذنها أن ترتدي له شيئا ما من ثياب لندن وبينما يده تداعب حمالة القميص الرفيعة على كتفها كان وجهها يشع سخونة وهو يصف ما سيفعله .. بضمير ! ..
تبعده شمس تزفر بعنف وكلها يتوهج متخيلة هذا الـ .. الشئ الذي يريده والذي لا تعرف إلي الآن كيف ترتديه ومن أي جهة وهو لا جهات مغلقة به ؟!!..
ترجع مبذلها على كتفها وتضمه عليها وهو يضحك ويعود لتناول المثلجات ببراءة قائلة بحنق زائف :

" ألم تكن هذه الثياب لشقراوات لندن .. هكذا قلت لي وأنت تشتريها من تلك .. الشقراء ؟!! "

مجرد كلمة شقراء كانت كفيلة أن تعيد إليها أحداث الأمس مجددا فتتذكر وجدان ووقفتها المتبجحة أمامها لتكسو ملامحها ظلمة نستها منذ أعاد لها بسمتها ..
يضع أكمل الوعاء بالصينية ثم يريح جسده أرضا واضعا رأسه على رجليها وهو يقول متنهدا :

" صاحبات الشعر البني أجمل "

تمرر شمس أصابعها بشعره الأسود الرطب واضعة يدها الأخرى على صدره بموضع قلبه فيمتلئ قلبها حنانا لأجله ..
حين ينظر إليها هذه النظرة فتعرف أنه لم يشبع ولن يشبع منها .. لا زالت ثقتها بنفسها لم تكتمل بعد .. أحيانا تخاف أن يكون حبه عابرا وسيختفي مع الوقت .. أن تبرد اللهفة ويفتر الاشتياق ..
لكنها تعود وتذكر نفسها ماذا كانت تملك قبله سوى الكثير من الأحزان ؟..
والآن بعدما امتلكت فرحها الخاص لماذا تقتله بالخوف ؟ .. فلتعيش هانئة في كنفه وغدا تتركه لله سبحانه يدبر أمره.
تنظر لعمق عينيه فتبتسم شاكرة المولى تعالى لقدرها الجميل وهى تقول بخفوت :

" وأصحاب العيون الزرقاء أجمل "

يرتفع حاجبا أكمل وهو يذكرها بنبرة ذات مغزى :

" آه .. عينايّ الباردتان !! "

تتسع ابتسامة شمس وهى ترد بلؤم :

" مَن قال أني أقصدك ؟! .. قصدت فتيات لندن ! "

لكنه بدا جادا للغاية وهو يضع يده على يدها الموضوعة على صدره يسألها :

" أما زالت عينايّ باردتين ؟ "

تراوغ شمس وهى تبلل شفتيها ببطء :

" جدا "

يمط أكمل شفتيه بغيظ فيعاقبها بجرأة :

" من أين جاءت تلك الحرارة بيننا إذن ؟! .. الغرفة كل يوم تحترق بنا "

تبعد شمس رأسه عن رجليها هاتفة بحنق :

" قوم "

يثبت رأسه أكثر قائلا بعناد :

" تعالي وأنا أقوم ! "

تنفخ وهى تحاول رفع رأسه تقول بحنقها الزائف :

" أففف .. ما بك اليوم تبدو كالطفل المتدلل ؟! "

يبتسم أكمل باستفزاز وهو يرد بوقاحة :

" ألا يعجبكِ الطفل ؟! .. تعالي أريكِ الرجل إذن !! "

رغما عنها ابتسمت وتوقفت عن رفع رأسه فتحاول الطلب بهدوء :

" يا أكمل قوم "

عيناه تحتدان على تلك الشفاه الممتلئة وهى تضم الحروف بإثارة فيخفت صوته متلاعبا :

" قبلة واحدة وأقوم "

لم ينتظر رأيها وهو يضع كفه على مؤخرة عنقها فيقرب رأسها للأسفل يقبل شفتيها بعطشه الدائم ويده الأخرى تعتصر معصمها بلا وعي على صدره ..
متذكرا دقائق الجنون التي جمعتهما بالأمس بين الغضب والرغبة وانتهت بخدش صدره لكنها كشفت له شيئا آخر .. بإمكانه أن يجرفها معه إلي حيث لا تعلم مطلقا العنان لنفسه غير مقيدا بحرص دائم يشتته بعلاقته معها خوفا عليها ..
لم تعد تخشى تلك العلاقة كما كانت .. لم يعد خجلها منه يغلبها بل صارت حرة أن تتمتع لنفسها دون أن تشعر أن الأمر مجرد عادة ..
رفعت رأسها تفتح عينيها ببطء فيبتسم قائلا بعبث :

" غيرت رأيي .. لن أقوم .. طفل !! "

يده تترك معصمها بهدوء مكتفيا بتغطية يدها على صدره ويدها الأخرى ما زالت بين خصلات شعره الأسود ..
تتحسس رطوبة فروة رأسه فتحب هذا الاحساس المنعش وهى تنظر لعلامات أظافرها الدامية على جانب رقبته فتشعر بالذنب لتعود لسؤاله فتجيبه بصدق :

" عيناك حبيبتايّ ... محيطي الغامض الذي يغرقني ولا اتمنى النجاة منه يوما "

تتزايد نبضاته تحت يدها فتتذكر أول يوم رأته .. وبعده .. وبعده .. ويوم الزفاف .. وبعده ..
هل صارت تملك كل تلك الذكريات له ؟ ..
تتذكر حين وصفت عينيه بالباردتين .. وحين شبهتهما بالمحيط .. وحين كانت ترى البحر يلمع تحت آشعة الشمس فتتجسد عيناه بأجمل صورة نهارية ..
وها هى عيناه تتعمق أكثر فيشع منهما وهجا براقا يشق الزرقة واصلا لروحها العاشقة وهى تتابع بحنين :

" ورأيت في زرقة عينيك صفاء نفسي .. دوما كنت أشبه العيون الزرقاء بالبحر .. لكن عيناك أنت ليست بحرا .. بل محيطا .. محيطا غامضا داكنا ... زرقة عينيك الداكنة تشعرني بهذا الغموض الغريب .. وكأنك رجل من وقت آخر ... عيناك تتوهج بلآلئ تبدو كأنها منثورة على صفحة المحيط في شمس النهار ... وتتعمق ليلا فتصبح كالفضاء العريض في ظلام الليل "

هى حتى لا تعرف كيف نست غضبها بين ليلة وضحاها .. كيف تلاشى الغل رغم بقاء الغيرة ؟..
لكنها تعلم أنها لا تستطيع الاستغناء عنه مهما فعل .. ومهما عرفت عنه ..
ومهما كان محيطه ما زال يحمل أسرارا ..
هو روح سكنت داخلها آلفتها فتعودت عليها فعشقتها .. فتوحدت فيها وصارت روحها ..
الآن فراق يُعني .. موتا محتوما ..
ظل أكمل صامتا طويلا ينظر إليها ثم قال بتأثر أجاد إخفائه خلف نبرة المزاح :

" أصبحتِ تجيدين الكلام ! "

تبتسم شمس بضعف وهى تنظر للمدفأة رغبة في رؤية نيرانها ثم تتلاشى ابتسامتها قائلة :

" هل تعلم أن عيد ميلاد أبي الأسبوع القادم ؟ "

ينتبه أكمل لملامحها الغائمة فيقول باهتمام :

" سنذهب إليه إذن وتحضرين له هدية "

عادت ابتسامتها تتشح بالسخرية وهى ترد عليه بما تعرفه جيدا :

" هل تعرف ماذا سيقول ؟ ... سيقول بمَ تحتفلوا ؟! .. لقد كبرت عام "

لذلك لم يحتفل يوما بعيد ميلادها هى أو قمر .. لكنها كانت تحتاج لأحد يقدر ذلك اليوم الذي فتحت فيه عينيها للدنيا ..
لم تكن تريد احتفالا .. فقط ابتسامة لعينيها أنها كبرت عام ودعوة صادقة أن تكون سعيدة بعامها التالي ..
كانت تحتاج أن تسمع تلك الدعوة بأذنيها حتى لو كان يدعو لها بظهر الغيب .. لكنه لم يريحها يوما بدعوة أو ابتسامة ..
ترتفع يد أكمل يمررها بشعرها فيحضره على كتفها قائلا :

" لا يهم .. المهم بداخلكِ ستشعرين بالراحة "

نظرت إليه قليلا تشعر أن مجرد كلامه معها أراحها فتمسك يده التي تتلاعب بشعرها هامسة بابتسامة :

" لا حرمني الله منك "

كانت تحتاج أن يسمعها ويشعر صدقها منها وهى التي صارت تدعوها دائما .. أحيانا أشياء صغيرة تعني لنا الكثير ..
وكان ذهنه يتراخى أخيرا وهو يشعر أن الأمس مضى ولن تحاسبه عليه طويلا ..
رغم ذلك يشعر بها اليوم وببالها المنشغل كأن الأفكار توسوس لها لتفسد سعادتها ..
ترى ذاتها بعينيه كأنها حقا مرآتها حتى سألها فجأة :

" ما حلمكِ يا شمس ؟ "

تبتلع ريقها وهى تتذكر سؤالا مشابها لقمر فترد بلمحة حيرة :

" حلم ماذا ؟! "

غافلا عن الشرارات التي بدأت تومض بعقلها يسأل بجدية :

" أي حلم .. ألم تحلمِ بشئ من قبل وسعيتِ لتحقيقه ؟ "

كان راغبا أن يعرف عله يساعدها بتحقيق شيئا جديا يشعرها بقيمة ما أنجزت .. يمسك بيدها لعبور حاجز القوة ليشعرها بقوتها .. وذلك الاهتزاز بثقتها يمحوه تماما ..
تميل شمس برأسها وهى تترك يده بشعرها تسأله بنبرة حادة قليلا :

" إن أخبرتك ستحققه لي ؟! "

يرد أكمل مباشرة بنبرة قوة نابعة من داخله :

" طبعا .. إن كان باستطاعتي لفعلت كل شئ لأجلكِ .. أريدكِ أن تشعرِ أنكِ قوية وتثقِ في نفسكِ .. وإن عجزتِ عن أي شئ في أي مكان وأمام أي أحد قولي فقط أنكِ زوجة أكمل الفايد وخذي حقكِ من عين أي شخص ولا يهمكِ "

هيبته حاضرة حولها دائما تذكرها بما فات .. أيام خافت منه ومما يمكن أن يفعله .. لأنه نفس الشخص لكن .. لم يعد يحدثها كغريبة بل كجزء من روحه .. لغته الحقيقية الحنونة المخبأة خلف جليد التحكم ..
لكنها ورغم كل امتنانها وعشقها هناك غصة علقت أشواكها تنشب غيرتها فتقول بلوم قاس :

" لكنني لم احلم بشئ ولا أريد شيئا .. مثلا ... مثل قمر "

يدير أكمل وجهه على رجليها نافخا مدركا ما تحاول الوصول إليه .. حسنا .. لم يمر الأمر كليا .. سيظل تأثيره ربما لعدة أيام بهذا الشك ..
تسحب شمس شعرها من بين أصابعه تجمعه في كعكة عالية عشوائية فيعيد عينيه إليه هاتفا بضيق :

" اطلقي شعر.... "

توقفت الكلمة على لسانه وهو يتذكر يوما قالها لقمر واستجابت له .. لو كان يعلم ما فعلها أبدا .. لكن كل ما حدث سببا في هذه اللحظة مع شمسه الآن ..
بعد ما حدث بالأمس وهو يرى هذه النظرة بعينيها كثيرا كأن هذا ما يشغل بالها .. تخبو وتظهر كأنها تقاوم المعرفة ..
لا زالت عيناها تلومه لكنها تضعف قليلا وهى تسأل بنبرة مرتعشة :

" قلت لي قبل زواجنا أن .. قمر .. كانت تتجاوب معك ... كـ... كيف ؟ "

الآن تأكد أن هذا ما يشغل بالها .. قمر ووجدان وغيرها .. محطات عابرة مرت بحياته كأي رجل ..
وكان يرد على محطته الأخيرة والثابتة بحزم :

" شمس .. للمرة الأخيرة أقول لكِ أنها مجرد فتاة قدمت لها عملا .. خرجنا معا مرة نعم .. لكن لم يحدث شئ بيننا .. ارتاحي وانسي "

ربما لأنه يعلم أنها لن تجرؤ على سؤال قمر حين تعود .. لكنه يعلم أن هذا سيظل بينهم طوال العمر .. كيف يمكن أن تمر الأمور بينه وبين قمر كأن لم يكن شيئا ؟!.
تصمت شمس قليلا تلوم نفسها كيف تسمح لتلك الشقراء أن تقلب حياتها وتزرع الشكوك برأسها ؟.. كيف تستجيب لامرأة حقدها يدفعها لتسرق سعادتها ؟..
تطلق نفسا محتارا ثم تسأل بافتقاد رهيب :

" ألم تستطع إيجادها ؟ "

يهز أكمل رأسه نفيا ليصمتا دقائق طويلة حتى أغمض عينيه وهى تحرك أصابعها الرفيقة بشعره وتمر بظاهر يدها الأخرى على جرح رقبته ..
يغلبه النعاس فيريح رأسه على رجليها أكثر ليغفو حتى أطارت النوم من عينيه فجأة :

" أكمل .. مَن زينة ؟ "

شعرت بجسده كله يصطدم بسؤالها فتتصلب عضلاته وتتحشرج أنفاسه المنتظمة قليلا ..
يفتح عينيه ثم ينظر إليها فيسأل بلا أي تعبير :

" أين سمعت هذا الاسم ؟ "

ترد شمس وهى تدقق النظر بملامحه اليابسة :

" أنت قلت لي من قبل أنني وقمر ووجدان وزينة نفس الـ.... "

يضع أصابعه على شفتيها فيقول بفتور :

" لا تجمعي نفسكِ بأحد مجددا "

يا إلهي .. كيف تذكرت هذا الاسم بتلك الكلمات دونا عن كل شئ قاله يوما ؟!..
ظل صامتا قليلا فيشعر بإلحاحها رغم عدم مبالاة السؤال :

" مَن هى ؟ "

بهذه اللحظة أرادت أن تعلم كأنه باب انفتح بالأمس ويأبى الانغلاق .. عقلها يلف ويدور بحثا عن كلمة هنا أو نظرة هناك .. رغما عنها .. تكاد أن تقسم له أن الأمر ليس بيدها ..
ذلك الشك المتسرب همسا كأنه يضع بذوره لغرس قادم يوسوس بأذنها ولا تستطيع إيقافه .. على الأقل اليوم ورائحة الأمس لا زالت عالقة بالذاكرة طازجة وشهية للشك ..
ترى حنجرته تتحرك ببطء ثم يرد وهو ينظر لعينيها مباشرة :

" كانت أول حب في حياتي يا شمس "

صمتت .. هل ارتاحت الآن ؟!..
أم وخزت جسدها بيديها بأشواك المعرفة ؟!..
هل كان من الممكن أن يكون نائما على رجليّ امرأة أخرى لو تزوج بحبه الأول ؟!..
لكنها أرادت معرفة المجهول لأخره حتى لو سيمثل لها عذابا فيما بعد فخانتها رعشة صوتها وهى تسأل :

" وأين ذهبت ؟ "

كان مصرا أن يمشي معها هى طريق لنهايته فيجيبها باقتضاب .. قاتل .. يصارحها مباشرة فيلقي الكلام بوجهها عسى أن تفهم أنه ملكها .. أنه مكتفيا بها ..
لكن هذا الموضوع رغم عدم تأثر مشاعره به أبدا لكنه يؤلم كرامته .. كما آلمها وقتها ..
نفس الألم يتكرر وإن خفت قليلا لكن .. ألف طعنة سكين يشعر بها بجسده بوقت واحد .. هكذا هُدِرَ كبريائه ..
أسبل أهدابه ليخفي عينيه فلا ترى قسوته ورغبة الانتقام تشتعل لكنه يطفئها .. لن يفعل لزينة شيئا .. ليس بعد كل هذا الوقت .. لن يفسد حياتها كما فعلت .. ورحلت ..
تتجسد صورتها بذلك اليوم البعيد أمامه وهى ترحل فيقول بملامحه الغير مقروءة لها :

" تركتني حين رأتني اعمل بمقهى شعبي "

تتسع عينا شمس وهى تهتف باستنكار :

" ماذا ؟! "

أنفاسه تنتظم مجددا وهو يرد بذاك الاقتضاب :

" هذا ما صار "

صمتت شمس عاقدة حاجبيها غاضبة لأجله رغم غيرتها الحارقة ..
أصبحت تعرف أكمل حين يحب .. يعطي كل ما لديه وتتغير لغته لتصبح لها وحدها .. ومؤكد كان هكذا مع تلك الفتاة .. التافهة ..
لم تكن تعرف أنه عمل بمقهى شعبي يوما لكن هذا يبرر لها رغبته بامتلاك الشركة كلها وحده ..
يدها تلامس خده بحنان وخيالها يرسم صورة لها إذا كانت تلك الفتاة .. لكانت تزوجته لتنتظره كل يوم فتمسد جسده من تعب الوقوف طويلا وتحمل عن صدره همومه ..
يبعد أكمل يدها لتحتل عيناه نظرة مخيفة وهو يسأل بنبرة غريبة :

" ماذا كنتِ ستفعلين لو كنتِ مكانها ؟ "

تُفَك عقدة حاجبيها وهى تتبسم بوجهه قليلا فتقول بصدق ما تخيلته دون أن يعلم :

" كنت سأطلب منك الزواج "

ظل ينظر إليها بنفس النظرة للحظات ثم أسبل أهدابه مجددا بلا رد فسألت بقلق :

" ألم تحاول البحث عنها بعدها ؟ "

رفع عينيه إليها فأجفلت من صرامتهما وهو ينهي النقاش بقوله الجاد :

" مَن يبيعني أبيعه يا شمس "

لمعت عيناها فجأة وهى تنظر لهدر زرقة عينيه الهائجة فتتمادى :

" وأنا لو رحلت .. ماذا ستفعل ؟ "

يده أفلتت منه وهو يحاول قتل غضبه بسيرة هذا الموضوع فيمسك معصمها بعنف ليرد بقسوة :

" لو بعتِني سأقتل قلبي بيدي وأبيعكِ "

آلمها ألمه وهى تدرك بطريقة ما أنه لا يكن أي مشاعر لتلك الفتاة لكنه غاضب لكرامته ..
ولا تعلم لماذا تسلل الخوف إليها فجأة فانقبض قلبها لتسأل :

" وإن رحلت دون بيع ؟ "

يده اشتدت على معصمها فتأوهت وهى تنظر لملامحه وكل مشاعره المختلطة بتناقضها تمر عليها .. لا تعرف كيف يملك كل ذلك اللين والعطف وكل تلك الشدة والقسوة معا ؟..
يتخيل الأمر فيحترق صدره ويده تترك معصمها ببطء ليقول بهمس غاضب مشتعل قبل أن يستدير ليدفن وجهه بجسدها يحيط خصرها بذراعه بقوة :

" سأقتلكِ "

ولم تعرف لماذا شعرت فجأة أنه .. سيفعلها ؟!.



....


نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 09-10-18, 12:14 AM   #1750

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي


" أنت أيضا لست سهلا أبداً "

يجلس رائد بغرفة المكتب المظلمة يلح على عقله صوتها مرارا وتكرارا .. نغم ضحكتها الرنانة .. شعوره وقتها والغضب يتوحش بصدره حتى كاد أن يجرها من شعرها فعليا ظنا أنها تكلم .. منير ..
لا يعرف لمَ يقلقه هذا الرجل لهذه الدرجة ؟!..
ولا يعرف لمَ شعر وقتها أنه .. يحترق ؟!..
كان الألم مضاعفا ممتزجا بالغضب والغل كأنها صحوة مفاجئة لقلبه ..
حتى استدارت دارين وهى تتحدث بأريحية فتتفاجأ بوجوده عند باب غرفة السفرة وحينها أهدته ابتسامتها الجميلة وهى تعطيه الهاتف بعد أن قالت لوالده أن يكلمه قائلة بنعومة :

" كل عام وأنت بخير .. أردت أن أكون الأولى قبل والدك "

مصدوما من قسوة ظنونه أخذ منها الهاتف يضعه على أذنه فيسمع صوت والده :

" كل عام وأنت بخير .. كان ينبغي أن أحضر عيد ميلادك لكنني مرتاح هنا .. دارين أبلغتني منذ مدة وفضلت أن تحتفلا وحدكما "

نفسا مرتاحا أخرجه من أعماق صدره المشتعل بحريق مسبق ..
صمتٌ سخر منه يتحداه فيطالعها باستغراب .. كيف تذكرت اليوم الذي نساه هو ؟!..
شفتاه تتحرك ببطء وهو ينظر إلي ساحرته الليلة :

" ما زلت تشترك معها في كل الخطط ؟! "

يتلاشى الغضب ليستولي عليه سحر غريب يشع منها ووالده يقول باهتمام وهو يشعر بغضب رائد منه إلي الآن :

" أتمنى أن يكون عاما سعيدا عليك .. أتمنى ذلك من قلبي .. أنا لم أضغط عليك إلا لمصلحتك .. أردت فقط كسر وحدتك واعلم أني ظلمتها هى .. انظر إليها الليلة وهى تعد لعيد ميلادك منذ وقتٍ طويل .. ستعرف أني كنت على حق .. تصبح على خير "

يغلق زهران الخط فينزل رائد الهاتف يعطيه لها ناظرا للطاولة حيث كعكة عيد ميلاده الكريمية المضاءة بالشموع ثم يعيد عينيه إليها ..
بفستان أسود تقف أمامه فلا يعرف الحقيقة من الخيال .. كانت .. كانت نسخة مشابهة لليلى بتلك الليلة ..
لكنها أجمل .. أكثر إشعاعا وبرقا .. تفتن العين وتسبي القلب ..
دارين ستكون أجمل بالقناع بلا شك .. للحظة .. للحظة تمنى لو كانت هى صاحبة القناع ..
لكن موعد اللقاء قدر .. ومكانه قدر .. وحبها له قدر ..
تقترب دارين منه بكل هالة الجمال حولها فيطرق الندم عنفا بصدره لما ظنه بها وهى تخرج شيئا من علبة سوداء صغيرة وتضعها جانبا ثم تنظر لعينيه قائلة بصوتها الدافئ :

" اعلم أنك لا تحب ارتداء دبلتك .. لذلك أحضرت لك هذا الخاتم حين رأيته .. لا يليق بسواك "



يتحسس رائد الخاتم ببنصره الأيسر حيث وضعته بيدها بعد أن نزعت دبلته ثم أعطتها له .. خاتم أنيق من الفضة ذو حجر مربع من العقيق الأسود ..
خاتم لا يليق سوى بالملوك ..
هكذا هى تراه .. لكن كيف صار يراها ؟!..
أي امرأة هى لتفكر براحته لتلك الدرجة ؟!..
امرأة تشبه جناحيّ العنقاء كلما رفرفت تناثرت حوله النيران ..
تحترف الإشعال برفة جفن وكلمة من بين شفاه كالتوت الأحمر ..
امرأة تشبه كأسا رقيقا يميل فيسكب من حافته ألوان الدنيا بمذاق الحياة ..
تبتسم فتنجلي الهموم ويصفو الضباب وتعلو الصروح الحرة ..
ينتبه لموسيقى البيانو وهى تعزف بالغرفة المجاورة للمكتب فيغمض عينيه مستمعا لما اختارت الليلة وأصابعه ما زالت على الخاتم ..
يعلم إنه يطفئها .. ألوانها تخبو شيئا فشيئا لكنها أقوى من لحظات الضعف التي تمس أنوثتها ..
ينساب اللحن عذبا على مسامعه ثم يتوقف عزفها فجأة .. وتظل الأغنية المختارة حولهما معا تربطهما من خلف الجدران ..
بأول الكلمات مقتله .. هو الذي يقتلها مرة بعد مرة وتنهض شامخة بعزة قلبها ..


لماذا تحاول في الحبِ قتلي ؟
لماذا تخافُ شموخ النساء ؟
وتعرف أن قلبي عزيزٌ
ولم أتعود على الانحناء
أنا ما لجأتُ لعينيك خوفا
أنا بنت خيرِ التراب وشمسِ السماء
فإن كنت تحسبُ عشقيّ ضعفا
وتجهل معنى الوفاء
فإني لعزةِ نفسيّ أوفى
فلا حب عندي بلا كبرياء
أراك غريقا بلا ضفتين
تخشى البقاء وتخشى الرحيلَ
معا لن نكون سوى جانحين
فكن مرةً رجلا مستحيلا
أحبك لكن قلبي عزيزٌ
ولم أتعود على الانحناء
تعلم معي أن تكون قويا
فقد خُلِقَ الحب للأقوياء


كل كلمة تخبره أنها سترحل يوما .. اختياراتها صارت رهيبة الوقع على نفسه .. فطالما تختار هكذا فهى تفكر هكذا ..
وصار الخوف يتسلل إليه من أن يأتِ هذا اليوم .. بعد نسيان الخوف كل ما به بات يُدَق بمطارق ساطعة الضوء بعد العتمة ..
لم يحسب يوما عشقها ضعفا .. بل يعلم أنه مصدر قوتها نابعا من كبريائها وإلا ما كانت زلزلت الأرض تحته ..
لكنه أصبح نعم يجهل معنى الوفاء .. تختلط الأوراق عنده وهو يخونها هى بذكرى أخرى .. ليست موجودة بهذا الكون ..
يخشى البقاء .. يخشى الرحيل .. ويقف معها بمنتصف الطريق ..
كيف تفهمه لهذه الدرجة وهو عالق بطوفان الماضي ؟ ..
ويخشى أن يتمكن منه الضعف فلا يمد له الحب يده مرة أخرى ..
الحب وجه آخر للمواجهة .. وهو لم يواجه نفسه منذ سنوات ..فكيف يواجه ما تغدقه عليه ؟! ..
يتمنى .. يتمنى أن يكون لها يوما ذلك الرجل المستحيل الذي تريده .. يتمنى أن يلحق بحبها قبل فوات الأوان .. لكن قلبه ...
ينير ضوء الغرفة فجأة فيغمض رائد عينيه ثم يفتحها فيراها واقفة عند الباب ليقول بضيق :

" اطفئي الضوء "

أحب العتمة منذ زمن .. يوما ما أراد رؤية البرق بعينيه .. ولم يعرف بعدها كيف أصابه العمى ؟..
تتقدم دارين منه تنظر لملابسه السوداء حتى وقفت أمام المكتب تسأل بهدوء :

" لماذا تجلس في الظلام ؟ "

ينظر رائد لثوبها الملون القصير فتعطيه البهجة دون أن تفعل شيئا .. هكذا هى ..
يسبل جفنيه يرد بوجوم :

" اعتدت الظلام منذ زمن "

تلف دارين حول المكتب فتقف أمامه تقول بكل حنانها :

" وأنا أعشق هذا الظلام في عينيك .. أعشق الظلام الذي يلف كيانك فيحجب روحك الحقيقية .. أعشقه وأكرهه لأنه يحجبك عني "

مشاعره تستجيب ورجولته ترضى وهى تهاجم بقوة وتقتحم كل ما بطريقها .. قلبه يدق من جديد لكن ..هناك حجابا بينهما لا يعرف له طريقا ..
يزفر نفسا خشنا متأثرا يأبى النظر إليها ثم يعتذر بطريقته :

" يوم قلت لكِ لا أريد أن أخسر شيئا لم أقصد ما فهمتِه "

تبتسم دارين وهى تلف حوله فتقف خلف الكرسي لتمد يديها فتمسد عنقه وكتفيه قائلة :

" لا يهم "

تشعر بعضلاته تشتد تحت يديها ثم يسترخي ببطء لمساتها الناعمة وهو يقول بجدية :

" لا مهم .. مهم لي أنا على الأقل "

متذكرا ليلة عيد ميلاده وهى تطعمه بيدها وتتأمل ملامحه بنظرتها القوية ولم تذكره أبدا بقوله .. حتى بعلاقتهما لم تمنعه يوما .. كانت له الزوجة والحبيبة .. مصدر دفئه واحتواء غضبه حين يعصف به طوفانه ذات مساء ..
لكن مهم له أن تعرف أنه ما قصد ذلك فقط .. قصد كل شئ وكان يعنيها .. لا يريد خسارة .. خسارتها ..
لا يريد حتى أن يجرحها .. ولا يعرف سببا واضحا لشعوره سوى أنها لا تستحق جرحا ..
تنحني دارين قليلا تقبل رأسه هامسة بنفس حار :

" رائد .. اترك روحك لألوان الطبيعة ... لسحر الكون المقدَم إليك .. لا تفكر كثيرا وافعل ما تريد "

ظل صامتا طويلا مستمتعا بيديها الحانيتين على رقبته ثم قال :

" اعرف أني ابتلاء قلبك لتتحملِ كل هذا "

تبتسم دارين لاعترافه ولا زالت تمسد كتفيه فترد عليه بنبرة جميلة :

" لو كان غيرك ما تحملت ... لكن أنت .. أنت فارس الحصان الأسود .. أنت فارس الرعـد "

ضحك رائد بخفوت ثم هز رأسه متعجبا فيقول بافتقاد لكل ما كان :

" مضى زمن طويل لم اسمع هذا اللقب "

لا يصدق أنها تعرف عنه كل هذا .. كل ما كان يقال عنه بالنادي حتى لقبه حين فاز بالسباق للسنة الثالثة على التوالي فأطلقوه عليه ليظل معه باقي السنوات بساحة الخيل ..
أصابعه تتلاعب بالخاتم متسائلا بذاك العجب :

" كنتِ تراقبينني دارين ؟! "

يداها تنزلان على صدره ثم تصعد لرقبته مجددا قائلة بثقة :

" لا تغتر كثيرا .. أخبارك هى التي كانت تقع في طريقي .. لم أبحث أنا يوما خلفها "

يهز رأسه مؤكدا وهى يقول بنبرة شجن :

" مؤكد .. لستِ أنتِ مَن تبحث خلف رجل .. أيا كان "

صمت لحظات ثم شعر برغبته في الحديث معها حقا أو الكلام معها هى تحديدا في ذلك الموضوع فيسأل مترددا :

" وهل تعرفين كيف ... قابلتها ؟ "

توقفت يداها على كتفيه فينتظر رد فعلها لكنها سألت بهدوء :

" كيف ؟ "


ربما كان ينتظر ثورة ما لكن دارين التي يعرفها ستتفهم ما يشعر ..
كان يناشد فيها صديقة تسمعه وهى ما تأخرت ويداها تعودان لتمسد كتفيه بحنان فيقول بنبرة خافتة الحزن :

" في عيد زواج أحد أصدقائي .. كانت حفلة تنكرية .. وكانت ترتدي قناعا فضيا غطى نصف وجهها لدرجة أني لم أميز ملامحها أبدا .. كل ما أدركته أني رقصت معها كأني احلم "

يداها تلتفان حول عنقه وهى تميل قليلا تسأل همسا :

" وأحببتها يومها ؟ "

رد رائد بعد لحظات بصدق :

" أحببتها وأردتها دونا عن نساء العالم ولا أعرف كيف ؟ "

تبتسم دارين وذراعاها يلتفان حول عنقه تماما فتهمس بأذنه شوقا :

" أحبك "

تخرجه من حالة لأخرى فيختفي ما كان وتظل هى فقط حقيقة تعانق جرحه بكل العشق .. بكل التفهم ..
تحثه ليكمل مخرجا ما بصدره إليها فتسأل بهدوئها الغريب :

" وكيف تقابلتما بعدها ؟ "

يلمس ذراعيها حول عنقه بظاهر أصابعه قائلا باشتياق لذاك اليوم البعيد :

" بحثت طويلا عن الفتاة التي رقصت معها ولم أجدها .. لم ينتبه إليها أحد وهى جاءت دقائق في الضوء الخافت ورحلت .... حتى جاءت هى إليّ "

تتهدج أنفاسه وتئن ملامحه ألما وهو يقول بصوت معذَب ما أخفى عذابه عنها :

" لن أستطع نسيانها دارين "

كانت سعيدة رغم كل شئ أن يتكلم معها هكذا .. أن يعتبرها من ثوابت حياته فيلقي همومه إليها ..
تلتف حوله لتقف أمامه فتسأل بنبرة دافئة :

" لماذا تربط وجودي بنسيانها دائما ؟ "

يرفع رائد عينيه نحو الوجه الجميل فتميل دارين قليلا تبسط كفها على قلبه تقول بنفس النبرة :

" هى هنا "

ترتفع يدها فتشير سبابتها لعقله تواصل بكل قوة روحها :

" وأنا راضية أن أكون هنا "

أراد أن يسألها كيف تفعلين هذا بكل هذه القوة ؟!..
كانت تهديه حلا بيد .. وتعتصر قلبها باليد الأخرى ..
لكن بتلك اللحظة عقله وقلبه كانا يرددان .. دارين .. دارين هى توأم الروح.


......



يتبع في الصفحة التالية
https://www.rewity.com/forum/t400173-176.html



التعديل الأخير تم بواسطة نورهان عبدالحميد ; 09-10-18 الساعة 12:33 AM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:02 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.